قصة مقام القتيلة كاملة بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي
قصة مقام القتيلة كاملة بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي
عندنا في الفيوم وبالأخص في قرية "......" فيه مقام قديم أوي وشكله مهجور ومُخيف في نفس الوقت, وكنا واحنا عيال صغيرين بنروح نلعب ناحية المقام ونفضل نخوف بعض ونحكي عن العفاريت اللي بنشوفها في المقام ده, طبعا كانت أغلب الحكايات إن مكانتش كلها أي كلام, بس شكل البناء والمقام يوحيلك إنه بوابة لعالم الشياطين حرفيا, خاصة مكانه وشكله والإيحاء اللي بيجيلك أول ما بتقرب منه بس..
ومسافة ما وصلت لعمر 12 سنة أبويا قرر اننا هنأجر شقة في القاهرة ونتنقل لهناك عشان شغله وان التعليم في القاهرة هيكون أحسن لينا, وفعلا بعنا البيت ولمينا حاجاتنا وطلعنا على القاهرة, وهناك خدتني الدنيا في العاصمة بزحمتها ودوشتها وسرعة وتيرة الحياة فيها, ومفوقتش غير وخمستاشر سنة راحوا من عمري, أبويا كان عجز وأمي اتوفت وأخويا الكبير سافر, ولقيت أبويا فجأة بيطلب مني طلب غريب أوي, بيقولي إنه عايز يموت في بلده, استغربت من كلامه ودعيتله بالصحة, بس كان عنده إصرار إنه عايز يرجع البلد خاصةً إننا معانا مبلغ كبير نقدر نبني بيه بيت كبير واتجوز فيه أنا واخويا المسافر, استغربت أوي من طلب أبويا بس كان عنده إصرار اننا نرجع بلدنا تاني ومفيش أي أمل إنه يغير قراره..
كلمت أخويا ولقيته متقبل الموضوع خاصةً إنه بيسافر فمش هيفرق معاه المكان كتير, وانا أغلب شغلي أونلاين فمش هتفرق معايا كتير, بالعكس البلد هادية والحياة هناك هتبقا أحسن وسط قرايبنا والناس اللي اتربينا وسطهم, معارضتش كتير ووافقت على كلام أبويا..
ومن تاني يوم أبويا نزل على البلد عشان يشوف حتة أرض مناسبة نقدر نبني فيها بيت كويس وفي منطقة هادية, وبعد اسبوع تقريبا قالي إنه لقى حتة أرض كويسة أوي بتطل على أرض زراعية من جمب وعلى الجبل من الجمب التاني, مكان ساحر لو طلعنا فيه ببيت كويس هنعيش ملوك فيه, بصراحة كلامه خلى عندي شغف كبير إني أروح واشوف المكان اللي هو بيقول عليه ده, نزلنا البلد وعمي كانت عنده شقة مقفولة فتحها وقال اقعدوا فيها براحتكوا, شهر اتنين سنة لحد ما تبنوا البيت بالكامل..
وبصراحة الشقة كانت نضيفة وفيها كل حاجة, وانا حبيت القعدة فيها وقولت نقعد وماله لحد ما نقرر هنبني البيت وهنبدأ امتا فيه, عرفت إن الأرض أبويا هيشتريها من واحد اسمه "الحاج عطية" راجل أعرفه من سنين وابنه عمرو كان بيلعب معايا زمان عند المقام إياه, جبت رقم عمرو واتصلت بيه, أول ما عرف صوتي فرح جدا ورحب بيا وقالي إنه عرف اننا هنشتري الأرض منهم, طلبت منه نروح مع بعض نتفرج على الأرض ولقيته رحب جدا بالموضوع..
قابلته عند بيت عمي وانطلقنا, وبدأنا نمشي في البلد أو ممكن نقول النص الأخضر منها اللي كله أراضي زراعية, وبعدها بنمشي في مدق أو طريق كله حصى لونها غريب عشان نوصل للنص التاني من البلد اللي بياخدك على الجبل, عدينا المدق وبدأ يظهر من بعيد المقام إياه, ابتسمت أول ما شوفته وبدأنا نستعيد ذكرياتنا مع المقام زمان, بس الغريب إني حسيت إن عمرو مش حابب يتكلم عن المقام خالص, أو حسيت إنه بيغير الكلام كل ما بجيب سيرته ففضلت السكوت..
في اللحظة دي كنا قريبين من المقام, بدأت أسمع صوت واحدة بتغني من جوة, استغربت أوي, ايه اللي يخلي واحدة تدخل مكان مهجور زي ده, بصيت لعمرو وقولتله:
- انت سامع اللي انا سامعه
بص ناحيتي وحسيت برعشة في جسمه وقال:
- سامع ايه
- فيه واحدة بتغني جوة المقام
حسيت بنظرة خوف في عنيه كبيرة وقال:
- انت بتتخيل يابني, يالا عشان نلحق نشوف الأرض ونرجع
استغربت إنه مش سامع لأني كنت سامع الصوت واضح أوي, تجاهلت الموضوع نوعا ما واتفرجنا على الأرض, كانت فيه أرض مزروعة فعلا جمبها رغم التربة الجبلية, واكتشفت اننا لما نبني البيت هيطل على الأخضر والأصفر, الزرع والجبل..
وبعد ما اتفرجنا رجعنا وكل واحد راح لحال سبيله, وعلى بالليل دخلت أنام والغريب إني فضلت طول الليل أسمع صوت الغنا إياه اللي سمعته طالع من المقام, كأن فيه حد قاعد جمب السرير وبيغني في ودني طول الليل, تاني يوم أبويا راح لناس قرايبنا وفضلت في الشقة لوحدي, وعلى قبل المغرب النور قطع والموبايل مكنش مشحون, وقعدت في الشقة والجو كان صعب جدا والرطوبة عالية أوي..
طلعت برة في الشارع وفضلت أتمشى شوية ولقيت رجلي بتاخدني ناحية الأرض, الجو في البلد كان مثير أوي ومشجع انك تفضل تتمشى, بتحس إنك بترجع بالزمن حرفيا, وقدام عيني شوفت المقام من تاني, كان المغرب دخل والليل بيدخل, بس الغريب إني شوفت واحدة قاعدة قدام المقام لابسة إسود, محبتش أبص ناحيتها كتير لأن الناس هنا عندهم غيرة شديدة على ستاتهم, عديت من جمبها لقتها بتناديلي, كانت شابة وشكلها نوعا ما جميل, لقتها بتقولي:
- فيه واحدة بتغني جوة
حسيت برعشة في جسمي, خاصةً إني اتأكدت إن اللي سمعته امبارح مكنش تخيل مني, بصتلها ومكنتش عارف هرد أقول ايه, لقتها كملت وقالت:
- تعالى ندخل نشوفها
بصيت يمين وشمال بتوتر, لو حد من أهل البلد شافني معاها ممكن تحصل مشكلة, بس المكان مهجور تماما, والجو بدأ يضلم أكتر, في اللحظة دي البنت سابتني ودخلت وهي بتشاور عشان أدخل وراها, معرفش ليه لقيت نفسي بدخل وراها, المقام من جوة كان شكله مُقبض ومخيف جدا جدا, الغريب إن البنت وكأنها اتبخرت, مكنش ليها أي وجود حرفيا, المقام عبارة عن بناء دائري وفيه سلم من جوة دائري بياخدك لفوق, طلعت على السلم وانا حاسس بخوف وتوتر كبير..
بدأت أنادي على البنت بس مفيش أي صوت تقريبًا, وكأنها مش موجودة, طلعت أكتر على السلم وانا شايف بالعافية, سلم متهالك وتراب وخيوط عنكبوت كتير, لحد ما وصلت للدور التاني واللي كان عبارة عن أوضة واحدة..
وبدأت أسمع من الأوضة صوت غريب, وكأنه صوت أنين, صوت ضعيف أوي بس كان واضح, فيه حد بيتألم جوة, قربت من الأوضة وانا جسمي كله بيترعش وأعصابي سايبة, وهناك وفي ركن الأوضة كان فيه واحد مديني ضهره وحاضن حاجة قدامه, حاولت أفهم اللي انا شايفه ده لحد ما شهقت من الفزع, الشخص ده كان فيه جرح كبير في ضهره ومن قدامه فيه بنت مدبوحة والدم بيسيل من رقبتها ومع ذلك عمال يعتدي عليها وهي بتتألم بصوت واهن جدا..
بل وشوفته وكأنه بيشرب من رقبتها الدم اللي سايل ده, ومسافة ما شهقت الاتنين بصوا ناحيتي واتحولوا لتراب, اختفوا من قدامي وكأنه مشهد بشوفه على التلفزيون واختفى تماما, ومن المقام كله بدأ صوت الغناء يرجع من تاني, وقتها كنت حاسس بفزع ما بعده فزع وطلعت أجري من المقام كله, بس من ورايا بدأت أسمع خطوات تقيلة وكأن حد بيجري ورايا من على السلم, صرخت زي المجنون وهربت من المقام كله وجريت في قلب الجبل يمكن لأكتر من اتنين كيلو كاملين..
كنت حاسس بفزع محستش بيه في حياتي كلها, وفين وفين لما قدرت أرجع ولقيت أبويا قالب عليا الدنيا, قولتله إني كنت مع عمرو عشان يهدى ودخلت الأوضة وانا مش قادر اتمالك نفسي, بعد شوية دخل أبويا وسألني عن رأيي في الأرض, قولتله إنها كويسة, لقيته بيقولي ان عيبها الوحيد انها قريبة من المقام, سألته وايه المشكلة في كدا, قالي ان فيه بنت اتقتلت من شهرين في المقام, اتدب-حت, حسيت بقشعريرة غريبة أوي في جسمي لقيته ابتسم وقال:
- انت بتخاف ياض ولا ايه
وعدت الليلة وانا هموت واعرف مين اللي اتقتلت في المقام دي, اتصلت بعمرو عشان أقابله ويحكيلي بس قالي انه مشغول ومش هيفضا غير بعد العصر, كلمت واحد معرفة ونزلت قابلته وقعدنا ندردش كتير لحد ما في النهاية سألته عن الجريمة اللي حصلت من شهرين دي..
قالي إن فيه بنت اسمها حبيبة كانت بتحب واحد من البلد هنا وابوها واخواتها اكتشفوا انها بتكلم حد, ربطوها في البيت وفضلوا يضربوا فيها عشان تعترف وتقول مين بس هي خافت ورفضت تماما تقول, ومسافة ما سابوها هربت بالليل وفضلوا يدوروا عليها وقت طويل لحد ما لقوها مدبوحة في المقام, وكان واضح انها راحت للشاب ده واتقابلوا في المقام وطلبت منه يتجوزها ويكتب عليها أو هتعرف أهلها وهو عشان يخلص منها قتلها في المقام وساب جثتها, ولحد انهاردة أهلها هيتجننوا وعايزين يعرفوا مين الشاب ده من أهل البلد..
خرجت من عنده وانا جسمي كله مقشعر, وعلى العصر كلمني عمرو وقالي هنقعد في مكان كويس أوي هيغير المود 180 درجة, خدني وروحنا ناحية بحيرة كانوا بيعوموا فيها في الصيف, قعدت على البحيرة وهو قلع هدومه واستعد عشان ينزل المية, بس, بس, كان فيه جرح على ضهره, جرح عميق, جرح زي اللي شوفته في ضهر اللي كان في المقام, جسمي اتنفض وسألته عن الجرح لقيته اتوتر وقال كلام مش مفهوم..
خلصنا ورجعنا على البيت وعرض عليا أقعد معاه شوية ونشرب الشاي, ومعرفش ليه دخلت بيته وطلعت أوضته, ولما دخل يجيب الشاي لقتني بفتش زي المجنون في دولابه, وكانت الصدمة, محفظة نسائية فيها فلوس وبطاقة بإسم
"حبيبة متولي متولي أبو المجد"
عمرو, عمرو هو اللي قتلها, مفيش أي حل تاني, كان بيحبها, وقابلها أكتر من مرة في المقام, ولما أهلها اكتشفوا وهربت وقابلته أكيد رفض يكتب عليها أو يواجه أهلها فهددته فقتلها في المقام, وأكيد الجرح ده حصل من مقاومتها, ضربته بحاجة, خدت منه السكينة وجرحته, أكيد حصل من يوم الحادثة..
روحت لابويا وحكتله كل حاجة بالتفصيل, قالي محكيش نص كلمة لأن البلد هتولع نار لو ده حصل, وكلم واحد قريبنا عضو في مجلس الشعب وقدروا يستدعوا عمرو في القسم وهناك اعترف بكل حاجة تحت التهديد, واتحكم عليه بالإعدام, واتحطت قبضة أمنية من حديد على البلد لحد ما اتنفذ الحكم فعلا عشان العيلتين ميضربوش في بعض..
مكنتش أتخيل في حياتي إني هتعرض لأمور الماورائيات دي في حياتي, بس حبيت أكلم أستاذ أحمد محمود شرقاوي وأوثق القصة على صفحته, حبيته يحذر الناس وخاصة البنات, العلاقات المحرمة نهايتها قذرة أوي, فضيحة, موت, وخراب, ربنا خلقنا من ذكر وأنثى عشان نتجوز مش عشان نتصاحب, وجعل سبيل واحد للزواج وهو مقابلة الأهل, أي حاجة تانية فهي حرام, وخطأ كبير, خطأ هيدمر حياتك وحياته, وأتمنى نتعظ من موت حبيبة وعمرو..
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
.........
" فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا"
...........
لو عندك أي حكاية غريبة أو مخيفة حصلت معاك أو مع حد تعرفه وعاوزني أكتب عنها في قصة بكرة كل اللي عليك إنك تبعتلي على الخاص كل اللي تعرفه عن الحكاية أو الموقف المخيف ده بدون استئذان وتأكد اني هشوف رسالتك بأمر الله....
........
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا