القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ظلمها عشقا الفصل 26-27-28-29الاخيرقلم ايمى نور (جميع الفصول كامله)

 رواية ظلمها عشقا الفصل 26-27-28-29الاخيرقلم ايمى نور (جميع الفصول كامله)




رواية ظلمها عشقا الفصل 26-27-28-29الاخيرقلم ايمى نور (جميع الفصول كامله)

ظلما_عشقاً 

الفصل_السادس_والعشرون


 اقتربت كريمة من سماح ببطء ووقفت بجوارها تتململ فى وقفتها لاتدرى كيف تبدء الحديث وهى على وشك المغادرة هى واطفالها الى قرية والديها للبدء فى حياة جديدة لكنها لاتستطيع الخروج هكذا دون ان تحاول اصلاح ولو جزء مما اقترفته فى حقهم وظلت طوال الليل تعد ما ستقوله وترتب له جيدا ولكن حين حانت اللحظة هرب كل شيئ من عقلها تقف امامها تستجمع شجاعتها عدة لحظات تجاهلتها فيهم سماح تماما حتى استطاعت القول اخيرا بصوت خافت متردد

: سماح انا مش عاوزة قبل ما امشى تكونوا زعلانين منى.. 


ظلت سماح جالسة كما هى تتطلع امامها بجمود ولا يظهر على ملامحها اى استجابة  لتكمل كريمة برجاء وعتب

:طيب ردى عليا وكلمينى...متبقيش زى اختك فرح 


ابتسمت سماح ساخرة بمرارة قائلة 

: انتى كمان زعلانة انها مش عاوزة تكلمك بعد ما جوزها كان هيروح فى داهية وانتى كنت عارفة وسكتى 


سحبت كريمة احد المقاعد تجلس عليه فى مقابلها وهى تقول برجاء

:طب اسمعينى بس..انا والله ما كنت ناوية اعمل اللى ظاظا طلبه منى...انا كنت هاخد القرشين واخد عيالى واشوف مصلحتى بعيد عن هنا.....


قاطعتها سماح ولاول مرة ترى كريمة هذا الوجه منها  وهى تلتفت لها صارخة بكل الغضب ومرارة الخذلان والتى تشعر بهم فى هذه اللحظة

:مصلحتك على حساب اختى وبيتها؟!...مجاش فى بالك وانتى بتفكرى فى نفسك تفكرى فيها وفى اللى هيحصل لها لو ظاظا قدر ينفذ اللى عاوزه بحد تانى غيرك...ده حتى مش بعيد يبقى جوزك..وزى ماعملها مرة يعملها تانى وتالت


شحب وجه كريمة تحاول الحديث والبحث عن كلمات تدافع بها عن تفكيرها الانانى لكنها لم تجد فتطبق فمها وتحنى رأسها من خزى فعلتها لتبسم سماح  قائلة بسخرية 

: اخدتى بالك دلوقت صح.... فكرتى فيها وفى اللى كان هيحصل... 


تغيرت نبرتها تختنق بغصة البكاء قائلة لها بخيبة امل

: طب كنتى على الاقل تعالى ونبهينى للى بيحصل ولا عرفى فرح وبلاش تقولى لصالح لو كنت خايفة منه... بس لا انتى اتسعرتى اول ما شوفتى الفلوس ونسيتى كل حاجة الا نفسك وبس


رفعت كريمة وجهها وعينيها مغرووقة بالدموع قائلة بندم وبصوت متحشرج  

: كان نفسى ابعد عن هنا... كان نفسى ولادى مايشفوش اللى انت وفرح شوفتوه بالعيشة هنا 


نهضت سماح واقفة ببطء قائلة وهى تتطلع نحوها بحسرة والم

:وهو حصل ياكريمة وربنا يهنيكى فى حياتك..بس عاوزة اقولك ان برغم كل اللى شوفته انا وفرح فى عشتنا مع جوزك عمرنا ما فكرنا نسيب هنا ونبعد 

عارفة ليه؟! علشانك ياكريمة...علشان منسبش اخت تانية لينا..اخت باعتنا فى اقرب فرصة من غير تفكر ثانية واحدة غير فى نفسها 


رفعت كفيها بتحذير لها حين نهضت كريمة من مقعدها تحاول التقدم منها قائلة برجاء وصوت مرتعش 

: انسى ياكريمة وعيشى حياتك زى مانتى كنت عاوزة وانسينى وانسى فرح احنا خلاص مبقاش لينا حد


سارت بأتجاه غرفتها عدة خطوات لكنها توقفت تلتفت نحوها مرة اخرى تبتسم بضعف ومرارة قائلة 

:اه عوزة اقولك اللى شوفته انا وفرح وخلاكى عاوزة تهربى منه لسه بنشوفه وبنعانى منه لحد النهاردة


دخلت غرفتها تغلق بابها خلفها وتضعه حاجز بينها وبين انسانة كانت من اعز الناس اليها لتنهار كريمة فى البكاء يصل صوتها الى سماح والتى وقفت خلف الباب تستمع اليها لكنها لم تجد فى نفسها القدرة على الغفران او المسامحة ربما فيما بعد قد تستطيع الايام رأب هذا الصدع بينهم وتعود النفوس الى ماكانت عليه يوما ما 

********************


يومين وهو ينتظر فى محله يتأكله القلق والرعب حاول فيهم الوصول الى ذلك الاحمق وزوجته ولكن تقطعت به كل السبل للوصول اليهم فقد اختفى مليجى فى اليوم الثانى من تهديده له ووزوجته هى الاخرى قد اغلقت هاتفها ولا يستطيع الوصول اليها من خلاله 


فكر ان يبعث اليها باحد الاشخاص ليسأل عنها فى منزلها لكنه يخاف ان ينكشف امره ويدرك احد صلته بها لذا فضل فتح محله كما يفعل كل يوم والتصرف بطبيعية حتى تتضح لها الامور وعلى ضوئها يستطيع التصرف 


مرت ساعة اخرى عليه قضاها فى قلقه وافكاره حتى قرر النهوض والذهاب للجلوس على المقهى المجاور لمحل صالح لعله يلمح او يستمع لشيئ مما يدور وبالفعل تقدم بخطوات حتى الباب الخارجى يلقى للعامل لديه بعدة اوامر وهو فى طريقه للخروج لكنه صدم بجسد بأخر شخص تمنى لقائه فى هذا اللحظة وهو صالح والذى ابتسم بسخرية ونظرات عينيه ثابتة لكنها ايضا خبيثة غامضة وهو يتحدث اليه قائلة بنبرة عادية مرحة

:على فين كده يا معلم...دانا كنت عاوز فى كلمتين 


صدم انور  لاا بل صعق حرفيا وقد ارتعبت ملامحه تفر الدماء من جسده وعينيه تتطلع نحو صالح المبتسم بهدوء واستمتاع كأنه قط وقد اوقع فأر فى احدى الاركان حتى يستمتع باللعب معه قبل الانقضاض عليه  وهو يتحدث قائلا ببطء  وعينيه تطلق بتحذير له وهو يمد يده نحو ياقة قميص انور يعبث بها  

: بس لو مشغول ولا وراك مشوار مهم انا ممكن اجيلك وقت تانى 


وجد انور نفسه يهز رأسه بالرفض دون شعور برغم مطالبة عقله له بالفرار والتحجج بأنه لديه بالفعل عمل ما يستدعى رحيله لتتسع ابتسامة صالح وتصبح ابتسامة ذئبية قائلا 

: حلو اووى... يبقى  اتفضل يا معلم انور واقعد على مكتبك خلينا نقول الكلمتين


اومأ انور له رأسه كالمغيب يتراجع بظهره للخلف مع تقدم صالح بخطواته  للداخل حتى وصل اخيرا لمكتبه يلتف حوله جالسا على المقعد خلفه بعنف بعد ان اصبحت قدميه كالهلام لا تقوى على حمله يتابع جلوس صالح المسترخى فوق المقعد المقابل له ويقوم بأشعال لفافة تبغ بهدوء وتركيز شديد قبل ان يتحدث اخيرا بنبرة عادية

: قولى يا انور... زعلت على فلوسك اللى راحت منك والقلم بتاع الست كريمة ولا لا


اهتز جسده بعنف كمن ضربته صاعقة من مباغتة صالح له فقد ظن انه سيراوغ فى البداية ويعطى له الفرصة للتغطية على فعلته والبحث عن مخرج لكنه لم يمهل الوقت بل سدد له الضربة فى مقتل وجعله لا يستطع حتى ان ينبث بلفظ واحد وهو يستمر فى هجومه دون رحمة يكمل قائلا دون ان ينتظر ردا على سؤاله

: اكيد طبعا زعلت ده مبلغ برضه مش قليل.. انا لو مكانك كنت هزعل اكيد


ازدرد انور لعابه بصعوبة يتصبب جبينه بالعرق حتى سال على وجهه يحاول التحدث فخرج صوته مرتعش خافت  

:انا..مش عارف انت بتتكلم عن ايه...ياصالح بالظبط 


تراجع صالح براحة للخلف فى مقعده قائلا بصوت غير مبالى وهو ينظر لطرف سيجارته 

:بس انا عارف يا انور...وجاى النهاردة علشان نخلص كل حاجة بينا ونقفل عليه الموضوع ده خالص


هم انور بالانكار مرة اخرى بعدم معرفته عن اى شيئ يتحدث لكن لم يمهله صالح الفرصة ينقض عليه يجذب فوق المكتب من قميصه نحوه  حتى تقابلت الاوجه وتتصادم الاعين واحدة بنظرات مرتعبة واخرى شرسة قاسية يفح صاحبها من بين انفاسه 

: ماقلت لك انا جاى احل واخلص...يبقى تجيلى دوغرى كده وبلاش شغل اللوع بتاعك ده معايا..ها قلت ايه


اومأ له انور له بالموافقة بسرعة وخوف جعل ابتسامة صالح ترتسم فوق شفتيه يرفع كفه يربت فوق وجنة انور بقوة قائلا 

:جدع يا انور..  كده نبقى حبايب


تركه وعاود الجلوس فى مقعده قائلا 

:هااا تحب تبتدى منين بقى...انا بقول من الاول من يوم ما طلبت ايد فرح وهى رفضتك 


هز انور رأسه بالموافقة يزدرد لعابه مرة اخرى وهو يحاول استجماع شجاعته ثم يشرع فى اخباره بكل مافعله من يومها وحتى وقتهم هذا بينما جلس صالح بهدوء و اتزان بعكس ما يثور بداخله فى تلك اللحظة حتى انتهى انور اخيرا من قص كل ماحدث يتنفس بسرعة وخوف فى انتظار رد فعل صالح ولكن صالح سأله سؤال واحد فقط كان هو الوحيد الذى يحتاج الى اجابته فقد كان على علم بكل ما سبق الا هذا 

:مليجى عرف منين انى مبخلفش..ومتقولش من بنات اخته علشان انا عارف ان ده محصلش


ازداد وجه انور شحوبا من لهجة صالح التحذيرية قائلا وهو يرتجف وبصوت مختنق

:مليجى مكنش يعرف..انا..اللى قلت كده...علشان...علشان...


نهض صالح من مقعده ببطء يكمل بدلا عنه بخشونة وقسوة

:  علشان افتكر ان فرح او سماح هما اللى عرفوا خالهم مش كده يا انور


ارتعش جسده وينتفض فوق مقعده وهو ينظر الى صالح بتضرع ورجاء يهتف 

: الشيطان والله اللى لعب بيا...انا مش عارف انا عملت كل ده ازى... الشيطان صورلى ان.. ان فرح لو سابتك ممكن تحبنى زى مانا كمان بحب .....


فح صالح من بين انفاسه يوقفه وقد احتقن وجهه بشدة وعينيه تزداد شراستها

:اخرس...متكملش...الا لو عاوز لسانك ده يتقطع ويترمى تحت رجليك ويتقطع معاه حاجة تانية 


ضم انور قدميه بحماية يرتجف من كلمات صالح وهو يعلم بأنها ليست بتهديد فارغ يصرخ بأرتعاب 

:هسكت خالص والله مش هتسمع ليا صوت تانى...اقولك انا هسيب المحل والحارة كلها وننسى كل اللى حصل وهو الحمد لله عدت على خير... وانت كويس والدنيا معاك تمام.. قلت ايه ياصالح 


لم يجيبه صالح  بل نهض على قدميه يخرج هاتفه من جيبه بعد ان وصلته رسالة تطلع اليها ثم وضعه فى جيبه مرة اخرى يتجه بعدها نحو الباب قائلا

: مستعجلش على ردى يا انور... هيوصلك هيوصلك


سار حتى الباب الخارجى تحت نظرات انور الزائغة المرتعبة وقبل بلوغه بخطوة التفت اليه فجأة يخرج من الجيب الخاص بسترته لفافة القاها نحوه فورا قائلا

: انور الامانة دى تخصك... اظن انت عارف هى فيها ايه 


لقفها انور بين يديه ينظر اليها كأنها قنبلة موقوتة برغم علمه على ما تحتويه ثم يضعها امامه شاردا عن خروج صالح من المحل تماما ووقوفه خارجه بعدة خطوات كأنه فى انتظار حدوث شيئ ما حتى تعالت صوت سرينة سيارة الشرطة  ارتفعت معها ابتسامته الواثقة وهو يقف يتابع مع عدد من اهالى الحارة خروج رجال الشرطة منها ثم يسرعوا للدخول الى محل انور ما هى سوى لحظات حتى خرجوا بعدها ومعهم انور مسحوب من ياقة قميصه وهو يصرخ بهسترية يستطعفهم ويترجاهم ان يتركوه  حتى وقعت عينيه على صالح يرى فى عينيه وعلى  وجهه القاسى رده على سؤاله له منذ قليل يدرك بأنه اذاقه من نفس الكأس الذى حاول ان يذيقه منه منذ ايام وفشل

  

بعدها  جلس صالح ومعه عادل والذى اخذ يتحدث فى هاتفه عدة لحظات قبل ان ينهى المكالمة يلتفت الى صالح قائلا 

:كده انور راح فى ستين داهية اقل ما فيها  ١٥سنة سجن اشغال بعد البلاوى اللى لقوها فى الشقة اياها


سأله صالح بأهتمام 

:طب مليجى كان موجود ساعتها 


هز عادل رأسه بالنفى ليتنهد صالح براحة ليكمل عادل قائلا 

:بس طبعا لسه قضية البلاغ الكاذب.. دى فيها حبس وغرامة


هز صالح رأسه بعدم اكتراث قائلا

: مش مشكلة وهو  يتربى  يمكن يمشى عدل بعدها....


تصاعد صوت هاتفه مقاطعا حديثه ليخرج من جيبه   يفتح الاتصال ويجيب بهدوء قائلا 

:ايوه ياحسن...تحت هكون فين يعنى... طب حاضر طالع... خلاص ياحسن قلت طالع 


انهى الاتصال يلقى بالهاتف فوق المكتب عاقدا حاحبيه بتفكير ليسأله عادل بقلق 

: حصل حاجة ياصالح ولا ايه 


هز صالح رأسه بالنفى قائلا 

: لاا ده الحاج عاوزنى اطلع علشان مستنيتى... 


نهض عادل من مقعده وهو يتحدث قائلا بهدوء 

: طب قوم اطلع... ونبقى نتقابل بليل 


هز له صالح رأسه بعقل شارد ولم يلاحظ تردد عادل وتوتره فى وقفته  قبل ان يكمل قائلا بأضطراب

: كنت عاوز اكلمك فى موضوعى انا و....


ازاد اضطرابه وارتباكه يشعر صالح بالشفقة عليه وهو ينهض عن مقعده ويقترب منه مربتا فوق كتفه قائلا بلين

:عارف ياعادل انت عاوز تتكلم عن مين..بس زى ما قلتلك الموضوع مش سهل خصوصا بعد اللى حصل بينك وبين ياسمين وهى عارفة ده وعاملة حسابه...


اومأ عادل له قائلا بصوت حزين 

:وانا كمان عارف..انا اصلا مش مصدق نفسى ان بطلب منك انت تساعدنى..بس اعمل ايه مفيش حد تانى ادامى 


زفر صالح بقوة يربت فوق كتف صديقه لا يعلم كيف له ان يهون عليه فقد كان هو الاخر فى موقف لا يحسد عليه قائلا برفق

:هتتحل يا عادل...كل حاجة وليها وقت وبعد كده بتتنسى والدنيا بتمشى..بس الصبر 


لم يجد عادل ما بجيب به يعلم صدق حديثه فليس امامه سوى التمهل والصبر ولعل بعدها يأتى الفرج القريب ويكافئ بمراده وقتها

*********************

جلست امامهم تشعر كانها فى محاكمة نصبت لها وكل الاعين من حولها تنظر اليها بنظرات متهمة تحاول التماسك حتى لا تنهار فى البكاء تدعو فى داخلها ان يأتى سريعا ويجيب هو على كل هذه الاسئلة الموجة اليها ولا تدرى كيف تجيب عليها خشية ان تزيد من اتساع دائرة اتهاماتها هى وعائلتها امامهم


حتى هتف بها الحاج منصور بحنق وغضب 

: يعنى ده جزاء صالح وجزائنا عند خالك ومراته بعد وقفنا جنبكم كل السنين دى...عاوزين يودوا ابنى فى داهية... عاوزين يسجنوه.. وعلشان ايه علشان انور ظاظا... طب كانوا بيوافقوا على الجوازة من الاول ليه لما صالح مش عجبهم...كان بلاها دى جوازة انا مش مستغتى عن ابنى...  


لم تحتمل فرح كل هذا الهجوم ينعقد لسانها من حيائها  فى الدافع عن نفسها والصراخ بهم جميعا بأن ليس لها ذنب فيما حدث بأنها ضحية هى الاخرى لاطماع خالها وزوجته تسمع الحاج منصور يكمل ويزيد من وضع المزيد من الملح فوق جرحها وهو يسب ويلعن فى خالها ومعه زوجته لتحنى رأسها بخزى شاهقة بالبكاء بطريقة جعلت انصاف تهب من مكانها تجلس بجوارها وتحتضنها بين ذراعيها قائلة بحزم وصوت مشفق 

: خلاص يا حاج..اللى حصل حصل وفرح ملهاش ذنب فى كل ده...ما احنا طول عمرنا عارفين عمايل مليجى ومصايبه هو يعنى جديد علينا


زفر منصور بحنق يعلم بصدق حديث زوجته ولكن كان فى حاجة لتنفيس عن غضبه يهم بالرد عليها 


ولكن فى تلك اللحظة كان صالح قد دخل للمكان تتسمر قدميه حين وصل اليه صوت شهقات بكائها ومحاولات والدته تهدئتها  وعينيه تدور  فى المكان

من حوله يلاحظ التوتر المشحون به  يسأل بقلق وقدمه تقوده نحوها 

: فى ايه حصل... فرح بتعيط ليه؟


ابتسمت انصاف ابتسامة ضعيفة متوترة قائلة بمرح مصطنع

: مفيش...ولا بتعيط ولا حاجة...مش كده يابت يافرح


سأل صالح مرة اخرى ولكنه هذه المرة بحدة وحزم غير مبالى بأجابة والدته ليهب والده يجيبه هو الاخر بحدة 

:كنت بشوف رأيها فى عمايل اهلها السودا...


عقد صالح حاجبيه بشدة وضيق ليكمل والده قائلا 

: ايه كنت فاكر انى مش هعرف...بلى حصل من خالها ومراته


التفت صالح بحدة نحو الى اخيه يتطلع اليه ليحنى حسن رأسه على الفور هاربا من نظراته يتوتر فى جلسته ليظل صالح ينظر اليه  قائلا بأسف واحتقار 

: كان لازم اعرف انك عيل وعمرك ما هتتغير ابداً


صرخ به منصور بغضب عنيف قائلا

:ملكش دعوة باخوك وخليك معايا هنا...معرفتنيش ليه بلى حصل..هاا فضلت ساكت ومخبى عليا ليه...ايه خلاص قلت ان ابوك عجز و كبرت عليه 


زفر صالح بقوة قائلا بنفاذ صبر 

:بقولك ايه ياحاج..ده حاجة متستهلش وعرفت  انهيها يبقى لازمتها ايه الشوشرة وكتر الكلام


سأله منصور بأستهجان يحاول السيطرة على غضبه 

: يعنى انت مش شايف انك غلطان.. انك تخبى عننا حاجة زى دى


هز صالح رأسه بالايجاب قائلا بحزم 

: لا مش غلطان انا مش عيل صغير كل ما يحصل معاه حاجة هيجرى على ابوه اعيط له واقوله الحقنى 


التفت صالح نحو حسن يلوى شفتيه باستهزاء قائلا بكلمات ذات مغزى 

: كفاية واحد... مش هنخيب احنا الاتنين 


رفع حسن رأسه هاتفا باعتراض 

: انا قلت لابوك علشان كنت......


قاطعه صالح قائلا بسخرية 

: لاا عارف قلت ليه وعلشان ايه مش محتاجة شرح المسألة... بس الظاهر كده ان مفيش حد بيتغير بسهولة واللى فيه طبع بيعيش ويموت بيه


تقدم نحو فرح يجذبها من يدها نحوه وهو يوجه حديثه لوالده هذه المرة 

:فرح مالهاش دخل ولا ليها دعوة بالموضوع ده..واى كلام بعد كده بخصوصه تحب تتكلم فيه ياحاج يبقى معايا انا 


انهى حديثه يجذبها معه ويغادر المكان على الفور لتهتف انصاف بعد انصرافهم بحدة 

:قلتلك ياحاج البت ملهاش ذنب وغلبانة...ومكنش ليه لازمة اللى عملته ده 


جلس منصور زافر بحنق وغضب 

: يعنى كنت عوزانى اعمل ايه يا انصاف لما اسمع كل البلاوى دى


نظرت انصاف نحو حسن قائلة بلوم 

: عندك حق يا خويا..انت معزور برضه 


رفع حسن حاجبه يسألها بعينيه عن ذنبه حتى تقوم بلومه هى الاخرى  فتلوى شفتيها تهز رأسها بخيبة امل ثم تشيح بنظراتها بعيدا عنه ليغمغم حسن بينه وبين نفسه يلعن لسانه وحكم العادة  والذى جعله يهرع لزوجته حين احتاج ان يفضفض الى احد يخبرها بما حدث بعد علمه بفعلت صالح مع انور لتشير عليه بتلك النصيحة بأن يقوم بأخباره والده بكل شيئ الان وهى تثير قلقه بانه ان علم من احد اخر بما يدور سيلقى باللوم عليه اول شخص لعدم اخباره وفيسقط بغباء مرة اخرى فى فخها يتوعدها بالعقاب فور ان تقع يده عليها يتمنى ان يستطيع ان يعيد ثقة أخيه به  مرة اخرى  رغم علمه بصعوبة ذلك


*****************


فور دخولهم الشقة تحركت بسرعة نحو الداخل هربا حتى لا تنفجر فى البكاء امامه وتزيد الامور توترا ولكنه لم يمهلها الفرصة بل جذبها من ذراعها له يلصقها به يسألها بحنان 

:  بتجرى كده ورايحة على فين وسيبانى 


اخذت تحاول التحدث وهى تشير باصابعها نحوه الداخل لكنها شفتيها وغصة البكاء لم تمهلها الفرصة وهى تحاول تمالك نفسها ليضمها اليه بحنان فتسرع بدفن وجهها فى عنقه تتعلق به كانه الخلاص لها فاخذ يربت فوق شعرها بنعومة ورقة قائلا 

: فكرينى كده هو انا قلت لك بحبك النهاردة ولا لا 


شهقت اكثر باكية ليسألها بمرح يمازحها 

: يابت ردى عليا الاول وبعدين عيطى...انا مبحبش يبقى عليا حاجة لحد 


انفرجت اساريره حين شعر بضحكتها الخافتة تهز رأسها له بالنفى وهى مازالت تخفى وجهها عنه  يعلم نجاحه الى حد ما فيما يريد يكمل سريعا يتسأل بمرح قائلا 

: وانا طول اليوم اسال نفسى ناسى ايه يا واد يا صالح..ناسى ايه...اتارى كنت ناسى اهم حاجة.. لااا انا كده لازم اصلح غلطى وبسرعة 


شهقت بصدمة حين رفعها فوق كتفه يتدلى رأسها خلفه تسأله بصوت مذهول رغم البكاء به

: بتعمل ايه ياصالح...انا مسامحة خلاص


اجابها وهو يستمر فى تحركه نحو غرفة نومهم قائلا بحزم وشدة مصطنعين

: لااا ياستى...مينفعش حقك ولا زم تاخديه تالت ومتلت كمان...ايه هناكل حقوق الناس على اخر الزمن ولا ايه 


دخل بها الى الغرفة وفور ان انزلها عن كتفه الصقها به هامسا بعد ان دفن وجهه فى منحنى عنقها

:مش قلتلك قبل كده مفيش حاجة فى الدنيا دى تستاهل دموع عيونك الحلوة دى...


اخذ يقبل بشرة عنقها بحنان هامسا 

:اه هى بتبقى هتجننى وبيخطفوا قلبى من حلاوتهم بعد كل وصلة عياط بس معلش كفاية عليها لحد كده...علشان ورانا دين وحساب كبير لازم اوفى بيه دلوقت


وثبت ضربات قلبه من السعادة والفرحة حين سمع صوت ضحكتها كالانغام بالنسبة له يرفع وجهه نحوها سريعا يرى ابتسامتها تشرق على وجهها تنيريه وتبدد اى غيوم للحزن عليه وهو ينطق بعشقه  تهمس له بخفوت  

:انا اللى عندى ليك دين ولازم اوفيه الاول.....


اقتربت منه تطبع قبله على وجنته هامسة  

:ربنا يخليك ليا...وتفضل طول عمرك ضهرى وسندى والايد اللى تطبطب عليا وتطيب وجعى 


اشتعلت عينيه بالعشق  تأثرا بها ترتسم ابتسامة فرحة على شفتيه هامسا لها بصوت مرتجف اجش

: ويخليكى ليا طول العمر وتفضلى تخطفى منى قلبى وعيونى ..واعيش عمرى كله...  


انحنى عليها يقبلها برقة يهمس 

: بحبك... وبعشقك... وبدوب من شوقى ولهفتى ليكى ... يا كل حياتى وفرحتها 


اشتعلت قبلاته مع اخر كلمة همس بها يبثها من خلالهم بدلا عن حروف الكلمات كل ما عجز لسانه عن البوح به وقد تضخم قلبه من شدة عشقه ولهفته لها مكتفى بها وبعشقها  بالعالم كله مستعد للتضحية بروحه لو كان المقابل سعادتها 


*****************


ظلمها_عشقا الفصل_السابع_والعشرون_قبل_الاخير


جلست على المقعد المجاور للاريكة المستلقى عليها منذ قدومه من العمل يتطلع الى هاتفه مع ابتسامة على وجهه متجاهلا وجودها تماما تمر الدقائق عليها وهى تحاول الصبر والتهمل حتى لا تسأله السؤال الذى يكاد لسانها يحترق للنطق به لكنها لم تحتمل طويلا لتطلقه اخيرا قائلة بلهفة

: كلمتك ابوك ياحسن فى موضوع الشغلانة الجديدة


تجاهل حسن سؤالها يكمل التطلع نحو هاتف متجاهلا لها لتكمل بسرعة وهى تحثه على الكلام

: عرفته انك عاوزها لحسابك المرة دى


زفرت بحنق تناديه حين استمر على تجاهلها ليرفع عينيه نحوها قائلا ببطء يجيبها

:لا ياسمر..مقولتش ومش هقول...


هتفت بغضب تسأله وهى تعتدل فى مقعدها بتململ 

: ليه يا حسن مش احنا اتفقنا..انك هتكلمه


هز حسن كتفه بعدم اهتمام واكتراث قائلا 

: احنا متفقناش على حاجة..انتى اه اتكلمتى بس انا مقلتش انى موافق 


عقدت سمر حاجببيها بعد فهم وحيرة تسأله

:يعنى ايه كلامك ده...يعنى مش هتكلم ابوك


هز حسن رأسه لها بالايجاب قائلا 

:بالظبط كده مش هكلمه... وبعدين ابويا ملهوش دخل بالشغلانة الجديدة..دى تبع صالح وجاية لحسابه وبفلوسه


نهضت واقفة على الفور وقد تبدد هدوئها وعينيها تلتمع بالحقد والغل صارخة

:قلت لى بقى انها تبع صالح....وهو صالح اخوك ده مبيشبعش فلوس ايه عاوز يكوش على كله 


لوت شفتيها وهى تربت فوق بطنها قائلة بشماتة

:اومال يعنى لو مراته كانت شايلة ومعمرة ليكم البيت بالعيال كان عمل فينا ايه... بس هقول ايه هو اللى بيحصله ده من شوية... ماهو من عمايله السودا


شقهت بفزع تتراجع للخلف حتى سقطت فوق مقعدها جالسة مرة اخرى فبعد كلماتها الحاقدة غير محسوبة العواقب تلك فاجأها حين هب من مكانه نحوها يجذبها من ذراعها بقسوة وهو يصرخ بها بغضب اعمى

: انتى اللى عمايلك سودا.. ومفيش اسود من قلبك 

ولو جبيتى سيرة اخويا مرة تانية على لسانك هقطعولك فاهمة ولا لا


اسرعت تومأ له بالايجاب وعينيها تنطق بالخوف منه ولكنه لم يكن قد انتهى بعد يكمل ببطء وبنبرة تحذرية يضغط فوق ذراعها اكثر حتى كادت اصابعه تخترق لحمها وعينيه تحدق بها بشراسة

: عيشى وربى عيالك ياسمر وابعدى عن البيت وحياة الناس اللى فيه... احسن واللى خلقك مايهمنى حاجة ولا حد بعد كده...وان كان على العيال هجيب ليهم اللى تربيهم...اه هى هتبقى مرات ابوهم...بس صدقينى هتبقى احسن منك الف مرة..


شحب وجهها بشدة تتلعثم الحروف فوق شفتيها هامسة بتعثر

:عاوز تتجوز عليا ياحسن... اهون عليك وتهون عشرة السنين دى كلها 


حسن وهو يبتسم ببطء واستمتاع 

:اه ياسمر تهونى...وتهونى اوى كمان....قلتى ايه بقى 


عجز لسانها عن الكلام يضيق حلقها حتى كادت ان تختنق بعد كلماته تلك والتى تطعنها كالسكين الحاد على غفلة وعينيها تتطلع اليه بذهول وعدم تصديق فحتى حين القى عليها بيمين الطلاق كانت تعلم انها ماهى اللى صحوة مؤقتة منه القى فيها بهذه الكلمات فى لحظة غضب واثقة تماما الثقة بأنه سيعيدها مهما طال بهم الزمن ولن يستطيع الاستغناء عنها وسيعود مع الايام لطبيعته معها وهذا ما عززه حين لجأ اليها للمشورة والاخذ برأيها كعادته معها فيما حدث مع اخيه منذ عدة ايام وبرغم انه من بعدها عاد مرة اخرى لتعامله غير المبالى ونظراته الباردة المحتقرة لها كأنها قد اسأت اليه او خاب ظنه بها لكنها لم تبالى بذلك ظناً منها انها مسألة وقت وسيعود كما كان معها مرة اخرى


لكنها الان ترى فى عينيه ترى نظرة التصميم وعقده العزم على فعل ما قاله لها الان وأنها ليست كلمات جوفاء نطق بها كتهديد فارغ كالمرة السابقة بل هى كلمات ستحطمها وتقضى عليها ان فعلها حقا وقد استطاع اخيرا ايجاد نقطة ضعفها والامر الذى تخشاه ولا تستطيع تحمله ابدا لذا وقفت تجيبه وبكل هدوء تعنى كل كلمة تنطق بها هذه المرة قائلة 

:قلت حاضر ياحسن...اللى تقول عليه هعمله...ومن هنا ورايح هخلينى فى حالى وبيتى وولادى


تركها ذراعها ثم تراجع عنها يحمل هاتفه ويعاود الاستلقاء مرة اخرى فوق الاريكة قائلا بعدم اكتراث

:حلو اوى ومدام فهمتى يبقى قومى اخفى من ادامى..وياريت من هنا ورايح كلامك معايا على الاد...وفى اللى يخص العيال وبس 


هذه المرة لم تستطع مقاومة دموعها تشهق عالية بالبكاء وهى تنهض من جواره تسرع فى مغادرة المكان تتعثر فى خطواتها لكنه لم يهتم بل استمرت فى التطلع الى هاتفه غير مبالى بها تماما كما اصبح فى حياته كلها معها 

****************************

كانت تجلس تشاهد التلفاز وتتابع احد المشاهد الدرامية المؤثرة وهى تضم شفتيها المرتجفة تحاول منع نفسها عن البكاء خوفا ان يصله صوتها ويقلقه فقد كان يستلقى على الاريكة بجوارها ورأسه فى حضنها وقد فضل هذا الوضع على الذهاب وحده الى الفراش ينتظرها حتى تنتهى من مشاهدة مسلسلها المفضل ولكنه ماهى سوى لحظات وكان يغط فى النوم بينما اخذت بأناملها تتلاعب فى خصلات شعره تبعدها عن جبينه بحنان وهى تتابع الاحداث بأعين مهتمة وتلتمع بالدموع متأثرة تشهق عالية بعد سقوط البطل فى ايدى اعدائه بصوت جعله يهب فزعا من نومه هاتفا بقلق وهو يجلس يتلفت حوله 

:مين...ليه...فى ايه حصل؟


ضغطت شفتيها معا بحرج وأسف وهى تعتذر بخفوت

:اسفة ياحبيبى حقك عليا خضيتك.. ده المسلسل اصل البطل خلاص مسكوه وها....


قاطعها صالح زفرا بقوة وهو يمرر كفه فوق وجهه يهتف بها بعدم تصديق وذهول 

:حرام عليكى يافرح والله... دانا روحى راحت منى وقلت حصلك حاجة


اقتربت سريعا منه تضم رأسه بكفيها ثم تجذبه نحوها قائلة بصوت ملهوف

: بعد الشر عليك ياعيونى... يارب البطل والمسلسل كله 


ابتسم بسعادة وحبور كطفل صغير وقد اعجبه ما قالته يزاد اقترابا منها يستند برأسه فوق كتفها وذراعيه تلتف حول خصرها قائلا بتأكيد

:ايوه يا رب الواد ده والمسلسل ده كله علشان بياخدوكى منى 


ضحكت فرح تسأله بدهشة 

:صالح هو انت بتغير من المسلسل بجد و البطل بتاعه؟!


صمت قليلا يتململ فى جلسته بتوتر قبل ان يتحدث وهو يدفن وجهه فى عنقها قائلا بخفوت 

: ايوه بغير منه ومن اى حاجة او حد ممكن تاخدك منى... بس كمان مقدرش اقولك لا على اى جاحة بتحبيها وتفرحك.. انا لو اطول اجبلك نجمة من السما يافرح هجبهالك ومش هتأخر ثانية


شع وجهها بالفرحة تناديه بهمس ليرفع وجهه اليها يتطلع اليها لتتسع البسمة فوق شفتيها هامسة بعشق وهيام

: وانا مش طالبة نجمة ولا حاجة..انا كفاية عليا انت وبس واى حاجة تانية مش مهمة


وعلى عكس توقعها لوقع كلماتها عليه شعرت بالقلق والاضطراب حين اظلمت عينيه يسألها بتمهل تشعر برجفة الخوف فى صوته 

:طب والولاد والخلفة يافرح....برضه مش مهمة عندك


زفرت بقوة تبتعد عنه قائلا بحنق

: وايه اللى جاب السيرة دى دلوقت صالح... وبتقول عليا انا اللى ملكة الدراما


تراجع عنها هو الاخر قائلا بصوت ألمها الكسرة والحزن فيه 

:خايف يافرح...خايف يجى يوم ومبقاش فيه كفاية عليكى...خايف اشوف فى عنيكى لحظة كره ليا سببها انى كنت سبب فى حرمانك من حاجة كل ست فى الدنيا بتتمناها...اوعى يافرح تكرهينى فى يوم.....


التفت اليها فى جملته الاخيرة وقالها لها بنبرة متوسلة راجية جعلتها تهب من مكانها تسرع بالجلوس فوق ركبتيه تعقد ذراعيها خلف عنقه وعينيها تتطلع لعينيه بنظرة قوية واصرار قائلة له بحزم

:انا عمرى ما تمنيت فى حياتى غيرك...ولا عاوزة من الدنيا دى كلها غير انى اكون معاك وفى حضنك...انا مش ممكن اكرهك علشان حاجة مشفتهاش ويوم ما اتمنتها كان علشان هتبقى حتة منك... صدقنى ياصالح


اراح جبينه فوق جبينها يغمض عينيه وهو يتنفس بسرعة وقوة ليظلا على هذه الحالة للحظات كأنه يستمد من انفاسهم المختطلة القوة والصبر ثم فجأة انحنى على شفتيها يقبلها بلهفة للحظات طوال سرقت منهما الانفاس قبل ان ينسحب بعيدا عنها يريح جبهته فوق جبهتها مرة اخرى هامسا بتردد

: طيب تحبى تيجى معايا المرة الجاية وانا رايح للدكتور.. وتسمعى وتفهمى منه الموضوع كله


هزت رأسها له بالايجاب سريعا هامسة وهى تبتسم بنعومة 

: احب طبعا.. اى حاجة تطلبها منى انا موافقة عليها


ابتسم لها هو الاخر بحب يهم بالاقتراب مرة وفى عينيه تظهر نواياه لكن قاطعه صوت جرس الباب يتعال صوته فى ارجاء المكان ليزفر صالح بحنق ونزق قائلا

: انا اللى استاهل..ايه خلانى ارجعه يشتغل تانى...مااحنا كنا مرتاحين من صوته


نهضت فرح عن قدميه سريعا تضحك بمرح وهى تتجه ناحية الباب لفتحه ليهتف بها يوقفها بحزم قائلا

:رايحة فين...ادخلى انتى جوه...انا اللى هفتح الباب 


ضمت شفتيها ترفرف له برموشها قائلة بتدلل

: حاضر ياسى صالح...اللى تأمر بيه


ثم تحركت من المكان بعد ان القت اليه بنظرة تتدلل واغراء اخرى جعلت قلبه يثب من صدره ويهرع خلفها وكاد ان يتبعها هو الاخر بجسده لكن تعال رنين الجرس مرة اخرى فأخذ يدمدم بغضب وحنق وهو يتجه نحو الباب يفتحه بعنف عاقدا حاجبيه بغضب لكنه سرعان تتبدد عن وجهه اى مظاهر للغضب حين وجد والده والدته ومعهم شقيقه وزوجته يقفون امام الباب  والدته تهتف له 

: ايه ياحبيبى انتوا نمتوا ولا ايه... احنا قلنا نيجى نقعد معاكم شوية.. بس لو كنتوا.... 


قاطعها صالح فورا هاتفا بترحاب وهو يفسح الطريق لهم ليدخلوا جميعا وخلفهم سمر والتى كانت تسير خلف زوجها بتمهل وهى تحنى رأسها و تلقى بسلام خافت عليه 

وبعد ان استقروا جميعا فى غرفة الاستقبال جالسين سألته والدته 

:هى فرح نامت ولا ايه ياصالح 


اتت الاجابة من فرح والتى دخلت فى تلك اللحظة قائلة 

:لا يا ماما انا صاحية...


ثم القت بالسلام عليهم مرحبة وهى تقف بجوار صالح تبتسم ولكنها كانت تخفض عينيها عنهم بحرج متأثرة بما حدث منذ عدة ايام يسود الصمت للحظات حرجة وحتى تتلاشى هذا الحرج اسرعت بالقول 

: هروح اجيب حاجة نشربها... ثوانى و... 


بالفعل تحرك نحو المطبخ لكن اتى صوت الحاج منصور يقاطعها قائلا وهو يشير لها قائلا 

:لا تعالى اقعدى الاول انا عاوزك فى كلمتين 


شحب وجهها تنظر لصالح بخشية وقد ظنت ان يريد فتح الامر مرة اخرى وهذا ما ظنه صالح هو ايضا يلتفت الى والده سريعا يسألها بتوتر وعينيه تبعث اليه برسالة واضحة 

: خير ياحاج..فى حاجة تانية عاوز تتكلم فيها


ابتسم منصور وقد وصلته رسالته جيدا قائلا بحزم ولكنه نظراته كانت ممازحة

: انا عاوز اكلم فرح انت اسمك فرح!؟...تعالى يابت اقعدى جنبى هنا وسيبك من الواد ده 


اشار لفرح بالاقتراب منه والجلوس بجواره وبالفعل اطاعته بعد لحظة تردد وجلست بجواره ليبتسم الحاج منصور بغبطة قائلا لصالح يداعبه

:شوفت بقى سمعت كلامى ازى..خليك انت بقى فى حالك


ثم مد يده بداخل جيب جلبابه الداخلى يخرج منه كيس من القطيفة ويمده نحو فرح قائلا بحنان

: شوفى انا كنت النهاردة انا والحاجة فى مشوار كده... وافتكرت ان مجبتش ليكى حاجة بمناسبة جوازك.. فقلت اجبلك السلسلة الحلوة دى... شوفيها كده ويارب ذوقى يعجبك


التمعت عينيها بالسعادة تبتسم بفرحة طاغية ليس سببها الهدية نفسها ولكن فى معناها وتوقيتها ودون تفكير او لحظة تردد وجدت نفسها ترتمى فى احضان الحاج منصور وهى تبكى بدموع الفرحة جعلت الكل يضحك على ردة فعلها حتى صالح ضحك بصخب قائلا 

: معلش ياجماعة نسيت اقولك..ان مراتى ملكة الدراما فى العالم كله تفرح تعيط.. تحزن تعيط...حاجة كده ملهاش زى


هتفت انصاف قائلة 

: ربنا ما يجيب حاجة تحزن ابدا... ويخليكم لبعض دايما 


ثم غمزت خفية لحسن ليظهر التردد عليه قبل ان يلتفت لصالح قائلا 

: وانا كمان جاى النهاردة انا ومراتى علشان نقولكم حقكم علينا... ومش عاوزك تزعل منى ابدا ياصالح 

انا لما عملت كده كان خوف عليك...مش قصدى اوقع الدنيا فى بعضها ابدا 


نهض صالح عن مقعد يجذب حسن الى احضانه يربت فوق ظهره قائلا بحزم يتخلله نبرة حنونة

: حصل خير...وياما بيحصل وكلامك ليا ده عندى بالدنيا كلها...دانت اخويا الوحيد ياحسن..يعنى الضهر والسند 


بكى حسن بتأثر من كلمات صالح له فقد صدمته وجعلت يشعر بالراحة بعد ان ظن ان الطريق طويل امامه لعودة الامور للطبيعتها واستحالة المصالحة بينهم 


وبينما كان الجميع يتطلع الى الموقف امامهم بتأثر شديد الا سمر برغم هدوء وجهها وخلوه من اى تعبير الا عينيها كانت تعصف بالمشاعر وخاصا الغل لا تستطيع ان تهضم او تمرر ما يحدث امامها الان تنهش قلبها الغيرة والحقد وهى تتسأل لما يمتلك صالح وزوجته كل هذا الحب والثروة والهناء بينما حياتها هى تنهار فى تلك اللحظة ويتبدل حال زوجها معها من النقيض للنقيض تعيش معه على الحافة وغيرها ومن اقل منها تهنئ بكل هذا 


افاقت من افكارها على صوت زوجها وقد عاود الجلوس مرة اخرى مكانه يشير لها وفى عينيه كلام استطاعت قرأته بعد ان اعاده عليها مرارا وتكرارا طيلة اليوم قائلا

: قومى يا سمر روحى لفرح فى المطبخ وساعديها


اسرعت بالنهوض من مكانها تومأ له سريعا وقد انتبهت لاختفاء فرح من المكان تتجه ناحية المطبخ تدخله بخطوات بطيئة حتى وقفت خلف فرح تماما تسألها بنبرة خبيثة ممطوطة

: تحبى اساعدك فى حاجة 


التفتت اليها فرح هاتفة بسرعة وهى تهز رأسها بالرفض قائلة

: لاا ياحبيبتى شكرا مش عاوزة اتعبك... اقعدى انتى ارتاحى.. او اقولك اطلعى احسن معاهم بره


سحبت سمر مقعد وجلست عليها قائلة بأرهاق وتعب مصطنع 

: لاا انا هقعد معاكى هنا اسليكى لحد ما تخلصى...معلش بقى مش قادرة اقف واساعدك... انتى عارفة بقى الحمل وتعبه


دوى صوت سقوط احدى الاطباق بعد ان انزلق من بين اصابع فرح المرتعشة وقد شحب وجهها بشدة من خبث كلماتها وقد سقطت فوقها كالمطرقة اخلت بتوازنها وهى تكمل بنبرة عادية كأنها لا تعى تأثير كلماتها على فرح

: انا كنت بقول المرة دى هتبقى اسهل..زى ماانتى فاهمة كل ما بتحملى ورا بعض ومبتخليش فرق بين كل مرة والتانية الموضوع بيكون اسهل.. الا المرة دى تعبها مش عاوزة اقولك اد ايه....وحسن كل اللى عليه يقولى انه نفسى فى ولد كمان... علشان دول اللى هيشيلوا اسمى واسم ابويا من بعدى مع انه خايف وقلقان عليا اووى 


كانت فرح قد التفت للناحية الاخرى تعطى لها ظهرها حتى لا ترى تأثير كلماتها المسمومة عليها برغم انها لم تكن تهتم بما تقول الا ان طريقتها فى الحديث وتعمدها حرج مشاعرها جعلتها تتأثر رغما عنها تغمض عينيها وتاخذ عدة انفاس سريعة تهدء من ثورة مشاعرها وقد كان اقربهم للسطح الغضب والذى جعلها ترغب بأن تطيح بها من فوق مقعدها وتكلل لها الضربات لكنها تماسكت وبكل هدوء التفت اليها قائلة وعلى وجهها ابتسامة مستفزة 

: عندك حق.. الاحسن فعلا انك تجيبى ولادك ورا بعض.. انتى سنك بيكبر وسنة ولا التانية ومش هتقدرى تعمليها تانى... ده غير تربية العيال بتخلى الست تبان اد عمرها تلات اربع مرات...واكيد حسن واخد باله من حاجة زى دى ومقدرها برضه


جاء الدور على سمر ليشحب وجهها بشدة تفر الدماء منه تتركه ابيض تمام ثم تعاود الدماء للضخ به بسرعة وقوة جعلته محتقنا بشدةوقد برزت شرايين عنقها بطريقة جعلت فرح تخشى عليها من ان تنفجر فى اى لحظة وهى تراها تهب من مقعدها بعنف فتسقطه ارضا تفتح فمها كأنها ستلقى بالحمم من داخله ولكن ولدهشة فرح اسرعت تغلقه مرة اخرى كان شيئ ما اوقفها ترمى فرح بنظرة حارقة مغلولة ثم تسرع فى مغادرة المطبخ فورا دون ان تنطق بحرف واحد بطريقة جعلت فرح تطلق ضحكة عالية منتصرة من المؤكد انها قد وصلتها وهى فى طريقها للخارج 


فور خروج سمر من المكان اندفع صالح للداخل كأنه ادرك بحدوث خطب ما لكنه سرعان ما استرخى حين سمع ضحكتها يستند فوق اطار الباب  وهو ينظر اليها بأعجاب عامزا لها بعبث ومزاح قائلا

: انا شايف ان الوحش بتاعى ظهر من تانى واخد حقه مش كده ولا ايه


اخذت تهز حاجبيها له وفى عينيها نظرة خبيثة قائلة

: طبعا يا قلب الوحش.. اخدته وبزيادة كمان


فى تلك اللحظة خرجت سمر كأنها الشياطين تطاردها وهى تدمدم بحنق وغضب ولكنها وقفت خطوتين بعيد من مكان تجمع العائلة تسرع فى رسم ابتسامة صافية مزيفة على شفتيها ثم تجلس بجوار زوجها والذى سألها فورا

:عملتى اللى قلتلك عليه ياسمر..وصفيتى الامور بينك وبين فرح وكله تمام 


سمر بتأكيد وجدية 

:طبعا ياخويا وهو انا اقدر ازعلك..بعدين البت فرح طلعت جدعة وقلبها ابيض وكله بقى تمام وزى الفل 


ابتسم حسن بغبطة لها يربت على كفها استحسانا ولكنه لم يكن يدرك عن تلك النار والتى تنهشها من الداخل حتى كادت ان تتفحم اعضائها من الكمد والغضب بعد رد تلك الداهية عليها وقلبها الامر عليها لتخرج هى منه ضعيفة منهزمة تخشاها وتضع من الان لتلك الصغيرة الف حساب

*************************

بعد مرور عدة ايام عادية وهادئة ودون احداث اجتمعت عائلة الحاج منصور لمناقشة طلب هذا الخاطب ليد ابنته ياسمين ليهتف حسن عاقدا حاجبيه بقلق بعدم علمه بهويته 

: بس ياحاج بسمع عنه وبيقولوا عليه بخيل ومش بيهون عليه يطلع قرش من جيبه


ياسمين وهى تطلق شرارات الغضب والحنق نحو اخيها رفضا لحديثه قائلة له بتحدى و دون خجل

: بس انا موافقة ياحسن.. وعرفت بابا بكده 


نهض حسن عن مقعده صائحا بغضب وحنق

: يعنى ايه يا حلوة... كلامنا ملهوش لازمة عندك ولا ايه


رمت ياسمين بنظرة متستهزء وضحت بها ردها على سؤاله ومعها ابتسامة مستفزة جعلت حسن ينهض من مقعده بعنف وقد استفزته ما تراه عينيه منها يهم بالانقضاض عليها صارخا بحنق يسبها ولكن تأتى صيحة والده حتى توقفه فى مكانه مرة اخرى قائلا 

:جرى ايه ياحسن انت هتمد ايدك عليها وانا قاعد ولا ايه؟


ارتبك حسن يتراجع الى الخلف باضطراب ولكن مازال وجهه محتقن قائلا بخفوت 

:انت مش شايف ياحاج كلامها وردها عليا عامل ازى


اسرعت انصاف تتحدث قائلة فى محاولة لتهدئة الاجواء

:هى يا حبيبى...تقصد انها شايفة انه عريس حلو وكويس وبتعرفك انت واخوك برأيها زى ما عرفت ابوك...بس طبعا الرأى رأيكم انتوا وابوكم واللى تشوفوه صح هو اللى هتعمل


زفر حسن بقوة فى محاولة للهدوء وهو يعاود الجلوس فى مقعده مرة اخرى يلتفت الى صالح الجالس منذ بدء الحديث صامت وهادئ يضع سبابته فوق فمه و هو ينظر الى ياسمين بتفكير يسأله بنفاذ صبر

: ايه رأيك صالح..ولا انت هتفضل قاعد ساكت كده 


صالح ومازالت نظراته فوق ياسمين يتطلع اليها وقد كانت هذه هى المرة الاولى التى يجتمع بها فى مكان واحد من ماحدث منها اخر مرة يسألها بصوت رصين هادئ

:قوليلى يا ياسمين بعيد عن انه بخيل ولا لا...مش شايفة ان عشرين سنة فرق ما بينكم كتير اووى 


اجابته ياسمين بنبرة ذات مغزى ومعها ابتسامة خبيثة

: وده عيب بالنسبة لك ياصالح ان يبقى فى فرق كبير بين اى اتنين هرتبطوا...مع انه مكنش كده يوم ما فكرت تتجوز فرح وهى من نفس سنى ويمكن اصغر كمان سنة...ولا هو حلو ليك وعيب عند غيرك


توتر المكان فى الحال بعدها ينهض الحاج منصور ويندفع نحوها يهم بضربها هو هذه المرة لولا اسراع صالح والوقوف كحاجز بينهم وايقافه عن فعلها يهدئه هو حسن بعد ان انتفخت عروقه واحتقن وجهه يوجه لها السباب والشتائم يحاول الافلات منهم حتى ينالها وقد احتضنتها انصاف بين ذراعيها بحماية خوفا من بطشه بها حتى استطاعوا اخير تهدئته واجلاسه فوق مقعده صارخا بها بعدها بشراسة

:خلاص يابنت ال****كده مفيش كلام تانى فى الموضوع ده...وانا هبلغ العريس ده اننا مش موافقين 


انهارت ياسمين فى البكاء قائلة بصعوبة وبكلمات مبعثرة غير مفهومة 

:بس...انا موافقة...انا عاوزة....حرام عليكم...انا عاوزة....اخرج من الحارة المخروبة دى


نظرت الى والدها ووالدتها بتضرع ورجاء

: يابابا ده مهندس ومن عيلة...وعنده شركته...ترفضوه ليه...انتوا عاوزينى افضل قاعدة جنبكم كده مستنية عريس من جوة الحارة العرة اللى عايشين فيها دى ..اللى انضف مافيها كان محامى ميسواش بس رضيت بيه سد خانة... وفى الاخر هو اللى مش عجبه و فسخ الخطوبة وقال مش عاوز قولولى هستنى ايه تانى


ساد الصمت التام المكان بعد كلماتها الا من شهقات بكائها ويتطلع اليها الجميع بصدمة  حتى تقدم منها صالح ببطء ووجه غير مقروء التعبير تتابعه هى بنظراتها المرتعبة ظنا منها انه سيعاقبها على ماقالته لكنه جلس على عقبيه امامها ينظر اليها بثبات وهدوء للحظات تحدث بعدها قائلا بصوت رصين

: اولا الفرق اللى بينى وبين فرح ١٣سنة مش عشرين وانتى عارفة ده كويس... وكون انك عاوزة تتجاهلى الفرق ده فده حاجة ترجعلك.... بس لسانك ده طول عليا مرة تانية هقطعولك واظن ادام الكل انا عديت ليكى كتير

: اما بالنسبة للمحامى اللى ميسواش ورضيتى بيه سد خانة...مش انتى اختى وهو صاحبى بس هو عندى احسن الف مرة من واحدة من عينتك...وبجد ربنا نجده ورحمه انه موقعش حظه فى واحدة زيك انانية ومدلعة وعمرها ما كانت  هترفعه بالعكس كانت هتهد فيه واظن احنا شوفنا عينة صغيرة من اللى تقدرى تعمليه لما كان خطيبك


شحب وجهها من شدة اهانته لها تراقبه وهو يعاود الوقوف على قدميه يلتفت نحو والده قائلا بحزم

: وافق يا حاج على العريس زى ماهى عاوزة...انا كنت خايف عليها وشايف انه مش مناسب لها 

بس الظاهر ده عند بنتك حاجة غلط..وافق بدل ما تشيلك وتشيلنا ذنبها طول العمر 


بعدها وفورا تحرك مغادرا يغلق خلفه الباب بعنف ارتجت له ارجاء المكان فينهض والدها بعد عدة لحظات صامتة قائلا بوجوم وملامح اسفة 

:اخوكى عنده حق فى كل كلمة قالها...الظاهر ان دلعنا فيكى خسرك ومبقاش منك رجا...يالف خسارة على الخلفة اللى زيك


سأله حسن مستنكرا باستغراب

: يعنى ايه يابا هتوافقها وتمشى كلامها علينا 


والده وهو يحنى رأسه فى الارض قائلا بأسف

:اه يابنى هوافق وهى اللى اختارت...وزاى ما اخوك قال بدل ما تشيلنا الذنب طول العمر.


حدق حسن نحوها بغيظ يراها وقد تبدل حالها تماما تبتسم بسعادة وعينيها تلتمع بأنتصار كأنها قد ملكت الدنيا بفوزها بهذه الزيجة فيدرك بأن لاحديث سيجدى معها نفعاً 


**************************

وقفت فى مطبخها تحضر الغذاء وهى تتمايل فى وقفتها  تدندن احدى الاغنيات القديمة بصوت حنون رقيق كأنها تعنى كل كلمة تقولها منها

: عمرى ما دقت الحب غير لما حبيتك 

ولا شوفت راحة قلبى الا وانا فى بيتك 

تسلم تسلم تسلم لقلبى.. وتعيش لحبى

تسلم لقلبى ياحبيبى ...تسلم لقلبى


ضحكت بسعادة ودلال حين شعرت به خلفها يلف خصرها بذراعه ويقربها لصدره هامسا بحب وهيام فى اذنها 

:تسلمى لقلبى انا...يافرحته وكل مناه


وببطء شديد انحدرت شفتيه من اذنها بقبلات بطيئة ناعمة فوق بشرة عنقها لتهمس له بانفاس لاهثة متسارعة تهمهم باعتراض واهى

: صالح كده الاكل هتحرق ومفيش غدا النهاردة 


صالح وهو مازال منشغل فيما يفعله 

: لا ماهو كده او كده مفيش غدا هنا النهاردة... علشان هنروح لسماح ونتغدى معاها


شهقت وعينيها تتسع بعدم تصديق تلتف لمواجهته تقاطع ما كان يفعله صارخة بسعادة قائلة 

: بجد يا صالح هنروح... طيب شوف هى ثوانى... وهكون لابسة وجاهزة حالا


وبالفعل كانت فى طريقها الى الخارج تتركه مكانه مذهول قبل ان تلتفت اليه قائلة بسرعة ولهفة 

: معلش اطفى بقى على الاكل  على ما البس... اه واقفل الغاز... و... 


واخذت تعدد له عدة اشياء بسرعة لم يكن قادر على مجاراتها واستعابها ثم اختفت من امامه حتى تعد نفسها و بالفعل ماهى سوى دقائق قليلة وكانت تقف امامه مستعدة فرحة كأنها طفلة فى طريقها لنزهة طال انتظارها لها بطريقة جعلته يبتسم لها بحنان يتقدم نحوها وهو يشير لها بأن تتقدمه فى السير لتقفز بفرحة قائلة له 

: سماح وحشتنى اووى..من يوم ما كريمة مشيت وهى ياقلب اختها قاعدة لوحدها...اكيد هتفرح اووى لما نروح نتغدى معاها النهاردة


عقد صالح حاجبيه يتظاهر بالحزن

:مااشى يا ستى..ماهى اول ما سيرة سماح جت نسيتى كل حاجة حتى انا 


جرت عليه ترتمى فى حضنه تقبل وجنته بنعومة قائلة له بحزم 

: انت مفيش حاجة فى الدنيا ممكن تشغلنى عنك ولا تخلينى انساك للحظة.. انا بس...


قاطعها بسرعة وعينيه تلتمع بعشقها

: متقوليش حاجة...انا عارف انتى عاوزة تقولى ايه..بس انا اللى بحب اسمعها منك كل شوية


تتلاقت الاعين فى حديث صامت بينهم للحظات قيل فيه كل شيئ تنطق به قلوبهم حتى تنحنح قاطعا اللحظة قائلا بتذمر 

: بقولك ايه تعالى نتحرك ونخرج من هنا ..بدل ما والله اقفل الباب عليا وعليكى وما نشوفش الشارع ولا حد لمدة شهر اكون خلصت فيه كل اللى عاوز اقوله واسمعه


ابتعدت عنه وهى تضحك بتدلل تتراجع للخلف وهى ترفع كفيها امامها باستسلام وموافقة قبل ان تسبق لطريق الخروج بسرعة تتظاهر بالخوف من ان ينفذ تهديده 

وماهى سوى دقائق معدودة وكانت بالفعل تجلس مع شقيقتها فوق الاريكة فى صالة الشقة الخاصة بهم تسألها سماح بسعادة 

: طب ما طلعش معاكى ليه... مش بتقولى هنتغدى سوا


اجابتها فرح قائلة 

: راح يجيب حاجة سريعة نتغدى بيها...علشان متتعبيش نفسك


سماح باستنكار 

: طب ليه كده يافرح تكلفيه دانا حتى عاملة اكلة النهاردة حلوة اووى وهتعجبكم


ربتت فرح فوق كتفها قائلة

: خليها لبكرة...احنا جايين نقعد معاكى مش نتعبك 


حضنتها سماح بشوق قائلة 

: وحشتينى اوى يابت عاملة ايه معاهم بيعملوكى ازى بعد اللى عمله المنيل خالك


اسرعت فرح تقص عليها كل ما حدث فى الايام القلائل الماضية حتى اتى ذكر زواج ياسمين الوشيك ليتبدل حال سماح تسألها بسعادة لم تستطع اخفائها

: يعنى مش هترجع لعادل تانى..


عقدت فرح حاجبيها تسألها بذهول 

: هو انتى كنت بترفضى عادل كل ده علشان فكراه لسه بيحب المخفية دى  وفاكرة انه ممكن يرجع لها تانى 


اشتعل وجه سماح خجلا قائلة بتلعثم

: اه..اقصد لااا...انا اصلا ميهمنيش... بعدين انا كنت خايفة عليكى لصالح يزعل منك هو واهله...لما يعنى...


قاطعتها فرح بحزم 

: سماح انتى بتحبيه...وبتحبيه اووى كمان 


اخفضت سماح رأسها قائلة بحزن

: بحبه بقى ولا مبحبوش مبقتش تفرق..اهو راح لحاله...وبعدين بينى وبينك هى ماكنتش تنفع من الاول...لا جوزك كان هيوافق ولا اهله كمان


فرح بشدة وقد اغضبها ان تتخلى شقيقتها عن سعادتها حتى ولو فى سبيلها

: اللى يزعل يزعل...معلش يعنى هما شافوا بنتهم واللى عملته..واظن انك مكنتيش السبب دى عمايلها السودا هى....

قاطعتها سماح تنهض واقفة قائلة باضطراب

:خلاص يا فرح ملهوش لازمة الكلام...انا رفضت وسمعته كلام اظن عمره هينساه ليا وزمانه شاف بنت الحلال اللى تسعده غيرى


صمتت فرح لا تعلم كيف تقنعها ولكنها قررت عدم تخليها عن الامر بعد ان عملت بمشاعر شقيقتها عاقدة العزم على ايجاد حلا ما تتابع هروب شقيقتها الى داخل المطبخ هربا من استكمال حديثهم حتى 

تعالت طرقات خفيفة فوق الباب لتنهض فرح واقفة تسرع نحوه وقد علمت هوية الطارق تفتح الباب فورا دون ان تضع حجابها ليهتف بها فور رؤيته لها

:مش تسألى مين الاول مش يمكن حد تانى غيرى


رفرفت له برموشها قائلة بدلال ونعومة

: لا عارفة انه انت...قلبى قالى وانا قلبى عمره ما يكدب عليا...وهو طلع انت زى ما قالى


تنحنح صالح يلتفت خلفه بحرج قبل ان يقترب منها هامسا 

: طب ادخلى حطى حجابك على شعرك وعرفى سماح ان معايا ضيف..وابقى تعالى


اتسعت عينيها بصدمة تتراجع للداخل على الفور وقد اشتعل وجهها بخجل تسرع لدخول الغرفة مع شقيقتها والتى سألتها عن هوية الزائر لتخبرها بأنها لم تلمحه حتى وبعد ان اصبحت هى وشقيقتها بمظهر لائق خرجتا من الغرفة فى اتجاه غرفة الاستقبال لتتسمرا مكانهم بذهول حينها و قد كان عادل هو زائر صالح والذى قال فورا دخولهما المكان ودون لحظة تردد واحدة

: سماح عادل جاى يطلب ايدك منى النهاردة...قلتى ايه


تعاقبت المشاعر فوق وجهها حتى سيطرت الصدمة والذهول اخيرا عليها تفتح فمها وتغلق عدة مرات وعينيها تتطلع نحو عادل لتجد واقف مكانه مضطرب خائف يتوسلها بنظراته ان توافق ولا يكون رفضها مصير طلبه مرة اخرى لكنها لم تستطع قولها ينعقد لسانها وهى تلتفت نحو فرح تسألها المساعدة لتهتف فرح فورا وبأبتسامة سعيدة وصوتها يتهلل من الفرحة 

: وهى موافقة...نقول مبروك ونقرى الفاتحة 


ودون ان تمهل احد الفرصة لاعتراض اسرعت تطلق الزغاريد الواحدة تلو الاخرى بطريقة جعلت صالح يهز رأسه بعدم تصديق وعلى وجهه ابتسامة سعيدة اصبحت تلازمه منذ ان دخلت حياته وانارتها 

************************


ظلمها_عشقاً 

الفصل_الثامن_والعشرون


  بعد مرور عامين على تلك الاحداث


جلست تتحدث مع شقيقتها فى الهاتف داخل شقتها وهى تنهد بحزن قائلة

: خايفة اوى يا سماح الشهر اللى فات كنت انا السبب لما تعبت وكل حاجة باظت...المرة دى قلبى مقبوض وخايفة يحصل حاجة تانى


حاولت سماح التهوين عليها قائلة لها 

: هو يعنى انت كنت قاصدة دى حاجة غصب عنك...واظن صالح عارف كده


عند سماعها لاسمه لانت ملامحها والتمعت عينيها بحبها وعشقها له قائلة بحنان

: تعرفى انه طول طريق رجعونا من عند الدكتور وهو بيطيب خاطرى لا وكمان اخدنى يفسحنى وبليل وهو راجع واشترى ليا خاتم يجنن يفرحنى به.. بس ده خلانى احس بالذنب اكتر واكتر


زفرت سماح تهتف بحنق مصطنع

: فرح يا ملكة الدراما بقولك ايه كل حاجة وليها اوانها.. وعوض ربنا كبير وكرمه عالى 


اختنق صوت فرح بغصة البكاء لكنها حاولت تمالك نفسها وهى تقول بدون مقدمات

: سمر حامل تانى... 


شهقت سماح بذهول وعدم تصديق قائلة 

: تانى.. دى لسه بنتها مكملش السنة ونص حرام عليها نفسها 


ابتسمت فرح بمرارة قائلة 

: عاملة زى اللى داخلة مسابقة اول ما عرفت ان اخت صالح ياسمين حامل شهر والتانى وحملت هى كمان فاكرة انها بكده بتربط حسن بعد ما المشاكل بينهم زادت وكل شوية يقول عاوز اتجوز ولولا ابوه وصالح كان عملها من زمان


انهت حديثها تتوقع ردة فعل من شقيقتها على ماقالت لكن قابلها الصمت من الطرف الاخر لتهمس تناديها باستفهام ليأتى صوت سماح المرتبك تجيبها لتكمل فرح حديثها رغبة فى تفريغ همومها الجاثمة فوق صدرها قائلة 

: انا والله مش زعلانة بس....


سماح بصوت خفيض متعاطف

: عارفة وحاسة بيكى.. وحاسة بصالح كمان.. بس كل حاجة بأمر ربنا... انتى بس حاولى متفكريش فأى حاجة وسلمى امرك لله علشان النفسية ليها تأثير على الحاجات دى..


اومأت فرح برأسها تنفس بعمق تحاول العمل بنصيحة شقيقتها تسرع فى تغير الموضوع تسألها بجدية 

: سيبك بقى من الكلام عنى.. وقوليلى عاملة ايه مع الولية حماتك لسه عقربة زى ماهى 


ضحكت سماح بمرح تهتف بها 

: يابت لمى لسانك.. وبعدين الست عندها حق اى ام مكانها هتعمل كده


فرح وهى تعتدل فى مكانها بتحفز قائلة 

: ليه ياختى هى كانت تطول عروسة حلوة زيك.. دانتى حتى هتحسنى لهم النسل بلا خيبة 


لم تستطع سماح مقاومة الضحك مرة اخرى على كلماتها تلك وهى تكمل قائلة

: انا ساكتة عنها بس علشانك وعلشان ابنها.. بس لو عملت فيكى حاجة ولا كلمتك نص كلمة ابعتيلى وانا ليا صرفة معاها الحيزبونة دى


سماح بكلمات تخرج بصعوبة من شدة ضحكاتها 

:ماشى ياعم جامد..بس برضه الست ليها حق 


تغيرت طبيعة صوتها للجدية قائلة 

: واحدة لقيت ابنها المحامى ابن الناس عاوز يتجوز سماح بنت اخت مليجى اللى... 


قاطعتها فرح بحزم 

: اللى برضه من اجمل واطيب بنات الحارة... انتى مش قليلة ياسماح ولا احنا ضربنا ابنها علشان يجى يتجوزك ده ابنها حفى علشان ترضى بيه


سماح بصوت متردد خافت 

: هى اتغيرت خالص معايا عن الاول كتير وبقيت بتتعامل معايا كويس خصوصا بعد...بعد


فرح وهى تحثها على الكلام تلتمع عينيها بفضول

: بعد ايه يابت ما تنطقى...عملت فيكى حاجة 


سماح بصوت مرتعش كانها فى طريقها للبكاء 

: لااا..اصل انا انا...انا حامل فى الشهر التانى...انا والله منكتش عاوزة دلوقت ولا عادل كمان بس والله...


قاطعتها فرح تنهض بسرعة وهى تسألها بفرحة طاغية 

: بجد يا سماح بجد....طب معرفتنيش ليه...بقى كده تخبى عليا


سماح وصوتها يزاد ارتعاشته 

: كنت عاوزة اقولك اول ما عرفت على طول بس قلت استنى لما انتى كمان ربنا يراضيكى بس مقدرتش اخبى عليكى اكتر من كده علشان عوزاكى تفرحى معايا 


فرحة ودموع الفرحة تتسابق فوق وجنتها تهتف بسعادة

: انا حاسة انى طايرة من الفرحة ونفسى اخدك فى حضنى دلوقت 


ثم فجأة تغير وجهها للحزم والشدة تهتف بها

: بت تاخدى بالك من نفسك وتاكلى كويس..واشربى لبن..اه ولو عوزتى حاجة ابعتى ليا وانا ثوانى وهكون عندك بس انتى ترتاحى خالص


اجابتها سماح بالموافقة على جميع اوامرها وهى تبكى على الاخرى يتكلمان سويا لعدة دقائق اخرى ثم انهت المكالمة بينهم تجلس مكانها وهى تحتضن الهاتف لصدرها وعينيها تنطق بالفرحة والسعادة الطاغية حتى سمعت صوت فتح الباب لتسرع نحوه تلقى بنفسها بين ذراعيه كعادتها فى استقباله ولكن هذه المرة اطالت من لحظة احتضانها له وجسدها يستكين بين ذراعيه براحة ليسألها بحنان وهو يقبل رأسها 

: ايه ياقمرى...عاملة ايه...لسه تعبانة 


هزت رأسها بالنفى ببطء قائلة بصوت خافت 

: انا كويسة بعد ما اخدت المسكن اللى كتب ليا الدكتور عليه بعد الحقنة


ابعدها عنه ببطء يسألها وعينيه تدور فوق وجهها بقلق يسألها بعدها بتوجس

: فرح انتى كنتى بتعيطى...لو حاسة بوجع احنا ممكن نروح لدكتور... ولا اقولك بلاش منه الموضوع ده خالص


اسرعت تهز رأسها بالنفى تهتف له مؤكدة

: لا...انا كويسة ياصالح صدقنى...انا بس كنت بكلم سماح من شوية وقالت ليا انها....


قاطعها صالح وانامله تمتد تزيح الباقى من اثر دموعها هامسا بحنان ورفق

: قالت لك انها حامل مش كده 


اتسعت عينيها بذهول تسأله 

: انت كنت عارف...طيب مقولتش ليا ليه ياصالح


لم يجيبها بل امسك بيدها يتجه بها نحو الداخل حتى وصل الى الاريكة فيجلس ويجلسها فوق ساقيه يحيط وجنتيها بكفيه يقربها منه ثم يقبلها بتهمل شديد ونعومة اذابتها واذابت اى مشاعر اخرى سوى لهفتها له هامسا يجيبها بعدها بتهمل وحنان

: خفت تزعلى..انا عارف نفسيتك تعبانة من اخر مرة كنا فيها عند الدكتور ومحبتش ازودها عليكى..كفاية مهرجان الحمل اللى انطلق عندنا فى البيت


ضحكت رغما عنها من مزحته بينما يكمل هو يتنهد بطريقة مسرحية حزينة 

: ولسه المهرجان مخلصش...ياسمين اختى جاية وجايبة معاها زعابيب امشير بتاعت كل مرة...وطالبة الطلاق من جوزها للمرة المليون من يوم ما اتجوزت


استقامت فى جلستها بأنتباه تسأله بفضول 

: وليه تانى المرة دى... ده لسه راجعة بيتها مكملتش اسبوع 


تنهد صالح وجهه يرتسم عليه امارات الاسف

: هى جوازة غلط من الاساس.. بس هقول ايه اختيارها وتتحمله بقى.. دى لسه لحد النهاردة مش عاوزة تعترف انها غلطت ولسانها بيحدف دبش لاى حد بيحاول ينصحها


تنهد مرة اخرى بنفاذ صبر ولكنه اسرع بعدها يسألها كأنه ادرك انه قد ابتعد عن حديثهم الاساسى قائلا بحزم

:سيبك بقى ما الناس والعالم ده كله...وقوليلى القمر بتاعى كان بيعيط ليه... علشان عرفتى ان سماح حامل؟ 


سألها سؤاله الاخير وعينيه تنطق بالخوف التوتر لتسرع تجيبه فورا قائلة بأبتسامة فرحة سعيدة

: لا طبعا..دانا طايرة من الفرحة علشانها..مع ان العبيطة كانت فاكرة انى هزعل لو قالت ليا..شوفت العبط بتاعها 


سكن صالح فى جلسته وعينيه تلتمع بعشقها بعد اجابتها تلك عليه يشعر كم هو محظوظ بها وبوجودها المشع بالبهجة فى حياته يحيط بوجنتيها مرة اخرى يقربها منه وهامسا بحب وارتجافة العشق فى صوته 

: لا...بس شوفت اد ايه انتى جميلة...وان ربنا عوضنى بيكى عن الدنيا كلها ...وان انا مش عاوز من دنيتى دى غير انتى وبس 


قبلها فورا يحتضن بشفتيه شفتيها يبثها من خلال قبلاته كل ما يعجز لسانه عن نطقه فى لحظاتهم تلك يزداد شغفه وجنون بها الى ابعد حد والذى اطار بعقله وتفكيره تمام حتى جذبته هى بصوتها الضعيف المرتعش من داخل اعاصير المشاعر التى عصفت به تحاول الاعتراض بضعف

: صالح...مش هينفع ..الدكتور قايل...بكرة 


اخذ يتنفس بصعوبة وهو يدفن وجهه فى منحنى عنقها يحاول السيطرة والعودة لطبيعته مرة اخرى للحظات طوال قال بعدها بطاعة

:حاضر هسمع كلام الدكتور... وربنا يصبرنى لحد بكرة والا هبقى شهيدك وشهيد اوامر الدكتور 


ومن بعدها التزما بالفعل التزام تام بتعليمات الطبيب طيلة  الايام التالية وقد كانا مع كل يوم يمر عليهم  يدعوا من اعماق قلبهم ان يتحقق لهم هذا الشهر حلم ورغبة طلما اشتاقا لها بجنون


*******************************

فرح مش هتقومى يلا...الجماعة تحت بعتوا علشان مستنينا على الغدا


تمطت فى الفراش ثم عادت لاحتضان الوسادة مرة اخرى تهمهم بصوت ناعس 

: شوية كمان وحياتى ياصالح...اصل النوم حلو اووى 


هز رأسه بقلة حيلة وهو ينظر نحوها مبتسما بتسامح ثم فجأة التمعت عينيه بالتسلية والخبث هاتفا بصوت عالى صارم

: ايه ده يافرح...ينفع كده اللى حصل ده


فزت من الفراش فزعة فورا ان وصلها صوت تتلفت حولها بخوف واضطراب قائلة بتلعثم

: اسفة..اسفة...متزعلش خلاص 


دوت ضحكته العالية بصخب فى ارجاء المكان فتدرك هى مزحته تنظر له بعتاب هامسة

: حرام عليك ياصالح.. دى حركة تعملها.. طب انا زعلانة منك


عاودت الاستلقاء على جنبها تعطى له ظهرها ليسرع نحوها يستلقى بجوارها قائلا وهو يقبل كتفها 

: وانا مقدرش على زعلك ياقلب صالح من جواه... 


هزت كتفها بتدلل قائلة له

: برضه زعلانة ومخصماك ومش هكلمك خالص النهاردة


انحنى على اذنها يهمس بخبث وبصوت عابث

: طيب تراهنى؟.. واللى يصالح التانى الاول يبقى هو الخسران وعليه ينفذ اى طلب تقال له عليه


التفتت اليه تهتف له فورا وبثقة 

: اتفقنا...وانا موافقة بس هتنفذ اللى هقولك عليه


غمز لها بعبث وهو ينهض من جوارها قائلا 

: مش لما تفوزى الاول تبقى تتشرطى


تحرك فى اتجاه الباب يكمل قائلا 

: انا هسبقك على تحت...متأخريش عليا..علشان نبتدى رهاننا 


غمزها مرة اخرى ثم غادر الغرفة فورا لتبتسم بحنان وعشق وقد ادركت ما يحاول فعله معها ومحاولته صرف انتباهها واهتمامها الى شيئ اخر بعيدا عن التوتر والاضطراب والذى اصبح ملازما لكل زيارة شهرية للطبيب وقد مرت بهم الايام ببطء شديد حتى حان اخيرا موعد الطبيب الشهرى والمقرر له يوم غد فلا يريد لها قضاء وقتها فى التفكير والقلق يحاول صرف تفكيرها عنهم بمزاحه وعبثه معها لكن الامر ليس بهذه السهولة عليها الا اذا قامت الان ب...

التمعت عينيها بفكرتها تلك تسرع فورا فى تنفيذها فقد تنهى بها ساعات اخرى من الخوف والقلق حتى وان كانت نتائجها مخيبة لكنها سترحمها  من توتر ورهبة الانتظار 


بعد ذلك كانت تجلس بجواره داخل شقة والديه بعد انتهائهم من الغذاء ومازالت تلك الابتسامة السعيدة البلهاء مرتسمة فوق شفتيها لا تستطيع السيطرة عليها وبذهن شارد كانت تجيب على اسئلة الموجهة لها كانها بعالم اخر تطفو فوق السحاب وعينيها تتعلق بهيام بكل لمحة او لفتة منه كالمسحورة به حتى سمعت همسه الناعم لها وهى يسألها بمرح

: بقى ده شكل واحدة مقموصة منى وزعلانة...دانتى ناقص تقومى تاخدينى فى حضنك وتصرخى ادام الكل وتقوليلى بحبك


اقتربت منه هى الاخرى وقد اختفى العالم من حولهم

تهمس بهيام ودون مقدمات

:طب ما الكل عارف ان انا بحبك مش محتاجة اقولها....بس لو تحب اقوم اصرخ بيها دلوقت انا معنديش اى مانع 


صالح وقد شع وجهه بالسعادة يسألها 

: طب وبخصوص مقموصة منك وزعلانة اللى كانت فوق من شوية دى


هى وبنفس ابتسامة الهيام المرتسمة على شفتيها 

:مقموصة منك بس بحبك وبعترفلك اهو انى خسرت الرهان من قبل ما يبدء حتى..


كاد ان يلتهمها بنظراته تتسارع انفاسه وهو يهمس لها بلهاث وصوت اجش من عصف مشاعره

: وانا بقى كسبت حبك ووجود فى قلبى وحياتى.. يافرحة حياتى


ابتسم لها يغمزها خفية يكمل وهو يشير الناحية الاخرى 

: ما تيجى نطلع فوق.. علشان اقولك كسبت ايه كمان


شهقت تتصنع الصدمة تهتف به تنهره بدلال 

: صالح اتلم...الناس حاولينا يقولوا علينا ايه


ضحك بصخب جعل كل العيون تنتبه اليهم فى تلك اللحظة بأهتمام تسرع انصاف قائلة لهم بمرح 

: طب ما تضحكونا معاكم احنا كمان..


صالح وعينيه معلقة على سارقة قلبه يبتسم بخبث جعل عيون فرح تتسع محذرة له وقد ادركت نيته لكنه تجاهلها يجيب والدته قائلا ببطء عابث

: اصل كنت بقول فرح يعنى اننا.....


قاطعته فرح تنهض من مكانها قائلة بخجل وتلعثم 

: انا هروح اعمل عصير لينا...وراجعة حالا


ثم اسرعت بأتجاه المطبخ فورا دون ان تضيف شيئ اخر هربا من احراجها ولكن لم تمر سوى لحظات حتى اتبعتها تلك التى كانت تجلس من البداية تتابعهم بنظراتها الحاقدة وهى تتحسر بداخلها على زيجتها الفاشلة وزوجها البخيل فى مشاعره قبل ماله تتلظى بنيران غيرتها وهى ترى كل هذه المشاعر والعواطف الجياشة بين شقيقها وزوجته فبرغم الظروف التى يمرون بها الا ان اكتفائهم ببعضهم البعض يصيبها بالغضب والكره لتلك الحياة التى تحياها  تتمنى لو ترى يوما تلك المشاعر والتى تراها دائما فى نظراتهم لبعضهم البعض فى عيون زوجها لها ولمرة واحدة فقط تندم كل يوم الف مرة لتصميمها على تلك الزيجة ودفن نفسها حية مع هذا الزوج متبلد وقاسى المشاعر 


لذا لم تجد  امامها سوى متنفس واحد لتلك النيران والتى تتأكلها بشراهة الان سوى ان تهرع خلفها تدخل المطبخ وهى تتطلع نحوها بنظراتها المغلولة الحاقدة ثم تفح من بين انفاسها قائلة

: مش شايفة انك زودتيها وبقى مش همك حد خالص من اللى قاعدين  وشغالة شغل مسخرة وقلة ادب مكانهم شقتك فوق مش هنا


زفرت فرح تعلم ما تحاول ياسمين جرها اليه لذا ابتسمت لها بهدوء مصطنع قائلة بطاعة

:حاضر يا ابلة يا ياسمين..هروح اخد جوزى واطلع شقتنا فوق نتمسخر فيها براحتنا علشان حضرتك ما تتضيقيش...تأمرى بحاجة تانية 


وبالفعل تحركت من مكانها نحو الباب تنوى للمغادرة فتمر بجوار تلك المشتعلة من وقاحة لردها عليها فتمسكها من ذراعها فجأة توقفها عن التحرك تصرخ بها

:اما انت صحيح قليلة ادب مش متربية...بس هقول ايه مانت تربية مليجى رد السجون ولبيبة الخدامة...هستنى ايه غير كده منك 


هنا وانتهت قدرة فرح على التظاهر بالهدوء والتعقل  تشتعل بالغضب وهى تجذب ذراعها منها بقوة ثم تدفعها فى كتفها بقسوة قائلة 

:لمى لسانك اصل كلمة زيادة منك وهعرفك مقامك ايه..ولا انت نسيتى علقة زمان ونفسك افكرك بيها


تطلعت لها ياسمين بذهول ممزوج بالغضب قبل ان ترتفع ابتسامة خبيثة قائلة باحتقار

:انا بقى اللى هعرفك قيمتك ومقامك هنا فى البيت ده ايه..


ثم فجأة وبدون تحذير صرخت عالية صرخة متألمة وهى تمسك ببطنها تنادى على والدتها بصوت اجادت صنع الالم والذعر به وفى لحظات كان الجميع داخل مكان يلتفون حولهم يتسألون عما حدث لتصرخ ياسمين باكية وهى تشير نحو فرح المصدومة المتجمدة فى مكانها

:عاوزة تسقطى...فرح كانت عاوزة تسقطنى 


ابتسمت سمر تتراجع للخلف وتتابع الموقف دون تدخل وقد وجدتها فرصة لتشفى فى غريمتها والتى اخذت تنفى عن نفسها هذا الاتهام قائلة بذعر

: والله ما حصل ولا لمستها..دى هى اللى....


ياسمين صارخة وهى مازالت تمسك بطنها بألم ترتعش شفتيها بالبكاء قائلة 

:كدابة..دى ضربتنى فى بطنى مرتين علشان بقولها مينفعش الضحك والمرقعة هنا ادام الناس الكبار..راحت ضربانى فجأة عاوزة تسقطنى


ثم ارتمت فوق صدر والدتها باكية والتى كانت مذهولة مما سمعت لان تجد القدرة على التفوه بحرف لتسرع فرح نحو صالح قائلة برجاء وصوت باكى 

: محصلش حاجة من دى خالص..صدقنى ياصالح وحياتك عندى ما حصل


ربت صالح فوق وجنتها يبتسم لها بطمأنية وحنان جعلت النار تشتعل اكثر فى تلك العقربتين قبل ان يرفع نظرات نحو ياسمين يسألها بتمهل وهدوء كأنه فى انتظار اجابة ما منها 

: وفرح عاوزة تسقطك ليه يا ياسمين...يعنى ايه يخليها هتفكر تعمل حاجة زى كده وهى عارفة اننا كلنا قاعدين بره


اسرعت ياسمين تجيبه وعينيها تشتعل بغلها وغيرتها هى قائلة

:علشان غيرانة طبعا..شايفة الكل معاه الا هى...


اسرعت فرح تقاطعها تهز رأسها بالنفى سريعا تهتف بلهفة ودون تفكير 

: محصلش وانا هعمل كده ليه...مانا كمان حامل 


ساد الصمت التام يتجمد صالح مكانه وعينيه تعود اليها سريعا تسألها التأكيد مما سمع كأنه يخشى التحدث فيتبدد حلم طلما اشتاق اليه فى صحوه ومنامه فاخذت تومأ له بالايجاب تؤكد له برغم ما ينطق به لسانها 

: انا عملت اختبار النهاردة الصبح مقدرتش استنى لما نروح للدكتور بكرة بس برضه انا مش متأكدة ....


اختفى الباقى من حديثها حين جذبها الى ذراعيه يحتضنها الى صدره بقوة كأنه يود لو يخفيها داخل ضلوعه بحماية تسمع منه شهقة بكاء خافتة كانت لها كألم فى ضلوعها وهى تراه بهذا الضعف تلعن نفسها لعدم تمهلها وتفكير قبل ان تلقى بهذه القنبلة المدوية عليه دون ان تراعى او تفكر فيه وفى ردة فعله تبتعد عنه عينيها تتطلع فى عينيه الملتمعة بدموعها الحبيسة تهمس قائلة برجاء وتلعثم وكلماتها غير مترابطة او مفهومة

:صالح...انا...مش عاوزة...احنا...طيب نستنى...كلام....الدكتور الاول


اومأ برأسه لها بالموافقة يبتسم بفرحة طاغية قبل ان يمسك بيدها يجذبها خلفه قائلا بلهفة 

:يبقى بينا نروح له حالا...مش هقدر استنى لبكرة..


وبالفعل جذبها وخرج بها من المكان لتتعالى شهقات انصاف الباكية بفرحة ومعها دعاء الحاج منصور وتوسله لله بالدعاء حتى حسن اخذ يردد هو الاخر الدعاء لشقيقه ان يمن الله عليه بالفرحة الا سمر والتى شحب وجهها شحوب الموتى تنظر امامها بصدمة كمن ضربته صاعقة و ياسمين والتى لم تحتمل ان يتم تجاهل ما قالت وانشغالهم عنها بهذه الحقيرة أخبارها تصرخ بهم بحنق

:انتوا صدقتوا...دى كدابة وبتقول كده علشان تخرج نفسها من اللى عملته 


اسرعت تكمل وقد اعماها غضبها وحقدها لاتراعى ان من تتحدث فى حقه هو شقيقها الاكبر صارخة بغل وكراهية

:بقولكم كدابة.. كلكم عارفين ان صالح مش بيخلف ولا عمره هيخلف انتوا بس اللى عاوزين تنسوا ده و......


قطعت صرخة ألم كلماتها المسمومة بعد ان هوى والدها فوق صدغها بصفعة قوية اطاحت بها حتى كادت ان تسقطها ارضا لولا اسراع والدتها لاسنادها يندفع حسن هو الاخر من مكانه لامساك بوالده بعد ان عاود الهجوم عليها مرة اخرى صارخا بها 

:القلم ده كان المفروض ينزل على وشك مش النهاردة لاا ده من يوم ما غلطتى فى اخوكى مرة واتنين ادامى وانا اعديلك بس يا بنت ال***** من هنا ورايح ملكيش عندى غير ده..عاوزة تقعدى هنا يبقى بأدبك مش عاوزة يبقى تخفى على بيت جوزك وما شوفش وشك هنا تانى 


ياسمين بذهول والم وهى تضع كفها فوق وجنتها المطبوعة بالاحمرار من اثر الصفعة قائلة 

:بتطردنى يا بابا من بيتك علشان صالح ومراته...مراته بنت لبيبة الخدامة وبتضربنى علشانهم


صرخ منصور بغضب وشراسة يهم بالهجوم عليها مرة اخرى لولا امساك حسن به

: تانى يابنت ال*** بتغلطى تانى طب يمين تلاتة مانت قاعدة فيها...وتمشى حالا على بيتك وما شوفش وشك هنا تانى 


حاولت انصاف استعطافه هى وحسن حتى يعدل عن قراره لكنه ازاد تصميما يهتف بحسن بحزم غاضب

:خد بنت ال*** رجعها بيتها...واقعد مع جوزها وشوف ايه الموضوع وحله...تلاقيها سمت بدنه بكلامها اللى زى السم ودلعها الماسخ


لم يجد حسن امام غضبه هذا سوى ان يومأ له بالموافقة قائلا 

:حاضر ياحاج اللى عاوزه هيحصل بس اهدى كده وكل حاجة هتمشى زى ما انت عاوز 


اخذ منصور يتنفس بعمق وقوة محاولا الهدوء يطاوع حسن فى الحركة وهو يخرجه من المكان لتنفجر ياسمين بالبكاء بهسترية بعدها تلقى بنفسها بين ذراعى والدتها والتى اخذت تحاول تهدئتها لتتحدث سمر بعد خروج حسن كأنه الأذن لها بالانطلاق لبث سمومها تهتف بغل

:كله من الصفرا اللى اسمها فرح..كدبت الكدبة والكل جرى وراها وصدقها....وهى الغلبانة دى اللى هتدفع التمن 


نهرتها انصاف بصوت حاد غاضب توقفها 

:سمر الليلة مش ناقصاكى روحى لعيالك شوفيهم وخرجى نفسك من الموضوع ده خالص..ولا تحبى حسن يدخل فجأة ويسمع كلامك ده


شحب وجهها بشدة تهز رأسها بالنفى تسرع بالمغادرة فورا تنفيذا لامرها فهى ليست فى حاجة لخلاف اخر معه يكفيها ما تلاقيه منه 


رفعت ياسمين تسأل والدتها بصوت باكى منكسر بعد خروج سمر من المكان 

:هتروحينى يا ماما زى بابا ماقال 


هزت انصاف كتفها بقلة حيلة قائلة

:ابوكى حلف..وانتى عارفة الحاج منصور لما يحلف ولو مين اترجاه عمره ما هيرجع فى كلامى ابدا


نظرت اليها ياسمين بصدمة وارتعاب ثم انفجرت فى البكاء تهرع هاربة من المكان لتهمس انصاف بحزن 

: زودتيها يا بنت بطنى..وهى جات على دماغك انتى فى الاخر..ياريت يكون ده درس يفوقك ويهدى نفسك شوية 

***************************


جلسا هى وهو معا امام الطبيب والذى اخذ ينظر نحوهم بثبات قائلا 

: شوفوا ياجماعة احنا كنا بنحاول الحمل بالطريقة الطبيعية ده قبل ما نضطر نلجأ للوسائل التانية و الظاهر كده....


شحب وجههم بشدة كأنهم كانوا يخشوا هذه الكلمات منه تتشابك ايديهم معا بمساندة يشدا من أزر بعضهم البعض فى انتظار الباقى من حديثه وانتهاء الحلم او تأكيده وقد لفتت هذه الحركة منهم نظر الطيب والذى ابتسم فور وعينيه تشع بالسعادة لهم يكمل قائلا 

: والظاهر كده اننا مش هنحتاج ليها...مبروك يا جماعة الحمل تم وكل الامور ماشية تمام 


لم يصدر عنهم ردة فعل بل جلسا فى مكانهم كانه لم يكن يوجه اليهم الحديث ينظرون نحوه بذهول وصدمة ليكرر الطبيب كلامه ولكن هذا المرة ببطء وقد وعى ما يعانوه فى هذه اللحظة يتمهل فى شرح الامر لهم 

ثم فجأه وكأن الحياة قد دبت فى جسده نهض صالح عن كرسيه يخر على ركبتيه ارضا ساجدا لله سبحانه

تتعالى شهقات بكائه كأنه كان ينتظر كلمات الطبيب له لافراج عن تلك الدموع والتى طلما سجنها فى مقلتيه بصوت تقطع له قلبها وهى تخر على ركبتيها هى الاخرى جواره وتحتضنه بين ذراعيها وقد اخذ يردد بهستريا وذهول

: هبقى اب يا فرح...خلاص ربنا كتبلى اشيل حتة منى بين اديا...اخيرا ربنا عوضنا وعوض صبرنا وهشوف ابن لينا 


ثم اخذ يردد الحمد والشكر لله كثير وهو يحتضنها بين ذراعيه لا تستطيع هى الاخرى فعل شيئ سوى البكاء بشدة وتردد بكلمات الحمد والشكر للحظات تأثر لها الطيب حتى استطاعوا اخيرا تمالك نفسهم يتطلعون الى بعضهم بسعادة ليسرع الطيب قائلا لهم بتحشرج

: لا مش كده ياجماعة انا عاوزكم تتماسكوا وتهدوا... كده مش هتخلونى اقولكم باقى الاخبار اللى عندى 


التفا هما الاثنان معا بحدة اليه تتعالى امارات التوتر على ملامحهم وجسدهم يتجمد قبل ان يسأله صالح بتوجس ولهفة وهو ينهض واقفا ومعه فرح 

: خير يا دكتور...فرح عندها اى مشاكل...الحمل فى خطر عليها....لو كده انا مش عاوزه... انا اهم حاجة عندى فرح...


الطبيب وابتسامة تقدير على شفتيه قائلا بنبرة ذات مغزى

: بسهولة كده هتستغنى... لاا الظاهر المدام عندك غالية اوى


فورا ضم صالح فرح لجانبه بحماية قائلا بحزم تأكيد

: طبعا... مفيش عندى اهم منها ولو الحمل فيه ولو نسبة واحد فى المية خطر عليها فانا.... 


قاطعه الطيب قائلا وهو يتراجع فى مقعده قائلا بابتسامة هادئة

: لا ياسيدى مفيش اى خطر عليها... ونقعد كده ونهدى علشان لسه عندى ليكم كلام وتعليمات لازم تنفذ بالحرف


ثم اخد يعدد لهم تعليماته بعد ان القى عليهم بقنبلته والتى جعلتهم يجلسون فاغرين فاههم بصدمة وذهول واستمر معهم حتى بعد عودتهم للمنزل ومعرفة الجميع بأخبارهم السعيدة والتى تم استقبالها مابين مهنئ وسعيد وفرحة طاغية وبين حاقد مغلول ونفوس ضعيفة تتمنى زوال هذه النعمة منهم عدم اكتمال تلك الفرحة لهم ولكن كانت ارادة الله ومشيئته فوق كل شيئ وهو يمن على هذا الثنائى بنعمه ويحفظهم من كل حاقد وغادر 

********************************

ده الفصل الاخير يا بنات وان شاء الله الخاتمة يوم الخميس الجاى ودى هعملها للبنات اللى طلبت منى يشوفوا فرحة فرح وصالح بالحمل وبأولادهم هعملها لعيونكم 

ويوم الخميس الجاى بأذن الله هنزلها اشوفكم على خير ويارب الفصل يعجبكم


ظلمها_عشقاً 

الخاتمة


  استلقت فوق فراشهم تراقبه بحنان ويديها تربت فوق بطنها الممتد امامها برفق وهى تراه يدور حولها فى ارجاء الغرفة بتوتر وحركات مضطربة يقوم بعدة اشياء ليس لها داعى مثل اخراجه للحقيبة المعدة ليوم ولادتها ويقوم بأخراج  الاشياء من داخلها ثم يراجعها للمرة الخامسة حتى الان  وهو يسألها بقلق

: انا خايف نكون نسينا حاجة كده ولا كده.. طيب ايه رأيك انزل اجيب تانى من ال.... 


قاطعته تحدثه بصبر وهى تعتدل جالسة فى الفراش قائلة

: ياحبيبى متقلقش كل حاجة جاهزة... وبعدين انا مش عارفة انت قلقان كده ليه.. هو انا اول ولا اخر واحدة هتولد..اهدى انت بس وخير ان شاء الله


توقفت يديه عن الحركة ترتجفان بشدة وهو يرفع عينيه يتطلع اليها  فترى القلق والخوف يرتسمان داخلهما عليها وعلى اطفالهم  مما جعل قلبها يهفو  اليه تسعى على الفور لبث الطمأنية فيه وهى تشير له بحنان حتى يقترب منها ليترك فورا ما بيديه يهرع نحوها يلقى بنفسه بين ذراعيها الممتدة اليه بترحاب دافنا وجهه فى عنقها مرتجفا بشدة وهو يهمس بتحشرج 

: خايف اووى يافرح.. لا انا مش خايف انا مرعوب من بكرة..  انا عمرى فى حياتى ما كنت خايف كده... 


لم تستطيع البوح له بأنها تخشى هى الاخرى من يوم غد بل يكاد قلبها ان يتوقف رعبا منه لكنها اسرعت بأجابته بصوت مرح خفيف

: ليه يعنى دى حاجة كل الستات بتعملها كل يوم..ده حتى سماح اختى سبقتنى وعملتها وبتقولى هتصحى من النوم هتلاقى النونو جنبك.... وبعدين انا مش خايفة من كده انا خايفة من حاجة تانية خالص


رفع وجهه اليها سريعا بأستفهام لتكمل مع ابتسامة مرحة

: لما يعرفوا اللى الدكتور قاله لينا... اظن بعد كده مش هنعرف نخبى تانى...والعيلة كلها والحارة كمان هتعرف 


شدد من احتضانه لها يلقى برأسه فوق كتفها قائلا بحزم

:محدش ليه عندنا حاجة وبعدين ابويا وامى عارفين وكده كفاية دول هما حتى اللى قالوا منعرفش حد 


ساد الصمت لعدة لحظات قبل ان تتحدث قائلة بخشية وتردد

: طيب اخوك ومراته.. مش هيزعلوا اننا خبينا عليهم.. خصوصا ان سماح اختى عارفة و...


ابتعد عنها صالح جالسا بأعتدال يقاطعها قائلا بنزق 

: اللى يزعل يزعل.. انا مش هدوش دماغى بحد دلوقت... كفاية قلقى عليكى


نهض واقفا يكمل قائلا بحزم

: انا هقوم احضرلك الاكل.. وانتى ارتاحى خالص وريحى دماغك ومتفكريش فى حد غير نفسك وبس


   حاولت الاعتراض فهذه هى المرة الثالثة والتى يقوم بأطعامها فيها خلال ساعتين لكنها قررت الصمت بعد ان وجدته وقد تحرك  بالفعل مغادرا الغرفة تعلم ان لا فائدة من اعتراضها ذاك تتبعه بنظراتها  الهائمة وهى تبتسم ابتسامة صغيرة عاشقة له سعيدة بأهتمامه بها تربت فوق بطنها بحنو هامسة بعد خروجه

: ابوكم حنين اووى ياعيال...هو انا بحبه وبعشقه من شوية.. بكرة لما توصلوا بالسلامة هتشوفوا اد ايه هو احسن واجدع واحن راجل فى الدنيا  


شردت بعينيها للبعيد ومازالت تلك البسمة الحنونة فوق شفتيها تتذكر يوم تأكيد الطبيب لحملها وفرحة صالح الطاغية  لكن لم يكن الطبيب قد انتهى من اخباره كلها حين تحدث اليهم يكمل لهم بصوته الهادئ ولكنه كان يحمل نبرة مازالت تتذكرها حتى الان قائلا

:طبعا احنا لما كملنا رحلة العلاج الخاصة بيك يا استاذ صالح والحمد لله الامور مشيت تمام.. هنا كان دور مدام فرح.. وابتدينا معاها بالحقن المنشطة  علشان نقصر من فترة الانتظار وكمحاولة كمان قبل ما نلجأ للحل التانى بس الظاهر ان.... 


قاطعه صالح بعدم صبر وتوتر يسأله 

: يا دكتور انت عرفتنا الكلام ده قبل ما نبتدى معاك.. فمن فضلك قول فى اى ايه لانك كده هتموتنى من القلق على فرح 


ابتسم الطبيب يهز رأسه بتفهم قائلا بصدر رحب 

: مااشى هدخل فى المفيد.. شوف ياسيدى الحقن المنشطة اللى اخدتها المدام كانت سبب فى ان الحمل ميكنش فى جنين واحد... 


هتف الاثنين معا بذهول ممزوج بالفرحة وبصوت واحد يقاطعانه

: توأم... تقصد حصل حمل فى توأم 


هز الطبيب رأسه بالنفى ليعقد صالح وفرح حاحبيهم بعدم فهم سرعان ما تحول لاتساع العينين ذهولا  وافواه فاغرة من شدة وقع كلماته عليهم وهو يتحدث قائلا بتمهل كأنه يعلم وقع كلمات تلك عليهم 

:الحمل حصل فى كسين..كيس فيه جنين واحد.. اما الكيس التانى فحصل فيه حمل فى.. اتنين


صدرت عنها ضحكة خافتة وهى تتذكر وقتها حين ظلت هى وهو يتطلعان الى الطبيب كأنه قد نبتت له رأس اخرى امامهم فجأة ودون تحذير يستمعا الى باقى من تعليماته كأنه يتحدث بلغة اخرى غير مفهومة لهما يظلا على حالة الصدمة والذهول تلك حتى خروجهما من عنده ليلتفت اليها صالح يسألها بصوت مرتجف غير مترابط

:بت يافرح هو اللى سمعته جوه ده حقيقى ولا ده عقلى وبيضحك عليا..وبيسمعنى اللى نفسى اسمعه


التفتت اليه بعيون ممتلئة بالدموع قائلة بصوت باكى  يرتجف هو الاخر من شدة الفرحة تؤكد له

: حقيقى يا صالح...ربنا حب يجازينا على صبرنا وعوضنا بكرمه 


لم يبالى بعدم خلو المكان من الناس او انهم مازالوا داخل عيادة الطبيب يحتضنها بين ذراعيه فجأة وعلى غفلة ويدور بها  وهو يهتف بفرحة جنونية 

: انا هبقى اب لتلاتة... يعنى انا مش بحلم يافرح مش كده؟! 


اخذت تضحك وتبكى فى ان واحد تشاركه سعادته وفرحته معها ايضا نظرات الجمع من حولهم ووجههم المتهللة بالفرحة تصحبها ضحكات البهجة والسعادة لهم


تمت بعدها رحلة العودة بهم سريعا الى المنزل ليجدوا والديه يجلسون فى انتظارهم وعلى وجههم اللهفة والامل ليسرع صالح اليهم وهى يصرخ بفرحة

: حصل يابا.. حصل ياما...وهبقى اب لتلاتة والله


حتى الان لا تتذكر ماحدث فور نطقه بهذا الاخبار اليهم كل ما تتذكره انه قد حدث هرج ومرج وصرخات فرحة واحضان  كثيرة ومتبادلة حتى ساد الهدوء اخيرا وتسرع انصاف قائلة بعدها بتحذير وصوت باكى 

: اوعوا يا ولاد حد يعرف... بدل ما تاخدوا عين من الحارة واللى فيها... خلى فرحتنا تكمل على خير كده بأذن الله. ولا ايه رأيك ياحاج


اسرع منصور يومأ برأسه بالايجاب مؤكدا على حديثها فورا قائلا 

: الحارة وغير الحارة... محدش هيعرف غيرنا احنا الاربعة وبس


نظر الى انصاف نظرة فهمتها على الفور ومن ثم الى صالح والذى هز رأسه فورا موافقا بعد ان فهمها هو الاخر و فرح ايضا  لكنها لم تعلق تلقى اليهم بموافقتها على كلامهم لكنها وفورا ان اختلت الى صالح داخل شقتهم حتى نادته برقة وتردد فلتفت اليها صالح مبتسما بتفهم وحنان

:قوليلها يافرح...انا عارف انك مش هتقدرى تخبى عليها..فانا بقولك اهو قولها وعرفيها...بس اياك حد تانى يعرف انا بقولك اهو...وانا هبقى اعرف عادل وانبه عليه هو كمان


اسرعت نحوه تلقى بذراعيها حول عنقه هامسة 

: حبيب قلبى ياناس...اللى بيفهمنى من غير حتى ما اتكلم 


انحنى على جبينها يقبله بحنان هامسا

: انتى اللى حبيبة قلبى.. ونور عينى... ودنيتى كلها يافرح... واى حاجة تطلبيها او نفسك فيها تتنفذ فورا  بس انتى تطلبى 


وقد كان فمنذ حملها اصبحت مدللة  الجميع هو وابويه يهرعون لتلبية احتياجتها فورا دون كلل او تعب حتى اخيه حسن كان يأتى مساء كل يوم بعد العمل للسؤال والاطمئنان عليها  يمزح ويتحدث بلهفة وحماس عن استعدادته هو ووالديه لاستقبال مولود اخيه الاول لدرجة قد بعثت الشك فى نفس فرح فى البداية ولكن مع مرور الايام كانت ترى فرحته الصادقة فى عينيه ونظرة الحب والتقدير التى يتطلع بها الى صالح حتى بعد ان رزقه الله بمولودته الاخيرة وتنبه الطبيب وتحذيره الشديد من حمل زوجته مرة اخرى لم يبالى او تنقص فرحته لهم برغم نظرات زوجته المغلولة  الدائمة لها ومراقبتها تعامل صالح الحنون معها فى مرات اجتماعهم القليلة بعيون تنطق بالحقد  مع سؤالها المتكرر عن نوع الجنين وعينيها تكاد تخترق بطنها بحثا عن اجابة لم تنالها حتى الان 


اما شقيقته فلم تراها سوى مرة واحدة وقد حدثت قبل سفرها مع زوجها لاحدى الدول العربية للعمل بها بعد اصراره على ان تصحبه الى هناك برغم اعتراضها الشديد والذى لم تجد له اهتماما او اذان صاغية من احد لترضخ فى النهاية للامر تسافر معه وتنجب طفلها هناك ايضا وقد علمت من والدة زوجها بعدها وهى تفضفض وتشتكى اليها سوء احوالها ومعاملة زوجها الجافة والسيئة لها وان سبب اصراره على سفرها معه انه قد قام بجعلها تعمل هى الاخرى هناك بل ويستولى على اجرها كاملا بحجة الادخار والعمل على مستقبل طفلهما وقد شعرت فرح وقتها ان حماتها تتندم  وتشفق على  حال ابنتها  خاصة بعد كل زيارة لشقيقتها لها  ورؤيتها لكيفية معاملة زوجها لها وخوفه الشديد عليها ومراعته وحبه الواضح فى كل تصرف يقوم به نحوها  تمزح دائما بصوت حزين   قائلة.. ان لا احد ينافس عادل فى اهتمامه بزوجته سوى صالح فقط 


ابتسمت فرح رغما عنها بسعادة وهى تتراجع بظهرها الى لوح الفراش تسند عليه فقد كانت محقة فلم يكن  بالفعل هناك من ينافس عادل فى صفاته سوى فارسها وعشق صباها وزوجها الرائع  تتذكر احدى المرات والتى تلاعبت بها هرمونات الحمل فأخذت فى بالبكاء دون سبب  تفشل جميع محاولاته لتهدئتها او معرفة كيف له ان يرضيها وقد ازاد الامر سوءا اكثر ليتركها فى النهاية ويذهب مغادرا الشقة دون ان يضيف كلمة واحدة لتنهار فى البكاء بشدة وبعد ان وجدت اخيرا سببا لسكب دموعها عليه وهو ذهابه وتركها بعد ان اصابه الملل منها 


لكنه عاد مرة اخرى بعد فترة من الوقت يحمل معه عدة حقائب للتسوق كبيرة الحجم يتجه فورا نحوها جالسا بجوارها ويده تمتد الى عينيها يزيح عنها دموعها وهو يتحدث قائلا برفق

: كفاية دموع بقى وتعالى شوفى انا جبتلك ايه


هزت كتفها له بالرفض كطفلة صغيرة مدللة وهى تضم شفتيها باعتراض لتمتد يده الى احدى الحقائب يفتحها قائلا بتشويق

: طيب شوفى ولو مش هيعجبوكى هرميهم ياستى واجبلك حاجة تانية غيرهم..بس شوفيهم الاول


اخرج من داخل الحقيبة احدى الشخصيات الكارتونية والتى تعشقها على هيئة لعبة محشوة بالقطن تلتمع عينيها بالانبهار والفرحة شاهقة وهى تختطفها من يده ثم تحتضنها بفرحة الى صدرها لكنه لم يكتفى بذلك يمسك بالحقائب الواحدة تلو الاخرى يخرج من داخلها العديد والعديد من الالعاب كانت تستقبلهم بالفرحة ذاتها حتى اصبحت محاطة بالكثير منهم ثم حان اوان فتحه الحقيبة الاخيرة ليهتف لها بتشويق واسلوب مسرحى زاد من فضولها ولهفتها وهى تراقبه بحماس شديد

: والان مع المفأجاة الاهم والاحلى..ولعيون ام ولادى وبس..


مد يده داخل الحقيبة يخرج منها ثلات قطع من ملابس الاطفال بحجمها الصغير المحبب تخطف قلبها  ودقاته بألوانها الزاهية والرائعة تتطلع اليها بأنبهار سرعان ما تحول لشهقات بكاء مرة اخرى جعلته يعقد حاجبيه بقلق وقد ظن انهم لم يحوزا على اعجابها يهمس لها بحنو ورقة وهو يقوم بجذبها لصدره محتضنا اياها 

: طيب ولا تزعلى نفسك ولا يهمك خالص...احنا نرمى الهدوم ام ذوق وحش دى ونجيب غيرهم وعلى  ذوقك انتى وبس يافرحتى...بس المهم انتى متزعليش


رفعت وجهها اليه تهز رأسها بالرفض قائلة بصوت متحشرج ملهوف

: لا..انا عوزاهم..دول حلوين اووى وعجبنى


ابتسم بحنو وانامله تزيح دموعها برفق قائلا 

: خلاص نخليهم انتى بس تأمرى...بس ممكن اعرف ليه بقى بتعيطى 


ارتمت على صدره تحتضنه بقوه قائلة وصوتها يختنق بالبكاء مرة اخرى

:علشان بحبك..وبحبك اكتر من الدنيا كلها...


مرر كفه على ظهرها صعودا وهبوطا بلمسات مهدئة قائلا بصوت جاد حازم برغم الابتسامة فى عينيه

:لاا كده يبقى عندك حق... انت تعيطى زى مانت عاوزة وانا هقعد ساكت خالص... لو تحبى كمان اعيط معاكى انا.... 


صدر عنها صوت رافض تقاطع به حديثه وهى تهز رأسها بشدة تدفن وجهها فى عنقه فيتراجع بها الى الخلف حتى اصبح مستلقيا على الاريكة وهى فوقه يربت بحنان على ظهرها للحظات قضاها على هذا الوضع حتى سقطت اخيرا فى النوم تنعم بدفئه وقربه منها والذى اصبح كالادمان لها لا تستطيع الاستغناء عنه ابدا


انتبهت وافاقت من افكارها على دخوله الغرفة يحمل بين يديه صنيه محملة بالعديد من الاطعمة لتهتف به معترضة

: صالح انا مبقتش قادرة اكل تانى خالص.. علشان خاطرى انا هشرب العصير بس 


صالح وهو يضع الصنية بينهم ثم يجلس فى المقابل لها قائلا بحزم 

:  واللبن كمان.. وقبلهم هما الاتنين الاكل ده.. يلا فرح بلاش دلع كلها ساعة وهتبتدى صيام زى ما الدكتور قال


تذمرت تضم شفتيها بامتعاض لكنها لم تجروء على اعتراض كلامه تفتح فمها له بطاعة وهو يقوم بتهمل بأطعامها بيده.. حتى انتهى اخيرا يقوم بابعاد صنية الطعام  ثم يساعدها على الاستلقاء قائلا

: يلا نامى انتى... وانا هروح ارجع الحاجة دى المطبخ وارجعلك على طول


تشبثت بيده بلهفة وعينيها تتطلع له برجاء هامسة

: لاا خليكى جنبى لحد ما انام.. انا مش عارفة هجيلى نوم اصلا ازى 


ابتسم لها يربت فوق وجنتها بحنان قبل ان يستلقى بجوارها هو الاخر يضمها اليه يستريح رأسها فوق كتفه تهمس له 

: كلمينى بقى لحد ما اروح فى النوم 


اجابها بعد ان طبعت شفتيه قبل رقيقة فوق قمة رأسها قائلا بمرح

:  طب ما اغنيلك احسن... دانا حتى صوتى حلو واظن انتى جربتى قبل كده 


ضحكت بنعومة لتلك الذكرى فيومها كانت غاضبة منه لامر ما وترفض تماما الحديث معه  فأخد يحاول بشتى السبل حتى تغفر له وتسامحه لكن كل محاولاته بائت بالفشل حتى هداه تفكيره اخيرا  الى تلك الفكرة تلتمع عينيه بالخبث والعبث ثم يشرع فى غناء احدى الاغنيات الشعبية المرحة وهو يتراقص امامها بحركات خرقاء مضحكة  جعلت من المستحيل عليها ان تستمر فى غضبها منه و لم تعد تستطيع مقاومة الانفجار بالضحك تتوسله للتوقف لكنه استمر فى الغناء يحيطها بذراعيه يراقصها بحماس وفى لحظة كانت هى الاخرى قد اندمجت  معه تجاريه فى خطواته الراقصة  يتعالى صوت غنائهم سوا بمرح صاخب ملئ المكان من حولهم  


ابتسمت بضعف تعود للحاضر تجيبه وهى تزيد من ضم جسدها اليه قائلة بصوت مرهق يتخلله النعاس

:لا خليها بعد ما اولد علشان اعرف انافسك واقدر كمان اغلبك


اجابها صالح بخفوت  بينما  كانت انامله تتلاعب بخصلات شعرها بحنان وبحركاتها مهدئة جعلتها تسقط فى النوم سريعا ولكن لم يكن سريعا كفاية تسمعه وهو يتحدث بصوت اجش مرتجف 

: وانا هستناكى..بعمرى كله هستناكى يافرحة حياتى..وحب عمرى...ام ولادى 

******************************* 

اتى يوم التالى واستعد  الجميع للذهاب معهم الى المشفى وبرغم التوتر والخوف السائد بين الجميع  الا ان الامور قد تمت على خير  وبسهولة ويسر خرج اولادهم للنور صبيان وفتاة شديدى الصغر والجمال  وسط فرحة ودموع الجميع حتى صالح لم يتمالك نفسه من البكاء تغرق الدموع وجنتيه وهو يقف امام الزجاج المخصص لغرفة الحضانة والتى مكث بداخلها اطفاله يقف امامهم منذ عدة لحظات بعد اطمئنانه على حالة فرح واستقرارها داخل غرفتها يتطلع اليهم بحب وفرحة حتى بربت شقيق فوق كتفه قائلا بسعادة

: ها نويت تسمى ايه يابو العيال 


التف اليه صالح قائلا بصوت اجش سعيد

: فرح... هسمى البنت فرح اما الولاد حمزة وادم


ضحك الجميع بصخب ومرح يسرع عادل قائلا بمزاح

: كان لازم اتوقع انك هتسميها كده من غير ما نسأل.. بس  بقولك اهو من اولها يا ابو فرح انا حاجز للواد ابنى كريم البرنسيسة بنتك ولا عندك اعتراض


حسن بصوت مهدد يمزاحه 

: طبعا يا استاذ عادل فى اعتراض.. عيب لما يبقى ولاد عمها موجودين وهى تتجوز من بره.. ولا ايه يابا


ضحك الحاج منصور يؤيد هو الاخر حديث ولده الاكبر تقوم بينهم مناقشة حامية يتخللها المزاح والضحك كان عنها صالح فى عالم اخر وهو يقف يتطلع الى ابنائه بشوق ولهفة لا تمل عينيه ولا تكل من مشاهدتهم وعينيه مازالت ممتلئة بالدموع شارد فى مراقبتهم حتى تصاعد صوت رنين هاتفه يخرجه من تلك الحالة  يسرع و يجيب اتصال سماح والتى قالت فور ان اجابها

: صالح.. تعال حالا.. مرات اخوك جت عندنا هنا فى  الاوضة ومصممة تعرف منى انتوا جيبتوا ايه... وانا مش عارفة اقولها ايه


صالح بهدوء يسألها  اولا عن حال فرح لتجيبه بأنها قد فاقت الى حد ما الا انها مازالت تحت تأثير البنج اغلق الهاتف بعد ان اجابها بحضوره حالا ثم التفت الى الجمع قائلا 

: خليكوا انتوا مع الولاد.. وانا هروح اشوف فرح علشان فاقت 


اومأ له الجميع بالايجاب ليهرع من المكان بخطوات سريعة حتى وصل الى الغرفة يدخلها فجأة ودون استئذان فيصله  صوت سمر المغلول وهى تتحدث بصوت عالى النبرات غير متحكمة به

: علشان كده كنتوا بتخبوا ومش راضين تقولوا... بس معلش يا ابلة سماح كنتى هتفضلى انتى ولا اختك تخبوا لحد لامتى.. مانا اهو وبسؤال بسيط عرفت من الممرضة ... كان لازمتها ايه بقى الاسرار الحربية دى...بس ليكم حق ماهى اختك  دى قادرة... من مرة واحدة عملت اللى فضلت انا اعمله فى عشر سنين جواز... 


 وبصوت يزاد حقداً وغلاً غافلة  تحدثت  غافلة عن ذلك الواقف خلفها بهدوء وعينيه تطلق شرارات غضبه يحاول السيطرة عليه بصعوبة حتى لا يهجم عليها يمزقها بيديه وهو يسمعها تكمل   

: انا برضه قلت ان دى استحالة بطن شايلة عيل واحد..وهو طلع عندى حق وطلعوا تلاتة مرة واحدة


:وانتى ايه دخلك  بالموضوع ده....وجاية هنا  ليه من الاساس؟!


التفتت خلفها  بوجه شاحب مرتعب بسرعة  وهى تشهق حين وجدته يقترب منها ببطء يعيد عليها سؤاله مرة اخرى بصوت قاسى خشن اجابته عليه بعد عدة لحظات حاولت فيها ان تزدرد فيها لعابها قائلة بتلعثم تحاول تمرير وقلب الامر عليه

: بقى كده ياصالح الحق عليا جاية اعمل الواجب مع مراتك واطمن عليها تقوم تقولى كده 


كتف صالح ذراعيه فوق صدره يشير بعينيه نحو الباب قائلا بهدوء ما قبل العاصفة

:واجبك وصل ومن زمان يا مرات اخويا...واظن اللى جاية علشانه عرفتيه وخلصنا..يبقى ملهاش لازمة تطولى فى الزيارة اكتر من كده ولا ايه


شحب وجهها اكثر واكثر تلتفت نحو سماح لتجدها تخفض وجهها ارضاً بحرج فأخذت تفرك كفيها معا بحركات مضطربة تحاول الخروج من موقفها المحرج هذا بأقل خسارة قائلة بعد حين 

:عندك حق انا فعلا لازم امشى اصل سايبة العيال مع امى وكمان...


قاطعها صالح بنبرة ذات مغزى 

: اظن  ان حسن ميعرفش بالزيارة دى.. على حسب ما فهمت منه انه منبه عليكى انك تيجى هنا المستشفى..بس على العموم هو زمانه راجع من اوضة الولاد... يبقى ياخدك يروحك معاه 


فور قوله هذا تحركت من مكانها بسرعة وخطوات مرتبكة كادت ان تسقطها ارضا وهى تتحدث بتلعثم وخوف

: لاا على ايه خليه براحته  ...انا عملت الواجب وماشية.. وهو الحق اجيب العيال من عند امى 


فتحت الباب هاربة من الغرفة دون ان تغلقه خلفها لكن استوقفها نداء صالح الصارم لها لتلتفت نحوه وببطء واضطراب تتطلع لملامحه الشرسة والعنيفة وهو يتحدث اليها بهدوء شديد عكس ما تراه على وجهه وفى عينيه

: من هنا ورايح...فرح وولادى خط احمر..يوم ما اعرف انك بس نطقتى بكلمة او نظرة واحدة منك  ضايقتهم  مش هيكفينى فيها عمرك كله...وهتشوفى منى وش تانى ادعى انك فى يوم متشفهوش..مفهوم 


اسرعت تومأ له بسرعة ورعب ترتجف بشدة من  نبرة صوته الامرة الحادة قبل ان تهرع هاربة فورا من المكان بتعثر وخطوات مرتبكة يسود الصمت التام المكان بعدها حتى تنحنحت سماح تجلى صوتها من اثر تأثرها الشديد ورغبتها بالتصفيق فرحا مما رأته الان تتجه نحو الباب قائلة

: انا هروح اشوف الولاد واتطمن عليهم...انت خليك مع فرح 


اومأ لها ينتظر مكانه حتى خرجت من الغرفة تغلق الباب خلفهابهدوء ليتجه فورا للفراش يجلس بجوارها ينحنى عليها يهمس فى اذنها بحب 

: فرح... مش هتفوقى بقى  انتى وحشتيتى اووى.. وعاوز احكيلك عن ولادنا واوصفهم ليكى... 

همهمت بضعف فى استجابة ضعيفة له ليكمل قائلا بسعادة

:الحمد لله كلهم طالعين حلوين زيك.كويس ان مفيش حد فيهم شبهى كنت هزعل اوى


ارتجف صوته يكمل لها هامسا بنبرات عاشقة ملهوفة

: علشان بحبك وبموت وبعشق كل حاجة فيكى نفسى ولادنا كلهم يطلعوا شبهك انتى وبس


هزت رأسها له كأنها تعى كلماته وتصل اليها برغم الضباب المسيطر على حواسها الا انه اخذ ينقشع ببطء جعلها تستطيع ان تهمس له بصوت خافت ضعيف غير مترابط

: وانا كمان بحبك...وبعشقك...وبموت فيك


****************************

اتمنى تكون الرواية عجبتكم وكل رواية وانتوا بخير ومعايا متابعين يا احلى فانز فى الدنيا 😘😘

اشوف وشكم على خير وهنا وفرحة 😍😍

 ملعش يابنات لو الرواية فيها ايه اخطاء لان كنت بكتب وبنزل فى نفس اليوم مش بقدر اظبط بس ان شاء الله هعملها مراجعة واظبطها 🙈🙈🙈



تعليقات

التنقل السريع