رواية ومجبل علي الصعيد الفصل الاربعون والواحد والاربعون والثاني والأربعون و الخاتمه 1بقلم رانيا الخولى كاملة
رواية ومجبل علي الصعيد الفصل الاربعون والواحد والاربعون والثاني والأربعون و الخاتمه 1بقلم رانيا الخولى كاملة
ومقبل على الصعيد
رانيا الخولي
الفصل الأربعون
❈-❈-❈
كانت تنظر إلى والدها الشارد فى أفكاره وهي تعلم تمام العلم بما يدور فى عقله
لكنها ستعمل على إفشال مخططاته ، لن تسمح له بالتلاعب بهم وأخذ ما ليس له بحق
تنهدت بضياع وهي تفكر في تلك المقابلة التي ستكون أصعب من غيرها
لو يعلم كم تشتاقه؟
لكان صبر وتحمل معها حتى تمر تلك الأزمة، لكنها تعلمه جيدًا و تعلم على وشك الانسحاب من تلك العلاقة المنهكة للأعصاب
وربما تكون هذه فرصتها كي تقطع اى أمل لوالدها فى حصوله على المال
هبطت الطائرة وترجل منها الجميع ولكنها لا تستطيع تحريك قدمها خارجها
تسابقت دموعها على وجنتيها من تحت نظارتها وهى تتذكر زيارتها الاولى لهم
كيف جاءت إلي تلك البلد مكسورة الفؤاد وخرجت منها أيضًا مكسورة الخاطر
قلبها يناجيها أن تسامحه وتعود إليه تنعم بعشقه
لكنها نظرت لأبيها بعتاب لاستمراره في تعذيبها
لو تركهم من البداية لكانت الآن تنعم بالحب بين يديه دون غدرٍ أو خداع
تحاملت على نفسها وهي تنزل سلم الطائرة وتستنشق هواء المدينة و كأنه محمل برائحة أفخر أنواع العطور بما تحمل من شوق وحنين لمن ملك قلبها و عقلها
وها هو ذا يقف أمام المطار ينتظر خروجها على أحر من الجمر.
كانت ترى نظراته التي تحمل عتاب آلم قلبها وقد أخفت نظارتها عينيها الذابلتين من كثرة ما ذرفت من دموع
تقدم منهما ليصافحهما فقال بفتور
_ حمد لله على السلامة
رد منصور بابتسامة مجاملة
_ أهلًا ياجاسر عامل ايه؟
كان ينظر إليها وهو يحدثه بمغزي
_ بخير الحمد لله
ارتبكت نظراتها وهي ترى كم العتاب الذي يظهره لها
مد يده يأخذ منها الحقيبة ليضعها في السيارة لكنها أبت ذلك وتركته ودلفت من الباب الخلفي لتجلس دونما اكتراث لذلك الذى يحترق شوقاً لقربها
لكن حينما بدأت السيارة فى التحرك ندمت اشد ندم لأنها وضعت نفسها تحت مرأى عينيه المتلهفتين، حيث كان يراقبها من المرآة الداخلية للسيارة وهو ينطلق بها فيدق قلبها بعنف من لوعة الاشتياق
كانت نظراته موزعة ما بين الطريق وبين المرآة التي تعكس صورتها
وعندما رأى دمعة تسيل على وجنتها من خلف نظارتها قبض بألم على مقود السيارة لعجزه عن مسحها بيده
الحياة بدونها أصبحت لا تطاق
واهمة هى إن ظنت أنها تستطيع إخفاء عينيها خلف زجاج نظارتها الداكن، لكن كيف تخبىء حزنها عمن يراها بعين قلبه
كان منصور يلاحظ نظراته لها ويلاحظ أيضًا وجوم ابنته لكنه لا يعرف كيف يقنعها بضرورة عودتها لزوجها مراعاة لمصالحه
فقد أصبح على وشك الإفلاس
والبنك يبعث له بالإنذار تلو الآخر مع تحذيرات بالحجز على أملاكه سدادا لديونه المتراكمة
إذا استطاع أن يقنع جمال بحقه في الميراث دون أن يعرف والده سيستطيع بذلك سداد دفعة من القرض، وسيعمل حينها على تعويض تلك الخسائر التي تراكمت فوق رأسه
ظلوا على تلك الحالة حتى وصلوا إلى المنزل مما جعلها تلقف انفاسها براحة
لحظات عذاب مرت عليها وهو يرمقها بسهام نارية لا ترأف بقلبها العاشق
وظنت لوهلة وهي تترجل من السيارة بأنها ستُرحم منها لكن كيف ذلك وقد جمعهم سقفٍ آخر
دلفت المنزل لتجد عمها يصافح أبيها بود ومحبه وكأنه لم يغدر بهم يومًا
أما هى فقد أخذها الحنين و الشوق إلى وسيلة التي ما أن رأتها حتى أسرعت إليها تعانقها بحب
_ وحشتيني اوي ياطنط
تحدثت وسيلة بصدق
_ وانتي اكتر ياغالية
ثم تحدثت بعتاب
_ مع إني زعلانه منك متفكريش تاچي تشوفي مرات عمك ولو ليوم واحد
ابتسمت سارة بإحراج
_ معلش بقى كان غصب عني
أومأت لها وسيلة بتفهم
_ طيب ادخلي سلمي على جدتك لأنها مستنياكي من الفچر وانا هخلي سعدية تطلعلك الشنطة في اوضتك
تبدلت ملامح سارة وقالت برفض
_ لا.. لا.. انا هنام مع ليلى
فهمت وسيلة سبب رفضها فطمئنتها قائله
_ متقلقيش جاسر سابها من وقت ما مشيتي ورجع لاوضته القديمة
لم تقتنع سارة بحديثها فقالت برجاء
_ معلش سيبيني على راحتي انا عايزة افضل مع ليلى
اومأت وسيلة بتفهم
_ اللي تشوفيه
أسرعت سارة إلى الداخل كي تسلم على عمها الذي استقبلها بحفاوة
وكذلك مصطفى الذي عانقها بحب تحت نظرات الغيرة من جاسر
وكذلك البقية
وعندما لم تجد ليلى سألت جليلة
_ تيتا أومال فين ليلى؟
أجابت وسيلة وهى تنظر لجمال بحدة
_ بقالها تلات ايام في اوضتها مبتخرجش منيها
قطبت جبينها بدهشة
_ ليه مكسوفه؟
أجاب حازم بمزاح
_ لا متعاقبة
وكزه جاسر ليلتزم الصمت فقالت وسيلة
_ هي فوق في اوضتها اطلعيلها
نظرت إليهم وقالت
_ بعد إذنكم
ذهبت إلى غرفة ليلى لتطرق بابها قبل أن تدلف إليها التي ما ان رآتها حتى عانقتها بسعادة غامرة
_ سارة حمد لله على السلامة
بادلتها سارة العناق وهي تجيب بحب
_ الله يسلمك يا ليلى ألف ألف مبروك
أجابت بسعادة
_ الله يبارك فيكي يا قلبي تعالي
أخذتها وجلست معها على الفراش وسألتها سارة وهى تحاول ابعاد تفكيرها عنه
_ قولي ايه اللي حصل؟
شرحت لها ليلى كل شئ من البداية حتى تلك اللحظة
_ ومن وقتها وانا محبوسة في الاوضة زي المساجين، ومش عارفه لما ييجوا هيرضى يخليني أخرج أقابلهم ولا لأ
طمئنتها سارة
_ لأ مش للدرجة دي، انتي صحيح غلطتي بس في نفس الوقت كان غصب عنك.
ردت باعتراف
_ صدقيني حاولت احارب مشاعري دي بس فشلت ولقتني فجأة بستسلم لقلبي.
أومأت بتفهم وهى تأكد بحزن فشلت في إخفاءه
_ دي الحاجة الوحيدة اللي مش بتقدري تتحكمي فيها، وكل ما تهاجميها كل ما تتمكن منك أكتر
بابتسامة لم تصل لعينيها غيرت حديثها بمرح
_ طيب يلا مفيش وقت وريني هتلبسي ايه.
همت بالنهوض لكن ليلى منعتها وهى تسألها
_ مش كفاية بقى يا سارة
بوغتت سارة بسؤالها ليسقط قناع الثبات ويظهر ذلك الضياع الذي يصف مدى آلامها وأجابت بحزن
_ مبقاش ينفع خلاص، اللي بينا عمره ماهيتصلح
آلمها رؤيتها بتلك الحالة وكذلك أخيها الذي أصبح منطويًا ونادرًا ما يجلس معهم
_ انا معرفش ايه اللي حصل بينكم بس صدقيني جاسر بيموت حرفياً من غيرك، وبعدين أي اتنين متجوزين بيحصل بينهم خلافات بس مش لدرجة البعد ده
انا معاكي انه زودها لما مد ايده بس اقسملك انتي لو شفتي حالته بعد ما رجعنا من المستشفى واللهفة اللي كان بيسأل عنك بيها كنتي التمستي ليه ألف عذر
كانت تستمع إليها وقلبها يتمزق ألمًا على حالهما
لتتابع ليلى جلدها
_ صدقيني جاسر ميستهلش كدة، برغم شدته وعصبيته إلا إنه فيه حنان الدنيا كلها، والأهم من كل ده انه بيحبك وكلنا عارفين ده، اديله فرصة تانية وانا واثقة انه اتعلم ومش هيكررها تاني، خلي فرحتنا تتم وارجعي بقى
تنهدت سارة بضياع لكن طمئنتها قائله
_ هيحصل يا ليلى بس مش دلوقت، يلا بقى قبل ما العريس ييجي.
لم تضغط عليها وتركتها ربما تواجدها معه يلين قلبها ولو قليلاً
❈-❈-❈
كان أمجد يقف أمام غرفة والده في منزلهما في البلدة يستعجل والده كل دقيقة
_ بابا ارجوك بسرعة شوية اتأخرنا عليهم
أجابه والده من الداخل
_ حاضر يا أمجد خارج حالاً
أمسك هاتفه يحاول الاتصال بها لكنها كـ العادة لا تجيبه، فقال بتوعد
_ ماشي ياليلى لما اشوف حجتك دي.
خرج والده من الداخل وهو يقول باستياء
_ في ايه يابني مستعجل ليه دي كلها خمس دقايق ونكون هناك
_ ايه ياجماعة متحسوا بيا انا صابر داخل في سنة مش قادر اصبر اكتر من كدة، اه وقبل ما تمشي الفرح هيكون بعد شهر عشان البنات يكونوا موجودين
ربت صابر على كتفه وقال بحب
_ ان شاء الله
اخذ والده وذهبوا إلى منزلهم وكانت الفرحة تعم المكان بعد تلك المآسي التى عاشوها
كان استقبالاً حارًا من تلك العائلة المترابطة لأمجد ووالده
كان ينظر إلى الغرفة التي بات فيها ليلته ورآها فيها لأول مرة
لم يكن يتخيل يومًا أن زيارته المقبلة لهم ستكون بتلك المناسبة
❈-❈-❈
كان مهران يتلوى على صفيح ساخن وقد بحث عنها في كل مكان ولم يجد لها آثر
شعر بأنه تلقى ضربة قاتلـ.ـة على رأسه وهو لا يعرف أين هي.
ماذا فعلت؟ هل لاذت للانتحار كما فعلت والدته؟
أم فضلت نار الطريق على الزواج منه.
والأدهى من ذلك هو جده الذي يعلم جيدًا بأنه لا يبالي سوى بسمعة العائلة
كيف ترك نفسه لجده ليصنع منه نسخة أخرى منه بقسوته وحدته
كيف سمح لنفسه بأن يستقوى على تلك الضعيفة التي لم ترد شيئًا من الحياة سوى أن تعيش بسكينة و هدوء دون ان تشعر بالخوف الذي اصبح ملازمًا لها منذ صغرها
لن يلومها على فعلتها فالقسوة التي ذاقتها على يدهم جعلتها لا تفكر سوى بالخلاص من جحيمهم
ولم تفكر لحظة واحدة في عواقب فعلتها
لقد راقبه وراقب عائلته حتى أصدقاءه المقربين مما اكد بأنه ليس طرفًا في هروبها وهذا ما جعل الخوف يتمكن منه
كان ينظر لزوجة عمه التي تؤكد حالتها أيضًا تأكد بجهلها التام بحالة ابنتها أو مكانها الحالى
وها هى ذى تنزل الدرج وهى تحمل حقيبتها والدموع تسيل من عينيها
تقدمت منهم لتنظر لذلك الذي يقبع على مقعده بثبات بالغ فتقول له باستياء
_ ياريت تكون ارتحت دلوقت بعد ما دمرت بنتي وخليتها تهرب منك
لم يجبها وظل على صمته مما جعلها تتابع بشماته
_ تعرف على قد ما قلبي بيتقطع من الخوف على بنتى على قد ما انا شمتانه فيكم
تطلع إليها بتحذير لكنها أكملت بعناد
_ أيوة شمتانه فيكم انكم مش هتقدروا ترفعوا راسكم وتتجبروا على خلق الله بعد النهاردة
بس اللي قهرني أنها جات في بتي
انا ماشية لإن اللي كنت متحملة عشانها راحت خلاص
تقدم منها مهران وهو يقول بصوت متحشرج
_ مرات عمي خليكي وانا أوعدك إني هرچعهالك..
قاطعته بحدة
_ ولا كلمة زيادة انا عارفة انك عايزني افضل هنه عشان تضمن رجوعها، بس صدقني بتي لما بتمشي مش بتبص وراها، وكمان أنا خلاص جبت اخري منكم ولازم امشي
حملت حقيبتها وخرجت من المنزل تاركة وراءها قلب نادم
وقلب آخر جاحد لا يكترث لشىء و لا يشغله سوى مرارة الفضيحة.
❈-❈-❈
دلفت ليلى ألى المضيفة وهى تحمل القهوة بيدين ترتعدان من شدة الارتباك بعدما سمح لها جمال بالولوج إليهم
ساعدها الجميع في عمل القهوة بسعادة عامرة فأخذتها وسارت بها بخطوات هادئه وصادفها حينها دلوف حازم للدار يسألها عن تأخرها
_ كل ده بتعملي القهوة
نظرت إليه شزرًا وهي تقول بغيظ
_ اوعى من قدامي بسرعة لاحسن ادلقها عليك
هم بالحديث لكنها منعته
_ انت هترغي بقولك اوعى من قدامي قبل القهوة ما تبوظ والوش يسقط
أخذ منها القهوة وقال بغيظ
_ اتفضلي ادامي
حاولت الرفض لكنه قاطعها
_ انتي هترغي خلصي بسرعة قبل الوش ما يسقط
اومأت له وأسرعت خلفه حتى وصلا للمضيفة
تقدمت منهم لتضع القهوة على الطاولة ثم تستدير لتخرج لكن جمال اوقفها
_ مش تسلمي الأول
ازدادت وتيرة تنفسها عندما وقعت عيناها عليه لتجده يغمز لها بمرح جعلها تنتفض في وقفتها فزمت فمها بتوعد ثم تقدمت من صابر تلقي عليه السلام بخجل
_ إزي حضرتك ياعمي
ابتسم لها بود
_ الله يسلمك يا بنتي، مش هتديني القهوة من إيدك ولا أيه
حمحمت باحراج
_ اه طبعًا اتفضل
قدمت له قهوته وكذلك فعلت مع جدها ووالدها ثم انصرفت تحت نظرات أمجد العاشقة الذي مازال لا يصدق مدى تبدل الأحوال
هم جاسر بأخذ الفنجان ليعطيه لأمجد الذي أبى أن يأخذه منه وهو يقول
_ بصراحة المسلسلات التركي خلتني أخاف أشرب فـ خليني فى الأمان أحسن.
طمئنه جاسر
_ لأ اطمن ليلى ملهاش في الدراما عامةً
تردد كثيرًا وهو ينظر إلى القهوة بتمني لكنه أصر قائلاً
_ الأمر برضو ميسلمش خليها مايه أحسن
اعتدل صابر فى جلسته متنحنحا لإجلاء صوته و هو يتحدث لعمران بجدية قائلاً
_ انا يشرفني إني اطلب منك ايد حفيدتك لأبني أمجد واحنا تحت أمركم في اللي تطلبوه قلت ايه ياحاج عمران
رد عمران بصدق
_ والله الولد ابنك والبنت بنتك واحنا مش هنلاقي أحسن منك نأمن عليها في بيته
رد صابر بامتنان
_ وده العشم برضو انا معنديش أغلى من أمجد ابني وان شاء الله ليلى هتعيش فى بيتى معززة مكرمة
تحدث جمال برصانة
_ واحنا مش رايدين أكتر من إكدة
تحدث أمجد بسعادة
_ خلاص يبقى نقرا الفاتحة
التفت الجميع إليه مما جعله يشعر بالاحراج و الخجل منهم
_ مش بيقولوا بردوا خير البر عاجله
أومأ له عمران
_ اللي تشوفوه
علت الزغاريد داخل المنزل بسعادة غامرة
سوى من القلبين الذين يتذكر كلاهما لحظات مشابهة لكنها كانت اشد قسوة و ضراوة
لم ينتبه أحد لمصطفى الذي تسلل من جوارهم ليعد في حديقة المنزل ويخرج هاتفه ليجري تلك المكالمة التي ما أن جاءه الرد حتى تبسم قائلًا
_ حبيبتي عامله ايه النهاردة؟
❈-❈-❈
ذهب جاسر للداخل كي يرى والدته لكنه لم يجدها
فأخبرته الخادمة بأنها في غرفة ليلى
صعد إليها ليتفاجئ بها تخرج من غرفة أخته
فتتقابل أعينهم لحظات وقلبه الخائن يدق بعنف حد الجنون
ولم يكن حالها أفضل منه وهي تزدرد ريقها بصعوبة
بمحاولة فاشلة منها للتظاهر بالقوة
وعندما لاحظ شتاتها قام بجذبها إلى غرفتهما التي تركها منذ ذهابها وأغلق الباب خلفهم رغم رفضها ومحاولاتها للإفلات منه وصرخت به
_ انت بتعمل ايه؟ سيبني
أجبرها جاسر على الوقوف أمامه لتواجهه وقال بحدة
_ مش هسيبك الا لما اعرف سبب لنشفان دماغك ده، عايزة ايه تاني، عايزاني اعمل ايه أكتر من اللي عملته، عمال اراضي فيكي وانتي كل مدى ما تزدادي عناد، ايه اللي يرضيكي وانا اعمله
تسلحت بسلاح القوة كي لا يرى مدى ضعفها من كلماته التي تعذبها وقالت بحدة
_ مش عايزة غير إنك تسيبني في حالي، رجوع لبعض تاني مش هيحصل لأي سبب من الأسباب
نظر إليها بشك وسألها باحتدام
_ يعني أيه؟
كانت تبعد عينيها عن مرمى عينيها كي لا يضيع ثباتها وردت بامتعاض
_ زي ما قلتلك مش هسامحك مهما حصل، ولو كنت فاكر إن اللي حصل بينا ده هيرجع حاجة فتبقى غلطان، دي كانت لحظة ضعف وخلاص وفقت منها
الاستياء الواضح في حديثها جعله يشعر بطعنه حادة في صدره ويسألها بهدوء بعكس ما بداخله من لهيب
_ يعني متعنيش ليكي اى شئ؟
أجابت بعناد كي تقطع أمامه أى خيط يربطهما ببعضهما
_ بالظبط كدة، انت لو تعرف الاشمئزاز اللي حسيت به بعدها هترأف بحالي وتطلقني.
وصلت لما أرادته عندما نظر إليها بوجوم ليقول بعدها بهدوء قاتـ.ـل
_ انتي طالق.
نزلت تلك الكلمة كالصاعقة المدوية على قلبها الذي أخذ يهدر بعنف وخاصةً عندما نحاها من أمامه كي يخرج ويصفق الباب خلفه بعنف ليتركها في صدمة قوية لم تتخيل مدى قسوتها
نعم كان ذلك ما تسعى إليه لكن لم تكن تعلم أن وقعها سيكون بتلك القسوة عليها
سقطت على الأرض ودموعها تنهمر بغزارة وهي تجهش في بكاء يمزق القلوب حتى أخذ صوت بكاءها يعلو ليصل إلى ذلك الذي وقف يستند بظهره على باب الغرفة يسمع نحيبها
إذا كانت هذا ما تريده فلما البكاء إذًا
تدحرجت دمعه على خده ولم يعد يستطيع الثبات أكثر من ذلك لتنهار قوته الزائفة
وكم أراد في تلك اللحظة أن يصرخ بأعلى صوته ربما بتلك الطريقة يخرج نيران قلبه المشتعلة
زاد نحيبها وازدادت آلامه حتى دقات قلبه اخذت تنبض عنف آلمه
أرادت الفراق فـ لتتحمل ألمه
أما هو فسيعمل على نسيانها مهما كلفه الأمر
ارتدى قناع الثبات وعاد إليهم متظاهرًا بقوة واهنه
جلس معهم وترك لقلبه العنان ليبكي كيفما يشاء
رغم أنها لا تستحق تلك الدموع
فيهمس قلبه
_ انت من اخترت وعليك التحمل
اندهش منصور من عدم تواجدها في المكان منذ مجيئهم
استأذن منهم وذهب لوالدته يسألها
_ أمي هى فين سارة انا مشفتهاش من وجت ماجينا
ردت جليلة
_ تلاقيها فوق مع ليلى
اومأ لها
_ طيب انا هعطلع لها عشان ابارك لليلى قبل ما امشي
لاح الحزن على وجه جليلة من قسوة ابنها فردت بثبات
_ اللي تشوفه
قرر منصور الذهاب إليها كي يعرف قرارها
وعند مروره من أمام الغرفة استمع لنحيبها الذي اربكه
دلف الغرفة ليجدها مستلقية على الأرضية تضم قدماها لصدرها وتنتحب بشدة
أسرع إليها يسألها بلهفة
_ سارة انتي كويسة..
قاطعته سارة وهي تبعد يده التي امتدت إليها كي يساعدها على النهوض وصرخت به وهي تعتدل
_ ابعد عني
زاد قلقه عليها وسألها بوجل
_ في ايه قلقتينى
هزت راسها وهي تجيبه بضياع
_ انت السبب فـ كل اللي انا فيه
عقد حاجبيه مندهشًا من قولها وسألها بريبة
_ أنا؟
اومأت بألم وهي تصرخ به ببكاء
_ جاسر طلقني
اربكته تلك الكلمة وشعر بانهيار كل شئٍ من حوله وفقد كل أمل له في اكتمال خطته
هزت رأسها لتقول بمرارة
_ طبعًا انت كل اللي همك خطتك اللي هتفشل انا مفرقش معاك
متفرقش النار اللي قايدة جوايا وانا بتخلى عن اقرب الناس لقلبي عشان خاطر احميهم منك
انا سبت ماما وعشت معاك على امل انك هتتغير بس انت زي ماانت مش هتتغير
بقيت تايه مش لاقية مكان اروحه
انت انتهيت بالنسبالي انتهيت
قالت كلمتها الاخير بضياع ونهضت لتخرج من الغرفة وهي تائهة لا تعرف إلى أين
ومقبل على الصعيد
رانيا الخولي
الفصل الواحد والأربعون
❈-❈-❈
بعد الكثير من الترجى من قبل أمجد لوالده للتحدث بشأن الزفاف تحدث صابر معهم
_ طيب ايه رأيكم نخلي الفرح وكتب الكتاب الشهر الجاي
رد جمال بعدم استيعاب
_ يعني خطوبة وكتب كتاب وفرح في خلال شهر واحد
رد صابر بوقار
_ خير البر عاجله وانا شايف إن مفيش سبب يمنع وبعدين بناتي راجعين من السفر كمان اسبوعين هيفضلوا في مصر شهر واحد ويمشوا ولازم يحضروا فرح أخوهم فالوقت ده هيكون أحسن من إنهم يسافروا و يضطروا يرجعوا تانى
نظر جمال إلى والده متحدثًا
_ ماتقول حاچة يابوي
أيد عمران رأيه
_ زي ما قالك خير البر عاجله، خلي البنات يفرحوا بأخوهم
وافق جمال على تحديد موعد الزفاف كما طلب منه صابر بعد شهرٍ من الآن
كان واقفًا ينظر إلى الجميع والسعادة التي تشع من وجوههم ولم يعلم أحد منهم بشيء ٍ مما يدور بداخله
أراد الهرب فى تلك اللحظة لكنه لم يستطع فعل ذلك فليس من الأصول أن يترك ضيفاً فى بيته فضلاً عن كونه خاطب لأخته و يذهب
عندما شعر بالاختناق وقف في الشرفة بعيدًا عنهم فرآها تهرع من المنزل إلى الحديقة الخلفية للمنزل ويبدو عليها البكاء
اندهش من فعلتها وأراد أن يذهب إليها ليعرف منها سبب بكاءها فهى التى طلبت الطلاق بل و أصرت عليه
لكنه تراجع عندما تذكر تلك المرة التي ذهب إليها ليعترف بعشقه ففوجئ بتلك المكالمة التي دمرت أحلامه
خشي من تكرار الأمر ربما يستمع لأخرى تهدم كل شئ كـ ذي قبل
حاول الصمود وحاول وحاول لكن بلا فائدة، فقلبه يأخذه إليها وعقله يأبى الرضوخ له
طال الصراع بداخله دون أن يستطيعوالأنتصار لأحدهما على الآخر
لكنه شعر بالقلق عليها، ماذا إذا حدث لها شئ وهى وحيدة وبتلك الحالة
انتصر القلب أخيرا فأخذته قدماه إليها يبحث عنها بقلب يرتجف وجلا
حتى انتبه لصوتها الباكي خلف تلك الشجرة العتيقة
اهتز بدنه بريبة وهو يراها جالسه على ركبتيها مستندة برأسها على الشجرة
اندهش من سبب بكاءها، أليس هذا ما كانت تسعى إليه! لما البكاء إذًا؟
تقدم منها اكثر وتحدث بتردد
_ ممكن افهم بتعيطي ليه
انتفضت بوجل من سماع صوته ورفعت عينيها إليه وقد ظهر أمامها نسخة أخرى من والدها مما جعل الغضب يزحف إليها، مسحت عينيها بظهر يدها
ونهضت لتقف أمامه تدفعه في صدره وتخرج فيه أخطاء غيره
_ جاي ورايا ليه؟ عايز مني إيه؟ انت مش طلقتني؟
كانت كل جملة تنطقها تدفعه بعنف في صدره وهو يتراجع مع دفعاتها كي يتركها تخرج ما بداخلها
صاحت به
_ انت بتكره منصور وشايف نفسك أحسن منه بس انت نسخة تانية منه، بغدره و قسوته و جبروته
وصلت حالتها حد الانهيار وصرخت فيه بكل يكمن داخلها من آلام وهو يقف عاجزًا لا يستطيع احتواءها والتخفيف عنها
_ انا هفضل عمرى كله اكرهكم، أنت وهو هتفضلوا نقطة سودة في حياتي
انتبه الجميع بعد ذهاب أمجد و والده على صرخاتها التي تعم المكان
فأسرعوا إليها ليجدوها تقف أمامه تبكي وتصرخ بانهيار
_ ابعد عني وسيبني بقى
دنى منها مصطفى ليبعدها عنه ويحتويها بذراعيه ويصيح به
_ عملت ايه فيها تاني؟
وقف عاجزًا مرة أخرى لا يستطيع النطق بشئ وهو يرى نظرات والده و الجميع تدينه دون أن يعرفوا ما حدث
فضل الانسحاب فهو الأسلم حاليًا لكليهما
وتركها وهو يستمع لصوت نحيبها الذي ظل ملازمًا له حتى بعد ان انطلق بسيارته بعيدًا عنهم
كان يقود سيارته ولا يعرف إلى أين يذهب و لكنه قرر الابتعاد لمكان لا يرى فيه دموعها و لا يسمع صوت نحيبها و لكن هيهات . فكلما بعد علا صوتها و كلما أغمض عينيه رأى وجهها بشكل أوضح و أحرقته دموعها أكثر و أكثر
فك قيد دموعه بعد أسر طويل
بمعنى ادق منذ أن تلقى صدمته الخادعة
اوقف سيارته على جانب الطريق بين الزراعات دون يعرف إلى أين وصل وجد الظلام حالكا من حوله
وهنا سمح لنفسه بالبكاء بأعلى صوته بل انطلقت صرخاته تشق سكون الليل
كان يبكي للمرةِ الأولى في حياته
طوال عمره يعتبر البكاء ضعفا واستسلاما وهو الآن يعاني من كليهما
الضعف و الاستسلام
اشتد بكاؤه و علا صراخه واشتدت معهما أوجاعه
وقد خسر كل شئ بكلمة واحدة، ضاعت منه وانتهى كل شئ
أما هي فقد كانت بحالة يرثى لها وهى ترى نفسها ضائعة وبلا مأوى
لم يسألها أحد منهم عن سبب ذلك مراعاةٍ لحالتها
بل وجدت حب وقلق من الجميع لكن ظالميها ليس لهما وجود
استسلمت لأخيها الذي أخذها إلى غرفتها ووضعها على الفراش وهو يسألها بقلق
_ تحبي نتكلم دلوقت ولا نستنى لما تهدي
تساقطت دموعها بألم ليمنعها مصطفى
_ من غير عياط
اخذ يربت على خصلاتها حتى تهدأ قليلًا لكن بلا فائدة، وفي النهاية سمعها تقول بضياع
_ طلقني.
صعق من قولها حتى أن الصدمة قد ألجمته للحظات وهو لا يتخيل ما تقوله
فـ سألها بانفعال
_ يعني ايه الكلام ده؟ هي سايبة يتجوزك وقت ما يحب ويطلقك وقت ما يحب؟
انا لازم اتكلم مع جدي وعمي و لازم يوقفوه عند حده
هم بالنهوض لكنها منعته برجاء ممسكة بذراعه
_ أرجوك بلاش متضيعش فرحة ليلى صدقني اى حد مكانه كان هيعمل كدة، انا هنته وجرحته عشان أجبره يطلقني بس متخيلتش ان الكلمة دي هتكون بالقسوة اللي حسيت بيها دى
قطب جبينه بحيرة وسألها بدهشة
_ طيب ليه طلبتيها مادام بتحبيه كدة
اغمضت عينيها فى محاولة فاشلة للتحكم بدموعها و أجابت سؤاله بألم
_ عشان اقطع اى أمل لأبوك
بابا عايز يرجعني بأى شكل عشان يقدر يطلب من عمك ورثه وطبعًا عمك مش هيرفض أولاً لانه عارف اد ايه هو اتعلق بينا وثانيًا هيدخل من جهة كله لأولادنا في الآخر
فكان لازم اقطع اى أمل له
سألها بحيرة
_ طيب ليه مقلتيش لجاسر بدل اللي بتعمليه فيه وفي نفسك.
هزت راسها برفض
_ مش هينفع اصدمهم فيه اكتر من كدة، جدك وجدتك تعبوا و مبقوش حمل لصدمات تانية منه
وحرام إن عمك بعد العذاب اللي شافه ييجي ابوك يعيده من تاني
تعاطف معها وقال بتماسك
_ خلاص انا هكلم جاسر و….
قاطعته قائلة برجاء
_ أرجوك بلاش انت عارف انه مش مسامحه ولو عرف هيزيد كرهه ليه أكتر وانت عارفه مندفع وممكن يعمل أى حاجة
خلينا نمشي من سكات لإننا من وقت ما دخلنا حياتهم وهما عايشين في وجع
ابوك خلاص فقد الأمل بعد ما واجهته بحقيقته
وممكن الصبح تلاقيه سافر من غير مـ حتى يقولنا
ربت على يدها وهو يقول بتعاطف
_ أوعدك إن كل حاجة هتتحل بس الصبر، ولو عايزة تسافري معايا انا موافق.
هزت راسها برفض
_ مش هقدر أبعد و اسيبه
ربت على يدها وهو يقول بصوت هادئ
_ إن شاء الله كل حاجة هتتحل وهترجعوا لبعض تاني
تنهدت بتعب
_ ياعالم
❈-❈-❈
خرج مصطفى من غرفتها ليذهب إليهم ويطمئنهم
فوجدهم جميعًا جالسين في الردهة إلا والده بالضبط كما اخبرته سارة
سأله جمال بقلق
_ سارة عامله ايه دلوقت؟
طمئنهم بهدوء وهو يتقدم منهم
_ اطمنوا مفيش حاجة هي بس اعصابها تعبت من ضغط جاسر عليها، والحمد لله بقيت احسن
لم يقتنع جمال بحديثه لكن لن يضغط عليه وسينتظر مجيء ابنه الذي أغلق هاتفه كى يفهم منه ما حدث.
عادت ليلى لغرفتها وقد شعرت بضياع فرحتها بعد ما حدث
نظرت إلى هاتفها الذي لم يكف عن الرنين لتجيب باقتضاب
_ ايوة ياأمجد
شعر بالقلق من صوتها وسألها بتوجس
_ مالك ياليلى انتي كويسة؟ حد زعلك؟
طمئنته ليلى بثبات كي لا يشعر بشئ يعكر صفو فرحته
_ لا خالص أنا بس مجهدة شوية
لم يقتنع بحديثها لكنه لم يرد أن يضغط عليها وقال بسعادة
_ مبروك
ابتسمت دون إرادتها وتناست كل شئ فور سماعها لتلك الكلمة و ردت بابتسامة عاشقة
_ الله يبارك فيك
غلف الخجل صوتها وهي تتابع
_ حاسة اني بحلم
صدحت ضحكته الصاخبة عاليا تدل على مدى سعادته و قال
_ انا نفسي مش مصدق، بس اوعدك إني هعوضك عن كل دقيقة مرت من عمرك وانتي بعيدة عني.
و عن كل دمعة نزلت منك بسببي
اتسعت ابتسامتها أكتر فاتحة المجال لتلك السعادة التي طرقت بابها فأرادت التطرق في موضوع آخر نظرًا لخجلها منه لكنها تذكرت أمر تلك الفتاة فسألته باحتدام
_ اه تعالى قولي، ايه قصة البنت دي؟ و ازاي قالت أنها خطيبتك لما انتو منفصلين، وبرده من حقي أعرف سبب الإنفصال
أعادته لفترة من الآلام أقسم ان يمحوها من ذاكرته لكن من حقها أن تعلم كل شىء عن علاقته بأسيل فقال بهدوء
_ انا و أسيل نعرف بعض من واحنا صغيرين، ولما كبرنا افتكرنا تعودنا على بعض حب وهو كان ابعد ما يكون عنه
اتقدمتلها ووافقت السعادة اللي كانت باينة عليها اكدتلي الوهم اللي كنت عايش فيه
قررنا ان الفرح يكون بعد ما تتخرج من الكلية لانها زيك كلية طب
كان عمري خمسة وعشرين سنة لما حسيت بألم شديد في القلب
ولما الالم اشتد أوي روحت للدكتور عصام لإنه زي ما انتي عرفة صديق لبابا.
اكتشفت وقتها إني عندي عيب خلقي في القلب مظهرش إلا فـ السن ده
بدأت أدخل في دوامات العمليات وهي لأنها تخصص علاج طبيعي فكانت متواجدة معايا بعد كل عملية على أمل إني أتحسن، لحد ما القلب وصل لمرحلة صعبة
هنا كان من حقها تبعد لإن مفيش حاجة تجبرها ترتبط بواحد بين الحياة والموت في أى لحظة
انسحبت واحترمت قرارها
سافرت وانقطعت أخبارها لحد ما اتفاجئت بيها لما فقت من العملية ولقيتها ادامي
بس كنت في حالة متسمحليش افكر في سبب تواجدها في المكان وطبعًا تواجدها ضروري عشان تخصصها
بعدها عرفت انها سافرت اليونان واتجوزت واتطلقت بحجة انها مقدرتش تنساني
تنهد بتعب لذكرى تلك الأيام التى كان يعذبه فيها بعدها عنه وتابع
_ بس لما عرفت إن في حد في حياتي وفشلت كل محاولتها انها ترجعني استسلمت وانسحبت بهدوء.
ها كده ريحتك
_ يعني مش أوي
سألها بحيرة
_ ليه؟
اجابت بقلق
_ مش عارفه بس خايفة تظهر في حياتك تاني ووقتها انا مش هقدر اتحمل
طمئنها بهدوء
_ متقلقيش هي مقدرتش تحركني وانتي بعيدة عني وفي الحالة اللي كنت فيها، تفتكري هتقدر وانتي جوة حياتي نفسها؟
ابتسمت دون أن تظهر ذلك وتابعت وهي تتظاهر بالجدية
_ اللي زي دي مش بتبقى سهلة وبتحاول بكل الطرق انها توصل لهدفها.
أكد لها بصدق
_ صدقيني بيكي أو من غيرك هي خارج حياتي ومستحيل تحت اى ظرف تدخلها تاني.
كده اطمنتي ولا لسه
أجابت بابتسامة عريضة
_ أنا مشكتش فيك عشان اطمن بس كنت عايزة اسمع الكلام ده منك.
ابتسم ايضًا رغم غيظه من مكرها وقال
_ وسمعتي؟
_ اه سمعت
نظرت في ساعتها وقالت باسف
_ معلش انا هضطر اقفل لإن في عملية مهمة لازم أحضرها الصبح
لم تعطه فرصة للرد وأغلقت الهاتف
إزداد غيظه منها متوعدًا لها باشد عقاب
في الصباح
استيقظت سارة على صوت منصور الذي يحثها على الاستيقاظ
فتحت عينيها بتثاقل بعد سهد طويل لم يفارقها سوى بعد الفجر
اعتدلت وهي تسأله بتوجس
_ في حاجة؟
رد بجمود
_ يلا عشان ميعاد الطيارة، مينفعش امشي واسيبك هنا بعد اللي حصل
أومأت له بصمت وخرج هو من الغرفة كي يتركها تستعد وذهب لمصطفى ليدلف غرفته دون طرقها فيرتبك مصطفى عند رؤية والده ويبعد الهاتف عن أذنه
مما جعل منصور يندهش من فعلته فسأله بشك
_ انت بتكلم مين؟
حاول مصطفى الثبات
_ ها لا ابدًا دي ماما بتطمن علينا
أومأ له بعدم اقتناع لكنه كعادته لا يبالي
_ طيب اجهز عشان هنسافر دلوقت
رغم اندهاشه من قوله إلا إنه قال برفض
_ مش هينفع
عقد حاجبيه متسائلًا
_ ليه مش هينفع؟
_ لأن جدي رافض إني اخرج من هنا إلا على ميعاد الطيارة
تساءل مستفسرًا
_ واوراقك؟
حمحم بإحراج وقال
_ ما انا كنت هطلب من حضرتك تخلص انت الأوراق لإن….
قاطعه منصور بملل
_ تمام اللي تشوفه، انا همشي انا وأختك لإن مينفعش تفضل هنا بعد اللي حصل.
انهى حديثه ثم تركه وغادر ليعود هو لهاتفه ويتحدث به
_ لا متقلقيش ده كان بابا ومشي خلاص
❈-❈-❈
فتح جاسر عينيه بصعوبة أثر أشعة الشمس التي اخترقت زجاج السيارة
نظر في ساعته ليجدها تعدت السابعة صباحًا
شعر بالألم يجتاح كامل جسده
خرج من السيارة كي يعرف أين هو ليفاجئ بأنه لا يعرف هذا المكان
ظل للحظات يتأمل المكان ولا يتخيل كيف استطاع البقاء فى هذا المقفر ليلًا
عاد إلى سيارته ليعود بها من نفس الطريق الذي أتى منه وقد عادت الذكرى تعصف بعقله وقلبه بقوة
عاد إلى المنزل وهو يبحث عن الهرب من مواجهة أخرى
لكنه صدم عندما وجدها تنزل الدرج وهي تحمل حقيبتها
لم تنظر إليه ومرت من جواره لتودعه نسماتها العطرة برحيل قاسي.
تلاها منصور الذي نظر إليه بحدة لكنه لم يهتم له وتركه يرحل دون حديث
هم بالصعود لكنه توقف عندما نادته وسيلة
_ جاسر
استدار لينظر إليها بعينين ظهر عليهما الإجهاد جليا وقال بتماسك
_ خير يا أمي؟
تقدمت منه وهي تنظر إليه بتعاطف
_ كنت فين؟ قلقتني عليك.
ربت على كتفها بتمالك
_ متقلقيش انا بس كنت عايز اقعد لوحدي شوية
تنهدت بتعب
_ مراتك ماشية مع ابوها
أومأ لها بتفهم
_ عارف، سيبيها براحتها، وبلاش حد منكم يضغط عليها
بدا انها لا تعلم شيئًا عما حدث بينهما وهو لم يرد أن يكسر فرحتهم بـخطوبة ليلى فصعد الدرج ووسيلة تنظر إليه وقد
آلمها قلبها عند رؤيته بذلك الاستسلام
وعندما رآه جمال وهو يصعد الدرج اراد ان يوقفه لكن وسيلة منعته
_ سيبه دلوقت الله يرضى عليك، انت مش شايف حالته؟
تحدث جمال باحتدام
_ لحد امتى؟
قالت برجاء
_ لحد مايهدى ..
صمتت قليلاً ثم أكملت بألم بس انا قلبي بيتقطع عليه.
نفس شعوره لكن عليه أن يكون حازمًا معه فقد أصبح يتصرف برعونة وعليه أن يوقفه، لكن سينتظر حتى ذهاب أخيه وبعدها سيتحدث معه.
خرجت سارة مع والدها من المنزل وهو يراقبها من شرفته
رآها وهي تستقل السيارة وتنظر إليه من نافذتها لتتقابل أعينهم للحظات قبل أن تنطلق السيارة بها وكلما ابتعدت كلما تألم قلبيهما
شعرت بدقاتها تنبض بعنف آلمها وكأن القلب يعافر كي يخرج ويذهب لعاشقه
فتستنجد بنظراتها قبل أن تنهمر الدموع من عينيها
ومقبل على الصعيد
رانيا الخولي
الفصل الثاني والأربعين
❈-❈-❈
بضياع وتشتت أوقف جواده لينظر إلى الأفق البعيد أمامه وهو مازال يعاتب نفسه على قسوته عليها بعد أن أفاق من ظلمه لكن للأسف بعد فوات الأوان
قاطع جده وانعزل في ذلك المنزل البعيد وحياته اصبحت قاحلة بدونها
قام ببناء قبر لها ظنًا منه أنها لاذت بالموت حتى يرحمها من عذاب جحيمهم كما فعلت والدته من قبل
لكن كان لموتها ذبحـ.ًـا له من الوريد للوريد
فعلتها كما فعلتها والدته من قبل وفضلت الموت وتخلت عنه
لتعيد هي آلام الماضي وتوقظ ذكريات ظن أنها تلاشت و انمحت من داخله بمرور السنين
وأحيت بداخله ومضات خافتة من الماضي لذكرى والدته وهي تودعه قبل موتها ودموعها التي تنهمر وهي تحتضنه بوله
فلاش باك
كان في غرفته ينظر بصعوبة من النافذة العالية كي يستمع لتلك الاصوات التي تستنجد بالخارج وصوت والده القاسي يدوي في المكان
أرتعب بخوف عندما فتح باب الغرفة ظنًا انه والده مما جعله ينزوي بخوف لكن تنفس براحة عندما وجدها والدته الذي اصطبغ وجهها باللون الازرق القاني
كانت تبكي بحرقه وهي تنظر إليه كأنها تودعه
اسرع إليها مهران ليحاوطها بذراعين صغيرين وكأنه بتلك الطريقة يحميها من بطشهم
_ متعيطيش أنا لما اكبر هاخدك ونمشي من اهنه ونبعد عنيهم
ابعدته والدته عنها قليلًا كي تجلس أمامه وتقول بألم
_ ليه بتقول اكدة؟
رفع يده الناعمة الرقيقة كي يمسح عبراتها التي تؤلم قلبه الصغير وقال بحزن
_ عشان أبوى ضربك تاني
هزت راسها وهى تحول التحكم في دموعها وقالت بنفي
_ بس ابوك مضربنيش انا اللي وقت على السلالم
ببراءة طفل لم يتعدى الست أعوام سألها
_ اومال بتبكي ليه؟
اغمضت عينيها بألم شديد وقالت بأسى
_ بعيط من الدنيا
احتواها هو بذراعيها يربت على ظهرها وهو يقول بلهجة حانية
_ واني هخاصم الدنيا اللي زعلتك دي
ابعدته عنه قليلًا وقد تحولت ملامحها لصلابة تصل حد القسوة التى تحاول بثها فى روحه البريئة وهي تقول بقوة
_ لا أوعاك تخاصمها، حبها و صاحبها بس خلي حبك ليها بقوة وجبروت زييهم لإنك لو ضعفت قدامهم هيكلوك
محدش منهم هيرحمك
نظر إليها بخوف شديد لتهزه بحدة
_ وبلاش نظرة الضعف اللي شايفاها فى عينيك دي لإنهم لو شافوها مش هيكون ليك شأن وياهم
اظهر قوتك ليهم من دلوقت لأنهم لو شافوا ضعفك هتكون مداس في رجليهم.
باك
عاد من ذكريات ليغوص داخل ذكريات وكلاهما لا رحمة فيه
❈-❈-❈
في القاهرة
طرق خافت على باب المنزل تلاها فتح الباب وظهر ذلك المسن على ابوابه ينظر إلى تلك المنتقبة بدهشة وسألها
_ مين حضرتك؟
دون رد منها دلفت المنزل واغلقت الباب فور دخولها مما جعل ذلك الرجل يندهش من فعلتها وقبل ان يتفوه بكلمة رفعت النقاب ليظهر أمامه وجه حلم الذي آلمه اختفاءها
_ انا حلم ياخالي
لم يصدق عينيه وقد تخيل انها اقدمت على الانتحار كما فعلت زوجة عمها وسألها بعدم استيعاب
_ حلم انتي حلم
أومأت له برأسها وعاد يسألها بقلق
_كنتي فين الفترة دي قلقتينا عليكي
ردت حلم بابتسامة
_ هحكيلك كل حاجة بس اطمن امي الأول.
اخذها للداخل
_ تعالي دي لما تشوفك هترد فيها الروح
دلفت حلم الغرفة لتجد والدتها مستلقية على الفراش بضياع فأسرعت إليها وهي تعاتب نفسها على عدم اخبارها
_ أمي، قومي انا حلم
رفعت ريحانه عينيها بعدم تصديق ولم تصدق إلا عندما سمعت صوت أخيها
_ وجعتي قلبنا وبنتي مات وانتحرت وهي ادامك اهه
نهضت ريحانة وهى تنظر إليها بسعادة
_ حلم بنتي، انتي كويسة
أومأت لها حلم لتحتضنها ريحانه بولع وقد عادت الحياة تنبض بداخلها برؤية ابنتها
ابتعدت عنها قليلًا و هى تتحسس وجهها و كتفيها كي تتاكد من وجودها وسألتها
_ كنتي فين ياحلم وليه خبيتي عليا
قبلت حلم يدها وقالت بتعاطف
_ حقك عليا بس الموضوع جاه فجأة انا هحكيلك على كل حاجة
فلاش باك
كانت جالسة في غرفتها كالمحكوم عليه بالإعدام الذي ينتظر موعده عندما دلفت الخادمة الغرفة وهي تتسلل بوجل
اندهشت حلم من فعلتها وسألتها بدهشة
_ سامية انتي بتعملي ايه؟
اشارت لها سامية بالصمت ثم تقدمت منها وهي تقول بخفوت
_ سيدي مهران طالع على السلالم خفت يسالني رايحة فين؟
قطبت جبينها بعدم فهم وسألتها
_ وانتي بتعملي ايه بره اوضتك دلوقت
اخرجت الخادمة ورقة من بين طيات ثيابها وهي تتقدم منها وتسلمها لها
_ سي مصطفى ابن عم الدكتورة ليلى صاحبتك اداني الورقة دي وقالي اوصلها ليكي
نظرت حلم إلى الورقة بين يديها وقالت بدهشة
_ انتي شوفتيه فين؟
تقدمت منها أكثر وتحدث بريبة
_ هو قاعد تحت ومش راضي يتنقل من مكانه
انقبض قلبها خوفًا عليه وقامت بفتح الورقة وقرأت محتواها
_ حلم انا جاي ياقاتـ.ـل يامقتول، مش همشي من هنا إلا بيكي
انا جهزت كل حاجة وهاخدك ونسافر بره مصر
انا مستنيكي تحت لو بتحبيني انزلي وخلينا نخلص من العذاب اللي عايشين فيه
لو رفضتى فالموت عندي افضل من انك تتجوزي اللي اسمه مهران ده
ارتبكت نظراتها وشعرت بأن الأرض تهتز تحت قدميها
لن تستطيع فعلها، هي ترغب في ذلك لكن لا تمتلك الجرأة لفعلها
ولن تستطيع تركه بالاسفل فإذا عثر عليه حقًا سيقومون بقتله دون ان يرف لهم جفن
ليس هناك حتى فرصة للتفكير
طوت الورقه بين يدها ونظرت للخادمة تسألها
_ هو فين؟
اشارت لها سامية
_ تعالي معايا
ذهبت حلم معها إلى اسطبل الخيل كما اخبرها مصطفى لتجده واقفًا في الداخل
وعندما رأته تحدثت بصوت حاد
_ انت اتجننت ايه اللي جابك اهنه؟
اشار لها بخفض صوتها وقال بهدوء
_ اهدي ووطي صوتك
انا جاي ومش هتنقل من غيرك، في عربية هتخدك وتوديكي لمكان انا ضامنه لحد ميعاد السفر
هزت راسها برفض
_ يبقى بتجري ورا الموت برجليك
هز رأسه بتأكيد
_ وبعدي عنك برده موت، وانا مش هقدر اسيبك ليهم واسافر، وبعدين انا مأمن نفسي كويس متقلقيش
هنسافر في خلال اسبوع ولو عايزة نتجوز هنا ماشي عايزاني اكتب الكتاب هناك برده اللي تشوفيه قلتي ايه
اشتد الخوف بداخلها لكن عندما تذكرت حياتها معهم وما ستكون عليه بعد زواجها من مهران أومأت له واسرعوا بالذهاب
باك
_ بس ياستي هى دي كل الحكاية وانا اصريت اننا نكتب الكتاب هنا قبل السفر
نظرت إلى خالها وتابعت
_ هنكتبه بكرة يعني قبل السفر بيوم قلتوا ايه؟
رد خالها بحيرة
_ رغم اني مش مقتنع باللي عملتيه بس ارحم من الحياة اللي كنتوا عايشينها، على خيرة الله
نهضت من مقعدها وقالت بثبات
_ طيب انا لازم امشي دلوقت عشان محدش يحس بحاجة وخصوصاً أن جدي مخلي رجالة واقفين ادام البيت تراقب اللي داخل واللي طالع
قالت ريحانة بعتاب
_ ليه مقلتليش يابنتي، ليه سيبتينى اتوچع من الخوف عليكي
قبلت حلم يدها وقالت باعتذار
_ والله كان غصب عني انا لو عرفتك كان هيبان عليكي وانا خفت لجدي يأذيكي ، وخلاص اديكي شوفتيني واطمنتي عليا..
❈-❈-❈
في مطار القاهرة
خرجت سارة من المطار بصحبة والدها فوجدته يقول بجمود
_ انا هطلع على الشركة وانتي روحي البيت …
قاطعته بجمود مماثل
_ لأ انا هروح عند ماما، مينفعش اسيبها لوحدها بعد سفر مصطفى
تطلع إليها قليلًا وقد شعر بالغضب منها ليرد بعدم اهتمام
_ اللي تشوفيه
صعدا إلى السيارة التي كانت بانتظارهما حتى وصلا أمام منزل جدها وترجلت منها دون النظر إليه
توجهت للداخل تبحث عن والدتها
لتجدها واقفة في مكتب جدها وتنظر إلى ورقة بين يديها و ملامح الصدمة تتجلى على ملامحها
تقدمت منها وسألتها بقلق
_ ماما، في حاجة؟
نظرت اليها سمر بشرود ثم انتبهت و أجابت بقلق
_ ده انذار اخير من البنك يا الدفع يا إما هيتحفظ على كل حاجة باسم ابوكي، شكلهم كانوا باعتين انذار من فترة وهو مسألش
جلست سارة على المقعد وكأن ما يحدث لا يخصها بشئ وقالت بفتور
_ عارفة شفت زيه في البيت هناك
اندهشت سمر من اللامبالاة التي تتحدث بها فجلست قبالتها وهي تسألها
_ ومالك بتتكلمي ببساطة كدة وكأنك شمتانة
هزت راسها بنفي
_ مش قصة شمتانة بس الموضوع انه داين تدان
هو اتخلى عن أهله في عز محنتهم وسابهم ومسألش فيهم
وأدي الزمن بيعيد نفسه بس بأقسى وأشد
جدي لقى عمي يقف معاه، لكن هو مفيش حد
مصطفى وهيسافر ويبني نفسه بنفسه من غير أى مساعدة منه
وأنا هشتغل واصرف على نفسي وعليكي ونعيش بعيد عنه
وهو حر بقى بخسارته
اندهشت سمر من الجمود الذي تتحدث به ابنتها
_ انا حاسة اني بتكلم مع واحدة معرفهاش، مش انتي سارة بنتي ابدًا، وبعدين إذا بتنتقدوا ابوكم فـ اللي عملوا زمان وانتوا بتكرروه معاه
تنهدت سارة بتعب
_ واحنا في ايدينا ايه نعمله، هو كان معاه الفلوس اللي كانت من حق جدي وأخدها ومشي انما احنا مأخدناش حاجة
_ بس برده ده مهما كان أبوكم ومـ…..
قاطعتها سارة بتسائل
_ وليه مقولتيش الكلام ده لبابا لما جالك بالفلوس، ليه مقولتيش ارجع ده مهما كان أبوك ولازم تقف جانبه
اخفضت عينيها بخزي وقالت بحزن
_ بس انا مش عايزاكم تغلطوا غلطتنا، احنا دفعنا التمن غالي اوي بلاش تجربوا الاحساس ده
ابتسمت بسخرية
_ على اساس انه اتعلم؟!
هزت راسها برفض
_ لسة زي ما هو، تعرفي كان بيقنعني ارجع لجاسر ليه؟
عشان يعيد اللي عمله زمان ويطالب بحقه في الميراث وجدي لسه عايش
تألمت من تلك الذكرى وهي تتابع
_ ولما فشلت خطته وطلبت الطلاق اضطر انه يسكت ومينطقش بكلمة، وبعد ده كله عايزانا نقف جنبه طب بأيه
واحد مسافر وميمتلكش غير التذكرة وانا بقيت مطلقة ولسه متخرجة جديد
تعاطفت سمر معها وقالت بحيرة
_ طيب ليه مقلتيش لجاسر؟
هزت راسها برفض
_ مش عايزة اشوه صورته اكتر من كدة، وفي نفس الوقت جدي مبقاش حمل صدمات تانية
انا بستغرب أوي للمثل اللي بيقول البطن قلابة ومكونتش عارفة معناه ايه
لحد ما شوفت بنفسي عمي وبابا
فارق شاسع بين الاتنين، نقيض
عمي بطيبته وبحنيته وبشهامته ورجولته
وبابا اللي مستعد يدوس على ولاده عشان نفسه
بس بحمد ربنا أن مصطفى مطلعش زيه.
_ يعني انتي شايفة ان تضحيتك دي تستاهل
نهضت من مقعدها وتقدمت من النافذة لتقول بألم
_ يستاهل إني اضحي بعمري كله عشانه، بس بعد اللي حصل اكتشفت إني انا الجسد وهو الروح.
يعني بمعنى ادق بقيت جسد من غير روح
_ بس انتي فـ ايدك ترجعي كل حاجة
هزت راسها بنفي
_ بعد اللي حصل مستحيل.
اكدت لها
_ لو بيحبك هيرجعلك
تنهدت بكل الألم الذي تحمله بداخلها وقالت بحزن
_ بتتكلمي عشان متعرفيش جاسر، عمره ما بيتلفت لحد آذاه
وانا أذيته وجرحته ومستحيل هيرجع مهما حصل
نهضت سمر لتتقدم منها وتربت على كتفها بتعاطف
_ هيرجع ومهما عملتي هيسامح، اللي خلاه قبل انه يتجوزك بعد اللي سمعه هيرفض عشان زلت لسان
_ ياعالم الزمن مخبيلنا ايه.
❈-❈-❈
في المشفي
دلفت ساندي غرفة أخيها الذي مازال يرفض التحدث إليها لكنها لم تيأس وتحاول بكل الطرق ان تجعله يسامحها
تقدمت منه وهي تقول بريبة
_ انا كنت مع الدكتور دلوقت وقالي انك تقدر تخرج النهاردة
اومأ لها بصمت مما جعلها تتحدث بحزن
_ هتفضل مخاصمني كتير
رد بجمود وهو يشيح بوجهها بعيدًا عنها
_ ده اللي اقدر اعمله دلوقت
تساقطت دموع الندم من عينيها وقالت بأسف
_ ارجوك سامحني انت عارف إني مليش غيرك
هز رأسه بندم
_ المفروض اني انا اللي اطلب منك تسامحيني مش العكس
انا اللي لعبت باعراض الناس ونسيت إن كما تدين تدان، فاتردت بس الرد كان شديد أوي
نظر إليها وتحدث بغصة
_عايزك تكلمي سارة وتحاولي تقنعيها تيجي عشان اطلب منها تسامحني
❈-❈-❈
لم يكف أمجد عن مشاركتها لكل شئ في غرفتهم سواء في منزل القاهرة أو بمنزل البلدة
وهي تعيش معه لحظات من السعادة لم تكن تتخيلها يومًا
كانت تجلس معه في المضيفة ومهم جاسر الذي كان معهم بجسده لكن عقله وقلبه معها هى
كان يتظاهر بالتجاوب معهم لكن هو ابعد ما يكون عن ذلك
نهض عندما لم يستطيع الثبات اكثر من ذلك وتركهم وغادر من الغرفة متعللًا بإجراء مكالمة
كانت ليلى تنظر إليه بتعاطف مما جعل امجد يسألها بقلق
_ مالك ياليلى وشك اتغير ليه
نظرت إليه لتقول بحزن
_ جاسر صعبان عليا أوي حالته كل مدى ما بتزداد سوء
تنهد بحيرة
_ انا مش فاهم ايه سبب العناد ده، ليه مستسلم كده ومحاولش يكلمها تاني وتالت ومليون، لازم يظهر لها اد ايه هو متمسك بيها ومش قادر على بعدها
إنما بطريقته دي هيخسرها بجد وهيحسسها إنها مش فارقة معاه
تحدثت ليلى باستنكار
_ لا طبعًا جاسر عمل المستحيل عشان يرجعها بس هو يأس وهى كل مدى ما بتعند قصاده
اللي انا مستغربه ليه إني واثقة من حبها لجاسر بس مش عارفه ايه سبب العند ده
_ طيب ليه متدخلتيش انتي وعرفتي منها سبب عنادها
حركت راسها بنفي متمتمه
_ حاولت كتير بس ديمًا بتتهرب، وانا مردتش اضغط عليها
اندهش امجد اكثر وسألها
_ طيب وباباكي وجدك فين من كل ده
_ جدي رافض ان أي حد يدخل ما بينهم وبابا كل ما يفتح الموضوع مع جاسر يقول انه عمل اللي عليه وهى حره
وعمي طبعًا في عالم تاني بعيد عن أولاده
طمئنها أمجد قائلاً بثقة
_ ان شاء الله هيرجعوا لبعض، هى مش هتيجي تحضر الفرح
أمأت مغمغمة
_ أكيد
_ يبقى اتحلت
قطبت جبينها بعدم فهم وسألته
_ اتحلت ازاي؟
لاحت ابتسامه جذابة على وجهه جعلت ضربات قلبها تزداد وتيرته وقال بثقة
_ هتعرفي بس لما ييجي ميعاد الفرح عشان تبقى الفرحة فرحتين، المهم وحشتيني وعمال اعد في الأيام
عشان ييجي اليوم اللي بحلم بيه من يوم ماشفتك
ابتسمت رغم شعورها الخجل من كلماته
وقالت برقه لاقت بها
_ حاسة اني بحلم
وافقها قائلًا
_ نفس احساسي انا كمان، لدرجة بقوم من النوم وخايف افتح عينيه يكون كل ده مجرد حلم وتضيع فرحتي.
نفت بحب
_ لا مش حلم دي حقيقة ربنا عوضنا بيها بعد العذاب اللي شفناه
كانت عينيه تنظر إليها بسعادة وكانه امتلك الدنيا بين يديه وقال بامتنان
_ مش عارف لولا وجودك في حياتي كنت عملت ايه
انتبه اثنتيهم على صوت جاسر الذي كان يتحدث بانفعال
_ انت بتقول ايه؟….
٤٣& والحلقة الأخيرة
ومقبل على الصعيد
رانيا الخولي
الحلقة الثلاثة والاربعون
❈-❈-❈
وقفت سارة أمام الغرفة بتردد، تعلم جيدًا بأنها تخطئ فيما تفعله وإن علم جاسر لن يرحمها، لكنها تريد ان ترى في عينيه نظرة الإنكسار التي لازمتها شهورا عدة
لذلك عندما طلبت منها ساندي الحضور وافقت دون تردد
طرقت الباب لتفتح لها ساندي وتدعوها للدخول
_ اتفضلي ياسارة
دلفت سارة للداخل وياليتها لم تفعل.
فور رؤيته عادت إليها تلك الذكريات الأليمة ليهتز داخلها بوجل لكنها استطاعت بصعوبة إظهار عكس ذلك ودلفت بقوة وثبات نجحت في إظهاره بوضوح على حركاتها و سكناتها.
كان في حالة يرثى لها.
ولما لا وهو قد وقع بين براثن جاسر الذي لم تترك مكانًا في وجهه إلا وقد أعطته ما يستحق
فضلا عما حدث لذراعه من كسور مركبة تحتاج وقتاً طويلاً لتشفى و قد لا تعود لطبيعتها مطلقاً.. ما شهدته أثلج صدرها و شفى غليلها منه.
تلاشى الخوف بداخلها عندما لاحظت نظرات الانكسار في عينيه وصوته الذي امتلأ بالخزى و هو يقول
_ اهلًا ياسارة متشكر أوي إنك جيتي
بثبات وهدوء تام تحدثت
_ معقول بتشكرني عشان جاية اشمت فيك؟
خفض عينيه بانكسار وهو يقول
_ عندك حق انتى ربنا انتقملك مننا اشد انتقام، انا بس كنت عايزك تسامحيني وتغفريلي اللي عملته فيكي
انكسارهما والخزي الذي ظهر عليهما جعلها
تشتاق اكثر لذلك الذي انتقم لها من ظالميها
فردت بثبات
_ بالعكس انا بعتبره جميل عملته معايا عشان أروح لأهلي واتعرف على جاسر، يمكن لو مكنش ده حصل مكنتش هروح هناك ولا أتعرف عليه، أو يمكن أروح بعد ما يكون فات الاوان ويكون ارتبط بغيري
ودي الحاجة الوحيدة اللي هتخليني أغفرلك اللى حصل
انا كنت جاية بس عشان أشمت فيكم بس لقيت إنكم حتى متستهلوش إني الشماتة.
خرجت من الغرفة دون إضافة كلمة أخرى
لم يكف هاتفها عن الرنين منذ خروجها من الغرفة فقامت بإخراجه من حقيبتها لتجده جاسر مما جعلها تشعر بالقلق من حدوث شيء ما
وصلتها رسالة منه فتحتها لترى محتواها المتوعد
" افتحي الفون لآجي اكسره على دماغك"
ابتسمت بيأس ممن خدعها فقال " تغير كثيرًا بعد فراقك"
واهمًا لا محالة، رن هاتفها مرة أخرى
وما إن فتحت حتى دوى صوته الهادر الذى يكاد يخرق طبلة أذنها مما جعلها تبعد الهاتف عنها بإنزعاج
_ انتي فين ياهانم؟
قلبت عينيها بغيظ وقد وضحت أمامها الرؤية بمراقبته لها وقالت بهدوء
_ وانت مالك؟ بتسأل بصفتك أيه؟
صاح بها بانفعال
_ بصفات كتير ياهانم ولو عايزة تعرفيها هاجي اعرفهالك، وإذا كان منصور سايبك تدوري زي ماانتي عايزة فانتي ليكي أهل يحكموكي
ضغطت على أسنانها بغيظ وتحدثت بحدة
_ وانت بقى اللي هتحكمني؟
تابع هدره
_ ايوة هحكمك لما تروحي تزوري واحد زي ده وبعد اللي عمله فيكي يبقى لازم احكمك
راقتها غيرته عليها رغم غلاظة كلماته وواصلت تحديها له
_ والله اللي ليه كلمة عليه بعد بابا هو جدي وعمي من بعده يعني مفيش حد تاني له كلمة عليا، ولعلمك أنا مش جاية أزوره زي ما الغفير اللي باعته مـ وصلك انا كنت جاية اشوف انتقام ربنا ليا مش أكتر
إزداد غضبه منها وهى تمحو وجوده من حياتها وقال باحتدام
_ يظهر إن منصور دلعك بزيادة وانا بقي اللي هعلمك الأدب و أربيكى من أول و جديد
تابعت إشعال نيران الغضب بداخله قائلة بإستفزاز
_ لما يكون ليك صفة
أشعلت النار بداخله بالفعل وصاح بها
_ بصفتي جوزك ياهانم
صححت له بفتور
_ تقصد اللي كان جوزي، انت نسيت إنك طلقتني
كان واقفًا على جمر ملتهب وقد أسود كل شئٍ من حوله من شدة الغضب الذي سيطر عليه تمتم من بين أسنانه
_ متلوعيش معايا وقولي انتي روحتي عنده ليه؟
ردت بنفس فتورها وهي تشير لسيارة أجرة
_ ساندى قالت لى أن أخوها عايز يعتذر وبصراحة كان نفسي أشوفه وهو مذلول كده، والحمد لله راضيت فضولي وفضولك وتسمحلي اقفل عشان هركب العربية
لم تمهله فرصة للتحدث وأغلقت الهاتف مما جعله
يضغط على الهاتف بيده حتى كاد يكسر الهاتف أو أصابعه أيهما أقرب
كان يهدر بقوة مما جعل أمجد وليلى يستمعون لحديثه رغم المسافة بينهم ثم وجدوه يدلف الغرفة ويأخذ مفاتيحه وهو يقول باعتذار
_ انا مضطر استأذن لإني عندي مشوار ضروري
خرج دون ان يستمع إليهم
فقالت ليلى بقلق
_ انا هروح أشوف في ايه
منعها أمجد من التحرك
_ لا بلاش تدخلي انا دلوقت مع جدك فـ اللي قاله
ووممكن اللي حصل ده يكون سبب لرجوعهم لبعض.
ردت بتمني
_ يارب ياأمجد بصراحة الاتنين صعبانين عليا اوي
طمئنها بهدوء
_ إن شاء الله هيرجعوا لبعض بس سيبك من جاسر
وخليكي معايا
اشار لها بعينه وهو يغمز لها
_ فاكره الاوضة اللي جانبنا دي، متيجي نعيد المشهد من تاني، بس هيكون بطريقة مختلفة عن كدة
زمت فمها بغيظ وقالت بحدة
_ كلمة زيادة وهقوم من قدامك
قال بخبث وهو ينظر إليها بلوع
_ براحتك بس كلها أسبوع وهيتعاد برضاكي، بس لما تيجي تقربي مني هخطفك في حضني
اشتد غيظها منه وهمت بالنهوض وتركه لكنه نهض مسرعًا و قف أمامها يمنعها وقال
_ ايه مالك حمقية كدة ليه، هو انا كنت قلت حاجة عيب.
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت بغيظ
_ لا مقلتش حاجة
ابتسم لها بحب وهو ينظر إلى ملامحها التي حفرت داخل قلبه وعقله وبكل كيانه
تلك الحبيبة التي أسرت قلبه وجعلته يسير وفقًا لرغباتها
فقال بوله
_ مش عارف انتي عملتي فيا ايه.
كل مدى حبك جوايا بيزيد لدرجة إني بقيت مسلوب الإرادة قدامك
ابتسمت بخجل وقد أخذ قلبها يهدر بقوة من كلماته التي وصل صداها لأعماق قلبها فقالت بخجل
_ انا واقفة قدامك وخايفة اكون بحلم
اكد لها بولع
_ وانا كمان خايف اكون بحلم.
ليقاطعهما صوت متهكم
_ وانا بقى اللي جاي افوقكم من الأحلام دى
❈-❈-❈
عادت سارة إلى المنزل وعاد هاتفها يرن بإزعاج
تجاهلت وصعدت إلى غرفتها
محاولات كثير منه لكنها عاندت وقامت بأغلاق هاتفها ووضعته على المنضدة بعناد
محاولة أخرى منه فوجد هاتفها قيد الأغلاق مما جعله يزداد غضبًا فتمتم متوعدًا
_ ماشي بكرة بالكتير وهطلعه على عينك يا بنت المنياوي
عاود الاتصال بمصطفى الذي ما إن أجابه حتى تحدث باقتضاب
_ استناني مع أمجد أنا جاي حالًا
ثم اغلق الهاتف وألقاه على المقعد المجاور و بدأ فى استرجاع ذكرى قريبة
فلاش باك
فتح جاسر باب غرفته ليجد مصطفى أمامه يقول بإحراج
_ محتاج مساعدتك هتساعدني ولا اشوف حد تاني
فهم جاسر مقصده فأشار له بالدخول ليجلس مصطفى وهو بجواره لينظر إليه بشك
_ خير عملت أيه تاني؟
رد مصطفى باحراج
_ أنا هربت حلم وهى دلوقت في طريقها للقاهرة
مسح جاسر على وجهه يحاول تمالك اعصابه كى لا ينفعل عليه وسأله بجمود يحاول به الحفاظ على ثباته الإنفعالى
_ تقصد حلم بنت الهواري
اومأ له في صمت مما جعل جاسر يضغط على قبضته محاولًا السيطرة أكثر على غضبه مما جعله يتمتم من بين أسنانه
_ وديتها فيها؟
حمحم بإحراج وهو يجيب
_ مش عارف لسه، انا كنت عامل حسابي إنها تروح عند أمي بس لقيت انه أول مكان هيدوروا فيه، هما وصلوا دلوقت للقاهرة ومش عارف اخليها تروح بيت جدي ولا اعمل أيه
هز رأسه وهو يحاول تهدئة انفعاله، فما حدث؛ حدث وانتهى
_ وانت جاي تسألني بعد الدنيا ما خربت؟
هز كتفه مغمغمًا بضيق
_ كنت خايف لتقف قصادي وتمنعني وانا دلوقت بطلب مساعدتك، هتساعدني ولا أشوف حد تاني
تنهد جاسر بيأس
_ وناوي على أيه بعد اللي عملته ده؟
_ هخدها ونسافر برة نكمل تعليمنا هناك
هز رأسه قائلًا بصعوبة تحكم
_ بما إن المصيبة حصلت وخلاص فغصب عني هساعد
سأله بتوجس
_ إزاي؟
فكر قليلًا ثم أخرج هاتفه ليجرى مكالمة وعندما أجابه تحدث بدون مقدمات
_ محتاجين مساعدتك ضروري
رحب قائلًا
_ أكيد طبعًا قول.
_ الأول في بنت في مشكلة واحنا بنحاول نساعدها، هى دلوقت في القاهرة وعايزين حد نثق فيه تكون عنده الفترة دي لحد ميعاد سفرها
تردد قليلًا ثم تحدث بجدية
_ قصة بنت دي تقلق بس بما أنها تبعك فـ حاضر هساعد باللي أقدر عليه، هى فين دلوقت؟
نظر جاسر لمصطفى يسأله فأجابه
_ خليه يبعتلك العنوان وانا هكلمهم
_ هى في القاهرة دلوقت قول العنوان
❈-❈-❈
_ وأنا جيت بقى عشان افوقكم من الحلم ده
ضحك أمجد وقال بتسويف
_ بلاش انت لإنك عملت اللي مـ في حد يقدر يعمله.
تحدثت ليلى باستنكار
_ ولا كان هيقدر يعمل حاجة من غيري
اتسعت عينا أمجد بعدم استيعاب لما تقول وسألها
_ عملتي ايه ياعملي الاسود
تحدثت بغرور مصطنع وهي تجلس على المقعد
_ ولا حاجة عرفته طريق سامية اللي حلم بتثق فيها
نظرت إلى مصطفى وتابعت بغيظ
_ بس كان ممكن يودي نفسه فى دهية بجرئته دي
جلس مصطفى وهو يجيبها
_ على اساس سفرك لليونان مكنش جرأة بصراحة أحفاد الحاج عمران دول مصيبة كل واحد فيهم ليه حركة جريئة كده إنما أيه تودي في داهية
اتسعت أعينهما بصدمة وسأله أمجد بحيرة
_ وانت عرفت منين؟
قاطعهم دخول جاسر الذي ظهر عليه الهدوء قليلًا بعد تلك العاصفة التي خرج بها
_ السلام عليكم
ردوا جميعًا السلام ثم جلس معهم فقالت ليلى
_ طيب اسيبكم انا بقى
ظل أمجد ينظر إليها وهي تذهب حتى نبهه جاسر
_ خليك معانا هنا.. هنعمل ايه؟
التفت اليه أمجد قائلاً
_ متخافش ياسيدي كل حاجة ماشية زي ما اتفقنا بكرة الصبح هيكون المأذون معانا وإن شاء الله يخلصوا ويطلعوا على الطيارة، بس كل واحد فيهم من طريق
سأله مصطفى بقلق
_ وفيه ايه لما تروح معايا؟
نظر إلى جاسر وقال بيأس
_ تهوره ده هيوديه في داهية، يا ابني انت أكيد هتكون متراقب من وقت ماتخرج من البيت لحد ما تركب الطيارة ولما يشوفوها معاك مش بعيد يقتلوك ويقتلوها.
أيده جاسر
_ مش ولحدهم كل اللي ساعدهم هيروح معاهم، يعني نهدي كده ونتصرف بحكمة
تحدث أمجد بجدية
_ مصطفى الموضوع مش سهل زي مـ أنت فاكر فلازم كل خطوة تكون محسوبة ومن غير تهور اتفقنا؟
أومأ له على مضض
_ اتفقنا، بس
قاطعه جاسر بحدة
_ مفيش بس اللي قولنا عليه يتنفذ بالحرف، مش عايز أقولك إن لو جدك وعمك عرفوا حاجة زي دي هما بنفسهم اللي هيقفوا قصادك ويرجعوا البنت لأهلها، وانا أول واحد كنت هعمل كده بس لقيت إن خلاص المصيبة حصلت واللي كان كان.
أيد أمجد رأيه
_ فعلاً جاسر عنده حق ولولا إنى بثق في تصرفاته مكنتش وافقت
رد مصطفى باستنكار لقسوتهم عليه
_ بس الكلام ده لو هي عايشة مبسوطة مع أهلها وانا جيت خطفتها منهم، دا الجحيم أرحم من اللي هي فيه
وافقه أمجد بتعاطف
_ عارفين وده السبب الوحيد اللي مخلينا واقفين جنبكم واحنا مش بنطلب منك تسيبها إحنا بس عايزينك تكون هادي ومتتصرفش بتهور
اومأ لهم
_ تمام اللي تشوفوه
اخرج جاسر التذاكر من جيبه وقال بثبات
_ وانا جيبت التذاكر وإن شاء الله الموضوع يعدي على خير
❈-❈-❈
أصبح مصطفى على أتم الاستعداد للسفر
وغدًا في الصباح سيذهب مع جاسر وأمجد إلى القاهرة كي يتم عقد قرانه على حلم ويأخذها ذاهبين إلى الخارج.
ترجل مصطفى ورغم فرحته الكبيرة بحلم إلا إنه كان يتمنى أن يشاركهم فرحته
دلف الغرفة ليجدهم جالسين بوجوم لحزنهم على فراقه
تقدم منهم ليصافح جده ويقبل يده وهو يقول بأسف
_ عارف إن فراقي صعب عليك بس أوعدك إني هكلمك كل يوم واطمن عليك
ربت عمران على كتفه ورد بحب
_ تروح بألف سلامة ياولدي ويكفيك شر الطريق
أومأ له بابتسامة ثم تقدم من جليلة التي سبقتها دموعها وقالت بحزن
_ خلاص هتفارقنا
ابتسم بحب ودنى منها يقبل رأسها وقال بثبات
_ مين قال كده إن شاء الله هكلمك كل يوم وفيديو كمان كأني معاكم
ثم دنى من عمه الذي كان ومازال بمثابة أب له وقال بصدق
_ بصراحة اتعودت عليك فى حياتي مش عارف إزاى هقعد المدة دي كلها من غيرك
ابتسم جمال بود ليربت على كتفه بقوة
_ وانت كمان بعتبرك واحد من ولادي زيك زيهم بالظبط بس ياريت اول ماتخلص علامك ترجع على طول.
ابتسم بحب وقال بتأكيد
_ من غير ما تقول آخر يوم في الامتحانات هرجع على طول.
_ إن شاء الله، انا حولتلك مبلغ بسيط على حسابك تمشي به نفسك لحد ما تستقر هناك
تذكر مصطفى امر الرسالة التي وصلته أمس وقد ظن انها من والده فلم ينتبه لاسم المرسل فقال
_ بس المبلغ كبير أوي و….
قاطعه جمال
_ مش كبير ولا حاجة انا لسه قايلك انت زيك زي جاسر وطبيعي اني اعمل كده معاه
لم يجد كلمات يصف بها مدي امتنانه له فقال بحب
_ متشكر اوي ياعمي
نظر إلى وسيلة التي وجد معها حنان لا يوصف
_ هتوحشيني أوي
_ وانت كمان اتعودت عليك معانا
اكد لها
_ هكون معاكم برده، بس خلي بالك من سارة
اكدت له
_ سارة جوة قلبي بس ربنا يهديها وترجع
نظر إلى جاسر وتابع بمغزي
_ هترجع إن شاء الله
اهتزت نظرات جاسر وقال بحدة
_ خلصت محن ولا لسه
اوما له
_ اه خلصت هكمل الباقي في المطار مع حازم ومعتز
_ وبالمرة تعدي على ليلى في المستشفى
ضحكوا جميعًا
_ لأ كفاية المحن اللي هي فيه دلوقت يلا ياسيدي
خرجوا من المنزل ومروا على المشفى وكان أمجد بانتظارهم هناك
❈-❈-❈
في المشفى
جلس أمجد معها في كافتريا المشفى وهو ينظر إليها بغيظ
_ عاجبك كده والكل عمال يبصلنا زي اللي اول مرة يشوفوا اتنين مخطوبين؟
ردت هى بغيظ من فعلته
_ طبيعي لإن مجيك أصلًا هنا مينفعش
_ بت اتعدلي لاعدلك أنتي بقيتي خطيبتي خلاص وأشوفك في المكان اللي يعجبني
نظر إلى تلك العيون التي تراقبهما وقال
_ ولا فيه سبب تاني؟
اتسعت عينيها ذهولًا من حديثه وقالت بحدة
_ ايه سبب تاني ده؟
عاد ينظر إليه بحنق
_ اللي قاعد مشلش عينيه من علينا ده
لم تستطيع النظر إلى حيث يشير وقالت بعتاب
_ يعني انت جاي عشان كده بس؟
ابتسم لها بحب عندما رآى عبوسها وقال بمرح
_ للسببين وحياتك السبب الاول إنك هتوحشيني والتاني عشان أخليه يفقد الأمل من جواه
لم يعجبها تصرفه وقالت بجدية
_ بس ياأمجد كده مينفعش احترم مشاعر الناس لإنها حاجة مش بأديهم
إحنا مش هندخل جواهم ونعاتبهم على احاسيسهم
عقد حاجبيه بغيرة واضحة وسألها بحدة
_ ومالك متعاطفه معاه ليه؟
_ لإني جربت الاحساس ده وعارفه اد أيه هو مؤلم بلاش نخلي غيرنا يعيشه، هو خلاص قطع أي أمل من قبل حتى مانتخطب فمكنش ليه لزوم اللي انت عملته ده
تطلع إليها قليلًا ثم سألها
_ انتي شايفة كده؟
لاحظت الضيق الذي يتحدث به وقالت بهدوء
_ انا مش شايفة حاجة كل اللي بقوله إننا نحترم مشاعر الغير مش أكتر
رن هاتفه ليجد المتصل جاسر فنهض قائلًا بحزم
_ أنا ماشي دلوقت بس أى حد هيفكر بخياله أنه يخدك منى هيكون حسابه عسير معايا
تركها وغادر من المشفى ليجد جاسر ينتظره بالسيارة أمام المشفى
صعد بجوارهم
_ السلام عليكم
ردوا جميعًا السلام
فسأله جاسر بشك
_ والبرد ده مجاش إلا النهاردة ولا ايه؟ انت امبارح كنت كويس
اومأ له متظاهرًا بالتعب
_ اه بالظبط قومت من النوم لقتني بعاني من البرد
هز راسه بشك وسأله
_ البرد راح خلاص؟
أومأ له بتأكيد
_ اه الحمد لله
_ ربنا يشفيك.
نظر إلى مصطفى وسأله
_ كلمت أبوك
اومأ له بعدم اهتمام
_ اه كلمته ووافق، تحسه أصلًا هو مش عارف بيوافق على أيه.
ربت جاسر على ساقه
_ المهم إنك تكون مع اللي بتحبها اى حاجة تاني مش مهم
ابتسم له بود وقال بجدية
_ خلي بالك من سارة، انا مقدرش أءمن حد عليها غيرك، سارة اه مندفعه وتفكرها يمكن يكون غير منطقي بس اللي انا واثق فيه أنها بتحبك
التزم جاسر الصمت وعينيه تنظر للطريق أمامه بشرود
" بارك لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"
تلك الجملة التي نهى بها المأذون قرنهما تحت فرحه وسعادة من الجميع
كان جاسر ينظر إلى سارة بملامح مبهمة مما جعلها تشعر بالقلق منه
هى تعلم جيدًا تلك النظرات يخفى خلفها توعد عسير
تهربت من عينيه ونهضت لتبارك لأخيها ومازال داخلها يرتعد خوفًا من تلك النظرات التي لا ترأف بها
نهض أمجد ليهنئ الجميع
_ الف مبروك ياجماعة بس خلاص لازم نمشي دلوقت عشان ميعاد الطيارة
نهض جاسر أيضًا وهو يؤيده
_ فعلًا مفيش وقت، انا هاخد سارة وحلم واخرج من الباب الوراني للعمارة واسبقكم على هناك وانتوا حصلوني
ارتعد داخل سارة خوفًا وقد تأكدت بأنه ينوي فعل شئ لكنها استسلمت له وخرجت معه هى وحلم وذهبوا دون نقاش
في المطار
ظل مصطفى يبحث عنها لكنه لم يجدها، اتصل على جاسر وليلى لكن لا احد منهم يجيب
النداء الاخير وهى ليس لها وجود هم بالخروج من المطار لولا تلك الرسالة التي جعلته يتصلب في وقفته…..
ومقبل على الصعيد
رانيا الخولي
الفصل الأخير
❈-❈-❈
أنخفق قلبه خوفًا عليها وهو يبحث في كل مكان لكن لا يجد لها أثر
تلاعب الشك بداخله وحاول الاتصال مرارًا وتكرارًا وهم بالعودة والبحث عنها لولا وصل تلك الرسالة التي قرأها بخوف
" المطار متلغم برجالة سالم، اركب الطيارة وإياك تبين حاجة "
لم تطمئنه تلك الرسالة بل زاد خوفه وهو يتجه إلى الطائرة بقلب منقبض
صعد إليها وهو يلتفت حوله يبحث عنها بقلبه قبل عينيه
يخشى من عثورهم عليها ويكون بذلك بعثها للموت بيديه
دلف الطائرة وجلس على مقعده ينظر إلى مكانها الفارغ
أُغلق باب الطائرة وأغلق معه أى أمل في مجيئها
لا لن يحدث ويذهب دونها هم بالنهوض لكنه سمع صوتها الحاني يقول
_ مكاني لوسمحت.
رفع عينيه إليها ليراها أمامه بعينيها التي أسرته وتحدث بولع
_ مكانك مـ انتي استوليتي عليه خلاص قلبي واسمي وعمري عايزة ايه تاني
جلست على المقعد المجاور وقالت بابتسامة أرهقت قلبه
_ عايزة كل حاجة تخصك تخصني أنا كمان.
تناول يدها يقبلها بعشق جارف
_ وانا كلي ملكك أعملي اللي انتي عايزاه
اتسعت ابتسامتها وهي تتشبث به أكتر
_ انا مش مصدقة نفسي حاسة إني جوة حلم
طمئنها بحب
_ لا ياستي مش بتحلمي ولا حاجة بقيتي مراتي وحبيبتي وعمري كله.
انطلقت الطائرة بعد أن بعث برسالة لجاسر يطمئنه فيها مما جعل جاسر يبتسم بانتصار ثم نظر إليها وكأنه يتوعد لها مما جعلها ترتبك ثم تهم بالهروب من جواره لكنه علم ما تنتوي فعله فقام بجذبها من ذراعها وأغلق باب السيارة وهو يقول بتوعد
_ بتهربي على فين؟ انتي فكرك اللي حصل ده هيعدي بالساهل
جذبت ذراعها من يده وقالت بحدة تتسلح بها كي تنحي ضعفها
_ وانت مالك؟ يخصك في ايه؟
نظر إليها بقوة وغمغم من بين أسنانه
_ احفظي لسانك ومتزوديش حسابك معايا، هيبقى لينا كلام كتير بس لما نوصل البلد.
اتسعت عينيها بصدمة من حديثه وقالت بحدة
_ ومين قالك اني هرجع معاك؟
انطلق جاسر بسيارته وهو يجيب باتهام
_ مش بمزاجك هترجعي غصب عنك مينفعش أسيبك هنا وتدوري على حل شعرك من غير رقيب
صاحت به غيظًا من اتهامه لها
_ انا مسمحلكش تتكلم عني كدة
ضغط على مكابح السيارة حتى جعلها تصرخ بصدمة ثم التفت إليها وعينيه تقدح شررًا وقال بحنق
_ لا هتسمحي واللي هقول عليه بعد كده تنفذيه، فاهمة ولا لأ
قال كلمته الأخيرة بحدة جعلها تنتفض بخوف
لكن عنادها آبي الرضوخ له وقالت بعناد
_ لا مش فاهمه انت خلاص مبقاش ليك حكم عليا، ولا انت ناسي إنك طلقتني
كانت تتحدث وكأنها تعاتبه على ما فعل مما جعله يندهش من ذلك
اليست هي من طلبت ذلك وأصرت عليه، لما ذلك التذمر إذًا
ظل يتطلع إليها للحظات وقد آلمه اشتياقه لها فقال بهدوء
_ لأ مش ناسي، بس أنا خلاص رجعتك.
انقبض قلبها خوفًا وعقلها لا يستوب ما سمعه، فسألته بريبة
_ يعني ايه رجعتني؟
ضغط مقود السيارة وانطلق بها وهو يجيب بثبات
_ زي الناس
رغم سعادتها بذلك الخبر إلا إنها لن تستطيع العودة الآن، لم يأن الآوان بعد عليها الإصرار على البقاء ورفض العودة معه.
فقالت بأمر
_ نزلني
لم يهتم بما تقول وظلت عينيه مصوبةً على الطريق وهي لا تريد الاستسلام فصرخت به
_ مش هرجع معاك مهما عملت
لم يبالي بما تقول مما جعلها تزداد عنادًا وقالت بتهديد
_ إن موقفتش العربية انا اللي هوقفها
نظر لها من جانب عينيه يتطلع على غضبها الطفولي ثم عاد ينظر إلى الطريق أمامه
أنعطف بسيارته ليأخذ طريقه للصعيد مما جعلها تنظر إلى زر الفتح بجواره فاندفعت مسرعة تضغط عليه دون ان يستطيع منعها منشغلًا بالمقود الذي اهتز من فعلتها وقال بغضب
_ بتعملي ايه؟
فتحت باب السيارة وقالت بتهديد
_ وقف العربية
اندهش جاسر من إصرارها على عدم العودة وتذكر موقف مشابه لهما لكن كانت تتوسله كي لا يعيدها إلى القاهرة
وهي الان تعيدها لكن تلك المرة تريد العودة إليها
توقف بالسيارة على جانب الطريق ثم نظر إليها ليقول بهدوء
_ اتفضلي إنزلي
بدون تردد ترجلت من السيارة ونزلت منها تحت نظراته القاتله واخذ ينظر إليها بغضب وهي تشير إلى إحدى سيارات الاجرة التي توقفت أمامها وقبل أن تقترب منه
اندفع هو وتقدم منها يجذبها بعنف من ذراعها ويقول بحنق
_ انتي فاكرة نفسك بتعملي ايه؟
حاولت الإفلات منه وهي تقول بقوة
_ أوعى سيبني انا مش هرجع معاك
صاح بها بهدر
_ هترجعي غصب عنك
ترجل السائق من سيارته عندما رآي تهجمه عليها وتحدث بتهديد
_ انت هتسيبها ولا اتصرف معاك
نظر إليه جاسر بغضب وقال بهدر
_ خليك في حالك وشوف رايح فين
بغضبه وصوته الهادر جعل الرجل المتظاهر بالقوة يرتد سريعًا عندما لاحظ أيضًا لهجته الصعيدية
وصعد سيارته وانطلق بها
نظرت إليه بغضب شديد وقالت بحدة
_ انت عايز مني ايه تاني؟ مش كفاية اللي عملته فيه؟
نيران تشتعل بداخله لكن عليه ان يهدئها قليلًا حتى تعود معه فقال بخشونة
_ هترجعي معايا من سكات ولا أجبرك؟
اجابت بعناد وهي تزم فمها بغيظ
_ مش هرجع وأعلى ما فـ خيلك اركبه
ضاق به ذرعًا من عنادها وهم بالتقدم منها لكنها أسرعت بالهرب من أمامه
اندهش للحظات من فعلتها لكنه انتبه لنفسه فأسرع إليها حتى دنى منها يوقفها لكنها صرخت بغضب وهي تحاول الافلات منه
_ سيبني بقولك مش هرجع معاك
عاد يجذبها إلى السيارة وهي تعافر معه وتضربه بقبضتها الضعيفة لكنه لم يتأثر
فتح السيارة وألقاها داخلها بغضب مما جعل الغيظ يشتعل أكثر بداخلها.
أخذ مقعده متوليًا القيادة وانطلق بها في وجوم تام حتى وصل بها إلى البلدة
ظلت على وجومها ولم تتحرك من مكانها، فقال لها بأمر
_ إنزلي
لم تجيبه وظلت على ثباتها مما جعله يترجل من السيارة متلفًا لجهتها وفتح الباب وجذبها منها رغم تمنعها وهي تقول برفض
_ قلتلك مش هنزل
رد بحدة
_ وانا قلتلك مش بمزاجك
أخرجها عنوة من السيارة وجذبها إلى داخل المنزل لينصدم الجميع مما يروه
نهض جمال ووسيلة كي يعرفوا ما يحدث لكن جاسر تحدث بحزم
_ محدش يتدخل بينا
لم يجادله جمال لعلمه بحالة ابنه فقال بهدوء
_ طيب براحها عليها
ذهلت سارة من حديث عمها وقالت برجاء
_ انت هتسيبني ليه؟
حاول جمال اخفاء ابتسامته وهو يقول
_ متخافيش ميقدرش يعملك حاجة وانا موجود
نظرت لجدها تستنجد بها وقبل أن تتفوه بحرف
جذبها إلى الأعلى ودلف بها غرفتهم مغلقًا الباب خلفه بحدة
تقدم منها بخطوات لترتد هي للخلف وقد ازدردت لعابها بخوف وقالت بتخذير واهن
_ لو قربت مني هصرخ وافضحك
انصدمت عندما سمعته يقول بلهجة حازمة
_ ممكن أعرف انتي بتعملي كده ليه؟
اهتزت نظراتها وشعرت بعينيه الحادة تخترق داخلها فقالت بصوت مرتبك
_ بعمل ايه أنا كل الحكاية إني مش عايزة أعيش معاك بعد اللي عملته
رفع حاجبيه متسائلًا
_ أنا عملت أيه؟
رمشت بعينيها مرات متتالية تحاول الثبات أمامه وقالت بحدة
_ تقصد معملتش ايه، لو كنت فاكر إن بالطريقة دي هتجبرني أعيش معاك تبقى غلطان، انا هروح لجدي وأخليه يحميني منك.
لمحة واحدة إلى عينيها أظهرت له مدى التشتت والضياع التي تشعر به
تقدم منها خطوة وقد لانت ملامحه وهو يسألها بلهجة بثت الاطمئنان بداخلها
_ مخبيه عني أيه؟
ارتبكت نظراتها واشاحت بوجهها بعيدًا عنه وقالت باحتدام
_ مفيش حاجة عشان اخبيها
رفع يده إلى وجهها كي يجعلها تنظر إليه وقد ظهر على وجهها عذاب لم يراه عليها من قبل مما جعله يشعر بالقلق عليها وقال بلوعة
_ قولي وأوعدك إن مهما حكيتي مفيش حاجة هتتغير
تشتت نظراتها والحزن المرتسم بداخلهما جعله يوقن بأن هناك سبب قوى دفعها لفعل ذلك كما أخبره مصطفى
_ سارة أنا بحبك وعايز أبدأ حياتي معاكي مش هقدر أتحمل تبعدي عني أكتر من كده
تساقطت دمعه حاره على وجنتها آلمت قلبه فقام بمسحها بإبهامه وتطلع إليها بكل الحب الذي يحمله لها وهو يقول بصوت هادئ بث الآمان بداخلها
_ طول ماانا جانبك متخافيش من حاجة، قولي وريحي قلبي
هزت رأسها والدموع تنهمر من عينيها وقالت بأسف
_ لو كان ينفع كنت قلت من الأول.
أومأ لها بتفاهم فيكفي بأنه علم بوجود سبب لما قالته فتحدث بعشق
_ مش هضغط عليكي وهسيبك لحد ما تيجي تحكي بنفسك
اومأت له بألم وهو ابتسم لها بحب ومسح دموعها بابهامه وتحدث بشوق
_ خليكي واثقة إني عمري مـ هتغير مهما كان السبب اللي مخبياه، ودموعك دي مش عايز أشوفها تاني لإنها بتقتلـ.ـلني
ابتسمت عينيها ودق قلبها بعنف يجبرها على الرضوخ لعشقه الأخذ لكنها تخشى عليه من قسوة والدها فهمت بالاعتراض لكنه وضع يده على شفتيها يمنعها من ا
ومقبل على الصعيد
رانيا الخولي
الخاتمة "١"
❈-❈-❈
لحظات من الخيال وهي داخل أحضان ذلك العاشق الذي لم يكف لحظة واحدة عن بثها مدى ولعه بها
لم يغمض لهم جفن خوفًا من أن يستيقظوا فيجدوا أنهم داخل حلم جميل وتم الاستيقاظ منه
لكن أخذ التعب منها مبلغه وغفت بين ذراعيه بإرهاق
أما هو فرفض النوم وفضل أن يتأملها وهي نائمة في أحضانه الساجية
كان يتلاعب بخصلاتها التي يعشقها ويتأمل ملامحها الهادئة
فهي من علمته الحب وأبجاديته
مال عليها يقبل جبينها لتشعر هي بلمسته تلك
فتحت عينيها بتثاقل لتلتقي بعينيه التي تنظر إليها بعشق فقالت بنعاس
_ مصحتنيش معاك ليه؟
أخذ يدها يقبلها بشوق وحنين وقال بتوق
_ انا منمتش عشان أصحيكي
تطلعت إليه لتسأله
_ ومنمتش ليه؟
اجابها بشغف وهو يتتبع بأنامله خطوط وجهها
_ مش قادر أغمض عينيه عنك، كل ماأغمضها توحشيني افتحها تاني
ضحكت سارة بخفوت وهي لا تتخيل أن جاسر باستطاعته قول مثل تلك الكلمات التي تذيب قلبها مما جعله يسألها بحدة مصطنعة
_ بتضحكي على أيه؟
تطلعت إليه بنظرة يملؤها الولع
_ مكنتش اعرف إنك بتقول كلام حلو كده، كنت ديمًا شديد وصعب التعامل معاك
رفع حاجبيه متسائلًا
_ عارفه ليه؟
هزت راسها بنفي فأجاب
_ عشان كنت بتخبط مابين قلبي ومابين عقلي
تنهد بتعب من ذكرى تلك الأيام وتابع
_ لو تعرفي انا كنت بحارب نفسي ومشاعري اد أيه كنتي هترأفي بيا
بمعنى دق كنت هصعب عليكي
في البداية كنت بشوف فيكي منصور وانه هو اللي بعتك لغرد، كنت بهاجمك وفي الأول بس بعدها يأست ومقدرتش أقاوم اكتر من كده
كان يتحدث وعينيه تجوب ملامحها بهيام وأردف باعتراف
_ سارة انا اتجوزتك لإني حبيتك، صدقيني لو مكنتش حبيتك وجودك مكنش هيفرق معايا، بل بالعكس كان ممكن أعرف غيرك واكمل حياتي معها.
ضغطت على اسنانها بحنق ووكزته في كتفه وهي تتمتم بغيظ
_ معنى كده إنك كنت هتتجوز عليا؟
راقته غيرتها عليه وأكد بغرور
_ وليه لأ إنتي عارفه كويس إن أى واحدة تتمناني
تحدثت بانبهار مصطنع
_ ياسلام عـ التواضع
ضحك بسعادة افتقدها كثيرًا وتحدث بحبور
_ اتجوز واحب ازاي وانتي خلاص مليتي قلبي وعقلي ومشاعري غيرك ملوش مكان فيها.
تبدلت ملامحها لصلابة عندما أشتد الجوع عليها وقالت بضيق
_ جاسر انت مش ملاحظ حاجة؟
قطب جبينه بعدم فهم وسألها بريبة
_ حاجة أيه؟ خير.
اجابت باحراج
_ إنك مجوعني من امبارح الصبح والساعة بقيت عشرة ولسه برده مجوعني.
فرحته بها لم تجعله ينتبه لذلك مما جعله يشعر بالاحراج منها وقبل أن يعتذر طرق الباب ليعلم حينها بأنها والدته
_ دي أكيد وسيلة جاية تطمن.
شعرت سارة بالخجل واعتدلت وهي تغمغم باحراج
_ بلاش تفتح انا هكون محرجة منها أوي
نهض جاسر من جوارها وهو يتحدث بضحك
_ انتي هتتحرجي من وسيلة؟ انا نفسي مبتحرجش منها
تقدم من الباب ليفتحه فأسرعت هي بجذب الغطاء على وجهها كي لا تراها وتشعر بالاحراج.
فتح جاسر الباب ليجد والدته أمامه وتحمل الطعام لتقدمه إليهم بسعادة
_ صباح الخير ياقلبي.
رد جاسر بابتسامة مشرقة اشرقت عين وسيلة وهو ياخذ منها الطعام
_ صباح الورد ياسوسو، انتي بنفسك اللي جايبة الأكل
أومأت بسعادة لفرحته التي ظهرت واضحة على وجهه لكنها تذكرت تلك الكلمة التي كان يشاكس بها والده وقالت بتوبيخ
_ رجعت للكلمة دي تاني؟ انت عارف لو ابوك سمعها منك هيعمل فيك ايه؟
رد بثقة
_ ولا حاجة هو اليومين دول تحسي انه رمى طوبتي مبقاش بيدققلي على أفعال أو كلام
كانت سعادة وسيلة لا توصف وهي ترى ابنها يعود لطبيعته لكن بسعادة اشد وأقوى فسألته بريبة
_ قولي الأول اتراضيتوا ولا لسه
أومأ لها وقال ببهجة
_ أخيرًا ياأمي الحمد لله
اتسعت ابتسامتها وقالت بسرور
_ الحمد لله، يلا بقى ادخل صحيها عشان تفطر وبعدين تكمل نومها
أومأ لها بتفاهم
_ تمام، بس إن شاء الله الغدا هيكون معاكم.
رفضت وسيلة لإصرار
_ لأ غدا أيه! مينفعش…..
قاطعها بجدية
_ أمي وجود سارة مش هيغير أى حاجة وانتي عارفة كويس إني مش بعرف اكل من غيركم
أومأت له لكنها بقيت على نفس اصرارها
_ خلاص خليها في العشا لإن أصلًا شكلكم منمتوش
استسلم لها جاسر وعاد إلى سارة التي مازالت تخفي وجهها بالغطاء وضع الطعام على الطاولة ثم تقدمت منها ليجلس بجوارها ويتمتم بخفوت
_ اطمني خلاص مشيت
ضحك عليها عندما وجدها تخفض الغطاء بروية وسألته بلهفة
_ عرفت حاجة
هز رأسه بتأكيد
_ اه حكتلها اللي حصل بالتفصيل
تناولت الوسادة لتقذفه بها فيتفادها وهي تقول بغيظ
_ انت رخم
تظاهر جاسر بالجدية وهو يقترب منها متوعدًا
_ ضرب بالمخدة وكمان رخم! لا انتي شكلك مش مريحني ولازم اسلخلك القطة من أولها
وقبل أن يتقدم منها أسرعت بالنهوض والولوج إلى المرحاض مغلقة الباب خلفها قبل الوصول إليها
❈-❈-❈
في الخارج
دلف مصطفى ومعه حلم إلى تلك الشقة الصغيرة التي استأجرها في مكان قريب من الجامعة كي تكون قريبة منها، ولم تكن بنفس المستوى التي رغد به كلاهما.
كانت حلم تنظر إلى المكان بسعادة غامرة وكأنها داخل قصر مهيب تريد ان تتلمس جدرانه بانبهار وقالت بفرحة
_ جميلة أوي
ظن مصطفى أنها تقول ذلك كي لا تحزنه فتحدث بآسف
_ أنا عارف أنها صغيرة أوي ومش بنفس المستوى اللي كنتي عايشة فيه بس الفلوس اللي معايا يادوب تكفينا السنة دي و…..
قاطعته حلم وهي تقول بصدق
_ الشقة اللي مش عجباك دي وجودك فيها هيحولها لقصر في عينيه، مصطفى انت حولت حياتي اللي كانت جوة الجحيم وعرفتها الجنة وحلوتها مش عايزة حاجة تاني من الدنيا
كان في قمة سعادته وهو يستمع لكلماتها التي اشعلت نار الحب بقلبه فتقدم منها ليأسر يدها بين يديه وقال بشغف
_ وانا هعيش حياتي عشان اسعدك واعوضك عن كل لحظة حزن عشتيها بعيد عني.
دنى منها ليلغي تلك الخطوة الفاصلة بينهما وقال بشوق
_ لو تعرفي ان عشت بحلم باللحظة دي اد ايه؟!!
لدرجة إني بقيت بحلم بيكي حتى وانا صاحي
كانت تائهة في عينيه التي تبث لها مدى عشقه اللامتناهي وخاصةً حينما تابع
_ حلم أنا بحبك وعارف إن الطريقة اللي اتجوزنا بيها فيها ظلم كبير ليكي، بس أوعدك….
وضعت يدها على فمه تمنعه من مواصلة حديثه وقالت بنفي
_ مين قال كده، الظلم اللي بجد لو كنت سبتنى وتخليت عني، بس انت قاومت وحاربو وعرضت نفسك للموت ووقفت أدام الدنيا كلها عشاني وده كفاية عليا اوي.
لم يجد الكلمات التي يصف بها مدى سعادته لها وغمغم بوله
_ وانا كمان مكتفي بيكي عن الدنيا كلها
طبع قبلة خفيفة على وجنتها مما جعلها تخجل من فعلته وكم راقه ذلك الحياء الذي زادها جمالًا وهمس بشوق
_ انا قلتلك قبل كدة إني بحبك
رفعت رأسها إليه لتومأ بخجل مما جعله يبتسم بمرح
_ يعني مش عايزة تسمعيها تاني؟
هزت راسها بنفي وقالت بخجل
_ لا عايزة اسمعها تاني وتالت ومليون
قرب وجهه اكثر منها وهمس بولع
_ بحبك
كان لهمسه مفعول السحر بقلبها الذي أخذ ينبض بعنف وخاصةً عندما وجدته يميل ليأخذ شفتيها في قبلة أطاحت بعقلها وجعلها تستسلم له ولعشقه الذي أخذها لعالمه.
❈-❈-❈
في المساء
تجمعت الأسرة كعادتها على طاولة العشاء لكن ينقصها جاسر وسارة
قال حازم بمكر
_ هو جاسر اعتكف في اوضته ولا ايه، من وقت مـ جاه امبارح ومحدش شافة لعل المانع خير
نهرته وسيلة
_ خليك فـ حالك
تمتم معتز بجوار أذنه
_ هي مش أمك طلعتله الفطار، والفرحة مش سيعاها يبقى تم يامعلم
ضحك كلاهما تحت نظرات ليلى الحانقة وقالت بغيظ
_ بتقعدوا تتوشوش كده وبتضحكوا على ايه؟
تحدث حازم باستياء
_ خليكي في حالك والنبي باديكي اللي عايزة قطعها دي
_ وبعدين في خناقتكم اللي مش بتفض دي
كان هذا صوت جاسر الذي أصر على العشاء معهم رغم رفضها خجلًا منهم
رحب الجميع بهما بسعادة وجلسوا في مقاعدهم ليقول عمران بسعادة
_ حمد لله على السلامة ياسارة
ردت ليلى بسعادة
_ الله يسلمك يا جدو
تحدث جليلة بحبور
_ ها ياسارة ناوي تفضلي معانا ولا هتعاندي زي عوايدك
نظرت سارة إلى جاسر الذي يتطلع إليها ببهجة وتمتمت بخفوت
_ العمر كله معاكم ووسطيكم إن شاء الله
لم يجد الكلمات التي تصف ما يشعر به بعدما سمع منها كلماتها التي أطربت قلبه لينتبه على صوت جمال
_ نورتي بيتك ياسارة
نظرت إليه بتقدير وقالت بود
_ منور بجدي وبيك يا عمو منور بيكم كلكم.
أمسكت ليلى بيدها وقالت بسرور
_ مبسوطة أوي انك رجعتي، متعرفيش كنت محتجالك اد ايه
_ معاكي ياحبيبتي متقلقيش
اقترب حازم من معتز ليقول بخفوت
_ اخدت بالك شوف نازلين مبسوطين إزاي؟
الاول كانوا بينزلوا زي اللي مقتولهم قتيل إنما دلوقت ما شاء الله داخل علينا ماسك ايديها زي مـ يكون خايف تهرب منه
ضحك معتز بحفوت واردف له
_ لأ وكمان عمال يحطلها الأكل قدامها ناقص يأكلها قدامنا
ترك جاسر الملعقة من يده ونظر إليهما بحزم جعلهما ينظران في اطباقهما بصمت مطبق
وكزته سارة وتحدثت بعتاب
_ مالك ومالهم
كز على اسنانه بغيظ
_ ولو مشدتش عليهم مش هيبطلوا ودوده، المهم سيبك منهم ايه رأيك نطلع شهر عسل مع ليلى وأمجد
اتسعت ابتسامتها بسعادة كبيرة وسألته
_ بجد؟
اكد لها بحبور
_ ايه بجد هو أمجد وليلى أحسن مننا في أيه.
بس هنروح في مكان تاني غير اللي هيروحوه
هزت رأسها له بسرور جعلت قلب جليلة يدق ببهجة عارمة
وهي ترى أحفادها بكل تلك السعادة
اما عمران فقد شعر بالرضى وقد عادت البهجة تدق ابوابهم بعد طول انتظار
❈-❈-❈
في حديقة المنزل
أخذها جاسر وذهب بها عند تلك الشجرة العتيقة التي تركت يومًا جرحًا غائرا بداخل قلبه فأراد أن يبدل تلك الجراح بلحظات من ذلك الحلم الذي يعيشه
سألته بدهشة
_ جاسر انت جايبني هنا ليه؟
وقف بها أمام تلك الشجرة وحاوط خصرها بتملك وهو يقول بهيام
_ عايز أمحي من حياتنا أي ذكرى صعبة عدت علينا
بدأنا بأوضتنا، بعدها بالسفرة بعدها المكان ده اللي تقدري تقولي كدة اندبحنا فيه
عايز أغيره الذكرى السيئة بلحظات حلوة، مع ضحكت عمري اللي مصدقت لقيتها.
عايز امحي من حياتنا كل اللحظات الصعبة اللي مرت علينا
قربها إليه أكثر ليعانقها بحب وأردف
_ عايزك لما تيجي تبشريني بأول حمل لينا يكون هنا
حاوطت عنقه بحب وهي تنعم بذلك الدفئ الذي يحيطها وهي بين ذراعيه بعد ذلك الجفاء الذي أرهقهم وقالت بوله
_ وانا هعيش عمري كله عشان اسعدك وعمري ماهسمح للحزن انه يدخل بينا تاني
ابعدها عنه قليلًا كي ينظر داخل عينيها الاسير لسحرها
_ وانا بشهد عليا الدنيا والأيام إن حبي ليكى عمره ما هيقل، وهعمل المستحيل عشان أسعدك
كانت تنظر إليه وهي لا تصدق بأنها تسمع مثل ذلك الكلام منه وتحدثت بهيام
_ تعرف إن المشاكل أحيانا بتزود الحب جوانا؟
عقد حاجبيه مندهشًا من قولها وسألها باهتمام
_ إزاي بقى؟
أكدت له بثقة
_ لإن لما بيزعلوا من بعض طبيعي أنهم يبعدوا والبعد بيبقى صعب محدش منهم بيقدر يتحمله والعند اللي جواه بيمحيه الاشتياق وهنا بيتأكدوا أنهم ميقدروش يبعدوا عن بعض وهما كانت حدة المشاكل بينهم بيرجعوا لبعض وحبهم اللي بقى اقوى بينسيهم.
كان يستمع إليها بأهتمام لكنه قال بتحذير
_ أوعي، مش معنى كده انك تسوقي فيها وكل شوية تنكدي علينا بحجة إننا بنجدد حبنا
ضحكت ابتهاجا وردت بتأكيد
_ لازم طبعًا مش هنقضيها حب في حب وكلام من ده، اكيد هنزعل
قطب جبينه بعتاب
_ واهون عليكي تجرحي قلبي
هزت راسها بنفي وهي تضع يدها على قلبه وقالت بهوى
_ مستحيل اقدر أجرحه انا عايشه عشان أسعده وبس.
اطرب قلبه حديثها الذي جعله يدق ببهجة عارمة وتحدث بعشق
_ وانا بأكدلك إن كل اللي جوايا ليكي فرحة هتملا حياتنا كلها.
تذكر جاسر أمر جده وقال بخفوت
_ زمان جليلة وعمران مش عارفين يناموا مننا
اندهشت من خفوته وسألته بخفوت مماثل
_ ليه؟
غمز لها بعينيه ناحية النافذة
_ عشان شباكهم قريب مننا ومفتوح كمان
انتبهت سارة له وقالت بضحك
_ طيب يلا بسرعة قبل ما ياخدوا بالهم مننا
جذبها جاسر ليعودوا إلى غرفتهم
_ يلا بسرعة.
❈-❈-❈
وقف حازم بتردد أمام غرفة جمال يرفع يده للطرق ثم ينزلها حتى استقر أخيرًا وطرقها
ثواني قليلة وفتحت وسيلة التي اندهشت من رؤيته
_ حازم في حاجة ياقلبي؟
حمحم بإحراج وقال بتردد
_ كنت عايز اتكلم مع ابويا في كلمتين
اشارة له بالولوج
_ ادخل هو بيتكلم في التليفون
دخل حازم بتردد فوجد والده جالسًا على الأريكة يتحدث في الهاتف فأشار له جمال بالجلوس ليتردد قليلًا قبل أن يفعلها لكنه عزم امره ولن يتراجع
انتهى جمال من مكالمته ووضع الهاتف بجواره ونظر إلى حازم الذي ارتبك قليلًا ثم تحدث بجدية
_ أنا كنت كلمت جدي في موضوع زينه بنت خالي وهو وافق، وجدي عاصم بردوا وافق وكنت عايزك تكلمهم ونقرا فتحة في فرح ليلى
ومقبل على الصعيد
رانيا الخولي
الخاتمة ٢
❈-❈-❈
في غرفة جمال
التزم حازم الصمت منتظرًا لرد أبيه الذي أخذ ينظر أمامه بوجوم أقلقه
فسأله بريبة
_ قلت أيه
تنهد جمال وقال بتعب
_ قلت لا إله إلا الله
ردت وسيلة
_ محمد رسول الله
نظر إلى حازم وتحدث بجدية
_ أولًا انت عارف معزت زينا عندي من معزت ليلى وسارة وانا لما اخترتها؛ أخترتها لجاسر لأنه مناسب ليها، إنما انت لسه ادامك تلات سنين جامعة….
قاطعه حازم برجاحة
_ انا عارف كل ده، وعارف كويس انه مينفعش دلوقت إلا لما اتخرج بس بصراحة انا بحبها وهي رافضة أى كلام بينا لإن مفيش حاجة تربطنا وعشان كده كنت عايز نقرأ فاتحة وبعد التخرج يبقى نتجوز.
عاد جمال لوجومه لكن وسيلة تحدثت بجدية
_ انا شايفة إن كلامه صح، وانا بصراحة مش عايزة بنت أخويا تبعد عني، كلم وليد واتفقوا على قراية فاتحة وبعد التخرج يبقى يتجوزوا
تحدث جمال بحيرة
_ انا مش عايز اشغله بحاجة غير الدراسة
اسرع حازم بالرد
_ لا متقلقش هجتهد وده هيكون دافع ليا قلت، ايه؟
ابتسم جمال لأبنه عندما رأى لهفة الشوق في عينيه وقال
_ اللي تشفوه من بكرة هكلم وليد ونخلي الفرحة فرحتين.
دنى حازم من والده يقبل رأسه وقال بفرحة
_ متشكر جدًا
ثم نظر لوسيلة وقال
_ ربنا يخليكي ياست الكل بعد اذنكم
خرج حازم من الغرفة ونظر جمال لوسيلة ليقول بحيرة
_ مش عارف اللي هعمله ده صح ولا غلط؟
تبسمت وسيلة برقة
_ مش غلط ولا حاجة وبعدين ده هيكون دافع ليهم أنهم يهتموا بتعلمهم عشان ميفوتوش سنة
هز رأسه بيأس
_ خلاص اللي تشوفوه
اتسعت ابتسامتها بسعادة
_ كدة احنا اطمنا على التلاتة عقبال معتز
ابتسم جمال على ذكر اسمه وقال بتقدير
_ تعرفي إن معتز ليه غلاوة تانية خالص غير باقي الولاد
بحسه عاقل بزيادة وبيوزن الأمور وخطواته ديمًا بيخطيها بعقل وحكمة، معندش الاندفاع والتهور اللي عند جاسر وحازم
حتى المشاكل بيعاملها برصانة ويحاول يلمها على اد مـ يقدر.
❈-❈-❈
مرت الأيام وسارة تنعم بذلك الدفئ والحنان الذي يغدقها به جاسر
وليلى التي تستعد لزفافها الذي سيقيم في البلدة بسعادة بالغة تختار كل شئٍ بعناية وساعدتها سارة في ذلك
وها هي ذا تقف في المطبخ تعد العشاء بسعادة وتتابعها وسيلة التي أخبرتها بالأكلات التي يفضلها جاسر
_ إن شاء الله الاكل هيعجبه
كانت سعدية تقف في المطبخ وهي تداري ضحكها على سارة التي تتخبط في كل شئ من حولها وقالت
_ كفاية أنك انت اللي عملاه ياست سارة لازم هيعجبه
أيدت سارة رأيها
_ اه طبعًا لازم يعجبه وإلا…
رفعت السكينة التي في يدها وقالت بتوعد
_ هنكد عليه نكد عمره
ضحكت وسيلة بسعادة على تلك الشخصية التي تحولت إليها سارة وقالت بحبور
_ وعلى ايه الطيب أحسن.
انتهت سارة من اعداد الطعام وقامت بغسل يدها وهي تقول بارهاق
_ كفاية لحد كده وهطلع أشوف ليلى زمانها محتاسه من غيري.
اكدت وسيلة
_ فعلًا كفاية كده والحقي ليلى
خرجت سارة من المطبخ وذهبت لغرفة ليلى كي تساعدها في تجهيز الحقائب لينتهوا بعد فترة طويلة وقالت سارة بتعب
_ أخيرًا خلصنا.
ابتسمت ليلى بامتنان لسارة التي ساعدتها في اختيار كل شئ ولم تتركها
_ متشكرة اوي ياسارة تعبتك معايا.
تقدمت سارة منها تعانقها بحب
_ متقوليش كدة احنا اخوات
ابتعدت عنها قليلًا كي تنظر إليها وقالت بمرح
_ هقولك على خبر حلو اوي، بصراحة انا مش قادرة أخبي عليكي اكتر من كده، انا وجاسر طالعين معاكم شهر عسل
تهللت ليلى بسعادة
_ بجد؟ يعني هنطلع كلنا مع بعض؟
ضغطت ليلى على شفتيها وقالت بأسف
_ للاسف لأ، جاسر قالي هنكون في مكان تاني.
أحبطت ليلى لكن سارة اقنعتها بمكر
_ عبيطة، لو جاسر راح معاكم اعرفي انكم مش هتتهنوا دقيقة واحدة هتاخدوا راحتكم خالص
أومأت بتفاهم
_ اه عندك حق، دا انا مـ هصدق اخلص منه، ربنا يعينك عليه
_ بقى كده؟ ماشي ياستي متشكرين
اتسعت اعينهم بصدمة عندما وجدوا جاسر يدلف الغرفة فضحكت سارة وهي تأكد لها
_ اهه هتلاقيه كل شوية فوق دماغكم زي كده
تقدم منهم ليدنوا من ليلى ليسألها بعتاب مرح
_ عايزة ترتاحي مني؟
تقدمت ليلى منه لتقول برقة
_ لأ طبعًا انا اقدر، احنا كنا بنهزر.
قبل رأسها بحب
_ أنا واثق من ده
نظر إلى سارة التي رفعت كتفها ببراءة زائفة
_ كنت لسه هقولها ده جاسر ده أطيب وأحن واحد في الدنيا بس انت دخلت
نظرت إلى ليلى وتابعت
_ مش كده ياليلى؟
زم ليلى فمها بغيظ ثم اجابت باستسلام
_ اه اه حصل بس انت دخلت قبل ماتتكلم، لو كنت بس أخرت شوية.
تطلع جاسر إليها بغيظ وقال
_ انتي هتقوليلي؟ المهم يلا عشان العشا جاهز وأمي بتقول أن سارة اللي عملاه بإديها ربنا يستر.
غمغمت سارة باحتدام
_ ايه؟ مش عجبك أكلي؟
رد بتسويف
_ هو انا لسه دقته! لما ادوقه هقولك، يلا بقى عشان اخرنا عليهم
أجتمعوا جميعًا على الطاولة والكل ينتظر تذوق الطعام الذي أعدته سارة وهي تحلس بسعادة تنتظر رأيهم
كان جاسر ينظر للطعام بسعادة لا توصف وينظر إلى سارة وهي تضع الطعام أمامه
_ يلا دوق وقولي رأيك
أومأ لها وقبل ان يتذوق سمع حازم يتحدث بغيظ لمعتز
_ طيب هي عايزة تاكل جوزها من إيديها احنا ذنبنا ايه
وكزه معتز بضيق
_ مـ تاكل وانت ساكت بلاش تزعلها
وتحدث جمال بخفوت لوسيلة
_ ايه ياوسيلة الاكل ده؟ انتي عارفه انها عمرها مادخلت مطبخ تقومي تخليها تعمل الاكل ده كله
ردت وسيلة بزعل
_ مهنش عليا ازعلها وسيبتها براحتها.
تردد جاسر بعد ان سمع حديث حازم فنظر إلى سارة التي قالت بابتسامة بريئة
_ كل ياحبيبي هيعجبك
حدثه حازم بمغزى
_ اه كل هيعجبك أوي
تناول جاسر الطعام بريبة، فلم يروقه مطلقًا
ليس بالسئ ولكن إن دل على شئ فأنه يدل على انها تجربتها الأولى، ويا لها من تجربة
_ ها ياحبيبي عجبك؟
نظر إليها بأسف وقال بنفي
_ لا ياحبيبتي للأسف معجبنيش
اتسعت عينيها بغيظ منه وقالت بحنق
_ بقى كده؟ شكل نومك على الارض وحشك، وديني لطلعه على عينيك النهاردة
نظر إليها باحتدام
_ عايزاني اغشك يعني، واديكي شايفة عمك بياكل ازاي، ولا حازم ومعتز اللي بيبلعوا من غير ميستطتعموا، مفيش إلا ليلى لأنها اخدة على أكل المستشفيات
ووسيلة حطته جواها وسكتت
ازداد حنقها منه وقالت بغيظ
_ بس تيتا وجدي بياكلوا عادي
_ هما كدة، العادي بتاعهم بيكلوا في صمت، بس لو اتكلموا هيقولوا كتير
ازداد استياءها منه وقالت بحدة
_ تقل حسابك معايا اصبر بس لما نطلع اوضتنا.
نظر جمال ليلى وسألها باهتمام
_ ناقصك حاجة تاني ياليلى؟
هزت راسها برفض
_ لا يابابا كل حاجة خلصت خلاص.
تمتمت سارة ببعض الكلمات في اذن جاسر الذي ما إن سمعها وهو يرتوي من المياة حتى سعل بقوة انتبه لها الجميع
فقالت جليلة بخوف
_ سلامتك يا ضي عيني
ربتت سارة على ظهره بقوة وهي تقول بتوعد
_ متخافيش ياتيتا دي شرقة بسيطة مش هتعمله حاجة
قربت إليه الكوب وهي تقول بتوعد خافت
_ اشرب ياحبيبي اشرب دا انا هشربك المر النهاردة
في الغرفة
دلفت سارة إلى الغرفة ودلف هو خلفها يسألها بحدة
_ مالك مبوزة كده ليه
اشاحت بوجهها بعيدًا عنه وقالت باحتدام
_ خليك في حالك واعمل حسابك إنك هتنام على الأرض النهاردة
عقد حاجبيه متسائلًا
_ هو مين اللي ينام على الأرض؟ لا بقولك ايه الدلع اللي شفتيه عند منصور ده تنسيه خالص، يعني ميمشيش معايا هنا.
ضغطت على أسنانها بغيظ ونظرت إليه بغضب
_ ده مش دلع ده عقابك عشان اتعب طول النهار في المطبخ عشانك والآخر تقولي الأكل وحش ومش عاجبك
أكد لها وهو يجلس على الفراش
_ انا مقولتش وحش بالظبط، انا قلتلك حلو بالنسبة لأول مرة، بعد كده؛ دا إن حد سمحلك تدخلي المطبخ تاني يبقى هيكون أحسن إن شاء الله
زمت فمها بغيظ وصاحت به
_ تصدق انا غلطانة، ايه رأيك بقى أنا اللي مش هدخله تاني.
استلقى جاسر على الفراش وتحدث بعدم اهتمام
_ احسن برده، المهم تعالي جانبي عشان وحشتيني اوي النهاردة
اقتربت منه تجبره على النهوض
_ قلتلك مش هتنام جانبي
تنهد جاسر بتعب وقال من بين أسنانه
_ أغزى الشيطان وبلاش تخليني ارجع انا للوش القديم
تطلعت إليه بثقة وقالت بتحدى
_ ولا تقدر تعمل حاجة، الكلام ده كان زمان إنما دلوقت خلاص الامر أختلف وهنا عايشة في حماية جدي وعمي يعنى متقدرش تعملي حاجة.
اوما لها ثم نهض وهو يقول بتوعد
_ طب وريني بقى هتتحامي فيهم إزاي
وقبل أن يقترب منها انتفضت هي بخوف واسرعت بالخروج من الغرفة لتتفاجئ بجمال ذاهبًا لغرفته لتتحامى خلفه بخوف
_ الحقني ياعمي
اندهش جمال مما يحدث وخاصةً عندما وجد جاسر يخرج خلفها وهو يغمغم بغضب
_ وريني بقى هتتحامي فيهم إزاي
وقبل أن يصل إليها منعه جمال بحدة
_ في ايه؟ مالك ومالها؟
اجابت سارة بحزن زائف كي تأخذه في صفها
_ كان بيتخانق معايا ولما قلتله اني هنا في حماية جدي وعمي جري ورايا زي ما انت شايف
هز جمال رأسه بيأس من ولده الذي مهما حدث لن يتغير
فقام جاسر بالدفاع عن نفسه قائلًا
_ انت بتصدقها، كل الحكاية اني بقولها متعمليش أكل تاني
قلبت عليا ومش عايزاني أنام على السرير
بمكر ودهاء دافعت هي ايضًا عن نفسها
_ يعني هو ينفع إني افضل طول اليوم في المطبخ عشان اعمله الاكل بإيدي وهو يقولي اكلك وحش متعمليش تاني
تعاطف جمال مع دهائها وتحدث بثبوت
_ لا طبعًا مينفعش، بس هو قالك كده عشان مـ يتعبكيش بس خانه التعبير مش اكتر
نفى جاسر وهو يتطلع إليها بغيظ
_ بتعرفي تمثلي، ماشي
تقدم منها رغمًا عن والده وجذبها من ذراعها الذي يشاهد ما يحدث ببهجة
❈-❈-❈
اصبح الجميع على قدم وساق أستعدادًا للزفاف والفرحة قد ملئت قلوب الجميع
جاء منصور بعد أن تعلل بالانشغال
وهو حينما قال منشغلًا كان يتلقى بلاغ الإخلاء بكل شئ يتعلق به، إلا من ذلك المنزل وأصبح خالي الوفاض حتى أولاده وزوجته
لكن عليه أن يذهب إليهم ويطالب بميراثه، فهذا حقه ولن يتنازل عنه.
وقف أمجد أمام المرآة ينظر إلى انعكاس صورة فارس الذي ينظر إليه بابتسامة عريضة وسأله
_ مالك بتبصلي كدة ليه؟
هز كتفيه وهو يجيب
_ مش مصدق بصراحة، الفترة الاخيرة اللي عيشتها معاك في المستشفى تخليني مش مصدق
عاد ينظر لصورته في المرآة وهو يرتدي ساعته وأكد بجدية
_ انا نفسي مش مصدق، بس برجع أقول إن اللي حصل ده عرفني الحلو من الوحش
التفت إليه وتابع
_ عندك مثلاً أسيل لو مكنش حصل اللي حصل ده كنت هعيش مخدوع فيها، ومكنتش صادفت ليلى ولا حبيتها
واقتنعت إن الشر ديمًا وراه خير
ربت فارس على كتفه وقال بحب
_ المهم انك رجعت أحسن من الأول واختيارك المرة دي كان أفضل أختيار، يلا بقى عشان عمي تحت محسسني أنه فرحه هو مش فرح ابنه
ضحك الاثنين ثم خرجوا من الغرفة
❈-❈-❈
وقفت ليلى أمام المرآة لا تصدق حتى الآن أنها ترتديه لمن أحبته وعشقته بكل كيانها
نظرت إلى سارة وكأنها تستنجد بها أن تخبرها بأنها حقيقة فأومأت لها سارة بسعادة كبيرة
_ اه حقيقة متخافيش
ضحك كلاهما وعانقتها سارة بسعادة
_ الف مبروك ياقلبي
دلفت وسلية التي ما إن رآتها حتى دنت منها تنظر إليها بفرحة وقالت بسرور
_ بسم الله اللهم بارك، طالعة زي القمر ياليلى
اتسعت ابتسامتها وقالت بحب
_ عشان انتي عيونك حلوة ياأحلى ماما في الدنيا
عانقت والدتها التي انتظرت كثيرًا حتى رآتها بذلك الثوب ثم ابعدتها عنها قليلًا كي تنظر إليها وقالت ببهجة
_ الف مبروك ياقلبي ربنا يتمملك على خير.
يلا بسرعة عشان أمجد وصل
اومأت لها ثم طرق الباب ودخل جاسر الذي يبتسم بسعادة وهو ينظر إلى أغلى الأحباب بلوعة فتقدم من ليلى وهو يقول بحبور
_ مبروك ياجميل
ردت بخجل
_ الله يبارك فيك ياحبيبي
_ امجد واقف بره مستنيكي هتطلعي ولا امشيه، انا عن نفسي عايز امشيه
ضحكت بخفوت وقالت بخجل
_ لا سيبه بلاش تمشيه
قبل جبينها واخذها وخرج بها من الغرفة ليجد امجد واقفًا ينظر إليها بولع
ثم دنى منها مأخوذًا بسحرها ولم يبالي بمن حوله عندما تحدث بسعادة
_ تعرفي إن النهاردة اجمل يوم في حياتي
اومأت له بخجل
_ اه عارفه
رفع حاجبيه متسائلًا
_ واثقة اوي كده
هزت راسها بنفي وقالت بخجل
_ لأ بختصر معاك الكلام عشان جاسر اللي هياكلك بعينيه ده
نظر إلى جاسر الذي استعجله
_ ياعم خلص في
تكملة الرواية بعد قليل
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هنااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا