القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عندما فقدت عذريني الفصل الخامس والسادس والسابع




الفصل الخامس والسادس والسابع 

في احدى المستشفيات الخاصة ..

وقف زياد أمام غرفة العمليات ينتظر خروج الطبيب بلهفة كي يطمئن على زينه التي أصيبت برصاصة في كتفها ..

خرج الطبيب بعد حوالي ربع ساعة ليجري زياد نحوه متسائلا بتوتر :

" ها يا دكتور ، طمني .."

ابتسم الطبيب له مطمئنا إياه :

" الحمد لله مكان الإصابة مكانش خطير ، الرصاصة خرجت بسهولة من مكانها ، حاليا هننقل المريضة لإوضة عادية وهتفضل تحت المراقبة لحد بكره .."

" شكرا اوي .."

قالها زياد بإمتنان للطبيب الذي ربت على كتفه قبل أن يرحل تاركا زياد لوحده ..

بعد لحظات تقدم كلا من منتصر ورنا نحو زياد ، سألته رنا بنبرة قلقة :

" اخبارها ايه يا زياد ..؟!"

أجابها زياد مطمئنا إياها :

" متقلقيش يا رنا ..هي كويسة ، الدكتور طمني عليها .."

تنهدت رنا بإرتياح بينما أخرجن الممرضات زينه من غرفة العمليات متجهين بها الى احدى الغرف العادية ..

تأملتها رنا بملامح جامدة قبل أن تقول :

" كويس انها مماتتش، وإلا كنت هخسر أمي بسببها .."

لم يعلق زياد على كلامها بل قال مغيرا الموضوع :

" ماما عاملة ايه ..؟!"

أجابته رنا بهدوء :

" نامت بعد ما خدت المهدئ بتاعها .."

أومأ زياد برأسه متفهما ثم قال بلهجة عادية :

" انا هفضل مع زينه لحد متفوق ممكن البنج .."

" كويس .."

قالتها منتصر بجدية بينما اعترضت رنا :

" ممكن أفضل انا معاها لو عايز بس بلاش انت .."

" أنا اللي هفضل معاها يا رنا ، انتي روحي واقعدي جمب ماما .."

قالها زياد بصرامة ، سأله منتصر :

" هتعمل ايه مع البوليس ..؟!"

أجابه زياد ببساطة :

" هقولهم الرصاصة خرجت بالغلط وانا بنظف المسدس .."

" انا خايفة عليك يا زياد .."

قالتها رنا بقلق ليحتضنها زياد ويهدئها :

" متقلقيش يا حبيبتي ، كل حاجة هتبقى كويسه .."

ثم أشار لمنتصر قائلا :

" روحوا انتوا البيت دلوقتي .. وانا هاجي بالليل اطمن على ماما .."

أومأ منتصر برأسه متفهما ثم أخذ رنا وخرجا من المشفى عائدين الى المنزل بينما ذهب زياد الى الغرفة التي نُقلت زينه إليها ..

....................................................................................

كان زياد جالسا أمام السرير الذي ترقد زينه عليه يطالعها بملامح صامتة لا توحي بشيء ..

كان زياد يتأمل ملامح وجهها الناعمة الرقيقة بحيرة ، لا يعرف لماذا هناك شيء في داخله يشده نحوها منذ أول مرة رأها فيها ...

عاد بذاكرته الى الخلف ، الى اليوم الاول الذي دلفت به الى شركتهم كموظفة جديدة ، جذبت أنظاره منذ النظرة الأولى بضحكتها الشقية وملامحها البريئة ، هو زياد الشريف الذي لم يتأثر يوما بإمرأة ولم ينظر يوما الى واحدة وجد نفسه يراقبها ويتبعها كالمراهقين وهي غير واعية او منتبهة له ..

ظل هكذا يتابعها من بعيد وينجذب نحوها كل يوم أكثر حتى لاحظ في أحد الأيام إهتمام أخيه الأصغر بها ، أخوه الذي اعترف له بعدها بعشقه لتلك الفتاة التي سلبت لبه من النظرة الأولى ليأخذ زياد صدمة عمره فيقرر السفر على أثرها خارج البلاد والعيش وحيدا بعيدا عن الجميع خاصة بعدما علم برغبة اخيه في التقدم لها وخطبتها ...

أغمض عينيه بوهن وهو يتذكر كم معاناته لوحده دون أن يخبر أحدًا حتى منتصر ابن عمه وصديقه المقرب ... 

كان يظن أن بزواج أخيه منها ستنتهي زينة من حياته تماما لكن القدر كان له رأي أخر فهاهي زينة تدخل حياته من جديد بل وتحتل تفكيره بالكامل لكن ليست كحبيبة بل كقاتلة لأخيه الوحيد ...

فتح عينيه ليجد زينه ترمش بعينيها قبل أن تفتحهما ببطء ، رغما عنه اقترب منها ليطمئن عليها ، فتحت أخيرا عينيها بالكامل لتهمس بصوت ضعيف واهن :

" مية ، عايزة مية .."

حمل زياد قدح الماء الموضوع على الطاولة بجانبها وأخذ يبلل شفتيها ولسانها بقطرات من الماء بواسطة إصبعه ..

أغمضت زينة عينيها بألم بينما هبطت الدموع الغزيرة من مقلتيها ..

لقد نجت من الموت المحقق للمرة الثانية ، ليت الرصاصة جاءت في قلبها وأنهت عليها .. ليتها فقط ..

" انتِ كويسة ..؟!"

سألها زياد بجمود لتومأ برأسها دون أن ترد فيعاود سؤالها :

" طب بتعيطي ليه ..؟! اندهلك الدكتور ..؟!"

هزت رأسها نفيا وسألته بصوت مبحوح :

" هو انا عايشة بجد ..؟!"

" ايوه .."

أجابها بهدوء لتبتسم بمرارة قبل أن تقول بنبرة باكية :

" ياريتني مت ، ياريت الرصاصة جت فقلبي وموتتني ، يمكن ساعتها كنت هرتاح .."

لم يعلق زياد على حديثها بل ظل يتأملها بصمت تام غريب ..

.....................................................................................

في صباح اليوم التالي ..

استيقظت زينه من نومها لتجد الغرفة فارغة ، يبدو أن زياد غادر المشفى بعدما نامت هي ، ابتسمت بحزن وهي تفكر بحالها وكيف أصبحت وحيدة بلا أي أحد وفوق هذا أعمامها يريدون قتلها والتخلص منها بأقرب فرصة ..

أفاقت من أفكارها على صوت الباب يفتح يتبعه دخول زياد إليها ، كان يرتدي ملابس سوداء بالكامل تناقض بشرته البيضاء بشكل واضح ..

اقترب زياد منها ووقف بجانبها متسائلا بصوت رخيم :

" عاملة ايه النهاردة ..؟!"

أجابته بهدوء :

" كويسة الحمد لله .."

أردف زياد قائلا :

" الدكتور كتبلك على خروج من المستشفى ، بس لازم تاخدي ادويتك بإستمرار وتداوي الجرح لحد ما يطيب ..."

أومأت زينه برأسها وقالت بإختصار :

" ان شاءالله .."

نظر زياد إليها وقال بجدية :

" هندهلك الممرضة عشان تساعدك وانتي بتغيري هدومك .."

" ملوش لزوم تتعب نفسك اكتر من كده ، تقدر تسيبني وتروح ، انا هدبر أمري .."

صمت زياد ولم يرد عليها لتكمل هي بخفوت وإمتنان حقيقي  :

" وشكرا بجد على كل اللي عملته .."

زفر زياد أنفاسه بقوة وقال :

" العفو بس انا مسؤول عنك وعن حمايتك وعشان كده مش هقدر أسيبك.."

" وانا لا يمكن ارجع معاك لبيتكم اللي محدش متقبلني فيه ، ارجوك راعي وضعي وافهمني .."

" ومين قال اني هرجعك لبيتنا ..؟!"

تطلعت إليه بنظرات حائرة وسألته بعدم فهم :

" امال هنروح فين..؟!"

أجابها بإقتضاب :

" هنقعد بالفندق لحد منلاقي حل لموضوع أعمامك ده .."

حاولت زينه أن تتحدث لكنه أكمل بحسم :

" انا هروح اندهلك لممرضة ، عشان تساعدك تغيري هدومك بسرعة ونخرج من هنا .."

ثم خرج من الغرفة تاركا إياها تتابعه بدهشة وهي تفكرفي السبب الذي يجعله متمسكا بحمايتها ..

.....................................................................................

أمام احد الفنادق ذو الخمس نجوم أوقف زياد سيارته وهبط منها ثم اتجه نحو الباب الاخر وفتحه لزينه لتهبط من السيارة ...

أخذ الحارس مفاتيح السيارة منه كي يضعها في الكراج بينما سار كلا من زياد وزينه الى داخل الفندق ..

وقف زياد أمام موظفة الإستعلامات وبجانبه زينه ليحجز لكلا منهما جناح خاص به ..

بعد لحظات كانت زينة في جناحها تنظر إليه وهي تشكر ربها على نعمة وجود زياد في حياتها لولاه ما كانت لتستطيع أن تفعل أي شيء ..

أما زياد فكان جالسا على الكنبة يفكر فيما يفعله ، هو يفعل كل هذا بنية الانتقام منها ولكن أين الإنتقام بالضبط ، كلا هو لا ينتقم .. هو فقط يحميها من بطش الجميع ويساندها في أزمتها ..

شعر بطعنة قوية داخل صدره حينما وصل الى هذا الإستنتاج ، إنها سبب موت أخيه ، عليه ألا ينسى هذا ...

رنين هاتفه أيقظه من أفكاره المتعبة ليجد دينا تتصل بها ، أجابها بسرعة وهو يشعر بالأمتنان  لهذا الإتصال الذي جاء في وقته ليصل إليه صوتها المرح :

" زياد،  تعرف انا فين دلوقتي ..؟!"

نهض من مكانه وقال بعدم تصديق :

" انتِ هنا فمصر .."

" ايوه.." 

قالتها بسعادة ليطلق تنهيدة ويقول :

" انتي فين ..؟! انا هجيلك فورا .."

ردت عليه بسرعة :

" انا فالتاكسي ، ابعتلي عنوان فندق كويس أستقر فيه .."

" هبعتلك حالا .."

قالها زياد بجدية ثم أغلق الهاتف وأرسل لها عنوان الفندق الذي هو فيه الأن وأخبرها إنه سيحجز لها جناح في الحال بجانب جناحه ..

يتبع


الفصلين السادس والسابع 

أمام نفس الفندق وقفت سيارة تاكسي صفراء اللون لتهبط منها دينا وهي تجر حقيبتها خلفها ...

سارت متجهة نحو موظفة الإستعلامات كي تحجز لنفسها جناحا وقبل أن تتحدث معها كان صوته الرجولي الرخيم ينادي عليها ..

التفتت نحو الخلف وهي ترسم على شفتيها ابتسامة مرحة ثم احتضنته بقوة وقالت بلهجة عذبة سعيدة :

" وحشتني اووي .."

ربت على ظهرها بكفيه ثم ابتعد عنها قليلا وهتف بها بهدوء :

" انتي اكتر ، انا حجزتلك جناح جمب جناحي ..."

" بجد ..؟!"

أومأ برأسه وأشار لموظفة الإستعلامات كي تعطيه البطاقة الخاصة بالجناح .. أخذ منها البطاقة وقال لدينا :

" اكيد عايزة ترتاحي من السفر ..؟!"

هزت دينا رأسها نفيا وقالت :

" عايزة اتكلم معاك ، واحشني اووي يا زياد .."

" طب يلا بينا ..."

قالها زياد وهو يقبض على يدها ويسحبها خلفه .. وصلا أخيرا الى الجناح ليتفاجئ زياد بزينة تخرج من جناحها المقابل لجناحه ...

نظرت زينة الى زياد الذي يقف بجانب فتاة ممسكا بيدها بملامح متعجبة قبل أن تتنحنح قائلة بحرج :

" مساء الخير .."

" رايحة فين ..؟!"

سألها زياد بسرعة لترد بهدوء :

" رايحة بيتنا أجيب هدومي .."

ابتعد زياد عن دينا واقترب منها قائلا بعدم تصديق :

" تروحي فين ..؟! انتي اكيد تجننتي ..؟! بيت ايه ده اللي تروحيله ."

" امال هلبس هدوم منين ..؟!"

سألته بهدوء غريب ليرد بنفاد صبر :

" انا هتصرف فموضوع هدومك ده .."

أومأت برأسها دون أن ترد ليردف بتحذير :

" ارجعي جناحك ومتخرجيش منه تاني .."

كانت دينا تنظر اليهما بحيرة بينما زفرت زينة أنفاسها بقوة وسألته بنبرة متململة :

" هو انت حابسني ولا ايه ..؟!"

أجابها بهدوء خطر :

" اعتبريه كده لو تحبي .."

ثم اكمل بجدية :

" ده عشانك وعشان مصلحتك انتي .."

منحته ابتسامة ساخرة قبل أن ترد بخفوت متألم :

" مصلحتي ..!!"

ثم تحركت عائدة الى جناحها ليقول زياد مشيرا الى دينا :

" يلا بينا .."

دلف زياد ودينا الى الجناح ، جلس زياد بوهن على الكنبة بينما اقتربت دينا منه وسألته بتردد :

" مين دي يا زياد ..؟! وبتعمل ايه معاك ..؟!"

نظر إليها زياد بصمت للحظات قبل ان يجيبها :

" دي زينة مرات أخويا علي الله يرحمه .."

" بجد ..؟! وبتعمل ايه هنا ..؟!"

سألته دينا مندهشة من وجود زينه معه ليرد عليها موضحا لها سبب وجوده :

" اهلها عايزين يقتلوها بعد معرفوا اللي حصل ، وانا المسؤول عن حمايتها .."

صمتت دينا ولم ترد ليتطلع اليها زياد بحيرة قبل أن يسألها بتعب :

" مش هتقولي حاجة ..؟!"

" هقول ايه يعني ..؟!"

" قولي أي حاجة .."

ترددت دينا فيما ستقوله لكنها كانت مضطرة لقوله ، قالت بلهجة ذات مغزى :

" مش شايف إنوا وجودها حواليك غلط .."

صمت زياد ولم يرد لتبرر دينا سبب كلامها :

" زياد انا خايفة عليك ، متنساش دي تبقى مين وعملت ايه ... متخليش الماضي اللي موته زمان يرجع يعيش ..."

" مستحيل يرجع يعيش .."

قالها زياد بنبرة قاطعة لتقول دينا مكملة حديثها :

" محدش هيتقبل علاقتك بيها ، أولهم أهلك.."

قاطعها زياد بصرامة :

" انا مفيش بيني وبينها حاجة يا دينا ، انا مجرد بحميها مش اكتر .."  

هزت دينا رأسها وقالت متفهمة :

" انا فاهمة ده كويس ، بس خايفة لا الأمور تفلت من ايدك .."

رد عليها بقوة :

" مستحيل ، انا منكرش اني فيوم اعجبت بيها ويمكن حبيتها من غير ماحس بس هي اتحرمت عليا من ساعة ما حبت علي وحبها ..."

جلست دينا بجانبه وربتت على يده مساندة اياه قبل ان تهتف براحة :

" كده انت طمنتني ، وياريت بردوا تسمع كلامي وتبعد عنها .. هيكون احسن ليك..."

أومأ زياد برأسه ولم يرد بينما نهضت دينا من مكانها وأخبرته أنها ستغير ملابسها ..

................................................................................

كانت زينة تجلس على سريرها وتبكي بصمت .. تبكي حالها وما وصلت إليه .. ليتها لم تستمع الى كلام صديقتها التي نصحتها بعدم البوح بسرها الأكبر لعلي .. صديقتها التي ظنت وأقنعتها وقتها أن علي سوف يسامحها لأنه يحبها بحق ..

فلتنظر الأن إلى أين وصلت وكيف أصبح حالها ...

ازداد بكائها ونحيبها وهي تتذكر علي .. علي الذي أحبته بصدق وتمنته شريكا لها ، ظنت أنه سيغفر لها ويتفهمها لكنه فعل مثلما فعل الجميع بها ..

أغمضت عينيها وتمددت على سريرها وقررت النوم بعدما جذبت غطاء السرير نحوها ورغما عنها ارتسمت صورة اختها مريم أمام عينيها فشهقت باكية وهي تتذكرها وتتذكر حبها وتعلقها بها ، ليتها لم تتزوج واكتفت بحب مريم ..

وضعت كف يدها على فمها محاولة كتم شهقاتها وهي تتذكر أختها ووالدتها وحياتها سابقا ، ظلت تبكي طويلا حتى غلب عليها النعاس ونامت أخيرا ...

استيقظت في صباح اليوم التالي وهي تشعر براحة غريبة تسيطر عليها ..أطلقت تنهيدة صغيرة وهي تبتسم بصمت من شعور الراحة الذي غمرها بعد ليلة البارحة .. شعور لم تفهم سببه و لا ماهيته لكنه مريح وبشدة ...

نهضت من فوق سريرها بعدما أبعدت الغطاء عنها واتجهت نحو الحمام لتأخذ حماما منعشا ، خرجت من الحمام وهي الف المنشفة على جسدها ، خلعه المنشفة وارتدت فستان لونه بني غامق يصل الى منتصف ساقيها وسرحت شعرها بعناية قبل أن تقرر الخروج من جناحها وتناول إفطارها في مطعم الفندق ..

خرجت زينه من الجناح واتجهت الى المطعم وهناك أخذت صحنا ووضعت به بعض أصناف الأطعمة الموجودة وجلست على احدى الطاولات تتناولها بشهية مفتوحة ..

فوجئت بشاب وسيم يقترب منها ويسألها :

" ممكن أشاركك فطارك ..؟!"

أومأت برأسها وهي تبتسم بخجل ليجلس أمامها ويهتف بهدوء :

" اول مرة أشوفك هنا .. شكلك مقيمة جديدة بالفندق ..؟!"

تنحنت قائلة :

" ايوه صح دي اول مرة أبات فيها هنا .."

ابتسم وقال :

" انا شبه مقيم هنا .."

" بجد ..؟!"

سألته بدهشة ليرد قائلا :

" انا اصلا عايش فإيطاليا ، وباجي هنا زيارات مستمرة فبختار الفندق ده أقعد فيه .."

" حلو ..."

" انتي اسمك ايه ..؟!"

أجابته زينة :

" زينة وانت ..؟!"

أجابها :

" مراد ..."

 " تشرفنا يا مراد .."

" الشرف ليا .."

في هذه الاثناء تقدم كلا من زياد ودينا الى داخل المطعم ليتفاجئا بزينة تجلس مع شاب غريب وتضحك بخفة ..

غلت الدماء في عروق زياد الذي تقدم نحوها بخطوات سريعة ووقف أمامها لتختفي ابتسامة زينة وتسعل بحرج بينما نظر مراد الى كليهما بحيرة ..

" معلش يا زينة ممكن تقومي معايا ...؟!"

أومأت زينة برأسها ونهضت معه على مضض .. سارت خلفه متجهة الى الطابق العلوي حيث جناحها .. 

" افتحي الباب .."

قالها زياد وهو يقف امام الباب لتفتح زينة الباب وتلج الى الداخل يتبعها زياد الذي أغلق الباب بقوة ...

اقترب زياد منها وقال بلهجة ساخرة :

" نازلة تحت وبتفطري وضحكتك مالية وشك ولا كأنه فيه واحد لسه ميت من كام يوم المفروض انه جوزك .." 

توترت ملامح زينه وقالت بأسف :

" انا بجد مكانش قصدي .."

صرخ بها :

" يعني ايه مكانش قصدك ، انتي بجد معندكيش احساس.. ليكي نفس تاكلي وتهزري يا شيخة .."

"  انت عايز توصل لإيه ..؟! عايزني أنتحر عشان ترتاح ..؟! "

لم يجبها بل ظل ينظر إليها بصمت لتكمل بإنهيار :

" انا هريحكوا كلكوا .."

واتجهت مسرعة نحو السكينة الموضوعة على الطاولة وسحبتها موجهة رأس السكينة نحو صدرها ليقف في وجهها هاتفا بتوتر ملحوظ :

" انتي اتجننتي ، سيبي السكينة من ايدك .." 

هزت رأسها نفيا والدموع اللاذعة غطت وجنتيها لتهتف بصوت باكي :

" لا يا زياد ، انا تعبت بجد وده الحل الوحيد اللي هيريحني ..."

" زينة بلاش جنان .."

قالها بتوسل وهو يحاول الاقتراب منها لتتجه بالسكينة نحو صدرها لكنه كان أسرع منها وجذب السكينة نحوه محاولا سحبها من يدها ...

ظل زياد يحاول سحب السكينة وهي تقاومه بقوة حتى جرحت السكينة كف يده فتراجعت زينه الى الخلف ناظرة إلى زياد بصدمة وقد سقطت السكينة من يدها ..

تطلع زياد الى الجرح العميق بملامح متألمة وقد بدات الدماء تسيل من يده ..

اتجهت زينة مسرعة الى الحمام وأخرجت حقيبة الإسعافات الأولية ، تقدمت نحوه زياد وقالت بنبرة مرتجفة وهي تشير نحو الكنبة  :

" ممكن تقعد .."

جلس زياد على الكنبة بينما بدأت زينة تمسح كف يده بالمناديل الورقية بخفة قبل أن تعقم الجرح برقة بالغة بينما أخذ زياد يتأملها بملامح واجمة لا توحي بشيء ... 

انتهت زينه من تعقيم الجرح وتطهيره لتربطه جيدا قبل أن تنهض من مكانها وتقول بإعتذار :

" انا اسفة يا زياد ، بجد مكانش قصدي .."

زفر نفسا قويا وقال بلا مبالاة :

" حصل خير ..."

ثم نهض من مكانه وهم بالوجه خارج الجناح لكنه شعر بدوار شديد يسيطر عليه ..

سارعت زينة للإمساك به وأجلسته على الكنبة وسألته بقلق :

" انت كويس ..؟!"

أومأ برأسه دون أن ينظر إليها أو يجيبها ، نهض بعد لحظات من مكانه وقد استعاد توازنه أخيرا ليخرج من الجناح متجها الى جناحه ثم يتصل بدينا التي نساها في الأسفل ..

.....................................................................................

مرت عدة أيام لم يحدث بها شيئا جديدا ..

عادت دينا الى أمريكا وعاد زياد يمارس عمله في شركة والده وبقيت زينة وحيدة في الفندق ...

استيقظ زياد من نومه في احد الأيام على صوت طرقات على باب جناحه ..

هبط من فوق سريره واتجه الى الباب لفتحه ، فتح باب الجناح ليتفاجئ بزينة أمامه تنظر إليه بخجل ..

" نعم ..؟!"

سألها بجمود لترد بنبرة متشنجة :

" ينفع نتكلم شوية .."

" اتفضلي .."

قالها زياد وهو يفسح لها المجال للدخول ثم أغلق الباب خلفها واتجه نحوها لتهتف به بأسف :

" اسفة اني صحيتك من النوم .."

رد زياد ببرود :

" حصل خير .."

ثم سألها :

" عايزة ايه ..؟!"

كان الإرتباك يظهر بوضوح عليها ، لم تستطع زينه أن تفتح الموضوع معه مباشرة فأخذت خصلة من شعرها وضعتها خلف أذنها ثم قالت أخيرا بتوتر ملحوظ :

" انا عايزة اشتغل ..وحبيت أستأذنك إني هدور على شغل من النهاردة .."

" تشتغلي ..؟! "

قالها زياد متعجبا لتومأ برأسها فإقترب زياد منها وسألها :

" انتي محتاجة فلوس ...؟!"

هزت رأسها نفيا وقالت :

" مش حكاية إني محتاجة فلوس ، بس حكاية إني متعودة اشتغل من زمان ومش هعرف أقعد من غير شغل .."

" وبالنسبة لعمامك اللي عاوزين أي فرصة عشان يقتلوكي ..؟؟"

أطلقت تنهيدة صغيرة وقالت :

" معدش يهمني ، اللي يحصل يحصل ..."

نظر إليها بصمت بينما أكملت بجدية :

" انا مش هفضل حياتي كلها خايفة منهم ، يعملوا اللي هما عاوزينه .. معدش يفرق معايا .."

" طيب ايه رأيك تشتغلي معايا فالشركة زي ما كنتي بتشتغلي زمان .."

اعترضت بسرعة :

" لا مش هقدر .."

" ليه ..؟!"

سألها بحيرة لترد بجدية :

" مش هقدر وخلاص ، انا هدور شغل فمكان تاني .."

" للاسف مش هينفع تشتغلي فمكان تاني لانك مسؤولة مني ولازم تفضلي تحت عيني طول الوقت .."

زفرت أنفاسها وقالت بملل :

" قلتلك انا مش مهتمة للي هيحصل يعني تقدر تخلي مسؤوليتك من عليا ..."

رد عليها بعناد :

" وقلتلك انا مسؤول منك ولا يمكن اسيبك كده ..."

شعرت زينة فجأة بدوار يسيطر عليها وهي تهم بالرد عليه ليقترب زياد منها ويهتف بقلق :

" مالك يا زينة ...؟!"

وقبل أن تفقد وعيها كان يتلقفها بين احضانه ..

..............................................................................

داخل غرفة الطبيب كان زياد يتابع الطبيب الذي يفحص زينة بقلق ...

انتهى الطبيب من فحصها لتعتدل زينة في جلستها بينما اتجه زياد خلف الطبيب وسأله :

" خير يا دكتور ..؟؟"

ابتسم الطبيب وقال :

" خير ان شاءالله ، انا شاكك إنها حامل .."

تصنمت زينة في مكانها ما ان إستمعت لما قاله الطبيب ولم تكن صدمة زياد أقل منها ..

خرجت زينة من خلف غرفة الفحص وتقدمت نحو زياد المصدوم وقالت بعدم تصديق :

" حضرتك متأكد ..؟!"

هز الطببب رأسه نفيا وقال بجدية :

" لا طبعا ، تحليل الدم هو اللي هيأكد لينا الحمل .."

ثم أخرج ورقة وكتب عليها اسم التحليل وطلب منهما أن يذهبا الى المختبر ليجريا التحليل ويتأكدان ..

ذهب كلا من زياد وزينة الى المختبر لتجري زينة تحليل الدم ، التزم كلاهما الصمت التام ولم يقولا شيئا فالصدمة كانت أقوى من أي حديث ...

وصلا الى المختبر وأجرت زينة التحليل وجلسا ينتظران خروج النتيجة والتي ظهرت بعد فترة طويلة ..

أعطت الموظفة الظرف الذي يحوي نتيجة التحليل لزينة التي تلقته منها بأصابع مرتجفة قبل ان تبدأ في فتحه ثم قراءة التقرير ...

نظر زياد إليها بتردد ليجد الدموع تشق طريقها على وجنتيها ففهم على الفور النتيجة ..

إنها حامل ...

سحب زياد الورقة منها وأخذ يقرأ ما بها حيث تظهر النتيجة موجبة ...

زفر أنفاسه بإحباط وهو يفكر بأن المشاكل لا تنفك ان تلحق به من كل اتجاه ..

،،....................................................................................

في طريق العودة الى الفندق كان كلاهما ملتزما الصمت وشارد بأفكاره ..

زينه تفكر في هذا الطفل الذي فاجئها بظهوره هكذا وزياد يفكر بأشياء مختلفة ...

أوقف زياد سيارته على جانب الطريق وقد شعر بالإختناق ، هبط من السيارة ووقف على الرصيف الجانبي وأخذ نفسا عميقا لعدة مرات ..

هبطت زينة من السيارة واقتربت منه تسأله بتردد :

" انت كويس ...؟!"

اوما برأسه دون رد لتقف بجانبه تتأمل الطريق بملامح ساكنة وقد شعرت بالراحة الكبيرة فهي كانت بحاجة الى تنفس القليل من الهواء ...

وضعت زينة يدها على بطنها بحركة لا ارادية لينتبه زياد لها فيضطرب كليا قبل ان يجد نفسها يسألها بملامح متشنجة :

" ابنه ..؟؟"

التفتت نحوه محاولة استيعاب ما يتفوه به فقالت بصوت شاحب :

" تقصد ايه ..؟!"

رد ببرود قتلها :

" الولد ده ابن علي ..؟!"

أدمعت عيناها لا إراديا ، شعور المرارة سيطر عليها قبل أن تجيبه بسرعة مبتلعة تلك الإهانة  :

" طبعا ابنه ..."

" وايه اللي يثبتلي ده ..؟!"

" انت اكيد اتجننت .."

قالتها بعدم تصديق لما تسمعه ليرد ببرود :

" انا متجننتش ولا حاجة بس مفيش حاجة مضمونة وانتي بالذات مش محل ثقة بالنسبة ليا ..."

وجدها تصيح بقوة وبكاء :

" الولد ده ابن علي ، انت فاهم .. انا محدش لمسني غيره.."

تطلع إليها بنظرات تائهة لتلعق شفتيها وتهتف ببكاء وهي تحتضن جنينها بذراعيها :

" ده ابنه ، اخر ذكرى ليا منه ، واللي هيشكك فده يبقى مجنون .."

" خلينا نروح .."

قالها بإقتضاب لتمسح دموعها بأناملها وتسير خلفه ...

ركبت السيارة بجانبه ليتجه بها عائدا الى الفندق...

ما إن وصلا الى هناك حتى جرت زينه نحو جناحها يتبعها زياد والذي ما ان وصل الى جناحه اجرى اتصالا سريعا بدينا يخبرها :

" دينا انا محتاجلك اووي ..."

يتبع




 

تعليقات

التنقل السريع