القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ملكة على عرش الشيطان الفصل الخامس والسادس 5-6بقلم اسراء على (جميع الفصول كامله)

 رواية ملكة على عرش الشيطان الفصل الخامس والسادس 5-6بقلم اسراء على (جميع الفصول كامله)




رواية ملكة على عرش الشيطان الفصل الخامس والسادس 5-6بقلم اسراء على (جميع الفصول كامله)


الفصل_الخامس

ملكة_على_عرش_الشيطان


أنا لستُ سيئًا..بل أنا الأسوء على الإطلاق...


أغلق جهاز التلفاز بعدما شاهد النشرة الإخبارية والتي تُفيد بـ إنتحار وزير الدفاع المُفاجئ نتيجة لمرض إبنته الذي لا علاج له وقد توفت قبل لحظات من موته فـ لم يتحمل وأقدم على الإنتحار


وضع جهاز التحكم عن بعد على الطاولة أمامه ثم إتكئ بـ مرفقه على رُكبتيه وذقنه إلى كفيه المضمومين وعيناه شاردتين بـ البعيد قبل أن يأتيه إتصال بعد عدة دقائق لينتشله من شروده


تنهد بـ عُمق ثم مدّ يده وأمسك الهاتف ليرد على المتصل دون أن يتحقق من هوية المُتصل


-أيوة!!

-عزت باشا!..شوفت الأخبار؟

-تنهد المدعو عزت ثم أردف:أه شوفت...


أتاه صوت الآخر وقد طغى على نبرته التوجس والهلع


-عارف دا معناه إيه!

-أجاب عزت بـ تصلب:معناه إن معالي الوزير مستحملش خبر موت بنته وإنتحر بعدها..حُط دا فـ دماغك كويس

-بس يا باشا آآ

-قاطعه عزت بـ صرامة:متتأخرش فـ العزا..بينا كلام طويل...


أغلق الهاتف دون أن يُزد بـ كلمةٍ أُخرى ثم ألقى الهاتف بـ عُنف ليُحدث نفسه قائلًا بـ غضب


-قولتله يقتله أول ما دخل السجن..الواد مكنش باين عليه إنه سهل...


*************************************


إستيقظت سديم بعد ليلة مؤرقة طويلة لتجلس فوق الفراش عدة دقائق تستعيد كامل وعيها ثم نهضت


أخرجت ثيابها المكونة من ثوب أخضر يصل إلى ما بعد الرُكبة بـ قليل وفوقة سُترة سوداء من خامة الجينز وبعدها إتجهت إلى المرحاض وبـ طريق ذهابها وجدت سُمية تُحادث أحدهم بـ الشُرفة لم تحتج إلى وقتٍ طويل لتتهكن هوية الآخر لذلك إنطلقت سريعًا تقتحم المكان


إنتفضت سُمية عند إقتحام سديم الشُرفة بينما قُصي بقى يُحدق بهما بـ هدوء


عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم أردفت وهى ترفع حاجبها الأيمن بـ حذر


-أكيد بتوصيها تحبسني!

-إبتسم قُصي بـ إصفرار ثم قال:صباح النور...


حلّت ذراعيها وقد بدأ الغضب يتسلل إليها لتقول وهى تقترب منه


-ملكش دعوة بحياتي يا حضرة الظابط..قولتلك أنا مش خايفة

-رفع منكبيه بـ لا مُبالاة:دا مكنش كلامك إمبارح

-ضربت الأرض بـ قدمها ثم أردفت بـ حدة:أنت اللي أخدت الكلام بـ منحنى تاني...


تجاهلها قُصي لينظر إلى سُمية التي تُتابعهم بـ عقدة حاجب ثم تشدق بـ هدوء


-زي ما إتفقنا يا سُمية

-ردت عليه سُمية بـ جذل:عنيا يا سي قُصي

-هو إيه دا اللي عنيا يا سي قُصي!..محدش ليه دعوة بـ حياتي على فكرة

-زفر قُصي بـ نفاذ صبر وهتف:أنتِ عارفة إحنا بنتكلم فـ إيه أصلًا !

-وبـ نبرة هجومية قالت:مش بتتفقوا تحبسوني؟!...


ضحك قُصي للمرة الثانية هو يُخفض رأسه لثوان ثم عاد يرفعها إليها..تابع نظرتها المُتحيرة وقد راقته تلك النظرة كثيرًا ليردف بعدها بـ هدوء ثلجي


-أنتِ ناضجة بما فيه الكفاية عشان تبقي عارفة مصلحتك..وأنا مملكش إني أحبسك..أنتِ مش حيوان أليف

-أشارت بـ سبابتها بـ تحذير:إحترم نفسك

-تدخلت سُمية قائلة بـ لُطف:سي قُصي ميقصدش..هو كان بيوصيني إني أجيبك فرح إبن الحج رزق عشان تهيصي وتريحي أعصابك شوية مش أكتر...


رفعت ناظريها إليه بـ عدم تصديق ليرفع منكبيه ردًا على نظرتها لتعود وتنظر إلى سُمية قائلة بـ إرتباك حاولت إخفاءه بـ حدتها


-ولو برضو..مش من حقه يفرض عليا أجي أو لأ

-أتاها صوته الساخر من خلفها:أنا مبفرضش عليكِ يا سديم..أنا سبق وقولتلك إنك ناضجة بما فيه الكفاية...


ضيقت عيناها وهى تنظر إليه بـ نظرات حانقة لتستدير وسُمية تردف


-كل الموضوع إن الحج حب يعزمك بس سي قُصي قاله بلاش تكلمها عشان زمانها نايمة وهو هيخليني أجيبك...


حكت سديم فروة رأسها بـ حرج ولكنها أبت إظهاره لتقول وهى تهم بـ العودة إلى الداخل


-أنا نازلة الشُغل..بعد إذنكوا...


تركتهم وعادت إلى الداخل لتنظر سُمية إلى قُصي قائلة بـ حرج


-معلش يا سي قُصي..اللي حصلها إمبارح مش سهل

-ضحك قُصي ثم قال بـ مُزاح:لأ يا سُمية دي وحمة..ربنا خلقها كدا تور بينطح 

-أتاهم صوتها الصارخ بـ غضب:سمعتك يا قليل الذوق يا عديم الإحتراك لمشاعر أثنى مُرهفة الحس زيي...


إرتفع حاجبي كُلًا من قُصي وسُمية بـ دهشة ما لبثت أن تحولت إلى إبتسامة مُشاكسة من قِبل الأول ليهمس 


-مش معقولة دي بنت أبدًا...


************************************


أنهت حمامها الدافئ ثم عادت إلى غُرفتها وإرتدت ثيابها..صففت خُصلاتها على هيئة جديلتين مُتعاكستين ثم رفعتهما على هيئة كعكة..وعلى جانبي وجهها أسدلت خُصلتين


إرتدت حقيبة سوداء وضعت بها مُتعلقاتها الشخصية وهاتفها الخلوي ثم إتجهت إلى خارج الغُرفة


وجدت سُمية قد حضرت الإفطار وتضع الشاي الساخن بـ الأكواب..توجهت سديم إلى أحد المقاعد لتلتقط أحد الأوراق الخاصة بـ عملها


لاحظتها سُمية لتقول بـ بشاشة


-أنا حضرت الفطار يا ست سديم..تعالي إفطري قبل ما تنزلي

-ردت عليها سديم دون أن تنظر إليها:معلش يا سُمية مش هقدر عشان إتأخرت

-لتردف الأُخرى بـ عتاب:مينفعش تنزلي على لحم بطنك كدا..تعالي كلي لقمتين وبعدين إنزلي

-مش هقدر والله..يلا باي...


ودون أن تسمح لها بـ الحديث مرةٍ أُخرى كانت قد خرجت..هبطت الدرج لتجد حارسين يقفان أمام مدخل البناية..نظرت إليهما بـ تفحص ولكنها مطت شفتيها بـ عدم إكتراث وأكملت سيرها إلا أن يد أحدهم منعها وهو يقول بـ نبرة غليظة


-قُصي باشا مانع خروجك لوحدك...


رفعت حاجبها بـ ذهول ما لبث أن تحول إلى غضب لتهدر


-قُصي مين دا اللي مانعني أنا من الخروج!

-وهمسة مُشاكسة أتت من خلفها:أنا قُصي العمري...


شهقت سديم بـ صدمة لتتراجع خطوتين وهي تراه يقف خلفها بـ كامل أناقته..يرتدي بنطال جينز أسود وقميص أبيض يلتصق بـ جسده مُظهرًا عضلات صدره المُتعرجة 


إبتسم قُصي بـ ثقة ثم أقترب منها وقال


-صباح الخير...


إستعادت سديم إتزانها لتتحول إلى قطة شرسة وهى تصرخ


-على فكرة أنت بتتعدى حدودك معايا وأنا مش هسمح بـ كدا

-وبـ نبرة أكثر ثقة أكمل:أنا متعدتش حدودي يا دكتورة..أنا بحافظ على الأمن العام وسلامة المواطنين

-ضمت شفتيها بـ غيظ ثم أردفت بـ جمود:لو سمحت..أنا مش فاضية للعب العيال دا..ورايا شُغل ولازم أروحه

-وأنا معنديش مانع...


بساطة نبرته بـ الحديث جعل براكين الغيظ تشتعل بـ داخلها وهي تقول بـ حنق


-أنت شارب إيه عـ الصُبح

-وبـ نبرة مُستفزة أردف:قهوة سادة...


أخرجت تنهيدة حارة ر حانقة من بين شفتيها المُغريتين بـ لونهما الأحمر ثم قالت بـ نفاذ صبر


-أنا مش عارفة أنت مالك على الصُبح..بس أنا حقيقي مش فاضية ولازم أمشي

-وأنا قولت معنديش مانع

-يووووه أنا مش فاضية لـ اللي ملوش مُسمى اللي بتعمله دا

-إبتسم قُصي بـ جانبيه وقال:بُصي يا ستي

-قاطعته دون أن يُكمل:مش هبص وأنا همشي دلوقتي والجدع فيكم يوقفني..ساعتها هتصرف بطريقة مش حلوة...


دفعت الحارسين بـ غيظ رادفة


-وسع أنت وهو...


نظر الحارسين إلى قُصي الذي أشار لهما بـ الإبتعاد ليبتعدا وتعبر هي..بقى ينظر إلى طيفها بـ نظرة مطولة قبل أن يتنهد ثم توجه إليهما وقال بـ هدوء


-معلش يا رجالة خليكوا وراها لحد أما أستلمها منكوا بالليل

-حاضر يا قُصي باشا...


توجه قُصي إلى سيارته وإنطلق إلى عمله


*************************************


كان يسبح بـ سرعة جنونية مُنذ ما يقرب ساعة..كُلما تشوشت ذاكرته ما حدث بما يقرب السبع أعوام..تزداد ملامحه قتامة فـ يزداد عنفه وسرعته


تذكر عندما أتاه صديقه مهرولًا يشكوه خائفًا مما سمعه..هبط أسفل الماء ليجلس بـ قاع حوض السباحة وحبس أنفاسه وما حدث يمر أمامه كـ عرض سينمائي


"عودة إلى وقتٍ سابق"


بعدما أنهى عمله وضع نظارته الطبية وقال بـ هدوء لسكرتيرته


-تمام كدا..الوفد هيوصل بكرة الساعة عشرة الصُبح..مش عاوز غلطة

-تمام يا مستر..بعد إذن حضرتك...


أشار إليها بـ الإنصراف وما كادت أن تفتح الباب لتجد أحدهم يدفعه وملامحه تحمل جميع أنواع الرُعب وبـ نبرة لاهثة هتف بـ اسمه


-أرسلان!!!...


نهض أرسلان بـ فزع وهو يرى صديقه بـ تلك الحالة..يرتدي زي الخدمة العسكرية..ليتجه إليه وأمسك مرفقه مُساعدًا إياه على الجلوس


نظر إلى سكرتيرته وجأر بـ حدة


-ماية بسرعة...


أومأت سريعًا لتخرج..عاد أرسلان ينظر إلى صديقه وتساءل 


-مالك يا مؤمن!..إيه اللي حصلك وطلعت من الجيش إزاي!..أنت مش أجازتك خلصت...


نظر إليه المدعو مؤمن بـ عينين خائفتين ثم أردف بـ صوت خفيض مشدوه


-أنا هربت...


"عودة إلى الوقت الحالي"


صعد إلى سطح الماء بعدما فقد قدرته على التنفس..مسح على وجهه بـ عُنف ونظراته تتحول إلى أُخرى سوداء..ضم قبضته وضرب سطح الماء بـ غضب ثم خرج من الماء نهائيًا


إلتقط منشفة وجفف قطرات الماء عن جسده قبل أن يأتيه أحد حرسه يُخبره وهو يقف بـ إحترام


-راحت لشغُلها فـ المُستشفى يا باشا

-أردف أرسلان بـ جمود:أُنشر خبر موت مراتي..فـ ظرف نص الساعة عاوز الموضوع دا بيتكلم فيه الصغير قبل الكبير

-حاضر يا باشا...


ألقى أرسلان المنشفة بـ إهمال ثم جلس ليلتقط لُفافة تبغ بُنية اللون وأشعلها..نظر إلى الفراغ قليلًا قبل أن يردف بـ خُبث


-مُكنتش أعرف إن لقاءنا هيكون قريب كدا..قريب أوي...


تمدد فوق المقعد واضعًا يده فوق عينيه وأخذ يُدخن بـ هدوء وكأنه لم يكن يشتعل بـ براكين الإنتقام والحقد مُنذ قليل


***********************************


خطت بـ ساقيها إلى داخل المشفى..وجدت جميع الأعين مُسلطة عليها ولكنها قابلتها بـ كل شموخ..لم تكن لتخاف ولكن همسة إلتقطتها أُذنيها من أحد العاملين بـ المشفى


-هي رجعت عايشة إزاي!..دا كدا حطها فـ دماغه أكتر..الدكتور التاني هرب بره البلد هنا عشان ميمسكوش...


عضت سديم لسانها لتكبح رهبتها التي بدأت تظهر وأكملت سيرها المُضطرب حتى وصلت إلى غُرفة مكتبها


ما أن دلفت حتى أغلقت الباب وإتجهت إلى الأريكة لتُلقي بـ جسدها عليه بـ إنهاك..إرتمت على ظهرها واضعة يدها فوق عينيها ثم جذبت وسادة لتضعها فوق فمها..مضت ثوان قبل أن تصرخ بـ كل قوتها


أبعدت الوسادة ثم نهضت بـ عُنف وهى تتحرك بـ الغُرفة على غيرِ هُدى..مسحت على خُصلاتها وهمست


-أنا لازم أمشي من هنا..هو عاوز مني إيه!...


أخرجت هاتفها لتُحادث أبيها..ثوان وأتاها صوته المرح


-الإبنة العاقة اللي سافرت ومعبرتش أبوها بـ كلمني شكرًا حتى...


ضحكت سديم فـ هي تحتاج إلى أن تضحك وبـ شدة لتقول بعد عدة لحظات


-إحنا أسفين يا باشا..عامل إيه!

-الحمد لله..أنتِ اللي عاملة إيه؟..حد بيضايق هناك؟!...


إبتسمت بـ سُخرية لاذعة..تُرى أتُخبره أم لا!..ولكن ماذا سيفعل والدها القعيد..تنهدت ثم قالت بـ نبرة جاهدت أن تكون طبيعية


-أنا كويسة..ومتخافش محدش يقدر يضايق سديم

-أتاها صوت والدها مُؤكدًا:عارف يا حبيبتي..بس أنتِ عارفة مبرتاحش إلا وأنتِ قدام عيني...


إبتسمت سديم بـ خفة..تعشق والدها وهو يعشقها كـ أي إبنة..صحيح علاقتهما تقتصر على الإبنة و الوالد ولا توجد علاقة صداقة بينهما..ولكن يظل أباها..لم يُدللها وهي تشكره لذلك إلا أنه حنون كما كان دائمًا مع والدتها قبل أن تتوفى


عاد صوت والدها يصدح ولكن هذه المرة بـ جدية


-زميلك سليم كلمني وقالي أنه هيحاول يتصرف فـ موضوع النقل دا وتبادل الأسماء..قالي الموضوع مش هيطول أوي

-تهللت أسارير سديم وهي تقول بـ تفاؤل:بجد يابابا!..أنا فكرته هيخلع..طلع راجل

-ابن حلال...


خيم الصمت ثوان قبل أن تردف سديم


-بتاخد أدويتك يا بابا!...


إستطاعت أن تستشعر إبتسامته وهو يقول بـ مكر شاب لا يليق بـ عمره المتجاوز للأربعين


-المُمرضة الجديدة مُمتازة

-ضيقت سديم عيناها وقالت بـ سُخرية:مُمتازة ولا حلوة!

-الأتنين...


ضربت سديم جبهتها ثم تشدقت بـ نفاذ صبر ونبرة يائسة


-يابابا عيب اللي بتعمله دا..دي بنات ناس برضو

-رد عليها والدها بـ براءة:أنا قولت إيه بس!..أنا بس بقول رأيي مش أكتر

-همهمت:واللي بيحصلي دا بسبب عمايلك المراهقة دي...


لم يفهم والدها ما تقول ليسألها بـ عدم فهم


-بتقولي إيه يا بت أنتِ!

-بـ نبرة صفراء كـ إبتسامتها أجابت:بقول خُد بالك من نفسك يا بابا

-طب يلا أقفلي عشان مرات أبوكِ جت...


نظرت سديم إلى الهاتف بـ ذهول لما تفوه به أباها مُنذ لحظات..حركت رأسها يأسًا ومن ثم همست


-مش هتتغير أبدًا يا بابا...


إنتفضت على صوت الباب الذي فُتح بـ همجية..لتلتفت هي بـ غضب ولكن قبل أن تتفوه بـ كلمة كانت المُمرضة القصيرة تهتف 


-سمعتي آخر الأخبار يا دكتورة!

-عقدت سديم حاجبيها وتساءلت:أخبار إيه!...


إرتفع حاجبيها المعقودين وهي ترى المُمرضة تضرب وجنتيها بـ حسرة قائلة بـ نواح


-مرات الشيطان ماتت النهاردة...


وكأن أحدهم ضرب أُذنيها بـ قوة فـ أصمتها..ظلت تنظر إلى المُمرضة بـ غرابة..ساد الصمت والذهول لفترة طويلة قبل أن تقطعها سديم بـ صوتها الغريب وكأنها مُنفصلة عن العالم الواقعي


-معلش مين مات!

-تحدثت المُمرضة بـ شفقة:مرات الشيطان اللي روحتيله إمبارح ماتت النهاردة

-همست بـ كلمة واحدة:أخرجي...


 وضعت سديم رأسها فوق حافة المكتب..لتُحرك المُمرضة فمها بـ حركة شعبية ثم خرجت دون حديث


كانت عينا سديم مُتسعة بـ قوة وعبارة واحدة تتبادر إلى ذهنها


-"موعد اللقاء الأقرب قد حان"...


ولكنها لم تتوقع أن يكون قريبًا إلى ذلك الحد..الصدمة جعلت جسدها رخويًا غيرُ قادر على الحركة..تهدل ذراعيها وذلك الهاجس يعود


-إهربي يا سديم...


************************************


توجهت إلى المنزل بـ خُطىٍ مُتثاقلة غيرُ واعية لذلك الشخصين خلفها..صعدت درجات السُلم حتى وصلت إلى طابقها


فتحت الباب ودلفت..ألقت حقيبتها بـ إهمال ونزعت سُترتها الجينز تبعها حذائها ذو الكعب ثم توجهت إلى المرحاض


فتحت مصدر المياه و وقفت أسفله بـ ثيابها..تساقطت المياة فوقها علها تُفيقها من ذلك الكابوس المُرعب


بعد خمسة عشر دقيقة..أغلقت مصدر المياه ثم خرجت دون أن تُجفف جسدها


عادت إلى غُرفتها وبدلت ثيابها..تسطحت على الفراش ونامت..تتلمس الهروب


بعد ثلاث ساعات


إستيقظت على صوت طرقٍ عنيف..إنتفضت جالسة وقد علت ضربات قلبها بسرعة مُخيفة..نهضت بـ ساقين ترتعشان حتى وصلت إلى الباب وبـ نبرةٍ مهزوزة 


-مين!!...


لحظات لم يأتها الرد..فـ أحست أنها قد توقفت عن التنفس وأنها ستموت لا محالة..ولكن صوت أنثوي تعرفه جيدًا جاءها


-ست سديم!..بقالي ساعة بخبط...


عادت تتنفس من جديد وقد هدأت ضربات قلبها لتفتح الباب ثم قالت بـ نبرة مُتهدجة


-معلش كنت نايمة

-شهقت سُمية قائلة بـ حرج:يووه..معلش يا ست سديم صحيتك

-لا ولا يهمك..تعالي إتفضلي...


نظرت سديم بـ تفحص إلى عباءتها السوداء ولكنها مُطرزة بـ خطوط فضية مُبهرجة وكذلك وشاح الرأس المُتماثل مع العباءة


جلست فوق الأريكة وقالت بـ إبتسامتها المُعتادة


-مش ناوية تيجي الفرح

-إمتعضت ملامحها وهى ترد:لأ معلش مش قادرة

-خفتت إبتسامة سُمية وقالت:ليه بس يا ست سديم!..دا حتى العُمارة كلها رايحة وسي قُصي مش عاوز يسيبك فيها لوحدك...


وعند عبارة بـ مُفردها..إرتعدت عندما تخيلت أنها ستكون فريسةً سهلة المنال بين يديه..ولكنها أردفت 


-وبعدين إزاي يعملوا فرح ومرات الـ...


لم تستطع النطق بـ اسمه أو لقبه لتُكمل بـ قنوط


-ميتة!!

-أجابتها سُمية وهي تُشير بـ يدها:لا متقلقيش..مفيش عزا ولا حداد ولا أي حاجة..هو الخبر إنتشر والبلد هادية..حتى هو إختفى...


دنت من سديم وقالت بـ خفوت


-بيني وبينك..حد من رجالته قال إنه سافر عشان يدفن مراته فـ بلد أبوها...


تخللت الراحة ثنايا روحها الهلعة..لتبتسم بـ إتساع قائلة


-داهية تاخده ولا ترجعه أبدًا

-لم تُعقب سُمية ولكنها قالت:يلا خُشي إلبسي الحتة اللي ع الحبل وتعالي معايا..والله هتتبسطي

-صدقيني مش هقدر

-هنا وصاحت سُمية:بقولك إيه يا ست سديم..أنا مش هتحرك من هنا غير ورجلي على رجلك..أه عشان بس نبقى واضحين...


زفرت سديم بـ قنوط ولكنها أومأت بـ خفة ودلفت إلى غُرفتها


إلتقطت ثيابها المُبللة و وضعتهم مؤقتًا فوق أحد المقاعد الخشبية ثم أخرجت ثياب خاصة لها


كان إختيارها ثوب من اللون الأزرق الداكن مُطعم بـ فصوص بيضاء..يضيق على جسدها حتى رُكبتيها ومن الأسفل إتساع خفيف يسمح لها بـ الحركة


ذراعها الأيسر مُغطى بـ الكامل أما الآخر فـ قد تركته عاريًا لا يستره سوى طبقة شفافة 


أسدلت خُصلاتها بـ حُرية ثم وضعت مساحيق التجميل..كحل أسود ثقيل و أحمر شفاه وردي اللون ..و خط أسود فوق جفنيها..رشت عطرها الثقيل ثم إلتقطت حقيبة بيضاء صغيرة وضعت بها هاتفها وخرجت


-أنا جاهزة...


إرتفعت أنظار سُمية إليها لتتسع بـ إنبهار قائلة


-الله أكبر يا ست سديم..قمر أربعتاشر

-إبتسمت بـ خجل وقالت:بجد حلوة!

-أنتِ مش شايفة نفسك ولا إيه!...


جذبت يدها تضعها بـ مرفقها ثم قالت وهى تتجه إلى باب


-يلا عشان إتأخرنا..البلد كلها هناك...


************************************


نظر إلى ساعة معصمه للمرة التي لا يعلم عددها..تأخرت.. واثق أنها ستأتي..يعلم أنها خائفة وتخشى أكثر أنها ستكون وحيدة اليوم بـ البناية


كان جالس بعيدًا عن الصخب حتى يراها..ولم تمضِ سوى عدة دقائق قبل أن تظهر هي وسُمية مُترجلاتان من وسيلة المُواصلات البسيطة


عيناه تسمرت عليها..كانت بشكلٍا ما تخطف الأنظار..خطفت أنظاره وأنظار الجميع..إستحوذت على أنفاسه فلا تخرج إلا حين أن تتقدم ساقها اليُسرى ولا تدخل إلا حين أن تتقد ساقها اليُمنى


عيناه تفحصتا جسدها الممشوق والمغوي بـ غريزة رجل أمامه حواء فاتنة..لم يعٍ وصولهما أمامه إلا حين نادته سُمية بـ نبرتها العالية


-سي قُصي..قاعد بعيد ليه!!...


ثبت أنظاره على سديم التي أخفضها حرجًا منه وتلاعبت بـ أطراف الفستان بـ توتر..إبتسم قبل أن يقول بـ مكر


-كنت مستنيكِ يا سُمية...


إبتسمت سُمية بـ مكر وقد تفهمت نظرات الآخر لترد بـ المثل


-معلش بقى يا سي قُصي..مكنتش جاية لولا الست سديم أصرت عليا فـ جيت...


شتمت بـ سرها وهي تعي أنها محور حديثهما ولكنها لم تجرؤ على رفع عينيها إلى خاصته التي تأكلها لتسمع صوته الخبيث


-لأ دا أنا لازم أشكرها بقى....


إنتفخت أوداجها غضبًا لتسحب يد سُمية قائلة وهى تنظر إليه بـ حدة


-يلا يا سُمية رجلي وجعتني من الوقفة...


جذبتها خلفها بـ قوة لا تتناسب مع هيئتها الرقيقة..تابع قُصي إبتعادها عنه وهو يبتسم ليراها تجلس بـ أحد الأركان الهادئة نسبيًا وبجوارها سُمية


كانت حرب النظرات على أشدها بينهما..هو يرمقها بـ تسلية أما هي فـ نظراتها كانت أنصال ترميه بها فـ تتسع إبتسامته


وعلى الناحية الأُخرى أوقف مُحرك سيارته وموقع الزفاف يلوح أمام..ترجل من السيارة وعلى وجهه إبتسامة قاتلة 


أغلق زر سُترته السوداء وتوجه إلى الزفاف..يعلم أنها بـ الداخل ولما لا وهو بـ الأصل يتتبع تحركاتها والغبية تظن أنها ستكون بـ أمان وسط هذا الحشد


وعند تلك النُقطة إبتسم بـ شيطانية..غبية إن كانت تظن أن هُناك من يوقفه


بكل خيلاء سار إلى حفل الزفاف..وحين لمحه الجميع توقفت الموسيقى عن العزف بل و توقف الجميع عن التنفس وهو يبتسم بـ ملامح قاتلة


كانت جالسة بـ إنبهار..عيناها تُطالع ما يحدث بـ إنبهار خالص..كان الزفاف شعبي بـ درجة لم ترها من قبل..على الرغم من تلك الأشياء الغريبة التي تراها من مشروبات ومأكولات أو حتى تلك الأدخنة والتي تعلم أنها ليست طبيعية إلا أنها شعرت بـ شيئٍ من الإطمئنان


حين توقفت الموسيقى..تصارعت ضربات قلبها فجأة..أدارت نظرها إلى سُمية التي شهقت هامسة


-الشيطان!!...


شحب وجه سديم وإرتجف جسدها..شعرت بـ برودة تجتاح أوصالها وعيانها تشوشت رؤياهما..إلتفتت إتجاه أنظار سُمية لتقع عينيها عليه


أحست أن أحدهم يسحب روحها تدريجيًا وهو يلتفت لها ونظراته تلتقي بـ خاصتها حينها شعرت وأن المكان تحول إلى صحراء قاحلة لا أحد سواهما بها..إستطاعت أن تقرأ شفتيه التي عبثت بـ اسمها ونظرته الماكرة التي تعتلي وجهه


-سديم...


إنخلع قلبها لشفتيه التي نطقت اسمها بـ طريقة تقشعر لها البدن..على الرغم من أنها لم تسمع صوته ولكنها شعرت بـ صوته يخترق عقلها..وكأن أحرفه سطرت بداية اللقاء بينهما ونهاية حياتها هي


الفصل_السادس

ملكة_على_عرش_الشيطان


أشد العلاقات قوة..هي التي تبدأ بـ العِداء ...


كانت ترتجف.. سُمية لاحظت إرتجافها على الرغم أنها توازيها خوفًا ولكنها تعلم أن سديم هي هدفه..لتُمسك يدها وتربت عليها فـ إنتفضت بـ شهقة لبرودة يديها


إلتفتت إليها لتجد نظراتها مُثبتة على مكان تواجد الشيطان..لتميل إليها وتهمس


-متخافيش..خليكِ معايا...


وسديم بـ عالم مُنفصل..دوار يجتاح رأسها فـ تُصيبه الثمالة..إبتلعت ريقها بـ صعوبة ثم أغمضت عيناها علها تستفيق من كابوسها فـ تجد أنها لا تزال نائمة


وهو من بعيد يلتهم كل تعبير منها..كُل حركة وإرتجافة..ويستمتع بـ خوفها فـ هو يجد المُتعة معها لم يجدها قبلًا


وضع يده بـ جيب بنطاله ثم تقدم..رمى بـ بصره ناحية قُصي الذي نظر إليه بـ إحتقان و قسوة حتى أن عضلات جسده تشنجت وهو لاحظ فـ إبتسم أرسلان بـ سُخرية قبل أن يُدير وجهه ويتجه إلى رزق والد العريس


بـ إبتسامة شيطانية قابله ليقف أمامه بـ فتور أردف


-ألف مبروك يا رزق

-إبتلع رزق ريقه بـ صعوبة وتشدق:الله يبارك فيك يا أرسلان باشا...


تحولت إبتسامته إلى أُخرى قاسية ، تحذيرية وهو يقول بـ نبرة صلبة


-أنا مبحبش حد يدخل فـ حاجة تخصني...


لم يحتج رزق الكثير ليفهم فـ قد وصله مغزى حديثه ومن غيرها سديم وحارسيه اللذين يرعانها..نظر إلى قُصي بـ عتاب وكأنه يقول "لقد أخبرتك"


أخذ رزق عدة أنفاس لتهدئة قلبه المُنتفض ليقول بعدها بـ خنوع


-وأنا مقدرش أدخل يا باشا..من النهاردة إعتبرهم ماتوا

-ضربه أرسلان على منكبه وقال:بتفهم فـ الأصول..وأعرف إن نفس الغلط مرة كمان بيودي صاحبه ورا الشمس وخاصةً معايا...


ربت على منكبه مرةً أُخرى ليؤكد على صدق تهديده ثم إستدار إلى تلك..قست عيناه وهو يراها تنتفض ما أن وقعت عيناها عليه لتستدير سريعًا


ولكنها قست أكثر وهو يرى قُصي يجلس بـ جانبها بل ويبتسم بـ إطمئنان لها والحمقاء تومئ وتنظر إلى الضابط بـ إستغاثة


تقدم بـ خطوات رتيبة ولكنه توقف وإستدار إلى رزق ثم أردف


-أنا حابب أرحب بالوجه الجديد اللي معانا..الدكتورة اللي قتلت مراتي!!...


شهقة وصرخة ثم همهمة تفيد بـ التعجب..وهي تشحب بـ التدريج حتى أحست أن دماءها تهرب خارج جسدها..إتهام على مسمع ومرأى الجميع بما لم ترتكبه


عاد ينظر إليها..ليجد حالتها مزرية..وكأنها رأت شبح بل هي بـ الفعل رأت شبح ولكنها شبح إبتسامته الشيطانية المعهودة..إبتسامة سوداء كـ توعده الصامت الذي يُحاصرها به


إلتفت وجلس بـ هدوء وسط الجميع وبـ الصفوف الأولى..والمجيع ينظر ويستنكر..وضع أرسلان ساق على أُخرى بـ نبرة هادرة تشدق


-مش دا فرح يا رزق ولا بيتهيألي!...


ولم يحتج رزق إلى حديثٍ آخر..فـ أشار إلى الفرقة الموسيقية لتبدأ العزف الشعبي مرةً أُخرى والراقصة تتمايل بـ إرتجاف عكس ثقتها مُنذ قليل 


************************************


برودة جسدها كانت لا تُحتمل وإرتجاف جسدها لا يهدأ..أثار ذلك غضب قَصي ليهمس لسُمية بـ غضب


-خُدي سديم وأمشي يا سُمية حالًا ومن غير أما ياخد باله

-وأنت يا سي قُصي؟...


نظر قُصي إلى أرسلان ثم إليهم وقال من بين أسنانه


-ملكيش دعوة بيا دلوقتي..يلا روحي...


أومأت سُمية ثم إلتفتت إلى سديم رابتة على كفها وهمست بـ تعاطف


-يلا نروح يا ست سديم...


أومأت بـ بُطء فـ جذبتها سُمية ولكن ما أن وقفت حتى ترنحت و سقطت جالسة..لتشهق الثانية بـ فزع قائلة


-ست سديم!...


نهض قُصي وجثى على رُكبيته أمامها وتشدق بـ جدية


-لازم تفوقي عشان تمشي من هنا..لازم سمعاني!!...


أومأت بـ بُطء وقد بدأت تلمع عيناها خوفًا..إلا أن قُصي نهض وجذبها..نظر إلى سُمية وقال


-خليكِ يا سُمية هنا وأنا هوصلها..قومي إعملي نفسك داخلة البيت دا ...


أومأت ناهضة لتدلف إلى المنزل..أما قُصي قد جذب سديم بـ خفة وتحركا وسط الجموع دون أن يلفت إنتباه أحد


تنفس الصعداء ما أن خرج من مُحيط الزفاف ليتجه إلى سيارته..كانت ساقيها رخويتان لا تقدران على حملها فـ تتهاوى ولكن يده القوية تحول دون ذلك


فتح باب السيارة لتصعد ولكنها لم تتمكن فـكلما رفعت قدمها تترنح..زفر قُصي بـ نفاذ صبر سيتم إكتشافهم إن لم يُسرعا..لذلك حملها من خصرها ليضعها بـ المقعد..نظر إلى عينيها المُتسعتين وهمس


-آسف مفيش قدامي حل غير كدا...


أغمضت عيناها دون رد فـ أثار قلق قُصي رابتًا على وجنتها بـ خفة ثم ناداها بـ خفوت


-سديم!..سديم أنتِ كويسة!...


أستغرقت عدة لحظات قبل أن تومئ بـ إيماءة تكاد أن يلحظها ثم تشدقت بـ خفوت


-أنا كويسة...


كانت بـ خير..وكانت ستصمد..تُقسم أنها كانت ستصمد دون طعام ولكن ظهور ذلك المارد كان المُحفز لسقمها الآن..عادت تُغلق عيناها ثم إستدارت بـ رأسها الناحية الأُخرى


أغلق قُصي الباب ثم إتجه إلى مقعده وإنطلق بـ السيارة..إختطف نظرة إليها ليجدها لا تزال مُغمضة لعينيها..زفر بـ حرارة وتساءل بـ صوتٍ أجش


-أنتِ شكلك مأكلتيش حاجة من الصُبح؟..مش معقول مجرد أما شوفتيه حصل فيكِ كدا...


لم ترد عليه سديم ليس تجاهلًا ولكنها لم تجد بـ الفعل القوة لتُحرك عضلة لسانها فـ سمعته يهدر بـ حدة


-أنتِ إزاي دكتورة ومستهترة كدا!..مش عارفة خطورة اللي بتعمليه دا!!..أنتِ بجد سبقتي الأطفال

-وهمسة لا تكاد تُمسع هدرت بها بـ ضيق:كفاية...


بتر عبارة كانت على وشك الخروج وهو يسمع تلك الهمسة الخافتة منها..طفلة تغضب ما أن يُعنفها والدها..هذا ما دار بـ خُلده الآن


ضرب على المقوّد يلعن لأول مرة ذلك الحظر المفروض إجباريًا فـ جميع المِحال مُغلقة..زاد من سُرعته ليتجه إلى المنزل


بعد دقائق وصلا إلى البناية ليضغط المكابح بقوة مُصدرة إحتكاك قوي..ترجل من السيارة وإتجه إلى مقعدها ثم فتح الباب وتساءل


-هتقدري تنزلي لوحدك ولا أساعدك!

-حركت رأسها نافية وقالت:لأ هقدر...


و بـ بُطء هبطت وهو ينتظر على أحر من الجمر حتى أغلق الباب ثم إتجها إلى داخل البناية


************************************


أخذت شهيقًا عال ثم كادت أن تخرج من منزل طليقها السابق ولكنها صرخت بـ جزع عندما إعترض أرسلان طريقها و بـ نبرة لا تُبشر بـ الخير تساءل


-هي فين!!

-تلعثمت قائلة:مـ..مين؟!...


ضرب الحائط بجوارها لتتراجع خطوتين قبل أن يجذبها من مرفقها بـ شراسة هادرًا


-أنتِ هتستعبطي!..إنطقي أحسنلك ...


إبتلعت ريقها بـ توتر ولكنها أردفت كاذبة وداخلها تتضرع أن تنجو بـ بدنها


-فـ الحمام..فـ..فوق

-كانت رده كـ الهسيس:مُتأكدة!!..أصلي لو طلعت وملقتهاش صدقيني هتزعلي جامد مني...


لم تعلم بما ترد ولكنها أخفضت رأسها ليبتسم بـ قسوة كـ عادته ثم تشدق بـ فحيح


-ماشي..كدا وصلني الرد...


و بـ دون مقدمات تركها ورحل..لتتنفس الصعداء هامسة بـ أسف


-أسفة يا ست السديم...


كانت خطوات أرسلان سريعة حتى وصل إلى سيارته فتحها وصعد..دون تأخير كان قد أدار المُحرك مُتجهًا إلى منزلها


الحمقاء تظن أنها ستكون بـ مأمن منه سواء بـ جود ذلك الحشد..أو حتى ذلك الضابط "قُصي"..إبتسم إبتسامة مُميتة وهو يتذكر ذلك الضابط الشاب..ما يتشاركانه بـ الماضي لا يستطيع أحدهما إنكاره..على الرغم أنه لم يكن بـ الماضي السعيد..أو التعيس ولكن يكفي أنهما يتشاركان العديدة من الذكريات 


************************************


صعد إلى شقتها وفتح الباب ثم أشار إليها بـ الدلوف..لتمتثل لأمره الصامت وإستدارت تواجهه وهو يقول بـ جدية لا تقبل النقاش


-طبعًا مينفعش أدخل معاكِ الشقة..بس كُلي أي حاجة وأنا شوية وهاجي أطمن عليكِ


أومأت سديم بـ صمت وأغلقت الباب بـ وجهه دون حديث..نزعت حذائها ذو الكعب وكذلك ثوبها لتُلقيه بـ إهمال فوق الأرضية الباردة ثم توجهت إلى غُرفتها


أخرجت ثياب منزلية..ثوب صوفي طويل يصل إلى رُكبتيها و يُحدد تفاصيل جسدها..وذو أكمام واسعة 


توجهت إلى المطبخ وأعدت شطيرة سريعة من الجُبن وكوبٍ من العصير لتتوجه إلى الطاولة وشرعت بـ تناول الشطيرة على مهل


هي بأمانٍ الآن..لن يطولها ولن يستطيع المساس بها..هربت من عيناه وستهرب منه شخصيًا قريبًا..ستعود إلى منزلها المُسالم بعيدًا عن تلك المدينة وما طالته من أذى نفسي 


سمعت صوت طرقات هادئة لتنهض وهي تظن أنه قُصي وقد أتى كما وعدها بـ الإطمئنان


توجهت إلى الباب وفتحته..وما أن طالعها أرسلان بـ نظراته حتى إتسعت عيناها بـ شدة وشهقت مُحاولة لإغلاق الباب ولكن حذائه الأسود أحال دون ذلك ليُمسك الباب ويدفعه فـ ترنحت وعادت إلى الخلف


دلف هو بـ كل هدوء وأغلق الباب خلفه..ليقف مُستندًا عليه يتأملها بـ صمتٍ أثار الرُعب بـ كل خلية من جسدها..لتردف بـ نبرةٍ مُرتجفة


-آ إطلع..آآ برة...


أستغرق أرسلان عدة لحظات بـ تأمله لها الصامت قبل أن يرفع عيناه إليها وتشدق بـ نبرةٍ ناعمة ولكنها جعلت سديم تنكمش على نفسها


-تبقي غبية لو فكرتي إن الظابط اللي قاعد فـ الشقة اللي قدامك دي يقدر يحميكِ مني...


حبست أنفاسها وتراجعت وهى تراه يتقدم منها وما زال يتحدث بـ نفس النبرة


-أنا لو عاوز أوصلك فـ أي وقت..هوصل..ولو عاوز أخد منك حاجة..هاخدها برضاكِ أو غصب عنك

-من بين أنفاسها اللاهثة هدرت:متقدرش..أنت لسه متعرفنيش...


مال بـ رأسه إلى الجانب بـ عبث ثم تشدق وهو يتوقف عن تقدمه


-وماله قدامنا وقت طويل نتعرف فيه على بعض

-قبضت سديم على كفيها وتشدقت:أنا مقتلتش مراتك

-حك فكه وقهقه قائلًا:منا عارف..وهو أنا قولت إنك قتلتيها

-إحتقنت عيناها لتهتف بـ حدة:وإيه لازمة اللي قولته من شوية دا!..أنت كذبت وفضحتني!...


عاد يُقهقه مرةً أُخرى ليعود ويتحدث بـ مكر مُتقدمًا منها


-تقدري تقولي حابب أهزر معاكِ..وأخلي اللعبة تحلو

-حركت رأسها بعدم تصديق هامسة:أنت يستحيل تكون بني آدم..أنت فعلًا شيطان زي ما بيقولوا

-مش حلو تكوني فتّانة على أهل البلد هنا...


أردف بها بـ سُخرية وهو على بُعد إنش واحدًا منها..لم تكن على دراية أنها قد وصلت إلى نهاية المطاف..من خلفها الحائط ومن أمامها هو..وأنفاسها هاربة منها


قريب منها لأول مرة بـ تلك الدرجة..حتى السابقة لم يكن بـ ذلك القُرب..جسدها المُرتجف يستشعر سخونته..وعيناه المُظلمة تُحدق بـ خاصتها الصافية..وثيابها تُغريه كـ رجل يجد حواء تردي ما يُحدد تفاصيلها الفاتنة..وعطرها الشذيّ يتخلل أنفه فـ يزيده تقربًا إليها..لم تجذبه إمرأة إلى هذا الحد..بل لم تفتنه وتُشعل غرائزه كـ تلك


-سديم...


همس بـ اسمها وهو يُغمض عيناه مُستمتعًا بـ لحنه بين شفتيه القاسيتين..عاد يُفرق جفنيه ثم همس وهو يُملس على خُصلاتها 


-يا ترى قالوا لك إيه عن الشيطان!...


لم تتحمل الضغط الواقع عليها فـ هي تكاد تكون بين أحضانه..يُحاصرها بـ زاوية الحائط بـ جسده ويد تعرف طريقها خلف ظهرها والآخر تقبض على ذقنها..تنفست بـ إختناق وقد شعرت بـ رئتيها تنكمش من هول الخوف والرُعب اللذين ثقلا كاهلها


أما هو فـ أكثر من مُستمتع بها..يعلم أنه يبُث بها الرعب ولكنه يعشق إهتزاز حدقيتها تلك..وإرتجاف شفتيها الشهيتين..بـ مفهومه


المرأة جسد

والجسد فتنة

والفتنة شفتيها بـ تلك اللحظة


وهو رجل...


والرجل ضعيف 

الضعف رغبة

والرغبة شفتيها .. وهو سيُلبي النداء


دنى منها إلى حد مُفزع وأنفاسه الهادرة تصفع وجهها بـ قوة فـ تُلهبه..ضربات قلبها تسارعت إلى حد ما فوق الطبيعة وعقلها لم يعد يتحمل فـ جسدها أُنهك بين يديه ليُقرر الرأفة بها ليفصلها عن العالم فـ تتهاوى بين يديه


عندما إقترب من الحصول على مُبتغاه..وجد جسدها يرتخي بلا أي مُقدمات فـ سارع بـ الإمساك بها قبل أن ترتطم  بـ الأرضية الصلبة


حملها بين ذراعيه المفتولتين ليضعها فوق الأريكة بـ رفق..ذراعها المُلقى خارج الأريكة وضعه على معدتها..وخُصلاتها المُتناثرة فوق وجهها أزاحها بـ رفق لتتضح صفحته الشاحبة له


جلس عدة لحظات قبل أن يضع إبهامه على شفتيها وتحسسها بـ رفق..ثم قرب إبهامه إلى أنفه يشتمه بـ عُمق فـ تُثيره رائحتها القوية


بعدها لعق إبهامه بـ تلذذ ليهمس بـ جمود ومكر بجوار أُذنها


-شهية...


نهض أرسلان وجلس مُقابلًا فوق الأريكة..يضع ساق فوق أُخرى وذراعيه يفردهما فوق مسندها..عيناه تلتهم تفاصيل المسجية أمامه بلا حول أو قوة


وأثناء جلوسه بقى يُفكر..ماذا يجذبه بها!


خوفها!..ولكن الجميع يخشاه

أم إدعاؤها الشجاعة وبداخلها يرتعد خوفًا؟!


ولكن بـ كِلا الحالتين..هي إمرأة وآدم يحتاج حواء بـ حياته..ولكن لينتظر..ليلعب قليلًا بل كثيرًا قبل أن يجعلها ملكه..يُريد حواء تلك ولا غيرها..ستكون له


*************************************


هرولت سُمية بعدما إلتقطت أنفاسها عندما تذكرت رحيل قُصي مع سديم لتزف إليه الخبر المشؤوم


كانت تركض بـ أقصى ما تملكه من طاقة حتى وصلت البناية..توقفت عند أول الدرج تلتقط أنفاسها ثم بدأت الصعود


وصلت إلى الطابق الخامس وتحيرت..أتطرق باب سديم وتطمأن عليها!..أم قُصي!..ولكنها تخشى أن يكون قد طالها بـ الفعل فـ تكون هي الأُخرى فريسةً سهلة وأقل تقدير يقتلها


حسمت أمرها وإتجهت إلى شقة قُصي..طرقت الباب بـ خفة وهى تستدير بين اللحظة والأُخرى إلى الباي المُقابل حتى ظهر قُصي والذي ظن أنها سديم


تفاجئ عندما وجد سُمية وسألها بـ توجس فـ حدسه أخبره أن هُناك سوءًا قد حدس


-إيه في إيه!...


تلعثمت مُتهدجة فـ لم يفهم حديثها ليُشير بـ يده أن تهدأ ثم هدر بـ صرامة


-إهدي عشان أفهم وأعرف أتصرف...


وضعت سُمية يدها على صدرها وبـ نبرة مُرتجفة قصت عليه ما حدث


-بعد أمام مشيت يا سي قُصي..عملت اللي قولت عليه وقبل أما أطلع لاقيته فـ وشي وسألني على مكان ست سديم..حاولت أكدب بس والله عرف...


أظلمت عينا قُصي وهو يرفع رأسه إلى باب شقتها ولكنها سُرعان ما إتسعت مصعوقًا وهو يظن أنه معها الآن..وحدهما..هي بين يديه


دفع سُمية سريعًا ثم إتجه مُهرولًا إلى شقتها وطرق الباب بـ عُنف هادرًا بـ صوتٍ إتهزت له الحوائط


-سدييييييم!!!...


ولكن السكون كان رده الوحيد..ليعود ويطرق بـ عُنف أكبر حتى أوشك على تحطيم الباب وبـ صوتٍ جهوري عاد يهدر


-سديييم..إفتحي الباب..أفتح الباب أحسنلك...


وأيضًا لا رد..سُمية خلفه تضع يديها فوق رأسها وتنتفض مُرتعبة..المسكينة بين براثنه وحيدة


لم يجد قُصي بدًا ليتراجع عدة خطوات ثم دفع الباب بـ كتفه..أعادة الكرةْ عدت مرات حتى فُتح الباب على مصرعية


إندفع صارخًا بـ اسمها وعيناه تدور بحثًا عنها


-سديييييم!!!...


توقف لاهثًا وعيناه جاحظة تكاد تخرج من محجريهما وهو يراه جالسًا بـ هدوء..بـ وضعيته السابقة..وعيناه لا تحيد عن تفرسه..لم ينتفض أو يلتفت إلى قُصي..بل بقى مُعلقًا بها 


تنفس قُصي بـحدة وهو يتقدم منه ينوي لكمه ولكن أرسلان كان أسرع منه يتفادى الضربة قبل أن ينهض وهو يُعدل سُترته مُتشدقًا بـ سُخرية


-أنت صحيح ظابط ومتدرب..بس برضو متستخفش بيا يا حضرة الظابط...


أمسكه قُصي من تلابيبه وهدر بـ شراسة


-عملت لها إيه يا حيوان!!...


وضع أرسلان يده على يد قُصي القابضة على ثيابه وأردف بـ نفس السُخرية


-هكون عملت لها إيه!!..ما هي قدامك أهي صاخ سليم...


نظر إليه قُصي بـ عينين قاتمتين وعضلات تتشنج غضبًا..ليضحك أرسلان قائلًا


-لو قصدك حالتها دي!..فـ هي اللي مألكتش..بقى دا جزاتي إني مسبتهاش ومشيت؟

-بـ نبرة تهديدية قاسية أردف قُصي:أوعى تكون مديت إيدك دي عليها لأني ساعتها...


هنا وتحولت سُخرية أرسلان إلى غضب ليُقاطعه بـ نبرة عنيفة و قوية


-هتعمل إيه!..هتفكر تمنعني عنها إزاي؟!..أنا حابب أسمع طُرقك العقيمة فـ منعي عنها...


أنفاس قُصي الحادة كانت تصطدم بـ وجه أرسلان ولكن الآخر لم يهتز له جفن..تشنجت عضلات فك الأول وهو يهمس بـ قسوة


-ساعتها هخلص كل القديم..كل دين عليك هتدفعه..وتمنه هيكون غالي أوي...


كانت عينا أرسلان ظلامًا دامسًا ما أن نطق قُصي بـ تلك العبارة..كور قبضته يمنع نوبة هياج عنيفة وغضب تُطيح بـ الجميع وأولهم ذلك الأحمق الذي يقف أمامه


لذلك حاول تنظيم أنفاسه الهادرة وتهدأة نفسه..قبل أن يردف بـ برود ثلجي


-متقولش كلام مش عارف إذا كان صح أو غلط..أنا مبدفعش تمن حاجة مليش إيد فيها..فـ مترميش فشلك عليا..يا حضرة الظابط...


ثم تحرك من أمامه عدة خطوات قبل أن يستدير وهو يرفع إبهامه دلالةً على تذكره شيئًا ليردف بـ قسوة 


-لو عاوز أأذيها هعملها فـ وجودك أو غيابك..لما بعوز أعمل حاجة محدش هيوقفني..بس كله بـ وقته...


ليُكمل تحركه..نظر إلى سُمية الواقفة أمام باب شقتها ليبتسم بـ سُخرية فـ شهقت هي وتراجعت عدة خطوات


أكمل هبوط الدرج حتى وصل إلى سيارته..صعدها وأدار المُحرك قبل أن يُلقي نظرة أخيرة على شُرفتها ثم إنطلق بقوة حتى أصدرت إطارات السيارة صوتًا عال


أما بـ الأعلى كان قُصي يقف جامدًا مكانه لم يتحرك..وعيناه تشتد قساوة و تعتليها نظرة قاتلة ، حاقدة..كور قبضته حتى تجلت عروقه بـ شدة 


إلتفت إلى سديم بعد عدة لحظات ليجدها على حالها..زفر بـ غضب وهمس


-مقدرتش أحميها وهي جنبي...


صمت قُصي قليلًا ثم جثى على رُكبتيه وظل يُحدق بها حتى قاطعته سُمية بـ سؤالها الخافت


-هتعمل إيه يا سي قُصي؟!...


إلتوى شدقه بـ شبه إبتسامة مُتهكمة فـ هو نفسه لا يعلم ماذا سيفعل..لينظر إليها ثم مط شفتيه دليلًا على جهله قبل أن تلمع فكرة خاطفة بـ عقله


نهض قُصي بـ بُطء لتعقد سُمية حاجبيها وتساءلت


-مالك يا سي قُصي!

-أنا عندي الحل

-تساءلت بـ لهفة:إيه هو!...


حدق قُصي بها لثوان قبل أن يردف بـ قوة و دون تردد


-هتجوزها...

تكملة الرواية من هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع