القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ظلمها عشقا الفصل 11-12-13-14-15بقلم ايمى نور (جميع الفصول كامله)

 رواية ظلمها عشقا الفصل 11-12-13-14-15بقلم ايمى نور (جميع الفصول كامله)




رواية ظلمها عشقا الفصل 11-12-13-14-15بقلم ايمى نور (جميع الفصول كامله)




ظلمها_عشقاً 

الفصل_الحادى_عشر


وقفت سمر ومعها ياسمين امام الباب الخارجى للشقة الخاصة بالوالدين بعد قضائهم الكثير من الوقت فى اعداد مخططهم لاستعادة عادل تسألها سمر بلهجة تحذرية

:متتكلميش انتى انا اللى هتكلم وهقولهم انى عوزاكى معايا فى مشوار ولما نخرج هنعمل اللى اتفقنا عليه


اومأت لها ياسمين موافقة تفتح الباب ليدلفا معا الى الداخل يقفا يتطلعان الى بعضهما بحيرة وقد وصل الى سمعهما اصوات اتية من غرفة الاستقبال فتتسائل سمر بفضول

:هو ابوكى عنده ضيوف ولا ايه؟!


هزت ياسمين كتفيها بعدم معرفة لتعقد سمر حاجبيها بشدة تتقدم ناحية الغرفة ببطء وحذر وقد وصلها صوت الحاجة انصاف وهى تتحدث بصوت متوتر حرج

:اهلا يا ست ام شاكر شرفتينا ياختى والله


ام شاكر وهى تتململ فى جلستها حرجا وبصوت متحشرج

:يخليكى ياختى..والف سلامة على صالح ربنا يقومه بالسلامة يارب ويطمنكم عليه


ساد الصمت المكان مرة اخرى بعد حديثها هذا حتى قاطعه الحاج منصور يتسأل بحرج هو الاخر

:هو شاكر مجاش معاكم ليه...ده مكلمنى وقايل انه هيشرفنا


دوى صوت امانى فى اذن سمر التى تتوارى خلف الباب كقنبلة مدوية وهى تتحدث قائلة بثقة وتحدى

:شاكر مقدرش يجى المرة دى ..بس المرة الجاية اكيد هيجى معانا علشان يطمن على صالح


شحب وجه انصاف ومنصور يتطلعان الى بعضهم بتوتر واضطراب لتسرع والدتها فى القول تحاول اصلاح ما يمكن اصلاحه من وضعهم الشائك فى تلك الزيارة المشئومة التى ضد اعرافها وقد اتت الى هنا على مضض وبعد محاولات منها لأعتراض بشدة ولكنها استسلمت اخيرا لرغبة ابنائها الحمقى فيما ارادا لتجلس الان وهى تكاد تغرق فى عرق حرجها قائلة بتوتر 

:احنا قلنا نجى نطمن عليه ..ماهو برضه صالح فى معزة شاكر وغالى عندنا.. والعشرة برضه متهونش الا على ولاد الحرام ولا ايه ...


اسرعا الزوجين فى تأيدها بحماس مضطرب لكن اتى سؤال امانى الملهوف لهم ليتخشب جسدهم توترا حين سألت

:فين صالح ؟!عاوزة اشوفه واطمن عليه ..هو فوق مش كده؟!


هنا ودفعت سمر بجسدها تقتحم المكان قائلة بأبتسامة سمجة شامتة

:اه صالح فوق يا امانى ..بس مع عروسته اظن يعنى مينفعش تطلعى ليهم فى وقت زى ده ولا ايه ياحاجة؟!


التفتت الى والدة امانى تتوجه اليها بالسؤال والتى اخد وجهها يتفصد عرقا بشدة وهى تهز لها رأسها بالايجاب لكن امانى لم تستسلم تقف على قدميها تهتف بغضب وعينيها تلتمع بشدة غلاً

:بقى كده يا سمر ..طب ايه رأيك انا هطلع غصب عن ال..


نهض الحاج منصور من مقعده قائلا بحزم 

:مفيش داعى يابنتى لكل ده ..صالح....


اسرعت انصاف تنهض هى الاخرى تقاطعه بلهفة وصوت مضطرب متلعثم تنظر له نظرة ذات مغزى ثم تعاود النظر نحو امانى 

:خرج ..صالح خرج يا حبيبتى من شوية راح مع مراته للدكتور ..ده حتى سمر متعرفش ..دول لسه خارجين حالا وهيطلعوا من هناك على بيت اهلها علشان....


التفتت اليها امانى بوجه محتقن من شدة الغضب تهم بالرد عليها ردا حاد لكن اسرعت والدتها بالنهوض تصمتها بالشد على ذراعها بقوة منعا للمزيد من الاحراج لهم ثم تمسك بحقيبتها وحقيبة ابنتها قائلة بكلمات سريعة 

:بسلامة ياختى ..احنا الحمد لله اطمنا عليه منكم ..وابقوا وصلوا ليه سلامنا لما يرجع ...يلا بينا يا امانى


وقفت امانى مكانها تتسمر بالارض تتطلع بنظرات معترضة الى والدتها تهم بالحديث لكن اصمتتها نظرة عينيها الحازمة تحذرها بها وهى تكرر ندائها لها مرة اخرى ببطء وتشدد لتزفر امانى بقوة تختطف حقيبتها بعضب من يدها ثم تسرع بالخروج تمر من امام الجميع متجاهلة لهم بخطوات حانقة حتى مرت بجوار سمر وياسمين المتابعة بصمت واهتمام كأنها تشاهد احد افلام الاثارة والاكشن وهى تستمع الى همس سمر الشامت

:نورتينا يا امانى ..وياريت الزيارة دى متتكررش تانى 


التفتت اليها امانى بعيون محتقنة وملامح شرسة تفح من بين انفاسها

:متحلميش وراجعة تانى يا سمر..بس المرة الجاية انتى اللى هتبقى برة مش انا


قابلت سمر حديثها بابتسامة ساخرة تقلل من اهميته لتخرج بعدها امانى من المكان تتبعها والدتها والحاج منصور وانصاف لتودعهم حتى الباب الخارجى لتلتفت انصاف الى سمر بعد ذهابهم مع الحاج منصور تنهرها بحدة وصوت عاتب

:مكنش ليه لازمة ياسمر اللى حصل ده ..احنا كنا هتنصرف معاهم انا وعمك الحاج


اقتربت منها سمر تهتف ساخرة

:تتصرفى ايه بس يا خالتى..دى كانت عاوزة تطلع لصالح فوق.. عارفة لو ده حصل كان هيجرى ايه ؟ كان البيت هتقوم فيه حريقة ويولع نار 


اسرعت ياسمين مؤيدة لسمر قائلة 

:صح يا ماما كلام سمر وبعدين دول عالم بجحة اوى مينفعش معاهم غير كده..جاين يزورونا ازى بعد اللى حصل منهم


هزت انصاف رأسها بحيرة 

:والله يابنتى مانا عارفة ..اهو اللى حصل حصل ..ربنا يستر بس واخوكى ميعرفش بزيارتهم ويقلبها حريقة


اسرعت سمر قائلة بتأكيد وعيون امتلأت

باللؤم

:طبعا استحالة حد فينا يقوله ولا يعرفه ..ولا ايه ياسمين؟


هزت ياسمين رأسها مؤكدة دون حماس كأن الامر لا يعنيها قبل ان تشير الى سمر خفية ناحية والدتها لتسرع سمر قائلة

:من حق يا خالتى ..كنت عاوزة استأذنك اخرج مع ياسمين نجيب شوية حاجات من جوه البلد ومش هنتأخر والله


انصاف بصوت مرهق متعب 

:مااشى.. بس اتصلى بجوزك عرفيه انك خارجة ..ومتتأخريش انتى وهى ..انا مفيش فيا دماغ لشقاوة عيالك 


ابتسمت ياسمين بسعادة ثم تهرع فى اتجاه غرفتها للاستعداد اما سمر فقد اسرعت بالتحرك هى الاخرى لصعود لشقتها قائلة بتلهف وطاعة مصطنعة

:من عيونى يا حبيبتى ..انا هطلع اكلم حسن واجهز وانزل حالا


خرجت من الباب ثم وقفت خارجه عينيها تلتمع بفرحة قائلة بأبتسامة خبيثة

:وهو بالمرة اطمن على العرسان عاملين ايه ..ده واجب برضه


**********************


استلقت براحة جواره تستمتع بدفء قربه منها وذراعيه المحيطة بها بعد عاصفة عواطفهم والتى استنزفت قواهم تشعر بجفونها تنغلق ببطء رغبة فى النوم حتى سمعته وهو يأن بألم حين حاول الجلوس بالاعتدال فى الفراش يمسك بذراعه المصاب تتنبه جميع حواسها فورا فتهب من الفراش فورا ناهضة ثم تسرع فى ارتداء قميصها البيتى الملقى ارضا بتعثر وهى لا تعير صياحه المعترض ولا طلبه منها بالعودة اليه مرة اخرى اهتماما هذه المرة هاتفة به بحزم

: لاا.. انا هروح حالا احضرلك الاكل علشان تاخد علاجك ..انا مش عارفة انا نسيت علاجك كده ازى


تنهد مستسلماً بعد ردها الحازم هذا عليه ثم يسألها بوجه يتغضن بألم وهو يمسك بذراعه يحاول الجلوس مرة اخرى قائلا بصوت مسالم ضعيف

:طب وحياتك يا فرح تعالى اعدلى ليا المخدة ورا ضهرى قبل ما تخرجى 


التفت حول الفراش تتقدم منه بتلهف وخوف وهى ترى المه المرتسم فوق ملامحه تنحنى عليه حتى تقوم بما اراد منها لكنها وفى لمح البصر وجدت نفسها تسقط جالسة فوق ساقيه شاهقة بقوة بعد ان جذبها من ذراعها نحوه منحنيا عليها وقد اختفى اى اثر لالم من على وجهه وعينيه تلتمع بشقاوة وهو يهمس لها بخبث ومرح

:اكل ايه وعلاج ايه انتى عبيطة يا فرح ..


ثم مرر عينيه فوق منحنياتها ببطء شديد جدا قائلا بنعومة يمرر طرف لسانه فوق شفتيه بتلذذ كأنه يتذوقها 

:دانا مصدقت يوقع تحت ايدى حتة شوكولاتة ملفوفة لفة وصاية.. لا وايه كلها مكسرات..وانتى تقوليلى اكل! 


استقر بنظراته فوق وجهها المشتعل خجلا ينحنى فوق وجنتيها يلثمها برقة كرفرفة الفراشة هامسا

:يعنى مثلا هنا فيه بندق


ثم ينتقل الى الناحية الاخرى يقبلها بنفس الرقة هامسا 

: وهنا فسدق ..اما هنا بقى لوووز


كانت شفتيه مع حروف كلمته الاخيرة قد وصل الى شفتيها ليهمسها فوقها بشوق وتأن شديد قبل يلتمها بشفتيه يقبلها بشغف وجنون ليذيبها بين يديه فى استجابة سريعة منها لفورة مشاعره المشتعلة للحظات طوال سرقت منهم الانفاس وتعالت معها ضربات قلبهم يسرقهم الزمن وهما يعاودا السقوط فى نعيمهم الخاص 


حتى عادا اخيرا من رحلة عشقهم يغمض عينيه وهو يستند بجبهته فوق جبهتها ينهج بقوة قبل ان يلثم شفتيها بنعومة ثم يتراجع بجسده فوق الفراش يجذبها معه محتضنا لها وانامله تزيح خصلات شعرها بعيد عن وجهها بحنان وهى تنظر اليها وابتسامة مشرقة تزين شفتيها مع حمرة خدها لتجعلها فى عينيه من اجمل ايات الجمال التى رأتها عيونه ليظل اسير جمالها هذا يتأملها بنظرات شغوف يسود الصمت والهدوء الغرفة للحظات استقرت فيها انفاسهم المسروقة اخيرا لكنه عاد يزفر بأحباط حين وجدها تبتعد عنه تعاود النهوض من جواره مرة اخرى تلتقط قميصها وترتديه بسرعة وارتباك ثم ترفع سبابتها تهتف به بصرامة رغم النعومة بملامحها بعد ان رأته يهم بالاعتراض على فعلتها

:شوف المرة دى هتسمع كلامى انا ..هتاكل وتاخد علاجك وبعدين ...


هزت كتفها بدلال خجل تكمل بخفوت 

:لو عاوز بعدها تحلى بالشوكولاتة مش هقولك لاا ..بس الاكل الاول


اسرعت بالهروب فورا من الغرفة تتبعها ضحكته المرحة الصاخبة والتى البهت مشاعرها يرقص قلبها بفرحة مع ابتسامة سعيدة هانئة تزين ثغرها طوال فترة اعداد وجبة الطعام له ثم تسرع عائدة له ليمضى بهم الوقت فى تناول الطعام معا يطعم كلاً منهم الاخر هما يتبادلان اطراف الحديث والمزاح سويا فى وقت كان من اسعد واحب الاوقات الى قلبها فيكفيها وجودها معه فى نفس المكان تتنفس من نفس الهواء الذى يتنفسه يحيطها بوجوده ولا تريد شيئا اخر سواه.. يكفيها هذا فقط


بعد انتهائهم قامت بجلب الدواء اليه فتناوله منها دون اعتراض هذه المرة بعد ان لاحظت اكثر من مرة قيامه بالضغط فوق شفتيه بالم وارهاق وجهه الشديد ثم وضعت ذراعه وساقه فوق الوسائد رغم اعتراضه على هذا قائلة بصوت رقيق لكنه حازم

:انت هتريح دراعك ورجلك بس لحد ما ارجع الاكل المطبخ واعملك الشاى ..اتفقنا 


هز رأسه لها موافقا يتراجع بظهره فى الفراش حتى اصبح مستلقيا تماما يغمض عينيه بأستسلام فأبتسمت بحنان تراقبه لبرهة وهى تعلم بسقوطه تدريجاً فى النوم من تأثير الادوية ثم خرجت بعدها من الغرفة على اطراف اصابعها تغلق الباب خلفها بهدوء.........


********************


خرجت من الحمام بعد حين وهى تقوم بتجفيف خصلات شعرها بالمنشفة تدلف الى داخل الغرفة وبهدوء شديد تحركت نحو الفراش لتطمئن عليه كأم تتفقد وليدها لتجده مازال مستغرقا فى النوم بعمق لتدثره جديدا بالغطاء تلثم جبينه برقة تتطلع اليه بحب لبرهة ثم تمشى ببطء على اطراف اصابعها حتى خزانتها تقوم باعداد نفسها سريعا وارتداء قلادتها هديته لها ثم تعاود الخروج من الغرفة مرة اخرى بهدوء شديد بعد ان القت عليه نظرة اخرى تتفقده بها خوفا من استيقاظه ولكن ما ان خرجت من باب الغرفة حتى تعالى صوت الجرس ينبأ بقدوم زوار لهم لتسرع بالتقاط ردائها الملقى على احد المقاعد ترتديه سريعا عليها ثم تعدو نحو الباب لفتحه خوفا ان يقوم صوت الجرس الملح فى ايقاظه تبتسم برسمية وادب حين طالعها وجه سمر المبتسمة هى الاخرى وهى تهتف 

:ايه يا عروسة صحيتك من النوم يا حبيبتى 


ابتعدت فرح للجانب مشيرة لها بالدخول بترحاب وهى تعدل ومن وضع حجابها 

:لاا يا ام منصور انا كنت صاحية ..صالح هو اللى نايم علشان اخد الدوا 


تقدمت سمر للداخل تجلس فوق مقعد فى غرفة المعيشة قائلة 

:نوم العافية ان شاء الله ...النوم كويس ليه برضه 


همهمت بحذر وارتباك مصطنعين لكن حرصت على وصول حديثها لفرح

:وهو برضه كويس علشان ميعرفش حاجة عن الضيوف اللى تحت


جلست فرح فى المقعد المقابل لها تسألها بفضول حذر

:ومين دول الضيوف اللى مش عاوزة صالح يعرف عنهم؟!


اخذت سمر تتلفت حولها تضغط فوق شفتيها باضطراب كانها صدمت لسماع فرح لحديثها قائلة بارتباك وحرج مصطنع

:اقولك ايه بس..انا مش عارفة الناس دى جنسها ايه والله ...بعد كل اللى عملته بنتهم ..


زفرت بحدة تقطع حديثها يرتسم على وجهها النفور والاستياء لتعاود فرح سؤالها بقلق وقد تعالت ضربات قلبها هالعا بعد ان علمت بهوية الزوار لكنها تحتاج لسماعها منها حتى تتأكد لتتنهد سمر بقوة قائلة كأنها لاتجد مفر من اخبارها

:الست امانى طليقة صالح جاية ومعاها امها عاوزين يشوفوا صالح ...بس انا مسكتش ليها ومشتها هى وامها بعد مسمعتهم كلمتين حلوين


واخذت تتحدث بحدة واستهجان وهى تخبر فرح عما فعلته لكن فرح كانت كأنها فى عالم اخر تتطلع اليها بنظرات متجمدة ووجهها شاحب شحوب الموتى ولكن سمر اخذت تكمل كأنها لا تنتبه لحالتها تلك قائلة بتهكم محتقر

:البت ياختى ماشوفتش فى بجاحتها بعد ما طلبت منه الطلاق وصممت عليه وهو ياحبة عينى ساق عليها طوب الارض علشان ترجع له ...جايه دلوقت هى والمحروسة امها تعيده من تانى ..


تنهدت تهز رأسها كأنها تستنكر ما يحدث لكن كان فى تلك اللحظة كل تركيز فرح منصب عند كلمات المتعلقة بطلاق صالح تلتفت اليها تسألها بصوت بلا حياة خافت

:هى امانى اللى طلبت الطلاق من صالح ومش هو اللى طلقها زى ما عرفنا؟!


لوت سمر شفتيها بشفقة مصطنعة وهى تمد يدها ناحية فرح المتخشبة فى مقعدها كأنها ثمثال بلا روح تمسك بيدها المتجمدة تربت فوقها تكمل قائلة 

:اه ياحبيبتى هى اللى طلبت ومحدش قدر يقف قصادها وقتها ..كنا فاكرينها مشكلة صغيرة وهتعدى مابينهم خصوصا ان صالح يعنى ..


صمتت للحظة تدعى التردد كانها لاتدرى اتكمل ما تقوله ام لا ثم استأنفت حديثها تلوى سكينها بقسوة اكثر داخل قلب فرح 

:اقصد يعنى انه كان متمسك بيها وحاول كذا مرة هو والحاج الكبير يرجعوها ..بس اهو بقى هنقول ايه نصيب


قتلتها ببطء شديد مع كل حقيقة تخبرها بها وقلبها ينزف دمائه بغزارة ثم ينقبض بطريقة مميتة وسمر تكمل دون شفقة غافلة عما يحدث لها حتى انها ارادت الصراخ بها حتى تكف عن الحديث وهى تتحدث تؤكد بحزم وسرعة

:بس كان لازم يحصل كده ويتجوز ويشوف حياته من بعدها ..هى فاكرة ايه ؟!انه هيفضل يتحايل عليها طول العمر بنت ال****


تنهدت تهز رأسها كأنها تستنكر ما يحدث لتزفر فرح انفاسها وهى تقبض يديها فى حجرها بقوة ثم تتنفس بعمق قائلة بنبرة منكسرة لم تستطع اخفائها 

:عندك حق ..وزى ما قلتى كل شيىء قسمة ونصيب 


رقصت سمر فرحا بسماعها نبرة الانكسار هذه فى صوتها وقد علمت بنجاح ما ارادته واكثر من زيارتها تلك فقد نوت فى البداية اخبارصالح عن زيارة امانى حتى تشعل نيران غضبه وثورته وهى اعلم الناس بنوبات عضبه تلك وما تخلقه من دمار خلفها تمنى النفس ان تطال تلك النوبة عروسه وقتها وتكون اول مسمار منها تدقه فى نعش زواجهم ولكنها وفور علمها بنومه اسرعت تشكر حظها الحسن وتغير فوراً من خطتها تشعل بأكاذيبها نيران عروسه بدلاً عنه ثم ستجلس وتضع قدم فوق اخرى وتشاهد ما سيحدث بينهم تاليا 

اقتربت من فرح تربت فوق كفها قائلة نبرة مشفقة وهى تستعطفها

:يقطعنى ياختى انا مش عارفة انسحبت من لسانى كده ازى ..ده لو صالح ولا حسن جوزى عرفوا ان كلمتك عن حاجة زى دى هيبقى فيها موتى 


هزت لها فرح رأسها بالنفى كالمغيبة قائلة بصوت سطحى بلا مشاعر

:متخفيش يام منصور ..مفيش حد هيعرف بكلامنا ولا انى عرفت بزيارة امانى 


نهضت سمر واقفة ببطء تربت فوق كتف فرح تهمهم بكلمات شاكرة ممتنة ثم تغادر المكان فورا وقد نالت ما ارادته واكثر قليلا حين التفت خلفها تلقى بنظرة ناحية فرح قبل مغادرتها فتراها جالسة كما هى تنظر امامها بثبات وجسد متجمد بلا روح تغلق الباب خلفها وقد تهلل وجهها بالسعادة 


اما فرح فقد جلست بأعين اغرورقت بالدموع ووجه شاحب شحوب الموتى لا تدرى كم مر عليها وهى جالسة على هذا الوضع دقائق كانت ام ساعات تتأكلها الافكار وتنخر قلبها حقيقة ان طليقته هى من تركته وانهت الحياة بينهم وليس هو كما ارادت ان تقنع نفسها وتألمها اكثر معرفتها بمحاولاته اعادتها اليه اكثر من مرة ورفضها هى ذلك ..وقد فسرت معرفتها هذه ماحدث ليلة زفافهم واسراعه للرد عليها وقتها دون تردد ..كما يفسر لها اتصالها به ليلتها بل ويوضح ايضا جرأتها على حضورها الى هنا لرؤيته فهى واثقة كل الثقة بترحابه بها مهما حدث منها وفلن يكون زواجه بأخرى عائقأ لها لجذبه ومحاولة اعادته لها مرة اخرى..هاجمها هاجس اخر كان القشة التى قطمت ظهر البعير ان يكون زواجه منها هى كان فى الاساس محاولة منه لدفع طلقيته للغيرة والتلهف عليه من جديد حين تشعر بالندم على خسارتها له..


سقطت دموعها تتسابق فوق وجنتها شاهقة بألم وهى تبكى بحرقة للحظات طوال استنزفت قواها خلالها تشعر بأنهيار العالم من حولها 


لكنها وفجأة صمتت تكف عن البكاء تسرع بمحو تلك الدموع سريعا ثم تهب واقفة على قدميها عازمة على التحدث اليه ووضع الكثير من النقاط بينهم ولن تظل صامتة تتقبل وتتغاضى عما سمعته منذ قليل كما اراد منها قلبها الخائن ان تفعل خوفا من الخسارة وتترك نفسها حتى تتأكلها النيران ببطء فتنهيها دون شفقة لذا تحركت تسير ناحية غرفة النوم تقف على بابها تتطلع اليها بوجوم وقد عاودتها غصة معرفة ان تلك كانت غرفتها معه قبلها و انها قد سبقتها اليها 

كارهة تلك الانفاس التى تلتقطها داخلها لكنها زفرت بقوة حتى تتحامل على نفسها تسير نحو الفراش بهدوء حتى وقفت امامه تتطلع اليه بصمت بعيون منكسرة وشفاه ترتجف وهى تحاول منع نفسها من الانهيار فى البكاء مرة اخرى تراه كما هو منذ ان تركته نائما بعمق وملامح مسترخية وهى تهمس بتحشرج وصوت ضعيف باكى تناديه لكن لم تأتى منه استجابة لتعاود النداء مرة اخرى ولكن هذا المرة بصوت قوى حاد يحمل كل ما بها من غضب والم تطالبه بالاستيقاظ ليستجيب لها هذه المرة وليته لم يفعل وظل كما هو نائما لا يستجيب لندائها تتراجع الى الخلف شاهقة بحدة لالتقاط الانفاس كمن طعن غدراً وعلى حين غفلة منه حين تقلب على جانبه وهو يهمهم بضيق ونزق بكلمات بطيئة متعثرة من اثر النوم لكن كانت لها واضحة وضح الشمس حين قال

:سبينى ياامانى انا تعبان دلوقت ..شوية وهبقى اقوم .....


********************


دخلت الى المكان تنظر حولها بارتباك وتوتر حتى اتى صوته الهادىء من خلفها مرحبا بها فلتفت سريعا بأتجاهه تمد يدها اليه بترحاب قائلة بصوت عملى رغم الخجل به

:اهلا بيك يا استاذ عادل ..اسفة لو جيت بدرى عن الميعاد بس قلت اعدى على حضرتك بعد الشغل


:ابتسم عادل برقة يهز رأسه بالنفى قائلا

:لااا ولا يهمك ..انا كده كده موجود


ابتسمت سماح هى الاخرى له تتبعه بعد ان اشار اليها بأتجاه حجرة من الواضح انها تعد لتكون مكتب له تجلس على احدى المقاعد ويجلس هو الاخر على واحد اخر ويبدء فور فى الحديث قائلا بجدية وصوت هادىء

:شوفى يا انسة سماح انا عارف اننا اتفقنا على شهر علشان تبتدى معايا هنا ..بس بصراحة انا عاوز نقدم الميعاد عن كده لو ده مفيش فيه مشكلة ليكى 


هزت سماح رأسها بالنفى قائلة بصوت هادىء هى الاخرى 

:لا ابدا يا استاذ عادل ..انا مستعدة وجاهزة فى اى وقت وكلمت خلاص ابو نور علشان يشوف بديلة ..بس ادينى فرصة لبكرة اتفق معاه على كل حاجة


ارتسمت ابتسامة اعجاب فوق شفتى عادل قائلا

:واضح ان كلام الحاج منصور عنك صحيح انك بتحبى تكونى مستعدة لاى طارىء واد المسئولية


توردت وجنتى سماح تبتسم هى الاخرى لكن بخجل قائلة

:متشكرة ليك اوى يا استاذ عادل وان شاء الله اكون عند حسن ظنكم فيا


تقدم عادل لامام فى جلسته يهتف بتأكيد وحسم

: دى حاجة انا متاكدة منها يا سماح ..


ثم ابتسم يكمل قائلا

:ايه رايك بقى اعرفك امور المكتب ونظام شغلنا لانى هحتاجك معايا هنا وفى المكتب التانى لحد ما تستقر الامور


هزت له سماح رأسها بالموافقة ليشرع عادل فى شرح الامور الخاصة بالعمل وقد جلست سماح تستمع اليه بانتباه حتى قاطعهم رنين هاتفه ليستأذنها للرد يخرجه من جيبه ينظر لهوية المتصل لتتبدل حاله فورا وقد عقد حاحبيه بشدة وظهر الضيق فوق وجهه وهو يضغط زر انهاء المكالمة دون رد ولكن ما ان هم بأعادته لجيبه حتى عاود الرنين مرة اخرى ليزفر بحدة وغضب جعل سماح تتسأل بصمت وفضول عن هاوية المتصل المسئول عن حالته تلك تتسع عينيها بذهول حين وجدته يهتف بحدة وبنفاذ صبر

:مش فاضى دلوقت يا ياسمين عندى شغل هبقى اكلمك بعدين


صمت لبرهة عاقدا حاجبيه بحيرة قائلا بعدها

:اهلا ياست ام منصور ..


صمت مرة اخرى يستمع الى الطرف الاخر ثم نهض على قدميه واقفا يهتف بجزع 

:وهى حصلها حاجة ..وطيب انتوا فين دلوقت.. خلاص ثوانى وهكون عندكم 


وبالفعل كان فى اتجاهه للخارج بعد القى بأعتذار سريع لسماح والتى وقفت بعد خروجه السريع الملهوف هذا تتسأل بفضول وتفكير

:ام منصور مين .. مش دى المفروض ياسمين خطيبته.. ولا دى تبقى ....


ضيقت عينيها بتركيز تضع حقيبتها فوق كتفها قائلة بحزم 

:لااا كده الموضوع يستاهل اضحى واروح اشحن كرت فكة واكلم البت فرح ..مانا لازم اعرف فى ايه والا يحصلى حاجة لو معرفتش 

************************

ظلمها_عشقاً 

الفصل_الثانى_عشر


وقفت تتطلع اليه وهو يعود هانئ الى نومه مرة اخرى تشعر بحرارة دمائها ترتفع فى جسدها تصل حد الغليان قبل ان تندفع دفعة واحدة لخلايا عقلها بقوة تغشى عينيها  وهى فى طريقها بستار احمر من الغضب جعلها تبحث حولها كالمجنونة عن شيئ تستطيع قذفه به فلم تجده فتندفع ناحية الفراش بخطوات سريعة حدة تدفعه فى كتفه بقبضتها  صارخة 

: اصحى يا صالح بيه وقوم هنا كلمنى 


هب صالح جالسا فى الفراش يهتف بذعر

:اايه فى ايه ...مالك يافرح؟!


صاحت به بحنق وصوتها العالى يشق اذنيه من شدة حدته 

:لاا والله ...لا بجد كتر خيرك ..الحمد لله اخيرا عرفت ان فى واحدة متجوزها اسمها فرح


عقد صالح حاجبيه بشدة ينظر اليها بعيون مشتعلة ثائرة وقد اختفى كل اثر للنوم بداخلهم  قائلا بهدوء محذرا

: صوتك ميعلاش وانتى بتكلمينى وبلاش الاسلوب ده معايا ..


فرح وقد اختنق صوتها وتحشرج من اثر غصات البكاء التى تكتمها حتى لا تنهار باكية امامه تهتف بغضب وعيون شرسة تتطلع اليه

:لا انا اتكلم زى مانا عاوزة ...لما اسمعك بتنادى بأسم واحدة تانية وانت نايم يبقى ليا حق اعمل كل اللى عوزاه


اتسعت حدقتيه يتطلع اليها بذهول وعدم تصديق لتهز له رأسها بقوة صارخة 

:ايوه يا صالح بيه حصل وانا بصحيك من شوية 


رفعت ذراعيها تهتف بطريقة مسرحية مقلدة صوته رغم ارتعاشة شفتيها وحالتها التى اصبحت على حافة الانفجار

:سبينى دلوقت يا امانى .. دلوقت هبقى اقوم


اندفعت نحوه تنكز بقوة فى كتفه مرة اخرى صارخة 

:امانى هااا..امانى ياسى صالح ...امانى اللى انت لسه....


اختنق صوتها بشدة فلم تستطيع قولها تنهار مقاومتها وتماسكها  لتنفجر باكية وهى تفر هاربة من امامه تخرج من الغرفة تمام تتركه مكانه جالسا بعيون متسعة ذهولا مصدوم مما قالته لبرهة  قبل ان ينهض من الفراش وهو يدمدم لاعنا نفسه هو وامانى بأفظع الصفات قائلا بعدها بحنق 

: يلعن امانى على اللى جا**** امانى ..على لسانى اللى عاوز قطعه هو كمان ..هو انا مش هرتاح بقى من ام الحوار ده 


ثم اندفع يهرول خلفها يتطلع حوله بحثا عنها ليجدها اخيرا تلتف حول نفسها كالكرة فوق اريكة غرفة المعيشة تبكى بشهقات عالية تسببت فى انتفاضة الم فى صدره لرؤيته لها بتلك الحالة 

فأغلق عينيه بشدة يلعن نفسه بخفوت وهو يقترب منها ببطء ثم يجثو على ركبتيه امامها متجاهلا صرخة قدمه المتألمة لفعلته تلك ينحنى عليها يزيح بنعومة خصلات شعرها المبعثرة فوق وجنتيها بعيدا ثم يلثملها برقة وهو يهمس باعتذار بصوت اسف

:حقك عليا متزعليش ..انا  اسف والله مش عارف انا قلت كده ازى 


ظلت على حالها ينتفض جسدها بشهقات بكائها مغمضة العينين بقوة ترتعش شفتيها كطفلة باكية  لا يظهر عليها تأثراً من حديثه ولا اهتماماً به ليزفر صالح بقوة يكمل بصوت نادم يحاول توضيح حقيقة الامر لها

: كل الحكاية انها مسألة تعود مش اكتر ..ده غير كمان العلاج الزفت اللى بيخلينى انام زى القتيل مش دارى بقول ايه 

ابتسم برجاء تتلاعب انامله بخصلات شعرها قائلا  

:انا عارف انى غلطان ..بس انتى هتطلعى اجدع منى وهتصلحينى و مش هتزعلى منى


كانت اثناء حديثه وبرغم ارتجافها وشهقات بكائها فتظهر له كانها لا تستمع ولا تهتم لما يقول الا انها كانت داخل دوامة من التخبط تتأثر رغما عنها بحديثه واعتذار الرقيق هذا لها وجعلها هذا تتسائل بحيرة

هل تلبى نداء عقلها لها وتقوم بأخباره الان بكل شكوكها وما علمت به اليوم من زوجة اخيه لعله لديه ما يهدىء بها جروحها كما فعل فى مسألة نطقه باسمها  لكنها ترتعب بداخلها ينقبض قلبها  هلعا وخوفا ان ترى فى عينيه حقيقة اصبحت تخشاها وبدلا من ان ينكرها يقوم بالبوح لها بعشقه لاخرى غيرها بعد ان اصبح لا يحتاج لاخفاء الامر بعد علمها عنه تتمنى لو كانت الحقيقة كلها تقتصر فقط على ماقاله الان وان الامر لا يتعدى عن كونه عادة منه لاكثر و تأثير الادوية عليه  لكنه لم يكن كما تتمنى وليس كل ما يتمناه المرء يدركه فلا هى تستطيع ايقاف تألمها بعلمها ان الامر اكبر من مجرد هفوة وذلة لسان منه مثلما هو الاخر لايستطيع نسيان شريكته الاولى الى الان برغم زواجه منها


لكن اذا  كان على استعداد للأعتذار لها وبهذا الالحاح برغم علمها بطبيعته وصعوبة هذا عليه حتى يحصل على غفرانها ومحاولته لتخطى ما حدث حتى ينجح الامر بينهم  فلما لا تفعل هى الاخرى مثله ونسيان و تخطى كل ماعرفته وتحاول البدء معه من جديد لعلى وعسى قد تستطيع  جعله يحبها وتنسيه الاخرى وفيصبح عاشقا متيما بها هى فقط دون سواها  


لذا تنفست بعمق فى محاولة لايقاف دموعها المنهمرة وهى تسمعه يهمس بأسمها بصوت يائس مترجى ترفع عينها نحوه ببطء تتطلع نحوه وقد اصبح لون عينيها كالفضة الذائبة من اثر البكاء  ليهتف صالح وعينيه تتوسع بأنبهار قائلا 

:يخرب بيت حلاوة عنيكى ..ايه يابت جمالهم ده كله 


شقت شفتيها ابتسامة فرحةرغما عنها وهى تبعد عن وجنتيها اثار دموعها ترضيها كأنثى مجاملته هذه لها  لينحنى مرة اخرى يلثم وجنتها بنعومة ثم يهمس مرة اخرى معتذرا كانه  لن يكتفى من الاعتذار لها ابدا

:اسفة يا فرح بجد والله اسف ..صدقينى اخر مرة هتحصل..بس مش عاوزك تزعلى منى اتفقنا 


اومأت له ببطء  ترغم نفسها على الابتسام بضعف فيشع وجهه بالفرحة والسعادة ثم ينهض واقفا يمد يده اليها قائلا بصوت رقيق مرح 

:طب يلا قومى اغسلى وشك ... ومش عاوز اشوف دموع تانى فى عيونك الحلوة ..اه هما مفيش فى جمالهم دلوقت...بس مش مشكلة انا هضحى 


نهضت معه باتجاه الحمام  يقفا معا بداخله ليقوم بغسل وجهها باهتمام ومراعاة يتعامل معها طفلة صغيرة بحاجة لعنايته وحنانه ثم يقوم بتجفيفه لها بينما وقفت هى مستسلمة له بعيون وذهن شارد حتى انتهى اخير يلقى بالمنشفة ثم يجذبها اليه مقبلا جبينها برقة قبل ان يحتضنها بين ذراعيه يقدم لها المواساة بهذه الطريقة كبادرة أعتذار اخرى منه لها لكنها ظنت بأنها مقدمة لنوع اخر من العواطف بينهم لم تستطع تقبلها فى حالتها هذه 

تتلوى احشائها بالرفض رغما عنها  وقد مرت قشعريرة باردة من خلالها تجمد جسدها بين ذراعيه فتقفز  مرتعبة وهى تدفعه بعيدا عنها ثم تفر من امامه هاربة من المكان وهى تهمهم قائلة بتلعثم

:انا ....هروح ..اكلم..سماح ..علشان ...


لم تهتم بأكمال الباقى من حديثها بل انطلقت كالسهم من جواره كما لو كان يطارها شبح ما  بينما وقف هو مكانه يراقب فرارها من المكان وقد تجمدت تعبيرات وجهه وضاقت عينيه بتفكير  

**************** 


وقف داخل المقهى يجول بعينه بتوتر وقلق  بحثاً عنهم ليجدهما اخيرا يسرع فى اتجاههما وقد جلسا فى اقصاه تنهض سمر فور رؤيته تهتف بجزع 

:شوفت يا عادل المجنونة دى كانت عاوزة تضيع روحها لولا ستر ربنا


وقف عادل  يتطلع الى ياسمين يجدها تضع رأسها فوق الطاولة مستندة الى مرفقيها فى حالة اعياء شديد ليسأل سمر بتوتر

:هو حصل ايه بالظبط فهمونى ؟!


اسرعت سمر بجذب احدى المقاعد له قائلة بلهفة

:طب اقعد بس يا خويا خد نفسك الاول ..وانا هقولك كل حاجة 


جلس عادل ببطء عينيه مازالت فوق ياسمين والتى اخذت تشهق بالبكاء دون ان ترفع وجهها عن موضعه بينما شرعت سمر فى الحديث فورا قائلة

:انا لقيتها بقالها كام يوم كده حالها مش عجبنى وكل ما اسألها تقولى مفيش ..فقلت اخدها ونخرج نتمشى شويا واشوف مالها...


اتسعت عينيها تكمل بصوت مذهول مرتجف 

:فجأة واحنا بنتكلم وبتحكيلى ..لقيتها بتصرخ مرة واحدة وبتقولى..لاا ياسمر مش هقدر اعيش من غيره ..وفى ثانية لقيتها رمت نفسها ادام عربية معدية 


تنهدت تضيف القليل من المأسوية فى صوتها حين لاحظت انه مازال على هدوئه يتطلع نحو ياسمين دون ادنى تعبير منه على حديثها قائلة بحزن 

:لولا ستر ربنا وان العربية فرملت على طول كان زمانها دلوقت....


اغمضت عينيها ترتعش امامه من هول تخيلها للموقف يسود الصمت بعد ذلك للحظات ومازال عادل صامتا فشعرت سمر بالتوتر والقلق تخشى كونه لم تنطلى عليه كذبتهم لذا اسرعت قائلة برجاء

:ياسمين بتموت فيك والله ..دى كان حالها يصعب على الكافر لما حصل اللى حصل بينكم ...


لم تجد منه ردة فعل على ما قالته يسود الصمت مرة اخرى لذا نهضت واقفة تمسك بحقيبتها تكمل وقد انتهى دورها عند هذا الحد وسوف تدع الباقى لياسمين قائلة له بحرج مصطنع

:انا هروح اشترى كام حاجة كده ..لحد ما انتوا تتكلموا مع بعض وتشوفوا ايه مزعلك وتحلوه ..وهبقى ارجع ليكم تانى


ودون ان تنتظر اجابة منه اسرعت تغادر المكان فورا بخطوات سريعة لكنها توقفت خارج المقهى تتطلع للداخل بشكل خفى لتجد عادل وقد نهض من مقعده ثم يعاود الجلوس فى المقعد الملاصق لياسمين يحنى برأسه نحوه يحدثها بشيئ ما جعل سمر تبتسم بخبث لنجاح مخططها ثم تترك المكان بعدها بينما جلس عادل يهمس لياسمين برقة

:ياسمين ..ارفعى وشك ليا وكلمينى ..


هزت ياسمين رأسها بالرفض تتمسك بوضعها ليكرر عادل طلبه قائلا برجاء

:عاوز بس اطمن عليكى 


رفعت وجهها اليه ببطء ترسم الالم والحزن فوقه وقد اغرورقت عينيها بالدموع وتلطخ وجهها بأثارها  وساده الحزن الشديد ليجعله حالها هذا يشعر على الفور بالشفقة نحوها والغضب من نفسه لكونه المسئول عما حدث لها قائلا بتأنيب وصوت رقيق

:ينفع كده اللى عملتيه ده..كان يبقى كويس لو كان حصلك حاجة 


اجهشت فى بكاء مصطنع اتقنت صنعه تهتف بلوم وعتاب

:انت مش عاوز تفهم ليه ان اى حاجة اهون عندى من انى اخسرك حتى لو كانت روحى


زفر عادل بقوة يفتح فمه يهم بالحديث لكنها اسرعت تقاطعه لا تمهله الفرصة حتى للتفكير تعاود اللعب على مشاعره قائلة بصوت مجروح وعيون باكية 

:كده ياعادل هونت عليك ..من اول مشكلة بينا عاوز تسيبنى وانت عارف انا بحبك اد ايه


علمت بنجاحها حين رأت الذنب والندم يلون نظراته لها قبل ان يهرب من مواجهة عينيها لذا اسرعت تضفى المزيد من الضغط  عليه وهى تجهش فى البكاء بصوت عالى جعل رواد المقهى يلتفتون اليهم بفضول تسرى بينهم همهمات عالية جعلت عادل يتطلع حوله بحرج قائلا بأستسلام وهو يربت فوق كتفها محاولا تهدئتها 

:طب خلاص ياياسمين اهدى ..اللى فات مات وهنرميه ورا ضهرنا ..وهنبدء من جديد ولا كأن ..


توقفت ياسمين فى الحال عن البكاء هاتفة بفرحة

:بجد يا عادل ...يعنى خلاص مش هتسيبنى


هز لها عادل رأسه لها بالايجاب مبتسما هو الاخر لينشق عنها ضحكة عالية سعيدة وقد تبدل حالها تماما وهى تنهض عن مقعدها تجذبه قائلة بسرعة

:طيب يلا بينا نقوم نخرج من هنا ...وتعال فسحنى ونروح السينما


عقد عادل حاحبيه يهتف بذهول وحيرة قائلا

:سينما ...سينما ايه لوقت ..تعالى اروحك البيت احسن علشان ترتاحى بعد اللى حصلك


جذبته ياسمين خلفها قائلة بلا مبالاة 

:بعدين ..بعدين ..انا اصلا بقيت كويسة دلوقت


سار معها يجارى خطواتها السريعة يحاول تجاهل هذا  الهاتف الملح بداخله والذى اخذ يردد له ان تلك الخطوة غير المحسبوبة منه ستكون عواقبها وخيمة عليه وسوف يدفع ثمنها غاليا 

******************************


دلفت سماح الى الداخل تنادى  زوجة خالها بصوت عالى وهى تضع ما بيدها من مشتروات فوق الطاولة وبعد عدة محاولات ظهرت كريمة اخيرا من داخل غرفتها وجهها شديد الاحمرار يظهر الارتباك والاضطراب عليها وهى تفرك كفيها معا بقوة فتسألها سماح تمازحها قائلة 

:فى ايه مالك يا كريمة ..عاملة زى اللى عاملة كده ليه ؟!


اسرعت كريمة تبتعد عن غرفتها تغلق بابها خلفها باحكام قائلة بتلعثم وعتب شديد 

:مالى يعنى يا سماح ..مانا زى الفل اهو ...وعاملة ايه    اللى بتقولى.. عليها كده.. ميصحش ..يعنى ..


اقتربت منها سماح مبتسمة قائلة 

:فى ايه يا كريمة انا بهزر معاكى ..مالك قفشتى فى كلمة كده ليه 


تطلعت كريمة خلفها ناحية باب غرفتها قائلة بتوتر 

:اصل يعنى ..اصل ...شوفى عاوزة اقولك..


هتفت سماح بها بحدة وقد تسرب اليها القلق والتوتر هى الاخرى  قائلة 

:فى ايه ياكريمة انطقى ..انا مش ناقصة قلق وحياة ابوكى


فتح باب الغرفة من خلفها يظهر على عتبته مليجى يرتدى ملابسه الداخلية فقط يستند بذراعه فوق الباب بلا مبالاة قائلا بصوته الاجش الغليظ وبنبرة شامتة

:عاوزة تقولك يا روح امك ..ان جوزها وابو عيالها نور بيته من تانى ...ولو عندك اعتراض يابنت لبيبة الباب اهو وراكى يفوت جمل 

********************

استلقت فوق الفراش تحاول التظاهر بالنوم قبل عودته فقد استغلت صعود اخيه للمكوث معه قليلا لتهرب من مواجهة اخرى بينهم فقد ظلا الباقى من اليوم فى صمت مطبق خانق بعد عدة محاولات منه لكسر حالة الجمود هذه بينهم يمزح ويضحك معها وهو يخبرها بعدة مواقف طريفة حدثت له فى الماضى لكنها كانت تقابله بابتسامة ضغيفة غير متحمسة جعلته فى النهاية يلجأ للصمت هو الاخر وبعد تناولهم للعشاء وصعود شقيقه له بعدها استأذنت منهم وقد وجدتها فرصة للهرب  لكن هيهات فقط اتت كل محاولاتها للنوم بالفشل تشعر بالفراش اسفلها كجمرة من النار تستلقى فوقها وهى تتقلب من جانب الى الاخر عدة مرات قبل ان تتجمد فى مكانها حين شعرت به يفتح الباب بهدوء ثم يدخل يتوتر جسدها للغاية حين همس يناديها برقة وهو يقترب من الفراش فأخذت تهمهم تتصنع النوم لكنه لم يستسلم يستلقى بجوارها يتلمس بشرتها ذراعها بطرف انامله ثم يقبل عنقها بنعومة هامسا مرة اخرى يناديها قائلا بعدها بلوم رقيق

:فرح ..انتى هتنامى دلوقت ..لسه الوقت بدرى 


وجدت نفسها تبتعد بجسدها عن مرمى يده تتخلى عن محاولتها لتصنع النوم تهتف بجفاف وخشونة

:مش بدرى ولا حاجة ...وبعدين انا تعبانة طول النهار فى شغل البيت وعاوزة انام


ساد صمت قصير بعد كلماتها تلك قال بعده صالح ساخرا وهو يبتعد عنها هو الاخر يستلقى فوق الفراش بظهره قائلا

:مش شايفة انها حجة لسه بدرى عليها شوية ما بينا


همت بالرد عليه رداً لاذعا لكنها اسرعت تطبق شفتيها  تدرك صدق ما قاله ولكنه كل ما استطاعت التفكير به لتهرب من تقربه منها هذه الليلة تشعر بعدم استعدادها وقدرتها على مشاركته عواطفه هذه الليلة بعد كل ما علمته وحدث اليوم تقنع نفسها بأنه كل ما تحتاجه هى الليلة فقط لتستطيع جمع شتات نفسها وغدا سوف ستكون  فى افضل حال وتخلص من حالة الجمود تلك والتى تصيبها كلما اقترب منها لذا لم تحاول اصلاح الامر بينهم وهى تشعر به يستلقى على جانبه مبتعدا عنها لاقصى الفراش تفر دمعة الم وحزن  من خلف جفونها تمر عليها الدقائق والساعات فى محاولة للنوم هى الاخرى ولكن اتت كل محاولتها بالفشل زافرة بنفاذ صبر  تنهض من جواره ببطء وهى تراقبه  تسير على اطراف اصابعها بحذر حتى خرجت تماما من الغرفة تغلق الباب خلفها تتنفس براحة وعمق خارجها وبعد ان اصبح جو تلك الغرفة خانق مميت لها 


سارت الى الغرفة الاخرى  المخصصة للاطفال تستلقى فوق احدى الأسرة بها يسترخى جسدها فورا تغلق عينيها ببطء وارهاق تسقط فى نوم سريع على الفور لكن ما هى سوى لحظات حتى استيقظت منه تفتح عينيها على اتساعها شاهقة بقوة حين وجدت جسدها يضم بقوة الى جسد صلب قوى يحيطها بذراعيه ودفئه تسترخى مجددا مرة اخرى حين سمعت صوته الرقيق الهامس وهو يقبل وجنتها يطمئنها قائلا

:هششش نامى يافرح ..نامى ..وبكرة يحلها الحلال 


اغمضت عينيها مرة اخرى تسقط فى نوم مرهق مستسلمة لدفء احضانه وهو يزيد من ضمها اليه  تدعو من قلبها ان يكون الغد لهم افضل كما قال وتتمنى 


***********************


:كنتى فين ياسمر كل ده؟


سألها حسن بعد دخوله الى شقتهم يجدها تجلس امام التلفاز تتناول الطعام لا تعير لدخوله ولا سؤاله اهتمام ليكرر سؤاله مرة اخرى ولكن هذه المرة بحدة جعلت تضع صنية الطعام فوق الاريكة وتهتف به 

:جرى يا حسن ماانا قلتلك كنت مع ياسمين اختك بنشترى شوية حاجات ..وبعدين تعال هنا انت اللى كنت فين انا جيت ملقتكش؟ 


اشار حسن خلفه قائلا بعد اهتمام وهو يتجه للجلوس بجوارها قائلا

:كنت عند صالح فوق بسأله عن كام حاجة فى الشغل


اعتدلت سمر فى جلستها تسأله بلهفة وعينيها تلتمع بالجشع

:هاا كنت بتساله عن ايه ..فرح قلبى وقولى انك سألته عن شغله مع المنيل اخو امانى ...عاوزين نعرف بكام واد ايه ...ولسه شغالين مع بعض ولا ايه


هز حسن كتفه قائلا يلوى شفتيه بعدم حماس قائلا

:وانا مالى بشغل صالح ..انا طلعت اسأله عن شغلنا احنا والبضاعة اللى جاية كمان يوم


ولولت سمر تضرب فخديها بقوة قائلة 

:يا ميلة بختك من دون الحريم ياسمر ...يلى جوزك هيشلك بدرى ويموتك ناقصة عمر ياختى


اضطرب حسن وشحب وجهه يهتف بها بلوم

:فى ايه سمر دلوقت انا مش فاهم انت عاوزة ايه


صرخت سمر به بغضب وثورة

:عاوزة اعرف اخوك عنده ايه وفلوسه فين ومع مين 

٠٠ياراجل هو انا هفضل افهم فيك لامتى .. 


تغضن وجه حسن يتمتم بكلمات هامسة بحنق لتسرع سمر قائلة بحدة وغيظ

:ايوه كل ما اكلم فى الموضوع ده تلوى وشك وتتقمص ..ماهو لو انت فالح كان زمانك ليك تجارتك وفلوسك لوحدك زى ما اخوك الصغير  ماعمل وبقى عنده شيىء وشويات..انا مش عارفة هتتلحلح من خبتك دى امتى؟!


زفر حسن بقوة ينهض واقفا مغادرا بغضب المكان لتشيح سمر بيدها قائلة 

: ياشيخ يلا نيلة..انا عارفة هتفضل خايب كده لحد امتى ..وسى صالح واخد كل حاجة فى كرشه وعمال يطلع لفوق مش همه حد


ضغطت فوق اسنانها بغل وعينيها تنطق بجشع العالم قائلة

:بس مين  ..وحياتك عندى لتكون كل حاجة عنده وملكه ليا ولعيالى ومبقاش انا سمر لو الكلام ده ماحصل.. وهو انا عبيطة زيك فاكرة ان الليلة كلها على اد ورث ابوك وبس


***************


ظلمها_عشقاً 

الفصل_الثالث_عشر


جلست معه على طاولة الطعام تتلاعب بطعامها بشرود وعقل فى دوامة من التفكير  غير واعية لنظراته المهتمة والمنصبة عليها لا تسمع من حديثه معها  شيئا حتى نداها بصوت رقيق قائلا

:فرح ..انا بكلمك ..روحتى فين؟!


رفعت نظراتها الشاردة له هامسة بأعتذار 

: معلش مسمعتش .. كنت عاوز حاجة ؟!


صالح ومازالت ابتسامته الرقيقة على حالها 

:كنت بقولك تعملى حسابك بعد الاكل هنقوم انا وانتى علشان نفضى دولاب اوضة النوم سوا


توترت فى جلستها تنظر اليه تسأله بحذر 

:ليه .. ايه السبب ؟!


نهض صالح من مقعده قائلا بهدوء 

: حسن والعمال طالعين كمان شوية علشان يفكوا الاوضة خالص ...علشان الاوضة الجديدة على وصول


كان فى طريقه للغرفة لكنه توقف يلتفت اليها مرة اخرى قائلا بطريقة عرضية

:اه وبعد ما نخلص عاوزك تنزلى عند امى تحت متطلعيش غير لما ابعتلك 


اغلقت عينيها تتنفس بعمق وهى تحاول بث الفرحة بداخلها لما اخبرها به لكنها لم تجد تأثير يذكر بأخباره تلك لذا حين تحدثت اليه كان صوتها مضطرب مرتجف

:ملهاش لازمة تغير حاجة ياصالح ..الاوضة كويسة وعجبانى 


تسمر مكانه بعد كلماتها تلك يلتفت اليها ببطء وبجسد متحفز مشدود قائلا ببرود وصوت جليدى

:ولما هى كويسة وعجباكى ..بقالك ليلتين ليه بتنامى فى اوضة تانية 


ساد الصمت بعد سؤاله هذا لا تجد اجابة تستطيع بها شرح ما يحدث معها ولا هذا الجمود الذى اصبح يلازمها منذ هذا اليوم المشئوم ..لكنه ظل مكانه منتظرا منها اجابة لسؤاله وحين طال صمتها عليه تحدث بصوت حاد امر

:خلصى اكلك ..وانزلى على طول ومتطلعيش الا لما ابعتلك تانى


غادرا فورا يدخل غرفة النوم يغلق بابها خلفه بقوة تدل على شدة غضبه لكنها لم تهتز لها بل وقفت ببطء تلملم بقايا طعامهم والصحون تتجه بها للمطبخ فما فائدة الشرح او التوضيح اذا كانت لا تستطيع البوح بما يؤلمها له وسؤاله هذا السؤال والذى يحترق لسانها لنطق به

:هل تحبها ؟ أمازالت راغباً بها ؟

لكنها فأرة جبانة مرتعشة معه تفضل الاختباء عن المواجهة والمصارحة


وقفت امام الحوض تجلى الاطباق بحركات رتيبة بطيئة لكن سرعان ماالقت بهم داخل الحوض بعنف ثم تستند بكفيها فوقه تحاول التنفس بعمق فى محاولة لابعاد غصات البكاء والتى كادت ان تخنقها  غافلة تماما عن دخوله ووقفه امام الباب يتابعها لبرهة قبل ان يتقدم ناحيتها واضعا ذراعه حول خصرها يجذبها اليه وهو يقبل عنقها هامسا بأسف 

: انا عارف انك عندك حق فى كل اللى بتعمليه ..وانك مش قادرة تنسى اللى حصل ...بس بحلفلك تانى انها غلطة منى مش اكتر 


ادارها بين ذراعيه حتى تواجه عينيه لكنه صدم لمرأى عيونها المغلقة بشدة ودموعها المنهمرة بصمت تغرق وجهها ليزفر بحدة قائلا بعدم تصديق ذاهل

:ليه كل ده يا بنت الحلال بتعملى فى نفسك كده ليه ..دى كانت ذلة لسان منى مش اكتر ..اعمل ايه علشان تصدقينى..ولا انت غاوية تنكدى على نفسك وعليا  


فتحت عينيها تتطلع اليه بألم هامسة وقد طفح بها الكيل ولم تعد تحتمل الصمت طويلا بعد الان ولا لومه لها كأنها  تحب ان تفتعل المشاكل بينهم  

:لا مش ذلة لسان يا صالح ..انا وانت عارفين كده كويس 


ضربته فوق صدره بقبضتيها بغضب وعنف تبكى بشهقات عالية تفرغ كل احباطها والمها عليه صارخة

:انت لسه بتحبها ..ولسه عاوزها ..انا عارفة ده كويس


امسك بقبضتيها يوقفها عن ضربه ثم يلف ذراعيها حول خصره  يجذبها نحوه حتى التصقت به تماما بينما اصابعه مازالت تحتجز قبضتيها بينهم خلف ظهره يضغط عليهما وهو ينحنى براسه عليها وعينيه تقسو نظراتهم قائلا ببطء حاد ونبرة قاسية

:مش شايفة انك زودتيها ..وان الموضوع اخد اكبر من حجمه 


رفعت عيونها الباكية اليه تهتف بقسوة هى الاخرى 

:لا مش شايفة كده ...وبعدين نروح بعيد ليه ..احنا نخلى الادوار معكوسة وجيت انا فى يوم وناديت عليك بأسم واحد تانى كنت هتعمل ايه سا...


لم يدعها تكمل يقاطعها بشراسة ويديه تزيد من ضغطهم فوق يديها حتى كاد ان  يحطمها بينهم

:كنت قتلتك فى ساعتها ...


اتسعت عينيها تتسارع خفقات قلبها بقوة وهى ترى كل هذا الوحشية والشراسة فى رده لمجرد سؤالها لكن ماجعلها ترتجف بخوف وهى تتراجع عنه الى الخلف تتسع عينيها برهبة عندما انحنى عليها اكثر وهو يكمل ضاغطا على كل حرف ينطق به كأنه اراد ان يصلها معنى كلماته جيدا وتحفر عميقا داخل عقلها قائلا

:انت بتاعتى ...مراتى ..يوم ما لسانك ينطق بأسم راجل غيرى اقطعهولك 


فتحت شفتيها تهم بالرد عليه لمعارضته رغم الاضطراب والخوف بداخلها لكنها تراجعت حين اتسعت عينيه بتحذير يفح من بين انفاسه بحدة 

:مش عاوز تانى كلام فى الموضوع ده ..وشوفى بقى علشان نقفل الكلام فيه خالص ...


ترك يديها من بين قبضته ببطء مبتعداً عنها يتراجع للخلف يستند الى الحوض عاقداً ذراعيه فوق صدره يقف يراقبها للحظات وهى تقوم بفرك كفيها بألم من اثر اعتصاره لهم وعينيها تتطلع اليه برهبة وقلق تخشى ماهو ات تتمنى الفرار هاربة من امامه لكنها اجبرت نفسها على الوقوف بثبات فى انتظار حديثه حتى ولو كان سيحمل لها الحزن وتعاستها الابدية ترتجف بشدة حين زفر بقوة قائلا بعدها ببطء وتأكيد 

:شوفى من الاخر كده ..امانى وحكايتها صفحة واتقفلت..ويمكن كمان قطعتها ورمتها ورا ضهرى ..ومن يوم ما دخلتى انتى بيتى وانا مفيش فى تفكيرى ولا فى ....


صمت زافرا مرة اخرى يظهر التردد والحيرة على وجهه لكنها اسرعت تسأله بلهفة والحاح ودون خجل تحركها مشاعرها 

:وايه يا صالح ..وايه كمل 


وقف يتطلع اليها وجهه يحمل تردده وخوفه فأن نطقها الان لا رجعة للوراء مرة اخرى يخيفه لو اخبرها  بأنه الذائب عشقاً بها سوف يعطيها السطوة على قلبه وروحه وتقوم بالعبث به وبمشاعره بعد علمها الحقيقه مثلما حدث له من قبل ..لكن مع فارق كبير هذه المرة وهو ان الاخرى لم يكن لها سلطان على قلبه مثلما تملك هى 


لذا احتدت نظراته عليها ينظر اليها بثبات رغم المه لنظرة الرجاء فى عينيها له يتجاهل ما كاد ان يعترف به لها قائلا بحزم 

:من الاخر يافرح ..زى مانا رميت كل حاجة ورا ضهرى من يوم جوازنا ..انتى كمان يا بنت الناس تعملى كده علشان نقدر انا وانت نكمل حياتنا سوا..وانسى يا فرح زى مانا نسيت


انهى حديثه يغادرا فورا المكان بينما وقفت هى يتردد صدى كلماته بقلبها  قبل عقلها تحاول استعاب ما حاول ايصاله لها لعلها تهدىء من تلك النار التى تكويها دون رحمة  


******************


:فهمتى يا سماح الشغل ماشى ازى هنا 


هزت رأسها له بالايجاب فورا وابتسامة فرح تنير وجهها قائلة 

:طبعا يا استاذ عادل ..انا مكنتش فاكرة ان الموضوع سهل كده 


تراجع عادل فى مقعده  يبتسم لها برفق ونظرة اعجاب تظلل عينيه قائلا 

:لاا هو مش سهل ..انتى اللى ذكية وعاوزة تعرفى كل حاجة وبتتعلميها بسرعة . الخوف بقى بعد ما تتعلمى تغطى علينا ويبقاش لينا جنبك مكان بعد كده


ضحكت سماح بسعادة قائلة تمازحه هى الاخرى قائلة بثقة

:لاا متخفش هبقى اشوفلك شغلانة معايا وماهو المكتب باسمك برضه


ضحك عادل هو الاخر يتردد صدى ضحكاتهم فى المكان حتى دوى صوت حاد قاسى يقاطعهم وقد وقفت ياسمين امام الباب تتطلع اليهم بغل وغيرة قاتلة 

:ما شاء الله ..الهانم واقفة هنا تضحك وتهزر وسايبة المكتب بره لوحده 


تقدمت الى الداخل ترمق سماح بتعالى من اسفلها الى اعلاها قائلة بتكبر

:اطلعى يلا يا شاطرة اقعدى مكانك ..المكتب عليه ورق وملفات وممكن حد ياخد حاجة منهم من غير ما تحسى


ارتبكت سماح تشعر بالحرج والاهانة من طريقة حديثها معها تسرع بالاستئذان تخرج من المكتب فورا معتذرة ثم تغلق خلفها الباب لينهض عادل واقفا يهتف بحدة 

:ايه اللى عملتيه ده ..بتكلميها بالطريقة دى  ازى كده ادامى


اقتربت ياسمين تضع كفيها فوق مكتبه تستند عليه تميل لامام هاتفة بعضب وغيظ

:وعوزنى اكلمها ازى ياسى عادل .وانت وهى شغالين ضحك وهزار ولا كأنه مكان شغل 


زفر عادل بنفاذ صبر يجلس مكانه ولم يعد لديه الطاقة لمجادلة اخرى معها يسألها بحدة

:جاية ليه ياياسمين ..ايه اللى جابك على الصبح كده


ضربت ياسمين بكفيها فوق المكتب صارخة بغضب

:انت بتكلمنى كده ليه؟ ايه مكنتش عاوزنى اجى واشوف المسخرة اللى بتحصل هنا ولا ايه يا عادل بيه


نهض عادل صارخا هو الاخر بحدة وغضب اعمى وقد طفح به الكيل

:انتى اتجننتى ولا ايه حكايتك على الصبح ..فى ايه اتعدلى فى كلامك معايا


انكمشت ياسمين على نفسها وقد علمت انها اوصلته للحافة تتراجع خوفا من عواقب تجربة اخرى قريبة قائلة باعتذار وصوت اسف 

:اسفة يا عادل والله ...انا كنت جاية اشوفك علشان وحشتنى .. ومقدرتش اسكت وانا شايفة البت دى بتتمايص عليك بالشكل ده ..انت عارف انا بغير عليك اد ايه 


صرخ عادل بها محذرا بغضب وحدة لتهتف سريعاً

:خلاص اسفة والله متزعلش  منى ..مش هتكلم كده تانى 


ضغط عادل فوق  شفتيه زافرا بعمق قائلا بنفاذ صبر

:خلصنا يا ياسمين ومرة تانية متجيش المكتب غير لما تعرفينى ده مكان شغل مش سينما ولا كافية تتسلى فيه كل ما تحسى بزهق


هزت له رأسها بالموافقة رغم نيران غضبها المشتعلة  التى تفور وتغلى بداخلها لكنها حين تحدثت جاء صوتها هادئ مستكين 

:حاضر يا حبيبى اللى تقول عليه هعمله بس المهم انت متزعلش منى


هز عادل لها راسه قائلا باقتضاب

:خلاص ياياسمين حصل خير،..وياريت وانتى خارجة تعتذرى لسماح على اللى حصل من شوية وعلى اسلوبك معاها  


احتقن وجهها بشدة لكنها اومأت له مؤكدة بأبتسامة صفراء على شفتيها 

:حاضر اللى تشوفه ياحبيبى .. المهم انت تكون مبسوط منى ...انا همشى دلوقت ..وهستناك بليل علشان نخرج


اومأ لها برأسه دون حماس لتتسع ابتسامتها له قبل ان تلتفت مغادرة تختفى فورا تلك الابتسامة عن وجهها وعينيها تلتمع  بالغل والشراسة تخرج من الباب تغلقه خلفها ثم تسير بأتجاه سماح وتتوقف على بعدة خطوتين منها  تتابعها لبرهة بتفكير واهتمام وهى تراها تقوم بترتيب عدة اوراق امامها بشرود وايدى مرتعشة  ووجه شديد الشحوب لتسرع ياسمين برسم ابتسامة فوق شفتيها مقتربة منها هاتفة   

:اوعى يا سماح تكونى  زعلتى منى ...انتى عارفة انا بحبك اد ايه وخايفة عليكى وعلى شغل المكتب 


تركت سماح ما بيدها تنهض عن مقعدها قائلا بهدوء ورسمية 

:لا ابدا يا انسة ياسمين انا مش زعلانة خالص 


ياسمين وهى تجلس امامها فوق حافة المكتب قائلة بعتب

:ايه انسة دى ..دانا لسه بقولك احنا اخوات ..ولا انتى بقى لسه زعلانة منى


هزت سماح رأسها بالنفى ومازالت تلك الابتسامة المغتصبة فوق شفتيها لتكمل ياسمين وهى تنهض واقفة مرة اخرى 

:طيب ياحبيبتى  اسيبك لشغلك بقى واروح انا ..بس لو ممكن كوباية ماية قبل ما امشى ...معلش هتعبك معايا


رسمت الحرج والاعتذار على وجهها  وهى تراقب سماح والتى اسرعت لتلبية طلبها حتى اختفت عن انظارها لتسرع بالبحث سريعا فوق الاوراق الموضوعة فوق المكتب تلتمع عينيها بالانتصار  حين وجدت مبتغاها فى ورقة منهم اسرعت بطيها واخفائها داخل حقيبتها قبل عودة سماح والتى عادت بعد لحظات تحمل كوب المياة تناولها اياه فأرتشفت منه سريعا قائلة بعدها بتعجل وهى تغادر فورا

:شكرا يا حبيبتى ...اشوفك بعدين بقى 


راقبت سماح مغادرتها السريعة هذه تهز كتفها بحيرة قائلة 

: ايه البت المروشة دى ..الله يكون فى عونه بيتعامل معاها ازى دى.. وهى كل ساعة بحال 


جلست مكانها تلوى شفتيها قائلة بلا مبالاة

:وانا مالى .. كفاية عليا الهم اللى انا فيه مش ناقصة التفكير فى هم غيرى 


*************


وقفت امام باب الغرفة مترددة ودقات قلبها راجفة بخوف لكنها تنفست بعمق تدفع عنها شعورها هذا بعيدا فبعد حديثه الاخير لها لن تترك بعد الان الفرصة لهواجسها او تلك الكلمات التى صبت فى اذانها ان تخرب عليها حلم صباها فكما قال منذ قليل هى الان زوجته الوحيدة.. هى فقط ولا احد غيرها وطلما هو اراد  رمى الماضى ورائهم والمضى قدما معها فى حياتهم فلما لا تفعل هى الاخرى ذلك وكفاها تصرفات طفولية حمقاء معه لذا وبخطوات شجاعة تقدمت الى الداخل تراه وقد شرع فى انزال الحقائب ويقوم بوضع الملابس الخاصة به داخلها ليتوقف قلبها هلعا ظنا منها انه سيغادر تاركا لها المكان لكنها عاودت التنفس براحة حين رأته يقوم برفع حقيبة اخرى ويقوم بوضع ملابسها هى الاخرى به تتذكر حديثه عن تغير الغرفة لتهب متحركة من مكانها بأتجاهه قائلة بلهفة

: سبيها يا صالح انا هوضبها.. وارتاح انت 


توقفت حركته حين امسكت من يده قطعة الملابس يتطلع اليها بتفكير  بينما وقفت هى مبتسمة برقة له حتى تركها اخيرا  تتولى هى الامر يجلس فوق الفراش ثم يقوم باشعال احدى سجائره يسود الصمت المكان حتى قطعته بصوتها المتردد اللاهث قائلة له وهى منخفضة الوجه تولى اهتمامها لقطعة الملابس بين ايديها المرتعشة 

: صالح ..كنت عاوزة اقولك ان بجد الاوضة حلوة وانا مش مضايقة منها كل الحكاية انى بس....


قاطعها صالح بصوت حازم قوى لا يقبل بالمناقشة 

:وانا قلت هتتغير ..العفش كله هغيره ..بس لما اقدر انزل ..انما دلوقت اوضة النوم دى لازم تتغير اول حاجة.. والنهاردة 


وقف يطفئ  سجارته بعصبية ثم يتجه ناحية الباب يكمل قائلا بتعجل

:خلصى يلا علشان تنزلى قبل العمال ما تطلع هنا ..وانا هنزل اشوف الحاجة وصلت ولا لسه


تركت ما بيدها تسرع فى اتجاهه تسد عنه الطريق قائلة بلهفة وقلق

:تنزل فين ..ورجلك وجرحك ؟! 


تأملها وعيونه تمر بنعومة فوق ملامحها القلقة قبل ان يبتسم لها برقة قائلا 

:متخفيش  .. دقايق وهطلع تانى


هزت رأسها له بالرفض قائلة وهى تقترب منه تلصق نفسها به تلف خصره بذراعيها بحركة عفوية منها قائلة برجاء

:بلاش علشان خاطرى ياصالح ..خليك معايا هنا متنزلش ...وبعدين مين هيساعدى علشان اخلص بسرعة ..لو انت نزلت مش هعرف اخلص حاجة لوحدى 


التمعت عينه تتسع بسمته وهو يحنى رأسه عليها يهمس بخبث مرح يلف ذراعيه هو الاخر حولها يزيد من الصاقها به  

:ماهو انا نزلت منزلتش ..كده كده مش هتخلصى حاجة ...ها قلتى ايه 


ارتجف جسدها ينتفض بشدة برفض رغما عنها وقد ادركت ما يخيرها به بكلماته لكنها اسرعت بتمالك نفسها تلعن نفسها على تراجعها المخزى هذا برغم كل ماحدثت نفسها به منذ قليل تهم بالرد عليه بمزاح اخر لكن الاوان قد فات فقد شعر بأرتعاشة جسدها الرافضة  قبل ان يبتعد عنها وهو يحل ذراعيها من حوله مبتعدا عنها قائلا بأبتسامة باهتة 

:انا هنزل ولما تخلصى رنى عليا عرفينى 


بالفعل تركها مغادرا تقف مكانها متجمدة لكن يأتى صوت قلبها المتوسل كصفعة منبهة لها وهو يناديها الا تدعه يغادر والا حينها ستسوء الامور بينهم الى الابد ولن ينفع بعدها الندم ابدا لتجد نفسها ودون ان تمهل نفسها لحظة للتفكير او التردد تناديه قبل لحظة من خروجه من باب الغرفة ليلتفت لها بتساؤل فتخفض عينيها ارضا وقد اشتعلت وجنتيها خجلا مما هى مقدمة عليه هامسة 

:كنت عوزاك قبل ما تنزل ..تشيلنى ترفعى ...


هربت من عينيه ونظراته المشتعلة فوقها تلتفت ناحية الخزانة تشير اليها وهى تكمل بتلعثم وارتباك

:علشان بس اطول الرف اللى هناك ده بس لو مستعجل انا ممكن .....


شهقت بصدمة حين وجدت نفسها ترفع فى الهواء قبل ان تحط بين ذراعيه صارخة بأسمه توقفه ليهتف بها 

:لااا مانت ترسى على رأى اشيل ..ولا انزل ..اخلصى مش هنفضل فى الحيرة دى كتير الرجالة زمانها على وصول 


لفت ذراعيها حول عنقه تتعلق به تدس وجهها به خجلا قائلة بصوت مكتوم 

: اللى تشوفه انت بقى ..انا مش هتكلم تانى


صالح وهو يتجه بها ناحية الفراش تتألق عينيه بالشغف قائلا ببطء وصوته يرتجف شوقا لها

:احسن حتى علشان اعرف اركز ..اصل موضوع الشيل ده محتاج تركيز اوووى


ضحكت ضحكة صاخبة سرعان ما اختفت حين شعرت بجسدها يحط فوق الفراش وجسدها يتوتر  فورا يتلاشى استرخائها فى الحال ولكنها اسرعت تتصنع الابتسام حين رأت توقف صالح وتحديقه بها قبل ان ينحنى على وجنتها يلثمها برقة هامسا 

: لو مضايقة من هنا احنا ممكن نروح....


هزت رأسها برفض قاطع تلف عنقه بذراعها تجذبه لها وعينيها تشتعل بتحدى كان لها قبل ان يكون لاحد اخر تبادر لاول مرة بالقيام بالخطوة الاولى تقبله بشفاه مرتعشة وبمبادرة خجلة اشعلت اللهيب به ينسى معها وبها العالم وكل ما يحيط به الا احساسه وشوقه لها تغلى دمائه وضربات قلبه تتعال بصخب استجابة لها هامسة بعد ابتعادها البطىء عنه وسرقتها لانفاسه 

: لااا... هنا او هناك ده بيتنا.. لينا لوحدنا ..انا وانت وبس ..مش كده يا صالح؟


ارتعش جسده بأكمله وجاءت اجابته عليها بهدير قوى وهو يرفعها اليه حتى تلتقى شفاههما فى لقاء سرق منهم الانفس يذهبا معا الى جنة حقيقة اشتاقا لها طويلا ...

  


*********************


بعد حين جلست داخل المطبخ الخاص بوالدة زوجها عينيها شاردة للبعيد وابتسامة حالمة مرحة على وجهها وهى تتذكر تفاصيل لقائهم وتلهفهم لبعضهم البعض حتى سرقهم الوقت يعودا الى ارض الواقع من جنتهم على صوت  رنين هاتف صالح ليهب جالسا قائلا بارتبارك 

:ده حسن اللى بيتصل ..انا نسيته خالص 


نهض عن الفراش يلملم ملابسهم المتناثرة ارضا بتعجل وارتبارك لكنه توقف حين صدر عنها ضحكة مرحة متدللة ليرفع عينيه هاتفا وهو يبتسم بأستهجان مصطنع  

:لا وحياة ابوكى ..مش وقته خالص .. قومى كده بسرعة و خدى دش وانزلى عند امى حالا..الرجالة زمانها طالعة


نهضت عن الفراش ببطء وهى تلملم حول جسدها شرشف الفراش ترفع حاجبها بخبث وابتسامة متحدية تسأله

: طب وباقى الحاجة اللى لسه فى الدولاب؟! 


صالح بتعجل وعينيه تدور حوله فى ارجاء الغرفة 

:ملكيش دعوة ..انا هخلص كل حاجة ..بس يلا بقى يافرح 


هزت رأسها لها بالموافقة تسير امام عينيه المحدقة بها ناحية خزانتها تلتقط من داخلها بعض الملابس لها وهى تضغط فوق شفتيها بقوة تمنع نفسها من الانفجار بالضحك وهى تسمعه يتمتم بحنق لنفسه

:يعنى كان خلاص حكمت النهاردة الشيل والحط  هنا وهناك... هركز انا بس ازى دلوقت..


ليهتف بها بعدها يكمل برجاء 

:يلا يافرح انجزى الا والله اتصل ارجعهم من مطرح ما جم ويحصل زى ما يحصل


سارت ببطء بعد انتهائها حتى وقفت امامه تهز كتفها  بلا مبالاة قائلة له بدلع ونظرات تدلل

:طيب ما تتصل ..هو انا هقولك لا.. ولا حتى اقدر امنعك 


القت بكلماتها تسير بهدوء تحت انظاره الذاهلة ليهتف صالح بذهول لها وعينيه متسعة بانبهار

:بت يا فرح حصلك ايه ... معقولة كل ده تأثير تغير الاوضة ..لا لو كان كده كنت يارتنى عملتها من زمان 

.............

اشتعلت وجنتيها تعود الى حاضرها حين تحدثت   انصاف قائلة براحة 

:احنا خلصنا الاكل كله اهو ..على الله هما كمان يخلصوا علشان نغدى العمال 


قضمت سمر قطعة الجزر باسنانها قائلة بضيق

:مش فاهمة كانت لازمتها ايه الهدة دى ..مالها اوضة النوم بتاعت صالح علشان عاوز يغيرها..ولا هى مصاريف على الفاضى وخلاص


نظرت انصاف الى فرح الصامتة لكن كان وجهها يعبر عن ضيقها من حديث سمر الخالى من الذوق مبتسمة لها ثم التفتت الى سمر قائلة بحدة وحزم

:براحتهم ياسمر فلوسهم وشقتهم وهما احرار فيها ..زى مانت ليكى شقتك تعملى فيها اللى يريحك ومحدش هيقولك بتعملى ايه  


اعتدلت سمر جالسة فورا تعدل من طريقة حديثها قائلة  

: طبعا يا خالتى ..انا بس خايفة على صالح ده لسه جرحه ملمش وده ارهاق عليه برضه


:متشكر اووى على خوفك ده يا مرات اخويا ..بس ياريت توفريه لحسن احسن ..انا عندى اللى يخاف عليا 


قالها صالح بهدوء وهو يدلف الى داخل المطبخ بجسده الفارع وحضوره المهيب يلتفت الى فرح يغمزها بعينيه بشقاوة وهو يكمل بخبث 

:مش كده ولا ايه يلى عندى ؟


اخفضت وجهها بخجلا بعيد عنه لكنه لم يستسلم يقترب منها يمسك بكفها يشدها حتى تقف ثم ينحنى عليها هامسا 

:تصدقى معرفتكيش انا كده ...اومال راح فين البطل اللى كان فوق من شوية 


ضربت كتفه بقوة تنهره بارتباك لتضحك انصاف تهتف بسعادة  تدعى لهم بالسعادة والهناء والابتسامة تنير وجهها  اما سمر فقد جلست تقطم حبة الجزر التى بيدها بغيظ وغل تتابع ما يحدث امامها بوجهه محتقن وهى ترى صالح يجذب فرح خلفه مستأذنا منهم حتى يريها غرفتهم الجديدة لكن يأتى هتاف انصاف وهى تهرع خلفه قائلة بلهفة

:طيب والغدا ..مش هتتغدى انت ومراتك قبل ما تطلعوا


انحنى عليها يهمس بشيئ جعل ضحكة انصاف تدوى عاليا بصخب وهى تدفعه فى كتفه قائلة بتعب مصطنع

: ياواد اتلم عيب..انت عيارك فلت خلاص


قبلها صالح برقة يشير الى فرح المرتبكة والمشتعلة خجلا مغيظا اياها قائلا 

:البت دى هى المسئولة عن اللى بيحصل فى ابنك ياما خديلى حقى منها 


اسرعت فرح تهتف بجزع وعيونها متسعة بذهولا 

:والله ابدا يا ماما ده هو ...هو 


مال صالح  نحوها متقربا منها سائلا اياها بخبث جعلها تضغط فوق شفتيها خجلا 

:ايوه هو ايه بقى بالظبط ..ولا اقولك تعالى فوق نشوف الموضوع ده


جذبها معها معه يغادرا فورا بعد ان القى بتحية سريعة الى والدته والتى ظلت تتابعهم مبتسمة بفرحة وسعادة تشع من عينيها ثم التفتت الى سمر قائلة 

:يلا بينا احنا يا سمر ..نحط الغدا للعمال ..اتصلى بحسن خليه يطلعهم 


نهضت سمر تقضم جذرة اخرى قائلة

:من عينيا حاضر يا خالتى 


ثم تكمل هامسة بغل وجهها يحتقن بدماء الغيظ والحقد

:ماهى الامور شغالة كده فى البيت ده... ناس تطبخ وتجهز ..وناس تيجى تاكل الطبخة على الجاهز ..بس هقول ايه الصبر حلو برضه وكل حاجة وليها اخر

***********************



ظلمها_عشقاً 

الفصل_الرابع_عشر


 

جلست معه زافرة تضغط فوق شفتيها بملل وهى تجد كل تركيزه منصب على شاشة التلفاز وعينيه تتابع مجريات مباراة كرة القدم بشغف واهتمام اثار غيرتها فبعد عدة محاولات منها مشاركته شغفه وحماسه هذا بعدد من الاسئلة اجابها عليها بصبر 


حتى سألته وهى ترى عصبيته وهتافه الغاضب على اللاعبين

:صالح ..هو ليه انت عاوزهم يشوطوا على الراجل الغلبان ده بس ..طيب مافيه راجل تانى واقف الناحية التانية اهو محدش بيشوط عليه


تجمد جسده وعينيه تكاد تخرج من محجريهما وهو يلتفت اليها ببطء ذاهلا لتسرع قائلة فى محاولة لجذب اهتمامه تسأله وهى ترسم ابتسامة بلهاء على شفتيها اجادت صنعها

: انا بقول يعنى بدل ما كله واقف هناك والناحية التانية فاضية خالص..


ضغط باسنانه فوق شفتيه رافعا حاجبيه وهو يحاول البحث عن كلمات يجيبها بها لكنها لم تستلم بل اسرعت قائلا بخبث وكلمات ذات مغزى 

:بس تصدق انهم رجالة تافهة عاملين عقلهم بعقل حتة كورة ورايحين جاين وراها زى العبط


شهقت بفزع مصطنع تتراجع الى الخلف حين وجدته على حين غرى يتحرك من مكانه قافزا تقريبا فوقها حتى جعلها تستلقى بظهرها فوق الاريكة يسألها بهدوء ينذر بالخطر 

:تقصدى مين بالعبط بالظبط...


اشارت بأصبعها ناحية شاشة التلفاز وعينيها معلقة به تنظر اليه هامسة بجد مؤكدة 

:والله اقصد العيال دى ياسى صالح ..هو فى حد زيك ولا فى عقلك 


تطلع اليها للحظات يتأملها محاولا اكتشاف الصدق ام الهزل فى كلماتها قابلتها هى بأبتسامة واسعة وهى ترف بجفونها له بطريقة جعلته يقاوم االابتسام بصعوبة وهو يتراجع عنها ببطء لمعاودة متابعة المباراة مرة اخرى لكن وصل اليه همسها المتعجب بتذمر قائلة

: بس ماتعرفش عند ماتشات الكورة... بيسيبك ويروح فين؟!


هنا وصرخت تنهض من مكانها تحاول الفرار منه حين وجدته يزمجر ضاغطا فوق اسنانه وهو يحاول الانقضاض عليها تنجح فى ذلك فعلا تتوارى خلف احدى المقاعد مبتسمة باغاظة له وعينيها تلتمع بالانتصار وقد افلحت فى مخططها لجذب انتباهه وهى تراه ينهض واقفا يتجه ناحيتها وقد غاب عن تفكيره كل شيئ سوى معاقبتها وهو يشير اليها بسبابته للقدوم له قائلا

: تعالى هنا يفرح متخلنيش اجرى وراكى فى الشقة والناس اللى تحتنا تسمع 


هزت كتفيها له برفض قائلة بعبث وتدلل

:لا انا بقى عاوزك تجرى ورايا ولا هى البتاعة اللى بتفرج عليها دى احسن منى 


حاول صالح مقاومة بنوبة الضحك المتصاعدة بداخله قبل ان يجلس مرة اخرى مكانه يرسم الالم  قائلا بصوت مسكين ضعيف اثار قلقها رغم الشك بداخلها بأنه يقوم بتلاعب بها

: كان نفسى والله ..بس اديكى شايفة رجلى وجعانى ومش قادر منها


اعقب حديثه يدلك قدمه ووجهه يتجعد الماً وهو يتأوه بصورة جعلت فرح تتخلى عن حذرها تعقد حاحبيها قلقا وقد انطلت عليها حيلته تخرج من وراء المقعد مقتربة منه وهى تسأله بقلق وخوف

: ايه حصل ؟!مانت كنت كويس اتخبط فيها ولا ايه ..انا هروح اجبلك المسكن بسرعة واجى 


هرعت بأتجاه الغرفة لكنها وعند مرورها من جواره جذب معصمها يسقطها عليه يجالسها فوق ركبتيه وهو يحطيها بذراعيه بقوة غير مبالى بمحاولتها الفكاك منه يفح بغيظ متوعدا لها

:بقى انا يتقالى عقلك بيروح منك .. انا بقى هعرفك  عقلى لما بيروح بعمل ايه بجد  


سكنت بين ذراعيه ترفع اناملها لوجنته تتلمسها برقة قائلة وهى تهز كتفها له بتدلل

:طب اعملك ايه مانت قاعد جنبى والبتاعة دى وخداك منى يرضيك كده 


وجد نفسه يقترب منها كأنها مغناطيس يجذبه لها يقبلها بنعومة فوق وجنتها هامس باعتذار رقيق

:لا فى دى عندك حق مينفعش اى حاجة تاخدنى منك ابدا ...علشان كده ...


مد يده بجهاز التحكم يغلق التلفاز تماما ثم يلتفت اليها غامز بعينه لها يسألها 

:مفيش كورة خلاص ..ها هنعمل ايه بقى دلوقت 


دفعته فى صدره تنهض سريعا عن ساقه ضاحكة وهى تهتف بمرح طفولى 

:تقوم بقى زى الشاطر وتجرى ورايا انا ...مانا مش هتنازل عن كده النهاردة


صالح بذهول وغضب مصطنع 

:بقى كده والله عال اووى...بتضحكى عليا يابت انتى


تخصرت واضعة يدها فى خصرها تسأله 

: هى مين اللى بت يا سى صالح .. ولا انت عاوز تقلبها خناقة علشان تهرب 


نهض صالح ببطء وجسده متحفز يضيق عينيه عليها   مما جعلها تشعر بالقلق بأنها تجاوزت حدودها معه لكنها تنفست براحة وهى تراه يقترب منها قائلا بنبرة مهددة بخبث مرح

: دلوقت نشوف مين اللى هيهرب من التانى ..بس عارفة لو ايدى مسكتك ...


قطع كلماته ينقض عليها فجأة مما جعلها تصرخ وهى تسرع هاربة منه تجرى فى ارجاء الشقة وهو خلفها تتعال  اصوات صراختهم واقدامهم المسرعة للحظات طوال قبل ان تقف فجأة تحاول التقاط الانفاس وهى ترفع يدها بعلامة الاستسلام قائلة بصوت لاهث

: خااالص انا مستسلمة ومش لاعبة تانى 


صالح وهو يقترب منها بكامل لياقته وعينيه تلتمع بالنصر قبل ان ينحنى عليها يحملها فوق كتفه غير مبالى بمقاومتها وصرخاتها الرافضة وهى تطوح قدميها فى الهواء وقد تدلت رأسها على ظهره ليهتف بها صالح بحزم وهو يثبتها 

:لا مفيناش من كده .. انا اللى كسبت من حقى بقى اخد الجايزة بتاعى


رفعت راسها تسأله بمرح 

:وايه هى بقى جايزتك دى ان شاء الله


لم يجيبها بل اسرع يحملها وبخطوات سريعة ناحية غرفة النوم يفتحها ويدلف بها الى الداخل يلقى بها سريعا فوق الفراش ثم يتبعها هو الاخر وقد احاطها بذراعيه هامسا ببطء ونظراته تلتمع بالشوق والشغف قائلا 

:انتى يا فرحة قلبى ...وهو فى اغلى ولا احلى منك جايزة يا حتة الشكولاتة بتاعتى


غمرتها السعادة ويستجيب قلبها للفظ التحبيب منه باقصى درجات الفرح والاثارة لتنقض عليه دون ان تهمله الفرصة لالتقاط الانفاس تقبله بكل ما بقلبها من حب وعشق له لاتترك له فرصة سوى الاستجابة لفورة مشاعرها وقلبه خلف صدره يتراقص هو الاخر شوق ولهفة لها .... يخفق بجنون عشقاً ولهاً بها دون نساء العالم 


********************** 


اخذت تبحث هنا وهناك بايدى مرتعشة وصوت شهقات بكائها المكتوم تقطع الصمت السائد بين الحين والاخر حتى دوى صوت الغاضب يناديها 

:لقتيه يا سماح ولا لسه؟


ارتعبت ملامحها وهتضرب فوق وجنتها خوفاً قبل ان تتحرك لمكتبه بخطوات مهزوزة تقف على بابه تهز رأسها بالنفى هامسة

:لا يا استاذ عادل مش موجود ..مع انى والله كنت حطاه جوا ملف القضية 


نهض عادل عن مكتبه يصرخ بها بحدة وغضب

:يعنى ايه ..ازى ورقة زى دى تختفى من المكتب وانتى موجودة  ..دى مصالح ومصاير ناس مش بنلعب هنا يا انسة 


اسرعت تحاول الدفاع عن نفسها قائلة برجاء وصوت باكى

:والله يا استاذ عادل مش عارفة ده حصل ازى ..انا كنت...


قاطعها صارخا وقد احتقن وجهه من شدة الغضب 

:كنتى ايه بس ..ده توكيل للقضية بتاعت بكرة .. ازى يضيع منك


انكمشت على نفسها خوفا فلاول مرة تقف فى هذا الموقف لاتجد ما تقوله دفاعا عن نفسها ولا عن اهمالها وخطأها الفادح هذا تقف امامه تبكى بصوت خافت ليزفر عادل بقوة يجلس مكانه مرة اخرى قائلا بضيق وهو يشير لها 

:اتفضلى يا سماح روحى مكتبك ..وياريت تدورى تانى يمكن جه فى ملف قضية تانية بالغلط


هزت له رأسها بالايجاب قبل ان تنطلق الى مكتبها تجلس عليه بأعياء ووجهها شديد الشحوب تضغط بيديها فوق جبينها بقوة تحاول تذكر اين يمكن ان تكون قد اختفت تلك الورقة تمرر شريط يوم امس امامها تحاول وضع يدها على النقطة المفقودة حتى اتسعت عينيها بشدة ترفع رأسها ببطء وقد وجدتها وعلمت اين اختفت ..وايضا من المسئول عن هذا 


همت بفتح حقيبتها لاخراج هاتفها لكنها تراجعت تنهض سريعا حين خرج عادل من مكتبه يقف امامها  وعينيه بنظراتها الاسفة تمر فوق ملامحها بأنفها الاحمر وعينيها المنتفخة يجلى صوته قبل ان يتحدث اليها بصوت عملى هادئ  

: خلاص متزعليش ..حتى لو مش هتلاقيه ليها حل متقلقيش ..بس بلاش عياط تانى ..


انفجرت فى البكاء مرة اخرى وقد هزتها محاولته طمأنتها رغم خطأها الفادح غير المغتفر غير واعية لجسد عادل المتوتر وبشدة لمرأى دموعها تلك وضعفها الشديد هذا امامه ليلعن نفسه لكون السبب فى حالتها تلك فهو يراها من انقى الشخصيات التى تعرف عليها ولم يكن من المفترض منه معاملتها بتلك الطريقة القاسية لذا وجد نفسه يقترب منها يخرج من جيبه منديلا ورقيا يمد اليها وهو يهمس بأسف واعتذار

:حقك عليا انا اسف انى اتعصبت عليكى ..بس الورقة دى مهمة وانا ...


صمت لا يجد ما يكمل به حديثه خوفا ان يزيد الطين بلة لكنها اسرعت تهمس بصوت متحشرج باكى 

: لا حضرتك عندك حق فى كل اللى عملته ..الظاهر ان انا اللى منفعش فى الشغل هنا ..علشان كده لو ممكن تسمح ليا انى امشى من بكرة وحضرتك تشوف حد غيرى يكون اد مسىؤلية المكتب والورق اللى فيه


لا يعلم لما وجد فكرة تركها العمل معه فكرة غير مقبولة له على الاطلاق يزفر  بقوة هاتفا بها بصوت حازم 

:كلام ايه الفارغ ده ..لا طبعا مفيش حد تانى هيجى مكانك ..ولو لسه زعلانة من اللى حصل وعلشان اتنرفزت عليكى يبقى انا اسف ليكى ياستى مرة تانية وشوفى ايه يرضيكى وانا هعمله 


توترت تنظر اليه ذاهلة تهز رأسها تهم بنفى ما قاله لكنه قاطعها يشير لها بسبابته بحزم قائلا 

:بس لو فعلا مش زعلانة يبقى تقعدى وتشوفى شغلك ومش عاوز كلام تانى عن انك تسيبى الشغل 


هزت رأسها له بالموافقة ليبتسم لها عادل برقة لبرهة خاطفة قبل ان يعود لجديته قائلا 

:طيب هاتيلى الملف بعد ما تطبعيلى الورق اللى فيه وعمليلى فنجان قهوة وتعالى 


تحرك للمكتب سريعا بعدها لكنه توقف عند همست منادية له ليلتفت اليها ببط يغشى بصره كأن نور ساطع سلط عليه حين رأى بسمتها الرقيقة تشع كضوء القمر على وجهها تنيره وهى تهمس بنعومة

:شكرا ليك ..بجد انت اكتر حد محترم وطيب انا شوفته وعرفته فى حياتى كلها


احمر وجهه خجلا تفاعلا مع كلماتها له وقد ظهر فى عينيها صدقها فى مدحه يهز رأسه لها على عجلة قبل ان يدلف الى مكتب سريعا وقد تحفز كل عصب به تتعال خفقات قلبه زهواً وتأثرا من كلماتها رغماً عنه


******************* 


:بقولك ايه يا انور يا ظاظا بطل لف ودوران وقول انت عاوز ايه وجاى ليه بالظبط


تراجع انور فى مقعده يبتسم بسماجة 

:ما قلتلك يا معلم شاكر ..اللى انت عاوزه هو نفس اللى انا عاوزه وان مصالحنا واحدة


توتر شاكر فى جلسته يتنفس من ارجيلته بقوة وانور يكمل بخبث 

:لا ..وعاوزك تطمن سرك فى بير عمره ما هيخرج برانا احنا الاتنين ...اقصد احنا التلاتة ..مش الحلوة اختك فى الليلة برضه


رمى شاكر مبسم ارجيلته فوق مكتبه يهتف بغضب 

:ملكش دعوة باختى يا انور وخلى كلامك ليا انا ..انت عاوز ايه 


هتف انور بلهفة وعينيه تلتمع بقوة 

:عاوز اعرف كل حاجة ..عاوز اعرف ليه لما الست اختك هى اللى طلبت الطلاق بتلفوا دلوقت ليه علشان ترجعوها تانى لصالح 


تطلع اليه شاكر بتوتر يظهر التردد فوق محياه قبل ان يتنهد باستسلام حين رأى الثبات و التصميم فوق وجه انور يعلم ان لا مفر امامه بعد ان علم هذا الحقير بما فعله وانه المتسبب فى حادث صالح ولشراء سكوته يجب ان  يستسلم له ويخبره بكل ما يريد معرفته قائلا بعد تفكير

:انا وصالح لينا مصالح وشغل مع بعض ..وبعد طلاقه من امانى كل حاجة وقفت ورافض اى شغل او تعامل معايا 


انور وقد ادرك هوية الامر يسأله ببطء خبيث

:مصالح مع بعض ولا مصالح ليك لوحدك يا معلم شاكر


هتف به شاكر بغضب وحنق

:ايوه ياسيدى مصالح ليا لوحدى ..كنت هاخد منه كام الف كده امشى بيهم حالى بس جت عملت امانى السودا ووقفت كل حاجة


اسرع يهتف بأنور بحدة محذرا له حين رأى بسمته الشرهة ونظرة عينيه الملتمعة كأن وقع على كنز

:لاااا دماغك متروحش لبعيد لكسرهالك ..اختى اشرف من الشرف ..كل الحكاية ان ....


انور بتململ كمن يجلس على جمر هاتفا به متلهفاً بعد ان رأى تردد شاكر فى الاكمال

:هااا يا معلم ..صدقنى سركم فى بير وزى ما قلتلك مصالحنا واحدة


زفر شاكر وهو يمسك بمسم اريجيلته يضعها فى فمه هاتفا بعدها بسرعة وحدة

:امانى اطلقت من صالح علشان ...علشان مش بيخلف..وادامه سنة بس للعلاج بعد كده هيبقى استحالة يحصل ..علشان كده اتجوز البت دى بعد طلاقه من اختى بسرعة زى ما شوفت 


جلس انور بعد كلماته تلك كمن ضربته صاعقة فقد تصور جميع الاسباب التى من الممكن ان تكون سببا لهذا الطلاق الا هذا السبب ..يتراجع فى مقعده عاقدا حاجبيه متسائلا بحيرة .

هل كانت تعلم اميرة احلامه بهذه الاخبار عند موافقتها على تلك الزيجة ..هل اخبرها سارقها منه باخباره تلك واسباب سرعته فى اتمام زيجتهم 


هز رأسه بقوة ينفى هذه الفكرة بقوة فمن هو مثل صالح وبقوة شخصيته وعزتها والتى يعلمها الجميع تجعل من الصعب عليه الاعتراف بنقطة ضعف به وخاصا لزوجته والتى تراه كالفارس مغوار لا تشوبه شائبة ومهمته الان فى الحياة هو انور المنبوذ منها والذائب عشقا بها محو هذه الصورة وبكل قسوة.. بأى طريقة ممكنة


*********************


جلست تفرك فى جلستها تتطلع الى السقف بحدة كلما تصاعدت منه اصوات مكتومة لاقدام تهرول مسرعة للحظات كادت تموت فيها مختنقة بغيرتها وغيظها اكثر من مرة تجاهلها حسن خلالها بتابع المباراة  حتى صمتت الاصوات فجأة لتتسع عينيها بأدراك تنهض من مقعدها صارخة بغيظ

: لااا كده كتير ..البت خلاص لحست دماغ اخوك وبقى زى العيل الصغير معها


حسن وعينيه مازالت على التلفاز قائلا بصوت غير مبالى وهو يزيد من لهيب غيرتها

: عروسته وفرحان بيها ..خلينا فى حالنا احنا 


جلست بجواره تدفع فى كتفه بيدها قائلة بحنق

: فى حالنا اكتر من كده ؟ مانت قاعد اهو عينيك هتطلع على التلفزيون عاوز ايه تانى 


لم يجيبها وقد علم انه ان اطال معها فى الحديث لن يمر الامر وهو يريد متابعة المباراة الان لا يشغل عقله سوى فريقه فقط لذا تجاهلها وهى يراها تجلس مكانها تتطلع الى السقف بعيون واذان منتبهة  يمر بهم الوقت على هذا الحال حتى عاودت الجلوس متحفزة مرة اخرى عند عودة حركة الاقدام مرة اخرى فوقهم لتعتدل سائلة حسن بفضول 

:ياترى بيعملوا ايه دلوقت ..معقولة بيجرى وراها تانى 


ضحك حسن هاتفا بمرح قائلا 

:لو صالح اخويا اللى اعرفه ..يبقى لا مش ده اللى بيعمله


التفتت اليه سمر تسأله بلهفة 

:اومال هيكون بيعمل ايه يا بو العريف 


التفت اليها حسن هو الاخر يهز حاجبيه بخبث مرح قائلا ببطء كانه يتعمد استفزازها 

:بيرقصوا .....صدقينى انا عارف بقولك ايه


اتسعت عينيها بصدمة تتطلع اليه لعلها ترى مزاحه فيما قال لكنها وجدته عاود الاهتمام بمباراته مرة اخرى كأنه لم يقل شيئ ذو اهمية  قبل ان تنهض سريعا من مقعدها تجرى بأتجاه غرفة النوم والتى لها نافذة داخلية مثلها مثل باقى شقق المنزل ترهف السمع خارجها لبرهة حتى تجمدت مكانها تشتعل نيران الحقد والغيرة بها مرة اخرى ان لم يكن اكثر حين صدق حدس حسن وقد وصل لها صوت الاغانى الاتية من فوقها .....  


حين كان صالح فى هذا الوقت  يقف  خلف فرح يضع يديه حول خصرها  يتمايل معها ببطء بينما صدحت كلمات الاغنية والتى اختارها لها بعناية بعد محاولاته المستميتة لاقناعها اخيرا لتنفيذ طلبه فأخذت تتمايل بجسدها بنعومة تميل عليه بحركات راقصة خجلة وهو يهمس لها مرددا كلمات الاغنية بشغف لاهب فى اذنيها حتى وصلت الى هذا المقطع يرفعها بين ذراعيه يتمايل بها راقصا فيتعالى صخب ضحكاتها السعيدة وهو يردد وعينيه تلتمع شغفاً بها قائلا

:احلى من الحلوين مفيش منك اتنين 

خلى قلبك يلين وهنبقى عال العال

من الدنيا انا هاخدك ..اه من جمال خدك 

هو انت مين قدك يا ماركة فى الجمال....


وقبل انتهاء الاغنية وكانوا قد انتهوا هما ايضا فوق الفراش مرة اخرى تتعالى انفاسهم بصخب بعد اشتعل جو الغرفة بينهم يمر بهم الوقت داخل جنتهم الخاصة قبل ان يعودا منها مرهقين مخطوفى الانفاس و فرح تضع رأسها فوق صدره لهاث الانفاس  ولبرهبة قبل ان  ترفع عينيها اليه وهى تمرر كفها فوق شفتيه برقة قائلة

:  صالح ...عارف انا نفسى فى ايه؟


عقد حاجبيه يسألها بنظراته عن طلبها يقسم بداخله ان يلبيه لها فى الحال لكنه تجمد تسرى البرودة فى اوردته تتجمد الدماء بها  وهى تكمل بحب ووجه يشع بالامل والسعادة 

:  ان ربنا يرزقنى بابن يكون زيك كده .. حلم حياتى فى صالح صغير شبهك فى كل حاجة ..لو بنت برضه عوزاها شبهك انت ..انت وبس   


حين اخبرته بأمنيتها تلك كانت تتوقع اى رد فعل الا ماحدث منه وقد شعرت بجسده يتجمد اسفل لمساتها وعينيه تقسو بنظراتها فوقها وهو يقبض فوق ذراعها يبعدها عنه بحدة ثم ينهض عن الفراش يرتدى ملابسه بعجلة تحت انظارها المصدومة من ردة فعله تلك لكن لم تكن هذا كل مالديه من ردود الافعال وهو يلتفت اليها قائلا بصوت حاد بارد برودة الجليد وكلمات كانت كحاد السكين فى قلبها 

:انسى موضوع الخلفة ده خالص ..ومش عاوز اى كلام منك فيه مرة تانية ...واضح كلامى 


ثم تركها مغادرا الغرفة فورا يغلق بابها خلف بعنف ارتج له اركان الشقة بينما هى جلست هى مكانها لا تفعل شيئ سوى التحديق الباب المغلق خلفه بعيون لاترى شيئ وجسد بارد شاحب شحوب الموتى  


**********************


ظلمها_عشقاً 

الفصل_الخامس_عشر


مرت عليها لحظات بعد كلماته الحادة المقتضبة تلك مذهولة عينيها تنسكب منها العبرات وقد عاودتها هواجسها مرة اخرى تهاجم بضراوة وشراسة هامسة لها كفحيح افعى تنشر سمها ببطء داخل عقلها    جلست هى مستسلمة لها لتتلاعب بها للحظات قبل ان تصرخ بعنف رافضة لها هذه المرة  وهى تنهض من مكانها تبحث عن ردائها للذهاب خلفه والبحث لديه عن اجوبة فلن ترضى هذه المره بالصمت والاحتراق ببطء بسبب ما قاله لذا خرجت سريعا خلفه تبحث عنه فى ارجاء المكان حتى دلها اخيرا الهواء البارد الاتى من خارج الشرفة المفتوحة عن مكانه وقد وقف بها يستند الى سورها بكفيه وهو يرفع رأسه عاليا نحو السماء عارى الصدر وقد القى بقميصه البيتى خلفه على ارضية الغرفة لتتقدم هى بخطوات بطيئة هادئة نحوه تقف خلفه على باب الشرفة تتطلع اليه بصمت  وهو واقفا بتلك الطريقة كأنه فى عالم اخر لا يتفاعل مع شيئ ولا تهزه برودة الطقس المحيطة به يقف بجسد ثابت غير متأثر كما تهيئ لها


لكنها كانت مخطئة فقد شعر بها على الفور وجسده يتفاعل بشدة مع عطر جسدها والذى حملته اليه نسائم الليل  الملطفة من حرارة جسده المشتعلة  بعد شعوره بالحاجة لتلك البرودة لتخرجه من حالة التشتت والاهتزاز والتى اصابته كلماتها بها منذ قليل لكنها لم تمهله الفرصة للتمالك اوالثبات تلحق به الى هنا فتقف خلفه الان لتواصل بعثرته كالشظايا بسؤالها الخافت له وصوتها مرتجف وهى تسأله برفق كأنها تخشى اجابته وما ستأتى لها من آلام بسببها

:ليه يا صالح ؟!  ..على الاقل من حقى اعرف ليه


زفر بقوة وهو مازال يتطلع للسماء كأنه يبحث عما يجيبها به من خلالها قبل ان يتحرك ببطء الى الداخل يقف فى منتصف الغرفة يعطى لها ظهره  فترى فى ضوء الغرفة الضعيف عضلاته المشدودة من شدة التوتر يسود الصمت لبرهة طويلة انتظرت فيها اجابته باعصاب على الحافة تهم بالصراخ عليه  ليجيبها حتى التفتت اليها اخيرا ببطء شديد  وحاجبيه معقودين بشدة وشفتيه متصلبة فتتسارع  انفاسها وضربات قلبها تصم الاذان فى انتظار اجابته لكنه فاجأها حين سألها هو الاخر ردا على سؤالها بسؤال اخر قائلا  بهدوء شديد 

: مهم عندك اوى موضوع الخلفة ده يافرح؟


احتضنت جسدها بذراعيها بقوة وقد فاجأها  بسؤاله تشعر به كفخ نصبه لها لكنها اجابته بصدق وبصوت مرتجف

: كل بنت حلم حياتها يكون ليها اولاد وبنات من الراجل اللى اختارته يشاركها حياتها ..وابقى كدابة لو قلت انى عكسهم او مش عاوزة ده 


وقف مكانه يتطلع اليها بنظرات متألمة شعرت معها كانها بأجابتها تلك عليه قد قامت بأهانته او اوجعته لكن سرعان  مااختفت تلك النظرة سريعا من عينيه يحل مكانها نظرة شديدة البرود وعلى وجهه يمر تعبير خاطف لم تستطيع التعرف عليه وقد مر كالطيف فوقه قبل ان تكسو ملامحه هى الاخرى البرودة وهو يلتفت مرة اخرى الى الناحية الاخرى قائلا بقسوة

:طيب ولو الراجل اللى اختارتيه زى ما بتقولى  رافض الفكرة دى من الاساس ومش عاوز حتى الكلام فيها ..ردك هيكون ايه


وقفت تتطلع اليه ذهولا تقتلها كلماته وتحرقها ببطء وهى تراه يكررها عليها مرة اخرى ولكن هذه المرة لم تجد له ما يبررها سوى انه بالفعل لا يريد ما يربطه بها ولا مجال هذه المرة بتكذيب هواجسها وهى ترى منه كل هذا التعنت والقسوة تقف تتطلع الى ظهره وهى تلهث لطلب الهواء وقد خنقتها عبراتها  تهتف به غير عابئة بشيئ بعد الان فهى تحارب  كل يوم فى معركة خاسرة منذ زواجها منه تريد ان تألمه كما المها بوقوفه الغير مبالى وهو يلقى عليها بسهام كلماته لترشقها دون رحمة او شفقة بها قائلة بصوت قاسى وبارد تقصد بكل حرف تنطقه ان توجعه وتألمه كما يفعل معها  


: تبقى انانى يا صالح ...لو فعلا عاوز منى ارفض وانسى  غريزة ربنا خلقها فى قلب كل ست وانى  ابقى ام فى يوم واضحى بيها علشانك انت لمجرد بس انك عاوز كده ..تبقى انانى وقاسى يا صالح.. سامعنى  


صرخت بكلمتها الاخيرة تنهى بها حديثها ثم اسرعت تتحرك مغادرة تمر من جواره وهى تدفعه بكتفها بغضب وعنف تاركة المكان له وقد انتهت منه ولا مجال لحديث اخر بينهم  يسود الصمت المكان بعد مغادرتها لدقائق  ظل هو خلالها  واقفا مكانه كتمثال  من حجر لا توجد على ملامحه او عينيه اى مشاعر او تعبيرات وقد ارتفعت مرارة كالعلقم فى داخل حلقه وشعور بالهزيمة والانكسار يسيطر عليه فبعد ان كان فى انتظار اجابتها كالظمأن فى صحراء قاحلة وهو يقسم بداخله لو جاءت اجابتها كما هو يتمنى سوف يخر فورا على ركبتيه اسفل قدميها معترفا لها بكل شيئ طالباً منها الغفران على كل ما فعل واخفائه عنها الحقيقة مبررا لها فعلته انه عاشق لها منذ سنوات طوال ويخشى خسارتها بعد ان اصبحت بين يديه  لذا لجأ لخداعه هذا حتى يحظى بها  فى حياته وبين احضانه المشتاقة لها ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه .. فقد جاءت اجابتها كما توقعها  تماما يكررها عليه الزمن لمرتين كأنه لم يكتفى من اوجاع المرة السابقة

ارتفعت على اطراف شفتيه بأبتسامه مريرة مرتجفة وهو يحاول السيطرة على تلك الدموع التى اغشت عينيه  لكن أبى عليه كبريائه كرجل ذرفها  فهو لم يكن ابدا  بالضعيف  ولن يسمح فى يوم ان يكون مهما كانت درجة عشقه لها 


لذا يوم وراء يوم مر عليهم وكل منهم التزم الصمت ومعاملته لاخر باحترام بارد لا يخلو من الفتور فبعد  حديثهم المشئوم هذا  عاد الى عمله مباشراً والتزام النوم بعيدا عنها فى غرفة اخرى و اصبح  فى حديثه معها مهذب الى اقصى درجة  كأنها شخص غريب عنه تماما  لتشعر هى مع معاملته تلك كانها هى من قد قامت بأهانته وايلامه وليس هو تزداد المرارة بداخلها لحظة بعد اخرى وبعد ان اصبحت لا تراه تقريبا فى يومها  فهو ينهض قبل استيقاظها ويحضر بعد نومها او كما يظن هو بنومها كقاعدة التزم بها طيلة هذان اليومين وهى ايضا لم تحاول كسر هذه القاعدة تتظاهر بلا مبالاتها لما يحدث برغم شوقها وتلهفها اليه تشعر بغضبها منه تخف حدته رويدا حتى كاد يصبح كالهباء الا من جزوة ضعيفة مازال يتمسك بها كبريائها تمر بها اللحظات شاردة يرتسم داخل عيونها الحزن كما الان وهى تجلس بجوار شقيقتها والتى اخذت تحدثها بحماس لكنها كانت غافلة عنها تماما فعقلها وافكارها كانت هناك لدى سارق قلبها وخفقاته تتسائل عما يفعله الان وما يفكر به حتى صرخت بها سماح بأستهجان مصطنع وبصوت جعلها تهب فى جلستها فزعا حين قالت

:بت يافرح انتى معايا ولا انا بكلم نفسى ..وربنا اقوم وامشى واسيبك..بلا نيلة عليكى


التفتت اليها وعلى وجهها امارات الحيرة والارتباك والتى تدل على انها لم تكن منتبهة بالفعل لما كانت تقوله لها شقيقتها لتهتف بها سماح مازحة وقد اختفى غضبها فورا تصفو ملامحها 

:لااا دانتى مش معايا خالص..كل ده علشان سى صالح سابك ونزل الشغل 


ثم اخذت ترفرف برموشها بطريقة حالمة ساخرة مع جملتها الاخيرة فجعلت ابتسامة ضعيفة ترتسم على شفتيها لتكمل سماح متنهدة 

:ياااه على حب اللى مولع فى الدرة ...يلا معلش شدة وتزول ياختى  


لم تبادلها فرح مزاحها كعادتها بل ظلت كما هى هادئة  ساهمة النظرات لتعتدل سماح فى جلستها تتطلع لها بقلق قائلة 

:بت مالك ؟من ساعة ما كلمتك وقلتيلى تعالى وانت قاعدة مسهمة كده فى ايه ؟


التفتت اليها فرح  ببطء تتطلع اليها  تتوق نفسها حتى تقوم بأخبارها بما حدث بينهم لعل لديها ما تستطيع به تهدئتها به كعادتها معها ولكنها لم تجد بداخلها الشجاعة لاخبارها او حتى التحدث بهدوء فهى لا تثق  فى نفسها انها تستطيع الكلام دون الانفجار بالبكاء شفقة على نفسها  كما انها لا تريد كلمات او نظرات مشفقة من احد حتى ولو من شقيقتها لذا اسرعت برسم ابتسامة ضعيفة قائلة بصوت متحشرج باهت

: مفيش حاجة انا كويسة ..بس الظاهر داخلة على دور برد مخلى دماغها مش مظبوط ..كملى انتى بس كنت بتقولى ايه ؟


تطلعت اليها سماح بقلق يظهر عدم تصديقها لها فى نظراتها لكنها مررت الامر لاتريد الضغط عليها للحديث تكمل بصوت عادى 

:مفيش من ساعتها زى ما قتلك و انا عينى وسط راسى خايفة البت دى تعمل فيا مقلب تانى ..خصوصا ان شوفت وشها عمل ازى لما دخلت لقيتنى لسه موجودة فى المكتب 


عقدت فرح حاجبيها بحيرة تسألها

:بت مين ؟ انت تقصدى مين مش فاهمة ؟تقصدى ياسمين؟!


هتفت سماح بها بغيظ

:اومال انا بقولك ايه من الصبح ..البت ياسمين كانت هتودينى فى داهية لما سرقت ..


قاطعتها فرح بصدمة وذهول صارخة 

:نهار اسود هى ياسمين سرقت ؟سرقت ايه؟ لااا انتى تحكيلى من الاول خالص


زفرت سماح بحنق تقص عليها مرة اخرى كل ماحدث منذ بداية دخول ياسمين المكتب عليهم فجأة اثناء مزاحهم الى ماحدث فى اليوم التانى واختفاء التوكيل من داخل ملف القضية..


لتقاطعها فرح تنهض واقفة هاتفة تفرغ كل ما بداخلها من غضب ووجهها محتقن بشدة

: الحيوانة ..هى اتجننت ولا ايه فاكرة نفسها مين ..والله لكون مطينة عشيتها ال....


نهضت سماح تضع كفها فوق فمها توقف سيل الشتائم المنهمر منه وهى تهتف برعب

:يخربيتك اهدى ..انتى اتجننتى ولا ايه ..اعقلى كده انا بقولك شاكة فيها بس 


ابعدت فرح فمها من خلف كفها وعينيها تطلق الشرار صارخة 

:يعنى ايه هنسكت ومش هنتكلم وهنسيبها تعدى بعملتها


هزت سماح رأسها لها مؤكدة قائلة بحزم 

:اه هنسكت يافرح ..ولا عاوزة اهل جوزك يقولوا اننا  بنخرب على بنتهم واحنا حتى مفيش بادينا دليل ..اهدى كده وخلينا نتعامل بالعقل 


اخذت فرح تتطلع لها باستنكار ورفض لكنها وجدت من سماح نظرات ثابتة حازمة عليها جعلتها تحول التنفس بعمق وتهدئة غضبها المستعير بداخلها تجلس مرة اخرى لكن سماح لم تتبعها بل سحبت حقيبتها قائلة بهدوء

:انا همشى دلوقت وهجيلك تانى بعدين ..وانتى حاولى تهدى كده وبلاش الجنونة بتاعتك دى وفكرى كويس فى اللى قلت ليكى ...


اشارت لها بسباتها محذرة اياها بحزم تكمل 

و اوعى اوعى يافرح جوزك ياخد خبر بكلامنا ده..متخلنيش ندم انى حكيت ليكى حاجة 


همهمت فرح بحزن قائلة دون وعى 

:جوزى !مش لما نتكلم من الاساس ابقى احكيله 


اتسعت عينى سماح ذاهلة تهتف بحنق 

:تانى يافرح تانى !..دانتى لسه مكملة اسبوع جواز وخاصمتى فيهم الراجل اكتر ما كلمتيه 


انفجرت فرح فى البكاء بصوت تقطع له قلب سماح وعلمت ان الامر لم يكن هيناً اوبسيط مثل ما تخيلت لتجلس مرة اخرى تحتضنها بحنان بين ذراعيها تربت فوق خصلات شعرها بحنو تتركها تفرغ ما بداخلها بالبكاء حتى هدئت شهقاتها اخيرا لتسألها سماح بحنان و مراعاة  

:حصل ايه تانى بينك وبينه ..؟! احكيلى يلا


نكست فرح رأسها قائلة بحزن وطفولية 

:هحكيلك  علشان بعد ما اخلص تغلطينى زى كل مرة 


ابتسمت سماح وهى ترفع وجهها اليها قائلة بشاشة ورفق تحاول تطمئنتها

:لا متخفيش مش هعمل كده..وبعدين يعنى هو هيبقى عندى اغلى منك يا عبيطة 


كأنها كانت تنتظر كلماتها المطمئنة تلك تسرع بالقاء رأسها فوق كتف سماح تزيح عنها ثقل يجثم فوق صدرها تتسابق عبراتها فوق وجنتيها وهى تقوم بقص عليها ماحدث بنبرات حزينة منكسرة لم تقاطعها خلالها سماح ولو لمرة حتى انتهت اخيرا ليسود صمت حاد بعدها جعل فرح ترفع رأسها ببطء تسألها بعينيها فى انتظار رأيها ولكن حين اخفضت سماح رأسها هرباً من نظراتها اسرعت تهتف بها بصوت خائب الامل تعاتبها 

: شوفتى كنت عارفة  ...اتفضلى قولى اللى عاوزة تقوليه  وغلطينى يلا ...وانا هسمع ومش هتكلم


تنحنحت سماح تتطلع اليها وهى تضغط على شفتيها شاعرة بالذنب لاخذها جانب صالح فى كل خلاف بينهم تحاول التحدث بشيئ من العقلانية برغم انها  تعلم ان معها كل الحق فى غضبها وردة فعلها هذه المرة قائلة بهدوء 

:لا ياقلب اختك ..المرة دى انتى عندك حق ..اى واحدة مكانك هتعمل كده واكتر ..بس كل حاجة بالعقل يافرح تتحل 


ارتعشت شفتى فرح تسألها بصوت باكى 

:اى عقل يا سماح؟!  ده بيقولى مش عاوز خلفة عارفة يعنى ايه ده ومعنى كلامه ايه ؟!


اسرعت سماح  تهز رأسها بالنفى وقد علمت ما تريد ان تصل اليه بسؤالها هذا تهتف بها بحزم 

:لا مش عارفة ومش عاوزة اعرف ...وبطلى بقى كل حاجة تحشرى جوازته الاولنية فيها..انسيها يا فرح واديله فرصة ينساها هو كمان 


عقد فرح حاحبيها معا بشدة تسألها بحيرة 

:يعنى ايه مش فاهمة ؟


اجابتها سماح وهى تقترب من وجهها قائلة بجدية 

:يعنى كل اللى بتحكيه ده بيقول ان صالح مش زى مانت فاكرة ..


تكمل قبل ان تقاطعها فرح هتفت بها بحزم وقد ادركت ما تنوى قوله 

:وانسى موضوع الخلفة ده خالص.. هو كان جاب سيرته الا لما فتحتيه انتى فيه؟


هزت لها فرح لها رأسها بالنفى لتغمز لها بخبث سماح قائلة 

:طيب ياعبيطة يعنى لو هو مش عاوز فعلا خلفة زى ما بيقول .. كان قال من قبل كده وخلاكى تاخدى احتياطك ...وانتى طبعا فاهمة انا اقصد ايه


توردت وجنتى فرح خجلا لتبتسم سماح بحنان تربت فوقها قائلة 

:اعقلى كده وبلاش القطر اللى ماشية بتدوسى بيه ده .. واتكلمى معاه بالعقل .. وبعدين مين عارف مش يمكن كل خناقكم ده ينزل على مفيش وابقى خالة عن قريب


وضعت كفها اثناء تحدثها فوق بطن فرح مبتسمة لتبادلها فرح الابتسام وعينيهم تلتمع بالفرحة قبل ان تحتضنها سماح بقوة  تنهض بعدها قائلة 

:اروح انا بقى علشان اتأخرت على المكتب وهبقى اجيلك تانى ..بس المرة الجاية عاوزة اسمع اخبار  حلوة كده ..وانك عقلتى ..اتفقنا


اومأت لها فرح لترفع سماح عينيها الى اعلى  بنظرة متسألة تضع سبابتها فوق ذقنها هامسة 

:والله انا بدئت اشك انى انا اللى فقر عليكم ..ومش باجى هنا الا لما بتبقوا متخانقين ..زى اللى قلبى كان حاسس ..


نظرت لفرح المبتسمة تكمل وهى تتنهد بطريقة مسرحية

:يلا قلب الام بقى ..وانا طول عمرى قلبى بيحس بيكى ياقلب امك


ثم اخذت تتراقص بحاجبيها لها ممازحة  لتنفجر فرح بالضحك لتكمل سماح وهى تتجه للباب كأنها ادت ما عليها قائلا بحزم مرح 

: كده تمام اووى ..اروح انا بقى ..واشوفك الخناقة الجاية.. بس ياريت ميكنش قريب 


وقفت بعد ذهاب شقيقتها تفكر بعمق وعقلانية فى حديثهم السابق وهى تجلس فوق الاريكة تجرى حديث جدى مع النفس استمر لوقت طويل وهى تحاول اخماد كبريائها حتى تستطيع البدء من جديد معه لينتهى الامر اخيرا مثل كل مرة بانتصار قلبها وقد رقت له كالبلهاء مرة اخرى 


ظلت جالسة شاردة تماما فى افكارها حتى دلف الى داخل الشقة بهدوء يلقى بمفاتيحه فى مكانها المعتاد وهو يلقى عليها بتحية مقتضبة سريعة ثم يكمل طريقة ناحية غرفة النوم متجاهلا لها بعد ذلك لتجز فوق اسنانها تهمس بغيظ وحنق تحدث نفسها قائلة 

:شوفتى بيعاملنى ازى ...طب وربنا مانا ....


لكنها اسرعت بقطع كلماتها تضغط فوق شفتيها تغمض عينيها بقوة  تهتف وهى تتنفس بعمق 

:اهدى يافرح ...اهدى وهدى القطر ..انتى بتحبيه يبقى استحمليه وخليكى انتى العاقلة فى الجوازة دى .. 


ثم فتحت عينيها وقد امتلئت نظراتها بالتصميم والعزم تهتف 

: ماهو  انت هتحبى يعنى هتحبنى ياابن انصاف اما اشوف انا ولا انت بقى ..


نهضت من مكانها تسير بخطوات سريعة لغرفة النوم  ثم تقف على بابها ترمقه بنظراتها تراقبه للحظات قبل ان تهمس له برقة قائلة 

:تحب اجهزلك العشا ياصالح ؟


توقفت انامله فوق ازرار قميصه يلتفت اليها بجانب وجهه قائلا ببرود مقتضب

:لا مش عاوز ..اكلت خلاص فى المغلق 


زفرت بحنق وهى تضغط على شفتيها غيظاً من رده البارد غير المبالى لكنها اجبرت نفسها على عدم الاستسلام تتحرك نحوه بخطوات رشيقة خفيفة حتى وقفت خلفه تماما تباغته بحركة جريئة منها قد ارادت بها كسر الجليد بينهم وهى تحتضنه من الخلف تضع كفيها فوق صدره العارى بعد ان قام بفتح ازرار قميصه لخلعه تبتسم بانتصار خفى حين شعرت بتشدد عضلاته وارتجافة بشرته تحت لمسات اناملها الرقيقة وهى تمررها فوقها ببطء زافراً بحدة تتصاعد انفاسه عاليا حين وضعت رأسها على ظهره تهمس تعاتبه بنعومة

:كده يا صالح وانا اللى مستنية من الصبح علشان ناكل سوا 

لم يجيبها لكن اجابتها عنه ضربات قلبه المتعالية وهى تقصف تحت ادنيها استجابة لها فيتراقص قلبها طربا وتشجعها للقيام بخطواتها التالية لتدور من حوله حتى وقفت امامه تجده يتطلع اليها وقد برقت عيونه مشتعلة بالشوق لكن جسده كان متجمد يطبق بشفتيه بشدة كأنه يحاول المقاومة لكن اتت ارتجافة ضعيفة منه رغما عنه حين شبت فوق اصابع قدميها حتى تطاله تهمس امامه شفتيه 

:  اهون عليك تسيبنى  اكل لوحدى ياصالح 


استمر على صمته لكن اتت هزة ضعيفة منه بالايجاب جعلتها تضم شفتيها بلوم عيونها تنظر اليه معاتبة قبل تحتضن شفتيه بشفتيها بقبلة صغيرة كانت لتأثيرها كالسحر عليه تذيبه ببطء حرارة انفاسها فوقه فأخذ يحاول مقاومة دفء بشرتها المتسرب اليه والمتحد مع عطرها المثير لحواسه حتى يقوموا بأضعافه اكثر امامها  ليحاول فك تعويذة سحرها من حوله بعد ابتعاد شفتيها البطيئ عنه محاولا التحدث ولكن اتت كلماته مبعثرة غير مترابطة قائلا بأرتجاف 

: انت ... وانا ...كنا ..


دفنت فرح وجهها فى دفء عنقه هامسة برجاء تقاطعه تحتضنه بقوة

:ايوه يا صالح انا وانت ..ومش مهم اى حاجة تانية غيرنا ..


كسر السحر من حوله يعقد حاحبيه بحيرة نتيجة لحديثها الحماسى عنهم قبل ان تلتمع عينيه بالمعرفة يبتسم ببطء يضمها اليه وهو يسألها بخفوت 

: فرح ..هى سماح اختك جت هنا  النهاردة؟


تجمد جسدها من سؤاله غير المتوقع ترفع رأسها اليه بعيون مذهولة لتتسع ابتسامته قائلا بخبث

:اصل بدئت ألاحظ تأثيرها عليكى فى كل زيارة ليها بعد كل خناقة لينا 


اشتعل وجهها بأحمرار الخجل تتراجع للخلف مبتعدة عنه تشعر بنفسها كأنها كتاب مفتوح له قائلة بتلعثم وبصوت حرج   

: اه كانت هنا ..بس انا.. انا..انا هروح اجهز العشا ..


شهقت بصدمة حين جذبها بعنف ليرجعها لاحضانه يلف خصرها مقربا اياها منه ثم ينحنى بوجهه عليها عينيه المتلهفة تأسر عينيها هامسا بحيرة وتردد 

:انا مقصدش اضايقك ...انا كل اللى عاوز اعرفه ايه اللى فى دماغك ..اللى شايفه منك ده معناه ايه ؟


شعرت فرح بحاجتها هى الاخرى للأيضاح ووضع النقاط فوق الحروف مثله تماما  لكنها خافت ان تعيدهم مناقشتهم مرة اخرى الى نقطة الصفر وتتفتح معها جروح استطاعت بصعوبة غلقها

لترفع اناملها تتلمس وجنته هامسة بضعف وانفاسها تمتزج بانفاسه 

: بلاش يا صالح علشان خاطرى بلاش...خلى الايام بينا تجاوبك على سؤالك ..انا مش قادرة نفضل كده  بعاد عن بعضنا انت فى دنيا وانا فى دنيا تانية... 


ثم لم تهمل الفرصة للتفكير تميل عليه تدك حصونه بقبلات متفرقة منها فوق وجهه لم يجد هو معها سوى رفع راية التسليم لها وقد ارتفعت مع كل قبلة منها حدة انفاسه حتى صارت كالهاث قبل ان ينقض على شفتيها ينهل من رحيقهم ينسى العالم وكل ما يحيط بهم يسلم لقلبه الدفة للقيادة فقد ادرك انه لا قدر له على تحمل فراقها عنه للحظة اخرى وليحدث ما يحدث بعد ذلك فيكفيه هذه اللحظات معها راضيا بها هى فقط... ليدع الايام بينهم تأتى بما تريد وفلا مجال له للتفكير فى شيئ اخر سواها الان

*********************


اسفة على التأخير بس صدقونى انا كتبت البارت ده بصعوبة جدا علشان بس مش عاوزة اخلف وعدى ليكم 

بس انا عقلى واقف عن التفكير ومش عارفة اكتب فمعلش استحملونى الفترة الجاية وادعوا معايا ربنا يعديها على خير الفترة الجاية 

اشوفكم على خير ويارب يحفظكم ويحفظ كل حبايبكم من كل شر 😍😍


************************

تكملة الرواية من هنااااااااااا


تعليقات

التنقل السريع