القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية غفران كامله من الفصل الاول الي الفصل العاشر بقلم نسمة مالك

 

رواية غفران كامله من الفصل الاول الي الفصل العاشر بقلم نسمة مالك 




غفران كامله

 

الفصل 1


في صباح يوماً جديد بمنزل كبير يظهر عليه الثراء..

أستيقظ "غفران" علي صوت ضحكات  صغيريه..

"مالك خمس سنوات، ومكه ثلاث سنوات"جالسان فوقه كمحاوله منهم لإيقاظه..


اعتدل جالساً فجأه ليصرخا الصغيران بفرحة غامرة حين حملهما بحماية وأمان داخل حضنه يضمهما بقوه ويغرقهما بسيل قبلاته قائلاً بحب شديد..

"أحلى وأجمل صباح في الدنيا علي عيون حبايب قلب أبوهم"..


دار بعينه بأرجاء الغرفه بحثاً عن زوجته فلم يجد لها أثر، نظر لصغيره وهمس بخوف مصطنع..

"وديتو ماما فين يا مالك باشا؟"..

نظر له الصغير بابتسامه متسعه وتحدث ببراءه قائلاً..

"ماما زعلانه وبتعيط في المطبخ علشان عمو "هادي" باس خالتو "رغد" وهي لاء"..


كلمات عفويه نطق بها الطفل جعلت الدهشه تظهر علي وجه غفران،يعلم ان زوجته لا تتوقف عن البكاء يومياً لأسباب متعدده وجميعهم أسباب وهميه، ولكن اليوم أيعقل تبكي لهذا السبب؟!..

وزع نظره بين صغيريه وتحدث بحماس..

" اممم ماما بتعيط يبقي لازم نصالحها زي كل يوم"..


نهي جملته وحمل الصغيران وهب واقفاً متجهاً لخارج غرفته قابلته والدته " فاتن" بابتسامه مشرقه وبحب تحدثت..

"صباح الخير يا حبايب قلب نانا"..

أسرع غفران بإنزال الصغيران أرضاً ليركضا لداخل حضن جدتهما، واقترب من والدته قبل جبهتها وكلتا يدها قائلاً بحنو..

" طمنيني عليكي يا ماما عامله ايه دلوقتي"..


ربتت فاتن علي كف يده وتحدثت بتنهيده وهي تعاود ضم الصغيران..

"الحمد لله يا حبيبي أطمن بقيت احسن لما انتظمت علي دوا الضغط"..أشارت بعيونها علي المطبخ وتابعت..

"ادخل لمراتك شوف مالها ومين اللي زعلها ورضيها يا غفران"..


أخذ غفران نفس عميق وبأسف تحدث..

" من يوم ما اتجوزتها وانا برضيها و بحاول بكل الطرق أعرف مين اللي مزعلها يا ماما"..


أبتلعت فاتن غصه مريره وجاهدت لتمنع دموعها من الهبوط وتحدثت بابتسامه مزيفه قائله..

" حبيبي احنا الستات كلنا بنحب نزعل حتي لو من غير سبب علشان انتو الرجاله ترضونا ومافيش مانع انكم تحضنونا كمان"..


رفع غفران كلتا يده بستسلام قائلاً.. 

" آمري لله هرضيها واحضنها طلبتكم أوامر يا أم غفران"..

سار نحو المطبخ لكنه توقف سريعاً قبل أن يصتدم ب "رغد" زوجة شقيقه الأصغر التي خرجت مندفعه كعادتها وتحدثت علي عجل..

" أوعى يا جوز أختي، أخوك واقف تحت مع بتاع الديلفري هياخد منه البيتزا اللي نفسي فيها"..


نهت جملتها وسارت من أمامه بخطوات واسعه تشبه الركض، ليوقفها صوت فاتن الحنون..

"امشي علي مهلك يارغد يابنتي علشان اللي في بطنك".. 


حرك غفران رأسه بيأس من جنان شقيقه وزوجته، ونظر لوالدته وتحدث بأسف..

" هتنزل تلاقيه واكل نصها وهتتخانق معاه ويفرجو عليهم الجيران زي العادة"..


ضحكت فاتن برزانه قائله..

"هما صحيح زي القط والفار بس ميقدروش يستغنو عن بعض عاملين زي روح وقلب واحد في جسدين، ربنا يحميهم ويسعدهم"..


أمن غفران علي حديثها بتنهيده حزينه..

"أمين يارب، وادعيلي ربنا يهديلي أم مالك وأتوفق في شغلي الجديد يا ماما"..


قالت فاتن بلهفه..

"عرفت هتتنقل فين يا غفران؟ "..


أجابها غفران وهو يخطو لداخل المطبخ..

" هعرف انهارده بأذن الله ادعيلي يا ماما"..


رفعت فاتن يدها للسماء وبدأت تدعو له ولشقيقه ولاحفادها وحتي زوجات أولادها قائله..

" ربنا يرضيكم ويرضي عنكم ويوفقكم ويسعدكم يا حبايبي"..

ضمت أحفادها وتمتمت بصمت وعيون ترقرقت بالعبرات..

"ويهدي مراتك يا غفران يا أبني"..


" بالمطبخ"..

تقف "شهد الزيات" زوجة "غفران" وشقيقة "رغد" الكبري..

امرأة بأواخر العشرينات، خريجة ادارة أعمال، شديدة الجمال، جمالها يصل لحد الفتنه، علي نقيض شقيقتها التي لا تشبهها اطلاقاً،

فرغد جمالها مقبول ولكنها تتحلي بطباع حسنه وروح مرحة جعلت لها رونق خاص..


تجلس علي الطاوله بشرود، وعيون شديدة الأحمرار اثر بكائها الحاد.

تجهز شطائر النوتيلا التي يفضلها صغيرها كثيراً..

لتنتفض بفزع حين شعرت بيد غفران التي ألتفت حول خصرها وحملها لداخل حضنه ظهرها مقابل صدره..


دفن وجهه بعنقها يقبلها ببطء وبين كل قبله وأخرى يهمس لها برجاء..

"قوليلي مالك ياشهد؟"..

أغمضت عيونها بعنف وحاولت السيطره علي حدة بكائها وبضيق تحدثت..

"هيكون مالي يا غفران، زهقانه شويه مش اكتر".. 

عدل وضعها داخل حضنه جعلها تنظر له ليتفاجئ بملامحها الشاحبه للغايه فأسرع بحملها داخل حضنه مرة اخري وتحدث بقلق..

"انتي كويسه، حاسه بحاجه تعباكي؟"..


تأملت ملامحه للحظات، وابتسمت ابتسامة باهته ودموعها تهبط علي وجنتيها بغزاره وبستغراب تحدثت..

" اللي يشوف لهفتك وخوفك عليا دا يقول أنك بتحبني وبتموت فيا يا غفران"..


نظر لها غفران بتفاجئ وبغضب همس بأذنها..

"برضو مش عايزه تشيلي الافكار دي من دماغك"..

دفعته بصدره بكلتا يدها قائله..

"دي مش افكار، دي حقيقه وانت عارف كده كويس، احنا مخدناش بعض عن حب، جوازنا جواز تقليدي ياغفران"..


احتضن وجهها بين يديه ونظر لعيونها وتحدث بابتسامه حانيه..

"وجوزنا دا جبنا منه احلي مالك ومكه في الدنيا، وبفضلك بعد ربنا بقيت بابا يا شهد واللي بنا بقي اكبر حتي من الحب".. تعمق النظر بعيونها مكملاً.." انتي شريكة حياتي وأم ولادي يا ام مالك"..


تأمل ملامحها بفتنان حتي توقف بنظره علي شفاتيها  وابتسم بخبث وغمز لها بشقاوة وتابع بعبث..

" وبعدين وصلي أنك بتعيطي علشان عايزه تتباسي زي رغد"..


انسحبت الدماء من عروقها، وارتعد قلبها بفزع، جف حلقها، وبدأ جسدها بالارتجاف..

لتتعالي ضحكات غفران ظناً انها مازالت تخجل منه، فمال عليها مستنداً علي جبهتها وهمس بأنفاس ساخنه تلفح بشرتها..

"لسه بتتكسفي مني بعد 6سنين جواز يا شهد"..


نهي جملته وغمر شفاتيها بقبلة شغوفه يبث بها مدي تفهمه واحتوائه لها..

لم تبادله هي قبلته ببادئ الأمر، كانت جامدة المشاعر، ولكن

انصهر ثليج مشاعرها معه وانهالت عليه تقبله بحراره حين هيئ لها خيالها المريض بأنها تقبل شخص أخر كانت دوماً تتمني ان يكون هو زوجها.. 

.................................................

بمكان أخر..

فيلا الوزير "عزت البحيري"..

علي طاولة طعام مرتبه بعنايه تجلس"عهد" بجوار والدها تتناول الأفطار برفقته بصمت..


ليقطع عزت الصمت ويتحدث بنفاذ صبر..

"انهارده هيتغير طقم الحرس اللي مش عجبك كله يا عهد هانم"..

نظر لها بشرار وتابع بتحذير..

"واياكي تفكري تعملي مع الحرس الجديد حركاتك المجنونه اللي عملتيها مع اللي قبلهم لان المرادي القائد بتاعهم في شغله مبيرحمش حد"..


تابعت عهد طعامها بشراهه وتحدثت بستفزاز قائله..

" انا مبتهدتش يا بابي، ومش همشي بحرس مهما عملت فارجوك بلاش تتعب نفسك وتجيبلي حرس"..


هب عزت واقفاً وتحدث بغضب..

" مش هتخطي خطوة بره البيت من غير الحرس يا عهد"..

ضحك ساخراً وتابع بثقه..

" المرادي انا عرفت أختار صح والمقدم" غفران المصري" مش هيسبلك أي فرصه للهروب منهم زي الحرسات اللي قبله"..

ضيقت عهد عيونها وتمتمت بصمت..

" أسمه غفران!! امممم جتلي برجلك وهكرهك في شغلك كله زي اللي قبلك يا هه غفران".. 

تنهد عزت بتعب وبأسف تابع..

" أفهمي يا بنتي انا مهدد بالأغتيال من جماعات إرهابية "..


ابتسمت عهد بفرحه شديده وتحدثت بتمني..

"ياريت يا بابي يغتالونا ونموت شهداء ونروح الجنه عند مامي وأخواتي"..

أسرع والدها بحتضانها وتحدث بلهفه وخوف شديد قائلاً..

" بعد الشر عنك يا حبيبتي، انا معنديش غيرك ربنا يحفظك يابنتي"..


ترقرقت عيناه بعبرات حارقه وتابع بألم حاد..

"كفايه قتلو مامتك وولادي الرجاله الاتنين"..

مسح دموعه بعنف وتابع بثقه..

" بس المرادي انا مطمن لأن "غفران" من أكفأ وأمهر الظباط في الحرسات الخاصه وهو بعد ربنا اللي هيحافظ عليكي ويحميكي يا عهد لأنه تلميذي"..


ابتسمت له عهد ابتسامه متسعه تظهر جميع أسنانها وبوعيد تحدثت..

" ربنا يقدرني واخليه يستقيل ويسيب الداخليه كلها يا بابي"..

غافله انها ستفعلها ولكن لن تجلعه يترك عمله، بل ستفقده قلبه الذي لم ينبض بالحب الحقيقي يوماً..

........................................................

بمنطقه شعبيه..

بشقه صغيره للغايه مكونه من غرفه واحده، واثاث بغاية البساطه..

تجلس" هالة" فتاه تبلغ من العمر عشرون عام، حاصله علي شهادة الثانوي العام، وتزوجت قبل أن تكمل كليتها من عشق قلبها الوحيد "علي" يعمل سائق علي سيارات نقل عام"..


تجلس علي كرسيي متهالك بالشرفه..

امامها طاوله صغيره موضوع عليها بعضاً من اغراض البقاله، ممسكه بيدها ورقه تقرأ الطلبات المدونه بها وتضعها داخل دلو معلق بحبل وتسرع بإنزاله لخارج الشرفه..


وتعاود سحب الدلو مره أخري به النقود ثمن الاغراض التي وضعتها..

رفعت عيونها للسماء وتمتمت برضا..

"الحمد لله يارب علي كرمك وفضلك علينا"..

نهت دعائها وركضت نحو الداخل بلهفه حتي وصلت لزوجها النائم بعمق، ومنفصل عن العالم أجمع بغيبوبته بعدما تعرض لحادث قاتل ظل علي أثره فتره طويله داخل العنايه..


تخلي عنه جميع أقاربه حتي أشقائه، لتأخذه زوجته بصدر رحب وقلب عاشق وتعتني به بنفسها داخل منزلهم الصغير بعدما تم طرده من المستشفي لعدم مقدرتها علي دفع تكاليفها..


علي يقين هي أنه يشعر بها، تحدثه ولا تكف عن احتضانه وتقبيله بشتياق شديد وبفرحه غامرة تهمس بأذنه..

"علي يا حبيبي مشروعنا الصغير شغال عال العال"..

ضحكت برقتها التي تجعله يحرك أنامله للحظات وتابعت..

"قولتلك الشارع هنا محتاج بقال وادينا فتحنلهم بقاله في البلكونه عندنا يا علولي"..


عدلت وضعه لداخل حضنها تضمه كصغيرها وليس زوجها مقبله جبهته مرات ومرات وبتوسل شديد دعت من قلبها..

" يارب أشفهولي يااااارب، انت قادر تحي العظام وهي رميم، يارب اشفيلي علي ورد ليا روحي يارب"..


اكمل ولا لا


البارت ال2..


"غفران"..

علي وشك اكتشاف فتاه غامضه تمتلك أنوثة طاغية، ولكنها بعقل طفله متهورة ستفقده صوابه ومن ثم ستسلب منه نبض قلبه وأنفاسه بعفويتها وشقاوتها وجمالها البرئ..


.. بمنزل غفران..

يحتضن زوجته بكل قوته ويربت علي ظهرها بحنان بالغ لعلها تكف عن بكائها الهستيري..


ابتعدت عنه شهد بنفور وتحدثت بضيق قائله..

"خلاص يا غفران انا كويسه روح انت علشان متتأخرش علي شغلك"..


تنهد غفران بتعب وتحدث بنفاذ صبر قائلاً..

"لا يا شهد انتي مش كويسه ابدا، قوليلي مالك، وايه سبب عياطك المستمر دا"..


اقترب منها واحتضن وجهها بين كفيه ونظر لعيونها بابتسامه حانية وتابع بهمس.

"انتي كنتي متجاوبه معايا حالاً، بعدتي عن حضني فجأة ليه بس"..


نظرت له بشرود ودموعها تنهمر علي وجنتيها دون توقف، وتمتمت محدثه نفسها..

" ايوه انت عندك حق انا مش كويسه خالص ومش هبقي كويسه ابداً طول ما انت اللي جوزي يا غفران"..


تعالت شهقاتها دون أرادتها ليسرع غفران بأحتضانها مرة اخري بلهفه قائلا..

" مين اللي زعلك اوي كده يا ام مالك"..


لثم عنقها بعمق وتابع بمزاح..

"قوليلي وانا اقبضلك عليه وارميه في الحبس"..

داعب أنفها مكملاً" حتي لو غفران ذات نفسه"..


يحاول هو احتوائها بكافة الطرق، يتفهم شعورها ويبرر حزنها الدائم بأنها كانت دوماً تتمني أن تحي معه قصة عشق ملتهبه كشقيقتها وشقيقه..


ولكن أراد القدر ان يتزوجا زواجاً تقليدياً، وبرغم هذا لم يقصر غفران بحقها يوماً، ويبذل قصاري جهده ليري ابتسامتها قليلة الظهور..


ولكنها لم تكتفي بما ملكت يديها، وتنظر بعين حاقدة لرزق غيرها، بل وتتمناه بستماته ان يكون لها بيوماً من الأيام..


انتبهت من شرودها علي قبلات متفرقة بجانب شفاتيها وهمس غفران بأنفاس ساخنه تلفح بشرتها..

"سرحانه في ايه وانتي جوه حضني؟"..


طريقته الخاصة معها، وأسلوبه الساحر يجعل ضميرها ينهرها ويشعرها بذنب قاتل..


بل يظهرها انها امرأة خائنه، تخون زوجها بأفكارها التي هيئها لها شيطانها..

صكت شهد علي أسنانها بعنف ورمقته بنظره حارقه وبغضب تحدثت..

"غفران أرجوك روح شغلك وسبني لوحدي دلوقتي"..


نهت جملتها وأسرعت بالركض مبتعده عن حضنه المحاوطها بأمان لداخل حمام الغرفة غالقه الباب خلفها وجلست ارضاً تتابع بكائها بصمت..


حرك غفران رأسه بيأس من تصرفات زوجته الذي اعتاد عليها منذ زوجهم، وهندم ثيابه أمام المرأه ومشط شعره الغزير،


نثر عطره ذو الرائحه الفواحة وسار لخارج الغرفه بوجهه يظهر عليه الضيق من بكاء زوجته طيلة الوقت تخبره به انها لن ولم تكن سعيده معه يوماً. .


ولكنه حسم أمره من أجل صغيريه سيفعل كل ما بوسعه ليبدل بكائها الحزين لفرحة دائمه..

غافلاً عن ما يخبئه له القدر..


لمح والدته تجلس برفقة صغيريه فاقترب عليها وقبل جبهتها وكلتا يدها قائلاً..

"انا رايح شغلي يا امي، ادعيلي"..


ربتت فاتن علي وجنتيه بحنان وبحب شديد دعت له..

"ربنا يحفظك ويحميك وترجعلنا بألف سلامه يا غفران يا ابن فاتن"..

اكملت بسرها بدموع ترقرقت بعيونها..

 "ويفرحك مع اللي تستاهل قلبك حتي لو مكنتش شهد"..


أمن غفران علي دعائها وقبل صغيريه وسار نحو الخارج متجه نحو سيارته، لينتبه لرنين هاتفه برقم قائده فاسرع بالرد عليه قائلاً..

" صباح الخير يا معالي الباشا"..


اتاه صوت عماد الصارم..

"صباح النور يا حضرة المقدم"..صمت لوهله وتابع بأسف..

" متجيش علي المديريه يا غفران"..


قال غفران بقلق..

"خير يا فندم، حاجه حصلت؟!"..


اجابه عماد بتنهيده..

"صدر قرار بتعينك قائد حرس لسيادة الوزير عزت البحيري"..


ظهرت ابتسامة علي وجه غفران وبود تحدث..

"ودا اللي مسبب الزعل اللي سامعه في صوت معاليك؟"..


زفر عماد بضيق وبغضب تحدث..

" غفران الوزير دا معرض للاغتيال، مستهدف هو وعايلته كل لحظه،واللي عايزين يغتالوه قدرو يقتلو مراته وولاده الاتنين، ومفضلش غيره هو وبنته الوحيده، وكونه ان هو اللي يطلبك بالأسم يبقي اكيد وصله انك من اكفأ ظباط الحراسه  واحنا مش مستغنين عنك، فلو عايزني ادخل و؟..


قطع حديثه غفران بحترام..

"عماد باشا، اسمحلي انا مقدر خوف معاليك عليا، بس كون ان سيادة الوزير يطلبني لحراسته بنفسه فأعذرني مش هقدر ارفض طلبه، خصتاً انه كان أستاذي في كلية الشرطه"..


قال عماد بتنهيده حزينه..

"معني كلامك دا اني هقفل معاك وتروح علي فيلا عزت البحيري حالاً، غفران يا ابني مفكرتش في ولادك ووالدتك لو لقدر الله جرالك حاجه من الخدمه مع الوزير دا؟ "..


اتسعت ابتسامة غفران وبشجاعه وشهامه تحدثت..

" لو جرالي حاجه فأمي بإذن الله هتكون ام الشهيد، واولادي اولاد الشهيد غفران المصري يا فندم"..


قال عماد بيأس..

" حيث كده يبقي تتحرك حالاً علي عنوان الوزير اللي هبعتهولك والقوة بتاعتك هتقبلك في السكه"..


غفران..

"علم وينفذ يا فندم"..

اغلق هاتفه وانتظر لحظات لتأتيه رساله بخط سيره لعمله الجديد، قرائها بتمعن واستقل سيارته وقاد متجه نحو نقله جديده ستقلب حياته رأساً علي عقب.. 

............................................ 

بفيلا عزت البحيري..


"عهد"..

تجلس داخل غرفتها ممسكه بهاتفها تتحدث مع صديقتها الوحيده قائله..

"واحشتيني يا هاله، طمنيني عليكي وعلي جوزك عامل ايه دلوقتي"..


اجابتها هاله بحب صادق..

"يا حبيبتي يا عهد".. نظرت لزوجها الغارق بغيبوبته بعيون ترقرقت بالعبرات وتابعت..

"انتي الوحيده اللي بتسأل علينا، ولا اهلي ولا اهل علي بيعبرونا برنه حتي"..


ضحكت ساخرة واكملت بغصه مريره..

" بيخافو اطلب منهم فلوس رغم اني عمري ما طلبت من حد فيهم قرش واحد".. 


تنهدت عهد بحزن وتحدثت ببكاء..

"وانتي صحبتي الوحيده يا هاله بعد ما كل اصحابي بعدو عني وخافو علي نفسهم ليغتالوني وهما معايا ولا حاجه"..


شهقت هاله بعنف وبستغراب تحدثت..

"اما اندال صحيح، بقي انتي حد يعرفك ويعرف طيبتك وحنيتك وقلبك اللي زي الدهب ويبعد عنك يا عهد"..


عهد بفرحة طفوليه..

"ايوه عندك حق انا قلبي دهب يا لولو انتي مش بتكذبي"..


اكدت هاله علي حديثها..

" والماظ كمان يا حبيبتي ولا تعيطي وتزعلي نفسك ابدا، واللي يزعلك قوليلي عليه وانا اعلقهولك من عرقوبه"..


تعالت ضحكات عهد وبعدم فهم تحدثت..

" حلوه اوي عرقوبه دي يا لولو عجبتي اوي"..

استمعت لبوق سيارات عاليه فتابعت بحماس..

" هاله انا هفقل دلوقتي علشان الحرس الجديد جه، وهلبس واجيلك علي طول"..


قالت هاله بفرحه..

" اخيراً اقتنعتي بخوف باباكي عليكي وهتيجي مع الحرس يا عهد"..


ضحكت عهد وتحدثت بشقاوه..

" اقتنعت ايه بس يابنتي، بابا قعدلي قدام باب اوضتي بنفسه علشان معرفش أهرب من الحرس، انا بقي هستغل انشغاله مع الحرس الجديد واهرب واجيلك من غيرهم"..


قالت هاله بلهفه..

"بلاش يا عهد يا حبيبتي علشان خاطري، انا خايفه عليكي"..


اخذت عهد نفس عميق وبتمني تحدثت..

"يارب يغتالوني علشان اموت واروح لماما واخواتي يا هاله، ادعيلي من قلبك اموت شهيده بدل ما اموت منتحره"..


بكت هاله بنحيب وبغضب مصطنع تحدثت..

" بعد الشر عليكي يا بت، ان شاء الله اللي يكرهك واللي يتمني اذيتك هو اللي يروح للي خلقه"..


ركضت عهد نحو شرفة غرفتها وتحدثت علي عجل قائله..

" غفران وصل يا لولو يله اقفلي علشان هنط من علي السور واجيلك"..


ظهرت الدهشه علي وجه هاله وبفضول قالت..

"مين غفران دا يا عهوده؟ "..


قالت عهد بضحكه شريره..

" دا رئيس الحرس الجديد اللي هطلع عينه واعلقه من عربوقه"..


ضحكت هاله بعلو صوتها وبصعوبه قالت من بين ضحكاتها..

" اسمها عرقوبه يا عهوده"..


زمت عهد شفاتيها وعادت الكلمه بسرها اكثر من مره وبحماس قالت..

"يله اقفلي علشان الحق اعلق الحرس من عرقوبه"..


قالت هاله برجاء..

" خلي بالك من نفسك ياعهد بالله عليكي، وانا هستناكي وهعملك الكشري المشطشط اللي بتحبيه"..


تهاللت أسارير عهد وبحماس تحدثت..

" الله وزودي الدقه يا لولو وانا مش هتاخر عليكي"..

نهت جملتها وأستعدت جيدا لتقفز من فوق سور شرفتها كعادتها ولكن هذه المره ستتفاجئ بما سيحدث..


"غفران"..

يسير لداخل الفيلا خلفه قوته الخاصه، ليقابله عزت البحيري بوجه يظهر عليه الذعر ويتحدث برجاء قائلاً..

"غفران يا أبني الحق بنتي الوحيده"..


أسرع غفران نحوه واحتضنه بحب أبوي فهو كان معلمه ومرشده للصواب طيلة فترة دراسته وبقلق تحدث..

"اهدي يا سيادة الوزير وفهمني مالها بنت سيادتك؟"..


بعيون ترقرقت بالعبرات نطق عزت أسم أبنته الذي زلزل كيان غفران دون معرفة السبب..

" عهد يا غفران، عهد بنتي بتجري ورا الموت، عايزه تموت وتروح لمامتها واخواتها وتسبني لوحدي"..

بكي بنحيب وتابع بتوسل.. "الحقها يا غفران انت الوحيد اللي بعتبرك زي ابني ومش هأمن عليها مع حد غيرك"..


قال غفران بابتسامة مطمئنه..

"اطمن معاليك انا أفديكم بعمري"..


ربت عزت علي كتفه وبثقه تحدث..

" انا عارف ومتأكد منك علشان كده طلبتك بالأسم يا غفران"..

ظهر الاحراج فجأة علي وجه عزت وأمسك هاتفه ورفع امام اعين غفران..


لتتسع عيناه بدهشه حين لمح فيديو لفتاه معلقه من خلف ثيابها بسور احدي الغرف، وتركل بكلتا يدها وقدميها بالهواء لعلها تسقط ارضاً، غافله عن المسافه الكبيرة بينها وبين الأرض وانها اذا سقطت سيتكسر عظامها لا محاله..


وجه نظره لعزت الباكي الذي اوشك علي فقدان وعيه من شدة خوفه علي وحيدته وبصعوبه همس..

"الحقها يا غفران قبل ما تقع"..


بمهارة ودقه عاليه استطاع غفران تحديد غرفة عهد، خلع نظارته ومعطفه، وبسرعة الفهد ركض نحو الحديقه المطله علي شرفة غرفتها..


لحظة وصوله كانت بنفس لحظه انقطاع ثيابها، لتصرخ برعب حين سقطت وادركت بعد المسافه بينها وبين الارض..


اغمضت عيونها وشبه ابتسامه ظهرت علي ملامحها حين ظنت انها ستلقي حتفها وتذهب لعائلتها اخيراً..


ولكن يد قويه استلقتها لداخل حضن دافئ،يد تحاوط خصرها بحمايه، ويد اخري اسفل ركبتيها، وقلب ينبض بعنف تشعر هي بسرعة نبضاته علي جسدها جعلها تفتح عيونها ببطء لتلتقي باعين غفران شديدة السواد والجمال التي تتأملها بغضب وانفاس متهدجه..


ابتسمت له عهد بشقاوه وبأعجاب تحدثت وهي تحرك كلتا قدميها بطفوله..

"اممممم دلوقتي بس عرفت ليه بابي بيشكر فيك اوي"..


تمعنت النظر لعيناه وبستمتاع نطقت أسمه من بين شفاتيها..

"يا غفراااان"..

نطقها لأسمه بصوتها الناعم الذي راقه كثيرا جعل قلبه ينقبض بنبضه جديده عليه كلياً..


انتهي البارت..



بجد زعلانه جدا من تفاعلكوا ع القصص كلها لو القصص مش عجباكوا انا مستعده اوقفهم كلهم وانشر غيرهم بس بلاش الاحباط ده بسبب قله التفاعل 


البارت التالت 


"عهد"


من أين ظهرتي انتي لي جميلتي العنيده،جنيتي الشقيه أيعقل تكوني أنتي حبيبتي التي انتظرتها لسنوات؟!..

من تسببت بشتات أمرى ولوعتى وهجران النوم مضجعى، سيصبح قلبى نابضاً بأسمك يرتجف من سماع صوتك.. 


كلمات يتفوه بها قلب "غفران" ويكذبها عقله وينهره بشدة، فمنذ الوهله الاولي الذي استمع اسم "عهد" بها وهو تبدل حاله لشخص اخر لم يكن يعلم عنه شيئاً..


وعندما رأها بل وحملها بين يديه ونظر لوجهها الطفولي البرئ، وابتسامتها الحزينه التي برغم حزنها الا انها رقيقه و صافيه ذو رونق خاص سلبت أنفاسه..


يتأمل ملامحها بفتنان ودون أرادته ضمها لداخل حضنه أكثر واقترب بوجهه من وجهها ليستطيع النظر لعيونها بعمق اكبر..


تبادله "عهد" النظره بأخري مندهشة، رافعه حاجبيها معاً وإحدى شفاتيها جعلت هيئتها بغاية اللطافه، وبابتسامه مصطنعه تحدثت قائله..

"لو مش هسببلك إزعاج يا حضرة الظبوطه غفران نزلني"..


كان شارداً بل هائماً هو بها، انتبه علي حاله وعادت ملامحه لصرامتها ونظر لها نظرة حارقه وبغضب مكتوم تحدث..

"وأنتي لسه مسببتيش إزعاج؟!"..


رفع إحدى حاجبيه واقترب بأذنه من شفاتيها وتابع بذهول..

"ظبوطه غفران!! "..

ابتسمت عهد بتساع وتعلقت برقبته بكلتا يدها، وركلت بقدميها في الهواد بطفوله جعلت غفران عيناه تتسع علي اخرها بندهاش من أفعالها المجنونه وبعفويه تحدثت قائله..


" ظبوطه ليقه عليك اكتر وحلوه مع عهوده"..

أشارت بسبابتها علي صدره.. "انت ظبوطه"..

واشارت علي نفسها.. "وانا عهوده".. مدت كف يدها بالسلام بابتسامة مزيفه وتابعت بوعيد..

 "اللي هتكرهك في شغلك وتخليك تستقيل وتبطل تبقي ظبوطه"..


تنقل غفران بنظره بين يدها وعيونها، لتصك هي علي اسنانه بغيظ قائله..

" ما تنزلني يا بني آدم انت هتفضل شيلني كده ولا ايه؟!"..

ضحكت فجأة بسعادة وعادت التعلق برقبته قائله..

"تصدق انا مرتاحه كده"..نظرت له بابتسامة متسعه تظهر جميع أسنانها وتابعت..

" ممكن تاخدني لحد عربيتي يا ظبوطه علشان ركبي لسه بتخبط علي بعضها من الخضة"..


جاهد غفران لكتم ضحكته علي شقاوتها المجنونه، وتحدث بصرامه وهو يسير بها لداخل الفيلا..

"بترغي كتير اوي وناسيه والدك اللي هيموت من القلق عليكي جوه"..

وضعت ساق فوق الاخري وعقدت يدها أمام صدرها وبغضب طفولي تحدثت..

" بابي واخد مني علي كده، واتفضل وديني لعربيتي علشان عندي مشوار مهم"..


تجاهل غفران حديثها وتابع سير وهو حاملها بين يديه، فبرغم اللامبالاه التي تتظاهر بها الا ان جسدها يرتجف بقوة دليل علي شدة خوفها فقد كانت حقاً علي حافة الموت لولا ستر الله عليها وارسل لها غفران الذي التقطها بين يديه قبل ان ترتطم بالأرض الصلبه..


فور دخولهم من باب الفيلا شهقت عهد بعنف وقفزت من علي يد غفران حين لمحت والدها يجلس علي إحدى الارائك واضعاً يده فوق جبهته يبكي بصوت مسموع..


اقتربت منه وجثت  ارضاً علي ركبتيها أمامه وتحدثت بمزاح وعيون ترقرقت بالعبرات قائله..

"وهي يعني اول مره احاول اهرب ولا هتكون اخر مره علشان تعيط من دلوقتي يا بابي"..

احتضنت وجهه بين كفيها جعلته ينظر لها وتابعت بتاكيد..

"دا انا هفضل اهرب واهرب واهرب من الحرس اللي بتجبهوملي يا بابي علشان دي متعتي في الحياة"..


ابتسم لها عزت من بين دموعه ونظر لغفران الذي احترم خصوصيتهما ووقف بعيداً عنهم قليلاً وتحدث بثقه عمياء..

" الحرس المرادي مش هتعرفي تهربي منهم يا عهوده، وقلبي هيبقي مطمن طول ما انتي في حمي غفران من بعد ربنا"..


هبت عهد واقفه ووضعت يدها بخصرها وبضيق تحدثت..

" امممم ما انا عملت سيرش علي المقدم غفران المصري وعرفت انه من اكفاء ظباط الحراسه وصورته منورة في كذا جريده كلهم بيحكو عن مهارته و بطولاته"..


التفت ونظرت تجاه غفران الواقف بثبات وشموخ يليق به كثيرا وتابعت بوعيد..

" وانا ناوية اكتشف مهارته دي بنفسي يا بابي"..

تنهد عزت بتعب واضح وبتوسل تحدث..

" لو ليا خاطر عندك يا عهد يابنتي تخلي بالك من نفسك"..


التمعت عيناه بالعبرات مرة اخري واكمل بصوت متحشرج بالبكاء..

"انا مليش غيرك في الدنيا يابنتي بلاش تقضي علي اللي فاضل من قلبي بسبب رعبي عليكي"..


مالت عهد عليه وقبلت وجنتيه بعمق وتحدثت علي عجل وهي تركض نحو الخارج..

" متخفش علي عهوده يا بابي"..

اشار عزت لغفران علي وحيدته مسرعاً وبلهفه تحدث..

"روح معاها يا غفران اوعي تسبها لوحدها"..

صمت لوهله وباحراج وأسف تابع..

" لو حتي في الحمام متسبهاش لوحدها"..


تمكن غفران من إخفاء دهشته من ما تفوه به عزت، وحرك  رأسه بالايجاب وبعمليه تحدث..

" أوامر معاليك"..

نهي جملته وسار مسرعاً خلف عهد وهو يتحدث بجهاز الاسلكي الذي بحوزته قائلاً بأمر..

" اجهز يابني الهانم الصغيرة خارجه"..

ارتدي جاكته ونظارته الشمسيه ونظره مثبت علي عهد يتابع خطواتها وما حولها بعيون صقر متمتماً داخله بصمت..

"شكلي وقعت في حراسة طفلة مجنونه بهيئة انسة هتقرفك وتطلع عينك يا غفران".. 

......................................................

.. بمنزل غفران..


تجلس شهد بجوار رغد شقيقتها وفاتن حماتهما يشاهدو التلفاز، وبين حين واخر ترمق شهد شقيقتها بنظرة يظهر بها الحقد الدفين التي تحمله بقلبها لها..


غافله عن أعين فاتن التي تتابعها بأسف وشفقه علي حالها وما ستلقي به نفسها، فنظارات وأفعال شهد اوشكت علي فضح أمرها أمام الجميع..


تتفحص شهد كل أنش برغد، شعرها الكيرلي القصير الذي يميزها بأطلاله بسيطه ورائعه، بشرتها الخمريه وعيونها السوداء الواسعه ذات الرموش الكثيفه،ملامحها المنمقة التي تليق بوجهها المستدير كثيراً جعلتها تمتلك جمال من نوعاً خاص..


لتنتبه رغد علي صوت رنين هاتفها برساله، اسرعت بقرائتها بلهفه ليشرق وجهها بابتسامة رائعه اظهرت غمازاتها وبفرحة غامرة تحدثت قائله لحماتها..

"هادي جاي في الطريق يا ماما"..


قالت فاتن بستغراب..

"هو لحق يروح شغله يابنتي؟!"..


اجابتها رغد بخجل..

"لا ما هو هياخد اجازة انهاردة علشان يوديني للدكتور"..

صفقت بكلتا يدها بفرحة طفوليه وتابعت بفخر..

"ما غفران عين هادي مدير مجلس ادارة في شركتهم يا ماما"..


ابتسمت فاتن برزانه قائله..

" غفران قالي، ربنا يقدر جوزك ويكون اد الشغل لأن غفران اتنقل لشغل جديد ومش هيكون فاضي الفترة الجاية"..


قالت شهد بنبرة ساخره دون النظر لحماتها..

"امممم ويا عالم هنشوف حضرة المقدم ابنك امتي"..


تنهدت فاتن بيأس وبتعقل تحدثت..

" غفران عمره ما اتأخر عليكي ولا قصر معاكي في اي حاجه يا شهد يابنتي وانتي عارفه دا كويس"..


تجاهلت شهد حديثها ونظرت لشقيقتها وتصنعت الابتسامه وتحدث مدعيه المزاح..

"بس ايه يا رغد البيجامه البينك اللي انتي لبساها دي من بياضك اوي لابسه بينك!! هههه دي ظاهرة سمارك خالص يا بنتي قومي غيري بسرعه قبل ما جوزك يجي يشوفها عليكي ويتخض هههه".. 


ظهر التوتر علي ملامح رغد وبإحراج تحدثت..

"اللون فعلا ظاهر سماري يا شهد"..

تراقص قلب شهد بفرحة حين لمحت الإحراج علي وجه شقيقتها وباسف مصطنع تحدثت..

" ايوه يابنتي مش حلوه عليكي نهائي ومخلياكي زي العفريته"..


خفضت رغد رأسها تخفي عيونها التي لمعت بالدموع

وهبت واقفة وهمت بالسير نحو غرفتها ليوقفها صوت فاتن الحنون..

" رغد يا بنتي البجامة جميلة جدا جدا عليكي وهتعجب هادي وهتجننه كمان"..


ابتسمت رغد لها ودارت حول نفسها وبلهفه تحدثت..

" بجد يا ماما فاتن البجامه حلوه عليا وهتعجب هادي؟ "..

شهقت بخضه حين التفت يد هادي حول خصرها وضمها داخل حضنه ظهرها مقابل صدره وبفتنان تحدث بأذنها..

" البجامة تجنن عليكي يا احلي واجمل رغد"..


أستدار رغد تنظر له بعشق ممزوج بشوق شديد ظاهر بعيونها وبهيام همست..

" هادي"..

اجابها وهو يقبل وجنتها بعمق..

" عيونه".. عدل وضعها داخل حضنه واضعاً يده حول كتفيها بحمايه ونظر لوالدته وتحدث بابتسامه..

"احلي فاتن في الدنيا عامله ايه يا حبيبتي؟ "..


ابتسمت له فاتن ابتسامة حانيه وهي تتمتم بسرها..

"ربنا يحفظكم ويبعد عنكم عين كل حاسد وحاقد يارب"..

اخذت نفس عميق واجابته..

" الحمد لله يا حبيبي انا بخير طول ما انتم بخير"..


نظر هادي لشهد قائلاً..

" امال فين غفران يا شهد؟ "..

 تنظر لهم شهد بشرار ونظرات حارقه تكاد تقتل بها شقيقتها، انتبهت علي سؤال هادي فنظرت له هو بابتسامة هائمه فشلت في اخفائها وبحزن مصطنع قالت..

"اخوك طبعاً سيبني وفي شغله كالعادة"..


قال هادي بمزاحه المعتاد..

"تصدقي يا شهد انتي مثال أصيل للزوجة النكدية"..

عبست شهد بملامحها وتعمدت نطق أسمه بميوعه قائله..

"انا يا هادي؟"..


نفخت فاتن بضيق وهمست بسرها..

"لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، ربنا يهديكي يا شهد يا مرات ابني"..


اجابها هادي..

"دا انتي منبع النكد يابنتي وهطفشي غفران منك بعميلك دي"..

قالت شهد ببوادر غضب..

"ودا ليه بقي ان شاء الله"..


اجابها هادي بعفويه..

" اخويا من يوم ما اتجوزك وانا بشوفة ليل نهار بيتشقلب علشان يراضيكي ويعرف سبب اوائك ايه وانتي تزيدي في عياطك اكتر".. صمت قليلاً وتابع بستغراب..

" انا الصراحة مش عارف غفران مطول باله عليكي اوي كده ازاي!! "..


نظر لزوجته مكملاً بأسف..

" لو انا مكانه كان زماني وكلك علقة صبح وليل علشان يبقي في سبب حقيقي تعيطي عشانه يا رغدة قلبي"..

همس بأذنها.. "الحمد لله انك مطلعتيش شبه اختك في اي حاجه كان زماني مطلقك بالتلاته"..


لكزته رغد بيدها وهمست بتحذير..

" بس يا هادي لشهد تزعل"..

تحدث هادي بعقلانيه موجه حديثه لشهد التي تنظر له بعيون لامعه بالدموع..

" انا مش قصدي ازعلك مني يا شهد انتي عارفه انتي غالية عندي اد ايه وبعتبرك اختي علشان كده لازم الفت نظرك ان عياطك ونكدك المستمر مع غفران دا هيطهقو في عيشته وهيكرهو فيكي"..


نظر لزوجته وتابع بتاكيد..

"لان اي راجل مبيحبش الست النكدية خصوصاً لو هو كمان موفر لها كل سبل الراحة"..نظر لشهد.." زي ما غفران بيعمل معاكي كده".. نظر لزوجته وغمز لها بعبث..

" وزي ما انا بعمل معاك ياواد يا سمارة يا مسكر انت"..


تنقلت شهد بنظرها بينهم ببكاء شديد، وهبت واقفة وركضت نحو غرفتها مسرعة وصوت شهقاتها تتعالي..


نظرت رغد لزوجها بعتاب قائله..

" ليه كدة بس يا هادي كسفتها قدمنا وخلتها تعيط واحنا ما صدقنا انها تبطل عياط شوية"..


قال هادي بلامبالاه..

" انا مقولتش حاجه غلط يا رغد والمفروض ان شهد كبيرة كفاية وعارفة ان اللي قولته دا لمصلحتها"..


ربتت رغد علي كتفه وبرجاء تحدثت..

"طيب علشان خاطري روح راضيها وقولها انك مش قصدك تزعلها علشان متفضلش تعيط يا هادي وولادها قربو يجو من الحضانه مينفعش يلقوها لسه بتعيط"..


قال هادي بنفاذ صبر..

" الله يكون في عون غفران وولاده والله"..

نظر لوالدته وبأسف تابع.. "دي هتخلي العيال يتعقدو بسببها"..


قالت فاتن بتمني..

" ربنا يهديها و يصلح حالها يا ابني"..

امنت رغد علي دعائها بقلب نقي وسحبت زوجها متوجه نحو غرفة شقيقتها وتحدثت برجاء..

"يله تعالي طيب خاطرها بكلمتين يا حبيبي وبلاش تبقي تنصحها قدمنا كده تاني ابقي قولها بينك وبينها علشان متحرجهاش"..


نظر هادي لزوجته بعشق لبرائتها وصفاء قلبها وتمتم محدثاً نفسه بتنهيده متألمة..

"بتمني من ربنا انك متفهميش اللي انا فاهمه في يوم من الايام يا رغد"..

..........................................................

"شيل ايدك عني بدل ما اخلي الحرس اللي انت قائدهم يعلقوك من عرقوبك"..

تفوهت بها "عهد" وهي تصك علي أسنانها بغيظ شديد..


نظر لها "غفران" بابتسامة مصطنعه تظهر جميع أسنانه وذاد من الضغط علي رسغها أكثر وبأمر تحدث غير مبالي لحديثها..

"اتفضلي سيادك اركبي ورا وانا هسوق بنفسي"..


صرخت "عهد" بنفاذ صبر قائله..

"انت ايه كمية البرود اللي عندك دي، بقولك هخرج لوحدي يعني هخرج لوحدي وانت مش هتيجي معايا يا بني أدم يبقي تقولي حاضر يا عهودة وتمشي من وشي احسنلك لو خايف علي عرقوبك"..


عض غفران علي شفاتيه السفليه بعنف واقترب بوجهه من أذنها قائلاً بستغراب..

"عرفتي كلمة عرقوب اللي انتي فرحانه بيها دي منين يابنت الوزير"..


اجابته عهد بتلقائيه..

" من هاله صحبتي".. انتبهت علي حالها فتابعت بغضب..

"ايه بنت الوزير دي اسمي عهوده قولتلك"..

رفع غفران عيناه للسماء وتمتم بصمت..

"ايه ياربي الوقعه اللي مش فايته اللي وقعتها مع المجنونه دي"..


لكزته عهد بقبضة يدها بكتفه بعنف وهي تقول بغضب طفولي..

"عهوده مش مجنونه يا ابو عرقوب انت"..


نظر لها غفران بعيون متسعه وابتسامه شريره وتحدث بوقاحه قائلاً..

"طيب انتي تعرفي العرقوب دا فين لأن انا اللي هعلقك منه حالاً يا عهوده؟"..


توردت وجنتيها بحمرة الخجل واذدرقت لعابها بصعوبه من نظرته وطريقته الجاده معها وبتقطع همست..

"غفران أنت اتجننت؟!!"..


عاد غفران لملامحه الصارمة وبتحذير تحدث..

"هتركبي سيادتك ولا تتعلقي انا مش فاضي لدلعك المايع دا"..

اتسعت اعين عهد بصدمة وبدأت تفقد اعصابها اكثر وبعناد تحدثت..

"هروح لصحبتي هاله من غيرك انت والحرس ودا اخر كلام عندي يا حضرة الظبوطه غفران لو مش عجبك اضرب دماغك في دماغ القوه بتاعتك وشد في حوجباتك"..


قال غفران بجديه مصطنعه وهو يفتح أكمام قميصه ويرفعه لساعديه..

"حواجباتي؟! امممممم اه طبعا سيادتك هتروحي لصحبتك وكلنا هنروح معاكي بابي وجدو وعمتو"..

 نظر لأحدي الحرس وتابع..

"ابنك اسمه ايه يا عسكري؟"..


اجابه العسكري بعمليه..

" حمزه يا فندم"..

ابتسم غفران لعهد ابتسامه مزيفه قائلاً..

"وابو حمزه جاي معانا ولو معترضه سيادتك تقدري تنكشحي علي اوضة سيادتك يا أما تتعلقي حالاً"..

مال فجأه بوجهه علي وجهها حتي كادت انفهما تتلامس وتابع بتمني..

" وانا نفسي اعلقك من لسانك اللي عايز قطعه الصراحه سيادتك"..


رمشت عهد بعيونها اكثر من مره وبقوة مزيفة تخفي خلفها خوفها قالت..

" وانت خليت فيها سيادتك، انت ازاي تكلمني كدة يا حيوان انت؟"..

سارت نحو سيارتها وهي تقول بصراخ وغيظ شديد..

"طيب انا هخرج لوحدي ووريني هتمنعني ازا؟ "..


قطعت حديثها وشهقت بعنف حين وجدت نفسها فجأة محموله علي كتف غفران رأساً علي عقب، وبخطوات واثقه سار بها لداخل الفيلا وهو يقول بأسف..

" واضح ان سيادك من النوع اللي مبيجيش غير بالسك علي نفوخه"..


بدأت تركل عهد بقدميها بالهواء، وتلكمه بكلتا يديها علي ظهره لعله يتركها وهي تقول بصراخ..

"نزلني يا غفران احسنلك بدل ما اخلي بابي يرفدك"..


لتنذهل من والدها حين قال لغفران بأمر وهو يجاهد لكتم ضحكاته..

" اوعي تنزلها إلا لو رضيت تخليك تروح معها يا غفران غير كده سيبها متعلقه كده لا طايله سما ولا ارض"..


تنهد عزت براحه وتابع بفرحة..

"انا دلعتك كتير يا عهد ودلوقتي هتشوفي وشي التاني في غفران اللي بعتبره ابني".. 


ياريت الاقي تفاعل يشجعني



البارت الرابع..


"عهد"..


خلف جنونها وشقاوتها ولسانها السليط ألم حاد وحزن شديد يغلف قلبها الرقيق، ويجعلها تتمني الموت لعلها تجد الراحه ولو قليلاً..


فهل سيغير القدر فكرتها أم ستنال ما كانت دوماً تتمني؟؟..


دعونا نري..


.. مر يومان..


تجاهد عهد للخروج دون الحرس ولكن غفران تمكن من افشال جميع محاولتها، وإن خطت لخارج غرفتها تعود اليها محموله علي يده، تكرر محاولتها مرات ومرات وكل مرة يحملها غفران بطرق مختلفه ويضعها بفراشها ويسير نحو الخارج تاركها تقذفه بوابل من الشتائم وجميع الوسائد التي بغرفتها.. 


أما "غفران"..

عقله غير قادر علي أستيعاب ما يفعله، الكثير من الأسئله تدور برأسه..

أين غفران الذي يعامل أي امرأة بحدود وأحترام شديد؟..

لما فقد اعصابه مع "عهد" الي هذه الدرجة؟!..

و الأكثر من هذا كيف تجرأ علي حملها، وأباح لنفسه لمسها هكذا وهي لا تحل له؟!..


لم يعثر علي اجابه لأي من تلك الأسئله، او أنه خائف من معرفة الأجابه فقرر إلقاء كافة شئ خلف ظهره والتركيز اكثر علي عمله الشاق حتي يتفادي خطورته..


ركلات عنيفه، ولكمات قويه علي ظهره انتشالته من دوامة أفكاره..

وجد "عهد" كعادتها مؤخراً علي كتفه حاملها رأساً علي عقب، وبصراخ تتحدث قائله..

"نااااااازلني ياااا ظبوطه انت بقولك احسنلك"..


صك علي أسنانه وتمتم بوعيد بصوت شبه ملحوظ قائلاً..

"ظبووووووطه هيظبطك بإذن الله".. 

اخذ نفس عميق وبحذر أنزلها ارضاً، ليتفاجئ بهجومها الشرس عليه، تلكمه بكلتا يدها وحتي قدميها وهو يتفادها بمهاره عاليه جعلها تصرخ بغيظ شديد قائله..

" هي مين دي اللي هتظبطها، لا انت ولا الحرس بتوعك كلهم"..


تلكمه بقبضة يدها بعنف وبمهارة لاعبة بوكسنج، وهو يتفادي لكمتها بابتسامة إعجاب تزيد من غضب عهد اكثر، وببرود تحدث قائلاً..

"بتلعبي بوكس كويس سيادك بس محتاجه شوية تمارين تخليكي اسرع وامهر"..


قالت عهد وهي تجاهد للوصول لوجهه لتلكمه به بعنف..

" إياك تفكر تشلني كده تااااااني، ولا حتي تلمسني خالص انت فاهم ولا لااااا"..


نهت جملتها وكادت أن تلكمه بقدميها لكمة عنيفه، ولكن غفران بسرعة البرق أمسك قدمها بيد، وجذب قدمها الأخري بإحدى قدميه، لتصرخ عهد برعب حين أوشكت علي السقوط أرضاً بقوه، ليسرع غفران ويلتف بيده الاخري حول خصرها ليمنعها من السقوط حتي اصبحت داخل حضنه..


تنظر له بشرار، يبادلها هو النظرة بأخري جامدة، ولكنه يتأمل ملامحها، بل يحفرها بذاكرته..


يلتقطان أنفاسهما بصعوبه، وبصوت مسموع، لتبتسم عهد له ابتسامة خبيثة ومن ثم لكمته بوجهه فجأة وابتعدت عنه سريعاً وهي تضحك بفرحه وتقول بستفزاز..

"ضربتك يا ظبوطه، عليك واحد هههههه".. 


تحمس غفران للعب معها كثيراً، فخلع معطفه والقاه ارضاً بلمح البصر، وأسرع بصد ضربه اخري كادت أن تنال من وجهه ايضا وهو يقول بتحذير..


"سيادتك انا لحد دلوقتي بتعامل معاكي ميري، ومتعدتش حدود وظفتي و"..

قطعته عهد بشهقه حادة وتوقفت عن لكمه واضعه كلتا يدها بخصرها جعلته ينظر لها بستغراب، وبحاجب مرفوع تحدثت..

"نعم يا دلعي شيلني علي كتفك وتقولي حدود وظفتك؟!"..


اتسعت أعين غفران علي أخرها وبذهول عاد كلمتها..

"دلعي!!!".. حرك رأسه لها مكملا بعدم فهم..

" دا اللي هو ايه بالظبط سيادك؟ "..

صمت لوهله ومن ثم ضحك بقوه مكملاً..

"تقصدي نعم يادلعدي؟"..


نظرت له عهد بعبوس وهي تقول بغرور مصطنع..

"ايوه اقصد دي"..

 تحولت ملامحها لأخري خجوله واقتربت منه وهي تعض علي شفاتيها واشارت له ان يميل بأذنه عليها قليلاً..


توتر غفران من قربها، وعبير رائحتها المسكرة، ولكنه نجح في اخفاء توتره، كتم انفاسه وبرزانه مال عليها قليلاً فهمست هي برجاء..

"قولها تاني كده بس واحده واحده علشان اعرف لوحدي اقولها يا ظبوطه بلييييز"..


كلماتها العفويه البريئه جعلت غفران يرفع عينه الذي تعمد ابعادها عنها ونظر لها بدهشه، ليتفاجئ من ابتسامتها الأكثر من رائعه التي تزين ثغرها المزموم، لتدهشه هي اكثر حين قالت..

"ظبوطه قولها براحه وانا هقولها وراك"..

قفزت فجأه وصفقت بكلتا يدها وبحماس تابعت..

"نفسي اقولها صح بلييييز"..


استدار غفران موليها ظهره، واضعاً كف يده علي جبهته وبثقه تمتم محدثاً نفسه..

"لا والله ما طبيعيه، دي مليون فيه الميه مجنونه"..

همسه وصل لسمع عهد التي رسمت الجدية علي وجهها وتحدثت بصرامة قائله..

"انا عايزه اروح لصحبتي هالة حالا"..


ضربت بقدمها الأرض وتابعت ببكاء مصطنع..

"الكشري المشطشط هيحمض بسببك يا ظبوطه انت".. 

قال غفران بنفاذ صبر..

" هروح معاكي هتروحي لصاحبتك، غير كده مافيش خروج من باب الفيلا سيادك"..


نظرت له عهد بشرار وبصراخ وغيظ شديد قالت..

" انت بسسسسسس اللي تيجي ودا اخر كلام عندي ها بس"..


نظر لها غفران قليلاً يستشف ما يدور بعقلها بخبرة ظابط حراسات ماهر، وبعمليه تحدث..

"أمر سيادتك"..

أشار لها بالسير أمامه.." اتفضلي معاليكي"..

بخطوات غاضبه سارت عهد امامه وهي تتمتم بسرها بغيظ..

"بااارد ومستفز ورخم وعسل وامور كتك القرف"..


ابتسم غفران علي غضبها الطفولي وما تفوهت به ورفع جهاز اللاسيلكي وتحدث به بأمر قائلاً..

"اجهز يا ابني واتحرك بعد ما اخرج انا والهانم بدقيقتان"..

................................................

.. بمنزل غفران..


أسفاً علي زوجه لم تقدر قيمة النعم التي تملكها،تناست حق خالقها، وتركت عقلها لشيطانها حتي تمكن منها فملئ قلبها بالحقد الأعمي..

غافله أن لابد من نهاية لكل بداية..


" شهد"..

تجلس بغرفتها يدور بعقلها حديث هادي اللازع بالنسبه لها،

لتصك علي أسنانها بغيظ شديد وتمتمت قائله..

"بقي لو كانت مراتك السوده دي شبهي كنت طلقتها يا هادي!"..

ابتسمت بخبث وتابعت بوعيد..

"طيب انا بقي هوريك الفرق بيني وبين الخنفسه بتاعتك"..


امسكت هاتفها وطلبت رقم زوجها، وضعت الهاتف علي أذنها وانتظرت يأتيها الرد..


.. بسيارة عهد..

صف غفران السيارة بجانب الطريق، لتسرع عهد بتبدل ثيابها لعباءه سوداء تحت نظرات غفران المندهشه..

لمحت هي نظرته فقالت بضيق..

" المكان اللي رايحينه شعبي مينفعش ادخل فيه بلبسي دا"..


قال غفران بفضول..

"وانتي عرفتي المكان دا منين سيادتك؟"..

قالت عهد بابتسامه حزينه..

"دي حكاية طويله اوي".. تنهدت بألم وتابعت..

"وانا بحب الحكايات والروايات هبقي احكيهالك يا ظبوطه"..


بدأ يقود غفران مرة اخري وهو يقول..

" انا كمان بحب الروايات جدا خصوصاً لو لنسمه مالك"..

ميرسيي يا ظبوطه علي رأي عهوده☺️اححم نرجع للروايه😇..

شهقت عهد بفرحة غامرة وهي تقول..

" وانا كمان بحب نسوووم جداً وكمان سوما العربي دول عشقي و؟!"..

قطع حديثها صوت رنين هاتف غفران الموضوع علي طابلوه السياره..


هم غفران بأمساكه لتسرع عهد وتلتقطه هي وتضغط زر الفتح ومن ثم المايك وهي تلاعب له حاجبيها..

ليستمعو لصوت شهد تقول ببرود..

"انت فين؟"..


نظر غفران لعهد بشرار وهو يقول بجديه..

" هكون فين يا شهد، في شغلي طبعاً"..

أخذ نفس عميق وتابع بهدوء..

"طمنيني انتي كويسه والولاد كويسين"..


اجابته شهد بضيق..

"اممم كويسين، هتيجي انهارده ولا لاء برضو"..

اجابها بلهفه فشل في اخفائها..

"لو عيزاني اجي؟ "..

قطعته بغلظة..

"عادي براحتك بس لو مش هتيجي ابعتلي فلوس"..


ضغط غفران بكلتا يده علي المقود بعنف،كم يود ان تشعره انها تشتاقه،تريده، وتتوق لعودته..

ابتلع غصه مريره وهو يقول..

" حاضر عنيا هبعتلك وانا هاجي بكرة بإذن الله"..


بلامبالاه لحديثه قالت..

" طيب ابقي اعملي اوردر من ماك كمان وابعتهولي بعد ما الولاد ينامو بيقرفوني ومبعرفش اكل منهم"..

اتسعت اعين عهد بذهول وتنقلت بنظرها بين الهاتف وبين غفران المبتعد بعيناه عنها..


تنهد غفران وتحدث بنفاذ صبر..

" اقفلي وشويه وهكلمك ياشهد"..

دون سماع باقي حديثه كانت ضغطت زر القفل وبفرحه حدثت نفسها قائله..

" اجهز نفسي بقي علشان دا وقت وصول"..

اغمضت عيونها وبهيام تابعت..

"هاااادي"..


.. اما عهد..

وضعت الهاتف من يدها وبفضول تحدثت قائله..

"دي مراتك يا ظبوطه؟ "..

حرك غفران رأسه بالايجاب، فتابعت هي..

"وعندك اولاد؟"..

اجابها غفران بابتسامه شارده..

"احلي اولاد واحلي حاجه في حياتي مالك ومكه"..


قالت عهد بمزاح و تلقائيه وهي تضحك..

"انت اكيد مستحمل مراتك بطريقتها البشعه دي علشان ولا؟"..

قاطعها غفران بغضب..

"مسمحلكيش تتكلمي علي مراتي بالشكل دا سيادك ويستحسن نخلي كلامنا في حدود الشغل وبس"..


تلاشت ضحكة عهد وخفضت رأسها بخجل والتزمت الصمت قليلاً ومن ثم نظرت له وبغضب طفولي قالت..

"أوقف هنا هنكمل الباقي مشي"..

صف غفران السيارة وفتحت عهد الباب واستعدت للنزول لكنها تراجعت والتفت له وقالت بأسف جملة جعلت قلبه ينشق لنصفين وينزف بغزاره..

" مراتك دي من غير ما أشوفها، بأسلوبها دا مبتحبكش يا غفران"..

رغم انها قالت الحقيقه و يعلم هو بها ولكنه يكذب نفسه.. 

.............................................................. 

.. شهد.. 


ارتدت روبها الحريري الاسود القصير للغايه الذي بالكاد يصل لمنتصف فخذها،انعكس اللون علي بشرتها ناصعة البياض فذادها جمالاً فوق جمالها..


تركت لشعرها العنان لينساب علي ظهرها كشلال من الذهب الصافي، وضعت قليل من مساحيق التجميل وزينت ثغرها المزموم بلون احمر ناري فأصبحت مثيره حد الفتنه..


وقفت خلف باب غرفتها تنتظر موعد وصوله من عمله، تحفظ هي مواعيده عن ظهر قلب، لحظات مرت عليها كأعوام بالنسبه لها..


وأخيراً استمعت لبوق سيارته تعلن عن وصوله، لتزداد ضربات قلبها وكأنه اوشك علي مغادرة ضلوعها من سرعة دقاته..


صف "هادي" سيارته وبسرعة البرق ركض كعادته لداخل المنزل بقلب عاشق مشتاق حاملاً بيده باقة ورد اكثر من رائعه لزوجته الخلوقه..


استمعت هي لصوت باب المنزل يفتح، وخطوات قدميه تقترب من غرفتها،اغمضت عيونها بعنف واخذت نفس عميق وفتحت باب غرفتها لحظه مروره من أمامها..


لتصتدم به وتتصنع السقوط ليسرع هو ويحاوط خصرها ليتفادي سقوطها قائلاً..

"حاسبي يا شهد، انتي خارجه فجأة زي المدفع ليه كده يابنتي"..


من شهد؟ اين شهد؟ غارقه هي داخل حضنه، تستنشق عبيره بهيام، ودون ارادتها همت بضمه لها اكثر ولكن صوت فاتن الصارم من خلفها انتشلها من دوامة عشقها المحرم قائله بحده..

"هادي روح شوف مراتك يا ابني"..

ابتعد هادي عن شهد بعدما رمقها نظرة استحقار لم تنتبه هي لها، فعيونها مثبته علي حماتها التي ترمقها بنظرات ناريه وبأمر تحدثت..

"حصليني علي أوضتي يا شهد"..

ابتسمت لها ابتسامة زائفه وتابعت..

"عيزاكي يا مرات ابني".. 


ا


انتهي البارت..



البارت ال5


"شهد"..


تسير بخطوات مرتجفه نحو غرفة حماتها، فنظرات فاتن الحارقه، وصرامتها جعل قلبها يرتعد من شدة خوفها..

وقفت أمام باب الغرفه المفتوح تلملم روبها حول جسدها بأحكام، لتنتفض بفزع حين أتها صوت فاتن الغاضب وهي تقول بأمر..

"ادخلي واقفلي الباب وراكي"..


ازدردت لعابها بصعوبه، ورسمت اللامبالاه علي وجهها وخطت لداخل الغرفة غالقه الباب خلفها،نظرت لفاتن الجالسه علي إحدي المقاعد متعمده عدم النظر لها، فهيئتها تثير اشمئزازها كثيراً..


سات الصمت لدقائق ومن ثم تحدثت فاتن مستفسره..

" عايزه توصلي لأيه بالظبط بعميلك دي يا شهد؟؟"..

ظهرت ابتسامة ساخره علي وجه شهد وببرود قالت..

"عايزه اوصل لأوضتي علشان أنام يا طنط "..


اشتعلت أعين فاتن بالغضب اكثر، وتحولت ملامح وجهها الطيبه التي تتميز بها تبدلت لأخري شرسه، وهبت واقفه،اقتربت منها وقفت أمامها وتحدثت بصرامه أثارت الرعب بأوصلها أضعاف حين قالت..


"اسمعي يا بت انتي يا تتعدلي وتمشي بما يرضي الله مع جوزك وتحفظي عليه وعلي ولادك وبيتك يا إما ورب ولادي هخليه يرميكي وترجعي للمكان اللي جبناكي منه ونضفناكي وبقيتي مدام غفران المصري اللي مليون واحده غيرك تتمني اشارة واحده منه"..


ترقرقت العبرات بأعين شهد وبغصه قالت..

" انتي بتعيريني يا طنط؟! "..

اجابتها فاتن بجمود..

"من يوم ما اتجوزتي ابني وانا  بعاملك زي بنتي، واقول هتعقل وتقدر النعمة اللي ربنا كرمك بيها"..

نظرت لها بأسف مكمله..

"وانتي عماله تتمادي في قرفك وبتبقي أسوء"..


جذبتها من رسغها ببعض العنف، وصكت علي أسنانها وتابعت بدهشة من افعالها الشنيعه..

"أمال لو غفران كان مقصر في حقك كنتي عملتي اييييه؟؟ "

قالت شهد ببكاء مزيف..

" وانتي مين قالك ان ابنك مش مقصر في حقي وخصوصاً علاقتنا الحميمه؟؟"..


قطعتها فاتن بذهول وعدم تصديق من فظاظتها وعدم حيائها قائله..

" اخرسي قطع لسانك يا قليلة الربايه"..

نظرت لعيونها بعمق وبثقه قالت..

" انا ابني راجل من ضهر راجل، ولو في حد مقصر في حق التاني فهيبقي انتي"..


نظرت لهيئتها من أعلى لاسفل بابتسامة مصطنعه وتابعت بستحقار..

"المنظر دا لو شوفتك بيه تاني بره اوضتك صدقيني رد فعلي وقتها هيخليكي تندمي علي اليوم اللي اتولدتي فيه"..

أنهت حديثها واستدارت موليها ظهرها وبأمر قالت..

" يله علي أوضتك وفكري كويس في كلامي واعملي بيه احسنلك يا شهد"..


نفخت شهد بضيق، وسارت نحو الخارج بخطوات غاضبه دون الرد علي حماتها وهي تمتم بغيظ..

" يا باااااي علي دي ست حربايه صحيح"..

خطت لداخل غرفتها صافعه الباب خلفها بعنف عندما وصل صوت ضحكات رغد لأذنها فأشعل نيران الحقد بقلبها اكثر..


خلعت روبها وألقته ارضاً بغضب،أرتمت علي الفراش وبوعيد حدثت نفسها..

" أما وريتك انتي والخنفسه اختي اللي بتضحك اوي ومتهنيه مع الراجل الوحيد اللي عشقته في حياتي مبقاش انا شهد"..

شدة غيظها وغضبها جعلها تبكي بنحيب شديد حتي غلبها النعاس فغصت بنوماً عميق وقد تناست تبديل قميصها قبل عودة زوجها كما كانت تنوي..

....................................................

.. بإحدى المناطق الشعبيه..


" غفران"..

يسير بجوار عهد بوجه يظهر عليه الدهشه وهو يراها تتجه نحو احدي المتاجر الخاصه بالملابس الرجالي، تقدم بخطواته ووقف امامها يوقفها عن السير وبتسائل قال..

"انتي داخله المحل دا تعملي ايه؟!"..


اجابته عهد بضيق..

"مش هينفع نروح عند صحبتي بالبدله اللي انت لابسها دي"..

عقد غفران حاجبيه وهو يقول..

"امممم وسيادتك عيزاني البس ايه؟"..

قالت عهد بنفاذ صبر..

"اكيد هنشوفلك اي لبس يكون بسيط تيشرت علي بنطلون مثلاً"..


ضحكت بصطناع وتابعت بستفزاز..

ولا تحب تلبس عبايه زي بتاع؟ "..

قطعت حديثها بخوف من نظرة غفران الحارقه..

عض غفران علي شفتيه السفليه بعنف وهو يقول..

"اتفضلي اختاري اللبس البسيط اللي عيزاني البسه خلينا نخلص من ام دا مشوار سيادتك"..


نظرت له عهد بغرور وسارت امامه لداخل المتجر، وقف غفران يتابعها بعيناه وهي تنتقي له ما سيرتديه بفرحة طفوليه ظاهرة علي وجهها حتي انتهت، واقتربت منه راكضه وهي تقول بحماس..

"ادخل اعمل بروفه علي دول انا متأكده انهم هيبقو علي مقاسك بالظبط يا ظبوطه"..


اخذهم غفران من يدها دون النطق بحرف وسار نحو البروفه ولكنه تراجع سريعاً، واقترب منها ووضعهم بيدها مرة أخرى، عبست عهد بملامحها وبتسائل قالت..

"ايه مش هتشوفهم عليك؟"..

اجابها غفران بصرامة وجديه قائلاً..

" هشوفهم"..


خلع معطفه ووضعه علي احدي القاعد، وبدأ يفتح أزرار قميصه واحد تلو الأخر أمام أعين عهد التي اتسعت علي اخرها وتابع بابتسامة مزيفه..

"هنا وانتي قدام عيني سيادتك"..

شهقت عهد بخجل واستدارت مسرعه مولياه ظهرها حين خلع قميصه وظل بكنزه حمالات تظهر قوة وصلابة ذراعيه القويتين بصوت رفيع للغايه من فرط خجلها قالت بذهول..


"انت هتغير هدومك كلها كلها هنا يا ظبوطه؟!"..

اجابها غفران بتسليه..

"ايوه بالظبط كلها سيادتك"..

تمتمت عهد بجمله جعلت غفران يفقد السيطرة علي ضحكاته حين قالت..

"يانهوي يا معنمي حيييييب احنا في الشااااارع"..


كتم غفران ضحكاته بصعوبه، وحرك رأسه بيأس من أفعالها واقوالها المجنونه، وانتهي من تبديل بذلته السوداء وارتدي كنزه بيضاء وسروال من الجينز القاتم وحذاء رياضي أبيض

 ووقف أمامها وقال بجمود..

" ها سيادتك تمام كده؟ "..

قفزت عهد بفرحه غامرة وقالت وهي تصفق بكلتا يدها..

"الله عليكي يا بت يا عهوده زوقي في الشعبي يجنن برضو"..


اسرعت نحو البائع واخرجت من حقيبتها بعض النقود، لينظر لها غفران بابتسامة زائفه ويقول بسخريه..

"سيادتك بتهببي ايه؟"..

قالت عهد بعفويه..

" بحاسب يا ظبوطه"..


صك غفران علي أسنانه بغيظ شديد وابتعد بعيناه عنها متمتماً..

" يعني اعمل فيها ايه دي، اكلها بوكس ابلعها لسانها واكسرلها سنانها وابوظلها شفايفها اللي عايزه؟"..

نظر لشفتيها المذمومتين لتذهله بجمالها الساحر، ليتابع بسره بلا وعي..

"عايزه الأكااااال يا عهوده"..


انتبه علي حالته سريعاً فرسم الصرامة والجمود علي ملامحه مره اخري، وبلحظه كان امسك كف يدها بين قبضة يده الضخمه، وسحبها خلفه للخارج..


لتتحدث عهد بدهشه..

" احنا مدفعناش فلوس الحاجه اللي لبستها دي، وكمان بدلتك سبتها جوه!! "..

لم يكتراث غفران لحديثها، بل يحدث باقي الحرس بعيناه بلغة الأشاره، ليسرع احدهم نحو المتجر وقام بدفع النقود واخذ متعلقات غفران وتابعو سير خلفهم حتي اخيراً وصلو لمنزل هاله صديقة عهد..


بسرعة البرق خطت عهد لداخل المنزل وصعدت علي الدرج وهي تصرخ قائله..

" افتحي يا لولو انا جيييييت"..

استمعت هاله لندائها فارتدت اسدالها علي عجل ولفت حجابها وركضت نحو الباب فتحته بلهفه وهي تقول بفرحة..

"عهووووووده حبيبتي"..


احتضنا بعضهما بقوة وصوت ضحكاتهم تملئ المكان بهجه وتدخل السرور علي القلب، لتقبلها هاله بحب من وجنتيها وبابتسامة حنونه قالت..

" لو مكنتيش جيتي انهارده كنت هستأذن من علي واجيلك انا بكره"..


نظرت لها عهد بابتسامة حزينه، والتمعت عيونها بالدموع وهي تقول..

" انتي عارفة اني اكيد هجيلك انا مليش غيرك اروحله يا هاله"..

اغمض غفران عيناه بعنف حين استمع لجملتها التي لا يعلم لما ألمت قلبه الي هذا الحد..


ربتت هاله علي ظهرها بحنان، وهمت بسحبها للداخل، ولكنها توقفت فجأة وشهقت بصوت خفيض حين لمحت غفران الواقف علي الدرج وبعدم تصديق قالت..

" مش حضرتك جوز شهد بنت خالة سعديه؟!"..


ابتسم لها غفران بمجامله وحرك رأسه بالايجاب قائلاً..

"ايوه انا"..

عقدت عهد حاجبيها وقالت بستغراب..

"انتي تعرفي غفران يا هاله؟!"..


اجابتها هاله بدهشه..

"ايوه انا اعرفه شكلاً بس لكن مكنتش اعرف اسمه"..

نظرت لغفران وتابعت..

" انا هاله صاحبة رغد مرات اخوك هادي"..

ضيق غفران عيناه ونظر لها بتمعن ومن ثم قال..

"ايوه ايوه افتكرتك، اهلاً وسهلاً"..


قالت هاله بلهفه..

" اهلاً بحضرتك، طمني علي رغد عامله ايه، وحملت ولا لسه؟؟ "..

اجابها غفران بابتسامة تحت انظار عهد المذهوله..

"الحمد لله هي بهير، وايوه هي حامل في الخامس تقريبا"..


قالت هاله بفرحة حقيقه..

"ماشاء الله ربنا يكملها علي خير يارب، بالله عليك تقولها هاله مصطفي بعتالك السلام كتير اوي"..

رد عليها غفران ببشاشه..

" حاضر هبلغها اكيد"..


تنحنح بحرج وتابع بأسف..

"لو عهد هتدخل معاكي جوه اسمحيلي لازم ادخل أأمن المكان"..

ظهر الحزن علي وجه هاله وبغصه قالت..

" انا متأسفه جداً مش هقدر اقولك اتفضل، راجل البيت مش هيعرف يستقبلك"..


نظرت له عهد بشرار ليقول هو بأصرار..

"وانا مش هقدر اسيب سيادتك تخطي خطوه واحده في اي مكان من غير ما أكون مأمنه"..

صكت عهد علي اسنانها وهي تقول..

" جوزها مريض و في غيبوبه يا بني أدم انت عايز تدخل عليه ازاي بس؟ "..


قال غفران بنفاذ صبر..

" يا أمن المكان بنفسي يا نمشي حالاً"..

همت عهد بالأنقضاض عليه، لتسرع هاله بامساكها فهي تعلم مدي جنان صديقتها وبتعقل قالت..

" عهوده اهدي حبيبتي حصل خير"..


نظرت لها عهد وبأسف قالت..

" انا همشي معاه يا هاله، مستحيل اسببلك اي احراج لا ليكي ولا لجوزك"..

نظرت لها هاله بمتنان وبرجاء قالت..

" طيب استني لحظه متمشيش"..


ركضت لداخل منزلها، لتنظر عهد لغفران وبغضب مكتوم قالت..

"ابعد شويه عايزه اقولها خاجه سر لما تيجي"..

نظر لها غفران قليلاَ، ومن ثم ابتعد عدة خطوات بحذر شديد وعيناه ثابته عليها..

عادت هاله حامله حقيبه كبيره نوعاَ ما اقتربت من عهد واعطتها لها بابتسامة حانيه واحتضنتها بحب وهمست بأذنها..

"كل سنه وانتي طيبه يا عهوده يارب هديتي تعجبك"..


نظرت لها عهد بدهشه وببكاء قالت..

"انتي الوحيده اللي افتكرت ان عيد ميلادي بكره يا هاله".. 

زالت هاله دموعها وهي تقول بشقاوه..

"اول ما تروحي كلميني ضروري وقوليلي رأيك في الهديه"..


حركت عهد رأسها بطاعه، وبفضول شديد همست بأذنها..

" انتي تعرفي مرات غفران"..

لوة هاله فمها اكثر وهي تهمس لها..

"يااااختيييييي منها شهد بنت سعديه اعرفها يا اختي"..


قالت عهد بهمس وحماس شديد..

"لا دا انتي تحكيلي بالتفصيل بقي"..

ضحكت هاله وهي تقول..

" تموتي انتي في الحكايات، لما تكلميني هبقي احكيلك دي نصيبه من نصايب الزمن ربنا يكفينا شرها"..


قطع حديثهم صوت غفران الصارم..

" كفايه كده ويله سيادتك"..

علي مضض سارت عهد معه، مر بعض الوقت حتي وصلو للفيلا مره اخري..

توقف غفران بالسياره لتقول عهد قبل بهدوء أثار قلق غفران..

" تقدر تروح تطمن علي مراتك وولادك، انا هفضل في اوضتي اكلم هاله صحبتي في الفون لحد ما انام، واطمن انا مش قادره اهرب انهارده"..


انهت حديثها وحملت الحقيبه التي اعطتها هاله لها، وهبطت من السياره متجه نحو غرفتها، خطت للداخل وفتحت الحقيبه بلهفه لتشهق بعنف حين وجدت فستان رقيق للغايه بغاية الروووعه والجمال قد صممته صديقتها بيدهل لها خصيصاً..

انهمرت دموع عهد بغزاره وهي تقول..

" اااااه يا مامي تعالي شوفيني وانا لوحدي من غيرك يوم عيد ميلادي"..


اسرعت بخلع ثيابها وارتدت الفستان بفرحة، ليزيداد جمالاً حين ارتدته هي. اقتربت من المرأه وبدأت بوضع لمسات من مساحيق التجميل ودموعها تهبط ببطء علي وجنتيها..


اذدادت حدة بكائها فسارت نحر الفراش وارتمت عليه تبكي بنهيار حتي فقدت وعيها.. 


"غفران"..

مكث عدة ساعات بالفيلا حتي تأكد انها لن تخطي خارج غرفتها ، فقترب من احدي الحرس وتحدث بصرامته المعهوده..

"محمود انا هوصل البيت وارجع تاني، لو الهانم الصغيره حسيت انها صحيت كلمني فوراً، وممنوع منعاً باتاً اي حد يتحرك من مكانه مفهوم"..


اجابه الحارس بعمليه..

"مفهوم يا فندم"..

ارتجل غفران سيارته متجه نحو منزله تاركاً عهد بحاله لا يرثي لها.. 


بعد مرور بعد الوقت..


خطي غفران لداخل منزله غالقاً الباب خلفه بحرص، حامل بيده وجبات جاهزة،وباقتين من الورود البيضاء وابتسامة سعيده تزين وجهه،

ود أن يفاجأها بعودته..بعدما اخبرها انه لن يأتي الليله.. 


سار بخطوات حذرة نحو غرفة والدته ليطمئن عليها، طرق الباب ليأتيه صوت فاتن الحنون..

"ادخل يا غفران يا حبيبي"..

خطي للداخل بابتسامة مشرقة واقترب منها واضعاً بجوارها احدي الوجبات وامسك يدها قبلها بحب وهو يقول..

"حبيبتي صاحيه لحد دلوقتي ليه؟"..


اجابته فاتن وهي تربت علي شعره الغزير بحنو..

"مستنياك يا حبيبي قلبي قالي انك جاي انهارده"..

قبل غفران جبهتها واعطها باقة ورد وهو يقول..

"احلي ورد ابيض لاجمل واطيب قلب، واعظم ام في الدنيا"..


غمز لها مكملاً..

"وجبتلك البيتزا اللي بتحبيها"..

ترقرقت العبرات بأعين فاتن وجذيته لداخل حضنها بحب شديد ومن صميم قلبها بدأت تدعو له..

" يراضي خاطرك ويفرح قلبك فرحة تدمع ليها العين يا غفران يا ابن فاتن".. تابعت بسرها..

" ويرزق قلبك بوحده تستاهله يا ابني قادر يا كريم يااارب العالمين"..


أمن غفران علي دعائها وقبل يدها مرة اخري وتحدث علي عجل وهو يتجه لخارج الغرفه.. 

"هطير انا بقي الحق أم مالك قبل ما قرودي يصحو"..


ابتسمت له فاتن ابتسامة باهته وبصمت تمتمت..

"ربنا يعينك عليها يا ابني"..

اسرع غفران نحو غرفة صغاره ليطمئن عليهما، اقترب منهما وقبلهما بعمق، ودثرهما بالغطاء جيداً، ومن ثم اتجه نحو غرفته بلهفه وشوق لزوجته ظاهر بشدة علي ملامحه..


فتح الباب وخطي لداخل الغرفة غالقاً خلفه بحرص، والتفت لفراشهما يبحث عنها، لتتسع عيناه بدهشه حين لمح قميصها الأسود التي ترتديه علي غير عادتها..


قميص يظهر جمالها الأخاذ بسخاء، اقترب منها وجلس جوارها وبدأ يمسد علي شعرها بنبهار وبهمس تحدث..

"شهد اصحي انا جبتلك الاكل اللي بتحبيه من ماك"..


بين النوم واليقظه رأته الشخص الذي دوماً تتمني وجوده..

تنهدت بشتياق وجذبته عليها وهي تقول بلا وعي..

"كنت عارفه انك هتجيلي لحد عندي بعد ما شوفتني طالعه قمر اوي"..


بلحظه كان حملها غفران واجلسها علي ساقيه وهو يمطرها بوابل قبلاته الساخنه، استجابة هي له وبدأت تبادله شوقه بشوق اشد،


ولكن جملة غفران التي اخترقت أذنها افاقتها من حلمها المحرم لواقعها الحلال حين قال..

"ولما انا واحشك اوي كده مانعه نفسك عني ليه بس يا شهد؟!"..



الفصل 6..


"حين تتمكن امرأة ما من التلون كالحرباء بكل الالوان فأعلم انها امرأة لا يستهان بها"


"شهد"..


أنتفضت بفزع كما لو لدغها عقرب مبتعده عن غفران حتي كادت تسقط من اعلي الفراش، ولكنها تمالكت نفسها بأخر لحظه، ابتلعت لعابها بهلع بعدما أدركت انها كانت علي وشك الاستسلام له ظناً منها انه من يمتلك قلبها وكادت أن تتفوه بأسمه من بين قبلاتهم، 

ولكن الله رأف بقلب غفران واستعادت وعيها قبل فوات الأوان..


يرمقها غفران بنظرات مندهشه من رعبها البادي علي وجهها دون مبرر، وببوادر غضب قال..

"في ايه يا شهد؟!"..

شعرت انها علي وشك انكشاف أمرها فلجأت لعبراتها التي تخرجها من اي مأزق، خصتاً وهي علي علم ان زوجها تهدأ نوبة غضبه فور رؤية دموعها..


بلحظه كانت وجنتيها غارقه بعبراتها الزائفه، واقتربت من غفران مره أخرى والقت رأسها علي صدره تبكي بنحيب،


اغمض غفران عينيه بعنف وتنهد بضيق من بكائها الذي يزعجه كثيراً، لتذهله هي اكثر حين همست بصعوبه من بين شهقاتها..

"ا انا اسفه يا غفران، عارفه اني بقالي كتير بعيده عنك"..

رفعت عينيها ونظرت له وبخجل مصطنع تابعت..

"ب بس انا مش عايزه يحصل بنا كده تأدية واجب وخلاص"..


رسمت الحزن علي ملامحها..

"عايزاك يا غفران تكون معايا بقلبك قبل جسمك"..

ابتسمت بتألم زائف.. 

"عارفه انك محبتنيش كفايا علشان تبقي معايا بقلبك واني مش الوحده اللي تليق بمكانة حضرة الظابط غفران المصري، وعارفه ان هيجي اليوم اللي تلاقي في الوحدة اللي تخطف قلبك وتحبها وترميني انا للمكان اللي جبتني منه"..

انهت حديثها وأجهشت بالبكاء أكثر، 

بينما يطلق سبة غاضبة بعد سماع كلامها و تصريحاتها الحمقاء، فهي حقاً غير قادرة علي تحريك قلبه، ولكنه يحتويها ويسعي دائماً لأرضائها..


وهي غير عابئه لكل ما يفعله لأجلها وتستمر بألقاء اللوم عليه، امسك كتفيها وابعدها عنه ونظر بعتاب قائلاً..

"انتي تتخيلي اني ممكن اعمل كده في يوم من الايام، ولا انا قصرت معاكي في ايه علشان تحسي بكل النقص دا يا شهد؟!"..


اجابته هي بشفاه مرتجفه..

"عمرك ما قصرت معايا في حاجه يا غفران" 

ضيق عينيه مستفسراً..

"ولما انا مش مقصر، وانتي مش عايزاني المسك لبسه كده ليه؟! "..


اخفت ارتباكها بمهاره والتصقت به وبغنج قالت..

"واضح ان بقالنا كتير بعيد عن بعض لدرجة انك نسيت ان دا لبسي العادي جوه أوضتنا!!"..

"أوضتنا اللي بنام فيها لوحدي وانتي بقي نومك علي طول في اوضه الولاد".. قالها غفزان باقتضاب لا يخلو من الجمود و هو يدفعها للوراء قليلًا وهم بالقيام لتتمسك هي به اكثر وبهمس قالت..

"رايح فين؟! "..


اجابها بهدوء..

" هرجع شغلي"..

عقدت حاجبيها وبستغراب قالت..

"هترجع تاني ليه؟!"..

التفت بكلتا يدها حول رقبته تجذبه اليها وبهمس يكاد يسمع تابعت..

"خليك وانا هفضل هنا وانام في حضنك مش هروح أوضة الولاد انهارده"..


بعدها عنه برفق وهب واقفاً وأشار بعينيه علي مقعد وبابتسامة باهته قال..

" انا كنت جاي وجيبلك الاكل اللي بتحبيه، وبوكيه الورد دا علشان افرحك لو اعرف انك هتقوليلي اني مبحبكيش وانك مش ليقه عليا وكلامك الخايب اللي يحرق الدم دا مكنتش هاجي يا شهد"..


سار نحو الخارج ولكنه وقف مره اخرى وتابع دون الالتفات لها..

"عيزك تعرفي اني بخرج علي شغلي دا وانا مش عارف هرجع تاني ولا لاء،علشان كده علي اد ما اقدر بحاول امسك اعصابي علي عميلك دي ومزعلكيش مني"..

نظر لها بتحذير مكملاً..

" اتمني من ربنا ما يوريكي زعلي يا شهد"..


انهي حديثه وسار للخارج الغرفه ومن ثم المنزل بأكمله، ارتجل سيارته وقاد بسرعه عاليه متجه نحو تلك" العهد" التي لها القدره وحدها علي ان تفقده صوابه..


بينما "شهد" استرخت عضلات جسمها المتنشجة أخيرًا و ألقت بنفسها للخلف، تمددت مثبتة رأسها فوق الوسادة تبتسم براحة وانتصار ظناً منها انها تمكنت من اقناعه..


مر بعض الوقت وصل غفران لفيلا عزت البحيري، دار بالمكان يطمئن بنفسه ان كل شيء علي ما يرام،اشرقت الشمس بنورها معلنه عن بدء يوماً جديد..

ليبدأ القلق يزحف لقلبه ونظر تجاه غرفة عهد متمتماً بسره..


"غريبه حكاية نومها المتواصل دا، دي بتنام نوم السمك، وتفضل داخله خارجه علي البلكونه طول الليل"..

سار لداخل الفيلا بخطوات شبه راكضه حتي وصل لغرفتها، اقترب بإذنه منها وطرق الباب برفق، فلم يجد حليفه الا الصمت..


ارتعد قلبه وبسرعة البرق اقتحم الغرفه وخطي للداخل، لينصعق من هيئة عهد النائمة علي الفراش تشبه الاميرات بجمالهم وسحرهم الجذاب، تأملها بنبهار بفستانها الأكثر من رائع ووجهها التي اضافت له لمسات من مساحيق التجميل جعلتها بغاية الرقي..


انتبه علي حالته وهم بالسير نحو الخارج، ولكن جبهتها المتعرقه بشده جعلته قطع المسافه بينه وبينها بخطوه واحده ووضع قبضه يده علي وجهها يتفحص حرارتها قائلاً بلهفه ..

"عهد؟".. 


بلمح البصر كانت عهد لكمته بركبتها ببطنه ودفعته بكل قوتها ليستلقي هو علي الفراش بظهره واعتدلت هي وجلست فوقه ملتفه بقدميها حوله، واضعه علي عنقه سكيناً وبابتسامة مصطنعه تحدثت..

"علشان تعرف ان عهوده مبتسبش حقها ياظبوطه"..

انهت جملتها وغمزت له بشقاوه، ليتذكر هو ما حدث بينهما ثاني يوم عمل له..


.. فلاش بااااك..

"عهد"..

تسير داخل غرفتها بخطوات غاضبه وهي تتمتم بغيظ..

"مش عارفه اهرب منك خالص يا غفران"..

صكت علي أسنانها وببكاء مصطنع تابعت..

"بيشوفني وهو مغمض كأنه بيشم ريحتي"..


اتسعت عيونها بحماس وابتسمت ببلاهه حين التمعت برأسها فكرة، فاسرعت نحو الشرفه تبحث عنه بلهفه، 

لمحته يجلس ارضاً بمفرده مستنداً علي إحدى الأشجار بحديقة المنزل ينظر للسماء بشرود..


بسرعة البرق كانت ركضت لخارج غرفتها دون اكتراث لمنامتها القطنيه الحمراء التي تظهر جمال جسدها الممشوق، شعرها الحريري يتطاير حولها بهيئه تخطف الأنفاس..


تركض حافية القدمين حتي كادت ان تقترب منه،فجلست علي ركبتيها وسارت علي كلتا يدها وقدميها بحذر وحرص شديد، علي وجهها ابتسامة بلهاء متسعه تظهر جميع أسنانها وبهمس تحدث نفسها..

"الله هخضه اخليه يقوم يجري يروح بيتهم، او يغمي عليه واهرب انا براحتي"..


عبيرها المسكر استنشقه غفران بهيام مغمضاً عينيه يتمعن السمع لهمسها، وأنفاسها، وحتي نبضات قلبها،دون ارادته ابتسم علي شقاوتها وجنونها التي تغرقه بهما..


أوشكت هي علي الوصول اليه، كتمت أنفاسها حتي اصبحت خلفه مباشرة، رسم هو الجمود علي ملامحه وبمهاره شديده كان سحب سلاحه بيد والتفت لها فجأة ودفعها أرضاً لتسقط علي ظهرها..


بلمح البصر كان جذبها من قدميها نحوه ملتف حولها بجسده مقيداً كلتا يدها بيد واحده وثبتهما اعلي رأسها واضعا سلاحه علي عنقها، شدة صدمتها جعلتها كمن فقدت النطق، حاولت الصراخ ولكن لم يسعفها صوتها..


فقط تنتقل بنظرها بينه وبين سلاحه بنظرات ذاهله وبصوت مرتعش همست..

"ظبوطه انا عهوده انت نستني ولا ايه؟!"..

 رمشت بعيونها اكثر من مرة كمحاوله منها لإخفاء عبراتها التي غزت عيونها من شدة خوفها..


لمح هو دموعها فاعتدل مبتعداً عنها وهو يقول بصرامة..

"سيادتك بلاش تعملي حركاتك دي تاني خصوصاً مع؟؟"..

قطع حديثه واتسعت عيناه بصدمة حين انتبه لمنامتها..


اشتعلت عيناه بغضب عارم وبلحظه كان حملها بين يديه وهب واقفاً بها، وسار بخطوات شبه راكضه متجهاً لغرفتها وهو يقول بدهشه..

"انتي ازاي تخرجي بالشكل دا قدام الحرس؟! "..


لم تتفوه عهد بكلمه، حتي انها لم تعترض علي حمله لها كعادتها، فما فعله معها قد افزعها وجعلها تبكي بصمت وهدوء ما قبل عاصفتها التي ستجتاحه بعنف هذه المره..


توعدت له واقسمت ان تلقنه دروساً وليس درساً واحداَ علي فعلته هذه..


.. باااااااك..


نظر لها غفران بجمود يخفي بهم رعبه، وفزعه عليها، تبادله هي النظره بتحدي، غافله عن وضعها وقربها الذي جعل قلب غفران أوشك علي مغادرة صدره من عنف دقاته..


وبطفوله ودون وعي منها مالت بجسدها عليه اكثر ويدها الصغيره تسير بالسكين علي رقبته صعوداً بلحيته وبتهديد قالت..

"اختار يا ظبوطه"..

رفعت يدها الأخرى وعدت علي اصابعها..

"اقتلك حالاً واقول انك حاولت تغتصبني، ولا اصرخ واقول انك اتهجمت عليا في اوضتي وبابي هو اللي يقتلك، ولا تسبني اخرج لوحدي وقت ما احب وارجع وقت ما احب؟؟"..


لم يستمع غفران لحرف واحد مما تفوهت به، غارق هو بقربها الذي جعله بعالم اخر، فستانها الذي يكشف جمال عنقها المرمري، ومقدمة صدرها بسخاء كان كالمغناطيس الذي جذب عينيه وتعلق بهما..


لمحت هي نظرته فشهقت بخجل واسرعت بوضع كف يدها علي مقدمة الفستان وبغضب طفولي قالت وهي تضغط بالسكين علي رقبته..

"انت طلعت ظبوطه قليل الأدب"..

تراقصت ابتسامة عابثه علي محياه وغمز لها بإيحاء قائلاً..

"يعني انتي عيزاني ابقي مؤدب ازاي بوضعك معايا دا!! ، دا حتي يبقي غلط علي سمعتي كراجل"..


انهي حديثه واشار لها بعينيه علي وضعهما..

اتسعت اعين عهد بصدمه وهمت بالابتعاد عنه ولكنه بلحظه عكس وضعهما وقد تبادلت ملامحه لاخري غاضبه وبصرامة قال..

"قولتلك بلاش جنانك دا معايا انا بالذات سيادتك"..


ترقرقت العبرات بعينيها وببكاء طفولي قالت..

" انهارده عيد ميلادي اتجنن علي اي حد براحتي، مش كفايه هقضيه لوحدي زي كل سنه وافضل اعيط لحد ما يغمي عليا زي امبارح ولا حد سأل عني ودخل يطمن عليا غيرك انت يا ظبوطه يا همجي"..


غفران؟؟؟..


انتهي البارت..


البارت ال7


"انهارده عيد ميلادي اتجنن علي اي حد براحتي، مش كفايه هقضيه لوحدي زي كل سنه وافضل اعيط لحد ما يغمي عليا زي امبارح ولا حد سأل عني ودخل يطمن عليا غيرك انت يا ظبوطه يا همجي".. 


تعاد جملتها مراراً وتكراراً ليس بإذن "غفران" فقط بل اقتحمت قلبه، ابتعد عنها

ببطء وهب واقفاً أمامها يرمقها بجمود يخفي خلفه لهفته عليها التي لا يعلم لها سبب،او انه علي علم ولكنه ينهر نفسه ومشاعره التي تزداد كل لحظه وتنجرف نحوها بغزاره..


اعتدلت"عهد" جالسه ببعض الغضب ونظرت له بعبوس طفولي وبأمر قالت..

" اطلع بره يا ظبوطه وسبني لوحدي علشان عايزه اعيط"..


ظهرت الدهشه علي ملامحه وشبه ابتسامه علي عفويتها وبرائتها التي تأثره، واخذ نفس عميق وتحدث بلامبالاه مصطنعه..

"اممم تعيطي ويغمي عليكي تاني؟"..


تنهدت "عهد" بحزن وترقرقت العبرات بعينيها وبغصه مريره قالت..

"انا واخده علي كده، علشان مش باكل كويس وكمان قلبي مش مبسوط"..

صكت علي أسنانها بغيظ ورمقته بنظره ناريه مكمله..

"خصوصاً انك مخلتنيش ادخل عند هاله صحبتي ولا اكل الكشري المشطشط اللي كانت عملهولي"..


أنهت جملتها وهبت واقفه تدفعه بكلتا يدها بصدره لخارج الغرفه، وبصوت مختنق بالبكاء تابعت..

"أخرج بقي وسبني في حالي علشان دا يوم العياط العالمي بتاعي"..


تلكمه علي صدره، وتجاهد لإخفاء عبراتها التي خانتها وهبطت علي وجنتيها جعلت شفتيها ترتجف بوضوح، وجسدها ينتفض بشده، وتعالت شهقاتها وبوهن بدأت تهمس..

"اخرج سبني لوحدي مش عايزه اشوف مخلوق انهارده، ولو حد سأل عني"..

ازدادت حدة بكائها وبتأوه قالت..

" قولهم عهد ماتت"..


لم يتحرك "غفران" انش واحد من مكانه رغم انها تدفعه بقوه ممزوج بعنف، عينيه مثبته عليها يستشف مدي تألمها ووحدتها القاتله التي تشعر بها، ليشعر بنغزه قويه اعتصرت قلبه لهيئتها التي تشق القلوب..


بدأت"عهد" تفقد السيطره علي اعصابها أكثر، وببوادر انهيار صرخت..

"أطلع بره يا غفراااااان؟ "..


رسم "غفران" الغضب علي ملامحه جعل وتيرة غضبها تهدأ قليلاً بخوف من ملامحه الصارمه، ورفع كف يده مسح علي خصلات شعره الحريري ولحيته بعنف، ودار بعينيه بأنحاء الغرفه متعمد الأبتعاد بنظره عن عيونها الباكيه التي تشعل داخله رغبه قويه بضمها داخل صدره..


همت "عهد" بلكمه مره أخرى، ولكنه مال علي أذنها وتحدث بصوته الصارم قائلاً بتسائل..

"سيادتك عايزه تروحي لصحبتك؟"..


ضحكت "عهد" ضحكه مزيفه، ودموعها تهبط علي وجنتيها بغزاره، وبسخريه قالت..

"ايه هتسبني أروح لوحدي، وأقعد معاها براحتي يا حضرة الظبوطه؟!"..


استدار "غفران" موليها ظهره، وسار عدة خطوات نحو الخارج حتي وصل عند باب الغرفه وتحدث من فوق كتفه دون النظر لها..

"هوديكي ليها وهسيبك تقعدي معاها براحتك وأنا هبقي معاكي سيادتك"..


ضربت "عهد" الارض بقدمها بغيظ، وبغضب قالت..

" اقعد براحتي معاها ازاي وانت معايا يا ظبوطه يا حشري وأنت عارف انها مش هتسمحلك تدخل علشان جوزها مريض"..

ليفقدها غضبها وغيظها منه سيطرتها علي ما تتفوه به، وبتلقائيه تابعت..

"وبعدين لو قعدت معايا هاله مش هتعرف تحكيلي عرفت ان مراتك اسمها شهد بنت سعديه منين ؟"..


انتبهت علي ما تفوهت به، فقطعت حديثها وعضت علي شفتيها متمتمه لنفسها..

"اه يا عهوده يا نوتي"..


ابتسم" غفران"علي فضولها الطفولي ولكنه أخفي ابتسامته سريعاً، وبأمر قال.. "هطلعلك حد بالأكل حالاً ياريت تاكلي كويس لو عايزه لما نروح لصحبتك تقعدي معاها لوحدكم سيادتك"..


قفزت "عهد" فجأه وصفقت بكلتا يدها وهي تردد بفرحة غامرة رغم عبراتها التي تغرق وجهها الطفولي..

"هاكل كل أكلي يا ظبوطه بس تخليني اقعد مع صحبتي اطول وقت ممكن بليييييز"..


بملامح جامدة يخفي خلفها فرحته لفرحتها حرك "غفران" رأسه بالإيجاب، وأغلق باب غرفتها خلفه، وسار نحو غرفة والدها وهو يمتم بأسف..

"أكيد سيادة الوزير ناسي عيد ميلاد بنته الوحيدة، والبنت ليها حق تزعل وتنقهر بالشكل دا طبعاً"..

ابتسم بحماس بعدما خطر علي ذهنه فكرة يثق تماماً انها ستروقها كثيراً..


طرق علي باب الغرفه وقد حسم أمره بعرض فكرته علي والدها وهو علي يقين انه لن يمانع خصتاً أن ابنته ستغمرها السعادة بما سيفعله معها" غفران"..

..............................................................

.."هادي"..


شعر ببروده تلفح جسده ففتح عيناه يبحث عن زوجته بلهفه، بعدما تحسس الفراش بيده فلم يجد سوا الفراغ حليفه، ليجدها تقف بإحدى أركان الغرفه تصلي بخشوع..


فنهض بجزعه معتدلًا بالفراش يتأملها بابتسامة هائمه، وعيون تحمل لها الكثير من العشق،فقد أحسن هو الإختيار حين أصر عليها تكون هي زوجته، وشريكة حياته..


لتبهره هي بأخلاقها وقلبها النقي، واخلاصها، وحبها الشديد له، ولكن تلاشت ابتسامته حين تذكر شقيقتها "شهد" زوجة شقيقة التي تختلف عنها كلياً بأخلاقها وحتي قلبها..


عادت الابتسامة تزين محياه حين أخترق سمعه دعاء زوجته له من صميم قلبها مردده "رغد" بتوسل وبكاء..

"يارب احفظلي هادي جوزي، يارب انت عالم انا بحبه اد ايه، يارب متحرمنيش منه ابداً ولا توريني فيه مكروه"..


اغلق عينيه مستمتعاً بصوتها، ويأمن علي دعائها بسره، لتداهمه إحدى اجمل ذكرايته معها حين رآها اول مره..


"فلاش بااااااك.. 


بعدما قضي الليل بأكمله برفقة أصدقائه كعادته كل سنه بوقفة العيد، يقود سيارته بسرعه عاليه، يود أن يذهب لمنزله ليتوضأ ويبدل ثيابه ويذهب الي المسجد ليلحق بصلاة العيد في جماعة..


ولكن الطريق مزدحم بحشد هائل من المصلين يملؤن الطرقات أجبره علي صف سيارته بعيدا عن منزله وبدأ يغلق زجاجها وهو يتمتم..

"هاخد الباقي مشي بقي ولا حتي جري بس علي الله الحق الصلاة؟!"..


قطع حديثه وانتفض بفزع حين انفجرت إحدي الألعاب الناريه داخل السياره بجواره، صرخ هادي ببكاء مصطنع وتفحص المقعد بلهفه وهو يقول بغيظ شديد..

"عربيتااااااااي ولاد ال***"..


التفت حوله يبحث عن من يلقي تلك الألعاب، فلمح فتاه ترتدي فستان رقيق باللون الأسود به خطوط باللون الأبيض وحجاب نبيتي، تقف ظهرها له ممسكه بإحدى الألعاب وتقوم صديقتها بأشعالها لها لتلقيها هي من يدها سريعا وتغلق عينيها، وتضع أصابعها بأذنها بخوف ورعب بادي علي وجهها، ولكنها تضحك بفرحة غامرة، وبصوت عالِ للغايه تتحدث..

"فرقع ولا لسه يابت يا هاله افتح و اشيل ايدي من ودني ولا لسه؟"..


أجابتها هاله بصعوبه من بين ضحكاتها..

"اه يا رغد يا خوافه يا جبانه فرقع فتحي يا أختي"..

فتحت رغد عينيها بلهفه، وبرجاء قالت..

"وحياة أمك هاتي صاروخين من بتوعك افرقعهم علشان بتوعي خلصو يا لولو"..


قالت هاله ببشاشه..

" عيوني يا رغدتي".. أعطتها الكثير من الألعاب وبابتسامة تابعت.. "خدي يابت فرقعي دول مش خساره فيكي"..


ابتسمت "رغد" لها بحب وقفزت فجأه اكثر من مره امام اعين هادي التي تتابعها بدهشه والكثير من الغيظ،لتذهله رغد اكثر حين قالت بألحاح طفله..

"ولعهوملي ونبي يا لولو"..


اشعلتهم هاله لها، لتسرع رغد بقذفهم بعيداً عنهم غافله انها تقذفهم داخل سيارة هادي الذي يقفز بمقعده ليتفادي الاصابه من تلك الألعاب المؤذيه وبغضب عارم قال بصوت أشبه بالصراخ..

"انتي يا انسسسسه انتي وهي يلي بتفرقعو صواريخ"..


التفت رغد تجاه الصوت ووقعت عينيها عليه لمرتها الأولي،شاب يمتلك من الوسامة قدر كبير، فتح باب سيارته وهبط منها ليظهر طوله الفارهه، وجسده الرياضي الذي تظهره ثيابه المنمقه بعنايه..


سار نحوهم بخطوات شبه راكضه ووقف أمامهم وبغيظ قال..

" مش عيب تبقو انسات كبار كده وواقفين ترمو صواريخ علي خلق الله وتبوظولي كرسيي العربيه بالشكل دا؟"..

نظرا لبعضهما برتباك وباحترام قالت هاله..

"احنا اسفين يا كابتن مكنش قصدنا نرميها جوه عربيتك".. 


عينيه ثابته علي رغد التي شحب وجهها للغايه من شدة خوفها، تحرك رأسها بالإيجاب تأيداً لحديث هاله دون النظر له، لتنتفض بفزع حين قال هادي بغضب..

"انتي يا انسه ابقي فتحي عنيكي وشوفي بتحدفي الصاروخ دا فين ولا علي مين بدل ما تعوري حد وتجيبي لنفسك نصيبه وتعيدي في السجن"..


تجمعت العبرات باعين رغد ونظرت لعينيه نظرتهم الاولي، ليزول غضب هادي حين وقعت عيناه علي وجهها البرئ وعيونها السوداء الكاحله، تطلعت رغد به بستحياء وبصوت متحشرج بالبكاء همست..

" انا متأسفه مكنش قصدي والله تيجي في حضرتك"..


رعبها الزائد جعل الاستغراب يعتلي وجه هادي، فبتسم بتسليه وبجديه مصطنعه قال..

"واسفك دا هيصلحلي الكرسيي اللي باظ؟"..

نظرت رغد لهاله تستجديها لتنقذها، فقالت هاله ببعض الخوف..

"يا كابتن احنا في عيد وكل سنه وحضرتك طيب"..


رسم" هادي" الجمود علي ملامحه وضيق عينيه وتأمل هيئتهم بتفحص وبفضول قال..

"انتو منين؟؟ وايه اللي مواقفكم في الشارع بدري كده؟! "..

اجابته"رغد" بتلقائيه..

"احنا رايحين نصلي العيد و"..

كادت ان تجيبه علي سؤاله الاخر، ولكن يد هاله التي جذبتها وسارت بها مبتعده عن هادي وهي تقول ببعض الحده..

"ما قولنا أسفين يا كابتن وخلصنا"..


أسرع "هادي"خلفهم وبجرائه أمسك يد رغد وسار بها نحو سيارته وهو يقول بغضب مصطنع..

"هستفاد انا أيه من أسفين دي يا انسه بعد اللي عملتيه في عربيتي"..

طريقته سيره بها نحو سيارته جعلت رغد تيقن أنه سيخطفها لا محاله،تملك الفزع من قلبها وانسحبت الدماء من عروقها تاركه اطرافها تغلفها البروده، شعر هادي بأنامله البارده بين قبضة يده فستدار ينظر لها بقلق..


ليتفاجئ بزدياد شحوب وجهها وتعرق جبهتها وبلحظه تهاوي جسدها واوشكت ان تسقط ارضاً لولا يد هادي التي تلقطها سريعاً قبل ان ترتطم بالأرض، وبصراخ قالت هاله أسمها الذي حفر بقلب هادي..

"رااااغد"..


.. نهايه الفلاش باااك.. 


انتبه من شروده حين انهت "رغد" فرضها ونظرت تجاهه وبابتسامة مشرقه قالت..

"صباح الخير يا حبيبي"..

رفع كلتا يده وأشار لها أن تأتيه إليه، فأسرعت بخلع أسدال صلاتها لتبقي بمنامة حريريه زهرية اللون ذات حماله واحدة وشورت قصير تظهر بطنها المنتفخه قليلاً اثر حملها..


منامتها الرقيقه جعلت بشرتها القمحيه تظهر برونق خاص يروق زوجها كثيراً..

اقتربت منه وطبعت قبله حانيه علي وجنته بعمق مردده..

"حبيبي يا هادي بحبك وانت صاحي"..

دثت نفسها داخل صدره ملتفه بكلتا يدها حول خصره..

"وبحبك وانت نايم".. رفعت رأسها ونظرت له بعشق وبهيام تابعت..

"بحبك اوووي"..


ترقرقت عينيها بالدموع وابتلعت غصه مريره وبستغراب مصطنع اكملت..

"ومش لقيه سبب يخليك تسيب كل البنات الحلوين اللي كانو هيموتو عليك وتتجوزني انا يا هادي؟"..

عدل هادي وضعها داخل حضنه ومال علي شفتيها وهمس قائلاً..

"علشان مافيش فيهم واحده عرفت تخطف قلبي وانفاسي غيرك انتي يا رغدتي"..

أنهي جملته ملتهم خاصيتها غارقاً معها بقاع بحور عشقهم..

........................................................

" عهد"..


تجلس أمام "هاله" ممسكة بيدها طبق كبير مملوء بحبات الفشار تأكل منه بشراهه، وتستمع لها بأهتمام شديد،وبرجاء قالت..

" احكيلي حكاية شهد بنت سعدية من البدايه يا لولو بلييييز"..


ابتسمت" هاله"علي فضول صديقتها وبتنهيده تحدثت.. 

" اسمعي يا ست عهوده، البدايه ان خاله سعديه دي امي كانت بتقولي انها من اجمل بنات المنطقه عندنا، وياما عرسان اشكال والوان وكلهم مراكز عاليه اتقدمولها من كتر جمالها، بس هي رفضتهم كلهم بعد ما حبت عم محمد بياع البطاطا ووافقت عليه لما اتقدملها واتجوزته في اوضه تحت بير السلم"..


ظهرت الدهشه علي وجه "عهد" وبعدم فهم قالت..

"يعني ايه بير السلم يا لولو؟"..


اجابتها هاله..

" أوضه صغيره اوي يا عهوده في دور أرضي، المهم خلفت منه بنتين وولد،الولد والبنت الصغيره خدو شكل أبوهم وأخلاق أمهم والبنت الكبيرة طلعت واخده جمال امها ويمكن احلي واجمل كمان بس للأسف الشديد مخدتش أخلاقها خالص وطلعت بنت جاحدة وبلوة اتبلت بيها خالتي سعديه ودي تبقي؟ "..


قطعتها"عهد" بذهول..

" تبقي شهد مرات ظبوطة غفران؟ !! "..

حركت هالة رأسها بالايجاب وبأسف قالت..

" ايوه يا اختي هي زفته مرات ظبوطة غفران اللي حكاية جوازه منها تفاصلها كلها"..

أشارت علي نفسها بغرور.." عند العبده لله"..


غافله عن غفران الواقف أمام المنزل يستمع لكافة شيء عن طريق المايك الذي دثه بملابس عهد دون أن تشعر..



البارت ال8


قلب حاقد!!.. 


"شهد"..


تجلس بغرفتها ممسكه بهاتفها تطلع به بعيون غارقة بالعبرات، تشاهد كل ما يحدث بغرفة شقيقتها عبر كاميرا صغيره دثتها لها دون علمها، وبغضب شديد تمتمت بسرها..

"ااااه يا رغد يا حيوانه يا قذره جبتي الخبره دي كلها منين يابت!؟"..


صكت علي أسنانها بغيظ وتابعت بحقد..

"اكيد جبتها من الأستاذ الخبير اللي بتتمرمغ في حضنه"..

القت الهاتف بعنف، وهبت واقفه تدور حول نفسها كالاسد الحبيس،وبوعيد قالت..

"انا هولع فيكي يارغد،مبقاش انا شهد لو محرقتش قلبك ودمرت حياتك يا بنت سعديه"..


ارتدت ثيابها علي عجل، واندفعت نحو الخارج قاصده غرفة شقيقتها، وقفت امام الباب وطرقت عليه بقوة وبمرح زائف وضحكة مصطنعة قالت..

"انتي لسه نايمه ولا ايه يا رغوده، الظهر هيأذن يا بنتي اخرجي نفطر سوا"..


أنهت جملتها وطرقت بقوة أكبر مكمله..

" قومي يا خوم نوم عارفه نومك تقيل ومبتصحيش بسهوله"..

اندفعت فاتن حماتها نحوها وامسكت يدها توقفها عن الطرق وبغضب قالت..

"انتي بتستهبلي، ايه قلة الزوق بتاعتك دي بتخبطي عليهم كده ليه يا شهد؟! "..


نظرت لها شهد ببراءه مصطنعه وببرود قالت..

"انا بصحي اختي يا طنط"..

" اختك مع جوزها وميصحش تخبطي علي راجل ومراته بالطريقه دي ابداً"..

تصنعت شهد الذهول قائله..

"هو هادي لسه مرحش الشغل؟! دا انا فكرته نزل من بدري"..


جذبتها فاتن بعيدا عن الغرفه وقالت بحدة..

"لا منزلش واخر مره تخبطي عليهم بالطريقه دي حتي لو جوز اختك مش موجود يا شهد، واعتبري كلامي تهديد ليكي، واعملي حسابك لو عملتيها تاني هقول لغفران مراتك بتتعمد تزعج أخوك ومراته وهما نايمين"..


رمقتها بنظرة ناريه، وتركتها وسارت لغرفتها غالقه الباب بوجهها..

ابتسمت شهد بنتصار، وركضت نحو غرفتها هي الأخرى، وامسكت هاتفها بلهفه تشاهد رد فعل شقيقتها وزوجها، لتتهلل اساريرها حين لمحت هادي يقف داخل غرفته ويبدو عليه الغضب الشديد، ويتحدث لزوجته الجالسه علي الفراش بوجه كساه الحزن قائلاً..


"انا مش عارف اتلم عليكي يارغد؟! كل ما اكون معاكي اختك تخبط علينا بالشكل دا وتفصلنا كأنها متعمدة ولا بتشم اننا مع بعض وهيحصل حاجه بنا"..

مسح علي شعره، ووجهه بقوه مكملاً..

"تبقي مراتي وفي حضني جوه بيتي ومش عارف أشبع منك يا رغد!!!"..


سحبت رغد الغطاء واحكمته حولها وهبت واقفه واقتربت منه تضمه لها بقوة ظهره مقابل صدرها، وبصوت متحشرج بالبكاء قالت..

" طيب اهدي يا حبيبي وتعالي نسافر يومين نغير جو في اي مكان"..


"مينفعش انتي نسيتي انك حامل والحركة الكتير غلط عليكي".. تفوه بها هادي بأسف وهو يلتفت لها ويجذبها داخل صدره وبتنهيده تابع..

"متزعليش نفسك هسأل دكتورك لو ينفع و نطلع اسكندريه بالقطر حتي"..


ابتسمت رغد بسعادة، وبحب قبلت وجنتيه وهي تقول..

" حبيبي ربنا ميحرمنيش منك ابدا"..

بادلها الابتسامة بأخرى عاشقه، وبهمس قال..

"ولا منك يا رغدتي"..


بينما شهد تحترق، وتشتعل غيظاً حتي كادت ان تتفحم، وبضحكه ساخرة قالت..

" قال تروحو اسكندريه قال هه دا علي حثتي".. 


..................................................

"غفران"..


اعتلي وجهه التوتر بعدما استمع لجملة "هالة" بأنها تعلم كل شئ عن زوجته، رغم انه علي علم انها تخفي الكثير عنه خلف بكائها المستمر، وطريقتها المريبه معه..


ولكنه يتغاضي عن كافة شئ لأجل صغيريه،تشنج جسده بشدة، وضيق عينيه وهو يردد جملة ازعاجته كثيرا..

"مخدتش أخلاق والدتها؟!"..

سب بسره بلفظ بذئ مكملاً" امال خدت أخلاق مين!؟"

رفع أنامله علي سماعة أذنه وبتمعن بدأ ينصت لحديثهما..


"يله يا لولو احكيلي كل اللي تعرفيه عن مرات الظبوطه اللي قرفني دا يمكن ألقي طريقه وأخلص منه"..

 تفوهت بها "عهد" بغيظ شديد..

رمقتها"هالة" نظره متفحصه بحاجب مرفوع، وبشهقه قالت..

"بت يا عهوده انتي مهتمه بحكاية مرات الظبوطه بتاعك دا كده ليه؟"..


لكزتها بكلتا يدها برفق..

" لتكوني وقعتي علي بوزك يا منيله ههههه"..

شبه ابتسامة ظهرت علي ملامح غفران، وبلهفه دون ارادته انتظر ردها بفضول شديد..

لتدهشه "عهد" حين قالت..

"لا يا لولو مبقتش اقع من ساعة ما الظبوطه دا جه، وهو عامل زي العفريت بيطلعلي في كل حته يلحقني ويشلني بسرعه قبل ما أقع علي لوزي"..


ابتسم" غفران"بصطناع مردداً..

"تقعي علي لوزك؟!"..حرك رأسه بيأس وبثقه قال..

 "طفله هبله والله".. 


ضحكت" هالة"حتي ادمعت عينيها، وبصعوبه قالت..

"اسمها بوزي يا عهوده"..

غمزت لها مكمله.. "وتقعي هنا قصدي بيها حبيتي غفران؟"..

اتسعت أعين" عهد"علي أخرها وبذهول قالت..

" نوووووو طبعاً بقي انا عهوده أحب الظبوطه الهمجي دا؟!"..


صك "غفران"علي شفاتيه السفليه بعنف وبوعيد همس..

"الهمجي دا هيطلع عين اللي خلفوكي انهارده يا عهوده".. 


بينما تابعت عهد بتعقل..

" وبعدين انتي نسيتي انه ظبوطه متجوز وعنده أولاد كمان

يعني لمستحيل ابصله ولا افكر فيه حتي يا لولو"..


أغمض غفران عينيه بعنف متمتماً بغضب من نفسه..

"أهي اللي بتقول عليها هبله طلعت أعقل منك يا غفران يلي عقلك طار من ساعة ما شفتها"..


"برافو عليكي يابت يا عهوده اهو أنتي كده بت مجدع بصحيح".. تفوهت بها هاله وهي تربت علي كتفها برفق..

ابتسمت عهد بفرحة بلهاء وبفضول قالت..

"طيب يله بقي احكيلي ايه حكاية شهد مرات الظبوطه دي"..


أخذت هاله نفس عميق وبتحذير قالت..

" عهد اوعي كلامنا دا تقوليه لأي حد، دا سر ولو حد عرفه هيبقي فيها موت وخراب بيوت"..

ارتعد قلب غفران وتعرق جبينه بشدة وهو يستمع لحديثهما، 

عبست عهد بملامحها وبعتاب قالت..

" معقول أنتي لسه مش عرفاني كويس يا هاله، وانا اللي بقول عليكي صحبتي الوحيده"..


"انا والله مقصدتش أزعلك يا عهوده، وربنا يعلم أني بعتبرك اختي وحبيبتي مش بس صحبتي"..

ترقرقت عينيها بالعبرات وبابتسامة ممتنه تابعت..

"كفايه انك الوحيده اللي وقفت جنبي وساعدتني ومونتيلي مشروع البقاله بتاعي لولاكي كان زماني بشحت يا عهد"..


رمقتها عهد بنظرة منذهله وبلهفه قالت..

" انتي بتقولي ايه بس يا هاله دا انا مهما عملت عمري ما هقدر ارد جميلك انتي وجوزك اللي انقذني من اللي كانو عايزين يغتصبوني، واحد غير علي لو معندوش اخلاق ودين كان اغتصبني معاهم"..


صعق غفران مما تفوهت به عهد، وبدهشه قال..

"لدرجاتي انتي مستهدفه يا عهد!!"..

نفخ بضيق وبفضول تابع..

" طيب كملي يا هاله انتي كلامك قبل أنا ما اتشل، وبعدين انا هبقي اعرف بمصادري حكاية اغتصابك دي يا عهوده هانم"..


هبطت دمعه حارقه علي وجنتي هاله وبرجاء قالت..

" ادعي لعلي من قلبك ياعهد ربنا يشفيه ويفوق من غيبوبته اللي طولت اوي دي"..


"خليني اسفره بره مصر يا هاله يمكن يكون في علاج لحالته هناك".. قالتها عهد ببكاء لبكاء صديقتها..

ابتسمت لها هاله ابتسامة حزينه، وبأسف قالت..

"ما الدكتور الأجنبي اللي انتي جبتيه يشوفه قال ان شفاه بأيد ربنا، وسواء جوا مصر او بره مصر هيحطوه علي أجهزه ومسأله انه يفوق من غيبوبته دي في علم الغيب، فخليه هنا جنبي وفي حضني انا أولي برعايته لحد ما ربنا يشفهولي، املي في ربنا كبير، وبإذن الله علي هيخف ويرجعلي بس ادعيله انتي من قلبك النقي يا عهد".. 


رفعت عهد كلتا يدها وبتوسل وألحاح دعت من صميم قلبها..

" يااارب عبدك علي دافع عني وحافظ علي شرفي وهو ميعرفنيش ياارب اجعل وقفته جنبي ودفاعه عني سبب من اسباب  شفاءه"..

دعائها العفوي جعل غفران يبتسم علي برائتها ونقاء قلبها بأعجاب، بل بنبهار.. 

أمنت هاله علي دعائها، وبثقه قالت..

"اما انا بقي هأكلك احلي سندوتشات كبده وسجق هتاكليها في حياتك من علي عربية الكبده بتاعت اخو مرات الظبوطه بتاعك يا بت يا عهوده هتاكلي صوابعك وراها"..


عض غفران قبضة يده بعنف وهمس بذهول مقارب للجنون..

"كبده وسجق اايييييييه اللي هتأكليهم لعهوده يا اسمك ايييه أنتي !!! "


ظهرت الدهشه علي وجه عهد وبذهول قالت..

"اخو مرات غفران بيبيع كبده؟!"..

"ايوه يا بنتي أصلا شهد دي من عايله علي اد حالهم اوي،بس هي شايفه نفسها وكأنها بنت بارم ديلو، لكن الشهاده لله احمد أخوها دا مش زيها خااالص دا من أجدع شباب المنطقه"..

ارتدت إسدال لصلاه ولفت حجابها، وسارت نحو الشرفه وتابعت بحماس..

" استني هنزل السبت لحد من العيال اللي بيلعبو في الشارع واخليهم يجبولنا واحكيلك واحنا بناكل"..


التمعت برأس عهد فكرة وحسمت أمرها بتنفيذها، فاسرعت بالركض نحو هاله وامسكت السبت من يدها وبشقاوه قالت..

"قوليلي فين مكان احمد بتاع الكبده دا وانا هروح مع الظبوطه نجيب من عنده واجيلك"..


تمعنت هاله النظر بأعين عهد، وضحكت بعلو صوتها حين فهمت ما يدور بعقلها، وبمزاح قالت..

"بلاش يا عهوده لاحمد يشوفك مع غفران ويقول للقرشانه شهد وتبقي عملتي مشاكل للراجل"..

"ايوه فعلاً هو دا قصدي بالظبط اني اعمله مشاكل فيغيب من الشغل واهرب انا براحتي"..

تفوهت بها عهد بابتسامة متسعه تظهر جميع أسنانها وفرت مسرعه للخارج وهي تقول..

"ادخلي انتي لجوزك اطمني عليه علي ما اجيب انا الأكل واجيلك تحكيلي بالتفصيل يا لولو"..


هبطت الدرج بسرعة البرق، واندفعت خارج المنزل لتوقفها يد غفران التي جذبتها بلهفه قبل ان تصدمها دراجه بخاريه وبغضب عارم قال..

"في حد يخرج زي الطلقه كده سيادك"..

لكزته عهد بغيظ قائله..

" انت بتنقذني ليه كنت سبها تخبطني يمكن كنت مت وروحت لمامي يوم عيد ميلادي يا ظبوطه يا غلس انت"..


أنهت جملتها وسارت من أمامه بخطوات غاضبه وهي تقول بندفاع..

"وديني عند اخو مراتك بتاع الكبده علشان يشوفنا مع بعض يا ظبوطه"..

سيطر غفران علي ضحكاته بصعوبه، وبجديه مصطنعه قال..

" بلاش سيادتك ليجيلك تسمم انتي مش واخده علي اكل الشارع".. 


استدارت ونظرت له بحاجب مرفوع ووضعت يدها بخصرها، وبعناد قالت..

"انا عايزه اتسمم، اتفضل وديني اجيب الساندوتشات علشان متاخرش علي لولو وارجعلها بسرعه علشان تقولي الحكايه"..


اشار لها غفران بيده على الطريق وبابتسامة مزيفه قال..

" قدامي سيادك"

سارت عهد أمامه بغرور وهي لا تعلم انها ذاهبه بقدمها لشخص سيغير مجري حياتها بأكملها.. 


انتهي البارت..

اتمني تفاعل مبهر يشجع علي الكتابه لو عايزني انزلها يومياً ياقمرات.. 

واستغفرو لعلها ساعة استجابة..


أنتهي البارت..

اتمني تفاعل مرضي يابنات علشان انزل البارت اللي بعده باذن الله..

واستغفرو لعلها ساعة استجابة..



البارت ال9..


 إتفاق !!..


.. "عهد"..


تسير أمام غفران بخطوات واثقه، تتمايل بعبائتها السوداء بميوعه ناعمه جعلت غفران يعتلي وجهه الدهشه،يتابعها بنظرات منذهلة، وتقدم بالسير ومال علي أذنها وبهمس من أسفل أسنانه قال..

"أمشى عدل سيادتك بدل ما أخدك مقص تنزلي علي رقبتك تنكسر"..


"متقدرتش".. قالتها عهد بثقه بعدما رمقته بنظره ساخرة جعلته يبتسم بصطناع وبلحظه كان مد إحدي قدميه أمامها فصتدمت هي بها وكادت أن تسقط علي وجهها أرضاً، ولكن يد غفران التي قبضت علي رسغها منعتها من السقوط..


تطلعت به بنظرات ناريه، بادلها هو النظرة ببرود تام، وفجأه ابتسم ابتسامة عريضه، وصوت من خلف عهد قال بترحيب..

"يا الف مرحب بأبو نسب".. قالها أحمد وهو يقترب منه ويعانقه بحراره مكملاً..

 "ليك واحشه والله يا غفران يا غالي"..


تتابعهم عهد بأعين منبهره وابتسامة هادئه تزين وجهها البرئ.. 


"أنت أكتر يا ابو حميد، عامل أيه ووالدتك أخبارها أيه؟"..

قالها غفران بود، فأجابه أحمد بتنهيده..

"الحمد لله علي كل حال احنا تمام والحاجة ام شهد زي الفل مش ناقصنا غير شوفتكم"..

تأمل هيئته وبثقه قال..

"بس انت شكلك كده جاي هنا في شغل"..


"ايوه يا أبو حميد جاي في شغل بس قولت اعدي اسلم عليك"..قالها غفران وهو يربت علي كتفه، ليسرع احمد بجلب إحدي المقاعد وبترحيب قال..

" دا انت نورتنا انهارده يا غالي، اتفضل اقعد وقعد الجماعه اللي معاك وانا هعملكم أحلى اكل لأجدع جوز اختي"..


" احنا أصلا جاين ناخد سندوتشات  كبده وسجقأت من عندك يا ابو حموده"..

قالتها عهد برقتها وابتسامتها الرائعه..

عاد غفران كلمتها بسره بصدمه..

"سجقأت؟!، وابو حموده!! ".. صك علي أسنانه متمتماً..

" يااارب انا عمري ما مديت أيدي علي وحده في حياتي علشان يبقي عندي رغبه شديده بالشكل دا اني اكلها علقه"..


نظر لها احمد أخيراً نظره خاطفه فتابعت هي بعفويه..

"هااي انا عهوده".. مدت يدها له بالسلام ليظهر التوتر علي وجه احمد ونظر لغفران يستشف منه هل يلقي عليها التحيه باليد وهو يقول بابتسامه مجامله..

" يا مرحب يا ست البنات"..


جذبها غفران من مرفقها برفق واجلسها علي إحدي المقاعد، وبهمس قال..

"سيادتك هنا مافيش واحده بتسلم علي حد غير محارمها بالأيد يا زفوته هانم"..

"عهوده يا ظبوطه يا همجي أنت ".. همست بها عهد بغضب طفولي..


نظر غفران لأحمد وتنحنح قائلاً وهو يرمق عهد بنظرة تحذير حينما وجدها تنظر لأحمد المبتعد عنها بنظره متفحصه وابتسامه بلهاء..

"طيب يا ابو حميد لفلنا كام ساندوتش علي السريع من عمايل أيدك"..


" دا احنا عنينا".. قالها احمد بود شديد، وأسرع بتحضير الكثير من المؤكلات بمهاره عاليه أمام أعين عهد التي تطلع به بإعجاب قد أغضب غفران كثيراً..


لتزيد هي من غضبه حين قالت..

"هو في عندك هنا دليفري يا حموده؟"..

"أيوه عندي يا ست الكل، الواد زقله بيوصل الطلبات بعجلته حتي لو في المريخ"..

أخرجت عهد هاتفها من حقيبة يدها، وقالت بغنج..

" ممكن تقولي رقمك علشان أبقى اطلبك وقت ما أكون جعانه"..


"مش لما تدوقي الاكل ويعجبك الأول سيادتك"..

تفوه بها غفران بابتسامة مصطنعه..

ابتسمت عهد بحماس، وهبت واقفه، واقتربت من أحمد بخطوات راكضه، وقفت بجواره، وبدأت تتذوق كل ما يفعله، وتهمهم بستمتاع قائله..

"امممم، وااااو الأكل طعمه يجنن بجد"..


" بألف صحه علي قلبك".. قالها احمد بابتسامة باهته بعدما لمح النيران المندلعه من أعين غفران الذي يرمق عهد بنظرات حارقه..

....................................................

.. شهد..


تقف خلف باب غرفتها، ملتصقه بأذنها عليه تستمع للحوار الدائر بين رغد وزوجها أثناء مرورهما من أمام غرفتها..

"ترجعلي بألف سلامة يا حبيبي"..

تفوهت بها رغد بحب شديد، ليقبل هادي باطن يدها وهو يقول بعشق..

"حبيبة قلبي عايزاني اجبلها حاجة وانا راجع؟"..


أهدته ابتسامة جذابه وتأملت ملامحه بفتنان مردده..

"مش عايزه غيرك أنت يا هادي"..

عضت شهد علي شفتيها بغيظ شديد متمتمه..

"تنشلي يا رغد الكلب ولا تقوملك قومه تاني ابداً"..


ظلت رغد تتابع زوجها عبر الشرفه حتي اختفي عن عينيها، فأخذت نفس عميق وسارت نحو غرفة شقيقتها وهي تهمس بسرها..

"اروح اتكلم مع أختي وافهمها براحة ان مينفعش تخبط عليا انا وجوزي بالشكل دا بس علي الله متكونش بتعيط زي عوايدها"..


وقفت أمام غرفتها وطرقت الباب برفق، لتسرع شهد وتلقي نفسها علي الفراش دافنه وجهها بإحدى الوسائد، وتصنعت البكاء وهي تقول..

"ادخل يلي بتخبط"..


مطت رغد شفاتيها وبأسف قالت..

" بتعيط كالعاده"..

خطت للداخل غالقه الباب خلفها، واقتربت من شقيقتها جلست جوارها علي الفراش تربت بحنان علي ظهرها وهي تقول..

"بتعيطي ليه بس يا حبيبتي"..


"اوعي ابعدي عني واطلعي بره من هنا يله".. تفوهت بها شهد وهي تدفع يدها عنها بعنف دون ان تستدير لها، ترقرقت اعين رغد بالعبرات وبصوت تحشرج بالبكاء قالت..

"في ايه يا شهد، انا عملتلك حاجه؟!"..


اعتدلت جالسه وقد غرق وجهها بالدموع الكاذبه، وبنحيب قالت..

" خليتي ماما فاتن تبهدلني بسببك"..

أشارت رغد علي نفسها وبذهول قالت..

"بهدلتك علشاني انا؟!"..


اجابتها شهد بتقطع من بين شهقتها المزيفه..

"علشان خبطت عليكي بصحيكي تفطري معايا ومكنتش اعرف ان جوزك معاكي"..

ضمتها رغد لصدرها وربتت علي شعرها بحنان وهي تقول... "حقك عليا يا حبيبتي، ماما فاتن اكيد متقصدش انتي عارفه هي طيبه وبتحبنا اد أيه"..


ابتعدت عنها ونظرت لها بابتسامة صادقه وبحنو قالت..

"ولو علي الفطار يا ستي انا هقوم احضرلك أحلى فطار واجبهولك لحد عندك كمان"..

"وفي هدوم عايزه تتحط في الغساله وتتنشر، وكمان حضري حاجه الغدا وانا هاخد دش واجي وراكي"..


تعلم ان شقيقتها باوائل شهور حملها، والحركة الزائدة خطر عليها وتتعمد إجهادها عن قصد، تنهدت رغد بقلة حيله وبطاعة وطيبة شديدة قالت..

" حاضر يا شهد عنيا ليكي هعملك كل اللي انتي عيزاه بس بطلي عياط، مش عايزه أشوفك زعلانه يا حبيبتي"..

.....................................................

.. عهد..


تجلس بجوار هاله بشرفة منزلها بعدما انهو طعامهما تستمع لها بهتمام..


"واحده خبيثه وبألف وش وبتكره كل الناس ، وعندها قدرة جبارة تظلم و تطلع نفسها هي المظلومة وكل الناس هما اللي ظلموها"..

تفوهت بها هاله بأسف، بينما تجلس أمامها عهد تستمع لها بنتباه وعيون منذهله،بتنهيده تابعت هاله..


"اساليني انا علي الحية اللي اسمها شهد دي"..


عقدت عهد حاجبيها، وبستغراب قالت..

"ولما هي بالبشاعه دي ازاي الظبوطة بتاعي دا اتخدع فيها ومعرفش حقيقتها يا لولو؟!! المفروض يكون بيقرأ الناس وبيفهم في نوع البشر الوحش والحلو والبشع اللي زي الحيه مراته"..


"علشان أوقات بكون غبي يا عهد"..

قالها غفران بقلب ملتاع، لتدافع عنه هاله دون قصد حين قالت بابتسامة زائفه..

" يا عهوده شهد مش سهله وعرفت تعمل لنفسها سمعه كويسه جدا في المنطقه، وفي اي مكان بتروحه، انتي لو نزلتي الحته وقولتي شهد بنت سعديه هيحلفو بأخلاقها واد ايه


هي بنت مؤدبه وبتبوس رجل أمها قدام كل الناس، لكن في الحقيقه هي واحده قذره"..

ترقرقت عينيها بالعبرات وبغصه مريره تابعت..

" السافله لما عرفت اني كشفت كذبها ووشها الحقيقي هددتني برغد اللي تبقي أختها من لحمها ودمها قبل ما تبقي صاحبة عمري"..


ارتعد قلب غفران أكثر، وبدا يتنفس بصوت مسموع دليل علي شدة غضبه، وصدمته بما يسمعه عن أخلاق زوجته.. 


ظهرت الدهشه علي وجه عهد وبقلق قالت..

"هددتك بأختها ازاي يا هاله؟! " 

اغمضت هاله عينيها بعنف وبخجل قالت..

" ورتني فيديوهات لرغد وهي نايمه مع جوزها، وقالتلي لو عرفت الظابط جوزها حقيقتها هتفضح رغد وهتنشر الفيديوهات دي علي النت؟؟"..


صدمة ألجمت غفران، وكادت أن تفقده وعيه، أيعقل من تزوجها استطاعت خداعه طيلة هذه السنوات؟!..

أبتسم ابتسامة زائفه مغمغماً بسخريه..

"بقي مصوره أخويا وبتهددي بفضحته وأنا اللي ضميري بيأنبني علي اللي عملته في حقك يا شهد!!!"..


مسح علي وجهه صعودا بجبهته، وجذب شعره بقبضة يده بعنف وهو يتذكر حديثه مع والد عهد.. 


.. فلاش بااااااااك..


"غفران"..


يقف أمام إحدي الغرف ينتظر الأذن بالدخول، ليأتيه صوت 

عزت الذي يظهر عليه التعب قائلاً..

"أدخل يا غفران يا ابني"..


"صباح الخير سيادتك"..تفوه بها غفران، وهو يتقدم منه بخطواته الرازينه الواثقه..

تطلع به عزت بابتسامة وبتنهيده قال..

"صباح الخير يا حضرة الظابط، انا كنت لسه هبعتلك"..


نظر له غفران بتمعن، وبقلق قال..

"سيادتك كويس؟؟"..

"الحمد لله انا كويس يا ابني، كل الحكايه أني منمتش طول الليل"..تفوه بها عزت وهو ينظر له نظره مليئه بالحزن، وبصوت مرتجف تابع.. 

"عهد كويسه؟"..


"اطمن سيادك انسه عهد الحمد لله كويسه جداً"..

ترقرقت أعين عزت بالعبرات وهو يقول..

"انهارده عيد ميلادها يا غفران"..

أخذ نفس عميق مكملاً" انهارده بقي عندها 20سنه"..


" كل سنه وهي طيبه ساعدتك"..

قالها غفران وهو يربت علي كتفه وبقلق تابع..

"سيادتك باين عليك التعب تحب اطلبلك دكتور؟"..

حرك عزت رأسه بالنفي وبأسف قال..

"انا عندي طياره كمان ساعة يا غفران يعني لازم اتحرك حالاً"..


صمت لوهله وأعتلي وجهه الأحراج وبتوتر قال..

"غفران أنت عارف اني بعتبرك ابن ليا"..

"وحضرتك عارف أني بعتبرك في مأم والدي الله يرحمه، ودا يخليني استأذنك أعمل عيد ميلاد انسه عهد بالنيابه عنك لأني عارف ومقدر مشغوليات ساعدتك، وهبلغها أن معاليك اللي أمرت بكل حاجه هعملها"..


تهللت أسارير عزت وبحماس قال..

"كلامك دا بيحفظني أقولك اللي متردد اقولهولك يا ابني"..

اعطاه ورقه مطويه و أشار علي إحدي المقاعد..

" اقعد يا غفران أقرا الورقه دي واي أن كان رأيك انا هحترمه"..


فتح غفران الورقه وبدأ يقرأ المدون بها بأعين متسعه ونظرات منذهله حتي انتهي، وبعدم فهم نظر لعزت قائلاً..

" ايه دا سيادتك؟!"..


" دا عقد جواز يا غفران من عهد بنتي، عليه أمضتها وواقف علي أمضتك"..

 قالها عزت بوجه كساه الألم الشديد وبأسف قال..

"غفران أنا احتمال 99٪ مرجعش من السفريه اللي طالعها دي"..

" بعد الشر علي معاليك، ان شاء الله ترجعلنا بألف سلامة"..تفوه بها غفران بلهفه.. 


اختنق صوت عزت بالبكاء وبصعوبه قال..

"لو جرالي حاجه عهد هتبقي لوحدها، مافيش حد هيقف جنبها ولا يسأل عنها حتي لا من أهلي ولا من أهل والدتها الله يرحمها، كله هيخاف علي نفسه وهيبعدو عنها علي اد ما يقدرو".. 


هب واقفاً فأسرع غفران بالوقوف هو الأخر، نظر له عزت كالغريق الذي وجد منقذه أخيراً وتابع بنبره راجيه..

"علشان كده ملقتش غيرك أأمنه علي بنتي الوحيده يا غفران "..


فشل غفران لأول مره بأخفاء مشاعر الفرحة الغامرة التي ظهرت علي محياه، وبدهشه قال..

" بس انسه عهد وافقت علي جوازنا كده ومضت بسهوله، وهي عارفه اني متجوز وعندي طفلين؟! "..


"انا مضتها علي العقد من غير ما تاخد بالها، وجوازك من عهد هيبقي إتفاق بنا، اعتبره مهمه سريه مكلفك بيها يا غفران،يعني عهد متعرفش ومش هتعرف بجوازك منها نهائي إلا".. 

قالها عزت بصرامة، وبأسف تابع..

" إلا لو انا مرجعتش، لكن لو رجعت هنقطع العقد وتبقي انتهت مهمتك يا حضرة الظابط"..


ساد الصمت لدقائق، ونظر غفران للعقد مره أخرى، لتتعالي نبضات قلبه وهو يتخيل تلك العهد زوجته، شبه ابتسامة ظهرت علي محياه حين تذكر أفعالها المجنونه التي تروقه كثيراً، ولكن تلاشت سريعاً بعدما تذكر شهد زوجته وكسرة قلبها إذا علمت بزواجه عليها..


صك علي أسنانه بعنف، ونظر لعزت الناظر له يستجديه ان يوافق وحرك رأسه بالنفي، لتعتلي خيبة الأمل وجه عزت، ولكن اتسعت عينيه بفرحة غامرة حين أظهر غفران قلم من جيب معطفه ومال مستنداً علي طاوله ووقع امضته وهو يقول..

"سيادتك عارف مقدرش أرفضلك طلب"..


أنهي توقيعه ومد يده بالعقد لعزت الذي خانته عبراته وهبطت ببطء علي وجنتيه،وبفخر قال..

"كنت واثق انك مش هتخذلني يا جوز بنتي"..

قالها وعانقه بحراره وبأمر تابع..

"شيله أنت بأيدك يا غفران ولو ربك أراد ورجعت هطلبه منك"..


حرك غفران رأسه بالإيجاب وبحماس قال..

"طيب يادوب ساعدتك تلحق طيارتك"..

ابتسم بعبث مكملاً..

"وانا الحق أحضر مفاجأة عيد ميلاد عهد"


تنهد بستمتاع وهو يقول..

"مراتي"..


.. نهاية الفلاش باااااااك..


انتبه من شروده علي صوت بكاء عهد وهاله بل صرخاتهما الشديدة، ليركض بسرعة البرق لداخل المنزل وصعد الدرج كل درجتين معاً وهو يصرخ بأسم مجنونته..

"عااااااااهد"..




البارت ال10..


اغتيال!!..


.. هاله..

انقبض قلبها فجأه فقطعت حديثها مع عهد وبقلق قالت..

"استني يا عهد هطمن على جوزي وارجعلك..


هبت عهد واقفه وبابتسامة قالت..

" انا همشي يا لولو أدخلي أنتي لجوزك وخليكي معاه، وهبقي اجيلك تاني تكمليلي حكاية شهد الغريبه دي هي وعايلتها"..


" لا يا عهوده خليكي معايا كمان شويه ملحقتش أشبع منك يا بنتي"..

قالتها هاله بحب أخوي شديد..


تنهدت عهد وهي تقول..

"انا قعدت معاكي كتير أهو انهارده وصدقيني دي أحسن حاجه حصلت في عيد ميلادي انهارده يا هاله"..


ابتسمت هاله ابتسامة حانيه وهي تقول..

" لا يا عهوده لسه في الأحسن، وبأذن الله قبل اليومين دول يكون ربنا رزقك بشاب ابن حلال يحبك ويموت فيكي كمان يا أحلى عهوده"..


"هو لسه في حاجة اسمها حب في الزمن اللي أحنا فيه دا؟! "..

تفوهت بها عهد بضحكة ساخره، وربتت علي كتفها برفق  مكمله..

"يله أدخلي انتي لجوزك وانا هنزل للظبوطه بتاعي اقرفه باقي اليوم واطلع عينه"..


أنهت جملتها وهمت بالسير من أمامها، لتوقفها يد هاله التي قبضت علي كفها، لتندهش عهد من ملمس يدها شديدة البرودة، وتطلعت بها لتذهل من وجهها الذي شحب فجأة وبقلق قالت..

"مالك يا هاله، انتي كويسه يا حبيبتي؟"..


انهمرت دموع هاله بغزارة، وبصعوبه قالت من بين شهقاتها بعدم تصديق..

"عهد انا سامعه صوت علي،هو بينادي عليا فعلاً ولا أنا بيتهيألي كالعادة؟"..

تمعنت عهد السمع جيداً، لتشهق بعنف حين اخترق صوت علي الهامس أذنيهما جعلهما يصرخان بفرحة غامرة وعانقا بعضهما بشدة وصوت بكاء فرحتهما يتعالي حتي وصل لسمع غفران انتشاله من شروده وبسرعة البرق ركض نحوهما وهو يردد..

" عااااااهد"..


وصل أمام الشقه ودون سابق أنظار كان دفع الباب بقدمة بكل قوته فنفتح علي مصراعيه، وخطي هو للداخل بقلب أوشك علي التوقف من شدة هلعه وفزعه عليها..


وجدها تقف بمفردها واضعه يدها علي فمها وتبكي بنحيب شديد..

اقترب منها وبعد يدها عن فمها واحتضن وجهها بين كفيه يتفحصها بعنايه وبأنفاس متهدجه قال..

"انتي كويسه، فيكي حاجه؟"..


حركت عهد رأسها بالنفي، وبابتسامة من بين دموعها قالت..

"علي جوز هاله فاق من غيبوبته يا غفران"..


"وقعتي قلب غفران يا عهد".. همس بها غفران بسره وهو يلتقط أنفاسه بصعوبه، دار بعينيه بأنحاء المكان،ليجد هاله تقف علي باب الغرفه الوحيده الموجوده بالشقه مستنده بجسدها عليه تغتلس النظر للداخل لتتعالي صوت ضحكاتها وبكائها ايضاً بأن واحد حين لمحت أعين علي تجوب الغرفه بحثاً عنها، وبضعف يردد..

" هاله"..


اندفعت هاله راكضه لداخل الغرفه وجثت علي ركبتيها أرضاً بجانب الفراش النائم عليه زوجها، ورفعت يدها المرتجفه تمسد علي وجنتيه وجبهته، وشعره بعشق شديد مردده من بين شهقاتها الحادة..

"علي حبيبي فتح عيونك تاني بالله عليك"..

نثرت سيل من القبلات علي كافة وجهه مختلطه بعبراتها الغزيره التي اغرقت وجهه هو..


وضعت جبهتها علي جبهته، وبتوسل همست..

"علي رد عليا يا حبيبي، رد روحي ليا تاني وسمعني صوتك يا روح هاله"..

"هاله".. همس بها علي وهو يجاهد لفتح عينيه مره أخرى..

تأوهت هاله بصوت عالِ..

"اااااااه يا علي يا ضهر وسند هاله"..


تقف عهد بالخارج تتابع ما يحدث ببكاء شديد قارب علي الانهيار،دموعها جعلت غفران يغلق عينيه بعنف بعدما شعر بقبضه قويه تعتصر قلبه دون رحمه..


واقترب منها وأمسك كف يدها بين قبضته، وسار بها نحو الخارج وهو يقول بتعقل..

"يله يا عهد مينفعش تفضلي هنا سبيهم مع بعض دلوقتي، وانا هبعتلهم دكتور يطمنها علي جوزها، وكمان ابعت واحد يصلح الباب اللي باظ دا"..


سارت عهد معه دون اعتراض، وابتسامة تزين محياها رغم بكائها الشديد الذي يجعل غفران يجاهد حتي لا ينتشالها داخل صدره ويعتصرها بين ضلوعه بعناق حار..


سار معها ممسك يدها وضاغط عليها ببعض القوة ظناً منه انها ستدفع يده كعادتها، ولكنها أثارت دهشته حين سارت جواره هادئه،صامته..

توقفت عن البكاء بينما عينيها مليئه بالعبرات، عيونها الحزينه تنظر للفراغ بشرود..


ظل محتضن يدها الصغيره بين قبضته القويه حتي وصل لسيارته، ففتح الباب لها ودفعها برفق واضعاً يده أعلى رأسها ليتفادي اصتدمها بالسياره، وعلي مضض ترك كف يدها ببطء، واغلق الباب، واستدار لمقعد القائد وبدأ يقود وعينيه تتابعها تاره، وتاره اخري يتأكد أن قوته الخاصه تسير حولهم..

.............................................. 

.. بمكان اخر..


فيلا يظهر عليها الثراء الفاحش.. 

يجلس رجل بأواخر عقده الخامس بهنجعيه، واضع ساق فوق الاخري ممسك بهاتفه يتحدث به بغرور وتكبر قائلاً..

"اممم يعني عزت سافر، طيب نفذ اللي قولتلك عليه الليله"..


اجابه الطرف الأخر بحترام شديد..

"انت تؤمر يا زكريا باشا "..

"مش عايز اي غلطه نهائي، ولازم تعرفو ان غفران المصري مش سهل، يعني تاخد كل الرجاله معاك وتجبلي الليله خبر موت أخر نسل عزت البحيري"..


بأسف قال الطرف الأخر..

"لازم تعرف انها هتبقي ضربه في مقتل يا زكريا باشا خصوصاً ان انهارده عيد ميلاد بنت الوزير، وجالي معلومات ان سيادة الظابط غفران عملها أكتر من مفاجأه"..


ضحك زكريا ضحكة تحمل بين طياتها شر يرتعد منه الأبدان، وبسخريه قال..

" مفاجئتنا احنا هتعجب بنت الوزير أكتر"..

تعالت ضحكاته اكثر مكملاً..

" دا احنا هنوديها لمامتها وأخواتها في أحلى من كده مفاجأة بزمتك"..


تلاشت ضحكته وحل مكانها نظره شيطانه، وبأمر قال..

"من انهادره مش عايز حد من صلب عزت البحيري علي وش الأرض مفهوم"..


"مفهوم يا باشا الليله هنخلص علي عهد البحيري"..

قالها الطرف الأخر بثقه تامة..


أغلق زكريا الهاتف بوجهه مغمغماً بحقد شديد..

" علشان يبقي لا أنا ولا أنت عندنا عيال يا عزت"..

.................................................... 

.. بسيارة غفران..


"انا مبسوطة أوي أن علي جوز هاله فاق ورجعلها"..

تفوهت بها عهد بصدق، وبصوت متحشرج بالبكاء تابعت.. "كده مش هينفع توديني عندها تاني الفتره دي خالص، وبابي كمان سافر وسابني"..


اغلقت عيونها لتخفي عبراتها، واستندت برأسها علي المقعد خلفها وبغصه مريره همست..

"يعني هرجع ابقي لوحدي زي ما دايماً بكون لوحدي"..


كم الألم المنبعث بصوتها جعل غفران يضغط علي المقود بقوة كاد ان يخلعه من شدة غضبه وحزنه لحزنها، ورسم الجمود والجديه علي ملامحه يخفي بهم مشاعره تجاهها وهو يقول..

"انتي مش لوحدك سيادتك كلنا معاكي، انا والقوه بتاعتي بعساكرها و؟"..


قطعت عهد حديثه حينما اعتدلت فجأه واقتربت بوجهها منه شاهره إحدي اصابعها بوجهه وبغضب قالت..

"انا هطفشك انت والقوه بتاعتك وعساكرك دي واحد واحد بإذن الله"..

صكت علي أسنانها وبغيظ تابعت..

"وبعدين انت ايه اللي خلاك تكسر باب الشقه بتاع صحبتي يا ظبوطه يا همجي انت؟".. 


ها قد عادت مجنونته الغاضبه، غضبها الطفولي جعله يبتسم دون أرادته، وبتسليه اجابها..

"صريخك هو السبب، واطمني الباب زمانه اتصلح وبقي احسن من الأول كمان"..

رمقها بنظره عابثه وبأمر تابع..

" وغمضي عينك سيادتك"..


" نعم؟! ".. قالتها عهد بحاجب مرفوع..

ابتسم بتسليه وهو يقول..

"احنا قربنا علي الفيلا، وفي مفاجأت علشانك"..

التمعت أعين عهد بفرحة غامرة، واسرعت بمسح عبراتها بظهر يدها بحركة طفوليه، وبدهشه قالت..

" مفاجأت علشاني انا؟!"..


حرك غفران رأسه بالايجاب ونظر لها نظره خاطفه لتبهره لمعت عيونها الحزينه جعلت قلبه تتعالي نبضاته حد الجنون وبهمس قال..

" غمضي يا عهد ومتفتحيش الا لما أقولك"..


رفعت كلتا حاجيبها وبغرور مصطنع قالت..

"ومين بقي اللي عاملي المفاجأت دي؟؟"..


" والدك طبعا هيكون انا مثلاً".. تفوه بها غفران بستفزاز عن قصد..


رمقته عهد بنظرة ناريه وبأمر قالت..

"سوق بسرعه يا ظبوطه يا مستفز انت عايزه اشوف مفاجأتي"..


" غمضي عيونك الاول"..

قالها غفران ببرود مصطنع، لتنفخ عهد بضيق وبملل أغلقت عينيها، ولكن بداخلها

حماس شديد، وفرحة طفوليه غامرة..

ليصف غفران السياره داخل الفيلا التي تحولت كلياً لمكان أخر وكأنها أصبحت كتله من الجمال الباهر، بأضائتها الواهجه واسم عهد المدون بالورود المختلفه الرائعه بكل انش بها بهيئه تخطف الأنفاس..


 هبط غفران من السيارة وأسرع بالسير نحوها، فتح باب السياره لها وهو يقول..

"متفتحيش و أنزلي سيادتك"..

تنهدت عهد بنفاذ صبر، وخرجت من السياره، لتدوي صوت الكثير من الألعاب الناريه جعلتها تقفز بفزع، وبلحظه كانت معلقه بجسد غفران، بكلتا يدها، وحتي قدميها..


لمستها بالنسبه له الآن تختلف كلياً بعدما أصبحت زوجته، ملمس جسدها علي جسده فقده كل ذرة تعقل به، ودون أرادته لف يده حول خصرها وذاد من ضمها لصدره وبهمس قال بأذنها..

"كل سنه وانتي طيبه"..

كانت منشغله هي بالتأمل المكان حولها بنظرات منذهله، ليتغلل صوته الهامس جميع حواسها، فنظرت له نظرتها البريئه بعينيها الحزينه التي تذيب قلبه، فازدارد لعابه بصعوبه مكملاً.. "سيادتك"..


تأملت عهد ملامحه للحظات بنظرة جامدة خاليه من اي مشاعر، ومن ثم بعدته عنها وسارت لداخل الفيلا بخطوات بطيئه تطلع حولها بنبهار، وغفران يسير خلفها حتي وصلت لباب غرفتها المغلف بأكمله بأروع الورود..


بأصابع مرتجفه فتحت الباب وخطت للداخل لتشهق من روعة وجمال ما رأت، فغرفتها قد تحولت لغرف إحدي الملكات، بألوانها وروعة تصيميم أثاثها، والكثير من الألعاب وخصتاً العرائس تزين كل ركن بها، لتتسع عينيها حين لمحت فستان بغاية الرقه والرقي..


فقتربت منه بخطي متثاقله وقد اغرقت عبراتها وجناتيها وبدأت تمسد عليه وتتأمله بابتسامة متألمه حين تذكرت والدتها الحبيبة وكيف كانت تجهزها بيدها بهذا اليوم، اغمضت عينيها لتنهمر عبراتها بغزاره و بشتياق تمتمت..

"واحشتيني أوي يا مامي"..


يد غفران التي مسحت عبراتها بحنان بالغ جعلتها تفتح عينيها التي اشتعلت بغضب مصطنع، وبسخريه قالت..

"انت بتهبب ايه في اوضتي يا ظبوطه؟!"..


"بطمن ان كل حاجه تمام سيادتك"..

قالها غفران بجديه مصطنعه..

دارت عهد حول نفسها داخل الغرفه وبدهشه قالت..

" الفستان بالشوز بتاعه، وشنطته".. تمعنت النظر جيداً وتابعت بذهول.. "وكمان العقد، والاسوره والخاتم!!!"..


نظرت لغفران وعقدت ذراعيها أمام صدرها وبابتسامة زائفه قالت..

" الفستان دا مش زوق بابي أبداً"..

ضيقت عينيها ورمقته بنظره متفحصه وتابعت بثقه..

"بابي عارف إني مش بلبس مقفل اوي كده"..

وضعت يدها بخصرها وبسخريه مستفزه قالت..

"مين القفل اللي اختار الموديل المقفل دا؟!"..


"قفل!!!".. قالها غفران بصدمة، وبلحظه تحولت ملامحه الهادئه لاخري مخيفه، واقترب منها بخطوات بطيئه جعلت قلب عهد ينقبض بخوف، لكنها رسمت الامبالاه علي محياها، وتصنعت البرود..


وقف أمامها ومال علي أذنها، وهمس بتحذير..

" بلاش تغلطي علشان انتي اللي هتزعلي سيادتك"..

" وانا غلطت فيك انت، انا بقول علي اللي اختار الفستان"..

تفوهت بها عهد بغنج وهي تعبث بخصيلات شعرها الحريري..


"ما هو انا اللي اختارت الفستان سيادتك"..

قالها غفران بفخر، وتحولت نظرته الغاضبه لأخري ماكرة، وغمز لها بعبث مكملاً..

" واللي تحت الفستان كمان هتلاقيه جاهز عندك في أوضه اللبس"..


أنهي جملته ونظر لجسدها نظره شامله.. 


شهقت عهد بعنف وانفجرت حمم بركانيه شديدة الاحمرار بوجنتيها، وبخجل ممزوج بالغضب قالت..

"انت ظبوطه قليل الأدب، واتفضل بره اوضتي حالاً"..

مال غفران بوجهه عليها فجأه ختي تلامست انفهما، وبتحذير همس..

" كل ما هتغلطي".. لاعب حاجبيه.. "هبقي ظبوطه سافل ووقح كمان سيادتك".. 


تأمل جمال وجنتيها وملامحها البريئه المنذهله التي تطلع به بفتنان، وبصعوبه ابتعد عنها، وسار نحو الخارج، وقبل ان يغلق الباب قال بأمر..

" خدي شاور، وهبعتلك عشا خفيف، تتعشي وتلبسي الفستان المقفل دا لو حابه تشوفي باقي مفاجأتك"..

أنهى حديثه، واغلق الباب خلفه..


لتركض عهد نحو الفراش وصعدت عليه وبدأت تقفز بفرحة غامره مردده..

" لسه في مفاجأت تاني يسسسسس"..

بينما غفران يقف بالخارج يستمع لصوت فرحتها بابتسامة هائمة، وبقلب ينبض لأول مرة بحياته بما يسمي" العشق"..

لتتلاشي ابتسامتة حين تذكر تلك الحيه الملقبه بزوجته، وما  سيفعله معها.. 

..........................................................

"سيبي اللي في ايدك وروحي ارتاحي يارغد يا بنتي"..

تفوهت بها فاتن وهي تربت بحنان علي ظهر رغد الواقفه منشغله بأعمال المطبخ الشاقه، وبتحذير تابعت..

"وإياكي اشوفك بتتعبي نفسك كده تاني فاهمه يا رغد"..


ابتسامة لها رغد ابتسامتها الرقيقه، وبتعب قالت..

"انا خلاص قربت اخلص يا ماما فاتن وهدخل اوضتي ارتاح شويه قبل ما هادي يجي"..


جذبتها فاتن من يدها وسارت بها لخارج المطبخ وبصرامة تحدثت قائله..

"انا قولت ترتاحي يبقي ترتاحي، معنديش استعداد اشوفك واقعه من طولك يا بنتي"..

أنهت جملتها ورمقت شهد الجالسه أمام التلفاز تشاهد احدي المسلسلات وبيدها طبق كبير به أنواع مختلفه من الشوكلاته تأكل منه بشراهه..


حركت رأسها بيأس، وبدهشه قالت..

"انا مش عارفه انتو الاتنين اخوات ازاي بس؟! "..

اجابتها شهد دون النظر لها بمزاح زائف..

" لازم تستغربي فعلا يا طنط لان انا حاجه"..

نظرت لشقيقتها بابتسامة ساخرة وتابعت بأسف..

"ورغد حاجه تانيه خالص"..


"فعلا يا شهد انتي حاجه ملهاش مثيل ولا وردت عليا قبل كده"..

تفوه بها غفران بنبرة صارمة يظهر بها غضب مكتوم..

نظرت له شهد بستغراب، وهبت واقفه واقتربت منه وتحدثت بتوتر قائله..

" غفران انت هنا من أمتي؟!"..


تأملها غفران قليلاً، وجهها شديد الجمال الذي له قدرة على خداع كل من يراه، وبابتسامة باهته قال..

" يادوب لسه واصل، وهمشي على طول"..

قالها وهو يقترب من والدته ويقبل رأسها بحب..

لتطلع فاتن به بقلق اعتلي وجهها.. 

لمحت رغد ما يحمله غفران بيده، بل ولنكن اكثر صدقاً وصل رائحته لأنفها، فاقتربت منه وبلهفه قالت..

"انت جايب معاك اكل من عند احمد اخويا يا جوز اختي؟"..


مد غفران يده بما يحمله لها وبابتسامة هادئه اجابها..

"ايوه يا رغد، انا كنت قريب من أحمد وفوت اسلم عليه فبعت معايا الاكل دا ليكم"..

أخذته رغد منه بفرحه وهي تقول..

"يا حبيبي يا احمد والله كان علي بالي هو وماما وقولت لازم اقول لهادي يوديني اطمن عليهم بكره ان شاء الله"..


"وانتي مش هتروحي تطمني عليهم يا شهد؟ بقالك مدة مروحتيش عندهم واخوكي سألني عليكي"..

قالها غفران بنظره متفحصه..

فاجابته شهد بعيون ترقرقت بعبراتها الكذابه، وبتنهيده قالت..

"انا فعلا قصرت معاهم الفتره اللي فاتت وانشغلت بالولاد ، بس هروحلهم علشان ماما واحشتني اوي، واكيد زعلانه مني وانا لازم اروح ارضيها وابوس راسها وايديها كمان"..


حرك غفران رأسه بالايجاب، وسار نحو غرفته بخطوات متسارعه،اسرعت شهد خلفه تنظر بفضول لما يفعله..

وجدته اخرج إحدي أفخم بذلاته وضعها علي الفراش، واخذ ثياب واختفي داخل الحمام لدقائق، وخرج سريعا وبدأ يرتدي بذلته السوداء علي عجل حتي انتهي..


سار نحو المرأة ومشط شعره الغزير بعنايه، ونثر عطره الفواح ذو الرائحة المثيره بكثره،ارتدي ساعة يده الRolex، وحذاءه الجلدي الرائع فأصبح بغاية الوسامة، طالته تخطف القلوب وليس الأنفاس فقط..


اقتربت شهد منه ترمقه بنظرات منذهله، وبحاجب مرفوع قالت..

"انت رايح تتجوز عليا ولا ايه يا غفران؟"..

هندم غفران ياقة قميصه الاسود، وعدل من وضع رابطة عنقه الذي انتقاها خصيصاً بلون فستان عهد، واجابها بجمله اشعلت نيران قلبها وأفاقتها علي حقيقه كانت غافله هي عنها حين قال دون النظر لها..

"لا يا شهد اطمني انا اتجوزت عليكي فعلاً وخارج مع مراتي"..


نظر لها وربت علي وجنتيها ببعض العنف وبابتسامة مصطنعه تابع..

"سلام يا ام العيال"..

"هزارك رخم أوي علي فكره، وأكيد عندك عشا عمل زي عوايدك"..

قالتها شهد لتطمئن بها قلبها الذي بدأ يزحف له القلق..

...............................................................

.. عهد.. 


انتهت من وضع اللمسات الأخيره والقليله من مساحيق التجميل، جمعت خصلات شعرها من الجانبين للخلف بمشبك الماس رقيق تاركة بعض الخصلات متمرده علي جبهتها ووجنتيها، ووقفت تتأمل هيئتها بالمرأة بفستانها الذي يعكس جمالها الأخاذ، امسكت العقد ووضعته حول عنقها المرمري، يليه السوار حول معصمها، ومن ثم الخاتم بأصبعها..


صوت طرقات على الباب تعلم هي صاحبها جعلتها تأخذ نفس عميق بصوت مرتجف قالت..

"ادخل يا ظبوطه انا جاهزه".. 

خطي غفران للداخل حاملاً بيده قالب من الكيك به شموع مضيئه، وبلهفه دار بعينيه يبحث عنها..


ليتسمر مكانه حين لمح هيئتها الأكثر من رائعه جعلته يتأملها بعيون منبره، وبخطوات بطيئه اقترب منها، وبابتسامة عاشقه لكل ذرة بها همس..

هقولك الأغنيه اللي بغنيها لمكه بنتي في عيد ميلادها..


نظر لعيونها بعمق وبدأ يغني بصوت أذهل عهد قائلاً.. 


"سنة حلوة يا جميل

سنة حلوة يا جميل

سنة حلوة يا جميل

سنة حلوة يا جميل


شفت وردة أحلى وردة فتحت قبل المعاد، 

قالتي مبسوطة النهاردة في عيد ميلاد الفرح زاد،


شفت وردة أحلى وردة فتحت قبل المعاد، 

قالتي مبسوطة النهاردة في عيد ميلاد الفرح زاد، 

يا جمالك يا طعامتك عمري يطول بإبتسامتك

عالشفايف كل شايف

العسل زود حلاوتك،


يا أحلى وردة يا يا بنتي

كل جميل شفتو السنة دي

عشت أنا فحضنك طفولتي

وعيد ميلادك عيد ميلادي

يا جمالك يا طعامتك عمري يطول بإبتسامتك،


عالشفايف كل شايف

العسل زود حلاوتك

يا أحلى وردة يا يا بنتي،


كل جميل شفتو السنة دي

عشت أنا فحضنك طفولتي

وعيد ميلادك عيد ميلادي"..


أمتلئت أعين عهد بالعبرات التي تأبي الهبوط.. 

" كل سنه وانتي اجمل عهوده"..

قالها غفران بعشق فشل في اخفائه،ورفع قالب الكيك قليلاً وبمزاح تابع.. 

" يله اتمني أمنيه غير انك تهربي مني سيادتك"..

اغمضت عهد عينيها لتهبط عبراتها بغزاره علي وجنتيها وبتمني شديد همست..

"نفسي أروح لماما وأخواتي"..


تلاشت ابتسامة غفران وهم بتوبيخها، لكن صوت وابل من الطلقات الناريه انتشرت داخل الغرفه عبر الشرفه جعلته يلقى ما بيده وبلمح البصر كان جذب عهد داخل صدره وسقط بها أرضاً...


أنتهي البارت..

تكملة الرواية هناااااااااا 







تعليقات

التنقل السريع