رواية أنشودة الأقدار الجزء3 من رواية( فى قبضة الأقدار )الفصل التاسع والثلاثون 39بقلم نورهان العشري
رواية أنشودة الأقدار الجزء3 من رواية( فى قبضة الأقدار )الفصل التاسع والثلاثون 39بقلم نورهان العشري
الأنشودة التاسعة و الثلاثون 🎼💗
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل التاسع والثلاثون 🎼 💗 (ما قبل الأخير )
الكارثي في الأمر أنه لم يكُن مُجرد غياب!
بل كان كـ نزع الروح من الجسد الذي كُممت أصوات استغاثاته فلا يملِك رفاهية الصُراخ ، و الأقسى من ذلك أن تُلزمه الحياة بأن يحيا!
كـ أن تُلقي بأحدهم بين أمواج بحر هائِج و تأمره بأن يبقى على قيد الحياة في حين أنه لا يُجيد السباحة! بربك أليس الأمر مُجحفًا ؟
كان هذا حال قلبي الذي لم يكُن يُجيد الحياة من دونك ، فلم يكتفي بترديد ذلك الاستفهام المؤلم على مسامعي مُنذ أن غادرتني إلى الآن ، و كـ ما هي عادتي لازالت أتوارى خلف جدار من الكبرياء الواهي أحاول إقناعه بأن الأمر ليس خطيئتي إلى أن ذقت لوعة ما اقترفته يداي حين اصطدمت بصخرة فُراقك الذي كان أبديًا هذه المرة .
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
تمر الأيام مُثقله بحنين وأوجاع تمنى أصحابها التخلص منها سالكين جميع الطرق والدروب في رحلة طويلة تبدأ بالتناسي و تنتهي بالنسيان الذي هو عبارة عن رحمة من الله تتنزل فوق القلوب التي أضنتها فواجعها و أهلكتها مصائب الزمن لـ تبدأ الجروح في الالتئام رويدًا رويدًا ثم يبدأ ذلك الضباب في التلاشي فتصفو سماء الحياة من جديد
6
مرت ثلاثون ليلة على تلك الليلة التي سطرت نهاية عهد قديم في رحلتهم و خطت بداية جديدة للجميع دون إستثناء
_ بتقول ايه يا سالم ؟ مع . معقول حازم جاي هنا ؟
هكذا هتفت« أمينة» بقلب تنتفض دقاته حد الألم و شفاه ترتجف حروفها حد التلعثُم ، و أعين تهتز جفونها من فرط البُكاء ليقترب «سالم» يحتضنها بحنو تجلى في نبرته الخشنة حين قال
3
_ سالم عمره كذب عليكِ يا أم سالم ؟
1
انتفض جسدها من فرط التأثُر و البكاء الذي جعل كلماتها تخرُج متقطعة حين قالت
_ أبدًا . بس . بس . قلبي مش مصدق من فرحته. كان نفسي اشوفه قبل ما أموت . انا اللي ظلمته يا سالم . انا السبب في كل اللي حصله و حصلكوا.
11
هدهدها كطفل صغير يحاول احتضان ألمها و تهدئة آهاتها المذبوحة ندمًا وذنبًا ليقوم باحتواء وجهها الذي تشكلت به بعض التجاعيد التي لونها الألم لذا أجابها بصرامة لم تخلو من الحنان
_ متقوليش كدا تاني . محدش بيعلم الغيب ، و كل اللي حصل دا مقدر و مكتوب للكل . بطلي تلومي نفسك . انا مقدرش اشوفك في الحالة دي .
8
أوشكت على الحديث فعاتبها قائلًا
_ عايزة تزعليني يعني ! طب و غلاوتي عندك تبطلي تلومي نفسك . لما تتعبي دلوقتي نعمل ايه احنا ؟ دا احنا عايشين في الدنيا دي بحسك يا أم سالم .
9
تستمر القصة أدناه

امتدت كفوفها تحتضن وجهه وهي تقول بفخر يمتزج بحب كبير تجلى في نبرتها حين قالت
_ والله يا سالم انت اغلى حاجه عندي . حنيتك دي لو اتوزعت على الدنيا دي كلها تكفي وتفيض . ربنا ما يحرمني منك و يراضيك ويرضى عنك يا ابني .
16
لثم كفوفها بحنو قبل أن يقوم باحتضانها وداخله يتمنى من الله أن يمر كل شيء على ما يُرام .
كان لـ قدومه وقع خاص على الجميع و شعور مُتباين بينهم وحدها كانت خائفة ، بل مُرتعِبة فالجميع كُلًا يملِك درعه الخاص الذي يُمكنه في الصمود أمام هجمات الحياة و تقلباتها حتى «جنة» الوحيدة التي تذوقت ويلتها و عاشت نفس تجربتها المريرة تملِك رجُلًا يُمكنه هدم العالم بأكمله لأجلها أما هي لم تكُن تملِك شيئًا ، و عائلتها ألقت بها أمام عتبة غرباء دون النظر إلى مصيرها أو الشفقة على حالتها ، و إن كان الحظ في صفها و وضعها بين أُناس تعج قلوبهم بالرحمة ليُصبحِوا بمثابة عائلة ثانية لها ولكن هل سيبقون هكذا بعد عودة هذا الشيطان ؟
13
ينخلِع قلبها من شدة الفزع حين تتخيل أن تراه أمامها مرة أخرى . تتمنى الموت في هذه اللحظة خشية أن تتجدد آلامها من جديد بلقائه .
3
ذلك الهاجس يُثير زوبعة من المشاعر داخل قلبها و يولد بداخلها رغبة مُلِحة بالهرب و لكن أين يهرُب الإنسان و هو منبوذ من أقرب الأماكن إلى قلبه ؟
لا أهل و لا عائلة ولا هوية . فقدت كل شيء دفعة واحدة و الآن عليها المواجهة ! كمحارب يقف بمنتصف المعركة أعزل في مواجهة اقوى خصومه و أشرسها .
1
أي ظُلم هذا الذي تقترفه هذه الحياة في حق تلك البريئة ؟
5
و هل من سبيل للنجاة من بطشها و الظفر بروحها المُهلهلة ؟ لتستطِع لملمة خيوطها و الظفر بحياة تُشبة الحياة !
_ كنتِ بتحبيه ؟
6
شهقة خافته شقت جوفها حين استمعت لذلك الإستفهام المُريع الذي انتشلها من بحر حزنها الأعظم لتنتفض في جلستها و تهب واقفة لتجد نفسها في مواجهة ذلك الكاسر الذي يُشبه النمِر بعينيه التي تُحيطها بنظرات تبُث الذُعر بقلبها إضافة إلى ضخامته و ملامحه الوسيمة التي تشوهها تلك التجعيدة المُرتسِمة في جبهته
_ ردي عليه . أظُن سؤالي مش صعب للدرجة دي !
ضاق ذرعًا من سكوتها ، فذلك الاستفهام يؤرق لياليه منذ من بدأت صورتها باحتلال قلبه كامُحتل غاشم استوطن أرضًا ، و لن يترُكها سوى بإراقة الدماء
القلق من أجابتها ينخر في قلبه بلا رحمة ، و صمتها لا يُساعده أطلاقًا لذا احتدت ملامحه أكثر لـ تفقد قدرتها على النُطق وتلجأ للهرب ولكن ما أن التفتت حتى قبضت على معصمها أصابعه كـ المقصلة لـ يقوم بإدارتها إليه بعُنف يُشبه نبرته حين قال
تستمر القصة أدناه

_ بتهربي ليه ؟ السؤال صعب ولا مش عارفه تنطقيها ؟
صمت لثوان قبل أن يُضيف بلهجة تئن ألمًا
_ مش طالب منك غير إجابه ب أه او لا .
كان الكلام يتدفق من بين شفاهه وكأنه يحاول إقناعها بالحديث حتى ولو كان مُرًا فالصمت حنظلًا
1
_ س. سيبني.
هذا كل ما استطاعت أن تتفوه به ليتنبه ليديه التي تقبض على معصمها الرقيق بقوة حتى كاد أن يتحطم من وطأة قسوته فتركها بلهفة و عينيه تُطلقان مئات الأعذار دون أن يتلفظ بحرفًا واحدًا منهمَ
_ مقصدش أخوفك أو أاذيكِ . عايز بس إجابة لسؤالي !
7
حاولت تجاهل دقاتها الهادرة فقد كانت عينيه تُربكانها كثيرًا كما كان تلك العينين تفعل بهمَ نعم كانت تعشق ذلك الحازم بينها و بين نفسها فقد كان بطل أحلامها التي أوقد بها نيران الغدر لـ تحترق ، و ينطفيء عالمها الوردي إلى الأبد
_ سؤال ميخصكش و الإجابة مش هتفيدك بحاجة يبقى مالوش لازمه تعرفها .
هتف بجفاء
_ انا ادرى باللي يخصني .
ـ ايوا حبيته .
7
اخترقت كلماتها صدره كـ رصاصة طائشة أصابت أكثر وترًا حساسًا بداخله لتخرج كلماته جافة بنبرة مُتحشرِجة
2
_ ناوية تكملي معاه ؟
_ لا طبعًا.
هكذا صرخت بقوة و كأن استفهامه تُهمة مُشينة أرادت محوها تمامًا فـ باغتتها كلماته حين قال
_ يبقى تطلبي من سالم يطلقك منه .
2
هتفت بصدمة
_ ايه ؟
أجابها بحدة
_ اتصدمتي ليه ؟ قوليله طلقني منه . مش عايزة أشيل اسمه ، وفرصة أنه جاي النهاردة . يعني سهل كل حاجه تخلص .
ابتسامة ساخرة لونت ملامحها ، فياليت الأمر بهذه السهولة ، فلو طلبت الطلاق أين المأوى ؟ فحتمًا لن يُرحِب بها والداها ، و لم يتقبل وجودها أحد هُنا .
2
هطلت دمعة غادرة من بين جفونها لتستقر فوق صدره كـ جمرة مُشتعِلة بنيران الغيرة الهوجاء التي سُرعان ما تفضها بعيدًا ليُقنِع نفسه بأنه يفعل ذلك تكفيرًا لذنب أباه الراحل
_ سكتي ليه ؟ لو خايفة انا في ضهرك .
_ ليه ؟
هكذا استفهمت بريبة نجحت في أن تُنحي جميع شعورها جانبًا لمعرفة سبب اهتمامه الكبير بها فـ باغتتها إجابته حين قال
_ لو عايزاني أتدخل و اتكلم مع سالم معنديش مشكله المهم تخلصي.
أعادت استفهامها بقوة
تستمر القصة أدناه

_ ليه ؟
للمرة الثانية يتجاهل استفهامها قائلًا بجفاء
_ لازم تتحرري منه النهاردة قبل بكرة ؟
صاحت بعناد غاضبة
_ لييه ؟
انبثقت الكلمات من فمه غاضبة مُشتعِله عاشقة
_ عشان واقف بيني و بينك .
19
صاعقة برق قوية ضربت قلبها الذي تعثرت نبضاته أمام كلماته فـ لم تستطِع الصمود امام نظراته التي تبددت لأخرى غامضة فـ أخذتها أقدامها لتهرول إلى الداخل وكأن شياطين العالم السُفلي تُلاحقها .
كان كل ذلك يحدُث أمام زوج من العيون المـشفِقة على كل يحدُث مع كليهمَ و لذلك قررت المُساعدة .
11
اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يعقب الحسرة، ويورث الندامة ويحبس الرزق ويرد الدعاء، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت منه ثم عدت إليه، واستغفرك من النعم التي أنعمت بها علي فاستعنت بها على معاصيك، واستغفرك من الذنوب التي لا يطلع عليها.. أحد سواك ولا ينجيني منها أحد غيرك، ولا يسعها إلا حلمك وكرمك ولا ينجيني منها إلا عفوك.♥️
40
★★★★★★★★★★
كان يُصفِف خصلات شعره أمام المرآة يطلق صفير رائع يدُل على أنه في أسعد حالاته لتقترب منه تحمِل جاكت بذلته لتُساعده في ارتدائه و هي تناظر سعادته بقلب مُبتهِج فقد اشتاقت لرؤيه صفاء عينيه و بريقها اللامع فارتسمت ابتسامة رائعة على ثغرها التوتي ليلتفت ناظرًا إليها و نجوم العشق تلتمع بسماء عينيه ليمتد الصمت بينهم لثوان تولت الأعين الحديث قبل أن يقول بنبرة خشنة
5
_ تعرفي أن ضحكتك دي تاني احلى حاجه في الدنيا ؟
6
ارتفع إحدى حاجبيها وهي تقول باستفهام
_ و ايه أول حاجه ؟
أجابها هامسًا بخشونة
ـ حضنك .
10
تلون خديها بدماء الخجل لتُخفض رأسها فامتدت ذراعيه تُحيطان بخصرها يُقربها منه ليروي عينيه من حُسنها فحاوطت عنقه بيديها لتقول بهمس
1
_ احلى حاجه في الدنيا انك موجود فيها . ربنا ما يحرمني منك أبدًا
2
عبأ صدره من عبير أنفاسها العطرة قبل أن يقول بنبرة عاشقة
_ ولا يحرمني منك يا ست الحسن و الجمال .
4
«فرح» بـ حبور
_ أول مرة اشوفك مرتاح كدا من زمان . معقول عشان خلصت من ناجي ولا عشان حازم جاي البيت !
8
امتدت يديه لتُسكِن رأسها فوق صدره يُقبلها قبل يقول بارتياح
_ عشان حاجات كتير أولهم ان حازم جاي و آخرهم اني أخيرًا مطمن على كل اللي حواليا .
2
همست باستفهام
_ حاسة انك تقصد عمتك وبناتها ؟
_ دول اكتر ناس كنت قلقان عليهم . بس عشان عمتي اتظلمت كتير ربنا عوضها بهارون .
2
رفعت رأسها تناظره قبل أن تقول باستفهام
_ قد كدا هو كويس ؟
«سالم» بخشونة
_ من اول ما عرفته كان عندي احساس أنه مش وحش أو على الأقل مش شبه أبوه بس الحقيقة موقفه الأخير اكد لي احساسي دا
2
عودة لما قبل شهر من الآن
اظلم العالم من أمامه و لم يعُد يحتمل تلك الجمرة المدفونة بين طيات قلبه لذلك حسم قراره و توجه إلى غرفة المكتب ليجد الجميع مُحتشِد ، الأعصاب مشدودة ، والبحث مُستمِر عن «جنة» بكل السُبُل المُمكنة
_ انا عرفت جنة فين .
تجمد الجميع للحظات ليهُب «سليم» من مكانه متوجه إلى «هارون» يصيح بلهفة
_ بتقول ايه ؟
«هارون» بثبات
_ بقول عرفت جنة فين ؟
صاح «طارق» بجفاء
ـ ما تنطق يا عم فين ؟
«هارون» بجفاء يُنافي لوعته الداخليه
_ ناجي الوزان ممتش .
زمجر «سالم» بشراسة
_ كنت حاسس .
2
هتف «سليم» بحنق
_ قولتلك قولتلي جنيدي بعتلي الفيديو بتاع اليخت وهو. بيتحرق .
تجاهل« صفوت» كل شيء و اقترب من «هارون» فقد لاحظ حالته ليقول بهدوء
_ هارون . أنا عارف اللي جواك و حاسس بيك . بس انت راجل مؤمن ، و دا ابتلائنا .
1
اومأ برأسه ولايزال يقف بشموخ قائلًا بجفاء
_ الفيلا اللي خدني عليها أول ما عرفت أنه ابويا . على طريق (..) هو موجود هناك .
هتف «ياسين» باستفهام
_ و عرفت منين ؟
2
تجاهل نظرات الشك التي تقطر من نظراته وقال بجفاء
_ هو اتصل عليا ، و عايزني اروحله.
1
«عمار» بغضب
_ و الكلب دا عايزك تروحله ليه ؟
2
«ياسين» باستفهام
_سيبك من عايزه يروحله ليه ؟ اللي اهم من كدا هو انه جاي يقولنا عادي كدا !
3
شعر« سالم» بما يحمله هذا الشاب من قهر لذلك قال بصرامة اخرست الجميع
_ ولا كلمة . تعالي يا هارون .
1
تقدم «هارون» منه ليقف «سالم» بجانبه موجهًا حديثه الصارم للجميع
_ كلنا هنا في مركب واحدة ، و هارون واحد مننا ، و مش هسمح بأي تلميح لشيء مش كويس وقتها هعتبره غلط فيا انا شخصيًا.
3
تستمر القصة أدناه

صمت الجميع ليبدأ« هارون» في سرد ما حدث بينه وبين «ناجي» ليهتف« سليم» غاضبًا
_ و اشمعنى جنة اللي يفكر يخطفها ؟
«هارون» باختصار
_ معرفش.
تدخل «سالم» مُفكرًا
_ ناجي مش غبي ، و اتقرص قبل كدا لما وثق في شيرين اعتقد أنه عمره ما هيسلم لهارون ، و في في دماغه حاجه .
«صفوت» بتأكيد
_ عندك حق . بس هارون لازم يجاريه ، و يروحله .
«مروان» باندفاع
ـ و احنا هنسيبه يروح لوحده ؟
«ياسين» بجدية
_ اكيد لا طبعًا . جنة لوحدها هناك لازم نلحقها دا مجنون محدش عارف ممكن يعمل فيها ايه ؟
3
كلمات «ياسين» كانت كوقود إضافي فوق نيران قلبه فهتف بغضب حارق
_ انا مش هستنى خططكوا انا هروح اجيب مراتي ولو هولع في أي حد يقف في طريقي .
5
أنهى كلماته واندفع إلى الخارج و ما كاد أن يصل إلى الباب حتى وجد «طارق» يقف أمامه كسد منيع تزامنًا مع كلمات «سالم» الصارمة
_ مراتك هتيجي بالعقل مش بالتهور يا سليم . اللي انت بتعمله و اللي ناوي عليه ممكن تأذيها .
4
تدخل «صفوت» مؤيدًا
_ سالم عنده حق يا سليم. اصبر نفكر بعقل . ناجي مجنون ولو حس بالغدر وارد جدًا يأذيها .
كانت كلماتهم كشاحنة ضخمة تمر فوق قلبه لتُمزِقه من الداخل فصاح بصوت هز أرجاء المكان
_ مش قادر اصبر . مراتي لوحدها بين ايدين واحد مختل مبيكرهش في حياته قدنا ، و بتقولولي اصبر . طب اجيبه منين الصبر دا ؟ وانا قلبي بيتحرق في اللحظة ميت مرة من الخوف عليها.
8
أشفق الجميع عليه ليقول «هارون» بنبرة جافة من فرط الألم و الشفقة على حال الجميع
_ اطمن . انا واثق أنه مش هيأذيها . هي مجرد طُعم ليكوا . أو وسيلة ضغط عليا .
4
هتف «طارق» حانقًا
_ في الحالتين لازم نستعد و نعمل حساب كل حاجه .
«سالم» بفظاظة
_ عشان كدا انا موافق على كلام صفوت . هارون لازم يروح و ينقلنا كل حاجه بتحصل هناك . اكيد هو واخد جميع احتياطاته .
«سليم» بغضب
_ و احنا لازم نكون وراه . انا مش هقعد هنا استناه لما ينقلنا الاخبار . مش هقدر استحمل .
«سالم» بحسم
ـ دا اللي هيحصل من غير ما تقول .
تدخل «مروان» مُستفهمًا
تستمر القصة أدناه

_ طب و الناس اللي هنا هنسيبهم لوحدهم ؟
«سالم» بنفي
_ لا طبعًا.
تدخل «صفوت» قائلًا
ـ مينفعش يستنوا هنا هما كمان !
«عمار» باستفهام
_ تجصد اي؟
اجابه «صفوت» قائلًا
_ لدواعي أمنية لازم نخرجهم من المزرعة بطريقة سرية و آمنة .
تدخل «عبد الحميد» الصامت منذ بداية الحوار
_ يبقى ييچوا المزرعة عِندِنا . جريبة و متأمنة زين ، و محدش هيتوقع أنهم هنَاك ، دا لو شك من الأساس أنهم خرچوا ، و انت ياسيادة اللوا بتقول أنهم هيخرجوا بطريجة سرية ؟
2
أيده «صفوت» قائلًا
_ اقتراح معقول ، و خصوصًا أنها قريبة مش بعيدة ، و دا هيسهل علينا الموضوع
هتف «ياسين» باندفاع
_ ايوا فعلًا المزرعة عندنا أأمن مكان ليهم .
4
تحدث« سالم» بنبرة جافة يشوبها السخرية
_ والله اللي مكتوبله حاجه بيشوفها حتى لو كان فين ، و عمومًا انا موافق على اقتراحك يا حاج عبد الحميد . خلينا نطمن عليهم عشان نشوف هنعمل ايه بعد كدا .
1
تساءل «مروان» باستفهام
_ طب هو هينقلنا كل اللي بيحصل هناك ازاي ؟
تولى «صفوت» الإجابة قائلًا
_ عن طريق سماعه صغيرة جدا هيلبسها هارون في ودنه هيقدر يسمعنا من خلالها ، و السماعه دي معاها مايك بردو نفس حجمها هنحطه في هدومه عشان نقدر احنا نسمع كل اللي بيتقال .
4
«هارون» باستفهام
ـ طب السماعة دي متأكد انها مش هتبان ؟
تمتم «مروان» بسخرية
_ هتبان ازاي في ودانك اللي قد الستالايت دي ؟
26
طمانه «صفوت» قائلًا
_ متأكد طبعًا . متقلقش .
عودة للوقت الحالي
هتفت «فرح» باندهاش
_ دا انتوا ولا اكنكوا كنتوا في فيلم امريكي .
2
أيدها «سالم» ساخرًا
_ عندك حق . بس صدقيني لولا تساهيل ربنا مكنتش حاجه تمت .
4
هتفت بلهفه
_ الحمد لله. ربنا كبير. انا مبنساش اليوم دا طول حياتي . حسيت أن روحي بتروح مني من كتر القلق و الرُعب و جنة مع الراجل دا .
1
«سالم» بخشونة
_ الحمد لله عدت .
استفهمت «فرح» بخفوت
تستمر القصة أدناه

_ سالم انت قولتلي أنه اتشل من كلام هارون ليه . بس مش غريبة ان الكلام اللي قالهوله هارون دا يأثر عليه بالشكل دا !
2
جعد ما بين حاجبيه قبل أن يقول بتفكير
_ كلام هارون كان صعب خصوصًا انه عرفه أن كل خططه كانت في النهاية في صالحنا بس اعتقد اننا مسمعناش كل حاجه. بردو هارون بالرغم أن معدنه كويس إلا أنه غامض و مش مفهوم. انا واثق أنه مخلي حاجه
5
برقت عينيها بنظرة ذات مغزى و ظهر التوتر جليًا على ملامحها ، وقد لاحظ ذلك ولكن قبل أن يبدأ بالاستفهام جذبته إلى منطقة أخرى أقل خطرًا حيث قالت مُستفهمة
_ طب معرفتش بردو مين اللي ضرب نار على ناجي ؟
5
ابتسامة خافتة لونت ملامحه قبل أن يعود بذاكرته اار ذلك اليوم
عودة إلى وقتًا سابق
_ جايك بنفسي عشان اخد حلا بتي يا سالم.
1
هكذا تحدث «عبد الحميد» وهو يجلس مع «سالم» بعد مقتل «ناجي» بأسبوع فرحب «سالم» به بحبور
_ نورتنا يا حاجه عبد الحميد . اتفضل . تشرب ايه ؟
«عبد الحميد» بنبرة ذات مغزى
_ لا هشرب ولا هاكل . اني چاي اخد حلا ، و انتوا اللي هتاچوا تتغدوا عِندينا . دي الأصول بعد كتب كتاب عمار و نچمة . اني مردتش اعمل اي حاچة الا لما حلا ترچع تنور بيتها من تاني اني راچل بعرِف في الأصول .
2
قال جملته الأخير بنبرة ذات مغزى فأجابه «سالم» بجمود
_ على عيني وعلى راسي عزومتك يا حاج عبد الحميد بس حلا اختي مش هتدخل بيتكوا لا زايره ولا متزاره ؟
5
غضب «عبد الحميد» من حديثه فقال باعتراض
_ ليه الحديت الماسِخ ده يا سالم ؟
«سالم» بجفاء
_ عشان حفيدك مسابليش اي فرصة للاختيار يا حاج عبد الحميد ، و هو اللي حكم على نفسه بكدا .
«عبد الحميد» بحدة
_ تجصد ايه ؟ اوعاك تكون بتتكلم في طلاج يا سالم ؟ لله اني كدا هغير نظرتي فيك ؟
«سالم» بفظاظة
_ نظرتك فيا تخصك لوحدك ،و الأصول اللي كنت بتتكلم فيها من شويه دي من باب أولى كنت تعرفها لحفيدك لأنه لو كان عمل بيها مكناش وصلنا للنقطة دي !
9
تعاظم غصب «عبد الحميد» من طيش حفيده و أفعاله النكراء فحاول الضغط على« سالم» بطريقة كانت أكثر من خاطئة
_ معاك ان حفيدي غلط بس انت راجل عجلك يوزن بلد ، و أكيد مش هتسيب غلطة زي دي تخسرنا بعض . احنا في بينا نسب تاني . اوعاك تنسى !
3
«سالم» بتعقُل
_ لا مش ناسي ، و بعيد عن أي حاجه انتوا نسايبي و أهل الغالية .
6
احتدت لهجته و اصبحت خطرة حين أردف
_ لكن اختي خط أحمر ، و عمري ما هتهاون في حقها أبدًا .
3
زفر «عبد الحميد» حانقًا فتابع« سالم» بتقريع
_ بناتكوا هنا بيتعاملوا أحسن معاملة . متشالين فوق الراس محدش بيدوس لهم على طرف . سليم لما زعل جنة أنا وقفتله . لكن حفيدك لما جه على اختي محدش وقفله ، وانا اديته فرصة وهو من غبائه ضيعها .
4
«عبد الحميد» باستفهام
_ فرصة ايه ؟
_ لما روحت اخد حلا . مردتش اخد اختي من بيته غير لما تستأذن منه ، و اتجاهلت شكل اختي اللي كان واضح اوي هي حزينة قد ايه ؟ و البيه عمل ايه ؟ قفل تليفونه و مردش عليها . كدا هو قطع على نفسه كل الطرق للصُلح .
6
كان يلعن «ياسين» بداخله ولكنه لم يُفصِح عن ذلك فقد أوقعه هذا الثعلب في فخ مُحكم لا مخرج منه إلا بأعجوبة لذا تحدث بجفاء
_ لكن ياسين وجت الچد وجف معاكوا. كلياتنا وجفنا جاركوا
_ عارف ، و بغض النظر عن أن جنة بنتكوا انتوا كمان لكن دا دين في رقبتي ليكوا اختي مش هـ تسدده . انا اللي مُلزم بيه . كفاية اوي ظروف جوازها اللي انا لحد دلوقتي مش راضي عنها .
10
«عبد الحميد» بنفاذ صبر
_ طب و الحل ايه دلوق ؟
«سالم» بجفاء
_ مفيش اي كلام قبل ماحلا تقوم بالسلامة . صحتها هي و اللي في بطنها أهم من أي حاجة في الدنيا ،و بعد ما اطمن عليها اللي هي عيزاه هعمله .
3
«عبد الحميد» باستفهام ماكر
_ حتى لو جالت أنها رايده ياسين !
«سالم» بجفاء
_ حتى لو قالت عايزة نجمة من السما . أهم حاجه عندي راحتها ، و انها تكون مبسوطة . انا مش ظالم يا حاج عبد الحميد.
5
اومأ «عبد الحميد» باستحسان ليقينه من أنها تعشق حفيده لذا قال بارتياح
_ واني واثج من أكده ، و عارف انك عادل و تعرِف ربنا ، عشان كدا كنت رايد أشيل عن كتفك الحمل !
1
أضرمت جملته نيران الفضول بقلب «سالم» الذي قال باستفهام
_ تقصد ايه ؟
لم يكد يُنهي جملته حتى طرأ على باله هاجس فهتف مُستفهمًا
_ انت اللي قتلته !
5
«عبد الحميد» بتأكيد
_ ايوا . كنت عارف انك مش هتجدر تعملها ، ولا حد منِكوا هيجدر يجتله ، لو كنت هتجدر كنت عِملتها من زمان ، لكن اني راچل صعيدي و دا تاري و التار حدانا ميخلوصش غير بالدم ، و ادينا خدته و ريحت العالم منه
12
تستمر القصة أدناه

عودة للوقت الحالي
طال صمته فقالت باستفهام
_ سالم . سرحت في ايه ؟
خبأ هذا السر بصدره لذا تجاهل استفهامها الاول و جذبها معه في عالمه الوردي حين قال
_ فيكِ . بقى كل الجمال دا قدامي و عايزاني مسرحش فيه ؟
4
نثر الخجل وروده فوق ساحه وجهها الصبوح لتهتف بنبرة خافتة
_ مش ملاحظ انك بقيت تعرف تثبتني !
6
طافت عينيه على ملامحها بعشق كبير قبل تقسو أنامله على خصرها الرقيق و عينيه تخترقان اعماق قلبها بغمزة عابثة تُشبه كلماته حين قال بهسيس خشن
_ و أنتِ مش ملامحظة انك عماله تحلوي اكتر و اكتر .
2
ابتهجت لغزله الذي يُعزز من غرورها الأنثوي كثيرًا و يضاعف ثقتها بنفسها لذا هتفت بنبرة عاشقة
_ عيونك عشان حلوين بس شايفني حلوة.
3
عض على شفتيه قبل أن يقول بنبرة خشنة
_ طب بقولك ايه . الواد سليم عايز أخ ما تيجي….
2
_ لااااااا.
9
هكذا قاطعته صارخة بقوة ليُحاول قمع ضحكاته بصعوبة حين صاحت بحنق
_ انا لسه ما صدقت ان البيه بدأ نومه ينتظم . دانا كان فاضلي تكة و اتحول زومبي من كتر السهر . انسى الموضوع دا عشر سنين قدام .
8
يروق له غضبها و خجلها و انفعالها و كل شيء منها لذا قال باختصار
_ هنشوف .
التفت يستكمل ارتداء ملابسه في حين بدأت بالتخبُط مُجددًا قبل أن تُباغته باستفهام شائك
_ بقولك ايه ؟ هو انت مفكرتش في مصير لُبنى و حازم ؟
التفت يُناظرها بترقُب و عينين التقمت تخبطها ببراعة ليقول بجفاء
_ ازاي ؟
نظفت حلقها وحاولت أن تجعل نبرتها ثابته حين قالت
_ يعني انت وعدت لُبنى أن الوضع مش هيطول ، فـ عشان كدا بسألك ناوي تطلقهم أمتى ؟
كلماتها أشعلت هياجًا عظيمًا بداخله و بددت صفاء عينيه بغيوم غاضبة و ربما حزينة ليقول بجفاء
1
_ هي اتكلمت معاكِ ؟
«فرح» بخفوت
ـ لا . بس…
قاطعها بقسوة
_ يبقى متدخليش في اللي ملكيش فيه . انا نازل .
8
أوقفته حانقة
_ سالم .
حانت منه التفاته بسيطة حين تابع
_ السواق هييجي دلوقتي علشان ياخدك أنتِ و البنات ولو حابين تروحوا المزرعة عند جدك معنديش مانع .
تستمر القصة أدناه

أنهى جملته و خرج صافقًا الباب خلفه ولكن لم يفتها تلك النظرة المُشجبة التي ملأت عينيه و كأنه أحدهم نثر رماد الحزن في سماءه لتنطفيء نجومه اللامعة و ينمحي بريقها فشعرت بالأسى لأجله و هتفت بقلق
_ استرها من عندك يارب و عديها على خير.
2
اللَّهُمَّ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ فَأَعِنِّي، وَوَفِّقْنِي، وَاجْبِرْ خَاطِرِي، جبراً أَنْتَ وَلِيْهُ. يَا رَبِّ، أَدْعُوكَ بِعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ، أَنْ لَا تَصْعَبَ لِي حَاجَةً، وَلَا تُعْظُمْ عَلَيَّ أَمْرًا، وَلَا تَحِنِ لِي قَامَةً، وَلَا تَفْضَحْ لِي سِراً، وَلَا تَكْسِرْ لِي ظُهْراً، اللَّهُمَّ اجْعَلْ دَعَوَاتِنَا لَا تَرِدْ، وَهَبْ لَنَا رِزْقًا لَا يُعَدُّ، وَافْتَحْ لَنَا بَابًا لِلْجَنَّةِ لَا يَسُدُّ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ تُدَبَّرَ فَرْحَتُهُمْ فِي السَّمَاءِ الْآنَ وَأَمَانِيهِمْ أَوْ شَكْتُ أَنْ تَكُونَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نَصِيبًا فِي سَعَةِ الْأَرْزَاقِ وَتِيْسِيرِ الْأَحْوَالِ وَقَضَاءِ الْحَاجَاتِ، اللَّهُمَّ أَخْرِجْنِي مِنْ حَوْلِي إِلَى حَوْلِكَ وَمِنْ تَدْبِيرِي إِلَى تَدْبِيرِكَ وَمِنْ ضَعْفِي♥️
24
★★★★★★★★★
تقف أمام مرآتها تنظر إلى انعكاسها فبدت إمرأة رائعة مُفعمة بالحياة تلون السعادة بحرها الأسود لـ يلمع بقوة و يتوهج خديها بورود العشق الذي لم ينفك يبُثها إياه كل ليلة فتولد بين يديه من جديد . لقد كان رائعًا بكُل شيء وجوده يُشبه الجنة لناسِك حُرِمت عليه جميع ملذات الحياة فكان خير عوض ، و خير مكافأة لمن توالت عليه صفعات الحياة دون رحمة .
ملأت السعادة داخلها وهي تتذكر كلماته العاشقة التي اغدقها بها البارحة
_ انا مبحسش اني عايش غير وأنتِ في حضني . تعرفي لو باقي في عمري دقيقة واحدة هختار اقضيها في حضنك . مش عايز حاجه من الدنيا غيره.
6
أغمضت عينيها بانتشاء ملأ صدرها الذي انشرح برائحته العذبة التي ملأت المكان حولها و شعرت برجفة قوية أصابت عمودها الفقري حين نثر ورود عشقه فوق ساحة كتفها العاري ليرتفع رأسها و تقع نظراتها عليه في المرآه لتشعُر بصدرها يتوسع من فرط العشق بكل مرة تراه تغرق بملامحه الوسيمة و نظراته العابثة و ذلك التجويف بخديه يُغريها بتقبيله . كل ما به رائع يجعلها لا تنفك عن ترديد ذلك الدعاء العظيم
ـ الحمد لله الذي رزقني هذا من غير حول لي ولا قوه.
7
أجل لقد رزقها الله بـ ذلك الرجُل الرائع من غير حول لها ولا قوة ، و خلق من جوف معاناتها و مأساتها ذلك العشق الكبير الذي يُلون أيامها و يجعل لحياتها معنى ، فهي لا تنسى خوفه الكبير عليها حين وقعت فريسة بين يدي ذلك المُختل فأخذت تتذكر ومضات من ذلك اليوم
3
تستمر القصة أدناه

عودة لوقتًا سابق
كانت ترتعب بمكانها تحتضن جسدها الضئيل بيديها و داخلها يُناجي ربنا بأن يُنقذها من هذا الهلاك الذي كان يتمحور في انتظار قاتل لمصيرها المجهول بين يدي اولئك القتلة فقد شاهدت مظهرهم المُرعِب و تلك الأسلحة التي تُثير الذُعر في النفوس فأخذت تُناجي ربنا بشفاة ترتجف
_ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
كان هذا الدعاء العظيم قشة النجاة ليونس عليه السلام في بطن الحوت ، و ها هو ربها لم يخذلها و جاء غوثه بأسرع مما توقعت حين شاهدت باب الغُرفة يُخلع و فارسها الرائع يقتحم المكان بحثًا عنها وحين التقمتها عينيه حتى أضيئت ملامحه المذعورة بـ ابتسامه رائعة و هتف بلوعة
4
_ جنة .
انتشلتها نبرة صوته من حالتها لتهرول تجاهه فتتلقفها يداه بقوة ليحملها من على الأر ض و يغرسها بين ضلوعه بلهفة تجلت في نبرته حين قال
_ اااه يا جنتي . مش مصدق انك بين ايدياا.
2
لم تستطِع سوى أن تهمس باسمه بنبرة خافتة
_ سليم .
«سليم» بنبرة موقدة
_ روح سليم اللي ردتله لما خدتك في حضني.
12
أمانها بين يديه كان شعورًا أكثر من رائع أن قضت الباقي من حياتها ؤصفه لن تجد حروف باستطاعتها أن تُعطيه حقه لذا شددت من احتضانه فقط
3
عودة للوقت الحالي
انتشلها من غرقها به صوته العابث حين قال
_ في حد يصحى من النوم منور و جميل كدا ؟
1
أطلقت العنان لحروفها للتعبير عن عشقها الضاري له لذا نحت خجلها جانبًا قبل تقول بسعادة
_ لو نايم في حضنك طول الليل يبقى يصحى كدا و أحلى من كدا كمان .
4
ابتهجت روحه و انتشى قلبه لـ إجابتها لذا هتف يُغازلها
_ والله ما في فـ الدنيا دي احلى من كدا .
1
ابتسمت بسعادة قبل أن تُقرر أن تُزيل شوائب الماضي لتُريح باله و عقله و لتحيا بسعادة معه فقالت بهدوء
_ سليم .
_ عيونه.
أخذت نفسًا قويًا قبل أن تقول بهدوء
_ انا سامحته .
حفنة من الوخزات الموترة سرت في جسده بالكامل لتشعُر هي بارتجافة جسده المُلاصِق له لتلتف بين ذراعيه تواجهه وهي تقول بنبرة هادئة و عينين صافية
_ و عارفه انه جاي النهاردة ، و معنديش مشكلة ، و لو عايز اني اقعد و أقابله معاك ..
قاطعها بحدة
تفاجئت من حدته فتابع بنبرة جافة
_ تسامحيه أو لا دي حاجة ترجعلك . أنا عمري ما هجبرك عليها أو حتى هطلبها منك . لكن اللي هطلبه منك انك متجيش على نفسك عشاني ، و خصوصًا في حاجه زي دي.
4
_ تقصد ايه ؟
أجابها بثبات رغم تخبطه الداخلي
1
_ انا فرحان انك سامحتيه عشانك . عشان تقدري تعيشي مرتاحه . لكن مش مُجبرة انك تتقبليه ، ولا انا هقدر اتقابل تكوني معاه في مكان واحد حتى في وجودي .
6
تفهمت ما يدور بداخله من رفض لوجوده بجانبها و غيرته و تخبطاته لتقوم بلف خصره بذراعيها واضعة رأسها فوق صدره الخافق بعُنف فـ أشفقت عليه من ذلك الشعور لتقول بنفسًا راضيه
_ فهماك يا حبيبي . انا بس عايزاك تعرف أنه من النهاردة مبقاش عدوي . مبقاش يمثلي اي حاجه ، و الحمد لله انا راضيه اوي بكرم ربنا أنه عوضني بيك و بمحمود . دا اكتر ما اتمنيت في حياتي
رفع رأسها يُطالعها بترقُب و دقاته تتراقص على أنغام عزف حروفها الرائعة
_ بجد يا جنة؟
2
أن يشعُر الإنسان بأنه ليس كافيًا لمن يُحِب من أصعب أنواع الشعور الذي يقود المرأ إلى الهلاك الذي انتشلته منه كلماتها العاشقة حين قالت بتأكيد
_ طبعًا . وجودك جنبي و حبك و حنانك دول عندي بالدنيا . وجودك جنبي محى كل الجروح اللي كانت في قلبي ، و رمم الشرخ اللي كان في روحي . انا اتولدت من جديد على ايدك ، و الماضي راح بكل ما فيه.
5
شعورًا عارمًا بالسعادة لم يستطع وصفه ولكن ترجمته إلى حروف ، ولكن لعينيه طريقة أخرى في التعبير حين أفصحت عن بضع قطرات من الدمع ليقول بنبرة مُتحشرجة
1
_ انا بحبك اوي . انا اول مرة في حياتي احس اني طاير من السعادة بالشكل دا .
3
امتدت اناملة تمحي ذرات ضعفه التي تجري فوق خديه وهو يقول بنبرة مبحوحة
_ متتخيليش كان احساسي ايه وأنا حاسس اني مش كفاية بالنسبالك . او اني مش قادر اداوي الجرح اللي جواكِ .
6
امتدت يديه تحتوي وجعه الذي كان على قلبها عظيم فهتفت بحب
ـ انت مش عملت كدا و بس . انت خلقت جوايا جنة جديدة . انا روحي ردتلي على ايدك ، وعرفت يعني ايه حياة وأنا جنبك . كل اللي فات مكنش حياة . الحياة بدأت من اللحظة اللي بقيت فيها مراتك بجد ، وقتها عرفت أن انت جنتي الحقيقية.
6
احتوتها يداه بـ عناق قوي حد الألم الذي كان مُرحبًا به في تلك اللحظة حين أخذ يهتف بسعادة
ـ بحبك يا جنة . بحبك …
7
اللهم إني أسألك أن ترزقني رزقاً حلالاً واسعا طيباً من غير تعب ولا مشقة ولا ضير ولا نصب إنك على كل شيء قدير، اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله وإن كان في الأرض فأخرجه وإن كان بعيداً فقربه وإن كان قريباً فيسره وإن كان قليلاً فكثره وإن كان كثيراً فبارك لي فيه»♥️
21
تستمر القصة أدناه

★★★★★★★★★
_ ما تبطل عياط ياد يا ابن الزنانة .
12
هكذا هتفت «مروان» وهو يحمل «سليم» الذي كان يبكي كثيرًا حتى ضاق ذرعًا من بكائه فلم يعُد يحتمل و تابع حانقًا
3
_ طبعًا انت امك مسلطاك عليا علشان تقرفني وهي مستفردة بالراجل اللي حيلتنا فوق .
5
ازداد بكاء الرضيع فتدخلت «ريتال» قائلة بتقريع
1
_ في حد يقول لطفل الكلام دا يا عمو ؟
«مروان» بسخط
_ وهو انتوا أطفال يا عين عمو ! دا احنا لو مستلقطينكوا من الأحداث مش هتبقوا كدا . اتنيلي و روحي هاتيلي طبق محشي من جوا خلينا نأكل الواد دا هتلاقيه جعان انا عارف .
11
«ريتال» بصدمة
_ بتقول ايه يا عمو ! طفل عنده تلت شهور تأكله محشي !
3
«مروان» بصياح
_ ايش فهمك أنتِ يا اللي مش باينه من الأرض . انا وانا قده كنت بفطر مكرونة بشاميل و بتغدى محشي . عايزينه يطلع راجل كدا مش عيل خرع.
8
«ريتال» باندهاش
ـ بجد يا عمو! ازاي دا ؟
1
«مروان» بإقناع
_ يا بنتي هو انا هكذب عليكِ ! طب اسألي عبده موته ابوكي .فكرك هو بقى زي البغل كدا من السيريلاك ! دا اتفطم على صوباع مُمبار يا ماما .
13
بهتت معالم الصغيرة من حديثه فتابع موجه كلماته الساخرة إلى ذلك القادم من الخلف
_ اهو عندك عمك «هارون» اقطع دراعي لو مكنش راضع فتة ،و مفطوم على كبد و كلاوي بني آدمين . لا و مش اي بني آدمين ! دي ناس مليون في المية كانوا عندهم اكتئاب مُزمِن . ماهي التكشيرة الي مصدرهالنا طول الوقت دي مش طبيعية .
9
طالعه بحنق قبل أن يُكمِل حديثه ساخطًا
_ هيجبلنا الفقر هو و المخفية سما مراتي .
8
«هارون» بجفاء
_ انا مصدع و مش طلباك يا مروان .
«مروان» بتهكم
ـ بقولك ايه مصدع ولا مش مصدع انت من يوم ما شوفنا سحنتك وانت مكشر كدا . مش عايزين حجج فارغة.
3
أنهى كلماته حين شاهد «جنة» التي كانت تتوجه للخارج برفقة «سليم» ليقول بصياح
_ الخورابية بتاعتنا رايحة فين ؟
3
صاحت تُشاكسه
_ مالكش فيه .
«مروان» بحدة
ـ بقولك ايه يا ولية أنتِ الخمسين ألف جنية بتوع الهدية اللي انكسرت دول هـ يتخصموا من ورث جوزك . انا بقولك اهو.
10
تستمر القصة أدناه

قهقهت بسعادة قبل أن تقول لـ تغيظه
_ يالا يا بخيل يا جلدة .
1
«مروان» بغضب
_ قصدك مُدبر و بيحافظ عالقرش . مش مُبذر زيكوا . هتتسخطوا قرود يا بت .
2
هتف «سليم» حانقًا
_ طب ارجع الخبطله معالم وشه دا ولا ايه ؟
2
«جنة» بلهفة
ـ هدي نفسك يا سولي ، و خلي الموضوع دا ليوم تاني عشان اتفرج عليك وانت بتغيرله ديكورات وشه .
6
«سليم» بنبرة عاشقة
_ سولي دي بتودي أمي في داهية .
4
التقمت إذن «مروان» كلمته الأخيرة فصاح مذعورًا
_داهية ايه نهاركوا ازرق .
5
التفت إلى «هارون» قائلًا باستفهام
_ هو مش ابوك مات يا ابني . داهية ايه تاني ؟ انا هحجز طيارة و اروح لـ دولت كدا كتير . الله يخربيت اليوم اللي رجعت فيه .
4
لم يفلح الجميع في قمع ضحكاته على حديث« مروان» حتى «هارون» المُتجهِم الذي تبدلت ملامحه حين شاهد« لبنى» التي تهبط الدرج فصاح «مروان» يُناديها بخُبث
_ بت يا لولي . تعالي جنبي نندب شويه ، و ياريت تنادي سما بتحب الأجواء دي اوي .
14
ارتسمت ضحكة صافية على ملامحها قبل أن تقول بهدوء وهي تحاول أن تتجنب نظرات ذلك النمر الموجهة صوبها
_ حاضر. شويه ورجعالك .
تبدل جمود نظراته الى نيران مُشتعلة التقمها ذلك الماكر فهتف بتخابُث
_ وماله . استناك يا جميل . دي احلوت عالآخر .
3
لم يفلح في قمع كلماته حين هدر بعنف
_ انت يا ابني ما تتلم ، و تحط حدود شويه في التعامُل .
4
«مروان» بسلاسة وهو يجلس فاردًا قدميه بارتياح
_ انا صايع وكل اللي هنا عارفين . خلي حدودك لنفسك ياخويا ، و بعدين الحدود دي تتحط لأمثالك انت وأبو قردان اللي كل شويه ناططلنا دا .
9
كان يقصد« عمار» الذي دلف إلى القصر لتوه ليستقبله «طارق» القادم من الأعلى و يتوجه به إلى حيث يجلس «مروان« و «هارون» و «ريتال» التي كانت تُلاطف الصغير الذي صرخ باكيًا فحمله «مروان» وهو يقول بسخرية
1
_ حبيبي يا ابني . اتخضيت انت كمان. حاسس بيك يا حبيب عمك . ماهي كدا إذا دخلت الشياطين اتخضت الملائكة .
10
«ريتال» بتصحيح
_ على فكرة المثل كدا غلط يا عمو .
«مروان» بحنق
_ قومي اخفي من وشي يا بت أنتِ.
6
اللّهم إنّك لا تحمّل نفساً فوق طاقتها فلا تحملني من كرب الحياة ما لا طاقة لي به وباعد بيني وبين مصائب الدنيا كما باعدت بين المشرق والمغرب اللّهم لا تحرمني وأنا أدعوك، ولا تخيبني وأنا أرجوك. -اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا. ♥️
22
تستمر القصة أدناه

★★★★★★★★★
دقت على باب الغرفة فجاءها صوته يأمرها بالدخول لتقوم بفتح الباب و تدلف إلى الداخل فقابلها بابتسامة هادئة وهو يقول بخشونة
_ اهلًا بـ دكتورة المستقبل . تعالي يا لبنى ادخلي .
1
انشرح صدرها بلقبه الذي ما أنفك يُناديها به لتتقدم إلى الداخل و داخلها يتمنى لو يسير كل شيء على ما يُرام
جلست أمامه على المقعد و أخذت تناظره بصمت لم تفلح في قطعه ليُبادر هو بالحديث قائلًا
_ ايه اومال البنات فين ؟ مش مفروض هتتغدوا بره النهاردة ؟
اومأت بصمت و الحروف تتأرجح فوق شفتيها ما بين الذهاب و العودة لتقرر أن تبوح بما يعتمل بداخلها حين صاحت بلهجة مُرتجفة
_ انت عايزني أخرج معاهم عشان مشفوش صح ؟
1
تفاجئ للحظات من حديثها ولكنه كان فرصة عظيمة لن يُفوتها لذا قال بهدوء
_ انت عايزة تشوفيه ؟
هتفت بلهفة
_ لا .
انطفيء بريق الأمل بداخله ولكنه مازال يُحاول التمسُك بحبال الصبر لذا قال بنبرة هادئة
3
_ طبعًا دا حقك ، و أنا في بداية كلامنا عايزك تعرفي اني عمري ما هجبرك على حاجه. انا معاكِ في كل اللي أنتِ عايزاه.
رغمًا عنها خرج نفسًا قويًا من أعماقها فقد اراحتها كلماته إلى حد كبير ليندهش «سالم» قائلًا
_ أنتِ كان عندك شك في كلامي دا ؟
_ لا . مش كدا . بس كلامك طمني اكتر .
«سالم» بتفهُم
_ لا اطمني ، و اطمني أوي كمان . بس في شويه حاجات عايزك تحطيها في اعتبارك ، وأنتِ بتفكري في اللي جاي .
«لبنى» باستفهام
_ حاجات ايه ؟
استعاد حديثه مع «جرير» الذي برر ما حدث قائلًا
_ مقدرتش امنعه أنه يشوفكوا حتى لو من بعيد يا سالم . حازم بقى احسن مما تتخيل . لدرجة اني مقدرتش ازعله ولا اكسر بخاطره لما شوفت في عنيه قد ايه انتوا وحشتوه .
2
أكد حديث «جرير» محاولته في الدفاع عن« جنة» وتضحيته بحياته في سبيل إنقاذها لذا تحدث« سالم» بخشونة
_ حازم اتغير اوي يا لبنى . مبقاش الشاب المُستهتِر بتاع زمان . لا . دا بقى راجل بمعنى الكلمة . راجل تقدري تعتمدي عليه .
لمح بوادر الخوف على ملامحها فقال بلهجة هادئة
ـ للمرة التانية انا مش هجبرك على حاجه . بس حبيت تعرفي دا . حازم اتربى من اول وجديد انا نفسي مكنتش مصدق ان دا حازم اخويا . عايزك تفكري و تستخيري ربنا قبل ما تقرري اي حاجه بخصوص موضوعك أنتِ وهو .
كانت تود الصُراخ بأنها تُريد الخلاص ولكن كلماته كممت فاهها فقد لمحت بعينيه طيف من التوسل لألا ترفض حديثه و قد كان هذا يفوق توقعاتها فهي عهدته قوي صارم دائمًا لذا امتنانًا لما فعله معها لم تنطق بشيء فقط هزة بسيطة من رأسها لتقوم من مكانها متوجهه إلى باب الغرفة لتتجمد بمكانها حين سمعت كلماته التي أصابتها في مقتل
_ على فكرة يا لبنى حازم مقربلكيش . اللي عمل كدا سعيد .
34
اللهم سخر لي الأرض ومن عليها، والسماء ومن فيها، وسخر لي الناس من حولي، ومن وليته أمري، وارزقني من حظوظ الدنيا والآخرة أجملها♥️
19
★★★★★★★★★
حانت اللحظة المُرتقِبة للجميع فقد كان يخطو الى المزرعة و بداخله زوبعة من المشاعر يتوجها اللهفة و يعانقها الشوق يغلفهم الندم على كل ما اقترفه من آثام أبعدته عن احبائه .
1
كان أن خطا أول خطواته إلى داخل المزرعة حتى شعر بأن نسمات هوائها العليلة لفحته ليأخذ نفسًا قويًا مُريحًا ملأ رئتيه فحتى هواء بيته مُختلف . امتدت يد «جرير» تربت بقوة فوق كتفه وهو يقول مُحفزًا
_ ايه يا عم . ما تيالا اتشجع كدا . دا الحبايب متجمعين كلهم مستنيينك.
التفت يُناظره بأنفاس مُتسارعه و ابتسامة مُهتزة من ردة فعل الجميع ، ولكنه لم يُعلِق بل أخذ يواصل تقدمه ليتفاجيء بتلك التي شقت نهنهات الفرح جوفها وهي تراه قادمًا أمامها فلم تعُد قادرة على الصبر إذ تركت يد «سالم» وتوجهت إليه تُقابله بلهفة أُم عاد غائبها و شُفي مريضها و كبُر صغيرها و أخيرًا اهتدى ذلك الضال الذي أدمى قلبها ألمًا ليندفع هو الآخر و صوت نهنهات يخترق آذانهم ليتقابل الاثنين في عناق قوي تلاحمت به الأجساد و القلوب التي علت آهاتها و تحولت إلى نحيب فأخذ «حازم» يضم والدته بقوة وهو يقول من بين عبراته الغزيرة
1
_ سامحيني يا أمي . سامحيني يا غاليه . حقك عليا .
8
أجابته «أمينة» بحرقة من بين انهار الوجع المُتساقِط من بين مآقيها
_ وحشتني يا نور عين أمك .
1
أخذ يُقبِل يديها و كتفيها و ذراعيها وهو يهتف بحرقة
_ حقك عليا يا غاليه . حقك عليا يا ماما . انا بحبك اوي والله.
4
تفاجئت حين ترك يديها و سقط يُقبِل أقدامها وهو يقول بقهر تُكلله عبرات الندم
1
_ سامحيني يا غاليه . سامحيني . انا اسف والله . انا اسف يا ماما .
11
ارتمت بجانبه تحتضنه بقوة وهي تهتف بحرقة و تأثُر من فعلته
_ مسمحاك يا قلب امك . مسمحاك .
1
عانقها بقوة وداخله ينتفض ألمًا و ندمًا و شوقًا فقد حُرِم من دفء أحضانها التي تحوي براح العالم أجمع بينما حشر نفسه في تلك الدنيا الفانية لاهثًا خلف ملاذات زائفة لا تُساوي مثقال ذرة أمام شعوره الآن بين ذراعي والدته فاراح رأسه فوق صدرها ليستكين صدره ليتفاجيء حين وجد ذراعين قويتين لشقيقه الأكبر وهو يُعانقهم و الدمع يتساقط من بين مآقيه ، و قد كانت هذه هي المرة الأولى الذي يراه بها يبكي فاقترب منه يُمسِك كفه يُقبله بندم تجلى في نبرته و دموعه التي لا تنضب
6
تستمر القصة أدناه

_ سامحني يا سالم . سامحني يا اخويا و ابويا و كل حاجه .
8
جذبه« سالم» إلى أحضانه فرغمًا عن كل شيء فهو طفله الأول و شقيقه الأصغر قطعة من روحه أجبره واجبه و مبادئه على نفيه و أبعاده حتى يختبر مرارة أفعاله و يحصي نتائجها ولكن الآن هُزِم أمام عبرات أخيه و ندمه و رغمًا عن كل شيء لم يستطِع إلا أن يحتويه بداخل أحضانه ، و لكم كان ذلك الواقف بعيد يتمنى لو يُعانِق شقيقه بقوة و يخبره بأنه يفتقده ، يشتاقه ولكنه لا يجرؤ على السماح ، و لكم كان ذلك مؤلم ، فهو شقيقه الأصغر من تربى على يديه ، ولكنه للأسف لم يُحسِن تربيته لذلك لم يُحمله الذنب وحده فقد تشارك الجميع في هذا الذنب لذا حين اقترب منه «حازم» يقول بخزي و نبرة متوسلة
_ مش هقدر اقولك سامحني . عشان عارف أنه صعب. بس هقولك حاجة واحدة بس . لو موتي هيكون تمن راحتك انا موافق . والله موافق يا سليم ، و هكون مبسوط كمان …
لم يُكمِل جملته فقام «سليم» بجذبه داخل أحضانه بعُنف وهو يبكي هو الآخر فقد تغلبت مشاعره على غضبه و لم يستطِع إلا أن يقول بلهفة
5
_ بعد الشر عنك .
3
وضِع بين شقي الرُحى من ناحية غضبه و غيرته مما حدث في السابق و من ناحية أُخرى مشاعره تجاه شقيقه الذي يحتضنه بقوة و كأنه القشة التي ستنقذه من الهلاك .
_ يالا ندخل جوا .الحرس حوالينا في كل مكان.
تراجع «سليم» ولكن يد «حازم» لم تُفلته بل ظل مُتمسكًا به ليهتف بخفوت
_ ادخل البيت يا سليم ولا لا ؟
تدخلت «أمينة» بلهفة
_ طبعًا تدخل يا حازم دا كلام ؟
_ لو سمحتي يا ماما .مش هدخل غير لو سليم قالي ادخل .
التفت إلى «سليم» قائلًا بابتسامه هادئة
_ لو مش عايزني ادخل انا مش زعلان . انا كفاية عليا اني شوفتكوا . مش عايز حاجه من الدنيا تاني.
5
حاول منع تلك الغصة التي تشكلت في حلقه وهو يقول بنبرة مُتخشرجة
_ ادخل يا حازم .
1
توجه «سالم» يعانق شقيقيه و هو يأخذ كل واحد منهما تحت ذراعيه قائلًا بنبرة حاول صبغها بالمرح
1
_ يالا منك له وحشتني قعدتنا سوى .انا فضيتلكوا البيت كله علشان ناخد راحتنا.
3
ابتسم «حازم» بسعادة مُحاولًا تجاهل مرارة الندم التي تمتد من الحلق إلى القلب و حاوط والدته بيديه لـ يتوجها إلى الداخل فإذا به يجد شقيقته تحاول أن تتقدم منه ببطنها المنتفخ فهرول هو إليها خوفًا من أن يُصيبها مكروه ليحتويها بين ذراعيه بقوة و يُقبل رأسها وسط عبرات غزيرة توحي بمقدار الندم و الشوق من جهته و قد كان له نصيبًا كبيرًا من ذلك الشوق بقلبها فهتفت قائلة
1
تستمر القصة أدناه

_ مش مصدقة اني شيفاك قدامي .
1
«حازم» بندم
_ سامحيني يا حبيبتي. أنتِ كمان اتأذيتي بسببي
1
«حلا» بلهفة
_ اوعى تقول كده تاني . انا افديك بروحي يا حازم . انت روحي اصلًا .
1
بعد وقت قليل تجمع الأشقاء لأول مرة منذ زمن بعيد فقد كانت عيني «أمينة» تُناظرهم بعدم تصديق هل حقاً ما تراه ؟ هل تجمع أبنائها فلذات كبدها معًا مرة أُخرى ؟
رفعت رأسها إلى السماء وهي تهمس بخفوت
_ أحمدك يارب و أشكر فضلك . نولتهالي قبل ما أموت.
_ ايه يا أم سالم ؟ مش هتشوفي الأكل جهز ولا ايه ؟ حازم اكيد وحشه أكلك .
أضاف «حازم» بلهجة ودودة مُنكسِرة
_ لا وحشني . انا مدوقتش حاجه حلوة من بعده .
تناثرت عبراتها بشدة وهي تحاول النهوض بمساعدة «حلا» التي تلقت نظرة ذات مغزى من« سالم» لتقول «أمينة» بلهفة
_ عيني . طبخالك كل حاجه بتحبها.
دلفت «أمينة» الى الداخل بينما «سالم» نصب عوده واقفًا وهو يقول بمُزاح
_ هروح اشوف سليم الصغير صاحي ولا لا ؟ فرح ما صدقت جبناله مُربية عشان تساعدها ، هربت و سابته للغلبانه اللي فوق اكيد جابلها انهيار عصبي .
3
اومأ «حازم» بابتسامة حانية ليخرج «سالم» تاركًا الشقيقان بمفردهما فلابُد أن هُناك ما يُقال بينهم ولكن بالرغم من ذلك فقد دام الصمت لدقائق فقط نظرات مُتبادلة ليتحمحم «سليم» قائلًا
_ عامل ايه ؟
«حازم» بهدوء
_ الحمد لله.
اومأ« سليم» بصمت فأردف «حازم» بلهجة مُشجبة
_ طمني عليك ؟
1
«سليم» باختصار
_ بخير الحمد لله.
كان هُناك الكثير مما يختبيء خلف ذلك الصمت الذي قرر «حازم» قطعه قائلًا بابتسامه بسيطة
_ مش انا بقيت بصحى اصلي الفجر كل يوم ؟
ابتسم «سليم» بهدوء قبل أن يقول باندهاش
_ بجد !
«حازم» بلهفة
_ اه والله. دا انت مش هتصدق . أنا كمان بقيت بصلي القيام ، حتى انا ختمت المصحف اربع مرات الشهر اللي فات مرة في القيام ، و مرة قراءة ، و بقيت احفظ كمان ، و بصوم .
1
كانت لهفته في الحديث لها وقعًا قويًا على قلب« سليم» الذي يشعُر بأن من أمامه هو ذلك الفتى الذي لم يبلُغ من العمر الخامسة عشر قبل أن تشوهه الحياة . نعم هي تلك البراءة و ذلك النقاء الذي يشِع من عينيه و نبرته الهادئة في الحديث ، و ابتسامته البسيطة .
تُرى هل بعض الدلال يُفسِد المرء ليحوله إلى وحش ! التغافُل عن أخطاء يظُنها البعض بسيطة قد يخلِق انسانًا جاحدًا لا يُبالي لأحد!
و هل الإفراط في العطاء يُنمي بذرة الأنانية و الجشع في النفوس إلى هذه الدرجة ؟
2
كلها أخطاء في ظاهرها بسيطة ولكنها يُمكِن أن تؤدي إلى كوارث كالذي حدث مع شقيقه الذي قرر الآن أن يُعطي نفسه فُرصة لمسامحته لذا قال بلهجة ودودة
_ ما شاء الله. فرحتني اوي.
«حازم» بنبرة تقطر ندمًا
_ ياريت اكون سبب فرحتكوا ولو لمرة واحدة. مش عايز غير كدا.
حاول تجاهُل تلك الغصة بقلبه وقال بلهجة خشنة
_ خليك على الطريق اللي انت ماشي فيه دا ، و أن شاء الله مش هيحصل غير كل خير . مفيش حاجه في الدنيا دي أحسن من أن الإنسان يكون مع ربنا . احنا اصلًا اتخلقنا عشان نعبده .
«حازم» بتأثُر
_ ونعم بالله . تعرف لما كنت بتقولي الكلام دا زمان . كنت بتضايق وبتخنق . بس دلوقتي انا حاسه لدرجة أن قلبي بيدق لما بسمعه.
ابتسامة هادئة لونت ثغر« سليم» قبل أن يقول
_ ربنا يهديك كمان و كمان و ينور بصيرتك .
_ امين يارب العالمين.
هكذا اجابه «حازم» ليُقرر« سليم» البدأ في الحديث لذا قال بهدوء
_ طبعًا أنا لازم اشكرك عشان أنقذت حياة مراتي .
2
لم يُريد حتى ذِكر اسمها أمامه وقد تفهم «حازم» الأمر فقال بخفوت
_ متشكرنيش انا كان لازم اعمل كدا .
لم يُطيل في الأمر انما تابع حديثه قائلًا
_ انا عارف طبعًا ان ماما وحشاك و بيتك كمان واحشك ، و من حقك ترجع تعيش هنا تاني ، و عشان كدا انا هاخد مراتي و امشي.
3
تفاجيء حين اجابه «حازم» مازحًا
_ ايه يا عم ارجع فين ؟ ارجع اعيش في البيت الكئيب بتاعكوا دا ! لا يا سيدي انا ليا خططي . اقعد انت في بيتك براحتك . انا ناوي اعمل بيت ليا لوحدي ، و انتوا ابقوا تعالوا زوروني فيه و بالمرة تدوقوا اكلي . اخوك بقى شيف قد الدنيا.
11
اندهش من طريقة حديثه و مراعاته لشعوره ، و أيضًا كيف أنه حول الأمر إلى مزحه حتى يُنهيه بلباقة فوجد نفسه يبتسم بهدوء قبل أن يقول
_ والله انت فاجئتني بالموضوع دا.
«حازم» بمُزاح
_ و لسه هتنبهر لما تدوق .
على غفلة منه وجد نفسه يُشاطره مّزاحه قائلًا
_ ربنا يستُر و منتسممش كلنا .
أرتج صدره حين وجد «سليم» يُبادله المُزاح فهتف وابتسم قائلًا بلهفة
_ لا متخافش . والله انا مبكذبش عليك . انا فعلًا بقيت بعرف اطبخ . انا اتغيرت اوي يا سليم ، و اوعدك مفيش اي حاجه هتيجي من ناحيتي تضايقك تاني . او تضايق اي حد فيكوا.
3
لهفته و توسل عينيه يوحيان بصدق حديثه لذا رفع يديه ليربُت بقوة فوق ساقه وهو يقول بلهجة يشوبها الحنان
_ مصدقك يا حازم ، وانا اوعدك أنك هتلاقيني جنبك لو احتاجتني في أي وقت.
كان هُناك رغبة قوية تنازع داخله ولا يجروء على البوح بها ، ولكن كلمات «سليم» شجعته ليقول بخفوت
_ انا عارف اني ماليش عين اطلب منك حاجه . بس . بس في حاجه . انا . كنت . كنت . نفسي اطلبها منك .
تحفزت جميع خلاياه و تقاذفت دقاته ليقول بترقُب
_ اطلُب .
حاول اختيار كلماته وداخله يرتعِب من الرفض ليقول بتلعثُم
_ كنت . كان نفسي . بعد . اذنك يعني . لو وافقت . ينفع اشوف محمود ؟
يتبع ...
لمتابعة باقى الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني2 من هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الثالث 3من هنااااااااااا
مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا