رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل التاسع 9 بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل التاسع 9 بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل التاسع 9بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
الفصل التاسع من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم
#شارع_خطاب
بقلم #fatma_taha_sultan
____________
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
_____________________
«إنسان هذا العصر مُنهمك في دوّامة الحياة اليومية، أصبح الواحد منا كأنه تِرس في دالوب المهام والتفاصيل الصغيرة التي تستَلِمُك منذ أن تستيقظ صباحًا، حتى تُلقيك منهمكًا فوق سريرك في أواخر المساء».
#مقتبسة
"الحُب إن لم يُجردك من كل ثِقل، فهو ثِقلٌ
إضافي في حياتك لا يعول عليه"
#مقتبسة
_______________
-سلمى حبيبة بابا...
صوته افزعها وأربكها...
كما أنه صدمها....
كيف من الممكن أن يظهر ماضيك الذي ظننتُ بأنه قد انتهى وتخطيته مرة واحدة، بعدما اعتقدت بأنك أصبحت شخصية جديدة مختلفة تمامًا عن وهنك وضعفك السابق ومشاعرك السلبية....
كيف من الممكن أن الصوت الذي نسيت بأنك سمعته من قبل يرن صداه حينما تسمعه كأنه لم يغب سنوات بل لم يغب يومًا من الأساس وكان دومًا محفورًا في ذاكرتك ولم يذهب يومًا بل أنتَ من وهمت نفسك....
طال صمت سلمى وصدمتها مما جعله يدخل المنزل ويغلق الباب خلفه وتحدث مدحت ببساطة وهدوء شديد:
-وحشتيني، عاملة إيه؟! كبرتي يا سلمى...
هنا ردت عليه سلمى بقوة وهي تحاول أن تنظم أنفاسها وهي تبتعد عنه حينما شعرت برغبته الواضحة في احتضانها مما جعله يعود خطوة إلى الخلف حينما رأى هذا النفور منها:
-كبرت لدرجة أنك اتأخرت أوي أنك تدرك معلومة زي دي....
صرخت سلمى في وجهه هاتفة بجنون ونبرة هستيرية جعلت والدتها تأتي من الداخل ركضًا على صوتها فهي لم تكن نائمة بل مستيقظة:
-إيه اللي جابك؟! إيه اللي جابك دلوقتي؟! ليه تظهر في حياتنا تاني لــيـه؟!!..
جاءت يسرا وهي تسير بصعوبة بسبب الكدمات التي تتواجد في جسدها بأكمله غير يدها الملفوفة بالجبيرة وشعرت بصدمة لم تختلف عن سلمى كثيرًا بل فاقتها أضعاف مضاعفة...
وكيف ألا تفعل؟!..
فـهي صُفعت بواسطة خذلان رجل ظنته عائلتها وحبها الوحيد...
صرخت سلمى في وجهها مرة أخرى متحدثة بعصبية مُفرطة:
-إيه اللي جابك؟! رد عــلــيـا...
هتف مدحت بتوتر محاولًا قول أي شيء:
-اهدي بس يا بنتي كل حاجة وليها سبب سبيني أشرحلك...
تحدثت سلمى بنبرة ساخرة:
-كل حاجة وليها سبب إلا عملتك ملهاش سبب، وده كفيل أن يخليني معوزش أشوفك قدامي عمري كله، أنتَ مُت بالنسبالي...
أردفت يسرا هنا محاولة أن تتجاوز صدمتها وهي تنظر له بجفاء واضح:
-أطلع من بيتي يا مدحت، أطلع من بيتي ملكش مكان فيه، بيتي ده اللي أنتَ سيبته بعد ما أخدت الخلو من صاحبه وانا أجرته منه وملكش حاجة هنا وباين أوي أن حتى بناتك اللي ليك مش عايزينك...
غمغم مدحت بشراسة واضحة:
-ليا يا يسرا وليا كتير أوي، ليا بناتي وليا أنتِ..
تحدثت يسرا مقاطعة أياه بنبرة اكثر حكمة من جنون سلمى وهي تناظره بنظرات تحرقه لو كان يشعر:
-بناتك مش عايزينك وده واضح أما أنا ملكش فيا أي حاجة أنتَ طلقتني من زمان وبعتلي ورقتي لو نسيت...
عقب مدحت وهو يقترب منها بنبرة جادة:
-زي ما طلقتك رديتك يا يسرا ومن سنين طويلة وأنتِ مراتي وعلى ذمتي....
نظرت له يسرا بعدم استيعاب وهي تردد باستنكار شديد:
-أنتَ بتقول إيه؟!.
رد مدحت عليها مؤكدًا المعلومة ببساطة افقدت سلمى الباقي من صبرها:
-بقول اللي سمعتيه...
-أنتَ بتخرف...
قالت سلمى تلك الكلمات بعدم تصديق أو استيعاب مما جعل مدحت يرد عليها بنبرة منفعلة:
-ده الوضع اللي هيحصل وهرجع اقعد في بيتي مع مراتي وبناتي إذا كان عاجبكم، ودي الحقيقة ومقدر صدمتكم علشان كده مش هأدبك يا سلمى على اللي بتقوليه ده وكان المفروض امك تديكي بالقلم بسبب اللي بتقوليه لأبوكي ده....
صرخت سلمى في وجهه بنبرة جادة وهي تنظر له بعين لا تهاب شيئًا:
- متجيش تعمل نفسك أب دلوقتي ومنتظر نقولك حاضر وطيب ونعم، وقسما بالله العظيم لو ما مشيت من هنا دلوقتي هصوت وألم عليك الناس كلها....
قاطعتها يسرا برزانة رغم أنها لم تستوعب الأمر جيدًا ولم تفهم ما يحدث لكنها تعيش مع ابنتيها بمفردها وابنتها الأخرى على وشك الزواج لا يصح أن تحدث مشكلة كبيرة تجعل أي شخص يقوم بنشر الأقاويل عليهن...
-سلمى...
تحدثت سلمى بنبرة جادة وهي توجه حديثها له:
-هتمشي ولا أروح أصوت افرج عليك الشارع كله؟!.....
تمتم مدحت بنبرة رزينة وحكيمة إلى حدٍ ما فهو يريد أن يكسب ودهم لا أن تكون المقابلة الأولى بينهما شجار يتحدث عنه الجميع:
-أنا همشي يا سلمى بس أعملوا حسابكم أني راجع تاني......
أنهى كلماته ورحل فاتحًا الباب ثم غادر المنزل بأكمله وهنا جلست يسرا على المقعد بأعصاب مُتعبة تحاول استيعاب ما سمعته بالتأكيد تلك مزحة!!
لا يُعقل...
يجب عليها الاتصال بـ شقيقها في أقرب فرصة بل الآن أما سلمى شعرت بالضيق الشديد فـغادرت المنزل متجاهلة نداء والدتها عليها.......
هي لا ترغب حتى في التفوة بكلمة واحدة...
____________
اليوم جهاد ذهبت إلى العمل مبكرًا عن خطيبها سلامة....
بسبب التغيير في المواعيد...
فاستيقظ سلامة من النوم ثم صنع لنفسه كوب القهوة المميزة وشطيرة الجبن وفي أثناء تناوله لهما كان الهاتف بين يديه يقلب في الهاتف بلا هدف حقيقي إلا أن قابلته صورة جعلت عيناه تخرج من مكانها..
زلزلت كيانه وأفسدت بداية يومه..
صورة تجمع أحد الشباب الذي يعمل معه ومجموعة من الفتيات وشاب أخر يجلسون على الطاولة ومنهم جهاد، وقد دون عليها عبارة تعبر عن تناوله الفطور مع زملائه في العمل...
هذا ما جعله يحاول الاتصال بها أكثر من مرة لكن لا تجيب زاد هذا من جنونه رغم معرفته الجيدة بأن هذا وقت العمل ولا تستطيع الإجابة على هاتفها كونهما يعملا في "خدمة العملاء" لا يصلح لهما الحديث في الهاتف طوال الوقت......
توقف عن تناول فطوره وذهب ليأخذ حمامه ويرتدي ملابسه على عجالة من أمره ويذهب مبكرًا رغم أن هذا ليس موعد عمله لكن لا يستطيع الصبر...
"في الظهيرة"
كان يقف سلامة مع جهاد في الممر المؤدي إلى المكان الذي يتواجد به الجميع في ساعة الراحة الخاصة بهم أو ما يسمى "البريك" يحاول السيطرة على صوته قدر المُستطاع....
-أنتِ بتتنيلي تفطري معاه ليه يا ست هانم؟! لا وكمان متصورة والضحكة من الودن للودن في الصورة..
في الوقت نفسه كانت ميار صديقتها متواجدة بجانبها وحاولت جهاد الدفاع عن نفسها بمنطقية:
-هو أنا كنت بفطر معاه برا يعني ولا لوحدي؟! ما الشغل كله كان قاعد وبيفطر وأنا اتحرجت أقول لا يعني..
صاح سلامة مستنكرًا:
-واتحرجتي كمان تقولي لا مش عايزة اتصور صح؟!..
استغفرت جهاد ربها ثم غمغمت بنبرة مُنفعلة بعض الشيء:
-وطي صوتك هتفرج الناس علينا وبعدين كلنا كنا قاعدين يا سلامة متعملش مشكلة دول زمايلي وأنا أصلا لا بكلمه ولا بيكلمني الا لو في حاجة في الشغل وهو محترم معملش معايا أي حاجة؛ وحتى لا عندي على الفيس ولا أي حاجة ده عندك أنتَ...
تحدث سلامة بغضب جامح وغيرة حارقة:
-وعلى إيه؟! ما نضيفه على الفيس والانستا ونستناه أما يعمل حاجة وساعتها نتكلم عشان يكون ليا حق أتكلم...
تعالى صوت ميار متحدثة وهي تدافع عن صديقتها:
-على فكرة هي مغلطتش بقا، وبعدين كلنا كنا قاعدين واتصورنا مع بعض كـ Team يعني، أنتَ مكبر الموضوع..
نظر لها سلامة بانزعاج واضح متحدثًا بسخرية:
-أنتِ مالك أصلا بتدخلي في اللي ملكيش فيه ليه؟! أنا بتكلم مع خطيبتي حد خد رأيك؟! وبعدين أنتِ اللي بالنسبالك عادي مش بالنسبة ليا ولخطيبتي عادي خليكي في حالك..
تحدثت جهاد بحرج:
-سلامة كلامك معايا أنا...
قاطعها سلامة متحدثًا بسخرية:
-صح وده اللي أنا بقوله كلامي معاكي يبقى هي متدخلش..
عقبت ميار على حديثه بلامبالاة:
-ربنا يعينك يا جهاد ده بني أدم غريب ولا يُطاق...
تحدث سلامة بانفعال واضح وهو ينظر لها:
-ولما اقول كلام يخليكي عاجزة أنك تردي عليه هيعجبك؟! لو سمحت سبيني أنا وخطيبتي لوحدنا ولا أقولك خديها معاكي ما هي اللي مدياكي الجراءة تغلطي في خطيبها وهي واقفة..
ردت ميار عليه بعدم استيعاب:
-انا بدافع عن صاحبتي وبعدين أنتَ اللي بدأت الغلط فيا...
غمغم سلامة بجدية:
-وأنتِ اللي بدأتي تدخلي في اللي ملكيش فيه يبقى متزعليش لما يترد عليكي رد يضايقك...
عقبت جهاد بانزعاج وغضب واضح:
-ممكن تسكتوا لو سمحت...
____________
ليلة أمس تم الطلاق بشكل رسمي بينه وبين رانيا....
أخذت ما أرادته ولم تتراجع عن أي شيء....
لم تظهر حتى ذرة ندم لذلك لم يحاول هو التمسك بها، كما لا يحاول التمسك بأي شخص أو إرضاء أي شخص....
اليوم عاد يمارس عمله بشكل فعلي حتى أنه قام بـ إجراء عملية تخطت الثلاث ساعات وانتهت بنجاح بالغ أكثر مما توقع حتى، وحينما عاد إلى غرفته سمع طُرقات خافتة على الباب أذن لصاحبها بالدخول...
ولجت أحلام ليسألها جواد بطريقة مباشرة:
-خير يا أحلام في حاجة ولا إيه علشان زياراتك كترت أوى؟!.
تحدثت أحلام بنبرة لينة فهو لا تريد إضاعة الوقت مادام هناك وقت لسفرها حتى ولو ليس طويلًا ويمكنها فالاستفادة منه بأي شكل من الأشكال تعجبها.. .
لذلك لن تتردد في التودد له:
-أبدًا، أول حاجة حبيت أجي أقولك برافو على العملية وأنك رجعت تاني، وتاني حاجة جاية علشانها إني أشكرك بما أن جيراني لسه ماشيين وكشفت عند الدكتور...
تمتم جواد بإرهاق حقيقي:
-طيب كويس، ان شاء الله خير...
هتفت أحلام بتردد:
-شكرًا يا جواد على أي حاجة بتعملها علشاني..
صحح جواد لها المعلومة هاتفًا بوضوح:
-أنا معملتش كده علشانك، أنا صحيح عملت علشانك كتير بس دي أنا عملتها ليكي كأي دكتورة أو دكتور شغال معانا في المستشفى طلب مني طلب زي ده...
تنفست أحلام بعد كلماته تلك بصعوبة بالغة لم يكن يومًا رجل فظ إلى هذه الدرجة، بل كان يسعى في إرضائها يطلب منها رقم شقيقها حتى يتواصل معه من أجل الزواج منها، كان يشتري لها كل ما تفكر به..
ما الذي تغير فيه إلى تلك الدرجة؟!.
حاولت أن تستمر معه في الحديث ببساطة وكأن كلماته لم توجعها بما يكفي، وتذكرت كلمات ايناس لها ليلة أمس وهي تخبرها بأنها سوف تبحث عن عمل، ةسوف تقبل بأي عمل من أجل المساعدة في المنزل..
-طب بما إني زيي زي أي دكتورة في المستشفى فأنا كنت طالبة منك خدمة..
نظر لها نظرات لم تفهمها ولكنها أسترسلت حديثها وهي ترسم على ملامحها الضيق الزائف:
-صاحبتي بتمر بظروف وحشة وكنت حابة أنها تشتغل هنا لو ينفع....
رد عليها جواد بنبرة واضحة وقاطعة ولم يدعها تسترسل حديثها:
-بما إني قولتلك إني عملت اللي هعمله لأي حد يطلب مني خدمة وهو شغال هنا، فأعتقد مفيش حد بيطلب كل شوية بعشم قدك، للأسف الحال ده لازم يتغير برضو شوية ده أولا وثانيًا أحنا مش محتاجين حد دلوقتي...
تحدثت أحلام بعصبية تلك المرة:
-مش ملاحظ أن طريقتك وحشة معايا جدًا..
جلس جواد على مقعده وهو يرتدي ساعة يده بهدوء ورزانة:
-أعتقد طريقتي معاكي منطقية جدًا زي معاملتي مع أي حد شغال هنا، ولو كانت طريقتي غير كده الأول فده كان شيء طبيعي بالنسبة لواحدة كنت طالب إيدها وعايز اتجوزها لكن مدام الموضوع ده اتلغى فأنا بتعامل بطريقة رسمية أتمنى أنك تلتزمي بيها أنتِ كمان...
تمتمت أحلام بانزعاج وعتاب واضح:
-يعني كل الكلام اللي بتقوله كان كدب وفيلم وخلص؟!
سألها جواد بوضوح:
-إيه الكلام اللي كنت بقوله يا دكتورة؟! غير إني عايز اتجوزك وبما إنك قعدتي تماطلي لوقت طويل وصلني الرد أنك مش حابة تتجوزي أو رافضة الجواز مني، لذلك أنا لغيت الفكرة وسحبت عرضي عليكي، ده اللي حصل ومتحاوليش توهمي نفسك وترسمي لنفسك قصص تطلعي نفسك مظلومة فيها..
لأول مرة تسمع منه تلك الكلمات..
لأول مرة يتحدث معها بتلك الطريقة الواضحة والفاصلة...
هتفت أحلام بنبرة جادة:
-أنتَ طلقت مراتك.....
ضيق جواد عينه متحدثًا باستغراب:
-وأنتِ عرفتي منين؟!.
منذ أن بدأت علاقتها بـ جواد وحاولت التقرب منه والتودد له وهي تراقب الصفحات الخاصة بالعلامة التجارية لزوجته، وحتى حسابها الشخصي، وليلة أمس وجدتها قد أزالت حالتها العاطفية بأنها متزوجة منه...........
مستبدلة أياها بأنها قد أصبحت عزباء....
ردت أحلام ببساطة ونبرة باردة:
-عرفت مكان ما عرفت..
تمتم جواد وهو ينظر له مشيرًا نحو الباب:
-مدام عرفتي مكان ما عرفتي ده ميغيرش أي حاجة ولا له علاقة بيكي ومن فضلك أنا خارج من عملية صعبة وبقالها ساعات فياريت تسبيني أرتاح لأني مش حمل الكلام الكتير ده في موضوع خلصان.
-ماشي يا دكتور جواد..
قالتها أحلام قبل أن تغادر وهي تغلق الباب خلفها بعصبية شديدة...
_____________
تجلس في المنزل...
تصنع الطعام وتقوم بـ ترتيب المنزل، تفعل أي شيء يقع على عاتقها ولا يقع اي شيء يأتي أمامها حتى لا تفكر فيما سيقوله الطبيب بشكل رسمي وفي الوقت نفسه لا ترغب في إصابة والدتها أو دياب بالذعر بسبب اتصالاتها...
كانت حور في درسها وذهبت خالتها ودياب مع والدتها ولم يكن يصح بأن تذهب هي وطفليها إلى المستشفى مسببة إزعاج وتوتر للجميع ولم يكن لديها من تستطيع ترك أطفالها معه والذهاب معهم لذلك جلست تحضر الطعام ثم جلست في انتظارهم...
كان أطفالها يشاهدا التلفاز تركتهما وذهبت صوب غرفة النوم حينما نما إلى سمعها صوت هاتفها، وهي تظن بأن دياب من يتصل أو حتى خالتها...
لكن المتصل كان أخر شخص تتوقعه....
هو زوجها عمرو...
أو بمسمى جديد " طليقها عمرو "...
الغريب أنه لم يفكر الاتصال بها بعد الشجار الذي حدث بينه وبين دياب...
ولا حتى فكر في الاتصال بها بعد الطلاق من أجل الأطفال ولا أي شخص من عائلته اتصل بها...
وهذا ما يجعلها تسأل ذاتها لماذا يتصل الآن؟!
هل يرغب في الحديث عن أطفاله؟!
انتهى الاتصال وهي تفكر الغاية من اتصاله بها لكنه فعلها وكررها مرة أخرى...
وأجابت عليه هذه المرة....
لا شك أنها شعرت بالفضول في المقام الأول وفي المقام الثاني ظنت بأنه رُبما يرغب في الحديث والاطمئنان عن الأولاد وقد استيقظ من غفلته...
-ألو..
رد عمرو عليها بنبرة لم تستشعر بها عشق خالص:
"الو يا ايناس، وحشتيني يا بت عاملة إيه؟!".
-عايز إيه يا عمرو ومتصل بيا ليه؟!...
تمتم عمرو بانزعاج واضح استشعرته ولكنه مازال يحاول الاستمرار في اللين الذي يستخدمه معها:
"إيه الرد الناشف ده؟! بقا بقولك وحشتيني تقوليلي عايز إيه يا عمرو؟!".
لم يرق قلبها..
لم تشعر بأنه بالفعل اشتاق لها...
كلماته كانت كاذبة لم تشعر بها أبدًا مهما حاول صبغها...
من يحب ويشتاق حقًا لم يكن قد أغضبها..
لم يفكر في ضربها مرارًا وتكرارًا...
لم يكن يسلبها كرامتها...
غمغمت إيناس بنبرة جادة:
-ملهوش لازمة الكلام ده يا عمرو أحنا خلاص اطلقنا اللي ما بينا أولادنا وبس الكلام خلص من بدري ولو متصل علشانهم هخليك تكلمهم غير كده لا..
رد عمرو عليها ببساطة:
"اطلقنا أه بس احنا لسه في فترة العدة يا ايناس يعني ممكن اردك في أي وقت، أنتِ وحشتيني وأنا مش عارف أعيش من غيرك أنتِ والعيال، البيت فاضي من غيركم، وحياتي ملهاش لا طعم ولا لون".
تحدثت إيناس بضيقٍ شديد:
-مفيش رجوع يا عمرو موضوعنا انتهى وكان منتهى من مدة طويلة، وكان بينتهي في كل مرة كنت بتمد ايدك عليا وبتهين كرامتي فيها وأنا كنت كل مرة بحاول اصدق أنك هتتغير...
تمتم عمرو وهو يحاول استمالتها بكل الطُرق الممكنة فهو مازال لا يصدق حماقته بأنه قد طلقها حقًا واعطاها كل شيء:
"كل المتجوزين بيمروا بمشاكل يا إيناس، وفي فترات في حياتهم بتكون صعبة عليهم، وتنقطع ايدي اللي اتمدت عليكي يا حبيبتي، إيناس أنا بحبك، أنتِ حب حياتي وأول دقة قلب"..
-لو كنت بتحبني زي ما بتقول يا عمرو مكناش وصلنا لهنا أبدًا..
هتف عمرو بنبرة خافتة ولينة:
"البني أدم بيغلط وربنا بيسامح، وبعدين افتكريلي أي حاجة حلوة بينا، فكري في مصلحة ولادنا، اخوكي خرب عليكي يا إيناس، خرب عليكي وهد بيتك وقعدك جنبك تخدميهم، أنتِ مكانك مع حبيبك، جوزك أبو عيالك"..
أسترسل حديثه بنبرة جادة:
"نرجع وبشروطك أنا موافق، ولو مديت ايدي عليكي ياستي تاني ابقى ***".
تمتمت إيناس بضيقٍ وهي ترد عليه بقوة:
-محدش خرب علينا يا عمرو أنتَ اللي خربت بيتنا، أنتَ السبب لما بطلت تعاملني بما يرضي الله، دياب خلصني من اللي أنا فيه، عرفني إني مكنش ينفع اتهاون في كرامتي لأي سبب من الأسباب، متحاولش ترمي فشل علاقتنا على أخويا اللي رد كرامتي ورد اعتباري..
هتف عمرو بنبرة منزعجة ومنفعلة بعض الشيء:
"يعني ده أخر كلام عندك؟!"
قالت ايناس ومن دون مماطلة أو تفكير حتى:
-ايوة أخر كلام عندي احنا اللي ما بينا عيال وبس أنا عمري ما هرجع على ذمتك تاني يا عمرو، أنتَ كسرتني قدام نفسي، عمري ما هطمن إني أكون معاك في بيت واحد من تاني..
ابتلعت ريقها وقالت والدموع تنهمر من عيناها وهي تتذكر كل لحظة وكل ألم استشعرته معه؛ إهانته لها ثم احتضانها وكأنه لم يفعل بحقها شيئًا:
-أنتَ كسرت كل حاجة بين الراجل ومراته أنا مبقتش مطمنة معاك؛ عايزني استنى لما كنت تخلص عليا خالص وساعتها عيالي يعيشوا من غير أم...
رد عليها عمرو بسخرية:
"متكبريش الموضوع بس، وبلاش كلام الأفلام ده، افتكري بس يا بنت الناس إني لغايت أخر لحظة شاريكي وإني بحاول أرجع لمياة لمجاريها وبحاول أصلح اللي اخوكي خربه، اصلح حياتنا"..
صمت لثواني ثم أسترسل حديثه بنبرة غاضبة:
"بكرا هتفهمي إني كنت على حق وأن اخوكي هو السبب في خراب بيتك، افتكري إني كنت شاريكي لغايت أخر لحظة وأنتِ بايعاني وبايعة السنين اللي ما بينا وحتى عيالك مش فارقين معاكي بُعدهم عن أبوهم ابقي خلي اخوكي ينفعك سلام"..
أغلق المكالمة قبل أن يسمع ردها...
وهذا جعلها تدخل في نوبة بكاء مريرة...
ليس من أجله أو عليه..
لكن من أجل كرامتها المهدورة....
_____________
منذ الصباح عدد مهول من الاتصالات منه..
اليوم كان لديها عروس يجب أن توضع لها مساحيق التجميل المناسبة وهي تحب الفتيات التي يقبلن التصوير لكنها لم تكن تستطيع أن تفعل ذلك اليوم بمزاج رائق بسبب اتصالاته المتكررة التي تتجاهلها..
هي غاضبة من ظهورة المفاجئ واختفاءه المفاجئ في الوقت ذاته...
توقفت واستأذنت من الفتاة بأن لديها مكالمة هامة وخرجت من الغرفة التي تتواجد في أحد الفنادق.......
أجابت عليه فهو لا يتوقف ولا تستطيع تصوير العروس حتى تصنع عدة مقاطع وتقوم بتنزيلها على صفحتها...
وهو يقوم بتعطيلها...
-ألو..
جاءها صوته بلهفة واضحة..
"أخيرًا رديتي يعني، ده أنا اتصلت بيكي فوق الثلاثين مرة ومش بتردي"
تحدثت سامية بنبرة مكتومة وغاضبة:
-وده ملفتش نظرك إني مش حابة أرد أو مش فاضية أرد عليك...
رد عليها حمزة ببساطة ولم ينزعج منها:
"ده واضح أن شايلة مني جامد وزعلانة بجد".
تمتمت سامية بحرج محاولة أن تنفي تلك الشكوك رغم أنها حقيقية مئة بالمئة:
-وأشيل منك ليه؟! كل الحكاية إني في الشغل مع عروسة ومش عارفة أصور كل شوية تتصل بيا ومش عارفة أشوف شغلي..
عقب حمزة على حديثها بنبرة جادة وهو يعتذر منها:
"حقك عليا، علشان مكنتش برد بس كانت نفسيتي وحشة وعندي مشاكل كتير في شغلي وفي حياتي غير أن ماما كانت تعبانة شوية، وحقيقي مكنتش عايز اشيلك همي ولا أبان قدامك شخص كئيب ولا بالحالة دي".
تحدثت سامية باهتمام حقيقي:
-ليه والدتك مالها؟!.
تمتم حمزة بتوضيح:
"يعني تعبت شوية كده بسبب الضغط وكانت في المستشفى كذا يوم وأغلب الوقت مكنش في شبكة إني أرد عليكي حقك عليا، متزعليش".
هتفت سامية بتردد ولكن كانت جادة فيما تقوله:
-مش زعلانة يا حمزة، وألف سلامة على والدتك ويارب تكون بخير دلوقتي..
"الحمدلله بقت أحسن كتير كُنا فين وبقينا فين، النهاردة رجعت البيت ولسه نازل وأول حاجة فكرت أعملها إني أكلمك واشوفك، وحشتيني وعايزة أقابلك..."
شعرت بالحرج الشديد من تصريحه بالأمر بأنه قد أشتاق لها بمنتهى الأريحية....
هي أيضًا اشتاقت له لكن لا تستطيع التعبير مثله وشعرت بالحرج حتى أن ترد على السؤال..
مما جعله يسترسل حديثه بنبرة هادئة:
"ها قولتي إيه؟! نتقابل النهاردة؟! قوليلي أنتِ فين أجيلك عقبال ما تخلصي"..
كانت ترغب بالفعل في رؤيته والحديث معه، ترغب في أن توافق على ذلك وتراه تحديدًا بأن أقصى شيء ساعة ونصف وتكون قد انتهت مما تفعله لكن وجدت نفسها تخبره كاذبة...
-للأسف مش هينفع عندي مشوار كده بعد ما أخلص مع ماما...
سألها حمزة بنبرة رجولية خافتة لمست كل ذرة بها:
"طب هشوفك امته طيب؟! بقولك وحشتيني"..
-مش عارفة بصراحة أنا الأسبوع ده عندي مواعيد وحجوزات كتيرة وغالبًا شغالة الاسبوع كله، وكمان...
قاطعها حمزة بسلاسة ويسر:
"مش مشكلة ياستي أي وقت تلاقي نفسك فاضية فيه كلميني الصبح او بليل أي وقت تكوني فاضية بس اتصلي وهكون عندك علطول.... "
_______________
"في نهاية اليوم"
بعد تفكير عميق كانت تقف بجانب سيارته تنتظر هبوطه ولقد انتظرته طويلًا بعدما تركت ميار تذهب وظلت في انتظاره إلى أن يُنهي عمله حتى تتحدث معه....
أنهى سلامة عمله وهبط قم سار حتى يتوجه صوب سيارته ليجدها واقفة بجوارها...
تحدث سلامة ما إن وصل لها:
-لسه مروحتيش يعني؟! ليه الست ميار مروحتكيش ما هي..
غمغمت جهاد بتردد وهي تنظر له باختناق ومقاطعة حديثه:
-سلامة متكبرش الموضوع أنا جاية أصالحك اهو وسيبك من ميار، أنا جاية أقولك أنا آسفة كان المفروض مقعدش ومتصورش مدام ده هيضايقك رغم أن كلنا زمايل عادي لكن مدام ده بيضايقك أنا مش هعملها تاني ومش هكررها..
تنهد سلامة وهو ينظر لها بتفكير...
فاليوم لم يكن يعطي تركيزه للعمل..
بل تركيزه كله كان يفكر بشجاره معها...
حينما هدأ قليلًا شعر بأنها لم تفعل شيء كبير إلى حدٍ كبير تلك المواقف واردة في العمل نعم، وهو يغار وغاضب من تصرفها بالرغم ومازال لكنه يحاول التفكير بشكل جاد في الأمر من ناحيتها ومن ناحيته....
حاول التفكير بكل الجوانب والظروف....
تمتم سلامة بنبرة جادة:
-ماشي يا جهاد؛ بس ياريت تعملي حسابك إني لو حسيت أن علاقتي أنا وأنتِ في حجر صاحبتك وكل حاجة بتروحي تعرفيها ليها، وتقعد تدخل كل شوية في أي مشكلة مش هيحصل كويس...
تمتمت جهاد بنبرة متوترة بسبب اتصال سلمى المُبهم وهي تسألها عن موعد عودتها ولم تخبرها في الواقع سبب منطقي:
-هي مكنش قصدها حاجة وحشة هي حاولت تدافع عني وتوضح الصورة قدامك...
تحدث سلامة برفض قاطع لما يحدث:
-قصدها مش قصدها أنا كلامي واضح يا جهاد تدخل البت دي في كل تفصيلة وكل حاجة أنا مش هسمح بيه، صاحبتك دي تكلميها وتكلمك، تخرجي معاها، لكن تدخل في اللي بيني وبينك لا.....
____________
-زعلانة منك يا دياب، زعلانة منك والله، كل ده يحصل ومتقوليش؟! وتغيب عني كل ده ولا تسأل عني ولا حاجة، ولا حد فيكم يقولي اللي حصل لحسنية؟!..
قالت بهية تلك الكلمات وهي تجلس بجوار دياب على الأريكة في منزلها فهو قرع الجرس وفتحت له ولم يرغب في الدخول قبل أن يتأكد من تلك الفتاة ليست هنا....
فهو أتى من عند الطبيب حديثًا وتناول الطعام مع عائلته وقرر الهبوط إليها..
تمتم دياب بهدوء:
-مكنتش في فرصة ومحبتش أقلقك واديني يا ستي في الآخر جيت وقولتلك كل حاجة...
ثم أخرج ميدالية مفاتحيه متحدثًا ببساطة:
-هخرج ليكي المفتاح من الميدالية مدام معاكي حد في البيت مش لازم يفضل معايا المفتاح..
ردت بهية عليه برفضٍ واضح:
-لا خليه معاك لوقت عوزه، أنا أصلا عايزاك تطلع ليا نسخة اديها للبت ريناد، لو معاك رقم الراجل كلمه وأنا هخلي الواد محمود يجيبه ويحطهولي في السبت لما يرجع من المدرسة..
تحدث دياب بنبرة هادئة وهو ينظر لها وفي سؤال واحد يتواجد في عقله غير تلك الصدفة العجيبة...
لما هذه الفتاة جالسة هنا؟!!..
وعلى ما يبدو فترة جلوسها سوف تستمر...
كونها ترغب في أن تعطيها مفتاح المنزل....
-خلاص أنا هعمله وابعته ليكي مع حور كده كده الراجل في الشارع اللي ورا مش بعيد..
ردت عليه بهية بلطفٍ:
-مش عايزة اتعبك يا حبيبي، وبعدين أهم حاجة الفترة دي كده تكون هادي، وكلكوا تكونوا حوالين أمكم أهم حاجة نفسية المريض ومعنوياته وفي نفس الوقت هونها على نفسك يا ابني، كله هيعدي ان شاء الله.
تنهد دياب ثم غمغم بخفوت:
-ربنا يهونها بإذن الله، أنا أهم حاجة عندي أن ماما تكون كويسة ومش عايز أي حاجة تانية من الدنيا..
-ان شاء الله يا حبيبي.
ثم تحدثت معه بجدية وحنان:
-مش حاسس أنك اتسرعت في موضوع ليلى برضو؟! البت غلبانة برضو ومينفعش تتأخد بذنب أمها...
رد دياب عليها بنبرة منطقية:
-ينفع ولا مينفعش اللي حصل هو الصح، أمها هتخلي حياتها جحيم لو كملت معايا، وأنا السنين اللي قدامي يمكن أكتر من السنين اللي هي عدت بيها معايا، اللي حصل هو الأفضل للكل وكل حاجة في أولها صعبة وبعدين الواحد بيتعود وبيتأقلم...
استشعرت بهية الألم في حديثه إلى حدٍ كبير...
لكنها ابتسمت له...
لتسمعه يقول وهو ينهض من مكانه بخفة:
-على العموم أنا ماشي علشان قدامي نص ساعة وتبدأ ورديتي في التوكتوك، ولسه هعدي على واحد صاحبي، يلا عايزة حاجة؟!.
تحدثت بهية برفقٍ:
-ماشي يا حبيبي عايزة سلامتك خلي بالك من نفسك بس، وابقي طمني عليك كل شوية كده واتصل بيا حتى لو مش عارف تيجي أهم حاجة تطمني عليك..
-ماشي..
سار بضعة خطوات لكنها استوقفته وهي تسأله بذكاء واضح:
-هي ريناد هي البنت اللي السبب في أنك تسيب شغلك صح؟!.
أستدار لها دياب متحدثًا بنبرة منزعجة ومغتاظة:
-هي اللي قالتلك؟!.
ردت عليه بهية وهي عاقدة ساعديها وتنظر أمامها:
-هي مقالتش بس أنتَ اللي قولت وأكدت شكوكي واللي بفكر فيه..
تحدث دياب بنبرة غير حقيقية مئة بالمئة أو بمعنى أصح لا يقتنع به إلى حدٍ كبير هو فقط يُكرر كلمات نضال أمامها:
-بيها أو من غيرها في كل الأحوال كنت همشي في الأول والآخر ده نصيب...
_____________
لم تتناول سلمى الغداء بل أخذت من غرفتها مأوى لها ولم يحاول أحد الحديث معها بعد عودتها رُبما لأن لا أحد يمتلك كلمات حتى جهاد التي أتت وشعرت بالصدمة حينما أخبرتها والدتها بما حدث....
فقد الجميع شهيتهم..
ولم يتبقى للكلمات موضع أو مكان...
تحدثت جهاد بارتباك وقلق شديد:
-طب وسلامة اللي جاي بكرا هو وأبوه؟! أقولهم إيه؟! وإزاي اقولهم حاجة زي دي أصلا، دول مشافوش أبويا كل الاتفاقات كانت معاكي ومع خالو...
غمغمت يسرا بنبرة متبلدة وهي تحاول التماسك قدر المُستطاع:
-خليهم يجوا في ميعادهم عادي متتكلميش في حاجة ولا تأجلي حاجة وأنا بكرا هحاول أوضح ليهم الموضوع.....
هتفت جهاد بقلق:
-أنا مش عارفة إيه اللي بيحصل...
تمتمت يسرا بنبرة مكتومة:
-ولا حد عارف اللي بيحصل يا بنتي، أنا لسه لغايت دلوقتي بحاول استوعب أنه جه وبحاول استوعب اللي قاله أصلا، ازاي بس؟!!!
_______________
خرطوم الارجيلة في يده جالسًا على مقعده المفضل.........
يسحب نفس من الأرجيلة متحدثًا وهو يضيق عينه موجهًا حديثه إلى سلامة ونضال الذين يجلسون معه كلاهما على مقعد محدد، وكان زهران يجلس بأريحية شديدة ويضع قدم فوق الأخرى...
-ياه الشقة دي فيها كل تفصيلة بيني وبين أمكم تتقال في كُتب وتُدرس، حب عمري اللي مش هيجي زيه لغايت أخر يوم في عمري...
مال سلامة على نضال هاتفًا بنبرة منخفضة:
-اومال لو مكنتش حب عمره كان اتجوز بعدها كام مرة؟!..
رد نضال عليه بنبرة خافتة هو الآخر:
-العدد في الليمون، كويس أنه بيحبها الحب ده، كان زمانه بيتجوز في الشهر الواحد أربعة، يمكن ده الحاجة الوحيدة اللي محجماه دي محدش عارف.
ثم صمت لثواني وأسترسل حديثه:
-او الشيشة هي اللي مخلياه أغلب الوقت مش فاضي بس، يا عيني عليها متحملة وشايلة كتير..
غمغم زهران بنبرة هادئة وهو ينظر إلى التلفاز لكنه يوجه حديثه لهما:
-كانت ست ولا كل الستات ألف رحمة ونور عليكي، دورت عليكي في كل الستات مش لاقي ضُفرك حتى...
تحدث نضال هنا تلك المرة وهو يميل على شقيقه:
-شوفت ظلمته طلع بيدور يا عيني عليها مش بيتجوز وخلاص يا جاهل خف ظُلم شوية...
تمتم سلامة بنبرة تشبه شقيقه:
-شوف يا أخى الراجل طلع مريض في الآخر ومحتاج يتعالج نفسيًا وأحنا اللي كنا ظالمينه أنام ازاي دلوقتي بعد ما ظلمت ابويا...
أردف زهران أخيرًا وقد اختلفت ملامحه المرتخية وهو ينظر لهما:
-هو أنتم بتتنيلوا تقولوا إيه وبتتكلموا بصوت واطي كده ليه؟!.
غمغم سلامة بنبرة بريئة:
-مفيش حاجة يا بابا كنت بتكلم مع نضال وبقنعه يجي معانا بكرا لما نروح نحدد ميعاد كتب الكتاب والفرح..
رد زهران عليه بعدما سحب نفس من أرجيلته ثم نظر لهما بسخرية:
-ده براوي ده؛ سيبك منه مش فالح بس إلا يدور مع دياب في الرايحة والجاية...
أردف نضال وهو يرفع حاجبيه:
-هدي اللعب يا بابا كده تعمل مشكلة ما بينا وتوقع ما بيني وبين أخويا...
تمتم سلامة ببساطة:
-لا عادي أنا مش عقلي صغير للدرجاتي وبعدين هتيجي تعمل إيه يعني...
تحدث نضال بنبرة هادئة وهو يسترسل الحديث بدلًا من شقيقه:
-وبعدين هاجي اعمل إيه صحيح ما أصل أنا مليش حد أروح اشوفه زيك يا حج أنتَ رايح لهدف معين..
صاح زهران في وجهه باستنكار كبير:
-أنا يا ابني؟! اتقي الله وبعدين أنا صرفت نظر عن الموضوع ده خلاص كان عندك حق يا ابني مضاقتش بيا الدنيا يعني اروح اتجوز حماة ابني، وبعدين يسرا دي مش التيب بتاعي...
ردد سلامة كلمة والده بعدم فهم:
-التيب إيه؟! ده زي الطيب أحسن يعني ولا إيه؟!..
هتف زهران ببساطة:
-التيب يا واد يعني مش نوعي المفضل في الستات ولا اللي يدخلوا مزاجي أنا بس كنت بنكشكم مش أكتر..
هتف سلامة بتصحيح بسيط وعفوي:
-الـ type..
عقب زهران على حديث ولده بنبرة جادة:
-لا يروح أمك أنا دفعت فلوس في تعليمكم قد كده، مش علشان تصحح ليا، لا علشان اتفشخر بيك وترتطن قدام الناس الغريبة لكن أنا أقول اللي أنا عايزه أنا مش في حواري لندن..
ثم غمغم حينما نما إلى صوته صوت الباب:
-قوم افتح الباب تلاقيه المكوجي كنت باعت له حاجات...
نهض سلامة واستجاب إلى طلب أبيه وفتح الباب ليجد أمامه صبي بالكاد يبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا يحمل على ذراعيه بعض الملابس الموضوعة في كيس..
-إزيك يا عبدالله، مين اللي فتحلك الباب تحت؟!.
رد الصبي عليه ببساطة:
-الحمدلله كويس، الست انتصار كانت باعتة هدوم وهي اللي فتحتلي...
بعد حديث روتيني وعفوي بين سلامة والصبي، دفع له الحساب وغادر...
فدخل سلامة ووضع الملابس على الطاولة أمام أعين نضال التي كانت على وشك أن تخرج من مكانها هاتفًا:
-العباية دي من العبايات اللي جبتها من السعودية، اللي مش بتلبسهم إلا في المناسبات الخاصة...
ببراءة شديدة كان زهران يجيب عليه:
-هو في مناسبة خاصة اكتر من جوازة ابني علشان أطلع واحدة جديدة فيها؟!...
الحديث لم يدخل عقل نضال ولكنه حاول تمريره لأنه يشعر بالصداع على أي حال....
ويحاول أن يحسن الظن بوالده...
_____________
في الشارع كانت تسير ريناد وهي تضع السماعة في أذنيها وكانت قد أقتربت من بوابة المنزل...
-وكده خلاص يومي خلص، وخلاص داخلة البيت ويعتبر الـ vlog خلص باقي بس اكتب محاضراتي واتغدى..
عند دخولها إلى بوابة المنزل وهي تحمل الهاتف بين يديها في وضعية التصوير اتصطدمت بجسد ما وكادت أن تسقط كما سقط هاتفها أرضًا لولا يده التي أمسكت بذراعيها وساعدها في التوازن....
أعتدلت وقبل أن ترى من الذي اصطدمت به انحنت وأتت بالهاتف صارخة في وجهه حتى بعد معرفتها هويته:
-هو أنتَ ورايا ورايا، ورايا ورايا....
تحدث دياب بغضب هو الأخر من صراخها:
-وطي صوتك أنتِ تعبانة في دماغك؟!..
غمغمت ريناد بنبرة منفعلة وهي ترفع سبابتها في وجهه:
-متغلطش فيا أنا بقولك أهو، وبعدين أنتَ اللي خابطني وبتزعق فيا..
ضرب دياب كفًا على كفٍ متحدثًا بإرهاق وغضب واضح:
-يا بنت الناس متخلنيش أفقد أعصابي أنا مش طايق نفسي، أنتِ اللي ماشية بتصوري نفسك ومبحلقة في التليفون...
تحدثت ريناد وهي تصرخ في وجهه وهي تفحص الهاتف:
-الشاشة اتكسرت اعمل فيك إيه؟! أقول عليك إيه؟!.
رد دياب عليها بنبرة واضحة:
-أنتِ اللي غلطانة بلاش استفزاز أنا...
قاطعته ريناد بوضوح وانزعاج شديد:
-ولا أنتَ ولا أنا، أنتَ تصلح ليا الشاشة؛ وتركب ليا شاشة و تتصرف مدام أنتَ السبب يبقى تتصرف الموبايل مش مدي حاجة اصلا...
غمغم دياب بعدم تصديق لما يحدث:
-حلي عني بقا، ارحمي اللي خلفوني...
نظرت ريناد على الناحية الأخرى ناحية متجر ما متحدثة بجدية فهى ذهبت في الصباح لشراء "cover" لهاتفها...
-تعالى معايا هتصلح ليا الشاشة أو هتدفعلي حقها حسب التكلفة هتيجي معايا مدام كسرتها تصلحها..
تحدث دياب بسخرية لاذعة:
-وأنتِ يا شملولة لما كنتي السبب في طردي من الشغل دفعتيلي المرتب يعني ولا إيه؟!.
ردت ريناد عليه بوقاحة من وجهه نظره:
-دي مش زي دي، أنتَ قليت أدبك عليا وده اللي استحقيته، لكن ده أنتَ اللي بوظته..
صاح دياب بغضب واضح"
-تعالي معايا علشان نخلص في ليلتك دي علشان موركيش قلة الأدب على أصولها...
رغم أنه لم يرى الهاتف لكنه وضع يده في سترته القطنية وتوجه صوب هذا المتجر وهي تتبعه بانزعاج واضح وحينما ولج دياب تحدث مع الشاي الذي يعمل هنا فهو يعرفه فأردف:
-شوفلنا الشاشة يا محمود بتاعت الأستاذة تتكلف كام علشان نخلص..
ثم نظر إلى ريناد هاتفًا بضيقٍ:
-اديله الموبايل..
أعطته ريناد الهاتف إلى الشاب ليأتي بأحد الأدوات ويقوم بإزالة "اللاصقة التي توضع على شاشة الهاتف لحمايته متمتمًا ببساطة:
-الشاشة مش مكسورة ولا حاجة دي الاسكرين..
غمغمت ريناد بعدم تصديق وهي تنظر إلى الهاتف:
-ازاي يعني مش الشاشة؟! وبعدين الموبايل مش شغال......
أردف دياب بجدية:
-فلوسك حلال يا واد يا دياب حطلها اسكرينة بثلاثين جنية أخرها معايا...
أخذ الشاب يضغط على زرٍ يتواجد بجانبه ليفتح ويظهر بأنه قد انتهت بطاريته...
-هو فصل شحن مش أكتر..
تذكرت ريناد بأنها بالفعل كانت ترغب في شحن بطاريته....
أخرج دياب ورقة نقدية من جيبه متحدثًا ببساطة:
-حطلها اسكرين يا محمود ومشيها علشان أنا مش فاضي استنى...
ورحل قبل أن ينتظر تعقيب ريناد الغاضب:
-إيه مشيها دي هو أنا قطة؟! قليل الذوق جدًا..
_______________
الــيوم الـتالـي..
-ألف سلامة عليكي يا ست يسرا..
أردفت يسرا بنبرة هادئة محاولة الابتسام والحديث بطريقة هادئة رغم ما تمر به...
-الله يسلمك يا حج زهران...
تحدث زهران بـ ودٍ مبالغ فيه وهو يجلس بجوار سلامة على الأريكة، بينما على المقعد تجلس يسرا وعلى المقعد المجاور لها تقبع جهاد....
-والله أنا كنت عايز أجيلك من بدري بس اعمل إيه في الواد سلامة هو السبب والله..
لم تفهم يسرا أي شيء مما قاله لكنها أردفت بتعبير بسيط:
-سلامة جه وعمل الواجب، وكأنك جيت يا حج...
غمغم سلامة محاولًا تغيير الموضوع بأي حديث:
-صحيح سلمى فين؟!...
تحدثت هنا جهاد بارتباك:
-يعني تعبانة عندها برد ونايمة شوية...
غمغم زهران بأسفٍ:
-ألف سلامة عليها، والله البت دي حد ضاربها عين، ما هو كده في الزمن ده الواحد بيتحسد على أخلاقه وأدبه...
تمتم سلامة مقاطعًا حديث والده:
-عندها برد يا بابا بس يا بابا ربنا يشفيها.
رد زهران عليه بجدية شديدة وابتسامة مرسومة على شفتيه:
-هو البرد ده شوية؟! ده أنا أول ما انزل هبعتلها حتة لحمة تعملوا بيها شوية شوربة يرموا عضمها.
تحدثت يسرا بحرج فهي ترغب أن تنتهي الجلسة في أقرب وقت ممكن هي لا تستطيع الحديث في شيء هي فقط ملتزمة بموعد لا أكثر، رجوع هذا الرجل الذي يدعي مدحت زلزل كيانها تحديدًا بحديثه عن ردها..
-ملهوش لزوم تتعب نفسك يا ...
قاطعها زهران بعتاب لطيف جدًا وهو ينظر نظرات جعلت سلامة يشعر بالقلق:
-والله ازعل، ده كلام أحنا أهل والغالي للغالي و....
قاطع سلامة حديث والده تلك المرة متحدثًا بقلقٍ شديد بعدما أرسل رسالة إلى شقيقه..
كانت تنص على..
"نضال ما تيجي اعمل أي حاجة أبوك ناقص يقوم يأخد الست بالحضن ويغنيلها من حبي فيك يا جاري يا جاري من زمان، الحقني يا نضال أبوس رجلك وتعالى"
- بمناسبة أننا أهل يعني أحنا كنا جايين نتكلم في موضوع كتب كتابي أنا وجهاد ونحدد ميعاد الفرح بالمرة، بما أن كل حاجة تعتبر خلصانة خلاص ومحدش فينا ناقصه حاجة، وأنا كلمت عم "رياض" وقالي أننا نتفق على كل حاجة ونبلغه علشان يظبط أجازته..
غمغمت يسرا بتردد:
-يعني اللي يريحك ويناسبك لما تشوف مواعيد القاعات، احنا معندناش مشكلة...
صدع رنين الجرس فنهضت جهاد بارتباك رغم أنها ليست متوقعة الطارق فهي ظنت بأنه ليس لديه الجراءة في الاتيان مرة أخرى وبتلك السرعة.....
فتحت جهاد الباب لتجده أمامها....
والدها "مدحت" وفي الوقت ذاته تحدث زهران بجسارة وجراءة تناسبه:
-احنا عايزين الفرحة تبقى فرحتين، فرحة جهاد وسلامة وفرحتنا التانية، انا جاي أطلب أيد..
قاطعه صوت رجل يظن بأنه قد رأه من قبل ولكن مرت سنوات عديدة على أية حال:
-يا مساء الخير، مش تكلموني أجي علشان عندنا ضيوف شكلي جبت في الوقت المناسب.......
دخل مدحت بعدما ترك قُبلة على جبهة جهاد التي كانت على وشك أن تبكي من فرط الحرج والانزعاج التي تشعر به ينما يسرا لم تتحدث بل حاولت أن تدارك الموقف قدر المستطاع فلا يمكنها افتعال شجار أمام خطيب ابنتها.....
اقترب مدحت وترك قُبلة على جبهة يسرا التي نظرت له بغضب أحرقه وهي جالسة في مكانها...
نهض سلامة وزهران الذي شحب وجهه وشعر بالقلق الكبير ليصافحهما مدحت ببساطة شديدة وكأنه كان قد رأهما ليلة أمس:
-منورين والله..
سأله سلامة بغباء شديد:
-أنتَ مين؟!
ضحك مدحت متحدثًا بنبرة ساخرة فـ على أية حال هو عرف ترك الاخبار من ابنة شقيقه وقد رأى صورة جهاد مع سلامة في خطبتهما:
-أنا ابو عروستك يا عريس ازاي متعرفنيش يعني...
رد سلامة بنبرة ساخرة بعض الشيء:
-يمكن علشان أول مرة اشوفك...
تحدث هنا زهران بلا استيعاب ولم يستطع كبح تعجبه وشحوبه الواضح:
-هو مش أنتَ كنت مطلق وسايب المنطقة من زمان؟!..
قهقة مدحت وهو يقترب من مقعد يسرا ويجلس بجوارها بسبب وقوف جهاد:
-هي كده الستات جوزها يكون متغرب علشانها وتقول للناس أنها اطلقت، ربنا ما يجيب طلاق أنا مقدرش استغني عن ام عيالي، ولا بناتي حبايبي، أقعدوا كده واقفين ليه..
كانت جهاد مازالت تقف عند الباب المفتوح وهي تراقب جلوس زهران وسلامة الذي يظهر على وجههما علامات الصدمة وعدم الاستيعاب التي تخفي خلفها ألف سؤال وسؤال...
تمتم مدحت ببساطة شديدة وهو يحاوط ذراع يسرا التي أنزلت يده بانزعاج جلي...
-كنت بتقول إيه بقا يا معلم جايين تطلبوا إيد مين غير جهاد اما دخلت عليكم؟!....
ردد زهران بتلقائية ولا يعلم كيف خرجت منه بتلك السهولة:
-جايين نطلب إيد سلمى لنضال ابني الكبير، ونخلي الفرحة فرحتين...
تحدث مدحت وهو يعقد حاجبيه بنبرة جادة:
-وهو في عريس بيجي أبوه يخطب ليه؟!..
ثم صمت لدقيقة تقريبًا تحت شحوب ملامح سلامة وغضبه الشديد مما يحدث...
أو مما على وشك أن يحدث...
غمغم مدحت باستنكار:
-فين نضال اللي أنتَ بتقولوا عليه ده؟!.
"أنا نضال"
قالها نضال الذي كان يقف على الباب بعدما استلم رسالة شقيقه ليأتي من أجل إنقاذ شقيقه.....
ولم يسمع أي شيء سوى صوت رجل غريب لا يعرفه يسأل عنه......
وقبل أن يتفوه نضال بحرف أخر أشار زهران ناحيته هاتفًا بثقة وابتسامة لا يدري كيف رُسمت على وجهه وهو يفعل ما يفعله:
-أهو العريس وصل أهو...
________يتبع________
لو وصلتم لهنا دمتم بألف خير ونتقابل في فصل جديد ان شاء الله💜💜💜
بوتو يحبكم دمتم بألف خير💜
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا