القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية أنشودة الأقدار الجزء3 من رواية( فى قبضة الأقدار )الفصل الثامن والثلاثون 38بقلم نورهان العشري

 



رواية أنشودة الأقدار الجزء3 من رواية( فى قبضة الأقدار )الفصل الثامن والثلاثون 38بقلم نورهان العشري




رواية أنشودة الأقدار الجزء3 من رواية( فى قبضة الأقدار )الفصل الثامن والثلاثون 38بقلم نورهان العشري


في قبضة الأقدار (سلسلة الأقدار )


الأنشودة الثامنة و الثلاثون 🎼💗


بسم الله الرحمن الرحيم


الأنشودة الثامنة و الثلاثون 🎼 💗 


العفو عِند المقدِرة . جُملة بسيطة مُكونة من كلمتين كِلاهُما لا تصِح من دون الأُخرى ، فالأولى لا تأتي من دون الثانية ، والتي ماهي إلا دربًا وعِرًا مُلغمٍ بالأشواك ليس باستطاعة الجميع تجاوزها و المُضي به . انما يتطلب الأمر مجهودًا عظيمًا قد لا تكفي طاقتنا لـ تحمُله . لذا فـ عِندما يشِق على  قلوبنا العفو فـ ذلك لا يعني ظلامها انما فاق الأمر حدود احتمالها . أيُعاتب المرء على شقائه ؟ 


22


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


كانت التحضيرات على قدمٍ و ساق في المزرعة فاليوم هو اليوم المنشود لـ عقد قران «عمار» و «نجمة» ، و قد كان الجميع في حالة من الصفاء و السعادة بعد أعوام مضت كان الأسى و الحزن يُسيطران على أجواء حياتهم ولكن الآن دقت أجراس الفرح في قلب قلعة الوزان التي تعالت بها الزغاريد و الضحكات هُنا و هُناك حيث تناثرت دماء الذبائح في الحديقة و حمل الهواء رائحة الطعام اللذيذة التي أمر «سالم» أن تُعد و تُفرق على المنطقة بأكملها فقد نال كُلًا من الغني والفقير من تلك الولائم الرائعة إلى ان انتهى وقت الغداء لتأتي اللحظة المُنتظرة و هي ظهور العروس في أبهى حُلة جعلت جميع الأعيُن تبرق من شدة الإعجاب ببساطتها ورقة طلتها و لكن كان لذلك الجمال وقع خاص على قلب «عمار» الذي انتشى قلبه برؤيتها و صارت تتخبط دقاته بعُنف من شدة فرحته لكون جميلته قاب قوسين أو أدنى من ان توشم باسمه و إلى الأبد .


10


تقدم «صفوت» و «نجمة» تتأبط ذراعه بخجل إلى أن جلست بجانبه على طاولة عقد القران و قد كانت أعين ذلك العاشق تلتهمها من فرط حسنها و عشقه الذي يتضاعف في الثانية الواحدة عشر مرات و كان يجلس إلى جانبه كُلًا من «سالم» و «ياسين» الذي يكاد يُخرِج نيرانًا من أنفه لدى رؤيته لتلك التي أتقنت تعذيبه في الشهرين الماضيين فأخذ يتذكر حديثه مع والدته ذلك اليوم بعد قدومهم من بيتها


11


عودة لوقتٍ سابق 


_ يعني ايه يا أمي الكلام الفارغ دا ؟ دي رابع مرة تروحوا هناك و يقولكوا نايمة تعبانه . هي ايه قلة الذوق دي ؟ 


12


«تهاني» بتقريع


_ جلة الذوج جت لول من عِندينا . لما چنابك سبت مرتك في البيت لوحدها و أخوها چه خدها ، وجبل ما يمشي خلاها ترن عليك و انت مرديتش ترد و جفلت تلافونك . ابن الوزان ركبك الغلط صوح .


14


اغتاظ من حديثها الذي يحمل الكثير من الصواب ولكنه لايزال يُكابِر إذ قال ساخطًا


_ بردو دا ميديهوش الحق أنه يحرجك أنتِ و جدي و يرجعكوا كل مرة من غير ما تشوفوها . 


5


«تهاني» بحنق 


_ الراچل اتعامل معانا بمُنتهى الذوج و الأدب و من حجه يدافع عن أخته و يحميها ثم إنه ممنعهاش مننا ولا منعني اطلعلها . دا بكل ذوج جالي اتفضل اطلعلها . لكن اني عارفه أن هي مش عايزة تجابل حد من ريحتك . البنية يا حبة عيني مكسور خاطرها منيك ، و انت لحد دلوجتي راكب دماغك و بتكابر .


6


تستمر القصة أدناه



صاح حانقًا


_ انا اللي بكابر ولا أنتِ اللي مش راضيه تعترفي أنها غلطت لما كسرت كلمتي و صممت تروح عند أهلها . مش دا غلط بردو ولا ايه؟ قوليلي يا ماما عمرك كسرتي كلمة بابا و قالك لا على حاجه و فضلتي تناطحيه راس براس؟ 


8


«تهاني» برزانة


ـ لاه محصلش . بس ابوك الله يرحمه مكنش له زي . عمره ما كسر بخاطري ولا منعني عن أهلي زي مانت كنت عايز تعمل مع مرتك . جولي يا ياسين لو كان عندك اخت كنت تجبل أن چوزها يمنعها عننا ؟ 


أطلق زفرة حارة من جوفه و قال بتعب


_ يا ماما افهميني . انا خايف عليها . أنتِ شوفتي اللي حصل مع فرح وهي بتولد و من قبلها جنة . الوضع عندهم مش آمن وانا من حقي اخاف على مراتي و اللي في بطنها.


3


«تهاني» بتعقُل 


_ حلو . عداك العيب . بس ممكن أسألك سؤال ؟ 


_ اتفضلي .


«تهاني» بنبرة مُثقلة بالألم 


_ من عشر سنين لما جامت عركة بينا و بين النويرية و راح فيها أخوك الله يرحمه . معنى أكده أن الوزانين كانوا يجولولنا لاه مهنديكمش بتنا الوضع عنديكوا مش آمن ؟ 


3


أزاحت بعض الغشاوة من على عينيه فلانت ملامحه قليلًا و خبت حدة نظراته لتعرف أنها على الطريق الصحيح فتابعت بهدوء


_ اچاوبك اني ؟ عمرهم ما كانوا هيجولوا أكده . عارف ليه ؟ عشان الإنسان بيبان وجت الشدة ، و دا اللي حصل من اخوالك لما مات اخوك و جولت مش جادرة اجعد في البلد . ابوك الله يرحمه مجدرش يزعلني و خدني و چينا على اسماعيليه عِند چدك الله يرحمه . اللي شالنا فوج رأسه و بعت اتنين من خوالك و معاهم ألف راچل عند جدك عبد الحميد عشان يوجف معاه لحد ما انحلت المشكلة . مجالش لاه حفيدي اتجتل بسببه ، ولا بتي جلبها اتحرج من تحت راسه . 


9


اخترقت كلماتها بواطن عقله لتكون بمثابة شعاع نور أضاء تلك الظلمات التي اجتاحت تفكيره ولكن هناك الكثير مما لم يُقال بعد و كانت أكثر من يعرف فمن يستطِع الشعور بدواخل الإنسان أكثر من تلك التي حملته وهنًا على وهن وربته بمياة عينيه لينمو ويترعرع و يُصبِح رجُلًا لتقترب منه قائلة بحنو


3


_ مش ده بس اللي مزعِلك يا ياسين . اني خابراك زين . انت اتفاچئت أن حلا اللي شيلاك على كفوف الراحة و من يدك دي ليدك دي توجف و تجولك لا ، و خدتها على كرامتك و الشيطان زينلك أنها داست عليك و كسرت كلمتك و مشيت في طريج الكبرياء اللي لو دخل بينك و بين مرتك هيخرب عليكوا يا ولدي. راچع نفسك عشان الناس دي مهتفرطش في بتها واصل ، و لو وصلت معاهم لـ طريج مسدود انت الخسران. 


15


وضعته في مواجهة ضاريه مع قلبه و كبرياءه بعد أن عرته أمام نفسه و جردته من تلك الأعذار الواهية التي كان يتسلح بها فقد كانت مُحقة و قد شعُر بفداحة خطأه ولكن ماذا عساه أن يفعل فقد اعتاد على وجودها و كونها تنتمي إليه فقط حياتها تتمحور حوله . لقد أتقنت تدليله حتى أفسدته ، و أصبح نهمًا لا يرتضي بالقليل ولا يقبل أن يُشاركه أحد بها . 


5


تستمر القصة أدناه



عودة للوقت الحالي


بشق الأنُفس حاول أن يُقصي عينيه عنها في محاولة لحفظ ماء الوجه خاصةً وهي لا تُعطيه إي لمحة إهتمام واحدة فقد تأنقت حتى بدت صورة حية للجمال و الذي ضاعفه ذلك البروز في بطنها التي تحمل قطعه منه و منها 


4


_ الشيخ بيكلمك . امضي .


3


هكذا تحدث« سالم» بجفاء وهو يجذب انتباهه بعد أن ناداه المأذون لعدة مرات كان هو غارقًا بنوبات شوق جنونية لا يفلح أي شيء في قمعها . 


6


تحمحم بحرج فجاءه صوت «عمار» الشامت بجانب أذنه


_ دلوق سرحان فيها ؟ مش عاملي فيها مازنجر اشرب بجى يا خفيف . 


37


نظرة حادة ألقاه بها قبل أن يُمسِك القلم و يضع إمضاءه على قسيمة الزواج و بعد انتهاء الأوراق بدأ الشيخ في عقد القران و الجميع منتبه ماعدا ذلك الذي لا تتوانى الحياة في تحطيم قلبه و كُلما ظن أنه استطاع أن يؤسس حياه هادئة تباغته صاعقة قوية تُطيح بذلك الهدوء و تُلقي به في غمرة الأسى 


1


كانت عينيه تُناظر تلك الفتاة الجميلة التي كانت تقف بهدوء تُناظر مراسم عقد القران بعينين يرتسم بهم الشغف و الإنبهار يتخللهمَ طيف من الحزن بات يعرف سببه فأخذ يتذكر ذلك اليوم الذي انقلب فيه كل شيء 


عودة لوقتٍ سابق 


دخلت «فرح» إلى المطبخ بيدها «سليم» الذي لا يكُف عن البُكاء و كأن عدوة بكاءه انتقلت إليها هي الأخرى فجاءت كلماتها متقطعة حين صاحت


_ لا . كدا كتير . انا مبقتش قادره اتحمل . انا قربت يجيلي انهيار عصبي . 


5


كان الوقت بين الفجر و الشروق و كان هو يتناول إفطاره كما اعتاد في هذا الوقت و كانت تشاركه« نعمة» هذه العادة 


_ مالك يا فرح فيكِ ايه يا بنتي ؟ 


هكذا تحدثت« نعمة» بهلع من مظهر «فرح» التي كانت في أكثر حالتها فوضى فهتفت بأسى


_ مبينمش . مبينمش يا دادا . بقاله تلت أيام عالحال دا . ماما أمينة سهرت بيه يوم هي و عمتو همت ، و بعدين شيرين و سما سهروا بيه يوم ، و بعدين انا و لبنى بقالنا من امبارح مطبقين ، لُبنى بتذاكر و باقي البيت طفشوا مني . بخبط عليهم مبيفتحوش . الناس بقت تتهرب مني هيقطعوا علاقتهم بيا بسببه . حتى مروان مش هنا . انا هتشل . 


16


كان مظهرها مُذريًا ولكنه يبعث على الضحك الذي كظمه كُلًا من «نعمة» و« هارون» الذي قال باستفهام


_ طب و سالم فين ؟ 


3


«فرح» باندفاع


_ سالم مين . اه سالم جوزي ! لا دا بيشوف مصالح أهل الدايره على بال ما يخلصها هيرجع يلاقيني بقيت زومبي . 


12


أنهت حديثها و انخرطت في نوبة بُكاء ليشفِق عليها «هارون» الذي قال بهدوء


2


_ طب هاتيه .


تستمر القصة أدناه



«فرح» بلهفه


_ اتفضل ميغلاش عليك . 


9


اخذه من بين يديها و قام بتقريبه منه ليتلو على مسامعه بعض أيات الذكر الحكيم حتى بدأ الطفل يهدأ فانبهرت «فرح» و هتفت مُستفهمه


ـ ايه اللي حصل دا معلش ؟ انت عملتله ايه ؟ 


«هارون» بابتسامة 


_ ولا حاجه قرأت عليه الرقية الشرعية . 


11


«فرح» بلهفه


_ انا ازاي مجاش في بالي الموضوع دا ؟ أنا كنت بقرأله قرآن بس معرفش مقولتهاش ليه . طب قولي انت قولت ايه ؟ 


«هارون» بابتسامة 


ـ لازم اكون متوضي دا أولًا ثانيًا بحط ايدي على رأسه زي ما شوفتي و بقرأ الفاتحة ، و المُعوذتين و أية الكرسي ، سورة الإخلاص ، و خواتيم البقرة و بقول بعض الأدعية زي 


3


(بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك) و (بسم الله أعوذ بعزة الله، وقدرته من شر ما أجد، وأحاذر) و (أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة)و تمسحي على جسمه كله كدا و بس . 


17


أخذت «نعمة» الطفل من بين يديه لتضعه في مخدعه بينما ارتسمت ابتسامة امتنان على ملامحها و تجلى في نبرتها حين قالت


_ ميرسي جدًا يا هارون . 


أومأ برأسه و ما أن وجدها تُغادر حتى وجد نفسه يستوقفها قائلًا 


_ فرح . 


التفتت تناظره باستفهام فتحمحم بخفوت قبل أن يقول بدهاء و بنبرة حاول أن تتسم باللامُبالاه 


_ بقولك . هو أنتِ و جنة و لبنى ليكوا اخوات تانيه ؟ 


2


كانت أذكى بكثير من أن لا تُلاحظ نظراته التي تُلاحقها من كل آن لآخر ولكنها كانت تُشفِق على تلك المسكينة التي لازالت مُعلقة بين براثن ذلك الذئب لذا حاولت أن تكون نبرتها عادية حين قالت


_  بس لبنى مش أختي انا و جنة.


حاول رسم قناع الاندهاش الزائف على ملامحه و في نبرته حين قال


_ بجد ؟ انا فكرتها اختكوا. 


4


اقتربت خطوتين قبل أن تقول بلهجة جامدة


_ لا مش اختنا .


كانت نبرتها توحي بأنها لم تقتنع بكلماته فقال بلهجة عادية


ـ اصل بصراحة هي مكنتش من ضمن العيلة اللي بابا الله يرحمه عرفني عليها . يعني قبل ما اشوفكوا .


كان لايزال وقع موت ذلك الرجُل كبيرًا عليه و على الرغم أنه التزم الصمت بعد معرفة الخبر و كذلك كُلًا من «سما» و« شيرين» الا أنه كان و كأنه يُكرمه بإطلاق كلمة ابي عليه لذا آثرت عدم إخباره بالحقيقة حين قالت


تستمر القصة أدناه



_ عشان لبنى قريبنتا من بعيد ، و تقريبًا مكنتش حد مهم في خطته فمعرفكش عليها.  


2


أومأ برأسه بتفهُم وقد آثر أغلاق الأمر عند هذه النقطة على الرغم من أن اجابتها أثارت شكوكه أكثر و التي تأكدت عُصر اليوم حين كانت تُهرول من الباب إلى الحديقة لتصطدم به على غفلة فسقطت الكُتُب من يدها و كادت أن تسقط هي الأخرى لولا يديه التي حمتها 


_ حاسبي . هتقعي. 


رفعت رأسها تُناظره بحنق على الرغم من تلك الدقات الجنونية التي أخذت تضرب قلبها لوجودها قريبه منه إلى هذه الدرجة


_ هو انت بني آدم زينا و لا حيطة ؟ 


5


برقت عينيه من كلماتها الحانقة و قال باندهاش


ـ نعم ! حيطة ! 


«لبنى» بحنق


_ الحيطة ارحم والله . مناخيري كانت هتتكسر.  


2


«هارون» بسخرية


_  دا جزاتي اني مسبتكيش تقعي ! صحيح خيرًا تعمل شرًا تلقى . 


«لبنى» بتهكم


_ ياريت متعملش خير تاني . 


آتاهم صوت ساخر من الخلف


_  في ايه بتتخانقوا ليه عالعصر كدا ؟


صاحت «لبنى» حانقة


_ كملت . اهو جة ابو لسانين هو يوم باين من اوله


4


كان يُلاحِظ تبدُل ملامحها من ألم لحنق لسخرية و قد كان لدهشته منظرًا جميلًا يجذب الناظرين لذا لم يلحظ «مروان» حين اقترب قائلًا


_ تصدقوا طول عمري اسمع عن فوازير الفيل و النملة لكن أول مرة اشوفها بعنيا بصراحة. 


9


نهره «هارون» قائلًا


_ فيل ايه يا ابني انت ونملة ايه ؟ 


«مروان» موضحًا بسخرية


ـ اكيد انت الفيل و هي النملة ايه الذكاء دا ؟ 


2


«لبنى» بتهكم


ـ قصدك ايه الزرافة دي ! 


«مروان» بمُزاح


_ لا الزرافة ملهاش علاقة بالموضوع و على فكرة دي فوازير رهيبة . ميعرفش يحلها غير الناس اللي ذكائها خارق وطبعًا أنتِ مش منهم خالص . 


4


«لبنى» بسُخرية


_ كفاية انت منهم . 


«مروان» بغرور 


ـ طبعًا يا بنتي دا شيء مفروغ منه . طب هقولك فزورة منهم و لو عرفتي تحليها ليكِ مني حاجة حلوة. 


«لبنى» بنفاذ صبر 


_ اتفضل قول و خلصني ورايا مُذاكرة


_ ايه الفرق بين الفيل و النملة ؟ 


تستمر القصة أدناه


«لبنى» بحنق


_ هو في وجه مقارنة بينهم أصلًا يا ذكي؟ 


«مروان» بتوضيح 


_ يا بنتي عايز فرق جوهري ميعرفهوش غير الناس اللي ذكائها خارق زيي كدا . 


8


«لبنى» بتفكير 


_ أنه عنده زلومة وهي لا . 


2


«مروان» بسخرية


 _ دا فرق اي حد حمار ممكن يقوله عادي. انما بقولك فرق جوهري . حاجه مُبهرة كدا . 


أخذت تُفكر إلى أن هتفت بنفاذ صبر 


ـ معرفش قول انت . 


التفت «مروان» إلى «هارون» قائلًا باستفهام 


_ طب نسأل الاخ بما أنه قريب الفيل . قولي اختلاف جوهري بين النملة و الفيل ؟ 


في وقتًا آخر كان أول شيء سيفعله هو لكم ذلك الوغد ليُحطِم له وجهه ولكن في هذا التوقيت يُريد أن يشكره كونه استطاع أن يجعله يقف معها كل هذا الوقت فقد كانت تهرُب من التواجد معه في أي مكان بطريقة أغاظته


3


حثه «مروان» على الإجابة ليقول بملل


_ معرفش يعني . يمكن عشان هو ضخم و هي مش باينة من الأرض ؟ 


قال جملته الأخيرة و نظراته تستقر على تلك التي استشاطت غضبًا فهتفت قائلة


1


_ مين اللي مش باينه من الأرض . 


تدخل« مروان» ساخرًا 


_ النملة يا بنتي . 


«لبنى» بجفاء


_ اه انا بحسب . 


«مروان» بتهكم


_ كناية عنك يعني. 


10


 اغتاظت من حديثه فأردف بنفاذ صبر


ـ غُلُب حماركوا يعني مش عارفين ؟


هتف الإثنان في نفس الوقت


ـ لا مش عارفين .


أجابهم« مروان» بسخرية


_ يا أغبية . الفيل رجله ممكن تنمل لكن النملة رجلها لا يمكن تفييل .


31


برقت عيني الثنائي من جملته فهتف «هارون» حانقًا


_ هنستظرف ؟ هلخبطلك معالم وشك .


2


«مروان» بلهفة


_ طب خلاص والله  هقولكوا فزورة تانيه بس بجد بقى . 


لبنى بنفاذ صبر


_ صبرني يارب . 


«مروان» بحدة


_ خلاص بقى اكتمي و اسمعي . 


«هارون» بجفاء


ـ اتفضل خلصنا . 


«مروان» بجدية


ـ فيل و نملة بيلعبوا كورة و الكورة طلعت عالشجرة ليه بقى النملة راسها و ألف جزمة ما تطلع نجيب الكورة ؟ 


تستمر القصة أدناه


فزورة صعبة اهي . 


ناظر الثنائي بعضهم البعض لوهلة قبل أن تقول« لبنى» بتفكير 


_ تقريبًا عشان الشجرة بعيدة وهي هتتعب ! 


«مروان» بنفي 


_ لا . ها عندك إجابة؟


هكذا قال جملته الأخيرة موجهًا حديثه إلى هارون الذي أخذ يُفكِر حتى قال


_ ممكن عشان الفيل هو اللي رماها هو اللي يطلع يجيبها ؟ 


«مروان» بسخرية 


_ لا بردو . ها مين عنده اجابه ؟ 


«لبنى» بنفاذ صبر


_ انا معنديش قول بقى .


التفت إلى «هارون» فقال الأخير بسخط


_ مش عارف اتفضل قول . 


تراجع «مروان» خطوة الى الخلف ليقول بسخرية 


3


_ عشان الفيل ميبصش على رجليها وهي طالعه عالشجرة . 


27


أنهى جملته و ولى هاربًا وسط نظرات الثنائي التي تتسم بالذهول من هذا المجنون لتمر ثواني قبل أن ينفجر كلاهما في نوبة ضحك قويه لأول مرة تُطلِق لها العنان في  الظهور على السطح مُنذ ذلك اليوم المشؤوم الذي تبدلت فيه حياتها ، وقد اضفت لها تلك الضحكات جمالًا آخاذ انتشت به عينيه التي أخذت تُطالِعها بانبهار وإعجاب خربش جدران قلبها الذي ارتج داخل صدرها حد الألم ما أن لمحت نظراته التي أضرمت نيران الخجل في سائر جسدها فخرجت الكلمات من فمها رغمًا عنها حين قالت بتلعثُم


ـ على فكرة انتوا اللتنين دمكوا يُلطش. 


انهت جملتها و ولت هاربة إلى الداخل لتظل عينيه مُعلقة عليها حتى اختفت فهتف ساخرًا 


_ قصيرة و لسانها مبرد و شيفاك ه‍لف ، و مستفز ، و حيطة و دمك يلطُش . شكل همت دعيالك يا هارون . 


6


اجفله ذلك الصوت الذي أتى من خلفه و الذي كان ل«شيرين» التي قالت بجفاء


_ غلط اللي انت فيه دا يا هارون. 


تفاجيء من حديثها فالتفت بلهفة يُناظرها قبل أن يقول باستفهام


_ هو ايه اللي غلط ؟ مش فاهم ؟ 


تقدمت «شيرين» منه وهي تناظره بأسى تجلى في نبرتها حين قالت


_ اللي انا شيفاه في عنيك ناحية لبنى دا غلط ! 


تحمحم بخفوت قبل أن يُحاول نفي الأمر قائلًا


ـ كلام ايه اللي بتقوليه دا….


قاطعته بجدية


_ متنكرش . انا بقالي فترة مرقباك و شايفه في عنيك مشاعر مش في محلها . 


3


لم يكُن هُناك بُدًا من المواجهة فقد انكشف كل شيء أمام ناظريها لذا قال باستفهام


_ و ليه مش في محلها ؟ ايه وجه اعتراضك عليها ؟ 


تستمر القصة أدناه


تجلى الأسى بملامحها ونبرتها حين قالت


_ عشان باختصار لبنى متجوزة .


3


وقعت كلمات «شيرين» على مسامعه كطلق ناري اخترق أعماق قلبه لم يكُن يتخيل ما تفوهت به الآن ولا بـ أسوء كوابيسه 


_ بتقولي ايه ؟ 


«شيرين» بنبرة مُشجبة


_ بقولك شيرين متجوزة . متجوزة حازم . 


2


وضع يده فوق جبهته يحاول ادخال الحديث إلى عقله فلم يستطِع تفهُم ما أخبرته به لـ يأمرها بحدة 


_ ممكن تفهميني ايه الموضوع بالظبط ؟ 


لابُد له و أن يعلم الحقيقة كاملة حتى يُقرر بأي أرضًا سيقف لذا بللت حلقها قبل أن تقول باتزان


_ لبنى دي واحدة من ضحايا أبوك و حازم . 


شرعت تروي له تلك الفاجعة التي ألمت بهذه الصغيرة مرورًا بأمر تلك الغيبوبة التي حدثت لها إلى أن وصلت إلى مجيئها للعيش معهم و قد كانت كلماتها تمر فوق قلبه كـ شاحنة ضخمة تدعس بلا رأفة ولا شفقة فوق براعم العشق الوليد بقلبه لتُمزقها و تغرس ثُقل إطاراتها في فؤاده الذي تناثرت دماءه حزنًا على ما تعرضت له تلك البريئة من ظلمٍ و جور على يد ذلك الطاغية . 


6


_ كان لازم تعرف الحقيقة قبل ما تخطي خطوة و ترجع فيها بعد كدا. 


2


تحدث بجفاء و كأن صبار نبت في جوفه


_ بتقولي كدا عشان موضوع جوازها ولا ؟


«شيرين» بحرقة


_ عشان كل حاجه ، و أهم حاجه انك متعيشهاش قصة حب مُمكن تنتهي لما تعرف حكايتها . كفاية اوي اللي ابوك عمله فيها ، و كفاية الظُلم اللي شافته من غير ما يكون ليها اي ذنب في أي حاجه.  


عودة للوقت الحالي 


يا لسخرية القدر فمن دون جميع الفتيات لم يتحرك قلبه سوى لتلك الفتاة التي استخدمها والده كـ كبش فداء ليواصل خططه اللعينة ، فلايزال يتذكر جملته البغيضة حين أخبره ذات يوم


_ انا عملت كل دا عشانك . انت بس اللي تهمني في الدنيا دي . انت اللي شايل اسمي ، و هتكمل مسيرتي . دايمًا افتكر انك هارون ناجي الوزان. 


اللعنة على هذا الاسم وصاحبه ، فهو بسبب ذلك الاسم البغيض غارقًا في أخدود عظيم مليئًا بجمرات الحزن و الشفقة يتلظى كحبة ذرة فوق مقلاة الذنب لا يعرف كيف الهرب منها ، ولا يستطِع حتى مواجهة تلك الفتاة ، و إن كان سابقًا غاضبًا من تجاهلها له و هروبها منه ، فالآن بات هو الهارب ، ولكن دوافع كلاهما مختلفة تمامًا فهو هارب بعار سيظل يُلاحقه طوال حياته .


9


اللهم إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدّين وقهر الرّجال “. اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كلّه، لا إله إلا أنت “. يا فارج الغم، اجعل لي من أمري فرجًا ومخرجًا، يا سامع كل شكوى، وكاشف كل كرب ♥️


29


تستمر القصة أدناه


★★★★★★★★★★


_ في ايه يا ابني عمال تحرُك كدا ليه ؟ 


هكذا تحدث «مروان» إلى« سليم» الذي كان يتلظى بين جمرات الأنتظار وهو يُمسِك هاتفه بين الفينة و الأخرى يُجري مُكالمة ثم يُغلقه و على وجهه إمارات الغضب 


_ جنة هانم لسه مجتش . 


«مروان» باستفهام


ـ مجتش منين ؟


«سليم» حانقًا


_ البنات عاملين مفاجأة لنجمة و جايبين لها هدية ، و الكل اتشغل في اللبس و التظبيطات ، و الهانم هي اللي اتبرعت انها تروح تجيبها بنفسها ، وانا طبعًا  مش عارف أتلفت من الناس اللي عماله تيجي ، و معرفتش اروح اوديها ولا اجيبها .


قال «مروان» ليُطمأنه


ـ مش عم عبدو السواق معاها هيوديها و يجيبها ؟ 


«سليم» بسخط 


ـ ايوا يا مروان بس انا قلبي مبيطمنش غير لما تكون معايا. 


2


«مروان» بتهكم


_ الصراحة البنات دول مش مفهومين ، و معفنين هتلاقيهم استخسروا يدفعوا تمن الشحن و خلوا الهبلة مراتك تروح تجيبها . عالم بخيلة !


9


ناظره «سليم» بسخط تجلى في نبرته حين قال


_ هما مين اللي استخسروا تمن الشحن ؟  دول جايبينلها هدية معدية الخمسين ألف جنية ! 


صاح «مروان» بتحسُر


_ خمسين ايه ؟ نهارهم أسود ؟ انا قولت مش هيسكتوا إلا لما يخربوا بيتنا انا عارف . طول ما همَ ورانا هيخسرونا الجلد و السقط . حسبي الله ونعم الوكيل . 


7


«سليم» بحنق


_ هو دا اللي فارق معاك ؟ يخربيت دماغك ! 


«مروان» بتحسُر 


_ هقول عليك ايه ؟ ما انت بعد ما شعرك طول وبقيت تسبسبه مبقاش فارق معاك حاجة . قلبك مات .


11


صمت لثوان قبل أن يُتابع ساخطًا


_ و قال خايف عليها قال ! بدل ما تخاف على مالنا السايب خايف ع الأوزعة بتاعتك ! و قال ايه مستكتر  الهانم تروح تجيبها ! 


3


صاح «سليم» مُنفعلًا 


_ اكتم ياد بدل ما اكتمك . 


«مروان» بتهكم


_ لا اطمن احتمال اتجلط و اتكتم لوحدي متقلقش ، وبعدين متقرفناش هتلاقيها جاية زي الجن دلوقتي. 


3


كان القلق يقرضه من الداخل فهتف غاضبًا


2


_ انا غلطان اني وافقتها أصلًا . قال ايه عايزة تطمن أن كل حاجه تمام زي ما اختاروها. 


أنهى كلماته وهو يقوم بالضغط على اسمها ليتصل بها للمرة التي لا يعرف عددها فجاءه صوتها الحاني


تستمر القصة أدناه


_ سليم عشر دقايق بالظبط وهكون قدام المزرعة انا خلاص داخله عليكوا.  


3


«سليم» بغضب


_ ماشي يا جنة  بس هحاسبك على الموقف دا . 


«جنة» برقة


ـ خلاص بقى يا سولي . بلاش تقفش في يوم حلو زي دا ! 


1


«سليم» بهيام و نظرات حالمة


_ هو بعد سولي دي هقدر اتكلم أصلًا . 


8


اخترق جوهم الحالمي صوت جاف ل«مروان» الذي قال بنبرة عاليه


_   فولي مين ؟ تعرف حد تبع حلاوة المولد ولا ايه ؟ طب بالله عليك قرصين حمُصية و واحد ملبن .


12


كاد أن يلكمه في فمه حتى يُخرج ذلك الغضب بداخله ولكن تفاجيء بقدوم أحد المدعوين فتوجه إليه لمصافحته و قام بالتوجه معه للداخل.  


كان يود لو يُسابِق الريح حتى يصل إلى أحباءه . يتمنى لو يحمله البُساط السحري لياخذه إليهم يُقسِم لن يفعل شيء سوى الارتماء بين ذراعيهم و البكاء حتى تبيض عينيه طالبًا الصفح الذي حتى و لو لم يناله فيكفيه أن يقر عينيه برؤيتهم . 


5


أطلق زفرة قويه من جوفه وداخله يتلظى بنيران الندم الحارقة ، فسابقًا كان يولي هاربًا منهم ، و الآن يُهروِل و يسبقه قلبه إليهم مُشتاق حزين نادم . يتوسل للزمن أن يعود للوراء حتى يتمرغ بدفء وجودهم . 


4


كان يتلو آيات الذكر الحكيم و عينيه تذرفان العبرات بسخاء و داخله يتوسل لرب العباد عز وجل أن لا يرُده خائبًا . يعرف كم أن ذلك مُستحيل ولكنه الإيمان الراسخ بقلبه يستثني تلك الكلمة من قاموسه ، و يأمل أن يظفر باي بادرة أمل تجاه ذويه . 


بدأت دقاته تتقاذف بداخله بجنون حتى آلمت صدره كُلما تضائلت المسافة بينه وبين مزرعتهم حتى باتت عدة خطوات فخرجت كلماته مُتلهفة


_ استنى هنا . 


«جرير» باستفام


ـ في ايه ؟ 


لم يُجبه انما أغمض عينيه و صارت شفاهه ترتجف هامسة


_ اللهم عليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت . اللهم لا تردُني خائبًا .


9


حاول إيقاف سيل الدمع الغزير و بأقدام ترتجف قام بفتح باب السيارة ليتقدم بخطٍ وئيدة إلى المزرعة و إذا بخطواته تُسرِع شيئًا فشيئًا و كأنه لم يعُد يحتمل الابتعاد أكثر إلى أن توقف أمام البوابة الرئيسية فتفاجيء الحرس بوجوده فلم يلتفت لنداء قائدهم فقد التقمت عينيه شقيقيه و هما يُمسكان بيد والدته و بجانبهم «حلا» التي بدا انها حامل و بيدها طفل صغير التقطه «سليم» منها و على الجانب الآخر كان «سالم» يقف يحاوط زوجته التي تحمل طفلًا بين يديها و تُطالعه بحُب إلى جانبها «سما» ثم «مروان» و «شيرين» التي تجاور «حلا» و بجانبها «طارق» و فتاة أخرى لا يعرفها بجانبها رجُل يرتدي جلباب صعيدي ثم عمه «صفوت» و زوجته و تلك الفتاة «لبنى» التي كانت بارعة الجمال بجانبها عمته «همت» و شاب ضخم لا يعرفه . 


7


تستمر القصة أدناه


لأول مرة يتراءى ذلك الحنان بعينيه و نظراته وهو يُطالِعهم و يرى سعادتهم البادية على وجوههم ، فيفرح لأجلهم و يحزن لأجله ، فقد خسر مكانه بينهم . نعم خسِر اغلى شيء في هذه الحياة . الآن يشعُر بفداحة أخطاءه يقف من بعيد يُناظر أشقائه و أحباؤه من بعيد لا يجروء على تهنئتهم ولا مشاركتهم . فقد يُشاهِد من بعيد . كضيف غير مرغوب به . 


5


شعر بيد قوية تربت على كتفه و صوت «جرير» الخشن من خلفه


_ يالا نروح يا حازم . الوقفه دي هتوجع قلبك و خلاص . أنت مبقاش ليك مكان وسطهم . 


6


جملة كانت كسيف باتر نحر قلبه الذي كان ينزِف ألمًا و حسرة فأومأ برأسه قائلًا من بين عبراته


_ عارف . انا نفسي بس ادخل احضنهم و أمشي . 


تألم «جرير» لأجله ولكن ما باليد حيلة فما أقسى الندم و ما أشد وطأته على القلوب لذا قال بعقلانية


_ للأسف مش هينفع . شايف الضحكة اللي مالية وشوشهم دي بمجرد ما تدخل هتتمحي . فكر في اخوك اللي شال شيلتك هيكون وضعه ايه لو شافك ؟ و مراته اللي انت أذيتها و دمرتها هتقدر تتقبل وجودك ، و اختها اللي بقت مرات أخوك ، و أختك اللي اتجوزت ابن عمهم عشان حقنًا للدماء ، و امك اللي هتحطها بين نارين سعادة ولادها و وجودك . بلاش يا حازم مبقاش ليك مكان وسطهم . 


11


ود في تلك اللحظة لو أن أحدهم شق صدره إلى نصفين ولا يستمع إلى هذه الكلمات التي استقرت كالجمر في منتصف قلبه ولا يوجد سبيل لنزعها ، ولكن تلك هي نتائج أفعاله ، وهذا حصاد ما زرعه لذا أخفض رأسه بأسى و تهدلت أكتافه تعبًا ، وقد قرر أن يُغادِر ولكن أراد ألقاء نظرة أخيرة عليهم حتى تنطبع في ذاكرته كلما استوحش آنست وحشته و كلما اشتاق هدأت من روعه 


_ أنت ايه اللي جابك هنا تاني ؟ 


9


تسمر في مكانه لدى سماعه صوت «جنة» التى ترجلت من السيارة تنوي الدلوف إلى المزرعة لتتفاجأ بوجود آخر شخص في العالم تتمنى رؤيته . لتتفجر بداخلها جميع أوجاع الماضي حتى سقطت تلك اللفافة من يدها و توقف خلفها السائق لا يدري ماذا يفعل فقد صُدِم هو الآخر من وجوده و مظهره و أيضًا نبرته حين قال بضعف و تلعثُم


5


_ انا . انا . كنت . كنت جاي اطمن . عليكوا ، و همشي.  


تلك الجراح التي غرزها بقلبها ذات يوم استيقظت من سُباتها لـ تقول بقهر


_ جاي تتأكد اننا لسه مموتناش بعد عمايلك فينا ؟ جاي عشان تدمر حياتنا تاني بعد ما صدقنا أنها تتعدل . جاي ليه رد؟ 


تدخل «جرير» مُحاولًا لملمة الأمور 


_ يالا يا حازم نمشي. 


كان مظهره مُذريًا فقد انهكه الذنب و اهلك طاقته الندم ليقول بنبرة لا حياة فيها 


_ استنى . قبل ما امشي . لازم تعرفي ان اكتر حاجه ندمت عليها في حياتي هي أذيتك ، و اكتر حد بتمنى أنه يسامحني أنتِ . 


صاحت بأنهيار


_ أسامحك ! بكل بجاحة بتقولها ؟ انا دوقت العذاب ألوان بسببك. 


لم يستطِع قمع عبراته الغزيرة من الجريان فوق خديه وهو يقول بنبرة محشوة بالوجع 


2


_ اقسم بالله العظيم لو ما الانتحار كُفر لكنت غرزت سكينة في قلبي دلوقتي قدام عنيكِ بس تسامحيني . 


تناثر الألم من بين عينيها و نبرتها حين قالت


_ ياريت كان ينفع . ياريت كان ينفع يا حازم . كنت على الأقل انا هرتاح . انما السماح دا شيء بعيييد اوي عمري ما هوصله معاك . 


4


ما أن أوشك على الحديث حتى تفاجيء بـ سيارة دفع رُباعي يخرج منها مُسلحين يوجهون سلاحهم تجاه «جنة» التي تجمدت بمكانها حين رأت عينيه تتحول و يُهروِل تجاهها وهو يصيح قائلًا


12


_ حاسبي يا جنة . 


فجأة اخترق المكان صوت طلق ناري استقر في صدر «حازم» الذي سقط أمامها وأمام أنظار «جرير» المصعوق و «عبده» المصدوم و فجأة صدح صوت قاسي بدد صدمتهم 


5


_ هاتها بسرعة . 


لم تكاد تفهم ما يحدُث حتى وجدت يد قاسية تقبض على خصرها و صوت «حازم» الجريح يصرُخ بكل ما يمتلِك من قوة 


15


_ جنة…


هرول عبده إلى الداخل الذي صرخ بفـزع يروي ما حدث فانتفـض الجميع متوجهين للخارج فصـ.دمهم مظهر حازم الغارق في بركة من الدماء و بجانبه جرير يُحاول أن يضغط على جرحه حتى يوقف ذلك الشلال المُنبثِق من جرحه فإذا به يجد الجميع حوله ليأتيه صوت سالم المُنتفِض

_حازم .


8


خرجت الكلمات من فمه مُبعثرة

_ ج . جنة .


صرخ سليم مفز.وعًا

_ مالها جنة .


حازم بإنهاك

_ خ . خدوها . ال. الحقها و قولها.  قولها . تسامحني .


44


يتبع….


 


 


تصفح 


جرب البريميوم



 


 


في قبضة الأقدار (سلسلة الأقدار )


من قبل noryelshry22122019


 


 


الأنشودة الثامنة و الثلاثون ج٢ 🎼💗


 49.7K  3.7K  1.1K


بواسطة noryelshry22122019



بسم الله الرحمن الرحيم


2


الأنشودة الثامنة و الثلاثون ج٢ 🎼 💗 


العفو عِند المقدِرة . جُملة بسيطة مُكونة من كلمتين كِلاهُما لا تصِح من دون الأُخرى ، فالأولى لا تأتي من دون الثانية ، والتي ماهي إلا دربًا وعِرًا مُلغمٍ بالأشواك ليس باستطاعة الجميع تجاوزها و المُضي به . انما يتطلب الأمر مجهودًا عظيمًا قد لا تكفي طاقتنا لـ تحمُله . لذا فـ عِندما يشِق على  قلوبنا العفو فـ ذلك لا يعني ظلامها انما فاق الأمر حدود احتمالها . أيُعاتب المرء على شقائه ؟ 


5


نورهان العشري ✍️ 


7


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


كان الأمر برمته كارثي للحد الذي جعل الأجساد تتخشب و العقول تتوقف عن العمل . الثواني الفاصلة بين إطلاق النار على «جنة» و تلقي «حازم» الطلقة بدلًا عنها و بين خطفها ضئيلة جدًا بالمُقارنة بحجم الكوارث التي حدثت بها ، فحتى «جرير» الذي كان يُعرف عنه سُرعة البديهة و خفة الحركة تجمد أمام هذا المشهد الذي اعتصر فؤاده على ذلك الفتى الذي لا يعلم كيف تغلعلت محبته إلى داخل قلبه الذي انتفض لدى رؤية دماءه فوق الأرض و ما كاد أن يصل إليه حتى اختطف أولئك الرجال تلك الفتاة التي و كأن الحظ ضل طريقه إليها لتقع فريسة بين قلوب اسودت من فرط احتراقها فلم تعُد تعرف معنى الرحمة أو الشفقة ، و لهذا صرخ ذلك الجريح بين يدي شقيقه قائلًا بألم 


10


_ خدوها . خدوها يا سالم. الحق جنة. 


2


انتفض «سالم» ذُعرًا وهو يرى شقيقه يُنازِع الموت بين يديه بينما صرخات مُفزِعة مُتفرقة انطلقت من الأفواه المُحيطة به و كان من بينهم صرخة مفزوعة استقرت في منتصف قلبه الذي تمزق بين الجميع في تلك اللحظة فزمجر بانفعال 


_ اوعوا كدا . خلوه يعرف يتنفس . 


كان هذا صوت «سالم» الذي أزاح الحرس من حوله لـ يُمسِك بكف «حازم» يُقبله قائلًا بـ شفاه ترتجف 


9


_ حازم . انت كويس . خد نفسك . انا هوديك المستشفى  ، و المرة دي مش هسيبك تموت . مش هسيبك أبدًا .


10


آلمه قلبه من فرط سعادته لسماعه كلمات شقيقه التي كانت إعلانًا صريحًا بالغُفران فهتف بنبرة مُعتذرة


_ مقدرتش امنعهم ياخدوها . 


2


اقترب «سليم» منه بحذر و قلبه يرتعب من هذا الوداع الذي يلوح بالآفاق 


_ انت هتبقى كويس ، و كمان جنة . انا عارف . مش هخسر حد فيكوا.


8


همس «حازم» بنبرة خافته وهو يُجاهد ألمه و دوامة سوداء تُغويه حتى يستسلم لها 


_ حقك عليا . ياخويا. 


1


أنهى جملته التي عرفت طريق أعماق «سليم» الذي أخذ يتراجع إلى الخلف و هو عاجز عن إقصاء عينيه بعيدًا عن شقيقه لتفزعه صرخة «مروان» حين اقترب يقود أحد السيارات قائلًا 


2


تستمر القصة أدناه



_ هاتوا يا سالم يالا بسرعة . 


اعتدل «سالم» يحاول حمله فاقترب «جرير» ليُساعده فحدجه سالم بنظرة مُرعبة تحمل من اللوم الكثير كما جاءت نبرته حين قال


_ هي دي الأمانة يا شيخ جرير ! 


7


جملة كانت كسيف باتر يعرف جيداً كيف تُدق الأعناق ولكن الوقت لم يُسعفه للإجابة فقد حمل «سالم» «حازم» بين يديه ليُدخله السيارة وسط هرج و مرج من الجميع و ما أوشك على الركوب بجانبه حتى تفاجئ من «هارون» الذي تدخل بلهفة


_ استنى يا سالم . انا هركب معاه ، و هحاول اوقف النزيف . انا اتدربت على حاجات زي دي قبل كدا . الحق انت الحاجه أمينة قبل ما تعرف اللي حصل . 


5


ما أن ذُكِرت والدته حتى شعر برجفة قوية تضرب قلبه الذي لوعته فكرة ان تعرف والدته بما حدث ، فإن تحمل قلبها خسارة عزيزه لمرة فحتمًا لن يتحملها الثانية لذا ارسل نظرة مُمتنة إلى «هارون» قبل أن يتركه فانطلقت السيارة بأقصى سرعتها ليصدُر عن أحتكاك إطارتها بالأرض صوتًا مُريعًا كصوت «طارق» الذي صاح يُعنف الحرس


_ انتوا يا بهايم . اللي حصل ده حصل ازاي؟ 


نطق الحارس بلهفة 


_ يا طارق بيه ملحقناش ضربوا نار من بعيد و حازم بيه جري اخد الطلقة مكان الهانم وفجأة جت عربية بسرعه شدتها و جريت و كل دا و هما بيضربوا نار مقدرناش نرد عليهم خوفنا على جنة هانم . حتى لما حاولنا نلحقهم كانوا بيضربوا عشوائي . 


تدخل «صفوت» حانقًا و هو يُمسِك بهاتفه يتواصل مع جميع الدوريات في المنطقة 


_ طب قولي . خدتوا رقم العربية؟ شفتوا حد من اللي كان موجود فيها ؟ 


_ العربية كانت من غير نمر ، و اللي جواها كانوا مُلثمين . 


6


لم يُزِد في الحديث بل اندفع للتواصل مع الشرطة ، ليسود الجو حالة من الهرج بينما لازال أحدهم لازال يُعاني من صدمته مثل «فرح» التي كانت مُتجمدة بمكانها و قد تشوشت الأصوات حولها الا من صوتًا واحد راح يعلو أكثر فـ أكثر داخل عقلها 


10


_ تلك المرة خسرت شقيقتها. 


6


برقت عينيها و أخذ جسدها يرتجِف حتى كادت تسقُط لولا ذراعين تحملان حنان العالم أجمع حاوطتها وهو يقول بقوة


4


_ فرح . بصيلي يا فرح .


حين لم تُجيبه احتدت نبرته كما ازداد ضغطه فوق ذراعيها وهي يهزها بقوة قائلًا


_ فرح . فوقي و بصيلي . 


1


شهقة قوية كان أول استجابة لها لما يحدُث لتصرخ بفزع


_ جنة. جنة يا سالم.  


«سالم» بطمأنة


_ جنة كويسة . أن شاء الله هتبقى كويسه. متقلقيش . 


تستمر القصة أدناه



هربت الكلمات من بين شفتيها لتتساقط من مقلتيها وهي تلتفت تلقائيًا لرؤية ذلك الأسد الجريح الذي يُزمجِر هنا و هُناك بلا هوادة و كأن أحدهم غمس سهمًا مُشتعِلًا بمُنتصف قلبه وهو مُكبل عاجز عن إنتشاله ، و التخلُص من ذلك الألم المسعور الذي يكاد يفتك به ، فلم تحتمل ما يحدُث بغرس نفسها بداخل أحضانه تكتم صرخاتها بصدره الذي أرتج إثر لوعتها و حريق روحه لشعوره بالعجز عن إضفاء الأمان بقلوب أحبته ليشعُر بيد قوية تربُت على كتفه ليلتفت فإذا به يجد «عبد الحميد» الذي قال بنبرة قوية


_ رچالتنا بيدوروا في كل مكان . خد فرح چوا و تعالى عشان نعرفوا هنتصرفوا ازاي ؟ 


4


اومأ «سالم بصمت لينظُر إلى «فرح» التي كانت ترتعِب فقام بحملها و الدلوف بها إلى الداخل 


لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ❤️


11


★★★★★★★★


في الداخل اهتاجت «حلا» قائلة بانفعال 


_ في ايه انت و هو ؟ خلونا نطلع نشوف في ايه بره ؟ 


الحارس باحترام 


_ يا ست هانم مهينفعش . فيه ضرب نار بره ، و ياسين بيه أمرنا منخرجش حد منكوا واصل . 


صاحت «أمينة» بنبرة مُهتزة


_ ولادي بره عايزة اطمن عليهم . 


_ اطمني يا حاچة كلياتهم بخير . 


تدخلت «شيرين» بحنق 


_ و نعرف منين ؟ سيبونا نخرج نتطمن بنفسنا .


و أيدتها «همت» التي صاحت بذُعر


_ يا ابني احنا مش ناقصين وجع قلب سيبونا نطلع نشوف في ايه ؟ 


الحارس بعناد 


_ يا هانم على عيني . بس ياسين بيه هيجطع رجبتي لو حد منكوا خطى خطوة واحدة.  الصبر وانا هشيع حد يشوف في ايه ؟ 


ما أن أنهى جملته حتى جاء «ياسين» القادم من الخارج لتقول «أمينة» بلهفة 


_ اهو ياسين جه اهو. طمني يا ابني. 


اقترب «ياسين» واضعًا قبلة دافئة فوق جبهتها وهو يقول بحنان يوازي شفقته على تلك السيدة التي ذاقت الويلات و لا ينقصها ما حدث منذ لحظات لذا هتف مُطمأنًا


1


_ اهدي يا حاجه في ايه ؟ ليه القلق دا كله ؟ دا واحد من الرجالة كان بيضربوا نار عشان الفرح و للأسف جت في واحد صاحبه و نقلناه المستشفى ، و أن شاء الله هيبقى كويس . متقلقيش.


4


هتفت «أمينة» بلهفة


_ صحيح يا ابني بالله عليك . انا قلبي هيقف .


«ياسين» بطمأنة 


_ صحيح يا حبيبتي. متقلقيش . 


تنفس الجميع الصعداء بينما كانت هي تُحاول ألا تتأثر بوجوده و ذلك الحنان الذي يقطر من بين نبرته و عينيها لوالدتها ، و رغمًا عنها شعرت بالإمتنان له على فعلته ، و بينما كانت غارقة بأفكارها تفاجئت بيده الذي جذبتها إلى أحضانه بقوة اجفلتها واضعًا قبلة دافئة فوق خصلاتها تضمنت الكثير مما لم تفهمه ، فقد كان يعتذر ، يؤازر ، يُشفِق عليها من تلك الحقيقة التي تجهلها ، و أخيرًا غاضب يتوعد بالهلاك لمن تجرأ على المساس بأبنه عمه 


10


تستمر القصة أدناه



_ طب يالا يا حاچه ندخل چوا بدل وجفتنا دي . روكبنا من الخضة وچعتنا.  


هكذا تحدث «تهاني» إلى «أمينة» و الجميع و قد كانوا بحاجة للراحة بعد تلك الدقائق الصعبة التي عاشوها لتبقى بمفردها معه فهمس بجانب أذنها حين لامس رجفة جسدها بين يديه 


_ متخافيش . انا جنبك . 


جملته أعادتها إلى واقع أليم و شعور مُروع لازالت غصته تفطر قلبها من الداخل لذا تململت بيد ذراعيه لتقول بجفاء


_ ربنا معايا ، و اخواتي بعده ، فالحمد لله مش محتاجه لحد تاني . 


12


تفهم ما تمُر به ، وقد كان يتوقع و يرتضي بـ ذلك و أكثر لذا اكتفى بجملة واحدة حتى لا يُزيد من الضغط الماثل فوقها


_ حتى لو مش محتجاني انا جنبك . 


7


جاهدت حتى تظل على جفاءها ، و قد قررت إعطاءه السُم على هيئة جُرعات لم تكُن قاتلة ولكن وجعها مُميت لذا طافت أنظارها الساخرة على ملامحه وكأنها تخبره أنها لا تُصدقه لـ تتراجع إلى الداخل بدون التفوه بكلمة واحدة ، فالتجاهُل هو بداية طريقها الشائك معه ، و قد أتت طريقتها بثمارها فقد شعر بألم حاد في قلبه لكونها تجاهلته على الرغم من أنه عرف مقدار خطأه و لكن تألم لهذا لم يستطِع منع نفسه حين قال


6


_ و هفضل جنبك العمر كله . 


6


★★★★★★★★*


مر الوقت ثقيل على الرغم من كل تلك الجلبة و البحث المُضني الذي لم يُثمِر عن شيء ملموس مما جعل «سالم» يطلِق صرخة غاضبة وهو يضرب يده في حائط المشفى ليقترب منه «مروان» قائلًا بقوة


_ اهدى يا سالم . كل حاجه هتتحل بإذن الله . 


ناظر «مروان» ساخطًا 


_ ايه اللي هيتحل بالظبط ؟ حازم اللي جوا بين الحيا و الموت ، ولا جنة اللي مش عارف هي فين ؟ و لا سليم اللي قرب يتجنن وهو مش مش لاقي مراته ! و لا ماما اللي متعرفش اي حاجة ، و مش عارف هنخبي عليها لحد امتى؟ ولا فرح ..


8


صمت لثوان وقد شعر بدقات قلبه خناجر تتسابق داخل صدره حتى تقضي عليه وهو يتذكر حين اقترب يضعها فوق مخدعها ليجدها تُشدِد من قبضتها على قميصه وهي تقول بنبرة مُشبعة بالأسى يخالطه التوسل الذي يتساقط من عينيها مع عبراتها


_ جنة يا سالم.  


لأول مرة لم يستطِع بثها الأمان الذي تحتاجه ولكنه حاول الثبات قائلًا بخشونة


_ متخافيش . 


عاد إلى واقعه على يد «مروان» الذي ربت فوق كتفه بقوة وهو يقول ببسالة


_ كل دا هيتحل بأمر الله . اسمع مني . انا عارف اللي جواك . بس انت معندكش رفاهية الإنهيار . الكل مسنود عليك بعد ربنا  ، وانت قدها . اللي معاه ربنا ميخافش يا كبير . مش دا كلامك ؟ 


9


تستمر القصة أدناه



أراد الصراخ لا البُكاء في تلك اللحظة فقد كان وليمة للحزن و الأسى  ليقول لأول مرة بنبرة مُشبعة بالألم 


_ ونعم بالله.  لكن انا مش واثق في نفسي المرة دي يا مروان . 


1


 ولكنها كانت لحظة حصاد لزرعته الصالحة حين صاح «مروان» بقوة


_ ياخي انا واثق فيك . قول يارب انت بس . 


4


همس بحرقة 


_ يارب. 


1


كان «هارون» يُشاهِد ما يحدُث بقلب ينفطر ألمًا فقد سيطر عليه هاجس قوي بأن الفاعل هو شيطانهم المريد ، فلم يستطِع عقله تخيُل أنه قد مات ، وقد شعُر بأن «سالم» يُشاطره نفس تفكيره حين سمعه يقول ل«مروان» بقسوة


_ يا ويله لو كان هو اللي ورا اللي حصل دا . 


«مروان» بصدمة


_ سالم . بتقول ايه ؟ تقصد مين ؟ متقوليش ناجي ! دا مات وشبع موت 


2


«سالم» بسخرية مريرة و حيرة جراء تخبط عقله و ضياعه أمام هواجس تؤرقه 


_ محشستش ولا لحظة أنه مات . طول الوقت جوايا احساس بيقولي ازاي هيموت بالسهولة دي ؟ 


16


«مروان» بتعقُل


_ ازاي يكون نجي من كل اللي حصل دا ؟ مش في تحاليل أثبتت أن جثته كان من ضمن الجثث اللى كانت في اليخت ؟


_ حازم عامل ايه ؟ 


هكذا تحدث «طارق» الذي كان مظهره يُشبه رجال العصابات يرتسم الإجرام على ملامحه و بجانبه كُلًا من «عمار» و «ياسين» و «عبد الحميد» الذي أعاد سؤال «طارق» بنبرة جافة


_ اخوك كيفه يا سالم ؟ 


«سالم» بجفاء


_ لسه منعرفش حاجه . 


«عبد الحميد» بنبرة حادة


_ چينا عشان نعمل الواچب ، واني طبعًا مجدر خوفك و جلجك على أخوك ، لكن بعد اللي حوصول ده التار مبجاش تارك لوحدك يا ولد الوزان . 


2


زفر «سالم» غاضبًا قبل أن يقول بخشونة


_ رجالتي مش ساكتين ، و اظن انت شايف بعينيك . 


تدخل «عمار» بحدة


1


_ شايفين يا سالم . ياريت تكون انت اللي شايف . 


«سالم» بقسوة


_ تقصد ايه ؟ 


تدحرجت عيني «عمار» بين الجميع لتستقر على «هارون» قائلًا بحدة


_ اللي حوصول دا مش طبيعي ، و لو كان ناچي دا لساته عايش يبجى أكيد في خاين في داركوا .


قاطع استرساله في الحديث يد «سالم» الذي امتدت لتُدير رأسه إليه و هو يقول بـ جهامة و نظرات سوداوية 


تستمر القصة أدناه


_ بيتي نضيف مفهوش خونه ، ولو كان في قبل كدا فـ دا كان عن معرفة مني ، و تخطيط كمان . دماغك متروحش بعيد يا عمار عشان منخسرش بعض في أكتر توقيت غلط . 


3


تلقائيًا أخذ الجميع موضعه ليكون المشهد كالآتي «سالم» و يحاوطه كُلًا من «طارق» و «هارون» بملامح مُتجهمة و نظرات سوداوية ، و في المُقابل «عبد الحميد» يحاوطه حفيديه «عمار» و «ياسين» بملامح مُكفهرة و نظرات مُتوعدة فساد صمتًا قاتل تتخلله أنفاس قوية تُنذِر بأن القادم سيئًا ، فكان من يراهم من بعيد يظن بأن هناك نزال سيُقام بين العائلتين في حلبة المشفى إلى أن اخترق ذلك الجو المشحون صوت «مروان» الذي صاح غاضبًا 


_ في ايه يا جماعه ؟ ايه جو مصارعة الثيران دا؟ 


7


بدل ما تقفوا في وش بعض . أقفوا جنب بعض . هو دا الوقت اللي الناس مفروض بتقف فيه جنب بعضها . 


7


تدخل «ياسين» بحدة


_ واحنا جينا نقف جنبكوا . بس سالم بيه الكلام معجبهوش ، و مش عايز يعترف بغلطه ، و مُصِر يعرض عيلته كلها للخطر !


12


برقت عيني «سالم» و ما أن أوشك على الحديث حتى تدخل «مروان» بصوت جهوري


2


_ سالم الوزان عقله يوزن بلد يا ياسين يا عمران ، و خلي بالك من كلامك ، و بعدين كلامكوا دا يُعتبر إهانة لينا احنا مش عيال صغيرين قدامكوا ، و سالم لو مش عاقل و كبير كان حاسبكوا على الغلط دا بس هو عمل حساب للنسب اللى بينا . ماهو لما تتهموا واحد مننا باتهام خطير زي دا يبقى غلط كبير في حقنا كدا ولا لا يا حاج عبد الحميد ؟ 


21


كان حديثه مُقنعًا و محاولة جيدة لحقن الدماء التي كانت على وشك أن تسيل لو انساق كل طرف حول غضبه لهذا تحدث «عبد الحميد» بتعقُل


_ احنا منجصدش يا ابني نتهمكوا . احنا في الآخر أهل و چنة بتكوا زي ماهي بتنا .


1


تدخل «طارق» الذي شاهد «سالم» و قد كان الأخير في حالة نادرة و مقيتة من الغضب . لذا قال يُهدأ من حدة الموقف أكثر


_ كُلنا في مركب واحدة يا حاج عبد الحميد ، و اللي عمل كدا في جنة و حازم حتى لو كان اخويا هعاقبه عقاب الملكين . 


هدأ الجميع لـ لحظات و فشلت مـحاولة الشيطان في زرع الفتنة في نفوسهم لتمُر دقائق بسيطة قبل أن يخرُج الطبيب من غرفة العمليات فـ هرول «سالم» إليه قائلًا بلهفة


_ طمني يا دكتور . 


الطبيب بطمأنة


_ الحمد لله. قدرنا ننقذه ، الطلقة كانت قريبة من الشريان الرئيسي للقلب لكن مأذتوش .


14


رُدت روحه إليه في تلك اللحظة و ما كاد الطبيب يُغادِر حتى رن هاتفه و قد كان «صفوت» الذي ما أن أجاب «سالم» حتى صاح بلهفة


_  حالة سليم صعبة اوي يا سالم ، و مش عارفين نسيطر عليه . 


5


هتف «سالم» بخشونة


تستمر القصة أدناه


_ جراله ايه ؟ 


هُناك ألم لا نستطِع وصفه ، و لا نملك القدرة على محوه ، و التعايش معه يُشبِه قطعة ثلج أُلقيت في قعر الجحيم قائلين لها لا تذوبي ! 


1


كانت حالته لا تفي الكلمات لوصفها . خائف ، مُرتعِب ، عاجُز . مُتألم و كأنه يتقيأ روحه ، فقد كان يدور حول نفسه كالمجنون بعد أن بحث بجميع الطُرُق باحثًا عن سراب يحمل رائحتها ، ولكن بائت كل محاولاته في إيجادها بالفشل الذي جعل منه وليمة للجنون  خصوصًا حين وجدوا السيارة التي اختطفتها وهي مُتفحمه تُشبه علبة من الصفيح الذي أكلته النيران حتى أسود لونه . عند تلك اللحظة برقت عينيه و غاب عقله عن العمل ليخرج كل شيء عن سيطرته فأخذ يركُل بيديه و قدميه في السيارة المُتفحمة و هو يصيح كالأسد الجريح فحاول الحرس السيطرة عليه و معهم «صفوت» ولكن باءت كل محاولتهم بالفشل فلم يجد الأخير مفر من مُهاتفة «سالم» الذي تحولت نظراته الى شيء يُشبِه الجحيم حين لاحظ تراجع «هارون» إلى الخلف وهو يتحدث إلى أحدهم على الطرف الآخر ، و سُرعان ما غاب عن ناظريه ليقوم بقسوة 


7


_ قوله مراتك الليلة هتبات في حضنك . 


3


اللهم عافني في بدني اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري. اللهم رب الناس أذهب البأس أشفي أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً. اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر♥️


24


★★★★★★★★★


تحققت أسوأ مخاوفه حين شعر بإهتزاز هاتفه بجيبه ليتراجع عن ذلك الجمع وداخله يتمنى لو يحدُث شيء يُكذِب هذا الهاجس المُريع الذي يُسيطر عليه ، و لكن دائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفُن ليجد قلبه يهوى قلبه بين ضلوعه حين سمع ذلك الصوت الذي جعل جسده يقشعِر و خصوصًا تلك الضحكات المُروعة المتبوعة بكلمات يفوح منها القيح


_ ابني الغالي . اللي باع أبوه و قضيته و رمى نفسه في حضن أعدائي . عامل ايه ؟ 


7


انمحت من عقله جميع ما درسه عن و تدرب عليه في ضبط النفس و التحكم بانفعالاته لتخرُج كلماته مُتلعثمة حين قال


_ أن . انت. انت لسه.  لسه عايش ؟ 


2


قهقهات مقيتة تُغلفها قسوة مُرعِبة تخللت لهجته على الرغم من سخرية كلماته حين قال


_ دا سؤال بردو ؟ لسه معرفتش قدرات أبوك ! ياخي عيب .


قست كلماته حين تابع بتوعد


_ ولا حتى الموت يقدر عليا ، و خصوصًا أن لسه مخدتش تاري من الكلاب اللي محاوط نفسك بيهم . 


تقاذفت دقاته داخل صدره قبل أن يقول بنبرة حاول جاهدًا جعلها ثابتة


_ عملت فيها ايه ؟ 


تستمر القصة أدناه


«ناجي» بتهكم


_ بخير . متقلقش . مش هضيع فرصة اني اشوف الحسرة في عين سليم و أنا بقتلها قدامه . 


كان قد انزوى بأحد الممرات وهو يهتف من بين إسنانه


_ اوعى تفكر تقربلها . انا اللي. ..


قاطعه «ناجي» بقسوة


_ انت تقرر دلوقتي اذا كنت معايا أو ضدي . شفت ابوك  راجل حقاني ازاي ؟ 


شعر بالأرض تميد به و لم يعرف ماذا عليه أن يفعل ؟ فقد كاد أن يفقد عقله ليأتيه صوت «ناجي» القاسي


2


_ قدامك لحد الفجر . تقرر ، ولو معايا يبقى تقابلني عند المكان بتاعنا . 


صاح «هارون» حانقًا 


_ انت بتقول ايه؟ انت اكيد اللي حصل دا أثر على عقلك ! انا مش هروح في أي حتة ، و هقول لسالم على كل حاجه. 


_ بتكلم مين يا هارون ؟ 


هكذا استفهم «مروان» بجفاء ليلتفت «هارون» بلهفة قبل أن يتحمحم بخفوت قائلًا 


_ لا دي شيرين . كنت بطمنها . في جديد ؟ 


1


«مروان» بجفاء


_ لا . 


مرت الدقائق كـ حوافر تدهس فوق قلوبهم دون رحمة . الجميع يُعاني الجميع خائف حتى اولئك الذي كانوا يجهلون حقيقة ما يحدُث لم تنجو قلوبهم من الألم و الخوف ، فـ الشعور السيء تفشى في صدور الجميع ، والخوف من تحققه كان أسوأ ما في الأمر ، فبعد أن اطمئن «سالم» أن حالة حازم مُستقرة و أنه يرقد بالعناية المُركزة لم يتوانى عن رؤيته حتى يطمئن قلبه ولو قليلًا لذا اقترب يُلثِم جبين شقيقه قبل أن يرفع رأسه يُطالعه بحنان تجلى في نبرته حين قال 


_ اوعى تمشي . قاوم عشان خاطري ، و خليك فاكر ان ولاد الوزان مبيستسلموش . 


6


توجه الرجال المزرعة بعد أن اهتم «سالم» بتأمين المشفى ليطمئن أن شقيقه بسلام ليُغادر و لأول مرة بحياته يتجمع بداخله كل هذا الغضب الذي جعل من ملامحه صورة حية للشيطان الذي خرج من محبسه ينوي الانتقام بأبشع صورة مُمكنة.


بسم الله أرقي نفسي من كلّ شيء يؤذيني، ومن شر كلّ نفس أو عين حاسد، بسم الله أرقي نفسي الله يشفيني، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلّا بالله، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويشفي مرضى المسلمين♥️



24


★★★★★★★★★


حانت لحظة الإختيار ، و كأن الحياة تضعه في المنتصف بين قطارين إحداهما يحمل لائحة كُتِب عليها عذاب الحق و الآخر كُتِب عليه نيران الباطل ، وهو مُجبر على الاختيار بين كليهما . 


ابتسامة ساخرة لاحت على ملامحه ، فقد اختارت الحياة بدلًا عنه لتجعله يستفيق وهو في أجمل لحظات حلمه بوجود والدته و شقيقتيه بجانبه على كابوس حقيقة انتمائه لذلك الرجُل ، ولم تكتفي بذلك بل قيدته في قاع جحيم مُستعِر تأجج له صدره وهو يخطو كل خطوة تجاه ذلك المكان الذي يود لو يندثر من على خريطة هذا العالم الشاسع الذي شعر به يضيق من حوله ، ولكنه أجبر نفسه على المُضي في دربه الوعِر الذي اختاره بكل ما أوتي من بأس .


تستمر القصة أدناه


فُتِحت البوابة الأمامية و توجه إلى الداخل و قد التقمت عينيه المكان الذي كان مُدججًا بالرجال و القناصات المُختبئه بخُبث في كل الزوايا تتحين الفُرصة للفتك بمن يُفكِر الاقتراب من هذا المكان . 


كان المكان هادئًا حد الرُعب حل ما به يبعث على النفور رغمًا عن نظافته ولكن يكفي أن يكون مأوى الشيطان 


1


_ نورت . كنت مُتأكد انك استحاله هـ تخذلني . 


ابتلع جمرات غضبه الحارق من كلمات «ناجي» المُستفزة و خاصةً حين أردف بجفاء


_ عشان انت مش زيهم و لا شبههم . انت شبهي انا بس انت اللي بتكابر 


أخذ ينظُر إلى تلك البقعة المُظلمة التي تحجب ملامحه فقط جسده ليهتف بحنق


_ شبهك في ايه ؟ انت مفيش حد شبهك ، و لا يعرف حد يرقى شبهك . 


2


صاح «ناجي» بغرور مريض 


_ طبعًا . ناجي الوزان نسخة واحدة مش هتتكرر . 


10


قاطعه «هارون» باحتقار


_ دا من رحمة ربنا بينا . انت غلبت الشيطاين في شرهم . انت مش بس بتوسوس للناس انت كمان بتهيألهم كل فُرص الغلط ، و لو ربنا هداهم بتجبرهم عليه.  


قال جملته الأخيرة صارخًا فتقدم منه «ناجي» بخطوات بطيئة ليخرُج من ظلامه إلى ذلك النور الذي أبرز تشويهًا كبيرًا في وجهه ذو مظهر بشع تقشعر له الأبدان وقد شعر «هارون» بسوط جلدي يلسع جسده بقوة ولكنه حاول تدارك رد فعله بشق الأنفُس و خاصةً حين استمع الى كلمات «ناجي» المُحتقنة بسموم و كراهية لا حدود لها 


2


_ كويس انك عارف ، و كويس أننا وصلنا للنقطه دي ، و أظن انك شوفت بعينك انا اللي بنتصر في النهاية. عملوا المستحيل علشان يقضوا عليا ، و معرفوش . بس النهاردة انا هخلص عليهم كلهم . 


هتف «هارون» بنبرة جافة قاسية


_ جبتني هنا ليه ؟ 


«ناجي» بشر


_ علشان اخيرك . 


«هارون» باستنكار 


_ تخيرني ! 


«ناجي» بجفاء


_  حياتك قصاد حياة امك و أخواتك ! 


«هارون» باندهاش


_ نعم ! 


«ناجي» بصرامة


_ اختار .


هتف «هارون» بحنق


_ انت عارف كويس اوي اني هختارهم من غير تفكير.  أنا عايز اعرف ايه اللي ورا الاختيارات دي .


«ناجي» باستمتاع


_ ذكي . طالع لأبوك . 


لم تنمحي نظرات الغضب من عينيه ليقول «ناجي» بشر


تستمر القصة أدناه



_ بص وراك .


التفت «هارون» للخلف لتظهر شاشة كبيرة بعرض الحائط و ما أن ضغط على أحد الأزرار حتى برقت عينيه حين شاهد ذلك المشهد المُرعِب لعدد كبير من السيارات وجيش من  رجال المُدججين بالأسلحة و ذخيرة تكفي لهدم ذلك المكان و جعله رمادًا.


2


التفت «هارون» بذعُر تجلى في نبرته حين قال


_ انت هتعمل ايه ؟ 


_ سألتني ايه اللي ورا الاختيارات دي . وانا هقولك . تنقذ نفسك بأنك ترفض الطلب اللي هطلبه منك ، و تنقذ امك و اخواتك بأنك تنفذ طلبي و اللي هو انك تغتصب البت مرات سليم. 


20


بهتت ملامحه و برقت عينيه من هول ما سمعه و قد شعر في تلك اللحظة بأن عقله توقف عن العمل ليُتابِع «ناجي» بقسوة


_ باين عليك لسه مفهمتش . ابسطلك الأمور . لو رفضت تنفذ طلبي هتخرج من هنا زي ما جيت بس على ما توصل هيكونوا امك و اخواتك بقوا بقايا بني آدمين . احتمال متلاقيش حاجه باقيه منهم تدفنها ، و لو اختارت امك و اخواتك ، و نفذت طلبي . هتخرج بردو من هنا على رجليك بس هتشوف الوش التاني لولاد الوزان اللي هيقطعوك بسنانهم . ها لسه مفهمتش !


7


شعر للحظات بأنه على وشك السقوط فقد سمع عن هذا الرجل ما يجعل الأبدان تنتفض ذُعرًا ولكن ما يُعايشه الآن معه تخطى حدود المعقول فهاهو يُضحي به بعد أن كان يُخبره بأنه فعل كل شيء لأجله 


_ انت بتقول ايه ؟ انت عايز تعمل فيا انا كدا ؟ 


«ناجي» بسلاسة


_ انا راجل حقاني يا هارون ، و انت من البداية  عارف قانوني . أنا عمري ما سامحت في الخيانة . مع إني اتخليت عن مبادئي عشان خاطرك و مردتش اخلص عليك بنفسي بسبب خيانتك ليا. 


4


«هارون» بصدمة 


_ انت ازاي كدا ؟ 


«ناجي» بنفاذ صبر


_ بقولك ايه احنا رغينا كتير و انا صدعت قولي هتختار ايه ؟ 


تجاهل «هارون» حديثه عمدًا و قال بصياح


_ انت مفكر أن ولاد الوزان مش هيقدروا يوصلولك! سالم المرة دي ناوي يخلص عليك بنفسه. 


2


«ناجي» بسخرية


_ وانا مش ممانع . يتفضلوا ينوروني و الشاطر يطلع من هنا سليم ؟ 


تحرك «هارون» بعشوائية في المكان وهو يصيح بغضب


2


_ طبعًا ما انت مأمن نفسك . بس تفتكر الكام قناص اللي انت منطورهم في المكان دول هيخلصوا على مين ولا مين ؟ 


2


«ناجي» بسخرية


_ الكام قناص ! كل برج في الأبراج دول فيه قناص عشرين برج محاوطين المكان مستنيين اي كلب يفكر يدخل عشان يصطادوه . انا مبسبش حاجه للحظ . 


2


تستمر القصة أدناه



تراجع «هارون» إلى الخلف وهو يُمرر يديه بين خصلات شعره قائلًا باندهاش


_ تصدق عندك حق.  انت مبتسبش حاجه للحظ . بس تفتكر انت كدا تبقى فايز ! يعني لما تدارى ورا شويه ألاعيب و رجالة كدا تبقى انت قوي ؟ كدا هتستمتع بانتصارك ! 


اشعرته كلمات «هارون» بالدونية للحظات و سرعان ما تجاوز شعوره لـ يقول بقسوة


_ متشغلش بالك بالموضوع دا . انا عارف هستمتع ازاي ؟ دلوقتي دورك عشان تختار .


كان يحشره في الزاوية لـ يحاول تفادي ذلك المأزق اللعين إذ باغته قائلًا


_ انت نجيت ازاي من حادثة اليخت ؟ 


جاءت لحظة أخرى مُثيرة لذا هتف ضاحكًا


_ لا ماهو انا عشان قلبي طيب و مظلوم . ربنا نجاني . لحسن حظي كان ضهري للباب و شدة الانفجار دفعتني في المية ، و بصراحة دا كان احسن ليا علشان الأغبية اللي زيكوا يفكروني موت ، و اعرف اخطط على رواقة . 


10


التقمت أعين «هارون» شيء ما من النافذة فتبدلت ملامحه و ارتسمت ابتسامة خيبة على ملامحه قبل أن يقوم بنزع تلك السماعة الصغيرة من أذنه وهو يقول بنبرة جافة


4


_ أو يمكِن اللي حصل دا عشان تموت ألف مرة لما تعرف أن اللي انتصر مش انت ، ولا عمرك هتنتصر ولا بعد مليون سنة . 


«ناجي» بصدمة وعينيه تتفرقان ما بين «هارون» و تلك السماعه المُلقاه أرضًا و ذلك الميكرفون الدقيق الذي قام بسحبه من بين طيات ملابسه لتتبدل ملامحه حين تابع «هارون» بسخرية مريرة


4


_ انا كنت حاسس على فكرة . قولت لا يُمكن تكون نهايته سهلة كدا . 


برقت عيني «ناجي» ليُتابع «هارون» ساخرًا


_ اه . لو كنت موت محروق كان هيبقى أهون بكتير عليك من انك تموت محصور وانت شايف كل خططك بتتقلب ضدك . 


5


هتف «ناجي» بصدمة


_ تقصد ايه ؟


أخذ «هارون» يدور حوله كالفهد و هو يقول بلوعة و لهجة جافة 


_ اقصد انك قدمت لولاد الوزان كل حاجه حلوة بعمايلك فيهم . من اول موضوع حازم اللي بسببه سليم حب جنة و اتجوزها ، و سالم حب فرح و اتجوزها. كنت مفكر انهم هيطردوا ماما و أخواتي بعد اللي شيرين عملته و ميبقاش ليهم غيرك بس اللي حصل العكس . خدوهم في حضنهم . دول حتى اتجوزوا منهم . 


2


كان الأمر يُمزقه فلن يكُن يراه بهذا المنظار ولكنه تجاهل ضجيج غليله و قال بجفاء


_ ولا يفرق معايا . بكرة احسرهم على بعض . 


«هارون » بسخرية ولا زال يدور حوله حتى كاد أن يُجن


_ مش هتقدر . الناس دي ممكن ترمي نفسها في النار عشان بعض . حتى حازم اللي استخدمته عشان تدبحهم بيه . هو اللي فدا جنة بروحه. على الرغم من كل اللي حصل ، و خد دي كمان . اخواته سامحوه ، و احتمال كبير كمان يرجع يعيش وسطهم تاني .


4


ثارت ثائرته و هتف باستنكار فقد كان «هارون» ناجحاً في لعبة الأعصاب تلك إلى حد كبير 


_ استحالة. ازاي بعد ما عمل فيهم كل دا ! 


«هارون» بقسوة


_ ماهم بني آدمين طبيعيين مش زيك . اتعلموا يحبوا بعض مهما حصل . بس انت عمرك ما اتعلمت تحب حد ، وعشان كده عمرك ما اتحبيت من أي حد . 


9


أنهى «هارون» كلمته قبل أن تمتد يديه لتقبض على ملابسه من الخلف ليجذبه بقوة و يُجلسه على أحد المقاعد و يقترب بشفتيه من أذنه قائلًا بهسيس مُرعِب يسكُب الرصاص بين حروف كلماته 


_ دا حتى أنا كمان نابني من الحب جانب.  فاكر البنت الغلبانه اللي دخلتها في انتقامك و خليت حازم يضيع مستقبلها ؟ اهو انا بقى محدش سرق قلبي غيرها . 


8


شهقة قوية خرجت من جوف ذلك الذي صرعته القنبلة الأخيرة ليُتابِع «هارون» بقسوة


_ بعدتني عنك عشان ميبقاش ليك نقطة ضعف ، و قعدت عمرك كله تحارب في الناس و تسرق باليمين و الشمال عشان وريثك اللي هييجي يشيل اسمك و ياخد كل حاجه ، و في النهاية يقع في حب واحدة من ضحاياك.  


صمت لثوان قبل أن يُتابِع بهسيس ساخر


_ و مش بس كدا . انا نسيت اقولك . انا هطلق لبنى من حازم و اتجوزها . عشان بحبها . شكرًا يا والدي العزيز .


10


_ لاااااا.


3


صرخة قوية شقت جوف «ناجي» الذي لم يحتمِل أن تكُن تلك الفتاة من نصيب ولده الذي كان يريد أن يجعله امتداد له . أراد محو كل ما هو يحمل لقب تلك العائلة ليجعله ملكًا عليهم . أراد سلبهم كل شيء ليجعله من نصيبه . كان يود أن يُعطيه كُل ما حُرِم منه ، ولكن الآن هُدِم كُل شيء . و خسِر كل شيء فلم يعُد يتحمل جسده ما يحمله قلبه من شرور و كراهيه ليسقط أرضًا بعد أن شُل كامل جسده


10


و كان ذلك تزامنًا مع دلوف الجميع إلى الغرفة فوجد نفسه وجهًا لوجه مع اولئك الذين لم يكره بحياته سواهم .  ترتسم على وجوههم نظرة شامته لما آل إليه حاله ولكن ما فعله بهم كان مُريعًا للحد الذي جعل «سالم» يوجع سلاحه نحو رأسه فانتفض «هارون» الذي رغمًا عنه و عن كل ما حدث يتألم لأجل ذلك الرجُل المُلقى أسفل قدميه ليصبح بغضب


_ لا يا سالم .اتفقنا مفيش دم . 


1


لم يستطِع مع عبراته الغزيرة وهو يخفض رأسه قائلًا بأسى


_ هو خلاص مبقاش بيشكل أي خطر ليكوا. 


لم يكد يُنهي جُملته حتى تفاجيء بصوت رصاصة جاءت من خلفه ليلتفت مذعورًا فإذا به يتسمر بمكانه حين وجد رأس أبيه تنفجر منه الدماء ..




يتبع …


تكملة الرواية من هنااااااا

لمتابعة  باقى الروايه  زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني2 من هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الثالث 3من هنااااااااااا

مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا






تعليقات

التنقل السريع