القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية رجل السور كامله بقلم محمد عبد القوي حديده وحصريه مدونة قصر الروايات

 رواية رجل السور كامله بقلم محمد عبد القوي حديده وحصريه مدونة قصر الروايات 








رواية رجل السور كامله بقلم محمد عبد القوي حديده وحصريه مدونة قصر الروايات 




- بابا.. هو مين اللي واقف هناك ده؟! 


سما بنتي سألتني السؤال ده وشاورت عند نهاية السور اللي بيحاوط البيت بتاعنا أو بيت أخويا " عاصم " بمعنى أصح، بس لما بصيت مشوفتش حاجة؟


- قصدك على مين يا سما، مفيش حد! 


- هو.. كان واقف دلوقتي بس مشي، بسرعة! 


لما سألتها شكله ايه طيب الراجل ده قالتلي هو راجل لابس قميص أبيض، بس طويل شوية، بس الغريب.. إنها قالت إن الشخص ده وشه، وشه كإنه مفيهوش ملامح، أو ملامحه مطموسة! والأغرب إنها قالت إن مش دي أول مرة تشوفه، ده من ساعة ما جينا وهى بتشوفه كل يوم بليل، عند نفس السور، ودايمًا بيبص ناحيتنا! 


سما بنتي صغيرة، عندها ٧ سنين، ودي تاني أو تالت مرة تقريبًا أجيبها معايا البلد، مبنجيش كتير، وبالذات بعد ما الوالد والوالدة.. ربنا يرحمهم، وكمان بيعنا البيت بعدها، أصل أنا كل حياتي في القاهرة، وأخويا عاصم قال يشتري بعدها البيت ده، أهو كبير وقدامه قيراطين أرض واخدهم يزرع فيهم.


بس سما أول مرة تيجي وهى مدركة ونقدر نقول كبيرة، بس ده ميمنعش إنها عندها خيال أطفال، ممكن يبقى شافت راجل عادي معدي بس.. الرؤية أو خيالها واسع شوية فشافت تفاصيل مش موجودة أصلا، هى برضو من الزهق يعيني منا أخويا عاصم ربنا مرزقهوش بعيال تلعب معاهم.


حاولت أخودها على قد عقلها وقولتلها، لما تشوفه تاني تقولي على طول، بس متوقعتش إن استجابتها تبقى بالسرعة دي، سما صحتني الساعة ٢ بعد نص الليل..


- بابا.. الراجل واقف بره أهوه، قوم بص عليه بسرعة! 


قومت فعلًا من عز النوم وبصيت من شباك البيت بس ملقتش حاجة! 


- أنتي بتهزري يا سما! 


- والله لأ.. أنا شوفته، كان.. كان واقف وباصص عندنا تاني! 


غصب عني زعقتلها، بتقومني من عز النوم على كلام فاضي! مخدتش وقت كبير عشان أرجع للنوم مرة تانية، ولما صحيت الصبح لقيت سما قاعدة على السرير، تحت رجلي أنا ومامتها، صاحية ووشها مخطوف! 


- سما انتي منمتيش! 


حركت راسها بالنفي، فسألتها ليه، فدمعت وهى بتقول: 


- أصل الراجل المخ..يف فضل واقف قدام السور طول الليل و.. وكان بيشاورلي أروحله.. خوفت أنام! وجريت قعدت جنبكم.


بيشاورلها! صعبت عليا فأخدتها في حضني وقولتلها.. 


- أنا آسف! 


مرات عاصم أخويا قامت من بدري كتر خيرها عملتلنا الفطار زي كل يوم وقعدنا ناكل في أجواء ريفية أفتقدتها من زمن، سما مكانتش بتاكل كويس فقالتلها..


- مبتاكليش ليه يا سما؟!


- م.. مش جعانة.


كانت صعبانة عليا جدًا، أول مرة أشوف سما في الحالة دي!  


بعد شوية قعدنا نشرب شاي في القاعدة اللي قدام البيت، وساعتها بصيت لسما اللي كانت قاعدة مر..عوبة عشان أفتكر السؤال اللي كنت عايز أساله من بدري:


- هو البيت اللي بعد السور بشوية هناك ده صح، مين ساكن فيه؟! 


عاصم كان بيحرك راسه بعدم مبالاة وبيقول: 


- مش ساكن فيه ح..


عشان مراته تقطع الحديث وتسأل: 


- بتسألوا ليه هو.. هو في حاجة؟! 


وشها كان فيه حاجة مش طبيعية قبل عاصم ما يبصلها بصة معناها اسكتي، ويقول: 


- مفيهوش حد لأ.


وسكت، حسيت إن الموضوع غريب! 


عاصم أخويا نزل شغله اللي كان بيبقى بعد العصر، وسما خرجت مع مامتها تشتريلها حاجة حلوة، عشان ألاقي مرات أخويا جت قعدت جنبي وبتقولي: 


- هو انتوا كنتوا بتسألوا على البيت ده ليه في حاجة؟! 


- لأ مفيش..


فكرت ثواني وبعدين لقيتني بقول: 


- بصي.. هو سما بتقول إنها بتشوف شخص..


-  ملامحه مطموسة صح؟! 


اتعدلت ساعتها وقولتلها أيوه! 


- أنا.. أنا قولت لعاصم ومش مصدقني، قولتله بشوف الراجل ده وهو..


- السلام عليكم.


مراتي وسما وصلوا، وسما كانت شايلة شنط فيها حاجة حلوة كتير، زي ما قولت لمامتها، عشان تنسى الموضوع اللي بيتهيألها ده، مع إنه شكله ولا بيتهيألها ولا حاجة! معرفناش نكمل الحديث للأسف، بس كان لازم أعرف منها القصة.


عدى اليوم ونمنا، بس وأنا بتقلب ملقتش سما! أصلها بتنام جنبنا اليومين دول من ساعة موضوع الشخص ده، بس هى راحت فين؟! 


- ليلى.. مشوفتيش سما؟! 


- لأ.. تلاقيها قاعدة قدام البيت ولا حاجة.


قالتها وكملت نوم، بس أنا قومت من مكاني، بصيت من الشباك يمكن أشوفها قاعدة هنا ولا هنا، بس اللي شوفته خلي قلبي يتقبض! شوفت سما ماشية هناك، ناحية البيت اللي مفيهوش حد! 


- سما! 


ناديت عليها بس مسمعتش، ساعتها خرجت من البيت بسرعة وجريت وراها، بس كانت وصلت عند البيت واختفت وراه! بس أعصاب جسمي كلها سابت لما سمع صوت سما بتصر..خ! دخلت البيت بسرعة، لقيتها راقدة فى الأرض، في الضلمة، ملفوفة حوالين نفسها، مغطية وشها بإيديها وعمالة تصو..ت! 


- سما.. سما أنتي كويسة يا حبيبتي؟! 


شيلتها وأخدتها في حضني عشان تفضل تعيط، وهى عمالة تردد في كلمة واحدة..


- ساره و حسين اتحر..قوا، سارة وحسين اتحر..قوا! 


مش عارف مين دول بس هى كل لما ألمس أي جزء فيها بتصو..ت من الألم! قعدتها قدامي، وقولتها: 


- سما.. قوليلي بس مالك؟! 


بصت حواليا كإنها بتدور على حد وقالتلي وهى بتتألم: 


- تعالى نطلع من البيت ده يا بابا! 


طلعنا فعلًا وأنا ببص على البيت اللي اكشتفت إن أجزاء فيه كتير السواد محتلها، كإنه ولع من فترة! ورجعنا بيت أخويا عاصم عشان ألاقي مراتي واخويا ومراته صاحيين وواقفين قدام البيت، مش عارف صحيوا من صوتي وأنا بنادي على سما من البداية ولا عشان صوت عياطها اللي مبيسكتش! 


- ايه اللي حصل يا سما! 


كانت بتمسح دموعها وهى بتقول: 


- أنا.. كنت بلعب مع ساره وحسين..


- ساره وحسين مين؟! 


ساعتها لاحظت إن مرات أخويا بتبصله قبل ما سما ترد: 


- هم قالولي إنهم ساكنين في البيت اللي هناك.


وشاورلتي على البيت اللي لسه خارجين منه، وبعدين كملت: 


- واحنا بنلعب، قالولي ما تيجي تلعبي معانا في البيت بابا عايز يشوفك، روحت معاهم.. بس باباهم مكنش موجود، وفجأة لقينا البيت ولع نار! 


البيت ولع! ازاي.. ده أنا كنت واقف جنبها مكنش فيه اي حاجة! 


- النار مسكت في ساره وحسين، باباهم خدهم وسابني، وأنا النار حرقتني قوي يا بابا، جسمي بيوجعني قوي.


وفضلت تعيط، حالة من عدم الفهم كانت مسيطرة على الأجواء، المشكلة إن أنا لما حضنت سما وقولتلها معلش، لاحظت علامات، مش هنقول حروق، بس عارف لما تتلسع وجسمك يحمر؟! كان فيه كذا جزء في جسم سما بنفس الشكل ده! 


طبعا معرفناش ننام من الكلام اللي سما حكته، ليلى كانت خايفة على سما وعمالة تقولي يلا نسافر ونروح، بس أنا عايز أفهم ايه اللي بيحصل هنا! 


- أنتي كنتي عايز تقوليلي حاجة امبارح صح؟! أنا عايزك تفهميني على كل حاجة! 


قولت الجملة دي لمرات أخويا لما المكان فضي عشان تتنهد قبل ما تقول: 


- قولت لعاصم مية مرة ومكانش مصدقني، البيت ده كان ساكن فيه مدرس محترم اسمه " مكرم "، عايش وهو ومراته، وكان عنده عيلين.. 


- ساره وحسين؟! 


- بالظبط، اتفاجئنا في يوم والبيت ده بيولع، كان ع المغربية، كان فيه ساره وحسين وأمهم.. وشوفته ساعتها، أستاذ مكرم، بيجري ناحية البيت، عشان يلحق عياله، عشان بعدها نشوف أصعب مشهد ممكن تتخيله، راجل خارج من البيت، بيصر..خ، النار ماسكه في كذا جزء من جسمه وأهمهم شعره براسه! منظر الجلد وهو بيد..وب كان مر..عب! 


تخيلت المنظر وكان بش..ع بدرجة لا توصف! 


- وشايل على كتافه الإتنين جث..تين، طفلي..ن بيولعوا! استحمل النار اللي شايلها على كتافه دول ازاي محدش يعرف، وجري بيهم ناحية الترعة، ونط بيهم جوه الترعة عشان يطفيهم، في ناس بتقول إنهم كانوا لسه فيهم الروح وما..توا غرقانين وهو بيحاول يطفيهم! وناس قالت النار كانت خل..صت عليهم، محدش يعرف، والعيلة كلها الله يرحمهم.


سكتت شوية وبعدين قالت: 


- ومن ساعتها وأنا بقول لعاصم إني بشوف أستاذ مكرم، ملامحه مطموسة، زي يوم الحر..يق، بس هو دايما يقولي بطلي الجنان والتخاريف دي.


كلامها صدمني، يعني اللي بتشوفه سما ده مش تهيؤات، ساعتها أخدت القرار، احنا بكره الصبح هنسافر ونرجع ع البيت، كنت خايف أنام لسبب مش عارفه، بس وانا قاعد وواخد سما في حضني، غفلت ثواني: 


- فريد.. هى سما فين؟! سما راحت فين؟! 


بصيت حواليا، ملقتهاش، اختفت، اوعى تكون ف ال.. عاصم ومراته صحيوا على صوت زعقينا، بس قومت بسرعة وجريت ع البيت اللي ورا السور، دخلت بسرعة بس ملقتهاش، أمال فين ياربي: 


- سما.. يا سما! 


افتكرت حاجة، يارب ما يكون اللي في دماغي صح؟! سيبت البيت وخرجت وعاصم والستات ورايا بيسألوني رايح فين! لحد ما وصلت، عند الترعة، جنب عمود نور وحيد منور المكان، شوفتها.. ولأول مرة بشوفه، نفس الوصف اللي كانت سما بتوصفه، ملامح مطموسة، شكله مر..عب، كان في الترعة، وسما تحت إيده، عمال.. عمال ينزلها ويطلعها وهو بيعيط، كان.. بيغر..قها!


أول ما شوفت المشهد قلبي وجعني وحسيت بغض..ب لا يوصف، ومفكرتش ثواني ونطيت في المايه، بس أول ما نزلت، نزلها من غير ما يطلعها، وفضل ضاغط عليها لتحت..


- لأ.. أرجوك لأ، حرام عليك، سيبها.. سيبها أرجوك!


كنت بعيد عنه للأسف، مش عارف أطوله، بحاول أقرب بس مش عارف أوصل، و سما بتغر..ق، سما بتم..وت! 


- سيبها.. هى ملهاش ذنب.


الصوت ده طلع من عاصم أخويا، عشان ألاقي ال.. مش عارف هو عبارة عن ايه وجه راسه ناحيته، ركز معاه لدرجة إنه ساب سما اللي طلعت على وش المايه وبدأت تكح وتصر..خ، قبل ما أسمع عاصم بيقول: 


- قولتلك يا مكرم، قولتلك مية مرة أنت مدرس محترم، هتحتاج كام قيراط الأرض اللي جنب بيتك دول في ايه؟! سيبني أشتريهم منك واضمهم ع القيراطين اللي عندي وازرعهم واستفيد بيهم أحسن، قولتلي لأ، محدش عارف الظروف فيها ايه، اتحايلت عليك مرة واتنين وتلاتة بس أنت رفضت..


استغليت فرصة الكلام اللي مش عارف سببه وبدأت اتحرك ناحية سما بهدوء..


- كنت.. كنت عايز أطفشك، ده كان كل اللي في دماغي، وعارف إنك كل جمعة بتاخد الجماعة والولاد عند أبوك وتباتوا، عشان كده روحت عند البيت، مكنتش أعرف إن فيه حد جوه، والله ما كنت أعرف! و.. 


علامات التعجب كانت على وش الكل، وأنا مش مصدق! أخويا عاصم يعمل كده! ساعتها صوت عياط مكرم بقى مختلف، عياط ند..م، انهيار، وبدأ يغرق سما مرة تانية، لأ.. أنا كنت قربت خلاص، بس أنا كده مش هلحق! 


- عارف إني سبب مو..ت عيالك التلاتة، أيوه.. والعيل اللي كان في بطن مراتك، بس ربنا جابلك حقك مني..


وبص على مراته، ساعتها وشها اتغير وقالت وهى بتعيط..


- عشان كده يا عاصم! عشان كده كل عيل أحمل فيه يمو..ت في بطني؟! حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا أخي، حسبي الله ونعم الوكيل.


- أنا.. أنا نازلك، بس سيب البنت، هى ملهاش دعوة..


بدأ يسيبها فعلًا، ومستني عاصم ينزله، خلاص بقيت جنبهم بالظبط..


- خودها بسرعة يا فريد.


عاصم قالها عشان أشد سما وأبعد بسرعة، وعاصم في نفس الوقت لف بعيد عن الترعة ورجع، كان بيحاول يضحك عليه ويهرب! بس فجأة شوفت جسمين قدام أخويا عاصم، طفلين! ملامحهم مش باينة بسبب إن النور مكنش كفاية، بس أنا.. شوفت ملامح مشو..هة، وفي نفس الوقت مايه بتسيل منهم، عشان أشوفهم بيقربوا من عاصم أخويا براحة، اللي فضل يرجع في خو..ف..


- لأ.. لأ، ابعدوا عني! 


 قبل.. قبل ما يقع في الترعة.


عشان يبدأ يغرقه، عاصم فضل يستنجد بس كان فات الأوان، سما كان مغمى عليها، فضلت أضغط على صدرها..


- سما.. سما، فوقي، سما أنا معنديش غيرك! 


سما كحت، طلعت المايه اللي في صدرها، الحمدلله، وبدأت تعيط قبل ما أخدها في حضني ونمشي، رجعنا القاهرة، كنت زعلان على عاصم، بس.. عمري ما توقعت إن أخويا يعمل كده! وللأسف بيجيلي في الحلم كتير،  أقصد في كوا..بيس! بشوفه دايما وهو بيقولي: 


- كده يا اخويا.. كده تشوفني بغر..ق وتسيبني! 


  ع العموم الموضوع عدى عليه فترة وبيقولوا من ساعتها الشخص ده مبقاش يظهر، كإن سبب ظهوره اختفى، و.. ومرات أخويا الله يرحمه اتجوزت واحد تاني، وربنا كرمها بتوأم.


وفضلنا فترة كبيرة منسافرش البلد، لحد ما " زياد " ابني اللي ربنا أكرمنا بيه بعد خمس سنين فضل يزن عليا ويقولي عايز أسافر البلد، فقولنا نروح نقضي يومين هناك، قعدت في بيت عاصم أخويا الله يرحمه ويسامحه، اللي مراته اتخلت عنه ومكانتش عايزه أي حاجة منه، عشان.. واحنا قاعدين بليل ألاقي زياد بيقولي:


- بابا.. هو مين الراجل اللي واقف هناك ده.


تاني! سألته شكله عامل ازاي، افتكرته هيقولي زي سما زمان! 


- راجل لابس جلبية، وشه منفو..خ وأزر..ق، وعمال ينقط مايه كإنه كان بيعوم في الترعة.


سكت شوية عشان أحس برعشة في جسمي كله..


- هو شبه حد أنا شوفته قبل كده مش فاكر فين، و.. وشفايفه بتتحرك، كإنه بيقول حاجة.


تخيلت منظره وهو واقف وبيقولها..


- كده يا اخويا.. كده تشوفني بغر..ق وتسيبني! 


تعليقات

التنقل السريع