القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ملكة على عرش الشيطان الفصل 17-18بقلم اسراء على (جميع الفصول كامله)

 

رواية ملكة على عرش الشيطان الفصل 17-18بقلم اسراء على (جميع الفصول كامله)



رواية ملكة على عرش الشيطان الفصل 17-18بقلم اسراء على (جميع الفصول كامله)


الفصل_السابع_عشر

ملكة_على_عرش_الشيطان


ربما لم يرغب المرء بـ الحب بـ قدر رغبته في أن يفهمه أحد...


رافقه الضابط إلى الخارج ثم صافحه قائلًا بـ إبتسامة 


-حمد لله ع السلامة يا قُصي باشا...


كانت ملامح قُصي جامدة ، وقاسية بـ درجةٍ مُرعبة..عيناه السوداوين الجذابتين تحولتا إلى أُخرتين قاتمتين..إلا أنه أومأ بـ جمود دون أن يرد فـ أكمل الضابط


-والله أرسلان باشا أخو حضرتك هو اللي خرجك لولاه مكنش نزار باشا إتنازل...


إلتفت إليه قُصي بغتةً ثم حدق به بـ عينين إشتعل بهما لهيب أسود..وبقى هكذا حتى تحنح الضابط وقد أحس أن هُناك ذبذبات غيرُ مُستحبة تحوم بـ الأجواء لذلك أردف


-تحب أوصلك

-لأ...


نفي هادر ويحمل من الغضب والحقد ما يُشعل النيران..ثم تحرك دون أن يلتفت إلى الضابط


بعدما عَبرَ إلى الطريق الآخر..توقفت سيارة وأطل منها مُحرم قائلًا بـ حبور


-قُصي!..الحمد لله لحقتك..حمد لله ع السلامة

-تقدم قُصي من السيارة وأردف:الله يسلمك يا أستاذ مُحرم...


ثم حوّل بصره إلى السائق والرجل بجوراه فـ عَلِمَ أنهما رجلي أرسلان..لتغيم عينيه بـ سواد الكُره..ليعود وينظر إلى مُحرم وتساءل بـ نبرةٍ ميتة على الرغم من جمودها


-سديم فين!...


إرتبك مُحرم وعجز لسانه عن الرد..لأول مرة يشعر بـ الخذي لأفعال إبنته..ولأول مرة يلعن مرضه الذي جعله عاجزًا أمام صفعها بـ قوة


قبض قُصي على فكه بـ قوة ثم أردف بـ نبرتهِ المُميتة والتي بدأت تُقطر حقدًا وكُرهًا إزدادا عقب ترك سديم له


-أخدها صح!..أو بـ الأصح راحتله

-تنهد مُحرم وقال بـ تعب:إطلع يا قُصي نتكلم

-هدر بـ جفاء:مش هركب عربية الـ*** دا...


لم ينتظر أكثر بل تحرك مُبتعدًا ولكن وصله صوت مُحرم يقول بـ جدية


-قُصي!..تعالا عندي البيت..محتاجين نتكلم كتير...


توقف قُصي لبرهه ثم أشار بـ يده علامةٍ أنه يحتاج إلى وقتٍ بـ مفردهِ ثم أكمل طريقه واضعة يديه بـ جيبي سترته


أغمض مُحرم عيناه ثم همس


-إطلع يا بني...


تحرك السائق بـ صمتٍ بينما عاد مُحرم بـ جزعهِ ثم حك جبهته بـ قوة مُتذكرًا قول أرسلان المُحذر


-الكلام دا لا بنتك ولا قُصي يعرفوه ولا عاوزهم يعرفوه نهائي..على الأقل حاليًا...


كان صوته آمر على الرغم من جمود حديثه وملامحه..عاد يتنهد مُحرم مرةً أُخرى وفتح عينيه ينظر بـ الظلام هامسًا


-خايف أضيع الأمانة اللي وصتيني عليها يا سحر...


*************************************


لملمت شتات نفسها المُمزقة وجلست فوق حافة الفراش..أرجعت خُصلاتها إلى الخلف بـ يدها وعينيها تائهه بـ الفراغ..لم تكن سوى أداة ترفيه بـ النسبةِ له..وكأنه لم يأتِ إلى الحياة إلا ليهدم خاصتها


ضربت الفراش عدة مرات بـ قسوة وهي تتوعده..لن يحيا معها حياة هانئة..وإن كان يظن أنه دمر حياتها وأنها خسرت قُصي..ستُظهر له العكس وتحطمه


نهضت ودققت بـ معالم الغُرفة..كانت كلاسيكية ، راقية ، وهادئة..ذات لونين الأبيض و الأسود كـ حال المنزل بـ أكمله المطلي بـ الأسود..وأيضًا الفراش أسود أما الخزانة كانت من اللونين الأبيض ومُزخرفة بـ الأسود والفضي


تنهدت ونهضت لتفتح الخزانة فـ لم تجد ثياب..زفرت بـ ضيق وهي تنظر إلى ثوبها الأسود الواسع..ضحكت هازئة


-فستان أسود زي حياته...


توجهت إلى باب الغُرفة وقبل أن تفتحها..وجدت خادمة تطرق الباب ودلفت


تراجعت سديم وهى تراها تضع حقيبةً ما فـ نظرت إليها رافعة أحد حاجبيها وتساءلت بـ شك


-إيه دا!

-إعتدلت الخادمة وقالت بـ إحترام:الشنطة الباشا بعتني أجيبها من شقة حضرتك وأطلعها ليكِ

-إبتسمت بـ سُخرية قائلة:فيه الخير...


لم تُعلق الخادمة بل ظلت تنظر إليها بـ هدوء لتجذب سديم الحقيبة ثم قالت بـ عصبية زائدة


-طب إتفضلي أنتِ واقفة ليه!

-إنحنت الخادمة وقالت:تحت أمرك...


إحترامها الزائد لها جعلها تشعر بـ الحرج وترتبك إلا أنها آثرت تظهر بـ تلك الهيئة اللامُبالية


إنتظرت رحيل الخادمة لتلتقط الحقيبة وتضعها فوق الفراش..فتحتها وإلتقطت ثوب بيتي ثقيل من خامة ثقيلة ذات لون فيروزي مُذهب..بنطال رياضي ، طويل ، وضيق.. وكنزة قصيرة 


أغلقت الحقيبة ثم بدأت بـ نزع ثوبها وإرتداء الآخر


حزمت أمرها على الخروج وتفحص المنزل..خرجت من الغُرفة وحدقت بـ أنحاء الطُرقة..المنزل بسيط وهادئ..والطُرقة كـ حال باقي المنزل ذات لونٍ أسود..بها غُرفتين خاصتها وخاصته..بـ نهاية المرر يوجد مرحاض


هطبت الدرج الخشبي حتى وصلت إلى الطابق الأرضي..به غُرفة إستقبال و غُرفة الطعام..ثم المطبخ ومرحاض آخر..وبـ الناحية الأُخرى..توجد غُرفة مُنفصلة يختلف بابها عن باقي أبواب المنزل


قاومت فضولها لتفحصها خوفًا أن يكون بها..لذلك زفرت بـ ضيق وتوجهت إلى المطبخ عاقدة العزم على تسخين كوبًا من الحليب


لم تجد أحدًا بـ المطبخ لذلك توجهت إلى الثلاجة وأخرجت عبوة الحليب..بقت تبحث بـ خزانات المطبخ بـ تأفف لتجد ما تُسخن به الحليب


سكبت القليل و وضعته فوق الموقد..ظلت تنظر إليه بـ شرود..عقدت ذراعيها أمام صدرها ولكن تلك اللمعة الخاطفة التي إنعكست على عينيها جعلها تتوقف وتنظر إلى يديها


فـ وجدت أن حلقتها الذهبية لم تنزعها بـ الأساس لذلك بقت تتأملها دون أن تعي لدلوفه خلفها


-اللبن فار يا دكتورة...


شهقت وتراجعت إلا أن يده جذبتها بعيدًا عن الموقد وأغلقه من خلفها..دفعته سريعًا ليتراجع إلى الحائط مُتكئ عليه


لملمت شتات نفسها ثم قالت بـ غضب وهي تُبعد خُصلاتها التي تبعثرت


-مش تعمل صوت وأنت داخل..أنت بقى معاك  واحدة ست دلوقتي...


رفع حاجبه ثم نظر إليها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها  أردف بـ عبث


-والست دي مراتي..ومن حقي أشوفها فـ أي وقت..حتى لو آآ...


لم تسمح له أن يُكمل إذ قالت بـ غضب زاجرة إياه بـعينيها المُشتعلة


-متكملش..بلاش قلة أدب عشان أنا مش هسمح بـ تجـ...


لم تُكمل حديثها لتشهق مُتسعة العينين وهى ترى جزعه العلوي عار..لتظهر عضلات جسده القوية لعينيها الخجولتين..إرتبكت وأخفضت صوتها ليهرب الحديث من بين شفتيها


إبتسم أرسلان بـ مكر ثم إعتدل بـ وقفته وإقترب منها..حتى وقف أمامها واضعًا يديه بـ جيبي بنطاله الجينز ليهبط إنشين ثم تساءل بـ نبرته العابثة


-مش هتسمحي بـ إيه!..عرفيني...


تنفست بـ حدة وغضب..لترفع رأسها فـ إصطدمت عيناها بـ خاصته العابثة وذلك زادها غضبًا..هتفت بـحدة وتراجعت خطوة إلى الخلف


-تجاوزات وخلاعة

-ضحك أرسلان وقال بـ نبرةٍ ذات مغزى:طب منا متجوزك عشان كدا...


ضرب قلبها جنبات صدرها بـ هلع وقد ظهر خوفها نتيجة لإهتزاز حدقتيها ولكنها حاولت إظهار ثبات تُحسد عليه..رادفة بـ قوة واهية


-طالما إتجوزتني لكدا..ليه مش بتاخده دلوقتي وتسبني!...


رأت فمه يلتوي بـ إبتسامة ساخرة ولكنها تحمل قسوته التي عهدتها ليتقدم منها عدة خطوات صغيرة و بطيئة حتى وصل إليها..فـ جذب خُصلةً من خُصلاتها البُنية ثم همس وهو ينظر إلى عينيها الذاهلتين


-مليش مزاج دلوقتي...


ثم تركها ورحل..أحست هي بـ لكمة قوية أصابتها بـ مقتل..مُحطمة أنوثتها وكبرياءها كـ إمرأة تعلم عِلم اليقين أنها تحمل من الفتنة ما يجعل الرجال عبيد أسفل قدميها..ليأتي هو و يُحطم تلك الثقة فوق رأسها العنيد بـ كل سهولة و يُسر


إحمر وجهها غضبًا لتركل الموقد بـ قدمها مما أدى إلى سكب باقي الحليب لتتركه وتصعد غاضبة وهي تسبه وتلعنه


*************************************


لم يقدر قُصي على العودة ليُقرر أن يمضي المُتبقي من يومه بـ أحد النُزل الصغيرة..قوته خارت وتحطمت ثقته..مشاعره التي أثمرت من جديد بـ وقتٍ قصير عادت تتهدم بـ نفس الطريقة القديمة..هو ذات الشخص الذي تركته خطيبته لأجله ولكنها تركته هذه المرة من أجله..لكي ينجو وهذا جعله يشعر بـ الضعف


وصل إلى نُزل شبه الحديث ليدلف ويحجز غُرفة صغيرة لمدة يومٍ واحد


إتجه إلى الدرج وصعده حتى وصل إلى غُرفته..ولكن أثناء سيره بـ الممر وجد مدفع صغير يركض بـ سرعة الصاروخ حتى إصطدم به


أمسك قُصي ذلك الصغير قبل أن يقع..ثم حدق به


طفل لا يتعدى السبع سنوات..خُصلاته بُنية ناعمة و بشرةً قمحية جذابة وعينيه سوداوين واسعة


نظر إليه الطفل بـ خوفٍ وقلق ثم أردف بـ تلعثم


-أسف يا عمو مكنش قصدي

-تنهد قُصي وقال:ولا يهمك..بس متجريش كدا تاني...


أومأ الصغير وكاد يُكمل ركضه إلا أن صوتًا حاد صرخ من خلفه وهي تتقدم منه


-وليد!!..تعالا هنا...


إرتعد الصغير ليختبئ خلف قدمي قُصي والذي عقد حاجبه بـ تعجب قبل أن يرفع عينيه إلى تلك الجنية الصغيرة..فتاة تكاد تبلغ العشرون من عمرها ذات عيني بُنيتين تتوهجان بـ غضب..وخُصلات سوداء ثائرة تُماثل عينيها غضبًا..ركضت إليه وحاولت جذب وليد وهي تهتف بـ يأس


-كام مرة قولتلك بلاش تتشاقى وتجري من الأوضة..إفرض حصلك حاجة أعمل إيه وقتها!

-صرخ الطفل بـ غضب:أنا مش بحبك..أنا عاوز بابا

-صرخت هي الآخرى بـ غضب:مفيش بابا..قولت مليون مرة مفيش بابا..ويلا تعالا على الأوضة...


كادت أن تُمسكه ولكن يد قُصي منعتها وهدر بـ حدة


-أنتِ مين وبتعملي إيه فـ الولد؟!...


نظرت تلك الفتاة إلى الشاب الرث الهيئة أمامها خُصلاته مُشعثة ، وعيناه حمراوتين ، بهما غضب وحدة..إلا أن حالتها لم تسمح لها بـ الخوف أو تفحصه لترد بـ حدة مُماثلة


-وأنت مالك أنت!..محدش دخلك فـ حاجة...


همت تمد يدها من جديد إلا أن قُصي عاد ويُبعدها لتتسع عينيها بـ ذهول هاتفة بـ صوتٍ عال


-تصدق إنك واحد وقح؟!...


نظر إليها قُصي بـ إزدراء ثم إستدار إلى الطفل..على الرغم من غضبه وتعبه إلا أنه أبتسم بـ وجهه البرئ ، الغاضب ثم قال بـ هدوء


-مين دي يا صاحبي!

-نظر وليد إلى الفتاة  قال بـغضب:دي واحدة معرفهاش..خطفتني من بابا...


إتسعت عينا الفتاة بـ صدمة وهدرت بـ غضب تتقدم منه


-وليد!!..أنت فعلًا قليل الأدب وأبوك معرفش يريبك..طبعًا هستنى إيه من واحد حشاش...


نهض قُصي وقد بلغ الغضب محله..ليستدير مُتقدمًا منها وهو يهتف بـ خفوت خطير


-الولد بيقول إنك خاطفاه..يعني ممكن أخدك على القسم حالًا...


إهتزت حدقيتها بـ خوفٍ لحديثه ولكنها أردفت بـ جنون تُبعد خُصلاتها بـ أصابع خرقاء


-أنا أمه والله..بس هو اللي مش راضي يصدق

-وضع قُصي يده بـ خصره وقال:وأنا إيه اللي يخليني أصدق!..مفيش حتى شبه بينكوا؟!...


وضعت يدها فوق جبهتها وهمست بـ إعياءٍ واضح 


-معاك حق..بس هو والله إبني...


نظر إليها قُصي مُتفحصًا ليستشف صدقها ولكن التعب قد بلغ محله منه ليستدير إلى الطفل وسأله مرةً أُخرى بـ تحذير


-متأكد إنك متعرفهاش!!..لو متعرفهاش هخدها القسم والظابط هيتصرف

-أشرقت عيني الطفل بـ حماس ليهتف:وهترجعني لبابا!!...


نظر قُصي إلى الفتاة التي هزت رأسها نافية وعيناها تلمعان بـ عبرات إلا أنه عاد ينظر إلى الطفل وقال


-أيوة هرجعك لبابا

-صفق الطفل وقال:أه معرفهاش...


أحست بـ خيطٍ من الثلج يمر بـ عمودها الفِقري وهي تسمع الطفل يؤكد على عدم إعترافه بها كـ والدته


إستدار قُصي إليها وقال بـ قلة حيلة


-مقداميش حل غير إننا نروح القسم..وهناك إثبتي إذا كان إبنك ولا لأ...


*************************************


دلفا إلى أقرب قسم شُرطة وهى خلفه تترنح بـ إعياء..لم يتعجب قُصي من سيرها المُستسلم بـ الفعل يبدو إنه إبنها فـ هي لم تُحاول الإعتراض


وقفا أمام أحد الغُرف ليُخرج قُصي بطاقته الشخصية ليُريها إلى العسكري الذي ما أن عرف هويته حتى حياه بـ إحترام..ليقول الأول بـ إختصار


-عاوز أقابل حضرة الظابط

-أوامرك يا باشا...


إستدار ليدلف إلى الغُرفة..بينما وليد يُمسك يد قُصي بـ قوة يُؤرجحها ويبتسم بـ إتساع..والأُخرى عيناها لم تكف عن ذرف العبرات


بعد لحظات كانا يقفان أمام الشُرطي الذي حياه هو الآخر بـ إحترام ثم أشار إليهما بـ الجلوس


جلس قُصي ثم رفع الصغير وأجلسه فوق ساقيه..نظر إلى الفتاة التي تفرك كفيها بـ توتر والذي عَلِمَ منها أنها تُدعى رحمة ثم قال دون أن يُحيد بـ نظرهِ عنها


-الطفل دا لاقيناه تايهه وحبيت أدور على أبوه

-بس كدا!...


أومأ قُصي..لينظر الضابط إلى الصغير وسأله بـ لُطف


-تعرف رقم بابا يا حبيبي ولا هو ساكن فين!

-أومأ وليد بـ قوة وقال:أه أعرف رقمه

-طب قوله عشان أتصل بيه...


أملاه الصغير الرقم ليتصل به الضابط وأبلغه عن وجود إبنه بـ القسم ويجب عليه أن يأتي ليأخذه


نظر قُصي من طرف عيناه إلى تلك الجالسة تنظر إلى الصغير بـ رهبة وبعض الخوف الغير مُبرر..إلا أنه آثر الصمت وسكن حتى يأتي والده


بعد مُدة لم تتخطى الساعة كان والد الصغير قد حضر..إنتفضت رحمة بـ ذُعر تتراجع عنه وعن عينيه اللتين ترمقاها بـ نظراتٍ قاتلة فـ جذبت إنتباه قُصي والذي نهض وصافح ذلك الرجل غليظ الهيئة ثم قال


-حضرتك أبو الطفل

-رد عليه ونظراته مُعلقة بـ رحمة:أيوة...


تولى الضابط الحديث وقال بـ هدوء وجدية


-الأنسة وحضرة الظابط قُصي بيقولوا إنهم لاقوه تايهه

-إبتسم الرجل بـ سُخرية قائلًا:أنسة!!!...


نظر إلى الضابط العاقد لحاجبيه بـ عدم فهم وكذلك قُصي الذي نظر إليه بـ تحفز ثم إليها


-تايهه إزاي يا باشا ومعاه أمه؟

-أمه!!!...


نظر الضابط إلى رحمة ثم إلى وليد الذي قد غفى مُنذ قليل بين يدي قُصي..ثم أردف


-الكلام دا صح يا باشا!

-تنهد قُصي وقال:كُنت شاكك..بس بما إن أبوه هنا فـ يقدر ياخده...


وصل إلى أُذنيه همسها المتوسل وهي تنظر إلى صغيرها


-لأ...


كاد أن يتحدث ولكن الصغير قد أستفاق وما أن أبصر والده حتى صرخ بـ حماس


-بابا...


تملص من بين يدي قُصي ثم ركض إلى والده يحتضن ساقيه..إلا أنه لم ينحني أو يُعانقه..بل أبعده وأردف بـ قسوة


-مش قولتلك من النهاردة هتقعد مع أمك!..عشان مراتي مش عوزاك...


شحب وجه الصغير وكذلك الموجودين بـ الغُرفة إلا أن همس وليد هو من قطع ذلك الصمت


-بس أنا بحبك يا بابا ومش بحبها هي...


زعق فـ إنتفض الصغير إلى الخلف لتركض إليه رحمة تحتضنه


-محدش قالك حبها..من النهاردة هتقعد معاها..خلصنا...


قالها وهو ينفض يديه ثم نظر إلى الضابط وقال


-الواد دا مش تايهه ودي أمه..تقدر ترجع معاه يا باشا..سلامو عليكوا...


صرخ الصغير وحاول التملص من رحمة ولكنها أحكمت الطوق حوله فـ بقى يبكي بـ عُنقها..تنهدت بـ تعب ثم إلتفتت إلى الضابط وقالت


-ممكن أمشي!!...


أشار الضابط بـ موافقة لترحل  قبل أن تنظر إلى قُصي بـ إتهام..بينما هو لم يُصدق ما حدث أمامه الآن


***********************************

 


بعد مرور سبعةً أيام


لم يقرب منها أرسلان أو حتى يتحادث معها وهي بـ دورها تتحاشاه ولكنه أمس أخبرها أنه سيُقيم حفلًا ليعلم الجميع بـ زواجهم..رفضت وعاندته ولكنه أردف بـ برود جعل الدماء تشتعل بـ عروقها


-أنا بقولك مش باخد رأيك ومش من حقك الرفض...


وها هي تقف أمام المرآة..تُقرر تحديه..ترتدي زي فاضح على غيرِ العادة..ثوب فضي اللون ينسدل على جسدها بـ ضيق..ذو ظهر مفتوح فـ تظهر عظمتي لوح الكتف ومن الأسفل به فتحة من الساق اليُسرى حتى مُنتصف الفخذ


خُصلاتها قد جعدتها وتركتها حول وجهها بـ جنون..شفتيها والتي قررت أن تصبغها بـ الأحمر القاني وإرتدت حذائها ذو الكعب العال


إلتفتت على صوت طرقات وقد وصلها ضعيف بسبب الضجة بـ الأسفل..ليدلف هو بـ كامل أناقته


يرتدي حلة كاملة من اللون الرمادي يُشابه لون ثوبها..ومن أسفله سُترة ذات أزرار وقميص أبيض..وختم بـ رابطة عُنق سوداء..أما خُصلاته فـ صففها إلى الخلف


رأته يتفحصها بـ تدقيق دون أن يُعلق..تقدم منها خطوة فـ يسبقه عطره الرجولي الصارخ..وصل أمامها وهمس بـ فحيح


-بتحديني صح؟!

-رفعت حاجبها وأردفت:أتحداك؟..ليه إن شاء الله!!..دي حفلة وأنا من حقي ألبس اللي يعجبني

-حك فكه بـ قسوة وهمس:ماشي..بس متلومنيش على اللي هعمله...


جذبها من ذراعها بـ قسوة فـ صرخت إلا أنه قال


-يلا قدامي...


هبطا الدرج وكل الأعين مُسلطة عليهما..كانت هي تتفحص الوجوه المألوفة والغيرُ مألوفة دون إهتمام


أما أرسلان فـ عيناه شخصتا من بعيد تلك الهوية المنشودة والتي من أجلها أقام ذلك الحفل..تلقا التهنئة من عدة أفراد حتى وقف بـ مُنتصف الساحة وهتف بـ أُذنها


-إفردي وشك

-همست بـ إقتضاب:مرتاحة كدا...


صر على أسنانه ثم وضع يده على خصرها يُقربها منه ليُشير بعدها لكي تبدأ الموسيقى ويفتتحان الحفل


تراقص معها لإفتتاح الحفل المُقام بـ مُناسبة زواجهما..وضع يده على ظهرها والأُخرى تُمسك كفها..عيناه المُظلمة تُحاصر خاصتها 


وعلى الناحية الأُخرى..بـ ذلك الركن المنزوي..يقف هو ويتكئ بـ مرفقه على الطاولة ..ينظر إليهما يتراقصان وعيناه تُطلق شرارات حارقة..كانت بين يديه ولكنها إنسلت من بين أصابعه كما الزئبق تمامًا


إلتقت عيناه بـ عيني غريمه ونظراته تُطلق سهام سامة فـ يُقابلها هو بـ أُخرى شرسة تُنبئه أنه لم يخسر بعد..حتى وإن كانت بين يديه جسديًا فـ روحيًا هو لا يزال يمتكلها..وحقًا فهم الآخر فحوى نظراته وهذا جعل عيناه تشتعل بـ نيران مُميتة..هو يمتلكها..هي ملكه


بعد تلك الرقصة التي إستهلكت قواها توجهت إلى الشُرفة المُطلة على الحديقة الصغيرة..إتكأت بـ قبضتيها على السور وأخذت تستنشق الهواء الذي سُحب من رئتيها وهي تُراقص شيطانها


إنتفضت على يده التي وُضعت على كتفها فـ إلتفتت لتبتسم بـ إنشداه قائلة 


-قُصي!!

-إبتسم قُصي بـ دفئ وقال:إزيك!!..بقالي كتير مشوفتكيش

-تنهدت بـ عمق ثم أردفت:كويسة زي ما أنت شايف...


أمسك يدها على حين غُرة وأردف بـ جدية


-جابني النهاردة عشان يوريني إني خسرت..خسرتك

-أغمضت عيناها ثم قالت بـ خفوت:قُصي!..أمشي من هنا بلاش يحصل مشاكل..أنت عارف ممكن يحصل إيه لو شافنا..أمشي عشان خاطري...


إتسعت عيناها وهو يجذبها إلى أحضانه وهدر بـ قسوة


-مش همشي من غيرك

-لأ هتمشي من غيرها...


كان صوته صلب ، مُخيف ، يُشبه زئير الأسد الذي فقد فريسته..وعيناه كانت كـ الجحيم وهو يرى إمرأته بين أحضان آخر بل ويُخبرها بـ كل إصرار أنه لن يذهب دونها وكأنه سيتركهما على قيد الحياة 


إقترب أرسلان منهما ثم جذب سديم التي صرخت بـ ألم من قوة قبضته ليهدر بـ غضب


-أنا جبتك هنا فعلًا عشان أثبتلك إنها مبقتش ليك فاهم!..بلاش تتخطى حدودك ولا تطلع برة الدايرة اللي رسمتهالك...


صر قُصي على أسنانه ثم نظر إلى سديم بـ نظرات نارية قبل أن يهتف بـ صوتٍ ميت


-متفكرش إنك كسبت..لأ..سديم ملكي وهتفضل ملكي..مش معنى إنك إتجوزتها أبقى خسرت..تبقى غلطان...


تقدم قُصي ثم لكم أرسلان بـحدة قبل أن ينظر إلى سديم وهمس


-هرجعلك وهخطفك منه...


إبتسمت سديم بـ خفة قبل أن تومئ له..تخطى قُصي لها ولكنه عاد وهمس


-متخسريش نفسك...


أومأت وقد وصلها مغزى حديثه..أما أرسلان فـ قد كانت عيناه وملامحه نذير شر يُهدد بـ إفتعال جرائم..وقبل أن يتهور وصله صوت رجولي ضعيف بـ اللغة الإنجليزية


-الطبيبة سديم المصري!!..يا لها من صُدفةٍ رائعة..لم أكن أتخيل أن تكونِ زوجة الشيطان...


إلتفتت سديم لذلك الصوت المألوف..لتجده ذلك الطبيب الذي كانت تتواصل معه فيما سبق وقبلها حين أتى إلى جامعتها بـ أحد المؤتمرات العلمية وما أن عَلِمَ بـ شغفها بـ مجال الأورام حتى ساعدها بـ الكثير


إبتسمت سديم وقالت بـ سعادة


-الطبيب ديفيد!!..يا لها من صُدفة..كيف أتيت إلى هُنا؟!

-لقد دعاني السيد أرسلان من أجل زواجكما..مُبارك لكما...


كانت يد أرسلان تقبض على كفها..وقبل أن تتحدث تولى هو دفة الحديث


-مرحبًا ديفيد..لم أكن أعلم أنكما تعرفان بعضكما البعض

-ضحك ديفيد وقال:بلى صدق..زوجتك كانت تتواصل معي سابقًا لتعرف المزيد عن مجال طب الأورام..حقًا أدهشتني بـ شغفها...


نظر إليه أرسلان بـ جمود ثم سحب سديم قائلًا بـ فظاظة


-معذرة..لكن تركنا ضيوفنا الكرام لمدة طويلة..يجب أن نعود

-بـ الطبع...


************************************


إندمجت بـ الحديث مع الطبيب ديفيد وأرسلان يقف بعيدًا عنهما..يحتسي مشروبًا ما ويتحدث مع آخرين..ولكن عيناه كانت تُراقبها كـ الصقر


أما هي على الرغم من شعورها بـ تحديقه  ولكنها أكملت حديثها مع الطبيب..وُضع أمامهما مشروبين لتأخذ أحدهما دون تفكير وإحتسته..تقززت من مذاقه ولكنها لم تُظهر ذلك


شعرت بمن يقبض على كفها وهمس بـ حدة


-أنتِ إزاي تشربي حاجة زي دي!

-همست بـ حدة هي الأُخرى:وأنت مالك..وبعدين ما كله بيشرب فيها إيه!

-عض شِفاه السُفلى وقال:فيها إنها خمرة...


إتسعت عيناها بـ صدمة وقد بدأت تترنح حقًا..أمسكها أرسلان وإعتذر ليأخذها إلى أعلى ثم أمر بـ إنهاء الحفل بـ فظاظة


دفعها لتترنح بـ قوة إثر دفعته وإثر الدوار الذي أصابها..لتهدر بـ حدة


-أنت همجي

-وصرخ هو بـ غضب:وأنتِ غيبة..مش عارفة إن دي خمرة!

-صرخت وهي تنزع حذائها:وأنا أعرف منين إنك بتقدم الحاجات دي

-دي كانت للطخ اللي معاكِ..بس أنتِ غبية

-إحترم نفسك...


وضعت يدها فوق جبهتها وقد نال منها الدوار إلا أنها تماسكت وقالت بـ حدة


-دمرتلي حياتي وبتأذي اللي حواليك..أخدتني غصب عني فـ صفقة حقيرة..بتأذي أخوك فـ كل حاجة لمجرد إنه أحسن منك...


أمسك تُحفة متوسطة الجحم من الزُجاج ثم صرخت وهي تقترب منه بـ خطواتٍ مُتعثرة


-أنا بكرهك ولازم تموت عشان أخلص منك...


كانت تهزي بـ سبب ذلك المشروب الكحولي..إلا أنها تمكنت بـ صعوبة من رفع يدها تنوي ضربه بـ تلك التُحفة ولكنه أمسك يدها 


نظر إليها بـ عينين مُشتعلتين ، جامدتين بـ قسوتهِ المُعتادة..فـ حاولت هي أن تُخلص يدها منه هادرة بـ غضب


-إيدي يا حيوان...


بـ  لحظة رفع يده الأُخرى وجذب تلك التُحفة ثم قذفها بـ قوة لتسقط مُتهشمة..صرخت ولكن صرختها كانت مصيرها جوفه..إذ وضع يده الحُرة خلف عُنقها وجذبها إليه بـ قوة يُقبلها بـ عُنف وشغف 


إتسعت عيناها من هول الصدمة ولكن عقلها لم يُغادرها كُليًا لتتلوى بين يديه ولكنه قد أحكم الطوق حولها..يده تركت يدها وحاوطت ظهرها والنيران تشتعل به


حملها ليضعها فوق الفراش دون أن يقطع قُبلته وهي بدأ عقلها يُغادرها تمامًا غائبة عن الواقع لتسبح بـ عالم ليس كـ عالمها الواقعي بل عالم لا يوجد به سواها  و قُصي


وهو يعلم أنه سيندم على ذلك صباحًا..يعلم أن سيستيقظ وما يحدث الآن سيُطارده غدًا والأيام المُقبلة ولكنه ترك لنفسه و لغضبه العنان وهي بين يديه..لم يكن بـ حسبانه أن يغوض معها تلك المشاعر بل لم يكن يُريد من الأساس



الفصل_الثامن_عشر

ملكة_على_عرش_الشيطان


لا وجود لمدينة فاضلة إلا بـ مُخيلة أفلاطون...

فـ الإنسان لا يبحث عن الفضيلة وداخله فساد يروي ظمأ نفسه المريضة...


لكلٍ غاية والغاية تُبرر الوسيلة...


دلف قُصي إلى شقته بـ فتور و غضب..بـ داخله يأبى التخلي عن سديم وعشقه لها وخارجه يتسول حلّ قيوده


قذف مفاتيحه فوق الطاولة ثم إتجه إلى المطبخ..نزع كنزته وألقاها بـ إهمال ثم قام بـ إعداد فنجان قهوة


وبعدما إنتهى عاد إلى غُرفته ثم أخرج بعض الأوراق التي حصل عليها خلسةً بـ مُساعدة الضابط أيمن..بدأ بـ مُجلد كُتب عليه نزار العبد..إسودت عيناه بـ حقد ثم فتحه


بضعة معلومات عادية وقصة بناءه لشركة الأمن خاصته..ولكن بعض الزيارات بينه وبين وزيري الإقتصاد والتجارة بـ أماكن مهجورة لم يتم التحقيق بها


تركه وهو يزفر بـ غضب..إرتشف من قهوته ثم تناول مُجلد أسود اللون..كُتب عليه ديفيد ويليامز طبيب ألماني الجنسية من أصول روسية..حدق بـ صورته الشخصية لتضيق عيناه..وضع يده فوق جبهته وهمس


-أنا شوفته فين!...


حاول التذكر ولكن ذاكرته لم تُسعفه..تنهد بـ قوة ثم أمسك بـ الورقة الثانية ليجد بها صورة فوتوغرافية قد تم إلتقاطها له أثناء صعوده لسيارةً ما ومن بها لم يكن سوى نزار العبد


إتسعت عينا قُصي ليجذب مُجلد نزار العبد وفتحه ثم بحث بين صفحاته حتى وجد اسم الطبيب مدون بـ جوار اسمه وتم رصد مقابلتهم بـ يومين قبل حادث قتل عائلته


أمسك مُجلد الطبيب وبحث بين صفحاته حتى وجد أنه تم طرده من العمل بـ أحد المشافي بـ ألمانيا نتيجة لإشتباهِ بـ أعمال خارجة عن القانون ولم يتم الإفصاح عنها


ظل قُرابة الخمس ساعات وهو يتفحص المُجلدات أمامه لكن دون جدوى..الأمور تزداد تعقيدًا وتشابك..كُلما ظن أنه توصل إلى طرف الخيط فـ لا يجد سوى عقدة عرقلت تقدمه


وضع يده خلف رأسه وتراجع بـ جسدهِ قائلًا 


-الموضوع محتاج ناس كانت متورطة فـ الموضوع دا...


نظر إلى ساعة يده ليزفر بـ ضيق فـ لم تكد تبلغ السادسة صباحًا..نهض ولملم الأوراق ثم هتف بـ جدية


-لازم أقابل أيمن وأعرف أكتر عن الموضوع دا...


************************************


دقت عقارب الساعة السابعة صباحًا مُعلنًا عن صباح يومٍ جديد ربما أكثر إشراقة للبعض وللآخر الصباح الأكثر ظلامًا


بـ غُرفةِ نومها كانا ينامان بـ هدوء..رأسها فوق ذراعه وتوليه ظهرها..خُصلاتها المُشعثة مُترامية فوق كتفيها العاريين و ذراعه القوية أسفلها


إستدارت سديم تتململ بـ نومها حتى فتحت عيناها لتقع على وجهه النائم..ما أن أبصرته حتى إتسعت عيناها بـ قوة و رهبة شاهقة بـ صوتٍ مكتوم


نظرت إلى جذعهِ العار ثم إليها لتجذب الغطاء حتى عنقها بسرعة..همست بـ صدمة وجسد يرتعش


-مُستحيل...


رغم ألم رأسها نتيجة المشروب إلا أنها لم تأبه سوى لتلك الكارثة التي حدثت..تذكرت أحداث أمس وكيف إنتهت بين أحضانه..عند ذلك الحد لم تتحمل لتنهض بسرعة جاذبة ما وقعت يديها عليه ولم يكن سوى قميصه..وضعته فوق جسدها تستر عريه وعري روحها ثم ركضت خارج الغُرفة إلى المرحاض


إثر خروجها..إصطدم الباب بـ الحائط فـ أيقظ أرسلان..فتح جفنيه الناعسين ناظرًا بجواره ليجد الفراش مُشعث..نهض بـ جزعه ليتذكر هو الآخر ما حدث


أغمض عيناه بـ غضب واضعًا يده خلف عُنقه مُحدقًا بـ الأرض المملؤة بـ ثيابهم..صر على أسنانه بـ قوة حتى أصدرت صوتًا يدل على مدى غضبه


لم يكن يُريد أن يحدث ما حدث..غضبه المجنون يوصله إلى مُنحدر يعلم أن لا صعود منه..تنهد بـ ثقل ثم نهض يرتدي بنطاله


بحث عنها بـ الغُرفة ولكنه لم يجدها..توجه خارج الغُرفة وحدق بـ الممر ولكن أيضًا لا وجود لها


توجه ناحية غُرفته ولكن صوت مياه جذب إنتباهه ليتجه إلى المرحاض المُلحق بـ ذلك الطابق..وجدها تقف أمام حوض إغتسال الوجه ليبقى بـ هدوء يُتابع ماذا ستفعل


لم تُصدق ما حدث..لم تُصبح هي..خائنة أم رخيصة! لا تدري أيهما هي ولكن بـ الطبع ليست سديم


فتحت أزرار قميصه وحدقت بـ جسدها..فكها ، عُنقها وعظمتي الترقوة مُدمغين به..علامات بنفسجية وزرقاء إنتهكت عذرية جسدها..بـ الطبع لم تعد هي


إتكأت بـ يديها على حوض إغتسال الوجه و تمتمت بـ قهر و ألم


-إزاي خليته يلمسني!..إزاي بس وليه!!...


إنتفضت على صوته الجامد وتراجعت عندما أردف بـ قسوة


-زي الناس..مش أنا جوزك ولا حد تاني!..يظهر نسيتي أنا إتجوزتك ليه...


تقدم خطوتين وكاد يُمسك ذراعها إلا أنها تراجعت مُبتعدة ثم صرخت بـ نفور


-إبعد إيدك القذرة دي عني..أنا قرفانة من نفسي لأنك لمستني...


توحشت عيناه بـ درجة أثارت الرُعب بـ داخلها حتى إصطكت أسنانها خوفًا..ملامحه أظلمت بـ قدر ظلام عينيه الدامس


بـ لحظة خاطفة جذبها إليه ثم توجه بها إلى حوض الإستحمام..شهقت وحاولت التملص ولكن يديه كانت كـ القيد الحديدي


دفعها بـ قوة ثم أدار مقبض المياه لتنهمر فوق جسدها..جذب سائل الإستحمام و سكبه أيضًا عليها ليقذفه بـ طول ذراعه حتى تحطمت العبوة..عيناها كانت بـ أقصى إتساعها وهي لا تستوعب ما يحدث


كان الماء ينهمر على كليهما دون حديث بينما يقطع الصمت صوت أنفاسه الحارقة والتي بدت كـ صوت الرعد..ثم بعدها هدر بـ صوتٍ مُخيف


-سمعيني قولتي إيه تاني!...


تنفست بـ حدة من بين شفتيها المُرتجفتين وهي تُحدق بـ عينيه المُظلمة لتهمس بعدها بـ فتور مُخفية خوفها 


-اللي سمعته...


إقترب منها حتى إمتزجت أنفاسه بـ خاصتها ثم أردف بـ فحيح واضعًا يده بجوار رأسها


-وأنا حابب أسمعه تاني

-رفعت حاجبها وأردفت بـ برود ظاهري:حابب تسمع إنك اللي أجبرتني!...


رأت فكه الحاد يتشنج وعيناه تتجمع بها شُعيرات حمراء غاضبة ولكن شفتيه تبتسم بـ سُخرية ونبرته خرجت هازئة


-بس مكنش دا كلامك إمبارح وأنتِ بين إيديا!...


حينها خرجت الكلمات من بين شفتيها بـ تلقائية علمت أنها ستندم عليها ولكنها أرادت إهانته و إهدار كبرياءه الرجولي لما سببه لها من الإحساس بـ الرُخص


-كنت شيفاك قُصي...


ساد صمت مُهيب بـ المكان..أضفى رُعبًا يليق بـ هيئة أرسلان والتي حقًا بدت كـ شيطان..حدقت بـ عينيه المُستعرة بـ نارٍ كـ الجحيم دون أن تجد قدرة على الإشاحة بعيدًا..قلبها الذي ينبض بـ جنون بين أضلعها كاد أن يقف من فرط رُعبها منه


حبست أنفاسها وهى تراه يدنو منها ثم همس بـ نبرةٍ ذات نذير شؤم 


-عارفة راجل غيري كان دبحك على قولتيه دا..بس أنا مش هدبحك أنا هخليكِ تتمني الدبح مطوليهوش...


لكم الحائط خلفها بـ قوة ثم تركها ورحل..حينها فقط سمحت لساقيها الرخوتين أن تسقط بها أرضًا و جسدها يرتجف بـ جنون


*************************************


كان جسدها ينتفض بردًا وكذلك روحها المُدماه..توجهت إلى غُرفتها ولكنها سمعت صوت تحطيم عنيف يأتي من غُرفته..تسمرت مكانها وقلبها ينتفض لصوت التحطيم


ضمت طرفي القميص إلى صدرها وظلت واقفة تُقطر ماءًا فوق الأرضية


بعد دقيقة سمعت صوت بابه يُفتح بـ قوة وهو يخرج ينفض يده النازفة دمًا لتتراجع إلى الخلف عدة خطوات خوفًا


توقفت دقات قلبها حين إستدار إليها ونظر إليها بـ جحيم عينيه المُلتهب والذي مَثَلَ قبرها..شهقت لذلك المشهد فـ سقطت أرضًا


هو يُحدق..وهي كذلك

هو يتوعد..وهي تكيد

هو النار..وهي الماء

هو يبتسم..فـ يُسطر نهايتها


نهضت تتحامل على ساقيها المُتخاذلتين تحت نظراته التي تحرقها..تحسست طريقها حتى وصلت إلى باب غُرفتها..فتحته ودلفت مُغلقة إياه خلفها بـ المُفتاح..بينما هو لا تزال إبتسامته ترتسم على وجهه فلا تُزيده إلا رُعبًا


نفض الدماء مرةً أُخرى ثم توجه أسفل..نادى أحد الخادمات بـ صوتهِ الجهوري فـ أتت فزعة..تضع وجهها أرضًا ثم تفوهت بـ خفوت


-تحت أمرك يا باشا...


أشار بـ يدهِ إلى الأعلى وهدر بـ نفس نبرتهٍ الجهورية حتى وصلها صوته


-أرجع ألاقي الهانم اللي فوق محضرة الأكل والبيت كله تنضفه ولو شميت خبر إن حد ساعدها هتبقى نهايته...


بعدها رحل وترك الخادمة تزدرد ريقها بـ صعوبة..تنهدت بـ راحة ثم جرت أقدامها إلى الأعلى وطرقت باب الغُرفة قائلة بـ إحترام


-ست هانم!

-وصلها صوتها الغاضب:سمعته..روحي أنتِ

-مطت الخادمة شفتيها وقالت:طيب...


أما بـ داخل بعدما إرتدت ثيابها وسمعت صوته الجهوري يأمر وهي يجب عليها التنفيذ حتى ظلت تذرع الأرض ذهابًا وإيابًا ، غضبًا وحنقًا..ضربت على ساقها بـ قبضتها وهدرت


-ماشي أما أشوف أنا ولا أنت...


************************************


بـ طريقهِ إلى الضابط أيمن كما عقد العزم مُنذ ساعات..لم تذق عيناه النوم إلا لساعةٍ واحدة..إستعاد بها نشاطه المسلوب


صدح هاتفه بـ اسم سديم فـ سارع بـ الإجابة قائلًا بـ لهفة


-سديم!!..حصلك حاجة!

-أتاه صوتها الهادئ:لا أبدًا حبيت بس أطمن عليك بعد اللي حصل إمبارح..أنت كويس!

-إلا أنه قال بـ قوة:أنتِ كويسة!..أذاكِ فـ حاجة؟!...


صمتت سديم ولم تجد قُدرة على الإجابة..بينما تسمر قُصي وتباطئت دقات قلبه وهو يهمس بـ خفوت


-سديم..أذاكِ!...


إبتلعت غِصتها ثم أجبرت صوتها أن يخرج طبيعيًا قائلة


-لأ أبدًا..زعق وكسر بس مجاش ناحيتي

-سألها بـ تشكك:متأكدة!...


إلتوى حلقها بـ ألم وهي تجده يُكمل بـ جدية وصرامة


-لو قربلك بـ أي شكل أنا هاجي أخدك وحالًا

-هُنا صرخت بـ خوف:بلاش..عشان متتأذاش...


أوقف سيارته فـ أحدثت صريرًا عاليًا ليهدر بـ حدة


-هو أنا لسه متأذتش!..أنا إتأذيت بيكِ يا سديم

-همست بـ تأوه:قُصي...


أغمض قُصي عيناه يضرب رأسه بـ المقعد خلفه قبل أن يقول بـ قلة حيلة


-رغم إنك جرحتيني بس أنا بحبك يا سديم ومقدرش أشوفك بين إيديه..أنا خايف أأذيكِ وأذي اللي حوليا..عاوز أخطفك وأخبيكِ و فـ نفس الوقت كرامتي مش سمحالي...


كتمت سديم شهقتها واضعة يدها فوق فمها ليُكمل هو حديثه


-كل أما أفكر فـ إمبارح نار بتقيد فيا..نار بتاكل روحي..مش عاوز أخسرك يا سديم..إرجعي وأنا هخلصك منه...


هبطت عبرات صامتة وهي تتحسر لما أصابها..عودة إلى قُصي بعدما حدث يندرج تحت بنود المُستحيل..أعادت خُصلاتها إلى الخلف لتغتصب إبتسامة حزينة هامسة بـ ألم


-مقدرش يا قُصي..بيني وبينه حساب لازم أصفيه

-ضرب المقوّد وهدر:غبية...


إلتوى حلقها بـ ألم ولكنها لم ترد بل تركته يُكمل بـ صوتٍ يائس ب غضب


-غبية لو فكرتي إنكِ هتقدري تأذيه..غبية يا سديم متغرزيش فـ الوحل..سبيني أطلعك منه

-مش هتقدر..إتخلى عني لفترة عشان أعرف أرجعلك...


ساد صمت لعدة لحظات تصلها صوت أنفاسه الحادة قبل أن تسمعه يهتف بـ صوتٍ ميت


-آسف وأنا مش هتخلى عنك...


أغلق الهاتف ليقذفه بـ غيظٍ بجواره..ضرب المقود عدة مرات ورغبته بـ إنهاء تلك اللُعبة لتعود سديم إليه تشتعل أكثر فـ تزداد رغبته بـ القتل..توحشت عيناه وعقله يُرسله إلى اسمٍ واحد بسببه خسرها


 "نزار العبد"


أعاد إدارة المُحرك ثم إنطلق بسرعةٍ قياسية حتى يصل إلى أيمن بـ الموعد الذي حدده لنفسه


**************************************


فتح باب الشقة ثم دلف..لم يأتِ إلى هُنا مُنذ ما يقرب الأربعون يومًا..أغلق الباب ثم قذف مفاتيحه ونادى بـ جمود


-جميلة!!...


كرر النداء عندما لم يأتهِ رد ليلمح طيفها يأتي مُهرولًا من الشُرفة..كانت تبتسم بـ تألق وهي تقترب منه حتى وصلت إليه


قبلت وجنتيه ثم تعلقت بـ عُنقه هامسة بـنبرتها المبحوحة


-وحشتني أوي...


لم يُبعد يدها كـ كل مرة بل تركها واضعًا يده بـ جيبي بنطاله وتساءل


-مردتيش من أول مرة ليه؟!

-تمسحت به كـ قطة ناعمة وأردفت:كنت فـ البلكونة بسقي الورد  عشان كدا مشوفتكش...


أومأ بـ فتور ثم أبعد يدها عن عنقه كاد أن يبتعد إلا أنها صرخت قائلة وهي تُمسك كفه المُضمد بـ هلع


-إيه اللي حصل!...


نظر إلى جرح يده بـ نظراتٍ سوداء ثم توجه إلى الأريكة دون أن يرد


زفرت جميلة بـ نفاذ صبر ثم توجهت إليه وقالت بـ حنق


-طب على الأقل رد عليا

-جمييييلة!!..مش ناقصك على الصبح...


نبرته الزاعقة أجفلتها وجعلتها تتراجع..حدقت به عدة لحظات قبل أن تتقدم منه جالسة بـ جواره تتلاعب بـ خُصلاتهِ تسأله بـ رقة


-مالك بس فيه إيه!

-أجابها بـ جفاء:مفيش...


تقربت منه حتى إلتصقت به وهمست بـ صوتها المُغوي


-لو فيه حاجة أعملها قولي!...


فرك عينيه المُغمضتين ثم إلتفت بـ رأسهِ إليها ينظر مُطولًا إلى ملامحها الشرقية الجميلة ليرفع يده يتحسس وجنتها فـ تفاجئت جميلة لحركته ولكنها لم تمنعه


كان إبهامه يتحرك بـ خفة يُداعبها كـ قطة وهى مُخدرة للمسته النادرة..ولكنه كمن دق عنقها بـ حديثه فـ جعلها روحًا ميتة


-جميلة علاقتنا لازم تنتهي هنا...


فتحت عيناها على مصرعيها وهمست بـ قلق 


-ليه!...


أجاب بـ نفس الهدوء ولا تزال يده تُداعب وجنتها بـ رقة


-عشان اللي جاي صعب وأنا مش هورطك أكتر من كدا...


أمسكت يده وقَبّلتها بـ لهفةٍ قائلة


-بس أنا راضية

-وأنا مش راضي...


حينها تركت يده وتحولت ملامحها إلى أُخرى صخرية وهي تهمس بـ جمود


-يعني أنت هنا النهاردة عشان تقول الكلمتين دول...


أومأ دون أن يرد..لتعتدل بـ جلستها مُتجاهلة ضربات قلبها السريعة أو روحها التي تصرخ مُطالبة بـ بقاءِ جوارها ولكنها ظلت صامتة


حدق بها أرسلان قليلًا قبل أن يتنهد ونهض..قَبّل جبينها وخطى خطوتين قبل أن يتسمر مكانه وهو يستمع إلى صوتها الخالي من الحياة يقول


-أنا حامل...


************************************


وضعت أخر أطباق الغذاء فوق الطاولة بعدما أنهكها التعب..لم تكن تعلم أنها لا تُتقن فن الطهي كُل ما تعلمه عن الطهو هو تحضير كأسًا من الشاي ولا أكثر


إلا أنه طلب منها إعداد الطعام وهي لن تعصيه بل قررت معاقبته..وضعت يدها بـ خصرها هامسة بـ تشفي


-أحسن والله يستاهل...


سمعت صوت إنغلاق باب المنزل الخارجة لتهتز قليلًا ولكنها سُرعان ما إستعادت ثباتها..و وقفت بـ جوار الطاولة


حينها دلف هو و نظر إلى الطاول العامرة بـ أصناف لم يرها قبلًا أو رآها ولكن لم يستطع تحديد ما هيتها


رفع حاجبه بـ إستنكار ثم نظر إليها..كانت تعقد خُصلاتها على هيئة كعكة مُجدلة وتتدلى على جانبي وجهها غُرتين لطفتين


ثم إلى ثيابها والتي إنتقتها بـ حرص حتى تُخفي علاماته عن عيناه التي توقفت عند فكها والذي لم تنجح مُستحضرات التجميل بـ إخفاءه كُليًا


عاد ينظر إلى عينيها الغاضبتين وحاجبها المرفوع..وقال بـ سخرية


-أنا شايف في أكل..بس دا صالح للأكل؟!

-مطت شفتيها وقالت:للحيوانات ممكن...


رفع حاجبيه بـإعجاب قبل أن يقول بـ سخرية أصابتها بـ الغضب


-طب وليه لسه مكلتيش لحد دلوقتي!...


صرت على أسنانها غضبًا ليبتسم هو بـ إستفزاز ثم خطى إلى الأعلى ولكن صوتها الحانق أوقفه


-رايح فين! والأكل دا مين هيطفحه؟!

-أردف بـ هدوء قائلًا:إتكلمي عدل عشان معدلكيش..أنا لسه منستش اللي قولتيه الصُبح...


إهتزت حدقيتها لثوان إلا أنها أردفت بـ شموخ


-ميهمنيش..أنت طلبت أكل وأنا عملت...


تقدم منها أرسلان حتى وصل إليها ليقف أمامها وهمس بـ نبرةٍ ذات مغزى


-بس أنا أمرت وأنتِ نفذتي...


إتسعت عيناها بـ غضب قبل أن تردف بـ حدة


-أنا محدش يأمرني..أنا عملت كدا عشان أنا عاوزة كدا..أقولك على حاجة...


جذبت غطاء الطاولة لتحسبه بـ عُنف فـ سقطت جميع الأطباق مُتهشمة بينهما بل وتناثرت بعض الشظايا عليهما ولوثهما الطعام


كانت تتنفس بـ حدة و غضب..بينما أرسلان لم يهتز أو يجفل..بل ظل ينظر إلى تلك الفوضى بـ هدوء قبل أن يقول بـ لا مُبالاة


-نضفي اللي عملتيه دا..أنا مش فايق للعب العيال دا...


خطى فوق الحُطام ليتركها وحدها ورحل..ضربت الأرض بـ قدمها صارخة تركل الأطباق بـ غيظ


أتت الخادمة مُهرولة لتقول بـ توتر


-سبيها يا هانم أنضفها

-إعملي اللي يريحك...


ثم إندفعت سديم إلى أعلى قاصدة غُرفته لتفتحها بـ هجوم هادرة


-أنت بني آدم مستفز

-نضفتي اللي عملتيه تحت!...


كان صوته باردًا ، هادئ ، لا مُبالي ليعقد لسانها سؤاله المُثير للغضب..فتحت فاها لترد ولكن عوضًا عن ذلك خرجت شهقة وهي ترى ذلك الحرق الي يتوسد ظهره بـ بشاعة


لأول مرة تراه على الرغم أنها رأته جذعه عاريًا من قبل..إلا أنها لم ترهُ قبلًا..وضعت يديها على شفتيها لا تُصدق أن ترى ذلك الحرق بـ حياتها بـ أكملها


إستدار أرسلان وإبتسم ساخرًا عندما عَلِمَ سبب دهشتها ليتقرب منها بـ بُطء حتى وقف أمامها 


وضع يده أسفل ذقنها ورفع رأسها إليه ليُحدق بـ عينيها المُتسعة بـ ذهول ثم أردف بـ أبتسامته الساخرة


-إتخضيتي!...


إقترب أكثر دون أن يسمح لها بـ الهروب ثم همس أمام وجهها وأنفاسه الساخنة تلفحها


-كل حرق واره قصة يا دكتورة...


أبتلعت ريقها وهمست بـ تلعثم


-قصـ..قصدك إيه!...


إبتسم وإبتعد عنها ليرتدي كنزته الثقيلة ذات لون أسود..تلتصق بـ عضلات جسده الصخرية ثم تساءل بـ جمود  


-تعرفي ديفيد ويليامز دا من إمتى وإزاي!!!...


تكملة الرواية من هنااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا


تعليقات

التنقل السريع