رواية هواها محرم ( ثري العشق والقسوة 2) الفصل السادس والثلاثون 36الاخير والخاتمه الثانيه بقلم أية العربي فى مدونة قصر الروايات
رواية هواها محرم ( ثري العشق والقسوة 2) الفصل السادس والثلاثون 36الاخير والخاتمه الثانيه بقلم أية العربي فى مدونة قصر الروايات
بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .
اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء
الخاتمة ٢ من ( هواها محرمٌ )
( ثري العشق والقسوة 2)
ختاما....
رسالة من قلبي لقلبِك.....
من قلب عابث لقلب خجول...
بعد السلام حبيبتي....
أعيدي لقلبي السلام...
يامن سكنت حتى الأحلام
ختاما...
لنعقد هذا الاتفاق...
سأحبك وستحبينني...
ستشتاقين إلي وأنا سأشتاق..
سنتشاجر كثيرا كباقي العشاق...
وسنغضب كثيرا
لكننا أيضا كباقي العشاق
سنتصالح بقبلة وعناق ♥
بقلم فيروزة
❈-❈-❈
يحب الله العبد العائد إليه
كلمة عودة بحد ذاتها تعني ثوبًا من السكينة يسترك من الخطيئة التي عشت بها ، إنا لله وإنا إليه راجعون .
لا تشترط التوبة على ذلك المسلم العاصي ولكنها أكبر من ذلك بكثير ، دائرة واسعة تتسع لكل بشري على وجه الخليقة منذ أن خلق الله تعالى الأرض وحتى يأمر بطيها .
دائرة تشمل المولود وسط الظلام ، والمترعرع بين المجرمين ، والذي كبر بين أحضان المعاصي والذي شب بين أيادي الشياطين .
التوبة متاحة للجميع والمحظوظ فقط هو من يُقبل عليها .
لذا كان هو أكثرهم حظًا ، ربما يظن من يقرأ قصته أنه عاش تعيسًا عابثًا ولكن ليس بعد العودة ، بات أكثر البشر حظًا ومع ذلك لم يتخلَ عن عبثه .
انقضت أشهر حمل زوجته بين تذمر وعبوس وصراعات لا حصر لها ، حتى أنه كاد أن يتعهد بأن تكون هذه المرة الأخيرة لحملها ، حملها وهرموناته وتقلباته التي أخذت منه جميع حقوق من ظلمهم ومن لم يمسسهم بسوء .
هذه المرة كانت تحاول ألا تدخل في دائرة الاكتئاب كالسابق ولكنها لم تستطع حل مسألة النفور منه ، تعلم جيدًا هوسه بنظافته ومظهره ومع ذلك توشك على التقيؤ حينما يقترب منها أو يقبلها وهذا كافٍ ليدخلها في نوبة حزن .
سألت طبيبتها عن ذلك وأخبرتها أنها فترة وستنتهي ولكنها ظلت معها حتى الشهر السابع وما إن استشعر تقبلها له في الشهر الثامن حتى أقام حفلة صاخبة داخله واستعد ليلتها ليقضي معها وقتًا ليس له مثيلًا متوعدًا لها بانتقام مشاعر عنيف على ما فعلته به هي وصغاره العابثين القابعين داخلها .
ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي سفنه وكانت عواقب فعلته وخيمة جعلت الطبيبة تأمر بمكوثها هذان الشهران في منزل والدها والابتعاد عنه .
لو أن هذه الواقعة حدثت معه في الماضي لكانت الطبيبة في خبر كان ولكن توبته قيدته عن ذلك وجعلته يرضخ مستسلمًا لمكوثها عند بهجت ولكن لحظة ، نحن نتحدث عن العابث .
الذي لا يكل ولا يمل أبدًا لذا قرر الإقامة معها في منزل بهجت أيضًا وليستمتع بأكلات نسرين وربما شغله بهجت بقصصه الممتعة عن تلك التي ما إن يغادر هذين العابثين رحمها سيعاقبها عقابًا عبثيًا لن تخرج منه إلا بحملٍ جديد .
بصعوبة بالغة استطاعت إقناعه بذهاب والدتها معها إلى الطبيبة بدلًا عنه حتى تحدد لها موعد الولادة ، وليرضخ لطلبها أخبرته أنها تود الكشف معها وبالفعل كانت قد حجزت لها حتى لا تكون كاذبة ولكنها تسعى لعمل مفاجأة سارة له .
جلست أمام الطبيبة بعدما فحصتها وبدأت تدون على حاسوبها بيانات خاصة بها ثم تحدثت بعملية وهي تشبك كفيها على مكتبها :
- موعد الولادة هيكون الأسبوع الجاي يوم الأربع بإذن الله ، هتيجي الساعة ٩ الصبح وتكوني صايمة .
نظرت لوالدتها بترقب لتومئ لها مشجعة فعادت تنظر للطبيبة وسألتها بنبرة تحمل رجاءً :
- كنت عايزة أطلب من حضرتك طلب ، لو ينفع نغير معاد الولادة ؟
قطبت الطبيبة جبينها بتعجب وتساءلت :
- نغير المعاد إزاي يا مدام خديجة ؟
تنفست بقوة وأردفت موضحة :
- الشهر ده ذكرى ميلاد جوزي وتحديدًا يوم السبت الجاي غير ده ، لو ينفع نأجل ولادتي لنفس اليوم ، حابة أعملهاله مفاجأة .
نظرت للطبيبة التي شردت ثم التفتت لحاسوبها تتابع جدول الولادات ثم زفرت وأومأت بموافقة تجيبها :
- تمام يا مدام خديجة ، المعاد هيتقدم ٣ أيام وإن شاء الله يكون مناسب ، ودي أول مرة تحصل ونعملها هنا في العيادة بس هتكون مناسبة حلوة إن خالد بيه يحتفل بعيد ميلاده والتوأم معاه .
ابتسمت بملامح مشرقة وهي تومئ مردفة :
- بالضبط ده اللي أقصده .
ابتسمت لها نسرين ثم نهضت تشكر الطبيب وخرجتا سويًا تستقلان السيارة وتعودان إلى المنزل دون إخبار أحد بما حدث وهي تعلم جيدًا أن خالد من المؤكد لن يتذكر موعد ميلاده بعدما انشغل بها وبآلام وهرمونات حملها .
❈-❈-❈
بحياة تملؤها المشاكسات والمناكفات يقضي صقر أيامه مع جميلته وأميرته .
لا يعرف من يرضي بينهما ، كلما حاول إرضاء واحدة تذمرت الأخرى ، لم يصدق أن زوجته الحكيمة التي عُرفت بالتعقل هي نفسها التي تعبس حينما يعطي لأميرته قسطًا أكبر من الدلال .
أحيانًا يلتمس لها العذر ولكن ماذا يفعل مع تلك الماكرة التي على ما يبدو تعاند أمها ومع ذلك هو يصفق لها مشجعًا مما يتسبب في إثارة حنق نارة فتصبح قابلة للالتهام .
حقًا محظوظٌ بهما ، محظوظ بالقدر الذي جعل أيامه كلها سعادة وتعالت ضحكاته تارةً من عبوس جميلته وتارةً أخرى من مكر أميرته .
قرر اليوم أن يعطي كل ذي حقٍ حقه ، حسنًا لن يتزحزح عن موقفه ، سوف يدلل الجميلة تلك الليلة وانتهى .
وها هو بدأ تدليله بقبلة يصالحها بها ، قبلة متمهلة كأنه يطرق بها باب قلبها ، لم تبادله أول خمس ثوانٍ ولكنها لم تستطع الصمود أمام سطوة مشاعره وهمسه باسمها ، يديه التي تسبح في بحر ممتلكاته .
بارعٌ في جعلها تذوب بين يديه وتنسى كل القرارات التي اتخذتها في وقت التذمر ، ابتعد عنها قيد أنملة وفتح عينيه يبتسم لها ليجدها مغمضة العين تتقلب بين موجات المتعة ليتحدث بهمس مراعٍ حنون :
- لسة زعلانة مني ؟
- تؤ .
أجابته وهي في حضرة مشاعرها ليعود لشفتيها ويسكن فيهما باستمتاع قبل أن يخترق أذنيهما بكاء الصغيرة من الغرفة المجاورة .
ابتعد قليلًا وفتح عينيه يترقب السمع ، لم يحتمل سماعها تبكي ولكنه مقيدٌ بمشاعر جميلته التي لأول مرة يخشى رد فعلها .
فتحت عينيها حينما وصل إليها صوت صغيرتها لتنظر في عيون صقر لثوانٍ وكأنها تتحداه .
بصعوبة تحكم في نداء قلبه وتحمحم مردفًا بنبرة جعلها هادئة :
- نيللي بتعيط .
- خليك إنت أنا هروحلها .
نطقتها نارة بنبرة تحذيرية ونهضت من جواره ولكنها لم تكن ترتدي ما يناسب للذهاب للصغيرة .
يمكنها بسهولة استعارة مئزرها ولكن صقر اتخذها ذريعة لينهض مسرعًا يرتدي سرواله ويسترسل :
- خليكي إنتِ يا نارة ماينفعش تروحي كدة ، أنا هروحلها .
تحرك خطوة وهو يتابع ليقنعها أكثر حينما لاحظ نظراتها له :
- لو إنتِ روحتي هتتعلق بيكِ وتقلق ومش هتنام تاني ، أنا هعرف أنيمها .
رفعت حاجبيها باندهاش ثم أسرعت تسحب هاتفها وتعبث بيه ثم نادته قبل أن يغادر الغرفة فالتفت يطالعها بترقب ليجدها تعرض عليه صورة ليلة أمس حينما كان غافيًا في سرير طفلته الصغير بين الدمى والألعاب ، يمددها فوق صدره وتنام معه بعمق ، تعجب من الصورة وتساءل وهو يتقدم منها خاصة وأن الصغيرة قد هدأت :
- إنتِ صورتي دي امتى ؟
- امبارح وإنت نايم في سرير بنتك ورجلك طالعة برا لان السرير طبعٕا صغير ، ولو كررتها النهاردة يا صقر هنزل الصورة دي ع الأكونت بتاعي ووريني هتعمل إيه .
ابتسم بثقة والتفت يغادر الغرفة وهو يهز رأسه على زوجته التي تهدد بم لن تفعل ، لا يمكنها نشر صورته بتلك الهيئة التي كان عليها أمس خاصة وأن هناك دمية على شكل قرد تحتضن رأسه ، من المؤكد لن تفعلها ، هو بالأساس سيرى الصغيرة ويعود .
❈-❈-❈
إذا خذلك العالم كله ولم يتبقَ لك سوى أهلك فأنت منتصر ، وإذا خذلك أهلك ونصرك العالم كله فأنت منكسر .
هذه هي الحالة التي تراودها كلما نظرت إلى صغيرتها متعهدة ألا تخذلها يومًا ، ألا تكسرها يومًا ، أن تكون لها نقطة البداية ونقطة النهاية ، لن تفعل مثلما فعلت والدتها بها ، لن تخيب ظنها مهما كانت الظروف .
كانت رزقًا من الله ومنة لتضخ بها كل المشاعر التي تكونت داخلها على مدار سنوات ، مشاعر ولدت من رحم القسوة والمعاناة ولكنها أبعد ما يكون عن ذلك .
حزنت كثيرًا حينما علمت بشلل خالتها بعد تلقيها خبر قتل ابنها الذي لم تحتمله ، لا تعلم هل قُتل حقًا على يد سجين مثله أم انتحر بعدما فقط الأمل في تبرئته ولكنها بحثت عن حزنٍ داخلها ولم تجد ، لم تجد أية مشاعر آنذاك حينما جاء يوسف محملًا بخبره ، حتى أنها شعرت أن زوجها يزف لها الخبر زفًا .
تنهيدة معبأة بذكريات سيئة خرجت من جوفها وهي تنظر لصغيرتها التي أصدرت صوت اعتراضٍ على شرود والدتها عنها ، لأول مرة نجد ملكة ابنة أميرة ، ولكن لتنقلب الموازين رأسًا على عقب يكفيها أن تكون المدللة .
ضحكت أميرة تناغشها وتلكزها بخفة في سائر جسدها والصغيرة تتعالى صوت قهقهاتها في الغرفة .
دخول مفاجئ من يوسف مهرولًا بعدما سمع قهقهات ابنته ليتجه نحوهما مبتسمًا بسعادة ثم اتجه يقبل الأميرة بشوقٍ واشتياق وبعدها مليكته بعاطفة جياشة وهجوم جعلها تضحك ضحكات متقطعة على والدها الذي ما إن بدأ بتقبيلها لا يتوقف بسهولة .
وابلًا من القبل تتلقاه في سائر جسدها وخاصة عند رقبتها الناعمة ذات الرائحة الطفولية التي بات مدمنًا عليها .
صوت ضحكاتها يجعل من يسمعها ينفجر ضاحكًا عليها ، السعادة في هذه الغرفة تنتشر بشكلٍ دائم ، فيوسف كان خير زوج ، عوضها عن أحزان تلقتها وأحزان لم تتلقّها ، عوضًا كافٍ ووافٍ لينثر الحب والابتسامة على وجهها دومًا .
مراعيًا، حنونًا، شغوفًا، معطاءً، مدللًا لها أمام الجميع ، معينًا لها على الأيام والآلام والكوابيس المزعجة التي كانت أحيانًا تراودها حتى سافرت في رحلة دون عودة ، تفشت السكينة في حياتهما مما جعلتها تجزم أنها مولودة جديدة ولدت على يد أفعال هذا الرجل العاشق .
أوقفته بعدما أرادت أخذ جرعة حبٍ تقول وهي تسحبه من ذراعه :
- خلاص بقى يا يوسف كفاية زهقتها .
لم يستكفِ يوسف ولكنه قرر إطاعتها ليبتعد عن الصغيرة وينظر للكبيرة بخبث دام للحظات قبل أن يهجم عليها ويدخلها بين ذراعيه ويبدأ في توزيع باقة القبل الخاصة بها والأخرى تبتسم وتبادله بسعادة .
أرضى شفتيها ووجنتيها وجبينها وعينيها ورقبتها وأذنيها وجميعهم باتوا منتشون سعادة .
ابتعد عنها يتنفس بقوة ثم طالعها بحبٍ وتحدث برتابة :
- يالا اجهزي ، عازمك النهاردة على العشا برا .
اتسعت عينيها بتفاجؤ ، لقد كانا في سهرة رومانسية منذ يومين فقط لذا تساءلت بتعجب :
- النهاردة كمان ؟ ، طيب ومليكة !
سؤالًا وجوابًا في آنٍ واحد ولكنه أجابها بكل سهولة :
- أكيد مليكة هتقعد مع ماما وحنان لما نرجع ، ماتقلقيش .
- مش قلقانة طبعًا ، بس إنت فاجئتني .
قالتها بنبرة سعيدة وعيون متلألأة ليبتسم لها مسترسلًا :
- أنا عايش علشان أفاجئك علطول بأي حاجة تخليني أشوف الفرحة في عيونك اللي جننوني دول ، يالا اجهزي وأنا هروح آخد شاور وارجعلك .
مالت تقبله قبل أن ينهض وتهديه قبلة امتنان وحب جعلته يغمض مستمتعًا ثم تنهد يردف وهو ينهض مصبرًا نفسه :
- لما ترجع يا يوسف بليل مش دلوقتي .
تحرك من أمامها نحو الحمام بينما ابتسمت له وقررت حمل الصغيرة والتوجه إلى مشيرة كي تتركها معها .
❈-❈-❈
النصائح المقدمة من الأم في الغالب لا نفعلها ولكنها تركض وتعود لترتطم في وجوهنا مع الوقت ونتمنى لو أننا لم نتجاهلها ولكن ، التجربة تكون دومًا خير دليل .
استقبلت بكاء صغيرها ببكاءٍ مماثل وهي تحمله وتدور به الفيلا ووالدتها تحاول تهدئته أو أخذه منها ولكنها لم تقبل .
كل ما تفعله أنها تحاول تهدئته وتتحرك به هنا وهناك منتظرة عودة عمر الذي هاتفته منذ قليل تخبره بما حدث وتبكي .
شعرها مشعث وملامحها شاحبة قليلًا واللون الباهت وجد طريقه أسفل عينيها دليل على الإرهاق والأرق بسبب هذا الصغير الذي لم يتجاوز الثلاثة أشهر بعد .
تخشى عليه بطريقة مبالغ بها ، تتعامل معه بالورقة والقلم والهاتف الذي جعلها تدون حتى مواعيد نومه واستيقاظه وإن غاب عنهما بضع دقائق تبدأ حالة التوتر وال يا ترى يا هل ترى .
حاولت آسيا الشرح لها وحاولت نارة تهدئتها وحاول عمر معها كثيرًا ولكنها لا تسمع سوى صوتًا واحدًا فقط وهو صوت أفكارها ، جديدة على الأمومة لذا تتوغلها الوسوسة التي لا يفضلها عمر ولكنه امتاز دومًا بالتعقل والرزانة لذا يحاول دومًا اقحام عقلها بالتروي وطريقة التعامل الصحيحة .
وبرغم التزامها قليلًا بما يقوله عمر إلا أنها حينما يبدأ الصغير في نوبة بكاء تنسى كل ما قاله وتبدأ في البكاء هي الأخرى .
دلف عمر من باب الفيلا يطالعها وهي تتحرك بالصغير فحن قلبه لها ، هيئتها وملامحها خير دليل على الإرهاق الذي تواجهه .
ألقى السلام فأجابته آسيا بقلة حيلة والتفتت مايا تطالعه باستنجاد وهو يتجه نحوها ويحمل عنها الصغير قائلًا :
- بااااااس خلاص اهدى ، ينفع اللي عملته في مامي ده !
كان عتابًا أبويًا استشعره الصغير الذي حاول أن يستكين بين جنبات والده ، كأنه يريد الصراخ بعدما استكفى دلالًا من هذه المدعوة بمامي ، لا يريدها أن تعامله كأنه طفلٌ آتٍ من كوكب آخر ، هو ابن عمر فلتعامله بالطريقة الاعتيادية ، لذا قرر ألا يجعلها تستريح مثلما تفعل به .
ماذا يعني أن تبدل له الحفاض كل ساعة ؟ هل هو كائن بحري ؟ ، ماذا يعني أن تضع له المرطبات والزيوت مع كل غيار ؟ هل تشققاته تشبه الصحراء القاحلة ؟
ما هذه الأم يا أبي ومن أين حصلت عليها؟ ، دع مسؤوليتي على عاتق تلك السيدة المدعوة بجدتي فهي تفهمني أكثر من مامي غريبة الأطوار هذه .
استكان الصغير وتوقف على البكاء في حضن والده الذي بات يدندن له الأناشيد التي يحفظها والآخر مبتسمًا يشعر بالراحة كأنه يسخر من هذه المامي التي تبكي مثله ، هل هي توازيه عمرًا لتفعل كما يفعل ؟ ، آهٍ لو يعلم من أين حصل والده على هذه الأم .
نظرت لهما مايا بتعجب جعلها تتأمل ملامح عمر الهادئة وهو يدندن لصغيره والآخر ينام باسترخاء كأنه لم يفعل بها الأفاعيل ، باتت شبه متأكدة من أن هذا الماكر يستقصدها هي .
بعد دقائق نام الصغير واتجه عمر يناوله لجدته لتردف مايا معترضة :
- لا يا عمر ينام في سريره أفضل .
وضعه في حضن آسيا والتفت ينظر نحوها بعيون محذرة ويرفع سبابته مردفًا :
- هششششش ، ولا كلمة ، قدامي على فوق .
أطاعته باستسلام وسبقته للأعلى فنظر إلى آسيا واسترسل بنبرة هادئة :
- بعد اذنك يا أمي ، نيميه معاكِ وبعد كدة ماتسمعيش كلامها ، اعملي اللي شيفاه صح .
هزت كتفيها وهي تربت على الصغير بحنان وتحدثت موضحة :
- مش عايزاها تزعل ، خصوصًا أنها الفترة الأخيرة متغيرة والإرهاق واضح عليها ، اتكلم معاها يا عمر .
- ده أنا صوتي قرب يروح ومافيش فايدة ، لما أشوف أخرتها معاها .
قالها بنزق وهو يتحرك نحو الأعلى ثم اتجه نحو جناحهما ودلف يخطو باحثًا عنها بعينيه ليجدها تقف تتفحص صلاحية منتجات العناية بالصغير فزفر واتجه نحوها ينتشل منها العبوات ويلقيهم جانبًا فطالعته بترقب والتمعت عينيها تشتكي مردفة :
- شوفت يا عمر ؟ ، أنا مابقتش عارفة أعمل إيه ؟ ، بعمل كل حاجة ماتخليهوش يعيط وبردو بيعيط علطول ، تعالى ناخده للدكتور يمكن يكون فيه حاجة بتوجعه ؟
مد يده يتحسس وجهها ويحاول بأصابعه إزالة تجاعيد حزنها وأردف بحب :
- حبيبتي كل اللي بتعمليه ده غلط ، قلتلك قبل كدة مليون مرة اتعاملي مع مروان عادي خالص ، ياستي هو طالع لأبوه ومش عايز الدلع الماسخ بتاعكوا ده ، ماتأفوريش مع الولد يا مايا واسمعي كلام مامتك هي على دراية أكثر منك ، بصي وشك وملامحك بقوا إزاي ؟
تسلحت بالعبوس وشعرت بالحزن ولم تعلق سوى على جملته الأخيرة لتجيبه بنبرة يائسة :
- بقيت وحشة صح ؟
تفاجأ من جملتها ليردف بعدها بصدق :
- مين دي اللي وحشة ؟ ، برتقانتي أنا وحشة ؟ ، محدش يقدر يقول كدة أبدًا بس هي محتاجة تسترخي وتنتعش كدة علشان أنا نفسي أقشرها واكولها بقى .
نطقها مشاكسًا وهو يلكزها في جنبها بخفة جعلتها تنتفض وتبتسم برضا مسترسلة وهي تبتعد عن محيطه :
- بس يا عمر .
ضيق عينيه بخبث ثم اتجه يخطو نحوها ليلكزها وهو يعلم أن ضحكاتها ستعلو ولكنها ركضت تحذره بترجٍ صريح :
- لا يا عمر وحياتي أنا فعلًا حاسة إني مصدعة جدًا وهقع .
كانت صادقة لذا توقف على الفور يطالعها لثوانٍ ثم اتجه نحو الحمام يفتح الصنبور ليملأ حوض الاستحمام بالمياة الدافئة ثم انتشل عبوة صابون الاستحمام ونثر بعض الورود والروائح المنعشة .
عاد إليها ليجدها تجلس على السرير تنتظره فأردف وهو يخطو نحو خزانتها يلتقط منها ملابسًا مريحة :
- يالا يا مايا قومي علشان هتاخدي شاور .
لم يكن خيارًا بل قرارًا لبته على الفور ونهضت لتجده يسحبها بذراعه الحنون نحو الحمام فتحركت معه طواعية وتركت له نفسها يفعل معها ما يريده فهي حقًا متعبة لذا امتدت يده تجردها من ثيابها وانتهى ليعاود سحبها كطفلة صغيرة وهو يدخلها حوض الاستحمام لتسترخي داخله .
جلس على حافته وبدأ يدلك لها كتفيها وعظام ظهرها المتشنجين وهي تغمض عينيها مستمتعة بحركة يده التي أرخت كل عظمة بها .
❈-❈-❈
هدهد صغيرته التي لم تقبل بحملها وسماع بعض التهويدات بل استرخت حينما تمدد ينام بجوارها يقنع نفسه أنه لن يغفو ولكن فقط سيجاورها إلى أن تطمئن ، فهو لن يحزن جميلته أبدًا .
ولكنه دون إرادة منه غفا ، غفا وكأن تلك الصغيرة تمتلك في لمستها له مخدرًا ذا مفعولٍ قوي جعله ينام .
ليرى في منامه صورته التي نشرتها نارة عبر مواقع التواصل وحصدت على كم كبير من التفاعلات الضاحكة خاصةً وأن ساقيه ممددة خارج السرير والدمى تنتشر حوله هو وابنته وعلى وجهه تتعلق دمية القرد .
كان يقرأ التعليقات الواردة على المنشور والتي جميعها كانت تنم عن الذهول وعدم الاستيعاب :
( معقول هو ده صقر باشا ؟ ، يتعمل فيه كدة ؟ ، معقول ده صقر ؟ ، لا مش ممكن يكون ده هو نفسه صقر بيه ؟ وإيه القرد ده )
أجفل يبصر بعيون جاحظة جعلت النوم يجافيه لذا نظر عن يمينه فوجد صغيرته تنام بعمق ، بصعوبة وبحذر انتشل نفسه من قبضتها ولم يمر الأمر بسرعة بل أخذ عددًا من الدقائق حتى استطاع التحرر من قبضتها والخروج من سريرها بحذر .
تحرك يغادر الغرفة ذات الأنوار الهادئة ويتجه لغرفته بترقب ليجد نارة تتمدد على فراشها وعلى ما يبدو أنها نامت .
نظر لها بندم ثم نظر لهاتفها الموضوع على الكومود وراوده سؤالًا ، هل يمكن أن تكون قد نفذت تهديدها حقًا ؟
اتجه يتناول الهاتف ويعبث به ليتأكد ولكنه لم يجد شيئًا لذا شعر بندمٍ أكبر وترك الهاتف وتحرك للجهة الأخرى يتمدد جوارها ويسحب نفسه إليها ثم مد يده ليأخذها بين أحضانه ليجدها فجأة تتحرر من قبضته وتعطيه ظهرها بصمتٍ كان أشد فتكًا من الكلمات .
تصنم قليلًا على فعلتها ولكنه عاد يحتضنها ويتحدث بهمس خافت عند أذنها :
- أنا آسف .
اعتصرت عينيها ترفض المسامحة ولكن قلبها يؤنبها ، أتغار من ابنتها ؟ ، حتى لو أنه يبالغ في تصرفاته معها ولكنها تظل صغيرتها التي تتمنى لها كل مخزون الحب والسعادة الموجودان على الكوكب .
عاد يكرر أسفه ويقبلها بل نهض يعبُر من فوقها للجهة الأخرى ويصبح قبالتها فأبصرت تطالعه بعمق ليحدق بها دون كلام ثم قرر الاعتذار مرة أخرى ولكن بطريقة أخرى ، طريقة عبر بها عن حبه لها وتميزها وسطوتها على قلبه وإن كانت نيللي مدللته الأولى فهي سيدة القلب والعقل .
❈-❈-❈
شهرها التاسع هذا يعد من أصعب الشهور ، آلام الحمل جميعها في كفة وألم هذا الشهر في كفة أخرى .
ثقل بطنها المبالغ فيه والذي أثر على حركتها وقدميها جعلها في حالة دائمة من الوهن ولكنها تتحامل حتى تخرج صغارها سالمين .
بعد عودتها من عند الطبيب اتجهت تستريح في الغرفة التي تمكث فيها مع زوجها في منزل والدها .
كانت تتمدد على الفراش تنظر للأعلى وتفكر ، هل سيزول هذا الألم بعد الولادة أم أنه سيلازمها دومًا ، من شدته ظنت أنه لن يفارقها أبدًا ولكن نسرين أكدت لها أن كل آلامها ستزول بمجرد ولادتها لذا فهي تتأمل خيرًا .
دلف يتجه نحوها متلهفًا لرؤيتها فاعتدلت تطالعه بحب فجلس مجاورًا لها يتفحصها ثم انحنى يلتقط قبلة العودة الخاصة به ثم ابتعد يتساءل بحماس :
- يالا خديجة قوليلي الدكتورة قالتلك إيه ؟ ، هتولدي امتى ؟
نظرت في عينيه بعمق ثم ابتسمت وهي تدعو ألا يتذكر الآن تاريخ ميلاده لذا نطقت بهدوء :
- يوم السبت الجاي غير ده ، يعني كمان عشر أيام .
اندهشت ملامحه وأسرع يضمها فشكت أنه تذكر ولكنه استرسل بسعادة ولهفة بحروفه المكسرة :
- هو ده الكلام ، أخيرًا يا خديجة هتولدي وهنرجأ بيتنا .
تراه يتأمل كثيرًا فهو لا يعلم صعوبة المسؤولية المقبلان عليها ولكنها أومأت له تبادله العناق وقالت بحب ووهن :
- إن شاء الله يا حبيبي
❈-❈-❈
مطعم ساحر ، مطل على نهر النيل ، بأجواء تخطف الأنظار وتبعث في النفس الشعور بالاسترخاء والحب .
أخذها يوسف إلى المطعم الراقي ودلفا يدلهما النادل على الطاولة الخاصة بهما .
تحرك يوسف يسحب لها مقعدًا فشكرته وجلست عليه واتجه يجلس قبالتها ويطالعها بنظرة عشقٍ ملتهبة .
تساءل برتابة وهو يتأملها :
- تحبي تاكلي إيه ؟
ابتسمت وتناولت القائمة تنظر فيها نظرة سريعة ثم عادت إليه مردفة :
- انت عارف أنا بحب إيه .
ابتسم لها وناول القائمة للنادل وهو يخبره بطلباتهما ليغادر الآخر ويتركهما يتبادلان أطراف الحديث إلى أن يأتي الطعام .
لم يكن في الحسبان أن تلتفت وترى آخر شخصٍ ودت رؤيته .
تلك المرأة التي انتقمت لها بطريقة لم تكن تتمناها أبدًا .
طليقة شقيقها ياسين التي تزوجته لشهرين فقط كانا كفيلين ليدمرا العائلة بعدما باع والديه واشتراها .
تزوجها حبًا بها وتزوجته حبًا بثروته ، ادعت الحب المتبادل ولكن ظهرت نواياها بعد الزواج بعدما تبين حقيقة إفلاس عائلتها لتصبح صيادة ثروة ياسين العدلى .
تلاعبت على أوتار تعلقه وحبه بها فباتت جميع طلباتها مجابة إلى أن طلبت منه سيارة والتي بسببها اعتدى على والدته بالضرب واشتراها لها .
إلى أن جاءت الليلة المشؤومة وهي تقود وهو يجاورها ، اندفاعها وتهورها جعلاها تقود بشكلٍ جنوني أدى إلى حادثة خرجت منها بحالة جيدة وخرج منها مبتور القدم .
بعد شهرٍ من العلاج والحزن والعجز والذل قررت الانفصال عنه وتركه يعاني ويلات أفعاله بحجة أنها ستُظلم معه .
أصبح قعيدًا يعيش مع من تسببت بدمار عائلتها ، تراعيه سيدة أخرى تأخذ أجرتها من المرتب الشهري العائد لزوجها والذي بالكاد يكفي متطلباتهم .
وها هي تتصيد ثروة أخرى لرجلٍ آخر في هذا المطعم الذي جاءت إليه أميرة لتستعيد ذكرياتها أمامها كفيلم سينمائي .
انتبهت على لمسة من يد يوسف بعدما رآى ما تنظر نحوه ليحدثها بترقب متسائلًا :
- تحبي نقوم نمشي ؟
دققت النظر فيه وابتسمت تهز كتفيها وتجاهلت تمامًا تلك الملامح الخبيثة لتجيبه بثقة وثبات :
- لا طبعًا ، المكان تحفة حتى لو فيه رياح خبيثة مرت ، ماتقلقش يا حبيبي أنا بستقوى بيك .
أرضت كبرياءه فابتسم ورفع كفيها يلثمهما بحب ثم جلسا ينظران نحو النيل وهدوؤه ويفكران ، كما تدين تدان والأيام تتوالى .
❈-❈-❈
كان حمامًا منعشًا جعلها في حالة منافية تمامًا لما كانت عليه .
تتمدد على يمينها ويجلس خلفها يمشط خصلاتها التي جففها منذ قليل ، عينيها تعاند النوم قلقًا على الصغير حيث تحدثت بمَ يدور في ذهنها :
- عمر مروان عايز يغير دلوقتي .
لم تشعر سوى بقضمة استهدفت كتفها جعلتها تتأوه ليقول بعدها بنزق :
- أحسن ، ولو مانمتيش حالًا يا مايا هتضربي ، يالا نامي .
أومأت له بطواعية وأسرعت تلبي طلبه كأن النوم اتفق معه عليها ليسحبها سريعًا في سبات عميق بينما هو ظل يمشط خصلاتها بهدوء وحنان ويده تسبح بينهم شاعرًا بالمسؤولية الكبيرة نحوها ، مازالت صغيرة تمتلك عقلًا طفوليًا لم يهتدِ بعد ، ربما أصغر من رضيعه برغم جسدها الأنثوي هذا لذا فهو المسؤول عنهما وكم هو مرحب بهذه المسؤولية .
❈-❈-❈
مرت الأيام
وجاء موعد ولادة خديجة
يقف يجمع أغراضها وأغراض أطفاله في الحقيبة والتوتر حليفه منذ أن استيقظ ، خاصة وأنها تبكي نسبةً للثقل الذي يراودها .
ملامحها وهيئتها خير دليل على كم المعاناة التي تعانيها وتتحامل إلى أن تلد سالمة ومع ذلك يتوغلها خوفًا وقلقًا من تلك اللحظة كأي أنثى .
يلتفت يطالعها عارضًا لها إحدى قطع الملابس الخاصة بالبنات دليل على إعجابه بها وليتنشل منها التوتر فتبادله مبتسمة ومندهشة وهي تراه منذ أن علم هويتهم وهو لا يهتم سوى بشراء الملابس الخاصة بالبنات بينما اشترت نسرين ملابس مؤمن .
بعد حوالي ساعة توجهوا جميعهم بالسيارة نحو المشفى وترجل يساعدها في النزول ويتحرك معها نحو الداخل حتى وصل إلى الغرفة التي تم حجزها مسبقًا لتبدأ الممرضات في تجهيزها متمنيات لها السلامة وكلٍ منهن توزع ابتسامة لطيفة وتخبرها بسهولة الولادة بعدما لاحظن خوفها .
غادرن الغرفة وظلت هي وخالد فقط لتطلب منه أن يقترب وبالفعل جلس أمامها على الفراش يطالعها بترقب فهطلت دموعها التي كانت تحاول إخفائها ولم تحتمل لذا رفعت كفها تحتضن صدغه قائلة بتأثر وتوتر وخوف :
- أنا بحبك أوي يا خالد ، إنت عارف إنك كل حاجة ليا ، أنا حبيتك بعيوبك وحبيتك أكتر بمميزاتك وحبيتك أكتر وأكتر لما التزمت وقربت من ربنا .
يحدق بها بهيام وترقب مما ستقوله ولا يشعر بالراحة فتنهدت تتابع :
- لو حصلي حاجة في أوضة العملياتــــــــــــــــ .
- هشششششش ، إنتِ هلفانة توزئي باقة طاقة سلبية عليا قبل ماتدخلي ؟ ، في إيه يا خديجة ؟ ، إنتِ هتدخلي ألشان يطلّعوا ولادنا منك ومش آيز أي أفكار تانية ، يالا قولي ورايا .
ترقبت ملامحه وهو يرفع رأسه عاليًا ويغمض عينيه ويقابل كفيه أمام صدره مردفًا بتأمل ساخر متعمد :
- فلتذهبِي أيتها الهرمونات الشريرة ولتهل مهلكِ البركة ولتعود الشهية شهية فأنا جبت أخري .
استطاع رسم الضحكة على وجهها وتبدلت حالتها لتسأله بعبثية يحبها :
- جبت اخرك مني يا خالد كدة بردو ؟
أبصرها يبتسم ويقترب من وجهها حتى لفحت أنفاسه ملامحها وهو يتابع بخبث :
- أيوة خديجة جبت أخري منك ومن أولادك ومن هملك وهرموناتك ، أخدتيني وردة مفتهة شوفي دلوقتي بقيت آمل إزاي .
تفحصته كليًا بنظرة عاشقة ثم استقرت عند عينيه تجيبه بدفاع عاشقة بعدما أنساها توترها :
- زي القمر ، بالعكس بقى وشك نور عن الأول وملامحك اكتسبت وسامة .
ابتسم بتباهٍ ورضا وأردف وهو يهندم ياقته :
- آرف كل ده يا هبيبتي كنت بتأكد بس ، إنتِ آرفة إنك مرايتي .
قرص وجنتها بخفة وتابع بصدق :
- ومن دلوقتي مش آيز توتر وخوف ألشان إهنا مؤمنين وأندنا ثقة كبيرة في ربنا ، وألى فكرة إمباره قبل الفجر شوفت رؤية حلوة أوي هقولهالك لما تخرجي بالسلامة .
ابتسمت حتى سطعت أسنانها وأومأت تجيبه بثقة مماثلة يغطيها توترها :
- ونعم بالله العلي العظيم ، معاك حق يا حبيبي .
طرق الباب ودلفت نسرين تنظر لها بحنانٍ وخوف قائلة بترقب :
- خديجة يالا يا حبيبتي هتدخلي دلوقتي .
تبعتها دخول الممرضة لتصطحب خديجة نحو غرفة العمليات ويجاورها خالد ونسرين حتى دلفت واختفت عن أنظارهما فوقفت نسرين على باب الغرفة تدعو لابنتها واتجه خالد على الفور يصلي ركعتين في المسجد الملحق بالمشفى .
❈-❈-❈
عاد يوسف وأميرة من سهرة أخرى لهما يضحكان أثناء دخولهما الفيلا ، ملامحهما تضخ سعادة حتى أن حسن ومشيرة ابتسما لأجلهما .
دلفا يلقيان السلام واتجهت أميرة تجلس بالقرب من مشيرة متسائلة :
- مليكة نايمة يا ماما مشيرة ؟
أومأت مشيرة تجيب ببشاشة :
- أيوة يا حبيبتي شربت الببرون وغيرلتها ونامت .
- شكرًا يا ماما بجد مش عارفة من غيرك كنت هعمل إيه .
أومأت لها مشيرة بابتسامة ودودة وربتت على ساقيها بتودد بينما تساءل يوسف الذي جلس بجوار والده بعدما بحث بعينيه :
- أومال حنونة فين ؟
- أكيد نايمة في حضن مليكة ده سؤال .
نطقها حسن بقلة حيلة من ابنته المتعلقة كثيرًا بابنة شقيقها فابتسمت أميرة بود مردفة :
- مهي بردو يا بابا مليكة اللي مش عايزة تبعد عنها ومتعلقة بيها جدًا .
تحدثت مشيرة باندماج :
- صح يا أميرة ، بنتك ساعة ماتلمحها بس تبقى هتتجنن وتروح لها ، أنا مش عارفة لما حنان تتجوز هنعمل معاها إيه .
ضحكت أميرة وأردفت مقترحة بنبرة مرحة :
- عمار قال لسة عن الجواز ٦ شهور أهو نلحق نتصرف فيهم ، ممكن مثلًا نطبع ماسك بصورة حنان وأبقى ألبسه .
ضحكوا عليها وأردف حسن بحنان أبوي توغل إليها واستطاع ملئ احتياجها :
- هتعرفك بردو من ريحتك وحنيتك ، البت حنان مرووشة زيها وهي عاجبها طريقتها لكن إنتِ هادية وناعمة شبه البسكوتة ومش هتسلكي مع الجيل الجديد ده .
تدخل يوسف مستشعرًا الغيرة لمدح والده لزوجته يردف بحماقية :
- براحة شوية يا حاج حسن ، إحنا بنغير بردو .
- دي بنتي يا ولا .
قالها حسن بهجوم مرح ليتابع يوسف بدفاع :
- ومراتي وحبيبتي ومش عايز حد غيري يدلعها .
حدق بها وغمز لها يتابع بنبرة مغلفة بالغموض ولكنها واضحة :
- أحم تعالي ورايا يا ميرو عايزك في كلمة فوق .
ابتسمت عليه مشيرة ولكزت أميرة بخفة وهي تنحني وتهمس لها :
- قومي يا ميرو الواد غار من ابوه وعايز يدلعك هو .
تورد وجهها خجلًا وهي تبتسم ونهضت تطيعهما وتحركا معًا نحو غرفتهما ليسرقا وقتًا ممتعًا قبل استيقاظ الصغيرة .
وقتًا بدأ بقبلة شغوفة ما إن وصلا لغرفتهما ليمر بشواطئ من المتعة والاحتواء والعاطفة والحنان وليرسو على شط الحب الأبدي .
❈-❈-❈
بعد حوالي ساعة .
يجلس بجانبها ينتظر إفاقتها من المخدر الكلي بينما هي كانت غير واعية تهلوس بكلماتٍ عدة أغلبها كلمتين فقط تردفهما بنبرة ناعمة ود لو ينهال على شفتيها بالقبل وقتها ولكنه يتمالك نفسه بقوة كلما نطقت :
- بطني يا خالد ، آااااه .
نطقها باسمه وهي تحت تأثير المخدر وليس سواه يؤكد له عشقها الظاهر بوضوح ، حتى أنه لم يستطع الاندماج مع توأمه الثلاث إلا بعدما تستيقظ .
نعم سعد برؤيتهم وسجد باكيًا شاكرًا لعطاء الله له ، عانقهم وقبلهم ثم ناولهم لبهجت ليتولى هو أمر الأذان لهم هو ومازن ونسرين ، كان ينتظر قطرة من ربه ليأتيه الغيث محملًا بالبركة والخير والسعادة ، ثلاثة أطفال ، ذكر وفتاتين وامرأة عاشقة ليكن أكثر البشر حظًا ، لو سجد المتبقي من عمره يشكر ربه لما وفى حقه ، قلبه يرفرف كطيرٍ حر سعيد وستكتمل سعادته برؤيتها تفتح عينيها لترى صغارها .
كان يبلل كفه بالمياه ويمسح على وجهها ومقدمة رأسها ورقبتها ويهمس باسمها عند أذنيها حتى بدأت تعي وبدأ المخدر يغادر جسدها والألم يحل محله .
سقطت عبرة من عينها التقطها بكفه يجففها ثم عاد ينحني ويناديها بحنانٍ وترقب :
- خديجة ؟ ، سمئاني ؟
- أولادي ، هما فين ، آاااااه بطني يا خالد .
تمسك بكفها يلثمه ثم اعتدل يجيبها بحبٍ وملامح رسم عليها الألم كأنه يشاركها إياه :
- مألش يا هبيبتي الألم ده طبيئي ألشان الولادة ، هييجوا يدوكي مسكن دلوقتي هالًا .
- أولادي !
نطقتها وهي تومئ له وتتألم ليردف بحب وهو مستمر في التقاط دموعها :
- أولادنا بخير يا شهية ونايمين جنبنا أهم ، تحبي تشوفيهم ؟
هزت رأسها بالموافقة فنهض واتجه يسحب أسرتهم ليريها إياهم فالتفتت تنظر لهم بعاطفة جياشة ، رؤيتهم كمسكن خفف آلامها وهي تراهم نائمين بوداعة وملامحهم ناعمة تبعث في النفس السكينة والطمأنينة .
سألها وهو ينحني عليها :
- إيه رأيك ، شبهي ولا شبهك إنتِ ؟
- أنا عايزاهم شبهك في كل حاجة .
أجابته وهي تبتسم ودموعها تسقط ليأتي الألم العزول ويتوغلها فعادت ملامحها تنكمش وتئن فأعاد الصغار مكانهم بهدوء ثم عاد وجلس جوارها يردف بحب وهو يملس خصلاتها :
- مألش يا هبيبتي الدكتورة طمنتني وقالت إن الألم مش هيطول ، وبئدين قلتلك تولدي ولادة بدون ألم إنتِ صممتي لاء ، خايفة ألى فلوسي ولا إيه ؟
ابتسمت من بين آلامها وأجابته بأنين اختلط بالمرح من قربه :
- لاء يا قلبي فلوسك كدة كدة هتروح ، أنا كنت بقول طبيعي نتألم علشان نعرف قيمة الراحة وكإني ماستكفتش بالتسع شهور .
مالت شفتيها بابتسامة ساخرة على نفسها ثم تابعت حينما تذكرت :
- عامةً هي الولادة بدون ألم ليها أثارها بردو .
أومأ متفهمًا مبتسمً لها وهو مستمر في المسح على رأسها فدارت بعينيها بحثًا عن أهلها فلم تجدهم لذا تساءلت :
- أومال ماما وبابا فين يا خالد ؟
- برا يا هبيبتي ، قلتلهم يستريهوا ويشربوا شاي لانهم كانوا قلقانين ألشانك .
- وانت مأكلتش صح ؟
سألته باهتمام ليجيبها بحب :
- هناكل سوا بس لما تاخدي المسكن ، هروه أنادي على الممرضة اللي اتأخرت دي .
تمسكت بكفه قبل أن ينهض وأردفت بترقب:
- استنى ، خليك معايا زمانها جاية دلوقتي ، قولي هنسميهم إيه ؟
عاد يجلس ويلتقط كفها يلثمه ثم أردف بنبرة حملت أطنانًا من السعادة التقفتها بملامح مطمئنة تنكمش وتنفرد نسبةً للألم الناهش في بطنها :
- زي ما اتفقنا من يومين ، مؤمن وتاليا ودانية .
- تمام بعد ما هاخد المسكن هنروح علطول .
نطقتها بنبرة غامضة ليجيبها بتعجب :
- هتروهي إزاي وإنتِ في الهالة دي ، مش مشكلة لو نمنا هنا النهاردة .
هزت رأسها معترضة تردف بترجٍ :
- لا يا خالد علشان خاطري خلينا نروح أول ما الألم يسكن .
زفر مستسلمٕا بتعجب من تصميمها ولكنه أجابها :
- تمام .
اتجه ينادي الممرضة وتتبعته بنظراتها إلى أن غادر وشردت تفكر هل انتهى مازن من تحضير ما طلبته منه أم لا ! .
❈-❈-❈
بعد حوالي ساعتين .
يحملها بين يديه ويدلف بها فيلا بهجت والصغار خلفهم مع بهجت ونسرين ومازن الذي انضم إليهم منذ قليل .
أخذت منه غمزة دليلًا على إتمام المفاجأة التي تجهزها له .
دلف الفيلا ليجدها مظلمة فكاد أن يتحرك نحو الإضاءة فأوقفته قائلة بخفوت ووهن وهي تتعلق برقبته :
- خالد قعدني لو سمحت مش قادرة .
اتجه ليجلسها على الأريكة وهناك شعاع إضاءة خافت يأتي عبر النافذة من النور الموجود الحديقة جعله يرى ملامح المكان .
أجلسها ونهض فتمسكت بكفه لينير مازن المكان وتتسع عينا خالد مما يراه ، زينة عيد ميلاد وبالونات في كل مكان .
وضع مازن الصغيرة تاليا في حضن نسرين التي جلست تحتضن الطفلتين واتجه نحو المطبخ يحضر كعكة عيد الميلاد بينما جلس بهجت يحمل مؤمن ويبتسم بترقب لرد فعل خالد المتصنم مكانه ينظر حوله حتى ظن أنه احتفالًا مخصصًا لاستقبال أطفاله ولكن قبضة خديجة ونبرتها التي همست بها أمامهم مردفة :
- كل سنة وإنتِ طيب يا حبيبي .
التفت يطالعها فاستكملت :
- النهاردة عيد ميلادك ، وقلت أغلى هدية ممكن أهديك بيها هي أولادنا ، كل سنة وإنت منور حياتنا يا خالد .
تجمد خالد ينظر لها وقد تذكر للتو ذكرى ميلاده ، دهشة اقتحمت جسده ونظر لنسرين التي ابتسمت له قائلة بحب أمومي :
- كل سنة وانت طيب وبخير يا حبيبي ، خديجة اتفقت مع الدكتورة على معاد الولادة علشان تكون ذكرى مميزة كل سنة .
تحدث بهجت بنبرة عطوفة أبوية :
- كل عام وانت بخير يا ابني وربنا يباركلك في أولادك وخديجة ويملى حياتكم خير وبركة .
ارتد يجلس بجوار خديجة ينظر لهم نظرة امتنان شملت كل ما يشعر به ، احتواءهم له لا يقدر بثمن .
التفت ينظر إلى خديجة ويحدق بها بهيام عاشق متيم ، الهدية التي أتت بها لا يمكن أن يكون هناك أغلى منها .
جاء مازن يدفع طاولة التقديم التي وضع عليها الكعكة ويردف بنبرة أخوية رتيبة :
- كل سنة وانت طيب يا خالد .
عاد ينظر للجميع ثم استقر عليها مجددًا لا يعلم كيف يشكرها لينهض فجأة يجلس أمامها ويقابلها بنظرات شغوفة دامت لثوانٍ جعلتها تشعر بالقلق وكأنها استشعرت ما سيفعله لتحذره بعينيها ولكنه انحنى متجاهلًا تحذيرها وهو يقبلها معبرًا بقبلته عن كم السعادة التي راودته الآن تحت أنظار الجميع ليلف مازن وجهه بحرج وكذلك نسرين بينما بهجت أطرق رأسه يردف بنزق معترضًا على بعض أفعاله التي تعتبر جزء لا يتجزأ منه :
- أخص ، مافيش فايدة فيك .
انتهت الخاتمة 2
لمتابعة الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا