القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نصف عذراء الفصل الأول حتى الفصل الأخير بقلم الكاتبه خديجه السيد(حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات)

 رواية نصف عذراء الفصل الأول حتى الفصل الأخير بقلم الكاتبه خديجه السيد(حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات)




رواية نصف عذراء الفصل الأول حتى الفصل الأخير بقلم الكاتبه خديجه السيد(حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات)


نبذة مختصرة:- تزوج (طارق) من ابنة خالته (حنين) بعد أن تبادلا الإعجاب بصمت لسنوات. كان طارق يشعر بالحب تجاه حنين، فتقدم لخطبتها، و وافقت عائلتها لأنها لم تجد عريسًا مناسبًا لابنتهم سواه، لكن الغريب هو أن حنين رغم حبها الصامت لطارق كانت ترفض الزواج لكن تحت ضغط عائلتها تخلت عن عنادها و اضطرت أيضا للاستسلام لنصائح والدتها بأن تكون فتاة مهذبة ولا تظهر لزوجها أنها متلهفة للعلاقة الزوجية، وأن تخفي أي شعور تجاهه حتى لا يُقال عنها إنها فتاة سيئة السمعة أو مشكوك في سلوكها.. أما طارق كان متشوقًا لقضاء أوقات ممتعة مع حبيبته، فوجئ بأن زوجته تحمل تجارب سلبية جعلتها تكره وتنفّر من العلاقة الحميمة.




الفصل الأول 

_________________


تعالت أصوات الأغاني والزغاريد المنبعثه من

مركز التجميل، فكانت الموسيقى صاخبه تضيف جواً من السحر على المكان حيث ارتسمت السعادة والسرور على وجوه الحاضرين مع العروسه، فقد كانت الأجواء مميزاً.. ألا على شخص واحد فقط كان يشعر بان هذا اليوم اتعس يوم بحياته .


قبل عدة أشهر جلس الجميع سوياً على مائدة الطعام بدأوا بتجاذبون الحديث البسيط بينهم حتي أخبرتهم زينب الأم عن طلب ابن اخت شقيقتها لزواج ابنتها الصغيره حنين وانها وافقت، نهضت حنين بصدمة كبيرة وهي تصيح بغضب شديد 


= نعم انتم بتهزروا يعني ايه تديله كلمه من غير ما تاخدوا رأيي حتي ثم مين قال لكم ان انا عاوزه اتجوز، لأ لأ قولوا له انكم رجعتوا في كلامكم او اي حاجه بس انا مستحيل اتجوز 


تعجب الجميع من رده فعلها الصادمه واعتلت وجوهم علامات الدهشة والاستغراب لتهتف الأم بدهشة 


= وده ليه ان شاء الله؟ بنت انتٍ انا كنت بكبر دماغي من العرسان اللي بترفضيها وبقول لسه صغيره انما دلوقتي خلاص بقى عندك 25 سنه هتستني ايه تاني؟ ثم إن ماله طارق ابن خالتك واد كسيب وعنده شقه في نفس عماره أمه وبيدخله دخل كويس ومتعلم وشريكي يبقى ايه عيبه بقى 


حاولت حنين أن تبدو طبيعية أمام والدتها حتى لا تثير القلق في لحظه كهذه لتردد بصوت متوتر 


= انا ما قلتش انه في عيب بس انا اللي مش عاوزه هو الجوز بالعافيه يا ناس، هو بني ادم كويس مش هنكر ده بس آآ انا مش عاوزه اتجوز خالص خليه يشوف واحده احسن مني 


عقد شقيقها محمود حاجيبة باستغراب وهو يقول بصوت ساخراً


= هي بنتك دي جرى لعقلها حاجه قاعده تشكر في الرجل وفي نفس الوقت تقول مش عاوزاه ويشوف واحده ثاني ما تعقليها ياما احنا خلاص ادينا للراجل كلمه هطلع عيل قدامه ولا ايه؟ وبعدين احنا مش هنلاقي حد كويس غيره و على راي امك على الاقل عارفينه و هتسكني جنبنا فتحي مخك بقى وبلاش العند اللي بيركبك ده 


هزت زينب رأسها بعدم مبالاة وهي تردد 

باصرار


= سيبك منها دلع بنات وخلاص لو كان في عيب واحد بس يا حبيبتي كنت انا واخوكي رفضنا من قبل ما نعرض عليكي لكن انتٍ حتى بتقولي اسباب هبله زيك ومش لاقيه في عيب أصلا.. 


ثم وجهت نظراتها إلي ازواج ابنائها الاثنين هاتفه بحنق واضح


= ما تتكلموا انتوا الاتنين مش طول الوقت قافلين على نفسكم الاوضه و نازلين رغي عقلوها بقى شويه وفهموها ان البنت راحت ولا جت ملهاش الا بيت جوزها، وان الراجل ما فيهوش حاجه تعيبه 


اقتربت في تلك اللحظه عبير ارمله اخيها الأكبر وحوطتها بحنان وهي تردد بصوت خافت وأقرب للهمس 


= اهدي بس يا حماتي ما هو في النهايه اسمه جواز بالاتفاق ولازم يكون برضاها وموافقتها خلينا نتكلم معاها بالراحه ونفهم دماغها فيها ايه، جايز يكون الجواز نفسه فكرته مخوفاها ولا حاجه.. اتكلمي وقولي يا حنين اللي قلقك من طارق ولا من الجواز نفسه مش انتٍ مش بتخبي علينا حاجه اتكلمي يا حبيبتي.


حنين وقد نهضت من مقعدها للداخل وهي تهز رأسها برفض تام فقط دون حديث، بينما نفخت الأم مستاءًه منها وهي تهتف بنفاذ صبر


= شايفين حرقه الدم اهي ساكته عشان مش لاقيه حاجه والمره دي العريس ما فيهوش عيب انتٍ اللي رافضه وخلاص يا خايبه هتعنسي جنبي من كتر العرسان اللي عماله ترفضيهم وبعد كده ما حدش هيبص في وشك . 


وقبل أن يتحدث أحد تحركت إيمان زوجه محمود بدلال وهي تردد بصوت خافت


=عنك انتٍ يا حماتي سيبها لنا واحنا هنعقلها ونفهمها. 


وفي تلك اللحظه تحدث محمود زوجها مازحاً والإبتسامة تعلو شفتيه بثقة


=خلاص ياما سيبيها لايمان انا عارفها طالما حاطط حاجه في دماغها يبقى مش هتطلعها غير لما تنجز المهمه وتخليها توافق 


كانت حنين في وضع صعب، مضطرة لطاعة الجميع لتفلت من ضغوطهم وقد وصلت إلى سن الزواج ودون مبررات لرفض العريس هذه المرة ورغم أنها كانت تشعر بإعجاب صامت تجاهه، إلا أن فكرة الزواج كانت مرفوضة تمامًا بالنسبة لها.


لم تنجُ حنين من توسلات الجميع وإصرارهم الشديد على الزواج من طارق، حتى أن والدتها زينب تعجبت من هذا الإصرار الغريب وقررت دعم طارق، فقد فكرت جيدًا في الأمر، ورأت أنه يتمتع بالرجولة والشجاعة، وأنه يحب ابنتها بشكل واضح، بالإضافة إلى أنه في وضع مادي جيد لذا لماذا تضيع وقتها، و الأهم من كل ذلك، حيث تعرفه جيدًا وتعتبره ابن شقيقتها.


افاقت فجاه حنين على صوت تلك السيده وهي تبوخها بعصبية بسيطه


= وبعدين بقى يا عروسه كل شويه عينك تدمع وتبوظيلي المكياج حاولي تمسكي نفسك شويه، خلاص المفروض اجهزك على الساعه سبعه وتكوني طالعه من هنا مع عريسك بالنظام ده هتتاخري وهيرجعوا يحاسبوني انا 


تقدمت منهم في تلك اللحظه زينب الأم وهي تتساءل على مضض


= في ايه مالك محموقه أوي كده ليه يا اختي على العروسه.. ما براحه على البنت 


حاولت ايمان التدخل و أن تزيح أي عقبات قد تقف في وجه اتمام زيجه حنين اليوم مثلما اخبرها زوجها محمود حتى لا تحدث اي مشاكل من طرف حنين او والدته.. لتقول بصوت هادئ 


= معلش يا حماتي هي مش قصدها بس اصلي حنين كل شويه تتأثر يعني انها هتسيبنا النهارده وعينيها تدمع فبتبوظلها شغلها، معلش امسحيها فينا وانتٍ يا عروسه اهدي شويه يا حبيبتي ده النهارده فرحك و المفروض تفرحي مش تعيطي 


ظلت حنين صامتة لا تتفوه بشيء فقط تكتفي بالنظر إلى الأمام بشرود تفكر بشئ ما وهو ياخذ كل تفكيرها الآن وسبب تلك الدموع ولونها الذي أصبح شاحباً، بينما ربتت زينب على كتفها برفق وهي تحدق فيها باستغراب متسائلة 


= وانتٍ بتعيطي علي ايه انتٍ التانيه صحيح 

ده انتٍ بينك وبينا شارعين وكل يوم هتلاقيني نطلك او انتٍ تيجي تزورينا... ولا في حاجه تانيه انا ما اعرفهاش .


تنهدت عبير بقله حيله ثم تحركت لتجذب حماتها الى بعيد وهي تبتسم بهدوء 


=هيكون في ايه بس يا حماتي.. كملي شغلك خلاص يا مدام حقك علينا واحنا هنقعد بعيد هنا، مبروك يا حنين ربنا يتمملك على خير يا حبيبتي 


تحركت زينب بالفعل معهم لتهتف بشك والدهشة تعتريها 


= انتم عارفين حاجه ومخبيين عليا انتوا الاتنين؟ البنت دي عماله تعيط ليه لايكون لسه الدلع المرق بتاعها ومش عاوزه العريس.. دي هبله ما فيش زيه وعلى الاقل عارفينه وابن خالتها و الواد شكله شاريها وبيحبها 


اجابتها ايمان وهي تمط شفتيها بعدم مبالاة 


=يا خالتي وهي كمان بتحبه بس اديكي قلتيها دلع بنات وخلاص، تلاقيها متوتره من اليوم وكده عروسه بقى وبتدلع 


هزت رأسها وظلت زينب تتذمر في ضيق وهي تردد بعدم رضا


= ماشي لما اشوف اخرت الدلع بتاعها ايه؟ وبعدين خايفه من ايه 


هزت إيمان كتفها والابتسامة تعلو ثغرها وهي تقول بجرأة معتاده عليها بشخصيتها 


=معلش يا خالتي اول مره بقى وليها رهبه بكره تلاقيها بتفتكرنا بزياره كل شهرين بعد ما يحصل المراد والتوتر يروح . 


اعتدلت ايمان في مواجهة عبير التي بدأت ترمقها بنظرات الاحتقار وهي تقول بضيق 


=انتٍ ما فيش حاجه في دماغك الا قله الادب دي؟ طب اتلمي يا اختي بدل ما حد يسمعك من الموجودين وياخد عننا فكره غلط 


امسكت خصلات شعرها الخارجه من الطرحه تحركها بدلال ودلع محولاً اغاظتها لتهتف بصوت هامس بخبث 


=جرى ايه يا ابله عبير هو انا قلت حاجه غلط وياخد عني فكره غلط ليه ما انا متجوزه يعني فاهمه وعارفه الحاجات دي عادي.. واللي غيران مننا يا حبيبتي يعمل زينا 


ابتسمت بسخرية وهي تسألها بنظرات صارمة


= واعمل زيك ان شاء الله فين فقدتي الذاكره خلاص، انا بقيت ارمله وقاعده مع حماتي بربي الاربع عيال وكملت ال 45 سنه ولسه بعد كل ده هقول جواز تاني.. يا اختي بلا قرف خدناه إيه من الرجاله حيين ولا ميتين ده انا في نعمه .


ضحكت بغنج ثم تحدثت بنبرة باردة ساخرة 


= خدنا كتير ولسه بناخد منهم لما يقع حظك مع راجل يهنيكي بجد، انتٍ بس اللي وش فقر 

ومش عارفه تتعلمي ازاي تهني الراجل وتخلي زي الخاتم في صباعك زي ما انا عامله مع محمود حبيبي وجوزي وابو عيالي.. تعرفي لسه عندك وقت برده السن بتاعك مطلوب بس ابقي اتعلمي الأول بدل ما تخليهم يروحوا بدري من ايدك 


صمتت عبير وجزت على شفتيها بحنق وقبل ان تكمل كلماتها الأخري تفاجأت ايمان باتصال لتبتسم بغرور ثم نهضت تهتف باستفزاز 


= شفتي ما يقدرش يستغنى عني هروح ارد عليه بره عشان الدوشه وجايه على طول.


نظرت عبير إليها بغيظ ثم أولتها ظهرها وهي تشيح في وجهها قبل ان تقول باشمئزاز


= جاتك القرف عليكي وعلى محمود بدري بت قليله الادب صحيح. 


❈-❈-❈


وعلي الجانب الآخر بين العائلتين بدأوا يرتبون سوياً الاستعدادات النهائية لحفل زفاف الليلة وكيفية استقبال المدعوين والترحيب بهم على أعلى مستوى... بينما كان طارق العريس يحتسب الدقائق بل الثواني لكي يكون مع حنين التي طالما عشق براءتها وحبهم الصامت لسنوات .


بدأ الوقت يمر وكان سريعاً جداً على حنين وبطيئاُ جدآ على طارق.. توجه طارق بصحبة والدته وأهله إلى مركز التجميل لاصطحاب العروس الجميلة وما هي إلا ثواني معدودة حتى خرجت حنين من الداخل وانطلقت الزغاريط عالياً في المكان، تأمل طارق حنين وتفحص كل جزء منها بتمعن شديد بحب... 


رمقت زينب ابنتها بحذر لتبتسم وحاولت هي لا تتعمد فعل أي شيء لتثير غضبهم لذا تحاملت على نفسها وابتسمت له بارتعاش.. ثم هتفت زينب بابتسامة عريضة


= ايه رأيك في عروستنا الحلوة يا عريس


اقترب طارق من حنين ثم أمسك كف يدها وانحنى لها وقبلها برقة لكنها سحبتها بسرعه من المفاجاه وهو يقول بإعجاب 


=قمر يا طنط وهي دي محتاجة كلام 


هتف محمود من الخلف باستعجال


=مش وقت حب ورومانسية هنا يالا ورانا فرح ومعازيم مستنين كفايه اتاخرنا على الميعاد اصلا 


هز رأسه بالايجاب ثم أمسك طارق بذراع حنين و تأبط بها وهو يضغط على كفها بقبضة يده مرددًا بلهفة 


= ايوه صح القاعه.. يالا يا عروسة 


❈-❈-❈


قام طارق بفتح باب المنزل وهو يشير بيده كتاحيه الى أسرته مبتسماً بهدوء لكن بعينه أشار الى والدته بضيق حتى ينزلوا فهو يكره تلك العادات والتقاليد السخيفه بل ينتظرون هنا حتى تأتيهم الأخبار اليقينه وماذا فعل مع عروسته دون خصوصيه، لوت أمه هياتم ثغرها علي مضض واخذت الناس للاسفل بالفعل.


وهذا جعل حنين ترتاح الى حد ما فهي لا تفهم لماذا صعدوا معها الى هنا؟ كانت على وشك الدلوف إلى الداخل حينما وجدت طارق يمنعها من الدخول فتعجبت منه وتوترت لتظل مكانها 

فهتف الآخر ناظراً إليها بنظرات حالمة 


= ودي تيجي برده يا عروسة تخشي على رجليكي وأنا موجود 


وقبل ان تعترض وضع أحد يديه خلف ظهرها والأخرى أسفل ركبتيها ثم انحنى قليلاً وحملها بين ذراعيه ودلف بها إلى داخل المنزل واغلق الباب بقدمه، شهقت هي بصدمة وبدأت بتحريك قدمها بالهواء وهي تردد باعتراض شديد بخجل 


= انت بتعمل ايه نزلني لو سمحت... آآ انا ما بحبش كده ولا عاوز حد يشيلني نزلني بقى 


أجابها بحب واستمتاع وهو يهز رأسه بالنفي


= تؤ عاوزك تهدي يا عروسه وارتاحي على الاخر انا هعمل كل حاجه النهارده 


هزت رأسها باعتراض ورفض وهي تقاوم بضيق شديد


= يا سيدي نزلني بقى انا غاويه تعب.. ما بحبش كده


ظلت تقاوم وهو تحرك ناحيه الداخل وهو حاملاً العروسه بين ذراعيه ولم تكف عن المقاومه لتهبط وهو صامت مما أزعجها و جعلها تحرك قدمها بقوه اكبر وفي وصول طارق بحنين إلى غرفة النوم فجأة قام بإلقاء العروسه بكل قوة على الفراش وهو بالأرض وسط ذهولها وذهوله لتصرخ متآلمة بغضب مكتوم 


= آآآآآآآه انت يا بني ادم انت حد ينزل حد كده لما انت مش قد الشيل بتشيل ليه ؟ 


توتر قليلاً بحرج وهو يقول بقلق


= معلش انا اسف ما انتٍ اللي فضلتي تتحركي خليتيني وقعتك انتٍ كويسه طيب.. معلش انا اسف حقك عليا 


نظرت إليه بأعين مرتبكه ثم بصمت نهضت من على الفراش بعد أن ظلت تزحف عليه قليلاً بينما الآخر ابتسم ونهض يخلع جاكيت البدلة الخاص به وألقاه على جنب ثم نزع البابيون عنه وفك أزرار القميص ودون مقدمات بدأ ينزع باقي ملابسه اتسعت عيناها وبسرعة هتفت صارخه بحده 


= لأ لأ لأ انت بتعمل ايه انت اتجننت انت هتقلع هدومك هنا قصادي ؟؟؟ 


عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول بصوت خبيث 


= وفيها ايه؟ امال عاوزاني اقلع جوه بالحمام مثلا و الهدوم تتبل ما يصحش هنا أحسن 


نظرت إليه بنظرات حادة وهي تردد بصوت مغتاظًا 


= وانا مالي تتبل ولا تتحرق مش في واحده قدامك مش ماليه عينك ولا ايه؟ وبعدين هي الشقه ما فيهاش غير الاوضه دي والحمام بس ما تطلع بره تشوف اي اوضه ثانيه 


ظل يتأملها بعشق وتعلو شفتيه ابتسامة اشتياق ورغبة قبل أن يعود مرادف بأمل


=لسه هطلع وادور وانور النور واشيل الهدوم من هنا لهناك، هنا اسهل وبعدين هي الواحده اللي مش ماليه عيني دي مش مراتي يعني وعادي.. حتى عشان ناخد على بعض أسرع فانا اغير وانت كمان تغيري قدامي وكده


شهقت بصدمة كبيرة وهي تردف بنبرة غاضبة


= وكده إيه يا قليل الادب يا سافل هو انت كمان عاوزني اغير قدامك؟ اهو ده اللي ناقص كمان 


اتسعت عينا طارق وقال بنبرة حادة


= هو انتٍ بتشتميني ولا انا متهيالي؟ 


ابتلعت ريقها بصعوبة تهتف مدعية الشجاعة


= مش بالظبط بس مين قال لك ان احنا عايزين ناخد على بعض بالطريقه دي يعني،

لأ لأ مستحيل اطلع بره غير هدومك ولا شوف هتعمل ايه بعيد عني بلا قله ادب


نظر لها مطولاً بعدم فهم متسائلاً بحيرة


= قله ادب.. هو انتٍ امك ما قعدتش معاكي ولا ايه؟ 


تجهمت ملامحها وتحدثت مدعية الغباء


= ايه داخل أمي بقله ادبك دي دلوقتي


تطلع نحوها بضيق ليقول وهو يتنحنح


= قله ادب تاني! احم أهدي بس وافهمي آآآ... الفستان شكله مش هيتخلع غير بحد معاكي فأنا كان غرضي شريف أساعدك لو عاوزة يعني...


وضعت حنين احدي يديها في وسط خصرها وعبث باليد الأخرى في خصلات شعرها ثم وقفت أمامه هاتفه بتحدي


=لا مش عاوزه شكراً وفر خدماتك لنفسك انا اصلا اللي لبست الفستان لوحدي وهعرف اخلعه لوحدي...


لوي شفته بخيبة أمل هاتفا بحسرة


= خلاص انتٍ حره ملكيش في الطيب نصيب 

انا هروح احسن استحمى بره


تحرك خطوتين ثم عاد إليها مجدداً ليقول بإصرار مازحاً


= يعني متاكده انك مش محتاجه مساعده 

فكري ده أنا ايدي خفيفة مش هاتحسي بالسوستة وهي بتتفك خالص وهي ثانيه وهتلاقيها اتفكت على طول 


هزت رأسها بيأس وضيق وهتفت بنفاذ صبر


= كتر خيرك مش عاوزه وبعدين مش قلت رايح تستحمى ولا انت مش عاوز تريح نفسك أبداً 


تطلع نحوها مبتسماً ليقول بصوت ماكر 


=راحت إيه بس في الليله زي.. دي ليلتك هتبقى نار معايا النهارده يا عروسة


نظرت إليه بنفور ثم أردفت بصوت هامس 


=نار هتحرقك ان شاء الله 


❈-❈-❈


حاول طارق تخفيف حدة التوتر والاضطراب السائدة بينهما فهو لا يريد افساد تلك الليلة بأي حال من الأحوال لذا أسلم شيء الآن هو أن يرحل للخارج و يترك لها مساحه قليله فبالتاكيد كل هذه التصرفات سببها الخجل فكل شيء جاء بسرعه بالفعل ولم يعتادون على بعضها البعض.


أغلقت حنين باب الغرفة ورائه وهي تتنفس الصعد اخيرا، ثم بحثت عن ملابس ترتديها في الدولاب ولكنها لم تجد إلا ملابس العرائس الغير محتشمة في وجهه نظرها فهي لم ترغب في أن ترتدي مثل تلك الملابس أمامه حتى أخيرا وجدت بيجامه طويله محتشمه ولم تكتفي بذلك حيث ارتدت فوقه الاسدال أيضاً


❈-❈-❈


في حين كانت حنين مندمجة في غلق الاسدال فجأة وجدت طارق يفتح عليها باب الغرفة فتسمرت في مكانها ونظرت إليه مصدومة فقد كان يقف أمامها بصدره العاري ولا يرتدي إلا شورتاً رياضياً فقط، كان يقترب رويداً رويداً منها ولكنه توقف فجأة حينما سألته بضيق باحراج


=انت لسه هنا آآآ... انت جاي ليه 


وقد انتبه لحديثها ليرد باستغراب مازحاً 


= نعم جي ليه؟؟ هو انا معزوم هنا ولا حاجه ده احنا متجوزين 


انتابتها نوبة من التوتر والقلق، فهتفت بنبرة متلعثمة


= مش قصدي كده قصدي كان المفروض تخبط على الباب افرض كنت لسه بغير هدومي مثلا.. إيه قله الادب بتاعتك دي 


مسح علي وجهه بضيق شديد منها وهتف قائلاً بنفاذ صبر 


= اللهم طولك يا روح، طب كفاية كلام وتعالي عشان نتعشى 


أخذت نفساً عميقاً وحاولت به أن تستجمع رباطة جأشها وشجاعتها أمامه ثم حاولت أن تتحدث بنبرة جدية


= ما ليش نفس مش عاوزه، انا عاوزه انام وبس دماغي مصدعه وما عرفتش انام كويس الأيام اللي فاتت بسبب ام الفرح بتاعك 


لوي شفته بسخرية وهو يقول باستخفاف 


= الفرح بتاعي هو انا كنت عازمك عليه ولا ايه؟ ما انتٍ كنتي عروسه في الفرح بتاعي ده برده.. بنت انتٍ هي امك ما قعدتش معاكي؟ 


هزت رأسها علي الفور بابتسامة مصطنعة


= ما طبيعي هتقعد معايا اكيد مش انا بنتها ولا حد قال لك ان احنا منعزلين عن بعض


فتح ثغرة بدهشة ثم همس بنفسه بغيظ


=لا دي طلعت غبيه اقول لها ايه دي دلوقتي بس؟ 


عقدت ساعديها أمام صدرها وأدارت وجهها الناحية الأخرى وهي تردد بصوت مصرآ ليتركها بمفردها


= هو انت هتفضل واقف هنا كتير ما تروح تاكل مش كنت جعان قلت لك ما ليش نفس 


فحص طارق حنين بتمعن شديد وخاصة أنها كانت ترتدي ملابس لا تناسب ليله الزفاف ابدأ لكنه خمن اسفل ذلك الاسدال بالتاكيد ترتدي المناسب، ظل يرمقها بتمهل شديد من أطراف أقدامها ليقول بنظرات فاحصة


= انتٍ الخسرانة براحتك، شويه والجوع هيقرصك وهتضطري غصب عنك تيجي تأكلي


ظلت حنين مكانها في الغرفة ثم اضطربت قليلاً حينما تذكرت أنها لم تأكل شيئاً منذ فترة طويلة، وضعت يدها على معدتها تتحسها بألم الجوع الذي سيحل بها عما قريب، لكنها هزت رأسها بعناد فتعلم جيد اذا خرجت فستتح له الفرصه للقادم لذلك ستتحمل الجوع اهون لها.


❈-❈-❈


مددت حنين جسدها على الفراش بعد أن غسلت وجهها من المكياج وتاكدت بان طارق يتناول الطعام بالخارج ولم يدخل لها، فقد كان اليوم منهكاً بالنسبة إليها بالإضافة انها لم تنم جيداً بالأمس فقد كانت تود أن تستريح ولو قليلاً من التفكير ولكن للأسف تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. 


أغمضت عينيها وهي لا تتمنى ان يحدث اي شيء الا النوم فقط لكن عقلها بدأ يشرد رغم عنها، قبل عده اشهر، ربتت عبير زوجه أخيها المتوفي وهتفت بتعقل


= وبعدين يا حنين يا حبيبتي انتٍ كبرتي خلاص وبقيتي عروسه ومسيرك هتتجوزي زي البنات بلاش ترفضي عريس مناسبه و كويس لانك في الاخر هتتجوزي هتتجوزي احسن ما يقع نصيبك في حد مش كويس 


اقتربت منهما إيمان مؤيدة كلمات الأخري وهي تقول


= اسمعي كلام ابله عبير يا حنين طارق مش غريب عننا ومتربي يعتبر قدامنا وعارفين اخره من اوله، ومتربي كويس.. وبعدين بلاش نضحك على بعض ما معظمنا برده شاهد على نظرتكم الصامته اللي كنتم بتبصوها لبعض باي مناسبه يبقى يوم ما يتقدم ترفضي برده ولا هو نظام بقى عيني فيه واقول أخيه . 


توترت حنين هنا بينما تطلعت إيمان نحوها بخبث وهي تضيف قائلة 


= اخوكي محمود وامك مش هيسيبوكي الا لما تتجوزي فاسمعي كلامنا ووافقي طالما العريس مناسب.. وما حدش عارف اللي جاي هيكون ايه. 


وبالفعل رضخت حنين الى ضغوطهم ولم تشعر بالوقت الذي مر بسرعه الا وهي تقف امام مراه المنزل تقيس فستان الزفاف، نظرت زينب الأم لها بتردد لا تعرف كيف تقول لها تلك الكلمات

وهي محرجه


= زي القمر يا حبيبتي.. آآ خلاص فرحك بعد يومين و انتٍ اكيد يعني عارفه انتٍ داخله على ايه واللي مفروض يحصل بينكم وانك تطيعي جوزك وكده آآ و يوووه بقى ما تيجي يا إيمان تفهميها انتٍ 


ضحكت ايمان بشدة وهي تتحدث بدهشة


= معقول يا حماتي لحد دلوقتي لسه بتتكسفي 

والله ما فاهمه حمايا ده سابك و راح يتجوز غيرك ازاي وانتٍ زي القمر كده وبتحمري زي البنات 


أحمر وجهها بحرج ثم سرعان ما تجهم وهي ترد بحده


= اتلمي يا بنت انتٍ التانيه وبلاش السيره دي، هو بالحق جوزك اتصل عليه وعرفه فرح بنته امتى ولا هيعمل نفسه مشغول مع الهانم وولادها 


تنهدت إيمان بتردد لكنها بالنهايه اخبرتها بالحقيقه بصراحه 


= محمود كلمه اكيد طبعا يا حماتي بس حس كده من كلامه انه مش هيجي وأن الهانم مراته الثانيه مسيطره عليه كالعاده وخايفه نطلب منه فلوس ولا حاجه.


لوت ثغرها باستهزاء وهي تتحدث بحسرة


= بلا 60 خيبه عمري ما شفته لي رأي في مره معاها ولا موقف رجولي في حياته اللي عليا بس وعلى عيالي، ربنا قادر على القوي 


تقدمت في تلك اللحظه عبير وهي تحمل بيديها عده حقائب تخص العروسه وهتفت بابتسامة باهتة


= خلاص بقى يا جماعه، خلينا نفرح ونتبسط وننسى بقى النكد ده، وكلي ربنا وهو هيجيبلك حقك ان شاء الله يا حماتي.


كان في ذلك الأثناء تتابع حنين ما يحدث  بصمت! لكن لم تحزن او تعاتب والدها على اختفائه وعدم حضوره في المناسبات الهامه فهي طول حياتها و كعادته تعودت وكبرت على ذلك، يأتي ليزورهم عدد مرات قصيره 

وطول الوقت يعيش حياته مع الزوجه الثانيه وقد سمعت بانها امرأه ليس سهله او ضعيفه مثل والدتها التي حتى لم ترغب في الانفصال عنه رغم ما فعله، وأنه انجب من تلك السيدة فتاتين ويعيشوا تحت رعايه الكامله عكسها هي واخواتها.


لكن السبب الأكبر لتركهم والتفكير في الزواج من أخرى كان مرض والدتها وضعف جسدها الذي دمره المرض، ولم تعد تصلح له كزوجة من وجهة نظره كرجل لديه احتياجات لذلك، فكر في مصلحته بأنانية وترك الجميع خلفه لأنه في نفس الوقت لم يكن قادرًا على الإنفاق على منزلين!


لكنها اعتادت على كل ذلك مع مرور الوقت ولم تعطه أهمية في حياتها، طالما هو من تركهم، فلم تفكر فيه حتى.. لكن كان ما يشغلها أكثر حديث والدتها وإيمان، زوجة شقيقها الأوسط محمود، عن ماذا كان يتحدثون بخجل هكذا وما سيحدث بينها وبين زوجها؟


بالطبع، تدرك طبيعة العلاقة الزوجية والإنجاب وكل تلك الأمور تحدث، لكن ليس بتفاصيل دقيقة. تحركت وتركتهما يسيران في مسار والدها، ولم تنتظر أحدًا ليشرح لها، فسرعت في فهم طبيعة العلاقة من خلال مقاطع الفيديو على الإنترنت وليتها لم تفعل، فقد أصابتها صدمة كبيرة.


وقفت تلتقط أنفاسها وهي تمسك بهاتفها المحمول بين يديها، وما زالت تتابع العلاقة حتى النهاية بتفاصيل أكثر، ثم أغلقت الهاتف بسرعة لتنظر حولها في رعب، متخيلة ما قد يحدث لها بتفاصيل مختلفة من وجهة نظرها. 


بالإضافة قد تخزنت بعض الأفكار القديمه في عقلها ولم تنساها رغم صغر سنها، فهي تركت أثرًا أليمًا يصعب نسيانه رغم أن استمرت حياتها بشكل طبيعي لكنها تركت في نفسها عقدًا و مشكلات.


ثم تحدثت مع نفسها بصوت متحشرج خائف 


= يا نهار أسود هي دي العلاقه اللي بيتكلموا عليها وبتحصل بين المتجوزين! هي دي اللي خلت بابا يسيب ماما لما تعبت ويروح يتجوز واحده صغيره؟ هي دي اللي بسببها نيره صاحبتي ماتت؟ هي دي اللي بتخلي ايمان تتصالح مع جوزها لما يضربها؟ 


توجست حنين خيفة وارتعدت وبدأت تدمع عينها بتوجس، لتضيف بنبرة مريرة


= هي دي اللي كانت بتخلي ماما تغصب نفسها وتستحملها عشان بابا ما يروحش لغيرها، وبرده راح وسابها .


شعرت بثقل في رأسها وجسدها الضعيف الذي يؤلمها، حيث كانت تعاني من آلام ووخزات   فكانت تنفر من فكرة الزواج والعلاقات أكثر مما تخشى وترفض، وبقلق هزت رأسها معترضة راغبة في فسخ الخطوبة والزواج والعودة بحديثها، لكنها كانت متأكدة بنسبة 100% أن لا أحد سيستمع إليها، خاصة مع اقتراب موعد الزواج الذي لم يتبق عليه سوى أيام قليلة، بالإضافة إلى أن عقد القران قد تم، مما سيجعلها مطلقة في نظر الجميع.


كانت بتلك اللحظة تكاد تموت رعباً بسبب تلك الهواجس التي ملت عقلها وبصوت خافت ومرعوب اردفت بإصرار 


= لأ لأ انا كرهتها اكتر.. مستحيل اسمحله يعمل كده لأ مش هقدر استحملها ولا عاوزه يلمسني.. مش هخليه يلمسني تحت اي ضغط!. 


❈-❈-❈


في الوقت الحالي، كان طارق قد أعد طاولة الطعام بالخارج ورص الأطباق عليها بعد أن وضع أشهى الأطعمة التي جهزتها والدته حنين خصيصًا لهم، حيث أعدت لهم طعامًا كثيرًا و متعدد الأنواع، معتقدة أنه سيمنحهم الطاقة اللازمة للمرحلة المقبلة. 


أزاح المقعد قليلاً ثم جلس عليه بدون شهية، لكنه حاول إجبار نفسه على تناول الطعام لأنه لم يأكل شيئًا منذ الصباح، وبدأ في التهام الطعام بغضب وضيق بينما كان يفكر في حال تلك المتمردة الصغيرة التي وقع في حبها.


كان طارق متعجبًا جدًا، فهي تتصرف وكأنها ليست عروسًا في ليلة زفافها. فكر قليلاً دون جدوى واحتار في أمرها، فهو يريد أن يتعامل معها برفق لأنها زوجته وحبيبته الجميلة والغالية، ولا يريد أن يعاملها بعنف أو حتى بشدة حتى لا تنكسر منه. لذلك، يحاول أن يكون لطيفًا معها وليس قاسيًا، فهو يريدها بشغف واستسلام كامل لإرادتها، لذا قرر أن يتمهل معها قليلاً.


قبل عدة أشهر، جلست أمه هياتم فوق المقعد بصدمة وهي تردد باعتراض 


= قصدك حنين بنت اختي؟ وما لقيتش غير دي يا أبني دي معاها ثانويه بس وانت بسم الله ما شاء الله عليك خريج من جامعه تجاره 

لا يا طارق شوف غيرها مش هتنفعك


جلس طارق على الآريكة الواسعة وهو ينظر إليها بضيق لأنها مازالت مستمرة في الاعتراض منه ليقول باستفسار 


= واللي هيخليها مش هتنفعني وبعدين جامعه ايه يا ماما اللي فرحانه أوي بيها، طب في النهايه اشتغلت ايه؟ في صيانه تركيب الكاميرات يعني ولا اشتغلت بالشهاده ولا كانت نفعتني! 


ليضيف طارق أيضاً موضحاً لها 


= وبعدين دي بنت اختك فكرتك اول واحده هتكوني فرحانه بالموضوع ده واحنا عارفين كويس هي ليه ما كملتش تعليمها بسبب قله المصاريف معاهم عشان ابوهم اللي اختفى فجاه ده وما بيظهرش غير فين وفين ومش بيديهم حقهم.. ورفض تكمل تعليمها وبعدين هتدفعني في ايه يعني شهادتها ما في النهايه هتقعد في البيت وانا اللي هصرف و مش عايز واحده بتشتغل أصلا 


نظرت أمه هياتم له لتتحدث بتهكم


=ما قلناش حاجه وعارفه ظروفها الصعبه عشان كده بقول لك بلاش مش ناقصين مشاكل مع العالم دول! ثم إن كل واحد مننا في حاله بقيله كتير ولا هي بتسال ولا إحنا.. يعني برده ما نعرفهاش كويس وانت لسه قايل بنفسك ظروفهم على القد عشان ابوهم راح اتجوز على زينب ورمى العيال يعني هيشيلوك انت كل حاجه يا فالح من ترتيبات وتجهيزات.. ما عندك الجيران اللي حوالينا كلهم عندهم بنات كويسين ماشفلك واحده من اللي اتربت قدامنا وعارفين أهلها 


أجاب طارق وقد وضع كلتا يديه على رأسه

بعد أن تفهم أمرها قائلاً بجدية 


=يعني هي دي مشكلتك المصاريف على فكره بقى الصح ودينيا ان انا اللي اشيل الليله فيدفعوا اللي هم قادرين عليه وانا هشيل الباقي ما عنديش مشكله،والشقه أهي الحمد لله جاهزه في نفس العماره معاكي.. وبعدين انا بحبها ومش عاوزه غيرها ومش هتنازل عنها .


❈-❈-❈


غسل طارق يديه جيداً ثم تحرك للغرفه ليبحث عنها وهو يفكر يا ترى ماذا تفعل بالداخل نظر بعينيه داخل الغرفة فوجد حنين نائمة على الفراش، تهللت أساريره حينما وجدها هكذا رغم انها كانت نائمه بالاسدال اقترب منها بهدوء ثم تمدد هو الأخر بجوارها ظل يفحصها عن قرب يدرس كل شيء فيها والسعادة لا تفارق ملامحه وهو لا يصدق بانها بين يديه الآن وفي منزله تحت سقف واحد معه...


مد أطراف أصابعه ليتحسس بشرتها برفق شعرت الأخري وهي نائمة أن هناك لمسه ما تسري في جسدها فانتفضت على الفور و فتحت عينيها لتجد طارق ممدداً بقربها ومائلاً برأسه عليها وقبل ان تفكر بالتحرك، اقترب هو بتردد يفكر بشئ ما كان يحلم به طول الوقت ان يجربه معها؟!. 


فأمسك طارق برأس حنين بكلتا يديه ثم مال عليها سريعاً وقبلها على شفاهها قبلة طويلة حارة صدمت الأخري مما فعل فلم تتوقع أن يفعل هذا معها فقد قبلها رغماً عنها فدفعته بكلتا يديها ونهضت مبتعدة عنه 


= انت اتجننت بتعمل ايه 


نظر طارق إلى الحمرة التي اكتست وجهها وحاول ألا يبدو وقحاً معها ولا يربكها أكثر ليقول مازحاً 


= ابدأ كنت بصحيكي بالشويش من غير ازعاج 


نظرت له بكل غيظ ثم ضربته على كتفه بكلتا يديها ضربات متتالية وهي تهتف بحده 


= انت مش محترم على فكره، انت بتستغل الظروف وبتضحك عليا ازاي تعمل حاجه زي كده مين سامحلك 


اغتاظ من عدم تجاوبها معه وجفائها لكنه هتف مبتسماً بثقة


= من غير ما تسمحي لي يا قطه انا جوزك وبعدين دي بوسة، حاجة بريئة كده تمهيد للي جاي


هتفت وحمرة الخجل الممزوجة بحمرة الغضب تعلو وجهها 


= آآ أنا ..أنا اللي غلطانة اني بأمن لواحد زيك معندوش دم ولا إحساس ومش محترم كمان 


جز علي أسنانه بعصبية مكتومه ثم قال بحنق 


= وبعدين في أم الليله دي ولسانك ده بقى اللي بيبوظ أي جو بينا، انتٍ متاكده يا بنت ان امك قعدت معاكي وفهمتك؟!. 


حنين وقد فهمت ما يرمي إليه، لكنها أردفت بصوت حاد


= يوووة يادي أمي اللي حاططها في دماغك انت عاوز ايه دلوقتي مصحيني ليه؟ بعد ما خلاص صدقت نمت 


نظر لها بضيق ودهشه ثم أردف بلهجة ساخراً 


= تنامي! ودلوقتي وفي ليله دخلتنا طب ازاي 

تيجي ازاي يا مدام 


نظرت إليه بانزعاج ثم تحدثت بتحدي


= اتلم وبعدين انا مش مدام .


بادلها النظرة بأخرى مستمتعه وغمز لها بشقاوه قائلاً بجرأة 


= صح بس كلها نص ساعه بالكتير وهتبقي مدام.. و حرم طارق العلالي..


شهقت ولم تستطيع الرد، بينما تنقل بنظره بين شفتيها وعينيها وتابع بتلذذ


= ما تقربي اساعدك تقلعي الاسدال ده اهو طالما ما عرفتش احقق الأمنية دي في الفستان يبقى ندخل علي المفيد على طول... 


أحمر وجهها بحرج وخجل للغاية وهي تقول بصوت مجهد يظهر به مدي تعبها من المناهده معه 


= يا سيدي هو انت غاوي شقي وتعب لنفسك وخلاص 


أجاب طارق بابتسامة عريضة 


= أحلى شقى وربنا معاكي..


أطرقت حنين رأسها في خجل اكبر ثم أضاف بصوت رومانسي 


= أنا بحبك أوي يا حنين... 


ظلت الأخري صامتة ولكنها كانت تنظر إليه بعيون مترقبة عندما آمال رأسه ناحيتها ثم اقترب من وجنتها وقبلها قبلة صغيرة تفاجئت حنين مما فعله طارق ولكنها لم تعاتبه أو حتى تنهره فقد استكانت بين أحضانه لاحظ طارق تلك نظراتها المختلفة إليه ففكر قليلاً مع نفسه و أراد أن يجرب شيئاً ما معها فإن تجاوبت معه تمادى هو معها.


مـال على وجنتيها الأخر وقبلها قبلة أطول قليلاً توجس في البداية من ردة فعلها ولكن صمتها هذا معه أعطاه الضوء الأخضر لكي ينحني أكثر على شفتيها ويقبلها قبلة حانية مطولة ثم أبتعد قائلاً بصوت هامس 


= أنا عاوزك يا حنين! يا ترى انتٍ كمان عاوزاني؟؟ 


لاحظ ارتباكها وتوترها أدرك من انفعالات جسدها وهي بين ذراعيه وما أصابها من اضطراب وتوتر و ربما تتجاوب معه فابتسم ابتسامة رضا ليقول مازحاً 


=افهم من سكوتك ده السكوت علامة الرضا على بركة و نبدأ الليله اللي مش عاوزه تبدا دي 


ترددت حنين قليلاً لكنها حاولت أن تبدو متماسكة أمامه، وظلت تفرك يديها في توتر متسائلة بعدم فهم زائف 


= آآآ... نبدأ إيه بالظبط 


تحدث بصوت خافت وهو يخبط برفق علي جبهتها بكف يده قائلاً بسعادة


= ليلة الدخلة يا حبيبتي هو انتٍ مش ملاحظه في حاجه مسقطينها من ساعه ما دخلنا من الباب، ده احنا متأخرين ساعات عن الوقت الأصلي.. وعاوزين نعوض اللي فات، ونطمن الحجه والدتك والحجه والدتي لما يجوا بكره يطمنوا 


حاولت بسرعه أن تبحث عن مبرر له لكي يهدأ قليلاً ويتركها فلم تجد إلا أن تخبره، بتردد مرتبك


= احنا نسينا حاجه مهمه، اننا لازم نصلي الاول 


انتبه متذكر ذلك الأمر ثم اعتدل بسرعه هاتف في لهفه وأمل


= أه صح.. طب قومي نصلي وبعد كده نشوف حكايه النوم دي بعدين، هتتوضي لسه انا اتوضيت وانا بستحمي .


هزت رأسها بالايجاب بصمت، فغمز لها و تابع بوقاحة 


= لما تاخدي عليا شوية كمان يبقى نستحمى سوا واخليكي تهتمي بكل تفصيله تخصني بنفسك من أول وجديد


جحظت عينيها على آخرهم من مخزي حديثه الجريئه، وحركت رأسها بيأس وهي تجز على أسنانها بغيظ مرادفه بهمس 


= سافل حتي وانت رايح تصلي؟!.. 


تحرك طارق للأمام قليلاً فوقفت حنين من خلفه وهي تمط شفتيها في ضيق وبعدها اضطرت لتخرج للخارج معه...


❈-❈-❈


ذهب طارق يجلس فوق الأريكة ينتظرها و عندما طالت بالوقت متعمده بالتأكيد.. تكور جانب سارح في أحلامه الوردية الجميلة في نفس الوقت قبل سنوات عندما رأى حنين لاول مره ومن بعدها بدأ يعاني من الأرق لم يستطع أن ينام من التفكير فيها أو حتى أن يجعل عقله يكف عن التفكير بقلبه.. 


كان التقى بها في أحد المناسبات وهي تجلس بقربه بصمت لكنهم كان يتبادلون النظرات كل حين وآخر باعجاب وخجل، ومن بعدها بدأ أن يتحجج باي زيارات الى خالته ليشاهدها و يبتسمون الى بعض بالصمت واعجاب وهكذا 


استمر الوضع بينهما لفترة طويلة حتى تمكن أخيرًا من العثور على وظيفة مناسبة وتعيينه وبعد ذلك طلب يدها للزواج وهو واثق بأنها تشعر تجاهه بنفس المشاعر.. لكن الفتاة التي أمامه الآن تختلف عن تلك التي كان يتبادل معها الحب سرًا بروح بريئة.


ظلت حنين بالمرحاض تفكر كيف ستتصرف معه فهي مرهقة وتريد أن ترتاح ولكنها تخشى من طارق وافكاره لتلك الليله، فهو يرغب فيها بشدة و يطمع في أن تكون له وتسلم له نفسها وهذا واضح وهي لا تريد ذلك القرب ابدا.. لذلك ستقف له بالمرصاد ولن تنوله مراده مهما حاول معها .. 


بالرجوع الى الوقت الماضي، كانت تجلس حنين مع ازواج اشقائها كعادتها يتحدثون حول موضوع زواجها والترتيبات اللازمه، و وسط الحديث تحدثوا أيضاً عن بعض الامور التي ستحدث في الليله المنتظره ليله الزفاف..

وبدأت والدتها الأخرى تهتف بحزم جاد


= خليكي مؤدبه واياكي تظهري انك ملهوفه على العلاقه! و اي حاجه تحسي بيها كده ولا كده تخفيها فوراً عشان ما يقولش عليكي انك مش كويسه ولا ليكي تجارب سابقه! اي تصرف محسوب عليكي وخدي بالك على طول هيشك في امرك... هو كده طبع الرجاله يحبوا يكونوا ليهم علاقات ولفين ودايرين وعند البنت يقفوا لها على الواحده .


وليت الوضع توقف إلى هنا حيث بدأت أيمان هي الاخرى تخبرها عده نصائح بالاضافه الى فتح أمور لا يصح فتحها ابدأ بالأخص إلي فتاه مقبله على الزواج، لتقول إيمان بتحذير 


= الاهم من كل ده يا حنين ما تنشنيش و خليكي كده برده سايبه معاه، احسن برده التنشنه و التقل ده مابتعجبش الرجاله طول الوقت لاحسن يحصلك زي بنت خالتي فضلت تتقل عليه ومكسوفه لحد تاني يوم جي أبوها وحكيله كل حاجه دخل زعقلها وضربها وقالها ده جوزك يا هبله بتمنعي نفسك عنه ليه و عشان يطمن أن حصل المراد والبنت شريفه اضطروا يعملوا ليها دخله بلدي.. 


شهقة عالية خرجت من حنين لتردف بنبرة مرعوبة 


= هو ممكن طارق يعمل معايا كده !؟؟. 


زفرت عبير بحنق هاتفة بحذر شديد


=ما تسكتي انتٍ كمان حبكت تحكيلها يعني الموضوع ده وليله دخلتها قربت بس ما تخوفهاش، ان شاء الله يا حنين ليلتك هتبقى كويسه وكل حاجه هتمشي و طارق شكله ابن حلال وكويس ما تسمعيش لحد إلا جوزك وشوفي الأمور هتمشي معاكوا ازاي 


لوت إيمان ثغرها مبررة مقصدها بابتسامة مستفزة 


= الله ولا بخوفها ولا حاجه ده أنا بواعيها لاحسن تطبق الكلام بالظبط بتاع أمها وتفضل تدلع وتتقل ويشك فيها انها مخبيه حاجه، انتٍ يعني مش عارفه دماغ الرجاله الايام دي... 


نهضت حنين مصدومه لتدخل الى غرفتها و انهمرت دموعها بخوف وهي تردد بتوجس 


= انا مش فاهمه حاجه اتقل ولا اسيب نفسي.. هو الموضوع ده صعب كده!. لا انا مش عاوزه ومش حابه العلاقه دي ما بلاها احسن إيه اللي هيحصلي يعني لو ما عملتهاش طول حياتي 


ظلت تلك النصائح تتردد حولها، ان تلك الامور تتخذ بالتريث وعدم الاندفاع البدء ايضا من ناحيتها ومهما أحست يجب أن يبدأ ويتناول الرجل العلاقه هو فقط.. ومهما شعرت حنين من الرغبه لا تصارحه بها حتى لا يسيء الظن بها وبالفعل بدأت تطبق حنين ذلك داخل عقلها حين شعرت بالخوف والقلق من القادم و من العلاقه الحـ.ـميمه كلها... لكن لا يعرف أحد بأنها بذلك حجرت على أحاسيسها التى كبتها.


❈-❈-❈


الرجوع الى الوقت الحالي، تحسست حنين وجنتيها لقد كانتا تشعان بالحرارة عندما تذكرت قبلته لها وبدأت تغسل فمها جيد بشمئزاز وما إن انتهت حتى أغلقت الصنبور.. وكانت على وشك الخروج فوجدت طارق يحاوطها بكلا ذراعيه ويحاصرها في مكانها اضطربت على الفور فهي قد تفاجئت بوجوده أمامها وتذكرت على الفور قبلته لتشعر بالخجل والنفور في آن وأحد، حاولت أن تهديء من روعها وارتباكها هي لا تريد أن تستسلم بسهولة لتقول بجمود 


=انت... واقف هنا ليه ؟؟ حتى هنا مش سايبني في حالي 


تنهد بعمق ونفاذ صبر وهو يقول مبتسماً بثقة 


= هو انتٍ يا بنتي ليه مش عاوزه تقتنعي ان انا جوزك مش ضيف هنا، وبعدين ما تقلقيش ده أنا مش ورايا حاجة إلا انتٍ ! ماهو يا انا 

يا الاسدال اللي ملازمنا ده من أول اليوم!! 


هزت رأسها بضيق ولم ترد ليكمل ناظراً إليها بنظرات شبه وقحة 


= المهم أنا عاوزك بقى آآآ... 


تراجعت للخلف بقلق وحذر وهي تسأله بتوجس


= عاوز ايه ؟ 


غمز بطرف عينه بمكر وهو يقول مازحاً


= نصلي يا حبيبتي آمال انتٍ فكرتي ايه.. يلا بينا .


❈-❈-❈


بعد أن انتهوا من الصلاة فكر طارق في نفسه كيف يشد حنين إليه فهي مازالت جافة في تعاملها معه وكلما ظن أن يقترب منها ابتعدت عنه، ولكن لا يريد أن يجبرها على شيء لا تريده ففكر قليلاً في كيفية ايجاد حل سريع لتلك المساله، جلس بجوارها على الفراش فأزاحت قدميها بعيداً عنه، حاول أن يتجاذب أطراف الحديث معها بعد أن ظلا صامتين لبعض الوقت...


فاقترب اكثر من حنين التي حاولت قدر الامكان أن تجعل بينهما مسافة ما، بينما ظلت الابتسامة تعلو ثغره ولا تفارقه وهو يقول محاوله فتح اي احاديث 


= بس الفرح كان حلو مش كده؟ ده انا شفت ناس كثير ما كنتش اعرفهم من عيلتي حتي من صحابي كمان، هو انتٍ صحيح ما عزمتيش حد من صحابك ليه؟ ايه ما لكيش اصحاب ولا  إيه من ايام الدراسة


تجمدت عيناها وهي تطالعه وسرعان ما تجمدت ملامحها فهتفت بانفعال


= ايه قله الذوق دي اكيد ليا هو انت مفكر يعني عشان ما كملتش تعليمي خلاص قطعت علاقتي بيهم ولا هم استعروا مني مثلا... ولا تقصد من كلامك يعني ان انا ما بحبش حد ولا حد بيحبني ولا بيصاحبونى 


هتف بدهشة وهو ينظر إليها في حالة ذهول


= ايه كم العقد والكلاكيع دي؟ هو في ايه انا 

ما كنتش اقصد كده اكيد انا بس بتكلم عادي.. انتٍ ليه اخذتيها بالمعنى ده 


صرخت به حنين بغضب حارق


= لا كلامك سخيف ومستفز وكانك تقصد كده، تكلمني بقله أدب اصلا ما ينفعش تقول كده 


أدارت رأسها للناحية الأخرى فأمسك طارق بوجهها مرة أخرى وقربه إليه بنعومة، ليقول باحتواء متعجباً 


= مالك يا حنين متوتره ليه كده اهدي ما فيش حاجه.. خلاص الموضوع مش مستاهل.. 


لوت شفتاها باستخفاف وهي تقول


= هو انت تحرق دمي وبعدين ترجع تقولي الموضوع مش مستاهل.. لا شكلك كنت تقصد على فكره 


قال طارق بغل وهو يجز على أسنانه


= هو في ايه بجد انا زهقت من اليوم اللي مش عاوز يخلص ده.. هو نكد وخلاص خلاص يا ستي اسف ما كانتش كلمه.


شعرت بانها قد بالغت في الامر قليلاً غير المماطله التي تستخدمها دون فائده، لتقول بأنفاس متعلثمه 


= انا اسفه ما اقصدش آآ بس مش عارفه مالي يمكن عشان تعبانه وما نمتش كويس ولا اكلت وعاوزه انام وبس.. ممكن بقى تسيبني في حالي وما تاخدش على كلامي .


ظهر القلق على وجه طارق وتحدث بتساؤل  وهو يقترب منها واحتوي وجهها بين كفيه بأبتسامة متسعه 


= طب أهدي ما حصلش حاجه لكل ده و..آآ


كان يتحدث وفي ذلك الإثنان أمسك بكف يدها وقربها من أحضانه وقبل ان يلف يده حول خصرها صاحت بغضب شديد


= انت اتجننتي هي حصلت لكده! ما أنا اللي استاهل ان اتسهلت معاك وسبتك تبوسني ودلوقتي عاوز تحضني كمان ؟!. 


ضحك بعدم تصديق وهو يستمع لكلامها العجيب متسائلاً باستخفاف 


= انتٍ هبله يا بنت انتٍ ولا هي ضاربه معاكي علي الآخر؟ ما إحنا متجوزين هو انا شقتك فيها ايه لما ابوسك واحضانك ولا حتى اتـ...


شهقت بصدمة وأسرعت تقاطعه باستحياء


= تـ إيه يا قليل الأدب أسكت خالص 


نظر لها بنظرات بقله حيله واقترب يمسك وجهها بيديه وأنحنى قليلاً ليسألها بشك 


= عارفه انتٍ بس لو تطاوعيني وتقوليلي امك قعدت معاكي قبل الجوازه دي؟ 


تلوت بين يديه بجفاء وبملل دون رد، فمسح علي وجهه بانزعاج وضيق وبنبرة عميقة وإضاف


= هو انتٍ مستوعبه وفاهمه النهارده ايه؟ ولا عامله عبيطه ولا محرجه ولا ميح فعلا و مش فاهمه حاجه عشان تبقى ليلتي سوداء، ما هو ركزي معايا يا بنت الحلال كده عشان في ناس جايه بكره عشان تطمن 


حنين وهي تحاول التحرر من قبضتي يده لتنهض لبعيد 


= ما تطمنهم مع نفسك انا مالي.. ابعد عاوزه اقوم


إجتذبها فوًرا من ذراعها ليقعدها فوق الفراش مجدداً وهو يفرك ظهرها وكتفيها، وقد رأي الخوف يملئ عينيها منه مدمدًما بحذر 


= ششششش ... اهدي وبعدين قايمه رايحه فين 


حاولت أن تقاومه وتبعد يديه عنها لتتحرر منه ولكنها لم تستطع، وهتفت بخفوت وضعف 


= سيبني بقى انا تعبت ومش فايقة للي بتعمله ده 


طارق وهو يرسم على شفتيه ابتسامة بلهاء


=وهو أنا عملت حاجة لسه ولا اتنيلت على عيني، ده احنا بنسخن بس ولسه الليل قدامنا بحاله 


هزت رأسها بخوف يعود إليها من جديد لتهتف باعتراض دون وعي و بنظرات ثقة


= مهما عملت مش هاتخد مني حاجة غصب عني هاه ماشي! حط ده كويس في دماغك! فاحلامك اللي عمال ترسمها لليله دي مش هتحصل ابدأ.


فضحك طارق بمتعه وهو يغمز لها بوقاحة 


= الله طب ما انتٍ مفتحه اهو امال عملي فيها عبيطه ليه كده انا فهمت اللي فيها... مكسوفه مني بس ليه يا حبيبتي سيبي نفسك وكل حاجه هتيجي واحده واحده وبعدين انا عاوزك بالرضا مش بالغصب فاطمني 


توقفت عن مقاومتها بصدمة و خوف، ثم أمسك بكلتا يديها وقبلهما وهو يقول بنفاذ صبر 


= يا بنتي ليه الفرهده دي كلها ده انا بحبك

طوعيني والله ما هتندمي، بالعكس بعد كده هتحبي المواضيع دي 


ابتلعت ريقها بصعوبة تهتف بنبرة حزينة برجاء


= على فكره مش لازم النهارده يعني يبقى نقول لهم اي حاجه.. بس سيبني وابعد 


ليقول بصرامة بنظرات جريئة و خبيثة


= لا الكلام ده عند واحد تاني لامواخذة إنما النظام عندي غير وانا احسن حاجه بحبها أعمل كل حاجه بوقتها وبمعادها، أصل الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.. وده يرضيكي برده يا عروسه!. 


هزت رأسها بعيون مرتقبة برعب بينما هو أردف متوسلها بتعب 


= والله حرام عليك الفجر قرب يأذن وانا لسه ما دخلتش علي الليفل الاول ولا التاني حتي 


أبتعدت لآخر الفراش دون وعي وهي تنظر له بتوتر، ليقترب علي الفور خلفها بنظرات أكثر جرأة وغمز لها مرادف بمرح


= يا بت ده أنا هاكون الصدر الحنين ليكي 

بس فكي التنشانه دي بقى شويه 


ظلت تذهب الى آخر الفراش بقلق بالغ وهو خلفها حتي فجأه سقطت من مكانها على الأرض فوق رأسها بقوة لتصرخ بألم غير مستوعبة لما حدث لها، بينما نظر طارق لها بأعين جاحظه ووجه انسحبت منه الدماء بل انسحبت الدماء من جميع أوردته بالأخص عندما رآها تنزف من رأسها . 


❈-❈-❈ 


قام طارق بوضع القطنه على رأسها بكثير من العنف جعلها تصرخ بألم حيث كانت تبكي بنحيب لتتحدث بغيظ وغضب شديد قائله


= ابعد عني بقى حتى وانا تعبانه مش سايبني 

ما كله منك انت السبب 


حرك رأسه بيأس من تصرفات وأفعال زوجته التي لا تروقها أبداً، وتحدث بنفاذ صبر قائلاً 


=ما تبطلي بقى كلام خليني اعرف اعقملك الجرح وبعدين انتٍ السبب أصلا لازم كل حاجه عند ورفض اديكي فتحتي دماغك ارتحتي دلوقتي اقول لهم ايه بكره لما يشوفكي بالمنظر ده.. استني مكانك عقبال ما اشوفلك حاجه اربط دماغك بيها 


ثم تابع حديثه بخيبة أمل كبيرة وحسرة مرددًا


= كفايه ليله الدخله إللي مش عارف اخشها لحد دلوقتي في يومي ؟! 


لتقول حنين بمحاولة بتردد وهي خائفة 


= هو انت لسه عندك امل عن الكلام ده طب ازاي بعد ما دماغي اتعورت، أنا رأيي نأجل الدخلة لحد ما أخف بكرة كده ولا بعده 


انتفض طارق ونظر إليها بنظرات صادمة ليقول بصرامة شديدة 


= نعم ياختي؟؟ ايه اللي نأجل الدخلة على جثتي، ده مش هيحصل أبداً.. وبعدين ايه علاقه ده بدماغك يعني ما انتٍ كويسه وزي الفل اهو دي حته تعويره بسيطه.


ليضيف مرددًا بصوت مغتاظًا قبل أن يرحل


= والله شكلك هيطلع في الآخر ولا أمك قعدت معاكي ولا فطمتك على حاجه، انا هروح اشوف حاجه الف بيها دماغك .


شعرت حنين بالارتعاش من كلماته التي جعلتها تدرك أنه لن يتركها مهما حدث اليوم لذا، عندما ابتعد طارق عنها انهمرت دمعة حارقة على وجنتيها بقلق وهي تفكر في أنه بعد كل ذلك لم يتنازل عنها وعن أفكاره الليلة، فماذا ستفعل يا ترى؟ هل ستستسلم له؟ فلا يوجد حل آخر، فقد استخدمت كل فرصها للمجادلة.


فجأة، انتفضت ناهضة وبدأت تهمس بهذيان من شدة فزعها بخوف وهي تشجع نفسها لفعل شيء متهور.....


وبعد فتره خرج طارق بخطوات سريعة وهو يردد 


= مش لاقي لزق جروح بس لقيت ده ينفع برده و.... ايه ده هي راحت فين؟؟ حنين.


اتسعت عينيه على أخرها بعدم تصديق ليصعق حين رأى باب المنزل مفتوح وهذا يعني بأن عروسته خرجت في ليلة زفافهم.. ظل لحظات يستوعب الأمر ثم ضغط علي شفتيه بغل قبل أن يتمتم بحرقه


= كده يبقى ما قعدتش مع أمها فعلا، الله يخرب بيتك يا حنين .


** ** **

يـتـبـع.


الفصل الثاني 

_________________


تركت حنين طارق، وهو يكاد لا يصدق ما حدث للتو، ثم انطلق مسرعًا نحو خارج المبنى الخاص بعائلته قبل أن تتسبب في فضيحة مر أمام منزل والدته ولم يرغب في طرق الباب حتى لا يزعج والديه، فقرر أن يتسلل إلى الأسفل، معتقدًا أنها ربما ذهبت إلى منزل عائلتها القريب. 


لكن قبل أن ينزل، توقف عندما سمع صوتًا يأتي من داخل منزل والدته، وصوتها تتحدث مع شخص يبكي. لم يفكر مرتين وطرق الباب بسرعة، متمنيًا أن تكون زوجته بالداخل .


وبالفعل، كانت حنين على وشك الذهاب إلى عائلتها وقد تسللت للخارج، لكنها لم تكن تتوقع أن حماتها كانت مستيقظة وتقرأ القرآن بذلك الوقت وعندما اصطدمت بسلة القمامة، تحركت بسرعة لتعرف ما حدث في الخارج، و قد تفاجأت برؤية عروس ابنها أمامها في تلك اللحظة.


بالوقت الحالي، ذهبت هياتم لفتح الباب، ففزعت حنين عندما رأته، بل شهقت وهو لم يدع والدته تتحدث، حيث دفع والدته بسرعة إلى الداخل ثم أغلق الباب خلفه.. تنفس بارتياح عندما رآها أولا، لكنه تعجب من تصرفاتها المتهورة واستغلالها لأي خطأ يرتكبه عمدًا أو بدون قصد. 


حاول طارق أن يستفسر عن سبب مجيئها في هذا التوقيت، والأخطر كيف تأتي في هذه الساعة وهي المفترض أن تكون عروسًا ورغم أنه شعر بالراحة، إلا أن روحه الثائرة على حنين أشعلت الغضب بسبب تصرفاتها الغير مدروسة.


دبت القشعريرة في أوصال حنين من نظراته ولم تتحرك من مكانها فاغرة شفتيها وقفت تنظر إليه بنظرات مصدومة ومليئة بالرعب بالأخص عندما هتف بلهجة آمرة وصوت مخيف 


= تعالي معايا يا هانم نتحاسب فوق، كلامنا مش هنا.


هبطت عبراتها على وجنتيها بغزاره، وحركت رأسها بالنفي عدة مرات وهي تردد بصعوبة من بين شهقاتها


=آآآآ... لأ لأ الحقيني يا طنط.. لأ مش عاوزه 


حاولت هياتم ان تحميها منه وهي مازالت لا تفهم ما حدث بالضبط لكنها بوخته بحده


=في ايه يا طارق مالك داخل حامي على البنت كده ليه؟ انت عملت فيها ايه خليتها تخاف بالشكل ده ومال دماغها كمان انت ضربتها ولا ايه؟ اخص عليك ما كنتش اعرف انك غشيم بالشكل ده 


كاد أن يجن من تصرفات زوجته الطائشه واتهام والدته له وهو يقول بتعصب 


=هو انا عملتلها حاجه هي الهانم فهمتك ان انا عملتلها ايه بالظبط؟ هي اللي خبطت نفسها وانا ما جيتش جنبها خالص يا دوبك خرجت من الاوضه لقيتها اختفت وسابت البيت في وقت زي ده عاوزاني بقي اعملها ايه 


ثم صاح بغضب وهو يجرها خلفه بالاجبار 


=قدامي يالا.. دي حتى ما فكرتش لما حد يشوفها في وقت زي ده يقول عليها ايه ولا يفهم ايه! بس ماشي انا اللي اتساهلت معاكي وعماله ادلع واطبطب شكلك بقى عايزه تشوفي الوش الثاني 


هزت رأسها برعب متوسلة وهي تقاومه 


= لألأ .. سيبني مش عاوزه اروح معاك ودوني عند ماما أنا خلاص مش عاوزه اتجوز 


تطلعت حماتها لها بنظرات مصدومة بينما أبتسم طارق بسخرية وهو يردد بانفعال 


= سامعه بنفسك الهبل بتاعها، اهو انا بقى في وجع الدماغ ده من ساعه ما روحنا البيت عمال أخذها على قد عقلها واكبر دماغي و اقول معلش مكسوفه، لكن توصل للي هي عملته النهارده وتهرب من البيت مش هعديها لها 


على الرغم من أن هياتم لم تكن تتقبلها، إلا أنها شعرت بالعطف تجاهها عندما رآتها بتلك الهيئة. لتقول محاولة تهدئته


=طب اهدى وخلينا نتفاهم بالعقل انت مش شايف عماله تعيط وتترعش ازاي ده انا كويس سمعت صوت بالصدفه بره لحقتها ومن ساعتها عماله احاول افهم منها ايه اللي حصل وهي عماله تعيط ومنهاره... معلش بالراحه عليها تلاقيها خايفه زي اي عروسه عادي 


حاولت هياتم أن تبذل قصاري وسعها في اقناع أبنها أن زوجته قد جاءت إلى هنا بدافع الخوف والرهبة من تلك التجربة الجديدة عليها والمفاجئة ولكن هذا لم يكن كافياً بالنسبة له لكي يتقبل تلك الأعذار هي مجرد أعذار وهمية لا قيمة لها.


نظر لها بطرف عينه بشراسة وهو يتحدث بالغضب الذي اعترى كل كيانه


= طب كانت عملتها وراحت هناك كنت برده هروح وراها وهاجرجرها من شعرها قدام الناس وهخلي اللي ما يشتري يتفرج، تعالي معايا احسن بالذوق بدل ما فعلا اعملها دلوقتي انا على اخري خلاص منك، عشان مش مبرر للي هي عملته 


انتفضت حنين من لهجته التي لأول مره تشاهدها لتقول بصوت باكي 


=انا مش عاوزة أروح في حتة، أنا عاوزة أفضل هنا 


اقتربت هياتم بقله حيله وهي تضع يدها على كتف طارق مرددة برجاء


= طب اهدى شوية وبلاش الصوت العالي لأحسن حد ياخد باله، يا ابني خدها بالراحه مش كده مش هي دي اللي واجع دماغي عايزه اتجوزها وبحبها 


صاح بنبرة حادة وهو يقبض على يدها أكثر


= وانا عملت ايه دلوقتي مراتي وعاوزها و هعرف إزاي أتفاهم معاها بطريقتي... وبعدين يعني عاوزاني أشوف مراتي سايبة البيت ليلة دخلتنا وأقف اتفرج عليها 


تنهدت هياتم بقوه واردفت بجدية


= أنا مقولتش كده بس بالراحة عليها، اول مره بقى وانت فاهم دلع البنات خدها بالحنيه 

و بالمسايسة 


لوي شفته بسخرية وهو ينظر إليها باستهزاء


= هو أنا معملتش كده، ده أنا عمال أدادي وأدلع واهنن لحد ما زهقت، واخرتها الهانم 

تهرب وعاوزه تفضحني وتفضح نفسها الغيبة.. بقول لك ايه يا ماما سيبيني في حالي ده موضوع يخصني أنا وهي بس ومحدش لي دخل فيه.. 


لم يترك طارق الفرصة لأحد منهما لكي ترفض طلبه مجدداً فقد جذبها من يدها بكل قوة و سحبها خلفه خارج، بينما كانت حنين تقاومه بكل ما أوتيت من قوة ولكنها فشلت فكان أقوى منها بمراحل عديدة، فلم تمثل مقاومتها له أي شيء.. حتي حاولت أمه أن تلحق به وتمنعه ولكنها عجزت تماماً أمام إصراره لتقول بقلق واستسلام بالنهاية 


= بلاش تاخدها في الحاله دي.. طب سيبها تبات النهارده هنا.. طب بالراحه عليها عشان خاطري انا .


انحنى طارق دون مقدمات قليلاً ناحيه زوجته ثم وضع أحد ذراعيه أسفل رقبتها والذراع الأخر أسفل ركبتيها ثم رفعها إليه وحملها بين ذراعيه، و همس لها بابتسامة ثقة 


= الست برده ملهاش الا بيت جوزها وأنا مراتي ماتبتش بره البيت إلا معايا و بس....


❈-❈-❈


في الاعلي أول ما أنزل طارق حنين ركضت إلى فراشها وألقت بجسدها تبكي منه خوفاً ورعباً وهي تجهش بالبكاء، جز علي أسنانه بعصبية وهو يصيح بغضب دفين 


=انا لسه جيت جنبك ولا عملتلك حاجه ولا انتٍ على طول بتسبقي فرده الفعل؟ نفسي افهم حاجه واحده عملتلك انا ايه عشان تسيبي البيت وتمشي وتفضحينا الفضيحه دي عاجبك اللي حصل تحت ده؟ لو كان حد شافك غير ماما دلوقتي ايه اللي كان هيحصل.. وبعدين فاكره لما تروحي يعني لاهلك هيعملوا لك ايه انا خلاص بقيت جوزك ده أمر واقع و غصب عنك كمان 


انتفض جسدها من الصوت العالي وغضبه و بدأت تشعر فجاه بدوران راسها من المجهود وقله الطعام! وكادت ان تسقط لكنها استندت بسرعه بالخلف، وسرعان ما نسي غضبه منها واقترب بقلق يتساءل بحده 


= في ايه مالك؟.. عاجبك كده ما خلاص بقى كفايه اللي عماله تعملي في نفسك ده اديكي تعبتي


لكنها استمرت في البكاء دون توقف بخوف بينما تنهد بضيق شديد ويأس وشعر بالعطف نحوها رغم كل ما فعلته، اقترب بتردد وحاول أن يهديء من روعها ويبث الطمأنينة داخلها


= خلاص متعيطيش كل حاجة هتتحل وما حصلش حاجه، واللي عاوزاه هيحصل... بس امسحي دموعك الأول.. قومي عشان تاكلي اكيد قله الأكل هي اللي عامله فيكي كده 


هبطت دمعة حارقة على وجنتيها، وتحدثت بين بكائها بصوت متقطع محركة رأسها بالنفي


= آآ مش عاوزه.


هتف بنبرة حازمه وهو يقترب منها محاوله تخويفها 


= ما فيش حاجه اسمها مش عاوزه لا إلا خلاص هعتبرها دعوه صراحه منك نكمل اللي مش عارفين نبداه


لتهز رأسها بالايجاب بسرعه بتوتر وهي تمسح دموعها قائلة بضعف 


= لا خلاص طـ..طيب. 


❈-❈-❈


كانت رائحة الطعام شهية وذلك إثر معدتها في الصراخ طالبة اسكاتها بذلك الطعام الشهي خصوصا بأنها لم تتناول شيء منذ الصباح بسبب التوتر وقله النوم.. أغمضت عينيها و ظلت تشم في تلك الرائحة الجميلة واول ما خطت اول قطعه داخل فمها لن تتوقف عن التناول، ظل طارق ينظر لها باستغراب شديد فهي كانت تدعي الشبع وها هي الآن تأكل بشهية مفتوحة فلا يعرف لماذا هي عنيده بذلك الشكل .


نهضت حنين عن طاولة الطعام لتضع الاطباق الفارغه بالداخل ثم توجهت للمرحاض لتغسل يدها وبسرعه الى الفراش لتنام قبل ان يأتي فاليوم كان طويل بالفعل عليها وليس لها مجهود لاي شيء اليوم..... 


وما زالت لا تعرف نواياه خلال تكمله الليله ويبدو أن إرهاق اليوم قد حل عليها تماماً فغفت سريعاً بعد أن اطمأنت أن طارق ظل بالخارج.


عاد طارق إلى الغرفة الخاص بهم ليتفاجا بها تغوص في نوم عميق، تمدد هو بجوارها وظل يتأملها وهي نائمة يدرس كل تفصيلة بها بهدوء تام وهو يفكر فيه هروبها منه الليله هل لانها خجوله ام هناك سبب آخر؟!. 


تململت بتلك اللحظة حنين وهي نائمة ثم مالت على جانبها ووضعت ذراعها على صدر طارق الذي تفاجيء بحركتها تلك ولكنه أدرك أنها نائمة وحركتها تلك لا إرادية صادره منها.. نظر إليها وتأمل وجهها بينما تعلوه ابتسامة عفوية علي ثغره .


هز رأسه بيأس قبل أن يهمس بصوت خافت


= اللي يشوفك دلوقتي ما يشوفكيش وانتٍ صاحيه.. كأن في عفريت راكبك ماشي يا حنين الأيام جايه كتير ....


ثم أحاطها بكلا ذراعيه وضمها أكثر إليه ليلتصق صدريهما ببعضهما البعض فلا يفترقا أبداً فكان هو مستمتعاً للغاية لأنها ساكنة تماماً في أحضانه ثم غفا هو الأخر وهما على تلك الوضعية. 


❈-❈-❈


في صباح اليوم التالي بدأت تفيق تدريجياً لتشعر أن هناك ثقلاً ما على جسدها يمنعها من النهوض بالأخص عندما شعرت أن ذلك الثقل ما هو إلا ذراعي شخص ما يحيطان بها.. فتحت عينيها بسرعه لتتفاجيء بأنها غافلة على صدر طارق الذي كان مستيقظ وينظر إليها بقوة. 


أرخى قبضتي يده قليلاً عنها فتمكنت من التحرير قليلاً لتنظر إليه بعدم تصديق و تجمدت الكلمات على شفتيها، ليقول بنظرات كلها تحدي وسخرية 


= صباحيه مباركه يا عروسه.. ولا عروسه إيه بقى هي في عروسه بتهرب يوم دخلتها.. قوليلي احاسبك على اللي عملتيه امبارح ده ازاي.. عجبك الفضايح دي إللي حصلت قدام أمي 


نظرت إليه بعيون جاحظة رمشت بعينيها عدة مرات بتوتر لتقول وهي تمرش


= هـــاه! انا ما كنتش اقصد بس كنت متوتره شويه وبعدين انا قلت لك ناجل وانت اللي فضلت مصمم وخوفتني .


جز علي أسنانه بضيق مكتوم وهو يهتف بعقلانية يحسد عليها


= خوفتك ليه ان شاء الله كنت قاعد بسنلك السكاكين اول واخر مره مهما يحصل تدخلي حد ما بينا و تروحي تتحمي في الغريب! و تكشفي على اسرارنا مهما يحصل كنتي قعدتي في بيتك وفهمتيني وانا كنت هقدر زي ما سبتك امبارح بمزاجي 


قالت بصوت خافت وهي كانت مرتعدة منه


= آآآ... حـ.. حاضر انا.. أنا أسفه 


نظر لها ثم سرعان ما اعتلت شفتيه ابتسامة مليئة بالرغبة والشوق الحميم إليها، مضيفاً 


= ودلوقتي بقى نيجي للجزء المهم اللي طلعتي عيني امبارح عليه اظن ما عندكيش دلوقتي اعذار وسبتك تنامي براحتك 


حاولت الفرار منه بخوف لكنه حاوطها بيده وضمها لصدره بقوة مستند بجبهته على جبهتها، وتحدث بأنفاس متلاحقه تدل على شدة تعبه ليقول بمكر ونار الشوق واللهفة تحرقه


= رايحه فين يا عروسه؟ خلاص كل اعذارك خلصت وجه وقت الفعل .


لم يعطيها فرصه للرد بل وضع أحدى يديه على شعرها ثم جذبها للخلف قليلاً، فرفعت رأسها للأمام فاقترب هو من شفتيها وقبلها بعنف صدمت حنين اكثر مما فعل ونظرت إليه بنظرات مصدومة فكرر فعلته تلك معها مرة أخرى وقبلها مرة ثانية...


لم تمانع بل الأحرى انها كانت تستمتع معه، ثم تركها طارق بعد ان اطمئن انها تجاوبت معه وبدأ في خلع ملابسها عنها، هنا انتبهت على حالها وهتفت بسرعه وهي تحاول تحرير قبضة يدها 


= لألألأ .


لم يرد ونجح في فك السحاب الخاص بالاسدال ثم كشفه ليظهر أمامه جسدها الناعم، ثم قام بنزعه عنوة عن حنين التي حاولت جاهدة أن تقاومه ولكن لفارق الحجم والقوة، تغلب هو عليها وأعاد تثبيتها مرة اخرى على الفراش.. نظر طارق هو إليها بكل شوق وعشق هاتفا بنظرات هيام


= كده برده عايزه تحرميني من الجمال ده كله! واللي بقى من حقي.. انسي أني اسيبك الليله الا لما اخلي جوازنا حقيقي . 


كانت حنين تشعر مع كل لمسة منه بأن زوايا جسدها تنتفض معه كانت تخشاه ورغم هذا تستسلم له، فكانت متوترة من اندفاعه السريع نحوها هي لم تعتاد بعد وخائفه أيضاً من تلك الهواجس التي ملأت عقلها لذا كانت تترقب كل ما يقوم به معها بعيون متوترة ومشاعر مضطربة.. لكنها أردفت بقلق بالغ 


=أنا .. أنا .. مش عاوزة آآآ...


شعر طارق هو الأخر بها وبارتباكها استشف أنها ترتعد منه ولكنها تقاوم ذلك الشعور لذا طمأنها وهو يقبل وجنتيها بحنان 


= متخافيش يا حبيبتي كل حاجة هتعدي.. أنا عمري ما هأذيكي صدقيني 


نظرت إليه بحذر وتساءلت بتوتر شديد


= بجد ؟


أبتعد عنها بهدوء ثم تحدث بصوت دافيء


= أيوه يا قلبي... و عشان تصدقني يلا نقوم نصلي الاول زي ما طلبتي مني امبارح .


ألبسها طارق إسدال الصلاة مره ثانيه بعد ان توضوا ثم عدل من وضع الحجاب على رأسها ووقف الاثنين سويا يصلوا قبل أن يبداون حياتهما معاً....


أمسك برأسها بكلتا يديه ثم قبل رأسها وبدا في قراءه الدعاء، ما إن انتهى الاثنين من الصلاة حتى نهض و أمسكها من يدها ليجعلها تنهض وتقف في مواجهته وبسرعه شديده بدا يخلعه مجدداً... لتقول بتوتر متآلمة 


= اصبر .. آه بالراحه انا هخلعه


حملها برفق بين ذراعيه ثم توجه بها نحو السرير، حيث توقف لبرهة قبل أن يلقيها فجأة بعنف على الفراش. شعرت بالصدمة مما فعله، ولم يعتذر كما فعل في المرة السابقة لأنه كان متعمداً هذه المرة، بل وقف يتأملها في صمت، ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة خبيثة وهو يردد بلهفة.


= مش عاوزه اسمع كلمه صبر دي لحد آخر اليوم! ده انا صبرت صبر محدش صبره قدي كفايه.. بقيلي اكتر من أربع سنين صابر اكتر من كده ايه... نركز بقى في اللي جاي و اللي مش هتحسي بيه خالص...... 


❈-❈-❈


ظل طارق محيطاً بذراعيه حنين، يضمها إلى صدره بشغف وكلما حاولت أن تنهض من جواره قربها أكثر إليه وتار يقبل راسها يقبل جبينها بحب وسعادة، فكانت تشعر حنين فجأة أن هناك خطبٌ ما بها هي ليست على ما يرام.. لم تتوقع أن يكون ذلك شعرها بالعلاقه الزوجيه فارادت ان ينتهي ذلك سريعاً فلم تشعر بالاستمتاع مطلقاً.


بينما كان حال طارق يختلف عن حنين كثيراً.. لقد شعر الآن بأن روحه سكنت بجانب من عشق الآن بات يعرف ما هي السعادة الحقيقية وكيف تكون.. بجانب من نحب! صحيح لم يشعر بها تبادله حبه الجارف لكن كان يعلم جيد بان ذلك نتيجه خجلها.


لاحظ طارق أن هناك خطب ما بحنين ولكنه أثر الصمت حتى لا يزعجها وربما يكون ذلك نتيجه الحرج والكسوف بسبب اول اقتراب يحدث بينهما.. بينما كانت هي في دوامه حيره من تلك الأحاسيس التي شعرت بها من اول اقتراب حتى انتهائه !. 


حيث شعرت بالاشمئزاز من لمساته واقترابه، مما أثار شعورها بالغثيان، لكنها حاولت التماسك حتى لا يسيء فهمها أو يحرجها.. رفعت نظرها لتجده يراقبها فشحب وجهها خوفاً من أن يكتشف ما تشعر به. لذا ابتعدت قليلاً عنه وهي تفكر في سبب شعورها بهذا الشكل. فقد أخبرها الجميع أنها ستشعر بألم بسيط، لكنها بعد ذلك ستستمتع كما يفعل هو، وليس يصيبها شعور بالاشمئزاز.


فكرت ربما لأن هذه هي أول تجربة لها وهذا أمر طبيعي وأن المتعة الأكبر ستكون من نصيبها لاحقاً وإذا لم يتغير هذا الشعور، فلن تتمكن من تقبل الأمر مجدداً وكانت تشعر بالغرابة من نفسها حقاً.


استغرب طارق هو الأخر من ردة فعل حنين حينما انتهوا وهي صامته بشرود، ولكنه لم يتحدث فلا داعي يثير حرجها أكثر.. لكن تفاجأ بها تنهض ليسأل إياها باهتمام 


=رايحه فين يا حنين؟!. 


أغمضت عينيها بقوة ببغض من ذلك الشعور النافر الذي يلازمها، وهتفت بنبرة حادة نسبياً


= الحمام.. عاوزه استحمى .


هتف الآخر باقتراح بريء قائلاً بابتسامة هادئ 


= طب تحبي اجي اساعدك 


نظرت له بنظرات حانقة غاضبة ثم تحدثت بنبرة حادة باعتراض 


= لاااا آآ مش هينفع هو انت حتى الحمام عاوز تيجي ورايا كفايه لحد هنا اللي حصل.


عقد حاجيبة بدهشة من رده فعلها ليقول مبرر وهو يتنحنح


= طب براحتك انا بس حسيتك تعبانه قلت لو محتاجه مساعده مش اكثر.. وعلى فكره يعني عادي لو ساعدتك وانتٍ بتستحمي احنا متجوزين.. وما بقاش في دليل اكتر من إللي لسه حاصل بينا .


عند سيره تلميحاته الجريئة في عباراته الأخيرة جعلتها تشعر بالاشمئزاز، وتذكرت تفاصيل ما حدث بينهما مما زاد من شعورها بالغثيان فلم تستطع تحمل حالتها أكثر من ذلك، فاندفعت بسرعة نحو المرحاض تحت نظراته المتعجبة.


لكنه سرعان ما أبتسم إبتسامة عفوية لخجلها الدائم الذي طالما آسره.. 


❈-❈-❈


أطلقت عبير وإيمان الزغاريد كتعبير على فرحتهم، وكان طارق يجلس بالداخل مع اقاربه بينما حنين كانت تجلس بينهما بجمود صامت،

اقتربت ايمان منها وهي تتعمد أن تتمايل بشدة في مشيتها كعادتها لتقول بصوت ماكر


= في ايه يا بت مالك قاعده واخده جنب كده ليه، هو حصل مره تاني قبل ما نيجي وهو ده اللي مخليكي مسهمه... ما تحكيلنا هو عمل ايه بالظبط كان الغشيم معاكي ولا ايه


شعرت حنين بالاشمئزاز على الفور من أثر ذلك الحديث فلا تريد ان تسمع اي سؤال او كلمه عن ذلك الموضوع ابدأ، بينما اقفهر وجه عبير وامتعض قائلة


= وبعدين يا ايمان ما تسيبيها في حالها و بعدين اتلمي عيب وحرام الكلام على المواضيع دي خشي جوه احسن شوفي حماتك  لا تكون عاوزه حاجه.. 


نظرت إليها ببرود وهي تبتسم ابتسامه صفراء ثم نهضت للداخل بالفعل، هزت عبير رأسها بقله حيله ثم ابتسمت ابتسامه بسيطه وهي تقول باهتمام 


= مالك يا حنين قوليلي يا حبيبتي في حاجه مضايقاكي صحيح، ما هو ده مش منظر عروسه قوليلي انا مش انتٍ برده مابتخبيش عني حاجه وبتعتبريني اختك الكبيره ..


هزت كتفها بعدم مبالاة وهي تقول بنبرة فاتره


= ما فيش حاجه يا ابله عبير انا كويسه سالتوني على اللي حصل وقلت لكم ان حصل اللي انتم عاوزينه كلكم عايزين مني ايه تاني بقى 


أخبرتها عبير بنفس الصوت الحنون قائلة 


= مش عاوزين إلا راحتك يا حبيبتي طبعا بس المفروض تكوني فرحانه انتٍ كمان ولا انتٍ ما كنتيش راضي مش كل حاجه برده تمت بموافقتك.. وفي النهايه استسلمتي وقلتي أهو احسن من غيره 


أخفضت عينيها بحزن وهي تقول بنبرة باهته


= اديكي قلتيها بنفسك استسلمت بعد ضغطكم مش حبه فيه.. بس عشان وصلت لسن الجواز زي ما قلتوا بدل ما اعنس 


عقدت حاجيبها باستغراب وهي تسألها بنبرة قلق


= في إيه انتٍ قلقتيني ليه؟ هو طارق عمل حاجه تزعلك.. صارحيني لو في حاجه وخايفه تقوليها ومفكرانه مش هناخد رد فعل فلا يا حبيبتي انتٍ واحده مننا حتى لو اتجوزتي وهتفضلي كده.. قولي عشان من الأول نعمل لك شخصيه و ما نخليهوش يتعدى حدوده معاكي.. زعلك في ايه 


هزت رأسها بشرود حزين للغاية لتقول بغموض 


= ما زعلنيش بالعكس كان كويس.. بس انا اللي مش كويسه.. ما طلعش الموضوع عادي وبسيطه زي ما كنت فاكره وقلت لنفسي ادي فرصه! ما حبتوش ومش عاوزاه والمشكله ان انا خلاص اتحطيت في امر واقع ومطلوب مني كل شويه اوافق وأجاري الامور وخلاص 


شعرت عبير بالحيرة ولم تفهم أمرها لتقول بصوت جاد


=انا مش فاهمه حاجه هو ايه ده ما توضحي بتتكلمي على ايه بالظبط لما هو ما كانش وحش معاكي يبقى ايه اللي مضايقك بالشكل ده .


نظرت إليها طويلاً وشعرت أنه حتى لو تحدثت، فلا يوجد حل ولم تستطع الانسحاب من تلك العلاقة! لذلك هتفت بصوت خافت


=ما فيش حاجه يا ابله عبير خلاص انا تمام ما تقلقيش عليا، فكل الحالات محدش هيفهمني ولا هينفع انسحب .


لم تشعر الأخري بالاقتناع لكن لم تضغط عليها وتركتها مع الأيام فاذا تكرر الأمر معها وظلت هكذا بالتأكيد ستلجأ إليهم..


بعد رحيل الجميع أمسك طارق حنين من خصرها بذراعيه ثم جذبها إليه ليحتضنها أخيراً، ثم قبلها ببطء شديد ولم تتجاوب معه، ليرد بمداعبه 


= أخيراً مشيوا ده انا قلت هيباتوا هنا، تعرفي ايه اوحش حاجه في الجواز عرفتها الزيارات اللي بعد الفرح دي .


أغمضت عينيها بقوة وقالت بهمس مشمئز 


= وانا كمان عرفت النهارده ايه اوحش حاجه في الجواز.. اللي انت بتعمله ده .


حاولت أن تتحرر من حضنه الدافيء ولكنه كان أكثر تمسكاً بها فما كان منها إلا أن تحدثت برقة زائف 


= طب سيبني عشان الحق الم الحاجات دي عشان لو حد هيجي بالليل تاني .


هز رأسه برفض وهو يتحدث بنظرات لئيمة


= يجي فين يا شيخه فالله ولا فالك كده كويس أوي بقيلنا ثلاث ساعات زيارات.. وبعدين في حاجات اهم دلوقتي سيب اللي في ايدك ده وهبقى الم معاكي بعدين 


نجحت حنين أخيراً في التحرر من أحضان طارق وابتعدت عنه وهي تردد بتهرب وارتباك


= مش هينفع لازم دلوقتي الدنيا متبهدله والشقه.... وكمان نسيت الغداء اللي لسه هجهزه يعني ورايا حاجات كتير بعدين .


نفخ بضيق شديد عندما تحررت منه وذهبت الى المطبخ لتشغل نفسها بأي شيء، تقدم خلفها وهو يلاحظ توترها ليقول مرددًا بحنق 


= وبعدين يا حنين خلاص بقي سيبي اللي في إيدك بعدين، هو انا لازم يطلع عيني كل مره هقرب منك خلاص بقى يا حبيبتي مش وقته 


نظرت إليه بأعين مرتبكه لتقول باضطراب


= ما أنا بخلص اللي ورايا عشانك برده! لو جعت ولا حد جاي يزورنا من القرايب تاني 


عاد يحتضنها برفق وهو يقول بنبرة ناعمة


= هو انت غاويه تعب ما قلت لك انا هساعدك في كل ده بعدين هي في عروسه برده بتروق وتطبخ في يوم صباحيتها... تعالي معايا يا روحي مش هتبقي انتٍ والضيوف عليا كفايه اليوم اللي طار امبارح .


تنهدت بأنفاس ضائقة وبدأت تظهر عليها ملامح النفور عندما وضع يده الأخرى خلف رقبتها وبدأ يقترب من وجهها رويداً رويدا هامس بنظرات عاشقة


= ربنا ما يحرمني منك يا عمري كله.. 


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوعين بدأ يعود طارق الى العمل مجدداً وهنا بدأت تشعر حنين بالارتياح لانه لم يكن امامها طول الوقت ويستغل اي فرصه والاخرى للتودد و للاقتراب منها لتكرار ذلك الأمر الذي أصبحت شبه متاكده بأنها تكرهه وتنفر منه وأحياناً أخرى تشمئز منه حرفياً.


عند وصول طارق من العمل فتحت له حنين الباب لتستقبله، فانحنى برأسه ناحية زوجته قليلاً لكي يقبلها لكنها ابتعدت علي الفور بوجه

فاتر محتقن وحاولت التحرك من امامه باي حجه، انزعج الآخر كثيراً بسبب هذا!


فهو معتقد نتيجه تصرفاتها الخجل وأنها مازالت بعد كل هذه الفترة تشعر بالاحراج منه لذلك تبتعد عنه، حاول طارق تهدئة نفسه ثم ابتسم ابتسامة صافية واقترب يساعدها في رص الأطباق فوق الطاوله ليتناولوا العشاء سويا.


وعندما كان يتناولون نظرت إليه بتردد ثم هتفت بتسائل 


= بقول لك ايه يا طارق انا سمعت أن والدتك عاوزه تاجر شقه اخوك اللي سافر، فيعني لو لسه عند كلامها انا عندي ليها زبون


هز رأسه بالايجاب وهو يقول مرددًا بتأكيد على حديثها 


= هي فعلا عايزه تاجرها عشان خلاص اخويا هيقم فتره طويله بره مع مراته و ولاده بعد ما اتقبل في الشغل، بس مين ده اللي عاوزه تاجري لي الشقه 


لتهتف حنين بسرعه ولهفة وهي تردد 


= واحده صاحبتي من ايام الدراسه قابلتها صدفه لما كنت بشتري طلبات البيت وما صدقناش ان احنا اتجمعنا تاني وعرفت منها انها بتدور على شقه، هي اتطلقت يعني من جوزها من فتره وعاوزه تقعد في مكان بعيد لوحدها.. عشان خاطري حاول تقنع والدتك يا طارق بجد هفرح أوي لو احنا الاتنين سكنا في مكان واحد 


تنهد طارق وهو يقول بصوت جاد


= القرار قرار والدتي يا حنين بس حاضر لو هي حد كويس فعلا والفلوس جاهزه واتفقوا فتمام ما اعتقدش والدتي هترفض وعلى الاقل نعرفها منك .


هزت رأسها مبتسمة وهي تقول بثقة


=ما تقلقش زينه ما فيش في اخلاقها ولا تربيتها واحسن واحده ممكن تتعرفوا عليها..


عقد حاجيبة باستغراب وهو يتسائل بدهشة 


=ياااه للدرجه دي بتحبيها مع اني يعني ما شفتلكيش اصحاب قبل كده ولا كمان حضرت فرحنا مش كده .


ابتسمت ابتسامه سعيدة وهي تقول بنبرة حماس


= عشان اتجوزت في محافظه تانيه وبعدين فجاه اختفت وما كناش نعرف حاجه عن بعض، وهي كانت صاحبتي الوحيده في المدرسه وما ليش غيرها عشان كده نفسينا احنا الاتنين نلم الشمل من تاني .


لم يتحدثون مره اخرى حول ذلك الموضوع فاخبرها بالاخير بأنه سيعرض الأمر على والدته، وفي السماء كان يجلسون يشاهدون التلفاز بالاخص هي كانت مندمجه فيه، وهو يراقبها ثم مال إلى وجهها قليلاً ينظر إليها بعشق وهيام ليحوطها بطريقه رومانسيه وهم يشاهدون التلفاز سوا.. لكنها انكمشت على نفسها فجاه فتعلم تلك المقدمات جيد وفي النهايه يصل الى ماذا، لذلك حاولت ان تفسد مخططاته من البدايه ونهضت متحججه وهي تمثل التعب والارهاق 


= ما اعرفش ليه كابس عليا النوم أوي وتعبانه الشقه هدتني تصبح على خير انت بقى كمل الفيلم طالما عاجبك....


تلاشت ابتسامته تدريجياً وعقد حاجيبة بغرابة وضيق فهو قد عاد من العمل مبكراً لاجل ان يقضوا وقت ممتع مع بعضهم البعض، لكنها حطمت آماله... 


❈-❈-❈


لقد مر شهرين على زواجهما لم تكن الحياه بينهما سيئة ولا جيده أيضاً، حيث كانت طول الوقت تشعر حنين بالنفور من العلاقة الـ.ـحـ.ـميمة التي تحدث بينهما ولم تكن تعرف السبب بالتحديد ولم تجد أحد تصارحه بما داخلها فهي بالأساس لا تعرف لما تشعر هذا الشعور عندما يقترب منها؟ 


ولا الرغبه واللهفه مثله في تناول العلاقة بل بالاساس كانت تنتظر اي فرصه والاخرى حتى تهرب من ذلك الموضوع واذا حدث تنتظر بفارغ الصبر حتى ينتهي منها لتأخذ أنفاسها الصاعده وكأنها تبذل مجهود قصارى حتي تتحكم في نفسها وتتركه يفعل ما يريد .


بينما على الجانب الآخر كان يشعر طارق بالجفاء والبرود في تلك العلاقه لكن لم يتناقش معها في ذلك فأعتقد ربما الخجل والحياء هو السبب بذلك وأن مع مرور الوقت ستعداد ولكن يشعر بأن مر وقت طويل وهي على نفس الحال دون تجديد... وكان ذلك أصبح اُسلوب حياة بينهما ومما آثار أعصابهما معا.


أما عن صديقتها زينة فبالفعل أجرت المنزل واصبحوا يسكنون في نفس المبنى! وكانوا طول الوقت مقتربين من بعضهم البعض حتى أن حنين قد وجدتها حجه ليبتعد عنها زوجها ولا يطالبها بالعلاقه باستمرار... وكان هذا اكبر خطأ تفعل في حياتها الهروب من المواجهه بدل من الحل والبحث عن سبب نفورها من تلك العلاقه وأسبابها.


❈-❈-❈


مر شهر أخر بنفس الروتين وبدأ طارق يشعر بالضيق وعدم الصبر و حنين تلتزم بالصمت علي نفورها من العلاقه واجبار نفسها في بعض الاحيان لأجل زوجها يشعر بالنشوة فقط ولا أكثر.. حتى أحيانا تفكر بان هذه طبيعه العلاقه خلقت للاستمتاع الرجال وليس للسيدات أيضاً . 


كانت حنين تجلس مع زينه صديقتها في منزلها والباب مفتوح وكان يتسامرون مع بعضهم البعض باجواء سعيده، حتي كان طارق يصعد ونظر بطرف عينه إلي زوجته قائلاً بضيق 


= السلام عليكم


شعرت زينه بالحرج و أجابت قبل أن يصعد 


= وعليكم السلام، إيه يا حنين ما تقومي ورا جوزك ليكون محتاج حاجه يبقى نكمل كلامنا بعدين 


هزت كتفها بعدم مبالاة وهي تقول ببرود


=هيعوز ايه يعني كل حاجه عنده متجهزه فوق! حتى الأكل سيبك منه وتعالي نكمل كلامنا 


عقدت الأخري حاجيبها بدهشة وهي تقول بعتاب


= حنين بطلي هبل واطلعي وراه كده هيتضايق مني وهيفتكر ان انا واخداكي منه.. 

وبعدين يا حبيبتي حتى لو كل حاجه متجهزه عنده لازم برده وجودك جنبه هيفرق انتم بقلكم كام شهر متجوزين ليه بتعوديه من البدايه كده يستغنى عنك .


توترت حنين قليلاً فهي كانت متعمده عدم الصعود خلفه حتى لا ينتهي بها الأمر مرغومه على علاقه زوجيه لا تريدها وتكرهها وتنفر منها، حمحمت وهي تقول بنبرة ضائقة 


= ولا يستغني عني ولا حاجه يعني انا هروح فين ما انا طول الوقت معاه، ما جتش يعني على كام ساعه بفك عن نفسي شويه ما انا حتى يوم اجازته بفضل قاعده في البيت قصاده 


تنهدت زينه صديقتها وهي تخبرها بجدية


=ايوه يا حنين ما هو ده الصح، هو تلاقي دلوقتي طول الوقت في الشغل وزهقان وقرفان ومحتاج منك طبطبه ولا كلمه حلوه مش اكله وهدوم نظيفه بس.. في حاجات تانيه برده الرجاله بتكون محتاجاها ومش لازم تقولها .. الاهتمام هيفرق كتير في علاقتكم 

صدقيني وهو اللي هيقربكم لبعض 


حديثها اشعرها بالذنب قليلاً فهي لم تتلقى من طارق الا المعامله الطيبه والحنونه ويكفي بانه صابر عليها حتى الان لكن حقا الامر رغم عنها، 

لتقول بصوت مخنوق 


= انتٍ مكبره الموضوع أوي كده ليه يا زينه 

ما انا قلتلك شويه وهطلعله هو انا هفضل طول اليوم يعني قاعده معاكي .


هزت زينه رأسها باعتراض وهي تقول بنبرة باهته 


=ما تبقيش خايبه زيي يا حنين فضلت برده زيك اعمل كده واكبر دماغي واقول الكلام دي عادي وفي الاخر جوزي سابني وراح يتجوز غيري، ولاقي التفاصيل دي معاها.. الزمن ده عاوزك تتنصحي .


لم يظهر على حنين أي تأثير وظلت في مكانها، بينما لم يكن أحد يعلم أو ينتبه لوجود طارق بالخارج وهو يستمع إلى حديثهما عنه، كان يرغب حقًا في أن تصعد زوجته معه وأن يشعر بوجودها واهتمامها وهو ما لم يشعر به حتى الآن، ولا بحبها.. كان ممتنًا لتفكير صديقتها، التي بدت أكثر نضجًا عنها لكنها لم تقتنع، مما زاد من غضبه وأكمل صعوده إلى الأعلى بمفرده وهو يشعر بالقهر.


❈-❈-❈


على الرغم من تذمر حنين وكراهيتها لاقتراب طارق منها ومحاولاتها المستمرة للهروب وخلق أعذار وهمية، إلا أن طارق لم يتوقف عن محاولاته، مما جعل حنين تستسلم أحيانًا حتى لا يشتبه بها أو يشكوها لأحد. 


كانت تشبه من يبيع الأوهام وتقديم مشاعر زائفة. لكن لم يكن لديها خيار آخر، فكيف يمكنها أن تخبره بأنها لا ترغب في هذه العلاقة مثله وتشعر بالنفور والاشمئزاز؟


اقترب طارق منها وهو يداعب وجنتها بإصبعه

مرادف بمازحاً 


= هو انتٍ مش ناويه تغيري البيجامه دي وتلبسي مثلا قميص نوم وتستقبلي جوزك حبيبك بعد يوم طويل في الشغل 


نظرت حنين إليه بتوتر و أجابت مترددة


= هاه، الجو برد أوي أصلي.. وبعدين انا برتاح في البيجامات ومتعوده عليها من زمان..


أجاب طارق وهو يزفر في ضيق بخيبة أمل


= برد ايه بس الجو حلو.. خلاص طالما مرتاحه كده براحتك.. بس يعني حاولي يا حبيبتي تجربي تلبسيهم طالما اشتريتيهم بدل ما هم مركونين في الدولاب و واحده واحده اكيد بعد كده هتتعودي.. انا فاهم ان اكيد وانتٍ بنت ما كنتيش بتلبسي كده بس دلوقتي احنا متجوزين والحاجات دي كلها شكليات بس مطلوبه .


أجابت بفتور وهي تنظر إليه بنظرات حانقة


= هو لازم قله ادب عشان نكون متجوزين ونعيش مع بعض 


اتسعت عيناه للحظات ثم تنهد كاتماً غيظه ليرد بصوت أجش


= نعم! انتٍ بتقولي ايه انا جوزك على فكره وده بيحصل بين المتجوزين عادي.. و ده حقي علي فكره كمان 


قالت دون انتباه بحنق وعصبية


= و هو حقك ده لازم يكون على حسابي او غصب عني !. 


صدم الآخر من عبارات حنين الأخيرة ليسالها بنظرات حادة


= ده إزاي؟ الموضوع ده اصلا بالذات ما ينفعش يحصل غصب عنك ولازم يكون في تجاوب بينا الاثنين؟؟ وده اللي نفسي احس بيه مره واحده وانا معاكي.. وبعدين تقصدي ايه على حسابك وغصب عنك؟ هو انتٍ بتغصبي نفسك على اللي بيحصل بينا 


خشيت حنين أن تخبره بالحقيقه وتتلقى رده فعل صعبه بالنهايه ولا يفهمها، لتقول بثبات زائف 


= مين قال كده؟ انا ببقى عاوزك زي ما انت عاوز أكيد بس مش بالطريقه دي آآ أو ممكن بتختار اوقات مش مناسبه ومش بيبقى ليا مزاج مش اكتر


وضع طارق يده على وجهه محاولاً منع نفسه من الثورة واحتقان غضبه الذي قد بدأ يتسرب إليه وتحدث بجدية 


= اتمنى ده يكون فعلا قصدك يا حنين، عشان دي بتكون اهم لحظه بين اثنين بيحبوا بعض ومتجوزين اصلا فما ينفعش يكون ده شعورك عنها وانتٍ معايا 


أجابت حنين وهي توميء برأسها في قلق


= ياااه مالك زي ما تكون اتخضيت واتضايقت لو انا ما كنتش حاسه بحاجه ولا مبسوطه معاك.. للدرجه دي الموضوع مهم عندك 


هز رأسه بالايجاب بكل تأكيد وهو ينظر لها بنظرات حالمة


= لازم يكون مهم يا حبيبتي عشان الراجل هيحس وقتها ان مرغوب فيه وانه بيرضي مراته ويسعدها وأنه مآثر فيها الا كده هيحس ان ما لوش لازمه 


لوت شفتاها بقهر مكتوم وهي تردد بصوت حزين


= المهم أنت بتكون مبسوط 


تحرك في مواجهة حنين وقد بدأت الدماء تحتقن في وجهه من الضيق مرددًا باقتضاب


= ايه ده هو انتٍ مش بتكوني مبسوطه معايا لما نعمل كده ولا ايه؟ حنين في ايه ليه حاسس ان في حاجه مخبيها عليا 


شعرت بأنها أصبحت في مأزق لتقول بنبرة خائفة


= هخبيه ايه بس كل الحكايه اني بتكلم عادي هو انت كل كلمه بتفسرها بشكل على مزاجك 


لم يشعر بالاقتناع لكنه لم يضغط عليها في نفس الوقت وهتف قائلاً بنبرة قلقة


= طب لو في حاجه عاوزه تقوليها ومكسوفه ولا حاجه قولي وما تتكسفيش ولا تخبي عني حاجه تمام.. انا هفهمك ولأنك ما ينفعش تحكي أو تتكلمي إلا معايا بالذات في المواضيع دي 


عقدت حاجيبها للاعلي قليلاً وهي تسأله بحذر 


=عاوز تفهمني يعني اي حاجه هتحصل ما بينا مش هتقولها لحد من اهلك ولا اصحابك


أجاب علي الفور طارق بنظرات حادة ولهجة جادة


= اكيد وهو ده الصح اصلا، حنين انتٍ مش هتكوني عارفه نيه اللي قدامك ايه ولا مجرد كلمه عاديه ممكن يستخدمها هو ضدك ازاي.. غير أن حرام وما ينفعش نتكلم في المواضيع دي مع ناس أغراب أو حتي قرايبنا عشان في حاجه اسمها خصوصيه وحرمه بيت .


صمتت لحظة بتردد ثم تحدثت حنين بصوت خافت وهي تبلع ريقها بصعوبة


= هو الموضوع ده! اقصد العلاقه لازم تحصل اكتر من مره! أقصد ليه مش مره واحده عشان الراجل يتاكد ان مراته بنت بنوت وخلاص 


أغمض عينيه ثم أخذ نفساً عميقاً ليحاول السيطرة به على نفسه من اسئلتها الغريبه و الغير مفهومه وما الغرض منها.. ثم فتح عينيه ونظر إليها مرة اخرى وقال بتوضيح جاد 


= عشان مش ده الغرض من العلاقه أصلا هنعيش اخواتي يعني ولا ايه؟ يا حبيبتي دي حاجه ربنا حللها بينا عشان تقربنا اكتر لبعض 

فهمتي...


هزت رأسها بعدم اقتناع ويأس لكنها لم تظهر ذلك بالتأكيد فكل تفكيرها على العلاقه الزوجيه كذلك؟ أما ذلك شعور استثنائي لها فقط؟ واذا كان كذلك فلما هي بالذات تشعر به؟ واذا كانت هذه طبيعه العلاقه الحـ.ـميمه فيجب ان تعترف لنفسها بانها لا تحب الخوض ابدأ وتجربتها، ففي كل مرة تكون على امل ان يتغير ذلك الشعور النافر...


بدأ طارق في مداعبة زوجته بكلماته وافعاله الساحرة ثم أمسك بيدها وبدأ يقبلها بحنية شديدة ثم رفع رأسه قليلاً وطبع قبلة على جبينها ثم وجنتيها ثم قبلها بعمق من شفتيها وكانت حنين متجمده بين يديه تغمض عينيها بقوة ونفور لتتحمل الأمر حتى ينتهي لكن مع الأسف مزال نفس الشعور ملازمها......


بدأت الدموع تتجمع في مقلتي حنين، وهي تستعيد كل تلك التجارب المريرة في عقلها، و كلها تنتهي بنفس الشعور! فلا تفهم هل العيب فيها أم به... نهضت وهي تشعر بالغثيان والقرف كعادتها عند البدء والانتهاء لتستحم وتتخلص من ذلك الشعور وعندما شعر بها زوجها سألها بنعاس


= حنين هو انتٍ رايحه فين؟ 


مسحت دموعها بسرعه دون النظر اليه و

همست بصوت ضعيف 


= ولا حاجه عاوزه استحمى كمل نوم انت .


اعتدل طارق في نومته ثم أحاط زوجته بذراعيه وهتف بنظرات عاشقة ونبرة حانية


= طب تعالي جنبي وخليها بكره مش لازم دلوقتي يعني الوقت عدي خلاص وكمان ساعه والفجر هياذن ويبقى نصلي بالمرة 


احتقن وجهها بشدة من فكرة أنه ربما يشاركها الاستحمام أيضا وان تظل هكذا بذلك الشعور دون ان تمحي عنها بسبب كرهها وقرفها من العلاقة معا، لذلك رفضت بشدة واردفت بصوت مخنوق 


= لأ لأ لأ ما ينفعش افضل كده كتير هقرفـ..  مش هيجيلي نوم الا لما استحمى، ارجع نام انت وما تشغلش بالك بيا .


❈-❈-❈


في اليوم التالي، كان طارق مندمج في العمل دون انتباه لمن حوله، شارد الذهن بحياه الزوجيه التعيسه والتي كان يبني آمال كثير عليها معتقدا بأن زوجته تبادله نفس الحب والمشاعر لكن بعد زواجه منها أكتشف عكس ذلك تماماً، بانه وقع في الحب من طرف واحد ويعاشر انسانه بارده المشاعر والأحاسيس بكل شيء.. 


فليله أمس عندما طلب منها أن تنتظر قليلاً ويستحمون سوا انقلب الأمر الى شجار كالعاده على شيء لا يستحق ولم يعلم بانها كانت تتعمد ذلك حتى تتخلص من حصاره ولا تفعل تلك الامور، فلا لم تكن هذه المره الاولى التي يتشاجرون معا، فاصبحت دائما هكذا وهو أيضاً يصطادون الاخطاء لبعضهم البعض.. لم تكن هذه الزوجه التي يتمناها تتشاجر معه لأتفه الأسباب و لعدم قدرتهم على المصارحه بما يعانون منه. 


لم تكن هذه الحياه التي كان يرغب بها و ينتظرها إطلاقاً من البدايه عندما وقع بحبها 

وظن هي الأخري، ثم آفاق علي صوت صديقه الذي أردف مازحاً


= ايه يا عريس بقيلي نص ساعه عمال اكلمك على الشغل هي العروسه لحقت تاخد عقلك للدرجه دي!. 


لوي شفته بسخرية مريرة دون حديث وهو يتحسر على حاله بصمت...


❈-❈-❈


لم تتوقف محاوله طارق حتى يجعلها تندمج معه ويغير هذه الحياه الجفاء بينهما، قبل جبينها بحنية ثم وضع طارق يده خلف رقبتها وكان على وشك تقبيلها من شفتيها ولكنها توترت ثم أسرعت الخطى بعيداً عنه تبسم بصبر لحيائها فخلع قميصه ووضعه على الأريكة واقترب منها ببطء وجلس إلى جوارها على الفراش وقبل ان يفعل شيء تحدثت بسرعه مبتسمة بثقة


= مش هينفع النهارده يا طارق ولا لمده اسبوع كمان....


رفع حاجيبة للاعلي باستنكار وهو يقول بغيظ 


= نعم وده ليه ان شاء الله 


هزت رأسها بعدم مبالاة وهي تقول ببساطة


= الكلام شارح نفسه إيه اللي مش مفهوم! 


اغتاظ طارق من طريقتها معه ليقول مرددًا بجدية


=مش ملاحظه انك بتكوني مبسوطه وفرحانه أوي وده باين لما بتجيلك، مع اني يعني اسمع انها حاجه بتتعب البنات فايه بيبسطك أوي كده


انصدمت من حديثه بقلق لتسرع تهتف بتبرير بتوتر وارتباك 


= أفرح لا عادي دي حتى مش بتخليني اعرف اصلي ولا امسك المصحف و اقرأ قران زي ما بعمل غير التعب اللي بيجيلي منها مين قالك اني ببقي فرحانه بيتهيا لك طبعاً، انا بس بعود نفسي عليها خلاص هي امر واقع بحياتي و بعدين يعني ايه اللي هيفرحني من ورا حاجه زي كده 


هتف بنبرة حادة وهو يضعها في مواجهه صريحة وواضحة 


= يمكن عشان مش هعرف المسك لمده اسبوع وده بيريحك ويفرحك أوي بدل ما بتقعدي كل شويه تخترعي أي حجج ملهاش لازمه، اهو بدل ما تقولي كل يوم تعبانه ولا عيانه و اصل ماما وحشتني عاوزه اروحلها اهي بتجيلك على الجاهز و تخليكي قدام عيني ومش قادره المسك مش كده .


شعرت بأنها أصبحت في مأزق لتقول بعصبية منفعله 


= نعم انا بعمل حجج ليه ان شاء الله ما انت بتيجي بتلاقي الشقه متروقه والاكل جاهز وكل حاجه نظيفه كل ده بيتعمل لوحده مثلا! وايه يعني لما اقول لك عاوزه اروح لماما كل شويه قريبه مني وبتوحشني ما انت بتنزل كل شويه برده لوالدتك بقول لك حاجه.. 


تنهد بضيق شديد وهو يقول بصوت جاد


= حنين انا تعبت من طريقتك دي وزهقت! مش هتتلككي عشان تداري على الكلام، انا عارف ممكن بيحصل غصب عنك و بتتكسفي  بس بجد مش ملاحظه أن الموضوع زاد عن حده أوي.... 


ظنت فيه ظن سئ وأنه يفعل كل ذلك لأجل العلاقة لا أكثر، لتردف بتهكم قاسي وهي ترمقه بنظرات مشمئزة


= اه قول كده بقى أنت اللي بتتلكك، طبعا ما هو كل اللي بينك وبيني الموضوع ده وبس هو اللي مخليك اتجوزتني وجايبني هنا فلما عدى يوم ما يحصلش ولا فتره هتضايق أوي يا عيني ومش هتقدر تستحمل و...


احمرت عيناه وشعر بالإهانة أثر حديثها ثم توجه إلى حنين وأمسكها من ذراعها بحدة يصيح بغضب عارم


=اخرسي خالص.. انتٍ اتهبلتي ايه الهبل اللي انتٍ بتقوليه ده شايفيني قدامك إيه عشان تقوليلي الكلمتين دول واحد كل اللي بيهمه شـ.ـهواته.. و ما بفكرش فيك الا بالطريقه دي إيه الكلام الاهبل إللي دخلتيه في دماغك ده بقى انتٍ شايفاني كده يا حنين ما تردي.


بدأت الدموع تتجمع في مقلتي حنين هي ترغب في المضي قدماً في علاقتهما ولكن دائماً ما تهاجمها ذكرياتها الآليمة فتجعلها دائماً في حالة صراع مع النفس.. لتقول بنبرة معادية مريرة


= ليه مش زيك ذي اي راجل وكلهم بيفكروا في نفس الموضوع وبس... وبمصلحتهم! انت مش شايف نفسك عملت ايه كل ده عشان قلتلك عندي عذر وحاجه مش بايدي، انت اصلا تلاقيك مش متجوزني إلا عشان الموضوع ده وبس! زعلان اوي كده ليه عشان جيت على الجرح ؟!. 


تطلع نحوها بنظرات مصدومه غير مصدق تفكيرها به، جز علي أسنانه بحده وهو يقول بنبرة قاسية 


= انتٍ مش متربيه وناقصه ربايه.. واذا كان اهلك معلمكيش يعني ايه جواز و ازاي تحترمي جوزك فما تزعليش بقى من اللي هعمله فيكي... 


تألمت من ضغطه علي يدها ومن اهانته لتقول بنبرة حزينة وهي تنظر إليه نظرات حانقة


= اوعي ايدي أنت كمان هتضربني وبعدين انا متربيه غصب عنك ولو ما كنتش كده ما كنتش اتجوزتني أصلا.. طب والله ما انا اعدلك فيها وهروح لماما 


وقف طارق مشدوه مما تفعله زوجته حين بدأت في لم ثيابها بالفعل، فلم تقف طويلاً أو حتى تستمع إلى كلمه منه حيث قامت بجر حقيبة سفر وتحركت إلى خارج الغرفة وهو لم يمنعها....


** ** **

يـتـبـع.


الفصل الثالث 

_________________


عند عوده زينه من عند أسرتها تفاجأت بعدم وجود صديقتها ولم تعلم من تسأله عنها لذلك انتظرت عوده طارق من الخارج واسرعت تسأله بحذر 


= ازيك يا استاذ طارق انا اسفه بس كنت عايزه اسالك على حنين بقيلي اسبوع مش بشوفها هنا هي في حاجه حصلت و انا ما اعرفهاش اصل انا الفتره اللي فاتت كنت بزور اهلي.. حتي تليفونها مقفول وهي مش موجوده في الشقه لما طلعت خبط 


تنهد طارق بضيق شديد وهو بجيبها بحده


= هو انتم مش على طول قاعدين مع بعض ليل ونهار، عايزه تفهميني يعني انك ما تعرفيش انها قاعده عند اهلها غضبانه 


نظرت إليه بصدمه وهي تقول بحيرة


= ايه!! لا والله ابدا ما اعرفش امتى حصل الكلام ده؟ هي في حاجه حصلت الموضوع كبير يعني لدرجه أنها تسيب البيت انا اسفه لو بتدخل في حاجه مش تخصني.. بس ليه حاسه من طريقه كلامك معايا كانك فاكرني انا اللي حرضتها على كده مثلا؟ انا والله لسه عارفه دلوقتي منك الكلام ده


وقف يحرك يده علي شعره بيأس متمتما بغيظ


= خلاص يا مدام زينه ولا انتٍ اللي حرتيها ولا انا جيت جنبها، هي شكلها كانت بتتلكك عشان تروح تقعد عند أهلها وتخلص مني انا اسف لو ضايقتك بس انا متضايق أصلا شويه من الشغل كمان.. عن اذنك عشان راجع من الشغل تعبان و عاوز اطلع شقتي 


رحل الآخر بضيق شديد بينما عقدت حاجيبها الأخري بدهشة وهي تردد بقلق


= يخرب عقلك يا حنين ده الراجل على اخره هي عملت ايه بالظبط في فتره غيابي عنها.


❈-❈-❈


نظرت عبير إلى حنين بشك، فهي تشعر أن هناك خطب ما بها فليست هذه ملامح عروس سعيدة بزواجها وخاصة في أول أيامها معه... 

تشعر أن وجهها دائما منطفيء هناك حزن ما بعينيها بصوتها و بحركاتها، لكنها دائما صامته ولا تخبر أحداً بما فيها.. لتسالها على أمل أن تخبرها بحقيقه الأمر 


= عامله ايه يا حبيبتي.. ليه قاعده على طول لوحدك في الاوضه ما تقومي تقعدي معانا ولا انتٍ خلاص عشان اتجوزتي يعني هتتكبري علينا .


اجابتها حنين بصوت خافت مليء بالحزن


= انا والله ابدا بس حابه اقعد لوحدي شويه، مع اني والله وحشتني و وحشنا قعدنا سوا وكلامنا بس مش عارفه ليه من ساعه لما اتجوزت بقيت احس نفسي غريبه عن الكل.. ومش طايقه ولا اتكلم ولا اتساير مع حد زي زمان عاوزه افضل كده بس بعيده وبهرب 


هزت عبير رأسها بعدم رضا وهي تقول بجدية


= بس ده اكبر غلط بنعمله مع أي مشكله تواجهنا يا حنين لازم نواجه عشان نحل، حنين هو انتٍ بجد جايه تقعدي معانا يومين ولا غضبانه ومتخانقه مع جوزك؟ مش عارفه ليه حاسه كده ان في مشاكل كتير و انتٍ مخبيها علينا او عليا انا بالذات.. انتٍ كان سرك معايا ليه على طول واخده جنب مني! 


ردت حنين بضيق وهي تهز رأسها بالنفي 


= مش واخده جنب ولا حاجه انا كويسه ما تقلقيش عليا.. بس يمكن عشان مش عارفه انا فيا ايه عشان احكي اصلا.. غير ان كل واحد في اللي مكفيه وكفايه دوشت ومشاكل عيالك الاربعه .


ضمتها الأخري إلى صدرها بحنية وهي تردد بحب صادق


= غلط انا عندي خمس عيال بمشاكلهم! فاكيد مش هعامل الاربعه معامله و واحده منهم معامله تانيه خالص.. يعني هي جت عليها بمشاكلها.. عشان كده انا عاوزاكي تدوشيني لمشاكلك وما لكيش دعوه انتٍ..


نظرت حنين إليها بامتنان شديد وقبل ان تتحدث استمعت إلي اصوات عراق تأتي من منزل شقيقها محمود مع زوجته، لتسألها بدهشة 


= هو في ايه؟ من ساعه ما جيت وايمان غطسانه ومش بشوفها بتنزل هنا يعني و دلوقتي صوتها طالع مع جوزها، هم رجعوا يتخانقوا زي زمان مش كان ربنا هداهم من آخر مره كانوا هيطلقوا فيها 


لوت شفتاها بتأفف وهي تردد بعدم مبالاة


= ما تشغليش بالك البيوت ياما فيها، وبعدين يا حبيبتي دول عاملين زي القط والفار ما يقدروش يعيشوا من غير مشاكل.. هو انا برده اللي هقول لك لحقتي تنسيهم ولا إيه ده حتى الجيران نفسهم لو قعدوا أسبوع ما سمعوش صوتهم.. يتخضوا ويجول يسالونا ايه اللي حصل .


ابتسمت حنين رغم عنها لتقول عبير بفرحه


= ايوه كده اضحكي بلاش الهم اللي انتٍ شايلاه ده كل حاجه هتتحل ان شاء الله يا حبيبتي...


❈-❈-❈


نهض طارق ليفتح باب المنزل بعدما طرقه أحدهم ليردد وهو يفتح قائلاً 


= أيوه يا اللي بتخبط.. مدام زينه في حاجه؟!. 


ضمت شفتاها للإمام بحرج وهي تقول بتوتر


= أنا أسفه لو كنت صحيتك من النوم ولا حاجه بس كنت بعمل الغداء وزاد مني وانا عارفه يعني ان حنين لسه ما رجعتش من عند اهلها فقلت اعزم عليك بدل ما ارمي الاكل ولا يبوظ.. بما انك قاعد لوحدك زي حالاتي .


نظر لها مطولاً ثم أخذت منها الطعام وهو يرد بنبرة هادئة


= ما كانش في داعي انا بعرف اعمل اكل لنفسي على فكره! على العموم شكراً معلش كان نفسي اقول لك اتفضلي بس زي ما انتٍ لسه قايله انا قاعد لوحدي وصاحبه البيت مش موجوده 


زينه وقد فغرت شفتيها مندهشه بأنه يلقبها صاحبه المنزل فزوجها دائما كان يشعرها بانها مجرد ضيفه ثقيله على بيته 


= هـــــاه!. 


ثم هزت رأسها بالايجاب بتفهم وأجابت بصوت متردد 


= آه طبعا انا فاهمه ما فيش داعي انا اصلا مش عاوزه ادخل، انا بس كنت عايزه اقول لك حاجه قبل ما أنزل انا والله ما اعرف ايه سبب الخناقه بينك وبين حنين ولا عاوزه اعرف اكيد ومش انا اللي حرضتها ولا هي اتكلمت عن علاقتكم ولو انت واخد فكره يعني ان انا ممكن أكون سخنتها عليك ولا حاجه ابدا والله وليه هعمل كده أصلا.. 


أخذ نفس عميق قبل أن يرد بصوت مرهق


= خلاص يا مدام زينه انا فاهم وعارف كل ده من غير مبررات! وعارف كمان ايه سبب التلاكيك اللي هي عملتها، اصلا من قبل ما تيجي واحنا كده على طول في مشاكل حتى لو ما اتخانقناش مش جديد علينا النظام ده.. فما تحمليش نفسك الذنب ولا حاجه 


زينه وهي تقول بنبرة جاده محاوله الصلح بينهما 


= صدقني حنين مفيش اطيب منها انا عارفاها كويس، جايز بس هي لسه مش فاهمه فكره الجواز او مش متعوده انها انفصلت عن اهلها حاسه لسه انها واحده غريبه هنا.. في ناس كتير كده كانت زيها انما دلوقتي مش بيقدروا يستغنوا عن البيت ثانيه واحده ولا يسيبوه.. اللي عاوزه اوصلهلك يعني انها محتاجه شويه وقت مش اكتر و ده هيتحل مع العشره وقربكم لبعض 


لوي شفته بسخرية وهو يقول بصوت جاد


= لا انا كده أتأكدت فعلا انك ما تعرفيش حاجه عن الموضوع لان الموضوع اكبر من كده بكتير رغم انه يبان في بعض الاحيان حاجه تافهه او مش فاهم لسه اصلا لحد دلوقتي إيه السبب بالتحديد.. بس ولا سبب من إللي انتٍ ذكرتيه هي اصل المشكله.. يعني مش موضوع انها مش متعوده ولا عارفه يعني ايه جواز ولا الكلام ده كله .


نظرت زينه إليه بحيرة ثم قالت بجدية 


= انا فعلا مش عارفه السبب بالتحديد وعلى فكره هي مش بتقولي حاجه عنكم كلامنا كله بيكون على حكاياتنا زمان وصحبتنا، بس في النهايه اتمنى ان المشكله تتحل و معلش انتٍ برده الراجل اصبر عليها وانا والله لو فتحت تليفونها هحاول من ناحيه اصلح اي حاجه مع أني والله بحاول انصحها كتير وبلفت نظرها عن اي حاجه في علاقتكم حصلت قدامي بالصدفه.


هز طارق رأسه مرددًا باختصار 


= ربنا يقدم اللي فيه الخير متشكر على الاكل مره ثانيه .


❈-❈-❈


بالصباح في منزل أسره حنين كان الجميع يجلس ويتناول في صمت بينما كانت ايمان تجلس فوق مقعد طاولة الطعام وهي تهز ساقها بعصبية، كانت ملامح الضيق تعلو وجهها خاصة بعد المعاملة الجافة من زوجها في حين الآخر طلب منها بلهجة أمر 


= ناوليني كوبايه الميه اللي جنبك يا ايمان و بعدين قومي سخني العيش تاني عشان برد.. وبالمره و انتٍ راجعه هاتي حته جبنه قديمه من جوه عشان نفسي رايحه لها.. ما تيلا انتٍ هتفضلي قاعده ما سمعتنيش ولا ايه 


لوت شفتاها باستخفاف وبرود وهي تقول بنبرة استفزاز


= ابدأ مستنياك لما تخلص طلبات وتدعك الفانوس السحري عشان يحققها لك، ما اصلي انا مش ليا اكتر من ايد عشان افضل كل شويه رايحه جايه اعمل لك طلباتك اللي من ساعه ما صحيت ما خلصتش منها.. لا انا تعبت بقى من وجع الدماغ ده واتفضل يا اخويا عندك المطبخ وهات مبادلك منه انما انا خلاص شطبت ولا هقوم ولا هاجي..


نهض محمود عن طاولة الطعام ثم وقف يتحدث مع زوجته بعصبية


= اه يا بنت الكلب يا واطيه بقى بترد عليا وتقلي ادبك انا هربيك النهارده...


لم يتمالك أعصابه الآخر ونهض أمام الجميع ثم هجم عليها و إنهال بالضرب الوحشي على إيمان وقبل ان يستوعب أحد ما حدث بدأت زوجته تصرخ وهي تقاومه باستنجاد


= يا لهوي الحقوني يا ناس هيموتني في ايده... آآه اوعى أيدي هتكسرني.. الحقوني منه


❈-❈-❈


تعجبت زينه من الطرقات على باب منزلها فهي دائما ما تكون بمفردها بالأخص منذ أن انتقلت إلى هنا، توجهت تجاه الباب لتفتح لتتفاجئ به طارق أمامها لتقول بسرعه بابتسامة عريضة 


= أستاذ طارق اتفضل صباح الخير اولا انا كنت لسه بحط الفطار على السفره زي ما انت شايف.. اتفضل .


هز رأسه برفض وهو يقول بصوت هادئ


=لا متشكر بالهناء والشفاء انا مستعجل اصلي عشان رايح الشغل.. بس قلت اعدي عليكي الأول عشان اديكي دول.. اتفضلي دي مواعين الغدا بتاع امبارح اللي طلعتيه ومتشكر مره ثانيه .


عقدت حاجيبها بدهشة وهي تاخذها منه لتقول 


= ومغسولين كمان كثر خير اللي غسلهم، هي والده حضرتك هي اللي غسلتهم على كده . 


أجابها طارق بنبرة هادئة بكل بساطة 


= لا خالص والدتي ما تعرفش اصلا ان احنا متخانقين عشان كده ما رضيتش اعدي عليها ولا ابلغها بحاجه، انا اللي غسلتهم عادي اكيد يعني هحاول اصرف نفسي مش هسيب البيت كده يقلب يضرب والهانم غضبانه عند أمها لحد ما ترجع، ثم ان انا اصلا متعود حتي وهي موجوده بعمل كده و بشارك في اي حاجه في البيت اذا لقيت مواعين ولا عاوز اتغدى وهي نايمه عادي يعني مش مشكله... 


ثم تابع حديثه قائلاً بامتنان وهو يتحرك للرحيل 


= وبعدين كثر خيرك ان انتٍ طلعتيلي الاكل هنزل لك كمان المواعين مش نظيفه.. واتعبك اكتر، اكيد ما يصحش... انا مضطر بقي امشي عن اذنك 


رحل من أمامها بينما ظلت الأخري تنظر إلى فراغه بإعجاب شديدة وهي تتحدث مع نفسها هاتفه وكأنها تندب حظها التعيس 


= بيغسل المواعين وبيعرف يعمل اكل لنفسه.. على كده ما كانش بيشتغلني بقى لما قالي انا كنت هعرف اصرف نفسي وبطبخ، شكله ذوق أوي.. مهنش عليه ينزل الأطباق إلا لما يغسلها قال ايه عشان ما يتعبنيش.. امبارح كمان ما رضيش يدخلني وقالي عشان صاحبه البيت مش موجوده، معقول في حد كده رغم المشاكل اللي بينهم لسه بيقول عليها صاحبه البيت و يحترم وجودها حتي وهي مش موجوده..


شردت في حياتها السابقة المريرة لتقول بحسرة 


= والله انتٍ بتتبطري على نعمه يا حنين و مش حاسه بقيمه اللي معاكي! ده انا الموكوس اللي كنت متجوزه كان بيناديني من اخر الدنيا عشان اجيبله كوبايه الميه اللي جنبه أصلا! حظوظ صحيح الحاجه اللي نكون محتاجينها تروح لغيرنا وغيرنا كمان مش عاوزها... 


هزت رأسها باعتراض عندما انتبهت الى نفسها لتقول بصوت مخنوق


= ربنا يهديهم لبعض وترجع لعقلها وتحس بقيمته.. 


❈-❈-❈


في المساء شعرت حنين بالعطش فنهضت حتى تشرب وعند صارت تجاه المطبخ شعرت بحركه داخل غرفه شقيقها محمود حيث أجبرت والدتها إيمان ان تجلس هي فيها وهو يصعد شقته حتى لا يتشاجران مجددا، لكن عندما اقتربت خطوه فكان الباب مفتوح قليلاً تفاجأت بشقيقها بالداخل وكانت إيمان تقف أمامه .


اقتربت ايمان منه وهي تتعمد أن تتمايل بشدة في مشيتها لتثيره وبالفعل نجحت مما تفعله وسرعان ما نظرت إليه ببرود قائلة 


= اوعى ايدي ولا عاوز تكسرها تاني.. ابعد عني خالص ولا تلمسني ولا تفكر تيجي جنبي فاهم ولا لأ.. انا مش بحبك .


مط شفتيه للإمام وهو يحتويها بين ذراعه، ليردد بحنان عكس سابقا 


= كده برده يا ميمونه ده انا محمود حبيبك تمنعيني عنك وتقوليلي مش بحبك طب الكلام ده طالع من قلبك برده.. هاه ده انا حوده حبيب القلب 


زمت شفتيها بزعل وهي تقول بصوت أنثوي مميز


= وهو حبيب القلب برده يكسرني كده و يضربني! قلتلك اوعى بقى ما تلمسنيش انا مخاصماك ومش هصالحك ابدا .


غمز لها بطرف عينه وهو يقول بابتسامة عريضة


= ما تقدريش تخاصمي حبيب القلب.. وانا عندي الإثبات دلوقتي وهصالحك.....


وعندما رأت حنين في تلك الوضعية، خاصة بعد ما حدث بينهما من قبل والشجار الذي شهدته جميع الأسرة وكيف أهانها وضربها بطريقة قاسية، تساءلت: كيف يمكن أن يكونوا هكذا الآن؟ تجهم وجهها بملامح مشمئزة وهي تتحدث إلى نفسها بجنون


= مقرفين!. طب ازاي؟ لأ لأ لأ اكيد اللي بيحصل ده مش طبيعي الامور دي مش بيستخدموها لكده.. ولا بالشكل ده.. إلا لو كده يبقى ليا حق اكرهها وهفضل اكرهها طول حياتي..... 


لم تستطع تحمل ذلك المنظر الذي أعاد إليها ذكريات مؤلمة عن والدتها ووالدها، والتي كانت تعتقد أنها نسيتها.. لكن عندما عادت تلك الذكريات، شعرت بالاشمئزاز الشديد وارتعش جسدها، مما دفعها للركض بسرعة إلى الحمام لتفريغ ما في جوفها من شدة اشمئزازها من تلك العلاقة وتخيلها.


في الماضي قبل سنوات كثيرة، هتفت زينب بصوت حزين للغاية وهي تتألم من المرض ومن أسلوبه البغيض 


= آآآه حرام عليك يا ابراهيم انا ولا مستحمله قربك مني ولا ضربك ليا.. كفايه بقى بجد انا ما بقتش حمل الكلام ده انت مش شايف الادويه اللي اشتريتها قد كده النهارده عشان التعب والقرف اللي انا فيه يروح......


أجاب الآخر بكل قسوة وحجود 


= هو انا لسه عملت حاجه يا وليه وبعدين ايه كل ما اجي جنبك هتقوليلي الكلمتين دول ما تعملي بالفلوس اللي انا لسه دافعها ليكي النهارده في كشف وعلاج... خلي بالك كده الملايكه هتلعنك وانا هكون جبت اخري كمان وهروح اشوف غيرك طالما مش عاوزه تديني حقي... بلا قرف.. 


هزت رأسها بسرعه برفض وهي تردد بضعف واستسلام


= لأ لأ خلاص يا اخويا هستحمل زي كل مره وامري لله، حقك عليا ده حقك برده ما اقدرش اعترض.... 


للأسف، كانت هذه الذكريات محفورة في عقلها رغم صغر سنها، مما جعلها تشعر بالذعر و القرف في تلك اللحظات. كان الفضول يقتلها حول ما الذي يجبر والدتها على ذلك؟ هل هو شيء قاسي ومؤلم إلى هذا الحد؟ والأهم من كل ذلك، لماذا والدتها مضطرة لفعل ذلك؟ 


وعندما كبرت قليلاً بدأت تستوعب السبب وراء ترك والدها لهم وزواجه من أخرى، أدركت أن ذلك كان بسبب عدم قدرتها على تلبية رغباته بسبب مرضها، مما جعله قاسيًا معهم وبحث عن امرأة أخرى لتحقيق رغباته ومن هنا بدأت تشعر بالنفور والاشمئزاز تجاه هذه العلاقة حتى قبل أن تعرف تفاصيلها.


لم تنسَ تكرار هذه المواقف طوال حياتها، مما جعلها تعجز عن فهم هذه العلاقة وتكرهها، حيث كانت تصرفات الرجال توحي بأنهم هم من يتحكمون في كل شيء. كانوا يفعلون ما يريدون في أي وقت، حتى لو كان ذلك في أوقات غير مناسبة على الإطلاق.


بدأ الأب يزيح كل شيء أمامه بقسوة، مستمرًا في ضرب أولاده وزوجته بوحشية لأتفه الأسباب، بسبب ما اعتبرة تقصيرًا من زوجته في علاقتهما


= عيال تجيب الهم والقرف ادي اللي باخده منكم مشاكل وكل شويه هات طلبات وفلوس..... 


أدمعت زينب عينها بألم وهي تهتف بعصبية مفرطة


= منك لله يا شيخ حتى اللقمه مش عارفين ناكلها من غير نكد، امال مين إللي هيصرف على العيال دول زعلان أوي عشان بطلب منك فلوس مش دي مسؤوليتك برده.. حسبي الله ونعم الوكيل هفضل ليل ونهار وفي صلاتي ادعي عليك....


وبعد فتره من بكاء الأم هتف الأب من الداخل هتف بصوت مرتفع


= زينب تعالي عاوزك.....


لاحظت حنين وجود آثار ضرب وأثر أصابع على وجه والدتها بسبب والدها. بدأت حنين تفهم جيدًا متى يناديها لأجل هذا الأمر، لكنها لم تفهم سبب نهوض والدتها لتلبية طلبه وكيف كان ذلك بسيطًا بالنسبة لها.


أخذت حنين تتنفس بصوت مرتفع و أغمضت عينيها في رعب وكأنها تخشى البوح بما تنوي والدتها فعله معه حتى وان كان زوجها، فعقلها يرغب الفهم و الاستيعاب.... كيف يكونون الازواج بينهما مشاكل كبيره قد تؤدي الى الضرب والاهانه وبعد قليل بمنتهى البساطه يفعلون ذلك الفعل.... 


لكن هذه المره لم تستطيع السيطره على نفسها فنظرت إلى أمها بنظرات صادمة وهي مشدوهة و بتردد وبنظرات جاحظة سألتها بكل جرأة وعتاب


= هو انتم مش زعلانين من بعض المفروض! رايحه وراه ليه دلوقتي؟ وكنتي عماله تدعي عليه من شويه.. مش كفايه وانتٍ تعبانه بتعملي الحاجات دي غصب عنك. 


شهقت أمها بذهول من وقاحتها وبدأت تعنفها بغضب شديد


= وانتٍ مالك يا قليله الادب يا اللي ما تربيتيش صحيح... مركزه معانا أوي كده بنعمل ايه انا مش عارفه جيل إيه المهبب ده إللي ما فيش حاجه بتعدي عليه.. حسابك معايا بعدين يا قليله الربايه.


عوده إلى الوقت الحالي، لتتحرك حنين الى غرفتها وهي تجر أذيال الحزن والانكسار والذل والخيبة ورائها، وقفت تنتظر خلفها والدموع لا تفارقها ثم هتفت بصوت مشمئز


= مقرفه... هو انا بكرهك من شويه! 


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوعين، في منزل أسره حنين انتبهت أن هناك شيء ما يهتز من أسفلها ويحدث صوتاً مزعجاً تململت في الفراش بتجاهل فهي تعلم جيد من المتصل ولكن ظل ذلك الصوت والاهتزاز يعلوان أكثر وأكثر.. فاضطرت تجيب على زوجها الذي بدأ يعاتبها برجاء 


= ازيك يا حنين عامله ايه اخيرا عبرتيني و رديتي داخلين كده على اسبوعين مش ناويه بقى ترجعي وكفايه انا سايبك براحتك اهو رغم ان انتٍ اللي ضايقتيني ومش فاهم اصلا ايه سبب الخناقه عشان تسيبي البيت.. غير على فكره انتٍ وحشتيني أوي 


اعتدلت في جلستها على الفراش وأصغت لصوته الناعم معتقده بأنه يريد ارجاعها لسبب واحد فقط، لذا لم تستطيع تمالك نفسها وهي تسأله بتهكم مرير 


= وحشتك برده! ولا وحشتك العلاقه . 


اعتلت الدهشة وجهه والضيق ليقول مرددًا بصوت حاد 


= هنرجع تاني لنفس الغباء هو انتٍ في ايه مين بيدخل الكلام الاهبل ده في دماغك.


أغمضت عينيها بتعب وضعف ثم قالت بصوت باكي أقرب إلى الهمس


= طـ.. طيب خلاص سيبني يومين كمان و هفكر أرجع.. سلام .


في تلك اللحظه دخلت ايمان عليها وهي تقول بنبرة ضائقة 


= بنت يا حنين لما انتٍ صاحيه قاعده لوحدك هنا بتعملي ايه ما تطلعي تقعدي معايا بره بدل ما انا قاعده مع العيال اللي بره دول وجابوا لي صداع.. امك راحت تعزي في واحده صاحبتها وعبير في شغلها رغم انها بتخنقني في قعدتها بس اهي كانت بتسليني 


لم ترد عليها بينما اخذت ايمان الهاتف من يديها لا تلاحظ عده مكالمات من زوجها و رسائل يطلب منها العوده، لوت شفتاها وهي تقول باستفسار 


= كل دي مكالمات جوزك اتصل بيها وفاكره تردي في الآخر غير الرسائل.. آه بقي هي الحكايه كده زي ما توقعت طب لما انتم متخانقين ما بتقوليش ليه؟ وبعدين ما الراجل عاوز يجي ياخدك اهو.. انتٍ اللي تقلانه عليه ليه .


مسحت حنين وجنتيها من الدموع العالقة بها بحركات حادة و هى تغمغم بانفعال


=بس يا ايمان ما تاخديش مني التليفون ثاني مره بالطريقه دي واياكي تقولي لحد منهم بره أني متخانقه مع جوزي وجايه هنا غضبانه فاهمه.! مش ناقصه وجع دماغ وهيقعدوا يسألوا وانا ما عنديش اجابه لحد ومش عاوزه كمان يوصلوا لطارق ويسالوه مش عارفه هيقول لهم ايه .


نفخت مستاءًه منها وهي تهتف على مضض


=يا بنت يا هبله هو انا برده لما تقوليلي حاجه هروح اقول لهم؟ وبعدين مالك خايفه كده ليه يسالوكي عن السبب ولا يسالوا جوزك هو الموضوع للدرجه دي كبير؟ ما تنطقي وتقولي فيكي ايه يمكن الاقيلك حل! 


همست بصوت مختنق باكي و هى تنحنى على نفسها أكثر و تضم ساقيها الى صدرها


=قلت لك ما فيش وخليكي في حالك مع جوزك وسيبوني انا كمان في حالي...


نظرت إليها بشك ثم أردفت بصوت جريئة 


= مممم هو الموضوع ليه علاقه بالـ... العلاقه الحـ.ـميميه اللي ما بينكم مش عارفه تبسطي ولا إيه .


اتسعت عينا حنين بذهول وصدمه وهي تقول بنبرة حادة 


= انتٍ عرفتي منين؟ انا من ساعه ما جيت ما فتحتش بوقي حتى مع نفسي بالموضوع ده انطقي يا ايمان عرفتي منين 


ابتسمت ابتسامة خبيثة وهي تقول بثقة 


= وهي محتاجه ذكاء وخده جنب عشان مكسوفه تتكلمي ومش عاوزه جـ.ـنس مخلوق يعرف و قلقانه، ثم ان انا كنت بضرب الكلمه وانتٍ اكدتيلي المعلومه.. فيلا زي الشاطره كده بقى قوليلي عشان انا الفضول كده هيبدا يقتلني ومش هسيبك إلا لما افهم ايه المشكله بالضبط 


نظرت إليها فجاء بنظرات غامضة ثم سألتها بتردد


=ايمان هو انا ممكن أسألك على حاجه و ما تفهميش غلط؟ ولا تضايقي مني؟ واياكي ثم اياكي تروحي تقولي لحد ان انا سألتك السؤال ده اتفقنا .


سألتها مستفسرة بغرابة وضيق 


=لازمته ايه كل ده ما تسألي على طول في إيه وبعدين انا بسالك على احوالك مع جوزك دلوقتي.. تساليني انا ليه . 


إجابتها حنين وهي ترمقها بنظرات مشمئزة


= هو انتٍ و محمود بتعملوها إزاي؟.. 


عقدت حاجيبها بعدم فهم وهي تسألها بدهشة


=بنعمل ايه الله يخرب بيتك وايه دخل اخوكي في الموضوع ما تفهميني وخليكي دغري بدل جو الالغاز ده 


ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول بسرعه بقلق


= آآ أنا والله كنت قايمه اشرب وعرفت ان محمود نزل هنا ودخل لك الاوضه جوه بعد ما ماما بعدتكم عن بعض عشان ما تتخانقوش تاني، وللاسف شفت او مش شفت بالظبط عرفت اللي حصل بينكم.. فبسالك ازاي بتقدري تستحملي ان يكون لسه ضربك ولا متخانق معاكي وتستخدمه القرف ده في انكم تتصالحوا او ليه مش بتربطوا الأمور ببعض هي دي حاجه ودي حاجه ولا ايه ما هي برده لا.. بتتقبليها ولا بتقدري تستحمليها ازاي ولا هو كمان بيقابلها على نفسه كراجل.. انا هتجنن انتٍ فهماني ..


سحبت إيمان مقعد لتجلس عليه وهي تنظر لحنين نظرات قلق لتردد بعدم مبالاة 


= ما تهدي على نفسك يا بنت و إيه كل الاسئله دي! ثم انك ايه يعني شفتيني مع حد غريب ده جوزي وحلالي عادي ونزل يصالحني وما هانش عليه أفضل زعلانه لحد ثاني يوم.. عاوزه بقى تيجي مني وابقى ست نكديه و وحشه وارجعه مكسور الخاطر طالما رجله جابته، يا هبله الست الذكيه تستخدمها لصالحها النقطه دي عشان تخليه زي العجينه في ايديها 


اتسعت عينا حنين باحتقار من ردها ثم زفرت بانزعاج و هي تفرك وجهها بغضب على ما يحدث معها لا تعلم كيف تحل الأمر المعضله أكثر، لتتحدث بصوت مضطرب


= انتٍ بتقولي ايه انتٍ هبله يبقى لسه متخانق معاكي وضربك قدامنا كلنا ويهين كرامتك و يطلبك بالليل عادي وانتٍ توافقي لا و مبسوطه وفرحانه أوي كمان... وبدل ما تعملي لنفسك كرامه ويتاسفلك بالبق بتقلبيها من ناحيه تانيه عشان تعرفي تتحكمي في و تسيطري عليه.. انتم بتبصوا لبعض ازاي بعد كده، تعرفي اول مره اخد بالي ان محمود اخويا صوره تبق الأصل من بابا وانتٍ كمان زي ماما بس الفرق انك بتحاولي تقنعي نفسك انك بالطريقه دي بتعرفي تخليه زي الخاتم في صباعك و قد إيه فرحانه ان حتى في عز زعلك مرغوبه فيكي منه.


لاحظت ايمان اضطراب ندى وبكائها المتصل، فلم ترد أن تزيد الطين بلة و قالت محاولاً بث الثقة والطمأنينة فيها 


= طب انا مش هاخد الكلام منك بزعله عشان شكل حالتك صعبه ومولك موال ايه لازمت كل العياط ده كمان وكلامك اللي مش مفهوم هو انا دلوقتي بسال عليكي ولا دخلتيني في احوالي مع جوزي.. ولا بتحاولي تداري على الكلام عشان ما اسالكيش .


هزت رأسها بالنفى قائلة بصوت مختنق


= بالعكس انا جاوبتك عشان هي دي نفس مشكلتي الأساسية أصلا! اللي انتٍ وجوزك بتعملوا في اي وقت مهما كان متخانقين ولا بينكم ايه الموضوع ده برده بيحصل بينكم و ما بتقدروش تفرقوا بين ده وده.. اهو انا بقى عشان كده بكره العلاقه دي 


عقدت حاجيبها بدهشة وقالت بنبرة قلقة 


= انتٍ قصدك العلاقه الزوجيه بتكرهيها... بتكرهيها بمعنى بتكرهيها طب ليه؟!. 


هزت رأسها بالايجاب عدة مرات ولم تستطيع الانكار هذه المره، لقد انهارت تماماً وفقدت السيطرة على حالها وبدأت تردد بصوت متألم بحرقة 


= أنا حقيقي نفسي ابطل افهم عشان الموضوع ده تعبني نفسياً وكل مره بفتكر اللي سمعته بجد مش قادره اتخطي الموضوع ده نفسي ارجع مش فاهمه حاجه تاني كأني عيله صغيره مخها ما فيهوش اي شيء الا البراءه، يا ريتني ما اتجوزت ولا عملت الموضوع ده مع جوزي عشان افهمه بكل تفاصيله كده.. وافضل كل شويه اتخيل هو ده اللي كان بيحصل بينكم؟؟ وهي دي العلاقه الجـ.ـنسـ.ـيه اللي بتستمتعوا بيها وتبقوا فرحانين؟؟ ده أنا كرهتها وقرفت منها من أول يوم....


تنهدت الأخري بيأس من عدم فهمها الامر جيد لتقول بتافف


= اهدي يا حنين عشان افهم منك! انتٍ ايه أصلا مشكلتك مع جوزك ولا مع العلاقه ليه بتكرهيها الكره ده.. ومالك اصلا اذا كان احنا بنمارسها غلط ولا صح ما تخليكي في نفسك ومع جوزك طالما يا ستي شايفانا احنا غلط اعملي انتٍ الصح بتقارنينا ليه بمشاكلك واحاسيسك دي 


بدأت الدموع تتجمع في مقلتي حنين وهي تستعيد ذكريات تلك التجارب المريرة في عقلها مردافه بانكسار 


= هو انا مبسوطه باللي انا فيه نفسي ابطل فعلا افتكر كل ده؟ نفسي كل ما جوزي يقرب مني احس بنفس الاستمتاع اللي بيحس بيه وبتتكلموا عليه؟ نفسي انسى كل حاجه سواء صح ولا غلط متخزنه جوه دماغي من الموضوع ده! عارفه انا امبارح فضلت أراجع كل اللي في بطني وانا سامعاكم! وانا بتخيلكم! وانا بفتكر امي! وانا بفتكر نفسي مع جوزي...


هزت رأسها بعجز وهي تبكي بحرقة، كان قلبها يعتصر من الألم، لقد ماتت روحها بعد ما بدات تعاني بمفردها كعادتها وطول حياتها بمفردها طول فتره زواجها 


= انا بكرهها لا بقرف منها.. ده كان تخيلي عنها ما بالك لما بقيت امارسها قرفت اكتر اقول لك على حاجه مش هتصدقيها انا بعد ما طارق بيلمسني ويخلص مباطقش نفسي دقيقه واحده وبحاول بسرعه اقوم من جنبه عشان انظف نفسي كاني واحده رخيصه بتبيع نفسها مش ده حلالي والمفروض اعمله عادي وربنا محلله... 


أضافت حنين ببكاء حار وهي تشعر بعدم قدرتها على فهم ذلك الشعور او مقاومته 


= انا مش قادره اقتنع اصلا أن ربنا محلل حاجه زي كده بين الازواج واني مطلوب مني اعمل كده وده حق جوزي عليا .. عشان كده بهرب طول الوقت! ايوه بحاول لما يرجع أعمل نفسي تعبانه ولا نايمه ولو اضطريت بتبقى اسوء لحظه في حياتي ونفسي تخلص بسرعه.. انا بحس نفسي بتنفس براحه كبيره لما بيبعد عني وينتهي! عارفه كمان ايه اسعد لحظه في حياتي لما يجي ليا العذر الشرعي عشان لما يقرب مني اقف بكل ثقه اقول له لأ.. مش هتقرب مني ولا تلمسني! مش هتجبرني غصب عني اكون تحت طوعك عشان ارضيك وارضي ربنا... واسيبك تخنقني تحت إيدك عشان تمارس عليا العلاقه المقرفه دي .


حاولت إيمان تهدئة حنين ولكنها كانت على وشك الإنهيار أمامها لتقول الأخري بصدمة كبيرة 


= يخرب عقلك كل ده شايلاه في قلبك من الموضوع ده حرام عليكي نفسك كده يا حنين وحرام عليكي جوزك و ربنا.. هو اصلا لحد دلوقتي مستحملك ازاي ولا مش ملاحظ حاجه زي كده.. 


تراجعت للخلف هامسة بصوت مختنق وهي تشعر بانها على وشك الانهيار ولا ترغب الأخري ان تراها بحالتها تلك


= ما هي دي مشكلتي دلوقتي ان ابتدا يلاحظ ولما واجهني ما عرفتش اقوله ايه؟ ما هو اصلي هقول له كل الكلام اللي قلتهلك دلوقتي مش هيفهمني ولو دخل اهلي في الموضوع وده المتوقع مش هيفهموني هم كمان و الله أعلم رد فعله هتكون إزاي ولا رد فعلهم.... و اللي زاد انه بيشتكي كمان ان انا ساكته معاه ومش بحس باللي بيعمله ولا بتفاعل وانا مش قادره اصلا اتقبل العلاقه عشان ابدله . 


ظلت ايمان تنظر لها في ضيق وحنق ثم قالت بحده


= لا لا بلاش هبل ولا تقوليله ولا تقولي لاهلك احنا فعلا مش متخيلين رد فعلهم هيكون ايه وهتتطين اكتر عليكي وهيكون كده لي حق يتجوز عليكي يا عبيطه فتلمي ولمي ليلتك... 

و بصراحه مكبره الموضوع أوي مع انه سهل خالص.. حاجه بسيطه مثلي ان انتٍ بتستمتعي معايا وبتحسي بيه وحابه الموضوع زيه!. 


برقت عيني حنين ونظرت إلى ايمان فاغراً فمها، بينما بادلتها ايمان نظرات تحدي لتقول هي بفزع بصدمة 


= انتٍ بتقولي إيه انتٍ مجنونه! ولو نفترض يعني نفذت كلامك هو مش هيحس ان انا بمثل!. وبعدين كده يعني المشكله اتحلت ما في مشاكل تانيه كتير زي اللي حكيتها لك ان انا مش بطيق الموضوع ده خالص ولا عاوزاه يقرب مني .


مطت شفتاها باستخفاف وهي تردد بنفاذ صبر


= ما هي ما فيش حاجه اسمها ما ينفعش يقرب منك ده جوزك والموضوع ده لازم يحصل بين المتجوزين، ما هو يا حبيبتي ما فيش راجل يقدر يستغنى عن كده الا لو في عيب، وجوزك طالما اشتكى يبقى ما فيهوش عيب.. وارجع تاني واقول لك لو حد من اهله عرف الموضوع هيطلعها في دماغه يتجوز عليكي ولو حد جي يشتكي هيقول لهم ساعتها اللي فيها، وقتها يا حبيبتي اهلك هم بنفسهم هيقولوا له دي ملهاش نافعه واحنا اللي بنقول لك اهو اتجوز وهيفتكروكي بتدلعي .


هزت رأسها بيأس وهي تجيب ببكاء مرير


= بس انا مش بدلع والله انا فعلا بحس بكده.. هو انا يعني غاويه عذاب لنفسي وتعب اعصاب.. انا فكرت كتير اقول له بس بتراجع دايما عشان فكرت برده بنفس كلامك أن محدش هيفهمنا ولا هيحس ان انا في مشكله فعلا..


عادت إيمان تتحدث بإصرار وجدية 


= عشان كده لازم تسمعي كلامي... اسمعيني كويس! في نوعيه رجاله كده يا حبيبتي لازم يحسوا بالست وهي بين ايديهم انه مشبعها ومهنيها بالذات في الموضوع ده وهيحس مش بالسؤال يا خيبه بالفعل عشان كده هو فهم على طول واشتكى.. انتٍ بقى تنسي خالص جو بكره العلاقه وبقرف منها عشان مش هينفع.. وتركزي في حاجه واحده بس انك لازم تتقبلي غصب عنك وتمثلي كمان انك مستمتعه بكل لحظه وانك ملهوفه زيه.. ايوه تمثلي لحد ما انتٍ نفسك تصدقي التمثيليه دي وتعشيها ومع الوقت هتنسي كل الكلام ده اصلا .


شعرت حنين بالرهبة من كلماتها والصدمة، تطلعت نحوها باعين غائمة بالدموع بينما قلبها يؤلمها علي حالها لتقول بصوت مختنق 


= امثل! تفتكري هو ده الحل؟ انا مش فاهمه حاجه هي دي اصلا طبيعه العلاقه اللي بتحصل بين الرجل والست.. طب لما امثل ان انا مبسوطه معاه وانا مش مبسوطه وصدق ودخلت عليه، هحس امتى اني مبسوطه من الموضوع ده! هو ده العادي كده؟ هي العلاقه دي معموله عشان ايه بالظبط ربنا ليه خلاها تحصل ما بين الراجل والست ما كان ممكن اي طريقه يخلفوا منها.. ولا هي معموله عشان الراجل يستمتع بس والست لا .


إيمان وهي تزفر في ضيق وقالت بسخرية 


= هي في ست بتستمتع الأيام دي يا اختي بلا خيبه، كل راجل بيدور على مصلحته حتي بالمواضيع دي، ولو اتكلمت وقالت انا عاوزاها بالشكل ده ولا مش عاوزه النهارده ولا مش مستمتعه على رايك.. هتشوف ايام سوداء وتلاكيك على اتفه الأسباب وخناقات بالكوم! فالأحسن ناخدها من قصيرها ونعيش كده ونخليها تمشي بمزاجنا مبسوطين حتى لو بنمثل


شحب لون وجهها وتجمدت أوصالها من مجرد تخيل المنظر في مخيلتها جعلها تشمئز وتحتقر هذه العلاقه أكثر مرددة بانفعال 


= بس ده ظلم ليه نمثل ان احنا مبسوطين واحنا مش كده! هو لو فعلا الشيء ده معمول عشان مصلحه ومتعه الراجل فانا ليا حق اكرهها واقرف منها.


حاولت الأخري ادخال الأمر داخل عقلها معتقده بان ذلك الحل بعلاقتها مع زوجها، و لكنها رفضت بكل عنف ثم نظرت إليها بنظرات حادة قاسية ومميتة وهي تقول بتفهم 


= آه انا فهمت ليه دلوقتي بتقبلي جوزك بعد ما بيمد ايده عليكي عشان بتمثلي ومش بعيد تكون ماما كانت كده زيك انما انتم في الحقيقه مش طايقينهم .


إيمان وقد لوت شفتيها بضيق شديد متحدثه 


= خلاص عيشي تكرهيها بس ما ترجعيش بعد كده تندبي حظك.. ما تخليكي واقعيه شويه هو انتٍ عمرك في حياتك سمعتي ولا شفتي راجل بيسال الست عن رغبتها ولا هي مبسوطه وهي معاه.. اذا كانت في عشته ولا في السرير ؟!. فكري في كلامي مره اخيره او جربي يا ستي حتى لو مره مش ممكن تستمتعي ويعجبك الموضوع وانتٍ بتمثلي..


نظرت إليها مطولاً بتردد وهي تفكر لكنها بسرعه رفضت الاستسلام للأمر ذلك وشعرت بالغضب والنفور وهي تنظر لها بتقزز ثم قالت بصرامة حاده 


= مستحيل اعمل كده طبعاً، انا عندي اعيش حياتي كلها قرفانه وانا واضحه احسن ما اعيش وانا بمثل أني مبسوطه وانا من جوايا قرفانه وبتعذب اكتر... حتى وانا بعبر عن احساسي بالوجع عاوزين تقتلوه فينا. 


** ** **

يـتـبـع.



الفصل الرابع 

_________________


إبتسامتها الرائعة التي تتغلغل إلى قلبه من أول يوم رآها جعلته يهيم بها أكثر ودون تفكير جعلته يركض إلى أحضانها ليجعلها تعود حتى وان كانت هي المخطئه وعتابها له على تركها بمنتهى اللطف، واول ما عادت الى المنزل  كلماته أخذت ترن في أُذناها


= نورت بيتك، حنين ممكن عشان خاطري نزعل ونتخانق ونغضب هنا.. انا ما بحبش حد يعرف عني حاجه ولا عنك حتى لو الموضوع يستاهل الزعل خلينا نحل مشاكلنا مع نفسنا ممكن!.  


هزت رأسها بالايجاب بتفهم وأجابت بصوت جاد


= على فكره انا قلت لهم ان انا جايه زياره ما جبتلهمش سيره خالص ان احنا اتخانقنا ولا اي حاجه عننا رغم انهم بيضغطوا عليا كتير.. بس انا كمان زيك مش عايزه حد يعرف عننا حاجه 


أبتسم طارق ابتسامة ارتياح وهو يرد بحذر 


= طب حلو أخيرا اتفقنا على حاجه، وانا ما جبتش سيره والله لماما خالص ولا تعرف اصلا ان انتٍ كنتي غضبانه كل ده.. وهي كده كده سافرت البلد هناك قبل يومين وما حسيتش بعدم وجودك.. واتمنى بقى تكون اخر مره تغضبي فيها على اتفه الاسباب  


هتفت حنين وهي تنظر إليه نظرات حانقة


= انت قلت في الطريق مش عايزين نفتح الموضوع عشان ما فيش اصلا سبب للخلاف اللي حصل ما بينا مش كده؟ يبقى ليه دلوقتي 

بتقول عليا تافهه ايه لما صدقت و بتلكك انا ولا مجنونه وبعمل كده من نفسي  


أخذ نفساً عميقاً وحاول ألا يتجادل معها مجدداً حتى لا يتفاقم الوضع محاولاً التحكم في أعصابه ليرد باقتضاب


= خلاص انتٍ لما صدقتي تتفتحي وتتخانقي تاني مش قصدي خلاص بس بجد ضايقتيني وعصبتيني أوي بسبب انك سبتي البيت، خلاص حقك عليا انتٍ صح لو رجعنا تاني للخلافات كل واحد هيمسك في وجهه نظره ومش هنخلص ....


تقدم نحوها ليجذبها من مرفقها قبل ان تهرب كعادتها واحتوي وجهها بين كفيه متسائلاً بأبتسامة متسعه 


= وبعدين هو البيت ما وحشكيش ولا صاحب البيت في حاجات أهم المفروض نركز فيها مش كده... مش كل شويه بقى خناق ونكد انا اسمع طول عمري المشاكل بتبدا بعد سنه احنا بنبدا ده من بدري ليه وناسيين حاجات اهم و حلوه في الجواز.. ولا إيه .


اومات برأسها ثم تنهدت حنين بحرارة وعضت على شفتيها قائلة بنبرة حزينة


= آه مظبوط.. في حاجات تانيه كويسه في الجواز تبسطنا .


انحنى طارق برأسه على حنين ليقبلها قبلة حارة على شفتيها بث فيها أشواقه وتلهفه على رؤيتها وهو يردد باشتياق 


= أحبك وانتٍ فاهماني تعالي بقى معايا جوه....


لم تشعر إلا وهي غارقة في عالم يائست تستطع التكيف معه، لكنها كانت مجبرة على الخضوع لذلك...، ولان كلمات إيمان زوجة شقيقها، ما زالت تتردد في أذنيها، تذكرها بأمور كانت تعتقد أنها نسيتها وخلفيتها عن الممارسه الخاطئه في ذهنها كل ذلك جعل تقبل الوضع هذه المرة صعبًا للغاية، وكان واضحًا أنها كانت باردة وجامدة معه.


اعتدل طارق من نومه ودار بنظره في المكان بغضب واضح وفقدان أعصاب.. هذه المرة لم يتجاهلها، بل نزع الملاءة بعنف وألقاها على الأرض، ثم نهض من جوارها وعيناه مشتعلة بالغضب، وضع يديه على رأسه كأنه يحاول إخماد النيران التي اشتعلت داخله. تحرك في الغرفة ذهابًا وإيابًا، والدماء تتصاعد في عروقه، وهو يردد بكلمات مليئة بالعصبية والانفعال.


= انا مش عارف هو انا بعاشر لوح ثلج بقيلي خمس شهور؟؟ امتى هيفك البرود اللي انتٍ فيه ويتزاح... 


اتسعت عيناها بحده فشعرت بالصدمة من أسلوب زوجها القاسي تجاهها، لم تكن تقصد ما فعلته وكل ما استطاعت استيعابه هو أنه مل منها وكانت تخشى أن يكتشف أمرها. فسألته باندهاش وهي تشعر بالاهانه 


= برود ولوح ثلج ايه... انا بارده يا طارق.


اقترب طارق منها ثم جذبها بقسوة من ذراعيها فتآلمت بشدة،ثم صاح بها بحدة 


= هو انتٍ مالك بجد يا شيخه شويه احساس مش كده ما انتٍ لسانك بيفضل معايا قد كده وش لوش و أول ما بتكوني بين ايديا تقلبي جماد وما بتحسيش وبارده...


ردت عليه بنبرة غاضبة وبأعين تترقرق بها الدموع


= ما تحترم نفسك يا طارق هو انت عمال تغلط وتشتم فيا كل ده عشان ايه؟ مين دلوقتي اللي نكدي انا ولا انت .


نظر إلى حنين بنظرات فاحصة قاسية باردة قبل أن يقول بخيبة وحسرة 


= انا بكلم فيه مين اصلا؟ اقول لك على حاجه انا سيبلك الدنيا كلها وماشي طالما هتفضلي طول عمرك عبيطه كده ومش قادره تفهمي  جوزك عاوز ايه بالظبط .


❈-❈-❈


مرت عده أيام بذلك الوضع وطارق يتجاهلها وكان يعود من العمل متأخر حتى لا يقابلها،  بينما علي الجانب الآخر لاحظت حنين شرود زوجها كثيراً منذ تلك الليلة وهو يعيد حساباته في أشياء كثيره، تعلم جيد بانها السبب في ذلك لذا قررت أن تهون عليه قليلاً.. 


كان طارق يجلس على الأريكة وممسكاً بالريموت في يده، ورغم هذا هو لا يتابع شيء بعينه فقط مجرد ضوضاء يصدرها التلفاز من حوله.. اقتربت بتردد منه وهي تمسك بيديها طبق من الحلوى وابتسمت له قائلة


= انا عملتلك رز بلبن هيعجبك أوي... اتفضل!. 


نظر لها مطولاً بضيق وهو يقول بسخرية


= تعبتي نفسك على الفاضي لاني ما باكلش اي حاجه فيها لبن! فمن رايي توفري حتى اهتمامك اللي مش عارفه تعمليه ولا عارفه عن جوزك حاجه بيحب ويكره ايه .


أخفضت عينيها بحزن وهي تقول بنبرة يأس


= ليه يا طارق بتقول كده ما انا واحده واحده اكيد هفهم انت عاوز ايه واعمله!. طب تحب اعمل لك ايه تاني غير الرز بلبن بتحبه .


جز علي أسنانه باقتضاب وهو يردد بجفاء


= عاوزك تمشي من قدامي وتسيبيني في حالي وبطلي تعملي فيها الزوجه اللي قلبها أوي على جوزها، عشان انتٍ عارفه كويس انا عاوز ايه ومع ذلك ما بتهتميش غير لمصلحتك


حاولت التحدث والتبرير هاتفه بتردد 


= طب ممكن نتكلم شويه و....


قاطعها الآخر بنظرات وصوت حاد بجدية


=انا عايزه اتفرج على التلفزيون يا ريت تمشي من قدامي عشان مش فاضيلك ولا عاوزه اسمع صوتك.....


صدمت حنين مما يفعله طارق معها، اعترضت في البداية على جفاؤه ولكنه أوضح لها 

بنظرات حادة بأنه لا يرغب في رؤيتها امامه ولا الحديث معها...


بدأت الأمور تسير هكذا على ذلك النحو فتره

تجاهل وأحيانا يتشاجران لاتفه الأسباب بدلا من أن يتحارون في الموضوع الأساسي، بدلا من الهروب واختلاق أسباب وهميه.


❈-❈-❈


في إحدى الليالي، خرج طارق كعادته ليقضي الوقت مع أصدقائه حتى لا يراها. بينما كانت حنين تجلس تفكر في حديث إيمان، قررت أن تجرب طريقتها في التعامل معه وأن تظهر له أنها تستمتع حتى لو كان ذلك على حساب مشاعرها، عسى أن تساعد نفسها في التخلص من المشاكل التي تواجهها.. لذا قررت أن تجرب الأمر مرة واحدة، ربما تجد في ذلك حلاً يخلصها من الأعباء التي تثقل كاهلها.


وفي النهاية، قررت أن تفعل شيئًا لم تكن ترغب في القيام به في البداية، لكنها شعرت بأنها مضطرة لذلك لتتمكن من مواجهة حياتها والتخلص من مشكلاتها وحياتها التعيسة.


عاد طارق من الخارج بوجه متعب ومحبط وقبل أن يدخل الى غرفته تفاجأ بحنين مازالت مستيقظه على غير العاده! والأمر لم يتوقف الى هنا فقط؟ حيث تشدقت أمامه تلك التي تتهادى في ثوبها الأسود والذي يصل إلى كاحلها ذو فتحة ظهر واسعة أظهرت ظهرها كاملاً و كذلك فتحة صدر أبرزت جمال نحرها وذراعيها المكشوفان ببذخ وتركت خُصلاتها حُرة تُداعبه نسمات الهواء...


حاولت رسم ابتسامة حنون وهي تقول بصوت حاني


= اتاخرت أوي انا استنيتك كتير.. هو انت كنت فين كل ده؟   


ظل طارق عدة دقائق يستوعب الأمر ولا يفهم ما الذي تريده من ذلك؟ فقبل أيام كانت لا تطيقه وعندما يعود من الخارج يراها ترتدي ذلك الرداء المثير و بانتظاره؟ لكنه حاول رسم الصرامة مرددًا بجمود


=والله فارق معاكي أوي لا وكمان قاعده مستنياني انجاز فظيع بجد منك لازم اسقفلك عليه على الاقل ما دخلتيش عملتي نفسك نايمه عشان لما ارجع وافكر اقرب منك تاني تلاقيها حجه.. 


وقفته أمامه مباشرةً وهي تتحدث بنبرة ناعمة


= انت بتقول ايه انا مستنياك عشان قلقانه عليك وانت اول مره تتاخر كده.. على فكره مش اول مره افضل مستنياك أنا كل يوم بستناك بس ساعات غصب عني آآ بنام عادي 


مسح على وجهه بعنف بالغ أدى إلى إحمرار وجهه ثم هتف بسخرية مريرة 


= تعبتي نفسك على الفاضي يلا بقي خشي  كملي نوم وسيبيني في حالي، ولا تكونش الهانم مستنيني عشان تكمل وصله النكد وتلاقي حاجه تغضب تاني عليها ؟!. 


امتعض وجه حنين وهي تجد تلك الردود الجافة منه، لتقول بنبرة باهت


= مالك يا طارق من ساعه ما جيت عمال تعاملني كده ليه وتغلط فيا؟ انا على فكره مستنياك عشان اتاسفلك انت آآ معاك حق انا ما كنتش في المواد يومها و في مشاكل كده حصلت عندي في البيت اثرت عليا عشان كده كنت معاك كده 


زم شفته بيأس وإحباط ليقول متهكماً 


= انتٍ كده على طول من اول يوم جواز بس كنت بقعد اقول لنفسي معلش عروسه جديده ومكسوفه وحقها تعمل كده واكتر خصوصا ان كل حاجه جت بسرعه وما لحقناش ناخد على بعض.. انما أساليب كتير دائما بتوصلني لحاجه واحده انك مش طايقاني ولا عاوزه قرب مني مع اني مش فاهم ليه؟!. فلو في سبب تعالي دغري وقولي عشان نوفر على بعض المناهده دي كلها 


أطرقت رأسها في خجل وهي تقول بنبرة كاذبه 


= لا طبعاً أكيد عاوزك زي ما عاوزني.. وببقى مبسوطه لما تقرب مني بس انا مشكلتي مش بعرف أعبر عن كده كنت ببقى فاكره ان هو ده الجواز.. أو علاقه بمعنى اوضح لازم اكون معاك كده.. فانت فهمني الصح واللي عاوزه وانا هعمل لك كل اللي انت عاوزه 


جز علي أسنانه مغتاظًا وهو يزفر في ضيق


=الحاجات دي بالذات ما ينفعش اقول لك انا عاوز ايه لازم تحسيها لوحدك.. واللي تحسي بيه اعمليه او اطلبي كمان مني انما انتٍ بتحسسيني بعكس كده خالص.... 


كلمة واحده خرجت من بين شفتيها انهت كل شئ بل وجعلته يترك لها نفسه أرضا لقلبه بكلمة تمني سماعها تردد بلهفه زائفة 


= طب سهل الموضوع اديكي عرفتني بطريقي غير مباشره عاوز ايه وانا كده فهمت... تعالى حتى نجرب وبنفسك هتشوف أني اتغيرت.... 


حدق بـ زيتون عيناها وقال بعدم تصديق


= معقوله كمان بتطلبي مني انك عاوزه كده؟ لا كده كتير عليا بصراحه قاعده مستنياني وما نمتيش عشان تصالحيني وكمان بتطلبي مني نعمل علاقه.... متاكده انك كويسه يا حنين .


نظرت له مباشرة في عينيه بنظرات راجية متوسلة وقالت بابتسامة عريضة زائفه


= شفت مين فينا اللي بيغلس بقي؟ طب اعمل ايه عشان تصدق أن انا فعلا مش عاوزه ازعلك ونفسي اعمل كل اللي انت عاوزه وابسطك بس مش عارفه، بس هعرف لو اديتني فرصة أخيراً.... ممكن!. 


❈-❈-❈


قبلها بعمق علي جبينها ثم ضمها بقوة إليه مبتسماً بشدة وهو يتذكر كل ما حدث للتو فبعد أن رأها بتلك الهيئة وهي تطلبه أيضاً بنفسها لذلك الأمر نسي غضبه ونسي حتي حزنه و اوجاعه منها.. في البداية تعامل معها بمنتهى الهدوء وانتظرت رده فعلها التي جعلته يتفاجأ من أنها تبادله وبوضوح ظهر مدي تفاعلها معه و رغباتها به... لم يصدق نفسه حقا.


وهنا سقطت حصونها وحصونه وبدأت تلك الليله التي كان فيها هو المعلم وهي التلميذه

وأخيراً شعر بأنها ترغب به كما يرغب... و سرعان ما عملها برغبة واشتهاء... لكن لا يعرف بأن كل ذلك كان مجرد تمثيله لا أكثر.


فتحت عيناها ببطئ بعد أن شعرت بيده علي كتفها العاري ثم أنفاسه الدافئة علي عنقها، 

فضمها أكثر لاحضانه وهو الي الآن لا يصدق ما حدث فضحك من كل قلبه ورفع وجهها نحوه ليقول بنظرات عاشقة ونبرة حانية


= طب ما انتٍ حلوه أهو ويجي منك، كان فين الكلام ده من زمان.. حرماني منه ليه من اول يوم جوازه منشفه ريقي يا شيخه؟  


كانت تسمعه بصمت أما هو كان شارد يعبث بخصلات شعرها، فنظرت إليه بأعين مرتبكه واحساس الذنب يتغللها لكنها لم تجد اي وسيله لإرضاءه إلا كذلك حتى وان كانت على حساب نفسها، فسألت بتشتت


=بجد اتبسط! طب الحمد لله، قلت لك بس كنت مكسوفه شويه و ابعد عني بقي ما تكسفنيش اكتر 


في ذلك الاثناء انحني ليقبلها ولكن لم يجد إلا الهواء فقد تملصت من بين ذراعيه، فهتف بلهفة وهو مبتسماً بأستمتاع


= استني بس انتٍ رايحه فين مش لازم يا ستي الحمام اللي بتاخديه علي طول خليكي شويه معايا... 


لكنها حاولت أن تدافعه عنها لتذهب للمرحاض قبل ان يلاحظ حاله النفور والقرف الذي حلت بها بعدما ابتعد عنها، خرج صوت حنين ضعيفاً للغاية ومتحشرجاً


= طارق مش كل حاجه بقى مره واحده عشان خاطري سيبني دلوقتي عشان مكسوفه أوي منك، و اوعدك مره ثانيه مش هستعجل على الحمام وهستناك ناخده سوا...


وعند تلك الكلمات مال عليها ينظر لها بعمق بسعادة ومشاعر هائجه، ليتحدث بمرح مع ابتسامه مرسومه علي شفتيه مع بعض مشاعره التي تغيرت بمراحل نحوها 


= ده الظاهر امي دعيلي النهارده بذمه، بجد يا حنين هتعملي كده لا حلو التغيير ده اللي نط مره واحده... يعني كان لازم تطلعي عيني و  وتخلينا نزعل وصوتنا يطلع.. ماشي يا ستي اديني سبتك اهو بس اوعي تكوني بتضحكي عليا انا خدت منك وعد . 


حاولت رسم ابتسامة عريضة لتكمل باقي التمثيليه وأنها سعيده ولكنها كانت حزينة للغاية 


= لا خالص مش بضحك عليك طالما وصلت للي انت عاوزه وبيسعدك... 


❈-❈-❈


صعدت في تلك اللحظه زينه إلى منزل طارق وهي تحمل بيديها كعادتها طعام إلي طارق كونه يجلس بمفرده فلا تعرف بعودة حنين،

فكان بالها وفكرها مشغول بكل ما يقوله أو يفعله في أبسط الأمور تجذب اعجابها لكنها قبل أن تطرق الباب استمعت الى اصوات بالداخل، عقدت حاجيبها للاعلي قليلاً بتعجب ثم تحدثت مع نفسها بضيق دون مبرر


= في صوت جوه حد معاه؟ الظاهر حنين رجعت معقول لما شفته من شويه نازل كان رايح يجيبها؟ رغم انه كان زعلان منها أوي


ثم حاولت إقناع نفسها أنه ربما مل منها ولم يعد يحبها وهي تردد بضيق 


= او جايز حد صالحهم على بعض انا مالي ربنا يهديهم لبعض، اما انزل بسرعه قبل ما حد يشوفني بالاكل ده ويسالني طالعه ليه.... 


لوت ثغرها بتآفف والتفتت لترحل بالطعام بخيبة أمل وهي تردد بحسرة وزعل علي حالها 


= يا رب اوعدني بحد زي طارق كده، حتى لو انا اللي زعلته يروح يصالحني ويهمه أوي كده زعلي.. اوعدنا يا رب . 


❈-❈-❈


كان طارق مشغولاً بالبعث على هاتفه حينما دق هاتف زوجته المحمول عدة مرات دون توقف أمسك به بيده ثم نظر إلى الشاشة ليظهر اسم إيمان، اعتلت الدهشة وجهه من اتصالاتها المتكرره ليقول بصوت عالٍ 


= حنين تليفونك عمال يرن برقم واحده اسمها ايمان.. يا حنين سمعاني؟ مش دي مرات اخوكي محمود اتصلت كتير اوي لايكون في حاجه عندكم... 


لم يأتي صوتها ولم تسمع من الأساس لذلك اضطر ان يجيب عليها خوفاً أن يكون هناك شيء خطير وعندما فتح الخط أسرعت الاخرى تقول دون توقف بفضول 


= في ايه يا بنت عماله اتصل بيكي مابترديش  على طول ليه؟ شكله حصل مش كده عشان تعرفي بس نصائحي اخرتها ايه، ما قلت لك يا حبيبتي مثلي زي ما كل الستات بتعمل انك مبسوطه باللي جوزك بيعمله وحياتك هتمشي زي الفل وانتٍ كمان هتصدقي نفسك مع الوقت انك مبسوطه مش قرفانه زي زمان منه... هاه طمنيني وبالتفصيل عاوز اعرف كل حاجه عشان اطمن على خطتي اللي نجحت وبجداره... انتٍ ما بترديش عليا ليه؟؟؟ 


خرجت في تلك اللحظه حنين وهي تلف الفوطه حول شعرها المبلل، لتنظر له بغرابة وهي تقول 


= ايه ده هو تليفوني اللي معاك ده انت بتكلم حد منه ولا ايه؟!. 


نظر لها بنظرات قاسية ونهض من مكانه و وقف أمامها في مواجهتها ثم هتف بحدة


= قلتلي من فترة ان في مشاكل في البيت عندكم اتخضيت وقلت ارد لما فضلت تزن.. بس رديت عليا ايمان مرات اخوكي وقالت كلام غريب أوي! يا ريتني ما فتحت عليها ولا سمعته.


صدمت حينما أدركت أن زوجها علم جزء من حقيقتها، لم تعرف ماذا تفعل كيف ستتصرف .. لقد بات الآن أمامها صعب لتقول بصوت متوتر 


= ايمان دي دماغها ضربه احنا مش بناخد على كلامها اصلا بتقول كده حاجات ملهاش معنى.. هو انت سمعت ايه بالظبط منها .


أسرع ناحية حنين وأمسكها من ذراعيها بيديه، انتفض جسدها على الفور حاولت أن تفلت من قبضته ولكنه أصر على الامساك بها بعصبية شديدة، قبل أن يصيح بنبرة ميتة 


= سمعت وعرفت ان اللي حصل بينا من شويه ما كانش الا مجرد تمثيليه منك عشان تحسسيني انك فعلا بتكوني مبسوطه معايا.. 

لا كمان عرفت انك كل مره كنت بقرب منك كنتي بتبقي قرفانه! طب بعيد ان انتٍ طلعتي اسرار بيتنا بره يا ريتك حكيتي لواحده نصحتك نصيحه كويسه مش تخرب عليكي! الكلام اللي قالته ده صح ؟!. 


شعر بتجمد جسدها بين ذراعيه عندما أكتشف سرها، هي بالفعل ضعيفه وهشه وعديمه الخبره، ولا تعرف أين الصحيح والخطا لكن بالنهايه هدفها كان اسعاده لا أكثر وأن تزيح هذا الهم والثقل والشعور بالذنب من أعلى قلبها.. ابتلعت ريقها بصعوبة تهتف بنبرة خائفة 


= لا مش بالظبط انت فاهم غلط اسمعني انا...


أبتعد هو عن مكانه ثم ضرب بقبضته بالحائط بكل ما أوتي من قوة بجنون، ليصرخ بشراسة 


= انتٍ ايه وزفت ايه؟ هو انتٍ مين بجد حنين اللي حبيتها وكنت فاكره هي كمان بتحبني؟ عشان كده بسرعه اتخرجت ورحت دورت على شغل عشان اتقدملها و وقفت قدام أمي و قلتلها لا مش هتجوز غيرها... طب والنظرات ولمعه العيون اللي كانت ما بينا واللهفه و الاشتياق اللي كنت بحس بيهم لما اجي عندكم ده كله كان ايه مش حب زي ما انا كنت بقول لنفسي.. هاه رد عليا هو انتٍ عمرك حبيتيني بجد ولا انا كنت عايش في وهم مع نفسي..


كانت الأخري تسمع وهي مطرقه الرأس بذنب

بينما شعر أنه يختنق عاجز عن التنفس، وهو يشاهد كل شيء أنهار في لحظة أمامه فلقد هان عليها، لينظر لها بنظرات جافة باردة خالية من الروح مرددًا بخذلان  


= تصدقي ان سالت السؤال ده ليكي متاخر أوي انتٍ بتحبيني زي ما انا حبيتك؟؟ رد عليا وبلاش تعملي تمثيليه زي اللي عملتيها من شويه واحنا مع بعض.. احسن انتٍ في الحاجات دي ايه طلعتي ممثله بارعه ده انا صدقت فعلا انك اتغيرتي في المدة اللي انا سبتك وكنت بعيد عنك عشان تحسي قد ايه  بتدمري علاقتنا.. وفرحت انك مستمتعه بين ايديا .


ارتعش جسدها لتنظر له بنظرات نادمة فهي بالفعل كانت لا تريد ان تفعل هذه التمثيليه لكن ما باليد حيله وليس هناك أمر غير ذلك أمامها ارادت فعله لاجل سعادته دون التفكير بنفسها، فلما يحاسبها الآن وهي كانت تصارع نفسها وترهق نفسياً من هذا الأمر يكون جزائها بالنهايه هكذا .


حاولت حنين أن تتحرر من قبضته كانت تدفعه بكل قوة ولكنه كان محكماً قبضته عليها 

فلم يستطيع التحكم في أعصابه و هو يصيح 

بقسوة و قد نفذ صبره  


= انتٍ لسه هتسهمي وترجعي تسكتي تاني  وفري دموعك دي كمان عشان مش هتصدقها، انا مش فاهمه بتعملي كل ده ليه؟ ويعني ايه قرفانه مني في حد تاني مثلا ولا انتٍ بتكرهيني في العموم كده من غير اسباب و لا حكايتك ايه بالظبط انا تعبت وطهقت منك.. يا شيخه ملعون اليوم اللي حبيتك فيه على اليوم اللي اتجوزت واحده بارده زيك في كل حاجه. 


إلى هنا لم تستطيع الصبر والضغط على نفسها اكثر من ذلك، فشعرت بآلام دون أن تتمالك نفسها أكثر لقد كانت تختنق بعبراتها وبدأت تعلو شهقاتها لتقول بصريخ بعناد


= انت اللي تعبت والله امال انا اعمل ايه؟ على الاقل حتى لو اتجوزتني غصب عنك زيي على الاقل مش بتحس بنفس الاحساس لما بتهرب مني! وكمان بتتهمني انا اللي بارده و ليه ما يكونش العيب فيك اصلا مش فيا كل ده... عاوز تعرف انا بقرف من ايه بالظبط بقرف من العلاقه لما بتقرب مني؟ لما تلمسني.. لما بتمارس القرف ده معايا.. عشان كده مش بطيق نفسي دقيقه وبجري على الحمام استحمى ولو لازم الامر كمان بجيب اللي في بطني كله .


وضعت كلتا يديها على وجهها هي تشعر بالحنق والغضب مما قاله قبل أن ترفع رأسها بحده من احساس الضغط الذي كانت تمارسه على نفسها خلال تلك الشهور لتضيف بغضب عارم وبشجاعة 


= انا مش فاهمه انت بتلومني عشان ايه علشان بمثل يعني؟ طب ما تسال نفسك انا بعمل كل ده ليه عشان احاول اساعدك واخليك مبسوط حتى على حسابي! يا اخي ده انا حتى التمثيل لقيت نفسي بحس بنفس الاحساس اللي حسيته معاك اول يوم جواز وبرده ضغطت على نفسي، اعمل لكم ايه تاني

اقول لك على حاجه روح يا سيدي اتجوز واحده تحس معاها الاحساس دي وتكون مبسوطه وانت بتنام معاها.


صعق طارق بكل ما فيه وهو يستمع كلامها الجارح والحقيقه المره مما أصابه بالصدمة والدهشة فهل تزوجت به تحت ضغط من أسرتها فمعنى ذلك بأنها لم تحبه مطلقا، وقف  مشدوهاً بما سمعه وظهر علي ملامحه متألم من كلماتها الأخري أنها تكرهه لدرجه تشمئز منه، لتكمل بوجع وهي تشير بإصبعها علي نفسها بصوت ضعيف خائف


= لكن انا مفيش مني رجاء ولا امل! ولا هتبسط بالموضوع ده ولا هطيق لمستك ولا استحمل عادي من غير ما اغسل جسمي من قرف قربك... انا حتى الاحساس عن التعبير عن كده قتلته جوايا 


فاغراً فاه بعدم تصديق فالمعنى الحقيقي الى كلماتها لم يصله جيداً غير انها لا تطيقه وليس لديها عقد تركت اثر لذلك داخلها، ليهتف بقسوة وبنظرات حــادة


= هو اللي انا بسمعه منك دي حقيقه انتٍ ما كنتيش بتمثلي عليا بس من شويه لا طول حياتك بقى على كده.. وزعلانه عشان بقول عليكي بارده وجماده وما بتحسيش ولا عندك دم ولا مشاعر.. انتٍ ملعونه بايه 


حاولت أن تستجمع قدر قليل من شجاعتها أكثر ليكف عما يفعل، حيث غضبت بشدة لتصرخ بنبرة عالية باتهام   


= زيك ذي اي راجل على طول جبتها في الست! مش جايز انت اللي مش قادر تخليني أحس بالمتعه والعيب فيك مش فيا... ليه من غير تفكير جبت الحق عليا وما فكرتش انك راجل مش كامل! ومش مالي عيني ومش قادر تخليني احس كل الاحاسيس دي . 


كان طارق في تلك اللحظه كالمجنون لم يرد أن يقترب منها مرة أخرى لانه يعلم جيد سيقتلها حتماً ليسكتها ولكن يقتله أمر خداعها له وظلت ألاف من الأسئلة تدور في رأسه يريد أن يعرف إجاباتها.. لكن ماذا سيفعل، هو لم يعد يتحمل البقاء إلى جوارها يشعر أنه يختنق ويريد تعنفها بشدة عتاب على ذلك الحديث المهين له...


حيث تحولت خلال لحظات ملامحه من الحنية إلى البرودة والقسوة و من السعادة إلى الشقاء من الود إلى الجفاء.. نظر لها مطولاً باحتقار شديد وهو يشعر بالاهانه والحذلان منها، فلقد استفزت رجولته بجرأتها عندما صارحت إياه بكل ذلك، بالإضافة إلى أنها أيضا اعترفت للتو أنها كانت مجبره علي الزوج منه بسبب ضغط عائلتها لا أكثر، فبالتاكيد بعد كل ذلك سيكون في موقف صعب للغايه ضدها ليصيح باحتقار شديد 


= تصدقي بالله انتٍ حتى خساره فيكي أني أمد ايدي عليكي ولا أعاتبك.. انا مش راجل كامل ماشي! اللي مش مالي عينك ده هيدفعك دم قلبك وزمن الطبطبه بتاع زمان خلاص خلص حتى لو بحبك، كل كلمه قلتيها دلوقتي ولا كدبه كذبتيها عليا ووهمتيني هدفعك ثمنها غالي.. ولو عاوزه تسيبي البيت في داهيه انا إللي بقولها لك اهو خلي عندك كرامه ولما ارجع ملاقيكيش...  


ما لم يدرك الاثنين أن زينه كانت تقف خلف باب المنزل ولم تمشي بعدما سمعت اصواتهم العاليه.. ولقد استمعت تقريباً إلى كل ما قاله الإثنين، اعتلت الصدمة وجهها فلم تتوقع هذا أبداً، صحيح كانت تشك أن هناك خطب ما بين الاثنين لكن لم ياتي في عقلها بأن الأمر يخص ذلك.. وعندما شعرت باقتراب احدهم من باب المنزل تحركت بسرعه الى الاسفل. 


تحرك طارق للخارج وكل الغضب الدنيا يمتلكه بعد ان كشفها وعلم الحقيقه او نصفها والنصف الآخر كان يتخيله يبنه ضد حقائق غير صحيحه داخل عقله. 


بينما تسمرت حنين في مكانها لا تدري ماذا تفعل، فا الوضع صعبة الآن مع زوجها، هي مصرة على أنها لم تخطئ وهو ظن السوء بها.. بل إنها تؤكد له بحديثها عندما لم تمتلك أعصابها، ارتكبت خطأ كبيراً وكيف ستحل تلك المعضلة الخطيرة ؟؟


❈-❈-❈


توجهت زينه إلى خلف طارق وهي تركض وراءه بالشوارع تهتف باسمه، حيث وجدته  يقف وعلى وجهه علامات الضيق و الحزن

وقفت هي الأخرى أمامه وقالت بتوتر 


= أستاذ طارق.. يا استاذ طارق لو سمحت أقف واسمعني بلاش تمشي وانت متعصب كده 

بدل ما تعمل حاجه في نفسك 


نظر لها مطولاً لتقول بسرعه بأسف وارتباك 


= آآ انا اسفه والله غصب عني سمعتكم أصل الصوت كان عالي أوي.. كويس ان والدتك مش موجوده اصلا لا إلا هي كمان كانت سمعت، ممكن بس تهدى وبلاش العصبيه انا صحيح سمعت صوتكم العالي بس برده ما عرفتش سبب الخناقه ايه والظاهر انها حاجه كبيره  


لم يتمالك طارق أعصابه وهو يقول بصوت متعباً متألم 


= الموضوع فعلا طلع كبير وانا اللي كنت فاكر حاجه تافهه.. انا تعبت ومش عارف اعمل إيه اكتر من كده عشان بس تحن شويه على جوزها وتعبره وتديله شويه اهتمام! هو في حد يستحمل اللي انا استحملته ده اصلا وهي  بـ... آآ دي مجنونه قالتلي في وشي روح اتجوز للدرجه دي مش فارق معاها لا وكمان طلعت ماكنتش موافقة تتجوزني وتقريباً اهلها أجبروها.. انا هتجنن كل ده يحصل وأنا ولا واخد بالي 


اخذ نفساً عميقاً محاولاً التحكم في أعصابه

لكنه لم يستطيع إخماد الآلام داخله، ليضيف 

باقتضاب


= بس كويس ان ده حصل عشان اعرف حاجه كنت بحاول اهرب منها من اول يوم جواز ومش راضي اعترف بيها.. انا اللي استاهل اني استحملت كل ده من البدايه اصلا على ولا حاجه 


عقدت حاجيبها بفضول وهي تتسائل بقلق


= حاجه إيه اللي عرفتها ؟؟ 


أجاب بمرارة وهو يعلو وجهه علامات الضيق والغضب 


=انها عمرها ما حبتني زي ما كنت فاكر و انها بتبادلني نفس شعوري و نظرتنا وابتسمتنا الحب الصامت زي ما كنت بقول ومسميه بينا كان بالنسبه لها مجرد إعجاب يمكن يكون راح اصلا انما انا طلعت بحب من طرف واحد.. عشان كده هي ولا حاسه بيا ولا حتى عاوزه تعافر عشان تصلح علاقتنا والقرف اللي احنا فيه ده بسببها اصلا .


مسح علي وجهه بارهاق وهو يشعر بالألم في حلقه، ثم تحدث بنبرة مقهورة 


= بس هو انا ايه اللي غصبني على كده؟ بجد إيه اللي يخليني اتذلل وافضل صابر عشان الهانم تعبرني ولا احس إن متجوز ست! ولا حاسه بيا ولا انا عارف احس بيها.. وفي الاخر بتتهمني ان العيب فيا ومش راضيه حتى تعترف باخطائها..


حاولت زينه أن تهديء من روعه ولكنها عجزت عن هذا وردت بحزن عليه 


= طب معلش انتوا الاتنين كنتم متعصبين أوي عشان كده كل واحد طلع اللي جواه من غير ما يحس وجرح التاني.. عشان كده ما تاخدش على الكلام ده! وتفضل تفكر فيه وتجرح نفسك اكتر.. جايز على فكره هي كمان دلوقتي حالتها صعبه و ندمت على اللي قالته ويمكن انت فاهم غلط وهي بتحبك 


كان فقط البرود والجمود يسوده فقد صار  روحاً معذبة تكتوي بجرحها له، بصوت متهكما


= بتحبني! اصلك ما شفتهاش ولا تعرفي من اول يوم جواز القرف اللي انا عايش فيه بالظبط ولا سمعتي كلامها اللي قالته فوق ولا عمايلها المتهوره اللي ما فيش حد عاقل يعملها.. دي ولا بتحس ولا بتحب ولا ندمانه حتى دي تلاقيها كالعاده دلوقتي بتلم شنطه هدومها عشان تغضب عند اهلها.. طبعا وانا الحمار اللي اجري وراها وافضل اطبطب و ادادي.. مش انا في الاول كنت بجري واتاسف حتى لو غلطان و اقول معلش ما انا بحبها وما اقدرش استغنى عنها لازم اتنازل وما فيش كرامه بين اتنين بيحبوا بعض بس اديني اكتشفت دلوقتي ان انا اكبر مغفل وعمايلي دي كانت بتخليها تتمادى اكتر في اذيتي .


حاولت ادعاء عدم الفهم حتى لا يسئ الظن بها لكنها نظرت إليه بعطف وحسرة بأن شخص مثله مناسب لتلك الفرص وبالأخير يعشق فتاه لا تشعر به وهي تتمني ولو جزء بسيط من  تلك الحياة، فحقا تري حنين فتاه مستهتره لا تشعر بقيمه ما بيدها.. ابتلعت ريقها بتأثر وهي تردف بنبرة حزينة 


= هي للدرجه دي المشكله كبيره وهي اذيتك! انا ما اعرفش ايه اللي جري لحنين بالضبط زمان واحنا عيال صغيرين في المدرسه كنا بنتمنى حد يحبنا ويهتم بينا ويعوضنا عن اي حاجه شفناها وحشه في حياتنا.. وانا للاسف وقعت مع واحد خلاني اكره حياتي كلها وفي الاخر اتجوز عليا وما لقيتش الشخص ده لحد دلوقتي... انما لما شفتك وشفت معاملتك لحنين قلت يابختها الامنيه بتاعتها اتحققت وانا لا!. 


لامست يده بحنان كتخفيف عنه لا ارادياً  بيديها ثم وجهت بصرها اليه بأعين دامعة وهي تردف بحسرة 


= هي بجد مش عارفه قيمتك انا كانت اقصى حتى احلامي ان حد يشاركني في اجواء بيتي مش يفضل يامرني ويشخط ولما بعمل كمان ما بيشكرش.. وحد يهتم بيا ويكون قلبه عليا حتى لو انا اللي غلطانه ويتنازل ويتاسف وما يفكرش في كرامته ولا يفضل يعند.. صحيح الدنيا دي غريبه! و الأمنيات والاحلام الجميله اللي بنتمناها بتروح لغيرنا.. وحتى غيرنا لما بتروح لي بيكون مش مقدرها 


نظرت زينه له برجاء وكأنها تتوسل له أن يكون بجانبها ويحميها دون قول.. لكنها سرعان ما انتبهت على نفسها لتهتف بحرج وحزن 


= انا اسفه والله ما قصدي ازود عليك ولا اكرهك فيها، حقك عليا انت في ايه ولا في ايه اصلا عشان تسمع كمان مشاكلي و...


لم يستمع الى حديثها الاخير فكان شارد في حنين، كم بات الآن يبغضها يريد الانتقام منها هي خدعته وأوهمته أنها تحبه وتبادله نفس الاعجاب وسعيده معه ولكنها لم تكن كذلك.. لكن يقسم ان كم أضنى هذا قلبه بحبها سيكون الجحيم الذي بحياتها الآن.. ليهتف فجاء قائلاً بجمود 


= زينه تتجوزيني!. 


صدمت زينه مما قاله طارق لها، ولم يبدو عليها أي تلميح للقبول او الرفض أيضاً ليكمل الآخر باصرار كانتقام لكرامته التي هدرت على يد زوجته وحبيبته 


= وقبل ما تفكري ترفضي عشان صاحبتك فهي اللي طلبتها مني أصلا وانا لسه دلوقتي اعترفت لك ومتاكد انها مش بتحبني ولا هيفرق معاها الخطوه دي ولو عملناها بجد ولا هتهتم بيا.. صحيح ما بنحبش بعض! بس يمكن الحاجه اللي مش لاقيينها في حياتنا نلاقيها لما نقدم على الخطوه دي ؟..


** ** **

يـتـبـع.




الفصل الخامس 

_________________


فتحت زينه باب منزلها سارت هي أولاً ثم لحق بها طارق وأوصدت باب المنزل بعد أن دلفوا داخل.. أطرقت رأسها في خجل وسعادة ولم تستطيع السيطره عليها بينما الآخر كان شارد الذهن غير مصدق تسرعه هكذا.. وكل ما حاول التفكير في حنين يشعر بتانيب الضمير ليتذكر على الفور كل حديثها وكيف طعنته وجرحته ليعود من جديد يفكر بالانتقام منها هكذا...


اقتربت زينه منه وارتبكت حينما وجدته مازال واقفاً بجوار الباب لا تعرف ماذا ينتظر او ربما متردد.. حاولت ألا تنظر إليه ونظرت أسفل قدميها ثم تحركت إلي الداخل ولكنها تعثرت في خطوتها وكادت أن تسقط ولكن كانت ذراع طارق الأسرع إليها فأمسكها من خصرها و أسندها ناحيته فمالت هي بجسدها عليه واستندت هي بساعديها على صدره .. 


نظر طارق إلى عينيها مباشرة بنظرات تحمل 

توتر وتردد بادلته هي تلك النظرات أيضا ولكن امتزجت معه الشعور الشغف والإعجاب لذلك بادرت هي بالاقتراب أولا... شعر الآخر بتوتر و أنفاسه المضطربة لكن مع ذلك لم يمنعها فأحطاها بذراعه الأخر وضمها أكثر إليه ثم انحنى برأسه عليها واقترب من شفتيها ببطء وهي بدلته على الفور بلهفه شديدة.


❈-❈-❈


جذبت زينه الفراش أعلي جسدها بعد أن أبتعد عنها طارق، أطرقت رأسها في خجل وحمرة الخجل تعلو وجنتيها لا تصدق بأنها أخيراً عاشت تلك المشاعر مع شخص حتى اذا كان لا يحبها فيكفي ان يكون زوجها وهي معجبه به ومن يعلم ماذا سيحدث بالمستقبل... 


صحيح ان ذلك الشخص نفسه متزوج أيضا من اعز اصدقائها لكن حاولت ان لا تفكر في ذلك وتعيش تلك اللحظه التي انتظرتها منذ فتره طويله ان تشعر بالحنان والدفء من أحد فلم تشعر ذلك الشعور بحياتها مع أسرتها او زوجها السابق.. وحتى تريح ضميرها فكرت بان حنين لم تحب طارق من الأساس ومع الوقت ربما أن تتركه لها وحدها.


نظرت إليه مبتسمة باتساع ثم حاولت زينه أن تحضنه لكنها تفاجأت به يبتعد عنها وتتحرر منها فشعرت هي به فتوقفت عما تفعله و نظرت إليه بتعجب.. بادلها النظرة بندم واضح وهو يقول باختناق


= مش شايفه ان احنا اتسرعنا في جوازنا او في اللي حصل بينا من شويه؟ آآ أنا كنت فاكر بالطريقه دي هرد كرامتي وهكون مبسوط لكن بصراحه....


شعرت زينه بالصدمة والإهانة وكل احلامها طارت وهي تسأله ببطء ثقيل 


= بصراحه ايه؟ هو انت مالك مش ده اللي كنت عاوزه واللي طلبته مني.. 


ابتلع ريقه بصعوبة وأجاب بصوت نادم


= عارف كل ده! وللاسف لسه فاكر كلامها كله ان اهلها ضغطوا عليها وهي ما كانتش بتحبني وكانت بتمنع نفسها عني عشان قرفانه مني، و اتهمتني اني راجل مش كامل في نظرها و العيب مني.. احساس وحش أوي انك تكوني بتحبي حد و مستعده تعملي المستحيل عشانه وفي الآخر يكون هو شايفك بالطريقه دي ويتهمك كمان الاتهام القاسي ده..


شعرت بألم حاد يعتصرها فكانت معتقده طلبه للزواج منها كان طلب جاد وليس لحظه تسرع نشأت عليها احلامها الوهميه! وانه سيعاملها مثل ما كان يعامل حنين بالضبط لكن كان الفرق واضح هو كان يعامل زوجته هكذا لانه أحبها بصدق انما هي لم يحبها.. فحتى عندما كان معها للتو كان كل تفكيره بها، لترد بصوت أشبه للبكاء


= هو انت ممكن توضح كلامك لما انت مخنوق منها أوي كده ومش طايقها؟ ليه من شويه وضحتلي انك مش مبسوط معايا واحنا لسه ما فاتش على جوازنا حتى يوم واحد .


هز رأسه بيأس وهو يقول بصوت متحسر 


= عشان مهما عملت هفضل احبها! ومهما تعمل برده هحس ان انا جرحتها باللي انا عملته من شويه ده حتى لو جرحتني... انا اسف يا زينه على كلامي لكن مش قادر اخبي بصراحه يا ريتك وقفتيني أو كان حد مننا عاقل على الخطوه دي وحذر التاني.


وضعت زينه كفي يدها على يديه وهي تنظر إليه برجاء فنظر هو إليها بقله حيله فتراجع للخلف بعيداً عنها ليتابع بنبرة حزينة


= حتى كمان كنت فاكر لما اقرب من غيرها هتغنيني عن تقصيرها في كل حاجه في حياتي لكن لقيت نفسي حتي في النقطه دي ما لقيتش ليها بديل! والشعور اللي بحسه كل مره بقرب منها مش حاسه معاكي خالص...

الظاهر ان حنين دي بالنسبه لي زي المرض اللي مش عارف اتعالج منه انا مش عارف مالي حتى وهي جرحاني شايل همها لما تعرف المصيبه دي كأنها بتحبني أوي وقلبها عليا.


وقبل أن يتحدث أحد منهم مجدداً تعالى فجاه صوت حنين بالخارج تطرق الباب وهي تهتف بصوت مرتفع قليلاً 


= زينه... زينه من فضلك افتحي عاوزه اتكلم معاكي انا عارفه ان انتٍ جوه من الجيران 


نظرت إليه بسرعه برعب ولكنها استجمعت رباطة جأشها وقالت بصدمة


= دي حنين! هنعمل ايه دلوقتي؟؟. 


❈-❈-❈


فتحت زينه الباب أخيراً الى حنين بعد وقت طويلاً قبل أن تسرف في وضع مساحيق التجميل على وجهها لتخفي بكائها وحزنها الشديد وحاولت أن تبدو طبيعية على قدر الإمكان مع مقابلتها مع صديقتها الوحيده حتى لا تكشفها ولكن كانت حنين تنظر لها بتعجب من هيئتها الجديدة فهي معتاده عليها لا تضع الكم الهائل هذا من المكياج بالاخص بان الوقت متأخر وبالتاكيد لم تخرج فاذن هل تضع هذا لأجل جلوسها في المنزل فقط....


لم تعبء زينه بنظراتها فقد كان ما تخشاه أخطر بكثير من مجرد نظرات و زيادة كمية مساحيق التجميل، جلست أمامها مسرعة ثم تحدثت بقلق 


= خير يا حبيبتي مش عوايدك تعدي عليا في وقت متاخر زي كده في حاجه حصلت .


لاحظت حنين أن زينه على غير عادتها لكنها لم تعطي الأمر اهميه كبيره الآن فهي جاءت الى هنا حتى تتحدث معها لعلها تساعدها في أمرها مع زوجها، بدأت تتحدث بصوت حزين بينما كان في الخلف يقف طارق مختبئ ويتابع الأمر بتوتر مبالغ 


= انا في مشكله كبيره يا زينه مش لاقيه غيرك هيساعدني عاوزه اتكلم مع حد يكون قريب مني وبيحبني عشان يدلني على الصح و يقولي انا غلط في ايه، انا معترفة أني غلطت في طارق جوزي كتير أوي بس والله كان غصب عني! انا تعبت بجد عشان كده انفجرت فيه وما عرفتش انا بقول ايه


سردت حنين لصديقتها زينه ما حدث معها و علاقتها الفاترة مع طارق زوجها، وتحدثت عن اجزاء بسيط من مشاعرها السلبيه من تلك العلاقه وكيف كانت تضغط على نفسها لاجله ولم تعرف ماذا تقول عن شيء كذلك وهي بالأساس لا تعرف لما تشعر هذا الشعور... لذلك عندما ضغط هو عليها وواجهها بالحقيقه او اتهامها بالبرود لم تستطيع تمالك نفسها وقالت ذلك الحديث الذي ندمت عليه مؤخرا.


شعرت حنين أنها أزاحت هماً يثقل صدرها حينما أفضت بما تحمله بين طياتها إلى صديقتها الوحيدة، ورغم هذا هي تريد حلاً لما هي فيه لتتابع بأعين باكية


= المشكله بدل ما أحاول أصلح ولا اعترف بالحقيقه نيلت الدنيا اكتر وخد عني فكره غلط انا والله في مشاعر جوايا ناحيته لما كان بيجي يزورنا زمان كنت بفضل مستنياه وابص عليه من بعيد وانا مكسوفه ولما بيغيب فتره بحس انه واحشني... بس ما كنتش بقدر اقول كل ده حتى يوم ما عرفت أنه اتقدملي فرحت وزعلت في نفس الوقت!. 


كانت الأخرى تسمعها بصدمه فلم تتخيل ان تكون صديقتها تعاني من شئ كذلك بينما طارق لم يصدق بانها اعترفت انها تحمل مشاعر داخله حقا مثل ما كان يظن ويتوقع وليس كما أساء الظن بها قبل قليل بسبب تصرفاتها السيئه معه، ثم أضافت بصوت باكي


= لان مشاعر النفور والكره من ناحيه العلاقه دي كانت جويه من قبل ما اتجوز ولا أحب، حاولت ادي لنفسي فرصه اقول جاهز عشان بحبه ما احسش كده والمشاعر دي كلها تتمحي بس اتفاجئت اللي بيحصل العكس وانا كرهت أكثر الموضوع ده... بس والله مش بكرهه هو العيب مش فيه فيا انا محدش عارف انا بعاني قد ايه من الموضوع ده من اللي بشوفه حواليا واسمعه... وكل ما كنت بحاول اعترف بخاف من رده الفعل ما انا مش عارفه ولا متخيله هيكون معايا ولا ضدي


إنما بالداخل كان طارق يسمع صوت شهقات حنين والتي أجهشت بالبكاء بطريقة مقلقة مما جعله ينزعج أكثر من حالتها المنهاره و حديثها التي لم تصارحه به منذ البدايه.. حيث اعترت الدهشة جميع خلجات وجهه و هو لا يصدق أذنيه حينما سمع تلك العبارات لأول مرة 


= انا عارفه ان انا صلحت الغلط بغلط لما مثلت عليه ان انا مبسوطه بس والله ما كنت موافقه على كده بس لما لقيته زعلان و متضايق وما كانش في حاجه بايدي اعملها غير كده بالذات قبلها اتنيلت حكيت لايمان مرات اخويا وهي اللي دلتني على الموضوع ده وقالتلي ما كل الستات كده انتٍ فاكراهم مبسوطين أوي بالموضوع ده ولا حد بيهتم، دخلت في دماغي ان هي دي طبيعه العلاقه أصلا.. 


اتسعت عينا طارق فور سماعه لعباراتها الأخيرة وتدفقت آلاف من الأسئلة إلى عقله في تلك اللحظة ما الذي تعنيه حنين بعبارتها؟ رغم الحديث كان غامض لكنه يوحي الى مأساة قد عاشتها وهو لا يعرف عنها شيء... فاكتر ما صدمه هو وجهه نظرها نحو العلاقه الـ.ـحـ.ـميميه والتي لم يكن يعرفها طول فتره زواجهم الخمس أشهر...


لم تتحدث زينه وإنما ظلت صامتة استغربت الأخري أكثر من صمتها، لذا أكملت بحرج شديد و بتانيب ضمير


= وأنها موجوده عشان تسعد الرجاله والستات مش مهم... رغم ان اتضايقت وحسيت بالظلم اكتر لكن قلت مش مهم طالما حاجه هتسعده بس اديها جت فوق دماغي اكتر.. قوليلي اعمل ايه عشان اصالحه انا ما اعرفش هو راح فين بس اكيد هيرجعلي زي كل مره مش كده؟ زينه انتٍ مش بتردي عليا ليه عشان خاطري قوليلي اي حاجه .


نظرت إليها بأعين مرتبكه ومتشتته بحيره لتردف بقلق واضح 


= معلش يا حنين اصل عندي شويه مشاكل كده في البيت هناك مخلياني مش عارفه اركز، بس هخلص كل اللي ورايا وافضلك ونحل مشكلتك مع بعض ان شاء الله .


تنهدت بزعل من نفسها وهي توميء برأسها

هاتفه بأسف 


= آه تمام انا اسفه انتٍ واضح فعلا انك متضايقه من حاجه بس انا مشاكلي خلتني ما ركزتش ولا اسالك على العموم براحتك طالما عاوزه تقعدي لوحدك.. بس انا في ايدي حاجه اساعدك لو عايزه تحكيلي حاجه اتفضلي احنا ما لناش غير بعض يا زينه مش كده قوليلي ايه اللي مضايقك وادينا بنفضفض لبعض.


هزت رأسها باختصار وهي تقول مدعيه الآلم


= لا كفايه اللي انتٍ فيه مش وقته هنتكلم ان شاء الله بعدين... اصل دماغي مصدعه أوي وعاوزه انام


عقدت حاجيبها للاعلي قليلاً بانتباه وهي تهتف بصوت عجيب


= طارق!. 


نظرت زينه إليها بتوجس وهي تسألها بعدم فهم 


= هاه! مـ.. ماله طارق .


أشارت بيدها على شيء ما امامها، وهي تتحدث بغرابة


= القميص دي شبه بتاعته! هو بيعمل إيه عندك.. مش ده قميص رجالي أصلا 


تذكرت على الفور بانه تركه هنا ولم تراه إلا الآن، حاولت رسمت ابتسامة زائفة وهي تقول بثبات


= لا يا حبيبتي ده قميص اخويا ما هو انا نسيت اقول لك أننا اتصالحنا مع بعض فهو نسيه هنا.. قصدي يعني كان جايب واحده معاه غيره عجبه وقالي خالي القديم عندك يبقى جيبها لي لما تعدي علينا... وبعدين يعني يا حبيبتي هي ما فيش غيره قميص زي اي قميص وفي منه اشكال كثير أكيد...


نظرت حنين إليها عدة ثواني بعدم اقتناع و شك، فهي تعلم جيد الأمور بينها وبين أسرتها وبالاخص شقيقها العلاقة متوتره للغايه بسبب انفصالها عن طليقها و كان الجميع ضد طلقها هذا لذلك هيا انفصلت عنهم في مكان اخر، فأخيها تبرأ منها حرفياً حسب حديثها عنه فكيف بمده قصيره هكذا يتصالحون بهذه السرعه ودون مقدمات او تخبرها بذلك مسبقا، لكنها مع كل ذلك هتفت بهدوء عجيب 


= هاه آه صح ممكن... المهم انكم اتصالحتم انا همشي بقى عن أذنك عشان اتاخرت كمان...


نهضت لترحل بخطوات ثقيلة واول ما اغلقت زينه الباب خلفها بسرعه التفتت حنين لتنظر إليها باستغراب شديد و رغم عنها بدأت تفكر باشياء سلبية لم يستطيع عقلها استوعبها من الأساس، لتهمس محاولاً أن تطمئن نفسها 


= ايه اللي انا بفكر فيه ده مستحيل طبعا حتى لو كده أنا مش عاوزه اعرف.. زينه صديقتي الوحيده ومستحيل تخوني ولا كمان طارق هو بيحبني والاثنين ما يقدروش يزعلوني.... 


بينما في الداخل لم ينطق طارق بحرف مع زينه وحاول بسرعه إكمال ارتداء ملابسه ليسرع ويلحق حنين! فهذا كل ما خطر بباله بعد ان جاءت الى هنا وسمع الحديث الدائر منها، وكانت زينه تراقبه باعين حزينه ولم تستطيع التحدث هي الاخرى! لكنها أكدت حديثه لنفسها عندما اخبرها بانهم قد تسرعوا في هذا الزواج.....


وأول ما فتح باب المنزل ليرحل باستعجال، تسمر طارق في مكانه فور رآه حنين تقف أمامهم! شهقت زينه بصدمة كبيرة وهي تردد بصوت مرتجف


= آآآآ... حـ.. حنين.


كانت حنين مصدومة مما تراه فلم تتخيل أن يكون الشخص الذي بدأ يحرك مشاعرها أصبح مع صديقتها.. لذلك لم يكن لديها ما تقوله و أثرت الصمت.. فقد كانت المفاجأة أكبر من قدرتها على الكلام وتحركت بمنتهى الهدوء لترحل .


أفاق طارق من صدمته هذه وأسرع في خطاه ليلحق بحنين ثم أمسكها من ساعدها واوقفها عنوة لتفهم الأمر وما يدور بينهما بدل من ان تسيء الظن نحوهما اكثر، نظر إليها بخوف وقلق وهو يخشى من ردة فعلها لأنه فاجئها بأمر كهذا ليردف قائلاً بحذر 


= حنين.. حنين استني اسمعيني بس انتٍ فاهمه غلط وافهمي مني الوضع ازاي 


بينما لم تستطع زينه أن تخفي الحقيقة على صديقتها أكثر من ذلك ففي النهاية هذا يكن زوجها مثلها، وقالت بتردد 


= حنين ما تفهميش غلط فعلا إحنا متجوزين


نزلت عبارة زينه الأخيرة كدلو ماء بارد على رأس حنين فجعلتها تصدم أكثر وهي تطلع إليهم بنظرات مصدومة... بينما التفت طارق إلي زينه بحده وضيق من تسرعها للأمر دون مقدمات لتخفض الأخري عينيها بقله حيله.


بدأت حنين تتنفس بصعوبة هي تشعر بأن الدوار والغثيان يسيطران عليها الآن... لا تعرف هل من الصدمه أو شيئا آخر. !!. 


لكنها شعرت فجأة أن هناك خطبٌ ما بها هي ليست على ما يرام حيث بدأت تشعر بأن هناك دواراً ما يسيطر على رأسها.. لم تعد الرؤية واضحة بالنسبة لها فصورة طارق وزينه تهتز أمام عينيها.. كانت تريد الحديث والرد ولكنها لم تقدر، وضعت يدها على جبينها محاولة أن تمنع ذلك الدوار من الإستمرار ولكنه يزيد بصورة تدريجية .. 


لاحظ طارق ترنح زوجته أمامه وشحوب لون وجهها المفاجيء فارتعد من هيئتها بخضة وقبل أن يستفسر عن شيء لم تقو قدم حنين على حملها أكثر من هذا حيث ارتخى جسدها فجأة على وشك السقوط بينما أسرع طارق بالامساك بها.. لكنه لم يلحقها وقد سقطت على أدراج السلالم أمامهما.... 


وقفوا الإثنين طارق و زينه مصدومين مشدوهين لم يتحرك أحدهم فقط يراقب الجميع المشهد بأعين مذعورة.. 


اكتسى وجه طارق بملامح الرعب والخوف الشديد فركض كالمذعور حينما رأى ذلك المشهد وقد أدرك أن حياة حنين في خطر ولا وقت للمعاتبة واللوم عليه أن ينقذها أولا ليصيح بصريخ


=حــنـيـن.


ركض ناحيتها وجثى على ركبتيه و أمسك بكف يدها يصرخ في وجهها ولكن كانت الأعين مغلقة نظر في رعب لها وحاول اسنادها وهو يهتف باسمها لكي تسمعه وتستجيب له ولكنها كانت فاقدة للوعي وما صدمه برعب أكثر بأنها بدأت تنزف الدماء بكثرة...


بسرعه حملها وكان ينظر إليها بخوف ممزوج بحب يخشى أن يصيبها مكروه بسببه فلم يسامح نفسه اذا حدث لها شيء سيء ولكن ما يهم الآن هو سلامتها .......


بينما في الخلف كانت زينه تراقب كل ما يحدث بذهول وهي تشعر بالذنب لأنها لم تستطع أن تدرك مبكراً ذلك الحب الموجود بين طارق و حنين وأنها أعطت لنفسها الفرصة ان تعجب به وتعلق نفسها بالأوهام.. 


لكنها عقدت حاجيبها بشرود وهي تنظر الى الدماء بشك وحزن أكبر بأنها من الممكن تكون حامل..و أجهضت.. لا تعلم لكن في الحالتين متاكده بأنها خسرت صديقتها الوحيدة .!!. 


❈-❈-❈


في المستشفي ظل طارق ينظر عبر زجاج الباب في توجس وترقب ثم جلس على المقعد وأخذ يفرك في كفي يده بتوتر و حزن وهو يشعر باحساس الذنب يقتله فلو كان لم يتزوج من البدايه فلم كانت تراه بذلك الوضع ولا حدث ذلك من البدايه، لكن ما يقتله أكثر الأسرار التي عرفها عنها اليوم ولم تخبره إياها و مع الأسف علم بها بوقت متأخر للغايه .


كان يخشى أن يكون مكروهاً ما قد أصابها فلم يفهم او يستوعب النزيف المفاجئ ذلك، طال الوقت بالداخل فنهض من مكانه وظل يتحرك في توتر وقلق ذهاباً وإياباً، كانت الدقائق تمر عليه كالسنوت وظل يدعو الله في نفسه أن يحفظ زوجته .. 


بعد فترة خرج الطبيب من الداخل، فتوجه طارق إليه يسأله بلهفة 


= طمني عليها يا دكتور.. مراتي اخبارها ايه وايه سبب النزيف ده؟ 


أجاب الطبيب وهو يشير بيده موضح 


= ما تقلقش الحمد لله وقفنا النزيف بس لازم تفضل هنا تحت الرعايه كمان الوقعه ما كانتش سهله خصوصا انها في بدايه حملها!. 


اكتسى وجهه بملامح الصدمة وهو يردف بصوت ثقيل 


= نعم حنين حامل!؟. 


وقف طارق مشدوهاً فاغراً شفتيه لا يعرف بماذا يجيب لقد تجمدت الكلمات في حلقه و وقف يسرح فيما دار بينه وبين حنين طول تلك الشهور..و مشاحناتهم المستمره إلي أمر زواجه المفاجئ! حتى يرد كرامته؟ وانتهى الامر به الى هنا فماذا سيفعل الآن والامور تضيق حاوله اكثر فأكثر ....


فليت كان يعلم ما كانت تخفيه وحملها من البدايه لكانت تغيرت أمور كثيره في علاقتهم..... لذلك لا يعرف هل يفرح بذلك الحمل ام يحزن ؟!.


❈-❈-❈


أما عن زينه فقد باتت شكوكها الآن صحيحة هي حامل.. صديقتها حامل من زوجها هي الأخري ولم تكن تعلم بهذا! وحتى بعد معرفتها فماذا سيكون وضعها الآن في تلك العلاقة!. وماذا عن طارق الذي لم يراها ولم يسأل عنها خلال تلك الفتره ابدأ .


وخلال ساعات كان انتشرت الأخبار في منزل أسره حنين، أسرعت عبير ناحية حماتها و ايمان وهي تردد بحزن شديد


= عرفتوا اللي حصل؟ حنين كلمتني من شويه وقالت لي انها في المستشفى كانت هتسقط واكتشفت ان جوزها اتجوز عليها صاحبتها زينه 


شهقت الأم بصدمة كبيرة ونهضت بقلق تتحدث بصوت متقطع تحاول استيعاب الأمر 


= بنتي يا نهار ابيض.. مستشفى ايه قوليلنا بسرعه، حد يدور لنا على توصيل اتصلي بمحمود بسرعه يا ايمان 


نظرت ايمان إليهما بعدم تصديق وهي تهتف بتلقائيه 


= يا خبر أبيض كل ده حصل امتى؟ لحق اتجوز عليها امتى دي ما هي من كام يوم كانت بتقولي أنه بيحبها وصابر على اللي هي فيه... واخر مكالمه قالت لي انها بتفكر تعمل نصيحتي يبقي جابت نتيجه عكسيه ازاي 


عقدت عبير حاجيبها بدهشة وقالت بحده


= انتٍ بتقولي ايه؟ هو انتٍ يا ايمان كنتي فاهمه وعارفه تغيير احوالها وساكته ونصحتيها كمان... 


انتبهت إيمان على نظرات الاثنين إليها بدهشة وضيق لتشعر بالتوتر وانها فضحت نفسها، لتقول بنبرة قلقة


= هاه! لا انا قصدي على حاجه ثانيه انتوا فهمتوا ايه.. انا هروح اتصل بمحمود بسرعه عقبال ما تلبسوا آآ


وقفت عبير أمامها تمنعها من الرحيل وهي تتحدث بصرامه شديده 


= استنى عندك مش هتتحركي خطوه واحده غير لما تقوليلنا حنين كانت فيها ايه؟ وايه هي مشكلتها اللي اشتكيتلك عنها؟ وانتٍ نصحتيها بايه؟ خلصي بسرعه وقوليلنا .


❈-❈-❈


كانت حنين تتململ في الفراش فبدأت تستعيد وعيها تدريجياً لتتذكر ما حدث معها في الليلة السابقة، فتحت عينيها لتجد طارق جالس امامها فوق ذلك المقعد بانتظارها، تطلعت نحوه مطولاً بتعبيرات غير مقروءه 


بينما هو اعتدل في جلسته على المقعد ولم يفتح فمه بكلمة واحدة فقط يريد أن يعرف ردة فعلها، نظرت هي حولها وتأملت الغرفة وتذكرت قبل أن تحقنها الممرضه أخبرتها بحملها وبعدها طلبت منها هاتفها حتى تتصل على أسرتها لتاتي، أمعن النظر إليها وحينما وجدها صامته هتف متردد


= حـ.. حنين ممكن نتكلم مع بعض وتسمعيني

أنا عارف ان انا غلطت بس انتٍ برده كان لازم تفهميني حاجات كتير غير كلامك الصعب اللي ما كانش يقدر يستحمله اي راجل ويعديه عادي.. وبعدك طول الوقت عني خلي كل ده حسسني من حقي فعلا اعمل الخطوه دي بالذات بعد ما وصلتيلي انك اتجوزتيني غصب عنك و آآ أنك مش بتحبيني.


تصنعت الابتسام وهي تجيب بنبرة وهن تقهر 


= ومين قال إن مش من حقك؟ بالعكس حقك أوي كمان انت فعلا استحملت واحده زيي معقده وانت حتى مش عارف هي بتعمل كده ليه؟ عشان كده من حقك فعلا تدور على واحده تحسسك انها عاوزاك وبتحبك مش بارده وجماد زيي . 


رفع حاجبه للأعلى متعجبًا من ردة فعلها الغريبة لكنه حاول التحدث بارتباك 


= يا حنين أنا....


قاطعته وهي تذرف أنهاراً من الدموع لترد بقسوة لم يعهدها منها


=لكن اللي مش من حقك انك تسيب كل ستات العالم وتتجوز اقرب صديقه ليا! ده اللي مش من حقك فعلا كده ما تبقاش مجرد واحده عاوز تتجوزها عشان تلبي احتياجاتك اللي حرماك منها مراتك الاولى.. كده انت بتدور صح ازاي تطعني وتوجعني... بس برافو عليك وعليها هي كمان لعبتها عليا صح ده انا حتى لما شفت الدليل قصاد عيني كذبت روحي وقلت لا، حتى لو ده حقيقي مش عاوز اعرفه


انفرجت شفتاها مصدومة من أعمالهم المريب معها، فسألته بتوجس


= اصل ازاي؟ جوزي مع صاحبه عمري واللي ما ليش غيرها.. اللي من كتر حبي فيها جبتها تسكن قريب مني عشان تكون تحت حمايتنا.. وعشان لما اتوجع اجري عليها اشتكي وهي تسمعني وتقولي حلول.. مش بقول لك عرفت تلعبها صح! حتى صاحبه عمري خليتني اخسرها أهو انا النهارده خسرت خسارتين.. انت وهي!!. 


أقترب منها وحاول أمسكها من ساعدها لكي يساندها وهو يتحدث باعتذار


= آآآ.. حنين أنا آسف و... 


نفضت يده عنها بكل حدة، ثم نظرت إليه بنظرات مميتة قاسية لا روح فيها وقالت بصوت ميت


= ابعد عني، أنا مش طايقاك.. مش عاوز أسمع حسك انت.. انت صوتك حتى بقى بيخنقني 

كلك على بعضك بقيت بقرف واشمئز لما اشوفك مش لما تقرب مني بس 


كانت حنين تشعر أنها ظلمت بحق من الاثنين، حتى لو أخطأت لا تستحق منهم ذلك؟ هل ما فعلته كان كبير لهذه الدرجه حتى يجرحوها وتشعر بالغدر هكذا... لم يدري أن كل أحلامها صارت رماداً في لحظة وأن من اشعل النيران فيها هو من عشقت روحه قبل قلبه.. 


ثم تابعت حديثها بجدية وقد قست تعبيراتها


= بس قولي صحيح عرفت تسعدك وتعملك اللي ما كنتش قادره اعمله؟ لما لمستها حسيت طبعا انك اسعد واحد في الدنيا وان مراتك كانت كئيبه وحرماك من حاجات كثير لدرجه عمرك ما هتنسي الليله دي في حياتك، عكس مراتك الوحشه الثانيه اللي كانت بتمنعك من حقوقك ويوم ما تديها لك كانها بتعطف عليك وبالعافيه... ما اصلها معقده انما زينه


شحب وجه طارق حينما تذكر كيف كان معها قبل قليل ولم يكن سعيد كما تصور، ظل ينظر إليها يتألم روحه وقلبه فلقد ظلمها ظلماً بيّناً، بالأخص وهي تضيف بتهكم مرير 


= انا عارفاها كويس ما هي صاحبتي كان نفسها فعلا تلاقي حد يحبها ويهتم بيها فانت لو اديتها الحب والاهتمام ده هتعمل لك اي حاجه في الدنيا.. مبروك عليك جايز فعلا تستحقوا بعض مش عشان حاجه وحشه لا عشان انا اللي طلعت وحشه في الاخر و استاهل كل ده.. وانت طلعت زيك زي اي راجل حتى زي ابويا اللي راح اتجوز ورمينا عشان احتياجاته دي بس على الاقل ابويا استنى فتره طويله على امي لكن انت ما استنيتش حتى سنه... هو انا كنت وحشه أوي كده 


نظرت له بأعين تمقتها تكرهها تتمنى أن تمسك برقبته وتخنقه ولا تتركه إلا جثة هامدة، فا نيران الغدر والغيره تحرقها حرق، مسحت دموعها بعنف وهي تردد بجمود 


=بس تعرف في فرق برده في علاقتنا وبين علاقه ابويا وامي مش المده اللي ابويا صبرها عليها لا ما هو في النهايه اسمه غدر! ان ماما كانت ست ضعيفه واستحملت عشانا أو عشان ما كانش عندها حل تاني رغم انه كان ما بيقدمش اي حاجه زياده في حياتنا حتى الفلوس كان بيمنعها كتير أوي ويوم ما يدينا يدينا ملاليم وهي اللي اشتغلت واخواتي عشان يصرفوا.. حتى كنت بسال نفسي كتير أوي لما هو ما لوش اي فايده في حياتنا كده اسمه راجل ليه؟ وامي لسه على ذمته ليه؟ بس تقريبا كده كانت بتمشي بمقوله احسن ما يكون اسمي مطلقه والناس تنهش فيا.. بس انا مش امي يا طارق .


جاءت إليها قوة من حيث لا تدري فالمظلوم تأتيه الشجاعة لكي يدافع عنه نفسه مهما كلفه الأمر، وهي تقول بحدة 


= فلو عقلك مصورلك ان هعمل زيها و هرضا بالامر الواقع والزباله اللي انتٍ اتجوزتها دي على ذمتك وانا كمان وتوفق بين الصحاب مع بعض تبقى بتحلم عشان انا مش هستنى على ذمتك دقيقه واحده وهتطلقني.. حتى لو ليك مبررات والحق انك تتجوز برده مش هفضل على ذمه واحد غدار زيك وما عندوش احساس


صدم طارق من عبارة حنين الأخيرة.. فلم يخطر بباله أن تطلب مثل ذلك الطلب وسط تلك المشاحنات الحادة والعنيفة بينهما لكن اقل شيء تفعله لرد اعتبارها منهما ورغم ذلك لم يكن أمامه حل أخر سوى موافقتها إلا أن رفض وتحدث قائلاً متعمد تذكيرها لعلها تتنازل عن تلك الفكره 


= طب ممكن بالراحه عشان العصبيه دي غلط عليكي وانتٍ تعبتي أوي ونزفتي كتير... هو انتٍ عرفتي أنك حامل


كانت في تلك اللحظه تشعر بالاشمئزاز منه شخصياً وليس من العلاقه هذه المره فقط.. هو ذلك الخائن الذي سلب روحها وقتلها بل رحمة بينما هي معذبته التي تفننت في اقتلاع قلبه بلا رحمة ايضا.. كم تكره ذلك الشعور الذي جعلها تعاني منه إلى الأبد فلقد صار طارق هو لعنتها الأبدية التي لن تشفى منها مهما حدث .. 


أصرت قائلة بلهجة صارمة


=اه عرفت وده مش هيغير حاجه وبعدين ما تعملش نفسك يهمك أوي مصلحتي وحياتي، انت أقذر واحدة عرفته في حياتي أنا ندمانه اني عرفت بني آدم زيك وزي الزباله الثانيه، يا ريتك ما ظهرت في حياتي ولا حبيتك ولا اتعلقت بيك.. ولا وثقت في واحده زيها و فكرتها صاحبه ليا.. لا وانا من خيبتي راحه كمان اشتكيلها منك وانت جوه عندها بتقضوا أجمل اوقات حياتكم وانا الهبله اللي مختومه علي قفاها ولا دريانه هو الكلام ده من امتى..


كان طارق يشعر بالآسى عليها فهو السبب الرئيسي فيما تعانيه، حتى لو كانت هي من بدأت فاصبح متأكد بان هناك جزء مخفي! بالاضافه الى كل ذلك قد ندم قبل معرفته على كل ذلك وعلى زواجه من صديقتها زينه الذي 

جعله يشعر بالذنب اكثر ويضيق من نفسه.


لكن هو صار متأكد بانها تخفي الكثير من الأسرار والمبررات التي جعلتها تتعامل معه هكذا؟ وبالاخص حوله العلاقه الحميميه هناك من العقد الكثير داخلها ادت الى تلك النتيجه.. وليتها كانت صريحه معه من البدايه في تلك النقطه.. قبل ان يضع نفسه في مأزق لا يعلم كيف الهروب منه أيضاً بزواجه من زينه.


حاول تهدئة حنين ولكنها كانت على وشك الإنهيار أمامه ومع ذلك تحدث بصراحه 


= حنين ممكن تهدي انا اتجوزتها امبارح يعني بقيلنا يوم واحد بس مش زي ما انتٍ فاكرة، بعد ما اتخانقنا قابلتها انا ما اعرفش طلعتلي منين وجت ورايا وفضلنا نتكلم وانا كنت على اخري منك ما كنتش عارف انا بقول إيه و طلبتها للجواز.. و آآ هي كمان فضلت تشتكي من اهلها وانها كان نفسها تلاقي حد زيي يهتم بيها وانك مش عارفه قيمتي كويس .


نزلت عبارات طارق على مسامع حنين كالسكين الحاد الذي يزيد من عمق جراح قلبها.. وضعت كلتا يديها على آذنيها لكي لا تسمع منه المزيد فلم تفهم هل كانت صديقتها بحق أم كانت تنتظر اي لحظه لتستغلها حتى تغدر بها.


وهو! أليس من مفترض بأنه يحبها.. فلما الاثنين استغلوا اقرب فرصه إليهم ليجعلوها تشعر بذلك الاحساس الفظيع..


كانت شبه منهارة مما حدث حاولت قدر المستطاع أن تتماسك أن تتحامل على نفسها فبزواج ذلك عاد كل التجارب القاسيه التي عاشتها مع والدتها ووالدها بالماضي، لذلك خارت قواها وفقدت السيطرة على حالها فلم تعد تتحمل المزيد كل شيء قد انهـــار أمامها وخسرت الكثير، صرخت ببكاء مرير 


= هو ليه؟؟ هااااا ليــــه ماتبصليش كده انطق وردي عليا؟ انا بكرهك.. بكرهــــــك انت دمرتني، انت هديت كل حاجة حلوة في حياتي، انت دبحتني باللي عملته بكرهــــــك


عجز عن تهدئتها وقد شعر بالذنب والحزن أكثر بسبب حالتها التي وصلت اليها بسببه، و في تلك اللحظه قد وصلت أسرتها على صوتها هي والممرضات لتهدئتها.


❈-❈-❈


مرت عدة أيام في المستشفى وكانت حنين كالجثة التي لا روح فيها توجه بصرها لسقف الغرفة بأعين فقدت بريقها اللامع، تحاول قدر استطاعتها أن تبكي في صمت.. بكائها هذا ليس كأي بكاء انه بكاء كماء النيران يكوي القلوب قبل الوجوه، لا تدري ما الذنب الذي ارتكبته لكي يفعل بها طارق هذا.. فهي بالأساس ضغطت على نفسها وفعلت اشياء ضد إرادتها لأجله فيكون ذلك جزاءها! 


تعلم بالنهايه أنها أخطأت لكن لا تصل به إلا يفعل ذلك.. يتزوج عليها ومن صديقتها الوحيدة، حقا علم جيد كيف يعاقبها ويجعلها تعاني من خسارتين خسارته هو وخساره صديقتها.


فلم تكن تعلم بانها تحبه هكذا.. أو أنه سيجرحها بتلك الطريقه أو صديقتها ستكون بذلك الخسي.. فما وجع ذلك الآلام كله فلا تعرف على أي تحزن او تبكي بالضبط، و المصائب تسقط فوق رأسها واحده تلوي الاخرى دون رحمة.. فكلما أغمضت عينيها و حاولت أن تمحو من ذاكرتها ما حدث لها ولكن كلما حاولت أن تنسى تذكرت أكثر ... 


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوعين خرجت حنين من المشفى وقد أوصي الطبيب أن ترتاح جيد وتظل الشهور الأولى ملازمه الفراشه لأجل صحتها وصحه طفلها، و رفضت رؤيه طارق خلال تلك الفترة لكنه لم ييأس!. 


وعلي الجانب الآخر بدأ الجميع يضغط على حنين ليعرف السبب الرئيسي لجعل طارق يعاملها هكذا ويتزوج بغيرها قبل ان تفوت سنه واحده على زواجهم حتي واضطرت ان تقص اليهم باختصار شديد حالتها الصعبه، و منهم من تقبل الأمر ومنهم من اعتقد انها تتدلل! 


وقد استغربوا وعاتبوها ايضا لانها كانت تمنع نفسها في بعض الأحيان عن زوجها.. لذلك من منهم راى بأنه محق في زواجه بغيرها... لكن حنين لم تهتم بكل ذلك واصرت على الطلاق .


بينما كانت عبير و العائلة مستشاطين من الغضب من تلك الفتاة التي تدعي زينه فكيف تكون صديقتها المقربة وتفعل ذلك بها، فالجميع يعرف كيف كانت تحبها حنين و ساعدتها في البحث عن السكن جانبها..و يكون هذا جزاها في المقابل .


جلست حنين بجوار النافذة كانت تبكي علي حالها كعادتها و روحها الجريحة، فهي لم تطيق الجلوس مع أسرتها حتى بسبب حديثهم و ضغوطاتهم فكانت محقه ايمان لم يفهم أحد ما تعاني منه لكن أسلم شيء لها الآن هو الإبتعاد عن كل شيء بالوقت الحالي.. 


وبهذه الفتره بالاخص حتى تستعيد وعيها وثقتها بنفسها من جديد، حتى لأجل طفلها القادم الذي كانت متفاجئه به بذلك الوقت بالتحديد، لكن لا احد يعلم مصيره في هذا العالم الا ربه وهو المدبر لشؤوننا دائمًا .


يالها من حياة قاسية مع حبيب كانت تؤمن به، قدم لها السعادة في لحظة ثم أذاقها طعم الذل والمرار في لحظة أخرى.. فاكثر ما يؤلمها حبها له الذي كان منذ البدايه وتخفيه و صديقتها التي غدرت بها دون أن تمهلها الفرصة حتى تحذر أولا.. فسثقتها بالاثنين كانت تتخطى الكثير وهي الان تدفع ثمنها.


في تلك اللحظه تقدمت عبير وإيمان منها، لتحاول منع دموعها من الانهمار أكثر ومسحت بأطراف أصابعها تلك العبرات الساقطة و أسندت يدها الأخرى بجوارها.. 


احتوت عبير قهرها وحزنها بحنانها الكبير قائلة 


= ما هو العياط مش هيرجع حاجه، خلاص يا حنين اللي حصل حصل وانا عارفه دلوقتي انك موجوعه على الاثنين اذا كان علي جوزك ولا علي اللي ما عندهاش دم دي وكنتي فاكراها صاحبتك وغدرت بيكي...


أضافت ايمان أيضا باستنكار ساخط وهي تشير بيدها


= انا مستغربه البنت دي أوي اكتر من جوزك بصراحه لانها اتحطت في نفس الموقف و جوزها اتجوز عليها فتردها لك أنتٍ ليه او لغيرك بعد ما جربت وجع القلب وعارفاه، لا وبالذات بعد ما وقفتي جنبها في كذا موقف يكون ده رد الجميل


ابتسمت لها عبير ببسمة باهتة قائلة باقتضاب


= في ناس كده للاسف تنجرح وتتوجع وما تعملش حاجه للناس اللي اذوها لكن تاذي غيرها عادي بنفس الطريقه، في اعتقادها يعني كده استنصحت بدل ما تقع بنفس الموقف تاني.. وبعدين برده حنين غلطانه ما كانش ينفع تحط النار جنب البنزين! وانتٍ بتغضبي كتير هنا في البيت وبتمنعي جوزك عندك وفي نفس الوقت سايبه واحده بابها موارب . 


رددت حنين بصوتها المنتحب وعيناها تفيضان من الدمع المقهور


= انا ما كنتش اعرف نيتها ولا نيته وحتى لو كده! اديكي لسه قايله بلسانك ما شافتش حاجه مني وحشه فالمفروض لما كان يطلبها كانت تقف تقوله لا دي صاحبه عمري وليها افضال عليا كتير ومستحيل اوجعها مش تنتهز الفرصه من اول مره وعلى طول كانها لما صدقت تجرحني...


كفكفت دمعاتها قبل أن تنهمر اكثر واضافت بنبرة متخاذله


= انا على فكره كمان اكتر حاجه مصدومه فيها هي اكتر من جوزي و نفسي بجد اعرف هي ليه عملت معايا كده وانا عمري ما اذيتها بالعكس كنت دايما معاها وبفضفض واطبطب عليها و كنت مستعده اعمل اكتر من كمان.. على الأقل هو راح ولا جه راجل وليه مبررته لكن هي إيه مبررها 


التفتت عبير نحوها وأجابت باهتمام 


=ما هي هنا كانت المشكله يا حنين من كتر ما أنتٍ بتديها وتساعديها من غير مقابل في ناس بتعتقد ان ده بقى حق مكتسب خلاص! و استكترت عليكي جوزك وحسيت ان ده من ضمن العطف اللي بتعطفي عليها بي وتديهولها و ارهنك انها دلوقتي ولا ندمانه ولا شايفه انها غلطت في حاجه..


بهتت ملامح ايمان وهي ترد بغيظ قليل


= على رايك والله يا ابله عبير في ناس كده تديهم يطمعوا اكتر، وبعدين هو حد دلوقتي يامن لصاحب يا هبله في الزمن ده! عارفه أنتٍ لو كنتي حكيتيلي من الاول كنت فهمتك وفطمتك واديتك خبرتي و..


احتدت نظرات عبير وقست إلى حد ما وهي تعلق بصوتها المتشنج


= ما كفايه يا ايمان نصايح بقى ماهي اللي خربت عليها هي كمان، مش فاهمه أنتٍ يا حنين سبتي كل اللي في البيت وما لقيتيش غير اللي عقلها طاير منها دي وتسمعي منها نصيحه وكمان تنفذيها.


كزت على أسنانها بضيق ثم تحدثت بغرور قليل


=وانا عملت ايه ان شاء الله الحق عليا كنت عاوزه اوعيها، وبعدين اديكوا عرفتوا حد منكم كان شافلها حل! ولعلمك نصيحتي جابت نتيجه بس لولا انا اتسحبت من لساني و استعجلت واتصلت عليها كان زمانه دلوقتي ولا دريان بحاجه وهي قالتلك بلسانها اخر مره كان سعيد وفرحان لما حس انها مبسوطه 


رمقتها عبير بنظراتٍ احتقارية وهي تردد بعدم رضا


= نصيحه إيه يا عبيط اللي جابت نتيجه وهي فين النصيحة دي اصلا ده اسمه غش وهروب من المواجهه! كان عندها اكتر من حل على الاقل تواجه وتقوله الحقيقه كان لازم يعرف حاجه زي كده ويحل معاها غصب عنه ده امر مفروض بين الاثنين ولازم يحصل بالتراضي والاثنين يحسوا بكده! وهي ما كانتش هتعمل حاجه عيب ولا غلط لو كانت واجهته وشافوا حل.. عشان ما فيش حاجه اسمها العلاقه دي معموله عشان الراجل يستمتع وهي لا للاثنين لا بلاش! 


ردت إيمان باقتضاب وهي تلوي شفتها بسخرية 


=يا سلام وايه الحل بقى يا فلحوسه؟؟ انتٍ هتعملنا فيها مدرسه بقى في البيت هنا كمان يا حبيبتي انتٍ هنا مش في مدرسه بتدرسي للتلاميذ بتوعك، أنتٍ هنا في واقع.. ولو عندك حل قولي إيه اللي كان هيخليها سعيده وحابه العلاقه ومش كارهاها زي دلوقتي.. 


أجابت بوجه ممتقع وبجدية مبطنه بالعتاب 


= انا مش دكتوره يا ايمان بس الامور دي تروح لاصحاب الشان واللي فاهمين فيها بدل ما نفتي بنصايح تجيب ورا، لكن انا اسفه يا حنين وما تزعليش مني أنتٍ غلطتي برده.. و لو ما كانش فعلا طارق عرف ان أنتٍ غشيتيه كنتي هتفضلي في الوضع ده قد ايه يوم اثنين طول حياتك كده طب وهي دي حياه، وانتٍ سعادتك فين ولا راحتك؟ وليه أصلا امثل واكدب في حاجه انا ما ليش ذنب فيها أنتٍ عيانه ولازم تعترفي بكده والمريض بيروح لدكتور معروفه 


انفرجت شفتا حنين مصدومة من اجابتها المريب عليها ورغما أنها متأخره لكنها بدأت تفكر في كل ذلك وانها مريضه بالفعل فهمست بتوجس


= د.. دكتور !. 


❈-❈-❈


بينما على الجانب الآخر، اغرقت عينا زينب بالعبرات وهي تقول بشرود حزين


= كأن الزمن بيعيد نفسه، نفس اللي حصل معايا حصل مع بنتي، وبرده جوزي راح شاف غيري لنفس السبب؟ رغم ان كان مرضي مش بارادتي لكن حطيت جزمه في بقي وسكت يا ريت في الاخر طمر وصرف على العيال.. يا ترى يا طارق عملت كده عشان ملناش ظهر وقلت ابوها ذات نفسه ما عملها ومتجوز اثنين جت على بنته...


صمت لبرهة مفكر لعدم استطاعته عن البوح ما يكنه داخله، فكان بحاجة لجمع شتات نفسه واستعاد جأشه ليستمر في معركته المصيرية، 

ابتلع ريقه بصعوبة وأجاب بصوت مرتجف 


= يا خالتي والله انا صبرت عليها كتير وهي ما كانتش صريحه معايا من البدايه، جايز لو كانت قالتلي وفهمتني اللي فيها وقد ايه هي تعبانه من الموضوع ده؟ كنت والله هقف جنبها زي ما صبرت عليها من البدايه 


ردت بغلظة وهي ترمقه بنظرات منذرة بغضب شديد 


= انا مش بغلط بنتي لكن الغريبه انك ما لقيتش فعلا غير صاحبتها مش حاسس ان دي حركه واطيه منك اصل يعني مش من قله البنات، يا سيدي طالما الغلط جاي من عند بنتي وما كانتش بتديك كل اللي عاوزه ومحتاجه ومقصره معاك فعلا.. 


أسرع طارق يتحدث مبرر بتوضيح جاد 


= عشان انا ما كانش في نيتي اصلا اتجوز تاني ولا أدور على غيرها وهي اللي كانت قدامي وقتها! انتٍ ما تعرفيش في اخر خناقه بنتك قالتلي ايه بالظبط كلام صعب استحمله وانا ما كنتش فاهم مبرراتها وهي ما فهمتنيش حاجات كتير ولا كانت واضحه ولا صريحه.. انا والله ندمت لما عرفت ان عندها عقد من الموضوع ده 


حركت رأسها باستنكار جلي، واستشاط وجهها بالدماء الغاضبة 


= وندمك ده هيفيد باي في الآخر ما خلاص عملت اللي انت عاوزه واتجوزت عليها صاحبتها وقهرت البنت... لا والمصيب الاكبر في نفس التوقيت تطلع حامل! وهي مصره على الطلاق وانا صدقني لو ما كانتش حامل فعلا كنت زماني دلوقتي جايبه المأذون انا بنفسي وبقول لك خلص البنت من على ذمتك عشان مش هخليها تعيش نفس اللي انا عشته.. لكن العيل اللي جي ده هو اللي مانعني ومش عارفه برده اتصرف ولا اعمل ايه.. الله يسامحك حطيتنا في موقف ولا عارفين نحل ولا نبعد وفي عيل بيربطكم جاي ملوش ذنب


تسمر طارق في مكانه عاجز للحظات عن الرد عليها، وبالفعل شرد في مصيره ومصير طفله القادم إنه وقع حقًا في مأزق مجبر على حله باسرع وقت، ثم بسرعه هتف بلهفة باقتراح 


= لا صدقيني في حل مش كل مشكلتكم اني اتجوزت خلاص، بصي انا ما كنتش اعرف اللي فيها لكن دلوقتي اكيد بعد ما عرفت هعرف اتعامل معاها ازاي واكون حذر، واذا كانت على زينه قصدي يعني اللي اتجوزتها فانا مستعده اطلقها واعتقد هي كمان هتوافق على الطلب ده احنا من اول يوم اصلا بالمشاكل كلها اللي حصلت دي بقينا متاكدين ان احنا ما ينفعش لبعض واخذنا قرار متسرع.. بس عشان خاطري خليها تتراجع عن حكايه الطلاق دي، قوليلها حتى عشان خاطر ابننا اللي جاي و جايز تكون هي دي الفرصه اللي ربنا اديها لنا عشان لسه في امل في علاقتنا تتصلح .


صمتت بتفكير طويلاً ثم نظرت إليه بجمود مصطنع قائلة بثقةٍ مهلكة


=تعرف انا اتمنيت ان جوزي يجي يقولي الكلام ده ورغم كل اللي عمله كنت هسامح! يمكن ربنا رحيم بيا شويه ومش عاوز قلبي يتقطع عليها لما تطلق جنبي لنفس السبب!ماشي يا طارق لو فعلا طلقت البنت دي و بعدت عنها وعملت بنتي بما يرضي الله و ندمت فعلا اوعدك ان انا هقف في صفك ومش هوافق على الطلاق بس شوف الاول هتخلص منها إزاي !!. 


❈-❈-❈


بقيت زينه أعينها الجامدة بوميضها الغامض مسلطة علي طارق الذي جاء الآن وتذكر أنه له زوجه أخري يسأل عنها، لم تكترث بملامح وجهه المرهقة فغيرتها و غضبها لم تستطيع السيطره عليهم، فنفخت قائلة بضيقٍ


= أخيراً افتكرت تسال عني وانك سايبني لوحدي هنا و المفروض اني مسؤوله منك 


رد الآخر موضحًا بزفير مسموع مرهق للغايه 


= طب ما انتٍ اتصلتي بيا يوم ما وديت حنين المستشفى وعرفتك اللي فيها وانها حامل.. و حالتها صعبه أوي حتى من ساعه ما فاقت لحد دلوقتي اصلا بسبب انها نزفت كثير الوقعى ما كانتش سهله عليها.


انزوى ما بين حاجبيها ولن تستطيع اخفاء حقدها وغيرتها من زوجته الأولى والتي تكون صديقتها بنفس الوقت، ثم ردت عليه بعبوس


=ربنا يشفيها يا سيدي ما قلناش حاجه و والله زعلت عليها، بس على الاقل هي حواليها ناس كتير من اهلها لكن انا هنا لوحدي مش هيجرى حاجه يعني لو رفعت حتى التليفون وسالت عني، لكن تنساني كده خالص من حياتك ولا كانك اتجوزتني وانا مراتك ذيها وليا حق عليك 


تقوس فمه بابتسامة باهتة وهو يرد بجفاء 


= اهدي يا زينه الفتره اللي فاتت ما كانش سهله عليا وكنت مشغول في كذا حاجه و بعدين حنين من ساعه ما فاقت وهي حالتها النفسيه وحشه اوي برده اللي حصل صعب عليها وصدمه كبيره انها تتصدم في جوزها وصاحبتها.. عشان كده حتى لو هي اللي قالت لي بنفسها امشي ومش طايقاني ما كانش لازم اسيبها في وقت زي ده 


توترت زينه قليلاً من ذلك الشعور بالذنب المفاجئ فبالاخير كانت صديقتها من قبل لترد بصوت متوجس


= انا ما قلتش حاجه و بدعيلها ونفسي كمان اروح اشوفها بس عارفه انها اكيد مش هتستقبلني كويس ولا حتى اهلها لكن هشوف اقرب فرصه واحاول افهمها مبرراتي وظروفي اللي خلتني اعمل فيها كده.


لوي شفته بسخرية مريرة وهو يقول بنبرة

نادمه


= تفتكري في مبررات للي إحنا عملنا فيها؟ تفتكري حتى ممكن تسامحني عادي عشان انتٍ مثلا صاحبتها الوحيده وانا جوزها فهتقولنا عادي ولا يهمكم.. بلاش نضحك على نفسنا يا زينه احنا عملنا حاجه صعبه فيها و هي مش هتسامحنا ونستاهل احنا اتسرعنا أوي... يا ريت صارحتني انها عندها عقد من أمور الجواز والعلاقه و انها بتحبني وقالت كده من ورا قلبها لما اتهمتها أنها بارده ومش بتحس 


نظرت له نظرة حادة وهي تسأله بضيق


= طارق ما تشيلناش الذنب كله وبعدين يمكن قالت كده بس عشان منظرك قدامي لكن هي مش بتحبك بجد وانت بنفسك قلت ما عملتش اي حاجه تدل على كده، يعني مش هتصدقها بمجرد كلمه اتقالت كده على طول.. وبعدين كان هيفرق يعني معاك الكلام ده في ايه


أرجع طارق ظهره للخلف قائلاً بضيق محبط


= اكيد لو كانت قالتلي كل ده كنت هعرف ان في سبب وهقف جنبها ونشوف حل بدل المشاكل اللي كنا فيها طول الوقت وكل واحد بيتخيل حاجات مش صح عن التاني و مش لاقي مبررات، صحيح انا لحد دلوقتي مش عارف برده ايه اسبابها كلها لكن في حاجات كتير وضحت من كلامها معاكي قبل ما يحصل اللي حصل... عشان كده يا ريتني كنت اعرف حاجات كتير قبل ما اعمل الغلطه دي!


قطبت جبينها بغصه مؤلمه متسائلة باستغراب بينما تجمدت أعينها عليه بلا تصدق 


= الغلطه دي؟؟ اللي هي أنك اتجوزتني مش كده؟ هو انت مالك من ساعه ما جيت عمال ترمي كلام صعب واكبر دماغي واقول معلش اكيد خدله كلمتين من اهلها لكن من ساعه ما قعدت كانك عمال ترمي ان جوازنا وقربك مني كان اكبر غلطه عملتها في حياتك 


أخرج زفيرًا محبطًا من صدره مرددًا باستسلام بائس


= زينه انا مش عمال ارمي كلام مقصودوش انا فعلا اقصد كده، وانا اسف ان انا صريح معاكي بالطريقه الصعبة دي بس خليني افكر بواقعيه شويه او حطي نفسك مكانها! هي قالتلي كلمه واقعيه أوي وخليتنا افوق.. ان حقك تتجوز عشان تقصيري معاك لكن مش من حقك تسيب كل الناس وتختار صاحبتي بالذات وانت عارف ان انا ما ليش غيرها وكانك قاصد توجعني.. 

عشان تخليني أخسر مرتين! في اللحظه دي حسيت فعلا انا عملت فيها ايه بالظبط و فقت لكن متأخر 


تحرك مبتعدًا لكنها نهضت الأخري و قبضت على ذراعه هاتفة بانفعال


= بس انا ما غصبتكش على حاجه انت اللي عرضت عليا نتجوز اصلا وقلتلي تعالي نجرب 

حتى لو مش بنحب بعض بس اكيد في حاجات محتاجينها لقيناها في بعض.


بهتت ملامحه بذنب أكبر تجاهها وهو يرد بضيق قليل 


= هو احنا نعرف بعض قد ايه عشان فجاه نكرر كده نتجوز وأن إحنا هنلاقي حاجات محتاجينها في بعض؟ عارفه احنا اتجوزنا و اختارنا بعض ليه و وافقنا بالسرعه دي عشان فكرنا فعلاً أننا لما نعمل كده هنكون سعده وكل واحد هيكمل التاني.. رغم أن في حاجات كتير أوي لسه ما نعرفهاش على بعض.. انا عارف ان انا اللي عرضت عليكي الجوز وانتٍ ما غصبتنيش زي ما انا ما غصبتكيش برده وانتٍ وافقتي بارادتك! 


أصبح وجهه خاليًا من التعبيرات وهو يتابع بترقب وصراحة مؤلمه للاثنين 


= كنت عاوز ارد كرامتي باي شكل وعلى حساب اي حد وانا بعترف ان انا ظلمتك برده.. لكن اصلا من أول ما لمستك وانا حسيت و فكرت فيها اول حاجه وده كان اكبر دليل ان انا ما انتقمتش إلا من نفسي.. انا اللي خلاني مش عاوز اوجهك بالأول لاني مش عارف اقول لك ايه؟ بس انا حقيقي مش عاوز اظلمك اكثر من كده.. 


عبست ملامحها بألم حاد قائلة بجدية عجيبة


= والعمل دلوقتي؟ يا تري ايه الحل اللي وصلتله ومتردد تقوله وعمال تقول كل المقدمات دي عشان تصارحني بيه. 


لم يستطع طارق إخفاء الندم والاحساس بالذنب الذي خرج من جوفه وهو يرد بتلميح صريح


= زين احنا لازم نطلق جوازنا كمان من البدايه غلط ولو كملنا هظلمك اكتر صدقيني.. انتٍ اتجوزتيني عشان هدف واحد انك تلاقي الحب والاهتمام وانا مش هعرف اهتم بيكي وانا ظالم واحده تانيه و لا احبك وانا في قلبي واحده غيرك.. فكري كده فيها مع نفسك هتعرفي ان معايا حق! احنا ما ينفعش نكمل مع بعض لاننا ما كناش لبعض من البدايه، و شوفي ايه اللي يرضيكي وانا مستعد اديك كل حقوق ويا ريت تسامحيني انا اسف .


أبعدت قبضتها مصدومة، و ارتفع حاجباها للأعلى باستنكار جلي لقد تنازلت عن اشياء كثيره لتستحوذ على اهتمامه وتكون ملكته، لكنه بكل بساطة يخبرها اليوم بأنه سينفصل عنها وكأنها نكرة ولا شيء مهم في حياته مجرد ليله عابره اثبتت له بانه لا يستطيع البعد عن زوجته وسيظل يحبها مهما فعلت، انزعجت كثيرًا من تصرفه الفظ خاصة بعد أن

علم بأمر حمل زوجته! لذلك سيتنازل عنها بمنتهى السهوله .


اضطرب لتنظر له بنفور مستنكرة إهانته معها، رمقته بنظراتٍ عدائية وهي ترد منفعلة


=هو ايه اللي اسف؟ وشوفي انتٍ عاوزه ايه وانا اديلك حقوقك؟ هو انا وافقت اتجوزك سكيتي وجبرت نفسي أكون زوجه تانيه عشان مستنيه منك فلوس مثلاً، مش كفايه عاوز تطلقني وارجع لاهلي مطلقه لثاني مره؟ عشان سيادتك طلعت عيل ومش قد كلمتك وما عرفتش تحسبها صح !!. 


تفاجأ بما قالته فحاول منعها من الرفض و العناد الذي لم يفيدها مطلقاً فلقد أخذ القرار في ذلك الموضوع بدلاً من ان يخسر اكثر أو يظلمها معه، فهمس بقلق ظهر في نبرته


= زينه انتٍ كنتي راضيه بكل ده وقت ما اتجوزنا وانا ما غصبتكيش على حاجه واكيد كنتي عارفه و متاكده انك هتكوني زوجه تانيه وانا مش هتنازل عن حنين مهماً حصل... وان ممكن يحصل ده في اي وقت وأننا ننفصل


ركزت نظراتها عليه وهي تسأله بجدية


=و هو دلوقتي المفروض الواحده لما تيجي تتجوز تفكر كمان في الانفصال مين قال لك ان انا حسبتها كده! وبالنسبه ان اكون زوجه تانيه فحسب كلامك انك ما كنتش طايقها وباين أوي انك مش هتخليه على ذمتك بعد ما اهنتك على الآخر وقالت لك في وشك انها مش بتحبك واتجوزتك غصب.. فكان إللي متوقع رجولتك هتحن عليك وتطلقها 


تفرس في تعبيرات وجهها بوجه المتصلب ورد بتحذير صارم 


= هو انتٍ مالك بتتكلمي بالطريقه دي كده ليه حسبي على كلامك واحترمي نفسك.. انتٍ اللي خمنتي من دماغك ان انا هطلقها لكن انا ما جبتش سيره طلاق أصلا..


تصنعت الجمود وهي تعمد إلى إخفاء توترها، ثم كزت على أسنانها وقد ارتجف صوتها بالحزن الشديد 


=لكن من شويه جبت سيره الطلاق عشاني انا ما لازم صحيح الكفه اللي تطب اللي ملهاش قيمه عنك اللي هي انا، من وانا عيله صغيره مفيش قرار بعرف اخده لوحدي دايما بيتفرد عليا الا انت وطلاقي!! انا جوزي اتجوز عليا فجاه كده بدون مقدمات وبمنتهى الهدوء انسحبت من حياته واتنازلت عن كل حاجه في المقابل والكل قال عليا ضعيفه عشان محربتش وسبته ليها على الجاهز، لكن حلفت ان انا مش هعملها تاني واخلي حد يجي عليا عشان مصلحته.. ومصلحتي هي لازم تكون اهم حتى لو على حساب مين !!. 


شعر ببرود عجيب يحتاجه بتلك اللحظة فكان متوقع رده فعل غير كذلك بالمره لانها بالاخير صديقتها، لكن اذا كانت صديقتها بحق فكيف تفعل شيء كذلك وهي تعلم جيد بأنه سيؤلمها وهو نفس الأمر أيضاً أحبها بصدق وتزوج عليها صديقتها، فغر شفتيه مرددًا باندهاش


= يعني ايه؟


رسمت الجمود والقوى الوهمية عليها ثم كتفت ساعديها مرددة باعتراض واضح


=يعني سيادتك عمال تحسبها عشان تدور على مصلحتك ومصلحه الهانم ازاي ترجعلها بعد ما تطلقتني عشان ترضى عنك مش كده؟ و مش بعيد تكون هي كمان اللي قالتلك ده شرطها عشان توافق ترجعلك، وانا اللي اداس في الرجلين؟.. لكن انا بقى مش عاوزه اطلق ومش هتنزل عن حقي فيك زيها واكتر .


** ** **

يـتـبـع.

الفصل السادس 

_________________


شعر ببرود عجيب يحتاجه بتلك اللحظة فكان متوقع رده فعل غير كذلك بالمره لانها بالاخير صديقتها، لكن اذا كانت صديقتها بحق فكيف تفعل شيء كذلك وهي تعلم جيد بأنه سيؤلمها وهو نفس الأمر أيضاً أحبها بصدق وتزوج عليها صديقتها، فغر شفتيه مرددًا باندهاش


= يعني ايه؟


رسمت الجمود والقوى الوهمية عليها ثم كتفت ساعديها مرددة باعتراض واضح


=يعني سيادتك عمال تحسبها عشان تدور على مصلحتك ومصلحه الهانم ازاي ترجعلها بعد ما تطلقتني عشان ترضى عنك مش كده؟ و مش بعيد تكون هي كمان اللي قالتلك ده شرطها عشان توافق ترجعلك، وانا اللي اداس في الرجلين؟.. لكن انا بقى مش عاوزه اطلق ومش هتنزل عن حقي فيك زيها واكتر .


تطلع فيها بغضب ظهر في نظراته المحتقنة نحوها وكذلك صوته وهو غير مصدق شخصيتها الجديده والسيئة التي ظهرت 


=انا مش عارف هو انا اللي اتخدعت فيكي ولا حنين ولا انتٍ كده من الاساس.. على الأقل أنا معترف بغلطتي مش بقاوح وشايف ان احنا الاتنين غلطنا في حق حنين! هاه حنين اللي ساعدتك تلاقي شقه وسكن بعيد عن أهلك اللي رموكي وما استنتش مقابل واللي اعرفه انكم تعرفوا بعض من زمان وأكيد دي مش اول مساعده تعملها ليكي ولا تقف جنبك.. وانتٍ ما فكرتيش في كل ده حالياً وكل اللي فكرتي فيه مصلحتك اللي بدأتي تفكري فيها على حسابها مش كده .


ضغطت على شفتيها بضيق شديد لأنها بدأت تشعر بالذنب وتأنيب الضمير بالفعل اثر كلماته وتألمت أكثر من جفائه المريب معها، فقالت بصوت مؤلم 


= هو انت عاوز تطلقني و تخرب بيتي عادي و اقف اتفرج عليك وما اشتكيش ولا اتكلم.. مش كفايه ان انا اتنازلت ولا طلبت منك اي حاجه زي اي عروسه حتى أهلي يعتبر عادتهم عشانك لما يعرفوا ان انا عملت حاجه زي كده من وراهم.. يعني حياتي خربت من ناحيتين وفي الآخر عاوز تسيبني وانا اللي اشيل الليله كلها والغلط عندي وبس.


تصنع الجمود و تتعمد إلى إخفاء توتره من شعور الذنب وان شخص ظالم لكنه حقا لا يريد ظلمها أكثر من ذلك، فكل شيء صار في علاقتهما القصيره إلا وهو تهور منهما وليكن صريح مع نفسه هو يحاول الانفصال عنها على امل أن تعود حنين له! 


لكن حتي اذا كانت حنين ليس لديها مبررات قويه لما كانت تفعله معه فكان سيقدم على تلك الخطوه فهو لم يشعر بالسعاده ولا اي شيء جديد الذكر في علاقتهم التي لم تنشأ إلا بأيام ناهيك على ذلك كان يجب أن يفكر جيد في مشاعر زوجته عندما تزوج صديقتها المقربه، ليردف بصوت جاد 


=احنا التلاته بحنين يعتبر بندفع ثمن كل أخطأنا وبعدين معلش في الكلمه ما تجيش تطلبي مني حاجه انتٍ بنفسك اتنازلتي عنها وما فكرتيش فيها من الأول وجايه تلوميني انا بدل ما تلومي نفسك... انا ولا منعتك تقولي لاهلك ولا قلتلك ان انا مش هديكي حقوقك.


أدمعت عينها وظلت أنظارها عليه وهي تشعر باهانه كبيره وخساره أكبر، فهي الآن تلتصق به بينما هو يريد الانسحاب قبل أن تختبر معه مشاعرها الأنثوية لم تنكر أنها تمتعت معه كثيرًا، لكنها لم تتوقع أن يسقط قناعها الزائف وتنكشف حقيقتها وأنها كانت تعجب بتصرفاته مع زوجته و تتمنى طول الوقت زوج مثالي مثله وليس زوج صديقتها نفسه..


لكنها علمت بالنهايه ليس من المحتمل أن يعاملها بنفس الطريقه الذي يعامل بها زوجته لان السبب بسيط هو يحب حنين لكن هي لا، واستخدم هذا الزواج كارد اعتبار لكرامته لا أكثر ويجب ان تعترف بصراحه لانها كانت تعلم ذلك ومع ذلك وافقت فلما تلومه الان، وتحمله الذنب كله؟؟. 


هزت رأسها بالنفي وقد ارتجف صوتها


= بس انا مش عايزه أطلق! جايز فعلا غلطانه ان انا اخترتك انت بالذات وجرحت حنين اقرب واحده ليا وعلى رايك ساعدتني ومش هنكر كل ده بس مش عاوزه ارجع لوحدي تاني.. لان انا متاكده اني برده خسرتها .


مط فمه ليبدي انزعاجه، ثم تحدث من زاويته قائلاً بجدية 


=ما هي مش هتكون عافيه يا زينه.. خلينا نمشيها أحسن بهدوء وبلاش عند و خناق على الفاضي لاني مش هيفيدنا إحنا الاثنين وأنا هعمل اللي قررته وهعمل لمصلحتك قبل مصلحتي... صدقيني اللي انتٍ بتدوري عليه فيا مش هتلاقيه وانا مش هعرف اديكي حاجه بعد كل المشاكل اللي حصلت دي كلها.. وبعدين جاهز ربنا يوعدك باللي أحسن، بس عشان خاطري كفايه اكتر من كده خساير ونوجع بعض.


صمتت لثانية وقد خفق قلبها بقوة وهي تري نفسها أخيراً قد أخطأت وخسرت نتيجه هذا الزواج من أعز صديقه لها لم تفعل لها شيء سيء بحياتها إلا الخير لها، بالاضافه إلى حب طارق الكبير الى حنين والذي واضح بشده لتعترف بينها وبين نفسها بان حياتهم القادمه بالفعل لم تكون جيده إذا صارت بذلك الشكل 


لانها تزوجت شخص قلبه مع غيرها و السبب الرئيسي الذي تزوجته لاجله ولم تحصل عليه بالنهايه، ألقت نظرة مستسلمة عليه ثم ابتلعت باقي ما في جوفها مجبرة محاوله الحفاظ على الباقي من كرامتها لتردد بضعف 


= ماشي يا طارق اتفضل شوف هتجيب المأذون ولا نروحله.. واقول لك على حاجه كمان تريحك خالص انا هسيب البيت هنا وأدور على سكن بعيد عنكم.. بس عشان خاطري لما تقابل حنين تاني قولها تسامحني وأنها ما عرفتش عملت كده ازاي فيكي وانها بتحبك وكنتي احسن واجدع صاحبه ليها وعمرها ما هتنساكي.


❈-❈-❈


وقفت حنين مشدوهة مما تسمعه بعد معرفتها بالاتفاق الذي حدث بين طارق و أمها بأن بعد طلاق زينه ستفكر بالعوده له واعطاه فرصه اخرى، لم تصدق حديث والدتها عندما اخبرتها بالفعل بأنها لم تمانع اذا كانت لديها رغبه بالعوده له وتعتبرها مجرد غلطه ولم يفعلها مجدداً... لكن كيف تبقي على ذمته بعد ما صار.


ظلت حنين في مكانها وهي تهتف بحدة


= وانتم مين قال لكم بقى ان شاء الله ان انا هرجع حتى لو طلقها وهي كده المشكله اتحلت؟؟ بسهوله كده هنسى يا استاذ طارق انك اتجوزت صاحبتي عليا في لحظه متهوره زي ما قلت! اضمنك انا منين ما تجيش لحظه تاني زي دي وتروح لغيرها طالما عملتها مره .


تدخلت أمها في الحديث وهي تقول بجدية


= كلنا شاهدين عليه أهو وهنعمل قعدت صلح وهناخد منه اعتراف بلسانه أنه لو عملها تاني الثمن هيكون أكبر ونعمل ما بدلنا فيه، لكن هو عمال يحلف قدامك أهو انه مستحيل يعملها تاني... ومع ذلك خذي كل الضمانات اللي انتٍ عاوزاها بس عشان خاطر اللي في بطنك فكري كويس أنه ما لوش ذنب يتربى بين ابوه وهم منفصلين.


حمحم طارق وهتف قائلاً بتردد 


= أنا اسف يا حنين على اللي عملته، وانا بوعدك اهو وحليت كل حاجه.. بس لازم نقعد مع بعض الاول.. قبل ما كل ده يحصل عشان كل واحد يقول اللي جواه وما نغلطش تاني وحياتنا تمشي زي ما احنا عاوزين وما نخبيش على بعض حاجه. 


ابتسمت بسخرية مريرة ثم هتفت بنبرة حزينة


= يا ريت تسمع كلامي أنا وما لكش دعوه بماما وتطلقني.. انا مش عارفه جبت منين ان انت لما تطلقها كده كل حاجه اتحلت 


هز رأسه برفض تام وهو ينظر لها بنظرات نادمة مرددًا 


= لأ مش هيحصل، انتٍ ليه مش عاوزه تصدقيني وتسامحيني مع انك غلطانه زيي وانا اهو طلعتها من حياتنا و انتٍ اللي دخلتي من الأساس وسبتلها الفرصه دي.. صدقيني كل حاجة هاتتصلح وهتبقى أحسن 


تجهم وجهها بإصرار وهي تردد بلهجة آمــرة


=انت بتحلم في غلطات ماينفعش تتصلح و

و طلقني لا إلا هاخلعك!! 


توتر قليلاً ثم نظر إلي خالته برجاء لتقول بتنهيدة طويلاً


= خلاص يا طارق سيبها شويه تهدى وبعد كده يبقى نتكلم! 


لم تقف حنين طويلاً أو حتى تستمع إلى حوارهما مجدداً بل قامت بالتحرك إلى غرفتها، واستقلت فوق فراشها فهي لم تعد راغبة في البقاء في نفس المكان معه فلقد هــان عليها وهانت هي عليه فحتى وان أخطأت أيضاً.. لم يعد له مكاناً في حياتها فلقد ذبحت بيده وأكملت والدتها بقية الذبح بنفس السكين فكيف ستضمد جراح قلبها وروحها الممزقة منذ طفولتها التي لا يعلمها أحد حتى الأن.....


❈-❈-❈


بعد رحيل طارق دخلت لها والدتها وتوقعت أن تعنفها علي رفضها للرجوع لكنها احتضنت وجهها بين راحتيها ماسحة بأناملها عبراتها وهي تردد بصوت هادئ


= ممكن بلاش تنشفي دماغك وتسمعيني، خلينا نفكر بالعقل انتم الاتنين غلطوا وهو اهو طلعها من حياته عشانك وطلقها عاوزه بقي إيه اكتر من كده بعد ما قال لك مستعد يسمع كل طلباتك ويوافق عليها.. 


حل الوجوم على وجهها وهي ترد مستنكرة


= يا سلام الموضوع بالبساطه دي ثم انا اصلا ما قلتلهوش يطلقها ولا يخليها يعمل مبادله انا خلاص طلعته من حياتي ومش ناويه ارجعله تاني.. أصل الحكايه سهله يروح يدور على غيري ولما لاقي نفسه مش مرتاح معاها يدور على القديمه، وانا أخذه بالحضن واوافق على طول عادي واقول له معلش يا حبيبي ولا يهمك، اوعي تكوني فاكره أنه طلقها عشاني لا هو سابها عشان لقي نفسه مش مبسوط معاها 

هو ولا بيحبني ولا نيله كله كان مجرد كلام .


أبتعدت عنها بهدوء زائف وبدأت تردد بصوت حزين وضعيف لأول مره تظهره 


= انا اكتر واحده عارفه يعني ايه وجع جوزك يتجوز عليكي تحت أي سبب وظرف وجربته، 

واكيد ما نفسيش كمان أنك تدوقي اللي انا ذقته زمان، عمرك سألتي نفسك انا ليه ما اتطلقتش من ابوكي رغم كل اللي عمله حتى المصاريف ما بيدفعش.. مش حبا فيه أكيد انا كرهته من زمان بس لاني لما سابني لوحدي بدات انزل واشتغل واتعامل مع الناس كنت بشوف و بسمع اوسخ معامله اول ما يعرفوا ان جوزي مش موجود واحتمال اكون مطلقه.. عشان كده ما طلبتش الطلاق قلت كده كده ولا هتجوز ولا هشوف حياتي بكوم العيال اللي في رقبتي دول.. واي حد كان يسالني اقول هو ساكن بعيد عننا لكن انا ست متجوزه ولسه على ذمته .


دومًا تسأل نفسها حينما تختلي بها لماذا تقبل أمها بكل ذلك الذل والهوان مع أمثال والدها الذي مع الاسف من أشباه البشر؟ أليس من الأسهل الانفصال و نسيانه مثلما فعل، أليس من الأهون الابتعاد عن ذلك الجحيم؟ ولكن فجاتها والدتها بسال هل يقبل المجتمع بامرأةٍ مطلقة.. وهي ستطلق فقط بعد أشهر معدودة من زواجها؟ وحامل أيضا !. 


نظرت إليها أمها بأسفٍ شديد، ثم استدرت برأسها لتتحدث قائلة بعتابٍ


= الطلاق مش سهل زي ما انتٍ فاكره واللي هيسندك يوم اثنين وثلاثه مع الوقت مش هيكون موجود.. ولو هو كويس دلوقتي معاكي ومستعد يشيل مصاريف ابنك اللي لسه هياجي، بكره لما يزهق من حكايه انك مش عاوزه ترجعيله ويستسلم للامر الواقع هيدور على غيرك زي اي راجل ويتجوز ثالث! ومين عالم لاما هو هيتغير لا أما اللي جايه دي هتحكم عليه ولا يعبرك بقرش واحد و هترجعي تشيلي القرف اللي امك شالته من جديد.. وبكره لما الجديدة تخلف هينسى كمان ابنك زي ما ابوكي عامل معانا دلوقتي


تلك العبارات المقيتة التي ترددها أمها على مسامعها تشعرها بأنها أقل شأنًا خاصة إنها كانت تضع في نفس الموقف من قبل، لكنها اعترضت مبررة موقفها بحذرٍ


= هي الحكايه سايبه في محكمه هرفع عليه قضايا وغصب عنه ملزم يدفع ويكون موجود ويربي معايا، حتي لو اتغير ولا راح شاف غيري مش عاوزه منه حاجه غير انه يشيل مصاريف ابنه ولا انا مع الوقت انزل اشتغل.. بس مش هخلي حد يتحكم فيا، وبعدين الطلاق ساعات بيكون اريح كتير ومش وحش زي ما انتٍ حاطه في دماغك كده انتٍ بس اللي اخترتي الطريق السهل عشان مش عاوزه توجعي دماغك.. لكن انا مش انتٍ . 


ابتسمت أمها بصعوبة وهي تقول لها بهدوء لتخفي ما يشتعل في صدرها من غضب مبررة


=يا ريتك ما تبقيش زيي مش هكره وبعدين ما يعتبر عملت زيك كده قلتله مش عاوزه حاجه ومش هتلوي دراعي وانا اللي هصرف بس الفرق أن ما اتطلقتش، بس عارفه ايه اللي حصل؟ ساق فيها ولما صدق ان انا نزلت اشتغل وشلت عنه حمل العيال وقال كفايه اللي بيصرف عليهم هناك في بيته التاني! و حتى الكام يوم اللي كان بيجيهم ونشوف وشه ويشوف عياله عشان يدينا المصاريف بطلهم  وندمت ندم عمري على اني نزلت اشتغلت واديتله الفرصه دي بس ما عرفتش ارجع! مش ضامنه لما اقعد هيرجع تاني يصرف امتى وانتم كنتم محتاجين مصاريف فما كانش عندي الاختيار اني اجرب واقعد من جديد واستنى اللي يصرف عليا..


فغرتُ ثغرها مشدوهة مما تسمعه منها، كانت صريحة بصورة مزعجة ومؤلمه للغاية لدرجه انها شعرت بالتوجس من القادم بالفعل

أصابها النفور وشعرت بنغصة قوية في أسفل معدتها لتبدأ تردد بشجاعة زائفة 


= بس اكيد الوضع مختلف انا هو عيل واحد، يعني حتى لو اتجوز مش كثير يعني عشان يصرف عليه.. وبعدين الموضوع بيختلف حسب الراجل وتربيته! انا اسفه يعني بس بابا عمره ما كان في طبع الحنيه من الاساس وصفات كتير مش عاوزه اقولها.. بس طارق متهيالي لا.. اكيد مش هيعمل كده . 


اجابتها بهدوءٍ حذر مترقبة ردة فعلها 


= شفتي انتٍ قلتي ايه بنفسك متهيا لك لسه هتتحطي في الوضع وتجربي، وخلي بالك لو اتحطيتي مش هتعرفي ترجعي عشان كده انا بنصحك ما تخيبيش خيبتي! على الاقل الواد لسه شريكي لكن انا ابوكي رماني خالص وما كانش حتى باقي عليا ولا افتكر سنين العشره ولا رجع يقول زي جوزك اسف وانا ندمان... تعرفي ان انا اتمنيتي أنه يعملها كتير كنت بقعد اقول لنفسي ده انتٍ الاصيله برده أكيد الجديده دي هتقرفه في عيشته ويرجعلك..

وكنت برده رغم كل اللي عمله هسامح عشانكم.. بس للاسف ما جاش يا حنين. 


انقبض قلبها بقوة لسماع مثل تلك الأمور تجعلها تشعر بقله الحيله والعجز والخوف، فلم تفهم هل والدتها تقصد ذلك كمحاوله لتنصحها  بالفعل حتى لا تقع بنفس الطريق، فربما هي من مئات الزوجات اللاتي يعانين في صمت، يتجرعون الظلم والقسوة ويصمتون لا مجال للشكوى في حياتهم المريرة وتراها أمها مثلها كل شيء يهون فقط من أجل الصغار حتي لو فاض الكيل، رددت بلا وعي وقد احتقنت الدماء في عروقها


= هو انتٍ عاوزه ايه ارجعله كده بعد ما هان كرامتي وهنت عليه وما لقاش إلا صاحبتي يتجوزها عليا، يا ماما انا اتخدعت في الاثنين

ويا ريت ما حدش يقولي انتٍ السبب الكويس والاصيل مهما يكون حوالي 100 واحد هيعرف ازاي يصون اللي بيحبه... 


ثم تابعت وهي تصيح فيها تدافع عن كرامتها المغتالة على يد زوجها و صديقتها وهي تنظر لها شزرًا 


= وبعدين بلاش الضعف ده هو اللي بيخليهم يركبونا اكتر ما يغور في داهيه إذا كان هو ولا ابويا مش نهايه الكون، انا مش قادره اسامح ولا انسي اللي عمله فيا ولا حتى زينه! صاحبه عمري، انا عارفه انهم مش مسميين نفسهم خاينين عشان اتجوزها يعني بس انا غصب عني ست وهحسبها كده عشان ليا مشاعر وحاسه نفسي مقهوره وما استاهلش الغدر ده.. 


لوت ثغرها بتأففٍ واضح وهي تجيبها بأسف 


= هو فعلا كله حاسبها كده بالذات لما يعرفوا انك كنتي بتمنعي نفسك عنه وهيقولوا احسن ما كان يعمل حاجه حرام ولا عيب مع واحده واتجوزها وده شرع ربنا .


تلألأت العبرات في حدقتها تأثرًا، ثم كفكفت دمعاتها قبل أن تنهمر مرددة


= انا عارفه كل ده! بس هو يعتبر عمل لمصلحته هو مش عشاني، عشان يرضي ربنا اتجوزها بدل ما يقع في الغلط.. بس انا ايه فايدتي من كده؟ ما بسبب ده موجوعه 


هزت رأسها باعتراض وهي تقول بنبرة جاده


= طول ما عماله تفكري في القديم مش هتنسي ولا هتعرفي تدي فرصه ثاني! خلينا واقعين انتٍ مش هتسامحي، بس فكري في كلامي كويس وبالعقل كده عشان خاطر ابنك وعشان خاطر الكلام اللي قلتهلك.. استنزفي فرصك عشان المره الجايه لما تسيبي خالص ما تبقاش فيها راجعه وضميرك يكوني مرتاحه وانتٍ سايبه، وبعدين ما تفتكريش عشان بنتي مش هغلطك برده ايه حكايه انك كنتي بتمنعي جوزك عنك دي، ومش عاوزه يشوف غيرك . 


هوى قلبها في قدماها من الصدمةٍ وبدأت تتحدث بحرج وتوتر علي أمل أن تفهمها في ذلك الأمر الصعب 


=ماما انتٍ مش فاهمه الموضوع.. آآ أنا ما كانش بمزاجي بس ما كنتش حابه اللي بيحصل و مش عاوزه ودي تاني مشكله مخلياني مش عاوز ارجع لاني لسه مش عاوزه واكيد بعد اللي حصل اكتر هلاقي نفسي مش قادره 


تحدثت من زاوية فمها قائلة بامتعاض ساخط


= بطلي بقى هبل واعقلي الكلام وهي الرجاله بتتجوز إلا عشان الموضوع ده لما تمنعيه بقى كانك بتديله فرصه واثنين وثلاثه ان يشوف غيرك.. فكري وحلي الموضوع ده مع نفسك  لازم تقبلي وده حق جوزك عليكي أصلا عشان لما ترجعي ما يعملهاش ثالث مره.. وكل اللي حواليك هيدوا لي كل الأعذار ساعتها، إيه يعني لو جيتي على نفسك شويه و واحده واحده الامور هتتصلح .


ربتت على كتفها بقوة فتألمت بصوت خفيض وهي تشعر بتلك النغصة العنيفة تعصف بها، فكانها تخوض معركة حامية داخلها.. حافظت على بسمتها الباهتة وهي تهمس ببؤس 


= ما فيش فايده ولا انا فاهمه نفسي ولا حد فاهمني...


لكن مع كل ذلك ربما كانت محقة في وجهة نظرها، فما ذنب صغير يأتي إلى الدنيا ليعاني من فراق أبويه، لكن مع الاسف الأمور لم تعد كما كانت في سابق عهدها....


و رغم عنها بدأ عقلها يفكر بكل كلمة قالتها أمها، و تساءلت هل تظل بمنزل والدتها مع طفل لا تعرف مصير مستقبله، أم تصر علي إختيار الإنفصال وتتحمل النتائج! لكن هل من الممكن يتملكها إحساس الندم لانها لم تضحي من أجل من لا يستحق ؟!. 


الإختيار بين هدم المنزل وبين جرح كبريائها حقا كان صعبه للغايه عليها.


❈-❈-❈


مرت عده أيام على نفس الوضع حتي أن هياتم والدته عادت وقد علمت ما حدث و عتابته بشده، ولم يجد طارق اي شيء يفعل غير ان ينتظر على أمل ان تسامحه وتعود اليه من جديد.. وحتى يخرج من تلك الاجواء بدا يعود للعمل من جديد، وقف في احد العيادات الطبية الذي طلبته لتركيب الكاميرات في المكان، ليهتف بصوت عالٍ 


= يلا يا ابني منك لي خلص بسرعه عشان ست الدكتوره تلحق تروح بدري وتقفل العياده....


تقدمت في تلك اللحظه سيده تدعى أمل في عمر الاربعينات، لتردد بامتنان 


= كده يبقى حسابك خلاص وصل انا متشكره جدا انك عرفت تخلص تركيب الكاميرات في الميعاد المطلوب بالظبط، لاني كنت ناويه افتح العياده من بعد يومين وكنت محتاجه اركب الكاميرات دي ضروري بعد اخر مره اتسرقت والشغل كان هيقف وخساير عليا طبعاً 


رد طارق عليها بعدم اكتراث


= العفو انا ما عملتش حاجه ده واجبي! اتاكدي بس قبل ما نمشي ان كل حاجه شغاله و لو احتاجتي اي حاجه عينيا وانا اديتك الكارت عليه ارقامي عشان لو في اي حاجه عطلت معاكي .


ردت عليها بابتسامة متسعة


= لا كل حاجه فعلا مظبوطه والشخص اللي دليني عليك، كان معاه حق لما قالي ان حضرتك فعلا شخص أمين وبتعمل شغلك في المواعيد المظبوطه.. على العموم ده كمان الكارت بتاعي اذا احتجتني ولا حاجه انا تحت امرك برده 


عقد حاجيبة باهتمام وهو يقول بهدوء


=تصدقي عملت لك الشغل وما خدتش بالي ان حضرتك اصلا دكتوره فاي تخصص.. ايه ده؟ هو حضرتك دكتوره اخصائيه في استشارات العلاقات الزوجيه.. 


تعجبت الدكتورة أمل من حالة الدهشة المسيطرة عليه فجاء مردده بغرابة 


= آه مالك في حاجه؟ 


التفت ناحيتها بارتباك ثم هز رأسه بتفكير وهو يقول بغموض


= لا آآ خالص بس اول مره اقابل يعني حد بيشتغل في المواضيع دي بس بسمع عنهم أكيد.. هو حضرتك قلتلي هتفتحي العيادة بعد كام يوم بالضبط .


❈-❈-❈


في منزل عائلة حنين جاء طارق وأصر أن يتحدث معها ورغم رفضها التام الا أن اضطرت تستسلم في النهايه بسبب ضغط والدتها عليها

بانها يجب ان تسمع اليه وترى ماذا يريد اولا وبعدها يحق فعل ما تريد، أولته ظهرها وهي تتحدث بجفاءٍ


= خير مصمم تقابلني ليه طالما مش جايب معاك الماذون، وفين ورقة طلاقي ؟؟


تحدث طارق بصوت هاديء


= حنين اسمعيني بس الأول.. 


اقترب طارق من حنين ولكنها أبتعدت من أمامه فلم تطيق الوجود بقربه حاول قد استطاعته أن يهدئها لكنها كانت تثور في وجهه، وهي تردد بانفعال 


= انا مش عاوزة أسمع حاجة منك غير انك تقولي انتٍ طالق وتروح تشوف حياتك مع واحده ثالثه لو عاوز كمان! بس يا ريت المره الجايه ما تختارش واحده من صحابي.. انت واحد ظالم ومفتري أنا بكرهك و مش طايقاك 


ضغط على شفتيه للحظةٍ، ثم أخبرها بعد زفرة سريعة


= أنا أسف على اللي حصل معاكي حق في الحته دي انا غلطان فعلا، بس غصب عني أنا مجاش في بالي خالص انك آآ... عندك مشاكل في الموضوع ده واللي لسه لحد دلوقتي ما اعرفهاش كلها.. حقك عليا أنا غلطان 


نظرت إليه بطريقه مهمومه و عقبت في نوعٍ من العتاب


= وانت مفكر بقى بعد ما تعترف بغلطتك و تعتذر ولا تطلقها حتى كل حاجه هترجع زي الاول..طلقني وابعد عني بقى وسيبني في حالي ما فيش حاجه هتتغير ريح نفسك حتى في الموضوع ده بالذات الوضع هيفضل هو هو وهترجع تدور على غيري يبقى ناخدها من قصيرها ونبعد عن بعض .


حاول أن يلملم زمام الأمور موجهًا حديثه لها بنبرة هادئة لكنها مُلزمة


=طب كويس انك فتحتي الموضوع ده عشان ده اللي جاي عشانه النهارده، بس أرجوكي افهميني الأول واعذريني زي ما انا حطيتلك اعذار انتٍ جرحتيني برده في الليله إياها فاي حد مكاني كان ممكن يعمل كده واكتر؟؟


امتلأت نفسها بقدرٍ من الكمدِ وهي تزم شفتيها مغمغمة في يأسٍ


= مش عاوزة أسمع حاجة.. مش عاوزة غير انك تطلقني وكل حاجة بينا انتهت خلاص انت معدتش ليك وجود في حياتي ولا كان ليك اصلا، ابعد عني يا أخي بقي 


ظل مطرقًا رأسه وهو يرد مشيراً بيده


=طب خلاص حاضر هبعد عنك، وهطلقك كمان لو عاوزه بس قصاد كل ده عندي شرط واحد ولازم احنا الاتنين ننفذه 


حنين نظرت إليه بحزن ربما بسبب انه وافق على الإنفصال رغم انها من طلبت، لكنها بسرعه رسمت الثبات ورفعت حاجبيها معترضة بقدرٍ من التهكم


= لا والله خنتني مع صاحبتي ومتجوز عليا وكمان انت اللي هتتشرط عشان تطلقني .


زفر بانزعاج وضيق من عنادها ليهمهم وهو يقول بازدراء


= يا ستي خلي طلب مش شرط! بس خلينا نستخدم اخر فرصه وانتٍ هنا مكانك لو عاوزه كمان؟ بس انا فكرت في حل لمشكلتنا ان لازم نروح لدكتوره ونتابع معاها اخصائيه يعني في العلاقات اللي زي دي... هو شهر واحد لو ما فيش حاجه اتغيرت وانتٍ مصره على الطلاق هعمل لك اللي انتٍ عاوزاه..


زوت ما بين حاجبيها متسائلة باستغراب وقد اعترت الدهشة ملامحها 


= دكتوره! هي ابله عبير اتكلمت معاك في حاجه


نظر لها باستغراب وهو يقول بصوت مهتم


= عبير مين مرات اخوكي لا خالص بس هي كمان برده اقترحت عليكي انك لازم تروحي لدكتورة؟ عشان تعرفي ان انا بتكلم لمصلحتك ومعايا حق...


انفرجت شفتاها معبرة عن دهشة حانقة من طلبه المستفز للأعصاب، لكنها اعترضت باحتجاج 


= أنا مش هفضل ثانية واحدة على ذمتك، هو انا ايه اللي يغصبني على كده 


أصر طارق على رأيه هاتفًا بتصميم وبقله حيله


= يا حنين افهميني احنا ما كملناش سنه على جوازنا، ولما اطلقك بعد خمس ست شهور انتٍ مش هتسلمي من كلام الناس ولا حتى الاهل.. فخلينا نستنى شويه ونستخدم كمان الفتره دي فاللي انا طلبته منك وبعدين مش هتخسري حاجه.. هو شهر واحد بس وهنطلق 


نظرت له بأعينٍ مشتعلة بحمرة مغتاظة، لكنها استشاطت غضبًا في لحظة وهي تقول


= ملكش دعوة بيهم أنا هتصرف.. وبعدين يولعوا الناس أنا مش عاوزة حاجة من حد كفاية أوي كده، انت جرحتني ومش هستنى لما تعمل حاجه اكتر من كده 


تبعها بعينيه المتشوقتين بنظرة عميقة ليقول في حبورٍ


= أنا خايف عليكي والله عشان.. أنا لسه بحبك ومش هستحمل كل ده يحصلك بسببي تاني عشان كده فكري كويس وطاوعيني.. جايز يكون الامل هنا وترجعي في قرارك ده .


تذكرت كلامه المعسول بالماضي وحبه على هذه الشاكلة من تنهيدات مفعمة بالأشواق اخترقت وجدانها حينها وأسكرتها بلا تردد لكنها بالنهايه استيقظت على الأوهام و الأمنيات المريرة... فلم تقع في شباكه مجدداً وتفيق على كابوس مزعج .


افترت شفتاها مستهجنة فما كان منها إلا أن أوضحت له بمرارة


= خايف عليا؟؟ تقوم تتجوز عليا صاحبتي ما تقولش كلام انت مش قده؟ انت واحد مش بتحب إلا نفسك وبس.. دلوقتي بس خايف عليا وعلى مشاعري انت عمرك ما حبتني انت طلعت أكبر كدابه عرفتها في حياتي.. 


مسح علي وجهه المتجهم قبل أن يرد بصوته الشبه المختنق


= حاضر هطلقك بس زي ما قولتلك مش دلوقتي وده آخر كلام عندي! تيجي معايا شهر واحد بس نتابع مع الدكتوره والقرار ليكي في النهايه لا اما مش هتطلقك واعملي مبادلك بس شوفي مين هيرضى اصلا يخليكي تروحي للمحاكم وترفعي عليا قضايا انا عارف كويس ان اهلك هيمنعوكي بالذات والدتك... 

عشان كده بقول لك يا بنت الحلال خلينا نحل الموضوع ودي .


رمقته بنظرة مطولة لكنها جامدة تحمل كل معاني الغيظ والحقد ولم تجيب عليه، ليقول مرددًا بنبرة عازمة 


= برده ما فيش أمل براحتك عن اذنك.. بس حاولي تفكري فيها تستحمليني شهر واحد وبعد كده تخلصي مني مدى الحياه لا أما هتفضلي كده .


سادت في ملامحها لمحاتٍ من التوتر، فهو كان محق هي لم تستطيع الإقدام على هذه الخطوة حتى الآن لضيق الامور عليها من طرف والدتها التي حدثتها بمنتهى الصراحه عن خطوره هذه الخطوه ولإنفاقه الكامل على ابنهما في المستقبل وبالوقت الحالي، نظرت إليه مترددة فتنحنحت قبل أن ترد بعد تنهيدةٍ خافتة


= آآآآ استني... طب انا اضمن منين انك بعد الشهر ده فعلا هتطلقني ومش هتضحك عليا 


تبدلت تعبيراته المتجهمة وصارت أكثر ارتخاءً وسرورًا ثم أطلق تنهيدة بطيئة من صدره وقد تألق في عينيه نظرة متحمسة


= خدي كل ضمانتك، المهم انك وافقتي!. ايه رايك نروح من بكره وانا اديتها خلفيه عن علاقتنا ببعض ؟!. 


❈-❈-❈


بهدوءٍ حذر سحبت الطبيبه أمل المقعد و جلست أمامهما وفي يدها عده اوراق، لتطالعها بتركيزٍ دقيق ما كُتب على الورقة ظلت على هذه الوضعية الساكنة لعدة دقائق ريثما فرغت من مراجعة الاوراق بأكملها دون أن تنبس بكلمة، أعطاه للزوجين الجالسين امامها، ثم نظرت إليهم من طرف عينها وبدأت تبتسم مرددة 


= تمام انا خدت خلفيه بسيطه عن علاقتكم ببعض! وبعض المعلومات اللي تخص استاذ طارق فدلوقتي دورك يا حنين.. عاوزاكي تقولي كل حاجه تخطر على بالك ونفسك تقوليها وتتخيليها


تنحنحت حنين قبل أن تجيبها بارتباك 


= هو مش المفروض اكون لوحدي؟ انا كنت بشوفهم كده في التلفزيون بالعيادات النفسيه 


اجابتها الطبيبة بهدوء وهي تطوي نظارتها الطبية بعد أن نزعتها من على أنفها 


= صحيح بس كل واحد وطريقته وبعدين انتٍ هنا مش في عياده نفسيه مجرد استشاره بتستشيريها من حد قريب منك او بعيد عنكم وحاسه انه عنده خبره عندكم في الحاجات دي فبلاش تفكري في الامور كده.. وبعدين انا قصده انكم تكونوا قصاد بعض وكل واحد بيحكي اللي جواه عشان ده هيفيد في علاقتكم جدآ قدام والفرق هتشوفوا بنفسكم! صحيح الموضوع في البدايه هيكون صعب بس بعد كده هتتعودوا وده هيشيل عنكم حاجات كثير قدام 


تنهد طارق براحه فكان لدي فضول كبير ان يعرف أسبابها، بينما راحت حنين تردد بلا صوتٍ في توجسٍ طفيف


= مش عارفه احكي ايه ولا ابدا منين،اول مره ممكن اتحط في المواقف دي ولا حد يسالني اصلا 


ابتسمت بتشجيع ثم هتفت أمل بصوت جاد


= ابداي من البدايه يا حنين! كل مشكله بتحصل بتبقى سببها لاما الاهل اما مواقف حصلت واحنا صغيرين وبتتراكم لحد ما نكبر معانا عشان كده يلا احكي من البدايه.. و بالتحديد لما كنتي طفله صغيره وطفولتك كانت فيها ايه حلو ووحش .


فركت يدها بتوتر وهي تنظر إلى الاثنين على استحياءٍ، ثم بدأت تشرد بالفعل في الماضي وبالتحديد عندما كانت طفله صغيره، وبدات مقتطفات تمر على ذاكرتها !!. 


بدت علامات الانزعاج جلية على قسماتها، ثم لوت ثغرها معبرة عن ألمها 


= ما فيهاش حاجه حلوه يعني انها تتحكي او افتكرها، انا ليا اخين وانا البنت الوحيده بينها بس اخويا الكبير مات وهو عنده 37 سنه في حادثه عربيه... وماما و آآ بابا.. اللي سابنا و احنا صغيرين وراح يتجوز وخلف وما سالش فينا بعد كده ولا كان يعرف عننا حاجه خالص ولا كان بيهتم.. بس ما بقاش يوحشني ولا بفكر فيه ولا بقيت عاوزه يرجع أصلا.


سألتها الطبيبة بهدوء مستفهمة 


= طب لو قلت لك يا حنين حاولي ترجعي بذكرتك لورا شويه ايه اللي هتفتكري اول حاجه من طفولتك؟!. 


ظهر على ملامح وجه حنين الضيق، فعبرت لها عن مخاوفها بصوتٍ شبه مهموم


= عادي يعني كنت بلعب زي اي طفله صغيره مع ولاد الجيران وقرايبي! وبروح المدرسه واتعلم و...


أردفت الأخري علي الفور مهتمة


= كملي يا حنين ايه اللي افتكرتي وجي في بالك في اللحظه دي... 


انحشرت أنفاسها وتحشرج صوتها وهي تكرر

بهروب من الذكريات والواقع القاسي عليها 


= خناقات بابا وماما اكتر حاجه بفتكرها مش بنساها خالص، كانت بتتكرر كثير قدامي حتى وانا نايمه بصحى على صوتهم! 


أبقت بعدها على سكوتها المرير فاستمرت الدكتورة في الاستفسار بشيءٍ من الاهتمام


= كانت خناقاتهم عباره عن ايه فاكره إيه اكتر حاجه كانوا بيتخانقوا عنها..


نظرت إليها بعينين زائغتين وخاطبتها في صعوبةٍ


= كانت خناقاتهم دوشه كبيره وصوت عالي وزعيق وتكسير وضرب! و في الاخر بابا يغضب ويختفي كام يوم ويرجع يتعامل عادي ولا اكنه اهانه قصاد بعض.. كبير وصغير.. 


زوت ما بين حاجبيها متسائلة بإصرارٍ


= ايه هي كانت اكتر حاجه بتتخانقوا عليها يا حنين.. قولي إللي بيجي بعقلك على طول وتفتكريه 


انتفض كامل جسدها رهبة منها عندما تذكرت شئ ما لكنها خاطبتها مجددًا في إحباطٍ بائس


= عادي بيتخانقوا على المصاريف والاكل و الشرب ولو ماما نسيت تعمله حاجه هو طلبها منها حاجات تافهه أوي يعني هو انا كنت شايفاها كده في الاول.. و .. آآ و. وكمان كانوا بيتخانقوا على حاجه ما كنتش فاهماها في الأول أوي بس عرفت في الآخر ان هي دي كانت سبب كل المشاكل اللي هم فيها .


عقدت حاجيبها للاعلي قليلاً وهي تهتف بحذر


= ايه هي الحاجه دي! 


علق في حواف رأسها تلك الذكريات التي تسببت لها الحزن وإثارة حنقها بالوقت الحالي وهي تراهم في قمة سعادتهم الآن وهي تعاني هنا، عدلت عن رأيها في التمنع عن الحديث وحافظت على ابتسامتها المهزوزة وهي تجيبها 


= العلاقة بينهم! ماما جتلها فتره على 30 كده وتعبت جدآ وصحتها ما كانتش قد الأول! ويا دوبك كانت بتقدر تخدمنا وتشوف طلباتنا بالعافيه.. بس هو ما كانش عاجبه الوضع لان كان عاوز منها اكتر من كده.. لما كانوا بيتخانقوا بصوت عالي كنت ساعات بسمعهم  وكرهتها هنا العلاقة وبعد كده بابا كان بيقولها قدامنا عادي اوقات أصلا من غير خجل ولا كسوف، بس انا ما كنتش فاهمه في الاول هي ايه عشان كده ما كانش هو ده اللي بيضايقني اكتر من آآ اللي كان بيحصل بعد كده 


صمتت ولم تنطق فسألتها أمل محاولة حثها على الحديث معها


= لو قلتلك مسميها ساعتها كان ايه هتفتكري؟!. 


كفكفت ما انساب من دمعها بظهر كفها وهي تردد برفض


= مش عاوزه افتكر !. 


أصرت الدكتورة علي قولها هاتفه بنبرة جاده 


= حنين معلش حاولي وكملي.


هزت رأسها بضيق شديد وصاحت بها في وجوم


= عادي كان بيطلبها قدامنا ذي أي راجل مش بيهمه في حياته غير مصلحته بس ورغباته اللي ما بيفكرش غير فيها حتى لو على حساب غيره؟؟ يقول لها عاوزك جوه.. خلصي اللي في ايدك وتعالي.. أو نيمي العيال عشان ما يحسوش بينا.. أو كان في كلمه على طول بيرددها انا عاوز حقي فيكي عشان الملايكه ما تلعنكيش وربنا يغضب عليكي.


ظلت الطبيبه هادئه وهي تقول بعدم فهم زائف


= بس الكلام ده مش كفايه عشان يوضحلك ايه نوعيه العلاقه اللي بتحصل ما بينهم!. لا الا لو كان في حاجات اكتر بتوضحلك 


سدد طارق إلي الدكتورة لها نظرة نارية قبل أن يحيد ببصره عنها ضائق من ضغطها عليها وهي بتلك الحاله، لتشيح حنين بعدها بوجهها

وبدأت تتذكر ذكرى سيئه مع والدتها وابتسمت ابتسامة باهته وراحت تردد بانكسار 


= تعرفي بسبب الموضوع ده! امي عملتلي الختان.. لما فكرت اواجهها ان انا بعرف حاجه زي كده وهي ازاي بتعملها وهي مش طايقه ابويا أوي كده ؟!. وعشان ما لقيتش اجابه على سؤالي اتهمتني ان انا بنت مش كويسه وبدات افكر في مواضيع اكبر مني وعيب وكان الحل بالنسبه لها أنها تكتم اي رغبة او فكره جوايا ناحيه الموضوع ده 


بالماضي كانت حنين ترتعش بخوف شديد وهي تنظر الى والدتها وتلك المراه بقلق شديد في حين ردت الطبيبه باقتضابٍ وهي تتفرسها بنظرتها الثاقبة


= بس البنت مش محتاجه اي عمليه يا مدام زينب! هي عندها الأمور تمام جدا ما فيش حاجه محتاجاها زياده .


تفاجأت الأم من قولها لكنها نهرتها في نظرة صارمة وهي تخبرها بإصرار جامد 


= يا دكتوره شيلي واسمعي كلامي انا أدري ببنتي وبقول لك انها محتاجه؟؟. 


أدمعت حنين عيناها وذلك الشعور القوي بالقهر يسيطر عليها، باعدت عينيها عنها وهي لا تزال تتذكر ما اعتبرته تعاستها الأبدية، هتفت في تحفزٍ وهي لا تفهم فعل والدتها بتلك اللحظه هل كانت قاصدة تصيد الأخطاء لها لفعل ذلك الأمر 


= ما فهمتش هي بتعاقبني ولا خايفه عليا بجد؟ بس فاكره نظرتي ليها وانا بستنجدها وبترجاها ما تعملش فيا كده وهي تجاهلتني خالص.. عشان كده بعدت عنها من بعدها وانا مش قادره انسى ظلمها ليا، هل كان نتيجه جهل منها انها تقطع في لحمي أو كانت زياده حرص منها لما فهمت الموضوع ده بدري.. بس في كل الحالات الموضوع ده عملي عقده اكتر وما قدرتش اتخطى !. 


❈-❈-❈


مددت حنين جسدها فوق فراش العيادة لتبدا الدكتوره أمل بالكشف عليها من خلف الستاره، ثم أبتعدت عنها بأسف لتردد بحذرٍ وهي تخشى من وقعه الإجابة عليه


= الختام فعلا للاسف اتعمل لها بطريقه بدائي أو ممكن نسميه تشوه كمان، والموضوع ده مقصر عليها من ضمن العقد اللي عندها عشان كده هي مش عارفه تبدلك ولا حاسه بالاثاره النفسيه اللي بتعمل رهبه في العلاقه كلها .


أخفض رأسه بيأس و حزن عليها، وأبد ندمه الكامل هامس 


= كمان!. 


تحركت الطبيبه لتعود الى مكانها وتركت حنين خلف الستائر تعدل ثيابها وتقدمت خلفها ببطء، لتهتف الدكتوره أمل بجدية 


= للاسف بنات كتير بتتحط في نفس المواقف معلش بيبقى جهل منهم، عادات قديمه حصلت من أيام الفراعنه وبنمشي وراها من غير ما نفكر فيها كويس وايه اضرارها، هو صحيح في ناس بتبقى محتاجاها عشان تساوي وده اللي ربنا أمرنا بيه انما قصه لازم كل البنات تعمل عافيه حتى من غير كشف مبدئي ده اللي غلط وهنتحاسب عليه .


ظلت حنين متسمرة في مكانها، تُطالعهما بنظرات تحبس الدموع فيهما، لكنها لم تستطع وأطلقت العنان لأنهار العبرات متحدثة باعتراف موجع 


= أنا سمعت اهلي كذا مره وهم مع بعض و الموضوع ده عاملي عقده واتكلمت فيه

مع ماما علي فكرة ان احنا كبرنا وانا بقيت بفهم كل حاجه، و آآ بعرف أمتي حصل وامتي محصلش وهي عنفتني بالكلام وزعقتلي جدا ومفهمتنيش خالص واكتر حاجه بتضايقني أن في مشاكل اصلا بينا وبين ابويا وكل يوم كنا كلنا بنتجمع و نقعد ونبقا زعلانين من تصرفاته الوحشه معانا ومتضايقين من اللي بيعملوا فينا.. طب إزاي؟؟ وفي آخر الليل الاقيهم سوا فبقيت بقرف من العلاقة و من امي حقيقي بجد.. عشان كده ما بقيناش قريبين زي زمان حصلت بينا فجوه .


تبعثرت دموعها هنا وهناك أحست وكأن طاقة صمودها قد تبددت بالكامل، فانخرطت في نوبات بكاء أعنف متذكرة كيف أضاعت طفولتها وحياتها كلها وراحت تصيح بجنون 


= ما بقتش فاهمه حاجه طب ازاي هي كانت عماله تدعي عليه عشان ظلمنا معاه و تروحله في الاخر !! أنا حقيقي نفسي افهم ليه الموضوع ده موجود و ربنا خلقه عشان الراجل يتبسط ويتمتع ويظلم الست اكتر ويتحكم فيها مثلاً؟ ما هو اللي بيتمتع في الموضوع ده وهي لا، يبقى إيه لازمته في حياتنا كاستات.. غير ان في بنات ممكن تموت بسببه؟!. 


استصعب طارق البحث عن الكلمات المناسبة للتعليق عليها وهو يراها على تلك الحالة الخطيرة ومع ذلك الحديث الذي لم يتوقعه بأنها عاشت تلك اللحظات الصعبه، أستمر بالصمت وكأنه يمنحها الأخر فرصه بالفصح...


❈-❈-❈


تابعت حنين فرجة من شباك منزلها حركة سير المارة، إلى أن لمحت إحدى جاراتها المقربات تدني من بيتها، لحظتها تحركت من موضع جلوسها لكن أسرعت والدتها تجاه الباب لتستقبلها في الحال وبداوا التحدث حول موضوع تلك الفتاه التي لم تكمل عمرها 14 عام وقد توفت في ليله زفافها.... 


فكانت حنين تعرفها جيد حيث كانت تلعب معها وهم صغار مع بعضهم، لكن أصابت بصدمه كبيره حين علمت بأنها تزوجت قبل أيام ولم تراها مجدداً او تلعب معها... لكن عندما وقفت لتستمع الأحاديث الدائره بينهما قد علمت شيء خطير للغاية .


حينئذ تجهمت قسمات وجه زينب وقالت بفمٍ ملتوٍ


= لا حول ولا قوه الا بالله يعني البنت كده خلاص راحت فتيس! هو للدرجه دي كان غشيم معاها ولا في حاجه تانيه اهلها مدارين عليها .


اعترضت عليها المرأة بعبوسٍ وعتاب 


=اخص عليكي يا زينب نيره متربيه معانا و عارفين ابوها وامها كويس، البنت اتجوزت وهي صغيره ما كانتش فاهمه يعني ايه جواز وكانت خايفه ومرعوبه وهي قاعده في الفرح اصلا وعماله تترعش! والمعدول التاني كان غشيم بدل ما ياخدها بالراحه ويقدر ظروفها ويطمنها صمم يدخل عليها يومها عشان يتاكد من شرفها واهو اتاكد والبنت راحت فيها . 


مجددًا التفتت محدقة فيها بنظرة ناقمة وهي تخبرها بقسوة 


= الله مش راجل زي اي راجل وعاوز يقرب من مراته، هي اللي خايبه خايفه من ايه يعني ما كلنا متجوزين ومخلفين اهو عملنا زيها وكبرنا المواضيع لحد ما جتلنا ساكته قلبيه ورحنا فيها، وبعدين الراجل كان لازم يدخل بيها بنفس الليله عشان لما الناس والاهالي يجوا يزورهم ثاني يوم ما يتقالش عليه العيب فيه ولا ما عرفش و كان لازم حاجه ذي كده اهلها يفهمها ليها. 


كان في ذلك الاثناء تتابع حنين الحديث والموقف، بأعين متسعه تحاول استوعب رحيل صديقتها وما السبب! وبدات تتخيل كيف كانت تتألم قبل أن تسكن للأبد وتفارق روحها الجسد، لحظتها صرخت حنين في حرقـة عظيمة باكية لرحيلها المؤلم


= ماما هي نيره فين؟!. 


التحدث في تلك الذكريات والتفكير بها من جديد جعل دماء حنين تحتقن وهتفت تصيح تلوم في تأنيبٍ بصوت مرتفع ونظرة نارية 


= بالاجبار.. اغتصاب.. ختام.. متعه ابويا اللي ملقهاش في أمي رغم انها كانت بتجبر نفسها وتتجاهل تعبها عشان متعته وفي الاخر برده راح اتجوز غيرها.. ونفس اللي عمله جوزي معايا لما كرهت الموضوع راح دور على غيري

كل ده بيصب على حاجه واحده هي العلاقه الحميمه بذمتك ليا حق اكرهها ولا لاء؟ ليا حق ازعل من ربنا لما تكون الحاجه دي مخلوقه عشان الراجل يتمتع والست تتعذب بيها، ولما تفكر ترفض ربنا يعاقبها هي مش يعاقبه هو على تفكيره في متعته وما يقدرش تعبها.. انا مش عاوزاها ولو بسببها هيتقال عليا واحده مش ناصحه ولا عارفه تحاوط على جوزها ويسيبني يبقى مش فارقلي، انا مش لاقيه ليها ميزة واحده عشان أحبها أصلا واتقبل انها تبقى في حياتي عادي 


طغت مشاعر الكراهية و مشاعر أخرى ليست متعاطفة ابدأ فظل على وجهها اشمئزازها

وهي تحاول استوعب ذلك الأمر وتقبله وهذا كان صعب في حالتها، ارتعش صوتها واندمج بنهنهات بكائها عندما أضافت 


= طب إزاي عاوزين أحب موضوع بسببه بيشهوني وانا طفله تحت بند كده احنا بنحافظ عليها من شـ.ـهوتها! ويجوزونا واحنا صغيرين تحت بند برده بنستر على البنت حتى لو هتموت بس المهم انها شريفه، عشان ما يتقالش على الراجل انه ما بيعرفش لازم بنفس الليله تحصل ومش مهم التفكير فيها تعبانه ولا خايفه ولا اي حاجه.. ولو الراجل اتجوز عشان مراته مش مكفيه الكل يغلطها هي ويقول لها ده حقه ايه عاوزاه يعمل حاجات تغضب ربنا، لما فكرت اقول ان انا مش حبه الموضوع ده قالوا لي بتدلعي.. عشان ما فيش ست اصلا بتحس بالمتعه دي حاجه عشان الراجل بس يتبسط ويفضل مخليكي على ذمته وما يبصش لغيرك.. 


أحست باختناقٍ صدرها بغصة تنـهش داخلها فواصلت الكلام بتهكم مرير بين بكائها الحارق 


= انما لو قصرت في الموضوع ده ولا ما قدرتش عشان اي سبب غير العذر الشرعي.. تبقى ناشذ عشان مش بطيع جوزها وما تستاهلش تبقى زوجه و تستاهل جوزها يتجوز عليها.. وكل ده تحت بند ده حقه ما ينفعش تقصري فيه ولا ترفضي كل ده و بتسالوني ليه بكرهها ومستغربين.. انا مش بكرهها وبس بقرف منها كمان ومش طايقاها ولا طايقه اللي بيعملوها حتى لو متجوزين ولو كان ابويا وامي.. ولا جوزي معايا!!. 


نظرت الدكتورة إلي دموعها المنسابة وهي تقول بجدية


= حنين حاولي تهدي في حاجات كتير انتٍ فهماها غلط انا مقدره ان كل اللي حواليكي كانوا بيوصلي ليكٍ المعلومات بالطريقه دي بس لازم تفكري ان هم كمان كانوا غلطانين ومش ده الصح.. وفي حاجات كتير من ناحيه السلوكيات والمفاهيم لازم تتعدل في شخصيتك وتعرفي الصح بتاعها .


نهض طارق وظهر الندم في نبرته الضعيفة، وهو يقاطعها متحدثاً متوسلًا إليها بحذر 


= دكتوره ما تنسيش انها حامل !. 


اطاعت الدكتورة مطلبه دون جدال وقالت بخفوتٍ


= تمام كفايه كده ونتقابل الجلسه الجايه يوم الثلاثاء .


غادرت حنين العيادة وهي تجرجر قدميها، فلم تصدق أنها أصبحت بهذه القساوة مع من حولها ونفسها أولا وهي التي كانت تعيش في ظل الجميع تتحين منهم لحظات الرضا وتسعد بمدحهم حتى وان كان غير حقيقي حقًا بدلتها الأيام وغيرتها الحياة، فباتت واحدة أخرى غير ذليلة.. منكسرة... 


نادت الطبيبه الآخر ليتوقف عندما سمعها تهتف


= استاذ طارق ممكن لحظه .


اقترب منها بقلق، لتهمس بنبرة حذر


= حاول ما تتكلمش معاها في اي حاجه النهارده لحد الجلسه الجايه وسيبها لافكارها ترتبها مع نفسها، ولا حتى حد في البيت يحاول يتكلم معاها.. 


هز رأسه بالايجاب وهو يقول علي الفور


= لا احنا اتفقنا ان احنا مش هنقول لهم في البيت اي حاجه على الموضوع ده لانهم مش هيفهموا اللي بنعمله او البعض مش متقبل انها عندها مشكله اصلا لدرجه انها محتاجه دكتوره.. عشان كده اتفقنا كأني باخدها للعياده تكشف عشان الحمل وكده 


تنهدت في ارتياحٍ قبل أن تعلق بتوضيح جاد 


= هايل، انا في حاجه كنت عاوزاه اقولها لك مهمه لازم تبقى فاهم كويس أن عدم مبادله حنين ليك او تقبلها للعلاقه او نفورها من اول ليله ده غصب عنها عشان الختام اللي اتعمل باسلوب غلط أو ما كانش لي داعي أصلا لمنطقه حساسه جدا.. غير بعض المشاكل اللي سببتلها العقد وهي صغيره اللي لسه حاكيها دلوقتي هي السبب في عدم رغبتها للعلاقه او تقربها ليك.. و ده مش معناه انها بتكرهك إطلاقاً انما هي قد تكون اصلا نفسها تقرب وتحس بس غصب عنها.


أبتسم بسعادة أثر كلماتها ففكرت انها تكره لمسته كانت تؤلمه حقا، ليرد عليها في لوعةٍ


= بس مع الوقت اكيد ده هيتصلح مش كده؟؟. 


اكتفت بالابتسام، فاستطردت مسترسلة في حديثها إليه بأمل


= رغبتك لوحدها في العلاج ده شيء لوحده محفز جداً وطالما انتم هنا عشان تحلوا الامور فده بداية كويسه أوي للي جاي.. أنتم هتمشوا على كروس علاج الفتره الجايه بمساعده بعض

او بمساعدتك انت الأهم .


** ** **

يـتـبـع.



الفصل السابع 

_________________


مر أسبوعين ومنذ أن بدأت حنين للذهاب الى الطبيبة وكل شيء تغير، أو بالأحرى أن يوصف الوضع بأنه لم بات كما كان من قبل، حتى الوقت الذي كانت تقضيه بصحبة طارق تقلص للغاية وأصبح لبضعة دقائق ولم يتناقشان بشيء عن العوده وكانت هذه تعليمات الطبيبه 


انما حنين كانت تذهب معه للطبيبه بخاطرها فبدأت بالانسجام والفضول الى معرفه أكثر عن حالتها والشفاء أيضاً حتى وإن لم تعود اليه، فكانت هكذا تخبر نفسها عندما تشعر بالضعف تجاهه من جديد ورغم استغراب عائلتها بانها ترفض العوده اليه لكن كل فتره تخرج معه للطبيبه ليتابعون صحه ابنهما كما كانوا يعتقدون لكن لم يتحدث احد على أمل ان يعودون لبعض وتتوقف حنين عن عنادها.


و في احدث الزيارات المتكرره الى الطبيبه وكانت حنين بمفردها هذه الجلسة، وزعت نظراتها القلقة عليها وهي تتساءل بتوترٍ متحير


= هو الختان سنه ولا فرض يا دكتوره.. يعني حرام ولا حلال في الاسلام 


اجابتها الدكتوره امل نافية وهي تلصق بثغرها هذه الابتسامة الهادئة 


= لو سألتي رجال الدين هتلاقي في اللي هينصحك تعمليها لبناتك وفي اللي هيرفض... يعني قال ابن باز «الختان من سُنن الفطرة، وهو لِلذُكور والإناث، إلَّا أنَّهُ واجبٌ في الذُكور، وسُنَّة ومكرمة في حق النساء.. بس انا عن نفسي بحب استشيد أوي بافعال الرسول عليه الصلاه والاسلام يعني لما حاولوا يبحثوا عن الموضوع ده ويشوفوا الرسول عمل لبناته كانت الإجابة أن الرسول نفسه لم يقوم بختان بناته ابدأ.


نظرت اليها بنظرات مرتابة وقلقة فسألتها مجدداً في صوتٍ خفيض حذر


= طب هو ختان البنات بياثر على العلاقة الزوجية؟


سحبت الأخري نفسًا عميقًا ثم لفظته على مهلٍ وتكلمت في صوتٍ جاد رغم هدوئها


= اكيد خصوصا لما يتعمل بطريقه غلط! بياثر على البنات بشكل كبير بعد الزواج، وفي ستات كتير بتعاني من مشاكل العلاقة الزوجية والحمل والولادة، والالام الشديد أثناء العلاقة الزوجية. والبرود الجـ.ـنسي لبعض البنات و نقص الإحساس بالمتعة و الخوف من العلاقة الزوجية.. غير اللي بيحصلها أصلا وهي لسه بنت عندها 14 سنه وتتعرض للامور دي.. يعني في بنات لحد دلوقتي مش بتسامح والدتها على الموضوع ده ولا الست اللي علمتلها كده وبيفضل خوفها ورعبها منها كل ما تقابلها رغم انها بتكبر وتبقى فاهمه الموضوع ده اتعمل ليه؟ 


لفظت دفعة من الهواء من رئتيها قبل أن تجاوبها مجدداً 


= بصي يا حنين الموضوع ده مخاطره صحية بدنية ونفسية على النساء والبنات وتتضمن المخاطري دي مضاعفات طبية في الوالدة وتشمل التبعات ذي الألم الحاد والنزيف ومرض التيتانوس والإصابة بالعدوى والعقم والتكيسات وتكون الخراج وسلس البول بالإضافة للمتاعب الـ.ـجـ.ـنسية والنفسية.


تنفست حنين بعمق لتضبط انفعالاتها المشحونه اثر ذلك الحديث، ثم تحدثت بصوتٍ هامس مختنق


= يااه كل ده؟ بس انا ما حصليش يعني كل ده بالحرف صحيح في حاجات تانيه فاكره حسيت بيها بس مش كلها 


أكدت لها بإيماءة من رأسها وهي تردف 


= الأضرار بتختلف حسب نوع الختان، يعني بعد إجراء عملية الختان مباشرة بيحصل ألم شديدة مستمرة في الأعضاء الـ.ـتناسلية و تورم الأنسجة، كمان الختان بيتسبب بإزالة الطبقة اللي بتقوم على حماية العضو التناسلي للمرأة من الميكروبات والجراثيم؛ وده ممكن يؤدي إلى التهابات حادة وسهولة انتقال للعدوى في بعض الحالات.. 


خفضت حنين من نبرتها بحرج، وتحدثت بصوت ساذجًا إلى حدٍ ما


= بس إسمع انهم بيعملوا كده عشان يقللوا الـ.ـرغبه او الـ.ـشـ.ـهوه عند البنت وهي صغيره الكلام ده صح 


نظرت لها أمل في استنكار واجابتها دون التفكير باعتراض ضائق 


= غلط طبعا، ختان الإناث أو قطع الأعضاء التناسلية الخارجية للمرأة مش بيقلل الرغبة الجنـ.ـسية ولا يضبط السلوك الجنسى لأى بنت أو امرأة ناضجة.. الحاجات دي بترجع للتربيه الأساسية.. إنما الرغبة الجـ.ـنسية هي إحدى الغرائز الطبيعية بكل الكائنات وهى شعور وميل طبيعى عند المرأة والرجل على حد سواء للـ.ـجـ.ـنس 


تصنعت الابتسام وهي تشعر بالقهر والظلم داخلها تعرضت له، فأجابتها في هدوء جاد


= معاكي حق يعني هم كل اللي عملوا ختان متربيين أوي انا مش عارفه كان بيدخلوا الكلام ده في دماغنا ازاي ولا حتى اهالينا كانوا بيصدقوا ويقتنعوا بيه، الله يسامحهم بقى على جهلهم.. انا لو ربنا رزقني ببنت مستحيل اعملها حتى لو هعادي اهلي كلها .


أجابتها الدكتورة مؤكدة بثباتٍ وتوضيح جاد


= تعرفي احلى حاجه ممكن تطلعي منها بفايده مع اي مشكله تحصل لك ولا امور صعبه؟ هو اللي انتٍ لسه عامله دلوقتي ده انك تتعلمي و تستفيدي حتى لو خلاص مش هتقدري ترجعي الزمن عشان تنقذي نفسك بس مستعده تنقذي ولادك في المستقبل.. خلينا ناخد الامور كده هنحسها بسيطه مش جايز ربنا بيحطونا في الموقف دي عشان ننقذ اطفالنا في المستقبل ونغير شويه من الافكار دي.. بس عشان تكوني في السليم اكتر بنتك لما توصل للسن المناسب ده اكشفي عليها عند دكتور ثقه الاول وهو اللي يقول لك محتاجه ولا لاء لان برده في بنات بتكون محتاجه التسويه في الموضوع ده.. مش يكونوا كويسين ومش محتاجين و نقول زياده احتياط ونقطع من لحم بناتنا .


وضعت حنين كلتا يديها على بطنها بحنان تمسدها في رفقٍ وقالت باسمَا


= انا اول ما عرفت ان انا حامل خفت أوي احسن تكون بنت وتواجه اللي انا واجهته! بس يا رب فعلا اكون قد قراري وما خلاهاش تعيش حاجه من اللي انا عشتها.


هزت رأسها بتفكير وهي تتحدث بأمل


= بس يعني أعتقد دلوقتي الموضوع قل عن زمان رغم انه أكيد في ناس بتصمم تعمل لبناتها، لكن دار الفتوى والقانون اتحرك شويه في المواضيع دي.. وبقي محرَّم شرعًا ومُجرَّم قانونًا! كله بسبب قله الدين والمفاهيم الخاطئة عن الصحة، باعتبار الختان وسيلة للحفاظ على العذرية وتهيئة البنت للزواج وزيادة المتعة الـ.ـجـ.ـنسية للذكور وفي ناس بتعتبره في بعض الثقافات، طقسا للبلوغ وضرورة للزواج.


اجابتها حنين بوجه ممتعض، ونظرات قاتمة


= مش بقول لك كل مصيبه بتحصل للبنت لازم يكون سببها الموضوع ده بذمتك بقى ليا حق اكره واقرف منه ولا لاء.. يعني اهو بيهئة البنت للموضوع ده من وهي صغيره طب الراجل ما فيش اي حاجه بتهيئة ليه انهم يعرفوهم ازاي يتعاملوا مع البنت في المواضيع دي مثلا؟؟. 


نكست رأسها في أسفٍ ثم ردت بتأكيد علي كلماتها 


= تصدقي معاكي حق ليه صحيح زي ما بيفضلوا يدوا نصايح وطقوس يعملوها للبنت يعملوا حاجات شبه كده من خلالها ينصحوا الراجل كمان على فكره في رجاله كتير اصلا ما بتكونش فاهمه يعني ايه علاقه و زواج زي البنت عادي بحيث اول تجربه ليهم! بس في مجتمعنا بتكون فاهمين للأسف تهيئة الراجل للزواج بالفرجه على مقاطع مش كويسه؟ او برشامه يديه له في الخباثه بالفرح مع سيجارتين ملفوفين! اه ممكن توصل كمان انهم يجيبله واحده يجرب معاها عشان يشوف نفسه جامد وما فيش زيه ولي في الموضوع ده ولا لاء وطبعا دي كلها أمور غلط وحرام وبعد كده بنسال ربنا مش راضي علينا ليه وبنقع في مشاكل كثير في بدايه جوازنا، ولا طول حياتنا بسبب المفاهيم دي .


استدارت لتواجهها مبتسمة بمرار وهتفت بتحفزٍ 


= وطبعا لما يعرفوا الحاجات دي رغم انها حرام وغلط ما حدش هيقول كده طالما الراجل إللي بيعملها عشان كده بقت متكرره كتير ومنتشرة... انما لو العكس القيامه تقوم وتوصل للقتل.. 


استغلت امل تلك النقطة لتوضح لها بمنطقيةٍ


= بصي يا حنين كره اي ست للعلاقه الزوجيه ما بتخرجش عن الاحتمالات دي؟ التنشئه الغلط ودى أكبر كارثه بيواجهها البنات من

اول ما تبدأ تطلع الشارع وهى طفله وترسيخ في عقلها الخوف والحذر وعدم الامان ودايما عرضه للتحرش او الاغتصاب فلازم دايما تكون حذره... والتعليم بيكون بصيغة التانيب وليس الحمايه! يعنى لو حصلها فدا خطأها و هتنضرب او هنتقتلك فبيترسخ عندها عقدة ذنب لكونها مجرد انثى!! من قبل ما حاجه حتى تحصل فما بالك لو حصلت، التوعيه بان لازم تخدى بالك وتيجى تقولى ولو حاجه حصلت محدش يزعقلها بل يجيبلها حقها فتبقي أقوى وأشجع في الحياه


احتفظت الأخري بصمتها، بينما الطبيبة ما تزال تخبرها بجديةٍ 


= ثانيا: وهو الفهم الغلط الحرام للعلاقه الجـ.ـنسية فالدين وتشويهها بحجة انها كده حمايه للاطفال اني اكرههم فيها واحتقرها عشان احفظهم من الخطأ!! دا بيكبر مع الطفل بالذات فى البنات وبتشوف ان الـ.ـشهوه او الـ.ـنشوه او طلبها او حضورها دى حاجه، كفر ورذيله وذنب وانها انسانه هـ.ـايـ.ـجه ومش متربيه فده اللى بيترسخ في ذهنها طول فترة حياتها وده من اكبر الأسباب واقواها على الاطلاق في تشويه الأمر ده عند البنات.. فبيتخزن عندها في عقلها ان العلاقه غلط وكثرتها حرام وانها كده انسانه مش كويسه او مش متربيه وده اساس الغلط لأن الدين لو اتفهم صح هتعرف انها بتاخد حسنات على العلاقه مع زوجها و حسنات على اهتمامها بنفسها وتهيئتها و حسنات على الحمل والخلفه والتكاثر وان اتيان الشي ده في الحلال من اكبر الاشياء المحببه للخالق لانها بتكون تحصين للزوجين من الخطا وده خذلان للشيطان وكيده ...


غامت ملامح وجه حنين بشكلٍ ملحوظ، و انعكست الصدمة وعدم الاستيعاب على نظراتها إليها كونها لأول مره تسمع هذه الامور وتفهم الوضع بالشكل الصحيح وليست كما كانت تتخيل ويصل اليها من تصرفات وحديث من حولها بجهل واسلوب خاطئ، فحاولت أمل تلطيف ما نطق به لسانها بترديدها مضيفة 


= انما الرهبنه والانعزال دى مبادئ حرمها

الإسلام فتخيلي ربنا مديكي متعه وانتٍ بترفضيها وتحتقريها! فلازم لعلاج النقطه دى قرايه جيده في الشرع وتعليم أساسها من الشرع وفضلها ونبعد عن كلام المضللين وكلام الشيوخ التجار اللى بيدوا الرجال اكثر من حقهم فلازم تفهمى حقك وواجبك صح ومن الشرع ده واجب عليكى انك تفهمى وتوعى

بناتك، واتعلمى حتى لو عندك ستين سنه لو

ماستفادتيش هتفيدى بناتك وحفيداتك واى بنت هتيجى تسالك او تاخد بمشورتك.. لما تتعرض لمحاولة التحرش أو الإعتداء في الطفوله ولانه امر حساس ومخجل فمحدش

بيحكيه فبالتالى مبيتحلش ابدا.. 


بالكاد حاولت الحفاظ على ثبات صوتها وهي 

تكمل 


= لازم ناخد بالنا ان التحرش ممكن يجى من أفراد الأسرة نفسها كمان ومش بس من الـ.ـجـ.ـنس المقابل ممكن يكون من نفس النوع ودى بتبقى كارثه اكبر لانها ميكس ما بين الخجل والحزن والتشوه الجنسى وللاسف كمان الذنب لو حصل إستمتاع في الحادثه دى لأى سبب سواء الصغر او انعدام الخبره او عدم معرفة الحلال والحرام والصح والغلط وقتها فيكون أثرها دائم فى ذاكرة الشخص خاصة لو حصلت بشكل متكرر من نفس الشخص او مواقف كتيره ومش بتتمحى غير بتعامل دكتور نفسى متخصص في الحوادث دى.. ولازم يعرفوا أنهم الضحيه في الأمر ده فتخلى عن الاحساس بالذنب ويعالجوا

نفسهم لأنهم يستحقوا العلاج والشفاء والمضى

في حياتهم بسعاده..مش انا قلتلك احسن حاجه اللي عملتيه لما قلتي انا اتعلمت من تجربتي ومش هعمل ختام لبناتي، هو ده اخلقوا من حادثتكم بطوله وساعدوا غيركم


اندهشت حنين من عقلانيتها الزائدة عن الحد، عن تلك الأمور ومعرفتها الجدية التي تصيبها بالدهشة وجهلها الخطير عن تلك المعلومات إلي أن أتت تعليقاتها التي كانت صادمة لها


= الأعراف والتقاليد خاصة لما بتكون خاويه ملهاش اي اساس من الصحه.. مبتحترمش رغبة البنت انها مش عايزه تتجوز او مش جاهزه او محتاجه تهيئه وتوعيه قبل دخولها المرحله دى وده طبعا تقصير وتخلف حياتنا و توارث تشوهها عبر الاجيال فبيبقي عيب تسال وعيب حتى تدور وعيب كمان انها تطلب تتجوز لو رغبتها عاليه!! والنقطه دى علاجها سهل لان التوعيه دلوقتی ممکن اى حد يروح کورس او دوره او يروح لاخصائى او طبيبه او حتى يبحث عن فيديوهات توعيه مجانيه على اليوتيوب، الموضوع اسهل من حال زمان ودى في أيدينا للي عاوز.. ولازم نعرف ان في في اشخاص منعدمة الرغبه في الـ.ـجـ.ـنس وفي ناس.. رغبتها عاليه جدآ 


ارتضت حنين بما ظفرت به منها بقليلٍ من الابتهاج والفهم الصحيح لتلك المفاهيم، فردت في دهشة كبيرة وحزن 


= انا حاسه ان انا اول مره اسمع الكلام ده؟ و اول مره اعرف ان العلاقه الزوجيه عليها حسنات قصاد ما أعملها مع جوزي ولا اجهز نفسي لي.


هتفت تخبرها بملامح متجهمة، قبل أن تنهض من أمامها وتتقدم جوارها 


= ما ده للاسف برده غلطه من اهالينا ان مش مخلينا حتى نفهم دينا صح في النقطه دي! 

الـ.ـجـ.ـنس غريزة ربنا جعلها في الانسان لحكمة مثل غريزة الطعام والشراب... هل يلام حد علي غريزة الطعام أو الشراب؟؟ وكذلك ممكن ان يشبعها الانسان من حلال أو من حرام..


عاودت التحديق في وجه حنين وأخبرتها بنبرة ذات مغزى


= انتٍ عندك زوج بيحبك ويشتاق ليكي فدي نعمة احمدى ربنا عليها، في غيرك نفسها و

تتمنى الزواج ومش عندها وخايفه تعصى ربها لدرجه تبكى بالدموع لأنها تحتاج للـ.ـجـ.ـنس وما عندهاش القدره.. وفي اللي عندها زوج

ويشتاق لغيرها لانها مش قادره لمشاكل عندها خلقية أو غيره... وانتٍ بفضل الله عندك اللي يشتاق لحضنك فبلاش تجحدى نعم ربنا وحده هو اللي انعمك بيها


صمَّت أذنيها عن كلامها فنفخت في سأمٍ واقتضبت في الرد وتكلمت بنبرة معاندة للغاية


= بس هو راح لحضن غيري وما استحملش زي ما كنت فاكره! واول ما فكر يبعد عني اتجوز عليا وكمان مين صاحبتي.. انا معترفه ان انا قصرت في حاجات كتير معاه وكنت بهرب قاصده من العلاقه واهمل فيه عشان كنت ببقى خايفه لما يحصل تقرب ما بينا الموضوع يقلب لطلبه للعلاقه، بس يعني ما توصلش لكده ما كان قدامه حلول كتير او يستنى عليا شويه لو هو بيحبني زي ما قال فعلا 


كانت الأخري جيدة في قراءة تعبيرات الوجه، وعلمت من قسماتها أن استمرارها بالضغط عليها لن يؤتي بالنتائج المرجوة، لهذا ادعت تراجعها عن الأمر وقالت بتلميح دبلوماسيةٍ 


= ممكن ما كانش قدامه حل وقتها غير ده و ضعف زي اي حد ما احنا مش ملايكه برده.. لاقي نفسه بقيله خمس شهور متجوز من حب حياته واللي كان فاكرها برده بتبادله نفس الإحساس لكن طول الوقت في المقابل كانت بتبعد عنه وهو صابر وادي اعذار ممكن مكسوفه مش واخده عليه لحد ما زهق و واجهها مرتين! اول مره فكرت انها تهرب كعادتها وتغضب عند والدتها.. وثاني مره ما عرفتش تهرب لما لقيت نفسها غلطت غلطه كبيره هي ما كانتش راضيه عنها.. بس عشان تطلع من الإتهام اللي قاله انها بارده قالت الحقيقه وزودت عليها شويه بصراحه و وجعته كراجل أوي وخدها على كرامته وما اقابلهاش.. ومع اول واحده اقابلها في حياته او الله اعلم كانت نواياها ايه واشتغلت علي النقطه دي حس أنه بالطريقه دي هينتقم لكرامته ومنها.. انا مش بدافع عنه بس بحاول افكر بنفس النظريه اللي فكر فيها 


لحظتها خفق قلبها و تجمدت في موضعها  بقليلٍ من الكبرياء الجريح وهي ترمش بعينيها بسرعةٍ لتطرد ما علق من دموع في أهدابها، 

ثم خاطبتها وتساءلت بصوتٍ جاف 


= طب لما هو كده ليه ما فكرش يعرضنا على دكتوره من الاول احسن ما يتجوز عليا ويقرب من غيري، ويختار اقرب واحده ليا او هي كمان استغلت الفرصه ويجرحوني بالطريقه دي... انا مش قادره اتخيل اللي عمله فيا حتى لو انا غلطانه، لأ هو ما يستاهلش أن اسامحه ده اتجوز عليا ولمس غيري .. مين عارف ممكن يعملها ثالث لو فكرت اسامحه ويرميني انا وعياله وعلى راي ماما بعد كده ما يصرفش علينا لما الجديده تاخد الجو كله وتتحكم فيه .


مطت فمها وكأنها استغرقت في التفكير الزائف، لتردد بعدها بصراحه


= اقول لك على حاجه وما تزعليش مني؟ انتٍ لاقيه لي اعذار كثير وممكن قد تكوني مسامحاه كمان من جواكي لان لاقيه له مبررات كتير، بس مشكله والدتك و والدك هي اللي واقفه سد في طريقك و بتحاولي تعاقبي بدل ما تعاقبي والدك على اللي عمله زمان فيكم.. لكن انا اسفه يا حنين انتٍ بتنقمي من الشخص الغلط.. و اول ما عرفتي انه اتجوز عليكي طبيعي غيرتك اتحكمت فيكي شويه بس اللي زاد وغطى اكتر انه عمل نفس اللي عمله والدك ومن وجهه نظرك انه هيكمل بنفس الطريق.. 


تشتت حنين نظرتها عنها عندما خاطبتها الدكتورة بتحذيرٍ صريح


= طبعا ما حدش عالم الغيب وما حدش عارف ممكن فعلا يعمل كده او لا بس الشخص اللي قدامي واللي لسه متمسك بيكي لحد دلوقتي واتلكك اول ما عرف ان في اسباب مخليكي كنتي بتمنعي نفسك عنه غصب عنك ومش بتكرهيه والعيب فيه زي ما فهمتيه واتهمتي اخر مره، وطلق البنت اللي اتجوزها عشان عنده امل انك توافقي تسامحي وترجعي.. و اول ما قابلني بالصدفه فكر على طول ان يعرضك عليا عشان يحل الموضوع ده و تتعالجي ويكمل حياته معاكي.. يعني اعتقد حاجات كلها تبينلك قد ايه هو بيحبك و شريكي ومش هيبيعك لو اديتيله الفرصه الثانيه.. بصي يا حنين فكري اكتر في الواقع نادرا لما بنلاقي راجل كويس ومتفهم في الامور دي بالذات فبلاش تضيعي من ايدك، غلط اه غلط لكن اهو بيصلح غلطته يبقى ليه ما تفكريش! زي ما هو كمان سامح وعدي كل اللي عملتيه في زمان برده.. مش كده!؟. 


تأملتها بنظرات حزينه ملأت حدقتيها، فتشعر بأنها كانت قليلة الحظ فيما يخص شئون العائلة والزواج وكأن الشقاء و الهموم قد ترك بصمته على وجهها، فكانت محقًة في الجزئية الأخيرة الاثنين أخطأوا والاثنين أيضاً يبحثون عن تصليح الأمور ومن ينتظر النتيجه بالاخير للفرصه الثانيه 


بالنسبة لها مر الوقت بطيئًا محملًا بالمشاق والتعب فما إن تنتهي من إنجاز شيء حتى تنتقل لآخر وهي بالكاد تحاول البحث عن قليل من الراحة وسط كم المهام التي ألقت فوق رأسها منذ الصغر.. 


بينما صممت أمل على اقتراحها بجديةٍ صادقة 


= حبى زوجك يا حنين فكري تدي فرصه تانيه وقولى لنفسك عيشى السعادة في الحلال مع زوج محب، عيشي أجمل ما في الحياة بحب وعلي كل ذلك انتٍ مأجورة من رب العالمين، خير نساءكم الودود التي تتودد لزوجها، قربى من الله بطاعة زوجك بالحب


ابتلعت غصة مريرة في حلقها، ولم ترد انما ظلت شارده الذهن آملة أن يأتي اليوم الذي تشهد فيه ابتهاجها بالفعل، و رغم قدوم أحدهم خصيصًا لأجلها.. لكنها ما زالت مترددة . 


❈-❈-❈


تولت الأيام مع حنين متابعة انجاز كل الأعمال المطلوبة من قبل الطبيبة في التحسن بحالتها النفسيه للأفضل، وترتيب حالتها لاحقاً بشأن اتفاقيات جديدة مع طارق الذي قد اتفقوا عليها هو والطبيبه في السر فحتى الآن لم تعطيه حنين اشاره واضحه في اكمال علاقتهم وهو لم يضغط عليها بأمر من الدكتورة أمل رغم أنه يشعر بالضيق وعدم الصبر ليعرف قرارها النهائي خصوصا بأن الشهر قد مضى..


ولكنها لم تستطع المضي بالكامل بسبب افتقادها لطارق الذي لم يكف يوماً عن القدوم معها والاطمئنان على أحوالها لكنها بكل تاكيد لم تظهر ذلك.. لكن لم تستطيع إنكار أنه كان رجلاً بحق فرغم كل ما حدث ما زال جانبها ويساعدها في التقدم والشفاء من تلك الحاله.


❈-❈-❈


في عياده الطبيبه امل، نهرها طارق بنظرة صارمة من عينيه 


= طب لما هو الحمد لله بقى في تحسن في حالتها كبير، ليه لحد دلوقتي منعاني اتكلم معاها عن موضوع رجوعنا لبعض او هي حتى تلمح لحاجه زي كده؟؟ خلاص فات ثلاث أسابيع وما فاضلش غير أسبوع واحد الخوف لبعد كل ده واللي عملته تطلب الطلاق وتصر عليه 


ردت عليه الدكتوره أمل بهدوءٍ


= عشان لو كنت كلمتها في الموضوع ده حاليا كانت هتفكر انك بتعمل كده مخصوص عشان بس مصلحتك مش مصلحتكم انتم الاتنين! و عشان تثبتلها انك اهو رغم انك عارف عيوبها جبتها عند دكتور نفساني ولسه جنبها، الحاله النفسيه اللي كانت فيها كانت هترجم اي فعل كده 


قد ارتخت تعابيره المشدودة نوعًا ما وهو يقول بصدق 


= بس انا والله ما اقصد كده لو في نيتي كده هكمل معاها ليه من الاول! انا بعمل كده عشان بحبها فعلا انا نفسي نكمل مع بعض وبحاول اكفر عن الذنب اللي عملته واتسرعت بدل ما فعلا احاول اركز باسبابها ايه للموضوع ده بس هي ما كانتش بتديني برده الفرصه 


أشارت الدكتورة بيدها مؤكدة وهي تقول 


= انا فاهمه كل ده وبحاول اوصله ليها على فكره في كورسات علاجنا اوقات، على العموم الفتره اللي جايه فعلا لازم تبدوا تتكلموا في موضوع علاقتكم عشان نبدأ ندخل على مرحله علاج تانيه..


زفر بتأففٍ وأصوات الهمهمات المتداخلة تحاصره من كل جانب وهو يردد بحذر 


= هو مش حضرتك قلتلي من ناحيه العقد اللي كانت فاهماها غلط وهي صغيره او كبيره و المواقف كانت بتتعرضلها من اهلها دي خلاص اقدر أقول انها اتحلت وهي ابتدت تفهم الصح يبقى ايه اللي فاضل.


منحته الدكتورة أمل نظرة داعمة وهي ترد بجدية 


=اللي فاضل اهم نقطه في حياتها بعد الجواز او الجوز نفسه هتبدا تطبق عليه المفاهيم دي ولا هترجع لنقطه الصفر تاني، وده لسه لي كروس علاج تاني هندخله على حسب رغبتها هي.. عشان كده حاول تفتح معاها الموضوع قريب وتشوف هي محدده ايه في علاقتكم بعد كل المشوار اللي احنا مشينا معاها فيه.


❈-❈-❈


في أحد المطاعم الصغيرة صارت حنين شاردة، واجمة كأنها ترسم التعاسة علامتها على وجهها الحزينه وهي تستحضر في ذاكرتها الأوقات الأخيرة التي جمعتها مع طارق قبل أن تقرر الانفصال.. أحضرها من تفكيرها المشحون نبرة زوجها المتسائلا


=عجبك المكان لو مش فاكره، اول مره خرجنا مع بعض كان هنا بعد ما اتخطبنا وكان معانا اخوكي ومراته.. كنتي طول الوقت ساكته و مكسوفه بس انا كان نفسي أوي اتكلم معاكي واعترفلك بحاجات كتير كنت مستني اللحظه دي قد ايه.. بس اخوكي الله يسامحه ما كانش مديني الفرصه دي.. تفتكري ساعتها لو كنا اتكلمنا كانت في حاجات كتير هتتغير.


استنشقت الهواء بعمقٍ، وردت باقتضابٍ


=قصدك يعني لما تعترف بإللي جوالك وانك بتحبني! ما اعتقدش ان حاجه كانت هتتغير لان محدش كان عارف اللي هيحصل قدام وانك هتتجوز عليا ولا ان ممكن صاحبه عمري تخوني حتى لو كانت اتجوزتك وما عملتش حاجه غلط فده هيفضل بالنسبه لي حاجه كبيره أوي.. 


ابتلع ريقه بصعوبة وأجاب بصوت هاديء وعاشق 


= حنين أنا بحبك.. أنا أسف عن تسرعي وان انا ما لقيتش غير صاحبتك عشان اوجعك اكتر مره بجوازي ومره تانيه لما اخترت هي بالذات! انا مش هدافع عن نفسي لاني مش هقول حاجه زياده عن اللي قلتها باللي فات.. بس أنا أسف عن ظلمي ليكي.. أنا أسف اني سمحت لنفسي اضعف لواحده زي دي او لوسوسه شيطان في لحظه واروح اعمل غلطه زي دي من غير ما افكر في عواقبها.. أو فيكي، بس انتٍ اكيد متاكده أن دلوقتي بصلح اهو أرجوكي سامحيني.. أنا عاوز أعيش معاكي ومع ابني أو بنتي اللي جاي مش عاوز أبعد عنك لحظة واحدة.. أنا بعشقك يا حنين ومش عاوز ابعد عنك 


صمتت لم تعرف بماذا تجب هي تخشاه أن تخوض تلك التجربة مرة اخرى وربما يكسر قلبها من جديد، ليقول بإلحاح 


= بلاش سكوتك يا حنين انا سبتك أهو اكتر من شهر براحتك تفكري وتشوفي ايه اللي يناسبك وحتى كمان اقترحت موضوع الدكتوره لينا احنا الاثنين فاظن انا عملت كل حاجه ممكن تاكد لك ان انا فعلا ندمان ولسه شريكي.. وحياة أغلى حاجة عندك سامحيني، انا مش قادر أكمل من غيرك 


مسحت دمعة نافرة من طرفها، وسحبت نفسًا عميقًا لتطفئ به لهيب شوقها إليها، أثناء استماعها لما قاله فحررت أنفاسها المختنقة هاتفه


= مقدرش أنسي اللي عملته فيا بصراحه كل ما افكر اسامح اخاف تعملها تاني وتقول لحظه ضعف ومين عالم مين اللي جايه هتكون قريبه مني قد ايه شوفت انت حتى وصلتني لايه ان انا مش عايزه ادخل حد جديد في حياتي.. انت كسرت قلبي و سبت جوايا جرح مقدرش أنساه بسهولة، او صحيت فيا جرح قديم بعملتك دي 


ليتحدث وهو ينظر إليها برجاء و بتوسل 


= وحياة ابننا اللي جاي اديني فرصة أعوضك بيها عن اللي فات! 


ساد التجهم على تعابير حنين وقالت بصوتٍ مال للانكسار


= صعب أسامحك بسهولة، أخاف تعمل فيا اللي عملته، انت .. انت خلتني أخاف حتى اني أثق في نفسي مش فيك


استدار بجسده نصف استدارة، وهو يقول في تحفزٍ يشوبه الضيق


= اسف يا حنين صدقيني انا ضعفت مش اكتر انا محبتهاش، زينه كانت بالنسبالي انتقام لكرامتي كانت قربت مني في الوقت اللي انتٍ بعدتي عني فيه في كل مشكلة بينا وانتٍ بتهربي قاصده وما تنكريش ده.. وهي كانت بتسمعني وتتجاوب معايا في الكلام بطريقة خلتني احس انها فاهماني اكتر من نفسي 


ضحكت بوجع وأجابت علي طارق رد جعلته يتصدم ويدرك أشياء كثيره هم الاثنان لم يلتفتون إليها في شخصيه زينه الا متأخراً، فقالت بثقة 


= انت ليه اتجوزتها يا طارق عشان شوفت فيها اللي انا كنت طول الوقت بمنعه عنك و بحكيه ليها، فشفتك الملاك اللي انا رسمته ليها بكلامي ووصفي، كنت فاكرة انك مش شايف ولا هتشوف غيري يا طارق بس للاسف في اقرب خلاف بينا وهي استغلت الفرصه من غير تفكير، بذمتك في حقاره اكثر من كده ومهما كانت اسبابكم! 


بدأ ما تفصح عنه كالنكبات التي تُحدث المزيد من التصدعات في علاقتهما معا، وكأن الفجوة بينهما تزداد اتساعًا، تنهد بعمقٍ وقال في صوتٍ شبه لائم


= أنا مش عاوزه اجبرك على حاجة بس أنا عاوزك تتأكدي اني بحبك وهفضل أحبك .. 


رغم شعور الضيق الذي اجتاحها لحظتها إلا أنها تغلبت على مشاعر الضعف هذه وقالت  بإصرارٍ معاند تخفي به حزنها


= انا مش عارفه بجد مطلوب مني اسامح ولا ادي اعذار لمين ولا لمين؟ لأمي اللي كانت هتضيعني بس عشان كانت بتقلد كلام جاهل مالوش لازمة! ولا ابويا اللي مش بيفكر غير في مصلحته وبس .


هز رأسه بعدم معرفة وهو يقول بتبرير


= يمكن هي معذورة بتدور على مصلحة بنتها خايفه زيها زي ستات كتير بتعمل كده ومش عارفه الخطر اللي بيتعرضه ليه ولادها.. وفاكره بالطريقه دي بتحاوط وتحافظ على بنتها 


تطلعت نحوه ونظرات القهر في عينها ظاهره فقالت بصوتٍ شبه مختنق 


= مصلحه بناتنا في اننا نواعيهم بالكلام و النصيحة وتبقى الأم صاحبتها مش عدوتها، تعرف مش المفروض دايما بيقوله اهالينا لما تبقوا عندكم ولاد هتعرفوا قد ايه احنا بنحبكم وبنعمل كل ده عشان مصلحتكم اهو أنا بقى الأمور حصلت معايا بالعكس اول ما حملت حسيت أن هكون أم عرفت قيمه إللي كانت بتعمله معايا وللاسف ما عذرتهاش هي ولا ابويا... لان اول حاجه حسيتها ناحيه ابني او بنتي اللي جايين الخوف ان انا اعمل كل حاجه عشان اساعدهم مش اضرهم باسم الحب .


لاحقها بحديثه، بطريقةٍ أوحت برغبته في التودد إليها بتفكير بصوت عالي 


= مش ملاحظه انك بتبلغي شويه يا حنين طبعاً معاكي حق ولو اللي انتٍ بتحكي فيه ده  ما كانش ضرك بالطريقه دي من زمان ودلوقتي مش عارفين نحل مشاكلنا من تحت رأس عمايلهم فيكي.. بس صدقيني لو جيتي تواجهيها مش هتعرف تستوعب انه غلط هي اتربت في الزمن ده كان بيحلل وكله بيعمل كده يمكن لو احنا مكانها برده كنا هنعمل كده في ولادنا.. انا مش بحلل طبعا بس مش عاوزك توصلي للمرحله انك تكرهينا عشان حاجه فعلا عملناها واحنا مش مدركين 


بدأت تدمع وتبكي وهي تسمع كلامه لكن بكائها ذاد وهي تشعر بان ذلك الحديث جاء متأخر.. ظلت قليلا هكذا حتى توقفت عن البكاء بهدوء وبدأت تفكر في حديث الطبيبه الذي بقى داخلها أنها تريد ان تسامح وتعطي فرصه ثانيه؟؟ 


لكن دائما تضع طارق في مقارنه بينه وبين والدها لذلك تريد ان تنفصل عنه حتى تفعل ما رغبت أن تفعله والدتها.. لتخرجه من حياتها بلا عوده لكن يجب أن تعلم شيئا مهم للغايه بان طارق ليس والدها وهي تنتقم هنا من الشخص الخطأ .


نظرت له من بين دموعها المنسابة وقالت بنبره مؤلمه للغاية 


= يمكن، مش عارفه انا بدات افكر في كلام الدكتوره اللي انا بعاقبك ومسره ما ارجعلكش عشان شايفه فيك صوره بابا وكان نفسي ماما تعمل ذيي من زمان.. معقده بقى طلقني احسن يا طارق وابعد عني. 


قلب طارق اتقبض وهو ينظر إليها وعنيه بتلمع لكنه، رد عليها بحنية وهو يمسح دموعها بيده 


= حنين أنا بحبك اوي واوعدك اعيش مخلص ليكي طول عمري لحد ما اموت.. عشان كده عمري ما ايأس او ازهق وهفضل دايما عندي امل انك تسامحيني الإنسان بيغلط وانا غلطت واعترفت بغلطي وطلقتها و ندمان و انا عايز منك فرصة واحدة بس اثبتلك فيها اني بجد بحبك واني مقدرش اعيش من غيرك وانك أجمل حاجة حصلتلي في حياتي.. وحقيقي لو الزمن رجع بيا عمري ما هفكر اكرر غلطتي تاني . 


كانت تنظر إليه بحيره هل توافق أم ترفض لكن قلبها رغم عنه بدأ يحن له من جديد وانها ما زالت تحبه، ومن بدايه اهتمامه الذي عاد من جديد وبهذة بسرعه وبدأ يساعدها رغم كل ما فعلته من أخطاء تجاهه إلا انه لم يتركها بل ساعدها في مرحله الشفاء لتغير قيم و مفاهيم كانت تتشكل داخلها عقد كثيره تمنعها من ممارسه حياتها بالشكل الصحيح...


لكنها هل ستستطيع النسيان؟ وهنا تذكرت حديث الطبيبه من جديد عندما شجعتها قائله 

بدعم


= مش عيب انك تديله فرصة تانية يمكن الفرصة دي هي اللي تخلي بينكم الحياه احلي واجمل بكتير والفرصة دي هي اللي تخلي طارق يعمل المستحيل عشان يسعدك ويبذل اقصي جهد عنده عشان يحافظ عليكي وعلي الفرصة اللي اديتهاله وخصوصا بعد ما عرف قيمتك... فكري كويس يا حنين انتوا الاتنين غلطتوا وانتم الاتنين لازم تبداوا الصلح مش واحد بس والثاني يقف يتفرج زي ما اتعودتي طول الوقت بسبب الافكار اللي كانت في دماغك غلط. 


راحت حنين تنظر إلى من حولها بشيءٍ من الخوف الممزوج بالحزن، كم تمنت أن تجد عائلتها إلى جوارها تشد من نفسها في اللحظات العصيبة! لكن ما تذكره قبل وقوعها هنا كان سبب كافي لبعد أسرتها عنها، ألقت وراء ظهرها هذه المشاعر المحبطة ونفضت عنها تفكيرها وما يعيق تلك اللحظه وراحت تخاطب نفسها بعزيمه


= مش هخليك تتحكم في حياتي حتى وانت مش موجود! انت عمرك ما كنت ليك وجود في حياتي اصلا يا بابا عشان تتحكم في حياتي حتى و انت مش فيها....


جاهدت لإخفاء عِظمة لوعة اشتياقها؛ لكنها لم تستطع فمشاعرها طغت عليها فقالت ببحة من أثر البكاء 


= انا موافقه على الفرصه الثانيه يا طارق 


التمعت عينيه بسعادة غير مصدق ردها، ليقول 

بصوت رومانسي ناعم 


= وحشتيني يا حنون


حاولت حنين الابتسام وهي تجيب بصوت خافت 


=وانت كمان 


نهض من مكانه واقترب منها وهو يتلمس بطنها بأصابع يده ليرد بنظرات عشق 


=حبيبي، انت كمان وحشتني أوي أوي يا عمري كله... انا مشتاق أوي اشوف ابننا 


تنهدت قبل أن تجاوبه مبتسمة 


= أو بنتنا مين عارف.. الحمدلله ان ربنا أكرمنا بنعمته .


زفر دفعة من الهواء وهو يبتسم بنشوة عارمة، ثم عاد لينظر ملء عينيه لحبيبته وخاطبها في سعادة أكبر


= الحمدلله طبعاً.. عارفة يا حنين أنا بحبه أوي من قبل حتى ما يجي الدنيا وألمسه بايدي 


ثم أضاف وهو يقبل يدها بحنان 


= لأنه قربني تاني ليكي ورجعنا بعض..انا مش قادره أصدق ان انتٍ خلاص سامحتيني و هنفتح صفحه جديده كلنا مع بعض، ايه رأيك نروح نطمن عليه انا وانتٍ مع بعض عند الدكتوره .


كانت في تلك اللحظه خائفة لكنها سعيدة من داخلها من تمسكة بها حتى آخر الوقت وقلبها طاير من الفرحة لذلك قررت أن تعطيه فرصة.


هزت رأسها بالايجاب ثم أطرقت رأسها في خجل بينما ظل طارق يربت على يدها ويلمس بيده الأخرى بطنها ثم انحنى برأسه على وجهها يقبلها من رأسها ويهمس 


= ربنا يخليكو ليا انتو الاتنين ومايحرمنيش منكم أبداً..


❈-❈-❈


استقام طارق فجاه واقف وتلفت حوله بنظراتٍ حائرة، قبل أن تثبت عينيه علي الدكتوره أمل ليسألها بانزعاج قوي 


= نعم!! لا افهم بقى معلش يعني ايه ما ترجعش البيت ونفضل كده بعاد عن بعض رغم انها وافقت تديني فرصه تاني وسامحتني؟ جري إيه يا دكتوره هو انتٍ معايا ولا عليا


لم تبدُ الدكتوره أمل مكترثة بحالته الغاضبه وهي تؤكد عليه بتوضيح 


=يا سيدي معاك وعاوزه مصلحتكم انتم الاثنين، افهمني بس كويس زي ما انا شرحت الموضوع لحنين وهي وافقتني جدا، صدقني لو رجعتوا لبعض بسرعه احتمال كبير ترجعوا زي الاول وما فيش حاجه تتصلح لازم الأمور تتاخد بالتدريج 


ظل على حيطته وهو يسألها باستنكارٍ محسوسٍ في نبرته


=طب هو انا اعترضت ما ناخد الامور دي بالتدريج في بيتنا! هو حد قال لك ان انا شخص راجعي ما انا اللي جايبها هنا من الاول وعارف كل الكلام ده وانها بفتره صعبه والامور مش هتيجي بسرعه ومحتاجه هدوء وصبر مني و دلوقتي هتعامل كده لاني فهمت اللي فيها انما عكس زمان ما كنتش فاهم ولا مستوعب هي بتعمل كده ليه و كانت بتسيبني لدماغي تمشيني بحاجات غلط 


حاولت الحفاظ على جديتها وهي تجيب مقتضبة 


=يا استاذ طارق انا عاوزاكم تعيشوا مرحله كانكم لسه مخطوبين وبتتعرفوا على بعض وتعرفوا تشوفوا عيوب بعض الوحش والحلو طالما ما جاتلكوش الفرصه تعملوا كده من الاول.. وحتى بعد ما تخلصوا من المرحله دي واحده واحده هتبدا كمان ترجع البيت عشان ندخل في المرحله الثالثه.. وده لما يحصل بالطريقه اللي انا مرتباها صدقني مش هتقدروا تستغنوا عن بعض وهتعرفوا قيمه بعض فعلا 


اتسعت عينا وارتبك قليلًا، ثم حمحم مرددًا 

بغيظ 


= كمان حتى البيت لسه فيه موال تاني! انا اللي جبته لنفسي الظاهر وانا اللي كنت فاكر اول ما تخلص العلاج هنا خلاص كل حاجه تمام كده وهترجع معايا البيت.


غامت ملامح وجه طارق بشكلٍ ملحوظ، و انعكس الضيق على نظراتها فحاولت حنين تلطيف ما نطق به لسانه وهي تقول حديثها المتحمس إليه


=وبعدين يا طارق انت رافض ليه الفكره بالعكس انا فاهمه وجهه نظر الدكتوره وشايفه انها معاها حق ولا انت بقى عاوزنا نكروت علاقتنا وبعد كده نرجع نشتكي ونقول العيب في مين ونجيب الحق على بعض ويا عالم بالمره الجايه ايه اللي هيحصل؟ مش قادر يعني تستنى شويه كمان صغيرين


بالكاد انزاح الضيق علي ملامحه ليغمغم في صوت مسموع ومصحوب بتنهيدة متحسرة


= شويه صغيرين! حاضر هو انا عندي حاجه غير الصبر... يعني احنا دلوقتي بقينا في حكم المخطوبين وانتٍ حامل مني مش كده؟ 


❈-❈-❈


بدأت الجلسات الأخري بالفعل وحاولت حنين أن تواظب على الحضور، ولقد تحسنت العلاقات كثيراً بينهما وحاول طارق أن يبذل ما في وسعه لتعويضها عما فات.. وبالفعل شعرت حنين باختلاف الحال معها وبما يحاول فعله من أجلها لذلك حاولت هي الاخرى عدم التفكير في الماضي و الانتصار على خجلها وتلك المفاهيم الخاطئه التي تربت عليها منذ الصغر مع الاسف.. 


ولم تكن الأمور لدي طارق في مرحله الخطوبه  كما كان يسميها سيئة فكانت أسعد لحظاتهما معاً حينما يخرجون للتنزه سوا ويتعرفون على بعضهم من جديد، أو يتابعان نمو طفلهما في احشائها، فكان يحتسب طارق الشهور الباقية لكي يراه أمام عينيه ويحمله بين ذراعيه ... 


بينما الأمر لم يختلف عن حنين كثيراً و اصبحت تبادله وتصرح في كل شيء؟ مثلاً في الحب وفي العشق وفي رغبة وصول إبنهما إلى عالمهما الذي يحاول بكل جهدهم الإصلاح لياتي وينشأ في بيئه جيدة وصالحه له... 


❈-❈-❈


بدأت حنين تتعلم طبيعة العلاقة الجـ.ـنسيه من الكتب التي استلفتها من الدكتورة أمل، و بعضها كان يشرح أصول العلاقة الجـ.ـنسيه في الإسلام. بعد أن ناقشت الطبيبة مشكلتها معها، واكتشفت أن عدم التجاوب ناتج عن التربية السيئة والأفكار الخاطئة والخوف والقلق، بالإضافة إلى ختان الإناث الذي يسبب صدمة للمرأة في صغرها، وأيضًا أنانية الزوج أحيانًا في الاستمتاع بمفرده دون مراعاة رغبات زوجته.


لكن طارق لم يكن من هذا النوع، رغم زواجه من امرأة أخرى، فقد خضع للعلاج معها وصارح الدكتورة بكل تفاصيل حياته قبل وبعد الزواج، ونصحته الدكتورة أمل بالتريث وعدم الاندفاع والعمل على استحضار مشاعرهما معًا، حتى تكتمل العلاقة ويتوافقان في تلبية رغباتهما معًا لتحقيق نجاح علاقتهما.


وبالفعل بدأت حنين تحب وتستمتع بتعليم هذه الأمور بالطريقة الصحيحة من الكتب التي اقترحتها عليها الطبيبة، ومن جلسات العلاج التي كانت تحضرها بانتظام.... ليتهم كانوا يعرفون كل ذلك بدلاً من الشجار لأتفه الأسباب، ومما جعل طارق يتهمها بالبرود الـ.ـجـ.ـنسي ودفع حنين لترك منزل الزوجية والعودة إلى منزل والدتها، دون أن تصارح أحدًا بحقيقة زعلها مع زوجها، وحتى عندما علموا بالحقيقة لم يفهمها أحد جيدًا.


كانت حنين مندمجة في القراءة حتى أنها لم تشعر بوالدتها التي دخلت لتتحدث معها بشأن عودتها لزوجها، فهي حتى الآن لا تفهم ماذا تريد، وإذا كانت لا تريد زوجها فلماذا تخرج معه كل فترة وتعود من جديد هنا؟ لم تعد تفهم هذا الأمر، هل ستنفصل أم ستكمل معه؟


وقبل أن تتحدث زينب لمحت اسم الكتاب الذي تقرأه مما أصابها بصدمه كبيره 


= يا نهارك أبيض إيه الكتاب اللي انتٍ ماسكه فيه إيدك ده و عماله تقري فيه؟؟ ايه قله الادب والسفاله دي! 


انتفضت حنين بذعر وسرعان ما اخفت الكتاب عنها وقالت بخوفٍ


= و آآ. و. لا حاجه


أمسكت بها والدتها من ذراعها تضغط عليه بقبضتها وهي تسألها في نبرة لائمة


= هو ايه اللي ولا حاجه هو انتٍ مفكراني مش واخده بالي من الإسم؟ هو ده يا اختي اللي منعك ترجعي لجوزك.. هو في ايه بالظبط انتٍ مالك يا بنت حالك ما بقاش عاجبني كده ليه وحتي جوزك رافضه ترجعيله ومن ناحيه تانيه بتخرجي معاه وفي الآخر ادخل الاقيكي بتقري في كتاب عن الـ.ـجـ.ـنس اخص الله يكسفك 


نفضت يدها عنها وهي تجيبها بشجاعة 


= آآآه حاسبي دراعي، قلتلك مش بعمل حاجه غلط وبعدين فيها ايه يعني هو انا صغيره لما أقرأ حاجه زي كده واتعلم! طالما ما جتش منك زمان.. وكنتي فاكره لما تعمليلي ختان كده بتعلميني ولا بتمنعيني من التفكير في الحاجات دي وتخليني اخد عنها فكره غلط . 


صاحت بها زينب بصوتٍ حانق، ووجهها قد اشتعل غضبًا


=غلط وصح ايه؟؟ ده انتٍ فجرتي على الاخر وعاوزه اللي يربيكي وانتٍ مالك بالحاجات دي اصلا حتى لو متجوزه! يا قليله الربايه وكمان عاوزاني اعلمك الكلام ده.. ما القرف ده هو اللي مخليكي جايبه الخراب لنفسك ولبيتك .


تأوهت حنين من الألم، ونظرت إلى أمها بحزن قبل أن تهدر منفعلة


= انا مش قليله الربايه لما اطلب منك تعلميني حاجه زي كده ولا اتعلمها من الكتب الكويسه احسن ما أسأل حد غريب ويعالم هيقولي إيه.. يا ريتك كنتي فهمتيني احسن ما ربيتولي عقد بسبب مشاكلكم وبقيت معقدة وبتعالج بسببك وبسبب بابا !.. 


اتسعت عينا زينب بصدمة كبيرة وهي تردد كلماتها علي سمعها بانتباة...!!!! 


❈-❈-❈


في وقت لاحق، أسرع طارق نحو منزل حنين وهو يشعر بالقلق، فقد اتصلت به زوجته لتستنجد به وأخبرته أن يأتي بسرعة لأنها بحاجة إليه. وصل إلى منزلها ودخل غرفتها بسرعة ليجدها في حالة لا تُحسد عليها.


فرد لها ذراعه في دعوة منه لتأتي لحضنه، و

عيناه تمتلئ بهما اللهفة عليها وعندما اقتربت منه احتضانها ثُمّ همس متسائلاً بحيرة 


= في ايه مالك يا حنين؟ صوتك كان معيط ليه اول ما كلمتني في التليفون ومال والدتك واخده جنب كده وقاعده بره وشكلها غريب 


زمت حنين شفتيها بين دموعها وغمغمت في يأسٍ


=اتخانقنا مع بعض وضربتني عشان شافتني بقراه في الكتاب اللي الدكتوره امل اديتهلي وفهمت غلط، وزي عادتها حاولت تمنعني اني افهم أمور ذي دي حتى وانا في السن ده و متجوزه... وغصب عني قلتلها الحقيقه ان انا بتعالج بسببهم .


تلمس ظهرها بأصابعه قائلاً محاوله التخفيف عنها 


= طب اهدي يا حبيبتي معلش ما حصلش حاجه، وبعدين مش انا قلت لك حتى لو كلمتيها في المواضيع دي مش هتفهمك خلاص يا حنين لازم نكون راضيين بالامر الواقع هم اتربوا على كده ومش هنغير تفكيرهم 


رفعت وجهها مسلطة نظراتها على زوجها مع ملامحها التي غرق فيها الحزن، وابتلعت غصة مريرة في حلقها وهي تردد بنبرة تشبه البكاء 


= انا ولا عاوزه اغير حد ولا نيله هي اللي ضايقتني بكلامها وخلتني غصب عني افتكر كل حاجه عملتها فيا زمان هي وبابا واتضايقت اكتر ان انا اصلا بتعالج بسببهم ويا ريت عاجب و محدش منهم دريان بحاجه وفي الآخر جايبه الحق عليا و بتقولي انتٍ اللي بتجيبي الخراب لنفسك ولبيتك .


نظر طارق للخلف ليجد الكتاب ممزق ليقول بتردد 


= خلاص معلش حقك عليا أنا، هي قطعتلك الكتاب 


أجابته بعبوس بائن على تعبيرات وجهها


= أيوه كان فايدني كتير وفي حاجات كنت بقراها وافهمها اكتر منه عشان كده الدكتورة امل راشحتهلي.. بس خلاص راح وحتى لو جبت غيره قالتلي هقطعهلك واولع فيه.. مش راضيه تقتنع اصلا أن ده علاج 


مد طارق يده ليربت على جانب ذراعها، وأكد لها بلمحةٍ من الحنان


=طب خلاص اهدي ما تعيطيش انا هجيبلك غيره وهجلده عشان ما يبانش من الإسم اللي فيه ولو سالتك عليه قوليلها انا اللي جايبتهلك ودي قصه عاديه هتقتنع ساعتها وتصدق.


ابتهجت ملامح حنين وكأنها طفلة صغيرة


= بتتكلم بجد ... هتجيبلي غيره .


نظرت له بعيون دامعة فرد بإبتسامة دافئة وهو يتحدث إليها بتأكيد


= ايوه طالما كان عاجبك وزعلانه أوي عليه   وانتٍ برده حاولي لما تقري حاجه زي كده تقفلي على نفسك كويس.. ولا ما تيجي نرجع بيتنا وخلاص وهناك اعملي اللي انتٍ عاوزاه  


سحبت نفسًا عميقًا حبسته لثانية في رئتيها قبل أن تلفظه هاتفه بتردد  


= لا مش دلوقتي الدكتوره امل قالت لسه شويه، بلاش نتصرف من دماغنا ونمشي زي ما اتفقنا معاها عشان اكمل كروس العلاج وما تضيعش الفرصه واخف بسرعه 


مط فمه في إعجاب، وتساءل بنبرة تخللها مزيج من المشاعر 


= بجد!, هو انتٍ نفسك أوي كده تكملي العلاج 

بسرعه وما تضيعيش الفرصه عشان ترجعي البيت 


هزت رأسها بتوتر وهي تردد بحرج


= آآ أكيد.. امال انا بعمل كل ده ليه مش عشانك وعشاني .


توهجت عيناه وهو ينظر إليها بعشق، وقد

ضاعت الكلمات منه ثُم عاد يغمرها بحضنه وبحبه فدفن وجهه بعنقها وقال بحب 


= حبيبتي، أنا بحبك اوي يا حنين وفرحت ان انتٍ لما حسيتي نفسك متضايقه اتصلتي بيا انا اول واحد تستنجد بيه.. ما تقلقيش كل حاجه هتتصلح وانا هطلع بره افهمها ان انتٍ مش بتعملي حاجه غلط وما تجيش جنبك تاني ماشي .


ضغطت على شفتيها بخجل وهي تردد بابتسامة عابثة


= ماشي.. بس انا كمان بحبك على فكره .


أحنى رأسه على جبينها يقبلها بحب ثم ضمنها إلى صدره ليهدأ من روعها فاستكنت في أحضانها، فقد أغدق عليها بحنان انسانها ما كنت فيه، منحها حبه الصادق فتجاوزت أساءت والدتها وحزنها .


❈-❈-❈


وفي يوم من الأيام تفاجأت حنين منذ الصباح بطرق باب منزل عائلتها وتقدمت لتفتح هي! وقد تفاجأت بزينه أمامها ومن هول الصدمه لم تستطيع التحدث فلم تتوقع أن تراها مره أخرى بعد كل ما فعلته بها، ظلت تتطلع إليها لحظات بصمت، لتحاول زينه رسم ابتسامة بسيطة وهي تقول بإيجازٍ غامض


= ازيك يا حنين عامله ايه؟ و آآ طارق كمان أخباره إيه .


تجمدت حنين في مكانها، تناظر التي كانت صديقتها بيوم بعينين مشتعلتين وبشرتها كذلك تشع وهجًا.. فرمقتها بنظرة حادة ولم تستطيع الرد...


تقدمت في تلك اللحظه من الخلف إيمان وشعرت بالصدمه عندما رأتها جاءت الي هنا بعد كل ما فعلته بهذه البساطه! لتفكر فهل يوجد بشر بهذه البجاحه ام هناك شيء اخر قد جعلها تأتي بهذه الجرأة إلي هنا وتعود من جديد تقتحم حياه حنين وطارق!. 


وعندما فكرت بشيء ما لم تستطيع الصمت و

هتفت ايمان في استهجانٍ ويدها تلطم على صدرها


= هي البنت دي بتعمل ايه هنا؟ وجايه بكل بجحتك كده عادي... يا نهار ابيض لا تكون حامل . 


لم تنفي زينه حديث ايمان انما أخفضت رأسها بحزن شديد بصمت عجيب!.


ورده الفعل هذه جعلت حنين تشعر بالبروده في جسدها بتلك اللحظه وسرعان ما شهقت مرددة بعينين ذاهلتين


= حامل.. انتٍ حامل من جوزي يا زينه....!!!


** ** **

يـتـبـع.


الفصل الثامن 

_________________


حتى الآن، لم تصدق حنين أن زينة ليست حامل من طارق زوجها، كما توقعت إيمان. فإذا كانت حامل بالفعل، لكان ذلك سيغير توقعاتها وترتيباتها في علاقتها المقبلة مع زوجها. لكنها شعرت بالاطمئنان أكثر عندما أخبرتها بصوت حزين


=ما تقلقيش يا حنين انا مستحيل اكون حامل لأن انا مش بخلف اصلا وده السبب اللي خلي  جوزي يسيبني، وده ممكن السر الوحيد اللي خبيته عنك كمان !؟.  


جلست زينة أمام حنين رغم رفض العائلة بأكملها دخولها لذلك المنزل مرة أخرى بعد خيانتها لصديقتها. لكن حنين وافقت للمرة الأخيرة على سماعها ومعرفة ما تريده. 


ابتلعت غصة مريرة في حلقها وقالت بين دموعها النادمة 


= حنين أنا مش جاية أقولك إن أنا بريئة و ما عملتش كده متعمده، لا أنا فعلاً خُنتك..و خُنت السنين الطويلة اللي عشناها مع بعض، أنا لما لجأت ليكي انتٍ فضلتي جنبي بعد طلاقي رغم ان اهلي اتخلوا عني عشان اتطلقت غصب عنهم بس إنتٍ أكتر واحدة كنتي حاسة بحالتي شكلها إيه، كنت ضعيفة ومحتاجه حد يخرجني من اللي أنا فيه.. يحسسني ان انا بني ادمه ومرغوب فيا حتى وانا مش بخلف بعد ما جوزي سابني واتجوز عليا بسهوله كده وما استناش حتى نعافر سواه يمكن الاقي علاج واقدر أخلف الاولاد اللي نفسه فيهم، بس ده ما حصلش!. 


بحزنٍ بدأ يحتل تعابيرها أكثر واضافت قائلة بألمٍ


= عشان كده من غير ما أحس أنا وطارق إتعلقنا ببعض زي الغريق اللي بيدور على قشيه مش عارفه إزاي ما عرفتش اقاوم.. ولا اهرب

بالعكس اعجابي لي كان بيزيد يوم ورا يوم و كنت كل ما افكر نفسي ان جوز صاحبتي ارجع واقول ما هي مش عاوزه ولا عارفه قيمته و أطلع لنفسي أي مبررات! الظروف كانت أقوى مني واستسلمت، أنا مش عايزاكي تفتكري إن طارق هو السبب، أنا اللي خُنتك وخُنت نفسي سامحيني يا حنين و إرحميني من العذاب ده وقولي إنك سامحتيني، ماتبخليش عليا بالكلمة دي قبل ما أختفى من حياتكم من تاني. 


لوت حنين شفتاها بلا تصدق قبل أن تقول ببرودٍ غريب


= عارفه يا زينه رغم كل اللي حصل بس كنت بحاول الاقي مبررات مش عشان اسامح ولا نرجع صحاب من تاني ما خلاص ما بقاش ينفع وابقى خايبه وما تعلمتش الدرس لو قربتك من حياتي تاني إنتٍ ولا غيرك، بس مع ذلك كنت بلاقي مبررات عشان إنتٍ في الآخر بني ادمه مش ملاك و وارد تضعفي زي جوزي! بس بعد مبرراتك دلوقتي عرفت انك ولا ملاك ولا بني ادمه .


اندهشت زينه من حالة الجفاء المسيطرة عليها فربما اعتقدت سترحل وتعود وتجد صديقتها هي نفسها، فهتفت تخبرها


= حنين ما تبقيش قاسيه عليا، أنا عارفه إنك بتتعذبي بس ده مايجيش قد العذاب اللي إتعذبته من بعد ما فوقت، صورتك ماكنتش بتفارق خيالي ولا ضميري بطل يوجعني و يانبني على الغلطه اللي غلطتها في حقك إنتٍ ما تستاهليش بجد مني كده.. وخصوصا انتٍ بالذات .  


رمقتها بنظرة حادة قبل أن تقول بسخرية مريرة 


= انا برده اللي قاسيه، ده انا لحد دلوقتي مش راضيه اعاتبك حتى وانتٍ قدامي؟ ولو عتبتك فعلا هعرفك بجد معنى الوجع والعذاب اللي انا شفته بصحيح! بس اللي مسكتني أن جوزي في النهايه راحلك بمزاجه مهما بقى كانت المبررات من الطرفين هو مش عيل صغير ولا إنتٍ وكنتم عارفين بتعملوا ايه كويس.. فبلاش بقى قصه الشيطان غواني.. ما اعرفش عملت كده ازاي.. ومعلش سامحني ان انا وجعتك! هو إنتٍ اصلا طالما خرجتي من حياتنا جيتي تاني ليه؟ 


هتفت على الفور في رجاءٍ كبير


=عشان عندي أمل تسامحيني ونرجع صحاب تاني و والله العظيم من بعيد لبعيد لو عاوزه و كل شروطك هعملها لك بس مش عاوزه اخسر واحده زيك! انا بجد الفتره اللي فاتت عرفت قيمتك وان انا ممكن اعوض الراجل بس  الصاحبه لا .


نظرت حنين إليها بثباتٍ عجيب ثم أخبرتها بلهجة حازمة


= حياتنا او صداقتنا إنتهت خلاص يا زينه وده اللي عندي، بس عشان ضميري انا كمان سيبي الأيام تداوي الجروح دي.. بس واحنا بعاد عن بعض خالص. 


غادرت زينة بعد ذلك وهي محطمة القلب، بعدما رفضت حنين أن تصالحها وتعيدها إلى حياتها مره أخرى فما أصعب أنواع الخيانة أن تتلقى الخيانة والغدر من أشخاص كنت تتوقع منهم الدعم والأمان! 


❈-❈-❈


عندما لا نستطيع حل الأمور الصعبه لاما نتغاضى او نهرب! لكن هل الهروب هو كل الحلول أم أنها البداية للفشل والابتعاد عن شريك حياتك والسقوط في جحيم المجهول؟ 

فلم تظن أن الوقت سيمضي سريعًا طالما لا نواجه المشاكل ولا نبحث عن الحلول، و لاحق اتساءل لما لا نعيش سعداء او دائما نفتعل المشاحنات دون أسباب ويكون ذلك أثر تراكمات الماضي.


لذلك أصبحت حنين تتواجد في عياده الطبيبه باستمرار، لحل كل المسائل والمفاهيم الخاطئه

نقرت الدكتوره أمل بأصابعها على سطح المنضدة هاتفه بصوت جاد 


= كتير من الأزواج بيقعوا في الحرج بسبب جهلهم بحدود العلاقة الخاصة بينهم، فتقع الخصومات والمشاكل التي بتادي غالبا إلى الطلاق زي ما كان هيحصل بينك وبين طارق كده، عشان كده واجب معرفة المسائل اللي زي كده والتوضيح.. اذا كانوا من الأهل ولا نثقف نفسنا بكتب كويسه ولا عن طرق اشخاص فاهمه و واعيه في المشاكل اللي زي كده مش زي ما عملتي يا حنين واتسرعتي تعرفي ايه هي العلاقه الزوجيه وتفاصيلها عن طريق فيديوهات مش كويسه ولا نصايح مرات اخوكي وانتٍ متاكده انها مش واعيه ونضجه كفاية .


أخفضت رأسها بحرج شديد وحزن وهي تشعر بالذنب تجاه ذلك، بينما اعتلت زاوية فمها ابتسامة صغيرة وهي تستطرد 


= بصي يا حنين دينا اتكلم عن كل حاجه حتى المواضيع دي، فلو دورنا هنعرف اللي يجوز واللي ما يجوزش في العلاقه الخاصه بدل ما نسال حد ما عندوش وعي.. يعني مشاهدتك  للحاجات دي خدتي ذنب عليها أولا، وثانيا خليتك تاخدي فكره مبالغ فيها شويه أو أحيانا بتخلي الراجل او البنت يتامله ان الإثارة اللي شايفينها في الفيديو ده اللي هيحصل لهم انما على ارض الواقع بيلاقوا العكس لاننا نختلف في كل حاجه عن بعض حتى في المواضيع دي أكيد... غير بعد الجواز ممكن نكتشف ان في مشاكل اذا كانت في الراجل ولا في الست زي ما حصل معاكي ومع طارق .


بالكاد ابتلعت حنين غصة مريرة اجتاحت حلقها، عندما تابعت الطبيبة حديثها قائلة 


= و الحاجات دي بيصوروها الأجانب لهدف واحد بس يثيروا اللي بيتفرجوا عليهم و يحسسوهم بالمتعه العالية عشان تجيب لهم مشاهدات عاليه انما اصلا ردود افعالهم بنسبه كبيره بتكون مبالغه.. حتى لو اتنين متجوزين اتفرجوا عليها مع بعض بحكم يعني يثيروا بعض ويتعلموا، غلط و لا يجوز للزوجين أن يعرضا فيلم او فيديوهات + 18 من أجل الإثارة قبل الجماع؛ ده شيء محرم ما فيهوش كلام.. واضرارها كتير! فكري حتى فيها بينك وبين نفسك كده! يعني ايه راجل يسمح لمراته تتفرج على واحد من غير ملابس بيمارس الجـ.ـنس مع واحده عشان يتعلم يعمل مع مراته كده او هي العكس؟؟ حاجه مقرفه طبعا وما فيهاش ريحه النخوه وإهانة للراجل والست . 


بدأت أنفاس حنين تضطرب، وهتفت في اشمئزاز مستنكرة 


= ايه القرف ده لا طبعا انا عمري ما كنت هفكر اطلب من طارق حاجه زي كده ولا هو كمان كان هيوافق، ولا هيقبلها على كرامته الحمد لله طارق مش كده! بس انا فعلا غلطت لما اتفرجت على الحاجات دي قبل الجواز فضولي كان واكلني من كلامهم وما فكرتش انه حرام ربنا يسامحني بقى والله هي مره واحده عملتها ومش هعملها تاني اكيد .


انتصبت الأخري في جلستها ووضعت ساقًا فوق الأخر، ثم خاطبتها بعتابٍ خفيف


= تعرفي اكثر المشاكل اللي بتجيلي هنا أن ما يكونش الراجل أو الست بيحسوا بمتعه في العلاقه الخاصه بتكون اسبابها من الافلام والفيديوهات دي! ان هي تتفرج وتبقى مركزه مع البنت اللي في الفيلم و شايفاها مبسوطه قد ايه ومتخيله نفسها ده اللي هيحصلها مع جوزها والراجل كمان العكس و ممكن تفضل كل مره كده جوزها يقرب منها على أمل انها تحس بالمتعه اللي شافتها في الفيلم، ومهما يعمل جوزها هي مش شايفه غير اللي شافته.. ويكون خلاص عقلها خزن ان هي العلاقه و اللي بيعملوا ده غلط... عشان كده ربنا محرمه وحاجه انا مش بنصح بيها حتى لو بعد الجواز حسوا بعدم المتعه الأفضل ندور على اسبابها بدل ما نحلها بطريقه غلط .


لامتها الطبيبه أمل في ودٍ مضيفة 


= زي انا مش عارفه ليه بنروح بعيد واحنا قدامنا الحل حتى لو هنحل نصف المشكله بالدكاتره والاسلام، الإسلام أولى العلاقة الخاصه أهمية كبيرة وبعضها مختلف بين الفقهاء و رفع الحرج... العلاقة الخاصة بين الزوجين أمر لب خطره وأثره في الحياة الزوجية كبير وعدم الاهتمام بيها أو وضعها في غير موضعها إلى تكدير الحياة، بيفضي تراكم الأخطاء فيها لتدمير الحياة الزوجية، 

وفي بعض الناس بتظن أن الدين أهمل من الناحية دي برغم أهميتها و أن الدين أسمى وأطهر من انه يتدخل في الناحية بالتربية والتوجيه.. مع ان أي مشكله هنلاقي حلولها هنا و الواقع أن الإسلام لم يغفل عن الجانب الحساس من حياة الإنسان وحياة الأسرة، وفي أوامره ونواهيه، سواء منها كان طبيعة الوصايا الأخلاقية، أو كان طبيعة القوانين الإلزامية


أغمضت عينيها لطرد كل احساس بالذنب و تأنيب ضمير تجاه ربها وزوجها، ثم ردت بعدها في حماسٍ


= زي ايه يا دكتوره؟ يعني الدين الاسلامي اتكلم وقال ايه بالظبط على العلاقه الخاصه بين الزوجين 


إجابتها مبتسمة بلطف وهي تطالعها باهتمامٍ


= حاجات كتير يا حنين من اول ازاي الزوجه تبدأ تتزين وتتجهز لجوزها لحد بعد العلاقه كمان، ودينا كمان اتكلم عن الرجل أن يتزيّن لزوجته كما يحب أن تتزيّن هي له، وتعمق في نقط كتير خطيره زي مثلا يجوز الكلام الفاحش بين الزوجين أثناء المداعبة من أجل الإثارة، بس لا يجوز في الجدّ لأنه يصبح سبابا وامتهانا للكرامة يعني حتى دينه اهو محافظ على كرامه الزوجه .


رمقتها حنين بنظرة يائسة ما لبث أن تحولت للقهر حين ردت بخجل وبصوت حزين 


=بس اذا كانت ماما اصلا حذرتني قبل الجواز ان ما ينفعش لما احس ان انا عاوزه حاجه تبع العلاقه دي اقولها ولا اصرح بيها ولا اكون جريئه معاه عشان ما يحسش ان انا كان ليا تجارب سابقه ويشك فيا .


نظرت الطبيبة إليها بجدية وهي تخاطب إياها بحذر 


= اظن كل الجلسات اللي احنا عملناها اتكلمنا كتير ان قد ايه العلاقه الخاصه من حق الراجل والست لازم يتمتعوا بيها، و مش حاجه عيب ولا حرام ان الزوجه كمان تطلب من الراجل انها عاوزه العلاقه في الوقت الحالي بالطريقه دي ما عدا طبعاً الاشياء اللي ربنا حرمها ودي معروفه اكيد، خلينا ناخد كلام والدتك بنيه صافيه شويه على انها قاصده اول يوم و طبيعه تكوني مكسوفه وخجلانه انما بعد كده لازم تتعلمي وتطوري من نفسك وتشوفي جوزك عاوز تلبسي ايه تتكلمي معاه في ايه و تاخدوا رأي بعض في كل حاجه تخص العلاقه عادي جدا اذا كانت من ناحيتك ولا من ناحيته مش حرام طالما ده جوزك حلالك.. انما فكره هفضل طول حياتي كلها وانا متجوزه عامله نفسي مكسوفه ومش عاوزه العلاقه دي عشان ما يشكش فيا أن كان ليا تجارب سابقه؟ 


هزت رأسها بحرج هاتفة في تحفزٍ


= بس ماما فعلا كانت عاوزاني كده طول حياتي معاه، مش اول يوم بس! 


كزت على شفتيها في حنق مزعوجٍ، ولفظت زفيرًا طويلًا وهي تردد 


= طب اذا كانت الحكايه كده من الاول يبقى ليه بنتجوز طالما شاكين في بعض، اظن لو راجل تفكيره وصله لكده حتى من اول يوم جواز يبقى العيب فيه على طول لان طبيعي زي ما هو ملهوف على اول يوم انتٍ كمان تكوني ملهوفه وعاوزه كده عشان انتم بتعملوا حاجه حلال مش حرام.. ما للاسف في الرجاله بتكون فاكره اللهفه للمس الست ويقرب منها هم بس اللي بيحسوا بالرغبه دي انما عادي اكون متشوقه انا كمان اجرب الموضوع ده مع جوزي خصوصا لما تكون اول مره ليا وعاوزه اعرف ايه شعرها زيه بالظبط.


ابتسمت بفتورٍ، فردت بتشاؤم مرة ثانية عليها 


= لو قعدتي لهنا للصبح تشرحي لراجل كده للاسف مش بيشوفوا المواضيع دي كده؟ ده حتى في ستات مقتنعه بكده واولهم ماما ونصايح ايمان مرات اخويا وغيرها كتير 


هزت رأسها باعتراض لتردد في انزعاجٍ


= انا مليش دعوه بالناس انا بتكلم هنا عن الاسلام وده غصب عنهم وعني نفس الكلام اللي انا لسه قايلهلك من شويه بالحرف! الإسلام راعى قوة الشهوة عند الرجل عشان كده سامح له ان ممكن يتجوز واحده واثنين وثلاثه، بس ما انسيش جانب المرأة وحقها الفطري في الإشباع بوصفها أنثى. وعشان كده قال لمن كان يصوم النهار ويقوم الليل من أصحابه مثل عبد الله بن عمرو: إن لبدنك عليك حقا، وإن لأهلك (أي امرأتك) عليك حقا.


تذكرت حنين على الفور كل المرات التي كانت تتهرب متعمده من زوجها لتشعر بالذنب و الضيق من نفسها لذلك لاذت بالصمت الإجباري معها، وتابعت الأخري هاتفه 


= وقال كمان الإمام الغزالي:ينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة، فهو أعدل، إذ عدد النساء أربع (أي الحد الأقصى الجائز) فجاز التأخير إلى هذا الحد. نعم ينبغي أن يزيد أو ينقص بحسب حاجتها في التحصين. فإن تحصينها واجب عليه. و لفت الإسلام كمان أن ما يكونش كل هم الرجل قضاء وطره هو دون أي اهتمام بأحاسيس مرأته ورغبتها و روي في الحديث الترغيب في التمهيد... للاتصال الـ.ـجـ.ـنسي بما يشوق إليه من المداعبة والقبلات نحوها، حتى لا يكون مجرد لقاء حيواني محض.


وما لبثت الأخري أن تحدثت فغلف صوتها لمحة من الذنب وهي تتسائل بتوجس


= هو صحيح يا دكتوره الست اللي بتمنع جوزها انه يقرب ليها الملايكه بتلعنها بجد؟؟. 


هزت رأسها متفهمة حين عقبت عليها بتوضيح 


= بصي يا حنين ما ينفعش ناخد الكلام كده غير لما نفسره صح وده بيقع فيه غلطات ناس كتير يعني ما اخدش العنوان غير لما افهم التفسير وليه ربنا قال كده وكان يقصد ايه وقتها؟ لان التفسيرات دي مش بتتقال في العموم كده وعلى كل الناس تمشي... يعني في حاجات كتير لما بنفسرها التفسير الصح بتتفهم وبنحل أزمات كتير وصراعات دايره بين الراجل والست.. " حديث لعن الملائكة للزوجة هاجرة الفراش ليس دليل على إيذائها وأوضح أن حديث المرأة إللي باتت وزوجها عليها غضبان تلعنها الملائكة تكون حين يغضب لشيء يستحق الغضب، فالنبي صلى الله عليه وسلم كأن يقول عيشوا متوافقين فالله يحب التوافق، مؤكدًا أن العكس صحيح أيضًا، فالله سبحانه وتعالى قال: "ولهن مثل الذي عليهن .


قاومت ما اعتراها من قلقٍ وتوتر عندما أكملت

الأخري


= ولازم برده نقول اللي علينا واللي لينا وليه ربنا حرج علينا حاجه زي كده؟ و حذر الزوجه أن ترفض طلب زوجها بغير عذر، لان قد يكون مفرطا في شـ.ـهوته وشبقه، فتدفعه دفعا إلى سلوك منحرف أو التفكير فيه لتجنب الحاجات دي يعني.. فإذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجئ، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح.. وده طبعا في حاله انها ما عندهاش عذر شرعي او تعبانه او مرهقه، فعلى الزوج أن يراعي ده اكيد، ربنا سبحانه وهو خالق العباد ورازقهم وهاديهم- أسقط حقوقه عليهم إلى بدل أو إلى غير بدل عند العذر، فعلى عباده أن يقتدوا به في ذلك.


صمتت لثانيتين قبل أن تعاود الكلام


= و نهاها أن تتطوع بالصيام وهو حاضر إلا بإذنه، لأن حقه أولى بالرعاية من ثواب صيام النافلة وفي الحديث المتفق عليه: لا تصوم المرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه والمراد صوم التطوع بالاتفاق كما جاء ذلك في حديث آخر.... بس لازم تكوني فاهمه الزوجه اللي بترفض من غير عذر لو الزوج بات غضبان المعصية منها تتحقق بسبب الغضب منه، بخلاف أنه لو لم يغضب من ذلك، فلا تكون المعصية متحققة هنا.. يعني ممكن الامور تتحل ودي هنا من غير عذر و من غير غضب من الزوج .


فكرت حنين مليًا فيما قالته لكنها شعرت قليلاً بالتحيز تجاه الرجال أكثر ولم تتقبل كل الحديث لذلك علقت ساخرة


= طب على كده لو العكس والراجل هو اللي رفض؟ يعني اذا الست تجرأت وقالت انها عاوزه العلاقه دلوقتي الملايكه برده بتلعنه ولا الكلام ده ماشي على الست بس .


قبل أن تفكر الطبيبه في الرد أجابت بتأكيد 


= طبعاً يلعن الرجل لو رفض زوجته، ولو رفض الامر زيها بدون اسباب فهو آثم، أما أنه ملعون إن لم يجب زوجته إذا دعته لحاجتها فهذا ما لا نعلمه ولم نقف على قائل به. والله أعلم.. ده كمان للزوج لو نامت زوجته وهي غاضبة منه وسابها حزينة؟ فإن الله يكتب له في كل خطوة لعنة ويبعد عنه رزقه ويقلل من عافيته ويكتب له من كل دمعة من عينها الف جمرة, في كل ليلة نصفها في الدنيا والنصف الآخر في الآخرة.


نظرت إليها بدهشة كبيرة تشوبه الاستفهام و الصدمه، فلم تكن تعرف هذه النقطة او تتوقع

بأن الدين الإسلامي ينصف المراه مثل الرجل

بكل شيء! لأن دائما التركيز يكون على المراه فلم تتوقع أمور مثل تلك واعتقدت العكس تماماً، لذلك لم يعجبها الحديث في البدايه؟ 


كونها تشعر بالتحيز والحساسيه في تلك الأمور ففي البدايه بدأ ذلك عندما بدأت تكره العلاقه ولا تعرف لما هي مخلوقه لمتعه الرجل فقط؟!. استغفرت ربها كثير على سوء الظن به وهنا جلست بأريحية في مكانها وعلقت باسمة بزهوٍ


= بجد! انا فكرتك هتقوليلي الكلام ده ماشي على الست وبس! ولازم هي اللي تكون جاهزه للراجل على طول و لو رفضت الملايكه هتلعنها انما هو عادي لي اعذار.. لكن حتى لو نامت زعلانه منه برده عليه حساب؟ انا عارفه ان العكس كمان صح لو الزوجه زعلت زوجها، لكن بجد ليه ما بنقولش الحاجات دي دايما و نتكلم فيها عشان الرجاله تفهم انها كمان عليها واجب لو ما عملتوش هتتلعن من الملايكه زيها زي الست، ماسكين بس للست ان الملايكه تلعنها وربنا يغضب عليها وما ينفعش جوزها ينام زعلان منها طب.. ما العكس اهو موجود ليه احنا مركزين بس مع الست لدرجه خلوني احس ان ربنا استغفر الله العظيم يعني مش ذاكر حقوقنا خالص في الدين 


أومأت برأسها وهي تؤكد لها بعينها قبل صوتها


= معاكي حق فعلا و لو كل حاجه ذكرناها من دي و جربنا نعكسها على الراجل برده هنلاقي انها بتمشي عليه وهو كمان لي حق وان ربنا كان عادل بين الاثنين، بس على أرض الواقع  بنفسر على مزاجنا من العنوان ونسيب المضمون... 


انتابها المزيد من التوتر والذنب فابتلعت ريقها ولعقت شفتيها سريعًا قبل أن تخبرها بصوتٍ ما زال مذبدبًا من رهبتها بالحديثها الذي كان لصالحها أحياناً واحيانا ضدها، لذلك علقت مُبديه أسبابها


= انا مش هنكر أن كنت اوقات ما بكونش تعبانه بس ببعد عشان كارهه الموضوع وربنا يسامحني.. حتى لو هنقعد مع بعض شويه نتكلم كلام عادي كنت بخاف لا الامر في الاخر يتقلب ويطلب مني الموضوع ده! عشان كده كنت ببعد خالص من الأول وانا بعترف ان انا كنت مقصره جامد في الوضع ده.. بس هو انا كمان هتحاسب عشان كنت بكره العلاقه الزوجيه ؟!. 


تطلعت حنين إليها بحاجبين معقودين باهتمام، فردت الطبيبه أمل علي كلامها واضعة هذه البسمة الواثقة على محياها 


= حكم كره الزوجة للجماع؟ مفيش إثم على  المرأة ده مجرد شعور غصب عنها بتحس بي في نفسها من كرهها للمعاشرة الزوجية، ولو  مفيش تقصير في حق الزوج؛ فالكره و الأمور القلبية ما فيش دخل للمرء فيها، عشان كده لا يؤاخذ بها، كما قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا .


كانت حنين على عكسها تمامًا الآن سعيدة بذلك الحديث ومعرفتها الكبيره لتلك الامور التي كان لديها فضول كبير وحماس للغوص فيها اكثر واكثر لمعرفه دينها وما عليها وما لديها، بدأت مسترخية لأبعد الحدود، ثم مطت فمها في إعجاب وأخبرتها بانتشاءٍ


= يعني أفهم من كده الكلمه اللي كنت دايما بسمعها من بابا الملايكه هتلعنك، لما ماما كانت بترفضه وهي تعبانه وهو شاهد على كده.. هي ما عليهاش عذر وكلامه واقعه لان هنا العذر موجود والضرر واقع.. وطبعا الكلام ده يمشي على كل الازواج اللي بتاخدها ورقة ضغط و تفتكر بس ربنا في الحته دي ولما الست ترفض يقعدوا يهللوا ويزعقوا ويقولوا ليها كده الملايكه وربنا غضبان عليكي... لكن اذا ذكرت الشروط اللي انتٍ قلتيها كده ما فيش ضرر عليها وهي ما عملتش حاجه تغضب ربنا بل العكس كمان هو اللي عليه ضرر ان مش مقدر حالتها.. و بيستخدم كلام ربنا غلط كلوي دراع ولمصلحته  . 


أكدت عليها الدكتورة أمل مبتسمة


= بالظبط كده برافو عليكي كده بداتي تفهمي الموضوع ماشي ازاي، وبنسبه كبيره اصلا لو سالتي الرجاله على كل ده ولا هتلاقيهم عندهم علم بكم التفسيرات دي والمعني الصح لكلام ربنا... هم بس حافظين الملايكه هتلعنك والشرع محل أربعه.. وحتى اصلا فكره الزوجه الثانيه مباحه بشروط معينه!! ولو ما وقعتش  

الشروط دي هو اللي عليه الذنب هنا.


❈-❈-❈


لم يغفل طارق عن استغلال أي فرصة للتعبير لحنين عن حبه خلال تلك الهدنه والاستعداد لعودتها الى حياتهم من جديد بالتدريج مثلما نصحتهم الطبيبه، حتى أنهم أوقات كانوا يذهبون الى المنزل في السر ليقضون وقت قليلا مع بعضهم البعض لتطبيق العلاج و التقرب بينهما بالمداعبه وبث اشواق شغفه لها دون تقرب كامل وبعدها تعود ببساطه الى منزل أسرتها وهكذا تكرر الأمر عده مرات..  


تأملت حنين الغرفة من حولها مرة أخرى باشتياق حقيقي، فمن كان يصدق بانها سوف تشتاق الى ذلك المنزل وتلك الغرفه بالاخص التي كانت تشهد على غراميتهم سوا دونا تبادل منها وهروبها في بعض الأحيان من العلاقه؟ لكن الآن هي هنا برغبتها وتبادل إياه أيضا القليل من شغفه ومداعبته..


كانت جالسه فوق الفراش وهو جانبها يضمها إلي صدره، تحسست الملاءة بأصابعها ثم التفتت نحوه لتجده يبتسم إليها بحب ثم

أمـال طارق برأسه وانحنى بجسده على بطنها ليقبل إبنه الذي تحمله في أحشائها بعد بروز بطنها قليلاً فهي أصبحت في الشهر الخامس....


ثم رفع وجهها إليه و مسح بكفه على وجنتيها برفقٍ و همس لها بنبرته الخافتة


= هنعرف بكره ولد ولا بنت مش كده؟ متحمسه زيي ولا مش فارق معاكي يجي اي حاجه


اتسعت ابتسامتها قليلاً مؤكدة بلطفٍ


= كل اللي ربنا يجيبه كويس يا طارق اهم حاجه يكون سليم معافى! بس لا متحمسه زيك فعلا اعرف هجيب ولد ولا بنت عشان كمان بالمره نبدأ نجهز اللبس وكل حاجه لي.


هز الآخر رأسه بتفهم ثم رد بجدية


= حنين نفسي لما اسالك عن اي حاجه تجاوبيني باللي حساه فعلا حتى لو مش مبسوطه قولي بس مش عاوزاك تمثلي عليا زي زمان!  


تشنجت قسماتها بندم عندما تابع حديثه قائلاً 


= انا لحد دلوقتي زعلان منك أوي أنك كنتي بتمثلي انك مستمتعه معايا بسبب نصيحه مرات اخوكي دي ولا هروبك مني طول الوقت ولما كنتي بتتلككي على اي حاجه عشان تبعدي عني... أهو رغم عذابي وقتها بس كان عندي اهون من انك ما تكونيش صريحه وتمثلي احساس مش حساه وانتٍ قرفانه مني


ضغطت على شفتيها وردت بتوترٍ وهي تفرك أصابعها معًا 


= والله ما كنت راضيه على اللي بعمله وكنت زعلانه ومتضايقه من نفسي اكثر منك، بس كنت عاوزه اسعدك باي طريقه والله كنت بتصعب عليا كثير أوي وبحس انك ما لكش ذنب ومش عارفه انا مالي ولا اعمل لك ايه... حقك عليا سامحني .


أجاب بعشق وهو يتأمل صفحة وجهها الجميل


= ولا يهمك يا حبيبتي طالما مش هتعمليها تاني.. ومش هتخبي عني حاجه وهتكوني صريحه في كل حاجه 


أشرقت نظراتها هاتفة بنعومة جاده 


=لا خلاص ما تقلقش عمري ما هعمل كده تاني امال انا بتعالج ليه مش عشان احاول اسعدك وانا حاسه بكده فعلا.. واحس بكل لمسه منك ان انا بشتاق ليها وابدلك كل الأحاسيس دي وهي طالعه مني بجد .


التوى ثغره ببسمة عذبة وهو يقول بغموض


= تعرفي ان انا كنت بحس أن متجوز واحده نص عذراء؟!. 


عقدت ما بين حاجبيها باستغراب متسائلة بحرج 


= إيه التشبيه ده مش فاهماه وبعدين ما انا من تاني يوم حصل بينا علاقة يبقى ازاي لسه عذراء؟!. 


احتجزها بين ذراعيه و بنظرة أرجفت جسدها

وقلبها معًا، وتمتم أمام شفتيها


= تؤ نص عذراء في فرق! كنت دايما بحس ان في حاجه ناقصه وما عملتهاش معاكي و ناقصني كتير أوي حب واهتمام وأن أحس بيكي وانتٍ معايا حتى لو عملنا علاقه كامله  وفقدتي فيها عذريتك بس كنت كل مره بلمسك فيها بحس كأنك لسه عروسه.. او لسه بختمك زي ما بيقولوا، عشان كده سميتك نص عذراء.. !. 


ابتعدت عنه وتطلعت إليه بحب وابتسمت بشدة بينما هو اجتذبها بين أحضانه من جديد يغرقها بطوفان قبلاته وبين كل قبلة وقبلة يُلهب بها مشاعرها كأن يخبرها بشوقه إليها.


❈-❈-❈


شمل من حوله بنظرة منزعجة قبل أن يزفر من جديد واليأس مستبد به، لم يكن هناك أدنى ابدأ من أنه يحاول الاندماج مع ما يحيط به بعد عودته الى أولاده بعد تلك السنوات الماضية لكن وجد منهما حاله جفاء وتجاهل سيطرت علي الجميع.. لذا سدد نظراته عليهم  وقال بحنان زائف 


= يعني ما حدش منكم قرب يسلم عليا؟ إيه ما وحشتكوش؟ ايه يا محمود.. وانتٍ يا حنين يا بنتي مش كنتم دايما نفسكم اجي اشوفكم وبتبعتوا لي كثير ما انا اهو قدامكم !. 


رد محمود بنفس طريقته المتعجرفة الذي كان يتعامل بها معه كلما حاول اللجوء اليه في مشكله ما 


= آه صح كنت ببعتلك عشان تيجي فرح بنتك وتكون جنبها في يوم زي ده وانت اخذتني على قد عقلي وقلتلي هشوف ظروفي بدل ما تفرح زي اي اب ان بنتك هتتجوز وتسيب اللي وراك واللي قدامك وتيجي تشوفها.. على العموم انا فهمت وقلت لهم ما حدش منهم يحط أمل انت مش جاي وخلاص نسيتنا وطلعتنا من حساباتك .


توتر قليلاً ثم أجاب محاوله اختراع اسباب وهميه 


= لا الموضوع مش كده يا ابني انا فعلا كنت مشغول و...


تطلعت نحوه زوجته بنظراتها ثم سلطتهم على اولادها وبالأخص حنين التي غرق وجهها في الحزن، لتقاطعه بعتابٍ


= بقول لك إيه يا عبد الحميد احنا عرفنا ان مراتك طردتك من البيت بعد ما كتبت كل حاجه باسمها و بناتك ما سالوش فيك.. و المنطقه كلها ما وراهاش سيره غير الراجل العبيط اللي ضحكت عليه مراته ورميته وجاي دلوقتي يدور على عياله التانيين اللي بعهم فبلاش وش الحنيه ده عشان مش هياكل مع حد من عيالك واديك شايف بنفسك ما حدش طايقك من ساعه ما دخلت .  


شعر عبد الحميد بالصدمه لانها تعرف كل ذلك

لكنه ابتلع ريقه بصعوبة بالغة مرددًا  


= طب نفترض كده فيها ايه ما أنا رجعت زي ما كنتم عاوزين و نفسكم وعاوز الم الشمل زي زمان.. وما تقلقوش اذا كان على حقكم انا مش هسيب الوليه دي غير لما اجيب منها كل قرش خدته مني وهعوضكم .


جز إبنه علي أسنانه مغتاظًا وهو يقول بصوت جاد


= ليه حد قال لك ان احنا كنا بندور عليك عشان محتاجين فلوس؟ احنا كنا محتاجين اب.. حد يحمينا لكن امي ربنا يخليها لنا وانا واخويا الله يرحمه، الحمد لله عرفنا نعوض ده وحاجات كتير كانت ناقصانه لدرجه اكتفينا وبقينا عارفين نعتمد على نفسنا ومش محتاجين لحد 


هتف الآخر مجدداً بضيق شديد 


= ما تنساش يا محمود ان انا ابوك.. ولا انتٍ كمان يا زينب انتٍ لسه على ذمتي لو مش  مش واخده بالك 


لوت زينب شفتاها باستخفاف وتكلمت بنبرة معاندة للغاية


= تصدق فعلا كنت ناسيه اصل من كتر ما انتٍ كنت بالنسبه لي ولا حاجه، نسيت اطلب منك الطلاق اصلك ولا كنت فايدني ولا منقصني وعلى راي ابنك عشنا سنين طويله لدرجه  اكتفينا واتعودنا نعتمد على نفسنا.. 


اغتاظ عبد الحميد من برود زوجته المستفز، فتقدمت ناحيته ابنته الصغيره ليقول محاوله استعطافها 


= ساكته ليه يا حنين يا بنتي؟ هتعملي زيهم وتقسي عليا ومش عاوزه تسلمي على ابوكي حتى.


اشتاطت حنين من سطحية تفكيره فهل معتقد بعد كل قسوته وفراقه والجفاء الذي حدث بينهما بسبب البعد سيكون الجميع في انتظاره هكذا بمنتهى البساطه، لذلك ردت بصلابةٍ


= بحاول افتكر لك اي حاجه عدله تخليني فعلا اغفر لك مش لاقيه والله فعلا ما بجامل انت ما كنش ليك لازمه في حياتنا ولا فاكره ليك اي ذكرى واحده كانت كويسه معانا غير ظلم وافتراء وقله قيمه واهانه اذا كانت علينا ولا على امي.. ويوم ما تحن علينا وتفتكرنا تيجيلنا وانت مجبور عشان مش لاقي غيرنا تتحوج لي، بس للاسف جيت متاخر أوي واحنا ولا بقينا محتاجين لحد ولا عاوزينك .. انا مش فاهمه بجد انت جاي بعد السنين دي كلها ومتوقع هتلاقينا زي ما احنا ونفتحلك دراعاتنا ونقول لك اتفضل؟!. 


إساءة تلو أخرى جعلت صدر عبد الحميد يحتقن ويفيض ضيقًا خصوصا عندما تلقاها من أبنته الصغيره ليتقدم نحوها وأمسك برسغها و جذبها بقسوةٍ 


= يا قليله الادب يا زباله هي دي تربيتك يا زينب.. بقي أنا يا بنت الكلب ما ليش لازمه في حياتكم وجاي ليكم محوجه؟ انا ليا كذا مكان ممكن اروحه على فكره.. بس انا اللي عملت باصلي وقلت اجي اشوف عيالي واكون معاهم في اخر ايامي .


شعرت حنين بيده تعتصرها بقوة فضمت شفتيها مانعة نفسها من الصراخ آلمًا، لكن تدخلت والدتها بسرعه وهو لا يزال يشدد عليها فأبعدته بقوة عنها وصاحت بتهديدٍ صريح


= مكانك واياك تمد ايدك على البنت ولا على اي حد من عيالي! انا ولادي دول ربيتهم احسن تربيه واللي طلعت بيهم من الدنيا ومن عشرتك المقرفه زيك، فما يجيش واحد زيك على آخر الزمن يعيب في عيالي لا عاش ولا كان، تعرف ايه انت عنهم ولا تعبت معاهم في ايه ولا بيحبوا ويكرهوا ايه في حياتهم عشان تيجي بعد كل السنين دول تقول انا راجع لكم وعاوز الم الشمل.. وبعدين هي غلطت في ايه ما انت لولا اللي عملته مراتك وعيالك فيك ما كنتش هتورينا وشك اصلا  


شعر عبد الحميد بالصدمه الكبيره من رده فعلها فلم تكن أبدا من صفات زينب الدفاع عن نفسها أو أولادها والوقوف امامه هو بالاخص من خوفها الشديد منه، ليردد محاوله تخويفها مثل سابقآ 


= لا اقدر اعمل اكتر من كده يا زينب ولو كنتي ناسيه عبد الحميد بتاع زمان كان بيعمل فيك ايه افكرك؟؟ الله يرحم ايام زمان لما كنت بصبحك وامسيكي بعلقه ولا كنتي بتقدري تفتحي بقك انتٍ ولا عيالك 


ظلت ملامح زينب تسود وهي تزيد من هجومها المشبع بعبارات الإهانة الموجهه له

مع تهديد مبطن 


= طب جرب تعملها كده وانا والله العظيم لا همد ايدي عليك واعمل زيك بالظبط و اكتر؟؟ زينب بتاعه زمان خلاص ماتت والبركه فيك ومش بس كده لا كمان هعمل لك محضر عدم تعرض ليا وللعيال.. وخلي عندك بقى كرامه و لو راجل فعلا ارمي يمين الطلاق وما توريناش وشك تاني .


تدخل محمود أيضاً ثم دفعه للخلف هاتفا في حدةٍ


= طب ابقى خليه يعملها ياما وانا هوريه هعمل فيه ايه هي سايبه ولا فاكرني زي زمان هقف اتفرج عليه واسكت؟؟ ما تمشي بقى انا عارف إيه اللي رجعك لينا مش بتقول ليك اكتر من مكان روحيلهم.. و ابعد عننا بس قبل ما تمشي فعلا طلقها زي ما هي عاوزه عشان تكون خلاص قطعت اخر صله بينا وتنسانا خالص من حياتك زي ما احنا نسيناك.


نظر الأب إلي التلاته بأعين حقد وغيظ ثم هتف مرددًا بانفعال ظاهر 


= ماشي يا ولاد الكلب هي دي تربيتك بتقوي العيال عليا.. غوره كلكم في 60 داهيه وانتٍ طالق يا زينب... طالق بالتلاته.


لم تعلق زينت بشيء على طلاقها بالحديث وكأنها لم توجه إليه إهانة متعمدة، ثم تجاوزت كل ذلك وأطلقت زغروطه كتعبير عن فرحتها، صدمته حقا وصدمت ابنائها أيضاً من رده فعلها، وبعدها واصلت الصياح الحاد ملوحة بذراعها في الهواء 


= خير وبركه يا اخويا و والله العظيم لاهفرق شربات دلوقتي.. ده انا ربنا نجاني من واحد زيك و يلا بقى من هنا روح دور على واحده ثالثه عشان تطلع عليك الجديد والقديم وتجيبلي حقي زي ما الثانيه عملت ؟!.  


** ** **

يـتـبـع.

الفصل الأخير والخاتمة

_________________

  

رغم أن طارق هو من اقترح الذهاب للطبيبة لتحسين علاقتهما وخلق فرصه جديده لكن لم يمنع ذلك من جلسات علاج له أيضاً مع الطبيبه لتعديل بعض من افكاره، سألته أمل بإيماءة من رأسها


=تعرف أن حنين والدتها واهلها حذروها انها ما تكونش جريئه ولا تقول كل اللي تحس بيه في العلاقه؟ من باب يعني لا تشك في سلوكها وللاسف ده تفكير رجاله كتير يا ترى لو كانت عملت العكس كانت رده فعلك هتكون معاها ايه يا طارق  


بدأ وجهه متجهم ونبرته خشنة وهو يخاطبها  بحزمٍ


= وانا لو شاكك فيها من الأول هتجوزها ليه؟  مستحيل أفكر بالطريقه دي لان يوم فرحي أصلا رفضت ان حد يدخل في خصوصياتنا ولا  يعرف عننا حاجه زي كده، لما كانوا عاوزين يستنوا يوم الدخله أنا بكره العادات والتقاليد دي أصلا.. 


كتفت ساعديها أمام صدرها، وهي تهتف بعتاب لطيف 


= بس مع ذلك غصب عنك رضخت ليهم شويه والدليل يوم الدخله لما كنت شايف خوف و قلق حنين لكن اصريت زي اي راجل ان الموضوع ده لازم يحصل اول ليله عشان ما حدش يشك فيك وفين وفين لما اتاكدت ان ما فيش امل وهي مرعوبه.. اتنازلت اليوم ده لكن صممت انه يحصل تاني يوم على طول قبل ما يجوا أهلكم.


تلجلج طارق وهو يخبرها بشكلٍ ملحوظ


= مش بالضبط انا فكرت انها مكسوفه وبس.. ما انا بصراحه ما كنتش عارف كل الكلام ده وانها عندها عقد والمشكله كبيره كده غير متاخر.. وبعدين زي اي راجل لما صدقت ان الباب يتقفل عليا مع الانسانه اللي بحبها و كنت ملهوف على الامور دي ونفسي اطمن على نفسي وعليها .


رسمت ابتسامة صغيرة مهذبة على محياها وهي تقول بنبرة جاده 


= بص يا طارق ما فيهاش حاجه خالص لما اتنين متجوزين يعدي يوم.. ثلاثة.. شهر حتى وما يحصلش حاجه بينهم مش غلط بالعكس انت المفروض لما تصبر على مراتك انت كده راجل فعلا في نظرها ونظر نفسك.. انما الناس ولا هيفيدوك عملت الشئ ده دلوقتي او اخرته 


أخرج طارق منديلًا قماشيًا من جيب بنطاله، جفف به عرقه المتجمع عند جبينه وأجاب وهو يرفرف بجفنيه بحرج 


= معاكي حق مش هنكر ان فعلا كلام الناس حواليا وامي خلوني اضغط على حنين واصمم أن ده لازم يحصل ما بينا باسرع وقت!. 


قوست شفتيها مغمغمة في هدوءٍ ضائق 


= عارف سبب كل حاجه في حياتنا هي التدخل في شؤون الاخرين بشكل صارخ للاسف الشعب بتاعنا شعب غريب لازم يعرف كل تفاصيل حياه بعض رغم المشكله ما بتبقاش مشكلته، فالحين بس نقول على نفسنا مجتمع متدين و احنا تقريبا معظمنا ما يعرفش حاجه عن الدين غير الصلاه وبس.. وتلاقيه حتى بعد خروجه من المسجد ابتدا يجيب في سيره الناس طب دي ابسط حقوق ربنا ما تغتبش حد! 


ركزت الطبيبه بصرها على طارق وتابعت


= يعني مثلا في مجتمعنا برده مش فاهمين يعني ايه مفهوم الرجوله الصح؟ غير بان الراجل بيخلف ولا ما بيخلفش! حاجه مضحكه مش كده بنقيم مفهوم الرجوله بالخلفه ولا بيعرف يمارس العلاقه مع مراته ولا لاء.. طب ما ممكن ربنا مش رايد للشخص ده يخلف بس راجل بمعنى الكلمه وممكن يكون بيخلف بس ما يعرفش حاجه عن الرجوله خالص وبياخد فلوس مراته وهي اللي بتصرف عليه واولاده او بيسرق.. يغتال.. يـ.ـغتصب ما دي اكيد مش صفات الرجوله خالص .. 


ألقت نظرة سريعة تجاه طارق وعاودت التطلع إليه وهي تضيف 


= ولا الحاجات المستفزه بقى اللي بتحصل يوم الفرح! اللي بتخلي ممكن الراجل فعلا بسبب كلامهم وضغطهم ياخذ مراته بالغصب او هي عافيه بقى لازم يحصل الليله حتى لو تعبانه ولا فيها ايه؟ بسبب التعليقات بتاعه يا ترى شرفتنا يا عريس رفعت راسنا، ما انا مش فاهمه يعني هم مالهم بحاجه زي كده ولا هيشرفهم في ايه لما يحصل.. ولا تلاقي الأم واخده بنتها او أبنها على جنب وهاه ايه الأخبار عملتوا ايه امبارح ؟؟. 


لم تحد بناظريها عنه وتابعت باقتضابٍ


= رغم ان في حاجه اسمها خصوصيه وما تخصهم خالص، ايوه حتى لو الاهل نفسهم هم مالهم! وبعدين حتى سواء عملوا ولا معملوش هيستفادوا الأهل ايه؟ مش يمكن المشكله في ابنهم أو البنت محتاجه مثلا معامله خاصه من رهبه ليله الدخله واول مره وكده عشان ما تتعقدش و تتصدم والراجل نفس الحكايه اول مره ومحتاج تمهيد ويعمل كده من غير تعب.. المهم هم مبسوطين مع بعض كده ولا لأ هم حرين.. المشكله احنا في مجتمع متدين ودينا بيمنع ده! ومع ذلك مش بنطبق الحاجات دي في حياتنا، بس غيرنا مش متدينين وبيعملوا كده؟ يعني مثلا عمرك ما هتلاقي في اوروبا واحده بتاخد بنتها على جنب وتقولها ايه الأخبار وعملتوا ايه واسفه في الكلمه وريني دليل و قصه المنديل دي كمان حوار لوحده.. 


أوضحت له الطبيبه ببساطة طبيعه حال المجتمع 


= يعني برده من الحاجات اللي بستغربها تلاقي الام ما بتتكلمش خالص في المواضيع دي العلاقه وكده مع اولادها وبالذات البنت قال يعني كده بتفتح عينيها بدري، واحنا بقينا  في مجتمع كل حاجه تعرفها بسرعه فالافضل ولادنا يعرفوها مننا.. انما يوم الفرح عادي تبدا فجاه تتكلم بكل جرأة زياده عن اللازم او ما تتكلمش من الأساس وتسيبها كده جاهله في معارف الأمور اللي زي كده وحياتها ممكن تبوظ وتطلق وهي مش فاهمه السبب هي وجوزها، وتبقى معقده بقى ومش عارفه تسعد جوزها ازاي.. وفجاه نيجي يوم الفرح نسال عملتوا ايه امبارح طب هتجوبك ازاي.. يبقى ليه الحشريه دي من الاساس ولا دخلهم اصلا في حياتنا.. للاسف دي اكبر غلطه بيعملوها الاهل من البدايه ما كنتوش بتقولوا حاجه ولا تدخلوا في المواضيع دي مع اولادكم.. يبقى برده استمروا نفس الوضع حتى بعد الجواز ما تساليش ولا تتكلموا في خصوصيات أولادكم. 


اهتزت طارق شفتاه وهو يقول بقرار 


= معاكي حق في كل كلمه وانا والله من اول يوم كنت بحاول امنع اي حد يتدخل في حياتنا وعاتبت حنين على الموضوع ده كذا مره! لكن بعدين اكتشفت حاجات تانيه كتير انا ما كنتش اعرفها عنها، وبما اننا دلوقتي حلينا جزء كبير فاكيد بعد كده حياتنا هتمشي كده  و اتفقنا اصلا ان احنا ما نعرفهمش موضوع ان احنا بنتعالج عند دكتوره هنا عشان دي حاجه ما تخصهمش.


❈-❈-❈


وأخيراً جاء اليوم المنتظر رحيل حنين من منزل عائلتها إلي عيش الزوجيه من جديد،

اقتربت بذلك الأثناء عبير وهي تضع يدها على كتفها بهدوء مختلط مع ابتسامتها الحنونه مع نظرات عينيها


= والله هتقطعي بينا وهتوحشينا بس يلا المهم أن انتٍ وجوزك هتتصالحوا وربنا يهديكٍ ويهدي وتيجي هنا زيارات بس مش متخانقه معاه تاني! خلي بالك من نفسك يا حبيبتي المره دي وحوطي على جوزك ويا رب تكوني اتعلمتي الدرس 


مدت حنين يدها لتضعها على كفها المعقود بساعدها ضاغطة عليه برفق وهتفت مؤكدة لها بثقة


= ما تقلقيش ان شاء الله مش هيحصل حاجه 

وانا فعلا الفتره اللي فاتت اتعلمت حاجات كتير أوي، هي صحيح ايمان فين عشان اسلم عليها قبل ما امشي انا مش شايفاها خالص من امبارح ليه .


تنهدت عبير مطولاً ثم قالت بزعل 


= اتخنقت هي وجوزها امبارح كالعاده وانتٍ بره مع طارق، بس شكلها المره دي الخناقه كبيره، المره دي لمت هدومها وخدت العيال وراحت عند بيت ابوها ومصممه على الطلاق ربنا يستر بقى .


تقلصت المسافة ما بين حاجبي حنين وهي تسألها مستفهمة


= معقول حصل امتى الكلام ده وازاي ما اعرفش! بس اقول لك حاجه كنت متوقعه جدا علاقتها كلها كانت راكبه غلط حتي في الصلح

كنت بحسهم شبه بابا وماما أوي... بس رغم كده ما اتمناش ليهم الطلاق حتى عشان خاطر عيالهم  


مطت شفتيها مرددة بعدم إعجاب بائن في عينيها


=ومين سمعك العيال صعبوا عليا أوي وهي بتاخدهم بس هو كمان اخوكي كان منشف دماغه أوي وضربها زي كل مره قدامنا كلنا ومحترمهاش، الواحد بين نارين مش عارف الطلاق فعلا افيد ليهم عشان المناظر اللي بيشوفوها عيالهم دول ولا كل واحد يتربى بعيد عن الثاني ويا عالم هيفضلوا مركزين معاهم ولا العيال هيروحوا في الرجلين 


صمتت حنين لحظة تفكر بشيء ما ثم برزت ابتسامتها على شفتيها وهي تسألها بغموضٍ قليل


= هو انتٍ لسه فاكره يا ابله عبير عنوان بيت والد ايمان كان ايه؟ عاوزه اعمل محاوله اخيره يمكن أصلح حاجه.


لم تعترض على محاولتها لعلها تصلح بينهما ثم جاء ردها مباشرًا


= بصراحه لا مش فاكره بقيلي كتير ما رحتش 

بس هو قريب من هنا... اقول لك لو محتاجه ضروري تعدي عليها قبل ما جوزك يجي ياخدك، هتلاقي اخوها فاتح محل بقاله على اول الشارع هنا روحي واساليه على العنوان وهو أكيد هيقول لك .  


❈-❈-❈


تحركت إيمان من موضعها تجاه حنين التي قد جاءت لتراها في منزل والدها ثم رمقتها بنظرة ضيقة تعكس انزعاجها قبل أن تسألها معاتبة


= يا ترى المحروس اخوكي هو اللي بعتك مستخسر حد يجي هنا يعمل اي محاوله صلح طب ماشي عند بعند بقى والله ما هسكت المره دي وهوصل الموضوع للمحاكم ويبقى يوريني هيطولني انا ولا عياله ازاي   


حافظ حنين على نبرتها الهادئة وهي تجيب عليها 


= ما تهدي يا ايمان انتٍ شايطه كده ليه مش هو اللي بعتني انا جايه من وراه اسلم عليكي واقول لك كلمتين قبل ما اروح بيت جوزي، 

وبعدين مش ده حبيب القلب اللي ما يقدرش يستغنى عنك وذي الخاتم في صباعك إيه اللي غير الأحوال .


أدمعت إيمان عينها بألم وهي تتذكر اهانتها المستمره أمام الجميع من قبل زوجها، لذلك لم يحل سوى الوجوم والتجهم علي وجهها، و صاحت بزعل وهي تشيح بوجهها بعيدًا


=كده يا حنين شمتانه فيا ماشي حقك ما هو العيب مش عليكي العيب على الحماره اللي كانت بتسكت وتعدي قله ادبه وقله القيمه  وتحط جزمه في بقها وتقول معلش عدي واقبلي بالقليل.. لكن انا خلاص جبت اخري ومش هسكت تاني، اوعي تكوني فاكره اني كنت فعلا ببقى مبسوطه بقله القيمه دي أنا كنت بس بمثل عليكم لاني متاكده محدش هيقف جنبي بعيالي عشان كده حتى الشكوى ما كنتش بشتكيها وامثل أن انا اللي بحكمه وقادرة عليه .


ابتسمت ابتسامه ارتياح قبل أن تسألها بملامح اكتسبت جدية صريحة


= يااه أخيراً الحمد لله اقتنعتي ان الهبل اللي كنتي بتعمليه والتفكير الغلط ده ما كانش هو الحل وانه بس كان يا دوبك بيعدي المشكله ساعتها بس بيسيب تراكمات بعد كده مش هتعرفوا تحلوها انتم الاثنين وهي اللي وصلتكم لكده.. ما فيش حاجه اسمها يا إيمان

المتعه والسلطه للراجل وبس كده بتدي الحق ان يهين الست وما فيش حاجه اسمها ان الست تستخدم الأساليب اللي كنتي بتستخدميها دي وتقول استخدمها لصالحي واعدي اهانتي عادي واخليه يتمادى .


رفعت ايمان يدها تجاه شعرها المعقود كذيل حصانٍ للخلف وعلقت في استياءٍ ظاهر على صوتها


= هو ايه الكلام الكبير اللي انتٍ بتقوليه ده؟ ايه دخل ده بخنقتي انا وجوزي، هو انتٍ خلاص عشان رحتي لدكتوره نفسيه ولا مش عارفه اسمها اخصائيه هتعملي فيها مصلحه  انا مشكلتي غير مشكلتك يا حنين انا يا اختي ولا بتكسف من جوزي ولا بكره العلاقه ... ولا اقول لك حاجه انا كرهتها وكرهت كل حاجه منه 


نظرت نحوها نظرات مهتمة ثم ردت حنين بنبرة ذات مغزى


= عرفت بقى انها نفس المشكله! ما هو ده اللي بكلمك فيه يا ايمان انك عارفه مشاكلك بس بتحليها غلط وحتى محمود كمان، ايه رايك تجربي مره انتٍ ومحمود وتروحي للدكتوره اللي انا رحتلها انا وطارق وحليتلنا مشاكلنا جربوا مره تعملوا حاجه واحده صح في حياتكم مش تستخدموا الأساليب المقرفه دي في الصلح لحد ما بقيت حساكم نسخه من بابا وماما .


شهقت بصدمة وهي تعلق بتأفف


= انتٍ كمان عاوزانا نكشف مشاكلنا عند الناس الغربه ليه يا اختي للدرجه دي مش عارفين نحل مشاكلنا؟ 


اغتاظت حنين من اقتناعها المستفز، فتقدمت ناحيتها لتلكزها في كتفها وهي تنهرها هاتفة بإلحاحٍ


=ده على اساس الوضع دلوقتي بينكم انتٍ ومحمود ايه مش واقف على الطلاق واخذتي عيالك هنا في بيت ابوكي؟ بلاش هروب من الواقع يا ايمان انتم فعلا مش عارفين تحلوا مشاكلكم صح.. ولو فضلتي كده تعندوا هتكون اخركم زي بابا وماما محمود مسيره يبعد بعد الطلاق زي بابا بالظبط وانتٍ اللي هتدبسي في عيالك لوحدك ويا عالم اهلك هنا هيكونوا قادرين ولا هتعملي زي ماما وتنزلي تشتغلي هي دي العيشه اللي عاوزاها ؟؟؟ 


رغم أنها رأت معها حق لكنها لم تقتنع بعد،

لوت ثغرها ببسمة تهكمية، هاتفة في حسرة 


= يعني انا لما اروح للدكتوره بتاعتك دي هي اللي هتحللي مشاكلي، هتغير ايه في قله ادب اخوكي ولا ايده الطويله.. ومشاكلنا ليل ونهار

على اتفه الاسباب 


أشارت لها براحة يدها قائلة بابتسامة لطيفة لكنها جادة


= عارفه يا ايمان اكتريه العلاقات اللي بتكون فيها خناقات كتير على حاجات مش مستاهله بتكون هروب من حاجه احنا مكسوفين نواجهها لبعض! واكتر المشاكل كمان بتكون ليها علاقه بالعلاقه الحميميه واول ما بتتصلح حاجات كتير بتتصلح معاها في الجواز.. ما تاخديش كلامي تريقه و فكري فيه مره واحده في حياتك، يا ستي جربي خسرانه ايه ما انا قدامك اهو كنت خلاص واقفه على الطلاق ودلوقتي اهو رايحه بيت جوزي وبسبب الدكتوره دي أو بمعنى اوضح عشان واجهت مشكلتي واعترفت بيها انا وطارق.


تساءلت إيمان في نوعٍ من الحيرة


= انا بصراحه مستغرباكي انتٍ وجوزك زي ما تكون عملتلكم سحر ده انتٍ كنتي هتموتي وتطلقي ومش طايقاه وفجاه بقيتي طالعه خارجه معاه و بقيتي تضحكي وتهزري لحد ما قلتي خلاص انا راجعه له مش عارفه بقى عملت لكم ايه بالظبط غيرت حالكم كده .


أخبرتها حنين عن ثقة عجيبة وهي توضح لها


=جربي وشوفي بنفسك انتٍ ومحمود وانتٍ هتعرفي بتعمل ايه، جايز تقدر تصلح حاجه وممكن لا، في النهايه القرار بايديكم.. بس خليها محاوله أخيره عشان خاطر اولادكم وحبكم لبعض اللي حتي بتحبوا لبعض بطريقه غلط.


صمتت قليلاً لتفكر بالأمر فوجدت نفسها ليس لديها حل آخر فلما لا تجرب ربما ينفع معها الامر، فردت بكبرياءٍ جريح


= ماشي يا حنين خليني وراكي مش هخسر حاجه على رايك، بس شوفي يا اختي هتقنعي اخوكي ازاي! ويكون في علمك انا هفضل زيك في بيت أبويا هنا عشان ما يفكرنيش اتنازلت بسهوله المره دي ورجعله عادي .


نظرت حنين نحوها بابتسامةٍ راضية، ثم ربتت على كتفها قائلة بجدية شديدة 


= سيبي محمود عليا، وانتٍ فعلا لازم تفضلي بعيد عنه عشان ما تسرعوش ولا هو يكبر دماغه في نصف العلاج ويقول يلا كفايه كده طالما هي معايا، لازم يتعب المره دي عشان يعرف قيمتك... ما ترخصيش نفسك تاني يا ايمان انتٍ غاليه وما تستاهليش حد يهينك حتى لو كان جوزك والسكوت على غلط و الإهانة دي حاجه مرفوضه في العلاقه الزوجيه نهاء وده اللي لازم نعترفي بيه.. يعني تحترميه و يحترمك .


شعرت إيمان بالراحه أثر ذلك حديثها وذلك زاد رغبتها أكثر في تكوين شخصيه لها والذهاب الى تلك الطبيبه حقا.


❈-❈-❈


تحرك طارق بسرعه حتى يصل لمنزل خالته ليأخذ حنين، كان متحمس جدآ فقد سمحت لهم الطبيبه يعودون الى بعضهم البعض أخيرا و يمارسون أيضاً حياتهما بشكل طبيعي للغاية، 

لم ينكر شعوره بالقلق بأن تظل حنين كما هي رغم كل التعب الذي شعر به ليصل الى تلك الخطوه! 


فإذا تمكنت حنين اليوم من تغيير جميع مشاعرها بشغف، فإنها ستكون قد تجاوزت كل العقبات والمشاكل في حياتها بنجاح. هذا ما أخبرته به الطبيبة، لكنها حذرته أيضًا من أنها قد تبقى كما هي وتحتاج إلى مزيد من الوقت والعلاج. 


حاول ألا يتشائم، فقد رأى بنفسه تغييرًا كبيرًا في حالة حنين، لكنه مع ذلك ينتظر اليوم ليؤكد ذلك ويطرد كل ظنونه السيئة عنها.


وصل أخيرًا إلى منزل عائلتها، وقبل أن يطرق الباب، استمع إلى صوت والدتها وهي تتحدث مع عبير، زوجة ابنها البكر المتوفي، قائلةً


= ربنا يهديها وتعرف تمايل دماغ ايمان، زي ما ربنا هداها وهترجع لجوزها النهارده، اكيد حنين هتقولها نفس اللي قلتهلها وخافت و رجعت لجوزها عشانه... ان ممكن بعد عمر طويل ما يصرفش على الواد اللي في بطنها ويحصلها زي ما حصل معايا زمان وعبد الحميد سابني لما لقاني بشتغل انا حسيتها خافت وقلقت اول ما قلتلها وشرحتلها كل الاوضاع دي.. ما فيش راجل يتامن في الزمن ده حتى لو بيحبها .


شعر طارق بالصدمة والألم، فهل يعني ذلك أن حنين لم تعود له لأنها تحبه كما كانت تخبره و تأتي معه جلسات العلاج؟ أم لأنها شعرت بالقلق من أن تعيش حياة مأساوية مثل والدتها معه فذلك يعني أنها للمرة الثانية تخدعه.


لم يستطع الانتظار أكثر بعد معرفته الحقيقة وسبب عودة حنين له التفت ليغادر، وعندما هبط، لمح حنين عائدة مع شاب من الخارج، وعندما دقق في ملامحه، أدرك أنه شقيق إيمان زوجة أخيها، فهو يعرفه جيدًا لأنه سبق وتقدم لها عندما كانت صغيرة، لكن أهلها رفضوا بسبب عمرها. لكن ماذا تفعل معه ولماذا هي هنا ولا تنتظر في الأعلى؟ 


تقدم طارق بسرعه بغضب مكتوم وصاح بغيرة


= حنين!. 


التفتت له وابتسمت ابتسامة عريضة وهي تردد


= طارق انت جيت ثواني هطلع اجيب شنطتي بسرعه واجي معاك.. 


❈-❈-❈


في منزل طارق، تحرك هو إلى الأمام وتبعته حنين بعينيها متعجبه من حالته الصامته منذ عودتها إلى هنا، فقد توقعت بانه سيكون سعيدة للغاية اليوم بسبب عودتها معه، سارت خلفه و وصل إلى غرفتهما التي كانت مرتبة نظرت بعينيها إليها تتفحصها لكنها لمحت توجه طارق إلى باب الغرفة 


وقبل أن يخرج منها ناديته التفت برأسه اليها دون حديث ثم انصرف دون أن ينتظر أي كلمه منها، وهنا شعرت بأنها قد فعلت شيء بالتأكيد جعلته يتجاهلها كذلك لكنها ليست متذكره !. 


ظل صامت فتجمدت أعينها على تعبيراته الشاردة، خشيت أن يكون أصابه مكروه ما فتساءلت باهتمام كبير 


= طارق هو انت مالك في حاجه مضايقاك مني أو انا عملت حاجه؟؟ 


حملق مباشرة في عينيها قائلاً بحده 


= هو انتٍ كنتي بتعملي ايه مع الزفت اخو إيمان ده؟ وازاي تخرجي اصلا من غير ما تقوليلي وانتٍ عارفه ان انا جاي اخدك ونرجع البيت.. مش ده برده اللي اتقدملك زمان ولولا  كنتي لسه صغيره اهلك رفضوا ولحد دلوقتي اسمع انه لسه عازب و ما اتجوزش 


مطت شفتيها المكتنزتين مرددة بإعجاب بائن في عينيها بلمحه مكر 


= ممم ده انت غيران بقى!. 


حل الوجوم ملامحه وهتف بعصبية مكتومه 


= حنين انا مش بهزر دلوقتي ردي عليا ايه اللي خلاكي تروحي مع الزفت ده وباي حق كنتي معاه وخرجتي 


توترت من نبرته الغاضبة رغم هدوئها، خشيت أن يحدث مشاحنات بينهما باول ليله بعد عودتها هنا، فردت على سؤاله المريب مستفهمة


= طب اهدى مالك متعصب كده ليه الموضوع بسيط! أنا كنت مستنياك فعلا بس عرفت ان ايمان ومحمود اتخانقوا و واقفين على الطلاق ففكرت أن اعمل محاوله اخيره واعرض عليها انها تروح لدكتوره امل هم الاثنين ممكن تصلح حاجه.. انا اكتر واحده عارفه اصلا علاقتهم اللي كلها غلط في غلط


عقد حاجيبة باهتمام قائلاً بنبرة شبه غاضبة


= وهو ايه داخله بكده؟ قابلتيه فين لما انتٍ رايحه تصالحي اخته  


تعجبت من انفعاله الزائد، ومع ذلك بررت اعتقادها قائلة


= ما كنتش اعرف بيتهم بس ابله عبير قالتلي اخوها فاتح محل قريب مننا روحي واساليه وهو كثر خيره اصر يوصلني بحكم يعني ان انا مش عارفه المنطقه كويس وعشان ما حدش يضايقني، معلش حقك عليا عارفه ان انا كان لازم اقول لك بس ما كانش عندي وقت وكنتي خايفه امشي من هنا يطلقوا ولا حاجه 


رفع يده مشيرًا بصلابة وهو يقول بحده 


= ده مش مبرر يا حنين ولو كنتي استنيتيني وقلتيلي كنت هوديكي بنفسي ما تتصرفيش من دماغك تاني، عشان ده اسمه بتقرطسي جوزك لما تروحي مع واحد وانتٍ عارفه كويس

انه كان عاوزك وعينه منك افرضي كان عملك حاجه في السكه ولا ضايقك .


ردت بارتباك جلي محاولة نفي الأمر تمامًا


= بس هو والله العظيم ما عمليش حاجه وكان ذوق وكويس معايا وما فتحنيش خالص في اي حاجه، غير بس كان بيكلمني ان هو كمان مش عاوز خراب البيت لاخته بس لازم محمود يمسك اعصابه ويبطل يتعصب عليها  


دنا خطوتين نحوها قائلاً بكلمات موحية ذات مغزى مخيف وقد توهجت نظراته


= هو انا لسه هستنى لما يعمل لك حاجه، ما تفتحي مخك وبطلي السذاجه اللي انتٍ فيها دي، ما يمكن داخلك من السكه دي ولما صدق ولا يفهمك غلط ويفكر ان انتٍ كمان بترمي معاه عشان في مشاكل بينك وبين جوزك ما هي اكيد مرات اخوكي برده قالتله مش الهانم بتطلع اسرارنا بره  


انفرجت شفتاها مصدومة من طريقته المريبه معها، فردت بتوجس


= آآ انا ما فكرتش في كل ده بس انا والله العظيم ما بكذب معاك هو ما حاولش خالص يضايقني ولا يقولي اي حاجه عن موضوع زمان، وبعدين ما كانش في موضوع اصلا يا طارق كلام فاتحه مع اخويا وانتهى من غير ما حد يقولي وانا عرفت بالصدفه من ايمان..  


نظر طارق لها بغيظ ليرد بنبرة متصلبة


= برده! هو انتٍ ما بتفهميش دماغك دي مقفله ما لكيش عقل، اسمعي كلامي و ما لكيش دعوه بيه مش هستنى لما يعمل لك حاجه وبعد كده أخذ رده فعل  


عاتبت حنين نفسها بقسوة لكونها لم تفكر في كل هذا وهذه المخاطرة من البدايه، فردت قائلة بارتباك


= طب خلاص اهدى انت متعصب ليه حاضر انا اسفه مش هعمل حاجه تانيه من وراك، انت معاك حق فعلا انا اتصرفت من غير ما افكر كويس بس والله كانت نيتي خير.. حقك عليا ما تزعلش مني 


جز علي أسنانه وسألها مباشرة ليتأكد من ظنونه


= قلتلي المره اللي فاتت كده و برده اتصرفتي من دماغك هو انا ما بقتش مالي عينيكي! ولا الهانم عشان رجعتلي عشان بس خاطر اللي في بطنها وخافت ان انا مصرفش عليه واعمل نفس اللي عمله ابوها مع امها فخلاص هتعتبرني مش موجود.


اهتزت حنين شفتاها وهي تقول بصدمة 


= نعم انت جبت الكلام ده منين؟ مش حقيقي طبعاً هو انا لو كانت هي دي نيتي كنت وفرت حكايه الجلسات دي وقلت لك بلاها وانا هرجعلك كده وهحاول من نفسي 


تنهد بشرودٍ وتحدث موضحًا بنفس اللهجة الجادة


= بس كلام امك كان غير أنا سمعتها بالصدفه قبل ما نيجي هنا، انها حذرتك ان انا ممكن اطلقك وبعد كده ما اصرفش علي أبني و كلامها أثر فيكي ومن بعدها غيرتي واجهه نظرك في الطلاق 


ارتعدت من احتمالية تصديق الأمر وهو غير حقيقية بالتأكيد فتعللت بتوتر


= تلاقي ده اللي فهمته لكن انا ما رجعتش عشان خاطر اللي في بطني ولا خفت انك ما تصرفش عليه رغم ان انا فعلا ما كنتش ضامنه ده وطبيعي طالما شايفه ابويا عمل كده، لكن بعد كده فضلت اعند معاها وقلتلها المفروض ما نقتنعش بكده ولا نخليهم يتحكموا فينا.. وبعدها انت جيتلي وقلتلي لو عايزه تطلقي مني خلينا نجرب شهر ونروح عند الدكتوره وانا رفضت بس لما فضلت تضغط عليا يومها وافقت و مع الجلسات ابتدأت فعلا اتعالج و اشوف اخطائي واخطائك وحسيت انك فعلا تستاهل الفرصه الثانيه عشان بحبك وبتحبني واستحملتني حتى لو غلطت و كنت معايا وبتعافر في العلاقه دي عشان تنجح 


أبتسم بسخرية مريرة مجيبًا إياها بفتورٍ


= اتمنى فعلا يكون ده صح عشان عارفه يا حنين لو كلام والدتك هو الصح وانتٍ رجعتلي عشان كده معناه ايه؟ انك هترجعي تمثلي ثاني وانتٍ معايا.. و يبقى كل اللي عملناه على الفاضي !. 


اهتزت نبرتها مع دموعها الساقطة وهي ترد بإصرار 


=والله العظيم ما بكدب في كلمه اعمل لك ايه عشان تصدقني! يا طارق ما احنا ساعات كنا بنيجي هنا ونجرب مع بعض وانت اعترفت  بنفسك انك بقيت تحس ان انا ببدلك باحساس وحب ويجي مني وما كنتش بارده معاك زي زمان يبقى كل ده كنت بمثل عليك.. هم ما كانوش عارفين ان بتعالج و ما اقتنعوش اصلا حتى بعد ما قلتلهم حاجه زي كده لكن انت كنت عارف ومعايا خطوه بخطوه   


مط فمه دون أن ينطق بشيء، فاقتربت منه برجاء وهي تهتف بنبرة مهتزة


= يا طارق رد عليا انت مش مصدقني ليه؟ طب وحياه ابني اللي لسه ما جاش ما بكذب عليك في حرف انا رجعتلك عشان بحبك واحترمت فيك حاجات كتير ما كنتش شايفاها في الاول ولا مقدراها.. احنا عدينا حاجات كتير مع بعض المفروض تثبتلك أن اتغيرت.. وبعدين اصلا حكايه التمثيل ده انا عملتها مره واحده وندمت و وعدتك مش هعملها تاني .


ارتفع طارق حاجباه للأعلى مرددًا بوجع 


= حنين انتٍ وجعتيني أوي في حاجات كتير زمان واللي راح كوم واللي جاي كوم تاني فعلا لو صح! مش عشان كل مره بعدي ومتمسك بيكي هتفتكريني هفضل كده انا بالنهاية بني ادم وليا طاقه ونفسي ما اوصلش للمرحله دي بجد معاكي . 


تلاحقت أنفاسها وشحب لون بشرتها الطبيعي بخوف مضاعف، ظلت أنظارها المتوترة مسلطة على عينيه الحادتين فعاودت تقول بإصرار ويأس 


= برده مش مصدق! وبعدين يا طارق هي دي الحياه اللي قلنا اول ما ندخل هنا هنرمي كل الماضي ورانا... ما انت من البدايه مش مصدقني وصدقت كلمتين سمعتهم من ماما المفروض تصدقني انا، انا عارفه ان زمان كان ليا تصرفات كتير غلط بس الوضع دلوقتي اختلف واذا كان على إيمان اللي رحتلها من وراك ولا روحت مع اخوها ولا كلام ماما و رجوعي هنا فدي كلها غلطات اتصرفتها بنيه صافيه الا موضوع ماما هي فهمت غلط وانا بقول لك الحقيقه .


تطلع نحوها مطولاً بصمت ثم تركها و رحل، بينما ظلت حنين مكانها مصدومه تشعر بالحزن من قضاء اول ليله في حياتهما بعد عودتها من رحله شقاء قد صاروها هم الاثنين، لكن هل ستستسلم لهواجسه وظنه السيء والذي معه الحق بسبب تصرفاتها الماضيه؟ 


هزت رأسها بإصرار وتحركت تجاه حقيبتها لتخرج قميص نوم لترتدي!. 


ارتجف بدنها وهي تنظر إلى انعكاس هيئتها في المرآة بعد أن ارتدت ذلك الثوب المغري، لم تتخيل حنين أن تبدو هكذا بكل ذلك الإغراء، حتى وقت قريب كانت تبدو كفتاة عادية حتي مع زوجها، لكنها الآن تنافس أكثرهن جمالاً وإغراءً، تحركت بخطوات متردده الى الخارج لتبحث عنه.


كتم طارق شهقة مصدومة وهو يراها تلج إلى  الغرفه الذي يجلس فيها بذلك الشكل، مرر أنظاره ببطء على جسدها المنحوت بطريقة مثيرة للغاية بإعجابٍ لكنه بصعوبه حاول عدم اظهار ذلك


عضت حنين على شفتها السفلى بخجلٍ تسرب أيضًا إلى حمرة وجنتيها وهي تقترب منه و احتضنتها دون أي مقدمات واستعطفته بنبرتها الناعمة


= انا بحبك أوي انت ليه مش عاوز تصدقني؟ بحبك لدرجه غفرتلك جوازك التاني ودي كانت اكتر حاجه بكرهها و معقداني بسبب بابا بس حاولت الاقيلك اعذار واشوف الحاجات الحلوه واسامح، طب اقول لك على حاجه كمان كنت هغفرلك لو زينه طلعت حامل ما كنتش هقدر ابعد عنك رغم انها كانت حاجه هتوجعني أوي وقتها .


قطب جبينه متفرسًا ردة فعلها الخائفة، ومع ذلك لم يجادلها في السابق وتسأل بدهشة


= انتٍ بتقولي ايه؟ ايه اللي فتح موضوع زينه دلوقتي وحمل ايه 


أجابته بجدية وهي تتلفت برأسها بهدوء 


= زينه جت تزورني و تطلب السماح كانت فاكره أن هقدر ادخلها حياتي من تاني و اثق فيها، في ايمان قالت قدامها أنها ممكن تكون حامل عشان كده راجعه بعين قويه لكن الحمد لله هي نفت وقالت انها مش بتخلف اصلا.. انا خرجتها من حياتي وقتها لاني ما كنتش حاسه انها نفس صاحبتي بتاعه زمان وغصب عني شكيت فيها انها جايه لسبب تاني وعاوزه تاخدك مني من جديد.. وانا ما كنتش هستحمل ده، انك تعملها تاني وتروح لغيري 


مد يده ليداعب وجنتها قائلاً بصوت جاد 


= حنين انا قد كلمتي عمري ما هعمل حاجه زي كده من جديد، واذا لزم الامر لحاجه قدام احنا لسه مش عارفينها في علم الغيب فما تقلقيش هيكون عندك علم بيها من قبل ما اعملها 


رسمت تعابير جامدة على وجهها وهي تقول بصرامة وتهديد علني 


= ومين قال لك اصلا أن انا هسمحلك حتى تعملها ولو بعلمي، طارق انت ما فيش واحده هتستجراه تاخدك منك تاني.. سامعني! واذا سكت المره دي فالمره الجايه مش هسكت ولو وصلت لاقتلك واقتلها هعمل كده والله العظيم انت ليا انا و بس يا طارق... 


رفع حاجيبة للاعلي معمقًا من نظراته نحوها بتهكم، في حين ارتجافة شفتيها المغريتين كانت تحمسه لنيل عدد لا نهائي من القبلات، قاوم غريزته الجامحة مرددًا بغطرسة زائفة 


= تقتليني مره واحده! طب انتٍ هتفرق معاكي في ايه؟ مش انتٍ كده كده راجعه عشان اللي في بطنك ومش فارق معاكي جوزك تاخدي اذنه اما تروحي اي مكان 


حثها حدسها الأنثوي على متابعة ما تفعله فاكتفت بالابتسام له وظلت تتنفس بعمق لتضبط انفعالاتها المتوترة ثم هتفت بإصرار عنيد


= انا مش هقعد ابررلك كثير وانا قلت الحقيقه وانت حر، بس اوعي انت اللي تعملها مبرر عشان تروح لحد تاني، ما تختبرش صبري يا طارق انا بتكلم بجد مش هسمحلك المره دي تعملها وهمسك فيك بايدي واسناني.. ولو شفت واحده بس بتفكر تقرب منك هتخانق وهجيبها من شعرها وهعمل كل حاجه ممكن تتخيلها الا ان اسكت واطنش زي المره اللي فاتت انا ندمت اصلا ان انا سكت لزينه و ما رحتلهاش واتخانقت معاها عشان اعجبت بحاجه بتاعتي من الاساس وحقي لوحدي.


أعجبه نبره تملكها عنه وشرد من جديد للحظة في ملامحها، أيعقل أن اخيرا سيطبق الخيال بالواقع الذي كان يشتهيه معها، لف ذراعه حول خصرها ليضمها إليه وهو يقول بغيرة 


= بجد بتحبني للدرجه دي؟ وشايفين ان انا حقك وبتاعك لوحدك زي ما انا شايفك كده ومسكتي اعصابي بالعافيه و ما رحتش اتخنقت مع اخو ايمان .


اتسعت ابتسامتها محركة رأسها بالإيجاب لتقول له بثقة


= اه يا طارق انت معاك حق الغيره وحشه على اللي بنحبهم خصوصا لما يكونوا مع شخص 

معجب بيهم، انا اسفه مش هعمل كده تاني وكل حاجه كبيره وصغيره هعرفها لك بعد كده .


هز رأسه طارق ثم همس لها بتنهيدة عاشقة


= وانتٍ كمان ايا كان اللي قالتهلك زينه واللي مش عاوز اعرفه فخليكي متاكده أن انا كمان بحبك وعمري ما هبص لغيرك تاني... وبعدين انا ما بصيتش اصلا لغيرك اولاني و زينه ولا قصرت معايا في حاجه ولا غيرها الا انتٍ بس مكانك هيفضل محفوظ مهما رحت وجيت.. 


تحولت نظراتها للاحتقان واندفعت دمائها الثائرة أثر الغيرة في عروقها سريعًا لتحول لون بشرتها للحمرة الملتهبة، وقالت بشراسة


= وانا مش هسمح اصلا لواحده تاخد مكاني ولا انت تفكر تروح لغيري، سامعني! انا لسه عند كلامي اي واحده تفكر تقرب منك هاكلها باسناني 


تحول الوجوم الذي كسا ملامحه إلى حماس عجيب، وهتف طارق بإعجاب


= شاطره مش انا حقك براحتك مش همنعك اعملي مبادلك، وبعدين انا حبك حتى كده و انتٍ مجنونه.. وبعشقك حتى وانتٍ بعيد عني وتعباني معاكي .


ردت باشتياق ملتاع دون تفكير وهي تطالعه بنظراتها الرومانسية


= انا عمري ما هبعد عنك تاني يا طارق... انت حياتي و روحي كلها.. بحبك وما تزعلش مني على اي حاجه عملتها .


تنهد بعمق وهو يجوب بنظراته الدقيقة على تفاصيلها التي أثارته كان يتأملها باهتمام، خاصة وأن ملابسها قد منحتها هالة سحرية تأسر الأعين نحوها، كانت مختلفة عن أي مرة هي اليوم تبهره وتجعله يزداد رغبة فيها، ابتلع لعابه الذي سال مقتربًا أكثر منها بوجهه وقال باستسلام واعترف 


= وانا بموت فيكي يا حنين، ومش هقدر ابعد عنك تاني ولا اجرحك حقك عليا .


ابتسمت حنين باتساع بينما انحنى طارق برأسه عليها ليقبلها قبلة حارة على شفتيها بث فيها أشواقه وتلهفه على عودتها الى المنزل من جديد أخيراً، بادلته حنين الأشواق 

والأحاسيس التي افتقدها منذ غيابها عنه لعدة أشهــر.. 


سعد طارق بمبادلتها فبدأ في مغازلة حنين بكلماته ومداعبتها بطريقته المعتادة معها لكن هذه المره بشكل افضل وملحوظ حيث كانت تبتسم وتتفاعل معه بسلاسة! نتيجه لحل كل المشاكل والعقود التي كانت بها، لقد استطاع أن يأخذها في عالم خاص بهما فقط، ويشعر فيه انهم عاشقين ويرتويان فيه بالحب والغرام... 


غرقت الأخري في بحور من الغرام والعشق، و تذوق طارق طعم السعادة الحقيقية التي كان مفتقدها حتى انه تناسي ما حدث للتو وغضبه وظنه الخطأ.. لكن الآن طوي الاثنين تلك الصفحة المظلمة من حياتها للأبد... 


لترسم حنين معه لأول مرة في تاريخ علاقتهما بصمتها في الحب والرغبة... وهذه المرة، من وجهة نظر طارق؟ كانت فتاة ناضجة بحق يستمتع معها وتسعده وليست نصف عذراء.


الـنـهـايــــة.


** ** **

ولنا لقاء قريب مع الحكاية التالية. يـتـبـع.







تعليقات

التنقل السريع