القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ظلمها عشقا الفصل 16-17-18-19-20بقلم ايمى نور (جميع الفصول كامله)

 رواية ظلمها عشقا الفصل 16-17-18-19-20بقلم ايمى نور (جميع الفصول كامله)




رواية ظلمها عشقا الفصل 16-17-18-19-20بقلم ايمى نور (جميع الفصول كامله)


ظلمها_عشقاً 

الفصل_السادس_عشر


 

وقفت تتطلع الى الطفلة الصغيرة الممسكة بيد شقيقها الاصغر بأبتسامة سرعان ما اتسعت حين تحدثت اليها بصوتها الطفولى المحبب الى القلب

: ابلة فرح ممكن نقعد معاكى انا ومازن... اصل ماما قالبة الشقة وبتنضفها وقالت لينا نطلع عندك


بهتت ابتسامة فرح بعد جملتها الاخيرة وقد لاحظت اصرار سمر على هذا التوقيت من كل يوم ليظلوا معها حتى موعد نومهم ولكنها لم تعترض او تتأفف من حضورهم فقد ملأوا يومها بالبهجة والسعادة فى اوقات غياب صالح فى عمله وحتى بعد حضوره يمضى معهم الوقت فى المرح والمزاح تراقب بشغف طريقة تعامله الرقيقة والحانية معهم ترى بعينيها مدى عشقه لاطفال اخيه وعشق الاطفال له  لتعاود وتهاجمها مرة اخرى تساؤلاتها عن اسباب رفضه لانجاب لكنها سرعان ماتلقيها  خلفها حتى لا تلقى بظلالها السوداء على حياتهم تستمر فى تجاهل كل ماقد يعكر صفو حياتهم معا


افاقت من شرودها على سؤال تالين لها يظلله الرجاء بعد ان لاحظت التغير فى ملامح فرح واختفاء ابتسامتها 

: ممكن يا ابلة فرح.. انا بحب اقعد معاكى انا ومازن وبنحب الحكايات اللى بتحكيها لينا


شعت الابتسامة فوق وجه فرح تهتف بمرح وهى تشير ناحية الداخل

: تعالوا يلا ادخلوا... دانا مجهزة الفشار ومستنية من بدرى علشان نتفرج على الكارتون سوا 


هللت تالين تصفق بكفيها يصاحبها مازن مقلدا لها دون ان يدرك ما يقال بسنوات عمره الثلاث يتبع خطى شقيقته الى داخل ليمضوا وقتهم فى مشاهدة افلام الكارتون وقد استلقى كل منهما فوق الاريكة بأسترخاء تتوسطهم فرح وقد وضعوا رأسهما فوق فخذها تتلاعب بخصلات شعرهم لكن ما ان سمع صوت فتح الباب حتى دب فى جسدهم الحماس ينهضون سريعا ثم يهرولون بأتجاه الباب وهم يهتفون بفرحة وسعادة

: عمو جه.... عمو صالح جه يا ابلة فرح


نهضت فرح هى الاخرى تتبعهم لتراه وهو يقوم بحمل كل طفل فوق ذراعه يبتسم لهما بحنان مقبلا اياهم على وجنتهم هامسا لهم بعدة كلمات تعال بعدها هتافهم الحماسى يسارعون للنزول عن ذراعه وعينيهم تشع الفرحة والحماس وهو يقوم باعطاء احد الاكياس لهم اخذوا ينظرون بداخله بعدها بتلهف  غافلين عن تحرك صالح مقتربا منها بخطوات بطيئة وعينيه تتوهج نظراتها بشوق وحرارة جعلت وجنتيها  تتلون بالخجل زاد توهجا حين وصل اليها ينحنى فوق وجنتها يلثمها برقة يسألها بنعومة

: ايه يا ابلة فرح هو عمو صالح مش وحشك.. ولا انتى مش عاوزة تتشالى زيهم؟! 


ضربته بخفة تشير بعينيها ناحية الاطفال الغافلين عنهم هامسة بأحراج

:صالح العيال هيسمعوك


لثم وجنتها مرة اخرى بقبلات خفيفة اخذت طريقها الى شفتيها يهمس فوقهم 

:طب ما يسمعوا..هو انا بقول حاجة غلط ولا بعمل حاجة غلط..دانا حتى مؤدب 


ثم سرعان ما ابتعد عنها ودون ان يملها الفرصة سوى لشهقة تفاجئ عالية ينحنى عليها يحملها بين ذراعيه متجاهلا هتافها له حتى ينزلها يدور بها حتى اصبح ظهره للاطفال فتستكين بين ذراعيه حين رأت تلك النظرة فى عينيه تراقبه وهو ينحنى عليها ببطء وعينيه تلتمع بحنان شغوف كانت هى اكثر مستعدة له لكنه توقف فى منتصف الطريق ينحنى بنظره الى اسفل يتطلع الى وجه ابن اخيه وقد تعلق بقدمه يحدثه بكلمات متعلثمة 

:وانا كمان عمو ثالح...ارفع فوق..زى فرح


كتمت فرح ضحكتها تدس وجهها بعنقه حين سمعته يهتف به بغلظة مضحكة

:لا يا مازن مش دورك..روح العب مع تالين وكل شكولاتة..وبعدين نشوف الموضوع ده 


لكن أتى صوت تالين تسأله بجدية هى الاخرى وقد وقفت بجواره من الجانب الاخر 

:طيب ايه اللى فى الكيس التانى ده ياعمو؟


اجابها صالح بجدية هو الاخر 

:ده كيس الحلويات بتاع ابلة فرح..انتوا ليكم واحد وهى ليها واحد


تالين وقد عقدت حاجبيها بتفكير عابس قائلة

:بس كده ظلم ياعمو..المفروض كل واحد فينا ليه واحد لوحده


فجأة انفرجت أساريرها تهتف بحماس

:خلاص...يبقى احنا ناخد  الكيس ده..وانت تشيل ابلة زى مانت عاوز 


تعالت ضحكة فرح يهتز جسدها بقوة بين ذراعيه وهى تراه يقف مبهوت وعينيه مصدومة من كلمات الصغيرة والتى وقفت امامه تبادله النظرات بثبات غير عابئة بذهوله تمضغ فى فمها قطعة حلوى فى انتظار اجابته لتجيبها فرح بدلا عنه قائلة بجهد وصوت يتخلله الضحك

:وانا موافقة يا تالين وعمو كمان موافق..مش كده ياعمو صالح


وضعت كفها فوق وجنته ترفرف برموشها له وهو تسأله بصوت مشاغب طفولى جعله يلتفت اليها هذه المرة وقد اختفى عنه ذهوله ويمرر عينيه فوق ملامحها ببطء شغوف جعلها تشتعل خجلا تتململ بين ذراعيه لكنه احكم الامساك بها يضمها الى جسده اكثر وهو يجيب ببطء وعيونه هائمة بها

:طبعا ياعيون عمو صالح..اى حاجة تقوليها انا موافق عليها 


ضغطت فوق شفتيها تهز رأسها وعينيها تتسع تحاول ان تنهيه ما ينوى حين راته ينحنى عليها ببطء  ترى نيته فى عينيه وقد زاد اشتعالها لكن فى منتصف الطريق توقف بغتة يغمض عينيه وهو يضغط فوق اسنانه بغيظ حين تعال صوت مازن الباكى وهو يصرخ 

:عمو...تالين اخدت الشيكولاتة بتاعتى


صدحت  ضحكة فرح عالية لكن سرعان ما ضغطت شفتيها معا بقوة تقطعها فورا حين فتح عينيه ينظر اليها يسألها بغيظ وحنق

:عجبك اووى اللى بيحصل ده مش كده؟!


هزت رأسها لها بالايجاب وعينيها بالتسلية تنفرج شفتيها عن ابتسامة واسعة مرحة جعلته يزمجر فى وجهها بشدة قبل ان يضعها ارضا يلتفت الى مازن يمسك بيده ثم بيد تالين المعترضة قائلا بحزم يتجه نحو الباب الخارجى

:شوفوا بقى انتوا تنزلوا عند ابوكم..وتحكوا ليه الموضوع ده وتشوفوا رأيه ايه


تسمرت قدمى تالين تجذب نفسها من يده قائلة بصوت راجى متوسل

:لا ياعمو مش عاوزين ننزل.. احنا عاوزين نبات هنا معاك


هز راسه لها بقوة قائلا برفض قاطع 

:لاااا ..لااااا مفيناش من بيات انتوا تتعشوا وتنزلوا زى الحلوين كده عند ابوكم ..وبكرة ابقوا تعالوا 


زمت تالين شفتيها تتطلع اليه بحزن ورجاء للحظة لكنها بعدها وعندما وجدت بأن ليس لديها الفرصة لتغير رأيه وقد وقف بثبات مكانه ينظر اليها بتحدى وحزم التفتت الى فرح قائلة برجاء وصوت مستعطف

:علشان خاطرنا يا ابلة قولى له يرضى..واحنا والله هنكون مؤدبين


انحنت فرح عليها تقبل وجنتها بحنان قبل ان ترتفع مستقيمة ببطء وهى تتطلع له وعلى وجهها ابتسامة بات يعرفها جيدا ابتسامة اصبحت تعلم جيدا تأثيرها عليه وتستغلها احسن استغلال وقد اتت بتأثرها المطلوب بالفعل بتسارع ضربات قلبه وحرارة جسده والتى اخذت تتعالى مع كل خطوة منها نحوه وهى مازالت تبتسم تلك الابتسامة ليرفع سبابته يهزها برفض قائلا بتلعثم محذرا

:لااا..لااا بقولك ايه خليكى عندك .. انا مش هتهز ولا هغير كلامى .بصى ..انا ..بقولك ..اهو     


شهق بقوه يغمض عينيه حين شعر براحتيها تستقران فوق صدره تمررهم فوقه ببط ونعومة  جعلت من عضلاته تشتد اسفلهم تقترب منه حتى غلفته رائحتها اللذيذة تذبيه شوقا لها اوصاله ترتجف استجابة حين همست بانفاسها الدافئة بجوار اذنه بنعومة وتدلل وقد شبت فوق اطراف اصابعها حتى تطاله

:علشان خاطرى  توافق ومتزعلش العيال ولا تزعلنى  ..ولا انت عاوز تزعلنى ياصالح


اخذ صالح يهمهم بكلمات متقطعة رافضة بارتجاف فى محاولة واهنة منه للرفض والتماسك وقد زادت من اقترابها منه تلف ذراعيها خلف عنقه تزداد من التصاقها به حتى زفر اخيرا باستسلام وهو يلف خصرها بذراعه يقربها منه

:خلاص يافرح اللى تحبيه ..وانا هكلم ابوهم اعرفه 


صرخوا جميعا بفرحة تهتف تالين بسعادة بعدها وهى تمسك بيدى شقيقها وتسرع فى اتجاه الغرفة المعدة لاطفال 

: تعال يا مازن  بسرعة اوريك الاوضة اللى هننام فيها انا وانت


اخذته واختفت عن انظارهم وحين حاولت فرح الانسحاب من بين احضانه حتى تلحق بهم  شدد  ذراعه حولها  يسألها غامزا اياها بخبث وشقاوة

:على فين يا بطل ..استنى عندك هنا رايحة فين.. دانا لسه محتاج اقناع يمااا


فرح وهى تحاول التملص من بين ذراعيه تهتف به بحرج مصطنع 

:صالح عييب.. العيال معانا 


التمعت عينيه بشقاوة ومكر يزيد من الصاقها به ينحنى نحو وجنتها يقطمها بين اسنانه قبل ان يهمس فوقها 

:عيب دلوقت بقى عيب ...طب اعملى حسابك محدش هينجدك من ايدى الليلة لاعيال ولا غير عيال


دفنت وجهها بين حنايا عنقه تلف ذراعيها حوله هامسة برقة وصوت مرتعش 

:وانا مش عاوزة حد ينجدنى


ابعدها عنه ببطء يتطلع نحوها بعيون مشتعلة وانفاس متسارعة يراها تقضم شفتيها باسنانها وهى  تخفض عينيها عنه خجلا رغم محاولتها التظاهر منذ برهبة بالعكس ليزداد الوهج بعينيه كنار حارقة ينحنى عليها ينوى احتضان شفتيها بشفتيه بدلا عن اسنانها وقد اشعلته بحركتها تلك  لكن أتى نداء تالين عليها كسرينة انذار  تالفة جعلتهم يقفزون بفزع بعيد عن بعضهم ومازالت تالين تكرر ندائها بصوتها الطفولى الرفيع ليشير لها بيده قائلا باحباط وضيق

:اتفضلى ياختى ..اتفضلى روحلها ياابلة فرح ..انا عارف هى  ليلة طويلة وملهاش اخر 


ارتفعت ضحكتها المرحة تختطف قلبه معها قبل ان تقبله فوق وجنته ثم  تبتعد عنه غامزة له بمرح تهرع نحو لاطفال لكن اوقفها ندائه لها لتلتفت له باسمة ليسألها بهدوء


: فرح انتى كنت عارفة ان مليجى خالك رجع تانى الحارة 


اخفضت وجهها عنه بخجلا كان بمثابة الاجابة له ليهز رأسه هامسا بتأكيد

:طبعا كنت عارفة..استحالة سماح تخبى عليكى حاجة زى دى 


همت بالرد عليه وعلى ملامحها امارات الاسف والاعتذار لكنه اسرع يطمئنها قائلا وقد ادرك سبب اخفائها عنه الامر 

:خلاص يافرح.. ومتخفيش مش هعمل له حاجة هو خالك برضه 


جرت نحوه كطفلة سعيدة تلقى بنفسها بين ذراعيه تحتضنه وقد اطمن قلبها ولكن ليس على سلامة خالها بل عليه هو فقد اخفت عنه الامر خوفا من عواقب غضبه فلم  تريد ان تكون سبب وقوعه فى المشاكل خاصة مع احد افراد اسرتها


ظلا كما هما للحظات صامتة استكان كل منهم فى حضن الاخر كانت لهم كالنعيم وراحته حتى اتى صوت تالين يناديها مرة اخرى لتبتعد عنه باسمة برقة تلقى بقبلة سريعة فوق وجنته ثم تهرع من المكان


بينما وقف هو يتابعها بعيون عاشقة لكل تفاصيلها  وابتسامة سعيدة انارت قلبه قبل ملامحه


******************


:العيال فين ياسمر مش سامع ليهم حس؟!


سأل حسن سمر بعد خروجه من الحمام  بعد ان ازاح عن جسده تعب يوم عمل شاق بالاستحمام يلقى بالمنشفة فوق المقعد المجاور لها  وقد جلست تتابع احدى المسلسلات  لتجيبه وهى تشيح بيدها بلا مبالاة دون ان تزيح عينيها عن التلفاز

:منصور فى اوضته جو بيلعب على تليفونه وتالين ومازن عند عمهم فوق 


احتقن وجه حسن غضبا يتهتف بحدة وهو يجلس فوق المقعد 

:تانى ياسمر هو كل يوم  العيال فوق انا مبقتش اشوفهم خالص


لم تعيره سمر اهتماما تولى التلفاز كامل انتباهها ليظل حسن يتطلع اليها بغيظ من تجاهلها هذا له ولحديثه فيهتف بها بحنق

:طب ايه ..هيفضلوا فوق كده مش هتبعتى ليهم يتعشوا معانا 


التفتت اليه ببطء تلقى بما فى يدها من مسليات بالطبق قائلة ببرود 

:لا مش هنادى عليهم ..هما شويا وهينزلوا ..وبعدين مالك كده داخل بزعبيبك عليا كده ليه 


نهض حسن من مقعده يصرخ بها بغضب

: علشان زودتيها ياسمر ..بقالى اكتر من اسبوع مابشوفش العيال لاما نايمين الصبح قبل ما اخرج لاما عند عمهم لنص الليل مابينزلوش الا لما بنام  


زفرت سمر تلوى شفتيها  بضيق ثم تساله بحدة

:المطلوب ايه دلوقت علشان الليلة دى تعدى بدل ما نقلبها نكد وغم 


صرخ بها حسن هو الاخر وقد طفح به الكيل واصبح يضيق صدره من تصرفاتها مؤخرا قائلا 

:ابعتى هاتى العيال وخليهم ينزلوا حالا ..ميطلعوش فوق تانى انا بقولك اهو 


احتقن وجهها من لهجته هذه معها تهم بالصراخ عليه هى الاخرى لكن اتى رنين هاتفه مقاطعا لتلك المشاجرة ليندفع حسن يختطف الهاتف من فوق الطاولة ليعقد حاجبيه بقلق حين راى هاوية المتصل ثم يسرع برد عليه سريعا قائلا بلهفة 

:خير ياصالح ..حاجة حصلت ..حد من العيال حصله حاجة 


فور نطقه باسمه صالح اسرعت سمر ناحيته تلتصق به ترهف السمع لحديثهم لكن حسن ابتعد عنها يكمل محادثته قائلا بهدوء رغم الضيق البادى فوق وجهه 

:طيب تمام ياصالح .. لاا خلاص مااشى ..تصبح على خير


انهى مكالمته ثم القى بالهاتف فوق المنضدة مغادرا بعدها المكان لتهتف سمر تناديه ثم تسأله بفضول

:حسن ..صالح كان عاوز منك ايه مقلتليش


لم يجيبها بل توجه لغرفة النوم بخطوات سريعة غاضبة لتهرول خلفه تدلف الى غرفة النوم تهتف به 

: انت هتنام ..مش هتستنى العيال علشان تتعشوا سوا


استلقى حسن فوق الفراش على جانبه بغية النوم قائلا بحدة 

:خلاص مش طافح وهنام ..والعيال هيباتوا عند عمهم الليلة ..على الله نفسك تهدى بقى وترتاحى


ارتفع حاحبيها بذهول من رده الحاد عليها فلاول مرة ترى هذا الجانب من شخصيته رغم سنوات زواجهم الطوال تشعر بالتوجس من حالته تلك وبأنها قد زداد من الضغط عليه فى الفترة الاخيرة لذا اسرعت باللجوء الى حيلتها القديمة معه والتى لم تخيب ابدا  فى تهدئته ورجوعه كالحمل الوديع اليها تقترب من الفراش وهى تهمس بأسمه بنعومة أغراء قائلة 

:حسن ياحبيبى ..وقلب سمر من جوه ..انت هتنام وتسيبنى اقعد لوحدى 


ابتسمت بثقة تنحنى عليه تمسك بالغطاء حتى تزيحه عنه لكنها تراجعت بصدمة حين هتف بها بخشونة وقسوة سمرتها مكانها 

:اخرجى واقفلى النور والباب وراكى يا سمر انا عاوز انام


همت بالحديث اليه مرة اخرى لكنها تراجعت حين وجدته يتقلب الى الجانب الاخر يعطى لها ظهره وقد رفع الغطاء حتى راسه ينهى بذلك اى محاولة منها للحديث فوقفت لبرهة تراقبه بتوتر وذهول وقد كانت هذه اول مرة تراه غاضب بتلك الطريقة تقف عاجزة عن التصرف معه


**************

دخلت الى الغرفة الخاصة بالاطفال حتى تستطلع ان تمكن حقا من جعل الاطفال يخلدوا الى النوم فبعد ان تناولوا العشاء وامضوا الوقت بعدها بمرح وصخب حتى قرر صالح خلودهم الى النوم رغم معارضتهم الشديد لذلك لكنهم خضعوا اخيرا لامره بعد وعده لهم ان يجعلهم يأتون للمبيت يوما اخر ليغمز لها خفية بأنتصار  بعد اسراع الطفلين ومغادرتهم للغرفة فى سباق وهمى اقامه بينهم وقد وقفت تراقب معركة الارادة الدائرة بينهم بتسلية وابتسامة مرحة ينحنى عليها قائلا لها بصوت اجش ماكر

:استعد يابطل ..ثوانى وجايلك ..انيم ولاد الجنية دول واجيلك هوا بس اوعى تنامى


ابتسمت تلثمه على وجنته قائلة له بنعومة

: هستناك ياعيون البطل ..بس متتأخرش عليا 


ابتعد عنها يهتف بسرعة وتلهف يتجه خلف الاطفال 

:ثوانى وهرجعلك مش هتاخر عليكى ..هنيمهم فى ثوانى


لكن الامر تعدى الثوانى فقد انتهت من توضيب الفوضى فى المكان وتغير ملابسها للنوم وهو لم يظهر حتى الان فتقرر الذهاب اليه واستطلاع الامر 

تتسمر قدميها امام باب الغرفة حين وجدت تالين تتوسط الفراش وقد جلست بين جسد شقيقها وجسد صالح قد استرخت ملامحه حد النعومة  بعد ان استغرق فى النوم هو وشقيقها تتلاعب باناملها داخل شعرهم وهى تغنى لهم تهويدة بصوتها الطفولى الرقيق لكنها ما ان لمحت فرح واقفة تتابع ما يحدث بذهول حتى توقفت عن الغناء ترفع سبابتها الى فمها تشير لها بالصمت ثم تنهض من مكانها ببطء وهدوء شديد خشية ايقاظهم تقترب من فرح تمسك بيدها قائلة

:اوف اخيرا عرفت انيم عمو ..تعبنى اوى بس انا ففضلت اغنيله لحد مانام


كادت فرح ان تنفجر بالضحك من طريقة تلك الصغيرة واسلوب حديثها الناضح لكنها اسرعت بوضع يدها فوق شفتيها تمنع نفسها حين رمقتها تالين بنظرة محذرة صارمة قبل ان تمسك يدها وتتجه بها نحو الفراش الاخر قائلة بجدية شديدة

:تعالى يلا انتى كمان علشان تنامى 


حاولت فرح الاعتراض لكن قبلت محاولتها من قبل تالين بالرفض والاصرار لتستسلم اخيرا لارادة الصغيرة تستلقى فوق الفراش بجوارها لتحتضنها تالين بين ذراعيها كالطفلة الصغيرة ثم اخذت تغنى لها مرة اخرى تلك التهويدة بصوت رقيق ناعم شعرت معه فرح بمرور الوقت بثقل جفنيها رغم مقاومتها للنوم لكنها استسلمت اخيرا تسقط فى النوم هى الاخرى دون ان تشعر بينما تحتضن تالين بين ذراعيها حتى تنهبت حواسها تستيقظ من سباتها حين شعرت بالطفلة تسحب برفق من بين ذراعيها لتزيد من احتضانها اليها بحماية لكن اتى صوت صالح الخافت الرقيق يطالبها بتركها لتتركها له تراقبه بعيون ناعسة وهو يحمل الطفلة بين ذراعيه ينقلها للفراش الاخر بجوار شقيقها ثم يدثرهما جيدا قبل ان يتجه نحوها ويستلقى بجوارها يجذبها الى احضانه لتندس فى دفء صدره تلف خصره بذراعيها بينما يقبل قمة رأسها وهو يتنفس بعمق رائحتها داخل صدره يزيد من ضمها اليه وقد شعره بانه قد ملك العالم طالما هى بين ذراعيه هامسا لها بعتب 

:كده تسبينى للبت دى تنيمنى زى العيل الصغير وتاخدك انتى فى حضنها..اعملى حسابك دى اخر مرة هيباتوا هنا


رفعت وجهها تتطلع نحوه بنظرات راجية تضع يدها على وجنته قائلة بتوسل ولهفة

:لا ياصالح علشان خاطرى.انت متعرفش انا فرحانة اد ايه انهم معانا النهاردة


اهلكته تلك النظرة فى عينيها ونبرة صوتها المتوسلة له ليسألها بتحشرج وصوت مرتجف متردد

: بتحبيهم اووى كده؟!  واد كده فرحانة انهم معاكى


اجابته دون لحظة تردد واحدة او تفكير يظهر عشقها الشديد فى نبراتها

: اووى ياصالح بحبهم اووى وبحب الاطفال كلها بعشقهم


تجمد جسده وكلماتها تخترق قلبه كالرصاصة تمزقه  لينسحب بجسده بعيدا عنها لكنها اسرعت بالتشبث به وقد شعرت بتغيره هذا والذى لاتدرى له سببا تنحنى عليه تقبله بيأس تحاول اخراجه من حالته تلك باظهار مدى حبها له ان لم يكن بالكلمات فلتكن بالافعال لكنه ظل على حالة الجمود هذه حتى تسللت اليها الهزيمة حين ظل على حاله تحاول الانسحاب للخلف بعيدا عنه لكنها شهقت فوق شفتيه حين دس اصابعه فى خصلات شعرها  يمسكها بقسوة من الخلف يمنع ابتعادها عنه ينقض على شفتيها يقبلها بشراسة ادمتها وسرقت منها الانفاس يتعامل معها بخشونة لم تعهده منه حتى تركها اخيرا بشفاه دامية وانفاس متسارعة عالية ينظر اليها بعيون مظلمة عاصفة جعلت الخوف يتسرب داخلها لاول مرة منه تهم بسؤاله عما به لكنه لم يمهلها الفرصة بل انسحب من الفراش يجذبها نحوه ليرفعها  بين ذراعيه ثم يحملها ويغادر بها نحو غرفتهم  يدفع بابها بعنف ثم يتجه بها ناحية فراشهم يلقيها فوقه لتسرى قشعريرة الخوف فى جسدها هى تراه  يزحف بجسده فوقها بملامحه المنقبضة الخشنة وقد ازداد ظلام  وعنف عينيه كوحش يستعد لانقضاض على فريسته  

****************************

جلس صباحا يرمقها بنظراته يحاول بيأس الالتقاء بعينيها لكنها اخذت تتهرب منه تتصنع الانشغال بمساعدة الاطفال على تناول طعام الافطار تتجاهله تماما فتجعله يشعر فى تلك لحظة بمدى حقارته فلأول مرة يتعامل معها بكل هذا العنف والقسوة فى علاقتهم الخاصة لدرجة ادمتها بشدة وقد ظهرت امام عينيه بشرة عنقها وكتفيها المكدومة نتيجة عنف شفتيه فوقهم  لايدرى اى جنون قد اصابه ليلة امس وقد اصبح الحديث عن هذا  الموضوع يثير به اسوء ما فيه ويجعله كالوحش يرغب بالتنفيس عن غضبه والظلام بداخله غير مبالى بأى شيئ اخر 

وقد حدث وفقد السيطرة لاول مرة وترك لظلامه بقيادته لليلة امس ليصبح عنيفا قاسيا  معها بصورة لم يتخيل فى يوم ان يفعلها  وها هى النتيجة فعلته امامه وقد  جلست  تتجنبه بخوف كانه مرض الطاعون تخشى حتى التطلع نحوه


لكنه لم يستسلم يمد يده يتلمسها وهو يناديها برقة لكنها اسرعت بسحب ذراعها بعيد عنه وقد ارتجف جسدها بشدة ظهرت لعينيه بأنه رعب منه وهذا اصابه بمقتل وجعل من الضرورة التحدث معا الان وفورا  لذا التفت نحو الاطفال يهتف قائلا بحزم 

:يلا يا تالين خدى مازن وانزلى عند ماما وانا هجبلكم حاجات حلوة وانا جاى بليل 


رفعت تالين عينيها اليه برجاء تسأله 

:وتخلينا نبات هنا النهاردة كمان ياعمو؟


هم بالرد عليها لكنها اسرعت بالالتفات نحو فرح وقد ادركت بذكائها انه سيقوم برفض طلبها  لتطلب منها التحدث اليه واقناعه بتوسل شديد جعل فرح تبتسم لها وهى تربت فوق وجنتها بحنان تهز رأسها لها بالموافقة  ثم تلتفت اليه ببطء وتوتر ظهر بوضوح فى حركة جسدها تهمس له بصوت مرتجف رغم تهربها من النظر نحوه 

:ممكن توافق يا صالح.. 


لكن جعله مظهرها هذا وصوتها المرتجف يشتعل غضبا من نفسه  ليأتى رفضه على طلبها  غاضب حاد رغما عنه فيجعلها تنتفض فى مقعدها خوفا ورعبا منه وقد ازاد شحوب وجهها حتى اصبح الورقة البيضاء وهى تخفض وجهها  تنكمش على نفسها كطفلة صغيرة مرتعبة


ليزفر بحدة يتشدد فكه هو يراها امامه بتلك الحالة  تنتهى قدرة على التحمل فلايستطيع تحمل المزيد من هذا ينهض عن مقعده بعنف وينهضها معه يجذبها نحو صدره يحتضنها بقوة اليه وما ان احاطها بذراعيه حتى سقطت جميع الجواجز بينهم تنهار فى البكاء تدفن وجهها فى عنقه وقد تعالت شهقات بكائها تتقطع لها نياط قلبه يهمس لها بأرتجاف وصوت حمل كل اسف وندم العالم 

:اسف..والله اسف انا مش عارف حصل لى ايه...  حقك عليا مش هتتكرر تانى صدقينى..


ازداد تشبثها به كانها تجد الراحة من المها بين ذراعيه وتنسى بأنه كان المتسبب به ليزيد هو ايضا من احتضانها بحماية يود لو يدسها بين ضلوعه يمتص كل حزنها والمها بداخله  يهمس بالمزيد والمزيد من اعتذاره واسفه بصوت متوسل اجش حتى هدئت اخيرا شهقاتها لبيعدها عنه ببطء ينحنى عليها يقبل جفنيها بنعومة تزيح شفتيه دموعها بعيدا ثم ينحدر بهم بقبلات ناعمة وهى تغمض عينيها  مستسلمة له تماما حتى شعرت بلهيب انفاسه فوق شفتيها لتفيق من استسلامها هذا تبتعد عنه شاهقة بجزع قائلة

:صااالح...العيااال


زفر باحباط وقد تهدجت انفاسه يبتعد عنها هو الاخر بتردد وبطء يلتفت نحو الاطفال ليجدهم يتابعوا ما يحدث بعيون فضولية لا تدرك شيئ وافواهم تمضغ طعامهم ببطء ثم يلتفت اليها مرة اخرى يسألها برجاء وتوسل 

سامحتينى؟! 

هزت رأسها لها بالايجاب تبتسم له برقة لتشع عينيه بالسعادة يسألها مرة اخرى كانه يحتاج الى تأكيد اخر منها

: يعنى مش زعلانة منى خلاص يافرح؟ 


اومأت له مرة اخرى ليقوم بوضع كفه خلف رأسها يجذبها نحوه مقبلا جبينها بتبجيل ورقة وهو يغمض عينيه براحة واطمئنان للحظات كانت لها كالبلسم يشفى المها قبل ان يبتعد عنها مبتسما لها بنعومة وعينيه ترق بنظراتها عليها لبرهة ثم يلتفت الاطفال هاتفا بهم بحزم 

: يلا ياعيال علشان تنزلوا معايا وانا نازل الشغل


اسرعوا بالنهوض عن مقاعدهم يسرعوا فى اتجاه الباب الخارجى يقفون فى انتظاره ليحدث فرح قائلا بهدوء 

: يمكن اتاخر شوية فى الرجوع ورايا مشوار كده هخلصه الاول.. علشان كده لو اتاخرت عليكى ابقى اتعشى انتى ونامى 


اسرعت تهز راسها له بالرفض قائلا بحزم

: لا انا هستناك لما ترجع حتى ولو بعد الفجر برضه هستناك


ارتفعت بسمته تزين ثغره يهز رأسه لها بالموافقة ثم يهمس لها بسلام مودعا يتجه ناحية الباب يتبع الاطفال لكنه توقف بعد فتحه للباب يلتفت اليها مرة اخرى هامسا بنعومة وصوت اجش رائع كان كأنغام الموسيقى فى اذنيها

:بت يافرح... هتوحشينى لحد بليل  


التمعت عينيها يتراقص قلبها بالفرحة تهمس له بخجل وصوت مرتعش رقيق

:وانت كمان هتوحشنى...متتأخرش عليا  


هتفت تالين بهما تقطع حديث عينيهم بعد ان طال عليها الانتظار قائلة بملل

:طيب مدام انتوا الاتنين هتوحشوا بعض خلينا كلنا هنا وبلاش حد فينا ينزل


صدحت ضحكة فرح المرحة فى المكان بعد حديثها هذا بينما صالح ينحنى عليها يحملها على ذراع وعلى ذراعه الاخر اخيها قائلا بصوت حازم مرح ومشاغب

: انت مالك يابت انت بالكلام ده.. ولا انت ما بتصدقى انتى تمسكى فى اى حاجة ..المهم انك متنزليش من هنا 


ثم اخذ يدغدغها بوجهه تتعال ضحكاتها الصاخبة حتى اختفوا خلف الباب بعد ان اغلقه خلفهم يسود الصمت المكان بعد رحيلهم تشتاقه روحها منذ الان ولم يكن يمر على غيابه عنها سوى ثوانى معدودة 


******************************


فور دخولها للمكتب صباحا واستعدادها ليوم عمل جديد 

لكنها شهقت بفزع حين اتى صوت نسائى اجش من خلفها يسألها بحدة

:انتى سماح اللى شغالة هنا عند عادل المحامى؟


التفتت خلفها  لتجد اثنان من النساء متشحات بالسواد يبدو على ملامحهم الحدة والشراسة لتقف للحظات تنظر اليهم بتوجس وخشية قبل ان تهمس لهم مترددة تؤكد هويتها  لهم

:ايوه انا سماح خير فى حاجة؟


دفعها احدهم فى كتفها بيدها هاتفة بشراسة 

: طب ما تنطقى على طول..ايه هنشحتها منك


تراجعت سماح للخلف بعنف اثر الدفعة تصرخ بهم بغضب 

:فى ايه ياست انتى مالك وهو حد داس ليك على طرف


اقتربت منها السيدة الاخرى تصرخ بها بتهديد 

:بت انتى صوتك ميعلاش علينا..اوعى تكونى فاكرة نفسك حاجة...لا فوقى...داحنا جيلك مخصوص نفوقك ونعرف مقامك 


صرخت بها سماح هى الاخرى وقد كسى وجهها الشراسة والغضب 

:جرى ايه يا وليه منك ليها.. انتوا جاين تجروا شكل على الصبح ولا ايه..يلا اطلعوا بره من هنا 


فور ان انتهت من صراخها حتى اندفع عادل الى داخل يسألها بحدة 

:فى ايه ياسماح ايه الزعيق ده...حصل ايه


وامام عينيها تبدل حال السيدتين فور رؤيته وانمحت عن وجهيهما شراستهم وحل مكانها المسكنة والحزن يلتفتون اليه تحدثه احداهما قائلة بضعف

:ينفع كده يا استاذ؟! الابلة اللى بتشتغل معاك تبهدلنا كده وتعلى صوتها علينا


تطلع عادل نحو سماح يجدها تهز رأسها له بالنفى لكنه ظهر عدم تصديقه لها فى نظراته يلتفت نحو السيدة يسألها بأدب 

:خير يا حاجة حصل ايه لكل ده 


اجابته السيدة بصوت متحشرج وبكاء مصطنع اجادت صنعه

:ابدا محصلش مننا حاجة غير اننا سألنا عليك وكنا عاوزين نقعد نستناك بس مرضيتش وكانت عاوزة تطردنا بره وبهدلتنا يا استاذ


مرة اخرى التفت عادل الى سماح ولكنها هذه المرة كانت عينيه تنطق بالغضب بينما وقفت هى مقيدة لايمهلاها الفرصة للنطق بكلمة دفاعا عن نفسها امام كل هذا الكذب وليزاد الطين بله حين جذبت احدى السيدتين الاخرى تهتف به وهى تبكى بحرقة

:يلا بينا من هنا ياشربات والنعمة ماقعدة فى المكان ده دقيقة واحدة..كفاية بهدلة فينا من حتة عيلة اد عيالنا


خرجتا معا من المكتب  فورا دون اى فرصة لحديث اخر فتحدث سماح فورا خروجهم تنفى عنها اتهامهم لها قائلة 

:صدقنى يا استاذ عادل الكلام اللى بيقولوه ده محصلش وانا كنت....


قاطعها عادل بحزم وهو يتحرك من مكانه يتجه لمكتبه قائلا لها بخشونة وتجهم 

: جهزى ملفات قضايا النهاردة واتاكدى من الورق كويس وحصلينى...


دخل مكتبه يغلق خلفه الباب بحدة اما هى فقد علمت بانها اضاعت فرصتها حين صمتت وتأخرت فى دفاعها عن نفسها والذى ادانها  امامه ولكن ماذا تفعل فقد اخذت على حين غرة لاتدرى كيف حدث كل هذا ولا كيف اصبحت هى المدانة فى نظره

************************

   بجسد متوتر وعيون قلقة جلس يحدق الى انامل  الطبيب وهى تقلب فى تلك الاوارق امامه يتفصد جبينه بعرق الخوف كلما اطال الطبيب النظر فى احدى الورقات امامه وهو عاقد لحاجبيه وعلى وجهه هذا التعبير العابس والذى جعله يشعر كمن يجلس على جمر فى انتظار قراره فى شأنه يحاول حث نفسه على الصبر وعدم القلق لكنه فشل ولم يحتمل الصبر طويلا يسأله بصوت متحشرج ملهوف 

: خير يا دكتور؟ التحاليل عاملة ايه طمينى 


لم يرفع الطبيب عينيه اليه بل استمر فى قراءة اخر ورقة بتمهل جعله يود الصراخ عليه لعله يحصل منه على اجابة تهدئ من ذعره وقد اصبح كقبضة خانقة تمنع عن التنفس 


تتسارع وتيرة تنفسه تتقاذف دقات قلبه كالمطارق حين رفع الطبيب وجهه اخيرا اليه يتحدث بصوته الهادئ العملى والذى لم يفعل سوى ان زاد من وتير قلقه حين قال 

: شوف يا استاذ صالح..مش هخبى عليك بس التحاليل اللى ادامى دى  بتقول اننا رجعنا فى طريقنا من اول تانى...بمعنى ان توقفك عن العلاج الفترة اللى فاتت دى كلها خلت تأثير فترة العلاج اللى سبقتها كأنها لم تكن


سقطت كلماته كالقنابل تدوى فوق رأس صالح  وكانت كل كلمة كفيلة ان تهدمه وتحوله لركام وقد شحب وجهه بشدة كما لو سحبت منه الحياة ينظر الى الطبيب بنظرات زائغة ليسرع الطبيب يكمل فورا بتأكيد

: بس انا مش عاوزك تقلق.. احنا هنبتدى العلاج من الاول وان شاء الله الامل موجود..وال...


قاطعه صالح بخفوت وصوت غير واضح مرتعش

: اد ايه... 


اسرع الطبيب يجيبه بحزم 

: سنة متواصلة زى المطلوب منك فى الاول وبعد كده..


قاطعه مرة اخرى ولكن هذه المرة بصوت حاد نافذ الصبر

: اد ايه الامل يادكتور؟!  نفس النسبة فى الاول ولا... 


لم يستطع اتمام جملته ينظر الى الطبيب فى انتظار اجابته كغريق ينتظر طوق نجاة يلقى اليه وسط بحر هائج الامواج لكنه حصل على اجابته حين اخفض الطبيب عينيه عنه يتظاهر بالنظر الى الاوراق امامه يتحاشى النظر اليه قائلا بتردد ونبرة مشفقة ظهرت رغما عنه

: علشان اكون صريح معاك يااستاذ صالح النسبة نزلت للنص وكل تأخر منك  بقلل من النسبة دى 


رفع الطبيب عينيه فورا اليه بوجه حازم جاد وقد عاد الى مهنيته ينهى توتر اللحظة قائلا بلهجة عملية حازمة 

: علشان كده لازم نبتدى فور العلاج من غير تأخير وهنبتدى بأننا هنزود جرعة...... ظلمها عشقاً.. بقلم ايمى نور


جلس مكانه لكن لم  تعد تصله كلمات الطبيب فقد سقط فى عالم  قاتم وافكار مظلمة ويتطلع نحوه يتابعه بنظرات متحجرة وقد اكتسى وجهه بالجمود يحاول التماسك والتظاهر بالثبات برغم تلك القبضة القاسية والتى اخذت بأعتصار قلبه  يعد الدقائق حتى يستطيع الخروج من هناك حتى يستسلم لتلك الرغبة فى ان يخر على ركبتيه ارضا والصراخ بقوة حتى يتخلص من تلك الالالم والتى اخذت تجتاحه بضراوة ووحشية حتى كادت ان تقضى عليه

  

*******************   

    *************

          *******

               **


ظلمها_عشقاً 

الفصل_السابع_عشر


 بعد تأخر الوقت وعدم حضور صالح حتى منتصف الليل قررت الصعود الى الشقة الخاصة بهم بعد ان قضت معظم يومها مع والدته تستمتع بقضاء وقتها بالثرثرة معها تهم بالتوجه ناحية غرفة النوم لكن توقفت حركتها حين لمحت ظلا يجلس فى احدى اركان غرفة المعيشة فكاد ان تصرخ عاليا بفزع لكنها اسرعت بالتماسك عند تبينها هوية الجالس لتتنهد براحة وهى تسير نحوه قائلة بانفاس مخطوفة

:حرام عليك ياصالح والله اتخضيت وكنت.... 


توقفت عن اكمال حديثها عندما لاحظت حالته التى يبدو عليها فقد تشعث شعره وفقدت ملابسه ترتبيها وهندامها تتقدم نحوه وهى تنظر الى وجهه بملامحه الجامدة وجلسته التى توحى بوجود خطب ما فقد جلس يستند بمرفقيه على ركبتيه يخفض راسه ارضا وبين اصابعه لفافة التبغ وقد احترقت قرب النهاية دون ان تمسها شفتيه لتسأله بقلق وتوجس وقد ارعبتها حالته هذه

: مالك يا صالح.. انت قاعد عندك كده ليه.. وبعدين انت هنا من امتى


ظل على وضعه ولم يجيبها بل انه حتى بدى كأنه لا يشعر بوجودها من الاساس لتقترب منه تجلس بجواره تمسك بلفافة التبغ من بين انامله تلقى بيها فى مكانها المخصص ثم تمسك بيده بين يديها برفق وقد ظنته مازال يشعر بالخجل ويأنب نفسه بسبب ماحدث بينهم ليلة امس وانها مازال فى داخلها شيئ من اللوم له لذا القت برأسها فوق كتف ويدها مازالت تحتضن يده قائلة بمرح حاولت به اظهار نسيانها لكل ماحدث

: طيب لما انت هنا من بدرى مش تعرفنى... ده انا حتى هموت من الجوع وانا تحت مستنياك... انا هقوم حالا اجهز االاكل لينا سوا 


اتبعت بالفعل كلامها بالنهوض من مكانها تتجه للمطبخ لكن توقفت بعد خطوة واحدة حين تشبث بيدها يجذبها اليه قائلا بصوت متحشرج خشن كأنه يعانى صعوبة فى الحديث

:اقعدى يافرح فى موضوع عوزك فيه


توتر جسدها تترتجف قدميها فلم يكن هذا صالح الذى تعرفه حتى عندما رأت منه جانب اخافها ليلة امس لم يكن كهذا الجانب الذى تراه الان تشعر بوجود خطب ما اكبر من كل ظنونها لذا جلست هذه المرة بجواره ولكن لم تكن تنفيذا لامره اكثر من عدم قدرة قدميها على حملها تراه يعتدل فى جلسته يتطلع امامه بوجهه الجامد وجسد مشدود يشع منه توتر انتقل اليها هى الاخرى على الفور يسود بينهم للحظات قاتل حاد اخذ قلقها وخوفها ينهشاها فيه انتظارا لحديثه يدور فى عقلها الف سؤال وسؤال يتلاعب بها شيطانها بتصور اسوء التخيلات حتى زفر بعمق كأنه يستعد لما هو قادم يعود لوضع جلسته الاولى وبصوت مرهق متحشرج تحدث قائلا

: انتى من يوم جوازنا وانتى نفسك تعرفى انا وامانى سيبنا بعض ليه مش كده؟! 


انقبض صدرها وضاق بانفاسها حتى كادت ان تختنق حين نطقت شفتيه بأسمها لكنها اجبرت نفسها على التماسك تومأ له دون شعور وعينيها تنصب عليه تراه يغمض عينيه زافرا بحرقة مرة اخرى قبل ان يتحدث قائلا باستسلام وصوت مرهق

: وانا هقولك ليه يافرح.. انا امانى اطلقنا علشان... علشان.. انى مبخلفش يافرح


ظلت تحدق به كالبلهاء عيونها متسعة ذهولا وقد سمعت ماقاله واستوعبته تماما لكن عقلها رفض تصديقه للحظات طوال حتى سألته اخيرا كالبلهاء وبتلعثم تريد منه التأكيد على ما سمعته

: انت بتقول ايه... مين ده اللى مش بيخلف؟! 


التفت اليها ببطء شديد وما رأت على وجهه من مشاعر جعل الدموع الساخنة تجرى فوق وجهها ترى الحقيقة على ملامحه لاتترك لها الفرصة سوى للتصديق عينيها مصدومة جسدها بارد برودة الصقيع بألم وكسرة العالم كله وقد هزتها حقيقة هاجمتها بوحشية تحدثت له بكسرة وضعف 

:يعنى هى طلقتها علشان كده...طب وانا.. معرفتنيش ليه... كنت بتتجوزنى ليه وانت مخبى عليا حاجة زى كده.


نهض من مقعده يلتفت لها صارخا بعنف وملامح وجهه تنطق بالعذاب وقد قتله سؤالها والكسرة به

:اتجوزتك علشان....


صمت عن اتمام جملته لم يستطع لسانه النطق بها رغم تلهفه لقولها ولكن كبربائه ابى عليه فى تلك اللحظة بذلك لايستطيع البوح بالمزيد من اسراره يكفيه اعتراف واحد الان 

لتنهض عن مقعدها تصرخ به هى الاخرى بعنف وغضب وعيونها مشتعلة برغم الدموع بها 

:علشان ايه ياصالح؟! كمل وقولى علشان ايه..ولا تكمل ليه.. انا اللى هقولك علشان ايه


تحشرج صوتها ترتجف نبراته بكسرة المهانة بالكاد استطاعت اخراج صوتها تكمل وهى تشير الى نفسها قائلة

: علشان عيلة غلبانة وهتسكت علشان تعيش .. وقلت فى بالك هترضى بلى مرضيتش بيه بنت الحسب والنسب..مش كده يا صالح مش ده السبب يابن كبير الحتة


جعلته كلماتها جسده ينتفض بقوة تتسع عينيه وهو ينظر اليها مصدوم فقد حضر لذهنه جميع ردات الفعل على اعترافه الا هذا ولم يفكر ولو للحظة واحدة انها ستسئ الظن به الى هذا الحد وتتهمه بهذا الاتهام... نعم من حقها الغضب والصراخ عليه بكل التهم لكنه لم يتخيل ان تقلل منه الى تلك الدرجة وتسحق كبريائه بكلامها المسموم تغرسه فى صدره كالخنجر دون رأفة ليهمس لها بخيبة امل واحتقار للفكرة 

: لدرجة دى...؟! خلاص بقيت فى نظرك محتاج الف وادور علشان القى واحدة تقبل بيا وبعيبى..صغرت فى عينك اووى كده بعد ما عرفتى الحقيقة


بهتت ملامحها وقد ادركت ما تفوهت به وكم كانت كلماتها قاسية لكنها تتألم ايضا تشعر ببركان ثائر بداخلها يلقى بحممه يشعلها تهم بالرد عليه ولكنه فى اقل من ثانية كان يختطف متعلقاته من فوق الطاولة ثم يغادر المكان فورا بخطوات سريعة وبجسده متصلب تسمع الباب الخارجى يغلق خلفه بعنف ارتجت له الجدران لتنهار قدميها ارضا قد اصبحت كالهلام يرتجف جسدها بالكامل تشعر بالبرد يتغلل اوصالها وهى تنظر للباب المغلق بعيون مذهولة تغسل الدموع وجهها ويمزقها عذاب خذلانه لها نعم فقد خذلها وخذل قلبها وجعلها تشعر كم هى قليلة له ولن تستطيع تتجاوز ماحدث منه ابدا 

************************

بعد مرور عدة ايام على تلك الاحداث كانت تسير فى طريقها للمنزل بخطوات بطيئة وعقل شارد منشغل بالتفكير فيما حدث منذ يومين داخل المكتب وما تبعه من احداث وتوتر فى علاقتها معه وكيف اصبح كثير التعصب والغضب عليها لاصغر الامور تفضل تترك العمل باكرا عن موعدها كهدنة لها قبل ان تنفجر به بعد ان طفح بها الكيل منه ومن تعامله الحاد هذا معها لتقترب بخطواتها من المحل الخاص بانور ظاظا تمر من جواره ليتعالى صوت انور وقد وقف خارجه يناديها بصوت جهورى حاد 

:لامؤاخدة ياابلة سماح..كنت عاوزك فى كلمتين كده 


توقفت سماح وقد توتر كل عصب بها تسأله بتوجس وقلق

: انا يا معلم انور.. خير فى ايه؟!


ابتسم لها انور بسماجة قائلا 

:وده ينفع يا ابلة نتكلم فى الشارع..اتفضلى عندى المحل نقول الكلمتين


اومأت له بالموافقة رغم صوت عقلها الذى يطالبها برفض طلبه تتقدم لداخل المحل خلفه يشير لها بالجلوس على احد المقاعد لكنها هزت رأسها بالرفض ليهتف انور بسخرية 

: خلاص براحتك يا ابلة.....


جلس هو فى احدى مقاعد يتطلع نحوها للحظات قائلا بعدها بصوت متهدج من الشوق الملتمع فى عينيه

: كنت عاوز اسألك عن فرح وازيها وازى اخبارها...بتشوفيها..حالها يعنى كويس ومبسوطة مع المخفى جوزها ولا.....


هتفت به سماح بحدة تنهره توقفه عن اكمال الباقى من حديثه قائلة 

:بقولك ايه يا معلم انور..شيل فرح من دماغك..ولو انت جيبنى هنا علشان تتكلم معايا فى الكلام الفارغ ده يبقى عن اذنك 


بالفعل استدارت للمغادرة ولكنه هب واقفا يمسك بمعصمها يوقفها عن الحركة يضغط باصابعه فوقه بقسوة وقد احتقن وجهه بالغضب يفح من بين اسنانه بغلظة

: على فين؟ انا لسه مخلصتش كلامى..


وقفت تنظر اليه برعب تلعن نفسها لاستجابتها له ودخولها هذا المكان وهى تحاول جذب يدها من بين قبضته المتشبثة بها بقوة كادت ان تدميها لترتفع ابتسامة شرسة على وجهه وقد شعر برعبها منه يكمل بتهديد 

: متخلنيش ازعل منك بقى... وخليكى شاطرة كده وردى عليا عرفينى اللى عاوزه اصل انا زعلى وحش ومش هيعجبك اللى هعمله 


شحبت سماح بشدة تنظر اليه وقد تسمر جسدها من شدة خوفها منه لكنها حاولت التماسك والظهور امامه ثابتة برغم ارتجافها وخشيتها منه وهى تحاول البحث سريعا داخل عقلها عن مخرج لمأذقها هذا 


وقد كان فى هذه الاثناء صالح يمر بسيارته بجوار المحل يتخطاه لكنه عاود الرجوع للخلف مرة اخرى عند لمحه وجود سماح داخل المحل يرى تلك النظرة المرتعبة على وجهها وذلك الحقير يمسك بيدها ليندفع الدم الى رأسه يعميه الغضب يوقف سيارته فورا ويندفع لداخل المحل وهو يصرخ بغضب ووحشية فى انور 

: سيب ادها يابن ال....انت مسكها كده ليه 


قفز انور الى خلف مرتعب يترك يد سماح على الفور هاتفا بجزع 

:ابدا يا صالح باشا..دانا..دانا كنت عاوزة الابلة فى كلمتين


تحدث صالح الى سماح ومازالت عينيه تقع فوق انور قائلا لها بهدوء شديد برغم احتقان وجهه وشراسة نظراته 

:روحى انتى ياسماح وحسك عينك اشوف واقفة مع ابن ال...ده تانى


اسرعت سماح تهز رأسها بالابجاب له ثم تفر من المكان باقدام مرتعشة تحمد الله لتدخل صالح فى الوقت المناسب فلولا تدخله لم تكن تعلم كيفية التصرف مع هذا المجنون بينما صالح يقترب من انور بخطوات بطيئة وعينيه تنطق بالشر يفح من اسنانه بكلمات غاضبة متمهلة

:اظن..يا انور..انى..نبهت عليك.. قبل كده بدل المرة اتنين..بس الظاهر بقى ان علقة بتاعت المرة اللى فاتت وحشتك وقلت تجربها تانى


كان انور يتراجع مذعور امام تقدم صالح البطيئ منه لكن وعند ارتطام ظهره بالحائط خلفه ادرك ان لا مفر امامه ولا طريق للهروب منه ليسرع هاتفا بشجاعة مزيفة كذبها شحوب وجهه وخوف عينيه 

: جرى ايه ياصالح انت هتضربنى فى محلى ولا ايه الدنيا مش سايبة وفى حكومة فى البلد


ضربه صالح فى كتفه بظهر يده بعنف قائلا بشراسة

: واضربك ادام الحارة كلها يا ظاظا واعلى ما فى خيلك اركبه.. وعاوز اشوف اخرك ايه


ووقف يتحداه بعينيه يستعد جسده للمعركة وقد تشددت كل عضلة به ليدرك انور انه هالك لا محالة قبل ان تقفز تلك فكرة الشيطانية الى عقله والتى قد يستطيع بها الهاء صالح عنه وعن فعلته يقلب بها الامور على من يدافع عنهم ليسرع قائلا بذعر مصطنع 

:ااه ليك حق تعمل اكتر من كده...مانت مستقوى على الكل واولهم نسايبك اللى خايفين منك مش قادرين يفتحوا بقهم بعد ماعرفوا ببلوتك


ادرك انه قد اخطأ فى حساباته فبدلا ان تلهيه كلماته الحمقاء تلك عنه زدات من اشعاله اكثر بعد ان قبض صالح فوق عنقه يكاد ان يزهق روحه وهو يسأله بفحيح 

:تقصد ايه ببلوتى..ونسايب مين اللى بتتكلم عنهم


حاول انور الفكاك من قبضته لكن زاد صالح من الضغط حتى احتقن وجهه بالدماء وجحظت عينيه تسود الرؤية امامه ليسرع فى اجابته بصوت بخنوق خافت هربا من طريق الموت

:نسيبك مليجى...جالى هنا و قالى....انك مش بتخلف...وانك متجوز فرح...علشان غلبانة وهتسكت وترضى تعيش معاك مع عيبك ده


انحلت قبضة صالح ببط عن عنقه يتراجع للخلف بأهتزاز كالمصعوق بجسد متجمد ووجه شاحب كالموتى كما لو انه سحبت منه الحياة ينظر فى وجهه بعيون زجاجية باردة يتطلع بها نحوه للحظات جعلت من قدمى انور تتخبط مفاصلها وهو يرتجف رعبا حين عاود صالح التقدم نحوه بتهديد مرة اخرى خطوة واحدة ليدرك هذه المرة بانه هالك لا محالة لكن تجمد صالح للحظة عن الحركة مرة اخرى قبل ان يسرع بعدها ويغادر المكان فورا دون ان ينبس ببنت شفة ليسقط انور ارضا شاهقا بعنف طلبا للهواء وهو يدلك عنقه المكدوم قائلا بارتجاف وصوت متحشرج 

: ياسنة اسود عليك يا انور.... انا ايه اللى هببته ده..كده الموضوع وسع منى وهروح فيه فى داهية


نهض بتعب على قدميه يخرج هاتفه من داخل سرواله قائلا بتوتر

: لاا انا الحق بسرعة اتصل بمليجى الغبى وافهمه على الليلة قبل ما صالح يوصله.. والا ساعتها هيقروا على روحى الفاتحة لو عرف ان بكدب عليه


رفع هاتفه يتحدث به بلهجة امرة خشنة

:ايوه يا مليجى عوزك تجيلى حالا على الشقة اياها..عوزك فى مصلحة ليك فيها قرشين حلوين بس بسرعة يا مليجى متتأخرش عليا


انهى الاتصال فور ترتفع ابتسامة خبيثة لشفتيه هامسا

:ومدام فيها قرشين مليجى يرمى نفسه فى النار..بس هى كل حاجة تمشى بالمظبوط وهبقى انا الكسبان 


**************************

استقلت فوق الفراش تنظر الى سقف الغرفة ساهمة بوجهها الشاحب وعيون مسهدة تحيط بها الهالات السوداء كدليل على ان النوم يجافيها من وقت رحيله فمنذ ثلاثة ايام وهو لم يأتى الى المنزل ولو حتى للحظة واحدة بعد ان تحجج لعائلته بحاجته للسفر الى احدى المدن لانهاء عدة اوراق خاصة بالجمارك ليصدق الجميع حجته هذه الا هى وقد علمت انها السبب فى رغبته هذه تستسلم فى النهاية للامر بعد ان حاولت عدة مرات الاتصال به كانت تسرع فيها لانهاء المكالمة قبل بدء هاتفه بالرنين فماذا ستقول له فقد كانت حتى تدرى بأى كلمة ستبدء حديثها معه فهى الى الان مازالت تحت تأثير صدمة ما اخبرها به..مازالت تشعر بألم خداعه واستهانته بها تعاود تذكر احداث ايامهم سويا تتذكر كل شيئ وكل مرة ذكرت فيها عشقها ورغبتها لانجاب طفل منه وكيف كان يتبدل حاله الى النقيض فى كل مرة ويصير شخصا اخر لا تعرفه يملأه الظلام والقسوة تخافه وتخشاه واقربهم ماحدث منذ عدة ايام وقسوته وعنفه فى التعامل معها فى علاقتهم الخاصة وقتها لم تفهم سبب تحوله ذاك اما الان فاصبح كل شيئ واضح لديها كوضح سبب زواجه منها بعد ان وجد بها ضالته ورأى فيها شخصية ضعيفة سترضى بما رفضته غيرها يوما ولا تستطيع قول لا

برغم انها لا تنكر انه لو كان اعلمها منذ البداية بحقيقة الامر ما رفضت ابدا ان تربط حياتها به ولم تكن ستهتم بشيئ اخر سواه فى العالم كله

لكنها والى الان مازالت تتخبط داخل تلك دوامة والتى ابتلعتها داخلها ولا تدرى لها نهاية لذا استسلمت لامر ولم تحاول مرة اخرى الاتصال به تقنع نفسها انه من الافضل لهم الابتعاد لفترة لعل تهدء فيها نفوسهم وتتضح لها وله رؤية الاشياء بعدها


زفرت بحزن تغمض عينيها بتعب للحظات لم يرحمها فيها التفكير حتى تعال صوت رنين هاتفها لتسرع فى الاعتدال فى جالسة تختطف الهاتف وقلبها يرتجف بين جنباتها بتوقع وامل وهى تنظر الى هوية المتصل لكن سرعان ما تحولت الى خيبة امل عند رؤية لاسم شقيقتها لتفتح الاتصال تجيبها بمهود تلقى عليها السلام لتتحدث سماح فورا بعدها قائلة

:بت جوزك رجع النهاردة.. وكان...


قاطعتها فرح بلهفة وسعادة 

:بجد ياسماح..شوفتيه فين..طيب حاله عامل ايه.. طيب هو كويس ياسماح؟!


اسرعت سماح تجيبها تحاول تطمئنتها قائلة بصوت مشفق

:كويس ياقلب اختك متقلقيش عليه..هو بس...


تقطع صوتها تصمت عن الحديث بعدها لتسألها فرح بقلق

:هو ايه ياسماح.. كملى متقلقنيش


ازدردت سماح لعابها بصعوبة وتردد قبل ان تقص عليها ماحدث منذ قليل فكانت اثناء حديثها تفور دماء فرح بالغضب حتى انتهت سماح لتسألها بقلق تقاطعها حين اتت على ذكر صالح وحضوره للمكان تهتف بجزع 

:نهار اسود.. وعمل فيه حاجة يابت..اكيد ضربه.. انا كنت عارفة ان الزفت ده مش هيرتاح الا لما صالح يطلع روحه فى اديه

ظلمها عشقاً بقلم ايمى نور

اجابتها سماح بتأكيد 

:هو اللى كان يشوف شكل جوزك وهو داخل المحل يقول هرتكب جناية بس متخفيش محصلش حاجة انا متحركتش غير لما جوزك خرج من عند المخفى ده واطمنت عليه..


وضعت فرح يدها فوق صدرها زافرة براحة بينما سماح تكمل بقلق وخوف

:بس يابت انا خايفة من المخفى انور ده ... بقت عنيه قادرة علينا ومبقاش بيهمه حد


ارتفع غضب فرح يعميها وهى تصرخ بصوت حاد وعنيف 

: لاا على نفسه...دانا افضحه ادام الحارة كلها...هو فاكر ايه.. علشان غلابة وملناش ضهر هنسكت..لا يصحى ويفوق...الا وربى اعرفه مقامه 


ارتفع صوتها يهز ارجاء الغرفة فيصل صراخها لذلك الواقف على بابها وقد غادر عقله المنطق والتعقل يتشدد فكه بصلابة وقد تشكلت يديه الى قبضات يحنى راسه بأهتياج وصدره يرتفع صعودا وهبوطا بعنف وغضب مكبوت وقد عاودته ذكرى اخرى قد سمع فيها لكلمات مشابهة لكلماتها تلك

*****************

بعد مرور اكثر من ساعة حاول فيها اقناع مليجى بما يريده منه بعد ان قص عليه ماحدث فى محله وحديثه المتهور مع صالح اخذ انور ينظر اليه وهو يجوب الغرفة بعصبية وقلق قبل ان يلتفت اليه هاتفا 

:بس كده يا برنس انت بتحطنى فى وش المدفع..وصالح لو عرف بالليلة دى قليل لو ما ولع فيا وسط الحارة


نهض انور على قدميه مقترب منه قائلا بهدوء واقناع

: وصالح هيوصل ليك ازى... متخفش انت تسمع بس الكلام وتقعد هنا الفترة دى ومتتحركش.. وليك عليا ياسيدى اكلك وشربك ومزاجك يوصل لحد عند كل يوم.. ده غير القرشين الحلوين اللى هيدفوا جيبك


ظهر الترد فوق وجهه مليجى للحظة تطلع فيها اليه انور بلهفة وامل قبل ان يهز مليحى رأسه بالرفض قائلا بخوف

:لاا ياعم ياروح ما بعدك روح..بعدين هو صالح هتعدى عليه كده..بعدين زمان البت فرح عرفته انى ولا اعرف حاجة عن الليلة دى كلها


انور بصوت مقنع ملح

:واحنا مالنا ومال فرح دلوقت..وبعدين تفتكر لو بنت اختك عارفة حاجة عن الموضوع ده و كانت هتبقى عادى كده اكيد طبعا متعرفش... يبقى انت عرفت من بره الكلام ده وجيت فضفت مع اخوك وحبيبك انور من كتر الهم والحزن اللى كان على قلبك علشان بنت اختك وحالها ..ها قلت ايه


همهم مليجى بصوت خافت محتقر

:وانور اخويا وحبيبى طلع واطى وجبان ودانى فى داهية علشان يخلص نفسه هو


سأله انور عما يقول بحيرة ليسرع مليجى بتمالك نفسه وقد حسابها ووجد انه فى كلتا الحالتين تورط بالامر فأن وافق وضع نفسه تحت رحمة صالح وان رفض فلن يتركه انور الا بعد ان يجعله يدفع ثمن رفضه لطلبه هذا لذا فليختار من بين الامرين ما سيجعله يخرج رابح مستفيد منه لذا تنفس بعمق يجيب انور بحزم وثبات

:موافق يا برنس...بس الاول اعرف هطلع من الليلة دى بكام 

**************************


ظلمها_عشقاً 

الفصل_الثامن_عشر انا نزلت الفصل من جديد لانه اتحذف


:بتكلمى مين؟


شهقت بفزع تلتفت خلفها لتراه يقف ورائها تماما وجهه مكفهر وعينيه الحادة تمر فوقها كحد سكين لترتجف بخوف وهى تجيبه بصوت متلعثم 

: دى سماح اختى.. كنا بتكلم عن.. عن


فى طرفة عين كان امامها يقبض فوق وجنتيها باصابعه يضغطها بقسوة وهو يفح من بين انفاسه 

: عن ايه انطقى ..عاوز اسمع كنتوا بتتكلموا عن ايه..ولا تحبى اقولك انا بتتكلموا عن ايه... طبعا عن جوزتك السودا وحظك المهبب اللى وقعك فيا مش كده


حاولت هز رأسها له بالنفى وعينيها تنطق بالصدمة لما تسمعه منه ولكن قسوة قبضته منعتها من التحرك وقد اغرورقت عينيها بالدموع والخوف تحاول التحدث تنفى عنها اتهامه لكن صوتها لم يخرج سوى بهمهات متقطعة

:ابدا.. والله.. ابدا..محصلش..انا كنت بكلمها عن..


ازدادت اصابعه بالضغط عليها بوحشية حتى كاد ان يقطلع فكها بيده عينيه تتحول للشراسة يضغط فوق حروف كلماته بشدة قائلا بأزدراء وبصوت شرس 

: كدابة واحقر خلق الله.. وكان لازم اعرف ان ده هيحصل من زمان..


دفعها عنه بقسوة حتى كادت ان تسقط ارضا لكنها تمالكت نفسها تنظر اليه بوجهه شاحب تتسع عينيها وهى تتطلع اليه بذهول وصدمة تشير الى صدرها بيدها ترتعش شفتيها وهى تحاول اخراج صوتها من بينهم تسأله بصعوبة وخفوت

: انا يا صالح.. بتقولى انا كده؟! 


لم يجيبها بل اخذ يدور فى ارجاء الغرفة كأسد مجروح حبيس يتحدث لنفسه بذهول محتقر 

: يومين بس ومقدرتيش تستحملى غيرهم..وجريتى بعدها تحكى وتشتكى.. ده امانى حتى بعد ما طلقتها معملتش اللى انتى عملتيه.. 


وقفت كتمثال صخرى تنظر اليه تصلها اتهاماته كحمم تصب فى اذانها تصارع الالم فى قلبها وتناضل للوقوف على قدميها وهى تسمع منه اتهاماته وسوء ظنه بها لاتدرى ماذا فعلت حتى تنال منه كل هذا حتى اتى على ذكرها لتصرخ بصوت باكى منهار توقفه عن قول المزيد 

:بس كفاية لحد كده..انا مبقتش مستحملة اسمع حاجة تانى منك


توقفت خطواته ينظر ناحيتها تلتمع عينيه بالغل والغضب ترتفع ابتسامة شرسة فوق شفتيه وهو يسألها بفحيح وحشى 

:بتوجعك سيرتها اوى وبتكرهى تسمعى اسمها مش كده؟! عارفة ليه؟! علشان بتعرفك قيمتك وانها انضف واحسن منك مليون مرة


لو كانت الكلمات تقتل لسقطت الان تحت اقدامه جثة هامدة لكنها لم تكن تملك تلك الرفاهية بل وقفت امامه تنزل دموعها تغرق وجهها تقف عاجزة وغير قادرة حتى على ان ترمش عينيها مجمدة فوقه يظهر عذابها والمها داخلهم بينما هو وقف فى مواجهتها ينقبض قلبه لرؤيته لها بتلك الحالة امامه بعد كلماته القاسية تلك يشعر بالدنائة والاحتقار لما قاله راغبا بضمها اليه معتذرا عن قسوته لكنه سرعان ما نفض عنه احساسه هذا يلعن نفسه وعشقه لها فلا مزيد من ضعف وخضوع قلبه لها بعد الان 


يراها تتقدم منه ببطء وخطوات متعثرة كأنها تجد صعوبة فى الحفاظ على توازنها وتلك النظرة بعينيها كأنها هى من تعرضت للغدر هنا وليس هو تهمس بصعوبة من بين شهقات بكائها

:عمرى ما هنسالك اللى سمعته منك ده..ولا هسامحك على اللى خلتنى احسه دلوقت 


وبرغم الرجفة قلبه وشعوره بالضعف لرؤيته لها تتألم امامه هكذا الا انه ابتسم ساخرا بأحتقار قائلا بصوت غير مبالى 

:وتفتكرى ان دى حاجة تهمنى..فوقى واعرفى مقامك ايه من النهاردة


طنعها بكلماته دون شفقة تترنح من قسوتها ثم تركها وخرج من الغرفة كأنه لم يعد يحتمل وجوده معها فى مكان واحد ماهى الا ثوانى حتى سمعت الباب الخارجى يغلق بعنف ارتجت له الارجاء لتقف مكانها يتوسلها جسدها حتى ينهار ارضا لكنها تجاهلته تمسح دموعها بتصميم تسير هى الاخرى نحو الخارج تحس جسدها على الصمود والتحرك فلم يحن وقت الانهيار الان 


************************ 


اسبوع مر عليها كالدهر الى الان وهى مازالت فى منزل اهلها تجلس فى فراشها القديم جسد بلا روح بوجه شاحب وعيون غائرة تضم ركبتيها الى صدرها وهى تستند برأسها عليهم تتطلع الى الفراغ كالمغيبة بينما يظل عقلها يعيد عليها شريط تلك اللحظات مرات ومرات حاولت فيهم وضع يدها على ما اقترفته فى حقه من ذنب حتى يؤلمها بتلك الطريقة لكنها لا تستطيع ان تعلم اين يقع خطأها فهى المجنى عليها هنا وليست الجانية كما صور لها بسوء ظنه بها فهو من تزوجها عن خداع ولم يعطيها ابسط حق لها فى الاختيار لاتنكر بانها كانت قاسية فى حديثها معه عند معرفتها بالامر لكن كان هذا رغما عنها فقد تعرضت لصدمة اطارت منها تعقلها كله ولم تكن ابدا سترفض الاستمرار معه بعد علمها بالحقيقة فيكفيها هو من العالم كله لكنه لم يعطى لها الفرصة حتى لتخبره بهذا بعد كلماته القاسية كطلقات الرصاص والتى استقرت فى صدرها ومقارنته غير العادلة بينها وبين الاخرى فهى لم تخنه ولم تخرج سره حتى ولو لاختها كما اتهمها لمجرد سماعه لحديث اساء فهمه ولم يعطيها الفرصة حتى لدافعها عن نفسها يكلل لها الاتهامات ثم خرج من الغرفة ومن المنزل كله بعدها لم تجد هى امامها سوى تصرف واحد اهتدى له عقلها فى تلك اللحظة فقد كانت تحتاج لمن يهدئها ويحنو عليها حتى ولو بالكلمات تسير ناحية الباب تخرج من المنزل هى الاخرى كالمغيبة تصل الى منزل اهلها تلقى بنفسها فى احضان شقيقتها وهى تبكى بحرقة وشهقات متألمة حتى اصاب الهلع سماح وهى تحاول الاستفهام منها عما حدث لكنها لم تستطع اخبارها بما جرى بينهم والى الان لم تخبرها بما حدث بينهم و لا سبب تركها للمنزل تسقط بعدها فى النوم مرهق افاقت منه على رنين هاتف وصوت شقيقتها تتحدث فيه بخفوت 

:ايوه هى هنا معايا .بس نايمة دلوقت 

شعرت بالتردد والقلق فى صوت شقيقتها لتعلم هوية المتصل حين قالت

:حاضر يا صالح هقولها...لما تصحى 


اغلقت الخط تنظر بعدها امامها بوجوم للحظات التفتت بعدها ناحية فرح حين شعرت بتحركها فى الفراش تبتسم لها بصعوبة قائلة بمرح مصطنع 

:صح النوم يا ابلة...ايه كل النوم ده... انتى جاية تنامى عندنا ولا ايه


اعتدلت فرح فى الفراش بصعوبة تسألها بصوت اجش مجهد 

:صالح اللى كان بتكلم مش كده؟


ظهرت الارتباك على ملامح سماح تهز رأسها بالايجاب وهى تتحاشى النظر فى عينيها لتسألها فرح عما اراده لكن سماح نهضت سريعا من مكانها تهتف بعجالة 

: هقوم احضرلك  الاول حاجة تكليها واجيلك 


هتفت بها فرح بغضب وبصوت مختنق باكى

:كان عاوز ايه ياسماح...ردى عليا قالك ايه


وقفت سماح تعطى لها ظهرها تخبرها بصوت متحشرج مشفق

: كان عاوز يطمن انتى هنا ولا لا ولما عرف قال اقولك .. اقولك تخليكى براحتك هنا كام يوم لحد مايبقى يجى ياخدك هو


ابتسمت بمرارة لاتعلم لما لم يفاجئها الامر كأنها تجده تصرف طبيعى منه لم يصدمها ابداً وتنفيذا لطلبله  هاهى الان مازالت فى مكانها دون ان يجد عليها جديد


انتبهت على صوت فتح الباب ودخول سماح وقد تهيئت للذهاب للعمل قائلة بحنان

: انا رايحة على الشغل مش عاوزة منى حاجة قبل ما امشى 


هزت لها رأسها بضعف بالنفى لتكمل سماح 

:طيب انا جهزت الفطار ليكى برة..والعيال ومرات خالك خرجوا من بدرى مش هيرجعوا الا على المغرب..يعنى افطرى ونامى شوية وارتاحى عما نرجع اتفقنا


اومأت لها ببطء مرة اخرى تعاود نظراتها الشرود لتقف سماح تتطلع نحوها بشفقة وحزن قبل ان تتنهد تخرج من الغرفة بينما ظلت فرح جالسة مكانها كما هى فى عالم اخر يمر عليها الوقت ببطء قاتل حتى سمعت طرقات فوق الباب الخارجى حاولت تجاهلها فى البداية لكنها واصلت الطرق بألحاح جعلها تنهض ببطء وتعثر حتى الباب تفتحه لتتسع عينيها بذهول وهى تهتف بتسأول واحتقار

:انت؟! عاوز ايه..خالى مش هنا..ولا حد تانى هنا


اجابها صوته المرتجف وعينيه تمر عليها بشهوة اصابتها بالنفور والتقزز كحالها دائما عند رؤيته لتسرع فى ضبط حجابها فوق رأسها بتعثر  فى محاولة لحجب نفسها عن نظراته تلك وهو يقول بلهفة ولهاث

:انا جاى علشانك انتى يافرح..جاى اطمن عليكى وعلى حالك


توحشت نظرات عينيها قائلة بعضب 

:وانا مش عاوزة اشوف خلقتك..وامشى من هنا بكرامتك بدل ما تنزل من غيرها 


اقترب منها يحاول الدخول عنوة لا يبالى لحديثها ولا لغضبها قائلا بتلهف متوسلا

: انا بس كنت عاوز اقولك ان انا فى ضهرك..ومستعد من جنيه لمليون لو عاوزة تخلصى منه


توقفت بغتة عن محاولتها دفع الباب فى وجهه تسأله بحدة

:وانت عرفت منين انى زعلانة مع صالح


توتر وجه انور يتلعثم فى حديثه قائلا 

:هااا عرفت.. عرفت من خالك..وبعدين ما كل الحارة عارفة انك هنا زعلانة وسايبة البيت ليه


لوت فرح شفتيها قائلة بسخرية 

:ااه قلت لى..بس اللى متعرفوش بقى ان انا لايمكن اسيب صالح ولو علشان عمرى كله..فهمت ولا تحب تفهم بطريقة تانية 


تراجع كالمصعوق حين وجدها تنحنى على حذائها ترفعه فى وجهه وهى تصرخ به بحدة وغضب

: وهتمشى من هنا بقى ولا اعرفك شغلك ومقامك واخلى اللى ميشترى يتفرج عليك يا راجل يا ناقص ياعايب ياجوز الاتنين انت


لم ينتظر مكانه طويلا يهرول هاربا من امامها خوفا من الفضيحة حين رأها تهجم نحوه وقد رأى العزم والتصميم على وجهها على فعلها حقا به ينزل الدرج كل اثنان معا يسقط ارضا فى اخره بعنف ثم يعتدل واقفا مرة اخرى يجرى فورا فى الشارع غافلا عن وقوف حسن امام المقهى المقابل للمنزل مع احدى الاشخاص وقد لمح خروجه من المنزل بتلك الطريقة ليعقد حاجبيه بقلق وتفكير لبرهة قبل يستأذن من صديقه يسرع فى اتجاه منزلهم وقد وجد ان من الواجب عليه ان يخبر شقيقه بما رأى الان وهو عليه حرية التصرف 


*****************************

: استاذ عادل...ممكن اكلم حضرتك كلمتين 


لم يرفع عينيه اليها يستمر فى النظر الى الاوراق امامه وقد اصبح فى الفترة الاخيرة يتعامل معها برودة وعدائية جعلت من جو المكتب بينهم دائما فى حالة توتر وضغط لكنه وجد ان هذا هو الحل الانسب حتى يستطيع تخطى تلك المشاعر المربكة والتى اصبحت تنتابه نحوها يتحاشى النظر اليها حتى لا ترى تلك النظرة بعينيه نحوها فهو يكره نفسه ويحتقرها اضعافا بسببها ولا يرغب فى رؤية المزيد منها هى ايضا يعلم جيدا انه اصبح يتصيد لها الاخطاء وبات عنيف وكثر التذمر منها لذا اجابها بصوت حاد متذمر

:مش وقته يا سماح انا مشغول..ولازم اخلص الورق ده حالا..مدام مفيش حد بيشتغل هنا غيرى


احتقن وجهها بالدماء تشعر بالحرج منه ومن تلميحاته المستمرة عن عدم كفائتها فى العمل والتى اصبحت تلازم حديثه معها فى الفترة الاخيرة لتتنفس بعمق قائلة بصوت اجش حازم

:علشان كده كنت عاوزة اكلم حضرتك واقولك انى هسيب الشغل من اول الشهر 


رفع وجهه ببطء نحوها ينظر اليها بصدمة وعدم تصديق لتهز رأسها تكمل بصوت شجاع رغم الارتجافة به 

:انا شايفة انى مش نافعة فى شغل المكتب وزى ما حضرتك قلت انك اللى قايم بكل حاجة فيه...يبقى الافضل تشوف واحدة غيرى تفهم فى الشغل احسن منى


هب واقفا يخبط بكفيه فوق المكتب بعنف جعلها تهب بفزع وهو يهتف بها غاضبا

:نعم سمعينى تانى كده...يعنى ايه كلامك ده ياست سماح


فتحت شفتيها المرتعشة تهم باعادة ما قالته مرة اخرى لكنها توقفت تطبق شفتيها معا حين صرخ بها مرة اخرى وقد اعماه غضبه تماما

:مش عاوز اسمع حاجة تانى عن الموضوع ده وانسى خالص الهبل ده مفيش حاجة اسمها اسيب الشغل فاهمة ولا لا 


غصت بالخوف منه لكنها اسرعت تجيبه بثبات قدر استطاعتها لايثنيها غضبه عن قرارها فقد طفح بها الكيل منه ومن خطيبته وحركاتها المستفزة معها

:لا مش فاهمة..واظن من حقى اسيب الشغل فى الوقت اللى يعجبنى..بس انا هطلع جدعة مع حضرتك وهفضل موجودة فى المكتب لحد اخر الشهر واللى هو بعد اسبوعين لحد ما تشوف واحدة غيرى.. 


ضيق عادل عينيه فوقها بحدة وبوجه بارد وقف ينظر اليها وقد ساد صمت حاد المكان جعلها تململ فى وقفتها من قدم الى اخرى قلقة حتى تحدث اخيرا قائلا بهدوء شديد

:تمام يا سماح زى ماتحبى ..بعد اسبوعين نبقى نشوف الكلام ده


همت بالرد عليه معارضة تؤكد عليه موقفها لكنه هتف بها بحزم 

:قلت خلاص يا سماح واللى عوزاه هيحصل..انتهينا منه الكلام ده..اتفضلى شوفى شغلك يلا


لا تعلم لما شعرت بخيبة الامل من رده هذا ولا بغصة البكاء التى ارتفعت الى حلقها لكنها تماسكت تهز رأسها له بالموافقة ثم تخرج فورا من الغرفة ليهبط فوق مقعد بهمود يضع رأسه بين كفيه يحاول الثبات والهدوء حتى لا ينهض ويحطم المكان من حوله تفريغ عن احباطه وغضبه منها ومن نفسه 


***********************

كانت تجلس فوق الاريكة ومازال بيدها حذائها تتنفس بسرعة وغضب وهى تسب وتلعن ذلك الحقير ومعه خالها هو الاخر حتى تعالت الطرقات فوق الباب مرة اخرى فتنهض واقفة تتقدم نحو الباب وهى مازالت ترفع حذائها عاليا فى يدها هاتفة بحدة وشراسة

:على الله تكون رجعت تانى يا عرة الرجالة..علشان ادوقك بجد طعم شبشبى وهو نازل فوق نفوخك يفتحه


فتحت الباب تهم بالانقضاض عليه ولكن تسمرت يدها فى الهواء كالمشلولة تتعالى ضربات قلبها الخائن بلهفة وشوق حين رأت هاوية الطارق تراه بعيونها المشتاقة يقف مستندا على اطار الباب بهدوء لم يخدعها لثانية بعد رفع عينيه المظلمة اليها وهو يسألها 

: انور كان بيعمل ايه هنا يافرح وعاوز ايه؟!


اذا هذا ما جاء به وليس كما صور لها قلبها الخائب بأنه هنا لنيته فى الاعتذار لها ورغبته فى رجوعها اليه لتلقى بخيبة املها بعيدا تجيبه بهدوء مستفز هى الاخرى وهى تلقى بحذائها ارضا وترتديه قائلة

: عاوز اللى عاوزه... وبعدين كل واحد حر فى بيته يستقبل فيه اللى يعجبه...ايه كنا بنيجى عندكم ونسألكم فلان كان بيعمل ايه هنا؟!


صمت بعد اجابتها الحمقاء تلك ينظر الى موضع قدميه وهو مازال على وقفته المسترخية لكنها رأت تحفز عضلات صدره فكانت كأشارة لها بأنه على الحافة ولا يحتاج الى المزيد من الضغط تهم بالرد عليه بأجابة اخرى تهدء من الوضع لكنه فجأة اعتدل فى وقفته يندفع الى داخل المنزل يقوم بعدها بوضع يده فوق فمها يلفها من خصرها بيده الاخرى ثم يدفعها على الباب لينغلق خلفها بقوه وقد ارتطم ظهرها به لتصبح محاصرة بينه وبين جسده القوى وقد ضغطه فوقها يقترب بوجهه منها يفح بصوت اجش شرس وعينيه المظلمة تأسر عينيها المرتعبة بنظراتها الحادة 

: لسانك ده هجاى فى مرة واقطعهولك... وصدقينى هيبقى قريب اوى..ولحد ما ده يحصل مش عاوزك تفتحى بوقك ده تانى... فاهمة 


صرخ بكلمة الاخيرة مؤكدا عليها لتسرع فى هز رأسها له بالايجاب بقوة ليمرر نظراته فوق وجهها يتفحصها ببطء شديد ارتجفت له قبل ان يسألها مرة اخرى بهدوء ماقبل العاصفة يعيد سؤاله عليها مرة اخرى كأنه يملها الفرصة مرة اخرى لاجابة ترضيه

: ها قلت لى بقى انور كان هنا ليه..اصل مسمعتش كويس المرة اللى فاتت


بعد سؤاله نزع يده ببطء عن شفتيها المرتجفة تتابطأ انامله فوقهم تشعر هى بنعومة لمسته تلك فتجعلها تغلق عينيها مرتجفة تسقط فى دوامة شوقها اليه للحظة رائعة حتى شعرت بدفء بانفاسه فوق بشرتها حين همس فى اذنها بتهديد يخرجها من حالة التية تلك

: هااا تتكلمى وتقولى كان بيعمل ايه هنا.. ولا...


فتحت عينيها بسرعة وقد اشتعلت وجنتيها خجلاً من لحظة الضعف هذه منها لتجيب بحدة وغضب 

:مش انت قلت مفتحش بوقى ولا انت بتتلكك وخلاص


اغمض عينيه ينتفس بقوة لتدرك بأنه قد نفذ صبره تماما وان ارادت النجاة والعيش ليوم اخر فلتعطيه اجابة ترضيه على الفور ولكن بماذا تخبره فان علم بما اراد انور قوله لها لصوره قتيلا تحت قدميه فى التو واللحظة فاخذت تبحث فى عقلها عن اجابة محايدة تنهى بها الموقف 

:كان جاى يسأل عن خالى.علشان بقاله اسبوع مسافر..وقبل ماتسألنى لا مدخلش هنا سأل من على الباب ونزل على طول


رأت الشك وعدم تصديقه لها فى عينيه لتهتف به بغضب وهى تدفعه بقسوة فى صدره حتى تبعده عنها لكنه كان كالصخرة فوقها لم يتزحزح خطوة واحدة 

:طبعا مش مصدق..بس وايه الجديد بجملة اللى بتفكره عنى..مش اول مرة يعنى


وقف كما هو يحاصرها بجسده عينيه هى الشيئ الوحيد والذى كان يتحرك به نظراته مبهمة غامضة للحظات طويلة مقلقة لها كأنه يجرى حديث خاص مع نفسه ويقرر ان كأن سيصدقها ام لا قبل ان يبتعد ببطء عنها تشعر بأنسحاب الروح منها بأنسحابه بعيدا عنها يلفها الاحباط وقد علمت انه ذاهب الان بغير رجعة بعد ان حصل على اجابته لكنها تسمرت مكانها تتسع عينيها حين سمعت يحدثها قائلا بصوت عادى كأنه امر طبيعى ما يطلبه منها

:طيب يلا البسى علشان هترجعى معايا على البيت


سالته بعدم فهم وغباء حل عليها فى تلك اللحظة

:بيت مين علشان معلش مش فاهمة؟! 


ثم عاودها الادراك فجأة تهتف به وهى ترفع سبابتها توقفه عن الحديث حين هم باجابتها ثم اخذت فى الثرثرة بسرعة تتحرك بعيدا عنه بعدة خطوات تعطى له ظهرها 

: ثانية واحدة..تقصد بيتك مش كده... طبعا بيتك اومال هيكون بيت مين... ماهو خلاص البيه رضى عنى وقال ارجعى وانا طبعا لازم انفذ زى ال***من غير اعتراض.. اومال ايه مش البيه امر.. يبقى الجارية عليها التن.... 


شهقت صارخة بفزع حين امسك بيدها يجذبها بعنف للخلف حتى ارتطمت به يلف ذراعه حول خصرها كالقيد يمنعها من الحركة بعيدا عنه فاخذت تقاومه تدفعه بقسوه فى صدره وتضربه بقبضتها ضربات عنيفة محبطة بينما وقف هو بثبات وهدوء تحت سيل ضرباتها الهوجاء كأنها لم تكن لكنها سرعان ماتجمدت حين انحنى عليها فجأة يغرس اصابعه بقسوة فى خصرها يوقفها عن الحركة يفح من بين انفاسه قائلا بخشونة شرسة

:ادامك حل من اتنين تنزلى على رجلك ادامى زى اى ست مؤدبة شاطرة بتسمع كلام جوزها ...لتنزلى متشالة على كتفى زى شوال الرز وادام الحارة كلها ونخلى اللى مايشترى يتفرج علينا.. هاا تختارى ايه؟!


تراجعت تنظر اليه تحاول ان ترى مدى جدية ما قاله لتراه وقد وقف امامها ثابت كأنه واثق تمام الثقة من انها ستخشى وترتعب من تهديده لها وتسرع فى تنفيذ ما يريده منها ليتلاعب بها شيطانها تبتسم بثقة تامة واستفزاز وهى تدرك استحالة تنفيذه لتهديده هذا خوفا على مظهره والقيل والقال عنهم داخل الحارة وانه لم يكن سوى تهديد فارغ منه يخيفها به

: مش متحركة من هنا..وابقى ورينى بقى هتنزلنى غصب عنى ازاى؟


تنهد بأستسلام يدس اصابعه فى شعره بنفاذ صبر لتتسع ابتسامتها بانتصار وقد علمت بفوزها عليه لكنه وعلى حين غرة انحنى عليها يمسك بذراعيها بيد وبالاخرى يلف بها ساقيها يلقيها فوق كتفه كما قال تماما كشوال من الارز فاخذت تصرخ وهى تقاومه تصيح به بغضب حتى ينزلها ارضا لكنه لم يعير لصراخها بالا او اهتماما حتى خرج بها من باب الشقة ثم يغلقه خلفه بهدوء وثبات كما لو كان ذاهب لنزهة لكنها لم تستسلم تهمس له بحنق من بين انفاسها خوفا من ان يصل صوتها للجيران 

:عارف لو منزلتنش والله يا صالح هصوت والم...اااه


اطلقت اهة الم قوية حين هوت يده تصفعها فوق مؤخرتها تصمتها عن اتمام باقى حديثها ينزل بها الدرج بسرعة كانها لاتزن شيئ قائلا بخفوت غاضب كما لو كان لنفسه

:بجد لسانك ده عاوز اقطعه ... وانا خلاص جبت اخرى منه ومنك...بس اصبرى نوصل البيت الاول...


ارتجفت بخوف تهمد حركة جسدها تتسأل فى صمت عن حقيقة تنفيذه لتهديده وهو يسير بها بخطوات سريعة غير مبالى بنظرات وهمهمات الناس من حولهم عند رؤيتهم لطريقة حمله لها حتى وقفت احدى النسوة وهى تشهق بتعجب و ذهول تسأله بفضول عما حدث ليجيبها بصوت جاد هادىء

: رجليها اتجزعت ومش قادرة تمشى عليها شلتها.. فيها حاجة دى 


اسرعت المرأة تنفى وهى تفسح له الطريق يمر من جوارها يتخطاها لترفع فرح رأسها من فوق كتفه ويدها تمسك بحجابها حتى لا يسقط عن رأسها قائلة بترحاب حاولت به اظهار الامر طبيعيا كأن لا شيئ غريب يحدث

: ازيك يام احمد وازى البت بنت ابنك.. سلميلى عليها وحياة الغالى..لحد اما ابقى اشوفها


ثم ابتسمت لها بتصنع وهى ترى المرأة فاغرة فاهها بذهول تراقبهم بأهتمام وفضول حتى دلف بها اخيرا داخل منزلهم فاخذت تقاومه من جديد صارخة بغضب

:نزلى بقى يخرب بيت كده...عجبك الفضايح وعمايلك السودا دى...ااه 


صرخت بقوة حين هوت يده فوق مؤخرتها مرة اخرى تصفعها بقوة لتضغط فوق اسنانها بألم قائلة له بتهديد وحنق


: عارفة لو ضربتنى تانى والله لعضك فى كتفك.. وخلينا نتقلب بقى من على السلم ونخلص


لم يعير تهديدها اهتماما وهو يصعد الدرج بسرعة اهتز لها سائر جسدها تشعر الدوار يلف رأسها من اهتزازه المستمر حتى توقف بها اخيرا امام الباب الخاص بشقتهم يخرج المفتاح من جيبه يفتح الباب يحملها للداخل ثم يغلقه خلفهم قبل ان يضعها ارضا لتترنح فى وقفتها تشعر بالدوار يكتنفها لكنها اسرعت بالتماسك هامسة بخوف وهى تتراجع الى الخلف قائلة بخفوت وتحذير هى تراه يتقدم منها ببطء وفى عينيه تلك النظرة المهددة مرة اخرى

: خليك عندك انا بقولك اهو... عارف لو ايدك اتمدت عليا تانى.....


قطعت حديثها تتسع عينيها وهى تراه يتخطاها كانها هواء امامه يسير ناحية الغرف الداخلية لتتنفس الصعداء براحة واطمئنان سرعان ما اختفيا حين توقف مكانه فجأة ثم يلتفت نحوها مرة اخرى يرمقها من اعلاها لاسفلها ببطء جعل قلبها يسقط بين قدميها هالعا حين تحدث بهدوء شديد ارعبها اكثر من غضبه قائلا بتهمل 

: متفتكريش انى نسيت موضوع لسانك ده... لاا... بس حسابنا بعدين مش دلوقت... واياكى سامعة اياكى ايدك تفتح الباب ولا حتى تلمسه.. المرة دى جبتك متشالة على كتفى.. المرة الجاية مش عاوز اقولك هجيبك ازى خلى عقلك الحلو ده يفكر فيها لوحده وعلى مهله ... 


ثم تركها يتحرك لغرفة النوم بينما وقفت هى وقد سقط فاها حتى كاد ان يلامس صدرها للحظات ظلت خلالهم مذهولة قبل ان تهمس بصوت مرتعب مصدوم 

: يخرب بيتك يابن انصاف دانت طلعت مجنون وانا مش عارفة... ياعينى عليا وعلى بختى كان مستخبى ليا كل ده فين...داهية ليكون ناوى يقطع لسانى بجد

***********************************



ظلمها_عشقاً 

الفصل_التاسع_عشر


جلس على الفراش بعد ان تركها بالخارج زافر بعمق وهو يحاول ان يهدء من ثورة مشاعره ونبضات قلبه المتراقصة بفرحة عودتها له واحساسه بعودة كل شيئ لطبيعته لمجرد وجودها معه فى نفس المكان تتنفس الهواء ذاته معه فبرغم محاولته اظهار الثبات والقوة امامها وصراخ كبريائه عليه بأنها تستحق عقابه على ما فعلته لكنه لم يجد فى نفسه القدرة على ذلك يختفى غضبه منها رويدا رويدا بمرور الايام وخاصة بعد ذهاب والدته اليها لمحاولة معرفة سبب خلافهم وارجاعها للمنزل مرة اخرى بعد رفضه هو الحديث  ليعلم لاحقا بأنها رفضت اخبارها عن السبب هى الاخرى لكنه وقتها ارجع ذلك لخجلها من فعلتها وخوفها من لوم والدته لها ولكن ما اربكه حقا هو حديثه الاخير مع شقيقتها سماح عند اتصاله لاطمئنان على حالها لتفاجئه بسؤالها الخجول المرتبك عن سبب الخلاف بينهم بعد يأسها من اخبار فرح لها مع وعد منها له بأنها ستحاول الاصلاح وبث التعقل فى شقيقتها ولانهاء هذا الشقاق بينهم فى اسرع وقت 


ليتسلل اليه الشك لاول مرة بأنه قد اساء فهم محادثتها مع شقيقتها يومها على اثر غضبه الشديد من حديثه مع ذلك الحقير يومها ولكنه استمر على عناده يقف كبريائه بينهم مرة اخرى حتى يتبين الحقيقة تماما لكن انهار كل شيئ حين علم من شقيقه بوجود ذلك الحقير عندها يهرع فورا وبدون تفكير الى هناك وفى نيته سؤالها فقط عن سبب وجوده ولكن انهارت حصونه تحت اقدامها فور رؤيته لها عيونه مشتاقة ومتلهفة ينتفض قلبه بين اضلعه من شدة شوقه وحنينه لها  فيصر وقتها على عودتها معه ويرفض رفضا قاطعا ابعادها عنه مرة اخرى حتى لو اضطر لممارسة لعبة القط والفأر بعد معارضتها له حتى يفوز فى النهاية  


خرج من افكاره على صوت رنين جرس الباب الملح  ويزداد صوته الحاحاً عند تأخرهم فى الاجابة ولم يجد من بالخارج استجابة له فينهض فورا ليتسأل بقلق لما لم لا تجيب يهرع خارجا من الغرفة وقد ارعبته فكرة ان تكون قد غادرت وتركته مرة اخرى لكن تنفس الصعداء خفية  حين وجدها تجلس كما تركها تماما و مازال الغضب مرتسم على وجهها تلتمع عينيها بنظرة متحدية وهى تجلس تسمع رنين جرس الباب لكنها تجاهلته بلا مبالاة ليسألها صارخا بها بحنق

: ايه مش سامعة الباب وكل الخبط ده 


بوجه بارد وعيون متحدية اجابته

: انت مش قلت مجيش ناحيته ولا ايدى تلمسه وانا بقى بحب اسمع الكلام


هجم بتهديد  ناحيتها خطوتين لتهب واقفة تصرخ به بصوت باكى طفولى ويدها تفرك مكان صفعاته السابقة لها

: والله لو قربت منى لا اصوت واخلى اللى على الباب يسمعوا صويتى.. حرام عليك والله انا مبقتش قادرة


توقف مكانه يحاول كبح ابتسامته وعينيه تراقب حركة يدها فوق جسدها بسخرية مرحة لكن فجأة تغيرت طبيعة نظراته واصبحت بعيدة كل البعد عن السخرية تشتعل بمشاعر اخرى للحظات اذابتها وجعلتها قدميها كالهلام لا تقوى على حملها فتوقفت فورا عن الحركة تعاود الجلوس بأدب فوق المقعد قائلة بتلعثم وانفاس لاهثة

: على فكرة الجرس لسه بيرن.. وانا مش ناوية اقوم افتحه  


رفع عينيه لتلتقى بعينيها فترى عودة نظرة الوعيد بهم مرة  اخرى وهو يقوم بفرك ذقنه بسبابته بحدة قد نفذ صبره يتوعدها بالعقاب لكنها جلست مكانها تتظاهر بالبرود ولا مبالاتها بوعيده هذا برغم انها تود الفرار هربا حتى تختفى من امامه تماما

قبل ان يبتعد اخيرا بأتجاه الباب بخطوات سريعة حانقة يتركها مكانها مرتجفة بقلق ترقبا لما هو اتى 


راقبته بأهتمام وهو يقوم بفتح الباب لتدلف من خلاله والدته وهى تهتف بسعادة وعينيها تجول بالمكان بلهفة  

: حقا بصحيح اللى سمعته ده يا صالح فرح رجعت معاك 


لم تنتظر اجابته بل هتفت بسعادة طاغية تهرع نحوها بعد رؤيتها لها 

: حبيبة قلبى.. نورتى بيتك ياعين خالتك. 


ضمتها لصدرها بسعادة وحنان تستكين فرح بين ذراعيها كأنها تتشبع من حنانها هذا وتشعر بذراعيها كملجأ امان لها ولم تشعر غير ودموعها تندفع من عينيها كالشلال وتصاحبها شهقات بكائها  التى وما ان وصلت اليه  حتى كاد ان يهرع ناحيتها ليختطفها من بين ذراعى والدته حتى يحتضنها هو  لكنه اجبر نفسه على الثبات يتحرك ومن قدم لاخرى بنزق كأنه لا يطيق وقوفه الثابت هذا يستمع الى والدته وهى تغمغم لها بحنان بكلمات مهدئة تمنى لو كانت من شفتيه هو لها لاعنا بصمت كل ماحدث مراقبا بقلق الوضع حتى هدئت اخيرا شهقات بكائها فجذبتها والدته نحو الاريكة تجلس وتجلسها معها اما هو فقد وقف يستند الى الحائط بكتفه فى وقفة تظهره مسترخى غير مبالى على عكس تلك الوثبات  بدقات قلبه ونظراته عينه المهتمة وهو يرى والدته تربت فوق شعرها ثم تزيح عن وجهها خصلات شعرها المبللة بدموعها قائلة بحنان وتروى

: خلاص بقى حصل خير ده شيطان ودخل بينكم  ..وهو الحمد لله رجعتى نورتى بيتك من تانى..


ثم غمزتها بخبث وهى تشير ناحية صالح 

: انت بس كنتى عاوزة تشوفى غلاوتك عنده.. بس اطمنى طول الاسبوع ده كان لا اكل ولا شرب لحد مابقى زى مانتى شايفة كده


رفعت فرح عينيها سريعا نحوه بلهفة تتحقق مما قالته ليرفرف قلبها حين لاحظت بالفعل شحوبه ونقصان وزنه الملحوظ والتى لم تلاحظه فى ظل كل ماحدث تلتقى نظراتها به لتشعر به يتململ فى مكانه بحرج قبل ان يعتدل فى وقفته قائلا بخشونة فى محاولة منه لتمرير الامر

: ابويا فين ياما. وحسن كمان مختفى فين


اجابته والدته وهى تنهض من مقعدها قائلة بلهفة

: كلهم تحت وقاعدين مستنين علشان نتغدى كلنا سوا.. يلا هات مراتك وتعالا 


لكنه هز رأسه بالرفض قائلا بحزم 

: لاا معلش كلوا انتوا... احنا هنتغدى هنا.. انا عاوز اكل من ايد مراتى النهاردة


اتسعت عينى فرح من رده يزحف اللون الاحمر لوجنتيها يشعلها خجلا تسرع بخفض رأسها ارضا حين صدحت ضحكة انصاف عالية وهى تهتف بسعادة

: بقى كده ياسيدى مش عاوز تدوق  اكل امك بس مااشى انا موافقة وعلى قلبى زى العسل


ثم التفتت الى فرح قائلة لها بمزاح وابتسامة سرور

: ليكى حق يابت مترضيش تيجى معايا وتستنيه  علشان يجى ياخدك هو... 


عاودت النظر الى صالح تقترب منه تربت فوق كتفه بحنان وهى تهمس برجاء ومحبة 

:براحة عليها ياحبيبى..ومتخليش الشيطان يدخل بينكم تانى 


امسك بكفها ينحنى عليه مقبلا اياه بحنان هى تبتسم له ثم اسرعت فورا تغادر المكان بخطوات سريعة وهى تدعو لهم بالهداية ثم تقوم بغلق الباب خلفها بهدوء ليسود الصمت التام المكان بعدها وقد وقف كل منهما مكانه يتطلع الى الاخر هو بثبات شديد وهى بأرتباك وقلق حتى قطعه هو قائلا بهدوء وهو يشير لها براسه

:يلا... روحى اسبقينى..وانا جاى وراكى احصلك


عقدت حاجبيها بشدة تتوتر فى وقفتها وهى تسأله بخشية

:يلا على فين بالظبط..


التوت شفتيه بأبتسامة ساخرة بطيئة وقد ادرك الى اين ذهبت بتفكيرها

:على المطبخ...هيكون على فين يعنى 


اتسعت بسمته حين رأى خيبة املها والتى ظهرت رغما عنها على ملامحها برغم تظاهرها بالعكس حين قالت مستهجنة

:مطبخ ايه اللى عاوزنى ادخله..وبعدين ماهى امك كانت بتقولك تنزل تاكل تحت عندها ولا هى فرهدة فيا وخلاص


اشعلت كلماتها الفتيل بينهم مرة اخرى يصرخ بها بحنق  وهو يندفع نحوها

: اسمها امك برضه...انت ايه لسانك ده مبرد ملهوش حاكم


صرخت بفزع تجرى مبتعدة عن مرمى يده فور ان رأته يتحرك نحوها ينقض عليها ولكنها لم تستطع سوى التحرك خطوتين بعد ان امسكها من خصرها يوقف هروبها يلفها لمواجهته فاخذت تعافر للفرار من بين يديه بينما هو يحاول احكام قبضته عليها وتفادى ضرباتها يتراجع بها للوراء بتعثر وصعوبةحتى ارتطم بالطاولة من خلفه فيسقط ارضا بعنف ويسقطها معه وقد الصقها بصدره يلفها بحمايه بين ذراعيه يتلقى جسده صدمة السقوط كلها وهو يتأوه بألم حين ارتطمت رأسه بالارض لترفع رأسها اليه صارخة برعب لهفة

: صالح حصلك حاجة... اتخبط فين...جسمك اتعور... صالح رد عليا طمنى 


كانت يديها المرتعشة تجوب جسده بخوف وتلهف تحاول الاطمئنان عليه بينما استلقى هو اسفلها مغمض العينين جسده مستسلم للمساتها تماما حتى ظنت  لوهلة انه قد فقد الوعى ولكن عنف وسرعة انفاسه تحت يديها المستندة على صدره بعثت فيها الراحة والطمأنينة والتى سرعان ما اختفت تشهق عاليا حين فتح عينيه  فجأة ينظر اليها بعيون كالوهج تشتعل حرفيا كالحمم السائلة هو يدس انامله فى مؤخرة رأسها يجذبه اليه ثم ينقض عليها كالظمأن سنين طوال واخيرا وجد نبع من الماء العذب ينهال منه فلا يترك لها فرصة سوى لمقاومة واهية سرعان ما سحقها خلف هجومه الضارى على حواسها يتأوه بقوة فوق شفتيها حين اخذت اناملها تمر فوق عضلات صدره بلمسات كانت كل لمسة منها كنعيم وجده بين اناملها يعود اليها مرة اخرى ولكن ليحتضن شفتيها برقة ونعومة اذابتهم معا كقطعة من الثلج القيت للنيران يغيب العالم ويغيب كل تفكير فى تلك اللحظات بينهم يتقلب بها لتصبح هى اسفله دافنا وجهه بين حنايا عنقها مستنشقا عبيرها كالملهوف هامسا بأسمها بصوت متحشرج ملهوف فتهمم له تجيبه بضعف وهى تحاول اخراج عقلها من دوامة المشاعر التى تغيبه وهى فى انتظار اعتذاره لها عن كلماته القاسية لها  لكن اتى صوته يأمرها بخشونة ولاهث قائلا

:اياكى تسبين..تردد صوته للحظة يكمل بعدها.. تسيبى البيت مرة تانية وتمشى 


تجمد جسدها بترقب فى انتظار الباقى من حديثه وتلك الكلمات التى تنتظرها منه منذ دخولها من هذا الباب لكن خاب املها حين طال صمته يعاود تقبيل  عنقها بنعومة واستمتاع لكنه لم يجد استجابة منها هذه المرة بل سألته بصوت محبط متألم مستنكرة 

:بس كده...هو ده كل اللى عاوز تقوله..مفيش مثلا 

انا اسف يافرح ومتزعليش منى.. مش هزعلك تانى.اى حاجة زى كده مثلا


حين طال صمته عليها يستمر كالمغيب فى اغراقها بقبلاته كأنها لم تقل شيئ يعكر عليه صفو ما يفعله

ليشتعل جسدها ولكن هذه المرة بالغضب تدفعه من فوقها بقوة كأن غضبها منه امدها بقوة عشر رجال تسقطه فوق ظهره ثم تسرع بالنهوض على قدميها تتطلع اليه بغضب حانق حين وجدته يستلقى ارضا وقد وضع كفيه خلف رأسه ينظر اليها بأستمتاع زاد من غضبها تبحث فى عقلها عن كلمات تفرغ بها عنها غضبها المشتعل منه لكنها وقفت عاجزة عن الكلام لتضرب الارض بقدميها بحنق وعجز ثم تلتفت مغادرة المكان حتى لا تفعل شيئ تندم عليه لاحقا ولكن اوقفها سؤاله المسترخى  وهو فى مكانه حين قال بهدوء وبنبرة مزاح اشعلتها اكثر واكثر

:على فين مش هتعملى ليا غدا..انا جعان اووى على فكرة 


التفتت ببطء نحوه تتسع عينيها ذهولا تراه مازال على حالة الاسترخاء وتلك الابتسامة المستفزة فوق شفتيه كأنهم فى اكثر ايامهم طبيعية لتجز فوق اسنانها بغيظ تضغط على قبضتيها بشدة صارخة

:انت رخم..بجد رخم اوى ومستفز...وشوف....


اخذت تحاول استجماع الكلمات تبحث عن كلمه تشفى بها غليها وغيظها لكن لم يسعفها عقلها لتدب الارض مرة اخرى بغيظ صارخة ثم تسرع مغادرة بخطوات سريعة حانقة راقبها هو بأستمتاع ترق نظراته بعد نهوضه على قدميه يراها تندفع لداخل غرفة النوم تغلق خلفها الباب بعنف لم يهتز له يعلم جيدا انه اغضبها واصابها بالاحباط بعد تجاهله لطلبها لكن لكل شيئ اوانه ووقته ولم يحن بعد الوقت فيجب اولا ان تتضح له الصور كاملة حتى يقف باقدام ثابتة ولا يغرق مرة اخرى فى تلك الرمال المتحركة ولتدفنه اسفلها 


تحرك باتجاه المطبخ حتى يقوم بتحضير شيئ للغذاء لها قبل خروجه فهو يعلم ان ترك الامر لها ستقوم بأيجاع نفسها  كتحدى له فقط لكنه توقف حين وجدها تخرج من الغرفة بوجه هادئ مستسلم تسأله بخفوت مسالم

: تحب تتغدى ايه علشان اعمله ليك على الغدا 


لايعلم لم ادفئ سؤالها قلبه وجعله يخفق بين جنباته من السعادة لأهتمامها هذا به برغم علمه غضبها الشديد منه ليهمس لها يجيبها برقة

: اى حاجة يافرح.. ولو مش عاوزة تعملى بلاش خالص انا كده كده نازل المغلق ابقى اكل هناك اى حاجة


هزت رأسها برفض قاطع تسرع للمطبخ وهى تهتف بتأكيد وحزم

:لا متنزلش وانت جعان انا ثوانى وهكون محضرة كل حاجة


وبالفعل اختفت داخل المطبخ وتركته خلفها يلعن نفسه بعنف لشكه ولو للحظة واحدة بها فاستحالة بعد كل مارأه منها ان تكون قد افشت سره الى خالها او حتى شقيقتها وهذا ما تأكد منه بنفسه اكثر من مرة رغم تجاهله لتلك المؤشرات بسبب كبريائه وغضبه الاعمى وقتهاولكن الان اصبح هناك سؤال ولابد الاجابة عليه ولن يهنئ له باله حتى يحصل على اجابته تلك


*************************


جلست معه فى احدى المطاعم الشهيرة تراقبه بنزق وهو يقلب طعامه فى الصحن امام دون  اهتمام شاردا عن حديثها حتى هتفت به بحدة وقد شعرت بالاهانة لتجاهله هذا لها وهى ليست معتادة على الا يتم الاهتمام بها او براحتها ممن حولها 

: عادل انت مالك النهاردة قاعد سرحان ولا كأنى بكلمك 


اجابها ببطء وهو مازال على حالته الشاردة 

: سماح عاوزة تسيب الشغل وتمشى كمان اسبوعين


صرخت بحنق برغم تلك الاخبار المفرحة لها 

: وده بقى اللى قالب حالك بالشكل ده ومخليك قاعدة مضايق


زفر بحدة يضع شوكته بغضب 

: مانا استحالة اخليها تمشى وتسيب المكتب.. حتى ولو اضطريت اقعدها غصب عنها


ياسمين وقد طفح بها الكيل ووصل غضبها لاقصى حالته

: ياسلام ليه ان شاء الله.. كانت نابغة 

ولامعجزة زمانها علشان كده مش عاوز تمشيها... بقولك ايه ياعادل انت ايه حكايتك مع البت دى بالظبط


عادل وقد كسى وجهه الاحمرار يرتسم فوقه الذنب هاتفا بها بحدة وارتباك

:حكاية ياياسمين انتى اتجننتى..كل الحكاية انى مش لسه هجيب واحدة وادربها من اول وجديد على شغل المكتب..انا مش فاضى للكلام الفارغ ده 


تجهمت ملامحها تسكن عينيها شياطين الغيرة والحقد تنظر اليه بثبات وحدة ليعاود الاهتمام بطعامه هربا من نظراتها تلك وقد شعر انه اصبح مكشوف امامها يتأكله احساسه بالذنب الذى اصبح ملازم له من بعد اعترافه الاخير لنفسه يعاود مهاجمته دون رحمة فقد اتى اليوم لتلك المقابلة فى محاولة اخيرة منه لانقاذ ما يمكن انقاذه فى علاقتهم ولكنها بائت بالفشل فمنذ جلوسه ولم تغادر اخرى غيرها تفكيره بصفاء تلك العينين ولا الطيبة والحنان بهم ولا تلك الابتسامة المشرقة فوق تلك الشفاه الرقيقة لينسى لما هو هنا الان ومن معه بل ينسى نفسه وكل جوارحه هناك فى مكتبه مع من سرقت افكاره ومشاعره يشعر كمراهق صغير يذوق العشق لاول مرة لذا تنفس بعمق يحسم امره فلا هروب بعد الان ولابد من وضعه النقاط فوق الحروف ليرفع وجهه اليها قائلا بحسم وهو يراقبها مازالت تسلط عينيها عليه كأنها كانت بأنتظار كلماته

: ياسمين كان فيه موضوع كنت عاوز اتكلم فيه بس.. 


لكنها قاطعته وهى تنهض عن مقعدها بسرعة قائلة بصوت حاد تختطف حقيبتها بعنف 

:عن اذنك ثوانى هروح الحمام.. وراجعة حالا 


مشت فورا من امامه بظهر متصلب وخطوات سريعة وفور اختفائها بعيدا عن انظاره رمت حقيبتها ارضا بعنف تضغط فوق اسنانها وهى تطلق صارخة مكتومة يحتقن وجهها من شدة الغيظ قائلة بصوت كالفحيح 

: اااه يابنت ال****... بقى انتى ياجربوعة عاوزة تخطفيه منى زى ماعملت اختك الحية مع اخويا 


انحنت على حقيبتها تمسكها ثم اخذت تبحث بداخلها  تكمل بغل

: بس وحياة امك ما يحصل ولا تنوليها ومبقاش ياسمين اما عرفتك مقامك ايه


اخيرا وجدت ضالتها داخل الحقيبة والتى لم تكن سوى هاتفها تضغطه للقيام بأتصال ثم ترفعه الى اذنها هاتفة بعد لحظة بصوت امر

: عوزاكى فى شغلانة وهتاخدوا فيها الضعف... ااه نفس المرة اللى فاتت.. لااا.... انتى تسمعينى كويس وتفتحى مخك معايا علشان المرة دى مش هتبقى على اد كلام وبس 


اخذت تخبر محدثها بما تريده منه تنفيذه ثم انهت المحادثة زافرة بقوة وعمق وفجأة ارتسمت على ملامحها الالم الشديد تعاود الرجوع لمكانهم  مرة اخرى بخطوات مترنحة وبصعوبة قائلة بعد ان نهض عن مقعده بقلق وخوف حين رأى حالتها تلك 

:عادل عاوزة اروح مش قادرة هموت من المغص 


اسرع يمسك بها بعد كادت تسقط ارضا قائلا بصوت مهتم قلق

: طيب نروح المستشفى الاول نشوف عندك ايه 


هزت رأسها بقوة رافضة قائلة بألم مصطنع وضعف تمثيلى قد تحسدها عليه افضل الممثلات 

: لااا انت عارف  مش بحب المستشفيات ولا بحب ادخلها روحنى البيت احسن


اومأ لها بالموافقة بعد لحظات مترددة يغادر هو وهى المكان بخطوات بطيئة تشيعهم نظرات رواد المقهى وهمهماتهم الفضولية 

**************************

مر بها الوقت وقد وقفت امام الموقد تقوم بتقليب الطعام داخل الاناء بحركات غاضبة عنيفة تدمدم لنفسها بكلمات حانقة سريعة

: غبية... وقلبك ده هيوديكى فى داهية.. اتفضلى ياختى حضرى الغدا له.. قال ايه صعبان عليكى ينزل من غير اكل... غبية وهو كمان رخم 


صرخت بكلمتها الاخيرة بصوت عالى حانق تلقى بالمعلقة بغضب ليأتيها صوته المرح وهو يسحب المقعد جالسا امام طاولة المطبخ قائلا بصوت عابث مرح

: طيب ليه الغلط ده؟! مانا قلتلك هاكل ايه حاجة انتى اللى صممتى 


عاودت الامساك بالمعلقة تلتفت بها نحوه ترفعها فى وجهه بتهديد قائلة بغضب

: ملكش دعوة لو سمحت بيا دلوقت.. واتفضل روح اقعد على السفرة لحد ما احضر الاكل


رفع يديه يحمل بين اصابعه ابرة للحياكة وفى الايد الاخر زر من الازرار قميصه قائلا ببراءة مستفزة لها 

: طيب ممكن لو سمحتى تخيطى ليا ده اصل مش عارف اعمله لنفسى


لاول مرة تنتبه بانه يجلس وقد فتح قميصه الى منتصف صدره وتظهر عضلاته القاسية بوضوح امام عينيها لترتفع حرارة جسدها كما لو كانت اصابتها الحمى ترتعش قدمها وهى تقترب منه ببطء وعينيها اسيرة لتلك اللمعة بعينيه تتناول من يده الزر بأنامل مرتعشة تهمس بخشية وتردد 

:طيب روح اقلع القميص وهاته وانا هركبه..علشان مش هعرف وانت لبسه


امسك بيدها يسحبها اليه برقة تطاوعه كالمغيبة وهو يجلسها فوق ركبتيه هامسا لها

:طب وكده مش هينفع برضه؟!


حركت رأسها تنفى بقوة وهى تحاول ان لاتدعه يرى كيف يؤثر عليها حين يكون بهذا القرب منها ترتعش اناملها تحاول التركيز على تلك المهمة الصغيرة بين يديها حتى تخرج سريعا من هذا الموقف المربك لحواسها تعد داخل رأسها الارقام بطريقة معكوسة لتشتيت انتباهها عن رائحة عطره الرجولى الخلاب ولا تدعها تؤثر على تركيزها تطلق انفاسها المحبوسة بعد انتهائها اخيرا تنحنى لامام حتى تستطيع قطع الخيط بأسنانها فيحتك جبينها ببشرة صدره الدافئة تستمع الى دقات قلبه المتعالية بصخب لتعيث بمشاعرها الفساد فتبتعد عنه بسرعة وبحركة خرقاء جعلت طرف الابرة ينعرز فى فى اصبعها فتصرخ متألمة ليهتف صالح بها يطالبها بقلق

: كده يافرح مش تاخدى بالك... ورينى صابعك حصل فيه ايه


امسك بيدها رغم معارضتها الضعيفة يتفحص اصبعها بأهتمام وعناية وقد ظهر اثر وخز الابرة له ثم فجأة وضعه بين شفتيه يمتصه برقة غير مبالى بتململها ولا شهقة رفضها اللاهثة وقد سرقت منها الانفاس حتى انتهى اخيرا فحاولت سريعا النهوض عن قدميه لكنه اسرعت ذراعه تلتف خلف خصرها يثبتها مكانها يثقل الهواء بينهم للحظة مشحونة بالمشاعر وعينيه تقع فوق شفتيها  هامسا بصوت مرتعش مبحوح وبدون مقدمات

: وحشتينى يا فرح... وحشتينى اوى.. اوعى تانى تسبينى لوحدى وتمشى   


اتسعت عينيها بذهول تلجمها صدمة اعترافه تفتح فمها للتحدث وسؤاله ان كان ما سمعته صحيح ولم يكن خدعة اختلقها عقلها  لكنه لم يمهلها الفرصة ينحنى برأسه عليها يسحق شفتيها بقبلة متطلبة شغوف جعلتها تمسك بذراعيه حتى تدعم نفسها ولا تسقط ارضا تتصاعد حدة المشاعر بينهم ويديه تنتقل لخصرها تدعمها عليه يتأوه بصوت مكتوم قبل ان ترتفع يده الى ظهرها يدفعها الى صدره يلصقها به يحتضنها بقوه فى لحظات سرقت منهم الانفاس حتى صرخت رئتيهم طلبا للهواء ليبتعدا بصعوبة عن بعضهم بانفاس عالية لاهثة للحظة واحدة قبل ان يهم بالعودة اليها لكن اتى صوت رنين هاتفه يوقفه فى منتصف الطريق فيغمض عينيه يسب المتصل وهو يخرج الهاتف من جيبه وذراعه تشتد من حولها تمنعها عن الحركة بعد ان حاولت النهوض بعيدا عنه 

ثم يجيب المتصل بغضب وبصوت حانق

: عاوز ايه يا زفت دلوقت... يعنى تغيب تغيب وترجع تتصل بيا فى وقت زى وشك


تجمد جسده وهو يستمع الى محدثه يعقد حاجبيه بشدة قلقا يسقط قلبها بين قدميها هالعا حين قال وهو ينهض على قدميه وينهضها معه 

: وانتوا فى انهى مستشفى دلوقت ياعادل.. طيب تمام عشر دقايق وهنكون عندك 

*************************



ظلمها_عشقاً 

الفصل_العشرون


وقفت تتطلع لشقيقتها بلهفة ودموع الراحة  تغرق  وجنتيها تراها وقد جلست فوق اريكة منزلهم بعد عودتهم من المشفى تتحدث بخفوت وهى تقص على الحاضرين  ماحدث لها وكيف استطاعت النجاة من تحت ايدى تلك النسوة بتلك الاصابات البسيطة فى وجهها وجرح ذراعها  فقط بعد صراخها القوى واستنجادها بأهل عادل قبل ان تسقط ارضا مغشيا عليها ليصابوا  بعدها بالارتباك والرعب ثم يفروا سريعا من المكان قبل وصول الاهالى لنجدتها  بينما جلسا والدى صالح فى الجهة المقابلة لها يستمعوا بأهتمام وفضول ومعهم كريمة اما عادل فقد وقف  فى الجانب البعيد  منهم يتطلع نحو سماح وعلى وجهه ذلك التعبير الغامض تلتمع عينيه بتلك اللمعة المألوفة لها والتى لم تفارقه منذ خروجهم من المشفى تلاحظ قلقه بل رعبه الشديد على شقيقتها عند استقباله لهم فى المشفى ينتابها القلق والخوف  وقتها من عواقب ما تراه وادركته بأحساسها تدعو الله الا يكون صحيحا 


انتبهت من تأملاتها على يد قوية ادركت صاحبها فورا وهى تمسك بيدها وتسحبها برقة بعيدا عن مكان وقوفها فلتفتت نحوه تهم بالاعتراض لكنها اسرعت بالصمت حين رأت صالح يغمز لها خفية وهو يشير لها ان تتبعه وبالفعل طاوعته تسير معه للمطبخ بهدوء ودون ان ينتبه احد لاختفائهم فى ظل حديثهم الدائر


وفورا اختفائهم بعيدا عن الانظار وجدت نفسها مغمورة داخل احضانه وقد حاوطها بذراعيه بحماية ودون مقدمات لتلف ذراعيها هى الاخرى حوله تتنعم بدفئه وحمايته للحظات هانئة يسودها الصمت فقد كانت كل ما تحتاجه حتى تستطيع التماسك  تتشبث اصابعها بظهر قميصه بقوة تمنعه من الابتعاد حين شعرت به يتراجع  عنها ببطء لاتريد ان تخسر تلك اللحظات ترفع عينيها الدامعة اليه برجاء لتأسرها نظرة عينيه وهى تموج بالدفء الحنان يمرر ابهامه برقة فوق شفتيها السفلى المرتجفة وهو يسألها بخفوت حنون

: تقدرى تقوليلى العياط ده كله ليه؟! ماهى اختك كويسة اهى ادامك واطمنا عليها يبقى ليه الدراما ياملكة الدراما


قال  اخر كلماته بطريقة مسرحية مرحة دفعتها للضحك بخفوت رغما عنها تخفض وجهها بخجل لكنه عاود رفعه اليه يمرر ابهاميه على وجنتيها يزيح عنهم دموعها وهو يبتسم لها برقة قائلا

: ايوه كده خلينى اشوف ضحكتك الحلوة دى.. اوعى اشوفك تعيطى تانى 


اومأت له برأسها تتراقص نبضاتها بفرحة بكلماته وقد انارت ملامحها ببهجة كأنها زهرة تتفتح امامه من تأثير كلماته لها فلم يستطع مقاومة ان ينحنى نحوها يلثم شفتيها بنعومة شديدة جعلتها  بعدها تصدر انين احتجاح لابتعاده عنها وافتقادها للمساته لكنه قاوم رغبته لتعميق قبلتهم خوفا من دخول احد عليهم يهمس لها بصوت مرتعش بالرغبة والشوق لها مناقض لما يقول 

: لو عاوزة تخليكى هنا وتباتى  النهاردة معها انا معنديش....


هتفت برفض ملهوف تقطع الباقى من حديثه وهى تهز رأسها بالنفى بقوة كتأكيد على كلماتها

: لااا.. مش عاوزة ابات.. انا بس هطمن عليها وهروح على بيتنا على طول


اخفضت عينيها عنه هامسة بخجل وتلعثم تكمل

:وبعدين...انت..مش قلت ليا...اياك اسيبك.. لوحدك تانى


زفر بعمق يلف خصرها بذراعه يلصقها به دافنا وجهه فى عنقها يهمس فوق بشرتها بانفاس مشتعلة

: مين قالك انى كنت هخليكى تسبينى...طبعا كنت هاجى وهبات معاكى هنا... عبيطة انتى ولا ايه؟! 


تضخم قلبها بين جنبات صدرها تشعر كانها فوق السحاب من شدة سعادتها تقف مستسلمة بين ذراعيه وهو يكتسحها بلهيب عاطفته بعد ان فقد سيطرته واحساسه بالزمان والمكان شفتيه تلتقى بشفتيها بقبلة قوية تدل على مدى جوعه وحاجته اليائسة لها يذوبان معا للحظات طوال كانت كالنعيم لهم حتى ابتعد عنها اخيرا ينهج بقوة يستريح بجبهته فوق جبهتها وهما مغمضين العينين قبل ان يتحدث بصعوبة وتحشرج 

: انا هروح واسبق على البيت.. وانتى خليكى براحتك.. بس متأخريش عليا يافرح اتفقنا


اومأت له بضعف ليبتسم لها بدفء يلثم جبهتها بحنان ثم يبتعد عنها يعدل من وضع ملابسه وشعره بعد عبث اصابعها به يخرج بعدها من المطبخ بعد القى لها فى الهواء بقبلة اعقبها طلبه الهامس الا تتأخر عليه


اخذت تتنفس بعمق بعد خروجه وهى تتطوح بيدها امام وجهها طلبا للهواء حتى تبرد من حرارته المشتعلة ثم تخرج خلفه بعدها تسمعه وهو يتحدث الى سماح يطمئنها بأنه سيجد تلك النسوة ويعلم من ورائهم لكنها عقدت حاجبيها بتفكير ودهشة حين هتفت سماح بحزع يشحب وجهها بشدة قائلة 

: لاااا... انا عارفة دول مين... دول الستات اللى اتخنقت معاهم قبل كده والظاهر كانوا جاين يكملوا معايا الخناقة.. اصل انا كنت قليلة الذوق معاهم قبل كده بصراحة


ودون ان تمهل الفرصة لاحد بالاعتراض التفتت الى عادل قائلة بصوت حازم رغم الارتعاشة به والتى لم يلاحظها احد سوى فرح المراقبة لها بأهتمام قلق

:معلش يا استاذ عادل..انا كنت قلت لحضرتك انى عاوزة اسيب الشغل بعد اسبوعين بس لو مفيش عندك اعتراض انا هسيبه من النهاردة..زى ماحضرتك شايف مش هقدر اكمل 


ساد الصمت ارجاء المكان بعد حديثها الصادم لهم قبل ان يقطعه الحاج منصور يحاول اثنائها عن قرارها لكنها لم تتراجع بل زاد تصميمها بطريقة بعثت الشك داخل فرح بأن امر ما خلف قرارها هذا ويجب ان تعرف ماذا يجرى بداخل عقل شقيقتها لكن ليس الان فستنتظر ذهاب الجميع وبعدها فلتحصل على اجابتها 


حين لم يستطع الحاج منصور ولا احد من الحضور حتى صالح اقناعها بالعدول عن قرارها  تحدث عادل اخيرا بوجوم وحدة بعد صمته الطويل و مراقبته الحديث الدائر دون مقاطعة منه 

:تمام يا سماح اللى تشوفيه.. مفيش مشكلة عندى..المهم راحتك وانك تقومى بالسلامة. عن اذنكم علشان المكتب لوحده


وفى ثانية كان يفتح الباب مغادرا بسرعة يتبعه صالح فورا مناديا عليه ان ينتظره يغادر خلفه فورا هو الاخر يتركون المكان بعد مغادرتهما مشحون بالتوتر  والوجوم يسود الصمت بينهم مرة اخرى للحظات قال بعد الحاج منصور بأسف

: والله ياسماح يابنتى خسارة الشغلانة دى ومش هتعرفى  تعوضيها تانى.. بس هقول ايه يابنتى ده قرارك وانتى حرة فيه


ثم نهض هو الاخر يلتفت لزوجته يسألها بهدوء

:مش يلا بينا ياحاجة احنا كمان ولا ايه؟


هزت انصاف رأسها بالرفض قائلة برجاء له

:لا روح انت ياحاج بالسلامة وانا هقعد معاهم شوية وبعدين هبقى ارجع انا وفرح على البيت..


هتفت كريمة بترحاب وسعادة 

:ااه روح انت ياحاج من غير شر وسيب الحاجة معانا  شوية اصلها وحشانى اووى


هز منصور رأسه بالموافقة يغادر بعدها بعد ان القى عليهم بالسلام لتندمج انصاف وكريمة فى الحديث غافلين عن حديث النظرات المبهم بين فرح وسماح والتى هربت بعينيها بعيدا هربا عن تحديق شقيقتها النافذ لها تندمج فى  الحديث معهم هى الاخرى بأرتباك وتوتر جعل من شك فرح يقين بأن هناك ما تخفيه عنها وهى لن تتراجع حتى تعرف ما هو


************************


توقفت انصاف امام منزلها تمد يدها بالمفتاح الخاص بشقتها الى فرح بعد عودتهم قائلة لها بحنان  

: معلش يافرح اطلعى انتى ياحبيبتى صحى ياسمين من النوم وخليها تجهز..قبل ما صالح يرجع ومعاه عادل...انتى عارفة نومها تقيل وميصحش يجى يلاقيها نايمة وانا هجيب حاجة من خالتك ام نبيل واحصلك


اومأت فرح رأسها لها بضعف تمسك بالمفتاح تدلف هى للداخل ثم تصعد درجات الدرج بتعب وارهاق وذهن شارد فى شقيقتها وماحدث لها ورفضها وتهربها منها ومن اسئلتها وقد غادرت محبطة من هناك دون ان ان تحصل على اجابة منها لتسأولاتها لكنها لن تستسلم وستحصل عليها عاجلا ام اجلا مهما كلفها الامر 


فتحت الباب تتقدم للداخل بأتجاه غرفة ياسمين تهم بفتح الباب لكن تجمدت يديها حين وصل لها صوت سمر وهى تهتف مستنكرة بصوت ساخر

:يخربيتك يا مجنونة..ومخفتيش تتكشفى ولا البت تروح فيها وانتى تروحى وراها فى داهية


اصدرت ياسمين صوت من فمها يدل على استهزائها قائلة بصوت حاد مغلول

: ياريت كان حصل وكنت خلصت منها الجربوعة دى بس حظها حلو بنت ال*** وهى زى القرد محصلش ليها حاجة


سمر بأهتمام وتحذير 

:ااه بس خدى بالك مش هتعدى بالساهل كده زى المرة اللى فاتت اكيد مدام  اخوكى عرف مش هيسكت وهجيب الستات دى من تحت الارض


ياسمين وقد احتقن وجهها بالغل قائلة 

:عارفة ياختى انه هيعمل كده علشان يرضى الجربوعة التانية مراته بس يبقى يقابلنى لو وصل لحاجة...ما انت عارفة انهم مش من البلد ولا من هنا خالص


صدحت ضحكة سمر العالية تهتف بعدم تصديق 

:يخربيتك دانت مصيبة وانا اللى كنت فكراكى هبلة وهتودينا فى داهية وتقعى من الخوف اول ما اتفقنا مع الستات اول مرة..طلعتى مش هينة لا واتفقتى معاهم المرة دى من ورايا 


ياسمين بصوت حقود وهى تشتعل من نار غيرتها وغلها

: مانا مش هقف ساكتة و انا بشوف سماح دى بتخطفه منى..مش ياسمين اللى حتة زبالة زى دى تعلم عليها وتاخد حاجة بتاعتها


كانت تقف خلف الباب مذهولة تزحف البرودة الى جسدها كله لاتستطيع تصديق كل هذا الشر والحقد  فيما تسمعه حتى اتى اسم شقيقتها لتدب فى جسدها الحياة يغشى عينيها الغضب وهى تدفع فجأة الباب بعنف فيرتطم بالحائط بصوت مدوى جعلهم يشهقون عاليا وهم يتطلعون نحوها بصدمة وخوف بينما وقفت هى امامهم تتطلع اليهم بنظرات محتقرة صارخة بهم بأشمئزاز  

:اه يا شوية زبالة يا ولاد ال*** بقى انتم اللى ورا اللى حصل لاختى النهاردة...والله لفرج عليكم خلقه واخلى اللى ميشترى يتفرج عليهم


وبالفعل اندفعت نحوهم يحركها غضبها المشتعل ولكن وقبل اقترابهم منهم اسرعوا هم نحوها تحيطها كل واحدة من جهة وبرغم مقاومتها لهم استطاعت سمر ان تقيد ذراعيها خلف ظهرها بينما اسرعت ياسمين بوضع كفها فوق فمها تمنعها من الصراخ وهى تهتف برجاء واستعطاف 

:انت فهمتنا غلط يا فرح مش اختك خالص والله.. اسمعى بس واحنا هنفهمك كل حاجة 


اخذت تحاول المقاومة وقد شعرت بالاختناق من اثر كف ياسمين الجاثم فوق انفاسها تقل مقاومتها شيئ فشيئ وكادت ان تسقط ارضا لولا ذراع سمر المقيدة لها  حتى تعال صوت رجولى مذهول فى  الغرفة يتسأل عما يجرى مما جعل ياسمين وسمر يتراجعان بعيدة عنها بخوف وارتعاب عند رؤيتهم لحسن متجمد على بابها وهى لحظة بعدها حتى اندفع  صالح واقتحم الغرفة يدفع حسن بكتفه  وهو يهتف بجزع  حين رأى فرح ساقطة ارضا فى تلك الحالة يجثو على ركبتيه بجوارها يسألهم بخوف وارتعاب

:  مالها فرح... حصل لها ايه.؟! 


رفع وجهه يهتف بهم بغضب شرس بعد ان ظلا على صمتهم 

:انطقى منك ليها...حصل ايه؟


فز جسدهم برعب من مكانهم يتطلعون الى بعضهم بخوف يسارعون فى اجابته فى صوت واحد وبأجابات غير مترابطة حتى صرخ بهم حسن يوقفهم عن الكلام قائلا وعينيه مسلطة فوق زوجته يسألها بهدوء شديد ارعبها 

: انطقى يا سمر وقولى ايه اللى حصل وصلكم للمنظر اللى شوفته ده اول ما دخلت عليكم 


كان صالح فى تلك الاثناء يربت فوق وجنتها يحاول ان يجعلها تفيق وهو يناديها بصوت خائف مرتعش حتى فتحت عينيها اخيرا له وفور ان رأت وجهه  المنحنى فوقها بقلق حتى شهقت باكية ترفع ذراعيها تتعلق فى عنقه بلهفة مستنجدة به بخوف اشعل فى جسده الغضب وهو يرى حالتها وارتعبها شديد هذا ليصرخ بشراسة وهو يتطلع نحوهم بغضب شرس سحب الدماء من وجههم ليتركها شاحبة كالموتى

: انطقى انتى وهى عملتوا فيها ايه؟! 


اندفع والديهم ومعهم عادل الى داخل الغرفة بعد ان وصلتهم اصوات صراخهم العالية بالخارج يتجمدون بصدمة وهم يطالعون المشهد امامهم وقد وقفت سمر ومعها ياسمين يذرفون دموع الخوف تهتف سمر بتلعثم بعد صراخ صالح الغاضب عليهم 

: ابدا الله ياخويا ماحصلش حاجة.. كل الحكاية انها سمعتنا انا وياسمين بنتكلم عن واحدة صاحبتنا وافتكرتنا بنتكلم على اختها


اسرعت ياسمين تؤيد حديثها بلهفة وقد وجدت به طوق النجاة ولكن اتت صرخت فرح تقاطعها قائلة بصوت هستيرى باكى

:كدابين والله كدابين..هما اللى عملوا كده فى سماح النهاردة وبعتوا ليها الستات اول مرة كمان


ثم اخذت تقص عليهم كل ماسمعته من حديثهم قبل اقتحامها الغرفة عليهم لتلطم انصاف خديها صارخة بجزع وهى تندفع الى الداخل تجذب ابنتها تسألها عن حقيقة ماحدث لكنها تجاهلتها تسرع بأتجاه عادل الشاحب وعيونه متسعة بصدمة  تمسك بذراعه هاتفة بتضرع

:متصدقش ياعادل...دى كدابة والله كدابة..دى بتقول كده علشان طمعانة فيك للجربوعة اختها 


وقف مكانه يتطلع اليها بأحتقار يهز رأسه بعدم تصديق قبل ان ينفض ذراعه عنها مغادرا المكان فورا  لتظل تتابعه بهزيمة وعيون مصدومة  للحظة ثم التفتت نحو فرح صارخة بغل تحاول الانقضاض عليها تسبها بأفظع الالفاظ ولكن اتت قبضة صالح تمسك بشعرها يجذبها بعيدا عن فرح الجالسة ارضا وهو يصرخ بها 

: انتى اتجننتى عاوزة تمدى ايدك عليها وانا واقف؟


دفعها بعيدا بعنف حتى كادت ان تسقط ارضا لولا ذراع انصاف والتى التقطتها قبل سقوطها تحاول ان تجعلها تصمت لكنها لم تتراجع صارخة بغل تلتوى شفتيها بسخرية حاقدة

:طبعا لازم تدافع عن ست الحسن...ماهو لو معملتش كده هتسيبك زى اللى قبلها...وتعمل منك مسخة فى الحارة كلها بعد اما تعرف بعيبك...علشان كده لازم تطاطى راسك ليها وت.....


صرخت بألم حين هوت انصاف على وجنتها بصفعة قوية اطارت وجهها للجانب الاخر بعنف وهى تصرخ بها بغضب ومعها زوجها هو الاخر تنهال عليها الضربات والصراخ حتى من حسن لتستغل سمر الفرصة تسرع بالهروب من المكان ترتطم فى تحركها بصالح لكنه لم يعيرها انتباه وقد وقف مكانه شاحب تتهدل اكتافه كأنه جسد ميت سحب منه الحياة لتسرع فرح بالنهوض على قدميها بسرعة تقف امامه وعيونها تتطلع اليها بلهفة وتناديه به بتضرع وهى تحتضن وجنتيه بين كفيها تحاول التواصل مع عينيه  بنظرة الالم والانكسار بهم بعد ان اختفى ووهجها المألوف لكنها فشلت تماما فوقفت فوق روؤس اصابعها تلف ذراعيها حول عنقه تسحب جسده المتجمد الى جسدها فى عناق تمنت لو تستطيع من خلاله ان تسحب المه اليها هى حتى لا تراه فى تلك الحالة لكن ماأن  لمس جسده جسدها حتى انتفض كما لو مسكته الكهرباء يدفعها بعيدا عنه ثم يندفع مغادرا الغرفة فورا يتركها خلفه هامسة بأسمه بصوت لم يغادر شفتيها لكن كان قلبها يصرخ به 

**************************** 


جلست تضم ركبتيها معا تستند برأسها فوقهم وعيونها الباكية تتطلع نحو الباب بأمل فى انتظار عودته تشعر بروحها وقد فارقتها بحثا عنه ولن ترد اليها الا برجوعه تمر بها الساعات وهى مكانها ثابتة لاتتحرك كتمثال منحوت على هذا الوضع بعد ان انهت مكالمتها مع شقيقتها بدأتها بسؤال باكى متألم

:كنت عارفة ان هى اللى عملتها صح ياسماح


لتتنهد سماح بحرارة قبل ان تجيبها بعد لحظة تردد

: ايوه يا فرح كنت عارفة.. لما حصل اللى حصل مكنش مغمى عليا زى ماكانوا فاكرين وسمعتهم وهما بيتكلموا عن ياسمين..بس دى اول مرة اعرف منك ان سمر كمان معاها


سألتها فرح بخفوت

:طب ومقولتيش ليا ليه ياسماح كان لازم تعرفينى انها.....


قاطعتها سماح بحزم 

:علشان كنت عارفة انك مش هتسكتى.. والبيت هيتقلب حريقة ويولع نار واللى حسبته لقيته يافرح


بكت فرحة بحرقة بعد كلماتها تدرك صدق حديثها وفقد كانت اول من طالته النار بعد غيابه عن المنزل الى الان وقد اقترب الفجر ان يأذن وهو لم يعد بعد تجلس فى انتظاره منذ ان انهت مكالمتها مع سماح  وقد اخذت تحاول فيها ان تطمئنها بكلمات مهدئة لكن لم تفعل لها شيئ او تهدء من  وخوفها هلعها عليه يمر عليها الوقت ببطء شديد قاتل لا تعلم مداه 


حتى ردت اليها الروح  اخيرا حين سمعت صوت المفتاح يدور بالباب ينبها لحضوره لتنهض واقفة بقلب مرتجف تتعالى دقاته بصخب فى انتظار رؤيته وما ان لمحته حتى اسرعت تجرى بلهفة نحوه تلقى بجسدها عليه تحتضنه بقوة مباغتة اياه وقد وقف بجسد متجمد غير متجاوب لكنها لم تستسلم بل رفعت نفسها على اصابع قدميها تقبله بكل ما تحمله من لهفة وشوق له ترتعش شفتيها وهى تحتضن شفتيه للحظات بثته فيها كل خوفها وقلقها عليه برغم بجسده المتجمد الا من رجفة ضعيفة لشفتيه من اثر هجموها الكاسح عليه تزحف بيدها على صدره تضعها فوق موضع قلبه يرتفع املها حين شعرت بنبضاته السريع اسفلها لتبتعد انشاً واحدا هامسة بلهفة وعيونها تنطق بلوعتها تردد كلماته السابقة لها لعلها تخروجه بها من حالة الجمود تلك

:وحشتنى...وحشتنى اوووى..اياك تسيبنى لوحدى تانى وتمشى 

ظلمها عشقاً بقلم ايمى نور

شعرت بالرجفة التى اصابته وارتعاشة شفتيه كأنه يقاوم تأثير تلك الكلمات عليه لكنها لم تمهله الفرصة للمقاومة تواصل هجومها عليه عينيها تحدق فى ظلمة عينيه بثبات برغم الدموع بها وقد نوت الا تخرج من هذه المعركة الا وهى فائزة به 

: لما بتسبنى لوحدى بحس انى يتيمة ومليش ضهر ولا سند...اياك تخلينى احس تانى بكده ياصالح...اياك بعد ما بقيت كل دنيتى وناسى واهلى تتخلى عنى او تخلينى احس باليتم... انا روحى بتنسحب منى لما بتبعد بعيد عنى ولو لثانية واحدة... عارف ليه علشان انتى روحى ياصالح فاهم ولا لا


عاودت احتضانه مرة اخرى بقوة ولم تنتظر هذه المرة منه استجابة ولا تبالى برد منه على اعترافها هذا فقط كل ما ارادته ان تجذبه خارج تلك الظلمة والتى تراها بعيونه وقد اجتذبته بداخلها يكفيها وجوده فقد بالقرب منها ولكنه وفجأة كما لو كانت كلماتها قد اخترقت الظلام الذى يحيط به تبدده فيرفع ذراعيه المتهدلة جانبه الى خصرها يتشبث به بقوة قبل ان يسحقها الى صدره فى عناق عنيف قاسى كاد ان يسحق عظامها تحت ضغطه لكنها وقفت طائعة بترحاب سعيدة  بتلك الاستجابة منه لا يصدر عنها صوت معترض واحد وهو ينحنى عليها يحملها بين ذراعيه بخشونة يتجه بها ناحية غرفتهم تدس برأسها فى عنقه وهى تلف ذراعيها حوله متعلقة به فى اشارة ترحيب منها بعاصفة مشاعره القادمة


******************


تكملة الرواية من هناااااااااا


تعليقات

التنقل السريع