رواية لتطيب نفسي (روحى تعانى الجزء 4) الفصل السادس عشر 16بقلم إيه شاكر (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
رواية لتطيب نفسي (روحى تعانى الجزء 4) الفصل السادس عشر 16بقلم إيه شاكر (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
(١٦)
#لتطيب_نفسي (#روحي_تعاني٤)
بقلم آيه شاكر
-يا ماما الحقيني كان عايز يبوسني... يا مـــــــــامــــــــــا... يا بابا...
جحظت عيني حاتم وخاصة عند دخول والدها وخالتها وسماعهما لبكائها المرتفع مع تكرارها لتلك الجملة....
-هي مالها بتعيط كده ليه؟ ومين دا اللي كان عاوز يبوسها؟
قالها والد إيمان، فقالت والدتها:
-دي بتخترف... هي هتفضل كده كتير يا دكتور حاتم ولا إيه؟
قال حاتم باضطراب:
-شويه بس وهتفوق متقلقوش.
صاحت إيمان:
-يا بــــابـــــا... كان عاوز يبوسني.
وبخطواتٍ مضطربة، اتجه حاتم صوب والد إيمان أخذ يبرر:
-على فكره هي لسه مش في وعيها يا عمي... متاخدش على كلامها.
أومأ والد إيمان وانحنى جوار ابنته التي تهذي بتلك الجملة وتكررها، وقال:
-هو مين ده يا إيمان؟ مين يا حبيبتي؟
تأوهت إيمان وهي تنطق بتلك الجملة مرة أخرى بحشرجة، ووالدها يكرر سؤاله وحاتم يُصرخ السمع حتى نطقت وهي تبكي:
-حاتم... كان عاوز يبوسني يا بابا.
-أنا!!!
قالها حاتم بصدمة وهو يشير لنفسه بينما ينظر لوالدها الذي طالعه بريب، فقال حاتم بنبرة مرتعشة:
-والله العظيم أبدًا يا عمي محصلش...
-أنا عارف يابني إنك محترم وابن ناس بس هي أكيد مش هتكذب وهي في البنج.
-والله يا عمي ما حصل حاجه؟ هو أنا لحقت! دا أنا لسه مسلمتش عليها أصلًا.
ضحكت خالة إيمان وقالت:
-والله هم يبكي وهم يضحك!
أطلق الجميع العنان لضحكة خافتة مغلفة بالقلق على تلك التي تسكن الفراش وتتأوه، وقاطعها قول إيمان:
-عايزه نجمه....
أراد حاتم أن يفر من المكان فقال بتلعثم:
-حـ... حاضر... أنا هروح أكلم كريم يجيبها...
تحرك صوب الباب وقبل أن يفتحه، نادت إيمان اسمه بصوت مرتفع وهي تبكي، فعاد حاتم إليها وقال بحنو:
-نعم... أنا هنا أهوه... إنتِ بتعيطي ليه؟
ازدردت لعابها ثم قالت:
-إنت حاتم؟!
-أيوه أنا حاتم...
قالت:
-احلف؟
-والله العظيم أنا حاتم... عايزه إيه بس؟
من ناحية أخرى همس والدها لوالدتها وهو يضحك:
-هي مش شايفه ولا ايه؟!
ردت والدتها بنفس الهمس:
-هو إنت بتضحك على إيه!
أطبق يده على فمه ليواري ضحكاته، وانتبها أثر صوت ابنتهما المرتفع:
-حـــــــــــاتـــــم.
قال حاتم بارتباك:
-ايوه يا إيمان أنا جنبك أهوه... بالله عليكِ بلاش فضـ ـايح أكتر من كده.
قالت بحشرجة:
-أنا بحبك يا حاتم.
صدمة أخرى جعلت وجه حاتم يحتقن بالدماء حرجًا فقد قالتها على مسمع من والديها وخالتها، ربت والدها على ظهر حاتم وهو يقول بابتسامة ماكرة:
-يلا ابسط يا عم.
انتشل حاتم من بؤرة الحرج تلك، رنين هاتفه فأجاب في سرعة واستأذن وخرج من الغرفة وهو في قمة الارتباك، بينما كانت إيمان تهذي باسمه بصوت خافت...
بدل والدها النظر بين والدتها وخالتها وهو يقول مبتسمًا بسخرية:
-شوفتوا بنت الـ.... إلا ما قالتلي بحبك يا بابا... يعني قاعده في بيتي واكله نايمه شاربه ببلاش وفي الأخر بحبك يا حاتم.
صمت وتنهد بعمق فقالت والدتها:
-ولما إنتِ بتحبه رفضتيه ليه من البداية يا إيمان؟
قالت خالتها بضحك:
-طالعه عنيده لأمها.
نادت إيمان إسم حاتم مجددًا، فانحنت خالتها جوارها وقالت:
-كفايه بقا يا ايمان... أحرجتي الراجل يا شيخه.
من ناحية أخرى أنهى «حاتم» المكالمة وهو مرتبك بعدما حكى لحازم ما حدث، وطلب رقم عمته لتخبر نجمه بما حدث...
وبعدما انتهى توقف لبرهة وقال لنفسه:
-حازم جاي! ونجمه جايه؟ إيه العك اللي أنا عملته ده.
حاوط رأسه بكلتا يديه لفترة ثم نفخ في ضيق مما فعله، ونظر صوب غرفة إيمان يتذكر ما قالته أيضًا، لكنه لم يدخل مرة أخرى وظل مكانه حتى خرج والد إيمان وأخذه من يده لداخل الغرفة وهو يقول:
-تعالي يا غالي متتحرجش... تعالى.
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ♥️
*******
وبعد فترة
وبمدخل المستشفى، تقاطعت طرقهم، كانت نجمه تسير جوار كريم وهو يقبض على يدها، وبينما أسماء تتبع خطوات زوجها تلاقت نظرات أسماء ونجمه وما كان من أسماء إلا أن اندفعت نحو نجمة وعانقتها بحرارة وحبور زائفين...
لم تبدِ نجمة أي رد فعل، ووقف كريم وحازم يتبادلان النظرات الصامتة القانتة، حتى نطق حازم السلام في رتابة مغلفة بإحباط ظهر بنبرته، فرد كريم بجمود وجذب يد نجمة ومضى معها تاركين أسماء تغمغم لزوجها:
-قلة ذوق مفيش بعد كده، دا أنا مخوفتش على نفسي من الكرونا وحضنتها.
-ليه يا أسماء؟! بتحبيها أوي؟ وحشاكِ!!!
قالها حازم متهكمًا، فقالت أسماء:
-طريقتك معايا بقت لا تُطاق يا حازم... شايف جوزها ماسك ايديها ازاي! إنت ليه مش بتعمل معايا كده؟!
طالع حازم كريم ونجمه في صمت ثم رمق زوجته بنظرة جامدة باردة قبل أن يتحرك ويتركها دون كلمة، فتشنج فمها ولحقت به وما أن تساوت خطواتهما قالت بريب:
-إنت لسه بتحبها صح؟
-ارحميني يا أسماء... ارحميني.
قالها وهو يصر على أسنانه، فقالت بانفعال مكبوح:
-جاوب على سؤالي، بتحبها؟!
كاد أن يرد عليها ولكن ظهور حاتم أمامه دفعه أن يتحرك نحوه رافعًا يده إشارة له وهو ينادي باسمه، وما أن وقف قبالته، سأله:
-إيه اللي حصل يا حاتم؟
رمق حاتم أسماء التي أقبلت ووقفت جوار زوجها وقال:
-إيمان تعبت شويه و... وعملت عمليه الزايده.
تدخلت أسماء بضحكة ساخرة حاولت إظهارها كمزاح كان ثقيل:
-من أول يوم عملية يا حاتم! دا إنت شكلك هتشوف معاها أيام بيضه.
لم يرد حاتم، فقال حازم:
-وهي عامله ايه دلوقتي؟!
-خرجت من العمليات والحمد لله بخير دخلت غرفة عاديه من شويه... يلا أنا رايحلها تعالوا.
قالها حاتم وأطلق خطاه، فانحنى حازم يخاطب زوجته هامسًا:
-متخلنيش أندم إني جيبتك معايا، وبطلي كلام غـ ـبي وتصرفات عبيـ ـطه.
قالها وتبع أخاه وغمغمت أسماء في إستياء:
-عبيـ ـطه! ماشي يا سي حازم.
ثم تبعت حازم بخطوات ثابتة وكأنها لم تفعل شيئًا ولم تقترف أي خطأ يستحق الإستحياء، أو يجعلها تنفر من نفسها أو يُنفر أحدًا منها...
لم تأتِ مع زوجها إلا لتطلع وتشاهد ما يجري، تمنت لو ترى نجمه وتمنت حضورها وقد كان، وقررت أن تتفرس ملامحها أو ربما تواجهها بما يشغلها من صور ورسائل، ستعرضها عليها وترى رد فعلها.
من ناحية أخرى
كان حاتم يصر على أسنانه غيظًا من حضور أسماء، ولم يرى من حازم أنه صدق ما قاله كريم عنها وإلا لمَ ترافقه الآن!
وقفوا جميعًا أمام الغرفة التي نُقلت إليها إيمان قبل قليل بعدما دخل حاتم...
كانت أسماء تبدل النظرات بين حازم ونجمه، بينما كان حازم يزحف ببصره بين لحظة وأخرى لينظر لملابس نجمه المحتشمة ثم ينظر لزوجته وملابسها التي تحدد وتبرز مفاتن جسدها، وتسائل كيف سمح لها أن تخرج هكذا؟
وحين لاحظ كريم اختلاسه النظر لنجمة حثها على تغير مكانها ووقف قبالتها متكأ بإحدى ذراعيه على الحائط وكأنه يخفيها عن أنظار حازم، حتى أن حازم لاحظ فعلته فولاه ظهره، ونجمة وكذلك أسماء التي قالت له:
-بطل تبص عليها من تحت لتحت أصل جوزها خد باله... واضح أوي إنه بيحبها وإنها بتحبه... مش زينا؟!
أثارت كلماتها غضبه الكامن، فهدر بها:
-أنا إزاي مأخدتش بالي من القرف اللي إنتِ لبساه ده؟
-قرف!! أنا لابسه قرف؟!
-اللبس ضيق أوي يا مدام.
-هو فين اللي ضيق؟ وبعدين ما أنا طول عمري بلبس كده ولا إنت عاجبك لبس الست نجمه وعاوزني أقلدهالك؟ لا سوري يا حازم أنا مبقلدش حد.
صمت حازم هنيهة ثم قال بهدوء:
-عارفه يا أسماء إنتِ مش وحشه، لأ، إنتِ أسوأ مما تخيل عقلي... وأنا مبقتش قادر أستحمل.
قال أخر جملة وهو يوقع كلماتها، فقالت أسماء:
-تصدق ولا أنا بقيت قادره أستحمل...
رشقها بنظرة ثاقبة واتجه صوب أخيه الذي خرج من الغرفة للتو، وأخبر نجمه أن تدخل لإيمان أولًا فهرولت أسماء نحوهم وهي تقول لنجمه:
-استني يا نجمه هدخل معاكِ أتطمن عليها.
وقفت نجمه مكانها للحظة تنظر لكريم الذي أومأ لها بعينه أن تدخل، فتنفست الصعداء ودخلت وخلفها أسماء.
بدل حاتم النظر بين كريم وحازم واستأذن ودخل للغرفة خشية أن تنطق أسماء بكلمات تزعج إيمان وهي بحالتها تلك.
وقف حازم ينظر لكريم الذي يوليه ظهره ويعبث بهاتفه، تنفس حازم بعمق واتجه صوبه، وقف خلفه لبرهة، وانتبه له كريم حين قال:
-إنت أخويا يا كريم، ابن عمي يعني أخويا، والمفروض الأخ يلتمس العذر لأخوه، لكن إنت عملت شبه اللي خبط شخص بالغلط ولما صرخ من الوجع روحت ضـ ـاربه.
كان حازم يفرك أنامله باضطراب صمت هنيهة وهو يطالع يديه، وكان كريم يُطالعه بعمق، حتى رفع حازم بصره وظلا يحدقان ببعضهما لبرهة،ثم ابتسم كريم وتعانقا، وأكمل حازم:
-ورغم كل حاجه يا كريم أنا آسف ليك... متزعلش مني إنت أخويا يا عم.
نطق كريم بأحرف ثقيله:
-أنا اللي آسف ليك يا حازم.
فك حازم عناقه لكريم وسأله:
-من امته يا كريم؟ انتوا عارفين من امته عن مراتي وساكتين؟
-من أيام ما قولنا إن شروق بريئه... ونجمه قررت تسكت عشان خاطر ابنك و... وعشان خاطرك.
-نجمه أخلاقها عاليه وحقيقي ربنا يباركلك فيها ويحفظكم.
طفرت دمعة من عين حازم واراها بأن مسح وجهه وهو يتنفس بعمق ثم قال بقلة حيلة:
-طيب ليه أسماء عملت كده؟ وأنا المفروض أعمل ايه دلوقتي؟ أروح أطلقها؟
-الأول تهدى... ومتاخدش اي قرار دلوقتي، فكر كويس يا حازم لازم تفكر كويس جدًا.
أطرق حازم وصمت فربت كريم على كتفه وقال:
-أنا آسف إني قولتلك... لكن يا عم نجمه شدت وداني جامد أوي من يوم ما قولتلك وهي قاعده عند أهلها وزعلانه مني.
تنهد حازم وابتسم بحزن وهو يقول:
-نجمه أختي اللي متربيه في بيتنا يا كريم... زيها زي شروق اوعى تزعلها، فاهم؟
-أكيد مش هزعلها.
قالها كريم، فعانقه حازم والدموع تسيل على وجنتيه فقال كريم:
-معلش يا حازم... اصبر...
وعلى نحوٍ أخر
كانت إيمان تبكي وتتألم من جرحها، ونجمة تُطالعها بشفقة، بينما لم تشعر أسماء بأي شفقه بل كانت ترفع رأسها لأعلى وتراقب ما يحدث وهي عاقدة ذراعيها أمام صدرها في جمود.
قالت إيمان:
-عايزه مُسكن مش قادره.
أمسكت نجمه يد إيمان وقالت:
-الممرضه بتجيبه... اهدي وخدي نفس عميق.
نظرت إيمان نحو حاتم وقالت بحشرجة:
-خليها تيجي بسرعه بالله عليك أنا مش قادره.
-حاضر... حاضر...
قالها حاتم وكاد أن يغادر لولا قول أسماء الساخرة:
-انشفي كده يا بت يا إيمان دا لسه فيه حمل وولاده وبلاوي زرقه.
ضحكت ثم أضافت:
-هو حاتم وشه وحش عليكِ ولا ايه؟!
هدرت إيمان وهي تكبح ألمها:
-خليها تمشي... خليها تطلع بره مش طايقه أشوفها ولا أسمع صوتها.
-بس يا ايمان عيب كده.
قالتها والدتها، فقالت إيمان بإصرار:
-خليها تمشي... مش طيقاها.
قالت خالة إيمان:
-معلش يا أسماء دي لسه تحت تأثير البنج وبتخترف...
-مش بخترف لأ... هي السبب في كل حاجه وحشه خليها تمشي.
قالتها إيمان والدموع تطفر من عينيها، فقالت أسماء بضحكات مستفزة لتخفيف احراجها:
-الله! مش همشي أنا واقفه في ملك الحكومة يا ستي.
نظرت إيمان لنجمه وقالت:
-خليها تمشي.
اومأت نجمه واتجهت ناحية أسماء وقالت:
-تعالي بره يا أسماء عايزاكِ في موضوع.
-أنا كمان عايزاكِ.
خرجتا، فعاد حاتم لإيمان وقال:
-اهدي بقا خلاص خرجت.
قالت ببكاء:
-هاتلي مسكن بالله عليك مش قادره.
-حاضر حالًا.
خرج حاتم وهو يسمع صوت تأوهات إيمان وبكائها وهو على يقين أن أثر المخدر قد زال وأنها بكامل وعيها.
وبعدما أخبر الممرضة أن تعطي إيمان علاجها، اقترب من حازم الذي كان يتحدث مع كريم وقال:
-اتصالحتوا؟ حمد الله على السلامه.
ابتسما، ونظروا جميعًا نحو أسماء ونجمه اللتان يتجاذبان الحديث..
وقال حاتم:
-معلش يا حازم ابقى خد أسماء وامشي.
-هي عملت حاجه جوه؟
قالها حازم، فتلعثم حاتم:
-لـ... لأ... بس لو سمحت متخليهاش تدخل جوه تاني.
قالها حاتم ودخل للغرفة، فزفر حازم بقوة وقال لكريم:
-متأكد إنها عملت حاجه بلسانها اللي زي السم ده.
-اتفقنا إنك هتصبر يا حازم وهتفكر بحكمه وعقل.
زفر حازم بقوة وقال:
-حكمه وعقل! ادعيلي يا كريم.
قالها وهو يطالع كريم الذي ربت على كتفه وقال:
-ناديها وخدها وامشي... ربنا يهديك الحال يارب.
من ناحية أخرى
أخذت أسماء تحكي لنجمه عن الصور والرسائل وعرضتها عليها ثم جذبتها من ذراعها بعنـ ـف وقالت:
-أكيد إنت عارفه مين؟ إنتِ أو جوزك أو إيمان! حد فيكم...
سحبت نجمه ذراعها من أسماء وقالت:
-أنا مش مضطره أبررلك حاجه ولا أرد على اتهاماتك.
-أســــــــمـــــاء...
كان صوت حازم الذي ناداها لينصرفا، رشقت نجمه بنظرة حادة وقالت:
-أنا مش مسمحاكِ أبدًا على اللي عملتيه فيا.
أطلقت نجمة ضحكة كالزفرة وقالت ساخرة:
-ولا أنا والله.
ناداها حازم مرة ثانية وقبل أن تنطلق إليه قالت لنجمه:
-أكيد ربنا هينتقم من اللي بيعمل فيا كده...
-روحي لجوزك يا أسماء ربنا يعينك على نفسك.
قالتها نجمه وابتعدت عن أسماء خطوتين ثم أشارت لكريم ليرنو إليها...
سألها بفضول:
-كانت عايزه إيه؟
-هقولك بعدين بس هدخل أطمن على إيمان الأول...
أومأ وسارت خطوتين صوب الغرفة ثم عادت إليه وسألته:
-كنت بتقول إيه إنت وحازم؟!
اتسعت ابتسامته، وقال:
-طيب اطمني على صاحبتك وتعالي نتكلم براحتنا...
ابتسمت له وأطلقت خطاها لغرفة صديقتها والبسمة لا تفارق مُحياها، وفي سريرتها تحمد الله على تلك الألفة والمودة بينهما، فحين نظرت نحو حازم وأسماء أبصرت ملامحهما التي تغرق في تجهم قاتم...
استغفروا❤️
بقلم آيه شاكر
لا تغفلوا عن الدعاء لإخواننا في فلسـ ❤️ ـطين
★★★★★★
«إيمان»
وفي اليوم التالي أُطلق سراحي من تلك المشفى، بعد أن صرح حاتم أنني بخير وأحتاج لرعاية بسيطة سيقوم هو بها وأنا في بيتي...
وبسيارة حازم
كنت أجلس بالمقعد الأمامي وحاتم يقود السيارة وبالمقعد الخلفي كانت والدتي وحازم يتبادلان الحديث الذي لا أتلهف لسماعه فكنت شاردة بالطريق أمامي، أفكر فيما حدث لي على حين فجأة! نظرت نحو حاتم الذي نظر لي وابتسم، ثم تابع الطريق وهو يسألني:
-مش حاسه بتحسن؟
-الحمد لله...
قلتها بوهنٍ، فقالت والدتي:
-الحمد لله عدت على خير...
أطلقت أنينًا خافتًا حين حاولت أن أعتدل في جلستي، فقال حاتم:
-معلش... فتره وتعدي وهتبقى أحسن من الأول إن شاء الله.
-يارب... كله بيعدي.
قلتها ببعض الإحباط، وانغمست بأفكاري وأنا أُطالع سيارة والدي عبر المرآة وهي تتبعنا...
شعرت بغصةٍ في حلقي لا أدري لمَ؟ ومتى أحاطت قلبي تلك الهالة اليائسة المظلمة؟ وجدتني حائرة بشأن حاتم مجددًا، فها أنا أدور بدائرة أغلقتها على نفسي بعدما تزوجت بحاتم، نظرت له وهو يقود السيارة وتسائلت ألا يستحق هذا الشاب أن أحبس حالي داخل دائرته تلك، أن أكون له وأشاركه حياته وعائلته التي لم يختر أفرادها، ألا يجدر بي أن أمسك يده لنجد باب تلك الدائرة سويًا ونهتدي لطريقنا...
أحمد الله أن عقد قراننا قد تم وانتهى الأمر! فلا داعي للحيرة الآن سأدع القدر يمضي ويسوقني حيث شاء...
حين لاحظ حاتم نظراتي المسلطة عليه، رمقني بنظرة سريعة وابتسم، فأشحت بصري للجهة الأخرى في حياء.
وبعد فترة وجيزة توقفنا أمام البناية، وارتجل حاتم مسرعًا ليفتح لي باب السيارة ويساعدني ووالدتي جواره وكذلك خالتي وأبي أتيا في سرعة...
بسط حاتم يده لأستند عليه لكنني نظرت ليده لبرهة وابتلعت ريقي ثم ناديت أمي، فقبض حاتم يده وأفسح لها الطريق، لا أعلم لمَ استحييت أن أمسك يده الآن أمامهم جميعًا...
وظل حاتم صامتًا، يتبعنا ولا ينطق حتى دخلت غرفتي...
ساعدتني خالتي في خلع نقابي ثم استلقيت على الفراش بوهن، وتمنيت أن يدخل حاتم فأتحدث إليه لكنه غادر مع أخيه دون مقابلتي، وخشيت أن يكون في نفسه شيئ مما فعلت...
مرت عليّ أيام ثقال، تذكرت خلالها رحلتي مع الكورونا ووقوف حاتم ألى جانبي...
كنت أبكي من شدة ألمي أحيانًا، وكان حاتم يأتيني كلما اشتد ألمي ولو بمنتصف الليل ومرت الأيام حتى تحسنتُ كليًا واستعدت نفسي تدريجيًا...
اقترب فصل الشتاء أستطيع أن أشم رائحته وأستمتع وأنا أشعر بتلك القشعريرة اللذيذة تنتابني عندما يلامس منامتي الخفيفة وأنا أقف بشرفتي أحتسي الشاي بالنعناع وأتأمل صفحة السماء ونجومها المضيئة، وأنا أغمغم ببعض الأغاني الرومانسية، وانظر لشرفة حاتم المغلقة...
توقفت عن الغناء حين دخلت أمي لتجلس معي وهي تحمل كوب الشاي خاصتها، قلت:
-ما أجمل الشتاء! وما أجمل الليل! وما أجمل غرفتي وشرفتي! وما أجملك أمي!
قلت أخر جمله وأنا أغمز لها بابتسامة عذبة، فابتسمت أمي وقالت:
-إنتِ اللي جميله وزي القمر يا بخت الواد حاتم.
ضحكت وقلت:
-دا مكنش كلامك قبل كده... مش كنتِ بتقولي إني وحشه ومناخيري كبيره ومحدش هيرضى بيا!
-كنت بقول كده عشان توافقي على حاتم... والحمد لله إن الهواء بيطير الكلام...
-بعض الكلمات لا تطير مع الهواء بل تنغرس داخل القلب وتؤذيه.
قلتها بحزن حقيقي، وأنا أنظر للسماء أضفت:
-إنتِ أقنعتيني إن أنا وحشه يا ماما... وهزيتِ ثقتي في نفسي... يلا مش مشكله مسامحاكِ بس جاوبي على سؤالي بمنتهى الصراحه... هو أنا مناخيري كبيره فعلًا؟
قلتها وأنا أقترب بوجهي من أمي، فأطلقت أمي ضحكات مرتفعة ثم سعلت وقالت بجدية:
-بصي هقولك حاجه الناس مش بتبص للمناخير ولا بتاخد بالها وإنتِ اللهم بارك ملامحك كلها قمر وليكِ طله وقبول عند كل اللي يعرفك والدليل على كده خطيبك...
-قولي بقا حبيبك مش خطيبك.
قلتها بضحك، فضحكت أمي وقالت:
-الله يرحم زمان...
أخذت أمي تحكي لي ما قلته لحاتم تحت تأثير المخدر للمرة التي لا حصر لها وتسخر مني ونضحك بقـ ـوة...
شردت وأنا أفكر بحاتم فلازال هناك حاجر صلب وكبير بيننا حتى الآن، حديثنا موجز جدًا، ربما يتعمد هو إيجازه في بضع كلمات، وربما أنا السبب في هذا فأنا أيضًا لا أترك له فرصة ليقترب مني إلا بالقدر الذي أريده لكني أشعر أنه يترك ذلك الحاجز وتلك المسافة بيننا بإرادته، فنظراته الماكرة وكلماته المتخابثة التي يلقيها إليّ بين حين وأخر تخبرني بأن ذلك الحال لن يدوم كثيرًا...
انتشلني من أفكاري سؤال أمي:
-بس السؤال اللي محيرني لما إنتِ بتحبيه أوي كده كنتِ رفضاه ليه؟!
-تحلفي إنك تكتمي السر وأنا أقولك؟
-اعتبريني حلفت وقولي...
اندفعت بقولي:
-بصي يا ستي فاكره الروايه اللي حكيتهالك عن البنت اللي نشروا صورها وكده...
-أيوه الرواية اللي بطلتي تكتبي بعدها عشان حقيقيه!
-بالظبط... وأهو اللي كان بينشى الصور بقا طلعت مرات الراجل اللي كنت بقولك طيبه أوي.
شهقت أمي بصدمة وقالت:
-تصدقي أنا كنت شاكه فيها من البداية... بس ايه دخل ده في موضوع رفضك لحاتم؟!
-هفهمك كل حاجه من البداية... اشربي الشاي قبل ما يبرد.
قلتها وأنا أشير للكوب خاصتها وأرتشف من كوبي، ثم شرعت أسرد ما فعلته أسماء بداية من نشر صور لنجمه حتى أخر شيء فعلته بالمستشفى والحديث الذي دار بينها وبين نجمه والذي حكته نجمه لي، بينما كانت والدتي ترتشف الشاي وتنصت بانتباه شديد، وحين انتهيت، صمتت أمي وهي تطالعني، وبأعين جاحظة سألتني:
-حاتم عارف بالموضوع ده؟
-هو عرف بس لحد الآن متكلمتش معاه في الحوار ده... هو بقاله فتره مشغول أوي
قلتها تزامنًا قرع جرس الباب فصاحت والدتي تطلب من أيمن أن يفتحه، فرد أيمن وكان صوته بغرفتي، خلف باب الشرفة، هذا الأبله كان يستمع لحديثي وأمي، رمقته بوعيد فلم أنسَ أنه ينقل لحاتم كل ما يجري ببيتنا، واتجه هو يفتح الباب، وهو يسأل من الطارق حتى غاب صوته، سألته أمي من؟ فأجاب:
-دا حاتم يا ماما، أدخله؟
-هو دا سؤال؟ دا بيته طبعًا.
نهضت أمي واقفة لتستقبل حاتم بترحاب ووقفت أنا مكاني لبرهة وقد تدفقت المخاوف لقلبي؟ خشيت أن تخبره أمي عن أسماء أو يخبره أخي عما قلته لأمي إذا دخلت هي للمطبخ لتحضير الضيافة، فخرجت في سرعة لأسترق السمع لما يقولون وقد ارتديت خمار أمي البيتي ليصل حد ركبتي...
تسللت ووقفت خلف الستار، وكتمت شهقتي حين سمعت والدتي تقول:
-دا إيمان لسه قيلالي عن أصل الحكايه وأنا اتفاجئت...
-حكاية إيه؟
سألها حاتم، فاندفعت لداخل الغرفة، وحين وقفت أمامهم صُدموا من ملابسي التي لم أنتبه لها...
عقدت يدي خلف ظهري وجميعهم ينظرون إلي ولملابسي تلك مرورًا ببنطالي الأصفر نهاية بحذائي البيتي على شكل أرنب، فضلًا عن خمار والدتي الأبيض المزركش بورود سوداء...
ابتسمت باضطراب وقلت:
-إزيك يا دكتور حاتم؟
-الحمد لله... ازيك يا ايمان؟
قالها بابتسامة مكبوحة ظهرت في عينيه، فقلت بتلعثم:
-الـ... الحمد لله كنت عايزاك ضروري... يعني موضوع كده ضروري أوي...
كانت أمي ترشقني بحدة لأدخل لكنني صممت أن أتحدث معه الآن وعلى انفراد بهيئتي تلك...
فنهضت أمي وضـ ـربتني بذراعي وهي تمر جواري فتأوهت، وجلست قبالة حاتم أمسح على ذراعي، فسألني حاتم:
-خير يا إيمان إيه الموضوع الضروري اللي مخرجك من أوضتك بالشكل ده؟
-اه... موضوع ضروري جدًا... ضروري أوي... الموضوع...
توقف سيل الكلمات لم يحضر في ذهني أي شيء، تلعثمت كثيرًا، ثم قلت:
-اه صح موضوع الصور اللي بتتبعت لأسماء دي! تفتكر بقا مين بيعمل كده؟ آآ... أصل أنا محتاره أوي... معقوله كريم اللي عمل كده! ولا نجمه؟
هز رأسه بالنفي وقال:
-لأ مش كريم ولا نجمه... دا شخص موبايله نوعه هواوي.
حمحمت بارتباك وقلت:
-هـ... هواوي!!
رفع إحدى حاجبيه وقال:
-هو موبايلك نوعه إيه يا إيمان مش هواوي برده؟!
-إيه!
قلتها بصدمة، فقال:
-إيمان! إنتِ اللي عملتِ كده؟!
يتبع
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
1-رواية روحى تعاني الجزء الاول1 كامله هناااااا
2-رواية روحى تعاني الجزء الثانى 2كامله هناااااا
3-رواية روحى تعاني الجزء الثالث3 كامله هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا