روايةليالي ( الوجه الاخر للعشق)الجزء الثاني (وحوش لا تعشق) الفصل التاسع والعاشر بقلم رحاب ابراهيم ( حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
روايةليالي ( الوجه الاخر للعشق)الجزء الثاني (وحوش لا تعشق) الفصل التاسع والعاشر بقلم رحاب ابراهيم ( حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
روايةليالي ( الوجه الاخر للعشق)الجزء الثاني (وحوش لا تعشق) الفصل التاسع 9بقلم رحاب ابراهيم ( حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
الحلقة التاسعة ....#وحوش_لا_تعشق
صعد فهد إلى غرفته بعد أن ترك شقيقته وزوجها آدم يتشاكسون قليلا بتذمر ، نظر إليهم قبل أن يدلف لداخل الڤيلا وتمنى لهم السعادة ثم صعد الدرجات حتى دلف لغرفته ...أراد لو أن الدقائق تأخذ سرعة الثوانِ حتى يذهب إليها بعد أن أصر بالأمس على والدته أن تخبره ما سبب وجود هذه الفتاة هنا واخبرته فقط بما يخص مريم ورداء خطبتها وبشكل مراوغ قد استدرجها حتى اخبرته عنوان محل نايا .....
وقف أمام شرفته التي كانت تطل على الحديقة ..ابتسم وهو يتذكر صوته الساحر الذي داعب قلبه حتى دلف لبقاعه ...صوتها عذب بشكل رائع ولم يخفي عنه ذلك بل اكتشف هذا عندما رتلت بعض آيات الذكر الحكيم وهو يأخذها لمغفر الشرطة ذلك اليوم ....
عاد إلى فراشه وتمدد عليه ثم سبحت عيناه بشرود وهو يتذكر كل شيء حدث بالأمس ...وجهها الذي برزه بشكل مغري بعض مستحضرات التجميل التي لم تناسب عمرها تماما .....ردائها الذي ذكره بأحد الافلام التي كانت تدندن عليها بالأمس مما جعل شبح ابتسامة تجول على قسماته ، وأخذه مجرى تفكيره لصوتها مجددا ....وهي تردد كلمات المقطوعة الغنائية ...ضم قلبه شيء دافيء عندما تخيل انها من سترتدي له الفستان الابيض وستصبح ملكه !!
____________________________استغفر الله العظيم
ابتسمت مريم وهي تنظر للحقائب الذي جهزتهم امها من قبل وعلى صوت القلب بدعوات خافته لهذه الليالي المنيرة التي تطل على حياتهم جميعاً....انتبهت لقرع على الباب وفتح آدم دون ان تسمح له بالدخول :-
_ لسه ما جهزتيش !!
جحظت عيناها بغيظ ثم هتفت وقد ركضت القطة حتى وقفت عند قدميها وكأنها تستعد لخدشه مرة أخرى ...قالت :-
_ ما تدخلش كدا تاني !! ، لما اسمحلك تدخل الأول تبقى تدخل !
اخذ رداء معلق من خزانة ملابسه وكأنه يقتلعه بعصبية حتى التفت لها بإشارة من سبابته :-
_ هنا انا اللي اقول المفروض والعكس مش انتي ، وبعدين ما تنسيش ان فرحنا كان امبارح ! ، اظن أنك مش صغيرة كفاية لدرجة أنك مش فاهمة أني دلوقتي جوزك !!
وضعت يداها بخاصرها وهي تعترض :-
_ احنا اتكلمنا واتفقنا في الموضوع وانتهينا من النقاش فيه ...
اقترب منها وقد القى ملابسه على الفراش بغضب ثم جذبها من يدها إليه بعصبية وصاح :-
_ وانا مش ناسي ، لكن مش كل حاجة هعملها هأخد امرك فيها ، وانا اصلا مش بطيق أشوفك وانتي عارفة كدا...
مش عارف أزاي انتي فاكرة نفسك حلوة اصلا !! ، اومال لو تشوفي البنات في الجامعة عندي عاملين أزاي وبيتمنوا بس نظرة مني ...اظن هتعرفي ساعتها انا شايفك أزاي !
لم يلاحظ أن عيناها امتلئت بالدموع وقوة قبضته على يدها قد المتها أكثر ...تراجع غضبه قليلا وهو يترك يدها حتى رمته بنظرة لوم وألم ثم خرجت من الغرفة وقد شعرت أن قدماها أزدادت ألم عن زي قبل...بعكس الأمس الذي كانت تركض به بمرح وكأن قدميها لكمت العرج حتى هاجر غاضبا ....
شعر ببعض التسرع في حديثه ثم تنهد بضيق وخرج خلفها ، حاول أن يتحدث عندما رأها تجلس محتضنة قطتها التي ركضت خلفها على أحد المقاعد ....قال بنبرة متوترة قليلا :-
_ مريم ؟
وأخيرا قد انزلقت الغصة المريرة التي كانت بحلقها ثم قالت هي :-
_ما تقولش حاجة ، خلص لبس عشان ادخل اجهز انا كمان
انسدلت نظرته للأسفل بضيق عندما كشفت نبرتها عن عدم إرادتها عن الاستماع للمزيد .
دلف للداخل مرة أخرى بوجه عابس وبدأ يستعد للذهاب ...
جففت عيناها ثم قالت بتحدي :-
_ انا بردوا مش اقل منهم في حاجة وهتشوف يا آدم
خرج آدم بعد دقائق وآشار لها لتستعد ....
دلف للغرفة ونظرت لثوبها التي اعدته بالأمس حتى ترتديه خلال السفر ثم مالت نظرتها على الحقائب بمكر ....
وقف أمام النافذة في الانتظار حتى بدأ يشعر بالملل بعد أن مر أكثر من خمسة عشر دقيقة ! ، التفت حتى يتوجه إليها ويقرع الباب في استعجالها حتى خرجت بذات الرداء الذي جعله يتجمد في مكانه....
لم يكن ثمة عدم حشمة بالرداء لأنه مغلق تماما وطويل ولكن قماشته المخملية باللون الموڤ الملفوفة بتقاسيم ظاهرة عليها جعلته يضيق عينيه بنظرة ماكرة وتأكد أنها لم ترتديه صدفه ...
رمقته وكأنها انتصرت عندما رأت بعض الغضب بعيناه وهو يقترب منها ثم تلاشى الغضب وتبدل مكانه شيء آخر وهو يدلف للداخل ...
خرج بعد قليل وبيده معطف جلد طويل أخرجه من حقائبها بعد بعض البحث خصيصا لذلك ...
رفعت حاجبيها تعجبا وهو يدس ذراعيها بالمعطف ثم اقترب لعيناها وتعمق بلونهما الازرق الماكر وابتسم ...
قال بنبرة تملكية :-
_ ماينفعش تطلعي كدا ، مش عايز مخلوق يبصلك
بلعت ريقها بإترباك من قربه الشديد وحديثه هذا ثم قالت بعفوية :-
_ بس الفستان محترم وطويل
عقد حاجبيه بشدة واقترب أكثر وهو يقول :-
_ بس مُلفت جداا ، ده ما يتلبسش غير في البيت وانا اللي أشوفه بس ، غير كدا مش مسموح
لاحت ابتسامة على شفتيها وقالت بتساءل دون أن تشعر :-
_ بتغير ؟
ابتعد عنها بقوة وهو يطرف عيناه بعصبية ولم تعتقد أنه سيغضب من كلمتها بهذا الحد حتى رأت ارتباك عيناه بحيرة وهو يتحاشى النظر إليها ...بدأت تخطو أولى خطواتها في فهمه ..فيبدو أنه يحارب شيء بداخله حتى لا يظهر أو يعترف به ...
قال بنبرة متهدجة :-
_ يلا عشان نسافر ، هبعت حد ياخد الشنط أو هنزلهم انا
توجهت للباب وهي تضع يدها في جيوب المعطف الذي حجب رؤية ردائها المخملي وأخرج آدم الحقائب من الغرفة وهبط الدرج وعيناه شاردة في الفراغ .. .
بقلم رحاب إبراهيم
خرج فهد من غرفته ايضا بعد أن طال انتظاره ومرت هذه الفترة وكأنها دهرا ثم صافحهم وما أن ابتعدوا بالسيارة حتى دخل سيارته هو أيضاً وذهب لمكانٍ ما ...
_________________________صلّ على الحبيب
لم تغفو من الاساس حتى تستيقظ ، فظلت طيلة الليل تبكي على ما حدث بالأمس وما سيحدث اليوم حتى ادت فرضها وهي تتضرع إلى الله كي ينقذها من براثن هولاء النسوة....
ارتدت ملابسها وهي تقدم خطوة وتأخر أخرى ولكن أن تغيب اليوم فهذا سيعلن تهمتها أكثر بشكل صريح وكأنها تقدم دليل على ذنبها وليس براءتها ...لابد أن تدافع عن نفسها حتى تثبت براءتها لذلك خرجت سريعا من المنزل وتوجهت إلى العمل الذي لم يبعد كثيرا عن منزلها ...
لفحتها برودة الهواء بالخارج حتى سرت قشعريرة شديدة بجسدها ولم يحجب ذلك المعطف الخفيف شدة البرودة بالخارج عن جسدها ...تزاحمت بين الركاب بأحد الاتوبيسات العامة وسار بها في الطريق حتى اوقفها على بُعد خطوات من الرصيف الذي يقرب لمحل العمل ...
لم تترك شفتيها اذكار الصباح وهي تدلف للداخل وتفاجئت أن نايا متواجدة رغم انها لا تأتي مبكرا هكذا فبدأت تستشف من ملامحها أن المعركة ستبدأ باكرا ...
بمجرد أن دلفت فاطمة نهضت نايا من مقعدها وعقدت ساعديها بضيق وملامح غاضبة ثم هتفت عندما رأت ترمي عليها تحية الصباح :-
_ صباح الخير يا مدام
زمت نايا شفتيها بضيق ثم صرخت بها :-
_ صباحك زفت على دماغك يا حرامية
سرى الغضب بداخل فاطمة وهي تصيح بدفاع :-
_ انا مش حرامية ومش هسمح لحد يقول كدا
اقتربت نايا بخطوات غاضبة ثم هتفت بها :-
_ اومال مدام بثينة بتكدب يعني ، دي متصلة بيا امبارح بليل وقالتلي اللي عملتيه ، وانا شوفت البنت اللي فرحها كان امبارح وهي بتعزمك هنا ...يعني كدابة وحرامية
اشارت فاطمة بيدها بتحذير وهتفت بها بغضب :-
_ ما تقوليش عليت كدا تاني ، انتي اللي اديتيني القماش ارميه ، انا ماخدتش حاجة من نفسي ، ولا لو كان اترمى في الزبالة كان هيبقى احسن !
اطرفت عين نايا ثم قالت وهي تلقي بالتهمة عليها وهي على علم بالحقيقة وهي من اخطأت ثم قالت :-
_ انا ما خدتش بالي أن القماشة دي في الكيس اللي ادتهولك ، كان المفروض يا ترميه زي ما قولتلك يا تستأذني الأول قبل ما تاخديه ....
ضيقت فاطمة عيناها بغضب ثم قالت :-
_ انا شيفاكي وانتي بتحطي القماش كله في الكيسة ، انتي ما بترميش حاجة غير لما تفرزيها وانا عارفة ده ، ولو كان على الحته اللي انا خدتها فهدفع تمنها من مرتبي وما اسمعش حد يقول عليا كلمة واحدة لأني مش هسكت ..
ضحكت نايا بسخرية وصوتٍ عالٍ ثم قالت :-
_ ليه هو انتي فاكرة أن بعد اللي حصل هشغلك عندي تاني !! ، انتي هتشتغلي اليومين اللي خدتي حقهم في مرتب الشهر اللي اشتغلتيه ومش عايزة اشوف خلقتك تاني يا حرامية. .....
اتسعت عين فاطمة بغضب حتى اقتربت منها وقالت محذرة :-
_ لو نطقتي الكلمة دي تاني ماتلوميش غير نفسك ، انا سكتلك كتير لكن مش معناه اني خايفة منك ، انا ما بخافش غير من ربنا وبس ...
تطاير الشرر من عين نايا وكانت على وشك أن تهبط يداها على وجه فاطمة بصفعة غادرة حتى لحقتها يداه بنظرته النارية التي حاول أن يضبطها فلو ثار غضبه عليها فسيحدث ما لا يُحمد عقباه .. أعترف القلب الآن أن تلك الفاطمة تخصه ...اصبحت هوسه وجنونه دون أن يشعر ...خرجت فاطمة من صدمتها مما حدث لتغرق بصدمة أخرى لوجوده ! ، حتى صرخ بصوتٍ شرس نطق به العنف ...قائلاً :-
_ لو كنتي مديتي إيدك عليها كنت كسرتهالك
دفع يداها بعصبية مما جعل توازنها يختل قليلا وكانت على وشك السقوط أرضاً...
أطرفت فاطمة عيناها بشيء من الآمان قد دب بأوصالها المرتجفة فأحيانا يصبح كالقيد وما هي إلا ثوانٍ ويصبح الملاذ ...
صغيرتي انتِ وجنوني ...
ستكوني معي ..ستكوني
فأنتي بضي القلب نائمة ...اقسم وأعترف أني
أعشقك يا فاطمة....
صرخت به نايا بشراسه وهي تتمسك بحافة مكتبها كي لا تسقط :-
_ انت مين وايه اللي دخلك هنا ، انا هتصل بالشرطة حالا يابلطجي ...
رمقها بنظرة نارية من الغضب الذي يقدح بها ثم قال :-
_ قوليلهم الضابط فهد الشريف ..
وضعت نايا هاتفها بصدمة وهي تمتمت بصدمة حتى اخرج كارت خاص به ووضعه أمام عيناه مما جعل عيناها تتسع بخوف وقالت وهي تشير لفاطمة :-
_ البنت دي سرقتني ، سرقت قماشة كانت فاضلة لعميلة هنا من فستانها والعميلة اشتكتلي ...
أخرج فهد بعض النقود من جيبه والقها على وجهها بنظرة احتقار وقال :-
_ انا سمعت كلامكوا كله ولو ماكنتيش واحدة ست كان هيبقى ليا تصرف تاني ، لأن مش فهد الشريف اللي يمد ايده على واحدة وخصوصا لو ما تستاهلش زيك ....
اشتعل غضب نايا ثم قالت :-
_ وحضرتك بقى يا حضرت الضابط بدافع عنها ليها ؟!
ولا تكون عارفها ؟
اتسعت عين فاطمة بهذه التهمة الجديدة وبعد أن شعرت بالآمان تمنت عدم ظهوره حتى يلا تظن بها هذه السيدة بهذا الظن السيء ....هتفت فاطمة بها :-
_ انا ما اعرفش حد ، ده قريب العروسة اللي كنت في فرحها امبارح ، كفاية ظلم بقى ..كفااااية
ركضت من المكان وهي تبكي حتى رمى فهد بنظرة احتقار أخرى لنايا جعلها تشتعل أكثر من الغضب وذهب خلف فاطمة بالخارج ....
اوقفها في الطريق ونظر بعيناها الباكيتان طويلا ثم قال :-
_ ما تعيطيش ، اظن انا خدتلك حقك
ضيقت عيناها بعصبية ثم قالت :-
_ خدتلي حقي ! ، بعد ظنها فيا اني اعرفك ومش هسلم من لسانها وخدتلي حقي ، انا مش هنكر اني قويت اكتر لما انت جيت ودافعت عني بس وجودك حطني في وضع اتهام اكتر ، وانا غلبانة وماليش غير سمعتي ... انا قولتهالك كتير ...سيبني في حالي
لم يستطع أن يصمت أكثر من ذلك حتى هتف بها وعيناه تقدح شررا :-
_ وانا ما مسكتش فيكي ولا تكوني مفكرة انك حاجة ، انتي اللي جيتي امبارح في فرح اختي مش انا اللي جيت وراكي
تفاجئت من حديثه وانه شقيق مريم فحتى الآن كانت تعتقد أنه من اقربائها وليس شقيق ....وجرحتها جملته الأخيرة كثيراً ...
هزت رأسها وهي ترتجف من البكاء والبرودة في أنٍ واحد ثم قالت وهي تجذب يداه حتى يصفعها وقالت بحدة :-
_ مش القلم اللي اديتهولك هو اللي مخليك عايز تنتقم مني ، خلاص اضربني وخلص حقك طالما مش عارف تنساه كدا وبتلاحقني في كل مكان اروحه ...
دفع يداه عنها بعنف وشعر أنه يريد أن يصفعها حقا لأنه لأول مرة يأتي دون أي شيء سيء بداخله ولأول مرة يفكر في فتاة هكذا ....صاح بغضب :-
_ انا لو عايز اردهولك كنت رديتهولك من زمان
قاطعته ببكاء وصريخ :-
_ اومال ليه عايز تحبسني ، هو انت لو حد مد ايده على والدك كنت سكت !؟ ، لو حد زقه ووقعه على الارض كنت فضلت واقف تتفرج عليه ؟!
هتف فهد وقد ثار حقا من الغضب :-
_ كنت قتلته
بلعت ريقها بحدة ثم قالت :-
_ اومال بتلومني ليه ! وكل ما تشوفني في مكان بتجري ورايا ليه ؟!
ارتبكت عيناه ولم يجد اجابة يرد بها حتى قالت فاطمة بحدة مرة أخرى :-
_ ابعد عني وسيبني في حالي ، والفلوس اللي انت دفعتها اول ما اشتغل هبعتهالك على بيتكوا ، ده دين عليا ، غير كدا مش عايزة اشوفك تاني ....
لم تهدأ من قولها هذا بل تألم قلبها كثيرا ، ابتعدت عنه متوجهة لمكان وقوف السيارات حتى راقب ابتعادها والغضب يزداد بداخله أكثر وهتف :-
_ انا مش هلاحقك تاني ، بس المرة الجاية يا فاطمة لو شوفتك مش هسيبك ، ويستحسن انك انتي اللي تبعدي عني وماتخلينيش اشوفك في اي مكان تاني ....
لم تلتفت له حتى توقف احد الاتوبيسات العامة وصعدت به....
بلع فهد ريقه بصعوبة وهو يراها تختار الابتعاد عنه حتى سمح للألم يطل من عيناه ولم يجد تفسيرا لذلك غير أنه يتألم فقط .....
____________________________ صلّ على النبي الحبيب
وضعت يدها على فمها حتى تكتم صوت بكائها وقالت بخفوت :-
_ اتهنت قدامك واتهنت قدام والدتك امبارح عشان كدا مش عايزة اشوفكوا تاني رغم أن ده ...
صمتت قليلا ثم هتفت بداخلها بذعر :-
_ ده إيه يا فاطمة ؟
عقدت حاجبيها بخوف لأول مرة تشعر به يجتاحها إلى هذا الحد حتى نظرت من النافذة بجانبها ورأت سيارته وهي تسير بجانبها حتى رمقها بنظرة حادة ثم ضيق عينيه بحيرة وهو يراه عيناها التائهة التي وكأنها لا تريد أن يرحل أو يبتعد خطوة واحدة ....انعطفت سيارته بإتجاه آخر وابتعدت بالفعل حتى نزفت عيناها دموع حارقة على وجنتيها .....
____________________سبحان الله وبحمده
دلفت ياسمين إلى النادي بعد عطلتها الطويلة ثم توجهت للكافيتريا حتى تأخذ وجبة افطارها التي لم تتناولها بالمنزل....اتى النادل ببعض الاطعمة السريعة ومشروبها الخاص ثم ذهب ...
وبعد الانتهاء وضعت حساب الطعام على الطاولة وكادت أن تنهض حتى جلس مالك أمامها بنفس ابتسامته وقال :-
_ صباح الخير
اجابته بنبرة تعمدت أن تكون هادئة وهي تنهض حتى أخرج مالك من جيبه علبة صغيرة وقام بفتحها حتى اتسعت عين ياسمين بصدمة وهي تأخذها بلهفة :-
_ السلسلة بتاعتي .
نظر لها واتسعت ابتسامته من فرحتها وقال :-
_ طب ممكن تقعدي عشان اقولك لقيتها أزاي ؟
نظرت له بحرج عندما شعرت بأنه اكتشف انها خلف ما حدث لسيارته ..جلست ببطء وقررت الاعتذار :-
_انا عارفة أنك اكتشفت أن انا اللي بوظت عجل عربيتك ، بس بصراحة كنت متغاظة منك
ضحك مالك حتى ظهرت اسنانه البيضاء ثم قال :-
_ مافيش مشكلة ، حصل خير ، لو انتي اللي هتعملي كدا في عربيتي انا موافق ومبسوط كمان ..
أشار للقلادة وقال :-
_ انا لقيتها واقعة جنب العربية وكانت مقطوعة ، فصلحتهالك ..
توترت عيناها وقد ندمت حقا لكرهها له ثم قالت :-
_ ميرسي جدا ..متشكرة
احتار بعض الشيء في طرح سؤاله حتى قال :-
_ دي حاجة بسيطة مافيش داعي للشكر ، بس ممكن اسألك مين اللي صورته في السلسلة ده ؟
نظرت له بدهشة فيبدو أنه لا يعرف شيء عن الماضي ..نظرت للقلادة وبالأخص إلى صورة والدها وسقطت عبرة بعيناها وهي تقول :-
_ ده بابا...الله يرحمه
توترت ملامحه بأسف وأراد أن يضمها وكأنها طفلته ولكن هذا ليس من الأدب وليس من طباعه ايضا ...قال معتذرا :-
_ انا آسف ...الله يرحمه
نهضت مرة أخرى ثم قالت بأسف حقيقي وهي تجفف دموعها :-
_ أنا اللي اسفة على اللي حصل ومتشكرة جدا انك رجعتلي السلسلة بتاعتي لأنها غالية عندي أووي ، ممكن أعرف صلحتها بكام ؟
نهض غاضبا ثم قال بعصبية :-
_ شكرا لذوقك
خرج من الكافيتريا بوجه غاضب واحتارت هي بماذا اخطأت !!
دخل سيارته وذهب من المكان بأكمله بعصبية ....
_____________________لا حول ولا قوة إلا بالله
وضعت مريم قطتها بالسيارة دون أن يشعر آدم الذي دخل السيارة ولم يلتفت للمقعد الخلفي ، وكانت تنظر له بخبث من الحين للآخر حتى استيقظت القطة واندفعت فجأة للأمام ...اتسعت عين آدم بحدة وقال :-
_ انتي جبتيها معانا لييييه ؟
كتمت مريم ضحكتها ثم قالت بهدوء :-
_ مابروحش مكان غير وهي معايا
ثم ضغطت على احد ازرار مسجل السيارة الخاص بإشارة الراديو وبدأت تسمع بعض المقطوعات الغنائية حتى ضحكت عاليا عندما بدأت الاغنية الشهيرة ...على عش الحب ..وبدأت تقرب القطة منه حتى تستفزه وهو يبتعد عن القطة بنظرة محتقرة ....
صاح بها بإنفعال :-
_ ما تبعدي الشيء ده عني بقى !!
رفعت مريم حاجبيها بمكر واجابته :-
_ ليه ، دي حتى كيتي بدأت تاخد عليك ....
رمق القطة التي كانت تنظر له بشكل غامض وقال :-
_ أه واضح ، بس لو ما بعدتيهاش عني فأحنا رايحين اسكندرية ولو رميتها في البحر مش هتعرف تخرج منه ...
شهقت مريم بصدمة وضمت القطة بقوة ثم قالت :-
_ يبقى ترميني معاها ✋😢
هز رأسه بتأكيد :-
_ حاضر ، من عنيا الاتنين ، نوصل بس
ضيقت عيناها بغيظ منه ثم تجاهلته تماما وبدأت تلهو مع قطتها حتى تغيظه ....
______________________اذكروا الله
في خلال الايام التي تغيب بها فهد عن العمل بسبب زفاف شقيقته تم اطلاق سراح حداد بشكل قد لفت نظر البعض وتحجج اسلام أنه لم يثبت عليه شيء للآن وتم قيده للأعتراف فقط دون تهمة واضحة ....
اتى فهد إلى عمله ليطرق غاضبا عندما اعلمه آحد الضابط الأمر حتى ذهب لإسلام معنفا :-
_ انت كدا بتتعدى حدودك يا اسلام ، ده مش شغلك !
نهض إسلام وشمت بالغضب التي يتصارع على وجه فهد ثم قال :-
_ انت قبضت عليه عشان يعترف باللي وراه لكن ما اعترفش وما قالش حاجة وبقاله ايام هنا من غير دليل أو تهمة ، اظن مافيش قانون يسمحلك بده !
اسودت عين فهد وهو يقترب منه محذرا ثم قال :-
_ انا ما تعديتش القانون ، واللي وراه هوصلهم في اقرب وقت سواء كان الحيوان ده في إيدي أو لأ ، وانت ركز في شغلك أكتر من كدا عشان بقى شكلك وحش أوووي
زم إسلام شفتيه بغيظ وكره لهذا الفهد حتى تركه فهد بإحتقار وعاد إلى مكتبه وقد بدأ القلق يتملكه على فاطمة ...لا يعرف لها عنوانا ولا اي شيء فكيف يجدها الآن ؟
______________________
الحلقة العاشرة ...#وحوش_لا_تعشق كاملة
لم يكن ثمة ما تندم عليه من قرارها بالابتعاد عنه ولكن فوارق الألم قد شقت طريقها إلى القلب بقسوة ..صعدت إلى منزلها البسيط في السطوح الذي تفاجئت قليلا كيف اتت إليه ؟ فكانت الاجابة الحتمية أنها شردت مسافة الطريق بأكمله وتواتر على مرآها مجرى الطريق دون أن تتذوق عيناها الرؤى والتفحص ، حتى عندما اتت إلى هنا بخطا قدماها التي اعتادت الطريق تلقائيا ...اتت..
تعجبت الأم التي همت منذ قليل بتنظيف المكان حتى راقبت ابنتها وهي تدلف وقد انتهجت ملامحها العبوس ..اقتربت متساءلة بقلق وهي تلقي مكنسة التنظيف من يدها :-
_ حصل إيه يا فاطمة ؟ رجعتي بدري ليه ؟
ران الصمت لدقيقة حتى نظرت فاطمة بتيهة إليها ثم قالت ببطء وحاولت أن تتماسك من صراخ قلبها :-
_ سيبت الشغل
عقدت الام حاجبيها بشك ودب القلق بعيناها واعادت التساؤل مرة أخرى :-
_ اكيد حصل حاجة !
لمعت عين فاطمة بدمعة كادت أن تسرق قوتها وتسري على وجنتيها :-
_ لأ ، بس اتخنقت من زعيق صاحبة الشغل ومعاملتها معايا ...
تعمقت نعيمة بعين ابنتها حتى تسبر أغوارها ولكن لم يكن من بد من تهرب فاطمة من الافصاح عن السبب الحقيقي ...قالت الام وهي ترجي راحة ابنتها ثم استدراجها بالحديث لاحقا :-
_ ما تزعليش ، في ستين داهية ، هتلاقي احسن منه ولا حتى ما تلاقيش مش مهم ، انا لقيت شغلانة ليا على ما ربنا يفرجها والاقي احسن ....هروح مع الجارة اللي في البيت اللي جنبنا انضف شقق وهاخد في اليوم ١٠٠ جنيه
اتسعت عين فاطمة بغضب واعتراض ثم قالت :-
_ لأ ، مستحيل اخليكي تعملي كدا ، الشغل مش عيب بس بناقص بهدلة بقى وكفاية عليكي كدا ...
رفضت فاطمة أن تعمل امها بهذا العمل ولكن لم تستطع الافصاح عن ذلك حتى لا تجرحها أكثر ..
التزمت نعيمة الصمت فلا داعي للاستمرار في هذا الحديث الذي لن تجدي منه غير الرفض من الجميع ...
عادت إلى تنظيف المنزل واندست فاطمة خلف الستارة البالية حتى تبدل ملابسها ثم جففت عيناها التي استغلت العزلة وغمرت وجنتيها بالدموع الذي لم تكن تظرفها ولو لدقيقة لمجرد ترك عمل بائس كهذا ! ...بل هناك ترك آخر جعلها تتألم هكذا ..ولا حيلة في زمام ما يريده القلب
__________________________أذكروا الله
عكر صفو هدوء مكتب إسلام صوت هاتفه الخاص الذي اعلن عن رقم قلما كان يتصل به حتى تلقى إسلام الاتصال بعصبية وهتف وهو يترقب الباب بحذر :-
_ بتتصل بيا ليه دلوقتي يا غبي ، مش لينا مواعيد بنتكلم فيها !؟
اجاب حداد بنبرة انفعالية لم يكن ليجرؤ سابقا أن يتحدث بها مع إسلام حتى قال بحقد :-
_ كان لازم اتصل بيك عشان في اخبار مهمة لازم تعرفها
ضيق إسلام عينيه بقلق ثم قال :-
_ قول اللي عندك بسرعة
جلس حداد على احد الصناديق الخشبية السميكة في غرفة تملؤها القمامة وزجاجات الخمر الفارغة الملقاة على الأرض بإهمال ثم سرد :-
_ انا عرفت مين اللي بيوصل لفهد الاخبار ..مش هتصدق يا اسلام بيه ! ...مصطفى الطبال وبنته
ظهر الاستفهام بعين اسلام وقال :-
_ مين دول ؟!!
اجابه حداد بتوضيح سريع حتى تذكر إسلام تلك الفتاة واباها التي اتوا مع حداد منذ أيام ...
رد إسلام بتهكم :-
_ طب ودي عايزة سؤال ! ،مش هيبقوا احسن من مرزوق يعني !
امتقع وجه حداد بشراسة ثم قال :-
_ لأ يا باشا ، البت تلزمني ، وانا عارف هتعامل معاهم أزاي ومش هيفتحوا بقوهم بحرف واحد ..
جز إسلام على اسنانه بعصبية ثم هتفت :-
_ انا مش هكرر كلامي ، واللي بقوله يتنفذ ، بس انت عرفت منين واتأكدت أزاي انهم اللي بيوصلوله الاخبار ؟!
اجاب حداد وقد تذكر ليلة أمس عندما أرسل من يراقب فهد في منزله حتى يتحرك هو بحرية دون قلق بأن يتم القبض عليه ملثما حدث قبلا :-
_ عشان أعرف اوصل لرجالتي كان لازم اراقبه الأول عشان ما يغفلنيش زي المرة اللي فاتت ، والبت وابوها كانوا هناك في بيته وكان في فرح بس مش عارف لمين ، واللي عرفته انها كانت متزوقة ! ، اظن ده كفاية عشان اتأكد وكل اللي اتعمل في القسم ده كان حوار مش اكتر ...
رفع إسلام حاجبيه في دهشة ثم قال :-
_ وانا اللي طلعتها من وراه وفاكر أني هحرق دمه ! ، اتاريه لعب علينا كلنا ابن ال.....، بس كويس أنك عرفت لعبته وكشفتها
همهم حداد بشر دفين لكلاهما وتوعد بعزم :-
_ يبقى سيبهملي وانا المرادي هتصرف معاهم
امتلئت عين إسلام بالسخرية منه فهو يعرف كل المعرفة مدى الخوف الذي يشعر به من ذلك الفهد وكل ذلك العجرفة ستتلاشى بمجرد وقوفه أمامه حتى قال إسلام بتحذير :-
_ أي غلط هيحصل منك هيبقى الدور عليك انت مش على مصطفى وبنته ..
وافق حداد بعد صمت ران للحظات ثم انتهى الخط بتوعده من جديد لتلك الفتاة التي اثارته قبل أن تلفت نظر ذلك الفهد المخيف ...
_______________________صلّ على الحبيب
قبل أن يصل بقليل ، أزعجه الصمت الذي ران فجأة بعد مشاكستها لتلك المخلوقة الصغيرة المسماة بكيتي ،فتجنب نظرة متسللة لها حتى سار دفء بهيج زحزح بعض عصبيته وارهاق القيادة وهو يراها نائمة والشيء الذي جعله يبتسم عندما رأى قطتها نائمة مثلها وكأنها تقلدها حتى في النوم ! ...قال متمتما بضحكة خافته :-
_ نوم الظالم عبادة
رفعت القطة رأسها وكأنه أزعجها بحديثه ونفضت رأسها حتى اصبح شعرها الابيض مفرودا گ ريش الطاووس ، نظر لها بحدة وكأنه ينظر لانسان ويحذره ...ترك محرك القيادة بعد أن وقف بالسيارة أمام باب الشالية ثم استغل فترة نومها وقبض على القطة بيده وتعمد امساكها كالارنب ، وكاد أن يقذف بها من النافذة حتى خدشته وهي تعول بصوت عالٍ ازعج غفوة تلك النائمة بجواره في السيارة ، فتحت عيناها بتكاسل حتى شهقت وهي ترى قطتها تهرب إليها راكضة ...هتفت مريم بقلق وهي تضم القطة بقوة:-
_ كنت هتعمل إيه في كيتي ؟
نظر لها ساخرا ثم قال :-
_ كنت هعلمها تعوم 😄
نظرت مريم لقطتها ثم قالت بعصبية وتحذير :-
_ ااااااادم ، مالكش دعوة بكيتي خااالص
قابلها بنظرة اشد عصبية وصاح بها وهو يشير لخدش يده بإنفعال :-
_ خليها هي اللي تبعد عني لأن المرة الجاية هرميها في البحر بجد ، شوفي عملت في ايدي ايه الحيوانة دي ؟!
ابتسمت وهي ترى خدشه ثم نظرت للقطة بنظرة وكأنها تكافئها مما جعل آدم يشتعل من الغيظ ويترجل من السيارة بعصبية ....
فتحت باب السيارة حتى تترجل منها ولم تلاحظ انه اتى ووقف أمامها وهو يمد كفه حتى تستند عليه ...
فأي بادرة لطيفه منه تربكها بشدة وتتحول الى تلك التمردة بلحظات الغضب فقط ....سرى شعور اشتياق بداخلها للمس كفيه مرة أخرى منذ آخر مرة فعلها رغم ادراكها قوة ودفة المشاعر الذي تجتاح قلبها حينذاك ...
الممت اناملها بين كفيه وهي تخرج من السيارة وكان لكفيه مفعول الدفء بيدها من لفح برودة الهواء الذي حُجب عنها أثناء السير بفعل الزجاج المغلق ....
كان يتهرب من عيناها رغم أنه يمد يد العون ، فهو بكل قوته لا يقوى على ضعفها ولو لثوانٍ...
ورغم أن سماء الاسكندرية في هذا الوقت كانت ملبدة بغيوم تهدد هدوء مياه بحرها بشقاء العواصف ولكن رؤية الزبد الخارج من المياه لاهثا على رمال الشاطئ الذي كانت مجمدة من بلل المياه ..كان الزبد يمرؤ طازجا على الرمال وتنتعش نقراته من اللهو وتقبض لزوجته على سرى الرمال مثلما تقبض انامله على يدها بقوة وقد تفرس في وجهها بحنان وهي تتأمل هذا المشهد حولها برعشة قد تحسسها من يدها ...قالت وقد خطف نظرها هذا المشهد :-
_ الله ...هي اسكندرية جميلة كدا في الشتا ؟!
نظر جيدا لأحمرار وجهها وعيناها التي قارنها بلون المياه قربه وقال متأملا وقصد بشكلٍ غامض شيء دفين بداخله:-
_ جمالها ماشوفتوش زيه في عمري كله ...سحر
اجفلت من دفء نبرته حتى التفتت له بغموض وكان قد أشاح عيناه عنها بألم وتمنى في هذه اللحظة أن يحدثها عن مكنونات نفسه ولكن هل ستتفهم هذه الصغيرة حديثه المعقد ؟ هل ستصبر على هذا الطريق الطويل الذي لن تسير به إلا إذا كانت عاشقة ؟ هل احبته يوما ؟ اعتقد أن مشاعر المراهقة لا تزال تسيطر على اجفانها وبقاع قلبها الذي لم يطأ أرضه غير زهور طفولتها التي لم ترتفع للنضوج إلى الآن ....يريد أن يضمها حتى تتألم ويريد أن يتركها دون أن يتألم ..طريقان وكلاهما مرير ، وما لوجود لمفترق الطرق في زواجه بل طريق واحد إما البقاء أو الفراق ...فإلى أين سيذهب ؟
فتح الباب ثم دلف للداخل ووضع الحقائب من يده حتى دخلت خلفه ببطء وهي ترتجف قليلا بعد أن تركتها يداه وزادت رجفتها لتذكرها انها ستمكث طيلة اسبوع معه هنا وبمفردهم .....
كان مسار فكرها يبدو ظاهرا عليها ولشدة ارتباك عيناها التي جعلت طيف مرح ينطق بعيناه مع لمعة دافئة بوعد العناية بها ....قال بلطف :-
_ الشالية جاهز من كل حاجة ، استريحي انتي وانا هحضر اكلة سريعة كدا ...
بلعت ريقها بتوتر من نبرته الهادئة وقد احتاجت حقا للراحة حتى استطاعت بعد أن تركها متوجها للمطبخ أن تأخذ نفسا عميقا ملئ رئتيها .....توجهت إلى الدرج للركن الأعلى حتى دلفت للغرفة العلوية التي تحفظها جيدا فآخر زيارة كانت في صيف هذه السنة التي هجمت عليها رياح الشتاء بغضب...حتى ركضت الهرة من بين يديها لتلهو حول الدفء الصادر من المطبخ وآبت مرافقتها لأول مرة فيبدو أن الدفء آغواها !..
نظرت للغرفة ببسمة اشتياق ولولا برودة الهواء لكانت نسيت انها في شهر العسل وانها اتت لتخلوا بعطلة صيفية مثلما كانت تجري العادة دائمًا ...
____________________________استغفر الله العظيم
عادت ياسمين إلى المنزل بعد يوم عمل طويل قد عوضت فيه بعض أيام تغيبها في النادي الرياضي ، وارجعت لهفتها لرؤيته مرة أخرى للآسف من سؤالها الآخير التي لم تقتنع إلى الآن أنها اخطأت عندما طرحته عليه ولكن يبدو أنه شرقي الطباع بشكل زائد حتى لا يقبل ثمن تصليح قلادتها أو لأنه اعتقد أن هذا طريق جديد قد انشائه حتى يصل إليها ! ، لم تره بعدها وكأنه اخافى من المكان كلياً ،وبشكل لم تستطع الاعتراف به بداخل بؤرة قد اضيئت للتو بداخلها ..أرادت رؤيته ليس لأي شيء غير انها تريد رؤيته فقط ..وهذا ما جعل سير رجفة مضطربة تصل إلى صمام قاسي بقلبها !...
_______________________استغفرك ربي وأتوب إليك
قلبه الآن ليس بمرقده ، ليس قلب الفهد ! ..أين قلبه إذا ؟
سرب القسوة يصفعه بغضب ...أين قلبك يا احمق ؟
وهو بين الحيرة واللهفة المجنونة والخوف الذي يزلزل دواخله عليها ..تائه
ولا يعرف أين هو ؟ أين هو به ؟!
أغمض عينيه بغضب من نفسه وهو يقرع على مكتبه بسن قلمه الغليظ الذي يتأرجح بين انامله ونظرة مضوبة للفراغ ، لا ليس ينظر للفراغ ...بل ينظر لظل وهماً رسم ملامحها وكأنها نأت من تلك النسمات ..
وكلما تذكر تحرير قيد ذلك المجرم تغلي الدماء بعروقه وكلما اشتد الغضب..اشتد خوفه عليها ..
قال بصوتٍ لا تخلوا منه نبرة التأكيد والعزم :-
_ لو شوفتك تاني مش هتهربي مني ابداٌ ...لازم ادور عليكي ..لازم الاقيكي يا فاطمة
لفظ اسمها لم يكن بالشيء الهين ، لم يكن يمر مرور الكرام على مسامع قلبه ، هل هناك وجها آخر خلف لهفته هذه ؟
رمى رأسه على حافة المقعد خلفه وهو يغرب عيناه ويتنهد بحدة و كأنه قد بدأ في معركة نارية لوطن مجهول لم تضح رايته إلى الآن !....
____________________________صلّ على الحبيب
كانت قد خلعت معطفها الطويل وحجابها ، ونظرت للمرآة عدة مرات وهي تعاين مظهرها ..كم احبت تلك الرداء لأنه اعاد نظرة مرتبكة في عيناه عند رؤيتها ...احيانا تتوتر لشعورها المضطرب الذي يلازمها منذ أن وعت للحياة ، كانت دائما تشبهه بالحياة ....فبها الكثير من الألم وبها لحظات خاطفة من السعادة الحقيقية ورغم ذلك نريدها ولا نعلم اهذا حباً أو الخوف من هجرها والفناء ..هو كذلك ..حقاً كذلك
شواظ نيران الموقد ادفئت المكان بعض الشيء ،وانتشر الدفئ للغرفة المجاورة التي اصبحت غرفة جلوس ، ووقف آدم يراقب اشباح الدخان التي ترتفع من الإناء الذي يُعد به الحساء الساخن ...شعور غريب يجتاحه وكأنه في زوبعة موجة خاطفة تبتلع من يقترب رغم أن بيده قارب النجاة !
فأيهما سيكون أقرب ؟ ....
خرج من تيهته ليقترب من الاناء ويختبره حتى تأكد من نضجه ...وضع بعض شرائح اللحم المقدد وطبق من شرائح الخضراوات الطازجة ثم الحساء الساخن في آنية فخارية ..وصعد على الدرج ولم يتعجب من ركض الهرة خلفه ، فبالتأكيد أنها تتلقف رائحة اللحم ..
بقلم رحاب إبرهيم
دلف للغرفة وصينية الطعام بيده ولم ينتبه لمريلة المطبخ السوداء المعلقة بعنقه حتى سمع رنين ضحكتها وهي تنظر له متفاجئة قليلاً...
قال بمرح :-
_ أول مرة أشوفك بمريلة المطبخ ، أسفة ماقدرتش امسك نفسي من الضحك الصراحة ...
وضع الصينية على المنضدة الدائرية وابتسم لضحكتها ثم خلع عنه هذا الشيء ليشير لها بعد ذلك بالاقتراب حتى تجلس بجانبه ويتناولوا الطعام ..اقتربت لتجلس بجانبه ولم يذهب عن مرآه وملاحظته أنها خلعت معطفها ليظهر تناسق هذا الرداء مجددا عليها ...تنحنح وبصعوبة قد ابعد نظره عنها حتى لا تلاحظ ذلك ....
هي تعرف انها تؤثر ولكن لا تعرف انها معشوقته..فذلك شتان لا يفصلهما سوى الاعتراف .
بدأت الهرة تحوم حولهم حتى وضعت لها مريم بعض اللحم في طبقها واكتفت بوضع اللحم على جسد الصينية الفضية اللامعة فالشرائح تبدو أكثر من كافية ولا تدرك أن آدم قد اشرك هذه الهرة كطعام فرض زائد رغم كرهه لها !..
تلذذت بالمذاق أم تراها تتلذذه بسبب صانعه ؟
تعجبت لأنها أول مرة تدرك انه على دراية لا بأس بها بأمور المطبخ حتى قال فجأة :-
_ عجبك الأكل صح ؟
ستكون سخافةٍ منها أن نفت لمجرد اغاظته وهو من اجهد نفسه ليريحها ..قالت بصدق :-
_ تحفة أووي ، تسلم إيدك بجد
ابتسم بثقة ولم يخفي عليه تعابيرها الراضية وهي تتناول الطعام ...فتلصص النظرات إليها بات مهنته رغم أنها زوجته وهذا اقل حقوقه !...
بعد الانهاء من الطعام أخذ الاطباق وهبط بهم للأسفل ليقوم بغسلهم حتى هبطت خلفه معترضة على ذلك ...
قال هو بتصميم :-
_ لأ..دي حاجة خفيفية روحي ادفي انتي الجو برد
اقتربت تأخذ منه ما بيده من زجاجة الصابون حتى دفعها برفق ولم يعتقد أنها سيختل توازنها بسبب عرج قدماها مما جعلها تصرخ وهي تحاول الامساك به حتى سقطت بالفعل على الارض ....صدمته في ذلك لم تقل عن نفسها الجريحة التي اوضحت لها أنها لا تصلح أن تكون زوجة تلم بشؤون بيتها مما جعل عيناها تتسع بدموع صامته على وجنتيها ....جثى على ركبتيه بجانبها بعد أن رمى ما بيده ليأخذ وجهها بين يديه متلهفا خائفا ..قال :-
_ مريم حصلك حاجة ؟ ، انا اسف ماكنش قصدي والله
رفعت وجهها المغرق بالدموع وقالت بألم :-
_ انا ما انفعش زوجة يا آدم ، ما انفعش
ضيق نظرته عليها بحدة وأراد أن يهزها من كتفيها بعنف ويهتف ..انها بالنسبة له العالم بآسره....
آخذ وجهها لصدره بضمة قوية مثلما تمنى دائما ولكن لم يؤلمها بل تألم هو لبكائها الذي بثته على قلبه ثم حملها بين ذراعيه برفق حتى الأعلى ....
دلف للغرفة ووضعها على الفراش بلطف وجلس بجانبها بعد أن دثرها بالأغطية وهمس بحنان وهو يأخذ اناملها ويضمها إليه :-
_ هتبقي احسن زوجة في الدنيا ، بس مش لازم تغسلي اطباق ...
تهدج صوتها حين قالت :-
_ يبقى أزاي هبقى زوجة وانا مش عارفة آراعي شؤون بيتي ! ، أزاي هبقى ...
وضع اصبعه على فمها يوقفها عن الحديث وهمس مرة أخرى وهو يفرد اناملها على جانب وجهها ثم اطبق يده عليها وقال :-
_ الزوجة يا مريم اولا لازم تكون قلبها بيت وروحها سكن لجوزها وصدقيني مش مهم أي حاجة تانية ...
قبل باطن يدها حتى صفعته جملتها ...
_ يا ترى انا هبقى كدا للي هتجوزه بعد كدا ؟
قالتها مختبرة واستقبلها بغضب العاشق الذي احترق بنيران مجهولة لم تبدأ بعد ...
وقفت غصة حارقة بحلقه ولم تريد العبور حتى ترك يدها ورمقها بنظرة معذبة ..نظرة تقسم أن تلك الصغيرة لن تحبه يوما أو ستتفهمه يوماً.....خطوات البُعد تقدمت ليعود تلك القاسي الذي لن يرضخ أبداً لهذا العشق.....
خرج من الغرفة سريعا ولم يبدر أي غضب وكأن ما قالته لا يعنيه ، فهذه ستظل مشكلته الابدية معها ...لن تصل ابداً لمنطلق اعماقه...لن تفهمه وتفهم ما يعانيه ، لن تفهم عشقه ابداً ...فهو جريح منذ سنوات وجرحه لا يندمل ، جرح مثل شقوق الأرض العطشى ..فكلما زادت جفاف زادت شقوقها ، وما لجرحه من خلاص ، فلا الاخطاء الماضية تقبل الموت ولا الاموات تقبلهم الحياة من جديد ...
خرج من الكابين على ضفاف البحر التي كانت شمس شتائه في المغيب ، استقبل الهواء بصدر رحب رغم برودة الطقس ، فبرودة القلب قطبية الاتجاه ، ونفس مُلتاعة تريد النحيب ...حتى تركت حجرتها بقلب قد ركض قبلها ببكاء ، فكم كانت حمقاء عند طرح سؤال لا يمت بصلة على ما يعمل في قلبها ،واحيانا تبدي غباء لم تقصده وشاذ عن فكرها !....حتى رأته يقف مواليا ظهره للكابين بظل شارد ...
نست أن ترتدي معطفها لذلك حمس رطب الهواء رجفتها حتى وقفت بجانبه بإرتباك وهي تلف يداها حولها من البرودة وبدأت اسنانها تصطك قليلا حين قالت :-
_ انا مش قصدي أقول حاجة تزعلك
لم يجيبها بل ظل شاردا حتى قالت مجددا بنبرة متهدجة:-
_ آدم
وكما شهد القمر دموع ليالي من قبل في ذات المكان شهد دموعها التي تلألأت تحت أضواء قمرية شاغفة حتى وضعت يدها على كتفه ببكاء وقالت :-
_ انا مش عارفة افهمك وانت دايما بتسكت لما بتزعل ، بس انا بجد ما بحبش ازعلك ، لو زعلان من حاجة فهمني عشان ما اعملهاش أو حتى زعقلي وواتعصب عليا بس ما تفضلش كدا ....انا ما بحبش اشوفك كدا ساكت
وكما كان دائما ،فتأثيرها عليه أقوى من قوته ، اقوى حتى من غضبه ، التفت إليها بنظرة عميقة حتى رق عندما رأى وجهها الغريق بعبراتها المنفعلة وشعرها التي تركته دون غطاء لعلمها أن لا يوجد أحد بالجوار ....أراد شيء بجنون ولكن لم يستطيع أن يتكهن رد فعلها ...بل خائف منه فتمسك بالثبات ....
غلى الحزن بداخلها وهي تراه هكذا حتى بدأت تتحرك لتدلف إلى الداخل ..قالت شيء للتو أعترفت به :-
_ يمكن ما تصدقش اللي هقولهولك ، بس دايما انا كنت بعتبرك مثلي الأعلى بعد بابا ، كنت بعتبرك مكانه في مواقف كتير وانت كنت دايما بتعاملني بعصبية ورغم كدا عمري ما كرهتك....
وكيف لا يبتسم القلب الآن ! ، وكيف لا يترك لعشقه العنان ؟! .....جذبها من يدها بقوة ...
_________________________
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثانى2من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا