الفصلين الرابع والخامس والسادس عشر
هبطت والدة زياد ورنا بسرعة الى الطابق السفلي ليجدا زياد أماميهما ينظر إلى والدته بنظرات غاضبة مشتعلة قبل أن يقترب منها ويهتف بعدم تصديق فوالدته تخطت المسموح بأكمله وتجاوزت حدودها وفعلت ما لا يغتفر :
" وصلت بيكي للدرجة دي ..؟! تجهضيها غصبا عنها .."
ردت الأم مدعية القوة أمامه :
" امال اسيبها تلبسنا طفل مش مننا ..؟!"
" الطفل ده كان ابن علي ..."
صرخ بها بصوت جهوري حاد وقد أوشكت حباله الصوتيه على التمزق من شدة صيحته ...
بينما اهتز جسدي الأم ورنا خوفا من غضبه وصراحة الذي كاد يمزق طبلة أذنهم ...
" زياد اسمعني .."
قالتها الأم بترجي وهي تقترب منه وتحاول لمس وجهه ليصيح بها :
" متلمسنيش ، انتي عملتي جريمة ولازم تتحاسبي عليها ..."
صاحت رنا به:
" تتحاسب يعني ايه ..؟! انت اتجننت ..؟!"
" ايوه اتجننت ، بسبب عمايلكوا .."
قالها زياد بقهر لترد الأم بتوسل :
" يا زياد انا عملت كده عشان مصلحتكوا، البت دي قتلت علي أخوكوا وانا كان لازم أمنع أي رابط يجمع بينا وبينها ..."
أيدتها رنا فورا :
" معاها حق على فكرة .."
" انتوا لا يمكن تكونوا ناس طبيعيين ، لا يمكن .."
اقتربت رنا منه وهتفت بقوة :
" انت اللي بقيت مش طبيعي ومش واعي لتصرفاتك ، افتكر دي تبقى مين وعملت ايه ، ولا خلاص حبك ليها عماك عن حقيقتها ، دي مجرد عاهرة بتبات كل يوم فحضن رجل .."
صفعها زياد على وجهها بقوة وهو يهدر بها بعنف :
" اخرسي ، اخرسي ومتفتحيش بقك بكلمة ...."
وقفت الأم أمامه وهي تصيح به محذرة :
" مش هسمحلك تمد إيدك على اختك يا زياد ..."
رد زياد بفتور:
" انتي ارتكبتي جريمة فحق زينة وانا مش همنعها إنها تبلغ عنك لو قررت تعمل ده .."
نظرت الأم الى رنا بتوتر بينما شمخت رنا برأسها عاليا وهي تقول بغل :
" طب تجرب تعملها وانا والله لأبلغ عنها عمامها في البلد يتصرفوا معاها .."
" للدرجة دي الشر والحقد عماكي يا رنا ..؟!"
قالها زياد غير مستوعبا أن الواقفة أمامه تهدده هي رنا أخته بينما ردت رنا بتهكم :
" عالأقل أنا بدافع عن أمي وحق أخويا الله يرحمه ، يعني عندي مبرر للي بعمله ... بس انت ملكش اي مبرر .."
" انتوا مش واعيين للي بتعملوه ...؟!"
قالها زياد بإنفعال لترد رنا ببساطة :
" حصل ايه يعني ..؟! طفل وراح .."
" طفل وراح .. بسيطة كده ..؟! ياريته كان طفل وراح بس ."
قال جملته الأخيرة بمرارة لتسأله الأم بتوجس :
" تقصد ايه ..؟!"
رد زياد وهو ينظر إليها بقوة :
" أقصد انوا زينة خلاص مش هتقدر تخلف تاني بسبب اللي حصل .."
" انت بتقول ايه ..؟!"
قالتها الأم بعدم تصديق بينما قالت رنا بتوتر :
" دي لعبة جديدة منك عشان نتعاطف معاها ولا ايه ..؟!"
زفر زياد نفسا عميقا قبل أن يهتف بحدة :
" ممكن تخرسي خالص ، انا مش بكدب ، زينة مش هتقدر تخلف تاني بسبب اللي أمك عملته ..."
نظر زياد إليهما ليجد الشحوب والتوتر طغى على وجهيهما ليسترسل في حديثه القاسي :
" شفتوا عملتكوا البسيطة وصلتنا لفين ...؟!"
" زياد ، أقسملك بالله مكنتش اعرف ، والله العظيم مكنتش اعرف الموضوع ده .. انا قلتله يجهضها بس .. والله هو كده .."
تشدق فم زياد بإبتسامة متهكمة قبل ان يهتف ببرود ساخر :
" قلتيله يجهضها بس .. لا كتر خيرك الحقيقة ..."
صمتت والدته ولم ترد بينما أكمل زياد بنفور واضح :
" من النهاردة مش عايز أي حد منكم يكلمني ولا يطلب مني إني ارجع .. علاقتي بيكوا من النهاردة اتقطعت ..."
" لا يا زياد لا .."
صاحت به الأم بتوسل وهي تحاول التشبث بذراعه بينما خرج زياد من الفيلا ..
.................................
دلف زياد الى الغرفة التي توجد بها زينة ... وقف أمامها يتأملها بملامح حزينة وقد تكونت الدموع داخل عينيه ... كانت نائمة كالملاك لا تعي أي شيء مما حدث حولها ...
هطلت دمعة لا إرادية من عينه ليتركها تأخذ مسارها على وجهه قبل أن يجذب الكرسي ويجلس بجانبها متأملًا إياها عن قرب ...
كان يفكر بأنها بريئة أكثر مما تخيل وقد تحملت ما هو فوق طاقة استيعابها ...
لم يتصور يوما أن يحب أحدًا الى هذه الدرحة ... أن يشعر بروحه تختنق حينما يصيبها أي أذى ...
مسك كف يدها بكف يده فشعر ببرودته التي جثمت على قلبه كصخرة قوية ..
تألم قلبه لمنظرها هذا وهي غير واعية لأي شيء قبل أن تبدأ زينة بفتح عينيها تدريجيا ...
فتحت زينة عينيها لتتأمل زياد الجالس أمامها بملامح واهنة ...
رمشت بعينيها محاولة إستيعاب ما جرى قبل أن تصرخ :
" ابني يا زياد .. ابني .."
" اهدي يا زينة .. اهدي يا حبيبتي .."
قالها زياد وهو يحاول إحتضانها لتنهار باكية بين أحضانه وهي تهتف بتوسل :
" ابني عايش مش كده ... ؟! قولي انوا عايش .. طمني ارجوك .. ده أخر ذكرى منه .."
شدد زياد من احتضانها وهو يقول بتردد :
" ربنا يعوضك يا زينة ..."
تحررت من أحضانه تنظر له بعدم تصديق قبل أن تهتف به بترجي :
" انت بتكدب مش كده ..؟! قولي انك بتكدب ...؟!"
هطلت الدموع من عينيه بغزارة وهو يشاهد حالتها تلك ... لقد تحمل ما يفوق احتماله ... ألا يكفيه أن يشاهد إنهيارها بهذا الشكل ..؟! إنهيارها الذي كانت والدته سببه ..
" زينة اهدي من فضلك وكوني قوية ..."
انهارت زينة باكية داخل احضانه من جديد ليربت على كتفها وهو يقول :
" متنهاريش يا زينة .. عشان خاطري خليكي قوية .."
بعد حوالي ربع ساعة توقفت زينة عن بكاءها وتحررت من بين أحضانه ليسألها زياد بقلق :
" بقيتي كويسة ..؟!"
أومأت برأسها دون أن ترد بينما قال زياد وهو ينهض من مكانه :
" هروح أنادي الدكتور يطمني عليكي ..."
وخرج من الغرفة متجها الى الطبيب يطلب منه أن يفحصها ويذكره بعدم إخبارها بحقيقة عدم إنجابها بعد الأن خوفا على مشاعرها ..
.......................
كانت والدة رنا تجلس بين أحضان ابنتها وتبكي بإنهيار ، اليوم لقد فقدت ابنا أخر لها ...
كانت رنا تحاول مواساتها وإقناعها بأن زياد حتما سيعود ويندم على ما فعله ...
في هذه الأثناء دلف منتصر الى الفيلا ليشاهد هذا المنظر أمامه بينما ملامحه تقطر غضبا وتوعدا ...
وقفت رنا أمامه ما إن رأته وهتفت به :
" حبيبي ، أخيرا جيت .."
أوقفها منتصر بإشارة من يديه وقال :
" اللي سمعته ده صحيح ...؟!"
نظرت رنا اليه بتوتر وسألته :
" بتتكلم عن ايه ..؟!"
نظر الى زوجة عمه وقال :
" بتكلم عن اللي عملتوه مع زينة ..."
" مين اللي قالك ..؟!"
سألته رنا بضيق ليرد :
" عرفت من زياد .."
" وطبعا حكالك كل حاجة لصالحه ..."
قالتها رنا بعصبية ليرد منتصر بهدوء :
" هو محكاش أي حاجة إلا لما أصريت عليه ... بس اللي مش مصدقه إنك تعملي كده .."
" انا معملتش حاجة ، ماما هي اللي عملت .."
قالتها رنا مبررة لنفسها ليقول بسخرية :
" وانتي دافعتي عنها وعن جريمتها .."
أغمضت رنا عينيها ثم فتحتها وهي تهتف بنفاذ صبر :
" انت عايز ايه يا منتصر ..؟!"
صمت منتصر لوهلة قبل أن يهتف أخيرا :
" مش عايز حاجة .. بس للأسف اللي زيي صعب يكمل مع إنسانة أنانية زيك .."
اتسعت عيناها بينما يخلع خاتمه ويضعه داخل يدها قبل أن ينسحب من المنزل تاركا رنا تتابعه بعينين جاحظتين قبل أن تهبط بجسدها على الكنبه غير مصدقة لما حدث ...
...............................
خرج الطبيب من عند زينة بعدما قام بفحصها ، اقترب منه زياد وسأله :
" عاملة ايه دلوقتي ..؟!"
أجابه الطبيب بعملية :
" بقت احسن .. متقلقش عليها كمان تقدر تخرج من المستشفى بكره ..."
أومأ زياد برأسه متفهما قبل أن يشكر الطبيب ويلج الى داخل الغرفة ليجد زينة ممددة على السرير تنظر الى الأعلى بنظرات شاردة ...
اقترب منها وجلس على الكرسي بجانبها ثم لمس كف يدها بيده لتلتفت نحوه وتنظر إليه بحزن ...
" ينفع مشوفش النظرة دي منك ..؟!"
سألها بنبرة واهنة لتبتسم بمرارة وهي تقول بحشرجة :
" النظرة دي مكتوب عليا أعايشها ..."
ابتسم بألم وقال :
" النظرة دي مش عايز أشوفها منك طول منا عايش ..."
تسللت دمعة واحدة من عينها ليمسحها بأنامله على الفور قبل أن يهتف بوجع :
" انتي هتبقي كويسة ، وهتتخطي كل اللي حصل..."
" ازاي ..؟!"
سألته بنبرة ضعيفة ليرد بقوة :
" بالإصرار والعزيمة هننسى الماضي ونبدأ من جديد .."
" نبدأ .."
قالتها بدهشة ليومأ برأسه وهو يبتسم بخفة ويقول بلهجة عذبة :
" امال فاكرة إني هسيبك لوحدك ...؟! "
نظرت إليه وقالت بشك :
" ليه ..؟! ليه بتعمل كده معايا رغم كل اللي عملته ..؟!"
نظر إليها لوهلة يتمعن النظر الى وجهها قبل أن يهتف بجدية :
" يمكن عشان بحبك ..."
زاغت نظراتها وهي تستمع الى ما قاله ... لم تستوعب في بادئ الأمر ما سمعته فقالت بلهجة غير مصدقة :
" بتحبني ..؟!"
اوما برأسه ثم أطلق تنهيدة طويلة قبل أن يهتف بجدية :
" ايوه بحبك ، بحبك يا زينة ..."
ارتجف جسدها كليا لوقع تلك الكلمات على قلبها ورمشت بعينيها غير مصدقة لما تسمعه ... هو يحبها ...
أومأ برأسه مؤكدا ما يدور داخل فكرها لتسأله بصوت شاحب :
" ازاي ...؟!"
زفر نفسا عميقا وقال :
" ازاي دي حكاية طويلة ... تحبي تسمعيها ..؟!"
سألها بإبتسامة لتومأ برأسها فينطلق في حديثه الذي احتل قلبه لسنوات طويلة :
" بحبك يا زينة ، حبيتك من أول يوم شفتك بيه .."
اتسعت عيناها بعدم تصديق بينما أكمل هو :
" كنت براقبك كل يوم .. أبص عليكي من بعيد .. حبي ليكي كل يوم كان بيزيد ... لحد ما .."
صمت ولم يستطع التكملة فسألته هي :
" لحد ايه ..؟!"
أجابها :
" لحد ما علي اعترفلي انوا بيحبك .. ساعتها إتجننت .. مكنتش مصدق انوا اخويا الوحيد عاوز يتجوز حب حياتي ..."
كانت يتحدث بمرارة لم تخفى عليها .. هو الزاهد في دنيا العاشق ، العاشق في دنيا أخرى ...
" تعرفي إني عمري محبيت حد غيرك ..."
نظرت إليه بحيرة ليكمل بشرود :
" طول عمري مكنتش بعترف بالحب .. ولا كان يهمني .. طول عمري شايف الحب دنيا ملهاش أمان .. دنيا مش حابب أعيشها .. لحد لما شفتك .. اكتشفت انوا الحب جنة مش هيحس بيها إلا إللي عاشها ..."
هطلت الدموع من عينيها بغزارة ليمسحها بسرعة بأنامله وهو يهتف بها :
" مش عايزك تعيطي تاني .. مش عايز أشوف دموعك تاني .."
أخذت تكفكف دموعها بأناملها بينما أكمل هو بخفوت :
" زينة أنا نفسي أعوضك عن كل حاجة ... نفسي تنسي الماضي وتبدئي معايا من جديد .."
صمتت ولم ترد بينما أكمل هو بجدية :
" زينة تتجوزيني .."
جحظت عيناها بصدمة محاولة إستيعاب ما نطق به لتوه ... لقد عرض الزواج عليها ...
أشاحت بوجهها بعيدا عنه الى الجانب الأخر ليقول :
" انا مش هطلب رأيك دلوقتي .. أنا هسيبك ترتاحي .."
ثم طبع قبلة على جبينها وتركها ورحل لتستدير هي تتابع أثره بشرود وقد تسللت دمعة خفية من عينيها ...
.............................
كانت رنا غير مصدقة بعد لما حدث معها ... تحاول إستيعاب ما فعله منتصر ... كيف يتركها بهذه السهولة ..؟!
اقتربت منها والدتها واحتضنتها من الخلف وقالت :
" متزعليش يا حبيبتي .. هخلي بابا يكلمه ويقنعه انوا يتراجع عن اللي عمله .."
ردت رنا عليها بفتور :
" ومين قالك إني هرجعله ..؟! انا لا يمكن أرجعله بعد اللي عمله ..."
صمتت الأم ولم ترد لتكمل رنا ببرود :
" يصبر عليا بس ويشوف أنا هعمل ايه ... لازم أخليه يندم عاللي عمله .."
" اهدي يا حبيبتي .."
قالتها الأم محاولة تهدئتها بينما أكملت رنا بجمود :
" انتي لازم تروحي تشوفي الزفتة اللي اسمها زينة وتتكلمي معاها ..."
" اقولها ايه ..؟!"
سألتها والدتها بتعجب لترد رنا بجدية :
" تفهميها إنها متتكلمش او تجيب سيرة اللي عملتيه لأي حد وإلا هتبلغي عمامها عنها ..."
" طب وزياد ..؟!٠
" سيبك منه ... ابقي روحيلها وقت ميكون فالشركة .."
أومأت الأم برأسها وقد حسمت أمرها .. ستذهب اليها وتتحدث معها ..
....................................
دلفت والدة زياد الى الغرفة التي تقطن زينه بها في المشفى ..
التفتت زينة تنظر الى القادم لتتفاجئ بها أمامها ..
أدمعت عينيها وهي تتذكر ما فعلته لتجذب والدة زياد الكرسي وتجلس أمامها تسألها ببرود فقد أخبرتها رنا أن تتحلى بالقوة وتكون صامدة أمامها :
" بقيتي احسن ..؟!"
نظرت إليها زينة بعينيها الدامعتين واومأت برأسها قبل أن تسألها بجمود :
" جيتي ليه ..؟!"
ردت عليها بفتور :
" اكيد مش عشان أطمن عليكي .. انا جاية أحذرك ..."
" تحذريني من ايه ..؟!"
سألتها زينة بحيرة لترد الأم بجدية :
" من اللي هعمله لو فكرتي تبلغي عني ..."
صرخت زينة بها بقهر :
" انتي ايه ..؟! مش كفاية الللي عملتيه ... مش كفاية إنك قتلتي ابني ..."
ابتسمت الأم وقالت بوجع :
" وانت بردوا قتلتيلي ابني ... كده يبقى خالصين ..."
هزت زينة رأسها نفيا وقالت بعدم تصديق :
" انتي لا يمكن تكوني ام ويتحسي زينا ..."
صاحت بها والدك زياد بنفاذ صبر :
" اسمعيني يا زينة ... زياد تبعدي عنه وإلا مش هرحمك .. انا مش هسمحلك تاخدي ابني التاني منه .. كفاية علي وخسارتي ليه بسببك ..."
أشاحت زينة وجهها بعيدا عنها تحاول أن تخفي دموعها بينما نهضت والدة زياد وأخبرتها :
" أي تصرف حقير منك مش هرحمك .."
استدارت زينة نحوها وقالت بألم :
" متقلقيش .. مش ناوية ابلغ عنك ..."
في نفس اللحظة دلف زياد الى الداخل لينصدم بوالدته أمامه ...
ارتبكت والدته بينما سألها زياد :
" انتي بتعملي ايه هنا..؟!"
خرجت الأم مسرعة من الغرفة ليلحق زياد بها ...
نهضت زينة من مكانها متحاملة على نفسها ووقفت خلف الباب لتستمع الى حديثهما الخافت ..
" مش كفاية اللي عملتيه فيها ... كفاية بقى حرام عليكي .."
كان زياد يتحدث بعصبية بينما والدته تحاول تهدئته وهي تهتف به :
" اهدي يا زياد ... انا جيت عشان اطمن عليها .. زياد انا ضميري مأنبني ... مش متخيلة إنها مش هتقدر تخلف تاني بسببي .."
وضعت زينة كف يدها على فمها غير مصدقة لما تسمعه بينما قال زياد بتهكم :
" وده من امتى ده ..؟! من امتى وانتي خايفة عليها ..؟!"
" انا بردوا انسانة وبحس .. منكرش اني غلطت لما أجهضتها ... بس والله محطتش فبالي انوا الإجهاض ممكن يحرمها من الخلفة ..."
" لو فاكرة انوا كلامك ده هينسيني اللي عملتيه تبقي غلطانه ...؟!"
زفرت الأم نفسا عميقا وقالت بترجي :
" طب اسمعني ... واحكيلي انت ناوي تعمل ايه .."
رد زياد :
" ده شيء ميخصكيش .."
ثم أكمل بلهجة جادة :
" تقدري تروحي دلوقتي ، وياريت تبعدي عن زينة نهائي .."
عادت زينة الى سريرها مسرعة بعدما فتح زياد الباب ليجدها جالسه على السرير تنظر إليه بعينين حزينتين ...
" فيه حاجة ..؟! ماما قالتلك حاجة ..؟!"
هزت زينة رأسها نفيا وقالت كاذبة :
" ابدا دي جت عشان تطمن عليا وتعتذر مني ..."
ثم أكملت بجدية :
" زياد انا عايزة اقولك حاجة .."
" ايه ..؟!"
صمتت قليلا قبل أن تهتف بحسم :
" انا موافقة اتجوزك ..."
الفصل السادس عشر
تأملها زياد مليا قبل أن يهتف بحسم :
" نخرج من المستشفى عالمأذون على طول ..."
أومأت برأسها قبل أن تتجه نحو السرير وتتمدد عليه ليجذب زياد كرسيه ويجلس بجانبها متسائلا بهدوء غريب :
" انتي كويسة ..؟! حاسة بوجع .."
نظرت إليه قليلا وقالت :
" لا ، مفيش وجع .."
حل الصمت المطبق بينهما .. صمت قطعته وهي تسأله بوداعة :
" انت كويس ..؟!"
اومأ برأسه وهو يجيبها :
" ايوه كويس .. ليه بتسألي ..؟!"
أجابته بجدية :
" اصلي حاسة إنك متغير شوية .."
نظر إليها بشك وقال :
" انتي سمعتي حاجة من كلامي مع ماما ..؟"
سألته بحيرة :
" لا ، هو المفروض اسمع حاجة .."
قال بإختصار :
" لا مفيش حاجة مهمة ..."
تنهدت بصمت وإتكأت بمرفقها على السرير تنظر إليه وتتأمله عن قرب فإرتبك كليا وهو يلاحظ تأملها الواضح له ..
سألها بفضول :
" بتبصيلي كده ليه ..؟!"
أجابته وهي تبتسم :
" أصل دي المرة الأولى اللي بدقق شكلك فيها .."
ابتسم بخفوت ولم يرد بينما أغمضت هي عينيها للحظات وصدى صوت والدته يتردد داخل عقلها ..
هي لن تنجب بعد الأن .. لقد حرمتها تلك السيدة من أن تصبح أما .. عاقبتها بطريقتها الخاصة ..
من الأن فصاعدا لم بعد لحياتها معنى ..
فتحت عينيها لتجده يتأملها بدوره فتنحنحت محاولة أن تخفي دموعها التي تشكلت داخل عينيها ..
اعتدلت في جلستها وقالت بنبرة متشنجة :
" هاخرج امتى من المستشفى ..؟!"
أجابها وقد شعر بحزنها الواضح في نبرة صوتها :
" بكره ان شاءالله .."
أومأت برأسها متفهمة ثم تمددت على السرير وأغمضت عينيها ليصلها صوته المتسائل :
" هتنامي ..؟!"
أجابته بخفوت :
" ايوه .."
" تصبحي على خير .."
" وانتي من أهله .."
قالها وهو ينهض من مكانه ملقيا نظرة أخيرة عليها قبل أن يخرج من غرفتها بخطوات هادئة ويغلق الباب خلفه لتفتح عينيها أخيرا سامحة لدموعها بالجريان على وجنتيها ...
.................................................................................
في صباح اليوم التالي ...
انتهت زينة من ارتداء ملابسها وتجهيز أغراضها .. خرجت من غرفتها في المشفى لتجد زياد ينتظرها خارج الغرفة .. منحته ابتسامة عذبة وهي تقول :
" خلصت .."
أخذ زياد الحقيبة متوسطة الحجم منها وقال بجدية :
" يلا بينا .."
سارت زينة خلفه وهي تحاول أن تتماسك أمامه وألا تظهر أيا من حزنها له على الأقل اليوم ...
خرجت الاثنان من المشفى متجهين الى الكراج حيث توجد سيارة زياد ...
ركبا سويا السيارة ليلتفت زياد نحوها ويسألها بهدوء :
" جاهزة نروح المأذون ونكتب الكتاب ..؟!"
أومأت برأسها وهي تتنفس بعمق قبل أن تجيبه :
" جاهزة ...."
شغل زياد سيارته وأدار مقود السيارة متجها الى أقرب مأذون وأجرى في الطريق اتصالا بمنتصر وصديق أخر يطلب منهما أن يلحقاه الى مكتب المأذون كي يشهدا على عقد القران ..
وصلا الى مكتب المأذون بعد ربع ساعة ليجدا منتصر وصديقه في انتظارهما .. تم عقد القران وانتهى المأذون من إجرائاته وبارك كلا من منتصر وصديقه لهما قبل أن يخرجا من المكان تاركين زياد وزينة لوحديهما ...
خرج زياد وزينة التي كانت تحمل عقد الزواج معها من عند المأذون ليقف زياد بجانبها ويقول لها بنبرة عميقة :
" مبروك ..."
نظرت إليه بإمتنان وقالت بإبتسامة خلابة :
" الله يبارك فيك .."
أشار زياد الى السيارة قائلا :
" يلا نروح عشان أوزبكي شقتنا.."
سألته زينة بعدم تصديق :
" شقتنا ازاي يعني ..؟!"
أجابها زياد بجدية :
" انا اشتريت شقة عشان نعيش فيها ، اكيد مش هنفضل قاعدين بالفندق .."
" معاك حق .."
قالتها زينة مثنية على ما فعله وسارت خلفه نحو السيارة ليتجه بها زياد الى الشقة التي تقع في إحدى المناطق الراقية الشهيرة في البلاد ..
ورغما عنها أخذت زينة تفكر في حالها وما آل إليه وما هو قادم ...
.....................................................................................
دلفت زينة الى الشقة بعد أن فتح زياد الباب لها، تقدمت الى الداخل بخطوات خجول منذهلة من مدى رقي الشقة وتصميمها الدافئ ..
" عجبتك ..؟!"
أفاقت زينة من شرودها على صوته لتستدير نحوه وتهتف بإعجاب :
" اووي ، بجد جميلة اوووي .."
ضحك وقال :
" اخترتها شبهك .."
عقدت حاجبيها متسائلة بحيرة :
" ازاي ..؟!"
أجابها موضحا :
" دافية زيك .."
احمرت وجنتاها خجلا من إطراءه عليها ثم تحركت داخل أرجاء الشقة تنظر الى غرفها ومطبخها ..
انتهت زينة من تفحص الشقة لتجد زياد
يقترب منها ويسألها :
" هتعملي ايه دلوقتي ..؟!"
أجابته بجدية :
" هنام .."
أشار زياد الى أحد الغرف قائلا :
" دي إوضتك واللي جمبها أوضتي .."
بهتت ملامح زينة وهي تستمع الى ما قاله ، لم تتوقع منه أن يبيت في غرفة منفصلة عنها ..
لكنها شعرت بالإمتنان نحوه فهو على الأقل يراعي وضعها ..
دخلت زينة الى غرفتها وألقت بجسدها على السرير قبل أن تغط في نوم عميق دون أن تغير ملابسها ..
استيقظت بعد عدة ساعات لتجد الظلام حل على المكان ، سارعت لفتح ضوء الغرفة قبل أن تفتح الباب وتخرج مسرعة من الغرفة متجهة الى الخارج لتجد زياد جالسا في صالة الجلوس ينظر أمامه بشرود ..
اقتربت منه فشعر بوجودها لينظر إليها ويهمس :
" صحيتي امتى ..؟!"
أجابته بإرتباك :
" من شوية .."
اتجهت نحوه وجلست بجانبه بصمت ..
نظر إليها زياد وسألها مستفهما :
" شكلك بيقول إنك مدايقة ..حصل حاجة ..؟!"
زفرت نفسا عميقا وقالت بجدية :
" لما صحيت الدنيا كانت ظلمة وأنا بخاف من الظلمة .."
ثم أكملت وهي تنظر نحوه بشحوب :
" مكنتش بخاف منها قبل كده بس بعد اللي حصل بقيت بترعب منها .. "
تطلع إليها زياد بصمت بينما أشاحت وجهها بعيدا عنه وقد عادت الذكريات السيئة إليها من جديد .. ذكريات لا تنفك أن تتركها ولو قليلا ..
.....................................................................................
حل الصباح مجددا بعد ليلة طويلة قضاها كلا من زياد وزينة مستيقظين فلم يستطع النوم أن يغلب ذكرياتهما السيئة ..
خرج زياد من غرفته بعدما انتهى من ارتداء ملابسه وتصفيف شعره ليتفاجئ بزينة في المطبخ ترتدي بيجامة زهرية اللون وتجهز طعام الإفطار ...
ألقى زياد تحية الصباح عليها :
" صباح الخير .."
" صباح النور .."
قالتها زينة وهي تطفئ الطباخ قبل أن تكمل :
" الفطار جاهز .."
اتجه زياد ببصره نحو طاولة الطعام المزينة بأشهى أنواع الطعام بينما سألته زينة :
" مش هتفطر ..؟!"
" هفطر اكيد .."
قالها زياد وهو يجلس على طاولة الطعام ويشرع في تناول طعامه إلا أن رنين جرس الباب أوقفه عن تناوله الطعام ...
اتجه زياد نحو باب الشقة وفتحها متعجبا من الزائر الذي يأتي في وقت مبكر كهذا ..
فوجئ برنا تقتحم الشقة وهي تهتف بصوت عالي :
" هي فين ..؟!"
جذبها زياد من ذراعها هاتفا بها :
" انتي بتعملي ايه ..؟!"
أجابته وهي تضحك بسخرية :
" جاية أبارك للعروسة .."
ثم أكملت وهي تصيح بصوت عالي :
" يا عروسة .. انتي فين ..؟!"
خرجت زينة إليها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة كبيرة وترتدي غلالة نوم قصيرة فوقها روب من الستان الأبيض ..
" اهلا يا رنا ... "
توجهت رنا نحوها وقالت بتهكم :
" ولابسة قميص نوم كمان وبتحتفلي .."
وقف زياد حائلا بينهما وقال بحزم :
" مش وقت الكلام ده يا رنا .. روحي حالا ..."
عقدت رنا ذراعيها أمام صدرها وقالت بعناد :
" مش هروح ، انا جايز أبارك للعروسة وأديها هديتها .."
أبعدت زينة زياد من أمامها واقتربت من رنا تقول :
" ميرسي يا رنا ربنا يخليكي .."
" مش عايزة تعرفي إيه هديتك يا عروسة ..؟!"
نظرت إليها زينة بصمت بينما قالت رنا بجدية وهي تخرج ورقة بيضاء من حقيبتها وترميها عليها :
" دي نسخة من شهادة وفاة عالي ، قلت تخليها عندك للذكرى .." كل شويه اقول التفاعل وكأني بكلم نفسي
يتبع
تكملة الروايه من هنا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا