رواية اسمى معاني العشق الفصل الحادي عشر 11 بقلم سلمى سمير(جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
رواية اسمى معاني العشق الفصل الحادي عشر 11 بقلم سلمى سمير(جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
البارت الحادي عشر
#اسمي_معاني_العشق
*****************
تأمل أمجد كلمات عمر بعينين متألقتين، وكأن فكرة جريئة بدأت تتبلور في ذهنه. رفع رأسه بابتسامة واثقة، وقال بحماسة طفولية تحمل جرأة الكبار:
أيوه كده فهمت... طيب إيه رأيك في اللي يخلي المستحيل ده يحصل وتتجوز ماما؟
حدق عمر في أمجد بذهول، غير مصدق ما يسمعه. هل يمكن أن يتحقق هذا الحلم الذي ظنه مستحيلًا؟ الكلمات التي خرجت من الطفل أيقظت أملًا دفينًا كاد أن يموت، فسأله بلهفة:
إنت بتتكلم بجد يا أمجد؟ معقول يكون لي نصيب مع أمك ولا هتفضل مجرد حلم بعيد؟
طالع أمجد وجه عمر بإعجاب، وهو يرى كيف أضاء عشقه لأمه ملامحه بالأمل والسعادة، وقال بتصميم طفولي لا يخلو من الجرأة:
أكيد يا عمي! سيبها عليّ، وهعمل المستحيل عشان أجمعكم.
تأمل عمر وجه الشاب، وكأن ملامحه تحمل وعدًا بحياة جديدة، ثم قال بابتسامة خافتة امتلأت بالامتنان:
إنت سيد الرجالة في عيني يا أمجد. لو فعلًا رجّعتلي أمك، عمري كله مش خسارة فيك.
في نهاية اليوم، وبينما تستعد ندى الصغيرة للنوم، اقتربت من أبيها بابتسامة طفولية مشرقة، وقالت ببراءة:
بابا انا مش هرجع لماما ندي النهارده... هبات معاك .
ضمها عمر إلى صدره بحنان، كأنه يتشمم فيها رائحة حب حياته، الذي وهبتها كل الحنان والرعاية. فسألها مازحًا وهو يطبع قبلة على جبينها:
يعني مش هتصحي الصبح وتقولي عايزة ماما؟
ضحكت ندى الصغيرة بمرح طفولي، وقالت بعفوية لا تعرف حدودًا:
لا مش هقول لكن هقولك هاتها هنا، تعيش معانا.
ضحك عمر من براءتها، وقال وهو يهز رأسه:
لما نشوف... لو الصغار هيقدروا يعملوا اللي الكبار مقدروش عليه، ولا هيصبح أمل ضايع زي اللي فات.
ابتسم أمجد بتحدٍ واضح، وقال بجدية تُضاهي ملامح الكبار:
اعتبره تحدي؟ بس لو كسبت، الفسحة عليك!
ضحك عمر للمرة الأولى منذ زمن طويل، صوت ضحكته مليء بالدفء والحنين، وقال بثقة لم يشعر بها منذ سنوات:
لو رجعتولي حب حياتي... خدوا عمري كله هدية. ليك يا أمجد.بس رجعلي ندي اللي الخداع ضياعها مني
*************
غادر امجد علي أما تحقيق أمنية عمر دون أن يخبر والدته، وبعد أيام سافر الي ابيه في الإجازة كالمعتاد مر أسبوعان منذ مغادرة أمجد، كان خلالها عمر غارقًا في أفكاره، يحلم باليوم الذي تُصبح فيه ندى زوجة أمجد، كما وعده. لكن السؤال الذي ظل يتردد في ذهنه: متى سيأتي هذا اليوم؟
في تلك الأثناء، كان أمجد قد وصل إلى منزل والده، في إحدى دول الخليج. بدت ملامحه عازمة، لكنه يحمل ثقلًا داخليًا وهو يقترب من والده، الشيخ جاسم، طالبًا حديثًا خاصًا بينهما.
بابا... ممكن نتكلم لوحدنا؟
نظر الشيخ جاسم إلى ابنه بنظرة مليئة بالفخر والحنان، وربت على كتفه قائلاً:
طبعًا يا ولدي. تعال، قلبي وروحي فداك. إيش بدك تحكي؟
جلس أمجد أمامه، وأخذ نفسًا عميقًا كأنه يجمع شتات شجاعته قبل أن يبدأ حديثه، وقال بصوت متردد:
بابا... هو سؤال، وعايز إجابتك عليه. أنت بتحبني؟
ابتسم الشيخ جاسم وربت على كتف ابنه مرة أخرى، وقال:
طبعًا أحبك يا ولدي. هو أنا عندي غيرك؟ أنت رجلي ووريثي الوحيد، اللي راح يحمل اسمي من بعدي.
ازدادت نبضات قلب أمجد توترًا، لكنه تشجع وقال بصوت مملوء برجاء:
مدام بتحبني يا بابا، لي طلب واحد. وأرجوك ما ترفضه. وحياة غلاوتي عندك.
ارتسمت علامات الجدية على وجه الشيخ جاسم، فأجاب بثقة:
عيوني إلك، يا ولدي. اطلب اللي تبغيه، ما بكفي عنك شيء، لو تطلب عمري كله. تريد مصاري ولا إيش؟
تردد أمجد للحظة، ثم قال بحزم:
لا يا بابا، أنت مكفيني وزيادة. لكن طلبي يخص ماما... أنا عايزك تطلقها. أرجوك وافق.
ارتبك الشيخ جاسم، وتجمدت ملامحه للحظات، ثم سأل بذهول:
إيش بتقول؟ ليش أطلق أمك؟ إيش اللي صار؟
نظر أمجد إلى أبيه بعينين مليئتين بالرجاء، وقال بصوت مكسو بالاستعطاف:
بابا، ماما ضحّت كثير. حافظت عليّ وربتني كويس. كفاية عليها كده. عايشة حياتها مربوطة جنبك، مش حرة نفسها. ده مش عدل، ولا دي حياة. لو يرضيك أكون أنا مقابل طلاقها، مستعد أعيش معك هنا علشان أرضيك، بس سيبها تعيش حياتها زي ما تحب.
ارتفع صوت الشيخ جاسم قليلاً، ونبرته مشوبة بالغيرة والتساؤل:
يعني أمك تبغى تتجوز بعد هالسنين؟
هز أمجد رأسه بسرعة معترضًا وقال بحماس:
يا بابا، ماما لسه صغيرة وجميلة، وفي كثير يتمنوها. ده حقها. هي قبلت تعيش حياتها ليا، علشان ما تتحرمش مني. وهبت عمرها كله عشاني، كفاية عليه تضحيه، سيبها تعيش حياتها مع إنسان يعوضها. أرجوك، لا مترفضش
تغيرت ملامح الشيخ جاسم تدريجيًا، وكأنه يحاول فهم الموقف، وقال بحدة:
أما بيكفي البنت اللي عم بتربيها؟ هي مو عايشة لجل خاطرها هالحين؟ ليش تبغى تتجوز؟
نظر أمجد بثبات في عيني والده وأجاب بجدية:
البنت دي، إن شاء الله، هتبقى من نصيبي باذن الله. أنا مقدرش أجبرك تطلق أمي، بس عايز أوضح ليك حاجة: لو رفضت، هتخسرني أنا كمان. كلها كام سنة وما راح تسمع عني شيء.
ساد الصمت في الغرفة طويلًا، والشيخ جاسم ينظر إلى ابنه كأنه يقيّم كل كلمة قالها. أخيرًا، تنهد بعمق، وقال بصوت هادئ مليء بالمعاني:
أبغاك يا ولدي. بالغالي اشتريك أمك طالق، وحقها راح تاخده كامل. وأنت كمان كيف ما بدك... عيش معاها وكمل تعليمك، ولما تخلص، تعال عيش معايا زي ما وعدتني، وامسك شركاتي وأملاكي. المهم تبقى قريب مني. ايش رأيك؟ أشتريتك أنا بعمري كله، وما أبغى غير حبك ووجودك جنبي.
تنفّس أمجد الصعداء، وشعر بثقل كبير يُرفع عن كاهله. ابتسم قائلاً:
اتفقنا، يا أحلى أب في الدنيا. هكمل تعليمي، وأجيلك بالإجازة كل سنة أقضيها معك. ولما أخلص، هكون جنبك وأرعى مالك ومالي ومال إخواتي البنات.
نهض الشيخ جاسم واحتضن أمجد بحرارة، كأنه يعيد ترميم جسر العلاقة بينهما. في تلك اللحظة، أدرك أمجد أن خطته بدأت تؤتي ثمارها، وأنه ربما يكون قد وضع أول حجر في بناء حياة جديدة لعائلته وأمه.
**************
مرّت الشهور الثلاثة كأنها غمضة عين. كانت الأيام تسير ببطء عند عمر وندى، لكن أمجد كان يتحرك بخطوات سريعة، كأن كل لحظة تقترب به من حلم طال انتظاره.
وفي مساء يومٍ بدا هادئًا من الخارج لكنه كان مليئًا بالإثارة من الداخل، دقّ جرس الباب في منزل ندى. ركضت الصغيرة لتفتح الباب، وبمجرد أن رأته، صرخت بفرحة طفولية:
ندى الصغيرة: مامااا! أمجد جه امجد جه!
اندفعت لتحتضنه بقوة، وطبعت قبلة بريئة على وجنته. ضحك أمجد بحنان وهو يرفعها بين ذراعيه، لكنه سريعًا ما قال بلهجة جادة تخفي ابتسامة:
اسمعي يا شاطرة، البوس والأحضان كفاية كده. انتي عروستي، ولازم تعرفي إن في حاجات ما ينفعش تحصل قبل الجواز!
ضحكت الصغيرة وهي تهز رأسها ببراءة. في تلك اللحظة، خرجت ندى الكبيرة بخطى متلهفة واحتضنت أمجد بحنان وشوق، ثم نظرت إليه بابتسامة عاتبة وقالت:
يا ابني، دي طفلة! اتربت على إيدك! مالك متزمت معاها كده؟ خليها تعيش طفولتها بحرية
رفع أمجد عينيه نحوها بثقة مشوبة بالحنان، وقال:
طفلة؟ آه، مش هأنكر... بس أنا راجل، ولازم أكون قدوتها من دلوقتي. الصح هو اللي لازم تتربي عليها لأنها هيعيش في ذهنها طول العمر
تأملته ندى الكبيرة، ودمعة صغيرة لم تستأذن ظهرت في عينيها. لم تكن دمعة حزن بل امتنان، فهي ترى في هذا الشاب ثمرة جهدها وتضحياتها. مسحت دمعتها سريعًا وقالت بابتسامة فخورة:
ربنا يباركلي فيك يا أمجد... دا أنت سيد الرجالة، يا حبيبي. أنا بدعيلك من قلبي ربنا يجمعكم على خير.
اقترب أمجد منها، وعيناه تحملان مزيجًا من الحب والجديّة، وقال:
ربنا ما يحرمني منك يا ست الكل. يلا بقى، قومي البسي حاجة شيك. النهارده أنا عازمكم على العشاء، لأن اليوم ده مش زي أي يوم.
بادرت ندى الصغيرة بالسؤال، وقد شاركتها ندى الكبيرة الفضول نفسه:
إيه اللي يميّز اليوم؟ وليه العزومة؟ وهنروح فين؟
ضم أمجد والدته، وقال بابتسامة تتألق بالحماس:
مفاجأة! استعدوا.
********
بعد أقل من ساعة، كان أمجد يقف أمام شقة عمر. طرق الباب بحماس، ولم تمضِ لحظات حتى فتح له عمر، وعيناه تتسعان فرحًا:
أمجد! الحمد لله على السلامة، يا حبيبي! وصلت إمتى؟
ابتسم أمجد بهدوء يحمل غموضًا، وملامحه تعكس ثقة لم يفسرها عمر بعد:
الله يسلمك يا عم عمر. بقولك إيه، مفيش وقت للكلام. قوم، ألبس أحلى بدلة عندك وتعال، وهات مفتاح الشقة معاك!
حدّق فيه عمر بدهشة، تساؤلات تتراقص في عينيه:
ألبس بدلة؟ ماشي... بس مفتاح الشقة ليه؟ عايزه في إيه بالظبط؟ هو في إيه؟
ضحك أمجد، وارتسمت على وجهه ابتسامة ماكرة:
هات المفتاح بس وهتعرف كل حاجة بعدين. المهم، الليلة دي أنا عازمكم على سهرة مش هتتكرر!
ضحك عمر من حماسة أمجد، وهز رأسه موافقًا:
ماشي يا عم أمجد، اهو المفتاح... خلينا نشوف آخرتها معاك!
استدار عمر ليبدّل ملابسه، وعندما خرج مرتديًا بدلة أنيقة، تفحصه أمجد من رأسه إلى قدميه بمرح وقال مازحًا، والسعادة تعلو صوته:
الله ينور يا باشمهندس عمر! أهو كده، أونكل عمر بتاع زمان رجع بجد!
ابتسم عمر ودفعه برفق على كتفه:
بطل يا واد يا بكاش! هو أنا كنت روحت لما أرجع؟ اتفضل خد المفتاح... ورينا آخرتها إيه معاك!
************
قاد أمجد الجميع إلى سيارة فاخرة كانت تنتظرهم. لم يسأل أحدٌ إلى أين يتجهون، لكن الفضول كان واضحًا على الوجوه. عندما توقفت السيارة أمام فندق فاخر، نزلوا بخطوات مترددة، ودخلوا وراء أمجد الذي بدا واثقًا كأنه يخطو نحو حلمٍ يعرف تفاصيله مسبقًا.
فتح أمجد قاعة صغيرة مليئة بالديكورات الأنيقة، والأضواء الخافتة التي أضفت على المكان جوًا حميميًا. في الداخل، كان هناك عدد من الأصدقاء والجيران يقفون بترقب.
تقدم عمر بخطوات بطيئة، ونظر حوله بدهشة، ثم التفت إلى أمجد:
أمجد ايه اللي انا شايفه ده؟ إيه اللي بيحصل ؟
أمجد أمسك بيد والدته وتقدم بها إلى منتصف القاعة، ثم نظر إلى عمر مباشرة، وقال بصوت واضح:
اللي بيحصل يا عم عمر، إن وعدي ليك اتحقق. النهارده،هتتجوز ماما. ونحقق أمنية حياتك انت وهي
اتسعت عينا عمر، وكاد قلبه يتوقف من قوة المفاجأة. نظر إلى ندى الكبيرة التي كانت تحدق في أمجد بذهول.فساله بصوت متوتر ممزوج بالفرحه:
طيب ازاي؟!
معقول هتجوز ندى... طيب وابوك؛
أخرج أمجد ورقة من جيبه، وأعطاها لندى قائلاً:
ماما طالق من تلات شهور، والنهارده يومكم. المأذون مستني، يلا نبدأ!
دمعت عينا ندى وهي تنظر إلى الورقة بين يديها. ثم رفعت رأسها لتواجه عمر، وقالت بخجل:
معقول؟ بعد كل السنين دي يكون ليا نصيب معاك؟!
في تلك اللحظة، دخل عاصم، صديق عمر القديم، واحتضنه قائلاً:
عاصم: "مبروك يا عمر! أخيرًا... حلمك اتحقق. تستاهل كل خير يا صاحبي.
وقف عمر في وسط القاعة، يحاول استيعاب كل ما يحدث. التفت إلى ندى وقال بصوت يرتجف:
ندى... إحنا... هنتجوز! بجد ده حقيقي؟ مش حلم؟"
ابتسمت ندى وسط دموعها وهي تقول:
ولا هو حلم مستحيل .لكن أمجد اللي خلاه حقيقة."
احتضن عمر أمجد والفرحة تغمره، ثم قال:
ياه يا أمجد، دا انت ما نسيتش حاجة علشان تكمل فرحتنا... ربنا ما يحرمني منك!
بس معقول لحقت عملت كل ده النهاردة،
ضم امجد والدته ندي الي صدره وقال :
انا نزلت مصر من ثلاث ايام وجهزت كل حاجه واتفقت مع الماذون وعزمت اصدقاءكم وجيرانكم
ارتسمت الفرحه علي الوجوه فقد تحققت الاحلام
وأصبح من حق القلوب ترتاح من الم الحرمان
*********
بعد انتهاء مراسم عقد القران، عمّت أجواء الفرح المكان، وسط الزغاريد والتهاني من الأصدقاء والأقارب. ندى الصغيرة، ببراءتها المعهودة، كانت تقفز من السعادة، بينما تمسك بيد والدها ووالدتها، وقالت بمرح:
خلاص! ماما هتعيش معانا في بيت واحد، ومش هبعد عنك تاني يا بابا!
حملها عمر بحنان ودار بها في الهواء، ضاحكًا بحب، ثم ضمّها إلى صدره وقال بامتنان وهو ينظر إلى ندى الأم:
فعلاً يا ندى، من النهارده كلنا عيلة واحدة، والفضل يرجع لأمجد. وعدني وما خذلنيش.
ربّت أمجد على كتف عمر وابتسم له بمودة، وقال بثقة:
استحالة أخذلك. أنا اللي وعدتك، لأن كنت واثق إنك الوحيد اللي هتعوض ماما عن كل سنين تضحيتها... وعن تعبها في تربيتي وحمايتي من شر زوجات أبويا.
أغمضت ندى عينيها في لحظة شكر عميقة لله، وهي تحمده على نعمة ابنها أمجد. كان شعورها بالامتنان يغمر قلبها، فها هي اليوم تحصد ثمرة تعبها وصبرها، وقد أصبحت حياتها أخيرًا تحت راية الحب والأمان.
******
بعد انتهاء الحفل، ومع مغادرة المدعوين، تقدم أمجد إلى والديه بابتسامة، وقدم لهما مفتاح الغرفة التي حجزها لهما في أحد الفنادق، قائلاً:
"ده مفتاح الجناح بتاعكم. تستاهلوا ليلة مميزة، تستعيدوا فيها ذكرياتكم."
لكن ندى الصغيرة، ببراءتها المعهودة، نظرت إلى والدها بقلق وسألته بصوت خافت:
طيب، أنت هتاخد ماما وتباتوا هنا... وأنا؟ هروح فين يا بابا؟ أخاف أبات لوحدي في الشقة.
ضحك عاصم، خالها، الذي كان يتابع الموقف، ثم حملها بين ذراعيه وقال بمودة:
ما تقلقيش يا ست البنات. هتيجي معايا يومين الفيوم، وهناك تشوفي بلد أمك، وتتعرفي على أولاد خالك. إيه رأيك؟
تهللت أسارير ندى الصغيرة، رغم حزنها الخفيف لبُعدها المؤقت عن أمجد. لكن فكرة السفر للفيوم أثارت حماستها، فابتسمت وقالت بحماس:
ماشي يا خالو! بس أوعدني تخليني أتكلم مع بابا وماما كل يوم.
نظر عمر إلى ابنته وهي تبتسم بسعادة، فربت على كتف عاصم، وقال بامتنان:
شكراً ليك يا عاصم. ربنا ما يحرمني منك يا صاحبي. وأنت يا أمجد، بعد ما جمعتني بوالدتك وردّيت لي روحي... اوعدك لو طلبت عمري كله، مش خسارة فيك.
ضحك أمجد بخفة وقال ممازحًا:
لا يا عمو، مش هطلب كتير. أنا عايز بس الفسحة اللي وعدتني بيها... وعلى حسابك طبعاً!
ضحك الجميع بمرح، قبل أن يدفعهم عاصم بلطف نحو غرفتهم في الفندق قائلاً:
يلا بقى، كفاية كلام! العرسان لهم ليلتهم.
تقدمت ندى الصغيرة لتقبّل والدها ووالدتها مودّعة إياهما، وقالت بعفوية وحنان:
انا بحبك قوي يا ماما، وأنت كمان يا بابا. وفرحانة أوي إنكم هتعيشوا مع بعض. ربنا ما يحرمني منكم.
غادرت مع خالها بعد أن ودّعتهم بحرارة، بينما عاد أمجد إلى شقة والدته، تاركًا خلفه ليلة مليئة بالسعادة والفرح، وبداية جديدة لعائلته التي جمع شملها أخيرًا
***********
دخل عمر الغرفة في الفندق وأغلق الباب خلفه بحذر، كأنه يخشى أن تتسرب اللحظة من بين يديه. أمسك بيدها برفق، وقبلها بحب، ثم رفع عينيه نحو عينيها اللتين أسرتاه منذ زمن بعيد. ظل ينظر إليها بدهشة تختلط بالهيام، وعشق يتراقص في قلبه وعينيه، وقال بصوت تملؤه الرومانسية:
ندى... بجد اللي حصل ده حقيقة؟ بجد بقيتي مراتي ونصيبي في الدنيا بعد كل سنين العذاب والفراق؟ أنا خايف أكون بحلم... واصحي ألاقي كل ده مجرد سراب.
رفعت ندى عينيها إليه بخجلها المعهود، والخجل زاد من جمال ملامحها، ثم همست بصوت خافت مشحون بالعاطفة والشوق:
إيوه يا عمر... النصيب جمعنا. بقيت مراتك... أخيرًا.
.فجأة، جذبها عمر إلى صدره بقوة، كأنما يخشى أن يضيع منها مرة أخرى. والتهم شفتاها بقبله جامحه حملت كل الشوق والاشتياق مكبوتين، سنين طويلة من عشق كان محرّمًا عليه، والآن صار حلالًا بين يديه. انقطع أنفاسهم فتركها وهتف بصوت مفعم بالحرارة، كأنه يفرغ كل ما احتجزه قلبه لسنوات:
ندى... أنا بحبك... بحبك قوي، فوق ما تتخيلي.
كان صوته صادقًا حد الذوبان، كلماته حملتها بين ذراعيه حيث لم تعد تشعر سوى بحرارة شغفه ونبضات قلبه التي تناديها.
ابتلعت ندى ريقها بصعوبة وهي تحاول استعادة أنفاسها بعد قبلته الشغوفة، ثم جمعت شتات روحها التي لطالما تاقت لعشقه، وقالت بخجل وهمس:
وأنا كمان بحبك قوي... يا عمر. حبيتك من سنين. كنت بفتح البلكونة كل يوم علشان تكون أول واحد تشوفه عيني كل صباح. كنت بتمنى إنك تحس بيا... وتحبني زي ما أنا بحبك. وكنت مستعدة أستناك العمر كله.
اقتربت منه أكثر، ومالت برأسها على صدره، تبحث عن أمانه وحنانه، ثم أكملت بصوت يحمل في طياته ألمًا قديمًا:
"متعرفش قلبي انكسر إزاي... وبقى مية حتة يوم ما خدعتني سعاد، وقالت إنك بتحبها هي. لكني... عذرتك، لأنك ما كنتش تعرف بحبي ليك. والحمد لله، ربنا عوض صبري خير، وردنا لبعض بمساعدة أمجد."
تنهد عمر بحرارة، وكأنما يخرج كل ما احتبسه قلبه لسنوات، ثم قال بصوت يحمل شغفًا وحنينًا دفينًا:
بتقولي أحس بيكي؟ يا حبيبتي، إنتِ سرقتِ قلبي من أول لحظة شفتك فيها... ومن أول ما حضنتك. فاكرة؟
خفضت ندى رأسها بخجل تحت وطأة نظراته التي كانت تخترقها، كأنها تزيل عنها كل أقنعة الحياء لتتركها مكشوفة أمامه.اجابته بصوت ناعم يحمل ولهًا عميقًا وعشق كان سرًا لسنوات:
طبعًا فاكرة... هو ده اليوم اللي مستحيل يتنسى. حضنك كان... دافي قوي.
أمسك عمر يدها وجذبها نحوه برفق، ثم غاص في عينيها الخجولة اللامعة ببريق الفرح وقال برقة تمس القلوب:
ندى... إنتِ جميلة قوي. بحبك، بحبك، بحبك موت، يا ندى!
ثم حملها بحماس ودار بها كأنه يطير فوق الأرض.
صرخت ندى بفرحة ممزوجة بالدهشة:
عمر! اعقل! إحنا مش صغيرين على اللي بتعمله ده.
أنزلها عمر بلطف، ونظر إليها بعشق يفيض من عينيه، وقال بصوت مشحون بالشوق:
ومين قال كده؟ أنا دلوقتي رجعت لـ17 سنة... لليوم اللي اتحرمت فيه منك. أوعدك، هرجع كل ثانية ضاعت مننا وأنا معاكي.
حاولت ندى الهروب من سطوة مشاعره، فخفضت عينيها نحو فستانها وقالت بذعر:
أوبس! أنا ما عنديش أي هدوم أغيرها... هنام إزاي؟
ابتسم عمر بمكر، وضمها إليه بحنان يحاول أن يخبئها داخله، وهمس:
مش هتحتاجي تغيري أي هدوم، وإنتِ معايا.
خرجت من بين ذراعيه ونظرت إليه باستغراب، وقالت بحيرة:
يعني إيه مش هحتاج هدوم؟! إيه يا عمر؟ هفضل معاك بالفستان ده بس؟
أمسك بيدها، وقال بجديّة تحمل في طياتها الدفء:
تعالي الأول نصلي، وبعدها هقولك هنعمل إيه.
*******
وقف الاثنان لأداء الصلاة في جناح الفندق. وبعد أن انتهيا، وضع عمر يده على رأسها وردّد دعاء الزوجين بصوت خاشع، مما جعل قلب ندى يفيض امتنانًا.
لكن فجأة، رآها تمسك هاتفها وتهم بالاتصال. فاندفع عمر بسرعة وسحب الهاتف من يدها.
نظر إليها باستغراب وسألها بحيرة:
إنتِ عايزة تعملي إيه؟
ارتبكت ندى تحت نظراته الحادة، وجذبت الهاتف من يده بحذر، ثم قالت:
هتصل بأمجد عشان يجيب لي هدوم. مينفعش أفضل بالفستان كده من غير ما أغيره.
وضع عمر الهاتف على الطاولة بحزم، ثم قال بصوت يحمل مزيجًا من الحب والإصرار:
قلتلك... إنك مش هتحتاجي هدوم طالما إنتِ معا
جذبها عمر إليه بقوة تملك واشتياق، وعيناه التهمتا ملامحها كأنهما تسابقان قلبه في التعبير عن عشقه. بصوت منخفض مشحون بالرغبة، قال:
تعالي... هقولك إزاي.
بيدين مرتجفتين، فك سوستة الفستان ببطء، ثم ضمها إلى صدره بحب جنوني، كأنما يحاول أن يحتويها بكل ما في قلبه من شوق ووله.
ندى، وقد احمر وجهها بخجل لم تستطع إخفاءه، همست بصوت متقطع بين الحياء والرغبة:
عمر... اهدي عليا... واحدة واحدة... أنا....
قطع عمره حديثها بقبله عاصفه امتص فيها روحها وتلذذ بطعم شفتاها بين شفتاه وقال:
يا الله بعد كل السنين دي، تقوليلي واحدة واحدة؟ طيب ادعي بس ربنا يعيني على شوقي ليكي.
توقف عمر للحظة، ثم نظر إلى عينيها بحنان يغلب كل شغفه، وقال بلطف وهو يلمس خدها:
ما تخافيش... كل حاجة بينا هتكون بروح الحب اللي جمعنا، أنا معاكِ... وإنتِ معايا، ودي البداية لحياة جديدة.سعيدة باذن الله
ثم حملها ومددها علي الفراش وأغرقها في حضنه، وأطياف شوقه تتلألأ في كل لمسة.
تجاوبت ندى معه بشوق جارف، كأنما استسلمت لدوامة عشق اجتاحهما معًا بلا مقاومة. كانا كمن وجد أخيرًا المرفأ الآمن بعد سنوات من التيه.
من بين قبلاته التي أغرقها بها بسخاء وشغف، همست بصوت مخنوق بالحب والاشتياق:
خدني ليك، يا عمر... كمان وكمان. عوّضني... واشبع روحي العاشقة ليك، وقلبي اللي اشتاق لحبك وحنانك وجموحك.
كانت أنفاسها المتسارعة تتلاقى مع رغبته المشتعلة، ترضي أنوثتها التي كادت تنساها تحت وطأة الفراق والانتظار. ضمّته إليها بكل قوتها، كأنها تحاول احتواء اللحظة وسرقة كل ما تمنته يومًا.
كانت كل لمسة، كل نفس، كل همسة بينهما تحمل شوقًا تراكم على مدى السنين، وكأن الزمن توقف ليمنحهما الفرصة لتعويض ما فات، والعيش في حب طالما حلمت به.
**************
يتبع ............
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا