رواية أسرت قلبه الفصل الرابع عشر 14بقلم سولييه نصار (حصريه في مدونة قصر الروايات)
رواية أسرت قلبه الفصل الرابع عشر 14بقلم سولييه نصار (حصريه في مدونة قصر الروايات)
الفصل الرابع عشر(يبكي الفؤاد)
-,سيلا اهدي!!!
صرخت بها اختها وسيلا تحطم كل ما تراه ...كانت منهاردة بطريقة لم تراها من قبل ....الدموع تطرف من عينيها ...انها خسرته...خسرته للأبد. .
فكرت وهي تكاد تفقد عقلها ...كيف تخسره ..هو حبيبها ملكها. كيف يذهب لأخرى ...هو لها حبيبها ...ملكها هي ..كيف يحدث هذا ...طفرت الدموع من عينيها اكثر وهي تشعر أنها سوف تموت من فرط الحزن ....سقطت فجأة على الأرض وقد ارتفع نشيجها...نظرت إليها شقيقتها بخوف ثم جلست بجوارها وهي تضمها وتقول :
-اهدي يا روحي ...اهدي ابوس ايديكي !!
-سابني ....اتخلى عني ...جورج اتخلى عني ...
قالتها والدموع تنهمر من عينيها بدون توقف ...كانت تشعر أن قلبها سوف يتوقف ...كانت تشعر بجمود عقلها تماماً...ألم يعد يحبها ...هل ما فعلته سوف ينقلب عليها .....طفرت الدموع أكثر من عينيها وهي تتمتم بجنون ؛
-هموت ...هموت لو سابني......هموت لو راح لغيري ...انا رجعت عشانه ...اتحديت كل حاجة ورجعت ...رجعت وانا عارفة ممكن يحصل فيا ليه .....هموت يا بتول....جورج لازم يرجعلي !!!
-سيلا ..سيلا ...
قالتها بتول بخوف ولكن سيلا نظرت إليها وعينيها الزرقاء تبرق بشكل اخافها وقالت:
-جورج ليا أنا مش هخلي واحدة زي دي تاخده مني يا بتول ...جورج حبيبي ...هو بيحبني أنا ...غلطت لما خوفت من والده وروحت على فرنسا ...بس انا رجعت ...والمرة دي لا بابا ولا باباه هيقدروا يبعدوه عني ...أنا كنت غبية لما خليتهم يأثروا عليا ...بس دلوقتي جورج هيرجعلي ...هعمل اللي محدش هيتخيله عشان يرجعلي ...جورج هيبقى ليا انا وبس ...جورج بيحبني أنا ...أنا شوفت ده في عينيه يا بتول ...روحه بتصرخ بإسمي ...عينيه بتلمع ليا أنا وبس ...أنا وبس يا بتول...ازاي بعد ده كله يروح لغيري..لازم يرجعلي لازم
-جورج متجوز يا سيلا ...مفيش اي فرصة ليكم سوا...هو ليه حياته دلوقتي ...انسيه وابدأي حياتك من جديد...أنتِ صغيرة وحلوة والف واحد يتمناكي !!!
قالتها بتول بلطف وهي تحاول أن تجعلها تصرف نظر عن الجنون الذي تتفوه به ...ولكن سيلا هزت رأسها بقوة وهي تقول :
-لا جورج ليا زي ما أنا ليه ..هو بيحبني أنا ...أنا وبس ....هي مش موجودة اصلا في قلبه
ابتسمت بإنتصار وهي تمسح دموعها وتقول ؛
-مشوفتيش بيبصلي ازاي يا بتول ...الحب في عيونه متغيرش ...هو بس متضايق مني عشان هربت ...بس انا رجعت ومش ههرب منه تاني ...وهنرجع لبعض ....هكون ليه...هنفضل مع بعض طول العمر ...هو مش هيتخلى عني ...هنبقى لحد ما نموت مع بعض !!
لم تتحمل بتول الهراء التي تتفوه به شقيقتها ونهضت ثم قالت بعنف :
-أنتِ بجد مجنونة...بتفكري ازاي يا سيلا ...جورج مين اللي عايزة ترجعيه ده ...بقولك الراجل متجوز ....أنتِ بجد فيه في عقلك حاجة مش طبيعية. . ازاي هتكوني مع واحد متجوز...ده مستحيل ....جورج متجوز ومش هيسيب مراته ...عايزة اعرف ازاي هتكوني معاه وبأي صفة !!!
ملست على شعرها الاحمر الناري بتوتر وقالت :
-بأي طريقة مش مشكلة ...ومش لازم اللي بيننا يكون جواز ....اللي بيني وبين جورج اكبر من كده ...
-أنتِ بجد اتجننتي يا سيلا وبتدمري حياتك وحياة جورج ومراته المسكينة! ...
-مراته المسكينة !!!
صرخت سيلا وهي تنهض وقد توسعت بؤبؤتها غضباً ثم أكملت:
-مين دي اللي مسكينة ..دي خطفته مني !!!أنا وجورج بنحب بعض وهي اللي دخلت وسطنا !!!
-انا عارفة وأنتِ عارفة انها مش خطفته منك ولا حاجة يا سيلا.....وبرضه أنتِ عارفة أنك اللي خسرتي جورج بإيديكي لما هربتي .. كان ممكن تقولي الحقيقة وهو يختار يسامحك ولا لا. ..
عضت شفتيها وهي تمنع شهقاتها من الخروج وشقيقتها تصفعها بالحقيقة المرة. نعم هي من خسرته طوعاً ....هي من هربت لانها خافت ان تخسره ...خافت ان يعرف الحقيقة ويكرهها !!
-سيلا والد جورج لو اختار يقوله الحقيقة هيكرهك ...بجد هيكرهك ...مش لأنك استغلتيه ...عشان هربتي ومقررتيش تقوليله الحقيقة
ارتعشت سيلا وهي تسمع كلمات شقيقتها وقالت بصوت ضعيف :
-لا ...جورج هيتفهمني ...جورج هيسامحني ...أنتِ مش عارفة هو بيحبني قد ايه ...هو بيعشقني ...جورج بيحبني ...أنا عملت كده بسبب بابا ...مكانش قصدي أعمل كده ومكانش في نيتي اصلا ..أنا كنت صغيرة يا بتول ومكنتش عارفة أنا بعمل ايه ...بابا هو اللي كان بيتحكم فيا...أنا مليش ذنب أنا حبيته ...حبيته اووي...وعشان أنا مظلومة جورج هيتفهمني ...جورج بيحبني وهيسامح ...هيعرف اني مكانش قصدي أعمل كده ...ايوة حبيبي جورج هيفهمني!!
كانت تتكلم بسرعة وهي تقنع نفسها أن جورج سيغفر لها ...كانت تحاول قصرا أن تقنع نفسها بهذا ...ولكن داخلها كانت مرتعبة فلو تكلم والده وعرف جورج الحقيقة سوف يكرهها بكل تأكيد...اعتصر قلبها داخل صدرها وهي تتمنى أن يتفهم ....أن يغفر لها وأن يعود ..فهي عرفت بعد فوات الاوان أنها تعشقه
............
كانت جالسة على فراشها ...عينيها تلمع بفعل الدموع لا تعرف ماذا تفعل تشعر ان كل الطرق مسدودة ....هل تستسلم وتوافق على سيف !!هي تعرف انه لا يحبها ...وهي أيضا لا تحبه وقد اقسمت الا تحب بعد قصتها مع خطيبها...ذلك الرجل الذي تركها ...حطم قلبها ...هو من جعلها تكره شكلها اكثر ..ما ذنبها هي ....هي تلعن ذلك الرجل الذي فعل هذا بها...لقد دمر حياتها ...دفنت رأسها بين ساقيها بينما الدموع تنساب من عينيها...ليتها تموت هذا سوف يكون افضل لها !!!ربما الموت هو الحل الأفضل لها ...بتلك الطريقة هي لن تكون عبأ على احد ...لن يتحكم بها أي أحد كما يريد ....سوف تكون حرة...سوف تكون مع والديها للأبد ...تلك الفكرة كانت تتسلل لعقلها ...فكرة أن تقتل نفسها لترتاح ولكن خوفها من غضب ربها كان يمنعها كل مرة ...
انتبهت عندما سمعت طرقة خفيفة على الباب ....نهضت مسرعة وهي تأخذ نقابها وقالت بصوت مختنق :
-اتفضل...
ولج جلال للغرفة وهو يحمل صينية الطعام ...عينيها الزرقاء لمعت بغضب وقالت بصوت مكتوم :
-نعم ...
-متغدتيش النهاردة...حتى الاكل اللي حضرتهولك عزيزة ممدتيش ايديكي عليه وانا سيبتك براحتك...بس أنا جيبتلك العشا بنفسي ....
زمت شفتيها وهي تمنع نفسها من قول اي تعليق قد يجرحه...معاملته اللطيفة تلك تجعلها تشعر بالذنب ....تحاول أن تتمسك بغضبها نحوه ..تتذكر أنه تخلى عنها ...تتمسك بتلك الفكرة كي لا تغفر له هو وابنه ....
-مش عايز اكل شكرا !!!
قالتها بصوت مكتوم ليبتسم بلطف ويقترب أكثر ثم يضع الصينية على الفراش ...شدها برفق وجعلها تجلس على الفراش وقال:
-عشان خاطري كلي....أنا عارف اني مليش عندك خاطر بس معلش اجبري بخاطري مرة ....
تأففت وهي تشيح بوجهها بعيدا ...حاول هو أن يبعد نقابها لكي يطعمها ولكنها انتفضت وهي تبعد يده ....لم تكن تسمح له ان يرى وجهها ....
-لو سمحت ...
قالت بصوت مختنق ...ثم اكملت وهي تشهق :
-خلاص سيب الاكل هنا أنا هاكل لوحدي ....
نظر إليها بحزن ...كان ضميره يعذبه بشأنها...كيف ترك المشاكل التي بينه وبين شقيقه يتخلى عنها هي ...هي من اعتبرها ابنته...صحيح انه كان يطمئن عليها عن طريق التواصل مع خالتها ...نعم هو تواصل مع خالتها كثيرا ليعرف اخبارها ...ولكنه لم يكن ابدا بالصورة ...وهذا تسبب انها قد تأذت...ولكنه يقسم انه لن يترك الشخص الذي فعل هذا بها...سوف يجده وسوف يقتله بيده ...لن يرحم الشخص الذي دمر حياة مياس وكما انه سوف يعوضها عن كل ما حدث لها
كانت تتابع نظراته وهي تشعر انها تختنق ...نظارات الشفقة تلك تقتلها ...هي لا تريده ان يشفق عليها...هذا الشعور يقتلها...
-ممكن متشفقش عليا !!!
قالتها بحرقة لتتركز عينيه عليها فتكمل :
-مش محتاجة شفقة من حد أنا كويسة وهقوم على رجلي حتي لو وقعت مرة او اتنين او مية حتى أنا هقوم ومش هحتاج لأي حد فيكم ...
ابتسم جلال وهو يشعر بالفخر وقال:
-انا عارف ده كويس يا مياس ...عارف قد ايه انتِ قوية ...عارفة أنك هتقومي تاني ...عارفة أنك مش محتاجة أي حد فينا...أنا واثق فيكي ...
اشاحت بوجهه عنه ....
امسك جلال كفها فجأة لتنتفض وهي تنظر إليه ...شعرت بعدم الراحة وهي تجده يمسك كفها...إذ شعرت بمشاعر الابوة التي افتقدتها منذ وفاة والدها....رغم انها تقنع نفسها انها تكره جلال ولكنها تشعر نحوه بمشاعر الابوة التي حُرمت منه ...تشعر نحوه بالامان ....تلك المشاعر التي تغضبها بشدة لان هذا الرجل تخلى عنها ...لم يكن معها في اكثر لحظاتها ظلاماً...
-أنا آسف يا بنتي ...آسف يا مياس ....
فغؤت فاها وهي تسمع اعتذاره الصادق...شد على كفها وقال :
-انا غلطت في حقك يا مياس ...سيبت المشاكل اللي بيني وبين اخويا تأثر عليكي ...سامحيني يا بنتي. ....أنا هعوضك عن كل حاجة شوفتيها وحشة في حياتك ...ده وعد مني
ارتعشت وهي تنظر إليه ...اعترافه الصادق زلزال شئ داخلها....اعتذاره هزها بقوة ....شعرت ان غضبها يتسرب شيئا فشئ ...حاولت ان تتمسك يغضبها نحوه ...الا تضعف وتغفر ولكن الغضب كان فعليا ينسل من قلبها ولم يبقى الا الألم ...الألم فقط ...وجدت نفسها دون ارادة منها الدموع تكرف من عينيها بقوة ....ووجدت نشيجها يرتفع...حاولت ان تكتم بكاؤها ولكن الأمر فوق طاقتها....أحرقت لدموع عيني جلال وهو يراها تبكي بتلك الطريقة
-ليه اتخليت عني يا عمي ...أنا ذنبي ايه!!أنا كنت محتاجاك...طول عمري كنت محتاجاك ....كان نفسي تيجي تطبطب عليا لما اهلي ماتوا ...تقولي أنك معايا ومش هتسيني ابدا ...استنيتك كتير ....
قالتها بنبرة كسيرة...ثم نظرت إليه بلوم وقالت :
-تعرف اني كمان استنيتك لما حصلتلي الحادثة دي ...كنت خايفة اووي ...كان نفسي احس بالامان ..بس أنت مجتش ...ولما جيت جيت بعد ما الاوان فات...
لم يتحمل وجذبها إليه ثم عانقها وقال:
-سامحيني أنا هعوضك عن كل اللي شوفتيه في حياتك ....
ابعدها قليلا وهو يمسح دموعها ويقول بتوسل:
-بس اقبلي طلبي....اتجوزي سيف ابني!!
...........
بعد أسبوع ...
فتحت عينيها بكسل وهي تجد مكانه فارغ . .نهضت وهي تتثاءب بكسل ... لقد مر أسبوع تقريباً منذ تلك الليلة التي قررت أن تعطيه فرصة ...وهو اثبت فعلا أنه يستحق.....فهو قد تغير معها لدرجة مبهرة ....أصبحت تحظى بإهتمامه....ولكن ليس حبه ...ولا قلبه ..احتشد الألم في قلبها وهي تتنهد بتعب ...هي لا ترى في عينيه تلك النظرات التي كانت تراها بعينيه عندما نظر إلى سيلا ...صحيح أنه مخلص لها ...مراعي ومهتم ...يعاملها بتهذيب ولكنها لم تلج إلى قلبه ...ما زالت تشعر وكأنه يحيط قلبه بالجليد نحوها...هو لا يسمح لها بالولوج لقلبه ....لا يستسلم لحبها ...مهما حاولت أن تنفذ لاعماقه تفشل ...أنها تحارب ...تحارب جموده وتحارب بقايا مشاعره لسيلا ..ولكن هل هي فعلا بقايا مشاعر أم أن قلبه بالكامل ملكها ...ذلك الخاطر كان يزعجها للغاية .....هل يمكن أن يفشل في ان ينسى سيلا...هل يمكن أن تظل هي بينهما للأبد ....هل ستحظى بقلبه يوما ام سيظل قلبه مع سيلا وستظل كي تكتوي بنيران الغيرة ....تلك الأغطار ازعجتها بشدة لدرجة ان هذا ظهر على صفحة وجهها ....
تجهم وجهها وهي جالسة على فراشها بينما تلك الافكار تتقافز بعقلها .. ...
-ماريانا ...
قالها جورج وهو يلج للغرفة ليجدها جالسة على الفراش بشرود ...كانت تبدو فاتنة هذا الصباح شعرها الاسود الطويل ينسدل على جانبي وجهها ...مشعث قليلا ....وجهها صافى للغاية بعينيها السوداء بريق جذاب ...بدت ببساطتها جميلة للغاية....ابتسم بلطف وهو يقترب منها ثم جلس بجوارها وقال وهو يتأملها بإهتمام :
-ماريانا ....
ولكن لا رد ...مد كفه نحوها
-سرحانة في ايه ؟!
قالها وهو يلمس كفها ...شهقت بخفوت وانتبهت له ..ثم ابتسمت له بإتساع حتى باتت نواجزها وهي تقول :
-بفكر فيك وبس يا حبيبي. ..
-بتفكري فيا لدرجة أنك مش سامعاني وانا بنادي عليكي ...
اابتسمت بإتساع وقالت :
-بالضبط ...
نهض بهدوء وقال:
-طيب كفاية تفكير فيا ويالا بقا أنا جهزت الفطار ...يالا اغسلي وشك عشان تفطري وبعدين تجهزي عشان اوصلك للبيوتي سنتر ...
هزت رأسها بطاعة ثم مدت كفها لكي يساعدها ليهز رأسه مبتسماً ويقول :
-بجد متدلعة ...
ولكنه ساعدها كي تنهض لتقترب منه ثم تعانقه بحب...حاوطت بذراعيها الناعمة ظهره وهي تشده إليها ....توتر قليلاً ....هو لا يحب مباردتها تلك ...يعرف ما تريد أن تفعله ...تريد أن تكسب قلبه ...تريد أن تحتله ...تبقى هي المالكة الوحيدة !!...وكل ما تفعله للاسف لن يفيد ...هو حُكم عليه أن يعشق من لن يمتلكها ابدا...حُكم عليه أن يحب امرأة لن يحصل عليها أبدا !!!.....تنهد بتعب وهو يبعدها بلطف ويقول وهو يحاول التهرب من عينيها التي تنظر إليه بحزن ...
-يالا عشان تفطري
ثم تركها وذهب....
...........
وقفت أمام المغسل وهي تنظر إلى انعاكسها في المرآة ...تتذكر كيف تملص منها ...وضعت كفها على قلبها وهي تفكر أنها تحبه ...تحبه بجنون ولكنه لا يحبها مهما فعلت ...ما زالت تلك تسيطر عليه...التهمتها نيران الغيرة من الداخل .. شعرت انها تموت من فرط الغيرة ....اسئلة كثيرة بدأت تشغل عقلها ...لماذا هي ...لماذا ...لماذا لا تحظى ماريانا بقلبها...هي تعشقه ..تفعل المستحيل من اجله فلماذا لا تحظى بحبه بكل بساطة ...تلك الاسئلة كانت تنهكها بالفعل ....فتحت صنبور المياة وامسكت غسول الوجه الخاص بها ثم بدأت في انعاش نفسها استعدادا للفطور
......
كان جالس يتناول إفطاره بشرود...لقد اختفت سيلا من حياته تلك الأيام ...لم تعد تزعجه ...ما زال يتذكر اخر لقاء بينهما ...تذكر انهيارها ...اعترافها المتكرر لحبه ...ثقتها أنه سوف يضعف أمامها ...الثقة التي كانت بمحلها فعليا ...هي لو حاولت معه سوف يستسلم لها بكل تأكيد ...صحيح أن الندم سوف سأكله من الداخل ...ولكنه يعرف أن أي محاولة لها معه ستجعله يستسلم ....هي تدرك سلطانها عليه جيدا...وهو لا ينكر سلطانها ...لقد قضى معظم حياته وهو يعشقها هي فقط .....رسم احلام كثير معها ....رغم أنها حطمت قلبه من قبل إلا أنه عجز عن كرهها ... حبها كان كالمرض رفض هو أن يتعافى منه ....لقد تغلغلت داخل قلبه وحكمته...فكيف يتوقف عن حب المرأة الوحيدة التي ملكت قلبه...هذا مستحيل تماما ....سيلا ستظل داخل قلبه حتى يموت هو متأكد من ذلك ولن يقرب احد مكانها...ومهما حاولت ماريانا لن تحصل على قلبه ...كل ما تفعله غير مجدي حقاً!!!
كانت تنظر ماريانا إليه بحزن..تريد النفاذ إلى عقله ...أنه يفكر بها. ..تعرف هذا جيدا ...هذا واضح من شروده...ما زالت تحتله تلك المرأة....مهما حاولت ازاحتها عن عقله تفشل تماماً ...ولقد سئمت ماريانا من الفشل ...سئمت من ان تكون بالمرتبة الثانية بعدها ....حقاً تعبت!!!
فجأة انساب السؤال بنعومة من فمها وقالت:
-جورج انت بتحبني ؟!
رفع جورج رأسه وقد لمعت عينيه الزرقاء وهو ينظر إليها بحيرة لتكرر سؤالها :
-جورج انت بتحبني ...
-ايه السؤال ده يا ماريانا ..
-ماله السؤال ...سؤال عادي ، بسأل بتحبني ولا لا ...سؤال بسيط من حقي تعرف اجابته !!!
ابتلع ريقه وهو ينظر إليها و قال بكل صراحة:
-للأسف مقدرتش احبك ..
...............
لا يعرف متى بدأت تتعلق نظراته بها ....متى أنقلب النفور لألفة بقلبه ....متى بدأت عينيه تتأملانها ....ومنى بدأ بتأنيب نفسه لدرجة أنه يفعل المستحيل كي لا تقع عينيه عليها...هل فقد عقله ...هل يعقل أن الشفقة التي يشعر بها حيالها هي من تفعل هذا ....لا يمكن أن يكون هناك مبرر آخر ...هو مجنون لو فكر في أمر آخر ...لقد جرب حظه بالحب مرتين وفشل في كل منهما ...لقد انكسر قلبه ولن يسمح لنفسه أن ينكسر مره اخرى يكفي ما حدث له ...يكفي الخيانة التي تعرض لها مرات عديدة ركز أكثر على ما سيشرحه ولكن عيناه كانت تخونه احيانا وتسقط عليها ...
على الناحية الأخرى كانت تشعر ماجدة بسخونة وجنتيها كلما تشعر ان عينيه تسقط عليها ...لقد ظنت في البداية انها تتوهم ولكن لا ...الأمر واضح ...انه ينظر إليها....الأمر بقدر ما كان مربك الا انها كانت غاضبة أيضا ...لماذا ينظر إليها بتلك الطريقة ...تحاشت النظر إليه قدر الامكان ولكن كفيها بدءا في الارتعاش ...شعرت فجأة بالإختناق وانها تريد مغادرة قاعة المحاضرات ....تريد الهروب ....لا تعرف سبب هذا الضيق ولا تفهمه....حل ما تعرفه انه يوترها ...يبث الرعب بقلبها ...والسبب مجهول
.......
انتهت المحاضرة على خير وتنفست الصعداء ثم قررت ان تهرب الآن ...لملمت اشياءها ثم نهضت مسرعة ترى باب الخروج من القاعة كبوابة إنقاذ لها ..ما ان كادت ان تخطي باب الخروج حتي تجمدت وهي تسمع صوته يهتف بإسمها ...ابتلعت ريقها وهي تستدير وتنظر إليه ...أطرقت براسها وهي تنظر الى الأرض بينما اخذت تبتلع ريقها بشكل مبالغ به ....كان هو من الأساس مصدوم من نفسه ...لماذا هتف بإسمها ...هل هو مجنون...بما كان يفكر ...كيف يتصرف بتلك الطفولة...
حك جبهته بضيق وهو يراها تقترب منه ...لا تقوى على النظر إليه من الاساس....كان يفكر بحجة يخبرها اياها كي لا تعتقد انه مجنون....
وقفت امامه وهي تنظر إليه عينيها السوداء تحدقان به بحيرة وقالت بصوت مرتبك :
-نعم يا دكتور ...
حك انفه وقال :
-كنت بس حابة اسألك فيه حاجة واقفة معاكي في الشرح...انتِ غيبتي فترة طويلة شوية ....وانا بس كنت حابب اتأكد أنك مفاتكيش كتير ....
فركت كفيها بتوتر بينما عض لسانه بغباء...حقا ما الذي يقوله !!!!
حك جبهته بتوتر وقال :
-انا بعتذر لو عطلتك تقدري تروحي ...
هزت رأسها بسرعة ثم خرجت من قاعة المحاضرات ليطحن اسنانه بغضب وكل ما يريده الآن ان يلكم نفسه على غباءه !!!ماذا يحدث معه ....هل فقد رشده ام ماذا!!!...هز رأسه بعنف نوعاً ما وهو يقرر ان يضع لجنونه حد !!
......
كانت تسند رأسها على نافذة سيارة التوصيل العامة...بينما تشعر بقلبها يرتجف كلما تتذكر نظراته إليها....ابتسمت ساخرة من نفسها ....هل هي مراهقة لتهاجمها تلك المشاعر السخيفة ...كانت تشعر حقاً بالإختناق ...ما الذي تفكر به ...الم تقسم انها سوف تعيش لاجل ابنها...ابنها فقط ...لن تدخل أي رجل حياتها أبدا....لقد اقترفت هذا الخطأ مرتين ولن ترتكبه مرة ثالثة....أحرقت الدموع عينيها وهي تتذكر أول حب لها ... رأفت ...جارها ....الشخص الذي عاش في نفس حارتهم لسنوات عديدة جداً . لقد قضت طفولتها ومراهقتها وشبابها وهي معجبة به بالسر ....لم تبوح بإعجابها له ابدا....بل دفنته داخلها...كانت ناضجة لدرجة انها عرفت ان مشاعرها تلك لا يجب أن تخرج ...ولو كان هو يبادلها اعجابها سوف يتخذ خطوة رسمية ...مرت السنوات وهي تشعر بعينيه ترقبانها ولكن دون ان يتخذ خطوة رئيسية وهي لما تعيره أي انتباه ...كانت تتحكم بنفسها جيدا تعرف حدودها ....لم تسمح لنفسها ان تنزلق خلف المشاعر العاصفة التي تعصف بها ....الى ان اتى اليوم الذي تقدم لخطبتها الرجل المناسب من وجهة نظر والديها .....كان الرجل المثالي ...وسيم وميسور الحال ومن عائلة محترمة....ورغم ذلك قالت لا ...ولكن الرد عليها كان صفعة من والدها....صفعة قوية ما زالت تشعر بألمها حتى الان ...تلك الصفعة احدثت ضرر كبير داخلها ...خاصة وان والدها كان دوما حنون ولم يضربها قط ...ولكن رفضها المفاجئ جعل الجميع يشكون بأمرها ...ولتمحي أي كلام يُقال وافقت مضطرة على الزواج منه....تزوجت لطيف ومحت رأفت من عقلها .....رسمت احلامها مع لطيف ....وجعلته اهم شخص بحياتها وهو كان رجل رائع للغاية....كان يعشقها...لم يجرحها بكلمة قط ...دللها كما لم يدللها احد من قبل ....حتى أنه وقف بجانبها عندما توفيا والديها ...وهي أحبته ...احبت حنانه ...تفهمه لها....شعرت ان تحبه لذاته...سمحت لقلبها ان يعشقه حتى أصبح ملكه..كان زوج رائع ...ووالد رائع ...كان رجل مثالي بمعنى الكلمة ولكن .....
اغمضت عينيها والدموع الساخنة تتسلل من عينيها ...لقد اكتشفت حقيقته السيئة ...الحقيقة التي احرقتها ...دمرت عالمها...اكتشفت ان زوجها ...والد أطفالها هو تاجر مخدرات .....رجل بغيض دمر الكثير. ..تلك الحقيقة لم تدمرها فحسب بل دمرت ابنائها أيضا !!!
........
-انا بجد مش مصدقة ..النهاردة خطوبتك !!
قالتها مادونا وهي تعانق صديقتها بصدق بينما تضحك بكل سعادة...ابتعدت عن رحيق وامسكت كفها وهي تقول:
-اهو ربنا عوضك بواحد وسيم وحالته المادية مرتاحة كمان ...كنت عارفة ان ربنا هيعوضك عن أي حد خذلك...
ثم نظرت بطرف عينيها لمؤيد الذي ولج بغرفة المدرسين ....
كان ينظر الى رحيق بحزن ...ما ان سمع انها سوف ترتبط بشخص آخر واهتز عالمه...لا يعرف لماذا ولكن هذا ألمه بقوة ...هل يمكن أن يكون احبها لتلك الدرجة ....ابتلع ريقه عندما شعر بالتوتر في الجو ولكنه ابتسم بكل هدوء وقال بلطف بالغ :
-ألف مبروك يا انسة رحيق ...
-الله يبارك في حضرتك ...
قالتها برسمية شديدة ليخرج هو مسرعاً...
-بجد جبان...
قالتها مادونا بتقزز...نظرت إليها رحيق بلوم لترد بعصبية وتقول :
-بقول الحقيقة ..هو انسان جبان بتاع امه مش بيعرف ياخد قرار عملك البحر طحينة وفي الاخر مقدرش حتى يقف قصاد امه...
ابتسمت رحيق من تحت نقابها بلطف .....انها حقاً تحب مادونا ...دوما تشعرها بالحماية ...تغضب ام احزنها أحدهم ....تمنت دوما ان تحبها شقيقتها نوران بتلك الطريقة...ولكن نوران لم تستطع بعد تجاوز كراهيتها نحوها ...تنهدت مبتسمة ثم قالت :
-ده نصيب يا مادونا ..وبعدين يمكن ده الاحسن أنا لو ارتبطت بيه ممكن مكنتش هتفق مع والدته ويحصل مشاكل ...فاعرفي أن ربنا مبيقدرش حاجة وحشة وهو ربنا بإذن الله يديله الاحسن ...دي اقدار ومكتوبة وبعدين يا ستي اتقدم وزي أي واحد محصلش نصيب الحمدلله على كل حال وبإذن اللي ربنا يعوضه باللي احسن مني
-انا بجد مش عارفة انتِ ليه طيبة بالشكل ده يا رحيق ...ده واحد جبان قرر ياخد خطوة وبعدين اتراجع ...أنا بجد بكره الناس الجبانة اللي زيه ...مش بطيقهم ابدا ...هو جه وقال هتجوزك وبعدين اتراجع عشان خايف على امه...اسم الله عليه ابن امه ...كان مفروض يتفطم الأول قبل ما يروح يخبط على بيوت الناس ....رجالة آخر زمن
فركت رحيق جبينها وهي تكتم ضحكتها...ربتت على كتف صديقتها وقالت:
-انا عايزاكي تنسي الموضوع بجد هو مش مهم ...أنا دلوقتي مرتاحة...كل حاجة نصيب ....
ابتسمت مادونا وقالت وهي تمسك كف رحيق ...كانت نظراتها تشع من السعادة وقالت :
-يالا مش مهم مش هنديله أهمية ...المهم انك مبسوطة يا رحيق ...وانا مبسوطة اووي عشانك ...مش مصدقة انك هتتجوزي يا قطة اخيرا ...قولتلك يا بنت ربنا هيعوضك بإذن الله ...واهو عوضك بواحد وسيم وغني وبيحبك وبإذن الله تكمل الفرحة ويبقى ابو اولادك في المستقبل
شحبت رحيق وهي تنظر إليها ...شعرت بغصة في قلبها ....لو فقط تعلم بحقيقةوهذا الزواج...لو تعلم انها سوف تكون مجرد مربية والمسمى زوجة ....بالتأكيد سوف توبخها على ما افعلها بنفسها ...ولكن هل بيدها شئ آخر لكي تفعله...هي مجبرة على هذا ...مجبرة على ان تمضي في هذا الزواج ....لا تريد لأي احد ان يعايرها مجددا...،لا تريد أن ترى نظارات الشماتة والشفقة مرة أخرى ...سوف تتقبل نصيبها بنفس راضية ولن تشتكي او تحزن...سوف تذكر ربها على كل شئ!
.......
كان جالس بفناء المدرسة يشعر بالألم يعصف به....لا يصدق أنها سوف تتزوج...شعور مقيت بالغضب والحزن يلف قلبه ...لقد أرادها حقا وظن أنها سوف تكون له ...بغباؤه ظن أنها لن تتزوج وبالأخير سوف تكون من نصيبه عندما يقنع والدته ولكن خبر خطبتها من شخص آخر زلزل كيانه ...وأخذت الاسئلة تنهش عقله عن ماهية هذا الشخص وهل احبها ليتقدم لطلبها ....واين رأته ...الأسئلة تدور بعقله ولا تنتهي ...وكبما عجز عن ايجاد الإجابة كلما شعر بغضب اكثر ...وكلما نهشته الغيرة اكثر ....تنفس عدة مرات ليسيطر على نفسه ...فجأة تجمد وهو يراها تخرج مسرعة ...بالتأكيد خرجت اليوم مبكراً كي تجهز لخطبتها. ..فكر بضيق !!
وقف فجأة في طريقها ...كان يعلم أن ما يفعله ضرب من الجنون ولكنه كان غاضب ...غاضب بشكل كبير....وغضبه كان نحو نفسه لأنه اضاعها ...توترت وهي تراه يقف في طريقها بتلك الطريقة وتصاعد غضبها ...لقد اكتفت من وقاحته ...لا يمكنه أن يفعل هذا وتصمت له ....يجب ألا يتعدى حدوده معها ...ولكنها بمهارة تمسكت بأعصابها التي كادت أن تفلت منها ثم كادت أن تتجاوزه إلا أنه وقف في طريقها مرة أخرى ..عينيها السوداء التمعت بغضب وهي تقول :
-سيد مؤيد ايه اللي انت بتعمله ده ...ميصحش كده !!!!
ازدرد ريقه وهو ينظر إليها ...ام يعرف ماذا يقول وكأن الحروف تعسرت على لسانه ...
-رحيق أنا ....
توسعت عينيها بغضب وتراجعت وهي تقول :
-لو سمحت متتكلمش معايا بطريقة مش رسمية ...ولو سمحت متقفش في طريقة مرة تانية اللي بتعمله ده ميصحش أبداً...حاولت افهمك بالذوق قبل كده ...لكن بجد لو اتكرر انت هشتكيك....
ابتعد بإنهزام عن طريقها وقال بيأس:
-أنا آسف يا آنسة رحيق !!!
............
في المساء ...
-أنتِ لسه ملبستيش ؟!النهاردة خطوبة اختك يا نوران ...مش معقول ؛!!
قالتها والدتها بغضب وهي ترى نوران تتسطح بدون مبالاة على الفراش...نظرت نوران الى والدتها وقالت ببرود:
+مليون مرة قولتلك دي مش اختي ...ان كنتي اتقبلتيها خلاص وبقيتي تعامليها زي بنتك ونسيتي انها بنت الست اللي خطفت بابا منك براحتك ...لكن أنا مش نسيت ولا عمري هنسى...فريحي دماغك وسيبيني في حالي ...
احمر وجه دلال من الغضب ...غضبها كان موجه لنفسها في البداية...ربما هي السبب في كره ابنتها لرحيق...تلك الفتاة المسكينة لم يكن لها ذنب في أي شئ ...لقد تزوج زوجها وهي رضت وبقت معه...بل انجبت منه أيضا...وربت ابنته...هي اختارت هذا الطريق بملء ارادتها ...لانها احبت زوجها ...حبها كان أقوى من انين كرامتها...صحيح ان كرامتها ثارت لما يحدث ولكن قلبها كان له السلطة ...قلبها الذي عشقه رفض بشدة ان يتركه وهي اتبعت قلبها ولم تندم...خطأها الوحيد انها دون قصد زرعت الكراهية بقلب نوران ابنتها نحو رحيق ووالدتها....رحيق ليس لها أي ذنب في هذا ...الفتاة المسكينة عانت الكثير .....
-قومي يا بنتي الله يهديكي البسي عشان خطوبة اختك ...
قالتها والدتها وهي تتوسلها تقريبا ..
كتفت ذراعيها وقالت :
-لا يا ماما قولتلك مش هلبس ومتقوليش اختي ...دي مش اختي !!!
ولج امجد للغرفة وهو يقول بينما ينظر لشقيقته :
-فيه ايه ؟!
-اختك مش عايزة تحضر خطوبة اختها يا أمجد !!!
نظرت نوران إليها شذرا وقالت:
-قولتلك متقوليش انها اختي ...دي مش اختي ...ومش هحضر حاجة ويارب خطوبتها تتفركش
-نوران ايه اللي بتقوليه ده ؟!عايزة تكسري فرحة رحيق ...حرام عليكي!!
قالها أمجد بضيق وهو ينظر إليها ..احتشدت الدموع بعينيها شعرت وكأن نيران تحرقانها.....تنظر إليه بحزن بالغ وهي ترى اهتمامه برحيق....لماذا يهتم برحيق لتلك الدرجة ....لماذا لا يرى حزنها ...لا يرى انهيارها ...لماذا غفلا عما حدث معها ...عن انتهاكها....الجميع اهتم برحيق ...وهي لا ....
ما امجد ينظر إليها بثبات ...يرى دموعها تتساقط تباعا ...تألم قلبه وهو يراها بتلك الحالة ...يجب أن يعرف ان انشغاله بمشاكله مع خطيبته وانشغاله مع رحيق جعله يهمل شقيقته الصغيرة ...هو ابدا لم يلاحظ تلك العلامات القاسية التي تظهر على وجهها ...لقد نسى شقيقته الصغرى...اهملها ويعترف بهذا ...
تنهد وهو يقترب من نوران ...سحبها من ذراعها حتى اوقفها امامه...ثم عانقها وهو يربت على شعرها وقال برفق :
-انا عايزك تحضري معانا الخطوبة...الفرحة من غيرك هتبقى ناقصة يا نوران .....
انتحبت بخفوت ودفعته برفق قائلة بنبرة مكسورة :
-لا هتكون ناقصة ولا حاجة يا أمجد...محدش فيكم اصلا مهتم أنا بيحصل ايه في حياتي ....تقريبا لو موت محدش هياخد باله .. .
شهقت دلال لينظر إليها امجد بصدمة فأكملت نوران :
-ايه صدمتك يا أمجد ..دي هي الحقيقة ...محدش فيكم مهتم بمشاكلي ..محدش مهتم أنا تعبانة زلت حزينة ...ولا بموت حتى ...الاهم عندكم هي رحيق ...والمبرر اصلها حرام يتيمة ...اصلها حرام كبرت ومتجوزتش....انشغلتوا بمشاكلها وسيبتوني...فاعملوا فيا معروف وسيبوني للاخر...أنا مش عايزة احضر خطوبة حد ...روحي افرحوا وانبسطوا وسيبوني في حالي !!!
.....
بالفعل بعد دقائق كانت جالسة على فراشها وقد تركها شقيقها ووالدتها ...دقة اخرى على الباب جعلتها تزفر بضيق ...لقد اتت والدتها مرة أخرى لتقنعها هذا أكيد !!!
-ادخل ...
قالتها بضجر وهي متوقعة انها سوف ترى والدتها ...ولكن من رأته هي رحيق قد ولجت للغرفة بينما ترتدي فستان كريمي فضفاض ونقاب من نفس اللون وقالت:
-فينك مش هتحضري خطوبتي ....
نظرت إليها بكره وقالت:
-لت مش هحضر الخطوبة ....واحضرها بتاع ايه اصلا !!
-انتِ اختي!!!
قالتها رحيق وقلبها يعتصر ألما....هزت نوران راسها وقالت :
-لا أنا مش اختك ولا عمري اعتبرت أنك اختي ..عمري ما حبيتك ولا هحبك ...انتِ زي امك بالضبط ...مجرد حرامية ....هي سرقت مكان امي وانتِ قدرتي تسرقي مكاني....محدش بقا مهتم بيا بسببك ....
دموع رحيق انسابت من عينيها ....انها حقا تحب شقيقتها يؤلمها ان تراها بتلك الحالة ...انقبض قلبها من حالة نوران ....هل هكذا تشعر نحوها ....هزت رحيق رأسها وقالت بصوت مختنق:
-محدش يقدر يسرق مكانك في قلب امجد وما دلال يا نوران ...أنا حتى لو كنت عايزة أعمل كده مش هقدر...احنا كلنا هنا بنحبك وحقك عليا لو في يوم زعلتك من غير قصد ..لكن أنا والله بحب ....
-اخرسي!!!اياكي تتكلمي وبلاش تلعبي الدور الرخيص ده ...انتِ مبتحبيش الا نفسك ...نفسك وبس...يالا اتفضلي اطلعي برا ...مش عايزة اشوف وشك ....
هزت رحيق رأسها وهي تغالب دموعها ثم خرجت مسرعاً ....
ما ان خرجت رحيق حتى انهارت نوران على الفراش كان قلبها يتمزق ...تشعر انها سوف تموت ...الغضب والندم وشعورها بالذنب بتصارعان داخلها ...انها تشعر وكأن شر كبير يجثم على صدرها....تريد أن تتحدث ...تصرخ بقوة...تتحدث عما حدث لها ...عن انتهاكها من قبل شخص لا يعرف الرحمة . .ولكن هي لا تلوم نفسها بس....عائلتها هي السبب ...نعم هي من تسببت في هذا كله ...وهي لن تغفر لهم ما فعلوه بها...لقد كانت ضحية الجميع ....دفنت رأسها عميقا في الوسادة وهي تبكي بعنف ...الألم في قلبها شديد ....تتمنى ان ينتهي يوما المها....تتمنى ان تعود وتحب الحياة من جديد !!
....
ولج أمجد لغرفة شقيقته نوران ليجدها تبكي على الفراش بإنهيار
وقف امام فراشها وهو يراها تبكي بذلك الشكل ...لقد فتحت عينيه بقوة ....لا يصدق انه قصر بحق شقيقته الصغيرة ...لقد وعد والده ان يهتم برحيق وبها وهو لم ينفذ وعده له ....هو اهمل صغيرته وعليه ان يصلح الوضع ....اقترب من فراشها وشدها لحضنه ...قاومته بشراسة وهي تبكي بإنهيار :
-لا لا ابعد خلاص...مش قررتوا كلكم تبقوا في صفها...خلاص سيبوني أنا في حالي ....سيبوني ...
-نوران اهدي ...
-لا مش ههدي....خلاص ابعدوا عني ....رحيق هي الاهم عندكم دلوقتي ...ليه جايين....
-نوران اهدي ...اهدي يا حبيبتي ؛!!
قالها أمجد وهو يضمها بقوة ثم اكمل بندم :
-انا آسف ...آسف بجد يا حبيبتي اني ماخدش بالي أنك بتعاني ...آسف جدا يا نوران ...بس من النهاردة هاخد بالي كويس منك اووي....
ابعدته عنها وقالت وهي تنظر إليه بعيني حمراء بفعل البكاء :
-للاسف يا شيخ امجد الاوان فات !!
................
-يا عيني عليكي يا بنتي هتعيشي في المكان ده طول حياتك !!
قالتها والدة اريام وهي تنظر لمنزل امجد حيث أنها أتت لتحضر خطبة شقيقته رحيق. ..كانت تنظر للمنزل بإمتعاض...رغم أن المنزل كان راقي إلى حد ما ومنظم إلا أن وجوده وسط تلك الحارة الوضيعة جعلتها تمتعض أكثر ...هي لا تريد لابنتها أن تعيش هنا ...كيف يمكن لابنتها المهندسة أن تعيش بهذا المكان ...لقد حلمت أن تمتلك ابنتها مكان بأرقى حي في مصر ...لا تريد لها أن تقطن بحارة وضيعة مثل تلك ....تنهدت أريام بنفاذ صبر وهي تقول :
-أمي لو سمحتي خلاص كفاية كده !!
قلبت شفتيها بسخرية وقالت:
-بشوقك يا حبيبتي انتِ اللي هتندمي بعدين ...ياريت متجيش تعيطيلي بعدين ...أصل بصراحة ده مش مستوى حد يعيش فيه ...
قالت جملتها الأخيرة بإشمئزاز.
.......
كانت جيلان تقف بعيد وهي تنظر إليها تشعر بقلبها يعتصر وهي تنظر إليها ...تنظر إلى تلك المرأة التي أخذت مكانها ...تلك المرأة التي اختارها امجد ..
كتمت حسرة في قلبها وهي تحاول الا تنهار أو تبكي ...اطرقت بعينيها أرضا وهي تفرك كفيها بتوتر ....ترغب في الذهاب الهروب ولكنها لا تستطيع ....شهقت بخفوت وهي ترى والدتها تقف بجوارها ...تنظر إلى اريام أيضا وتقول :
-عقبال ما ربنا يهديكي يا بنتي ...ونفرح بيكي ...
نظرت إليها جيلان وهي تشعر بالإختناق لتكمل ؛
-بصي على الحقيقة ومتبقيش غبية ...جايب خطيبته هنا .....شوفيه متمسك بيها ازاي ...بيحارب عشان ميبصش عليها كتير .....تعرفي أن بعد جواز رحيق هيتجوزها علطول....دلال هي اللي قالتلي ...يا بنتي فوقي وشوفي مصلحتك ...هو مش شايفك اصلا !!!هتفضلي طول عمرك كده تطاردي في وهم ...الراجل بيحب خطيبته افهميها بقا !!!
-خلاص يا ماما ...خلاص كفاية ابوس ايديكي !!
قالتها بصوت مختنق ثم هربت إلى المطبخ وهي لا تتحمل كلام والدتها ...كان الدموع تطرف من عينيها ...أرادت أن تذهب الى مكان ما وتبكي كما تريد ...تريد أن تنهار....الألم في قلبها شديد ...لا تستطيع أن تتحمله ..رباه هي سوف تموت بكل تأكيد ....
وقفت بالمطبخ ثم وضعت كفها على قلبها وهي تسقط رأسها للأسفل بينما تنفجر دموعها بشكل بائس .....وجودهما بجوار بعض لا يفارق خيالها...لقد حلمت هي وحققت أريام ما تريده ...هل هي بتلك البشاعة لكي لا ينظر إليها أمجد....وضعت كفها على فمها وهي تكتم نشيجها لا تريد لأحد ما أن يسمعها ....رباه تشعر بالدوار .....سوف تفقد وعيها من شدة الحزن ...
ولج فجأة امجد للمطبخ وتجمد وهو يراها بذلك الشكل
-جيلان ...
قالها أمجد بتردد وهو ينظر إليها ويحدها بتلك الحالة كان يشعر بالشفقة عليها ...الشفقة لانه يعرف لماذا هي تبكي ...ويعرف أنه السبب ...
شهقت بخوف وهي تنظر إليه وعينيها متسعة بصدمة ....
مسحت دموعها بسرعة وهي تهرب بعينيها منها ...تلعن نفسها الف مرة لأنها انهارت هنا ...ماذا ان شك بمشاعرها نحوه ... ماذا أن اكتشف الكل الحقيقة ..كيف ستواجه الجميع !!!بالطبع سوف تصير اضحوكة...يجب أن تخفي مشاعرها تلك ...يجب ألا يعلم أي شخص بها
-جيلان بقولك فيه ايه ؟!
كررها أمجد....
-مفيش حاجة !!
قالتها بجمود وهي تهرب بعينيها منه ...تمسح دموعها التي تتسلل من عينيها وهي تحاول ان نهرب منه ...ان بقت هنا اكثر من هذا سوف تنهار فعلا وهي لا تريد هذا ....قد تعترف له بكل غباء عن مشاعرها وقد تتوسل له ان يحبها ....كانت في تلك اللحظة اضعف من ان تفكر بعقلها ....كانت غاضبة. .حزينة ويائسة. ..والشيطان يتلاعب بعقلها....لقد احبته لسنوات سرا...تغيرت من اجله...فعلت المستحيل كي يرضى عنها ولكنه بكل بساطة لم يراها...لم يفهم لمعة عينيها له. ..لم يصنع دقات قلبها العنيفة وهي تصرخ بإسمه !!
-شكلك معيطة وازاي بتقولي مفيش حاجة ...
قالها امجد بإصرار
-قولتلك مفيش حاجة ...لو سمحت خليني. ااطلع !!
قالتها بإرتباك وغضب وهي تتهرب بعينيها منه ...رباه لو بقت دقيقة اخرى سوف تعترف بمشاعرها له ...لماذا يقف في طريقها ...لماذا يهتم !!!
من ناحية اخرى كان هو يصرخ بنفسه كي يبتعد ...ماذا يفعل ...ذلك ليس اسلوبه...لا تربيته ولا دينه يخبرانه أن يفعل هذا ...فماذا يفعل هو ....شعر بالإختناق والشيطان ظل يتلاعب به...سيطر عليه للحظات ....فلم يتحرك من مكانه وهو. يثبت نظراته عليها...هو يعرف سبب بكاؤها...يعرف سبب حزنها ...يعرف ان السبب هو والحل الامثل في تلك اللحظة ان يبتعد عنها ...الا ينجرف ورا شيطانه ولكنه بدأ وكأنه تصنم مكانه ....
-ايه المشكلة يا جيلان ليه بتعيطي؟!
قالها بهدوء وعقله يصرخ به ان يبتعد ....احمر وجهها وهي تنظر إليه اخيراً...تظراته تخبرها انه يعرف ...يعرف بمشاعرها الخفية تلك ...شعرت وقتها وكأن دلو من الماء البارد قد انسكب عليها....
-انت عارف مش كده ...عارف !!!
-عارف ايه ؟!
قالها بإرتباك لترد هي ؛
-عارف بمشاعري ناحيتم ...انت عارف ده...
تنهد وقال :
-ايوة عارف بحقيقة مشاعرك ....وعارف ان ...
-أمجد ...
صوت مصدوم وقع على اذنه كالصاعقة لينظر نحوه ليجدها خطيبته أريام تنظر إليه !!!
يتبع
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا