القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية غفران كامله من الفصل11 الجزء الثاني الي الفصل الاخير من الجزء الثاني بقلم نسمة مالك

 


رواية غفران كامله من الفصل11 الجزء الثاني الي الفصل الاخير من الجزء الثاني بقلم نسمة مالك




ال11


طعنه حاده!!.. 

 

.. فلاش باااااااااااك.. 


خرج "غفران" من المستشفى بعدما اطمئن علي معشوقته، وقام بتركيب محلول الحديد لها بنفسه.. ارتجل سيارته وقادها علي عجل حتي وصل الي منزل "سعديه" وصف سيارته لجانب الطريق وظل جالس داخلها يضغط علي بوقها بين لحظه وأخرى.. 


دقائق قليله، وخرجت "سعديه" برفقة "احمد" الذي فتح لها باب السياره الخلفي وساعدها علي الجلوس وهو يتحدث بإحراج واضح بنبرة صوته.. 

"تسلم وتعيش علي تعبك معانا يا غالي".. 


"احنا المفروض أهل يعني مافيش بنا شكر.. وكمان دا واجبي يا احمد" .. 

قالها "غفران" باقتضاب لا يخلو من الجمود، والغضب الشديد يعتلي ملامحه الصارمه.. 


صعد "احمد" جواره، وبدأ يقود "غفران" وعينيه تنظر ل "سعديه" بالمرآه بعتاب ممزوج بالأسف من آن لأخر..حتي ترقرقت عينيها بالعبرات من نظرة الخذلان التي رأتها بأعين زوج ابنتها، وابتسمت ابتسامه زائفه وبتنهيده قالت.. 


"ليك حق تزعل مني يا غفران يا ابني.. بس والله انا كنت ناويه اصارحك بالحقيقه واقولك علي كل حاجه لكن خوفت يا ابني اخرب بيت بنتي بأيدي، وفكرت ان شهد عقلت وعرفت قيمتك وقيمة ولادها وبيتها بس برضو طلعت غلطانه".. 


مسح "غفران" 

على وجهه بعصبية و هو يطرد زفرة نزقة من صدره، ثم قال بصوتٍ أجش.. 

" مش لوحدك اللي غلطتي يا حماتي.. انا كمان غلطت، واتسرعت بجوازي من شهد،وبعترف بغلطي دا، واديني بحصد نتيجة تسرعي"..


"يبقي اوعي تصلح غلط بغلط أكبر وتطلق شهد يا غفران.. دا انت اللي ملجمها عن الشر اللي جواها.. لو طلقتها هطيح في الكل، ومحدش هيعرف يوقفها"..

قالتها "سعديه" ببكاء و رجاء شديد..


التفت لها" احمد" ورمقها بنظره محذره قائلاً.. 

" هو أنتي شيفاني مش راجل يا أمه".. 

نظر ل" غفران" مكملاً.. 

" لو عايز تطلق شهد يا غفران طلقها محدش  هيجبرك انها تفضل علي زمتك، وانا أولى بأختي".. 


فرمل سيارته فجأة، ونظر ل "أحمد" نظره حارقه، وبتساؤل قال.. 

"انت عارف اختك عملت ايه فيا وفي أهلي ، وحتي فيكم انتم يا احمد؟!".. 


خفض" احمد" رأسه بخزي من أفعال شقيقته المشينه التي ارتكبتها بحق الجميع دون مبرر.. ليتابع" غفران" غير مبالي لاستماع إجابه منه.. 

"طلاقي ليها مش عقاب كافي.. شهد لازم تعرف قيمة النعمه اللي كانت عايشه فيها واتبطرت عليها".. 


أنهي جملته وقاد مره أخرى.. لينفجر هدير محرك السياره عاكساً غضبه عليها حتي وصل إلى إحدي السجون المأمنه بحراسه مكثفه.. 


هبطوا جميعاً من السيارته، وارتدي "غفران" نظارته الشمسيه، واقترب من الباب طرق عليه بعنف قائلاً بأمر.. 

"افتح يا ابني انا المقدم غفران المصري".. 


فتح الباب علي الفور، وسار للداخل بجواره احمد ممسك بيد والدته حتي وصل لمكتبه الخاص فتحه له العسكري الواقف أمامه فنظر لأحمد وقال بهدوء.. 

"هتستنوني هنا علي ما أوصل أجيب شهد وارجعلكم".. 


بكت "سعديه" وقالت بخوف.. 

"لا يا ابني بلاش علشان خاطري".. 


ربت علي كتفها وبتعقل قال.. 

"بلاش نلف وندور حولين بعض اكتر من كده..خلي كل واحد يعرف اللي ليه واللي عليه، واللي غلط لازم يتحاسب".. 


..نهاية الفلاش باااااااااااك.. 


بأنفاس اوشكت علي الانقطاع همست "شهد" بصدمه وعدم تصديق.. "طلاقنا؟!".. 


وضع" غفران" كلتا يده بجيب سرواله، وببرود قال.. 

"متعمليش فيها مصدومه ياشهد، انجزي والبسي هدومك خليني اوديكي تشوفي والدك بقي فين دلوقتي نتيجة القرف اللي عمله في حياته، ولو فضلتي انتي كمان بدماغك دي اللي مليانه غل وحقد للكل تبقي هتحصليه قريب اوي".. 


لم تستمع لحديثه بأكمله.. عقلها توقف استيعابه عند كلمة طلاق التي لم تعلم انها ستألم قلبها الي هذا الحد.. 


تطلع له بأعين متسعه، ونظرات زائغه، ولأول مره منذ زوجها منه تشعر بعشقها له الذي كان مدفون بأعماق قلبها أسفل حقدها.. وحديثه الجاد عن انفصلهما أشعل قلبها بنيران عشقه التي أصبحت تتأجج بقلبها تحرق روحها بلا رحمه.. 


كانت تظن انه لن يستطيع الابتعاد عنها وسيظل دائماً يلتمس لها الأعذار..اذدرادت لعابها بصعوبه، وجاهدت للتحكم بعبراتها وبتساؤل همست.. 


"عايز تطلقني ليه؟!.. انا عملت ايه يا ابو مالك؟!..انت اللي اتجوزت عليا ودخلت بعروستك اللي ضربتني قبل كده، وكهربتني شيلها علي إيدك قدامي، ومشيت وسبتلكم البيت ورجعت لوحدي علشان باقيه عليك يا أبو ولادي تبقي أخرتها انت اللي عايز تطلقني؟! ، وابويا مين دا كمان اللي عايز تاخدني عنده؟!".. 


اعتلت الدهشه ملامح "غفران" واقترب منها خطوه واحده، وبابتسامه ساخره قال.. 

" انتي بجد بتسألي، ومش عارفه انتي عملتي ايه؟!".. 


همت بالرد عليه عليه فأشار لها بكف يده ان تصمت، وتابع بضيق.. 

"مافيش وقت للرغي دا.. اخلصي واجهزي يله".. 


اقتربت منه هي خطوه حذره ونظرت له بأعين اغرقتها الدمع.. وبندم شديد بدأت تتحدث.. 

"بعترف اني غلطت، وقصرت في حقك كتير، وانت عمرك ما قصرت معايا، وعمري ما تخيلت في يوم انك ممكن تتجوز غيري او تفكر مجرد تفكير انك تطلقني يا غفران"..


اجهشت بالبكاء اكثر، وبصعوبه تابعت.. 

"علشان كده كنت ناويه اغلطت أكتر، وكنت بخطط ازاي اخلص من اللي اتجوزتها عليا".. 


" وفري كلامك دا ملوش عندي اي لزمه.. انا وانتي حياتنا انتهت مع بعض لحد كده، واهلك مستنينا علي فكره علشان انا هطلاقك انهارده مش بكره يا شهد وولادي هيفضلو في خضني لأنك متنفعيش تكوني أم ليهم بدماغك وتصرفاتك اللي تكسف وتعر بلد دي".. 

قالها" غفران" بنفاذ صبر، وغضب عارم.. 


اطبقت جفنيها بعنف لتنهمر دموعها علي وجنتيها بغزاره وبدأت تتحدث بهذيان كمن أوشكت علي فقدان عقلها قائله.. 

"عندك حق.. انا عملت نصايب متتغفرش".. 

رفعت يدها، وبدأت تعد على أصابعها.. 


"معرفتش قيمتك، ولا قدرت عيشتي معاك.. بصيت للي في ايد غيري لحد ما راح اللي في ايدي، واستكترت حب هادي لأختي اول ما شوفته بقيت هتجنن علشان يحبني انا، واقول لنفسي انا اللي استاهل اتحب مش هي،وفكرت نفسي بحبه وعملت المستحيل علشان افرقهم لدرجه اني صورتهم مع بعض، وكنت ناويه افضحهم بس خوفت منك،وصورت مامتك وهي بتستحمي علشان حسيت انها كشفتني وفهمت أني بحاول اقرب من هادي،وكنت ناويه أقول ل "عهد" ان اهلها عايشين بعد ما سمعت مامتك بتكلم مامتها علشان اشوفها مقهوره لما تعرف انك كنت عارف بوجودهم ومخبي عليها فتبعد عنك وتسيبو بعض وترجعلي.. كنت شايفه نفسي ملكة جمال، وانا فيا كل العبر".. 


ارتجف جسدها بقوه من شدة بكائها، وبدأت تردد بتوسل شديد بلا توقف..

"متطلقنيش يا غفران.. خليني علي زمتك علشان خاطر ولادك، وانا هعيش خدامه تحت رجلك العمر كله".. 


حديثها كان بمثابة طعنه حاده لرجولته..انسحبت الدماء من عروقه، وشحبت ملامحه، ونظر لها بصدمه، وعقل غير قادر علي استيعاب ما ألقته علي سمعه.. 


أيعقل كانت عينيها على شقيقه؟!..كانت تفكر به وهي زوجته هو وعلي زمته؟!..

الصدمه جعلته يتسمر مكانه لدقائق.. فأسرعت هي وارتمت تحت قدميه تقبل حذائه مكمله بتوسلها.. 

"انا أسفه بحلفك بالله تسامحني؟".. 


قاطعت حديثها، وصرخت بألم حين جذبها من شعرها بعنف رفعها منه أوقفها علي قدميها جعلها تنظر له.. لترتعد أوصالها،ودب الذعر بقلبها، وادركت انها على حافة الموت عندما رأت النيران المنبعثه من عينيه شديدة الأحمرار دليل علي غضبه العارم.. 


مال برأسه علي إذنها، وبهدوء خطر قال.. 

"وانتي في حضني كنتي بتبقي معايا انا؟"..

ابتلع غصه مريره وجذب شعرها بعنف اكبر جعلها تأن بألم دون إصدار صوت..وبصوت متحشرج تابع.. 

"ولا مع !!".. 


صمت بحسره.. لم يستطيع نطق اسم شقيقه.. لم يشعر بنفسه وبكل كل يحمل من قهر انهال عليها بصفعات مدميه مردداً بنهيار.. 

"قصرت معاكي في اييييه علشان تكسريني بالشكل دا"..


ألقاها علي الفراش ولم يتوقف عن صفعها مكملاً بذهول.. 

"وصل بيكي جبروتك تصوري امي.. امي اللي عاملتك زي بنتها يا بنت ال!!!"..


هتف بها وهو يقبض على عنقها بقبضة يده بقوه كاد ان يزهق أنفاسها.. 

"اضربني وموتني كمان لو دا هيخليك تسامحني".. 

قالتها بصعوبه، وضعف شديد.. 


زاد هو من الضغط علي عنقها بقوه اكبر، وقد عماه غضبه منها وفقد كل ذرة عقل به..


قلبه استمع فجأه لصوت صغاره ينادون بأسمه ببكاء أعاده لوعيه سريعاً، وانتفض مبتعداً عنها لتشهق هي بقوه وتلتقط أنفاسها أخيراً بصعوبه.. 


دار بعينيه بحثاً عن ملائكته الصغار فلم يجدهما..صوتهما كان نجده له مما كان سيفعله بها.. حاوطته العنايه الالهيه وانقذته من ارتكاب جريمه كان سيعقاب عليها بفراقه عن صغاره مدي الحياه.. 


استجمع شتات نفسه، وسار نحو الخزانه جلب منها ثياب لها، واقترب منها قذفهم بوجهها قائلاً بأمر.. 

"البسي بدل ما ورب الكون اخلص عليكي دلوقتي".. 


بوهن اعتدلت جالسه، وخلعت روبها علي عجل، وتعمدت خلع قميصها والقتهما أرضاً، وهبت واقفه وسارت بخطوات متثاقله أمامه ظناً منها انه سيساعدها كمان كان دوماً يفعل إذا شعر بتعبها يوماً، ولكنه هذه المره رمقها بنظره محتقره، واستدار موليها ظهره، وهو يقول بصوت عالِ للغايه جعلها تقفز وتسرع بارتداء ثيابها.. 

"انجززززززي".. 


لحظات وأتاه صوتها المرتجف.. 

"خ خلصت".. 

"تعالي ورايا يا مدام".. 

قالها بنبره ساخره دون الالتفات لها،وسار للخارج بخطوات مهروله تشبه الركض.. 


انتظرت هي حتي اختفي خارج الغرفه.. واقتربت من الخزانه جلبت ثياب من ثيابه الخاصه، والقتها بجوار قميصها، واسرعت بالركض خلفه، وقلبها قبل جسدها يرتجف بفزع وقد أدركت انه لن يتركها على زمته بعد اليوم، ولكنها حسمت أمرها ستفعل كل شئ واي شئ حتي لو وصل بها الأمر للقتل ولكن لن تتركه.. 

.................................

.. بمطار القاهره الدولي..

يسير "عزت البحيري" بجواره زوجته وأبنائه ويتحدث بغضب بصوت خفيض قائلاً..

" مش عايز اسمع صوتك خالص يا وعد.. انا لغاية دلوقتي مش مصدق إزاي خلتيني اشترك معاكي في اللي عملناه في بنتنا الوحيده؟!" ..


"افتكر انك اتسرعت بنزولنا مصر وتسرعك دا مش في صلحنا!"..

قالتها "وعد" ببرود مستفز جعلت "عزت" ينظر لها بصدمه وبذهول قال..

انتي اييييه قلبك الحجر دا اييييه.. يا هانم بنتك محجوزه في المستشفي من امبارح.. عايزه تستني لحد ما البنت يجرالها حاجه وتروح مننا قبل ما تعرف انك انتي واخواتها عايشين؟!"..


اجابته ببوادر بكاء.." انا مقولتش كده.. بس علي الأقل كنا نستني لحد ما زكريا دا يتحاكم"..


أخذ نفس عميق كمحاوله لتهدأته وتيرة غضبه منها، وبتعقل قال..

" احنا كده او كده لازم نظهر لأن القضاء علي علم انكم عايشين..وهيتحكم في قضيتنا انها محاولة اغتيال، وباقي القواضي اللي عليه هتجبلو إعدام فطمني مستحيل يخرج منها"..


صمت لبرهه يلتقط أنفاسه، وبتحذير تابع..

"واوعي تفكري تبعدي عهد عن جوزها.. كلامك اللي بختيه في دماغي من ناحية غفران انا فكرت فيه كويس، واتأكدت إني اخترت لبنتي راجل هيصونها ويحافظ عليها"..


رمقها بنظرة مستهزءه مكملاً ..

" علي الله بس بنتك تحافظ عليه ومضيعهوش هي من ايدها لأنها عمرها ما هتلاقي راجل زيه"..


ارتجف صوت "وعد" بخوف وبتساؤل قالت..

" طيب احنا هنروح ل "عهد" دلوقتي ولا هنعمل ايه؟"..


تنهد بألم، وباسف قال..

" لا هنستني شويه لما اكلم غفران الأول اطمن منه علي نفسية البنت"..

.......................................

.. بشقة علي و هاله..


"تسافر فين يا علي؟!"..

همست بها" هاله" بتساؤل ونظرات مندهشه..

ابتسم لها "علي" واقترب منها قبل جبهتها وبتعقل قال..

" هاله خليني اوديكي ل" عهد" تطمني عليها وانا اروح شغلي علشان متأخرش، ولما نرجع هحكيلك كل حاجه"..


ترقرقت عينيها بالعبرات، وبطاعه حركت رأسها بالايجاب،وامسكت يده ضغطت عليها بقوه محببه وهي تقول..

"بس تحكيلي كل حاجه وتفهمني انت ناوي علي ايه بالتفصيل، وليه كنت بتتعلم تتكلم انجليزي"..


غمز لها بشقاوه قائلاً.. "عنيا يا ست قلبي، وست البنات كلهم".. مسح دموعها العالقه بأهدابها مكملاً..

"وبفضل الله جوزك اتعلم يتكلم انجليزي، وبدأ في الإيطالي كمان"..


ابتمست هي له ابتسامتها الهائمه به عشقاً وبفخر قالت..

"انت مفيش زيك يا علولي.. ربنا يحفظك ليا يا حبيبي"..


وضع يده علي كتفها، وسار بها لخارج شقتهما وبهمس قال باذنها..

"ويحميكي انتي واللي في بطنك يا هاله ولا اتحرم منك أبداً يا رب"..


سارت برفقته بقلب زحف له القلق،وعقل لن ولم يتوقف عن التفكير..

........................................

.. بشقة هادي و رغد..


" في ايه يا هادي.. حاجه حصلت؟"..

هتفت بها "رغد" بخوف وهي تري زوجها يرتدي ثيابه علي عجل بعدما اغلق الهاتف مع شقيقه..


" مش عارف يا رغد.. صوت غفران ميطمنش.. قالي تعالي حالاً وقفل"..


وضعت يدها علي قلبها بخوف، وبتساؤل قالت..

"طيب هتروحله البيت، ولا الشغل.. لو البيت خدني معاك"..


اقتربت منه وتمسكت بقميصه مكمله..

"انا شوفت كابوس انهارده وخايفه.. خدني معاك متسبنيش لوحدي"..


جذبها داخل صدره وضمها بحب قائلاً..

" متخفيش مش هسيبك.. تعالي خليني اساعدك تلبسي علشان ننزل بسرعه ومنتأخرش".. 

...............................

"عهد".. واه من تلك ال "عهد"..

أصرت ان تخرج من المستشفى بعدما انتهي محلولها..

وصل السائق الخاص ب "فاتن" أمام منزلها.. 


" يابنتي كنا استنينا غفران.. علي الاقل كان شالك بدل ما انتي مش قادره تمشي كده"..

قالتها "فاتن" وهي تساعدها لصعود الدرج المؤدي لشقتها..


ابتسمت لها "عهد" وهي تقول.. 

"انتي معايا اهو يا نانا فاتن"..

زمت شفتيها بطفوله واكملت.. 

"وبعدين انا مش عايزه ابنك الظبوطه يشوفني وانا تعبانه كده تاني..هاخد شاور واعمل شعري وهلبس فستان يجنن واستناه".. 


ضحكت "فاتن" وهي تقول.. 

"اه يا شقيه يلي فرحانه علشان عرفتي هو هيعمل ايه انهارده"..


اعتلت ملامح" عهد" الحزن وبصدق قالت..

"هتصدقيني لو قولتلك اني زعلانه، وقلبي واجعني علي غفران"..


ربتت" فاتن" علي ظهرها بحنان..

" هصدقك يا حبيبتي، وانا والله قلبي بيتقطع علشانه، ومكنتش اتمني توصل الأمور بينه وبين شهد لكده أبداً"..

أنهت جملتها، وفتحت باب الشقه، وخطو للداخل سويا..


تسمرت "عهد" مكانها للحظه حين داهمتها رائحة عطر "غفران" التي تحفظها عن ظهر قلب..عطره هذا يأخذه معه اينما ذهب.. وطيلة هذا الاسبوع كان يمكث بشقتهما.. إذن هو اتي الي هنا.. اشتعل قلبها بنيران الغيره،


تناست تعبها وبلمح البصر كانت اندفعت نحو غرفة "شهد"، وفتحت الباب دون سابق أنظار لتتسع عينيها بصدمه من هيئة الفراش والثياب الملقاه أرضاً والتي توحي بأن هنا كان يوجد علاقه زوجيه ملحميه..


البارت ال12.. 


فصل طويل اهو تعويض عن التاخير  ياريت الاقي تفاعل حلو عليه


منتهي العشق!!.. 


"غفران".. 


يسير بخطي مسرعه نحو مكتبه ساحباً بيده "شهد" التي اوشكت علي السقوط اكثر من مره أثناء ركوضها خلفه..


قابض علي يدها بقوه كادت ان تهشم عظامها.. تجاهد هي لتتحمل ألم يدها، ولكنها فشلت فخفضت رأسها وبدأت تبكي بصمت.. 


وصل لمكتبه فدفع الباب بقدمه بعنف جعل

"سعديه، واحمد" ينتفضان بفزع،وتتسع اعينهما بصدمه حين اقتحم المكتب عليهما فجأة، وصفق الباب خلفه، وبلحظه كان استدار وصفع" شهد" صفعه مدميه ارتمت علي أثارها ارضاً بعنف تحت اقدامهما.. 


شهقت "سعديه" وركضت نحو ابنتها جلست جوارها تضمها لحضنها بلهفه، وببكاء قالت.. 

" ليه كده يا غفران يا ابني.. دا انت من ساعة ما اتجوزت بنتي، وانا بشكر فيك وفي أخلاقك وبقول مستحيل تمد ايدك علي وحده ست أبداً ؟!".. 


"بنتك تستاهل القتل مش الضرب بس، وانتي أكيد كنتي علي علم بكل قرفها دا وسكتي".. 

قالها" غفران" بصوت خفيض لا يخفي غضبه العارم.. 


اقترب "احمد" من شقيقته الباكية بنحيب.. بهدوء خطر وتحدث متسائلاً.. 

"شهد عملت ايه بالظبط يا غفران؟!"..


لم يجب "غفران" علي سؤاله،صمت لبرهه يلتقط أنفاسه ومن ثم قال بصوت عالِ للغايه..

"يا عسكري هات المتهم حالاً".. 


ساد الصمت المكان يقاطعه أنفاس "غفران" المتلاحقه، وصوت بكاء "شهد" التي ساعدتها والدتها علي النهوض، واجلستها علي أقرب مقعد، وجلست جوارها بجسد يرتجف من شدة توترها.. 


بينما اقترب "احمد" من "غفران" وربت علي كتفه مردفاً بصرامه.. 

" أهدي يا صاحبي وحقك هيجيلك لحد عندك".. 


"انا مش عويل علشان استني حقي يجيلي.. انا باخد حقي بأيدي يا احمد".. نظر ل "شهد" التي تنظر له تستجديه ان يعطيها فرصه أخري، وتابع بوعيد.. 

"وزي ما دوقتك جنتي يا شهد.. هدوقك ناري اللي هتحرقك وتشوه جمالك اللي بيخدع كل اللي يشوفك".. 


سار عدة خطوات وجلس علي كرسيي مكتبه حين استمع لطرقات علي الباب جعلته يتحدث بصوته الصارم قائلاً.. 

"ادخل".. 


خطي العسكري خلفه "زكريا" يسير بهنجعيه وغرور.. توقف أمام مكتب" غفران" القي التحيه العسكريه قائلاً.. 

" المتهم يا فندم".. 


قال" غفران" بعمليه.. "فك الكلبشات وانصراف يا عسكري".. 

قام بفك القيود الحديديه من يده وسار نحو الخارج غالقاً الباب خلفه.. 


" خير يا غفران قالولي انك عايز تقابلني".. 

قالها "زكريا وهو يجلس على المقعد المقابل ل

"غفران"،وتنقل بعينيه بينه وبين سعديه وابنتها وحتي احمد مكملاً بسخريه.. 

"بس واضح ان عندك ضيوف"..


ابتسم" غفران" بصطناع واعتدل بجلسته مستداً بظهره علي كرسيه بوضع اكثر راحه وهو يقول.. 

"لا دول مش ضيوف يا زيكو"..

نظر ل"سعديه" حتي تتحدث..


"شوفت اخرة عاميلك السوده وصلتك لفين يا زكريا".. 

قالتها "سعديه" بنبرة شامته جعلت "زكريا" يضيق عينيه وينظر لها بتمعن وهو يقول.. 

" الصوت دا مش غريب عليا".. 


ابتسمت له ابتسامه زائفه، وهبت واقفه اقتربت منه وقفت أمامه، وأردفت بحده.. 

"انا سعديه اللي اتجوزتها من ورا مراتك، ولما حملت منك طلقتني ورمتني بعد ما خليت اللي شاغلين عندك يضربوني علشان يسقطو اللي في بطني".. 


نظرت ل "شهد" التي توقفت عن البكاء وترمقهما بنظره مليئه بالكره،وتابعت بأسف.. 

"بس ربنا أراد أنها متنزلش وتفضل عايشه وتورث منك عمايلك المهببه وتبقي عملي الأسود في الدنيا؟!".. 


قاطعها" زكريا" بأشاره من يده وتحدث بملل.. 

"كفايه رغي خلاص افتكرتك".. غمز لها بعبث مكملاً.. 

"انا مكدبتش عليكي وقولتلك انك هتكوني زوجه لمتعتي وانتي واهلك وافقتو.. يعني كنت صريح معاكي من بداية جوازنا يا سوسو"..


"ما تحترم نفسك يا راجل يا مهزء انت بدل ما أقل منك وامد ايدي عليك"..

قالها "احمد" بغضب وهو يجذب والدته خلف ظهره يخفيها عن أعين" زكريا" المتفرسه لها.. 


خبط" غفران" علي المكتب بيده وبصرامه قال.. 

"قعد والدتك، واقعد يا احمد من فضلك".. 

نظر ل "زكريا" واخذ نفس عميق وبتعقل قال.. 

" اسمعني كويس يا زكريا.. انت تقريباً مافيش جريمه ماعملتهاش.. تجارة،سلاح ومخدرات، قتل وسرقه واغتيال لحد ما خسرت ابنك، وكل دا ومحدش كان عارف يمسك عليك غلطه والوحيد اللي قدر يقبض عليك ويجيبك هنا".. 


أشار علي نفسه بكلتا يده وتابع بأسف.. 

"جوز بنتك، وابو احفادك..تخيل!"..

أشار علي شهد بسبابته.. 

" بنتك دي اللي واخده منك كل صفاتك اللي تقرف.. زرعتك الفاسده اللي بلتنا بيها، واللي انا ناوي اقطعها من جدورها".. 


لم يستمع" زكريا" من حديثه سوا كلمة أحفاد.. اعتلت ملامحه فرحه غامره، وبلهفه قال.. 

"احفادي.. انا عندي أحفاد؟!".. 


لم يجيب "غفران" على سؤاله، وهب "غفران" واقفاً وسار نحو شهد التي انكمشت على نفسها بخوف جذبها من شعرها بعنف وسار بها حتي وصل ل

"زكريا" ودفعها عليه بقوه مردداً.. 

"ميشرفنيش ان بنتك تشيل اسمي بعد انهارده.. 

بنتك طالق يا زكريا..انتي طالق يا شهد".. 

.......................................

"هادي".. 

صف سيارته أمام منزل والدته ونظر لزوجته قائلاً بأمر.. 

"استني متنزليش.. انا هنزل واساعدك تنزلي".. 


"خليك انت يا حبيبي، وانا هنزل علشان متتاخرش علي أخوك، وابقي طمني".. 


لم يستمع لحديثها.. وهبط من السياره وفتح لها الباب امسك يديها وسار بها لداخل المنزل وهو يقول.. 

"علي مهلك وانتي طالعه، ولو في اي حاجه كلميني علي طول".. 


" حاضر.. بس خلي بالك انت من نفسك ومتتاخرش عليا.. ومتنساش تطمني يا هادي".. 

قالتها "رغد" بلهفه، وبخوف ظاهر بنبرة صوتها.. 


قبل جبهتها قبله طويله مردفاً بابتسامه حانيه.. 

"متخفيش يا حبيبتي حتي لو اتأخرت هرجعلك بإذن الله".. 


أنهى جملته وسار نحو سيارته بخطوات شبه راكضه متجه نحو شقيقه.. 

................................... 

.. بفيلا تابعه ل عزت البحيري.. 


تقف "وعد" أمام "عزت" الذي يرتدي ثيابه عاقده زرعيها أمام صدرها تحدثت مستفسره.. 

" انت رايح فين يا عزت؟".. 


اجابها "عزت" ببرود.. " رايح لبنتي يا وعد".. 


اذداردت "وعد" لعابها بخوف مردفه.. 

"انت مش قولت هتستني شويه ومش هتقولها دلوقتي إلا لما تطمن عليها؟".. 


"عزت" بتعقل.. "اقصد مش هقولها علي وجودك انتي واخواتها.. لكن انا مش هسيب بنتي اكتر من كده لازم اطمن عليها".. 


امسكت يده وهمست بصوت متحشرج بالبكاء.. 

"طيب استني ونبقي نروحلها سوا".. 


بعد يدها عنه وانتهي من ارتداء باقي ثيابه، وبأسف قال.. 

" ممكن متقبلناش في حياتها تاني لما تعرف بوجودكم واللي عملناه فيها.. فخليني أكون جنبها واعوضها شويه عن بعدنا عنها كل الفتره دي".. 

........................................ 


عهد"..


تلك الأنثى الشرسه العنيده..


أغار منه عليه..

وحتي عليه من نفسه أغار!!.. أغار، وغيرتي حتي من ثيابك، ورائحة عطرك حتي من الهواء الذي يعبأ رئتيك..


بالرغم من إني أمتلكت تلك المنطقه التي تقع بالجانب الأيسر من صدرك..إلا أنني لا زلت أغار!!.. 


أعلم جيداً أن المرأة لا تولد شريرة، وإنما تصبح كذلك عندما تغار..


الغيرة اشتعال المرأة ولهذا النار أن تحبك امرأة غيورة، أما الجحيم أن تحبها أنت..


"يابنتي اهدي وصلي علي الحبيب واستني لما غفران يجي وافهمي منه ايه اللي حصل علشان انا متأكده ان ابني مستحيل يلمسها.. دا قالي انه هيطلقها الليله يبقي ازاي يحصل بنهم حاجه بس".. 

قالتها "فاتن" بحيره وهي تربت على ظهر "عهد" الباكيه بنحيب.. 


لتنتفض بفزع وشهقت بعنف حين تحدثت" عهد" فجأه بصراخ قائله.. 

"ما انا هاديه اهو ومستنياه يجي يا نانا، واطمني انا واثقه انه ملمسهاش رحته مش في الهدوم اللي في الاوضه اصلاً.. بس انا عايزاه يجي يفهمني".. 

قفزت في مقعدها اكثر من مره مردده.. 

"اهدي اكتر من كده ايه يعني؟!.. خلي الظبوطه ابنك يفتح تليفونه علشان نكلمه يجي وانا هاديه علي الأخر اهو".. 

أنهت جملتها وصكت علي أسنانها بغيظ صادرة صوت كأنها تستعد للانقضاض علي أحدهم.. 


تصنعت "فاتن" الخوف وهي تقول.. 

"اه يا حبيبتي فعلاً باين الهدوء عليكي"..

اكملت بسرها.. 

"سترك علي ابني من عهوده يارب".. 


نظرت "عهد" ل" رغد" الجالسه بصمت وبابتسامه من بين دموعها قالت.. 

"انا عارفه انك طيبه وكيوته يا رغد".. 


ابتسمت لها "رغد" وهي تقول.. 

"عرفتي منين؟.. اكيد من ماما فاتن".. 

اجابتها" عهد".." لا من هاله صحبتي مرات علي".. 


"رغد" بدهشه.. "هاله دي صحبتي وحبيبتي.. انتي تعرفيها منين ؟!"..


" عهد".. "اه اعرفها بقولك صحبتي.. واعرفها منين دي حكايه طويله مش فاضيه احكيها دلوقتي علشان انا بعيط.. هاله زمنها جايه تبقي تحكيلك هي".. 


انهت جملتها وبكت بصراخ مردده.. 

" ابنك الظبوطه هيجي امتي يا نانا بقي".. 

"فاتن" ببكاء مصطنع.." والله بدعي من قلبي يجي دلوقتي قبل ما ودني تبوظ يا عهوده يا بنتي".. 

.............................. 

" شهد".. 

تسير بجانب والدتها وشقيقها بصمت تستمع لحديث والدتها الغاضب.. 

"قولتلك زكريا عمره ما هيعترف بيكي، ولا هيقبلك بنت ليه مسمعتيش كلامي،واديكي خسرتي كل حاجه ياشهد، و غفران اللي كان عاملك قيمه طلاقك ورماكي بالهدوم اللي عليكي وخد منك ولادك".. 


ابتسمت" شهد" ابتسامه شريره وبثقه قالت.. "غفران هيردني يا سعديه،وهتشوفي"..

مالت على أذنها مكمله بصوت خفيض.. 

" يلي وافقتي تكوني جوازة متعه لزكريا".. 


نظرت لشقيقها وبأمر قالت.. 

" تعالي وديني بيت جوزي يا احمد".. 


اعتلت ملامح" احمد" الدهشه، وبتساؤل قال.. 

" جوزك مين يا شهد؟..انتي عقلك خف ولا ايه..غفران طلاقك وارتاح منك وقرفنا احنا بيكي".. 


"شهد" بأصرار.. "وانا هترمي تحت رجليه وابوس جزمته واعمل المستحيل لحد ما يرجعني.. هتوديني ولا اروحله لوحدي".. 

انهت جملتها ولم تنتظر رده وسارت من أمامهم بخطوات مسرعه.. 


سعديه وهي تدفع احمد برفق.. "الحقها يا احمد متسبهاش يا ابني لتعمل نصيبه".. 

........................................ 

" غفران.. انت كويس؟".. 

قالها "هادي" بلهفه وقلق بادي على صوته.. 


تنهد" غفران" بصوت عالِ وهو يجيبه.. 

"هبقي كويس بمشيئة الله".. 

صمت لبرهه وتابع برتياح ظاهر علي محياه.. 

" انا طلقت شهد".. 


اعتلت الصدمه ملامح" هادي" وأردف مستفسراً.. 

"ليه؟.. ايه اللي حصل؟".. 

نظر له" غفران" قليلاً وبعتاب قال.. 

"انت عارف، وعارف كمان ان دا اللي كان لازم يحصل يا هادي"..


امتلئت اعين" هادي" بالدموع وبرجاء قال.. 

"حقك عليا يا غفران متزعلش مني..بس والله انا مكنتش اعرف ان شهد من جواها فظيعه بالشكل دا".. 


"بس عرفت، واكيد حسيت يا هادي بلي في دماغها نحيتك وفضلت ساكت، ومقولتليش".. 

قالها" غفران" بغضب.. 


خفض" هادي" رأسه وهو يقول.. 

"ايوه فهمت اللي في دماغها بس خوفت أقولك متصدقنيش، وخوفت عليك لو صدقتني تتهور وترتكب جريمه".. 


هب واقفاً واقترب منه قبل رأسه، وببكاء تابع..

"حقك عليا يا أخويا متزعلش مني.. والله انا سكت من خوفي عليك".. 


"غفران" بهدوء.. "اهدي يا حبيب اخوك انا عارف، وواثق فيك وعمري ما كنت هكدبك أبداً".. 

ربت علي كتفه برفق وتابع بأسف.. 

" الغلط غلطي انا من البدايه يا هادي.. انا اللي اتسرعت بجوازي من شهد ومسمعتش للمثل اللي بيقول حاسب قبل ما تناسب.. وعايزك تاخد بالك ومتقعش في نفس غلطي، ونبعد عن اي حاجه تربطنا بالنسب دا".. 


تفهم "هادي" مقصده فحرك رأسه بالنفي سريعاً وهو يقول.. 

"لا يا غفران رغد غير اختها خالص".. 


" غفران".. " اديك قولت بنفسك.. اختها.. عموماً خد بالك وحرص برضو.. واتمني من ربنا ميضركش فيها يا حبيبي".. 

................................. 

" انتي ايه اللي جابك هنا تاني يا شهد؟".. 

قالتها "فاتن" بغضب، وهي ترمقها بنظره مستحقره... 


بكت" شهد" وهمت بالرد عليها، ولكنها صرخت فجأه برعب،وهي تري" عهد" تركض بتجاهها بكل سرعتها بعدما قامت بأدخال الصغيران الي غرفتهما واغلقت الباب عليهما، وهجمت عليها اسقطتها أرضاً على ظهرها وجلست فوقها وبدأت تلكمها بقوه لكمات متتاليه سريعه جعلت صرخاتها تزداد بألم حاد.. 


" جايه ليه يا حيه انتي.. مش طلاقك وخلصنا منك".. 

قالتها "عهد" اثناء لكمها.. لتسرع "رغد" نحوهما حتي تخلص شقيقتها مردده.. 

"سبيها يا عهد".. 

فامسكتها "فاتن" بلهفه مغمغمه.. 

"ملكيش دعوه انتي يابنتي لتتخبطي انتي مش ناقصه.. اتصلي علي جوزك خليه يجيب غفران ويجي بسرعه"..


حركت "رغد" رأسها بالايجاب، وأمسكت هاتفها وطلبت رقم زوجها بيد مرتعشه.. 


حاولت "شهد" الدفاع عن نفسها وابعاد عهد عنها وهي تقول.. 

" انا ام عياله وهفضل ام عياله غصب عن الكل،ودا سبب كافي يخلي غفران يرجعني علي زمته.. بس ابعدي انتي عننا و روحي شوفي اهلك اللي عايشين ومفهمينك انهم ماتو".. 


صدمه جعلت "عهد" تتوقف عن لكمها لتحاول "شهد" تبعدها عنها مردده ببكاء.. 

"اااه ابعدي عني بقي مبقاش فيا حتي سليمه منك لله".. 


"عهد؟!".. 

قالها "عزت" الذي خطي لداخل عبر الباب المفتوح حين لمح ابنته تجلس فوق امرأه وتكيل لها الصفعات.. لتنهمر عبراته بغزاره عندما استمع لجملة" شهد" التي القاتها علي سمع ابنته جعلتها كمن فقدت النطق والحركه من شدة صدمتها.. 


رفعت رأسها ببطء ونظرت تجاه صوت والدها.. ليسرع "عزت" واقترب منها حملها بعيداً عن "شهد" وضمها لصدره مغمغماً.. 

"واحشتيني يا حبيبتي".. 


لم تبادله حضنه.. تقف كالصنم بين يديه، وبهمس قالت.. 

"اهلي عايشين؟!.. ابتعدت عنه ونظرت له.. 

" مامي واخواتي عايشين؟!".. 


اذداد بكاء" عزت" وبتوسل قال.. 

" خليني اشرحلك يا عهد؟!".. 

قاطعته بهدوء مريب دب الذعر بقلبه حين قالت.. 

"عايزه اشوفهم..من فضلك يا بابي كلمهم فيديو كول حالاً".. 


هم" عزت" بالحديث.. لتوقفه هي قائله برجاء.. 

"ارجوك عايزه اشوفهم"..


حرك رأسه بالايجاب، واخرج هاتفه طلب إحدي الأرقام.. لتسرع عهد وتخطف من يده الفون تطلع به باعين زائغه وقد بدأ وجهها بالشحوب شيئا فشيئاً، وجبهتها تتصبب عرقاً غزيراً.. 

................................ 

"ايوه يا رغد..معلش كنت بتكلم مع غفران، ومكنتش عارف ارد عليكي.. احنا جاين في الطريق".. 

هتف بها "هادي" اثناء قيادته.. 


ليأتيه صوت والدته الباكي تقول بلهفه.. 

"غفران معاك يا هادي؟!".. 


نظر "هادي" لشقيقه، وضغط علي زر المايك مغمغماً.. 

"ماما بتسأل عليك وبتعيط يا غفران".. 


ارتعد قلب "غفران" وامسك الهاتف وهم بالرد عليها.. ليصعق حين اخترق صوت صراخ "عهد" قلبه قبل أذنه مردده بهذيان.. 

"ابعدو عني اللي هيقرب مني هرمي نفسي.. 

انا عايزه غفران.. هتولي جوزي.. انا عايزه غفرااااان".. 


"زود السرعه يا هادي".. 

هتف بها "غفران" وهو يضرب علي المقود بعنف، وبلهفه تحدث بالهاتف قائلاً.. 

"امي افتحي المايك وخلي عهد تسمعني".. 


على الفور فتحت "فاتن" المايك وهي تقترب بخطوات حذره من "عهد" الواقفه فوق سور سطح المنزل، وتحدثت ببكاء.. 

" غفران اهو يا عهد.. اتكلم يا ابني الله لا يسيئك".. 


بأنفاس متهدجه من شدة فزعه عليها تحدث "غفران" بصوت عالِ.. 

"عهد انا جايلك في الطريق.. ثواني واكون عندك يا حبيبتي ".. 


صرخت هي بنهيار شديد مردده.. 

"تعالي بسرعه انت سيبني لوحدي، وانا خايفه من غيرك يا غفران".. 


وصل" هادي" أمام منزل والدته.. قفز

"غفران" من السياره اثناء سيرها، وركض علي الدرج  وهو يقول.. 

" اهدي انا وصلت يا عمر غفران".. 


" احنا في أخر دور يا غفران.. اطلع بسرعه".. 

قالتها "فاتن" ببكاء شديد.. 

ركض بكل سرعته نحو المصعد خطي لداخله، وضغط علي زر الطابق الأخير.. 

لحظات مرت عليه من أطول اللحظات بحياته حتي وصل المصعد للطابق المقصود.. 


اندفع نحو الخارج  يبحث عنها ليتسمر بمكانه حين وجدها تقف على حافة السور.. 


سقط الهاتف من يده وانقطعت أنفاسه ولكنه تمالك نفسه سريعاً.. رسم ابتسامه علي محياه ،وفتح زراعيه لها واقترب منها ببطء مغمغماً بتوسل.. 

"عهد تعالي في حضني".. 


اجهشت بالبكاء وبصعوبه قالت من بين شهقاتها.. 

"انا خايفه... خدني من هنا".. 

تنقلت بنظرها بين والدها ووالدتها الواقفان يبكيان بنحيب، وتابعت بتوسل.. 

"خبيني منهم يا غفران مش عايزه أشوفهم".. 


ظل يقترب منها بترقب، وهدوء حتي وصل لها، وبلمح البصر جذبها من خصرها لداخل حضنه، وضمها بل اعتصرها بين ضلوعه.. 


بادلته هي عناقه هذا بقوه، تستجديه ان يخفيها بداخله، وبهمس قالت بأذنه.. 

"مش عايزه افضل هنا".. 

عدل وضعها داخل حضنه ملتف بكلتا قدميها حول خصره، وركض بها فجأه نحو المصعد، وضغط على الطابق الأول.. 


فور انغلاق الباب، احكم يده حول خصرها، ويده الأخرى امسك بها وجهها مردداً بهمس.. 

"بصيلي يا عهد".. 

رفعت وجهها ونظرت له بأعين تنهمر منها عبراتها بغزاره، وبعتاب همست.. 


"كنت فين وسيبني.. كلمتك كتير تليفونك مقفول".. 


لم يفكر مرتين، وهو يميل بوجهه على شفتيها ولثمهما بمنتهي العشق بقبله ناعمه يحاول أن يطمئن قلبه بها انها حقاً بين زراعيه، وتحدثه ولم يصبها مكروه، واجابها من بين قبلاته لها علي زوايه فمها.. 

"حقك عليا..انا اهو في حضنك".. 


ابتعد عنها على مضض حين انفتح باب المصعد..سار بها للخارج متجه نحو سيارته الأخرى التي يتركها بحوزة والدته،وفتح الباب واجلسها بحذر، واستدار سريعا وجلس بمقعد السائق.. 


يقود سيارته بضراوه، وعينيه تتابع تلك الجالسه بجواره تبكي بصمت، دموعها تهبط علي وجنتيها دون توقف.. لأول مره يراها هادئه هكذا..لم تغضب وتصرخ بوجهه كعادتها وهذا جعل القلق يزحف لقلبه..بل شعر بألم حاد يعتصر ذلك النابض بعشقها..


تتعمد عدم النظر له لتزيد عذابه اكثر بحرمانه من نظرة عينيها التي هي بالنسبه له نعيمه الخاص .. تكتفي بالنظر للطريق بشرود..


اعتدلت جالسه فجأه بلهفه حين لمحت عائله صغيره مكونه من زوج وزوجه وابنائهم الثلاث يجلسون على إحدي الارائك المطله على النيل.. يظهر بينهم الحب الأسرى الشديد..


"اقف هنا لو سمحت".. غمغمت بغصة ملؤها الأسى..

أطبق جفنيه بعنف حين شعر بمدي تألمها الظاهر بنرة صوتها، وتوقف بسيارته على الفور..


ظلت تتابع تلك الأسرة بابتسامه باهته، وبقهر وحسره قالت..

"سبوني كلهم لوحدي وسافرو من غيري"..


"انتي مش لوحدك انا معاكي"..

قالها بلهفه وهو يمسك يدها بين قبضته و أصابعه تتخلل أصابعها و تشتبك بهم بقوة..


حركت رأسها ببطء.. حبس هو أنفاسه وانتظر ان ترأف بحاله ولو قليلاً وتنظر لعينيه..

وأخيراً رفعت وجهها ونظرت له بعتاب ودموعها تنهمر على وجنتيها بغزاره مردده بعدم تصديق..

"كنت عارف انهم عايشين؟!"..


"هششش اهدي وبطلي عياط خليني أفهمك"..

قالها وهو يقبل باطن يدها بعمق مرات متتاليه،وغمز لها ببعض المرح مكملاً ..

"لو مبطلتيش عياط هسكتك انا بطريقتي اللي نفسي بصراحه تجربيها بما اننا بقالنا شويه متجوزين بالأسم بس، وشقتنا قريبه من هنا علي فكره.. اخدك واختفي بيكي هناك ونقضي احلي شهر عسل"..


صمت فجأه وظهرت الصدمه علي ملامحه حين استمع لصوتها الهامس تقول بخجل وبكاء..

"موافقه.. خدني واختفي بيا انا موافقه"..


البارت ال13..


ليلة غرام!!.. 


.. بشقة فاتن.. 


ارتمي الجميع على الارائك برتياح بعدما قام "غفران" بإنقاذ "عهد".. 


يجلس عزت بجوار زوجته الباكيه، و فاتن تجلس بين هادي وزوجته اللتان يحاولان إيقافها عن البكاء.. 

بينما تجلس "شهد" أرضاً غير قادره على التحرك بسبب الآلام المبرحه بجسدها.. بجوارها شقيقها ممسك يدها يحثها على النهوض.. 


ساد الصمت قليلاً قاطعته "وعد" متسائله.. 

"هو خد بنتي وراح بيها على فين يا عزت ؟.. انا لسه عند كلامي غفران مش هيكون زوج ل عهد".. 


"بنتك؟!!.. دلوقتي افتكرتي انها بنتك؟".. 

قالتها "فاتن" بذهول مصطنع، وهي ترمقها بنظرات مستحقره.. 


اعتلت ملامح "وعد" الغضب، وتحدث بحده قائله.. 

"ايوه بنتي، وهتفضل بنتي، وانا مامتها، وانتي متحكميش علي تصرف غيرك من غير ما تكوني في مكانه، ولا تعرفي ظروفه ايه".. 


" فاتن" بصرامه، وعدم اقتناع.."اللي عملتيه في بنتك ملوش اي مبرر في نظري لأن اللي عرفته ان بنتك كانت بتحاول تنتحر بأي طريقه، وانتي فضلتي ساكته ومظهرتيش حتي علشان تلحقيها، ولما ظهرتي عايزه تبعديها عن جوزها اللي اتحامت فيه منك انتي وأبوها".. 


" وانتي بقي شايفه ان ابنك هو اللي هيحافظ علي بنتي، ويحميها مننا هه بعد اللي عامله في مراته المرميه في الأرض دي؟!".. 

قالتها "وعد" بنبره ساخره، وهي تشير بسبابتها على "شهد" التي ساعدها شقيقها واجلسها على اقرب مقعد.. 


نظرت ل" عزت" الخافض رأسه بخزي مكمله..

" مش بعيد يعمل كده في بنتي هي كمان، وانا مش هسمحله أبداً ".. 


نظرت "فاتن" ل"شهد" وتحدثت بأسف.. 

" اللي هي فيه دا مش ابني السبب فيه.. دا نتيجه أفعالها اللي وصلت الأمور بينها وبين غفران للطلاق".. 


ابتسمت لها "شهد" ابتسامه زائفه، وتحدثت بأصرار.. "وانا هنا علشان أصلح اللي عملته، وارجع لجوزي بأي طريقه".. 

نظرت ل "وعد" وتابعت بتهديد.. 

"حتي لو هقتل اللي هتفرقني عن جوزي".. 


رمقها "هادي" بنظره حارقه وبصرامه قال.. 

" غفران مبقاش جوزك يا شهد، وبصراحه انا مش عارف انتي هنا بتعملي ايه!! "..نظر ل "أحمد" مكملاً.." متزعلش مني يا أحمد بس انت اكيد عارف اللي فيها".. 


هم "أحمد" بالرد عليه لكن جملة القتها "شهد" بستفزاز جعلته يصطك على أسنانه بغيظ شديد حين قالت.. 

"مش همشي وهفضل هنا لحد ما غفران يجي، وهيردني بالعند فيك انت وأمك".. 


لهنا ولم يعد يتمالك نفسه، وبلحظه كان لكمها بقوه على وجهها جعلها فقدت وعيها في الحال تحت نظرات "وعد" المنذهله.. صرخت "رغد" وركضت نحوهما مردده ببكاء.. 

"ليه كده يا أحمد؟".. 


بعدها "أحمد" برفق، وحمل "شهد" ونظر لها وبتعقل قال.. 

"انا أولى بأختي يا رغد..آن الأوان اوقفها عند حدها"..

أنهى جملته وسار بها للخارج.. لتسرع "رغد" بالسير خلفهما.. ليوقفها هو بأمر.. 

"خليكي مع جوزك يا رغد".. 


تمسكت "وعد" بيد زوجها، وهمست بخوف قائله.. 

"انا عايزه بنتي يا عزت.. هاتلي بنتي".. 

"اخررررررسي بقي".. 

قالها" عزت" بغضب، ونفاذ صبر، وهب واقفاً وتابع بفخر.. 

"بنتك مع جوزها اللي هيبقي سندها وحمايتها حتي مننا زي ما مدام" فاتن" قالت، وانا مطمن عليها طول ما هي مع غفران، وخلص الكلام يا وعد، ويله قدامي على البيت".. 

...................................... 

.. بسيارة غفران..

 

"عهد"..


توردت وجنتيها وهي تري غفران يرمقها بنظرات لهفه واشتياق شديد رغم أن هناك حزن بقاع قلبه التمسته هي بقلبها إلا أنه يخفيه عنها ببراعه ويرسم على محياه ابتسامه شغوفه بها..


شهقت بصوت خفيض حين مال برأسه عليها حتي أصبحت أذنه أمام شفتيها جعلها تهمس بخجل..

" غفران احنا في العربيه"..


لم يكن يبالى لحديثها لعلمه أن الزجاج العاتم يمنع الرؤية لمن خارج السيارة.. اقترب منها اكثر حاصرها بجسده، وهمس مستفسراً..

"موافقه نقضي شهر عسل يا عهدي؟"..


رفعت يدها، ودفعته بصدره بضعف كمحاوله منها لابعاده عنها مغمغمه بصوت مرتجف..

"غفران أعقل"..


سار بأنفه على وجنتيها الملتهبه..علت أنفاسها و هي تستشعر الحراره المنبعثة من جسده الآخذ بالاقتراب منها..

"بقالي 33سنه عاقل، وعايز اتجنن علي ايديكي انتي الليله يا عمر غفران.. قولي انك موافقه اتجوزك مش على الورق بس يا عهد"..

قالها "غفران" هامساً بحميميه من بين قبلاته المتفرفه على وجنتيها،وأنفاسه المهتاجة الملتهبه تصفع وجهها.. 


أطبقت جفونها فوراً و هي تتنفس بعمق خشية أي خطوه قد يقدم عليها تالياً..

بينما رفع "غفران" يده واحتضن وجهها بين كفيه مكملاً بهمس..

"فتحي عيونك وبصيلي"..

اخذ منها الأمر لحظه واحده فشلت بها بالسيطره على مشاعرها التي تتأجج بعشقه، وبلهفه امسكت ياقته تقربه منها بشوق، وهي تأخذ نفس عميق يحمل عبق رائحته الرجوليه..


فتحت عينيها ببطء ونظرت له باعين تصرخ بعشقه.. إزدردت لعابها بتوتر و هي تمتثل بكل أرادتها للسحر الذي يبثه لها بنظراته العاشقه لكل ذره بها..


"انا بحبك، وموافقه اتجوزك في كل الحالات يا ظبوطه"..

قالتها "عهد" بهمس يكاد يسمع.. 

كلماتها، و الطريقة التي تفوهت بها أطارت اللب من عقله و مسحت من ذاكرته كافة ضيقه، وحزن قلبه..


ليجتاح شفاها بشفاهه بجنون، وشراسه اذابتها بين ذراعيه مفرغاً بها جام شوقه وعشقه.. إستقبلت هي كل هذا دون أدنى اعتراض، وكل منهما يحاول إثبات حبه الأكبر للأخر..


تحركت يده على عنقها، ثم إلى صدرها، ثم إلى خصرها حتي تحولت هي إلى قطعة من الفولاذ المنصهرة بين يديه..أصبح الاثنان في حاله يرثي لها من قوة المشاعر.. كلاً منهما لا يدري متي معني الاكتفاء من الأخر او قطع قبلاتهم التي تحولت لصراع بين عاشقان..


على مضض أبعدها عنه برفق حين رن انذار الخطر بعقله.. وضع جبهته علي جبهتها وهو يقول بأنفاس متسارعه..

"خليني اخطفك لمكان يجنن نقضي فيه احلي شهر عسل"..

غمز لها بمكر مكملاً بشقاوه.. 

"هو انا قولتلك قبل كده إني بحبك".. 


حركت رأسها بالنفي، وقد تبخر صوتها من شدة خجلها.. هندم لها ثيابها مغمغماً بعشق.. 

"الليله ليلة غرامي بيكي يا عهد".. 


 ليقوم بتشغيل المحرك من جديد و ينطلق بها قاصداً مكان خاص سيكون مفاجأة ولا أروع لمعشوقته.. 


انتهي البارت..


البارت ال14..


طمأنينة!!..


حان وقت التئام الجروح النازفه..سيمحي كلاً منهما عن الأخر تلك الوخزات المؤلمة التي تغزو صدرهما حتي تسكن الطمأنينة أعماق قلبهما..


.. فلاش باااااااااااك..


"عهد"..


تقف أمام والدتها التي أتت على الفور بعد مكالمة "عزت" لها فيديو كول وحين فتحت الخط ارتعد قلبها حين رأت ابنتها تتطلع لها عبر شاشة التليفون بنظرات منذهله..


"سبتيني لوحدي ليه؟!.."..

قالتها "عهد" بملامح جامده، وهي ترمقها بنظره خذلان..


رفعت "وعد" رأسها ونظرت لها نظره يملؤها الندم مغمغمه..

"يابنتي اخواتك هما اللي كانوا مستهدفين مش انتي ، وكان لازم أهرب بيهم في سريه تامه علشان مننكشفش، ولو كنا قولنالك يا حبيبتي كنتي ممكن تقعي بالكلام مع اي حد بكل سهوله، وتعرضي اخواتك فعلاً للخطر"..


ابتسمت "عهد" بصطناع وهي تقول..

"انتي بتقولي ايه؟! انتي سامعه نفسك؟!..مفكرتيش فيا وانتي سيباني لوحدي.. مصعبش عليكي وجع وحسرة قلبي عليكم اللي خلتني اتمني الموت، وأحاول انتحر اكتر من مره!!"..

هبطت دمعه حارقه من عينيها مسحتها سريعاً وهي تتنقل بنظرها لوالدها..

"وسيادتك يا معالي الوزير وافقتها بسهوله كده وسبتني انت كمان وسافرت وراها؟"..


حاول" عزت" إيجاد إجابه لسؤلها، ولكنه عجز عن الرد عليها..

" يارتني كنت مت ولا فضلت عايشه لليوم اللي أهون عليكم فيه بالشكل دا".. 

قالتها "عهد" ببكاء شديد.. لتسرع "وعد" وتقترب منها مردده بلهفه..

"بعد الشر عليكي.. حقك عليا يا حبيبتي..

تعالي في حضني يا بنتي"..

همت بحتضانها..  لتركض"عهد" مبتعده عنها سريعاً وبصراخ بدأت تتحدث..

" متقوليش حبيبتي ..انا عمري ما حسيت انك بتحبيني زي اخواتي.. واللي عملتيه فيا دا أكدلي أن احساسي كان صح"..


انقبض قلب والدها من هيئتها التي تدل على انهيارها..وأسرع هو الأخر نحوها، وجذبها داخل حضنه رغم اعتراضها وهو يقول..

"حقك عليا انا يا بنتي؟"..

قطع حديثه حين فلتت "عهد" من بين يده وركضت لخارج الشقه بكل سرعتها وهي تصرخ مردده..


" غفرااااااان انت فين تعالي ابعدهم عني.. مش عايزه اشوفهم"..


.. نهايه الفلاش بااااك.. 


.. دقائق قليله قضاها غفران بشراء الكثير من الثياب والطعام له ولزوجته التي لم تغادر السياره.. فقد خرج بها بمنامتها البيتيه دون حجابها، وحمد الله كثيراً ان السياره كانت بمكانها داخل حديقة المنزل..


قام بأطعامها بيده، ومن ثم انتقي لها من بين الثياب فستان أبيض منقوش بورود صغيره باللون الزهري، وحجاب من نفس اللون،وحذاء رياضي أبيض وساعدها برتدائهم..


"احنا بنعمل ايه هنا يا ظبوطه؟"..

أردفت بها "عهد" وهي تتطلع للمكان الخالي من حولها، والذي يشبه الصحراء..

رفع "غفران" يده التي تعانق كفها، ونظر بساعته مغمغماً..

"هتعرفي حالاً يا عيون الظبوطه"..


مرت لحظات قليله، وجحظت عينيها وهي تتطلع إلى الطائره الهليكوبتر التي هبطت على مسافه ليست بعيده منهما

أصدرت ضجيجًا عاليًا ..ليأتيها صوت "غفران" يقول بصوت عالِ لتتمكن من سماعه.. 

"مستعده للخطف يا عمر غفران؟!"..


تنقلت بنظرها بينه وبين الطائره وواقفت علي أطراف اصابعها، بتحذير قالت بأذنه..

"أوعى تقولي اننا هنركب الطياره دي؟"..

ابتسم لها بمكر، وحرك رأسه بالايجاب، وانتظر حتي استقرت الطائره أرضاً..


حمل "غفران" الحقيبه الخاصه به هو وزوجته بيد، وسحب"عهد" بيده الأخرى وركض بها نحوها.. 


"غفرااان"..


صرخت بها "عهد" بفرحه غامره حين حملها "غفران" من خصرها وصعد بها علي متن الطائره.. فور دخوله هب الطيار واقفاً وتحدث بإحترام شديد، وهو يشير نحو مقعده قائلاً..

"اتفضل سيادك يا فندم"..


أنزل "غفران" زوجته علي المقعد المجاور لمقعد الطيار، وربط لها الحزام، وجلس على المقعد المجاور لها،وبدأ يقود الطائره بأحترافيه تحت أنظار "عهد" المنذهله التي قالت بعدم تصديق.. 

"انت اللي هتسوق يا غفران؟!"..


غمرته السعاده وهو يري الفرحه تملئ عينيها.. غمز لها وتحدث دون إصدار صوت..

"بحبك يا عهوده"..

أنهي جملته واقلعت بهما الطائره لوقت ليس بقليل حتي هبط بها على إحدي أجمل الشواطئ 

"شاطئ الغرام".. أحد شواطئ مطروح الشهيرة ذي المياه النقية والأمواج الهادئة..

علي بعد مسافه من كوخ منفرد مزين بأروع الورود يطل على البحر مباشرة.. 


هب "غفران" واقفاً بحرص تجنباً الاصتدام برأسه بسقف الطائره.. فأسرع الجالس بالخلف بالوقوف هو الأخر..

"شكراً علي تعبك يا سيادة الرائد"..

قالها "غفران" وهو يفك الحزام من حول زوجته، وحمل الحقيبه، وقفز خارج الطائره وضعها أرضاً ومد يده لزوجته امسك يدها، وجذبها إليه حملها داخل حضنه، وركض بها مسرعاً نحو الكوخ حتي يتفادا الغبار التي ستسببه الطائره أثناء قلوعها..


"ايه المكان اللي يجنن دا يا ظبوطه؟!"..

قالتها "عهد" وهي تقفز بفرحه طفوليه.. 


لف يده حول خصرها ورفعها داخل حضنه حتي اصبح وجهها مقابل وجه وتحدث بجديه قائلاً..

"كان نفسي اطلع بيكي بره مصر والف معاكي العالم بس؟"..


قطع حديثه حين وضعت اصابعها علي شفتيه ونظرته لعينيه بعشق، وبهمس قالت..

"كفايه اني معاك، وفي حضنك دي عندي بكل الدنيا يا حبيبي"..


"انتي اللي حبيبة قلبي وفرحتي يا احلي عهوده".. 

قالها،وهو يلثم اصابعها واحد تلو الأخر،ودار بعينيه بالمكان الخالي من حوله مكملاً.. 

" البحر والورد".. نظر لها بفتنان.. 

"والجمال كله بين اديا".. 


فك حجابها، وسحب عقدة شعرها لينساب على وجهها بهيئه تخطف الأنفاس.. تسللت يده ببطء، و عقد أنامله بشعرها يقربها منه أكثر مغمغماً..

"بحبك يا عهد"..

قالها وغمر شفتيها بقبله رقيقه ناعمه وهو يخبرها بلا توقف مدي عشقه بها..


سار بها لداخل الكوخ، وهو يقول..

" تعالي عايز اقولك كلام كتير، أحضنك اكتر".. 

.....................................

.. بمنزل سعديه..


صفعه قويه هبطت على وجه "شهد" المملوء بالكدمات جعلها تصرخ بألم حاد، وتتحدث بصعوبه من بين شهقاتها قائله بوعيد..

"والله لخليك تندم يا احمد يا حيوان"..


"انتي ايييييه.. جنسك ايه يا شيخه".. 

قالها "احمد" بغضب عارم وهو ينهال عليها بالصفعات..لتسرع "سعديه" بابعاده عنها وهي تقول.. 

"كفايه يا ابني ابوس ايدك"..


نظر لها "احمد" بأسف وتحدث بلهجة خفيضة لا تخفي غضبه المشحون.. 

"انتي السبب في اللي هي فيه دا.. لو كنتي سبتي ابويا يربيها زي ما ربانا مكنتش هتبقي بالأخلاق دي.. لكن انتي كنتي تجري عليها وتدفعي عنها مهما غلطت، وانا ابقي مستغرب ليه بتعملي معاها هي بس كده، وبتسبيني انا ورغد يضربنا عادي"..


خفضت "سعديه" رأسها بخزي، وبدأت تبكي بصمت.. ليسطرد بابتسامه مصطنعه..

"دي كان لازم يتكسرلها ضلع علشان تعرف ان الله حق وتمشي علي الصراط المستقيم"..


" دا انا اللي هكسرلك دماغك يلي تنشل في ايدك"..

أردفت بها "شهد" بغيظ شديد، وبفظاظه تابعت..

" انا هخلي غفران يرميك في السجن، وانا هرمي الجربوعه مراتك في الشارع"..


اقترب منها "أحمد" بهدوء خطر وجلس جوارها مدمدماً..

" غفران طلقك،و اقسم بالله أول ما عدتك تخلص  لكون مجوزك لواحد يصبحك بعلقه ويمسيكي بعلقه يا شهد"..


ضحكت ساخره وهي تقول.. "لتكون فاكر اني هفضل هنا معاك انت وامك لحظه واحده بعد اللي عملته فيا.. انت باين عليك اتجننت"..


"انتي مش هتخطي برجلك خطوه واحده بره الشقه دي من انهارده".. 

أنهى جملته، وسار لداخل إحدي الغرف وعاد سريعاً حاملاً بيده عصا خشبيه سميكه جعلت "شهد" تنتفض بفزع، ويرتجف جسدها بوضوح وتحدث متسائله..

" انت هتعمل ايه بالعصايه دي؟"..


" احمد".. "هكسرلك رجلك قبل ما تكسرينا كلنا اكتر من كده"..




البارت ال15.. 


احتواء!!.. 


داخل الكوخ المجهز من كافة شئ..


"غفران".. 


بعد ساعات سفر طويله، وتعب يوم شاق.. 

انتهي من أخذ حمام دافئ يزيح عن جسده غبار الطريق،اتجه للخارج مرتدي سروال قطن ابيض اللون، وكنزه سوداء تظهر عضلات زراعيه القويتين،بيده منشفه يجفف بها خصلات شعره بقوه.. 


بينما تجلس "عهد" علي الفراش.. تخفي جسدها أسفل الغطاء بأحكام حتي لم يعد شئ ظاهر منها غير رأسها.. 


تعالت نبضات قلبها وهي تري زوجها يقترب منها بخطوات بطيئه وعينيه ترمقها بنظراته المدمره لكيانها ووجدانها.. 


حبست أنفاسها ،واسرعت بخفض وجهها بخجل.. لينسدل شعرها الحريري الرطب أثر انتهائها هي الأخرى من الاستحمام..

جلس أمامها على الفراش، وبلهفه مد يده بالمنشفه، وبدأ يجفف شعرها بحنان بالغ مغمغماً.. 

"سايبه شعرك مبلول ليه كده يا عهد.. ممكن تبردي مني".. 


صمت لبرهه وتابع بصوت خافت مداعب.. 

 "واحنا انهارده دخلتنا، وانا عايزك بكامل قواكي الصحيه يا عمر غفران".. 

وضع يده أسفل ذقنها جعلها تنظر له.. ليتفاجئ من عبراتها التي تهبط على وجنتيها بغزاره.. 


بلحظه كان جذبها لداخل صدره.. لتسرع هي بسحب الغطاء عليها.. حاول غفران ابعاده عنها، ولكن همست هي بستحياء قائله.. 

"غفران انا سقعانه".. 


دثرها بالغطاء بخوف ظهر على محياه،وضم رأسها لحضنه، ويده تربت على كتفيها بقوه محببه.. 

"ليه دموعك يا عهد؟"..


ابتلعت غصه مريره بجوفها، ودفنت وجهها بصدره تبكي وتأن بصوت خفيض، ومن بين شهقاتها تحدثت قائله.. 

"على اد ما انا مقهوره من اهلي، واللي عملوه فيا يا غفران.. بس قلبي فرحان انهم عايشين".. 


رفعت رأسها ونظرت له مكمله بابتسامه هادئه من بين كم عبراتها التي يزيلها غفران بأنامله،والتي بمثابه نيران تحرق قلبه.. 

"أول مره يبقي قلبي فرحان من مدة كبيره أوي".. 


مالت برأسها على صدره مره أخرى.. 

"دموعي دي دلوقتي تقدر تقول عليها دموع فرحتي.. لأني قبل كده كنت بضحك بعلو صوتي، وانا قلبي بينزف، وبيصرخ من وجعه ووحدته".. 


أطلقت شهقة عميقة جعلته يحاوطها بحمايه داخل جسده، وقد قرر تركها تخرج كل ما تحمله بقلبها.. 

"بس انت عارف ليهم حق يعملو فيا كده.. انا فعلاً يتخاف مني.. تحس اني تافهه ومجنونه وبقول اي حاجه وكل حاجه لأي حد حتي لو معرفوش"..


أجهشت بالبكاء أكثر.. 

" بس والله يا غفران انا مكنتش هقول لحد لو كانو عرفوني انهم عايشين.. كنت هخاف عليهم علشان بحبهم، ومستحيل اكون السبب في أذيتهم"..

اعتدلت جالسه فجأه.. ليسقط الغطاء عن كتفيها ويظهر قميصها الأبيض الذي يعكس جمال جسدها بأغراء.. 

" انا ممكن أذي نفسي لكن هما لا والله..كانوا عرفوني انهم بخير بس حتي لو هيفضلو سيبني لوحدي.. بدل حرقة قلبي عليهم كل الفتره دي".. 


" هشششس.. أهدي يا روحي".. همس بها "غفران"، وهو يحتضن وجهها بين كفيه، واقترب بوجهه منها، وبدأ يزيل دموعها بشفتيه، وتحدث بهمس من بين سيل قبلاته على كافة وجهها.. 

"حبيبتي كفايه عياط، وزعل ووجع قلب.. 

حقك على قلبي انا".. 


تطلعت به بنظرات هائمه، وقد توقفت عن البكاء، واصبحت بحاله يرثي لها من قربه الذي يزلزل قلبها، ويبعثر مشاعرها.. متمتمه بهمس.. 

"الحمد لله انك ظهرت في حياتي، وقلبي عشقك يا غفران".. 


لف يده حول خصرها لصقها به، ويده الأخرى تبعد عنها الغطاء بحذر، وبنبره ماكره قال.. 

"بس ايه الجمال دا كله يا عهوده"..

 غمز لها بشقاوه مكملاً.. "تجنني يا بنت الوزير".. 


"انت اللي تجنن يا قلب عهوده".. غمغمت بها بخجل، وعضت على شفتيها وتابعت بنبره راجيه.. 

"عايزه بيبي يكون شبهك بكل تفاصيلك.. ياخد منك كل حاجه، ويبقي غفران الصغير".. 


تراقصت ابتسامه مشاغبه على محياه، وبخبث قال.. 

"امممم طيب دا هيحتاج منك تركيزي معايا أوي علشان تجبلنا كوبي مني، ومنك كمان يا عمر غفران".. 

تلك كانت اخر كلمات نطق بها "غفران" بهذه الليله، ومن ثم لثم شفتيها بقبله أتي بعدها الكثير والكثير.. يغمرها بعشقه، وشوقة الجارف..



البارت ال16 والأخير.. 


أشرقت شمس نهار جديد.. 

بشقة علي وهاله.. 


استيقظ "علي" على صوت أنين زوجته بصوت عالِ يشق هدوء المكان .. انتفض من الفراش ودار بعينه يبحث عنها بالغرفه.. ليأتيه صوت تألمها النابع من حمام الغرفه.. 


هب واقفاً،وسار مهرولاً نحوها.. طرق على باب الحمام وهو يقول بلهفه.. 

"هاله مالك فيكي ايه؟ .. افتحي يا حبيبتي متقلقنيش عليكي".. 


بوهن سارت بخطوات متثاقله.. مستنده بيدها على الجدار بجانبها،وفتحت الباب.. ليسرع هو بحملها بين يديه بعدما رأي شحوب وجهها.. وتمايل جسدها بضعف.. 


"هساعدك تلبسي وهلبس انا كمان في ثانيه، وأوديكي للدكتوره بتاعتك".. قالها "علي" وهو يضعها على الفراش بحذر وحرص شديد.. 


تمسكت به بكلتا يدها.. وبهمس تحدثت قائله.. 

"انا كويسه يا علي، والدكتوره قالتلي ان اللي بيحصلي دا طبيعي أول تلت شهور في الحمل".. 


نظرت له وقد امتلئت عينيها بالعبرات.. 

" وقالتلي لازم يبقي في حد معايا ياخد باله مني علشان لو تعبت أوي يلحقني".. 


اعتلت ملامحه الدهشه، وبعتاب أردف قائلاً.. 

"وانتي تفتكري اني ممكن أسيبك لوحدك ولا اتفرج عليكي وانتي تعبانه واسكت يا هاله؟! ".. 


أمسكت كف يده بين يديها الصغيره، وهمست بتقطع من بين شهقاتها.. 

"ما انت قولتلي انك بتتعلم لغات علشان تسافر وتسبني يا علي".. 


رفع يده الأخرى وضرب على جبهته مغمغماً.. 

"انا نسيت اقولك إزاي بس".. 

جلس بجوارها على الفراش، ووضع زراعه حول كتفيها بحمايه، وتابع بهدوء.. 

"الشغل اللي كنت هسافر علشانه اتلغي يا حبيبتي اطمني مش هسافر".. 


" بجد يا علي".. قالتها "هاله" بلهفه، وقد ظهرت الفرحة الغامره على محياها.. 

ابتسم لها "علي" ابتسامته المثيره، وقبل جبهتها بنعومه، وبجديه قال.. 

"ايوه بجد يا هاله.. انا كنت هسافر لوالد صحبتك عهد، وكنت هفضل معاه هو واسرته لحد ما يرجعو.. بس هما رجعو خلاص يعني اطمني وبطلي قلق وخوف انا هفضل جنبك ومستحيل اي حاجه تبعدني عنك حتي لو جالي شغل في سفر بعد كده هرفضه".. 


مد يده نحو بطنها الصغيره التي لم تظهر بعد.. 

" انتي واللي في بطنك اهم حاجه عندي في الدنيا كلها يا هاله".. 


تهللت اسريرها، واختفي شحوب وجهها واصبح اكثر نضاره بفعل كلماته التي اثلجت قلبها.. 

ضمته لها بحب شديد، وبهمس تحدثت بأذنه..

"انت الدنيا كلها بالنسبالي يا علي.. ربنا ميحرمنيش منك أبداً يا حبيبي".. 


لثم عنقها بعمق وتمهل شديد متمتماً بجملتها التي تجعل قلبها يتراقص فرحاً.. 

" ولا منك يا ست قلب علي".. 

............................................. 

..رغد وهادي.. 


صوت رنين هاتف رغد المستمر ايقظ "هادي" من نومه.. بينما تغص رغد بنوم عميق.. 


حدث نفسه بقلق، وهو يمد يده ويمسك هاتفها ليري من المتصل.. 

"يا تري مين بيتصل بدري كده.. اللهم اجعله خير".. 


ظهر الغضب علي وجهه حين لمح اسم "شهد" التي ترن بلا توقف.. صك على أسنانه، وبغضب ضغط زر الفتح.. ليأتيه صوتها الباكي تتحدث بلهفه.. 

"رغد ابوس إيدك تعالي ساعديني.. اخوكي كسر رجلي، وحالف يجوزني لعاطف السباك أول ما عديتي تخلص.. ساعديني يا رغد وتعالي خديني من هنا علشان أرجع لغفران"..


"رغد مش هينفع تجيلك يا شهد".. قالها "هادي" بجمود، وصرامه شديده.. "انتي دلوقتي بتحصدي نتيجة اللي عملتيه في حياتك.. حاولي تتقبلي الوضع ولازم تعرفي ان غفران اخويا مستحيل يرجعك لعصمته تاني".. 


صرخت" شهد" بأمر قائله.. "هيرجعني يا هادي.. انا ام ولاده وهيرجعني عشانهم وهتشوف".. 


ضحك" هادي" ساخراً وهو يقول.. " دا علشان خاطر ولاده يتربو تربيه صحيحه عمره ما هيرجعك"..


أخذت" شهد" نفس عميق كمحاوله منها لإخفاء بكائها العنيف عنه، وبغيظ وتهور تحدثت قائله.. 

"انت بتكلمني ليه دلوقتي.. انا طالبه رقم اختي.. خليني أكلمها علشان تساعدني بالزوق.. بدل ما اخليها واخليك انت كمان تساعدني معاها بالعافيه، وبالتهديد كمان بعد ما تشوفو الفيديو الجميل وانت مع مراتك في السرير".. 


جملتها كانت كل الصاعقه جعلت عينيه تتسع على أخرها بصدمه، انيحبت الدماء من وجهه وبعدم تصديق قال.. 

" انتي مصوراني مع مراتي؟! اللي هي اختك!!... 

....................................... 

بشقة فاتن.. 


"وعد".. 

تطرق على الباب بقوه، وبأمر تتحدث قائله.. 

"افتحي يا مدام فاتن.. قوليلي ابنك خد بنتي وراح بيها فين؟.. افتحي هاتيلي بنتي.. انا عايزه عهد"..


"ايه الدوشه اللي على الصبح دي؟".. 

أردفت بها "فاتن" بتساؤل بعدما فتحت الباب ورمقت "وعد" بنظره غاضبه.. 


اندفعت "وعد" نحو الداخل دون استاذان صائحه بغضب.. 

"عهد.. انتي فين يا بنت".. 


" مش هنا.. بتقضي شهر عسل مع جوزها".. 

همت" وعد" بالصراخ بوجهها.. لتشير لها"فاتن"بتحذير.. 

"ووطي صوتك دا علشان انا مصدعه، واحفادي، وابني ومراته نايمين".. 


اقتربت منها "وعد" وقفت أمامها مباشرة، ورمقتها بنظره محترقه.. وتحدثت بتساؤل قائله .. 

مبسوطه انتي كده لما ابنك خرب بيته بايده، واتجوز على مراته ام عياله بنت اصغر منه بسنين طويله؟!".. 


" فاتن"بتعقل.. " ابني معملش غير الصح، والأصول اللي تقريباً انتي متعرفيش عنهم اي حاجه.. بمجيتك عندي هنا علي الصبح كده علشان تقولي كلام فارغ ملوش اي لزمه".. 


" انا جايه عايزه بنتي".. 

غمغمت بها" هاله"بصوت متحشرج بالبكاء.. 

اجابتها" فاتن" بجمله بثت الطمأنينه بقلبها قليلاً .. 

" بنتك مع جوزها اللي هيحافظ عليها وعمره ما هيزعلها.. ادعيلها انتي من قلبك ربنا يهدي سرها، ومتحوليش تخربي عليها".. 

.................................. 

"عهد"..


تململت بكسل داخل حضن زوجها الذي يضمها بكل قوته ملتف بجسده حولها بحمايه..


فتحت عينيها ببطء ورفعت رأسها قليلاً تتأمل ذلك النائم براحه وعمق لم ينعم بهما منذ زمن..


انبلجت ابتسامه هائمه على محياها وتوردت وجنتيها حين تذكرت انها أصبحت زوجته قولاً وفعلاً.. عقدت حاجبيها وتطلعت بملامحه الجاده الصارمه بدهشه ويدور بذهنها كيف تعامل معها بكل هذا التفاهم والحرص الشديد..


كان يعاملها على انها قطعه من الماس نادرة الوجود.. برغم جنانها وطريقتها الطفوليه التي تراها بنظرها ممله.. إلا انه احتواها وتقبل كل أفعالها بصدر رحب،ودائماً يرمقها بنظراته المتيمة.. 


تسللت يدها الصغيره، وغاصت بأناملها داخل شعره المشعث بفوضوية مثيرة، وبغيظ حديث نفسها..

"حتي وانت منكوش تجنن يا ظبوطتي"..


حاولت فك حصاره حولها حتي تمكنت الخروج من حضنه بصعوبه.. سحبت روبها الأسود الملقي على الأرض وارتده سريعاً، وهبت واقفه، وسارت بحذر نحو طاولة الزينه ظناً منها انه مازال نائم.. غافله عن عينيه التي تتابعها بابتسامه ماكره..


احضرت فرشاة للشعر، واستدارت لتعود لمكانها داخل حضنه مره أخرى.. ليسرع هو بغلق عينيه وانتظر ليري ما ستفعله به اليوم بستمتاع وقلب يتراقص من شدة سعادته..


جلست جواره وبدأ تمشط خصلات شعره الحريريه بمنتهي اللطف حتي انتهت متمتمه بهيام.. 

"انت محصلتش ولا هتحصل تاني ياغفران".. 

ومالت عليه قاصده تطبع قبله رقيقه على وجنتيه..لكنها شهقت بصوت خفيض حين نهض فجأه مستنداً بجزعه على الفراش، وسحبها لداخل صدره مقتحم شفاها بقبله ناعمه مغمغماً بصوته الناعس المدمر لجميع حصونها..

"أحلى صباح من أحلى عهوده نورت حياتي"..


تأوهت دون صوت ..فصوته وحده يدغدغها،دست نفسها داخل حضنه.. دافنه وجهها بعنقه وبهمس يكاد يسمع قالت.. 

"انت اللي حياتي نورت بيك يا حبيبي".. 


"ايه رأيك أعملك أحلى فطار، وبعدين هاخدك ونروح مكان حلو أوي انا واثق انه هيعجبك جداً "..

همس بها" غفران"، وهو يمسد على خصلاتها الحريريه بعشق..


اجابته بهمس بالكاد يسمع "موافقه طبعا"..

جذبها عليه اكثر لصقها به، وبعبث هتف قائلاً..

" حيث كده يبقي خليني أحلى بيكي الأول قبل ما نفطر"..


ضحكت بميوعه، وبغنج قالت..

" غفران أعقل"..


" قولتلك معنديش مانع اتجنن على أيدك انتي يا عمر غفران"..

قالها بتقطع من بين سيل قبلاته الساخنه على كل انش بها تمر عليه شفتيه.. 


انتهي البارت..

انتظرو الخاتمه بأمرالله تعالي..




الخاتمه1.

صدمة!!.. 


لم يكن يوماً الغني بالأموال.. الغني الحقيقي غني الأخلاق.. 


اندفع "هادي" خارج غرفته بعدما ارتدي كامل ثيابه.. تاركاً زوجته تغص بنوم عميق..بعد مكالمة "شهد" التي أثارت غضبه، وأقسم انه سيقتلها ان كان حديثها بشأن تصويره برفقة زوجته أثناء علاقتهما الحميمه صحيح.. 


"هادي".. كان هذا صوت "فاتن" الصارم الذي جعله يتوقف عن السير في الحال.. 


اقتربت منه بخطوات هادئه حتي أصبحت خلفه مباشرة، ورفعت يدها وضعتها على كتفه تحثه على النظر لها وهي تقول مستفسره.. 

"راح على فين كده من غير ما تصبح عليا؟!".. 


اخذ نفس عميق كمحاوله منه لتهدئة وتيرة غضبه.. لكنه فشل،واستدار ونظر لها بأعين يتطاير منها الشرار، وبغضب شديد اجابها.. 

"طليقة ابنك بتهددني بفيديوهات ليا انا ومراتي، واحنا مع بعض".. 


ابتسمت "فاتن" ابتسامه ساخره وهي تقول..

"وانت صدقتها؟!"..

هم هو بالرد عليها.. فأشارت له بكف يدها توقفه عن الحديث، وتابعت بجديه قائله.. 

"وهي لو كان معاها فعلاً صوره واحده مش فيديو كان أخوك طلقها، وسبها تروح عند أهلها كده بسهوله!!"..


"يعني هي بتكدب؟ ".. أردف بها "هادي" متسائلاً بعدما تنهد براحه.. 

جذبته "فاتن" من يده برفق وسارت به نحو غرفته الخاصه به هو وزوجته وهي تقول بتأكيد.. 

"طبعاً بتكدب وإلا متبقاش "شهد".. بس هي زودتها أوي، وانا عارفه إزاي هوقفها عند حدها".. 


نظر لها "هادي" بخوف مصطنع، وتحدث قائلاً.. 

"ااه كده انتي هتوريها وشك التاني، وتبقي شهد لعبت في عداد عمرها وهتندم على اللحظه اللي زعلتك فيها يا أم غفران".. 


ابتسمت "فاتن" ابتسامه زائفه، وبوعيد قالت.. 

"دا أنا هغير هدومي وهروحلها بنفسي وهخليها تندم على اللحظه اللي فكرت تضايق ولادي فيها حتي لو بكلمه..أدخل أنت لمراتك، واطمن يا حبيبي رغد مش زي أختها أبداً.. رغد دي بنتي اللي انا مخلفتهاش".. 


"رغد دي دعوتك الحلوه ليا يا ست الكل".. 

قالها "هادي" وهو يقبل جبهتها قبله طويله مغمغماً.. 

" ربنا يباركلنا في عمرك وميحرمناش منك يا حبيبتي ".. 


ربتت" فاتن" على وجنتيه بكف يدها، وابتسمت له بحب متمتمه.. 

" ولا يحرمني منكم يا ابني".. 


أنهت جملتها وسارت نحو غرفتها وتابعت حديثها قبل ان تخطو للداخل.. 

"ولاد أخوك نايمين في أوضتي خلي ودنك معاهم لو صحيو، وانا هروح ل "شهد" وهحاول متأخرش بمشيئة الله".. 


حرك رأسه لها بالايجاب، وفتح باب غرفته وخطي للداخل غالقاً الباب خلفه.. 

لينتفض بفزع حين ارتمت "رغد" داخل حضنه فجأه تضمه بكل قوتها، وبصوت مبحوح تردد قائله.. 

"انت اللي أحلى دعوة وأحلى حاجه في حياتي ياهادي".. 


ابتعدت عنه قليلاً واحتضنت وجهه بين كفيها وأكملت بهيام.. 

"انا بحبك اوي".. 


تأمل ملامحها بفتنان حتي توقف بنظره عند شفتيها المثيره.. فمال عليها ببطء،وهو يهمس بعشق.. 

"وانا بحبك وبموت فيكي يا رغد".. 

قالها وتناول شفتيها بقبله ناعمه لم ولن يكتفي بها.. 

......................................

..بفيلا عزت البحيري.. 


"كنتي فين بدري كده يا وعد هانم؟!".. 

قالها "عزت" بثوت عالِ نسبياً يدل على شدة غضبه من تصرفاتها.. 


نفخت "وعد" بضيق، واجابته دون النظر له.. 

"كنت بحاول أوصل لبنتك مدام انت نايم، ولا في دماغك بنتك فين ولا حصلها ايه".. 


اقترب منها "عزت" ونظر لها بدهشه وبتساؤل قال.. 

" وانتي عايزه تفهميني دلوقتي بعد اللي عملتيه فيها أن بنتك بقت في دماغك؟!".. 


توترت "وعد" وصكت على أسنانها وهي تقول.. 

"عارفه إني غلطت في حقها يا عزت.. مش كل شويه تفكرني.. واديني بحاول أصلح غلطي معاها".. 

بكت بنحيب مكمله.. 

" بس هي فين؟..اللي اسمه غفران دا خدها واختفي بيها.. عايزه احضنها،واقولها تسامحني يا عزت".. 


أنهت جملتها، واجهشت بالبكاء اكثر واضعه وجهها بين كفيها.. 

بكائها جعل حصون "عزت" تنهار، واذابت ثليج قلبه.. فقترب منها أكثر وضمها لصدره مغمغماً.. 

"طيب أهدي وكفايه عياط وانا هخليكي تشوفيها".. 


" بجد يا عزت".. قالتها بلهفه، وهي ترفع وجهها وتنظر له نظره اشتاقها هو كثيراً.. فبتسم لها ابتسامته الرزينه مردداً.. 

"بجد يا عيون عزت".. 


وضع ذراعه على كتفها وسار بها لأقرب مقعد، واخرج هاتفه من جيب سروال كنزته البيتيه، وضغط على اتصال على رقم" غفران" فيديو كول، وهو بقول بتحذير.. 

"اوعي تتكلمي.. عهد لسه واخده على خاطرها ومش هترضي تكلمنا بسهوله"..


"وعد" بطاعه.. "حاضر هسكت..

بس أشوفها كويسه دي أهم حاجه عندي".. 


لحظات وضغط "غفران" على زر الفتح.. لتظهر جنيتهما الصغيره وهي تلهو كطفله لم تتم عامها الخامس بعد.. 


بمكان مليء بالورود والطبيعه الخلابه التي تخطف القلوب.. تركض هنا وهناك بفرحه تشع من عينيها الجميله، ووجهها الطفولي، وصوت ضحكاتها تشعر من يسمعها بالبهجه والسعاده الشديده.. 


" بحباااااااااااك يااا غفرااااااان".. 

تصرخ بها "عهد" بلا توقف، وهي تدور حول نفسها تريد ان تعترف بعشقها له للعالم أجمع.. 


فتح زراعيه لها.. لتركض هي وتختبئ بين ضلوعه دافنه وجهها بصدره تقبل موضع قلبه بعمق.. 

بينما هو يربت على ظهرها بمنتهي العشق مردداً بصوته المزلزل لكيانها.. 

" وانا بعشقك يا عهد.. يا عمر غفران الحلو".. 


أنهي جملته ورفع هاتفه أمام وجهه وابتسم ل "عزت" ابتسامه مطمئنه واغلق الخط، وزاد من ضم معشوقته حين شعر برتخاء جسدها بين يديه.. فضحك بصوته كله ضحكته الرجوليه المدمره وتحدث بثقه قائلاً.. 

"انا عارف انك هتنامي مني والله".. 


لكزته بضعف بقبضة يدها بكتفه، وبصوت ناعس همست.. 

"انت مصحيني من إمبارح على فكره".. 


وضع هاتفه بجيب سرواله، ومال قليلاً وحملها بين يديه، وسار نحو الكوخ الخاص بهما وهو يقول بعبث.. 

"عندك حق تنامي مني وانتي واقفه يا روحي.. 

انا فعلاً تعبتك أوي طول الليل".. 


"غفران اسكت".. همست بها بخجل، وانكمشت بين ذراعيه أكثر جعلت ضحكاته تتعالي، وقلبه ينبض بجنون من شدة فرحته.. 

.................................... 

.. بشقة سعديه.. 

تجلس "فاتن" أمام "شهد" التي تنظر لها بأعين زائغه ووجه شاحب وتردد بعدم تصديق.. 

" لا انتي كدابه..بتكدبي عليا علشان تندميني على اللي عملته فيكي وفي ولادك".. 


اعتلي الأسف ملامح "فاتن" وبجديه تحدثت.. 

"انتي عارفه اني مبحبش الكدب.. افتكري انتي اللي حصلك من سنه ونص لما جالك نزيف، وجريت بيكي على المستشفى اللي انتي صممتي اننا نروحها.. ساعتها انا قلقت وشكيت في اصرارك الشديد دا، وشكي اتأكد لما الدكتور اول ما شافك دخلك عمليات فوراً كأنه كان مستنيكي وخرج بعد فتره كبيره وشه مخطوف وقال الحمد لله النزيف وقف".. 


" ايوه هو كان نزيف بيحصل عادي لأي ست، واتعالجت منه، وراح لحاله خلاص".. 


حركت" فاتن" رأسها بالنفي، وصمتت قليلاً تتذكر تلك الليله.. 

..فلاش باااااااااااك.. 

"طمني يا دكتور.. بنتي مالها".. 

قالتها "فاتن" بخوف أم حقيقي على ابنتها.. 


زاد توتر الطبيب، وتحدث بتساؤل قائلاً.. 

"هي بنت حضرتك؟".. 


اجابته" فاتن".." هي مرات ابني.. بس انا بعتبرها زي بنتي تمام.. فصارحني أرجوك وقولي فيها ايه؟".. 


صمت الطبيب لبرهه، وبأسف شديد تحدث قائلاً.. 

" مدام شهد كانت حامل، وجتلي هنا من كام يوم طلبت مني اعملها عملية إجهاض، وانا رفضت.. فقالتلي انها هتنزل الجنين بمعرفتها، وهتيجي علشان اعملها اللازم.. رغم اني حذرتها من خطورة الإجهاض خصوصاً انها بدأت الشهر الرابع.. لكن هي مسمعتش الكلام، وخدت برشام قوي جداً سببلها نزيف حاد ومعرفناش نسيطر عليه غير لما شلنا الرحم، وإلا كانت هتفقد حياتها".. 


شهقت "فاتن" بعنف وبدأت تبكي، وتحدثت برجاء قائله.. 

" أرجوك يا دكتور متقولش لجوزها لما يجي انها كانت حامل وسقطت نفسها،و شهد كمان بلاش تقولها انها شالت الرحم".. 


الطبيب بتأثر.." انا عارف ان الموقف صعب.. بس لو على الإجهاض مش هنقول لجوزها عليه.. لكن شيل الرحم المريضه لازم تعرف".. 


"هتعرف اكيد بس لما تفوق من اللي هي فيه، ونطمن على صحتها الأول"..

قالتها" فاتن" بتعقل.. 


.. نهاية الفلاش بااااك.. 


" يعني البيريوت مش بتجيلي بسبب إني شلت الرحم؟! ".. 

قالتها "شهد" بصدمه وعبراتها تهبط على وجنتيها بغزاره.. 


" ايوه يا شهد، واحنا قولنالك ان الدكتور مديكي علاج يوقفها علشان جسمك يعوض النزيف اللي نزفتيه، وغفران أصر اننا نخبي عليكي علشان متتوجعيش.. لكن انتي وجعتينا كلنا".. 

أردفت بها" فاتن" وهي ترمقها بنظرة خذلان جعلتها تبكي بمراره أكبر، وبعدم تصديق قالت.. 

"يعني انا مش هخلف تاني؟،وغفران استحملني واستحمل نكدي وعيشتي اللي تكفر، وخبي عني مرضي وانا ضيعته من ايدي؟! ".. 


" فاتن" بحده.. "ومستحيل يرجعلك تاني يا شهد.. فأحسنلك انسيه، وابعدي عن حياتنا خالص، ووافقي على"عاطف" السباك..اخوكي قالي انه راجل جدع وهو دا اللي يليق بيكي لأنك للأسف من النوع النمرود اللي مبيجيش غير بالدب على دماغه، وانا ابني بيعامل الست اللي معاه على انها ملكه، وانتي معرفتيش تعامليه على انه سلطانك، ولا قدرتي النعمه اللي انتي فيها"..


" هبوس رجله وجزمته كمان بس يرجعني على زمته تاني حتي لو هعيش خدامه ليه هو ومراته".. 

قالتها" شهد" ببكاء وتوسل شديد، وهي تميل على يد" فاتن" تحاول تقبيلها.. لتسرع" فاتن" بابعاد يدها، وتحدث بصرامه قائله.. 

" انتي ختي بدل الفرصه الف فرصه وضيعتيهم كلهم.. مبقاش ينفع ياشهد.. انسي.. مستحيل نأمن ليكي بعد اللي عملتيه،ولو موفقتيش على جوازك من "عاطف" وفضلتي تحاولي ترجعي لابني.. 

يبقي هقول ل" غفران" انك اجهضتي نفسك وعيزاكي تتخيلي هو ساعتها هيعمل فيكي ايه لما يعرف انك قتلتي ابنه، ولا بنته من وراه".. 


" طيب وولادي؟!".. قالتها "شهد" بخوف ظاهر على محياها من رد فعل" غفرانِ" إذا علم بفعلتها الشنعاء.. 

"فاتن".. "محدش هيمنعهم عنك.. هتشوفيهم وقت ما تحبي بس في وجودي".. 


خفضت" شهد" وجهها الذي ظهر عليه الانكسار، والندم لأول مره، وتعالي صوت نشيجها وبتقطع قالت.. 

"م موافقه ا اتجوز عاطف بس متقوليش لغفران اني موت".. 


نظرت ل "فاتن" نظره يملؤها الندم وتابعت بأسف.. 

" ابنه.. كان ولد"..


انتهي البارت..



خاتمه2


حياه جديده!!..


.. بعد مرور أكثر من عام.. 


داخل منزل قديم..بالطابق الأرضي شقه صغيره مكونه من غرفتان ومطبخ وحمام.. 

بها أثاث بسيط للغايه لكنه نظيف و مرتب بدقه.. 


بإحدى الغرف.. تنام "شهد" بعمق بعد يوم طويل من التعب بتنظيف المنزل وإعداد الطعام لزوجها شديد الطباع، والتي تخشاه كثيراً.. 


تغص بالنوم من شدة تعبها حتي انها لم تشعر بباب الغرفه الذي فتح،وتلك الأقدام التي تقترب منها ببطء، والضحكات الشريره التي يصدع صداها بانحاء الغرفه.. 


وبدون سابق انظار كانت جذبتها يد أحدهم من شعرها الحريري بقوه وسحبتها من على الفراش القتها أرضاً.. همت بالصراخ، ولكنها شهقت بعنف حين انسكب فوقها دلو من الماء البارد وتحدثت صوت فتاه لم تكمل عامها الثامن عشر بحده قائله.. 

"جرا ايه يا مرات أبويا انتي هتفضلي نايمه لحد الضهر وتسيبي اللي وراكي ولا ايه؟".. 


"ما انا صاحيه من الفجر وخلصت كل اللي ورايا يا فاطمه، والأكل كمان جاهز في المطبخ.. سبوني أنام شويه بقي حرام عليكو".. 

هتفت بها "شهد" بصوت مرتجف، ومتحشرج بالبكاء لكن عبراتها تأبي الهبوط.. 


نظرت لها الفتاه الثانيه ذات الخمسة عشر ربيعاً بحاجب مرفوع ووضعت يدها بخصرها، وتحدثت بابتسامه ساخره.. 

"اممم حرام علينا؟!".. 

مالت بجسدها عليها، ونظرت لها نظره جعلت

"شهد" تطبق جفنيها بعنف.. فتلك النظره تذكرها بنظرتها لشقيقتها الخلوقه "رغد" نظرة مملؤه بالكره والحقد الدفين، وتابعت بتساؤل قائله.. 

"انتي عملتي ايه في حياتك يا شهد علشان ربنا يوقعك في ايدي انا واختي؟! ".. 


أخذت "شهد" نفس عميق تحاول التحكم به بدموعها،وهبت واقفه ليظهر هزل جسدها، وضعفها الذي اصبح ظاهر بوضوح، وتحدثت بأسف قائله.. 

" عملت نفس اللي بتعملو معايا دا مع أقرب الناس ليا، وربنا بعتني ليكم تخلصو الذنب اللي عملته في حياتي على ايديكم.. علشان مافيش حاجه بتروح، وكله سلف ودين حتي المشي على الرجلين يا خديجه".. 


نظرا الفتاتان لبعضهما، وعاود النظر لها، وبأمر قالو بصوت واحد.. 

"يبقي ارحمي نفسك مننا واطلقي من أبونا".. 


حركت "شهد" رأسها بالنفي وهي تقول.. 

" أبوكم هو اللي مش راضي يطلقني، وانا مستحيل أطلب منه الطلاق تاني بعد العلقه اللي كلتها لما طلبته أول مره".. 


صكت" فاطمه" على أسنانها وبوعيد قالت.. 

"يبقي تستحملي بقي اللي هتشوفيه مني انا وخديجه".. 


"يله حضرلنا الفطار، وبعدين هاتي الطشت، وانجري على الحمام اغسلي هدوم أبويا واطلعي انشريها، ولما تنزلي تغسلي هدومي انا واختي لوحدهم على ما نشوف هنخليكي تعملي ايه تاني".. 


ابتسمت "شهد" لهما ابتسامه زادت غيظهما أضعاف وبهدوء قالت.. "حاضر هغير هدومي المبلوله دي وهعملكم اللي عايزينه كله".. 


" لا متغيريش.. خليكي زي ما انتي كده يمكن تعي وتموتي ونرتاح منك".. 

قالتها "خديجه" بغضب، وهي تهم بالانقضاض عليها.. لتتراجع "شهد" مبتعده عنها بخوف.. ف"خديجه" رغم صغر سنها إلا انها تفوق "شهد" وحتي "فاطمه" بجسدها ووزنها الزائد.. 


حركت" شهد" رأسها بالايجاب، وبطاعه قالت.. 

" حاضر يا خديجه؟! ".. 

قطعت حديثها، واسرعت بوضع كف يدها على فمها حين وصل لانفها رائحة كريهه جعلتها على وشك التقئ، وصوت زوجها "عاطف" الصارم يعلن عن وصوله بنبرته الحاده .. 

" بت يا شهد.. هاتيلي غيار على الحمام بسرعه إلا انا لسه طالع من حلة المجاري وريحتي تقرف".. 


ابتلعت غصة مريره حين داهمتها رائحة "غفران" الأكثر من رائعه.. 


نظرت لها "فاطمه" بشمئزاز، وتحدثت بسخريه قائله.. 

"اللي يشوفك وانتي قرفانه يقول انك حامل، وانتي أرض بور مش هتطرح تاني أبداً".. 


كلماتها السامه كانت كالخنجر الحاد الذي شق قلب"شهد" على حين غره، ولكنها تذكرت انها طيلة حياتها تعامل شقيقتها أسوء معامله وتعايرها بشكلها، وتلقبها بالخنفساء ولم تترك بها عيب واحد إلا ونعتتها به.. وها هي تحصد كل ما زرعت.. 


" الله يسامحك يا فاطمه".. 

قالتها بصوت منكسر، واتجهت نحو الخزانه احضرت ثياب نظيفه لزوجها وسارت لخارج الغرفه، ووقفت أمام باب الحمام كعادتها.. 


فتح باب الحمام ومد "عاطف" يده واخذ منها ثيابه.. بينما ظلت هي واقفه تنتظر خروجه كما عودها هو.. 


لحظات،وخرج زوجها.. رجل اقترب علي عامه الاربعين، ولكن من يراه لا يعطيه اكثر من ثلاثون عام لوسامته الشديده .. ضخم الجثه بطوله الفارهه، وجسده الرياضي رغم انه لم يمارس الرياضه يوماً ولكن عمله الشاق كان وراء صنع تلك العضلات المثيره لجميع النساء التي تراه إلا تلك الواقفه أمامه خافضه رأسها تتعمد عدم النظر له، ولم تنطق اسمه لو مره واحده منذ زواجهم الذي قارب على العام.. 


"الله يرحمك يا سميره يا أم البنات".. تمتم بها "عاطف" بسره حين تذكر زوجته التي كانت تنظر له بأعين منبهره تصرخ بعشقه.. 


جفف شعره الحريري بقوه،ورمقها بنظره مشتعله بالغيظ لتجاهلها له.. لكنه تحدث بهدوء قائلاً.. 

"هتفضلي واقفه باصه في الأرض كدا؟".. 

همت بالرد عليه.. لكنها صمتت حين اقتربت منه ابنته "فاطمه" وارتمت بحضه تضمه بحب مردده.. 

"بابا انا هاخد خديجه ونروح لخالتي" رضا" هناخدها و نروح الترب نزور أمنا، وهنرجع على بيت خالتي نقعد معاها شويه".. 


قبل "عاطف" جبهة ابنته، وربت على ظهرها بحنان، ومد يده لابنته" خديجه" هي الأخرى يحثها على الاقتراب، وقبل جبهتها، وتحدث بحنو.. 

"تعيشو وتفتكرو يا حبايب ابوكي.. خلي بالكم من نفسكم وانا هاجي أخر النهار اخدكم".. 


حركا رؤسهما بالايجاب، وسارو لخارج المنزل بعدما نظرا ل" شهد" نظره حارقه يخبروها بها ان تنفذ ما طلبوه منها قبل رجعوهما.. 


تابعهما "عاطف" بعينيه حتي اغلقت "خديجه" باب الشقه خلفهما، وعاد بنظره ل "شهد" وهم بالحديث.. لكنه انتبه لملابسها المبتله.. فمد يده وامسك يدها.. لتسرع "شهد" بإخفاء وجهها بفزع بيدها الأخرى ظناً منها انه سيضربها.. 


"متخفيش يا شهد انا مش هضربك من غير سبب، ولو كنت مديت ايدي عليكي قبل كده فدا كان بسبب عنادك ودماغك الناشفه واللي متنفعش معايا انا بالذات، وانتي اتعدلتي وبقيتي ماشيه زي الألف.. فطمني مش ناوي أمد ايدي عليكي تاني إلا لو جبرتيني انتي على كده".. 

قالها "عاطف" بجديه لا تخلو من صرامته، وسحبها خلفه نحو غرفة نومهما مكملاً بتساؤل .. 

" هدومك مبلوله من ايه؟ ".. 


التزمت الصمت كعادتها، ولم تجيبه ولا حتي نظرت له،وهذا أثار غضبه جعله يتحدث بصوت عالِ قائلاً.. 

" شاااااااهد.. انا بكلمك ردي على اللي خلفوني".. 

ارتجف جسدها بخوف، وبصوت يكاد يسمع تحدثت دون النظر له ايضاً.. 

"كنت بشرب والميه وقعت عليا".. 


ضيق عينيه وهو يتطلع لها يحاول قرأه ما يدور برأسها.. فهو على علم بأن ابنتيه هما من فعلن بها هذا، ولكنها أصبحت لا تشكي اليه منهما، وكأنها تقبلت ما يفعلوه بها.. 


"طيب غيري هدومك وحضرلنا لقمه ناكلها علشان انا باقي اليوم اجازه، وهاخدك ونروح مشوار".. 

قالها "عاطف" بهدوء رغم غضبه منها.. 

"حاضر".. همست بها "شهد" وسحبت يدها من بين يده، وسارت نحو الخزانه اخرجت ثياب لها، وخلعت منامتها المبتله أمام أعين ذلك الواقف الذي اشتعل بقلبه نيران رغبه بها، وهي غير مباليه بنظرته، ودائماً تشعره برفضها له.. 


استدار موليها ظهره بعدما تعالت وتيرة أنفاسه، وأصبح صدره يعلو ويهبط بوضوح.. حاول السيطره على نفسه، وتحدث بصرامه قائلاً.. 

"اخوكي كلمني وقال ان ولادك جاين عنده انهارده لو حابه تشوفيهم".. 


كانت تهم بارتداء منامه أخرى فوق قميصها النبيذي القصير الذي بالكاد يصل لبدايه فخذها.. لكنها سقطت من يدها، وركضت نحوه حتي وقفت أمامه مردفه بلهفه.. 

"بجد يا عاطف؟"..


ظهرت الدهشه على ملامحه.. لأول مره تنطق إسمه من بين شفتيها التي تثير جنونه، نطقها لاسمه،ونظرة عينيها لعينيه، وهيئتها المغريه افقدته صرامته، وبهمس اجابها.. 

"ايوه بجد يا شهد..انا عارف انك بقالك كتير مشوفتيش ولادك، واني منعتك من الخروج من ساعة ما اتجوزتك بس دا لأنك كنتي ناويه تهربي مني، ودا انا شوفته في عيونك، لكن دلوقتي انتي عقلتي واكيد شلتي فكره الهروب دي من دماغك.. صح يا شهد؟!".. 


تأمله قليلاً لأول مره تري وسمته الشديده ، وهدوءه هذا معها.. كانت دوماً تري حنانه مع ابنتيه، ولكن الآن يعملها مثلهما.. هبطت دمعه حارقه على وجنتيها وبصعوبه همست.. 

" صح.. انا عقلت، وندمت كمان يا عاطف".. 


أنهت جملتها والقت نفسها داخل حضنه تبكي بنهيار شديد.. ويرتعش جسدها بقوه مردده من بين شهقاتها.. 

"والله ندمت على كل حاجه وحشه عملتها في حياتي".. 


رفع يده حولها، وضمها لصدره بقوه ويده تربت على ظهرها برفق متمتماً.. 

"قدامك فرصه تعيشي حياتك وتنسي الوحش، وتعملي الحلو بإيدك".. 


"لو انا نسيت الزمن مش هينسي، واديني وقعت في ايد بناتك بيخلصو حق الناس مني".. 

قالتها "شهد" بنبره شامته بنفسها.. 


"البنات بيغيرو على أبوهم منك يا شهد".. 

قالها "عاطف" وهو يزيد من ضمها له ليري هل ستدفعه عنها كعادتها.. لكنها اذهلته حين اقتربت هي الأخرى منه حد الالتصاق.. بعثرت مشاعره، واطاحت بعقله، واعطته الضوء الأخضر حين رفعت رأسها ونظرت له بابتسامه من بين دموعها، وهمست قائله.. 

"عندهم حق يغيرو عليك يا عاطف".. 


لهنا ولم يحتمل أكثر.. فمال عليها وتناول شفاها بقبله أتى بعدها الكثير والكثير استقبلته هي بكل ترحاب.. فقد رفعت راية الاستسلام ورضت به كزوج وبحياتها البسيطه معه رغم علمها انها ستظل تعاني من معامله ابنتيه طيله حياتها.. 

............................................... 

"عهد".. 


تقف أمام طاولة الزينه تنظر لهيئتها بالمرآه بابتسامه هادئه وعينيها تلتمع بسعاده وفرحه غامره..

ترتدي مئزر الحمام القصير، والذي يظهر انتفاخ بطنها بوضوح.. فهي بأخر شهر من حملها الأول.. 


تحمل بين احشائها بذرة عشقها من حبيب قلبها "غفران".. 


رفعت يدها وبدأت تمسد على بروز بطنها.. تتحسس حركة جنينها بلهفه محدثه نفسها.. 

"يا حياة وفرحة قلب عهد يا روحي أنت".. 


اتسعت ابتسامتها حين تذكرت تلك الليله التي أخبرت بها زوجها أنها تحمل طفلهما الأول.. 


.. فلاش باااااااااااك.. 


"غفران".. 


شعر ببروده تجتاحه أثناء نومه جعلته ينتفض بفزع، ويبحث بعينيه عن معشوقته مردداً.. 

"عهد".. 

غادر الفراش على عجل، وبدأ يبحث عنها بلهفه وخوف شديد.. طرق على باب الحمام فلم يأتيه رد.. فندفع نحو الداخل، ولكنه لم يجدها.. 


"غفران انا أهو".. همست بها بضعف وصل لقلبه قبل سمعه.. فتجه نحو شرفة الغرفه.. ليسقط قلبه أرضاً حين لمحها ترقد على اريكه صغيره بوجه شاحب.. 


سار نحوها بخطوات مهروله، وجثي على ركبتيه أمامها،ورفع يده واحتضن وجهها بين كفيه مغمغماً..

"قومتي من حضني ليه؟، وليه نايمه هنا؟.. 

مالك يا عهد؟.. انتي تعبانه يا حبيبتي ؟ ".. 


رفعت زراعيها وتعلقت بعنقه جذبته عليها وقبلت وجنتيه بعمق وهي تقول.. 

"اهدي انا كويسه .. بس مش جايلي نوم فقولت اقعد في الهوا شويه على ما انت تصحي".. 


حملها بين يديه، وهب واقفاً بها، وسار نحو الداخل و جلس بها على الفراش، وتحدث بهدوء قائلاً.. 

"أول واخر مره تقومي من حضني مهما حصل حتي لو مش عايزه تنامي.. خليكي صاحيه في حضني".. 


تأملته بوله، وابتسامه بلهاء تزين محياها للحظات

، واقتربت بشفتيها من وجنتيه وطبعت قبله ناعمه، وبصوت تحشرج بالبكاء همست.. 

"انا شاكة إني حامل منك يا غفران".. 


جملتها كانت كفيله تجعله يتسمر لبرهه ومن ثم نظر لها بأعين تشع فرحه لا مثيل لها، وبتساؤل تحدث قائلاً.. 

"شاكه ازاي؟!.. قوليلي حاسه بأيه يا عهد".. 


دمدمت بتفكير وهي تجيبه بطفوله.. 

"امممم حاسه إني دايخه، وعايزه أرجع بالذات أصبح بدري، وكمان؟!".. 


عضت علي شفتيها السفليه بخجل، واقتربت من أذنه وهمست ببعض كلمات تهللت أساريره علي اثراها، وبعتاب تحدث.. 

"متأخره أسبوعين يا عهد،وساكته؟!!"..


زمت شفتيها، ومالت برأسها مستنده على كتفه، وبهمس قالت.. 

"ما هي كل شهر تتأخر يا غفران من ساعة ما تميت جوازك مني، ومواعدها اتلخبطت خالص، ومبقتش مظبوطه.. يعني ممكن تكون اتأخرت عادي رغم ان قلبي حاسس غير كده".. 


رفعت رأسها ونظرت له بعشق شديد وتابعت..

"قلبي بيقولي إني حامل منك يا حبيبي".. 


أمسكت يده ووضعتها على موضع قلبها، وتابعت بأنفاس تلفح بشرته تفقده صوابه.. 

"وانت عارف قلب عهد عمره ما كدب عليها".. 


نظر" غفران" لعينيها بعمق يحاول تفسير نظرة الخوف الظاهره بهما.. طالت نظرته لها مما جعلها تعقد حاجبيها وتمتمت بتساؤل قائله.. 

" مالك يا غفران؟..بتبصلي كده ليه؟".. 


"خايفه من ايه يا عهد؟".. قالها بجديه رغم نبرة صوته الحانيه..

ترقرقت العبرات بعينيها، وهمست بصعوبه بشفتيها المرتجفتين.. 

"خايفه على مالك ومكه".. 


جملتها الجمته،جعلته يتطلع لها مذهولاً من ما تفوهت به.. لتكمل هي ببراءه خطفت بها نبض قلبه.. 

"انت عارف انهم بقو يحبوني اوي، وانا بحبهم أكتر علشان هما ولادك يا غفران، وخايفه يزعلو مني ويفتكرو اني هحب البيبي اللي هيجلنا أكتر منهم".. 


رمقها بنظره يملؤها العشق..فهي تحمل هم صغيريه وتحبهما بصدق حتي اكثر من والدتهما.. التي تزوجت من رجل أخر عقب إنتهاء عدتها مباشرةً.. 


رفع يده وبعد شعرها عن عيونها، وبهمس تحدث قائلاً.. 

"انتي أحلى وأجمل حاجه حصلتلي في عمري كله يا عهد، واطمني مالك ومكه روحهم فيكي، وبيحبوكي اكتر مني كمان، وهيفرحو بالبيبي اللي هينور حياتنا علشان هتكوني انتي أمه ".. 

دست نفسها داخل حضنه.. ملتفه بكلتا يدها حول خصره، وبخجل قالت.. 

"وانت هتكون فرحان يا غفران؟".. 


حاوطها بذراعيه، وضمها بقوه مغمغماً بتنهيده.. 

" انا مفرحتش غير لما حبيتك.. فرحتي هي؟! "..


وضع أنامله أسفل ذقنها جعلها تنظر له، وبابتسامه هائمه تابع.. 

"انتي يا عهد".. 


ابتسمت له ابتسامتها الرائعه رغم عبراتها التي تهبط على وجنتيها ببطء.. يمسحها هو بلهفه، وببكاء قالت.. 

"ماما فاتن جابت امبارح اختبار حمل من الصيدليه، وخلتني اعمله بعد ما صلينا الفجر معها".. 


انقطعت أنفاسه ونظر لها يستجديها بعينيه ان تكمل حديثها وترأف بحالة قلبه الذي يتمني ان تكن معشوقته حامل بطفلهما.. 


ضحكت هي حتي ظهرت غمزتها، واكملت بفرحه غامره.. 

"مبروك يا غفران..انا حامل منك يا حبيبي"..


عادت أنفاسه المقطوعه،وبلمح البصر كان خطفها داخل صدره بعناق محموم.. يقبل كتفها وعنقها مرات ومرات يعبر لها عن مدي فرحته بلمساته العاشقه لها فالحديث وحده الآن لن يعبر عن ما يشعر به من سعاده لا توصف بمجرد كلمات.. 


.. نهاية الفلاش بااااك.. 


فاقت من شرودها على ألم طفيف اجتاحها فجأه جعلها تتأوه بصوت خفيض.. لكن صوتها وصل لقلب زوجها الذي يقف أسفل المياه ينعم بحمام دافئ.. 


أسرع بغلق صنبور المياه، وجذب منشفه قطنيه لفها حول خصره وسار لخارج الحمام على عجل.. بحث بعينيه عنها حتي لمحها مستنده بكلتا يدها على الطاوله أمامها.. 


قطع المسافه بينهما بخطوتان، وبلحظه كان حملها بين يديه، وهو يقول بتساؤل .. 

"حاسه بتعب تاني يا عهد؟".. 


ارتخي جسدها علي صدره، وهمست بوهن.. 

"وجع بيروح ويجي يا غفران".. 

"شكلك هتعمليها فيا وتولدي الليله يا عمر غفران".. 

قالها وهو يضعها على الفراش بحذر، وجلس أمامها ينظر لها بقلق بادي على ملامحه فشل في إخفاءه.. 


دفعته بيدها الصغيره برفق متمتمه بلهفه.. 

"طيب البس حاجه الأول علشان ماما فاتن بتعملي حاجه دافيه اشربها، وهتخبط علينا دلوقتي".. 

على مضض هب واقفاً وتحرك نحو غرفة الملابس، وارتدي ثيابه سريعاً المكونه من سروال رياضي أسود وكنزه بيضاء.. 


"ااااه غفران الحقني".. 

أردفت بها "عهد" جعلت زوجها يركض بهروله نحوها.. ليتفاجئ بملامحها المشرقه التي تبدلت لأخرى شاحبه، وبصوت بالكاد يسمع قالت.. 

"انا بولد!! ".. 


"عهد حبيبتي خدي نفس.. متخفيش.. انا هلبسك هدومك وهوديكي المستشفي حالاً".. 

قالها "غفران" بهدوء رغم شدة توتره.. 

لتحرك هي رأسها بالنفي، وامسكت كف يده ضغطت عليه بكل قوتها، وبدأ جسدها يتصبب بعرق غزير، وبأنفاس لاهثه قالت.. 

"مش هنلحق نروح المستشفى.. انا بولد بقولك"..


اتسعت أعين" غفران" بصدمه حين أطلقت صرخه حاده وصدع بعدها صوت بكاء صغيرهما.. الذي جعله ينتفض بهلع، ويسرع بلتقاطه على يده وهو يصرخ بصوت عالِ.. 

"يااا أم غفرااان.. يا أمي".. 


ركضت "فاتن" نحوهما بلهفه خلفها "رغد" التي تحمل طفلها "غفران" الصغير، وتردد بخوف.. 

"سترك يا رب".. 

طرقت على الباب.. ليأتيها صوت ابنها يقول بتوسل.. 

" ادخلي يا ماما الحقينا".. 


خطت للداخل بندفاع ليلجمها المشهد للحظات وهي تري ابنها يقوم بتوليد زوجته بنفسه.. لكنها انتبهت على نفسها سريعاً، وجذبت إحدى المناشف النظيفه واقتربت منهما وتحدثت بهدوء تبث به الطمأنينه لقلبهما.. 


" اهدي واطمن هي الحمدلله ولدت خلاص"..

ارتفع صوتها قليلاً موجه حديثها ل"رغد" التي ظلت واقفه أمام باب الغرفه ولم تخطو للداخل، وتابعت.. 

"حطي مقص في الميكرويف يتعقم وهاتيه وتعالي بسرعه يارغد، وبعدين ابعتي السواق يجيب الدكتوره على هنا".. 

أنهت جملتها، وأخذت الصغير من يده بحرص شديد، ونظرت ل "عهد" التي عينيها الباكيه معلقه بصغيرها، وقالت بفرحه شديده.. 

"ولد يا عهد.. الف مبروك يابنتي".. 


بينما "غفران" أسرع بالجلوس خلف زوجته يضمها لصدره بكلتا يده مردداً بعدم تصديق.. 

"ولدتي على أيدي يا عهد؟!.. انا اللي ولدتك، ولا انا بحلم ولا بيتهيألي!!".. 


"لا مش بتحلم.. انا ولدت على إيدك".. همست بها "عهد" بضعف، وبفرحه ظاهره بصوتها تابعت.. 

" يا أبو ابني".. 

صمتت لبرهه تلتقط أنفاسها وتابعت ببطء.. 

"زين غفران المصري".. 

.................................. 

.. بشقه على وهاله.. 


يحمل "علي" صغيرته "عهد" التي أصرت زوجته أن تسميها على اسم صديقتها الغاليه بعدما اعتنت بها طيلة فترة حملها ولم تتركها على الإطلاق.. 


"يله بسرعه يا علي.. انا قلقانه على عهد من إمبارح صوتها تعبان وشكلها هتولد انهاره".. 

قالتها "هاله" وهي ترتدي حذائها وتحمل حقيبتها، وتتجه لخارج شقتها برفقة زوجها وصغيرتها.. 


عقدت حاجبيها،وتطلعت لزوجها الذي ينظر لها بخوف مصطنع، ودمدمت بشك.. 

"امممم خير يا علي، عارف ايه ومخبي عليا؟".. 


ابتسم" علي" بتساع، وتحدث بمرح وهو يقبل صغيرته بحب شديد.. 

"هي مش حاجه هتستخبي يا ست قلب علي،واطمني صحبتك ولدت فعلاً يا أم عهد".. 


بكت "هاله" وضحكت بأن واحد وهي تقول.. 

"عهد ولدت.. انت بتهزر ولا بتتكلم جد يا علي؟ ".. 

اقترب منها"علي" وضمها بيده الأخرى، وبحب قال.. 

"حبيبتي أهدي.. انا كلمت غفران، وقالي ان ربنا رزقهم ب "زين" انهارده أصبح، واديني سبت شغلي و جيت أخدك علشان اوديكي اول ما عرفت".. 


اذداد بكاء "هاله" وبعتاب قالت.. 

" قولتلك عايزه اروحلها إمبارح وانت اللي قولتلي لا هوديكي بكره".. 


قبل "علي" وجنتيها بحب مغمغماً.. 

"حقك عليا متزعليش.. انا معرفتش استأذن امبارح واجيلك، وخوفت عليكي تنزلي لوحدك انتي وعهوده".. 


" عمري ما ازعل منك يا علولي.. بس كنت عايزه ابقي معاها ومسبهاش زي ما هي كانت معايا ومتاخرتش عني لحظه واحده".. 

هتفت بها "هاله" وهي تتمسح بوجهها داخل صدره كالقطه الوديعه وتضمه هو وصغيرتها بحب شديد.. 


حاوط خصرها بيده، وسار بها نحو الخارج وهو يقول.. 

"واديني هوديكي اهو تفضلي معاها طول النهار، وهرجع اخدك المغرب".. غمز لها بمكر وتابع بعبث.. 

" علشان انا واخد اجازه يومين وعايز نقضيهم مع بعض".. 


توردت وجنتيها بحمرة الجخل، ودست نفسها داخل حضنه، وبعشق همست.. 

"ربنا يحفظك لينا، وميحرمناش منك أبداً يا ابو عهد".. 


" علي".. "ولا يحرمني منك يا هاله يا بنت الأصول .. يا ست قلبي، وست البنات كلهم".. 

...................................... 

.. بشقة أحمد..


تجلس "شهد" على إحدي المقاعد حامله "مالك، ومكه" علي قدميها، وتضمهما بلفهه مردده.. 

"هتوحشوني اوي اوي يا حبايبي".. 


تحشرج صوتها بالبكاء، وبنبره متوسله قالت.. 

" خليكم معايا شويه كمان يا مالك".. 

اجابها الصغير ببراءه.. 

"لا يا مامي عايزين نروح لعهوده علشان نلعب مع النونو الجديد".. 


"هي عهد جابت نونو؟ ".. 

قالتها "شهد" بصوت مرتجف يكسوه الألم.. 


" زين".. كان هذا صوت "فاتن" التي دخلت من باب المنزل، ووقفت تنتظر الصغيران.. 

رفعت" شهد" رأسها ببطء ونظرت لها بابتسامه صادقه لأول مره، وبتنهيده قالت.. 

" ازيك يا مدام فاتن".. 


اقتربت منها "فاتن" حتي وقفت أمامها مباشرةً.. تتمعن النظر لها باحثه عن تلك النظره الكارهه، والحاقده فلم تجد لها أثر.. قد اختفت وظهرت فقد نظرة الندم، والانكسار بعينيها.. 


فبادلتها الابتسامه وبرزانتها قالت.. 

"الحمد لله احنا بقينا كلنا بخير يا شهد".. 

جملتها كانت مقصوده.. تخبرها انهم اصبحو بحال افضل بعد ابتعادها عنهم.. 


تفهمت "شهد" مقصدها، فحركت رأسها بالايحاب، وبتساؤل قالت.. 

"طيب تقدري تاخدي الولاد، ولو ممكن ابقي اشوفهم مره كل أسبوع".. 


"لو عايزه تشوفيهم كل يوم محدش هيمنعك عنهم أبداً".. 

ابعدت "شهد" الصغيران عنها بعدما قبلتهما كثيراً، وهبت واقفه سارت نحو زوجها الجالس يتابع ما يحدث بصمت، وقفت جواره ووضعت يدها على كتفه وتحدثت قائله.. 

"مش بخرج غير اليوم اللي جوزي بيكون فيه إجازه".. 


جملتها جعلت قلب" عاطف" يتراقص فرحاً.. 

بينما ابتسمت لها "فاتن" وقد تفهمت رسالتها انها قد اكتفت ورضت بزوجها وتحاول نسيان ابنها..

"ربنا يهدي سرك".. 

قالتها "فاتن" وهي تمسك بيد الصغيران، وتتجه بهما للخارج.. 


"مالك".. قالتها "شهد" بلهفه وهي تركض نحوه وتجثو على ركبتيها وتضمه بقوه، ودست ورقه داخل جيبه دون ان يراها احد وبهمس لا يسمع قالت بأذنه.. 

"أدى الورقه اللي في جيبك لبابي وهو لوحده من غير ما حد يشوفك خالص".. 

حرك الصغير رأسه بالايجاب، ابتعدت هي عنه وضمت شقيقته، وسارو للخارج برفقه جدتهما.. 


ظلت مكانها أرضاً تنظر لاثارهم بأعين تفيض بالدمع.. فقد كتبت جواب ل "غفران" داخل حمام منزلها قبل خروجها برفقة زوجها.. تحاول به الاعتذار منه عما ارتكبته بحقه، وحق أولادها.. 


يد حنونه حملتها من كتفيها تحثها على الوقوف.. 

ظنت انه زوجها، ولكنه كان شقيقها الذي تحدث بتودد.. 

"لسه زعلانه مني يا شهد؟".. 

استدارت ببطء ونظرت له باعين تفيض بالدمع وبلحظه كانت ارتمت بحضنه مردده.. 

"متزعلش مني انت يا احمد.. حقك عليا انا غلطت في حقك، وفي حق ماما واختي، وقول لماما ورغد ميزعلوش مني هما كمان".. 


اقترب زوجها منهما، وجذبها برفق لداخل حضنه يضمها بحنان، ويربت على ظهرها برفق وهو يقول.. 

"كله هيعدي يا شهد.. الزعل والحزن، وحتي الفرح كله بياخد وقته ويعدي.. المهم نراجع نفسنا ونرجع لرب العباد قبل ما العمر هو كمان يعدي ".. 

........................................ 

..رغد وهادي.. 


"رغد".. 

شهقت بقوه حين فتحت علبه من الأطيفه وجدت بها سلسال من الذهب الأبيض غايه في الجمال مدون عليه اسمها واسم زوجها، وصغيرهما "غفران"

الذي أصر على تسميته على اسم عمه الحبيب.. 


" عجبتك؟".. همس بها "هاد" بأذنها وهو يقوم بوضع السلسال حول عنقها.. 


"دي تجنن يا هادي".. قالتها "رغد" بفرحه غامرة وهي تستدير، وتضمه لحضنها بحب شديد مكمله.. 

"ربنا يخليك ليا يا حبيبي".. 


تحركت يده على كافة ظهرها بحميمه ولثم كتفها الظاهر من منامتها ذات الحمالات الرفيعه مغمغماً.. 

" انتي اللي حبيبتي وأم ابني يا اجمل رغد".. 


ابتعدت عنه انش واحد لتستطيع النظر لعينيه، وبخجل همست.. 

"انت فعلاً شايفني جميله يا هادي مع إني س؟".. 


رفع يده ووضع سبابته على شفاتيها يمنعها من استكمال حديثها، ولف يده الأخرى على خصرها لصقها به أكثر، وبجديه قال.. 

"اه يا رغد.. انا مش بس شايفك جميله.. دا انتي اجمل واحده شافتها عنيا بعد أمي، وكلامي دا مش بجاملك بيه، ولازم تعرفي ان جمالك نوع خاص.. ملامحك الصغيره اللي بتجنني، ولونك الخمري اللي بيطير عقلي، ودا كله كوم".. 


وضع كف يده على موضع قلبها، وتابع بمنتهي العشق.. 

" وقلبك اللي زي الحليب دا كوم تاني".. 

" قلبي دا ملكك انت لوحدك وبينبض بأسمك يا هادي يا حبيب قلب رغد".. 

أنهت جملتها ورفعت يدها حول عنقها جذبته إليها وغمرت شفاتيه بقبلة اشتياق استقبلها هو بلهفه،وشغف يبادلها غرامها بشتياق أشد.. 

...................................... 

"غفران"..


رفع حاجبيه بدهشه وهو يتطلع للورقه المطويه بيد صغيره وتحدث بتساؤل مستفسراً..

"ايه الورقه اللي في ايدك دي يا مالك؟!"..


اجابه الصغير ببراءه، وهو يمد يده ويعطيها له..

"مامي"شهد" قالتلي ادهالك يا بابي من غير ما حد يشوفني خالص"..


اعلتي وجهه الجمود، ولكنه ابتسم لصغيره ابتسامه هادئه، واخذ منه الورقه، وربت على رأسه بكف يده قائلاً..

"طيب روح انت لأختك خدها واطلعو أطمنو مع عهوده وانا هحصلكم"..


انصاع الصغير لحديثه، وركض نحو الخارج..

نظر "غفران" للورقه التي بيده، وسار نحو أقرب مقعد جلس عليه وفتحها وبدأ يقرأ محتواها..


لتتسع عينيه بذهول حين لمح أول جمله مدونه بها..


"غفران يا حبيب العمر.. مكنتش اعرف اني بحبك كل الحب دا.. ولما عرفت كنت ضعت من ايدي، وبقيت لوحده غيري.. انا بكتبلك الكلام دا وانا عارفه ان أوانه فات..بس عيزاك تعرف اني ندمانه على كل حاجه غلط عملتها في حقك، وعمري ما هسامح نفسي حتي لو انت سامحتني، واوعدك اني عمري ما هحاول اعمل اي حاجه غلط تاني في حقك او حق ولادي بس بترجاك متحرمنيش منهم لأني عرفت إني شايله الرحم، ومش هعرف اخلف غيرهم يا غفران"..


تنهد" غفران" براحه، وقام بتقطيع الورقه أكثر من مره، وهو يحدث نفسه.. 

" ربنا يهديكي لنفسك يا شهد".. 

............................................ 

.. مر اكثر من ثلاث اسابيع.. 


اليوم عيد ميلاد "مالك" والجميع على اهبي إستعداد.. فقد أصرت "عهد" ان تقيم حفله كبيره، وقامت بدعوة جميع الأقارب والأحباب.. 


بينما "غفران" يتأكله الغضب والغيظ لانشغالها الدائم عنه.. أصبحت اكثر مسؤليه، وتعقل واستطاعت تقسيم وقتها بمساعدته هو و"فاتن" التي تحبها كأبنتها.. و دوماً تساعدها بالاعتناء بصغيرها، وحتي أولاده، وأيضاً الاهتمام بكليتها والحصول على أعلى الدرجات بفضله هو.. 


ورغم فرحته بها الا انه يشتاقها. يشتاق لجنونها،ومشاكستها.. 

صف سيارته أمام منزله، وترجل منها مرتدي زيه العسكري الذي زاده وسامه ووقار، وسار بخطوات واثقه نحو الداخل..وجد والدته تجلس بردهة المنزل حاملة صغيره "زين" على قدمها.. اقترب منها وقبل رأسها مغمغماً.. 

"عامله يا أم غفران.. طمنيني عليكي".. 


"الحمد لله في أحسن حال يا حبيبي.. طمني انت عليك شكلك مش عاجبني؟!".. 

هتفت بها "فاتن" وهي ترمقه بنظرات متفحصه.. 


ابتسم لها ابتسامه باهته، ودار بعينه يبحث عن معشوقته، وهو يقول.. 

"إرهاق من الشغل مش أكتر"..


رسمت "فاتن" الجديه على ملامحها ودمدمت قائله.. 

"اممم إرهاق قولتلي.. طيب يله ادخل اوضتك خد دش وارتاح شويه علشان تبقى فايق للحفله اللي عملها عهوده".. 


ضيق عينيه،ونظر لها بشك وتحدث بتساؤل.. 

"انا مش سامع صوت ليه، هي عهد والولاد فين؟ ".. 

ضحكت" فاتن" بقوه وهي تجيبه.. 

"مع الولاد فوق في اوضتهم.. طلبت لبس اون لاين لشخصيات كرتون، وهتلبسنا كلنا منها حتي انا هتلبسني الساحره الطيبه الحمد لله مش الشريره".. 


"بتضحكي يا أم غفران.. ربنا يستر أما أشوف ماما هتلبسني انا ايه يا زين باشا".. 

قالها، وهو يقبل صغيره، قبل متفرقه على وجهه ويده، وسار نحو غرفته مكملاً.. 

"لما تنزل ابعتهالي يا ماما".. 


نهي جملته واختفي داخل غرفته.. أمسكت "فاتن" هاتفها، وطلبت رقم تلك الشقيه ليأتيها الرد في الحال.. 

"مامي فاتن عايزه حاجه يا حبيبتي؟ ".. 


"فاتن" بتعقل.. " انزلي يا عهد جوزك جه وشكله مضايق".. 


عضت "عهد" على شفاتيها فهي تعلم سبب ضيقه.. تشعر يشتياقه الشديد لها، ولكنها كانت بفترة نفاسها وهذا ما منعها عنه.. رغم شوقها الاشد له، ولكنها فضلت أن تبتعد عنه قدر المستطاع لعلمها انها لن تصمد أمامه وستنجرف بكل سهوله مع أمواج عشقه الخالص لها.. 


ولكنها الآن قد أخذت كافة الاحتياطات ولن يمنعها شئ عنه مره أخرى.. 


"انا نازله حالاً، واطلعي انتي للولاد يا مامي بليز".. 

قالتها "عهد"، وهي تتجه لخارج الغرفه بعدما امسكت بيدها كنزه جديده قد اشترتها لزوجها.. 


"فاتن".. "عنيا يا حبيبتي، هطلعلهم انا وزين وهفضل معاهم لحد ما تنادي انتي علينا يا عهد.. فهماني".. 


اجابتها "عهد" بخجل.." اممم فهماكي يا مامي".. 


صعدت "فاتن" بالمصعد.. بينما هبطت" عهد" على الدرج مندفعه لداخل الشقه، ومنها لغرفتها الخاصه برفقة زوجها..واغلقت الباب خلفها، واستندت عليه بظهرها.. 


كان" غفران" قد خلع معطفه وبقي بقميصه الذي فتح أول أزراه.. 


ضيق عينيه ونظر لها بقلق حين لمح ابتسامه ماكره تزين ملامحها الطفوليه الرقيقه.. رفع إحدي حاجبيه وتنقل بنظره ليدها التي تخفيها خلف ظهرها، وبتساؤل تحدث قائلاً..

"ناويه على أيه انهارده يا عهد؟!"..


ضحكت بغنج، واقتربت منه بخطوات بطيئه تسير بميوعه تحت نظراته المتيمه بها حتي توقفت أمامه مباشرة..بل أصبحت داخل حضنه..تستمع بوضوح لدقات قلبه التي تسارعت بفعل قربها منه، ونظرت لعينيه بعشق، وهمست ببرائه مصطنعه..

"مش انت السوبر هيرو بتاع الأنا اللي بيحميها من الأشرار يا غفران؟"..


حاوطها بذراعيه وضمها لصدره، ومال على وجنتيها لثمهما بعمق مغمغماً..

"طبعا.. وبتاعك لوحدك انتي بس يا عمر غفران"..

داعبت هي أرنبة انفه بأنفها، وبنبره راجيه قالت..

"عايزه نتصور انهارده صور تجنن سوا، وتلبس اللبس اللي جيبهولك دا بليييييز"..


أنهت جملتها وظهرت كنزه زرقاء جعلت أعين "غفران" تتسع بدهشه، وتحدث بتساؤل قائلاً..

"قولي انك بتهزري يا عهد؟!"


" تؤ تؤ بتكلم جد، وجد الجد يا عيون عهد، وانت هتلبس التيشرت اللي جيبهولك دا، وانا اللي هلبسهولك بنفسي كمان علشان اشوفه عليك اول واحده"..

أردفت بها "عهد" وهي تفتح باقي أزرار قميصه واحد تلو الأخر، وعينيه لم تبتعد عن عينيه.. ترمقه بنظره عابثه..


تراقصت ابتسامه خبيثه على محياه، وجذبها من خصرها لصقها به بقوه محببه،ومال بوجهه على خصلات شعرها يستنشقه بهيام مدمدماً..

" امممم افهم من كده انك مصره؟!"..


ارتجف جسدها بين يديه من مخزي حديثه، وقربه الذي يحطم حصونها، وحركت رأسها بالايجاب، وتحدثت بهمس يكاد يسمع قائله..

"أيوه مصره".. نظرت لعينيه تتأمله بلهفه وتابعت بتنهيده اشتياق، وقد تناست أساس حوراهما حتي ان الكنزه سقطت من يدها ولم تشعر بها، ولا بيدها التي بدأت تبعد عنه قميصه بسرعه مريبه..

"واحشتني يا حبيبي!"..


بلمح البصر كان خطفها بعناق محموم، وهو يتناول شفاها بقبله أتى بعدها الكثير من عشقه الخالص لها الذي دوماً يغرقها به فعلاً وليس فقط قولاً..

..................................

.. انقضي النهار وخيم الليل بستائره وامتلئ منزل غفران بالكثير من الأطفال أصدقاء صغاره، وأسرتهم.. 

حتي عائلة "عهد" والدتها ووالدها واشقائها اتو إلى الحفل رغم معامله ابنتهما التي لم تعد معهم كما سبق، ولكنها تقبلت وجودهم بالأخير هما عائلتها.. 


كان حفلاً مبهج وملئ بالفرحة والضحكات العاليه خصتاً بملابس التي انتقتها "عهد" وكانت بمنتهي الروعه.. 


فقد ارتدي "غفران" وابنائه "مالك وزين"، وابن شقيقه "غفران" الصغير ملابس سبايدر مان.. 

بينما ارتدت "عهد ومكه وعهد الصغيره وهاله ورغد" فستان سندريلا.. 


ووقفت كلاً منهما بجوار زوجها.. ليلتقطو الكثير من الصور لحظه دخول "شهد" ممسكه بيد زوجها ترتدي عبايه سوداء وحجاب من اللون الكافيه الهادئ وزوجها يرتدي ملابس كلاسيكيه بسيطه مكونه من قميص رمادي وسروال أسود.. 


نظرت حولها للمنزل الذي كانت هي في يوماً ما تملكه هو وصاحبه، ولكن بيدها اضعته منها.. 


دون ارادتها تمسكت بيد زوجها تستمد منه بعض القوه، واقتربت من الواقفين ينظرون لها بأسف ورسمت ابتسامه باهته على محياها وهي تقول.. 

"مساء الخير عليكم".. 

"السلام عليكم".. كان هذا صوت زوجها الجاد، وهو يضغط على كف يدها برفق يبث به الطمأنينة لقلبها.. 


"وعليكم السلام.. يا مرحب يا اسطي عاطف".. 

قالها "غفران" وهو يقترب منه ومد يده له بالسلام..


"مرحب بيك يا ابو زين".. 

نظر "غفران" ل "شهد" التي تبتعد بنظرها عنه بخزي، وخجل، وتحدث قائلاً.. 

"مالك هات اختك وتعالي سلم علي مامتك".. 


نظرته كانت جامده لا تحمل اي مشاعر لها.. ولكنها قد أثارت غيرة تلك ال "عهد" كثيراً ولكنها استطاعت اخفائها بمهاره، واقتربت منهم وتخدثت بابتسامة وتعقل قائله.. 

"اتفضلي يا أم مالك احنا مستنينك علشان تطفي الشمع معانا".. 


طريقتها تفهمها زوجها جيدا.. فبتسم بتساع حين شعر بغيرتها عليه وايقن ان الليله لن تمر عليه مرور الكرام.. 


وبين الكثير من النظرات المختلفه.. غيره.. ندم.. عشق.. جنون.. انتهي الحفل وغرق الصغار بنوم عميق بعد يوم ملئ باللعب.. 


بينما هناك معركه ستبدأ داخل غرفة" غفران وعهد".. 


"اعقلي يا عهد"..

قالها "غفران" بابتسامه تزين ملامحه الوسيمه، وهو يتراجع ببطء مبتعداً عنها بعدما قرأ ما يدور برأسها..


رمقته بنظره ماكره، وسارت نحو باب الغرفة بخطوات مريبه أثارت دهشته، وقامت بغلق الباب بأحكام.. 

فهي الآن مغيبه، أعمتها غيرتها عليه كعادتها..


بينما هو أكثر من مرحب بتلك الغيره التي أشتاقها كثيراً.. يتراقص قلبه فرحًا فقد عادت مجنوته الشرسه الغيوره..


فتح زراعيه على وسعهما، وتحدث بتحذير ولم تبرح الإبتسامه محياه قائلاً بغمزه لا تخلو من وقاحته المفضله لها..

"اللي بتفكري فيه دا عواقبه هتعود عليكي انتي في الأخر يا بيبي"..


ابتسمت له بصطناع.. إبتسامة أظهرت جميع أسنانها وبدأت تفتح سحاب منامتها الورديه ببطء مثير ليظهر من أسفلها كنزته هو السوداء ذات حمالات عريضه وفتحة صدر واسعه اظهرت عنقها ومقدمة صدرها بسخاء أمام عينيه المتيمه بأدق تفصيلها،وتمتمت بميوعه وغنج اطارت بهما اللب من عقله..

"أنا هوريك عملي عهوده تلميذتك اللي علمتها على إيدك يا سيادة المقدم بقت لاعبة بوكس محترفه إزاي"..


ألقت سترة منامتها أرضاً، وأخذت وضع الإستعداد بالانقضاض عليه، وتابعت بخبث..

"وخلينا نبدأ بالذيذ.. الضرب تحت الحزام يا معالي غفران باشا"..


أنهت جملتها وبدأت تلكمه بحترافيه، وهو يصد لكماتها ببراعه وصوت ضحكاته تصدع بقوه غير قادر على قمعها خصتاً حين قالت له بغيظ، ولم تتوقف عن لكمه... 

"كنت عمااال تضحك أووي وتديها طبق الجاتوه، وانت فاتح بوقك مبين سنانك ولا اللي بيعمل إعلان معجون سنان".. 


" عايزانى اكشر في وش الناس وهما في بيتنا يعني".. 

قالها بصعوبه من بين ضحكاته التي وصلت لسمع "فاتن" جعلتها تبتسم بفرحه غامره..


 لترفع "عهد" قدمها وتستعد للكمه بعنف لكمه ستكون قاضيه وهي تقول..

"هضحكك انا اكتر حالاً".. 


لكنه أيضاً صدها سريعاً، وبذهول قال.. 

"اعقلي يا عهد.. هتضيعي مستقبلك ومستقبلي يا مجنونه انتي".. 


" عهد" بغيره مجنونه.. " مالك قالي انها بعتتلك ورقه معاه قبل كده.. واستنيت انك تقولي وانت ولا جبتلي سيره".. 


سيطر على حركاتها الهستيريه، وقيدها باحكام داخل حضنه.. ظهرها مقابل صدره، واجابها بأنفاس لاهثه.. 

" كانت بتعتذر وبتطلب محرمهاش من عيالها، والموضوع بالنسبالي منتهي اصلاً فملوش لزوم نحكي فيه يا عهد،وبعدين هو مالك انتي مجنداه لحسابك وبقي يقولك على كل حاجه، ودا هيجبله الضرب وانتي هتبقي السبب يا أم زين".. 


بلحظه كانت لكمته بمعدته بكوعها، واستدارت دفعته بعنف على الفراش خلفه، وجلست فوقه مقيده يديه أعلى رأسه بكلتا يدها، وبتهديد قالت.. 

" فكر بس كده تكلمه مش بس تمد ايدك عليه، وشوف انا هعمل فيك ايه".. 


رمقها بنظره خبيثه، وبلمح البصر كان عكس وضعهما حتي اصبحت هي أسفله، وبمكر أردف قائلاً.. 

"طيب خليني انا الأول اوريكي هعمل فيكي ايه".. 


مدت يدها، وجذبته اليها من ياقة قميصه.. هم هو بتقبيلها.. لكنها ابعدت شفتيها عنه سريعاً، وتحدثت بشراسه قائله.. 

"ضحكتك ونظرتك وانت كلك على بعضك ليا انا لوحدي.. تخصني انا يا غفران.. مش من حق مخلوق غيري، وإياك تخبي عني أي حاجه تاني.. انت فاهم.. 


"لا مش فاهم.. فهميني".. همس بها من بين سيل قبلاته الساخنه الذي يوزعها على عنقها وكتفيها بتمهل مريب.. 

أفلتت آهة منتشية من بين شفاة "عهد" ورددت بلا وعي، وكأن جميع حواسها تخدرت، وتبخر غضبها منه.. 

"بحبك يا غفران".. 


"وانا بعشقك يا عمر غفران".. 

قالها وهو يغمر شفاتيها بقبله عاشقه

 يمهد بها لليله ستكون ملحميه، ومليئه بالعشق والشوق الجارف.. 


تمت بحمد الله..



رواية غفران كامله من الفصل11 الجزء الثاني الي الفصل الاخير من الجزء الثاني بقلم نسمة مالك


تعليقات

التنقل السريع