رواية وابقي بدون لقاء الفصل الرابع والخامس والسادس بقلم حور طه (جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات )
رواية وابقي بدون لقاء الفصل الرابع والخامس والسادس بقلم حور طه (جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات )
«البارت 4وابقي بدون لقاء »
_______________________
«في شقه اسر»
*****************
يجلس أسر على الكنبة، وعيناه تتجولان في كل زاوية من الشقة، وكأنها ستظهر فجأة من خلف الأثاث لتحتضنه. يشعر بفراغ البيت يلفه، ويستنشق هواءً أثقل من المعتاد، وكأنه يحمل ذكرياته معها. يمسك الريموت بأصابع متوترة ويشغل التلفاز على أي قناة عشوائية، لكن لا شيء في الشاشة يمكنه ملء الصمت. يسند رأسه للخلف على الكنبة بتعب واضح، فتسقط دمعة ثقيلة من عينه ببطء على خده. يغرق في شروده، وذكرياته معها تجتاحه بلا رحمة، وكأنها شريط سينمائي لا ينتهي،
«فلاش باك»
**********************
بشرى::أسر، ممكن نتكلم شوية؟"
أسر يبتسم ويغلق التلفاز::طبعًا يا حبيبتي، قولي."
بشرى تقترب منه وتجلس بجواره بتوتر::أسر..."
أسر بنظرة حب وهو يبعد خصلات شعرها عن عينيها::يا عيون أسر، قولي لي إيه اللي شغلك."
بشرى بتردد::أسر، ليه بقالك فترة بعيد عني؟"
أسر بدهشة::بعيد عنك إزاي؟ أنا كلي ملكك، حياتي كلها ليكي."
بشرى بخجل::هو أنا وحشة؟ ما بقتش أعجبك زي زمان؟"
أسر يبتسم::إنتِ أجمل ست شافتها عيني في حياتي كلها."
بشرى بتوتر وحياء::طب ليه مش عايز تقرب مني؟ وحرمني من لمستك."
أسر يمسك بيدها بلطف::يا بشرى، مفيش حاجة في الدنيا تبعدني عنك. أنا بس كنت بفكر في شوية حاجات تخص الشغل، لكن ده مش معناه إني بعيد عنك. إنتِ كل حاجة ليا."
بشرى::تعرف إني بفهمك من نظرة عينك وببقى عارفة إمتى بتبعد عني بسبب الشغل وإمتى بتبقى متعمد إنك تبعد. وللأسف، أنت دلوقتي بتبعد متعمد، مش بسبب الشغل."
أسر بقلق يظهر على وجهه، يحاول إخفاء توتره::بشرى، الموضوع مش زي ما إنتِ فاكرة. أنا بس خايف عليكِ... وعلى صحتك."
بشرى تنظر إليه بعينيها اللامعتين::خايف عليّ؟ من إيه؟"
أسر يتنهد بعمق، محاولًا أن يبقى هادئًا::الدكتور قال إن لو حصل حمل دلوقتي ممكن يكون فيه خطر عليكِ. أنا بحاول أحميكِ، مش بُبعد عنكِ."
بشرى بصوت مرتعش::يعني إنت مش متضايق مني؟ مش زعلان؟"
أسر يمسك يدها بلطف، ينظر في عينيها بجدية::مستحيل أكون زعلان منكِ. إنتِ كل حاجة بالنسبة لي. أنا بس مش عايز أخسرك."
بشرى تبتسم بخجل ودمعة تلمع في عينيها::وأنا كمان مش عايزة أخسرك. بس كنت محتاجة أفهم."
أسر يمسك يدها ويقبلها بحنان::أنا ما كنتش حابب أقول لك علشان ما تتوتريش... وكمان علشان عارف إنتِ قد إيه متعلقة بموضوع الأولاد ده."
بشرى بنبرة حزينة::كان نفسي أخلف منك طفل... أشوف جزء منك في حياتي، يكبر قدام عيني ويكون دليل على حبنا."
أسر يتنهد بتأثر::وأنا كمان كنت بحلم بكده... بس دي حكمة ربنا ولازم نقول الحمد لله."
بشرى بعينين ممتلئتين بالدموع::مش عارفة أعمل إيه... مش عارفة أتخطى الشعور ده."
أسر يحتضنها برفق::إحنا لسه مع بعض، وده أهم حاجة. هنكمل مع بعض مهما كانت الظروف."
بشرى بحزن وقلق::تفتكر هم هيسيبونا نكمل حياتنا عادي كده؟"
أسر بحزم وثقة::أنا ما يهمنيش أي حد غيرك إنتِ. مش هسمح لحد يبعدك عني، أنا بحبك."
بشرى بخوف وتردد::وأنا علشان بحبك مش قادرة أتخلص من الشعور ده، إني عاجزة ومش قادرة أكون أم لطفلك."
أسر بحنان ودعم::أوعي تقولي كده، دي حكمة ربنا. وإحنا مهما حصل هنرضى بقضائه. ليه بتسبقي الأحداث؟ أكيد ربنا شايل لنا حاجة أحسن. خلي إيمانك قوي، خلي عندك ثقة في ربنا دايمًا وما تتهزيش."
بشرى بتنهيدة عميقة::أنا عارفة، بس الخوف مالي قلبي. حاسة إني مش هقدر أتحمل لو ما قدرتش أكون أم."
أسر برقة وإصرار::إحنا في رحلة مع بعض، مهما كانت التحديات. أنا هنا علشانك، علشان نواجه أي حاجة مع بعض. ممكن يكون الطريق صعب، لكن إيماننا بربنا وبعض هيخلينا نعدي كل حاجة."
بشرى بتردد::إنت دايمًا بتعرف تطمني، بس ساعات بحس إن الدنيا ضدنا."
أسر بثقة::مفيش حاجة في الدنيا هتقدر تهزمنا طول ما إحنا مع بعض. كل تحدي بيقوينا، وكل عقبة بنعديها بتقربنا أكتر من اللي ربنا كاتبه لنا. أوعدك، هفضل جنبك مهما حصل."
بشرى بتأثر::أنا محظوظة بيك، إنت الدعم والسند اللي دايمًا محتاجاه."
أسر بابتسامة::وأنا مش ممكن أكون غير كده معاكِ. إنتِ نصي التاني، وهنكمل مع بعض مهما كانت الصعوبات. ثقي في ربنا وفي حبنا، وإن شاء الله الخير جايلنا."....
******************
«عوده من الفلاش باك»
*****************
أسر، بعد أن غرق في ذكرياته مع بشرى، يُفيق فجأة من شروده وكأن الهواء عاد ليتحرك من جديد. يمسح دموعه سريعًا، ينظر حوله بارتباك، ثم يحدث نفسه بصوت منخفض::ليه عملت كده؟ ما كانش المفروض أسيبها تمشي."
يقف ببطء ويتوجه نحو النافذة، ينظر للخارج وكأنه يبحث عن إجابة،بغصة::كنت خايف عليها... بس هي ما فهمتش... ما فهمتش إني كنت بحاول أحميها."
يصمت لبرهة، ينظر إلى الهاتف على الطاولة، يفكر للحظة قبل أن يهز رأسه.بحزم::لا... لازم أرجعها... لازم أحارب عشانها."
*************************
«منزل كارم»
****************
في الغرفة، كان الضوء خافتًا من أباجورة بجانب السرير. يجلس كارم على حافة السرير، ينظر إلى كاميليا بتساؤل هادئ::"شهد نامت؟"
تلتفت كاميليا نحوه بنظرة هادئة، تحاول إخفاء تعابيرها. تجلس على السرير وتستعد للنوم، ثم تقول بنبرة مرهقة::"آه، نامت. وعايزاك تنسى الموضوع ده نهائي، علشان أنا تعبانة."
يبتسم كارم ابتسامة دافئة، ويحاول الاقتراب منها، قائلاً بلهجة محبة:: "تعبانة من إيه بس يا حبيبتي؟ ده أنا لي شهر مسافر وإنتِ وحشتيني قوي."
تشعر كاميليا بضيق، وتحاول تجنب اقترابه. تتراجع قليلاً على السرير وتقول بصوت جاف:: "كارم، نام علشان أنا تعبانة ومش قادرة. الموضوع مفهوم، مش محتاج شرح، نام."
ينظر كارم إليها بتفهم، يشعر أن هناك شيئًا ليس على ما يرام، لكنه لا يريد أن يضغط عليها أكثر. يبتسم بحزن::"تصبحي على خير يا حبيبتي."
بينما كانت كاميليا تضع رأسها على الوسادة بجانب زوجها كارم، كانت مشاعرها مضطربة بداخلها. قلبها وعقلها كانا معلقين في مكان آخر، بعيدًا عن هذا السرير وهذا الرجل الذي يشاركها الحياة. تشعر بمرارة في حلقها وتفكر بعمق::"لحد إمتى حياتي هتفضل كده؟ مضطرة أعيش مع راجل مش بتحمل قربه مني."
تغمض كاميليا عينيها، تحاول أن تغفو، لكن تلك الأفكار والمشاعر تظل تلاحقها، تاركة قلبها في صراع.
تظل كاميليا مستلقية في السرير، تحاول طرد تلك الأفكار من عقلها، لكن تعود للظهور بقوة. تتساءل في نفسها كيف كانت حياتها ستكون لو أنها اختارت طريقًا مختلفًا، لو لم يدخل كارم حياتها.
تبدأ دموعها بالتسلل إلى عينيها، تحاول كتم صوت بكائها حتى لا يلاحظ كارم، الذي يبدو أنه بدأ في الاستغراق في النوم. لكن الصراع الداخلي ينهش قلبها. تفكر في كل لحظة تمر عليها، في كل وعد وكل أمل كانت تعيش لأجله، وكيف أن تلك الأحلام تحطمت فجأة عندما فرضت الحياة عليها مسارًا مختلفًا.
في تلك اللحظة، تقرر كاميليا أن شيئًا ما يجب أن يتغير. لا تستطيع الاستمرار في العيش بهذه الازدواجية، هذا الشعور الذي يأكلها من الداخل. تعرف أنها لا تستطيع البوح بمشاعرها لكارم، لكنها تشعر بضرورة مواجهة الحقيقة، الحقيقة التي تعيشها كل ليلة في أحلامها وفي لحظات الوحدة.
بينما كان قلبها ينبض بقوة، تأخذ كاميليا قرارًا داخليًا::"لازم أعيش حياتي زي ما كنت عايزة، مهما كان الثمن."
تظل مستيقظة لفترة طويلة، تترقب اللحظة التي يمكن فيها أن تحقق هذا القرار. هي تعلم أن الأمر ليس سهلاً، لكنها لم تعد تستطيع تجاهل هذا الصوت الذي يصرخ بداخلها.
**************************
«بعد مرور شهر،في منزل بدر ولد بشري»
*****************************
يجلس أسر مع بدر يبدو التعب واضحًا على وجهه.:: يا عمي، لو سمحت، خليني أقبلها وأكلم معاها...
بدر::يا حبيبي، أنا مش ممنع انك تتكلم معاها. بس هي حابسة نفسها في أوضتها، مش بتخرج ولا بتكلم مع حد...
يشعر أسر بصداع يشتد في رأسه، محاولًا إخفاء إحباطه.:: أعمل إيه يا عمي؟ هي رافضة حتى تشوفني...
بدر::معلش يا أسر، اتحمل شوية كمان، وهي أكيد هتهدأ وتتكلم معاك...
تتزايد حدة الصداع في رأس أسر، وكأن الأمور تتداخل حوله.:: حاضر يا عمي... ثم يقف ليغادر، ولكنه يشعر بدوخة شديدة تفقده الوعي.
بدر، بخوف، يحاول إفاقته:: أسر... فوق يا بني... أسر... بشري!
تخرج بشري بسرعة من غرفتها، تراها ملقاة على الأرض مغشيًا عليها. تجري نحوها وتلمس جبينه.بقلق:: أسر... إيه اللي حصل يا بابا؟
بدر:: كان جاي عشان يشوفك، ولما قولت له إنك مش عايزة تقابلي حد كان ماشي، بس فجأة أغمي عليه...
تأخذ بشري أسر في حضنها بحب ودموع.:: أسر، فوق... ماتوجعش قلبي. أنا مش قادرة أتحمل...
يبدأ بدر برش عطر على وجه أسر، ويشمه حتى يفتح عينيه ببطء.
أسر، بصوت خافت: بشري... أنا بحبك...
تضم بشري أسر أكثر، والدموع تتدفق من عينيها.:: وأنا كمان بحبك. انت دوا الجرح اللي فتحته عندي...
تنهمر الدموع من عينيها، بينما تشعر بأن الأمل يعود بينهما، رغم كل ما مروا به.
*************************
وسط غرفة مظلمة مضاءة بشموع تتراقص نيرانها على الجدران المتهالكة، يقف الدجال متكئًا على عصا خشبية غليظة، مشبّعة برموز غامضة محفورة بأيدٍ خفية. يلتف حوله دخان كثيف، وكأن الغرفة تعج بالأرواح الهائمة. عيناه لا تظهران سوى شرار متقد، نظراته تخترق القلوب وتزلزل النفوس. يرتدي ثوبًا ممزق الأطراف، تتدلى منه خيوط رثة، إلا أنه يبدو مهيبًا وكأن الزمن نفسه يخافه. صوت همساته منخفض، لكنه يكفي ليملأ المكان رهبة؛ كلماته تتسلل كالسم، تتسلط على عقلها::راجعتي تاني ليه.؟
المراه بصوت متردد::"أنا عملت كل اللي طلبته، جيت لك تاني عشان تساعدني. أنا تعبت… خلاص مش قادرة أستحمل، كل شيء بيضيع مني."
الـ ـدجال بابتسامة غامضة وهو ينظر إليها بنظرة حادة::طلباتي كانت بسيطة، وكنتِ ملتزمة. لكن الآن، الطلبات بقت أكبر، وده مش من أجل مصلحتي… بل من أجل مصلحتك."
المراه بقلق واضح:"أكتر من اللي دفعته؟ دفعت فلوسي كلها في اللي فات. لسه محتاج إيه.تاني؟"
الـ ـدجال يميل نحوها بخبث، صوته ينخفض كأنما يحبس الأسرار بين كلماته::"اللي محتاجه مش هيوصل إلا لما تضحّي بحاجات أعمق… جسدك هو المفتاح للبوابة اللي هتنفتح. وعشان نوصل اللي إنتِ عايزاه، لازم يكون في اتصال... اتصال روحاني بينّا. أنتِ عارفة ده، مش كده؟"
المراه تتراجع قليلًا، تتعرق ويدها ترتجف::"اتصال... يعني إيه؟ مش فاهماك..."
الـ ـدجال بابتسامة مخيفة::"أنتِ فاهمة كويس… جسدك، يا بنتي، هو اللي هيكمل العمل. الطقوس محتاجة لشيء حقيقي، قربان من نوع آخر. وأنا الوحيد اللي أقدر أديك القوة اللي بتدوري عليها. بس لازم تسلمي لي كل حاجة… كل حاجة."
المراه بصوت متقطع، وكأنها تحاول أن تقاوم، لكن كلماتها تكشف ضعفها::"يعني لازم…؟"
******************************
يتبع.....
____________
بقلم/ حور طه
_______________
«البارت 5وابقي بدون لقاء »
_________________________
المراه بصوت متقطع، وكأنها تحاول أن تقاوم، لكن كلماتها تكشف ضعفها::"يعني لازم…؟"
الـ ـدجال يقترب منها أكثر، وكلماته تخرج وكأنها تعويذة تسلب إرادتها::"لازم… وإلا كل اللي عملتيه هيروح. وعمرك كله هيبقى في الهوا… إنتِ عايزة القوة؟ عايزة تنتقمي؟ لازم تدفعي الثمن... واللي أنا بطلبه مش مجرد جسد، ده قربان لازم يتقدم من القلب… ومن الجسد."
المراه بهمس::"موافقه..."
الـ ـدجال بصوت عميق، يلتف الـ ـدخان حوله وكأن الطقوس بدأت::"إذن... تعالي.
المراه تتقدم نحوه ببطء، عيناها مترددة لكن مشدودة إليه كأنها مغناطيس، وكأنها فقدت قدرتها على التراجع::"أنا مش عايزة أضيع كل حاجة… مش قد الخسارة."
الـ ـدجال يمد يده نحوها، يلامس وجهها بأصابع خشنة كأنها أفاعٍ تزحف على جلدها::"الطريق بدأ، وانتي اخترتيه. مفيش رجوع دلوقتي. كل خطوة بتاخديها نحوي بتقربك من اللي إنتِ عايزاه."
المراه بهمس مرتبك::"أنا بس عايزة حقي… عايزة كل اللي ضاع مني يرجع."
الـ ـدجال صوته يزداد خشونة ورهبة::هيرجع… بس الجسد لازم يندمج مع الروح… دي قوانين الكون، ما ينفعش تكسريها. الطقوس دي أقدم من الزمان، وأنا مجرد الوسيط. هتنالي القوة، لكن لازم أكون أنا الباب اللي تعدّي منه."
المراه بيدين مرتجفتين وهي تحاول أن تقنع نفسها::أنا مش حاسة إني عندي اختيار…"
الـ ـدجال يهمس في أذنها، يتسلل إلى أعماقها::"الاختيار بقى من زمان مش في إيدك… انتي جيتي لي بإرادتك، وقدمتِ كل شيء. ما فضلش غير التضحية الأخيرة… وكل اللي حلمتي بيه هيبقى ليكي. هنبدأ دلوقتي."
المراه بهمس خافت يكاد لا يُسمع::"اعمل اللي لازم تعمله..."
الـ ـدجال يبتسم بشفاه ملتوية ويشير بإصبعه نحو دائرة غامضة مرسومة على الأرض، تحيطها رموز وطلاسم. يبدأ بترتيل كلمات غير مفهومة، والـ ـدخان يتكثف من حولهما::"اركعي هنا، وقدمي نفسك للطقس… اللحظة دي هتغير كل شيء."
المراه تنظر إلى الدائرة، تشعر بشيء يجذبها بقوة خارجة عن إرادتها، تدخلها ببطء وتقع على ركبتيها، عيناها مغلقتان كأنها تستسلم لمصيرها::"خلصني…"
الـ ـدجال صوته يصبح أكثر عمقًا وتهديدًا، يتردد صداه في الغرفة وكأنه قادم من عالم آخر::"كل شيء له ثمن… والتضحية الكبرى بدأت الآن."
الشموع المحيطة تتراقص بشكل أعنـ ـف، والـ ـدخان يلتف حول جسدها كأنه يبتلعها، في حين يرفع الـ ـدجال يديه في الهواء، وكلماته الأخيرة ترن كأنها نهاية عهد وبداية عهد جديد.؟
************************
في غرفة هادئة داخل منزل والدها، كانت بشرى تجلس على طرف السرير، تنظر من النافذة التي تُطل على الحديقة، والهاتف بيدها يهتز بخفة. أخذت نفساً عميقاً قبل أن تتحدث بصوت متردد:: "حبه في قلبي كان أكبر من أي جـ ـرح يا كاميليا، لكن؟…"
كاميليا على الطرف الآخر، بصوت مليء بالدفء والحنان:: "يا حبيبتي، قلتلك قبل كده إنك بتحبيه. أسر ما عملش كده إلا عشان خايف عليكِ."
بشرى، بابتسامة باهتة تخفي خلفها مزيجاً من الألم والحيرة::"بحبه، بس مشاعري لسه متلخبطة. طلبت منه يسبني عند بابا يومين… عشان أفكر، أفهم أنا فين من كل ده."
كاميليا بصوت هادئ ومتفهم:: "فهمك يا بشرى. أحيانًا بنحتاج نبعد شوية عشان نقدر نشوف الأمور أوضح. بس خلي بالك، المسافة اللي بينكوا ممكن تقويكوا أو تبعدكوا عن بعض أكتر."
بشرى، وهي تمسك بالهاتف بشدة وكأنها تبحث عن طمأنينة من خلاله:: "هو مش فاهم.أنا كنت محتاجة إيه. لما قرر الإجهـ ـاض من غير ما يسألني، حسيت إني اتكسـ ـرت. حتى لو كان خايف عليَّ، كان لازم أكون جزء من القرار ،ده."
كاميليا بتنهيدة عميقة::"أسر عمل اللي افتكر إنه صح، لكن برضه أنا معاكِ... كان لازم يبقى في حوار بينكم. يمكن ده الوقت المناسب عشان تقعدوا وتتكلموا بصراحة."
بشرى، وهي تمسح دمعة سالت بهدوء على خدها::عارفة يا كاميليا، أنا مش هقدر أنكر إني لسه بحبه. بس اللي حصل خلاني أشك في قدرتنا اننا نكمل. يمكن المسافة دي فعلاً تبقى اختبار لينا."
كاميليا، بصوتها اللطيف المليء بالأمل::"ممكن يكون كده، وده مش غلط. أحيانًا بنحتاج نعيد ترتيب مشاعرنا، ونواجه بعض الحقايق اللي كنا بنهرب منها. أهم حاجة إنك تبقي صادقة مع نفسك."
بشرى، وهي تنظر إلى السماء من النافذة وكأنها تبحث عن إجابة:: "يمكن... لكن مش عارفة هقدر أرجعله زي الأول ولا لا. كل حاجه بقى مختلف."
كاميليا بابتسامة مشجعة:: "لو الحب حقيقي، هتلاقوا طريقكم لبعض. بس إدي نفسك الوقت اللي محتاجاه، والأهم... متخليش الخوف هو اللي يقرر بدالك."
بشرى تمسح دموعها وتتنفس بعمق، محاولة استعادة هدوئها::"هحاول يا كاميليا، هحاول أكون قوية."
كاميليا بلطف::"وأنا معاكِي في كل خطوة، مش هسيبك."
**********************
بعدما أغلقت كاميليا الهاتف مع بشرى، جلست على الأريكة وهي شاردة بأفكارها. كانت تشعر بثقل كلمات صديقتها وتدرك أن ما تمر به بشرى ليس سهلاً. فجأة، قاطع تفكيرها صوت ابنتها شهد وهي تنزل السلم بخفة..
شهد (13 سنة) بابتسامة::"ماما، أنا نازلة السنتر عندي درس."
كاميليا، بلمحة حنان واهتمام::"طيب يا حبيبتي. كلميني أول ما توصلي عشان أطمن."
شهد وهي ترتدي حقيبتها: "حاضر يا ماما."
في هذه اللحظة، دخل كارم مبتسمًا، ينظر إلى ابنته بفخر::"حبيبة بابا... الدكتورة شهد كارم!"
شهد تضحك بخجل::"ادعيلي يا بابا، عندي امتحان مهم."
كارم وهو يربت على كتفها::"ربنا معاكي يا بتي، وإنتِ قدها. مش محتاج أدعي، إنتِ شاطرة وتستاهلي كل خير."
شهد تبتسم بفخر وهي تودعهم بسرعة::"شكراً يا بابا، هكلمكم أول ما أوصل."
تخرج شهد من الباب، وتبقى كاميليا تنظر إلى الباب للحظات، غارقة في أفكارها مرة أخرى. كارم يلاحظ شرودها ويقترب منها،بهدوء::"إيه اللي شاغلك كده؟ لسه مكالمة بشرى انا عارف انت دي بتحب بشرى وبتتاثري في اي حاجه بتحصل لها؟"
كاميليا تتنهد بعمق::"أيوة، حالتها صعبة ومش عارفة أساعدها إزاي. خايفة عليها، بس في نفس الوقت حاسة إنها محتاجة تلاقي طريقها بنفسها."
كارم بحنان::"أحيانًا اللي بنحبهم بيحتاجوا بس نكون جنبهم. مش لازم دايمًا نلاقي الحلول."
كاميليا تبتسم له بلطف::"يمكن عندك حق... المهم إنها تعرف إننا معاها."
كارم يقترب منها، يحاول أن يعانقها ويقبلها بلطف، لكنه يتفاجأ بها وهي تبتعد عنه بخفة، مغيرة الموضوع، بنبرة متوترة::"هقوم أحضر الغدا…"
كارم يمسك يدها بلطف، لكن بصوت حازم::"استني. ليه كل مرة أحاول أقرب منك تبعدي؟"
كاميليا تتوقف للحظة، لا تنظر إليه مباشرة، تتظاهر بالانشغال::"مش دلوقتي يا كارم... عندنا حاجات تانية أهم."
كارم، بنبرة يشوبها الحزن والقلق::"مش موضوع الغدا أو الحاجات التانية... أنا شايفك بتبعدي عني من فترة، وإحنا عمرنا ما كنا كده. إيه اللي حصل؟"
كاميليا تلتفت أخيرًا لتنظر في عينيه، تحملق للحظات قبل أن تتنهد بعمق::"مش عارفة يا كارم... يمكن أنا اللي مش قادرة أفهم اللي جوايا. بس بجد محتاجة شوية وقت لنفسي."
كارم، بصوت يحمل مزيجًا من الحيرة والألم::"وقت؟ إحنا متجوزين بقالنا سنين... إيه اللي محتاجه تفهميه دلوقتي؟"
كاميليا بصدق::"مش حاجة تخصك،يا كارم. حاجة جوايا... حاجات مش محلولة، وحاسه إني مخنوقة."
كارم يراقبها بعيون قلقة، ثم يترك يدها ببطء:"طيب… لو عايزة وقت، أنا مش هضغط عليك. بس عاوزك تعرفي إني هنا، ومستنيك."
كاميليا تنظر إليه ممتنة، لكنها ما زالت مترددة:"شكراً يا كارم…"
***********************
في غرفة المعيشة بمنزل عفاف، جلس بجانب والدته عفاف التي كانت تشغل نفسها بترتيب بعض الأوراق على الطاولة، وهو ينظر إليها بجدية..
أسر، بنبرة هادئة لكنه يحمل في صوته بعض التوتر:"ماما، بشري هترجع البيت كمان كام يوم. مش عايزك تضيقيها بكلامك."
عفاف ترفع حاجبها وتنظر إليه بنظرة حادة، وكأنها تستنكر ما يقول: "دلوقتي كلامي أنا بقي يضايق الست هانم بتاعتك؟ بقى أنا اللي الغلطانة؟"
أسر، يحاول تهدئتها وهو يقبل رأسها بحنان: "عشان خاطري يا ماما، لو بتحبيني. بشري تعبانة، وأنا ما صدقت إنها هترجع. بلاش تضغطي عليها."
عفاف ترد بصوت ملغوم، وكأنها تدبر شيئًا في داخلها: "حاضري يا ابني، أول ما الهانم بتاعتك تيجي مش هفتح بقي، بولا كلمه."
ثم تلتفت نحوه بابتسامة خبيثة: "بس وحياتك عندي، هتسيبك تاني، هتيجي. ساعتها هتفتكر كلامي لما تشوفها على حقيقتها."
أسر ينظر إليها بخيبة أمل، يشعر بالعجز وهو يحاول الحفاظ على هدوئه: "ماما، بشري بتحبني وأنا بحبها. ليه كل ده؟"
عفاف بتنهيدة زائفة، وكأنها تبرر نفسها: "أنا بس عايزة مصلحتك، يا ابني. لكن الوقت كفيل يوريك مين الصح ومين الغلط."
أسر يقف بصمت، ينظر إليها بعينين مثقلتين بالحيرة، ثم يغادر الغرفة دون أن يضيف كلمة، تاركًا عفاف غارقة في أفكارها.
خرج من الغرفة، خطواته ثقيلة تعكس الصراع الداخلي الذي يعيشه. وقف للحظة في الممر، مشهد والدته وهي تزرع بذور الشك في عقله يثقل صدره. كيف يمكن أن يوازن بين حبه لبشري وولائه لأمه التي يبدو أنها لن تتوقف عن محاولات هدم علاقته؟
في الداخل، عفاف لم تكن قد انتهت بعد. وضعت الأوراق جانبًا، نظرتها المتجمدة تحدق في الباب المغلق خلف أسر. ارتسمت على وجهها ابتسامة باردة، وكأنها قد أعدت خطة لم تفصح عنها بعد. نظرت إلى السقف وكأنها تتحدث إلى نفسها بصوت منخفض: "هترجع البيت... بس اللي هيحصل بعد كده؟ الله وحده اللي يعلم بيه."
كانت عفاف تلعب لعبة طويلة، لعبة لا يراها أحد سواها. في داخلها، كانت تؤمن أن بشري ليست الشخص المناسب لابنها، وأن الوقت سيثبت ذلك. ::"أنا عارفة نوعية الست دي... مهما حاولت تلمع نفسها، في الآخر هتتكشف. وحياة عيونك يا أسر، هتشوف بنفسك."
في هذه الأثناء، أسر جلس في غرفته، مغمض العينين، يحاول أن يجد هدوءًا وسط الفوضى التي تعصف بداخله. تفكيره يتأرجح بين حبه لبشري ووعود أمه الغامضة التي لم تكن مجرد تهديدات عادية. كان يشعر أن هناك شيئًا أكبر من مجرد كلمات، شيئًا غريبًا يكمن خلف نبرة أمه الملتوية. هل هي مجرد حماية أم أنها تدبر شيئًا في الخفاء؟
أسر لم يكن يعلم، لكن هناك سحابة من الغموض تقترب من حياته، تتشكل بهدوء ودقة، والعلاقة بينه وبين بشري ستخضع لاختبار لم يتوقعه.
في الخارج، وقفت عفاف عند النافذة، نظرتها تتجول بين السماء والأرض. ::"مش هطولي كتير، هتبقى أيام يا بشري... وأسر هيجيلي، منهار قدامي... وهقول له، كنت عارفة."
صوت الرياح يمر بهدوء في الحديقة، لكنه لم يكن يحمل أي سلام... فقط المزيد من الغموض الذي يقترب شيئًا فشيئًا.
*************************
يتبع..
____________
بقلم /حور طه
____________
صلي على الحبيب
«البارت6من وابقي بدون لقاء »
______________________
بعد مرور أسبوعين، يدخل أسر إلى المنزل وهو يحمل شنطة بشرى، وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه. يقترب منها بنظرة مليئة بالحب::"نورتي بيتك يا حبيبتي."
بشرى تقف في منتصف الغرفة، عيناها تتجول في أنحاء البيت وكأنها غابت عنه لسنوات طويلة. كل ركن يحمل ذكرى، وكل قطعة أثاث تستعيد فيها مشاعر كانت تعتقد أنها اندثرت::"البيت وحشني أوي... كأنه غاب عني زي ما أنا غبت عنه."
أسر يضع الشنطة جانبًا ويقترب منها بحنان، يأخذ يدها برفق ويقبلها، صوته يفيض بالشوق::"ما تسيبيش البيت ده تاني... ولا تسيبيني أنا كمان. أنا كنت همـ ـوت في غيابك."
بشرى تنظر إلى عينيه، وكأنها تقرأ مشاعره العميقة التي لا يقدر على التعبير عنها بالكلمات فقط. تبتسم ابتسامة حزينة، لكنها مليئة بالحب::"أنا ما كنتش عايزة أسيبك... بس كنت محتاجة أرتب أفكاري."
أسر، بصوت مبحوح يمزجه الصدق والشوق::"عارف، وكنت مستنيك برضه. البيت من غيرك كان فاضي... وأنا كنت فاضي."
بشرى تقترب منه أكثر، تتنهد وهي تتحدث::"الوقت ده خلاني أشوف حاجات ما كنتش شايفاها، فهمت أكتر قد إيه إحنا محتاجين بعض."
أسر بابتسامة ممتنة، وهو يمسك يديها بكلتا يديه::"وأنا كمان... عرفت إن مهما حصل، إنتِ حياتي، وبلاش أي حاجة أو أي حد يبعدنا تاني."
بشرى تهز رأسها موافقة، تشعر بالراحة أخيرًا::"مش هبعد تاني... بس عايزين نبني من أول وجديد. نتكلم، نفهم بعض، وما نسمحش لحد يدخل بينا."
أسر يقترب منها أكثر ويضمها إليه بحنان::"وعد... مش هسمح لأي حاجة تفرقنا تاني."
أسر احتضن بشرى بقوة، وكأنما يحاول أن يمحو كل ذكرى للغربة التي عاشاها. لكن في أعماقه، كان هناك شعور غير مريح؛ شيء غامض يحوم حولهما.
بشرى، وهي تتأمل تفاصيل وجهه، لمست في عينيه شيئًا غير مألوف. كان هناك شغف، لكن أيضًا ظلال من الحزن والقلق.:: "إيه اللي مضايقك يا أسر؟" سألت بلطف، محاولتها لاستخراج ما في قلبه.
أسر تردد للحظة، عينيه تتجول في أركان الغرفة وكأنه يبحث عن كلمات.::"أنا بس... حاسس إن في حاجة مش واضحة بينا، حاجة أكبر مننا." صوته كان مفعمًا بالتوتر، كأن هناك شيئًا يجلس بينهما غير معلن.
بشرى، تتجمد في مكانها، وقد انفتح أمامها باب جديد من الغموض: "أسر، تقصد إيه؟ احكيلي، إحنا مع بعض."
أسر، بينما ينظر في عينيها، تلاشت الابتسامة من وجهه.::"ماما، مش راضية تتقبل علاقتنا. حاسس إن في حاجه، ورا كل الكلام اللي بتقوله، وكل تهـ ـديداتها. مش عايزها تفرقني، بس مش عارف أتحكم فيها."
بشرى، مشاعرها مختلطة بين الحب والخوف::"يعني إيه بالضبط؟ في حاجة تخليها تضغط علينا؟"
أسر، وكأن جملة أخيرة قيدت لسانه::"عارفة، أوقات بحس إن مش بس علاقتنا هي اللي مضغوطة. فيه حاجة في الكواليس، حاجة معقدة جدًا."
بشرى، وهي تحاول فهم ما يقصده::"أسر، مهما كانت الظروف، إحنا مع بعض. هنتغلب على أي حاجة." لكن داخليًا، كانت تشعر بشيء ما يتسلل إلى قلبها-شعور بالقلق.
أسر، وهو يمسك يدها بقبضة قوية::"اوعدك، مش هسيبك. لكن محتاجك تكوني جنبي في كل خطوة. أحيانًا الحب مش كفاية، ودي حاجة صعبة أوي."
بشرى، بعمق غير متوقع::"أسر، الحب هو الأساس، لكن لازم نبقى حذرين. أنا مش عايزة أي حد يخرب علينا، خاصة، مامتك."
أسر، ينظر إليها بعينين مليئتين بالتحذير::"خلي بالك،يا يشري... أوقات الحب الغامض ممكن يخفي أشياء. وممكن نحتاج نكون جاهزين لأي حاجة."
بشرى، تشعر بالقلق يتصاعد بداخلها، لكن عزمها على الوقوف بجانبه كان أقوى::"هنكون جاهزين، مهما كان. لكن أولاً، لازم نعيد بناء الثقة."
أسر، بصوت منخفض لكنه حازم::"صح، لكن خليكِ حذرة. وفيه أحاجات بتقول إن ماما مش هتخلي علاقتنا تستمر بسلام."
بينما كانت بشري وأسر غارقان في حديثهما، دلفت عفاف إلى الغرفة ببطء، تجلس بفخر و كأنها ملكة قد دخلت قصرها. نظرت إلى بشري بنظرة قرف، وقد كانت على وجهها ابتسامة تحمل الكثير من الغموض::"حمد الله على السلامة، يا هانم."
بشرى شعرت بتوتر في الأجواء، لكنها حاولت الحفاظ على ابتسامتها: "شكرًا،يا ماما يا،عفاف.
عفاف، بصوت هادئ، لكن مشحون بالدلال: "شوفي، يا يشري. أنا عارفة إن جرحك صعب. بس يمكن يكون عندك فرصة تبني نفسك من جديد هنا."
أسر شعر بالتوتر بينهما، وقلقه يتزايد: "ماما، كفاية! انا وبشرى هنتجاوز باذن الله كل حاجه."
بشرى، تشعر بالتوتر في كلماتها::"أنا عايزة أبني أسرة،و مش هسمح لأي حد يبعدني عن أسر."
عفاف، وهي ترفع حاجبها في استهزاء::"يا حبيبيتي، الأسرة مش بس عبارة عن حب. فيه التزامات ومسؤوليات، وفيه طبعًا تجارب صعبة. وكل واحدة فينا لازم تكون قوية."
بشرى، تشعر بالتحدي في نبرة عفاف::"أنا قوية، وعايزة أكون قوية مع أسر. مش عايزة أي حد يخرب علينا."
عفاف، تمضي في كيدها::"مش هقولك إن الحياة مش سهلة، وفيه ناس بتظهر بشكل حلو، بس في قلبها أشياء مظلمة. أوقات الحب مش كفاية، لازم يكون في تفاهم وتضحية."
بشرى، تضع يدها على قلبها، وكأن كلمات عفاف تخترقها::أنا عارفة إن فيه تحديات، لكني مؤمنة إن الحب ممكن يتجاوز كل ده..
عفاف، تبتسم بشكل غامض::وأنا كمان مؤمنة، بس خليكِ واعية. أحيانًا، الوجه الجميل يخفي خلفه أشياء مظلمة. لو كنت مكانك، كنت هكون حذرة."
بشرى تشعر بأنها محاصرة بين كلمات عفاف وأفكارها، لكن عزمها على الوقوف بجانب أسر يزداد: "إنتي بتتكلمي وكأن الحياة صعبة لدرجة ما ينفعش نتجاوزها. لكن أنا مش هسمح لأي حد يقطع العلاقة بيني وبين أسر."
عفاف، تبتسم ببرود: "أنا مش بحاول أقطع، بس بحاول أفتح عيونك. لأن الأوقات الصعبة ممكن تكشف أشياء ما كناش متوقعينها."
في الخارج، بعيدًا عن بشرى، يأخذ أسر والدته عفاف إلى جانب. يظهر على وجهه انفعال واضح.
أسر بانفعال:: خلاص، بقى! كفاية! ليه دايمًا بتحاولي توتري علاقتنا؟ أنا وبشري عايزين نعيش حياتنا بدون تدخلاتك!
عفاف،مستغربة:: أنا مش بتدخل، بس بحاول أقول لك إيه الصح! بشري مش هي الست اللي هتسعدك وتكمل معاها حياتك.
أسر بغضب مكتوم::إيه الصح اللي بتتكلمي عنه؟! كل مرة بتدخلي فيها، بتحرقي كل حاجة!
عفاف بتعجب:: مش قادرة أفهم، هي عاملة لك إيه سحر؟ مش قادر تشوف غيرها؟
أسر بصوت متماسك، لكنه مليء بالاستياء:: يا ماما، ارجوكي افهمي، انا بحب بشري. واللي بتعمليه ده مش هيخسرني بشري، هيخليك انت تخسريني!
عفاف باندهاش:: معقولة، يا اسر، هتسيب أمك علشان دي؟ صدقني، يا ابني، طول ما أنت معاها، هتفضل طول حياتك تتعذب!
أسر بتصميم وقوة:: أنا ليّا مشاعري وأفكاري، وأعرف أحدد أنا عايز إيه. مش عايز من الدنيا دي غير بشري. مش لازم تفرضي أفكارك عليا. سيبيني أعيش حياتي زي ما أنا عايز، مش زي ما أنت عايزة!
عفاف بصرخة، محاولة للتأكيد على موقفها:: بس أنا عايزة الأفضل ليك!
أسر يبتسم بمرارة، وعيناه مليئتان بالإصرار:: الأفضل هو إنك تسيبي بشرى في حالها!
يقول كلمته الأخيرة بوضوح ويعود إلى شقته، بينما تشعر عفاف بالخسارة والخيبة، فتبدأ في النزول إلى شقتها، وكأن كل كلمة قالتها كانت في مهب الريح..
*************************
«في منزل سامر »
*****************
وسط الضباب، وجدت رحمة نفسها في مكان غريب. كان هناك نور خافت يضيء المكان، ويبدو كأنّه يتخلل عبر ظلال كثيفة. فجأة، ظهرت أمامها فتاة شابه، لكن ملامح وجهها كانت غير واضحة. كان لديها شعر طويل ينسدل حول وجهها، وعينيها تلمعان كنجوم بعيدة.
صرخت الفتاة برقة، ::"رحمة، أحتاج مساعدتك!" لكن صوتها كان كهمسات تأتي من بعيد، وقلوبهم كانت تتراقص بخوف.
رحمة، مترددة، قالت، ::"من أنتِ؟ ليه، تحتاجينني؟"
لكن الفتاة لم ترد، فقط استدارت وبدأت تمشي بعيدًا، تاركةً وراءها خيطًا من الضوء اللامع. اتبعتها رحمة بخطوات سريعة، ولكن كلما اقتربت، تباعدت المسافة أكثر. كان هناك شعور غريب بالحنين والارتباك يملأ قلبها.
في لحظة، توقفت الفتاة وأدارت رأسها نحو رحمة، ولكن كانت عيناها مغطاة بظل. همست، ::"أنا في خطر، ومفتاح إنقاذي في يديك."؟
تستيقظ رحمة فجأة، وجسدها يرتعش وعرق بارد ينساب على جبينها. تنظر حولها في الظلام، قلبها ينبض بقوة، وكأن صدى تلك الكلمات الغامضة ما زال يتردد في الغرفة. تجلس على طرف السرير، تلتقط أنفاسها بصعوبة، بينما سامر يجلس بجانبها ويحاول تهدئتها.يضع يده على كتفها بلطف:: "مالك يا حبيبتي؟ نفس الحلم تاني؟ اشربي شوية ماء."
رحمة تتناول الكوب بيد مرتعشة وتبلع بعض الماء بصعوبة.بصوت خافت، مليء بالقلق:: "أيوة يا سامر... نفس الحلم. البنت... مين البنت دي؟ وأنا إزاي ممكن أساعدها؟"
يتنهد سامر بصبر، ويحاول أن يسيطر على هدوئه ليخفف من توترها.بهدوء طمأنينة:: "ما توتريش نفسك، إن شاء الله خير... نامي وحاولي ترتاحي."
تضع رحمة الكوب على الطاولة بجانب السرير، ثم تلتفت إليه بعينين مليئتين بالحيرة والعزيمة بإصرار:: "لا يا سامر... مش هرتاح غير لما أعرف مين البنت دي. هي محتاجاني، أكيد في حاجة مهمة لازم أعرفها."
يأخذ سامر نفسًا عميقًا، يدرك أن قلقها أكبر من مجرد حلم عابر، ثم ينظر إليها بعينين ملؤهما الحنان:: "طيب، انتي مش فاكرة أي حاجة عن ملامحها؟ أي تفاصيل صغيرة؟"
تنظر رحمة إلى الأسفل، محاولة استرجاع كل ما رأته في حلمها، لكن ملامح الفتاة تظل غامضة وغير واضحة.بإحباط:: "للأسف، كل مرة بشوفها... وشها مش بيكون واضح... كل حاجة بتبقى ضبابية."
سامر بلطف:: "ما تضغطيش على نفسك. أحيانًا الأحلام بتكون مجرد انعكاس لحاجات بنفكر فيها."
رحمة تتنهد وتشيح بنظرها بعيدًا، لكنها تشعر بعمق أن هناك شيئًا أكبر يتجاوز الأحلام العادية. يظل الصمت يلف الغرفة، لكن في داخلها، لا يزال النداء يتردد....
**********************
يتبع...
___________
بقلم حور طه
______________
صلي على الحبيب
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا