القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية بين طيات الماضي البارت 21-22-23-24-25بقلم منة الله مجدي

 


رواية بين طيات الماضي البارت 21-22-23-24-25بقلم منة الله مجدي







رواية بين طيات الماضي البارت 21-22-23-24-25بقلم منة الله مجدي



الفصل الحادي والعشرون 


في صباح اليوم التالي 

فتحت مليكة عيناها بوهن تشعر بجفاف قاتل في حلقها وظمأ يكاد يخنقها 

جابت ببصرها في ربوع الغرفة حتي رأته....سليم 

كان نائماً في هدوء علي أحد المقاعد بجوارها 

يستند بنصفه العلوي علي الفراش 

خفق قلبها بعنف إثر رؤيته بتلك الهيئة..... يرقد مسالماً كطفل صغير..........تمنت من كل قلبها لو أن بقاؤه هنا يكون بدافع الحب وليس شفقة أو حتي واجب أو أي شئ اخر...... حب.......وَله وقلق 

فقط هكذا 

ولكن تلك ليست شيمه أو يمكننا القول أنها ليست شيمه معها هي علي الأخص......تألم قلبها بشدة لتلك الخاطرة التي مرت ببالها ولكنها نفضت رأسها في هدوء وهي تمد يدها لتلتقط كوب الماء الموضوع بجوارها بعدما قررت نسيان كل شئ و الإستمتاع باللحظة 

فتح سليم عيناه بذعر حينما سمع صوت تأوهها الذي خرج من شفتاها بألم حينما ضغطت بيدها علي موضع الجرح دون أن تقصد متخللاً قلبه لينتفض من مكانه.........وقف يحاول أن يلملم شتات نفسه مستوعباً ما يحدث حوله 

إنفرجت شفتاه بصوت رخيم إثر نومه 

سليم: إنتِ كويسة يا مليكة 

أومأت برأسها في آلم متمتمة في أسف 

مليكة: أسفة علشان صحيتك......أنا بس كنت عاوزة أشرب 

إنتفض قلبه قبل جسده لنبرتها وما هي إلا لحظات حتي إمتدت يده للكوب بجواره ووضع الماصة عند شفتاها ولا تزال يده تمسك بالكوب 

إقتربت هي ببطء وأخذت ترتشف الماء بروية تروي به ظمأها بينما وقف هو يطالعها بآلم فبالتأكيد أنه هو السبب في ما جري لها الآن 

لم يتركها تشرب الكثير طبقاً لتعليمات الطبيب 

فأبعد الكوب واضعاً إياه علي الطاولة بجوارها 

وإتجه جالساً علي المقعد المقابل لفراشها 

رمقها بهدوء ثم أردف سائلاً 

سليم: فاكرة أي حاجة 

طالعته بعدم فهم..... فلاحظت أصابعه القابضة علي يد المقعد حتي إبيضت مفاصله 

سليم: الحيوان دا مقالش أي حاجة 

تمتم مليكة بخفوت 

مليكة: سألني إن كنت مراتك ولا لا..... وأنا قولت أه....... بعد كدة..... بعد كدة محستش غير بوجع وعرفت إنه ضربني بالسكينه 

سمعته يتمتم بغضب ببعض الشتائم بالإسبانيه بينما تشتد قبضتاه أكثر وأكثر علي يد المقعد حتي شعرت بأنه كاد أن يكسرهما 

وماهي عدة دقائق حتي هب واقفاً كمن لدغه عقرب وإقترب منها فإنمكشت هي علي نفسها في الفراش بينما إرتفع رجيفها خوفاً من هيئته 

ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح حينما إنفرجت شفتاه عن نبرة رخيمة تمتم بها في كبرياء سلبها أنفاسها 

سليم : أنا أسف... أسف جداً يا مليكة لأني مقدرتش أحميكي بس أوعدك إني هجيبلك حقك 

همت بالتحدث فاوقفها بإشارة من يده 

سليم: أنا عارف إن أي كلام دلوقتي ملوش لزوم بس لازم تعرفي إني مش هسيب الحيوان الي عمل كدة أبداً 

ثم تركها......تركها وذهب وكأنه لم يكن من الأساس

تركها ورحل في هدوء....... لم يعطها حتي الفرصة لإخباره بمدي حماقته.... كيف لم يستطع حمايتها وهو فارسها الوحيد وبطلها الشجاع.....أنها تفتخر بكونها إمرأته.......ولتكن أكثر دقة بأنها زوجته

دلفت بعده نورسين وظلت جوارها بضع الوقت 

تسألها عما حدث وتحكي لها كيف كان سليم قلقاً ومذعوراً في اليومين السابقين 

إبتسمت بداخلها .......نعم إبتسمت وبقوة 

كيف لا وهي تسمع الآن ما يطرب الأنثي بداخلها ولولا هذا الجرح اللعين الذي يعيق حركتها وبشدة لكانت رقصت فرحاً 

هي فقط تتذكر بعضاً من صراخه يومها وبضع كلمات حثيثة سمعتها أثناء غيبوبتها في السيارة في طريقهم لهنا 


***************************


في الخارج 

جلسا ياسر وسليم في الكافيتيريا الموجودة بالمستشفي 

فأخبره ياسر عما تنوي جدته في إيجاز 

هتف سليم بدهشة 

سليم: يعني إنت عاوز تقولي إن الغرباوية هيوافقوا أردف ياسر بقلق

ياسر: أني مش خايف غير من عيلة عمك سليمان 

دول اللي واخدين الوضوع علي صدرهم أوي 

أردف سليم ساخراً 

سليم: بيحبوا الخير زي عنيهم 

إستطرد ياسر بجدية 

ياسر: ستك كانت عاوزاك تبقي موجود 

رفع سليم كتفيه بقلة حيلة وهو يجوب ببصره في ربوع المكان ثم إستطرد بأسي 

سليم: والله كان نفسي بس أديك شايف 

أومأ ياسر برأسه بتفهم 

ياسر: ربنا يشفيها ويكون في عونك 

أنا لازم أسافر البلد علي بالليل بالكتير علشان نشوف هنعمل إيه بالظبط مع بقيت الغرباوية 

آبتسم سليم 

سليم: إن شاء الله خير متقلقش...... إنتو بس خليكوا حازمين من الأول علشان ميسوقوش فيها 

وخصوصاً إن دا الحق ولو حصل أي حاجة كلمني وانا هكون عندك فوراً 

أومأ ياسر برأسه في هدوء

ياسر: ربك يسترها 


***************************


ما هي إلا بضع أيام حتي خرجت مليكة من المستشفي مع تعليمات الطبيب لها بالراحة التامة والإقلال من الحركة قدر المستطاع

عادت الي المنزل وسليم بجوارها فرأت مراد يركض ناحيتهما بسعادة بالغة فهو قد إشتاق لوالديه اللذان سافرا لأمر ضروري لهذا لم يستطيعا أخذه كما أخبره سليم 

همت بحمله ولكن سليم أخذه منها بسبب جرحها يداعبه ويؤرجحه ويستمع الي حكاياته المثيرة مع أميرة المربية 


*************************


في الصعيد 

هاتف مهران جميع رجال الغرباوية بالحضور للدوار الكبير بعد بضع ساعات 

وبالفعل ما هي إلا ساعات قليلة حتي دلف رجال الغرباوية الواحد تلو الآخر للدوار وبالخارج يقف أهالي الكفر تعلوهم الدهشة ويحملهم القلق ويضعهم في توجس 

تري ما سبب هذا الإجتماع.....أ هو خير أم أنها ستكون بداية النيران التي ستستعر في النجع حتي تحيله الي رماد 

وبعد عدة ساعات أخري من النقاش والمناورات حتي أنها وصلت للمشادات الكلامية في بعض الأحيان......أذعن أعتي الرجال لكلمات سليم التي قصها عليهم في الهاتف......كيف لا وهو كبيرهم الذي يحترمونه ويقدرونه علي الرغم من صغر سنه 

فله الكثير والكثير من الأفضال علي الكبير منهم قبل الصغير ........إنقضي الأمر وأُعلن عن إنعقاد عشاء كبير لعيلة الراوي بقصر الغرباوية الكبير


*************************

بعد مرور يومان 

بعد صلاة الظهر 

وقفت ثلاث سيارات تخص عائلة الراوي أمام قصر الغرباوية الذي إصطف حوله أهالي النجع في توجس....... فقد دخلت السيدات ومعهم الأطفال داخل المنازل والمحلات وأُغلقت الأبواب والنوافذ جيداً بينما وقفن يسترقن السمع يدعون بداخلهم أن يمر هذا اليوم علي خير 

أما الرجال فوقفوا في قارعة الطريق في قلق يتسائلن بريبة

تري ما سر تلك الزيارة...... أ ستشتعل نيران الحرب بين العائلتين مرة آخري....... هل ستخلد تلك الليلة في ذكري الجميع ولن يقدر أحد علي نسيانها .......أ ستكون هي بداية النيران التي ستستعر في أرجاء النجع حتي تحيله هشيماً تذروه الرياح....... أم ستكون بداية لفجر جديد بين عائلتي الراوي والغرباوية وتكون تلك هي بداية جمهعم سوياً كالسابق......لا أحد يعرف 

هبط من السيارة الأولي 

أمجد الراوي ومعه زوجته نورهان ........بينما هبط من السيارة الآخري حسام الراوي ومعه والداه قدري الراوي و سمية الراوي 

أما السيارة الثالثة فركض منها الأطفال

-أيهم وجوري- لجديهما 

بينما هبطا عاصم ونورسين الذين حضرا في الصباح الباكر 

وقف الرجال يراقبوا ماذا سيحدث بالتحديد 

بينما حبست النساء أنفاسهن يتضرعن للمولي 

حتي شاهدا مهران وبجواره شاهين وياسر يخرجوا لإستقبال ضيوفهم بترحاب شديد 

فتنفس الكل الصعداء وعاد صراخ الأطفال يملأ المكان وخرجت النساء وتوجه الرجال لما كانوا يفعلونه

دلف الرجال ليجلسوا في صحن القصر يتبادلون الأحاديث كلاً منهم في تحفز للأخر علي أتم إستعداد لبداية الحرب ولكن مهران وياسر بحكمتهما إستطاعا السيطرة علي مجري الحديث وتحويله للمجال العملي والودي أكثر 

بينما إتجهت النساء للمقعد الكبير في الجزء الغربي من القصر بصحبة خيرية ووداد وقمر اللاتي عرفن جيداً كيف يسيطرن علي الوضع بحكمة 

فقد كانت خيرية تراقب ابنتها عبير في تحفز لتقطع عليها أي فرصة لنشب الخلافات.......هي تعرفها وتعرف مدي شعورها بالضيق

أما نورهان وبثينه فقد كانتا تشعران وبشدة بتلك الأجواء المشحونة وخصوصاً نورهان فهي جالسة الأن مع غريمتها تتشاركان نفس الأريكية وها هي تجلس بأريحية شديدة علي عكس عبير تماماً 

التي أخذت تطالعها بنظرات نارية تنم عما يعتمر جوفها 

كيف يتوقع منها أؤلئك القوم أنها ستجلس في غرفة واحدة مع غريمتها بكل هدوء ....... لا ليست حتي نفس الغرفة بل أنها تشاركها الأريكة......تشاركها الهواء الموجود في الغرفة

ولكن يجب عليها.........يجب عليها التحلي بكل مخزونها من الهدوء لأن أي تصرف خاطئ يصدر منها الليلة سيقيم بحور من الدماء لن تنهي حتي أبد الآبدين



لايك قبل القراءة وكومنت بعدها مانجاتي ❤😍


الفصل الثاني والعشرون 


وضعت الأخونة بجوار بعضهن البعض 

طاولة كبيرة للسيدات بجوارها طاولة آخري للرجال

نهضت خيرية تدعوا الجميع للغداء بعدما وُضع الطعام علي الموائد 

جلس الجميع يتبادلن المزاح والحديث 

تعرف ياسر علي عاصم وحسام وإندمجوا كثيراً سوياً بينما لاحظ هو مدي إبداع وحنكة عاصم فيما يتعلق بالعمل وتناقشا سوياً في مشروع ما 

ياسر: الفكرة زينة جوي وهفاتح فيها سَليم ونتفج نتجابلوا في الشركة في القاهرة إيه رأيك 

أومأ عاصم بحماس 

عاصم: الفكرة عجبتني جداً وأكيد موافق عليها خلاص حددوا ميعاد وقولي 

أومأ ياسر باسماً وهو يشير ناحية الطاولة 

جلست نورسين أمامها قمر وبجوارها فاطمة 

إنغمس الجميع في تناول الطعام بينما تسلل لسمع نورسين أصوات همهمات خافته تأتي من طاولة الرجال رفعت بصرها تلقائياً لتلاحظ قمر التي تبتسم بخجل وهي ترمق زوجها بنظرات هائمة 

تحول بصرها تلقائياً في هدوء دون أن يلاحظها أحد ناحية طاولة الرجال فلاحظت ياسر وهو يغمز لقمر ويبتسم لها في هيام ومن حركات شفتيه أنه يخبرها بكلمات غزل ما 

إبتسمت بداخلها في شجن وهي تطالع زوجها الذي إنغمس في مزاحه مع حسام والجميع ولم يلتفت ناحيتها ولو لثانية 

طالعته وهي تتنهد بعمق تكاد تبكي شجناً علي حالتها..........هي تتذكر كيف كانا قبل إرتباطهما 

وكيف كان يطالعها بنظرات تجعل قلبها يرفرف بين أضلعها..... بنظرات لا طالما سلبت أنفاسها 

تنهدت بعمق وهي تطالعه بألم وكأن قلبها يحدثه 

ألا تعلم عزيزي أن ما أحمله لك من حب قد عذبني كثيراً وأنهك روحي 

هزت رأسها بلطف تطرد تلك الأفكار وهي تعاود رأسها ناحية طعامها بينما أخذ لسانها يلهج بالدعاء لأؤلئك الاثنين 

بعد إنتهاء الطعام 

جلست السيدات في مكانهن بينما لاحظ الجميع نظرات نورهان المتألمة تجاه فاطمة 

ربتت خيرية علي فخذها بلطف وهي تبتسم لها بحنو 

خيرية : منورانا يا مرت الغالي 

إبتسمت نورهان في إمتنان وهي تومئ برأسها في خجل 

نورهان : دا نورك يا ماما 

مرت فاطمة من أمامهما ناحية قمر تخبرها بأمر ما 

فأشارت لها نورهان بالجلوس بجوارها 

وقفت فاطمة لا تدري ما الذي يجب عليها فعله فهي تري نظرات أمها التي أستحالت لنظرات عجيبة لم تعهدها من قبل بينما إرتسم علي وجهها ملامح عجيبة .......لكن قطع عليها كل ذلك صوت خالتها وداد الدافئ 

وداد : روحي يا بتي 

تقدمت بخطوات مرتابة متمهلة حتي وجدت نورهان تبتسم لها في حبور 

نورهان : عمرك 24سنة مش كدة 

إبتسمت فاطمة بخجل 

فاطمة: إيوة 

أردفت نورهان باسمة بأسي 

نورهان : بنتي كانت هيبقي عندها زيك كدة

أردفت فاطمة باسمة بحماس 

فاطمة : طب وهي مچاتش وياكوا ليه 

أظلمت عينا خيرية في أسي فأردفت نورهان باسمة 

نورهان : بنتي مشيت من زمان.......راحت للي خلقها 

إضطربت ملامح فاطمة في أسي وأردفت تعتذر منها في آلم شديد علي حماقتها 

فاطمة: أني أسفة واصل والله مكنتش أعرف 

ربتت نورهان علي يدها في حنو وأردفت في حبور 

نورهان: ولا يهمك يا حبيبتي ما إنت زيها بالظبط 

مش كدة ولا أيه 

أومأت فاطمة برأسها في سرعة وأردفت باسمة 

فاطمة: وأني أطول برضوا 

إبتسمت نورهان وإحتضنتها في حبور بينما جلست عبير وفي قلبها آتون مستعر من الغل والحقد يكاد يحرقها ويحرق الجميع من حولها 


************************


في قصر الراوي 

وضعت نورسين أطفالها في فراشهم بعدما دثرتهم جيداً ثم عادت لغرفتها في هدوء لتجد عاصم يجلس علي حاسوبه كالعادة ينجز بعض الأعمال 

تنهدت بيأس بعدما أغلق الباب خلفها 

وفكت حجابها الذي إنحسر عن أمواج من شعرها البندقي الذي إنسدل لينشر عبيره الأخاذ في الغرفة.....توجهت في هدوء لتبدل ثيابها ومن ثم عادت لتجلس أمام طاولة زينتها 

ثم هتفت فجاءة وبدون إدراك بنبرات تحمل في ثناياها الحسرة والشجن 

نورسين: شوفت يا عاصم ياسر وقمر ماشاء الله عليهم مبسوطين إزاي سوا 

أغلق حاسوبه بعدما إتسعت حدقتاه لنبرتها وهتف بدهشة 

عاصم: ليه يا نور هو إنت مش سعيدة 

ضحكت بسخرية وفرت منها دمعة هاربة توضح مدي آلم قلبها العاشق المعذب 

نورسين بسخرية : سعيدة........أنا ابعد ما يكون عن السعادة دي يا عاصم 

حدق بها بدهشة ورفع حاجبه الناقم بحنق 

عاصم: وليه بقي يا نور بيت وعندك بدل البيت تلاتة.....عربيتك أحدث موديل......بتلبسي أحسن من أي حد....الولاد في مدارس إنترناشيونال....سفر وبتسافري.... فلوس ومعاكي عاوزة إيه تاني 

نهضت دافعة المقعد الصغير ليحدث صوت صرير يخترق الجو المشحون توتراً ومن ثم تمتمت بألم ويأس ......بصوت يغمره الشجن والقهر

نورسين : عاوزة حب.... إهتمام.....أنا وإنت فين من كل دا يا عاصم 

نعم...هي عاشقته المعذبة... التي أماتها إهماله 

وكانه لا يعرف أن الإهمال بعد الإهتمام هو قتل نفس بريئة بغير حق......يا ولدي إن المراءه بحاجه الى الإهتمام أكثر من حاجتها الي الحب وكل تلك التراهات التي تتفوه بها 

هتف هو بهدوء 

عاصم : ما إحنا زي الفل يا نور أهو مالنا بس

ضحكت بسخرية ممزوجة بالقهر 

نورسين: زي الفل!!!! لا يا عاصم متكدبش علي نفسك إحنا مش زي الفل ولا حاجة.... إحنا أبعد ما يكون عن كدة 

إستقام جزعها وضاقت عيناها بعدما ضاق ذراعاها حنقاً منه هاتفة به في حنق 

إنت أخر مرة إتصلت بيا بس لمجرد إني وحشاك وعاوز تطمن عليا كان إمتي يا عاصم..... أخر مرة قولتلي بحبك الي كنت مغرقني بيها أول ما عرفنا بعض كان إمتي يا عاصم......أخر مرة إفتكرت عيد جوازنا كان إمتي.... بلاش كل دة أخر مرة إفتكرت عيد ميلادي من نفسك كان إمتي يا عاصم 

أخر مرة قولتلي وحشتيني يا نور كانت أمتي يا عاصم .......أخر مرة حبيت تفاجئني بيها بأي حاجة كان إمتي يا عاصم

تابعت بقهر إخترق قلبه ليمزقة لأشلاء 

أخر مرة بصلتي فيها زي زمان كانت إمتي يا عاصم

تابعت بدموع 

يا عاصم إنت بتقعد معانا علي السفرة تقضية واجب مش أكتر.... بتقعد بجسمك بس.....إنما عقلك بيبقي مع الصفقة الغولانية ولا بتفكر في المناقصة العلانية ....وإحنا أخر حاجة 

ثم تابعت بتوسل 

ومتقوليش إنك بتعمل كل دا علشاننا.....إحنا والله مش عاوزين كل دا اصلا 

إحنا عاوزينك إنت ....لا عاوزين بيت كبير فاضي علينا مش حاسين فيه بالأمان علشان عمود البيت ومصدر أمانه دايماً غايب ولا عاوزين فلوس كتير مش عارفين ننبسط بيها وإنت مش موجود جمبنا ولا حتي عاوزين عربيات ولا عاوزين أي حاجة والله 

أنا و ولادك محتاجينلك يا عاصم......محتاجينلك أوي والله 

كاد أن يتحدث فتابعت هي بألم يقطر من صوتها 

جمراً يكوي قلبه 

نورسين : عاصم أنا مش بلومك أبداً والله.......أنا عارفة إنك عاوز توفرلنا كل اللي تقدر عليه علشان نبقي في أحسن حتة وأحسن مكان.... بس كفاية كدة بقي إحنا عاوزينك جمبنا مش عاوزين حاجة تانية والله.........إنت بالدنيا وما فيها ياعاصم 

صدم من كل ما تشعر به وتكتمه بداخلها كل تلك الفترة ......أ حقاً كان ذلك البعيد الغائب.....أ حقاً قرر أن يتخذ الدور الذي لاطالما إمتقته 

تمتمت نورسين بألم 

نورسين: قرب من ولادك يا عاصم.......إنت بقيتلهم ال ATM بتاعتهم مش أكتر 

ولادك محتاجينلك أكتر من أي حد......نفسهم يلاقوا بابي بتاعهم دايماً موجود يحضنهم ويبقي جمبهم

يبقي بطلهم في كل حاجة......نفسهم يلاقوا بابي يسألهم بيحبوا إيه وبيكرهوا إيه...... يلعبوا معاه....يتمرنوا سوا 

تمتمت بتوسل باكية 

جرب يا عاصم تكسبهم وتقرب منهم علشان خاطر ربنا 

ثم همست بألم لم يصل الي مسامعه 

يارب يا عاصم تقرب منهم بمزاجك وأنا عايشة بدال ما يضيعوا منك بعد ما أموت

إحتوي عاصم وجهها بين يديه وتابع بحنو بالغ 

بنبرة متالمة لألمها ودموعها 

عاصم: إنتِ عارفة أنا بحبكوا قد إيه يا نوري 

أنا معنديش أهم منكوا في الدنيا عارف إني مشغول بس غصب عني و أوعدك إني هحاول أفصل الشغل عن البيت ......بس أهم حاجة مشوفش دموعك أبداً سامعاني 

عمد بأنامله الي وجهها يجفف دموعها برفق بالغ 

تحدث بصوته الأجش الذي يسلبها عقلها دائماً 

عاصم : إتفقنا 

تنهدت باسمة وتابعت 

نورسين : إتفقنا

غمزها عاصم بمكر ثم تابع بجدية 

عاصم: بقولك إيه ما تيجي نجيب توئم حلوين كدة لأيهم وجوري 

شهقت نورسين بخجل وهي تدفن وجهها بصدره 

نورسين : عاصم!!!!! 

عاصم : عاصم إيه بس وبتاع إيه تعالي بس هقولك


*************************


عاد سليم من عمله مساءً متوجهاً لغرفة مليكة التي يعلم أنها نائمة في هذا الوقت..... فذلك الدواء اللعين يجعلها تنام كثيراً فلا يستطيع أن يشبع عينيه منها بعدما أغلق هاتفة بعد محادثة طويلة بينه وبين ياسر ابن عمه مخبراً إياه كل ماحدث في تلك الأمسية بالتفصيل ومعرباً عن رغبته هو وعاصم في مقابلته والحديث عن مشروع ما قد تحدثوا فيه قليلاً أثناء العشاء وموافقة سليم وتحديد موعد ليتقابلوا فيه سوياً في مقر الشركة بالقاهرة 

دلف في هدوء الي غرفتها ليجدها راقدة في هدوء منسدحة علي الفراش في وداعة.....أخذ يتطلع إليها بإحساس لم يعده يوماً.....غريباً عن قلبه الوحيد فقد كان يفكر فيها دوماً لم تكن تبرح خواطره وحتي أفكاره لم تخلو منها مطلقاً طوال يومه.......ظل يكابر ويعاند نفسه كثيراً كي يصعد مباشرة لغرفته دون العروج علي غرفتها لكن أخيراً تحطمت مقاومته وإتجه ذاهباً يدفعه قلبه الذي أخد يعاند وبشدة لحجرتها كي يراها....فقط هي.......كيف له أن يقاوم ذلك الجمال الملائكي القابع هنا علي الفراش وعلي ذلك الضوء الخفيف الذي تسلل من القمر لشرفتها ليضفي عليها مظهراً عجيباً......كم كانت تشبه الحوريات بذلك الرداء المخملي الذي يجعلها كتلة مجسمة من 

الفتنه...... نعم فتنته كما تفتن تلك الحوريات البحارة بسحرهن ودون أي عناء يذكر منها 

وشعرها.....و ااه من خصلات شعرها الحريرية التي تضاهي النيران في فتنتها وإثارتها متناثراً حولها في غجرية تبعثر روحه وتنثر أشلاء قلبه وتهيم بعقله 

ااااه لا يعرف حتي ماذا حدث معه وكيف......هو ليس بطفل أو حتي شاب مراهق كيلا يعرف ما هو الحب هو يعرف ذلك الشعور جيداً يعرف إنه الحب ولكن كيف ومتي ولماذا .........ألا تعلم يا ولدي أن الحب يأتيَك متخفيا فلا تسأله لما أتى.....ولا تسألهُ َعن السبب.........فَـهَو إن َضرب َضربتهُ لا سبيَل للنَجاة .......ولا طريقاً للهرب


************************


في صباح اليوم التالي 

إنسل عاصم من فراشه بعدما طبع قبلة حانية علي رأس زوجته وإرتدي ثيابه متوجهاً للمطبخ 

وقف يعد لهم طعام الإفطار في هدوء وسط دهشة الخدم الموجودين بالقصر وبعدما إنتهي طلب من الخدم وضعه علي طاولة الطعام وصعد هو لإيقاظ طفليه اللذان لم تسعهما فرحتهما حين شاهدا والدهما يوقظهما صباحاً لا بل إنه لا يحمل هاتفه أيضاً أو حتي يطالع جريدته بل يحملهما ويلعب معهما ......إحتضنه أيهم بقوة هاتفاً به يسأله ببراءة

أيهم: بابي إنت مش رايح الشغل ولا إيه 

هز عاصم رأسه باسماً يمنة وميسرة 

فإحتضنا أيهم وجوري والدهما وهما يهتفان بسعادة 

آلمت والدهما فقد أدرك الآن كم كان أحمقاً ليبدي عمله علي هذين الملاكين 

حمل طفليه وتوجها لإيقاظ نورسين التي لم تصدق عيناها ما تراه حتي أنها ظنته حلماً جميلا من بين تلك الأحلام التي تراودها يومياً 

حتي سمعت أطفالها يخبرانها بسعادة بينما يتقافزان فرحاً أن والدهما سيقضي معهم اليوم بأكمله ولن يذهب للعمل 


**********************


بعد مرور عدة ايام 

في شركة سليم الغرباوي 

إجتمع الشباب الثلاثة لمناقشة مشروع ما ليكون ذلك هو أول إتحاد يتم منذ زمن طويل بين عائلتي الغرباوي والراوي 

هتف عاصم باسماً 

عاصم: إنت بقي ابن عمو زين الله يرحمه 

إبتسم سليم بفخر وتابع مؤكداً

سليم: أيوة بس إشمعني 

إبتسم عاصم ًبحبور متابعاً 

عاصم: أصل بابا مبيبطلش كلام علي عمو زين الله يرحمه 

في نفس الوقت حضر ياسر ينفخ متأففاً

ضيق سليم عيناه وهتف مشاكساً 

سليم: مالك يا زينة الرچال 

ضحك عاصم علي سخرية سليم 

ياسر: أدي اللي خدناه من الحمل والوحم

شوية مش طايجاني وشوية عاوزة أبصر إيه 

مرار طافح 

ضحكا سليم وعاصم علي ضيق ياسر 

وهتف سليم مازحاً 

سليم: الأبوة مش بالساهل يا حبيبي 

تذكر عاصم مشهداً ما وقت حمل نورسين بجوري 

فتمتم ضاحكاً 

عاصم : إنت عارف مراتي كانت بتتوحم علي إيه لما كانت حامل في جوري 

أردف سليم باسماً بمزاح 

سليم: إشجينا 

أردف عاصم زاماً شفتيه كتعبيراً عن مرارة أيام حمل زوجته 

عاصم: كانت بتتوحم علي الطوب الأحمر 

إنفجر سليم ضاحكاً أما ياسر فحدق به مدهوشاً 

فإستطرد عاصم باسماً 

عاصم : كانت تاخدني علي ملا وشي في إنصاص الليالي نروح مواقع لسة بتتبني وتقعد تاكل في الطوب اللي هناك زي الزومبي بالظبط 

جلس ياسر وتابع بثقة 

ياسر: واه واه دا أني علي كدة أحمد ربنا علي جمر وأروح أبوسها كمان

تمتم سليم بين ضحكاته 

سليم : قولتلك إحمد ربنا 


************************


في فيلا سليم الغرباوي 

تعافت مليكة بعد مرور أشهر علي ذلك الحادث اللعين فقررت الذهاب لزيارة عائشة ورؤية طفلها عبد الرحمن 

تناولوا طعام الافطار سوياً وودعت مراد للذهاب لمدرسته وإنتظرت هبوط سليم للأسفل كي تأخذ إذنه قبل ذهابه للعمل 

سليم: السواق برة تحت أمرك ومتتأخريش ومتقفليش موبايلك علشان لما أحب أوصلك 

كانت تلك الكلمات التي خرجت منه بحزم وجمود قبل أن يخرج ويترك علامات الفرح بادية علي وجهها المستدير.... جلس أمام مقود سيارته يزفر الهواء واضعاً يده علي قلبه ليطمئنه قبل أن يخرج من مكانه بسبب إرتفاع وجيفه.......مشاعره تزداد كل يوم من حب لعشق لهيام لوله وهوس 

أصبح لا يستطع كبح جماح رغبته بالركض وإلصاق رأسها الصغير بصدره وإغداقها بكل عبارات الحب والغرام وكلمات الغزل التي لم يتخيل نفسه ينطقها يوماً ما......حب يخفيه عن العالم....... لا يعرف بشأنه مخلوق 

يلعن نفسه مرارا وتكراراً لذلك الوعد الذي قطعه لنفسه أمام قبر شقيقه في الماضي ولا يزال يدفع ثمنه للآن 

فحلوته تزداد جمالاً كل يوم..... تزداد أنوثة كل يوم 

كيف يشرح حبه الكبير..... إنه لعنة تسيطر عليه 

يغيب لديه المنطق بمجرد مرورها من جانبه

يفقد عقله بمجرد إستنشاقه لشذاها الآخاذ....يعشق كل تفصيل صغير فيها......يتوه بين نمنماتها وقسمات وجهها......يدرس حركاتها وخطواتها

نعم لقد وقع في عشق صهباؤه الجميلة 


***********************


في صحن قصر الغرباوي 

علت صيحات الفرحة وزغاريد السيدات 

وإنهالت علي قمر عبارات التهنئة من السيدات 

-عدا تلك الناقمة عبير -بعد معرفتهم بحمل قمر في توئم ولدين وكأنهما عوض الله عن قهر وآلم تلك المسكينة لإخراس أفواه عبير وغيرها 


***********************


في شركة سليم الغرباوي 

هاتف سليم ياسر متمتماً في فرح وفخر 

سليم: عاوزك تجهز حفلة كبيرة بقي 

هتف ياسر وسط دهشتة 

ياسر: إنت عرفت 

تابع ياسر بدهشة أكبر 

سليم: عرفت إيه بالظبط 

صاح ياسر فرحاً 

ياسر: جمر...... جمر حامل في توم ولدين 

حمد الله سليم ربه فرحاً وأخذ يعوذهما من أعين كل حاقد حسود وبارك له كثيراً 

أردف سليم باسماً بفرح 

سليم: بس أنا مكنش قصدي علي كدة إفتح الجرايد كدة وقولي شايف إيه 

ضيق ياسر عيناه وتابع متسائلاً

ياسر: في إيه 

هتف سليم به بسعادة 

الصفقة كسبناها وأول نجاح لصلح العيليتن 

وإتفقا سويا علي إقامة حفل كبير سيكون بجوار مقر الشركة في القاهرة 


اتمني الفصل يعجبكوا يا فرولاتي ❤😍


#بين_طيات_الماضي

#منة_مجدي


ملاحظة صغننة قبل الفصل ❤😍

الفصل مش للسناجل اللي هما زيي يعني انا بقولكوا اهو وقد زعتر من بعتر بقي 😂😂😂😂😂😂😂😂😂💔


لايك قبل القراءة وكومنت بعدها ❤😍


الفصل الثالث والعشرون 


أُقِيمت الحفلة وأُعِد كل شئ الذي كان للحقيقة رائعاً كما هي عادة حفلات شركة الغرباوي كل شئ راقياً وفخماً للغاية.......حضرها لفيف من كبار رجال الأعمال والمستثمرين المصريين وحتي الأجانب أيضاً والأهم من ذلك كل أفراد أسرة أمجد الراوي وبعضاً من أفراد عائلة الغرباوي 


علي أحد الطاولات 

هتفت قمر بسعادة تهنئ سليم وياسر والفتيات علي نجاح الصفقة داعية لهم بأن يزيد الله نجاحهم ويحفظ مجهوداتهم 

فأمن الجميع خلفها ومن ثم تركهما سليم ومعه ياسر للتحدث مع أحد الاشخاص 

حضرت نورسين وتوجهت لطاولة الفتيات اللتان رحبا بها للغاية فقد تقربن كثيراً من بعضهن خلال الفترة الماضية 

وبعد قليل من الثرثرة علي ملابس بعض النساء الموجودات وتصرفاتهن لاحظت مليكة أن قمر تكاد تنفجر غضبا من تصرفات ياسر ومزاحه مع الفتيات 

فضحكت بأسي فهي أكثر من يعلم شعورها وتابعت مازحة 

مليكة: خليكي هنا يا قمر مع نوري وهروح أجيبلكوا حاجة تشربوها

نفخت قمر وجنتيها هاتفة بغضب 

قمر: ماشي أديني جاعدة أهه هروح فين يعني عاد 

أومأت مليكة برأسها باسمة في حبور و توجهت

لإحدي البارات الموجودة لتحضر لها بعض العصير لتهدئ قليلاً ولكنها شاهدته......نعم شاهدته 

ظلت تهز رأسها غير مصدقة لما تري فخُيل لها في بادئ الأمر أنه خيال من ذلك القلب الأرعن ولكن ما أكد ظنونها هو رؤيتها لياسر يقف معه..........شاهدته وتعرفت إليه بسهولة.....وكيف لا تتعرف علي ذلك الوجه الذي لن تنساه مادامت علي قد الحياة....... ذاك الذي لاطالما كان مصدر سعادتها وأمانها......ولكن إختلف كل ذلك الآن فأصبح هو سبب شقائها وعذابها أصبح هو سبب موت والدتها وحتي شقيقتها وحالتها الآن مع زوجها.........بدأت تشعر بالخطر الداهم الذي يحلق بها وإرتفع رجيفها بشدة كالإنذار وبدأت أجراس الخطر تنطلق في عقلها تحثها علي الهرب فوراً........حاولت الهروب فهي تعلم أنه إن شاهدها سيتعرف عليها وبسهولة فهي تشبه والدتها الي حد مرعب......ولكن قد فات الآوان الآن فقد شاهدها أمجد لا بل إستطاع التعرف عليها أيضاً.....وقف مدهوشاً يفتح عينيه ويغلقهما عدة مرات حتي يتأكد مما يري وما إن تأكد حتي جذب عاصم من يده وسار خلفها بسرعة فقد بدأت في العدو هاربة مبتعدة عنه فهي لن تقدر علي المواجهه........لا تستطيع 

إنقبضت رئتيها وهي تخرج لحديقة هذا المكان الواسع....... لا ذرة هواء حولها لتساعدها علي التنفس ......إختنقت وآلمها صدرها وأخذت تحاول التنفس بصعوبة...... إستندت علي شجرة ما تقوي نفسها...... والدها هنا..........نعم إنه هنا الآن 

دهش عاصم مما يفعله والده فهتف يسأل في دهشة 

عاصم : في إيه يا بابا 

هتف به أمجد بلهفة بعدما إغروقت عيناه بالدموع 

أمجد : أختك ....أختك يا عاصم......أختك هنا 

مليكة هنا أنا متاكد 

أوقف عاصم والده ومن ثم تابع شاعراً بالأسي علي حالة والده 

عاصم : ومليكة إيه الي هيجيبها هنا بس يا بابا 

أشار أمجد ناحيتها بلهفة 

أمجد: أهي هي الي بتجري هناك دي روح إلحقها يا عاصم 

هم عاصم بالإعتراض فقاطعه أمجد برجاء متوسلاً 

أمجد: علشان خاطري يا ابني

لمست نبرة والده قلبه فتركه وبدأ بالركض للخارج فهو أسرع من الده كثيراً........وأخيراً إستطاع الإمساك بها فأمسك بيدها التي إرتجفت إثر لمسته.......فقد أيقنت الأن بأنه لا يوجد مفر....حان وقت المواجهه وهي لن تهرب

سار أمجد في خطوات مسرعة ليستطيع اللحاق بابنته وابنه يسبقه قلبه الذي أخذ يحلق من فرط سعادته بلقاء طفلته الغائبة 

وقف أمامها يتطلع إليها بشوق وحب بالغين

هاتفاً بلهفة وبصوت متقطع يتخلله الدموع 

أمجد : مليكة إنتِ مليكة بنتي 

تطلعت إليه بجمود كالصخر فهي لن تحن.......لن تميل إليه........وكيف تحن وهو من تركها هي و والدتها دون حتي أن يفكر بهما.......تركهما ولم يتعاطف مع بكائها ولا نحيبها ولا تشبثها بثيابه ولا بدموعها 

إستقام جزعها وشبكت يدها أمام صدرها متحدثة بكلمات تقطر جمود وقسوة 

مليكة : أفندم حضرتك مين 

هتف بها بحنان وشوق كل تلك السنوات 

أمجد : أنا أمجد....ابوكي....ابوكي يا مليكة...أنا....أنا بابا يا حبيتي 

هم بإحتضانها......فعادت هي خطوتين للوراء واضعة يدها أمامها لمنعه ومن ثَم صاحت به بغضب حنق و حزن إمتلأ به صدرها وحُبست به روحها كل تلك الأعوام......بغضب أطفأ لمعة عيناها 

مليكة : بابي ....بابي مش موجود......بابي مات من 20سنة 

ضحكت بسخرية يتقطر منها قهراً كوي قلب ذلك الاب المعذب بفراق ابنته وتَمَزُق شمل عائلته 

مليكة : بابي مات لما سابني أنا ومامي وأختي 

تألم أمجد لحديث ابنته فهو يعلم أنها محقة يعلم أنه هو من تركها وتخلي عنها يعلم جيداً مدي حماقته ولكنه أدرك الأن مدي خطأه وهو الأن علي أتم الإستعداد كي يعوض عن خطأه 

فهمس بخفوت إمتزج به الحزن مطأطأً رأسه خزياً 

أمجد : يا بنتي انا...... 

صرخت به غاضبة بحدة 

مليكة : متقولش يا بنتي أنا مش بنتك 

بنتك اللي سيبتها من غير ما تفكر يا تري هتعمل إيه من غيرك..........بنتك اللي قعدت تتحايل عليك وتعيط علشان متسبهاش إنتَ وعاصم وتمشوا وبرضوا مشيت

تابعت بصراخ باكية 

تعرف إيه عنها......هاه رد عليا تعرف إيه.......تعرف إن ماما تعبت بعد ما إنت مشيت وكانت بتموت علشان بتحبك وإنت إتخليت عنها.......وبناتك كانوا سامعين بودانهم قرايبنا وهما بيتفقوا هيعملوا فينا إيه لو ماما ماتت.........اللي يقولوا هياخدوا واحدة فينا بس واللي يقولوا يودنا ملجأ ......تعرف إيه عننا إنت.......تعرف إتبهدلنا أد إيه وحصل فينا إيه........تعرف بنتك دي كانت بتنام كل يوم وهي خايفة تقوم الصبح تلاقي نفسها في بيت تاني غير بيتها وفرقوها عن أختها.........تعرف إن بنتك دي إتبهدلت وإشتغلت من وهي في إعدادي علشان ميطلبوش من حد حاجة.......تعرف إن مامي ماتت من قهرتها وحزنها.......وبناتك بقوا يتامي ولوحدهم في وسط الدنيا اللي مبترحمش ضعيف وابوهم واخوهم عايشين.......تعرف إن بنتك تاليا ماتت..... بنتك ماتت وهي ملحقتش تستمع بحياتها...... ماتت وهي لسة بتبدأ حياتها..... ماتو قبل ما أعرف أعوضهم عن البهدلة والحوجة و وجع القلب...... ماتت قبل ما أعرف أداوي قهرها 

ماتت وسابتني لوحدي هي كمان...... حتي هي الدنيا إستكترها عليا 

بدت الصدمة جلية علي ملامح أمجد وشعر بغصة في قلبه فلم يكن يعرف بأن لديه طفله أخري والأن فقدها كما فقد شقيقتها الأخري أيضاً.......أ يكون هذا عقاب المولي علي كسرة قلب تلك الفتاة التي أحبته وضحت بكل شئ لتكن معه 

تابعت مليكة بألم 

مليكة: ماتت وهي لسة بتبدأ حياتها من جديد 

ماتت بعيد عني 

أظلمت عيناها وصرخت به بألم يكسر قلبها قبل أن يكسره 

مليكة: أنت اللي موتها يا أمجد يا راوي أنت اللي قتلتها زي ما قتلت أمي

صاح بها عاصم بخزي 

عاصم : يا مليكة إسمعي 

إلتفتت إليه صائحة به بكل غضب وقسوة 

مليكة : وإنت........يا عاصم ياخويا.......يا راجلنا يا كبير.......مجيناش علي بالك ثانية مفكرتش فينا طيب مقلقتش علينا 

صرخت فيهما باكية 

مليكة: هاه ردوا عليا مفكرتوش في مرة كدا إننا ممكن نكون موتنا مثلاً أو محتاجنلكوا 

وإنت يا بابي بلاش إحنا......بلاش ولادك مش إنت كنت بتحب مامي أوي موحشتكش محستش في مرة إنك نفسك تشوفها أو تتكلم معاها حتي 

طأطئا أمجد وعاصم رأسيهما خجلاً فصرخت هي بغضب إجتاحه حزم 

مليكة : بنتكوا ماتت زي أختها وأمها بالظبط إنسوني وكأنكوا مشوفتونيش 

تركتهم وركضت الي سليم الذي كان يبحث عنها بعينيه فوجدها تركض ناحيته 

هتف بها بقلق ما إن شاهدها تبكي راكضة إليه بتلك الهيئة 

سليم : مليكة إنتِ كويسة 

نست وقتها كل شئ......... نست أنه يكرهها ويعتبرها سيئة......نست أنه قد طلب منها الإبتعاد عنه وعدم الإقتراب أبداً

وإرتمت في أحضانه تتشبث به بقوة وأخذت تبكي

إحتضنها سليم بقوة مربتاً علي رأسها في رقة بالغة وهمس بها بحنان يعتريه القلق

سليم : إهدي يا مليكة......في إيه .....إيه اللي حصل

همست به في خفوت متوسلة 

مليكة: سليم ممكن نمشي من هنا.......عاوزة أرجع البيت ممكن

تابع بقلق 

سليم : حاضر بس فهميني فيكي إيه 

أردفت متوسلة في آلم

مليكة : عاوزة أروح 

أحضر سيارته وأخذها وذهبا بعدما إعتذر من ياسر......عاصم- الذي لاحظ تغيره -والجميع متعللاً بأن مليكة مريضة قليلاً 

ظلت تبكي طوال الطريق فتركها سليم ولم يتفوه بحرف

وصلا الي المنزل فصعدت الي غرفتها فوراً دون التفوه بحرف 

إرتمت علي فراشها وهي تبكي في حرقة وقهر 

بعد وقت قصير صعد إليها سليم ليفهم ماذا حدث ولما تبكي بشدة هكذا 

طرق الباب ففتحت مليكة وهي تنظر أرضا 

فهمس بها بهدوء بعد أن رأي أنها مازالت بثياب الحفل..... فقط أطلقت لشعرها العنان من أسر حجابها فعلم أنها كانت تبكي 

فسألها بهدوء 

سليم: مليكة إنتِ كويسة 

أومأت برأسها في هدوء 

هتابع هو بقلق 

سليم: ممكن أفهم إيه الي حصل في الحفلة وخلاكي تطلبي إننا نمشي بسرعة كدة 

بدأت دموع مليكة في الإنهمار مرة أخري ولم تتفوه بحرف 

فأردف بحنان مهدئاً 

سليم : مليكة إهدي كفاية عياط وقوليلي في إيه 

كانت نبرة الحنان التي كست صوته في تلك اللحظة مثل القشة التي قصمت ظهر البعير فإرتمت بين ذراعيه باكية بقوة وإرتفعت شهقاتها وأخذ جسدها الصغير في الإرتعاد 

زفر سليم بعمق وإحتضنها بدوره هامساً بحنان بصوته الأجش عله يهدئ من روعها قليلاً 

سليم : إهدي يا مليكة إهدي 

همست بتوسل ورجاء يقطر من صوتها كاد يحطم قلبه 

مليكة: سليم أنا عارفة إنك بتكهرني و مبتحبنيش وعارفة إنك عاوزني أمشي من كل حياتك خالص بس لو سمحت علشان خاطري 

ثم هزت رأسها يمنة ويسرة متابعة بتوسل أكبر 

لا لا أقولك علشان خاطر مراد متسألنيش أي حاجة أحضني ...أحضني جامد وبس ومتسبنيش ممكن 

ودت لو تصرخ به بتوسل أكثر وتخبره وقتها بأنها لا تريد إتساع الأرض ....فقط كل ما تريده هو ضيق حضنه 

تنهد بعمق وإحتضنها بقوة .....كأنها قطة صغيرة خائفة.....كانت ناعمة وهشة..... أيقظت بداخله كل غريزة الرجال لحمايتها 

إحتضنها بشدة لتشعر بكفيه تمر علي ظهرها 

دفئ بحر صدره الواسع أيقظ كل نيرانها علي رجل تخلي عنها تاركاً إياها يتيمة في مواجهة حياة قاسية........شعر بإزدياد شهقاتها فإحتضنها ثانية بقوة أكبر يركنها الي صدره الدافئ راغباً في محو كل آلامها التي لا يعرف سببها 

حاولت الهدوء فتمسكت بقميصه بكلتا يداها تحاول منع دموعها من الإنهمار بصعوبه لكنها لم تستطع فإنفجرت لتغرق وجهها وتعالت شهقات بكائها وهي تغرق وجهها بصدره......بكت كثيراً جداً....بكت كل ما كبتته بقلبها طوال حياتها.....بكت إحتياجها وخوفها ...... بكت حبها وكرهها وغضبها 

بقيت تبكي وقتاً طويلاً وهو يحتضنها بكل صبر سامحاً لها بإغراق قميصه الأبيض بدموعها السخية 

يغرق يديه في بحر شعرها الهائج يتنفس رائحته

من غير أن يمنع نفسه..... يعلم أنه حقير لإستغلالها هكذا ولكن رائحتها تجذبه...... تجذبه تماماً كما تجذب النيران البعوض دون إراده منه ......عطرها مسكر ودافئ مثلها.....كانت المسك....وكأنها تتفنن في فتنته حتي وبدون قصد ...... جسدها الضعيف يطلب حمايته .......لا يعرف لما تفعل به هكذا...... لما توقظ بداخله نمراً بقي حبيساً لسنوات لبرودة إحتلت كيانه .......ما الذي جعلها تجعله يعيش نشوة تسكره وهو يغمض عيناه يستقبلها بشوق دون أن يزعجه هذا كعادته عندما ترمي امرأة بنفسها عليه...... ولكن فتاته مختلفه هي لم ترمي بنفسها عليه إنما فقط نزلت دموعها ليعرض هو حضنه لها مجاناً وهو شاكراً لها 

أيضاً .......ربت علي خصلاتها الناعمة هامساً برقة في صمت بصوت لم يصلها 

إهدئي..... إهدئي يا جنتي وناري...... إهدئي يا نعيمي وعذابي..... ظلا علي هذا الوضع فترة من الزمن هدأت خلالها شهقاتها العالية وتحولت لمجرد نهنهات خافت تخرج منها بين الفنية والآخري ......فقادها للفراش كي تخلد الي النوم 

تمسكت به أكثر ودفنت رأسها في صدره وكأنها تحاول أن تختبئ عن العالم أجمع 

فهمست بألم بين بكائها وهي ترجوه بعيناها

مليكة : سليم متسبنيش 

نظر إليها وكان بداخله حرب 

صمت لبرهة ثم حملها في هدوء بين ذراعيه ونام بها علي الفراش شد عليهما الغطاء جاذباً إياها بين ذراعيه مسح وجهها في حب وحنان وطبع قبلة حانية علي رأسها 

سليم: ششششش خلاص إنسي كل حاجة ونامي

أنا معاكي أهو 

رفعت يدها لتحيط خصره وتقربه منها أكثر لتستشعر الأمان الذي يعطيه لها دائما علي الرغم مِن كل ما يحدث بينهما إلا أنه مصدر أمانها 

ظلت متشبثة به هكذا طوال الليل لم تتحرك ولو لثانية 


اتمني الفصل يعجبكوا يا فرولاتي 😍❤


#بين_طيات_الماضي 

#منة_مجدي


لايك قبل القراءة وكومنت بعدها 😍❤


الفصل الرابع والعشرون 


اتمني الفضل يعجبكوا يا فرولاتي 😍🌸

ركضا عاصم وأمجد يحاولان البحث عنها ولكن بدون فائدة فهم لا يعرفان حتي من هي ولما توجد هنا...... أ هي إحدي موظفات أحد رجال الأعمال الموجودين .......أو أنها تعمل لدي سليم في شركته الخاصة.......أم تمتلك شركتها الخاصة أو حتي هي منظمة الحفل .....لا يعرفوا أي شئ

وبعد عدة ساعات من البحث 

شعرت نورسين ببعض التوعك فطلبت من عاصم العودة للمنزل وبالغعل عادا وهو قلق للغاية علي حالتها .......فلأول مرة يراها شاحبة لتلك الدرجة 


**********************


في منزل ياسر بالقاهرة 

دلفت قمر الي غرفتها وهي تكاد تنفجر غضباً من مزاحه مع بعض الفتيات ونظراته إليهن في الحفل 

دلف ياسر خلفها بكل هدوء فهو يعلم ما بها ولكنه يريد أن يغضبها قليلاً

إبتسم بمكر ثم عادت ملامح الجمود الي وجهه 

متسائلاً بكل براءة وكأنه لا يعلم ما بها 

ياسر: مالك يا جمر فيكي إيه 

صاحت به بحنق غاضبة 

قمر : كَانك مش عارف عاد 

إبتسم بمكر ولكنه أخفاها سريعاً وتمتم بهدوء 

ياسر: وأني هعرف منين بس يا بت الحلال 

إلتفتت قمر ناحيته تطالعه في غضب وتحدثت بعصبية شديدة 

قمر: لا والله أبداً البيه بس جاعد عمال يبص لدي ويتحددت مع دي ويضحك لدي ويسيب دي تتمايع عليه ومرته جاعدة چمبة كيف الجفة لا عاملها حساب ولا إعتبار......دا إنتَ كان ناجص تجولي جومي يا جمر أنا هعاود مع واحدة منيهم 

لم يستطع ياسر أن يكمل في دور البرئ فإبتسم بحنان وجذبها الي أحضانه هامساً بصوته الأجش 

ياسر: واللي خلجني و خلجك يا جمر كلاتهم ما يسوا شعره من شعرك واجفة علي الأرض ما تخلجتش اللي تغييري منها يا ست البنات

إبتسمت قمر في حب ولكنها حاولت إخفائها وتحدثت بنبرة يشوبها الغضب الزائف 

قمر: صدجتك أني إكده 

فإستقام جزعه وتحدث بثقة 

ياسر : لع صدجتيني وجلبك عارف إن جلبي

مفيهوش غيرك جاعدة فيه ومتربعة 

إبتسمت بخجل وإحتضته بحب 

فإبتسم بمكر وتابع مشاكساً 

ياسر: إلا بجول إيه أني عاوز أسلم علي ولادي 

باغت بحملها فشهقت بفزع هتف هو علي أثره بحماس 

ياسر: الله اكبر 

هتفت به بدهشة 

قمر: بتعمل إيه يا ياسر نزلني عاد 

ياسر: مرتي يا ناس عاوز مرتي في كلمتين 

إبتسمت في خجل ودفنت وجهها في صدره 

ياسر: اللهم صلي علي كامل النور يا بركة دعاكي يا أم ياسر 


************************


في منزل سليم 

في صباح اليوم التالي إستيقظا سويا 

كانت مليكة تشعر بألم شديد يعتري قلبها جراء ما حدث مع والدها بالأمس وأيضاً بالخجل لما فعلته هي مع سليم 

إبتعدت مليكة عنه سريعا ودلفت للمرحاض 

زفر سليم بعمق فهو قد إستيقظ قبلها ولكنه لم يُرِد جعلها تشعر بالتوتر أو حتي الإحراج وأردف متسائلاً 

سليم: حكايتك إيه يا مليكة 

نهض من الفراش وذهب لغرفته في هدوء 

بعد عدة دقائق كان الجميع يتناول الإفطار في الأسفل .......لاحظ سليم شرودها فقد كانت تطعم مراد في آلية شديدة لا يسمع صوت ضحكاتها ومزاحها الذي يطربه كل صباح 

تنهد في عمق فهو لا يحب أن يراها حزينه لهذه الدرجة ولكنه لا يعرف ما حدث بالأمس وقد عقد العزم ألا يسالها عن أي شئ حتي تخبره هي

وكالعادة حمل منها مراد ليلعب معه قليلاً في الحديقة حتي تتناول هي طعامها 

فأخذ مراد وخرجا سوياً للعب بينما يخطف اليها بعض النظرات بين الحين والأخر فيجدها إما شاردة وإما تمسح دمعة هاربة قد فرت من زرقاوتيها 

شعر بغصة ألم تجتاح قلبه كم يتمني أن ياخذها بين ذراعيه ويخفف عنها قليلاً

بعد عدة دقائق خرجت إليهما مليكة 

طأطأت راسها في خجل وهمست بأسف أدمي قلبه

مليكة: أنا أسفة جداً يا سليم علي اللي حصل إمبارح وعاوزاك تعرف إني والله معملتش أي حاجة وحشة تضايقك ومعملتش كدة لأي سبب وحش فشكراً جداً لأنك استحملتني امبارح 

لمس سليم نبرة الصدق في حديثها وشاهد كم الألم في عينيها فقرر ألا يتفوه بأي شئ 

أومأ راسه في هدوء وودع مراد متوجهاً لعمله

كان يقود سيارته وهو غارق في أفكاره وخواطره 

التي تزاحمت جميعها .....تتصارع... ولا فكاك منها 

تري ماذا حدث مع صغيرته....... ما الذي يؤلمها لتك الدرجة 


*************************


في غرفة مليكة 

ذهب مراد لمدرسته فظلت هي وحدها في المنزل 

جلست علي الأرض ضامة ركبتيها الي صدرها قبالة المدفئة الحجرية القابعة في غرفتها وهي تراقب تآكل الحطب ببطئ 

كل شئ هادئ من حولها يميل للذة السكون عدا قلبها الكسير فهو لا يزال يتخبط بين أضلعها كطفلاً جائع....... 

في لحظات السكون تلجئ ارواحنا للعروج في عالم اللامحسوس........ تستذكر كل ذكري وردية لتصبح رفيقتنا في لحظات الوحدة........الضعف والإنكسار.......ولكن ماذا إذ كانت كل اوراق ذاكرتنا سوداء هل سنحرقها..... أم هي التي ستحرقنا وجعاً وخيبة 

مر شريط حياتها أمامها بسرعة وكأن كل الذي إستغرق أكثر من عشرين عاماً ليجري لم يكن سوي لحظات........نعم غريبة هي الدنيا..... منذ أن نولد نجاهد لأجلها وفي النهاية نكتشف أننا كنا نسعي الي اللاشئ 

إنقضت كل تلك السنين كلمح البصر والأسوء من ذلك هو كل تلك الآلام المتراكمة علي ضفاف قلبها اليانع .........نندهش حينها كثيراً أ يعقل أننا لم نكافئ بلحظة فرح واحدة .......فنعود مرة أخري وندرك أن لحظات الفرح كانت كثيرة...... فذاك هو عدل الله يقسم الفرح والحزن بالتساوي 

ولكنها للأسف لا تترك إنطباعاً لها عندما ترحل علي عكس الحزن فلطالما كان هو سيد الموقف 

يعرف جيداً كيف يلتهم الفرح ويطغي عليه ليبقي هو ويتلاشي كل شئ عداه 

إسترجعت أوراق ذاكرتها بهدوء ليتها تستطيع إحراقها مثل هذا الخشب .....ولكن أني لها فهي إن أحرقتها اليوم ستعود لتنفض عنها الرماد غداً 

كمن أحيا بعد موته 


***************************


نهضت قمر من نومها متأخرة بعض الشئ وقررت المرور للأطمئنان علي مليكة ثم العروج علي نورسين بعد ذلك فكلاهما تركا الحفلة مبكراً بسبب مرضهما........وبالفعل وصلت لمنزل مليكة التي رحبت بها بحرارة شديدة وبعد القليل من الثرثرة أخبرتها قمر أنها هي ونورسين قد رحلا مبكراً بالأمس بسبب مرضهم فإعتري مليكة القلق فهي تتذكر جيداً كيف شعرت بالتوعك مرة وهي معها عندما كانت في المستشفي بسبب إصابتها 

نعم هي تعلم أنها طبيبة وبالتأكيد تعرف ماذا يجب عليها فعله ولكنها تشعر بالقلق فهي قد أحبت هاتان الفتاتان للغاية وإعتبرتهُما شقيقتيها اللاتي أرسلهما الله ليعوضاها عن شقيقتها تاليا 

هاتفت سليم لتأخذ منه الإذن في الذهاب وبالفعل إرتدت ثيابها وتوجها سوياً للمشفي التي تعمل بها نورسين 

فأدخلتهما الممرضة لغرفتها ولكنهما سمعاها تتحدث بالهاتف 

نورسين : أنا عارفة إنه مينفعش أستني أكتر من كدة يا دكتور وإن حالتي خطيرة بس مش هينفع أعمل أي حاجة دلوقتي فعاوزة حضرتك بس تجددلي الدواء لحد ما أظبط أموري 

صمتت هنية تستمع لحديث الطبيب ثم فجاءة هتفت به بقلق 

نورسين : لالا يا دكتور مينفعش مش عاوزة جوزي والولاد يعرفوا أي حاجة وأنا باذن الله هتصرف قريب وبعد عدة دقائق أغلقت هاتفها فوجدت قمر ومليكة يحدقان بها في هلع

سقط الهاتف من يدها من هول المفاجأة......لم تحتاج للتفكير كثيراً فمن الجلي تماماً أنهما قد سمعاها 

سمعت مليكة تهتف في قلق 

مليكة: في إيه يا نورسين وإيه اللي سمعناه دا 

زاغت ببصرها بعيداً عنهما تجوب به أرجاء الغرفة توتراً 

قمر: في إيه يا بت الناس عاد ما تخبرينا متجلجيناش أكتر من إكده 

تمتمت نورسين بصوت مضطرب متلعثم 

نورسين: هاه..... لا.... لا مفيش حاجة 

توجهت مليكة ناحيتها وأجلستها علي الاريكة الجلدية الموجودة بالغرفة وجلست الفتاتان بجوارها

ثم هتفت بها بحزم 

مليكة: إحنا سمعنا كل حاجة يا نورسين فمن فضلك متحاوليش تخبي قوليلينا فيكي إيه علي طول 

أخفضت نورسين رأسها خجلا وهمست في خفوت نورسين: أنا تعبانه

هتفت قمر بنفاذ صبر سببه القلق

قمر: أيوة مادا سمعناه...... خبرينا بجي فيكي إيه 

تابعت نورسين بصوت يقطر شجنا ً

نورسين: الدكتور بيقول إن قلبي ضعيف ومش هيستحمل 

شهقت مليكة وقمر في هلع ثم هتفت قمر في جزع

قمر: طيب ما تسافري.......إيوة سافري بلاد برة أمريكا ولا أي مكان .....الدكاترة هناك شاطرين واصل وهيعالچوكي زين 

تابعت نورسين بآلم 

نورسين: مش عاوزة حد يعرف إني تعبانة 

الولاد لو عرفوا مش عارفة إيه الي هيحصلهم وعاصم .....عاصم ممكن يروح فيها 

تألمت بشدة لدي ذكرها إسم شقيقها أمامها ولكنها سرعان ما نفضت أفكارها وصاحت بها في غضب 

مليكة: مشوفتش أبداً حد بالغباء دا لما يعرفوا إنك تعبانة وتروحي تتعالجي وتخفي هيفرحوا إنما إنتي مفكرتيش في رد فعلهم لما يعرفوا إن خلاص الأمل أمهم ضيعتوا بغبائها وخلاص كام يوم وتسيبهم 

جفلت نورسين حينما أدركت صحة كلماتها 

نورسين: كل ما أجي أقول مبعرفش 

أشارت قمر لمليكة كي تهدأ قليلاً فصاحت بها مليكة بحنق 

مليكة :لا مش ههدي يا قمر علشان نور متخلفة وعاوزة اللي يفوقها 

زفرت مليكة بغضب وأشاحت وجهها بعيداً

فأردفت قمر بهدوء

قمر: مليكة عنديها حج يا نور فكري في ولادك اللي لساتهم صغيرين هيعملوا أيه وهيعيشوا إزاي من غيرك 

هتفت بها مليكة بأمل 

مليكة: أقولك كلمي الدكتور خليه يشوفلك متبرع برة البلد وأنا اللي هسافر معاكي وأبقي قوليلهم في البيت مسافرة علشان مؤتمر ولا اي حاجة من بتاعة الدكاترة دي 

تهللت أسارير قمر وهتفت في حماس 

قمر: فكرة زينة واصل وعيالك متخافيش عليهم أني هشيلهم چوة عيني التنين 

وبالفعل هاتفت نورسين طبيبها وإتفق معها علي البحث عن متبرع في أسرع وقت 


#بين_طيات_الماضي

#مش_للسناجل 😂😂😂😂😂😂


#منة_مجدي


لايك قبل القراءة وكومنت بعدها 😍❤


الفصل الخامس والعشرون 


في قصر أمجد الراوي 

في الحديقة 

هتف أمجد بلهفة يسأل ابنه إن كان قد وجد شقيقته أم لا 

هز عاصم رأسه نافياً بأسي 

عاصم : لا يا بابا مش لاقيها والمشكلة إني مش عارف حتي إن كانت لسة بإسمها ولا غيرته مش عارف كانت في الحفلة بصفتها إيه ودا اللي مدوخني حتي ملقتهاش صورة واحدة في الحفلة لها 

أومأ أمجد رأسه بحزن .......وكيف لا يحزن......فهو اب قد مزق الشوق قلبه إرباً علي طفلته وليس هذا فقط ما يؤلمه بل ما يؤلمه حد الموت هو فقده لطفلته الأخري دون حتي أن يمتع عيناه برؤيتها.....لم يشاهدها أو حتي يضمها بين ذراعيه 

لم يستطع سماعها تناديه بأسمي صفات العالم "ابي".............لم يستطع أن يراها تكبر أمامه

حتي لم يودع جثمانها .........لم يودعها

نهض من مكانه متوجها لغرفته يدعوا الله أن يجد طفلته كي يعوضها عن حبه وحنانه الذي حرمت منه كي يمني روحه بقربها .......كي يعوض هذا القلب بوجودها....... فقط يتمني أن يجدها وأن تسامحه كي يغدقها بحنانه وحبه وعطفه..... سيعوضها عن كل ما مرت به في حياتها....... فقط يتمني من الله إستجابة دعاء هذا الشيخ...... تحقيق أمنيه هذا العجوز 


**********************


في قصر سليم الغرباوي 


عاد سليم من عمله يحمل صندوق خشبياً مزخرفاً بفخامة وعلبة من القطيفة الحمراء وصندوق ورقي يحوي بداخله لعبة لمراد الذي فرح بها كثيراً 

إتفق سليم مع طفله أن يراقب له المكان حتي يستطيع وضع تلك الهدايا في غرفة مليكة 

وبالفعل إستغلا فرصة إنشغال مليكة بتحضير المائدة و وضعاها سوياً ثم هبطا لتناول العشاء وكأن شيئاً لم يكن 

أدرك سليم أنها أصبحت أفضل حالاً من الصباح لأنها بدأت تأكل وتمزح مع مراد كعادتها فتنفس بسعادة وعَلي وجيفه طرباً وفرحاً بضحكاتها 

وبعد إنتهاء العشاء جلس يلعب هو ومراد في حديقة القصر بينما صعدت هي لغرفتها كي تهاتف عائشة حتي شاهدت ذلك الصندوق المزخرف الموضوع علي فراشها تعتليه تلك العلبة القطيفة 

رفعت حاجبها بدهشة وتقدمت بخطي متوجسة ناحية فراشها

إلتقطت العلبة القطيفة أولاً وفتحتها فوجدت بداخلها عقد من الذهب أُخِذت بروعته كان عبارة عن تاج ملكي وكل ركن فيه مطعم بماسة بيضاء صغيرة مما أعطاه مظهراً رائعاً.......تسللت إبتسامة صغيرة الي كرزتيها و نَحت العلبة من يدها جانباً فاتحة ذلك الصندوق الخشبي الذي أثار فضولها منذ الوهلة الأولي 

خرجت منها شهقة سعادة عندما فتحته فقد كان عامراً بكل أنواع الشيكولاتة التي يمكنها أن تتخيلها 

أخرجت واحدة لتأكلها وهمت أن تغلق الصندوق حتي شاهدت ورقة علقت بداخل الصندوق 

التقطتها في دهشة بعدما وضعت الصندوق جانباً

وأخذت تقرأ الموجود بصوت مرتفع نسبياً


بيقولوا إن الشيكولاته أحسن علاج لكل المشاكل 

فكلِ وإنسي أي حاجة مضايقاكي علشان مينفعش حد يضايقك غيري 


برقت عيناها حتي كادت أن تخرج من محجريها بدهشة فعمدت بيدها تغلق فمها الذي فُتِحَ دهشةً وإرتسم علي ثغرها إبتسامة متنامية حتي تحولت لضحكات فرحة تخرج من أعماق قلبها إبتلعت الشيكولاة التي كانت تأكلها وإحتضنت الورقة وهي تدور .......أ حقاً من أرسلها هو سليم...... نعم ومن غير حبيبها ذلك المغرور...... ولكنها تعشقه

نعم هي تعشقه وبجنون...... تخيلته يقف أمامها بقوامه الجذاب يطالعه بإبتسامة حنونة كتلك الإبتسامة التي تُفقدها لبها......تأسر حواسها بعيداً

يحدث أحياناً أن يري القلب قبل العين 

فالقلب والعين في الهوي سوي علي حد تعبير قاضي الغرام 

شعرت مليكة كما لو أن قلبها بلغ حنجرتها 

كانت تشعر بأنها ممتلئة بالحب.... ولكن ليس كأي حب ......نعم ممتلئة بذاك الحب الذي لكثرة ما تعشق به يجعلك تشعر بالكره تجاه الحبيب 

ذلك الحب الذي يستنزف فيك كل مشاعرك وسنين عمرك وأغلي ما تمنيت 

كان ذلك شعورها تماما...... فقد إمتلأ قلبها بالحب والكره معاً ......فعلي الرغم من عشقها اللامتناهي لسليم هي تكره قسوته وبرودته...... تكره غضبه الهادر المخيف

أ ولم أخبركم ان قلب المرأة خلق من المحبة والكره والقساوة معاً


***********************


إبتسم هو إثر رؤيتها بكل ذلك الفرح بعدما خبط كفه بكف مراد الذي إستعر حماساً لإسعاد والدته 

فاليوم قد تعلم ذلك الشيطان أول درس من دروس الحياة بأن الذي زرعته في روح كل شخص حتماً سينبت ولتعلم يا بني أن كل حي علي هذه الأرض يحدثك ويقول لك كل ما تزرعه تحصده فلا تزرع سوي الحب


**********************


صعد عاصم الي غرفته بعد عدة ساعات- كان أنهي فيهم بعض الأعمال العالقة- يتمزق آلماً علي شقيقته 

وجد نورسين جالسة في الشرفة تطالع هاتفها 

دلف في هدوء متوجهاً ناحيتها....... فباغتها محتضناً إياها من الخلف .......شهقت في هلع 

نورسين : حد يعمل كدة يا عاصم خضتني 

إبتسم هو مقبلاً جبهتها في حنان مُعتذراً منها 

أدركت نورسين أن به خطباً ما و يبدو أنه أمراً يؤرق باله كثيراً 

فأحاطت عنقه بذراعيها تسأله في دلال عن خطبه

زفر عاصم بعمق وتابع بضيق 

عاصم: تعبان يا نوري إدعيلي كتير أوي 

تغيرت ملامحها للجدية فقد تأكدت من ظنونها 

فأجلسته في هدوء وجلست أرضاً قبالته ممكسة بيده 

نورسين: في أيه يا حبيبي 

إحتضن يدها بيداه وتابع بحنان 

عاصم: إدعيلِ يا نوري كتير أوي إدعيلي وبس دلوقتي 

همت بالجلوس جواره فوضعت هاتفها علي الطاولة الصغيرة المقابلة لهم 

فجاء أضائت شاشته بصورة شخص ما 

لفت إنتباه عاصم صوت الإشعارات فتوجه ببصره تلقائيا ناحيته وشاهدها ...... نعم إنها هي 

أمسك هاتفها بجزع ......يحدق فيه بأمل.....متسائلاً في دهشة 

عاصم: مين دي يا نوري ........مين البنت دي تعرفيها 

زمت نورسين شفتيها دهشة لرد فعل عاصم

وتابعت بتلقائية 

نورسين: دي مليكة.... مرات سليم...... سليم زين الغرباوي 

برقت عيناه دهشة بينما إرتفع وجيفه بسعادة وهب واقفاً محتنضاً إياها بسعادة 

أما هي فقد كانت تحدق به مشدوهة غير مدركة ما يحدث 

نورسين: في إيه

هتف عاصم بسعادة

عاصم: لقيتها...... لقيتها 

وهم بالركض فأمسكت بذراعه وتمتمت في حزم 

نورسين: في إيه يا عاصم ولقيت مين 

إحتضن عاصم وجهها بيده طابعاً قبلة فرحة علي شفتيها متمتماً بسعادة 

عاصم: لقيت اختي يا نوري ......لقيتها 


اتمني الفصل يعجبكوا يا فرولاتي❤🌸

تكملة االرواية هنااااااااااا



تعليقات

التنقل السريع