رواية قصر الجان البارت الثامن 8بقلم هناء عادل
رواية قصر الجان البارت الثامن 8بقلم هناء عادل
قصر الجان
الفصل الثامن
متصورتش للحظة رد فعلهم اللى شوفته بعد هُجيرة ما سابت ايدي وظهرت قدامهم بصورتي البشرية، للحظة صراخهم وخوفهم اللى مالهوش وصف ده خوفني، مش عارف ايه سبب نظرات الرعب والخوف اللى فى عنيهم دي؟ مش فاهم ايه سبب صراخهم وصواتهم بفزع ورهبة بالشكل ده؟ كنت واقف مصدوم من خوفهم برغم ان المفروض والطبيعي اني اكون انا اللى خايف، ابتدوا يلفوا وشهم للحيط علشان ميشوفونيش قصادهم وصارخهم لسة زي ما هو لدرجة انهم ابتدى يسيل من اجسامهم سوايل لزجة غريبة لها لون وريحة يوتروا الاعصاب، كانت هُجيرة واقفة ثابتة وانا مخضوض ومتوتر، كأنها كانت عارفة ان الصراخ والرعب ده هياخد وقته ويخلص، وفعلا بعد دقايق ابتديت اصوات الصراخ تقل بالتدريج الا من البعض بس اللى كانوا يسكتوا لحظات ويرجعوا يصرخوا من تاني مجرد ما يسرقوا نظرة مفاجأة عليا ويلفوا وشهم للحيط من تاني:
- انتم قدام فرصة مستحيل تتكرر تاني بسهولة، ولو اتكررت هيكون ده بعد وقت طويل محدش هيقدر يحدده.
قالتها هُجيرة بثقة وحدة وكملت كلامها وهي بتقول:
- ان انتم تقابلوا نموذج بشري فى بداية مراحل الدراسة وفى تخصصكم كمان دي حاجة ممكن ننتظرها عقود طويلة لحد ما نوصلها، بلاش تضيعوا الفرصة منكم.
كلامها كان سبب فى انهم يهدوا شوية، ابتدوا يلفوا يبصوا ناحيتي ونظرات الخوف فى عيونهم، انا الوحيد اللى كنت واقف على الارض برجليا، لكن كلهم كانوا اعلى من الارض، ابتدوا يقربوا مني وهما بيبصولي بتركيز وكأنهم بيفحصوني، كان منهم اللى يرجع مكانه تاني ناحية الحيط ومنهم اللى يبعد وشه عني وهو خايف، ومنهم اللى لسه مركز معايا وباصص ليا بمنتهى التركيز، لكن ثقة هُجيرة خليت االفضول يزيد جواهم، وعلشان كده ابتدوا يسألوا اسئلة كتير انا مقدرتش اسمع منها حاجة الا اني شوفتهم وهما بيتواصلوا مع هُجيرة عن طريق لمس الايد ومنها قدرت تفهم الأسئلةب تاعتهم، اوقات الاقيها بتبتسم، واوقات تانية بتكشّر، ولحظات بتركز، تواصلت تقريبا مع الجميع، وبعد وقت وبعد ما انتهت اسئلتهم كلها رجعوا بعدوا تاني عن هُجيرة وراحوا وقفوا عند ركن من اركان القاعة جنب الحيط ونظراتهم وتركيزهم معايا وانتظارهم لأجابة اسئلتهم موتراني جدا، حاولت هُجيرة تهداي الاجواء شوية وتطمني وتطمنهم وابتديت تردد عليا الاسئلة واحد ورا التاني، كان صعب جدا اني اقدر اوصلهم كل المعلومات اللى عايزين يعرفوها عن عالم البشر، مش حاجة سهلة انك تشرح لحد طبيعة البشرية فى كام سؤال وكام اجابة، خاصة لو الحد ده مش من البشر اصلا ولا يعرف طبيعتهم ولا طبيعة حياتهم، حاولت اجاوب على كل الاسئلة بسلاسة وبالمعلومات اللى عندي وعلى قد ما اقدر حاولت اوصل معظم الحاجات اللى كانت تنفع اجابة على كل اللى بيدور فى عيونهم.
- مش احنا بس اللى حاسين بالخوف والرعب والغموض تجاه البشر، هما كمان بيكون عندهم نفس الاحاسيس ناحيتنا، حتى البيوت المسكونة بالبشر..بالنسبالنا مش كارثة لأننا موجودين تقريبا فيها كلها، لكن زى ما فيه حاجات بنشترك فيها...اكيد فيه حاجات بنختلف فيها، وطبعا حالات مش كتير اللى بيحصل فيها تواصل بين عالم الجان وعالم الانس...لكن عندكم حالتنا النهاردة، ضيفنا اللى زارنا من العالم الموازي، معتقدش ان فيه اي قلق تجاهه لأن هو كمان حاسس بنفس احساسكم ناحيته، الترقب والخوف عامل مشترك بين العالمين.
كان كلام هُجيرة عن عالم البشر بيدل على انها على علم بينا اكتر مني انا شخصيا بين عالمهم، كنت مندمج مع كلامها وثقتها وقدرتها على السيطرة على اطياف مملكتهم بسهولة، فعلا من حق الاجهر انه ميسلمش واحدة فى قدراتها وشموخها وعقليتها لأنسي من عالم مخالف لعالمهم اصلا، اصوات الطيور فجأة مليت المكان وتقريبا ده بالنسبالهم زي اجراس الحصص بالنسبالنا، المفروض الوقت المخصص للدراسة خلص، وعلشان كده ابتدوا الاطياف يخرجوا من القاعة وهما بيقدموا تحية لهُجيرة، وبعد القاعد ما فضيت تماما خرجت هُجيرة بخفة وانا خرجت وراها وهي بتقول:
- فيه اجتماع مهم مع الكل، الأجشيرية فى انتظارنا.
قالتها وهي ماشية فى ممر وانا متابع خطواتها وماشي معاها، قدرت طبعا تستنتج سؤالي وعلشان كده جاوبت بسرعة:
- الاجشيرية هي المسؤلة عن الصرح التعليمي فى عالمنا...مش بس كده، هي عضوة من اكبر اعضاء المجلس الملكي لمملكتنا.
سكت ومعلقتش، لكن لمست ايدي هُجيرة وبعدت رجليا عن الارض وابتدينا نتحرك بسلاسة ونعومة بين الممرات، لكن المرة دي مطلعناش ادوار لفوق، احنا تقريبا نزلنا تحت الارض بدور او اتنين، كنا طبعا بنتقابل مع مجموعات كتير من الاطياف خلال رحلتنا القصيرة جوة المبنى الغريب ده، لكن وصلنا تحت الارض لقاعة كبيرة جدا ومساحتها شاسعة مليانة اطياف وفى منتصفهم عجوزة بشعر احمر ناري وعباية لونها ازرق وسلاسل كتير على رقبتها بأحجار الوانها حاسس اني اول مرة اشوفها، واضح ان هي دي الاجشيرية، موجود جنبها اربعة من على الجنبين لابسين ابيض وسلاسل كتير برضو لكن اقل من اللى هي لابساهم، واتضح من استقبالهم لهُجيرة واتجاهها لمكانها الموجود جنب الاجشيرية بالظبط انها بتتميز بمكانة لها وضع خاص فى المملكة، لما تكون الاجشيرية هي مسؤلة عن التعليم فى عالم الجان، وتكون عضوة من اكبر اعضاء مجلس المملكة ومكان هُجيرة جنبها بالظبط، فده معناه ان هُجيرة مكانتها فى المملكة لها حسابات كتير وقيمة كبيرة اكبر من اللى كنت متوقعها...اخدت هُجيرة مكانها بعد ما مشينا بين الطلبة الموجودين فى القاعة الكبيرة جدا دي ووقفت بالظبط جنب الاجشيرية وانا جنبها، طول الوقت ده كانت الاجشيرية باصة للأرض، ومجرد ما اوقفنا جنبها بلحظات رفعت عنيها عن الارض وبصيت للطلبة بنظرة كانت سبب فى ان كل الاصوات اللى فى القاعة تسكت تماما، وبمنتهى الدقة والترتيب حسيت ان القاعة اتنظمت واترتبت فيها الصفوف وكأنها سبحة تم ترتيب حباتها بتسلسل...وكان النظام هو سيد الموقف من بعد النظرة الصادرة من الاجشيرية، بعد لحظات من الصمت ابتديت الاجشيرية ترتفع عن المستوى اللى احنا فيه علشان تبقى في مستوى اعلى من جميع الحاضرين فى القاعة، وده تقديرا لصفاتها ومكانتها فى المملكة، ومع ارتفاعها واستقرارها فى مكانها ابتديت كل العيون تتعلق معاها وانا كمان واحد من اصحاب العيون اللى ثبتت مع الاجشيرية، كنت متوقع ومستني الكلمة منها، ما هو وضع طبيعي ان فى الوقت ده بيكون فيه كلمة لرئيس المجلس، لكن زى ما اتعودت على ان كل اللى بتوقعه فى المملكة دي من لحظة وصولى ليها مش بيحصل فكانت كلمتها برضو عكس ما توقعت انا تماما...بعد لحظات ترقب ابتديت الاجشيرية تعمل حركات دائرية بأيديها فى الهوا ومع حركاتها اللى عنينا مثبتة معاها ابتدا لون وشها يتحول للون الاخضر، واصوات همهمات واعجاب بديلة للتصفيق فى عالمنا...ومن هنا فهمت حاجة مكنتش فاهمها، الاجشيرية فعلا قالت كلمتها فى المجلس ده، لكن بالطريقة المعتادة بينهم وبين بعض، زى ما قدرت هُجيرة تتواصل معايا عن طريق التخاطر...الاجشيرية وكل الموجودين كانوا بيتواصلوا مع بعض بنفس الطريقة، كان وقت غريب مليان غموض..وخيال، وسحر ممتع زى ما هو مريب ومخيف، اه مكنتش فاهم ولا قادر اتوصل للي بيدور بينهم وانا واقف متفرج مش اكتر، لكن قدرت احس او افهم ان اللى بيدور فى المجلس ده حاجة مش بسيطة، الحوار القائم بين الاجشيرية واعضاء المجلس ده كانت حاجة مهمة وخطيرة كمان...وده خلاني مستعجل جدا على ان الاجتماع ده ينتهى واقدر ابقى مع هُجيرة لواحدنا، هي الوحيدة مصدر ترجمة الحوار بين كل اللي فى المملكة وبيني، خاصة زاد استعجالي لما اكتشفت الخوف والفزع اللى كان فى عيون الحضور وهما خارجين بهرجلة وعدم نظام بعد ما انهيت الاجشيرية حوارها معاهم بصورة مفاجئة...واضح اني مكنتش مجرد ضيف او زائر للمملكة المُسالمة دي، واضح ان وصولي لمملكتهم سبب فى قلق وخوف اكبر من اللى ممكن اتصوره.
يتبع
اكتب في بحث جوحل( مدونة قصر الروايات) تظهر القصص كامله
تابعونا علي قناة التليجرام من هنااااااااااا
ليصلكم اشعار بالنشر
الرواية كامله من البدايه هناااااااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا