رواية جمرية الصقر الفصل الاول 1بقلم سلوى عوض (حصريه في مدونة قصر الروايات)
رواية جمرية الصقر الفصل الاول 1بقلم سلوى عوض (حصريه في مدونة قصر الروايات)
في محافظة سوهاج العريقة، وتحديدًا في كفر الصياد، كان الشيخ حمدان الصياد جالسًا على فراش المرض، وبجواره ابنته جمريّة، الفتاة ذات التاسعة عشر عامًا.
قال الأب بألم : "جمريّة، كلمي أخوكي يوسف، وجوليله يرجع. نفسي أشوفه قبل ما أموت".
جمريّة: "بعد الشر عليك يا بوي، أنا مليش غيرك انت ويوسف بعد ما أمي هملتنا ويوسف فاتنا وسافر. خد علاجك وارتاح، وبكره إن شاء الله تصبح زين".
ناولت جمريّة والدها العلاج وقالت: "بالشفا إن شاء الله". ثم أغلقت نور الغرفة وخرجت. حاولت الاتصال بأخيها يوسف مرارًا، لكنه لم يُجب. أرسلت له رسالة على الهاتف وكل وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها لم تتلقّ ردًا. فكّرت في نفسها: "يمكن نايم ولا مشغول، أكلمه بعدين. أنا هطلع أنام شوية عشان أصحى أصلي الفجر مع أبويا واديه العلاج".
---------------------------------------
عند الفجر
استيقظت جمريّة وذهبت لتوقظ والدها ليأخذ العلاج ويصلي معها. دخلت غرفته فوجدته مستيقظًا وجالسًا على السرير.
جمريه: "صباح الخير يا بوي، كيفك دلوك؟"
الأب: "زين جوي، الحمد لله".
جمريّة: "يلا نتوضو ونصلي الفجر".
الأب: "يلا يا بتي، ربنا يبارك فيكي".
أدّوا صلاة الفجر، وجلسوا يتحدثون.
جمريّة: "هسألك سؤال يا بوي قبل الفطور، ليه سمتني جمريّة؟"
الأب: "عشان طول عمري بحب أربي الجمري الصغير (اليمامه الصغيره ) ، شكله عيبقى چميل أوي".
ابتسمت جمريّة وقالت: "تعرف يا بوي من أول ما بديت الدراسة في ابتدائي لحد ما خلصت التمريض وصحابي بينادولي قمريّة وانا اجولهم جمريه . بس أنا بحب اسمي و عاچبني".
ثم أضافت: "طب ممكن سؤال تاني يا بوي؟"
الأب: "طب ممكن نفطرو الأول".
جمريّة: "ماشي، حاضر، وأنا اللي هحضره بنفسي".
الأب: "فين فتحية وهانم وباجي الناس؟"
جمريّة: "خليهم يرتاحوا يا بوي، كانوا عينضفوا البيت، وانت عارف البيت كبير جوي عليهم".
الأب: "ربنا يبارك فيكي يا بتي. حنينة وطيبة".
جمريّة: "وهفطر معاك في الأوضة".
الأب: "لا يا بتي، نفسي أفطر في الهوا. حاسس روحي زهقجان من السرير".
جمريّة: "بس كده يبجى تعب عليك يا بوي".
ردّ الأب: "لا، أنا بجيت مليح، الحمد لله".
قالت جمريّة بفرحة: "ربنا يديك الصحة وطولت العمر يا رب".
الأب: "ويخليكي ليا انتي ويوسف، ويهديه علينا".
جمريّة: "يا رب يا بوي، ويرجعه بالسلامة. بالمناسبة، ليه النجع بتاعنا اسمه نجع الصياد، وچدي الكبير اسمه حسنين الصياد؟"
الأب: "بطّلي حديت وهاتي الفطور، واحنا بنفطر هحكيلك كل حاجة".
جمريّة: "أحلى فطور لأحلى حمدان في الدنيا".
الاب: اكبري يابت
جمريه: لا طول عمري هفضل بتك الصغيره
ذهبت جمريه وأحضرت الفطور وجلسا في الجنينة.
جمريه: يلا يابوي احكي بقى
الاب: يابوي عليكي لما تبقى عايزه تعرفي حاجه معتبطليش رغي
الأب: "اسمعي يا بتي، جدك حسنين الله يرحمه كان صياد على قد حاله، . في يوم كان جاعد على الترعة يصطاد، لجى واحدة واجعه جنب الترعة، حالتها صعبة جوي. جعد يفوج فيها لحد ما فاجت، وربنا كرمه وبجت زينة. أتاريها بنت راچل كبير وتاچر له مكانته. لما فاجت جالت له: وديني بيت أبوي . جدك ودّاها البيت، ولما شافه أبوها وحكى له القصة، حب يجازيه فزوجه بنته، اللي هي جدتك فاطمة.
بعد مدة، مات أبوها، اللي هو جدي ، لكنه قبل ما يموت وصّى جدك حسنين إنه يراعي جدتك ويشيلها، وسلمه كل أملاكه. جدتك فاطمة كانت وحيدة، لا أخ ولا أخت، وجدك حسنين كمان مكنش له حد، وكان على قد حاله جوي . و قرروا ييجوا هنا على النجع ده
جمريّة: "إيوه يا بوي، بس ليه سموه نجع الصياد؟"
الأب: "اصبري، هكملك".
جمريّة: "طيب، كمل يا بوي".
الأب: "جدك حسنين لما جيه هنا هو وجدتك، كان بيحب الصيد جوي. بس مع الأملاك اللي سابها له جدي ، مكنش محتاج يبيع اللي بيصيّده. بدل كده، كان بيطلع كل يوم يصطاد، ويوزع السمك على الغلابة في النجع بنفسه. الناس حبوه، وسمو النجع باسمه، نجع الصياد.
بعد كده، جدتك فاطمة جعدت فترة طويلة من غير ما تخلف. الناس نصحوا چدك يتجوز، لكنه كان متمسك بيها وجال: لو الخلف مش من فاطمة، مش عايز عيال. هي كمان كانت وحيدة، وكانت تقوله: اتجوز، مش هزعل. لكن جدك كان يحبها حب كبير، واتعارك معاها مرة وقال لها: لو الخلف مش منك، ملوش لزمة. بعد فترة، ربنا كرمهم وحملت فيا، والفرحة ما كانتش سيعاهم. لكن جدتك كانت تعبانة، وشافت المرار في الحمل. ربنا ستر وكمل الحمل على خير، وأنا جيت الدنيا".
جمريّة بابتسامة: "يا بوي، حكياتك چميلة أوي. وبعدين إيه اللي حصل؟"
الأب: "الدكتور وقتها قال لجدك إنها مش هتنفع تخلف تاني. وبعد سنتين، ربنا افتكرها وتوفت جدتك. الناس فضلوا يقولوا لجدك يتجوز، لكنه مرضيش وقال: هقعد أربي ولدي. وفعلاً رباني لحد ما بجيت شاب عندي 20 سنة، وقال لي لازم أتجوز. واتجوزت أمك، والله يا بتي كنت بعاملها بما يرضي الله. خلفنا يوسف، وكان جدك بيحبه چوي ؛ بياخده معاه في كل مكان.
في مرة، وهو رايح يصطادوكان واخد يوسف معاه كان عيصطاد ويوزع الرزق على الناس، مات وهو راجع في الطريق. أهل النجع جبوه البيت، ووقتها أمك كانت حامل فيكِ. أنا حزنت جوي على موت جدك، لكن الزمن بيداوى؛ وجيتي انتي للدنيا. لما كملتي 7 سنين، خدتِ حنية جدتك فاطمة، وكنتِ شبهها في كل حاجة. أما يوسف، فكان واخد طبع أمه".
جمريّة: "طيب يا بوي، بس ليه انت وامي اتطلقتوا؟"
الأب تنهّد وقال: "يا بتي، في يوم تعبت جامد، رحت للدكاترة وجالوا لي: عندك فشل كلوي، ولازم تغسل مرتين في الأسبوع. أمك من هنا بدأت تتغير. حبت تتحكم في كل حاجة، وكل مرة نروح المستشفى، كانت تعايرني وتجولي: خلي كل أملاكك تحت يدي انا تبعت من المرواح كل يوم على المستشفيات . كنت أقول لها: قدّر الله وما شاء فعل. مرة قالت لي: أنا حلوة وصغيرة، طلجني، إيه اللي يجبرني أعيش كده؟ حاولت أتحايل عليها عشان خاطرك وخاطر يوسف، لكنها صممت.
واطلجنا، ويوسف راح معاها. بعد شوية، اتجوزت أمين. كنت ببعت لهم مصاريفهم وزيادة. لكن لما كنتي تزوريها، كنتي ترجعي زعلانة من معاملة جوزها العفشه ليكِ. يوسف كان بيعاملوه كويس هو وولده، عشان كده كان بيحبها امه ؛ ويبقى قريب منها. بس معرفش إيه اللي خلاه فجأة يقرر يسافر".
جمريّة بحزن: "يوسف اختارها وسيبنا؟"
الأب: "ما تلوميش عليه يا بتي. كل واحد وليه ظروفه. الزمن كفيل يرجعه لينا".
جمريّة: "يا رب يا بوي. على العموم، أنا هنا معاك، مش هسيبك أبدًا".
الأب بابتسامة: "ربنا يبارك فيكِ يا جمريّة. انتي سندي، ونور البيت".
---------------------------------------
بعد انتهاء الإفطار والحديث
الأب: الحمد لله، الچو چميل النهاردة. أنا هطلع أتمشى شوية في الأرض وأشوف الناس، بجالي كتير ما شفتهمش. حاسس النهاردة، الحمد لله، إني قادر أعمل كل حاجة.
جمرية: طب هترجع أمتى عشان أجهزلك الغداء؟
الأب: أصلي المغرب وأرجع إن شاء الله
جمرية: تحب تتغدى إيه؟
الأب: اللي تعمليه يا بتي،
يخرج الحاج حمدان مع أحد الحراس، يمر بين بيوت القرية ويسلم على الناس، يطمن عليهم، ويتحدث معهم.
في أثناء تمشيته، يبدأ الحاج حمدان يتحدث مع الحارس فتحي عن ذكرياته القديمة.
الحاج حمدان : نفسي يا فتحي أروح اصطاد زي زمان. كنت أوزّع الصيد على الغلابة زي ما كان المرحوم أبوي بيعمل. كانت أيام جميلة .
فتحي يوافقه الرأي في صمت، يعرف كم كان الحاج حمدان يحب تلك العادات.
وبالفعل يذهب الحاج حمدان للصيد، ويعود بعد ساعات وهو سعيد بما اصطفاه الله به من خير، ويبدأ في توزيع الصيد على الفقراء في القرية، مثلما كان يفعل والده من قبل.
----------------------------------------------
بعد صلاة المغرب، يعود الحاج حمدان إلى المنزل، متعبًا ولكن سعيدًا بما فعله اليوم.
الأب: طلّعيلي هدوم أتسبح يا بتي
جمرية: عيني يا بوي
الأب: هرتاح شوية يا بتي، تكونوا جهزتوا الغداء؟
جمرية: حاضر يا بوي، نوم الهنا.
مر ساعة كاملة، وجمرية تدخل لتوقظ والدها حتى يتناول الغداء.
جمرية (وهي تنادي): يلا يا بوي، الغداء جاهز.
لكن الأب لم يرد.
جمرية (وهي تقترب منه وتتكلم بلطف): يلا يا بوي، اصحى.
عندما تلمس جسده، تجده باردًا كالثلج، ويدها ترتجف.
جمرية (بصدمة وحزن شديد): يا بوي! يا بوي!
تبدأ دموعها تنهمر، ولكن لا يجيبها. تتملكها الصدمة وتفقد القدرة على التفكير، وهي تعرف أنه فارق الحياة.
جمرية (بصوت مكسور): جلبك كان حاسس يا حبيبي. ودّعت كل حبايبك النهارده يا بوي. الله يرحمك يا غالي، مكنش ليا حد غيرك في الدنيا.
تدخل هانم، الشغالة، وتجد جمرية منهارة.
هانم: خلاص يا بتي، الحج سلم الأمانة. ادعي له بالرحمة. ارتاح من المرواح والجي على المستشفيات وغسيل الكلى، كان تعبان جوي.
جمرية: سايبني لمين يا بوي؟ كنت خدتني معاك، مكنش ليا غيرك في الدنيا.
هانم (بتطمنها): اسمعي كلامي يا بتي، البركة فيكِ وفي الأستاذ يوسف. كلميه ييجي ياخد عزاء أبوه ويجف معاكي.
جمرية: بقاله كام يوم مبيْردش، هكلمه تاني.
جمرية تحاول الاتصال به عدة مرات، لكن الهاتف مغلق.
جمرية (بحزن شديد): شكله قفل التليفون عشان مش عايز يكلمنا.
تخرج هانم لإبلاغ الناس بوفاة الحاج حمدان، وتلتقي مع زوجها فتحي الغفير.
ثم يتصل فتحي بأمين، زوج أم جمرية، ليخبره بالأخبار.
فتحي: عايزه الحلاوه
امين فيه ايه
فتحي: الحاچ حمدان تعيش انت
أمين (بفرحة): بجد؟ خلاص؟ يعني ارتحنا منه؟
ثم ينادي على زوجته زبيدة ، ويخبرها بالخبر
أمين (بفرح): يا زبيدة! يا زبده حمدان خلاص مات وارتحنا منه. يلا نروح هناك نعمل حالنا واقفين مع بنتك وزعلانين. وأنا هكلم عمار ولدي عشان يحضر الدفنة.
زبيدة (مستغربة): مخك فيه إيه؟
أمين: بعدين هقولك.
-------------------------------------------------
انتشر خبر وفاة الحاج حمدان في البلد كلها، وكانت كل الناس زعلانة على رحيله. كان الحاج حمدان معروفًا بطيبته وكرمه، وكان له مكانة كبيرة في قلوب الجميع. أما جمرية، فقد كانت في حالة صدمة شديدة، حيث لم تتمكن من تقبل فكرة فقدان والدها، وكانت تمسك بيده وتبكي، رافضة أن تتركه.
دخلت هانم، الشغالة، على جمرية وهي تبكي وتتمسك بوالدها.
هانم (بتنهد): مفيش فايدة من اللي بتعمليه ده، تعالي البيت اتملى ناس، جايين يعزوا.
جمرية (بصوت مكسور، وهي تكاد لا تصدق): مش مصدقة، دي آخر مرة أشوف أبوي
ثم دخلت زبيدة، والدة جمرية، وهي تمثل الحزن على وجهها، وتقترب من ابنتها وتحتضنها.
زبيدة : الله يرحمك يا حمدان، كنت طيب وحنين، ودائماً في ضهرنا.
جمرية، في حالة صدمة شديدة، لم تكن قادرة على استيعاب ما يحدث حولها.
أمين : الباجيه في حياتك يا بتي،.
ثم دخل عمار، ابن أمين، وقال:
عمار : الباجيه في حياتك يا جمرية، يلا يا بوي، عشان نحضر صوان العزا.
أمين : أنا هروح أجف مع الناس، أبوكي كان غالي عليّ جوي.
زبيدة بخبث : أيوا يا أخوي، انت راجلنا دلوك.
أمين: أم يوسف، كلمي يوسف خليه ييجي ياخد العزا .
هانم (بتنهد): الست جمرية كانت بترن عليه، لكن مفيش رد، وفي الآخر التليفون اتقفل.
أمين (بخبث): البت تايهة جوي، هديها شوية لحد ما نخلص العزا، يا زبيدة.
جمرية (تبكي بحرقة): أبوي فين فينه ابوي
زبيدة (بصوت منخفض): خلاص يا بتي، أبوكي مات، اهدي شوية، مفيش حاجة هترجع.
---------------------------------------
في العزاء:
في ذلك الوقت، كان أمين وابنه عمار يستقبلون الناس في صوان العزاء. كانت الوجوه كلها مليئة بالحزن، لكن البعض كان مستغربًا: كيف يأخذ هؤلاء العزاء وأين هو يوسف، ابن الحاج حمدان
ولكن كانت هناك عيون تراقب كل ما يحدث من بعيد، عينين متربصتين، تتابع كل حركة وكل كلمة، لم تفوّت لحظة من العزاء. كانت تلك العيون متخفية بين الجموع، تراقب بدقة، وكأن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث في تلك اللحظة.
الناس في العزاء كانوا مشغولين بمظاهر الحزن والوداع، لكن تلك العيون كانت تراقب بعناية التفاصيل الصغيرة. كانت عيون شخص يعرف كل شيء، لكن يبدو أنه يفضل أن يظل بعيدًا، غير مرئي في ظل الحزن الذي يملأ المكان. كان يتساءل في نفسه، هل ما يحدث هو مجرد عزاء أم أن هناك شيء آخر وراءه؟
وكانت تلك العيون تراقب أمين وابنه عمار وهما يتلقيا العزاء من الناس، كلما اقترب شخص ليعزي، كانوا يظهرون مشاعر الحزن، لكن في أعينهم كان شيء غريب، نوع من اللامبالاة، وكأنهم ليسوا جزءًا من الحزن الحقيقي الذي يعبر عنه الجميع.
حتى أن جمرية، وهي في حالة من الصدمة، كانت محط اهتمام تلك العيون التي كانت تراقب كل تحرك لها، كل دمعة تسقط منها، وكل كلمة تهمس بها. كانت تلك العيون تراقب يوسف، الذي كان غائبًا عن العزاء، ويفكر: أين هو؟ ولماذا لم يأتِ؟ هل هناك شيء ما لا نعلمه؟
وتستمر العيون في المراقبة، تعرف أن ما يحدث ليس فقط عزاء، بل هناك الكثير من الأسرار التي لم تُكشف بعد.
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا