رواية ومجبل علي الصعيد الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم رانيا الخولى كاملة
رواية ومجبل علي الصعيد الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم رانيا الخولى كاملة
ومقبل على الصعيد
الفصل الاول
سقط عمران على المقعد وقد شعر بصعوبة بالغة في التنفس بعد تلك الصدمة التي تلقاها.
وأى صدمة! فقد كانت صدمه قاتله هزت ذلك الجبل الذي ظل ثابتًا رغم تلك المحن التي مرت عليه.
كيف فعل ذلك بنفسه وبأولاده، وقد خسر كل شيء وأصبح خالي الوفاض.
خسر ميراث أجداده والحائط المتين الذي كان مستندًا عليه ، فينتهي به الحال داخل ذلك المنزل الذى أصبح بين ليلة وضحاها لا يملك سواه
أنتهى كل شيء الآن
زواج ابنه الأكبر
ومشروع ابنه الأصغر
كل ذلك تلاشى بعد أن كان بين يديه
شعر بنغصه حاده في قلبه وقد ازدادت وتيرة تنفسه فاصبح يترنح في وقفته
حاول الوقوف لكن قدميه أصبحت كالهلام لم تستطيع حمله وقبل أن يسقط أرضًا كانت تلك اليد الداعمة له دائمًا تنتشله من السقوط
فسأله جمال بلهفه:
_ مالك ياحاچ؟
لم يستطيع عمران التحدث من شدة الصدمة التي تلقاها لتوه، وساعده جمال على الجلوس فوق الأريكة وأسرع بإعطائه كوبًا من الماء الذى تجرعه بظمأ
فيعاود جمال سؤاله بخوف:
_ مالك يا بوي؛ انت زين؟ ابعت أشيعلك الدكتور؟
رد عمران بتعب وقد هدئ تنفسه قليلًا:
_ أنا بخير ياولدى متجلجش؛ أنا زين.
لم يقتنع جمال بكلامه وقد ظهر الشحوب واضحًا عليه فقال بإصرار:
_لا أحنا لازمن نروح للدكتور أنت شكلك تعبان جوى خلينا نطمن.
لم يستطيع عمران إخفاء الأمر على إبنه الذي كان ومازال ذراعه الأيمن والداعم له في كل معضلاته فقال بألم
_ خلاص ياولدي مفيش داعي؛ بعد ما كل شئ راح وانتهى.
لم يستوعب جمال معنى كلماته وسأله مستفسرًا
_بتجول أيه ياحاچ، مش فاهم.
رد بألم:
_ حامد الخليلي مات أمبارح؛ جطاعين الطريج طلعوا عليه عشيه وضربوه بالنار وأخدوا الفلوس اللي معاه.
رغم الصدمة التي الجمته لثواني معدودة إلا أنه تحدث بثبات:
_ فداك الدنيا وكل شيء يابوى، كفاية علينا حسك في الدنيا
تساءل عمران بألم:
_ كيف بس ياولدي؛ وفرحك اللي بجيله سبوعين، ومشروع أخوك اللي بيحلم بيه من سنين؟!
رد جمال بحكمه:
_ فرحي يتأجل ياحاچ، وإن كان على منصور أخوي هو عمره ما هيفضل مصلحته عليك، هناخد فلوس المشروع وندفع بيها چزء من رهنية الأرض، ومع الوقت كل حاچه هترجع كيف لول وأحسن كمان.
لم يقتنع عمران بكلام ابنه فهو يعلم منصور جيدًا لن يتنازل عن حلمه لأجل أحد حتى وإن كان والده
أردف جمال
_ تعالى معي تروح اوضتك وترتاح على فرشتك وأرمي حمولك كلها عليا؛ وبعون الله هنعدي الأزمة دي زي ماعدينا كتير غيرها.
هز عمران رأسه بيأس
_ بس المره دي واعره جوي.
أكد له جمال وهو يمد يده يسنده
_ هتعدي يابوى، هتعدي.
استند عمران على جذعه الذي لم يلين يومًا ومنذ صغره وهو دائمًا جدار صلب يستند عليه إذا مال ولو قليلًا.
وعند خروجهم من الغرفة تفاجئت جليلة برؤية معشوقها الذي لم يهدئ حبهم مهما مرت الأعوام، تراه الآن وهو خارجًا من مكتبه مستندًا على ولدها، بقلب ملتاع أسرعت اليهم وهى تسأله بخوف:
_مالك ياحاچ؟
نظرت لابنها وأردفت
_ أبوك ماله ياجمال؟
قال عمران بتعب
_متجلجيش ياجلية انا زين والحمد لله
أمسكت ذراعه الاخرى وساندته حتى صعدت به غرفتهم واستلقى على الفراش بمساعدة ابنه
دثرته جليله جيداً ثم نظرت الى ابنها قائله
_ روح انت ياولدي وأنا هفضل معاه
نظر جمال الى أبيه وقال بصوت أجش
_ أن احتاچتنيى يابوي فأنا ديمًا في ضهرك، متجلجش من حاچه واصل طول ما انا عايش.
أومأ له بعينيه
فتناول يد أبيه ليقبلها ثم خرج من الغرفه كي يذهب إلى أخيه ويخبره بما حدث.
❈-❈-❈
صعدت جليلة على الفراش بجواره وقلبها يأن ألماً على رؤيته بتلك الحاله.
فهذا حبيبها منذ الصغير ورغم كل الصعوبات التى وقفت تهدد صفوهم إلا إن عشقهم حارب تلك الصعوبات ببسالة حتى تلاشت وانتصر العشق حينها.
_مالك ياعمران أحكيلي..
❈-❈-❈
وقف مذهولاً من رده وكأن من أمامه قد تلاشت من قلبه الرحمة
لم يرأف بحالة أبيه ولا ما سيحدث له لو ضاعت تلك الارض من بين أيديهم، يعلم جيدًا بأنه لا يبالي بأحد لكن لم يتخيل يومًا أن تصل به الأنانية لدرجة الإنحطاط
وكان من امامه نزعت من قلبه الرحمة
_للدرجة دي محناش فارجين معاك؟!
علا صوته قليلاً وهو يتابع
_ للدرجة دي انت أناني وميهمكش غير مصلحتك وبس؟
استدار منصور حتى يوليه ظهره ورد قائلاً بجحود
_ أبوك اللي غلط ولازم يتحمل لوحده نتيجة غلطه، قلتله ونبهته انه لازم يضمن حقة بشيك ولا أي حاجه؛ بس هو مهتمش حتى بكلامي، اهو الراجل مات وريني بقى هيقدر يثبت حقه إزاي.
لم يتخيل يومًا أن يكون أخاه بكل تلك الحقارة، يتحدث عن والده وكأنه عدو وسأله بتوجس
_ أنت شمتان ف أبوك إياك؟!
نفى منصور قائلاً
_أنا مش شمتان ولا حاجه، وبعدين دي مش قصتنا، أنا مستحيل أتخلى عن حلمي لأى سبب من الأسباب، المشروع ده هو اللي هيرفعني لفوق مش أرض وكلام فاضي.
لم يصدق جمال ما نطق به لسان اخيه
وشعر بأن من يقف أمامه متبجحاً الآن لا ينتمى اليه بقيد أنمله
رآه يخرج من الغرفة وهو يحمل حقيبته مستعداً للذهاب ويبدوا أنه ذهاب دون عودة فيصيح به جمال
_ بردك هتمشي وتهملنا؟
رد بإصرار وهو يتابع خروجه
_ أيوة ومش راجع هنا تاني..
❈-❈-❈
انتهى عمران من سرد ما حدث معه منذ أن أتفق مع رفيق عمره على إنشاء ذلك المشروع الذين حلموا به كثيرًا منذ صغرهم
لكن يشاء القدر أن ينتهى به الحال مقتولاً من قاطعي الطريق وسرقة ما بحوزته
بعد أن رهن كليهما أراضيهم حتى يستطيع كلاهما توفير المال المطلوب منهم.
_ هى دي كل الحكاية ياچليلة، معرفش أعمل أيه دلوجت.
ربتت جليلة على كتفه تحاول تهون الامر عليه
_ إن شاء الله هتتحل وربك مش هيسيبنا واصل، وإن كان على الرهنية أنا هسحب الفلوس اللي بأسمي في البنك ودهبي وكل شئ حداي ، وبردك فلوس المشروع بتاع منصور، وإن اتسلفنا جرشين عليهم ونفكوا الرهنية.
ابتسم عمران بحزن وقال بيأس
_ كل اللي بتجولي عليه ده مش هيكفي نص الفلوس حتى.
ردت جليلة بتفاؤل وهي تضغط على يده
_ لو كفت نص الدين يبجى زين جوي، ويعالم يمكن ربنا يفرجها من عنديه.
ردد بتمنى
_ يارب
طرقات خافته على باب الغرفه تلاها دخول جمال الذي لم يستطيع اخفاء حزنه تلك المره وقال لوالده
_ كيفك دلوجت يابوى؟
أيقن عمران من نظرات ابنه بأن منصور لم يوافق على التنازل، فأراد التأكد أكثر
_ بخير ياولدي أومال فينه منصور؟
ارتبك جمال ولم يستطيع الرد، فعلم حينها أنه رفض أعطاءه المال الذي بحوزته وسأله بغصة
_ سافر مش إكده؟
التزم الصمت ولم يستطيع البوح بما في داخله فأردف عمران
_ ولدي وأنا خابره زين، كل اللي يهمه مصلحته وبس.
هزت جليلها رأسها بحزن من ذلك الذي لم ولن يتغير مهما حدث، فقال جمال بثقة
_ متجلجش يابوي وزي ما جلتلك سيب كل حاچه عليا، وأنا جدها إن شاء الله.
نظرت جليلة إلي ولدها الذي يحاول بصعوبة أخفاء حزنه لتقول بثقه
_ جدها ياولدي وخابره إن الحمل تجيل عليك، بس إن شاء الله ربنا هيخلف عليك بالزين ويجبر بخاطرك.
....
خرج جمال من منزله متجهًا إلى منزل محبوبته، عليه أن يخبرها بكل شئ ويترك لها حرية الإختيار، إذا أرادت أن تبتعد فلن يلومها على ذلك، فهو لا يعرف حتى الآن ما يخبئه له القدر، لكن بوادره تخبره بأنها أيام عسيرة، وربما لا ترحم
وصل إلى منزلها فيجد والدها وأخيها في المنزل، وعندما رأوه رحبوا به بسعة
_ أهلًا بولد الغالي.
قالها والدها وصديق أبيه عند ولوجه للمنزل مما جعل الكلمات التي نوى قولها تنحشر في حلقه فتآبى الخروج.
جلسوا جميعًا في مضيفة المنزل وجمال يحاول بصعوبة بالغة انتقاء الكلمات التي سيلقيها عليهم فتحدث بإحراج
_ لو سمحت ياعمي كنت رايد أتحدت معاك في موضوع مهم ولازمن وسيلة تكون موچودة
شعر عاصم بالقلق وسأله بتوجس
_ جلجتني ياولد عمران خير
رد بإحراج اشد
_ معلش زى ما جولتلك لازمن تكون موجودة لأن الكلام ده يخصها بردك
نظر عاصم إلى ولده وأمره بأستدعاءها فآتت على الفور
تقدمت منهم ولأول مره ينقبض قلبها عند رؤيتها لملامحه التى لا تبشر بخير مطلقًا
_ السلام عليكم
رد الجميع السلام ثم آمرها والدها بالجلوس معهم ونظر إلى جمال قائلاً
_ أهى چات جول بجى اللى عنديك.
ازدرأ ريقه بصعوبة ومازال يهرب بعينيه بعيدًا عن محيط عينيها التي تنظر إليه بتساءل وقال بثبات زائف.
_ أنا رايد أكون صريح معاكم وخبركم باللي حُصل، وبعدها هسيبلكم حرية الأختيار، ولو رفضتم مجدرش ألومك وهعملكم اللى رايدينه.
ٱانقبض قلبها أكثر وأرادت أن تخرج الجميع وتبقى معه وحدها حتى تعرف ما يود قوله لكن وليد أخيها سبقها قائلًا
_ متجول في إيه من غير مجدمات.
بدأ جمال بسرد كل شئ حتى أردف في النهاية
_ وأنا چاي دلوجت عشان أجولكم إني بعفيكم من الچوازه دي لأن الأيام الچاية دي هتكون صعبه جوي وحرام أظلمها معاي.
ساد الصمت قليلًا بين الجميع وكلًا ينظر للأمر بمنظور آخر حتى تحدث عاصم بإستياء
_ ردي مش هيكون ليك ياولد عمران ده هيكون لأبوك اللي عتابي ليه هيكون جاسي جوي.
حاول جمال التحدث لكنه منعه قائلًا
_ جلت ولا كلمة.
خرج عاصم دون قول شئ وترك جمال الذي لا يعرف ماذا يفعل الآن ينسحب بهدوء أم يبقى أمام تلك التي تنظر إليه بعتاب آقسى مما يتحمل، تحدث وليد بثبات
_ طيب انا هسيبكم دجيجتين وراجع تاني
خرج وليد تاركًا الاثنين في حيرة من أمرهم، تهربت الكلمات منه وكأنه تلاشت منه أبجدية الكلمات.
حتى قاطعت هى ذلك الصمت بعتاب
_ للدرچة شايفني جليلة الأصل يا جمال؟
أصابته الكلمة في مقتل ليرد مسرعًا
_ حشى لله يابنت الناس، كل الحكاية إني مش رايد أظلمك معاى واني معرفش الأيام اللي چاية دي هتكون كيف وعشان أكده جلت أخبرك بكل شئ.
تابعت عتابها
_ وانت لما تبعد عني جبل فرحنا بإسبوعين ده مش ظلم بردك؟
قالتها بلوم جعلته يستاء من نفسه، لم يفكر في ذلك الأمر كل ما جال بخاطره هو انقاذها من براثين الفقر الذي سيعاني منهم في الأيام المقبله فيرد بنفى.
_ أنا مقصدش واصل اللي فهمتيه، بس كان لازمن أخبرك بكل حاچه غير كمان انا معدش حيلتي حاچه واصل اجدمهالك، ولا حتى مصاريف الفرح
تابعت بلوم أشد أرادت به إيلامه كما آلمها
_ يعني عادي أكده تتخلى عني تسيبني لغيرك.
تحول الحزن إلى غيره قاتلة عند ذكر تلك الكلمة، لكنه تحكم في غيرته وتحدث باقطتاب
_ جلتلك.غصب عني ومش بيدي.
هم بالإنصراف لكنها وقفت أمامه تمنعه وقالت بحكمه
_ أنا بحبك يا جمال ومعاك مهما تكون ظروفك، هكون سند ليك؛ الحضن اللي ترمي فيه همومك، الجلب اللي هيحس بيك لو جلت آه وأنت بعيد عني
ده اكتر وجت محتاچني فيه، مستحيل أتخلى عنيك واصل مهما حُصل.
تهرب بعينيه منها وقد لامست بكلماتها قلبه العاشق لها وتحدث بألم
_ خايف عليكي من اللي چاى.
ردت بنفي
_ بخاف عليكي من بعدي، مش ده كلامك ليا، ليه دلوقت خايف عليا من جربك.
لاحت ابتسامه صافية على محياة مما جعلها تبتسم بدورها وأردفت بصدق
_ الحياة من غيرك ملهاش طعم ولا عازه يبجى إزاى عايزني أفارج الروح اللي متعلجه بروحي.
تاهت الكلمات بين شفتيه واكتفى بالنظر لتلك العينين التي تشبه صفاء شمس الشروق.
فيفيق كلاهما من تلك الفقعه الوردية على صوت وليد أخيها
_ معلش ياچمال بس الحاچ مشيعلك تاچي دلوجت.
حمحم جمال بإحراج وأومأ له ليخرج دون قول شئ.
❈-❈-❈
بعد خروج عاصم من منزله
ذهب مسرعًا إلى صديقة الذي أخفى عليه ذلك الأمر، لقد أخبره بشأن تلك الصفقة لكن رفض المشاركة بها وحاول اثناءه عن ذلك لكنه صمم كى يساعد ولديه.
دلف إلى المنزل يسأل عنه فتخبره الخادمه بأنه قد تعب قليلًا وهو الآن في غرفته
قال عاصم بإصرار
_ جوليلوا إني رايده ضروري ولازمن اجابله
صعدت أم حسين لغرفته لتطرق الباب فتفتح جليله وتسألها
_ خير يا أم حسين أنا مش جيلالك أنه عايز يرتاح.
ردت ام حسين
_ الحاج عاصم تحت ومصر أنه يجابله سمعوا صوت عمران الذي تحدث بتعب
_ دخليه المكتب وأنا چاي دلوجت
أنصرفت ام حسين وتدلف جليلة فتجده ينهض من الفراش بتعب حاولت منعه لكنه اصر قائلاً
_ أكيد أبنك خبره بكل شئ لأنه جال هيأچل چوازته
ساعدته بإرتداء جلبابه ونزل للأسفل
وهو يحاول الثبات أمام صديقه الذي وقف ينظر إليه بعتاب فأشار له بالولوج إلى غرفة المكتب ليتحدث عاصم بعتاب
_ أيه اللي حُصل ياخوى.
سقط قناع الثبات أمام صديقه وبئر أسراره ليرتمي على الأريكة وهو يقول بألم.
_ وكأن صدمه واحده مش كفاية چاتني التانية بعديها طولي.
جلس عاصم بجواره ليسأله بحيرة
_ كيف ده أحكيلي.
تنهد بألم وتابع
_ أكيد چمال ولدي حكالك كل شئ بس اللى جهرني هو منصور ابني اللى رفض يجف جانبي في محنتي ورفض يعطيني الفلوس اللي أخدها واللي عمل كل ده عشان أحجج له حلمه، أخد الفلوس واتخلى عنينا وهمل البلد وسافر.
لم تكن حالته تسمح بالعتاب مما جعل عاصم يقول بدعم
_ أحنا عشنا عمرنا كله نجف جانب بعضينا، ياما وجعت وملجتش غير يدك اللي بتساعدني أجف على رچلي من تاني، ويوم انت ما تجع هتلاجي يدي وضهري سندينك
حاول عمران الأعتراض لكن عاصم منعه بحزم
_ ألغي أى كلام دلوجت، أهم حاچه أننا نلحج الأرض جبل ما تضيع منينا وبعدين يبجى نتحاسب
لم يزيده حديث عاصم سوى مراره وحزن آلم قلبه عندما قارن حديثه وموقفه معه بحديث ابنه.
طرق الباب ويدلف حينها جمال الذي ما أن رآه عاصم حتى تحدث بلوم
_ كمان باعتلي ابنك يرچع في كلمته اللي أدهاني جبل الفرح بسبوعين؟! عيب عليك جوى.
تفاجئ عمران مما يقول ونظر إلى جمال الذى تهرب بعينيه بعيدًا عن عين أبيه وسأله بسخط
_ صُح الكلام ده؟
لاول مره يشعر جمال بحماقة تسرعه وتحدث باقطتاب
_ الموضوع مش أكده يابوى
تحامل عمران على نفسه وهمّ واقفًا رغم تعبه وسأله بأنفعال
_ أومال أيه؟
حاول ان يتحدث بثبات وألا يشعر أحدهما بالضعف الذي يكتسحه الآن
_ كل الحكاية إني خيرتها لأن الأيام الچاية هتكون عسيرة جوى وأنى خايف أظلمها معاي، دي كل الحكاية.
لم يريد عاصم توبيخه أكثر من ذلك لعلمه بصدق حديثه ومدي تعلقه بابنته، وإن كان تسرع بقول تلك الكلمات التي تحدث بها من خلف قلبه فعليه أن يكون لينًا قليلًا معه ليقول بجدية
_ اللي جولته ده يزعل ياولدي، بنتنا بنت أصول تعيش مع چوزها على الحلوة والمره
الفرح إن شاء الله هيتم في ميعاده، ومش رايد حديت تاني في الموضوع ده.
بس المهم لول إننا نفك رهنية الأرض
الدهب اللي جيبته لبنتي ده حجك
حاول عمران الرفض لكنه لم يمهله فرصه للحديث ليتابع بحزم
_ الدهب ده دهبكم وبعد ما تتفك الأزمه دي يبجى تعوضه المهم إننا نعدي المحنه دي كل واحد فينا يتصرف من جباله ونچهزوا أى مبلغ ونبعته للحاج عتمان
تقدم من جمال وتابع بلوم قبل ذهابه
_ الكلام اللي جلته ده حسابه واعر جوى بس بعدين، يالا أسيبكم دلوجت ونتجابل بعد صلاة العشا
بعد إنصرافه اخفض جمال عينيه أمام نظرات أبيه العاتبه وتحدث بإرتباك
_ أنا خابر زين إني غلطت بس كان لازمن أعرف رد فعلها لما تعرف الحجيجة.
كلمات واهمه تحدث بيها كي يتجنب تعنيف والده له، وهو فعل ذلك كي يسمع منها تلك الكلمات التي أطربت قلبه وجعلت الصعب لينًا
وكان والده يعلم ذلك علم اليقين فيقول بتفاهم
_ خابر ياولدي بس مكنتش تتجال بالطريجة دي، وعلى العموم المواقف اللي زى دي بتعرفك عدوك من حبيبك وإن شاء الله فرحك عليها هيكون في ميعاده
قبل يد والده وهو يقول بحب
_ ربنا يخليك لينا يابوى.
ابتسم عمران رغم الالم الذي أحتل قلبه بفعلت منصور الذي أخذ مبلغًا كان بوسعه تغطية قدر كبير من الرهنية، لكن عليه الدعاء له بالنجاح حتى يشعر بأن ماله لم يضيع هدر.
❈-❈-❈
ظل ينظر إلى الحقيبة التي وضعها على المقعد بجواره وفي داخله صراع لا يرحم
بين الوقوف بجوار والده وبين تحقيق مع سعى كثيرًا لتحقيقه.
الان حلمه بين يديه لما يفرط بيه ولأجل ملا يغني ولا يسمن من جوع، عادات وتقاليد عفى عليها الزمن لكنهم حتى الآن متشبثين بها
أوقف السيارة على جانب الطريق يحاول بصعوبة الوصول لقرار
أمامه طريقان إما المضى قدمًا وتحقيق حلمه؛ وإما العودة لوالده كي ينقذه من تلك المحنه، شتان بين الأثنين حتى قرر في النهاية......
ياترى منصور هيرجع لأبوه ويتخلى عن حلمه ولا هيختار حلمه ؟
ومقبل على الصعيد
رانيا الخولي
الفصل الثاني
❈-❈-❈
نظر في مرآة السيارة ينظر إلى تلك البلدة وهو ينطلق بسيارته، وكأنه يودعها الوداع الأخير، لا ينكر تعلقه الشديد بها كموطنًا له، رغم تعلقة الأشد بحياة المدينة.
كلما أبتعد بسيارته؛ كلما ضغط على قلبه الذي يحن لمن تركهم خلفه، عليه الثبات إذا أراد السعى خلف حلمه، لن يلتفت خلفه بعد الآن، هو أكثر من يعلم بأخيه ويعلم جيدًا بأنه يستطيع بسهولة إنقاذ والده من تلك المعضلة.
هكذا أقنع ضميره الذى يعاتبه على تركه لهم.
❈-❈-❈
في منزل عاصم
كان عاصم جالسًا في مكتبه عندما ولجت وسيلة ووالدتها تحمل بين يديها حقيبة صغيرة
تقدمت من والدها ووضعت الحقيبة أمامه وهى تقول بجدية
_ أتفضل يابوى
نظر عاصم إلى الحقيبة ثم سألها بأهتمام
_ أيه ده؟
أجابته بهدوء
_ دي دهباتي كلها بيعها يابوى وأدي تمنها لچمال هو أولى بتمنهم.
نظر عاصم إلى أبنته وأراد التأكد إذا فعلت ذلك بدافع الواجب أو شئٍ فرض عليها فسألها بتوجس
_ برضاكي ولا مغلوبه على أمرك؟
ردت وسيلة بصدق
_ چال دلوجت في حكم زوچي والزوچة اللي متجفش مع راجلها في محنته يبجى متستهلش تعيش معاه وچمال عمره مابخل عليا بشئ ولازمن لما يتعرض لأزمة زي دي يلاجينى واجفه في ضهره، ولو بـ يدي شئ تاني كنت عملته
نظرة لخاتم الزواج الذي لم تستطيع التفريط به وتابعت بثبات
_ أنا مخلتش غير دبلته لإني مجدرتش أخلعها، بس لو أحتاچها أدهاله بطيب خاطر.
ابتسم عاصم بفخر لوردته التي أحسن تربيتها وتحدث بفخر
_ بنت أبوكي صُح
تقدم منها يربت على كتفها وتابع بجدية
_ في حاچه بردك لازمن تعرفيها، إن الست لما تجف جانب زوچها لازمن مـ تحسسوش بإكده واصل، وأنها صاحبت چميل علية، ده اللي ربنا آمرنا بيه، الأيام اللي چاية دي هتكون صعبة جوي عليه وعايزك ديمًا تكوني الحضن الدافي اللي ياچي يترمي چواه وينسى همومه، أنتي مش هتكوني زوچه وبس، لا أنتي هتكوني كل حاچه محتاچها في الوجت ده لحد ما تمر المشكلة دى، وإن شاء الله هتعدي على خير
تعلم ذلك جيدًا وستظل تدعمه حتى يعود كما كان
_ متجلجش يابوى أني خابره ده زين وربنا يجدرني وأكون جد المسؤلية
أكدت أم وليد بثقة
_ جدها وجدود يابنتي
ثم نظرت إلى عاصم وأردفت
_ وأني كمان چهزتلك دهباتي كمل عليهم بالفلوس اللي ركنها لزواچة وليد، دول ياما وجفوا معانا.
❈-❈-❈
وصل إلى القاهرة متوجهًا إلى منزلها، يريد أن يشرح لها ما حدث حتى تخفف عنه ذلك الألم
فأشد آلم هو آلم الضمير .
طرق الباب حتى فتحت له وفور رؤية ملامحه المتجهمه تلاعب الخوف بها فتحدثت بإرتباك
_ أهلاً يامنصور أتفضل
دلف منصور المنزل وهو يسألها
_ أومال عمي فين؟
سألته بتوجس
_ مالك يا منصور شكلك بيقول إن فيه مشكلة، أوعى يكون باباك رفض يديك الفلوس .
هز رأسه بنفي وتحدث باقطتاب
_ متقلقيش الفلوس كلها معايا؟
لم تستطيع أخفاء سعادتها بهذا الخبر وقالت بفرحة
_ بجد ياحبيبي أومال مالك مكشر كده ليه، رعبتني.
ابتسم لسعادتها رغم حزنه ورد بهدوء
_ متشغليش بالك أنا كويس
تقدمت منه تجلس بجواره وقالت بقلق
_ كويس إزاي وأنت باين إن فيه حاجه مضيقاك.
لم يستطيع أخفاء الأمر عليها وبدأ بسرد كل شئ من البداية حتى مجيئه إليها وتابع بجدية
_ أنا كده غلطت في حاجه؟
ردت سمر بنفي
_ طبعًا لأ، ده حقك ووالدك غلط لما عمل كده ولازم يتحمل نتيجة غلطة، ده مستقبلك ولازم تتمسك بيه ، تقدر تقولي لو كنت ادتهم الفلوس كانوا هيعملوا أيه؟
هيرجعوا شوية تراب وخلاص، وأنا شايفه إن الأرض دي مكسبها خسارة.
_ بس الأرض عند الصعايدة شرف اللي يتخلى عنها يبقى بيتخلى عن شرفه.
_ بس محدش أتخلى عنها، دي مجرد رهنيه ووقت ما يجهزوا الفلوس يقدروا يستردوها من تاني ، يعني الموضوع أبسط من اللى أنت عامله ده.
أستطاعت بمهارة أن تخسر صوت ضميره وتابعت بمكر
_ وبعدين كل واحد فيكم بيجري ورا هدفه، بمعنى إن جمال هدفه الأول والأخير هى الأرض، وأنت هدفك هو المشروع يبقى ليه عايزك أنت اللى تتخلى عشانه، ليه هو متخلاش عشانك.
تابعت بث سمومها عندما لاحظت شروده
_ لو كنت فاكر إنك باللي عملته كده تبقى أناني فبالعكس جمال هو اللي أناني ومش بيفكر غير في مصلحته وبس
فكر أنت كمان في مصلحتك وشوف حياتك.
أجادت دورها بأتقان وجعلته يسقط في براثينها، وقد قضت على ما تبقى بداخله من شيم الرجال..
❈-❈-❈
طرق جمال باب والده فخرجت له جليلة وهى تحاول الثبات أمامه وخاصةًعندما سألها عنه
_ أبوى عامل أيه دلوجت؟
لم تستطيع التظاهر بالثبات أكثر من ذلك ليسقط ذلك القناع وهي تقول بألم
_ مجدرش حتى يصلب طوله، خايفه عليه جوى.
ربت جمال على كتفها وقد آلمه رؤيتها بتلك الحالة وقال بتعاطف
_ متجلجيش إن شاء الله هيبجى زين، بس إنتي خليكي چانبه وأنا هروح دلوجت مع عمي عاصم نسدوا رهنية الأرض.
سألته بسعادة
_ كيف ده؟ عملت ايه.
ابتسم بحب وهو يقول
_ بعت عربيتي والفلوس اللي كانت بأسمي في البنك، وعمي عاصم جهز مبلغ كبير جوي والحمد لله قدرنا نجمع جزء كبير وهنروح دلوجت نجابل الحاج عتمان ونفك الرهنية.
ازدادت سعادته بذالك الخبر
_ الحمد لله، كان ظني في الله خير، احمده وأشكر فضله، هدخل أفرح أبوك
منعها جمال من الولوج وهو يقول
_ استني ياأمّاى لما نشوف لول هنعملوا ايه، لما ارجع إن شاء الله انا بنفسي اللى هخبره، هسيبك دلوجت لإن عمي ووليد مستنيينى تحت
_ بالسلامه ياولدي.
ذهبوا جميعًا إلى منزل عتمان الذي كان بإنتظارهم وفور جلوسهم تحدث عاصم
_ أحنا جايين نفك رهنية الأرض ياحاچ عتمان، صحيح مش المبلغ كلياته بس چهزنا چزء كبير منيه والباجى إن شاء الله هنكتب بيه وصل آمانه لحد ما نچهزه
رد عتمان بعتاب
_ أنا مكنتش موافج على العجد ياحاچ عاصم عشان أمضيكم على وصل آمانه
تقدم عتمان من درج مكتبه وأخرج عقد الرهنية من أحد الأدراج وتقدم منهم وهو يتابع بجدية
_ عيب جوى الكلام ده؛ اللي بينا كلمة رچالة مش حبر على ورج
ناوله العقد ثم أردف
_ العجد معاك وإن كان على الفلوس الباچيه براحتكم كأنها متشاله مع الحاچ عمران.
نظر إلى جمال وتحدث بصدق
_ اللي عنده ولد زيك ياچمال ياولدي ميسجطش واصل
أيد عاصم رأيه وهو يقول بفخر
_ مش ولد عمران النعماني
ثم نهض من مقعد وهو يردف
_ طيب نستأذن احنا بجى وهيبجى لينا كلام تاني.
خرجوا جميعًا من المنزل وأثناء عودتهم قال عاصم لجمال
_ إحنا إكده الحمد لله حلينا المشكلة ، انا خابر إن الأيام الچاية هتكون تجيله عليك بس أنت جدها ولو مش واثق إنك جدها مكنتش اديتك حته مني، يالا بجى شد حيلك عايزين حاچه تفرحنا بعد اللى شوفناه اليومين اللي فاتوا دول، والفرح زي ما اتفاجنا في ميعادة
أيد جمال رأيه
_ الغمه آخرها فرح، والحمد لله مرت الغمه والفرحه على الأبواب.
ابتسم جمال بأمتنان لذلك الرجل الذي لم يتخلى عنهم وظل بجوارهم هو وإبنه حتى مرت تلك المحنه
_ البركة فيك أنت ووليد وربنا يجدرني واردلكم كل الفلوس اللي دفعتوها
رد عاصم بحده
_ بلاش كلام ملوش عازه، أنا وأبوك مفيش بناتنا الحديت الماسخ ده.
حاول جمال التحدث لكن وليد قاطعه
_ بزيداك عاد ملوش لازمه الكلام دلوجت، المهم تلحج تبشر عمي اللي لولا إن الوجت وخري كنت روحت فرحته بنفسي.
رد جمال بإمتنان
_ ربنا يزيد المحبه بينا.
انصرف كلًا إلى وجهته وعاد جمال إلى المنزل سريعًا
❈-❈-❈
عاد والدها إلى المنزل ليجد منصور في إنتظاره ليقول بترحيب
_ السلام عليكم إزيك يامنصور
رد منصور بتهذيب
_ الحمد لله ياعمي
تقدمت منه سمر وهى تقول بسعادة
_ على فكرة يابابا منصور جهز الفلوس وهى معاه دلوقت، وعايزين نبدأ فيه من بكرة
اومأ شريف بفرحة وهو يجلس على المقعد
_ خلاص بكرة الصبح إن شاء الله هنبدأ نجهز المعدات، والمكان جاهز زي ما اتفقنا.
تحدثت سمر بحماس
_ أنا مش مصدقة إن أخيرًا المشروع هيتم
_ مدام الفلوس جاهزه كل حاجه هتم بسرعة، هنكلم بردوا المحامي يجهز عقود الشراكة اللي هتكون بينا وربنا معانا
❈-❈-❈
دلف جمال غرفة والده بعد أن سمحت له والدته بالدخول ليقول بسعادة
_ السلام عليكم.
ردت جليلة
_ وعليكم السلام ياجلبي، عملت أيه؟ طمني.
أقترب من والده ليقبل رأسه بحب وقال بسعادة
_ الحمد لله الأرض ورجعت يابوى.
أندهش عمران مما سمعه وسأله بجدية
_ كيف ده؟ وچيبت الفلوس منين؟
قص عليه ما حدث منذ البداية لينهى حديثه قائلًا
_ والحاج عتمان رفض نمضيله على وصل آمانه وجالنا هاتوها على ماهلكم.
ظهر الحزن واضحًا على وجه عمران وقد لمعت العبرات داخل عينيه فتسأله جليلة بقلق
_ مالك ياحاچ هتبكي ليه دلوجت؟ خلاص كل حاچه أتحلت والأرض رچعت، أيه بجى اللي مزعلك
كان يريد البوح بما يدور بداخله، وذلك القهر الذي شعر به من فعلة ابنه لكنه كتم بداخله حتى لا يحزن تلك التي تحاول بقدر الإمكان الثبات أمامه، لكن بداخلها قهر يوازي قهره وربما أكثر.
_ ده من الفرحه يا جليلة، الحمد لله على كل شيء
ربتت على يده التي لم تتركه لحظه واحده وظلت حاضنه إياها بين يديها وهى تقول براحه
_ غمة وأنزاحت ومع شوية صبر هنرچع كيف لول وأحسن كمان
نظرت إلى ابنها وتابعت
_ ربنا يخليك ضهر وسند لينا ياولدي ويرزجك من غامض علمه.
ابتسم لها بسماحه وهو يقبل رأسها ويقول بحب
_ وأني كفاية عليا الدعوة دي ياست الناس
ثم نظر إلى والده وسأله بأهتمام
_ عايز مني حاچه يابوى
نفى عمران قائلًا
_ مش عايز غير سلامتك ياولدي.
خرج جمال تاركًا والده ينظر إلى أثره فتعلم جليلة ما يدور بداخله فتهون عليه قائله
_ كفاية تفكير ياعمران، ربنا يوفقه في دنيته اللي أختارها إنت خابر من زمان أنه ملوش في الأرض ولا يفهم فيها وعشان إكده معرفش جيمتها.
لم يستطيع الثبات أكتر من ذلك ليرد بألم
_ خابر ياجليلة، بس هو كمان خابر زين إني وافجت على المشروع ده لجل ما أجهزله فلوس مشروعه يبجى أبسط ما فيها يتنازل لحد الموچه دي ما تعدي.
أرادت التخفيف عنه لكن لم تجد الكلمات التي تستطيع بها التخفيف عنه لتجد أن تغيير مجرى الحديث أفضل بكثير
_ المهم لازمن تجوم وتشد حيلك عشان تستعد للفرحه الكبيرة، فرح چمال ياحاچ.
نعم فرحه كبيرة لكن ناقصه
_ تفتكري منصور هياچي؟
تستبعد ذلك لكن عليها تطمئنه حتى لا تسوء حالته أكثر من ذلك
_ أومال أيه، ده فرح أخوه الكبير وعمر الدم ما يبجى مايه.
❈-❈-❈
بعد مرور يومين
بدأ الجميع الأستعداد للزفاف الذي هدئ الحزن الذي سيطر على الجميع، لكن جليلة برغم سعادتها بزواج بكريها إلا أنها قلبها يأن ألمًا على فراق قطعة منها وهذا ما قد لاحظه جمال ليقترب منها وهى جالسة في وجوم قائلًا بمرح يحاول به التخفيف عنها
_ مالك ياست الناس قاعده حزينه أكده؟
مش فرحانه لولدك ولا أيه؟
نظرت إليه بإبتسامتها الصافية التي تنير دربه وتحدثت بحب
_ كيف ده وأنى بستعدله من وجت ما فتحت عينيك على الدنيا
تحدث بإمتعاض
_ أومالك مالك بجى هتكشري أكده ليه؟
عاد الحزن إلى ملامحها وقالت بحزن
_ ماانت خابر اللي فيها، مجدراش افرح وهو مش موچود
رد جمال بتفاهم
_ خابر زين من غير ما تجولي وأني أتصلت عليه دلوجت وخبرته إن فرحي في ميعاده وهو جالي أنه هياچي
سألته بسعادة
_ صُح ياولدي؟
أكد قائلًا
_ صُح متجلجيش ده بردوا أخوى وعمر الدم ما يبجى ماية
ردت بإمتنان
_ ربنا يكملك بعجلك ياولدي ويهدي أخوك ويرچعه لينا من تاني.
اومأ له دون النطق بشئ وهو يتذكر تلك المكالمة التى لم تتعدي ثواني معدودة
فلاش باك
كان جالسًا في المطعم بجوارها عندما رن هاتفه فيظهر القلق عليه عندما وجده رقم جمال أخيه، فسألته بترقب
_ مين اللى بيتصل؟
رد باقطتاب
_ ده جمال أخويا
رد بأمتعاض
_ خير؟ ليكونوا محتاجين فلوس ولا حاجه؟
أستاء من حديثها عن عائلته لكنه التزم الصمت ورد على أخيه الذي تحدث بعتاب
_ أيه ياخوي مش رايد ترد عليا ولا ايه؟
نفى جمال بصدق
_ لا طبعًا ياجمال كيفك وكيف أبوي وأمي
رد جمال ببرود
_ زين الحمد لله، أنا بتصل بس عشان أجولك إن الفرح في ميعاده
تراقص الأمل بداخله ظنًا منه أنهم قد مرت تلك المحنة ولم يعلم أنها في بدايتها
_ صُح يا خوي الف مبروك
تحدث بأقتطاب
_ صُح ياخوي هستناك إن شاء الله.
_ إن شاء الله
باك
عاد من شروده على صوت والدته
_ جمال أنت روحت فين ياولدي؟
رد بإنتباه مشتت
_ ها.. معاكي ياأماى بتجولي أيه؟
_ بجول أنا رايحة لعروستك لو رايد تاچي معاى
رد بإبتسامه
_ ياريت بس دي محرچه عليا، بتجول مـ ينفعش لحد يوم الفرح، جاسية آوى ياحاچه
ضحكت جليلة وردت بمكر
_ عشان تتلهف عليها أكتر، ربنا يسعدكم ويفرحكم قادر ياكريم.
❈-❈-❈
أما في مكان آخر
فجلست تبث سمومها التي لم تكف عنها
_ صدقت كلامي؟ أديهم فكوا رهنية الأرض وعايشين حياتهم عادي وبيجهزوا كمان لفرح أخوك، يعني معاهم فلوس، عرفت بقى إن كلامي صح؟
تحدث بحيرة
_ بس الفرح أصلًا كان متحدد من زمان وكل حاجه كانت جاهزة، أظن إن الموضوع مكلفهمش حاجه.
ابتسمت بسخرية
_ والله؟ والفرح ده إن شاء الله مش هيكلفهم حاجه بردوا يعني هيجيب العروسه من بيتها بشنطة هدومها وياخدها البيت عنده وخلاص على كده؟ وخصوصاً إني بسمع إن أفرحكم بتتكلف كتير ولا أيه؟
ولو عايز ناصحتي بلاش تروح الفرح ده
نظر إليها قائلًا بدهشة
_ إنتي بتقولي أيه؟
ردت بإصرار
_ اللي لازم يحصل، أنت متضمنش ممكن في الوقت ده أخوك يطلب منك إنك تتنازل عن حقك في الأرض مقابل المبلغ اللي أخدته، ووقته مش هتقدر تقول لأ، فالأفضل تخليك بعيد وأنتبه لمشروعك.
أقنعته رغم إنه يعلم جيداً بأن أخيه لم يكن يومًا ظالمًا، وكأنه أراد تصديق ذلك.
لم يهتم لوالدته التي رغم كل ما فعله إلا إنها تتوقى شوقًا لرؤيته، ولا والده الذي ظل يقارن بينه وبين الغريب الذي وقف بجواره بكل ما يملك.
مرت الأيام وقد تحسنت صحة عمران وها قد تم الزواج ودلف جمال بصحبة عروسه التي حلما بها كثيرًا ليتحقق حلمه وتصبح زوجته بعد ذلك الشقاء.
جلست في غرفتها تنتظر قدومه حتى طل عليها بهلته التي خطفت قلبها منذ أن عرف الحب طريق قلبها؛ وها هو ذا يقف أمامها بعينيه الصافية التي تشبه صفاء قلبه ويقول بحب
_ مبروك ياجلبي.
ردت عليه بخجل وهى تخفض عينيها
_ الله يبارك فيك
سألها بمكر
_ يا أيه؟
وضع انامله أسفل ذقنها يرفع وجهها إليه كى تواجه عينيه التي تشتاق لعينيها وتابع بخبث
_ أنا جلت مبروك ياجلبي، وإنتي؟
تاهت في عينيه التي تلتهم ملامحها وكأنها يراها للمره الأولى مما جعلها ترد بدون وعي
_ إنت جلبي وكل دنيتي.
رفع حاجبيه متسائلًا
_ بس إكده؟
حاولت خفض عينيها لكنه منعها قائلاً
_ أوعاكي تخبيها عني، أنا حالمت كتير باللحظه دي ومصدجت لقيتها
حاوطها بذراعيه ليضمها إليه وقد تركزت عينيه على شفتيها وهو يقول بعشق
_ خليهم ديمًا جدامي ميبعدوش عني واصل، بحبك ومش رايد من الدنيا غيرك إنتي.
تاهت باقي الكلمات عندما قرب وجهها أكثر إليه كى يقبل تلك الشفاه التي حلم بها وتمنى تذوقها
أما هى فقد أختبرت معه أبجادية العشق وها هو يعلمها فنونه مستسلمه له ومرحبه بذلك...
(كفاية كده ملناش دعوة بيهم)
❈-❈-❈
دلفت جليلة غرفتها كي تحرر عبراتها التي حبستها حتى لا يشعر أحد بشئ
لم يتفاجئ بحالتها التي تشبه حالته بعد أن خذلهم مره أخرى ورفض المجئ دون حتى أعتذار
تقدم منها يجلس بجوارها على الفراش وقد شعرت به يربت على كتفها قائلًا
_ بكفياكي عاد، هو خلاص أختار طريجه وربنا يوفجه فيه، ملوش عازه اللي بتعمليه ده.
رفعت وجهها إليه لتقول بقهر
_ للدرچة دي بايعنا، مهنش عليه حتى يتصل علينا يطمن عايشين ولا ميتين، حتى فرح أخوه رفض ياچيه
تنهد بيأس وهو يقول بحزن
_ للأسف نصيبنا إكده، جدر ربنا ولازمن نرضى بيه.
ردت بإعتراض
_ يعني أيه هنسيبه إكده؟
_ لساته صغير هنكتفه ونچيبه إياك!
هو أختار طريجه بعيد عنينا وهمل البلد وسافر متلفتش حتى وراه، عايزاني أرخص نفسي عشانه.
ردت جليلة بنفي وهي تضع يدها على يده
_ أني مجلتش أكده واصل، بس غصب عني أنا أم ومجدراش على فراجه
تعاطف معها لعلمه الشديد بمدى تعلقه به وتحدث بتعاطف
_ هيرچع ياجلية متجلجيش وبكرة أفكرك
دعت ربها بتمني
_ يارب 🤲
❈-❈-❈
تواقعاتكم في الفصل القادم
ومجبل عـ الصعيد
الفصل الثالث
❈-❈-❈
بعد مرور عام
وقف ينظر إلى تلك الأرض التي عنا كثيرًا حتى أنهى باقي ديونها
وأصبحت الآن وأخيرًا بين يدي والده بعد ذلك الشقاء
انتبه على تلك اليد التي وضعت على كتفه وصوت يقول
_ مبروك السداد ياكبير
التفت جمال الى وليد الذي كان داعمًا له ليقول بسعادة
_ الله يبارك فيك بس الكلمة دي تجولهالي لما أسد الفلوس اللي عليا ليكم
هز وليد راسه بيأس من إصراره على تسديد تلك النقود وقال بغيظ
_ هو الدماغ الناشف ده مش هيلين واصل مفيش فايدة فيك.
ضحك جمال وقال بامتنان
_ كفاية لحد أكده ربنا يجدرني وأسدد باجي الدين عشان أحس فعلًا إن الأرض عادت كامله لأبوي، كل مـ اشوفه وهو بيتسند عـ العكاز ومش جادر يمشي بحس بسكاكين بتجطع جلبي، لازمن أسد ديونها كامله لجل ما يسند طوله كيف لول وأحسن كمان.
قارن وليد الأخوين ببعضهم ليندهش حقًا، فليس هناك وجه مقارنه بين الإثنين
جمال الذي ينحت في الصخر لأجل والده وأرضه
والآخر لاذ بالفرار كي لا يتخلى عن حلمه، ولم يهتم لأمرهم.
علما جمال ما يفكر به فتحدث بثبات
_ متفكرش كتير ادعيله بصلاح الحال وخلاص.
قاطع حديثهم صوت الهاتف ليخرجه جمال من جيبه ليشعر بالقلق عندما وجد رقم وسيلة
_ دي وسيلة، واني اليومين بجلج من اتصالها
_ طب رد وشوف في أيه.
وبالفعل عندما أجاب سمع صوت صرخاتها وصوت والدته تقول
_ أيوة ياجمال تعال بسرعة مرتك بتولد
إنحفق قلبه ورد مسرعًا
_ حاضر أنا چاى دلوجت
سأله وليد بقلق
_ في ايه مالها وسيلة
رد جمال بقلب ملتاع
_ أختك بتولد.
❈-❈-❈
ما ان خطت قدماه داخل المنزل حتى سمع صوت صرخات طفله لينتفض قلبه بسعادة لم يشعر بمثلها من قبل ليصعد مسرعًا إلى غرفتها دالفًا الغرفه دون استأذن فيجدها مستلقية على الفراش بوهن وطفله يبكي بين يدي والدته
وعند رؤيته قالت جليلة بسعادة
_ تعالى ياولدي شوف عوضك كيف البدر المنور.
رغم لهفته الشديدة لرؤيته إلا إنه دنى من محبوبته يجلس بجوارها على الفراش ليقبل رأسه ويقول بحب
_ حمد لله على سلامتك ياغالية.
ردت بوهن
_ الله يبارك فيك ياحبيبي
أقتربت جليلة منه لتضع طفله بين يديه بحرص شديد وقالت بسعادة
_ يالا سمي الله وأذن له
حمله جمال برهبه وكأنه يحمل الدنيا بين يديه ليقبل وجنته الرطبه ثم يأذن له في أذنيه و وسيلة تنظر إليهم بسعادة بالغة وقد جسدوا صورة تُعد أجمل ما رأت عينيها
وبعد انتهاءه سألته وسيلة بصوت واهن
_ هتسميه ايه؟
نظر إلى طفله الذي جعد وجهه بصورة مضحكة جعلته يبتسم وهو يقول بفخر
_ هسميه جاسر يعني شجاع ميهابش حد واصل
نظر إلى والدته وتابع بمزاح
_ ولا حتى جده عمران
ضحك الجميع ويدلف وليد مسندًاعمران على تلك الكلمة ليقول بعتاب مرح
_ والله عال بتجسي الواد عليا من دلوجت
نهض جمال ليقترب من والده يقبل يده ثم يناوله الطفل
_ كيف ده؟ انا اجدر أجول أكده
نظر إلى وسيلة وسألها
_ أنا جولت أكده بردك؟
ردت وسلية
_ حصل
علت ضحكاتهم ليقول وليد بغيظ
_ بجى عايزها تكدب وهي لساتها والده؟ عيب عليك ياراچل
علت الزغاريد بالاسفل فعلم وليد إنها والدته ليتابع بمزاح
_ وادي الحاچ عاصم وصل هو ومرته
دخل عاصم وهو يقول بغيظ
_ عيب ياجليل الرباية
نظر إلى عمران وقال بفرحة
_ مبروك يا حاچ عمران أول حفيد ينور العيلتين يتربى فـ عزك وعز ابوه
رد بفرحة مماثلة
_ الله يبارك فيك وعقبال وليد إن شاء الله.
رد وليد بمرحه المعتاد
_ چوزني إنت بس وأنا أشيلك العيل بعد تسع شهور بالظبط
قالت ام وليد بغيظ وهى توكزه في كتفه
_ اتحشم ياولد.
رد وليد باستياء
_ واني جلت ايه دلوجت، على العموم أنا مهملكم وخارچ .
خرج وليد وبارك الجميع لوسيلة وخرجوا بعدها حتى تستطيع إرضاع الطفل
عارض جمال طلبهم قائلاً
_ بلاش دلوجت دي لساته تعبانه
ردت والدته بنفي
_ لازمن ياولدي يرضع وبعدها ينام على طول ويبجى ترتاح كيف ما بدها
وافق على مضد
ودنا منها ليسعادها على الجلوس ثم يأخذ طفله من والدتها ويضعه برفق بين يديها
نظرت إليه بإحراج فعلم حينها بضرورة خروجه
وخرج من الغرفة كي لا يحرجها أمامهم.
............
جلس منصور ينتظر إنتهاء الطبيب من الكشف عليها وبعد الانتهاء جلس على مقعده وهو يقول بأسف
_ أنا بفضل أكون صريح معاكم
جلست سمر بجوار منصور وهى تسأله بخوف
_ خير يادكتور قلقتني
رد الطبيب بعملية
_ للأسف الحمل في الفترة دي هيكون صعبه شوية
بدأ يشرح الحالة بالتفصيل وهم في وجوم تام حتى انتهى الطبيب قائلاً
_ بس لو مستعجلين ممكن نعمل حقن مجهري ونسبة نجاحها بردو هتكون ضعيفة.
حاولت سمر التظاهر بالثبات لكنه لم يدوم طويلًا وبدأت العبرات تتجمع في عينيها
مما جعل منصور يشعر بالحزن عليها وسأل الطبيب بجدية
_ طيب أيه الحل يادكتور؟
رد الطبيب بعملية
_ الحل إننا نحاول الأول نهئ الرحم لأستقبال الحمل وأول ما نلاقيه جاهز هنعمل الحقن على طول.
بدأ الطبيب يدون الأدوية اللازمه ثم أعطاهم إياها
فـ أومأ له منصور بصمت ونظر إلى سمر التى كانت جالسه بضياع وقال بتعاطف
_ يالا ياسمر
تحركت معه مثل الروبوت وظلت على تلك الحاله حتى وصلوا إلى منزلهم وفور دخولهم أسرعت بالولوج إلى غرفتها وأغلقت الباب وقد سقط قناع الثبات فور ولوجها
حاول منصور الدخول والتخفيف عنها لكنها أغلقت الباب جيدًا لا تريده أن يرى ضعفها.
حاول التحدث لكنها لم تجيبه
ليس حزنها رغبةً في الأنجاب ولكن منذ أن علمت بولادة وسيلة وهى تتحرى شوقًا للأنجاب مثلها، لن تأخذ لقب عقيمة لا تنجب، وتنعم هى بأولادها، سـ تحاول بكل الطرق حتى تنجب مثلها.
اغمضت عينيها تحاول رسم قناع الثبات مرة أخرى ونظرت إلى صورتها في المرآة لتقول بتحدى
_ أنتي أقوى من كده، بلاش تخلى حد يشوف ضعفك، انتى أقوى منهم كلهم.
غسلت وجهها جيدًا ثم قامت بفتح الباب لتجده واقفًا على بابها بقلق ويسألها بلهفه
_ حبيبتي إنتي كويسة؟
سألته بجدية
_ جبت العلاج؟
أندهش منصور من تحولها لذلك الثبات بعد أن كانت في قمة انهيارها ورد بهدوء
_ هبعت البواب يجيبه بس طمنيني عليكي
سارت حتى جلست على الأريكة وقالت بلا مبالاة
_ عادي، المهم ابعت حد يجيب العلاج
إزدادت دهشته من ذلك التظاهر وهو أكثر من يعلم بـ النار المشتعله بداخلها، تقدم منها يجلس بجوارها ممسكًا بيدها التي وضعتها على ساقها وقال بتعاطف
_ خلينا نروح لدكتور تاني نتأكد منه، ونعيد التحليل من تاني يمكن تكون غلطة معمل ولا ......
قاطعته سمر بلهجه حازمه
_ لو سمحت يامنصور مش عايزة كلام في الموضوع ده تاني، لأى سبب من الأسباب بلاش تفتحه تاني كأننا معرفناش حاجه
اومأ لها بتفاهم، لا يريد الضغط عليها يكفي ما تشعر به الآن فسألها بإبتسامه
_ طيب أيه رأيك نخرج نتعشى بره، بقالنا فترة طويلة آوى مخرجناش مع بعض.
نظرت إليه لترى ذلك القلق الذي يحاول أخفاءه خلف ابتسامته، كما ترى إيضًا أنه نابع من خوفه عليها، تعلم جيدًا مدى حبه الشديد لها وهى أيضًا كذلك لكن عليها ان تخفي حبها له بداخلها كي يظل دائمًا يفعل المستحيل كي ينول رضاها.
_ عايز تفهمني إنك مش زعلان، ومش متأثر بالكلام اللي قاله الدكتور؟!
هز رأسه بنفي وتحدث بصدق
_ صدقيني ياقلبي أنا كل اللي يهمني إنتي وبس مش عايز حاجه تاني، اه نفسي يكون ليا إبن منك بس لو ربنا مـ أردش خلاص مش عايز.
ابتسمت بسعادة رغم ما بداخلها من قهر وقالت بحب
_ خلاص هقوم اغير هدومي ونخرج.
ولجت غرفتها لتتركه لأحزانه، وقد شعر بالاختناق جراء ذلك الخبر الذي سقط عليه كالصاعقة لكنه تماسك بصعوبة بالغة كي لا يجرحها فـ يكفي ما بها الآن.
لم يمضي على زواجهم سوى عشرة أشهر لكنها منذ أن علمت بولادة وسيلة وهى تتحرى شوقًا للأنجاب
لا يعرف إذا كانت غيرة أم حنين للأمومه
لقد رزقهم الله بكل شئٍ رغبوا به لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ليهتز قلبه بتلك الفاجعة التي كتبت عليهم.
❈-❈-❈
دلف جمال غرفته ليجدها مستلقية على الفراش وحيدة
دنى منها ليجلس بجوارها ممسكًا بيدها يقبلها بعشق جارف مغتنمًا فرصة انشغالهم بطفله وينفرد بها قليلًا ليستلقي بجوارها مسندًا ظهره على الوسادة
_ كيفك دلوجت ياأم جاسر؟
ردت بابتسامتها التي تنير دربه
_ أني زينه الحمد لله
تغيرت نبرتها لعتاب محب
_ كان نفسي تكون معاي فـ اللحظه دي، بس شكلك هربت مني.
أبعد بأنامله خصلاتها التي تحجب عنه وجهها الذي يعشقه ورد بهدوء
_ هـ تصدجيني لو جلتلك كنت جاصدها؟
اكتفت بنظرة العتاب التي وجهتها إليه ليردف قائلًا
_ خابره ليه؟ لأني مجدرتش أشوفك وإنتي بتتوچعي جدامي ومـ جدرش أعملك حاچه.
وزي مـ يكون ربنا عالم بيا؛ أول مـ دخلت الدار دخلت على صوته
تحولت نظرات العتاب إلى نظرات يملؤها العشق الذي أرهق كلاهما لتقول بحب
_ تعرف أيه الحاچه الوحيدة اللى كانت بتهون على؟
رفع حاجبه متسائلًا لتجيب بعشق
_ إن جطعة منك چواى ورايده تشوف النور، وكنت مستعدة لأكتر من إكده عشان أشوف الفرحة اللي شوفتها في عينيك أول مـ شلته بين إيدك.
اتسعت ابتسامته لكلماتها التي اطربت قلبه ويقول بسعادة
_ هى كانت فرحة بعجل، دا أنا حسيت إني شايل الدنيا كلياتها بين إيديه.
جذبها إليه كي يضع رأسها على كتفه وقال بتعب
_ الليلة اللي فاتت خالتيني نمت لوحدي وكانت أصعب ليلة مرت عليا؛ عينيه مـ شفتش النوم واصل
أغمض عينيه وقد غلبه النوم وهو يقول
_ بس الليلة دي لازمن أنام فـ حضنك عشان أعوض الليلة اللي فاتت.
ردت عليه بخجل
_ واني كمان معرفتش أنام زين وانت بعيد عني.
شدد من احتضانه لها وقال بنعاس
_ خلاص خلينا نناملنا ساعتين وهم مشغولين بالواد أكده.
غفى الأثنين بسعادة وكأن كلاهما قد وجد ضالته فتعاود والدته غلق الباب بعد ان وجدت كلاهما ينام في حضن الآخر وهى تقول لذلك الصغير
_ تعالى أني وأنت ننام ويا چدك عمران ونسيبهم
عادت جليلة إلى عمران الذي إندهش من عودتها به وسأله بقلق
_ يعني عاودتي بيه؟ وسيلة تعبانه ولا حاچه
وضعت الطفل بجواره على الفراش وردت بضحك
_ إبنك زي مـ يكون مـ صدق غيبنا عنيها شوية روحت لقيته واخدها في حضنه ونايم جلت اسيبهم وأرچع بيه تاني
أيد عمران رأيها
_ خير مـ عملتى أني كمان معرفتش أنام وانتي بعيدة عني
سألته بـ بهجه
_ صُح يا عمران؟ لسه بتشتاجلي زي زمان.
ضحك عمران وهو يتذكر سبب خلافهما الوحيد فيما مضى، فـ يقول بصوت محب
_ فاكره زمان لما كنت بتباتي عند أهلك واني بجى هتچنن وأخدك من عنديهم غصب، فاكره كمان لما وجفت قصاد عمي وجلتله لا مراتي مش هتبات تاني بره داري، وجتها عمي زعل وجال لو خدتها من الدار لا هتبجى أبن أخوى ولا أعرفك.
تابعت عنه
_ عمي جاه وجتها وهدى الموضوع وأچبرك إنك تسيبني أبات الليلة دي
ضحكت عندما تذكرت تلك اللحظة
_ وجتها دخلت من شباك اوضتى واني نايمه ونمت چاري ، ونفس اللي حصل معايا دلوجت نفس اللي حصل مع أمي لما دخلت عليا الصبح ولجيتك نايم چارى
ضحك أيضًا على تلك الذكرى وقال
_ وجتها حسيت بيها بس مجدرتش افتح عينيه فيها وعشان أكده مثلت إني نايم وأول ما خرجت خرجت أني كمان من الشباك طوالي
ضحك اثنتيهم على تلك الذكرى وقالت جليلة
_ربنا يخليك لينا ياعمران.
تبدلت ملامحه فجأة مما جعلها تيقن بأنه تذكر منصور فربتت على يده بتفاؤل
_ بكرة الدنيا تعلمه إنه ملوش غير أهله وعزوته، ويرچع من تاني وسطينا.
تنهد بألم شديد وقال بتهكم
_ منصور عمره مـ هيفكر يرچع تاني طول مـ الحية دي وياه، ده مفكرش حتى يدعينا كيف الغريب على فرحه، وكأنه بيستعر منينا.
شُعور مألم مزق قلبيهما حينما أخبرهم خالد الذي ينقل لهم أخباره بزواجه
لم يتخيل يومًا أن يصل به الإنحطاط لتلك الدرجة، لكن ليس بيدهم شئ سوى الدعاء له بالهداية.
لم تجد جليلة الكلمات التي تخفف بها عنه ذلك الجرح الذي استوطن قلبه لتلتزم الصمت وهى تنظر لذلك الطفل الذي يشبهه وكأنه نسخة مصغرة عنه، تتمنى بداخلها أن يعوضهم عن فراقه.
❈-❈-❈
وقفت تنظر إلى الأطفال وهم يمرحون في تلك الحديقة، تتمنى بداخلها أن تكون مثل تلك الأم التي تجري خلف أولادها تمازحهم، فتزداد غيرتها من وسيلة التي لم تراها يومًا لكنها أصبحت غريمتها منذ أن علمت بعلتها.
اليوم سيحدد الطبيب مصيرها
رن هاتفها من عيادة الطبيب تخبرها عن ميعادها معه لتزداد ضربات قلبها خوفًا من القادم
فقد مضى عامين وهى تطبق تعليماته بحذافيرها، لن تكون أقل من تلك المرأة.
ها هم الآن جالسين أمامه منتظرين تحديد مصيرهم حتى نظر إليهم الطبيب قائلًا بابتسامة
_ كده الرحم الحمد لله أصبح مهيأ لعملية الحقن.
إندهش منصور وسأله بقلق
_ يعني بعد كل ده ومش هيبقى حمل طبيعي؟
نفى الطبيب
_ الحمل الطبيعي في حالتها هيكون صعب جدًا وهيحتاج وقت، والمشكلة إني شايفكم مستعجلين اوى وده هيأثر على نفسيتها فـ بالتالي الحمل هيكون أصعب.
فـ أنا من رأيي تستعجلوا بالعملية.
هو محق؛ لن تنتظر أكثر من ذلك، لتأكد له
_ تمام يا دكتور لو عايز نعملها من بكرة معنديش مانع.
هز رأسه بتفهم وتحدث بعملية
_ تمام
خرجوا من عيادة الطبيب بصمت مطبق يحاول منصور قدر استطاعته الثبات أمامها وألا يظهر مدى رفضه لتلك الطريقة.
❈-❈-❈
عاد جمال إلى منزله في وقت متأخر، وكان التعب والإجهاد واضحًا عليه، صعد الدرج إلى غرفته ليتوقف حينما سمع صوت والدته
_ جمال؟ إيه اللي مأخرك بره البيت لحد دلوجت؟
إقترب منها بـ ٱبتسامه يحاول بها إخفاء تعبه حتى لا يوجع قلبها عليه وقال بثبات
_ ماجلجيش ياست الكل أني بس كنت سهران شوية مع أصحابي
تعلم جيدًا بأنه لا يخبرها الحقيقة كي لاتحزن على حاله وقالت بتعاطف
_ ارحم نفسك شوية يا ولدي ومتجهدش نفسك اكتر من أكده
ربت على كتفها ليقول بأقطاب لعدم استطاعته الوقوف أكثر من ذلك
_هانت يا اما اطمني، يلا تصبحي على خير.
ردت بحب
_ وانت من اهل الخير ياجلبي.
ولج غرفته ليجدها تحمل صغيره الذي غفى بين يديها ليقول بتعب
_ السلام عليكم.
ردت بابتسامتها المحبه لقلبه
_ وعليكم السلام
وضعت الصغير على الفراش ودنت منه تسأله باهتمام
_ أخرت ليه؟ اني كنت لساتني هتصل على وليد لما لقيت تليفونك مجفول.
رد بتعب وهو يخلع جلبابه
_ حضريلي لول حاچه خفيفه إكده لحد ماتحمى وبعدين احكيلك.
اومأت له ونزلت للأسفل كي تحضر له العشاء.
ليخرج هو بعد قليل مرتميًا على الفراش بإجهاد وقد أخذ التعب منه مبلغه لم يستطيع مقاومة النعاس ليغرق في سبات عميق ما أن وضع جسده على الفراش.
دلفت الغرفة وهى تحمل الطعام بين يديها لتجده غارقًا فـ النوم، فقامت بوضعه على الطاولة وأقتربت منه كي توقظه بصوت هادئ
_ جوم ياجلبي الوكل چاهز
لم يرد عليها بل جذبها حتى تستلقي بجواره واضعًا رأسه على صدرها حاولت معارضته حتى تطعمه أولًا لكنه منعها قائلًا
_ اششش سيبيني أنام.
ثواني معدودة وانتظم تنفسه فعلمت أنه قد عاد لسباته، ابعدت رأسها قليلًا عنه حتى تنظر إلى ملامحه العاشقه لتفاصيلها وقالت بوله
_ بحبك جوي ياغالي، ربنا يديمك في حياتنا.
ثم ملست بأناملها في خصلاتها حتى غلبها النعاس.
....
مرت الأيام شاقه على الجميع، وبعد محاولات عديدة باءت بالفشل أراد الله أن يرزقهم تلك المره ليخبرهم الطبيب بسعادة
_ الف مبروك يامدام سمر الحمل المره دي نجح.
هلل الجميع بذلك الخبر وسألته بفرحة
_ بجد يا دكتور
اومأ الطبيب وهو ينهض من مقعده
_ اه ياستي بس نفضل ماشيين على التعليمات زي ما اتفقنا لان اي غلطه هتكلفنا كتير
أكد منصور وهو يساعدها على النهوض
_ متقلقش يادكتور هنمشي على التعليمات زي ما قلت.
_ انا حددت نوع الجنين زي ما قلتوا؛ ولد وبنت
تحدث والدها بسعادة
_ مبروك ياقلبي.
ردت بسعادة
_ الله يبارك فيك يابابا.
قال الطبيب
_ تقدري تخرجي النهارده بس المتابعه هتبقى كل ١٥ يوم ولو فيه أى حاجة اتصلوا عليا وأنا هجلكم.
خرجوا من المشفى وكانت ابتسامتها كأنها خاضت معركة ضارية واستطاعت الفوز بالنصر أخيرًا..
.............
أجتمع الجميع على سعادة أخرى، وقد أصبح عمران يسير وحده أخيرًا لكن بمساعدة تلك اليد الصغيرة التي تدعمه دائمًا
_ زين ياچدي كمل
ضحك الجميع على ذلك الطفل الذي يبدوا أكبر من سنه، النسخه المصغره من ملامح منصور لكن بهيبة وطيبة والده، فتقول تلك الصغيرة التى لم يتعدى عمرها الرابعة
_ لما أكبر ياچدي هبجى دكتوره لجل ما أساعدك تبجي زين.
ردت جليلة التي كانت تحملها على قدميها
_ وهتبقي أچمل دكتوره في الدنيا ياجلب ستك أنتي.
تحدثت وسيلة بعتاب
_ افضلي انتي وأبوها أمرعوها علينا أكده لحد مـ بجتش عارفه أتحددت معها واصل
أكدت جليلة
_ من حجها وتعمل اللي ريداه، دي بنت الغالي.
تحدث جاسر الذي الذي قد أتم الثامنة من عمره
_ وأني ياستي؟
فتحت چليلة الذراع الآخر لتحتويه بحب وهي تقول بفخر
_ أنت جلب ستك ودنيتها، انتي البكري اللي نورت البيت كله بطلتك، ربنا يحرسكم ويبارك فيكم ويحفظكم من كل سوء
آمن الجميع خلفها
لتتغير ملامح جليلة وهى تقول بحزن
_ وربنا يتم لولدي فرحته ويقومها له بالسلامة.
تحدث جمال بأمر لطفليه
_ يالا ياجاسر خد أختك والعبوا فـ الجنينه بره.
نظر لوالدته بعد خروج طفليه وطمئن والديه قائلًا
_اطمني يا اماى خالد جالي أن العملية نچحت والحمد لله
ردت بسعادة كبيرة
_ الحمد لله، ربنا يسعده ويتم فرحته على خير
آمنت وسيلة خلفها
_ يارب يامرات عمي
تحدث عمران بجمود رغم الاشتياق الذي يكتمه بداخله
_ عمره مـ هيشوف السعادة طول مـ الحية دي وراه.
رد جمال بحكمه وهو يساعد والده على الجلوس
_ ملوش لازمه الحديت ده يابوى خلاص بجى فيه روح بتربطنا بيها، الأفضل ندعو لهم بالهداية.
هز عمران رأسه بألم وهو يقول
_ ربنا يهديه ويبعد عنه النفوس المريضة كلها.
....
دلفت الغرفة بعد ان آوت طفليها إلى فراشهم وعادت إليه؛ بل إلى موطنها كما يخبرها دائمًا " لا وطن لك خارج أحضاني" لتجده مستلقيًا على الفراش ينتظرها، وعندما رآها بسط لها ذراعه كي تعود إلى مسكنها لتندس في حضنه الآمن وتتحدث بـ عتاب محب
_ ممكن تعرفني ليه الراچل لما يعاود بعد غياب عن بيته بيسلم على الكل بالأحضان إلا مرته، بيكتفي بأنه يسلم عليها بيده وخلاص وبكتيره جوى يبوس راسها.
ضحك جمال غامزًا لها بعينيه وهو يقول بمكر
_ وبعد مـ ينجفل عليهم باب واحد بيعاود سلامه عليها كيف؟
وكزته في صدره وردت بخجل
_ أنا مش بتحدت عن الحاجه اللي فـ دماغك دي، أنا بقصد أدام الأهل.
قطب جبينه متسائلًا
_ كيف ده؟ السلام بين الزوچين بعد غيبه بيكون حاچه تانيه مينفعش واصل تبجى ادام حد، ولا أنتي أيه اللي فـ دماغك عاد.
هزت رأسها بيأس منه لقلب الأمور دائمًا وقالت بغيظ.
_ اللي يشوف حديتك معي مجولش أبدًا إن ده چمال اللي مبيرفعش عينيه فـ حدا واصل.
ايد حديثها قائلًا
_ أديكي جلتيها، في حدا غيرك ممكن اخده في حضني أكده ولا حتى بشتاجله كيف مـ بشتاجلك؟
هزت رأسها بالنفي ليتابع هو بعشق عاتب
_ بيجى كيف بتجولي إني مـبرحبش بيك زيهم.
تاهت في عينيه التي تلتهم ملامحها وكأنه يراها بعد طول غياب، فتقول بحب
_ اول ما بشوفك ببجى نفسي اترمي في حضنك وخبرك جد أيه أتوحشتك.
كان ينظر لثغرها الذي يطربه بأجمل الكلمات؛ برغم بساطتها إلا إن صدق مشاعرها يجعله يحلق في سماء العشق ويقول بحب
_ نفس احساسي بس انا خابرك بتخجلي من نظرة جريئة مني ادام حدا وعشان اكده بستنى لما يتجفل علينا باب واحد عشان ( غمز بعينيه) أجولك أني مشتاجلك جد إيه؟
تابع بخبث
_ المرة الجاية مش رايد اشوفك بره اوضتنا، تستنيني أهنه لحد مـ أطلعلك وخبرك بطريجتي جد ايه مشتاجلك.
تخجل دائما من كلماته التي يصف بها مدى عشقه الذي لم يتغير قيد أنمله إنما يزداد ويزداد مع مرور الوقت.
مهلًا هل أخبرها بمره أخرى؟ سألته بحيرة
_ چمال انت ناوي تسافر تاني؟
هز رأسه بحيرة وقال
_ مخبرش لسه
اتعدلت كي تنظر إليه جيدًا وسألته بجدية
_ بس أحنا خلاص سدينا ديونا والحمد لله مش محتاجين السفر في حاچه.
_ انتي بتسمي اليومين اللى باغيبهم في مصر دول سفر. انا بجمع المحاصيل وبوديها بنفسي المصنع يعني مره ولا أتنين في الشهر، وبعدين متنسيش ان لولاها كان زمانا محلك سر، رايد أعمل جرشين لعيالي يتسندوا عليهم.
ردت برجاء
_ أرچوك ياجمال بكفياك سفر وتعب احنا الحمد لله سدينا اللى علينا وخلاص اللى هتچيبه الأرض هيكفينا ويفيض وبعدين أنا بفضل مرعوبه عليك من وجت ما تروح لحد ما ترچع، أرچوك ياغالي بكفياك بجى.
تعاطف مع خوفها عليه ورد بثبات
_ خلاص مش هسافر تاني ، ورزج هنا رزج هناك.
عاد لمكره وهو يسأله
_ مالك جلبتيها هم أكده
تابع بتحذير
_ هترحبي بيا زين ولا أنام أحسن ويبجى أنتي اللي مجصره؟
ضحكت بدلال مما جعله لا يطيق صبرًا واقترب من شفتيها يقبلها بحب وشوق لينسى همومه داخل أحضانها.
ومجبل عـ الصعيد
الفصل الرابع
بعد مرور عدة أعوام
أستيقظت من نومها على صوت أخيها الذي تسلل إلى غرفتها صباحًا كي لا يعرف أحد مـ يخططون له، فيقول بهمس
_ سارة قومي بسرعة
رفعت جفنيها بصعوبة ونظرت إليه باستياء
_ في أيه يامصطفى عايزة أنام
جذبت الغطاء عليها كى تعاود للنوم ولكنه منعها قائلًا وهو يجذبه من فوقها
_ بقولك قومي أنا جاتني فكره بمليون جنيه لما تعرفيها هتقومي تبوسيني دلوقت.
اعتدلت سارة وهى تزيح الغطاء من فوقها وتقول بـ استياء
_ افكارك كلها مش مقنعه، تمشي على بابا أه لكن ماما لأ
جلس على الفراش بجوارها
_ لا دي حاجه تاني، محدش منهم هـ يشك في حاجه.
_ وأيه هى بقى؟
شوفي ياستي الجامعة عاملة رحلة السخنة لمدة تلات أيام، هنا هنقولهم إننا عايزين نقدم فيها و.....
قاطعته سارة بـ سئم
_ وانت عارف كويس أنهم يرفضون أى رحلات إلا وهما معانا.
_ بس دي بالأخص مش هيقولوا فيها حاجه لأنهم زي مـ انتي عارفه مشغولين الفترة دي بالصفقة اللي مخلياهم مش شايفنا أصلًا، وهنا هنخلي جدو هو اللى يقنعهم.
شردت قليلًا في فكرته لكن القلق سيطر عليها لتقول برفض
_ لأ انت عارف ماما بتبص فـ عنينا بتكشف كدبنا، نشوف غيرها أحسن
هز راسه بنفي
_ لأ مفيش غير الطريقة دي، لو موافقتش أنا هروح لوحدي، قلتي أيه؟
لا تعرف لما يساورها القلق من تلك الفكرة، نعم تعد فكرة جيدة وخاصةً تلك الفترة لانشغالهم بالعمل، لكن والدتهم إن علمت مخطتهم لن يمر الأمر مرور الكرام
_ ها ردي قلتي أيه؟
ردت بحيرة
_ مش عارفه بصراحه، الفكرة اه كويسة بس لو عرفوا هتبقى مصيبة.
تنهد بيأس منها وقال بغيظ
_ انتي هتفضلي جبانة كده لحد أمتى؟
إنتي مش نفسك تشوفي أهل بابا وتتعرفي عليهم؟
هزت رأسها بصمت ليتابع قائلًا
_ خلاص يبقى نروح؛ ولو عرفوا بعد كده عادي، ماما هتتعصب شوية وبابا هيعاقبنا يومين على كدبنا عليه وخلاص الموضوع هيعدي.
سألته بتوجس
_ تفتكر؟
نظر إلى ساعته وقال
_ الساعة دلوقت سبعة قومي غيري هدومك ونروح الجامعة ونيجي نقولهم على موضوع الراحة وإن رفضوا نخلي جدو يقنعهم.
ردت باستسلام وهى تنهض من فراشها
_ خلاص نجرب احنا جربنا كتير مجتش على دي.
دلفت المرحاض وهو توجه إلى غرفته كي يستعد للذهاب.
❈-❈-❈
في الصعيد
جلس عمران على طاولة الطعام بمساعدة جاسر حفيده وهو يقول بتعب
_ ماخبرش ليه مُصر على إكده، كنت فطرت في الأوضة أحسن.
تحدث جاسر بجدية
_ وبعدهالك عاد ياچدي، مـ جلتلك مبعرفش للاكل طعم من غيرك.
قالت جليلة بغيظ وهى تجلس على مقعدها
_ هو وبس ياولد چمال؟
ابتسم جاسر بحب لجدته وقال بمرح وهو يجلس بجوارها
_ وانتي الجاعده مـ بتحلاش غير معاكي ياحاچه جليلة.
دلفت وسيلة وهى تحمل باجي الطعام
_ ربنا يخليكم نعمه في حياتنا، انتوا الخير والبركة.
ولج جمال وخلفه توأمه حازم ومعتز
_ السلام عليكم
رد الجميع سلامه ليقترب من أبويه يقبل يديهم ويأخذ مكانه بجوار والده بهيبته التي لم تقل يومًا بل تزداد يومًا بعد يوم
_ كيفك دلوجت يابوى
رد عمران بحب
_ زين ياولدي الحمد لله.
نظر حوله فشعر بغيابها ليسأل باهتمام
_ اومال فينها الدكتورة؟
رد احد التوأم بمزاح
_ راحت تلحق نصيبها في الجثة قبل ما تتشرح
ضحك التوأم على مزحتهم لتهز وسيلة رأسها بقلة حيلة ونظرت إلى جمال تجيبة
_ مشيت من بدري عـ الچامعة، مش خايبة زي چماعه.
نظر حازم لجدته التي تأخذ صفه دائمًا وسألها ببراءة يفة
_ بذمتك ياستي أني خايب؟
ردت جليلة بسعادة
_ چمال ولدي ميكنش ليه خايب واصل، الراچل ميخلفش إلا راچل زييه.
نظرت إلى جاسر وتابعت بفخر
_ زينة الشباب الله يحرسه ويحميه، والدكتورة اللي مشرفانا وين مـ تروح.
تحدث معتز بإشمئزاز عند ذكر ذلك اللقب
_ اهى الدكتورة دي بالذات الواحد بيجرف يسلم عليها دخلت في مره اصحيها لجيتها نايمة وماسكة الجلم فـ يد والتاني مسكه چمچه بتاعة جتيل.
هزت وسيلة رأسها بيأس من مزاحهم الدائم وقالت لجمال
_ بجولك أيه سكتهم ياإما مـ هنخلصوش من وشهم.
تحدث جمال بجدية
_ بكفياكم عاد ويالا كملوا وكلكم عشان متأخرش.
ثم وجه نظره إلى جاسر وتابع
_ وانت ياجاسر بعد ما تخلص وكل استناني فـ المكتب لجل مـ نخلص موضوع المحصول اللي عاود ده.
رد جاسر بجدية
_ حاضر يابوى.
سأله عمران بقلق
_ بس ايه اللي خلاهم يعاودوا، احنا بنتعامل معاهم من سنين وعمرهم مـ شكوا من زرعنا.
_ هى مش شكوى يابوى، هما بس اكتفوا بالمحصول اللي عنديهم وأنت خابر زين ان فيه شركات تصدير تتمنى نتعاملوا وياهم يعني متجلجش من حاچه واصل.
_ انا مش جلجان من حاچه ياولدي اني خابر زين إن التراب فـ يدك يتحول دهب بس مستغرب من عملتهم دي.
ربت جاسر على يد جده وقال بحكمه
_ عادي ياجدي كله هيتحل زي مـ جال أبوى، وبعدين في شركة عايزة تتعاجد معانا بس أني كنت مأجل الموضوع شوية عشان مـ نرچع في كلمتنا مع الشركة دي، ومادام هما إلى عملوا اكده نوافج على شركة الأنصاري
أندهش عمران من سماع ذلك الأسم وكأنه مر عليه من قبل ليردد في ذهنه حتى تذكره وقال لجمال
_ الأنصارى ده من نچعنا بس همل البلد من سنين وعايش دلوجت في مصر.
أكد جمال
_ بالظبط يابوى بس سمعت أنه بيفكر يعاود البلد من تاني ويسيب الشغل لأبنه.
أردف جاسر
_ هو حدتني من يومين وجولتله هشور وأرد عليك، هكلمه النهارده وابعتله المحصول
نظر عمران لحفيده الذي كلما كبر كلما أصبح صورة أخرى لمنصور أبنه لكن برجولة وشهامة جمال.
_ اللي تشوفه ياولدي
انتهوا جميعًا من تناول إفطارهم ثم ذهب كلًا منهم إلى مهمته.
.........
جلس مصطفى بجوارها بعد انتهاء محاضرتهم فوجدها شاردة كعادتها فسألها بيأس منها
_ ممكن أفهم سبب واحد يخليكي قلقانه كده؟
تنهدت بحيرة
_ خايفه، حاسه إن الموضوع مش سهل زي مـ شايفين، أحنا هنروح الصعيد يعني 8 ساعات بالقطر لازم نفكر مره واتنين وتلاته.
تحدث مصطفى بعناد وهو يحمل كتبه ويتركها
_ والله بقى إنتي حره انا هسافر على أى وضع.
منعته سارة من الذهاب وهى تقول بأمر
_ أستنى هنا
التفت إليها قائلًا باستياء
_ خير
فكرت قليلًا ولم تتوصل لرأى، ترغب بشدة في الذهاب إليهم، لكن لاتعلم لما يساورها الخوف من القادم، هل لأنها المرة الأولى التي تفعل شئ بدون علمهم، أم ماذا؟
فقررت في النهاية المجازفة ربما تنجح في فعلتهم ثم ردت بإستسلام
_ تعالى نعدي على جدو في الشركة نقنعه هو الأول
أومأ بسعادة
_ يالا بينا
وقبل أن يتحرك أحدهما سمعوا صوت يناديهم
_ سارة، مصطفى.
تبدلت ملامح مصطفى للإمتعاض عند رؤيتها لكن سارة رحبت بها بشدة وهى تحتضنها قائله
_ ساندي انتي فين بقالك فترة غيابه.
أجابت ساندي التي تلتهم مصطفى بنظراتها
_ كنت مع خالد فـ الغردقة ولسه راجعين إمبارح، المهم انا عزماكم يوم الخميس على عيد ميلادي اوعى متجيش.
تحدثت سارة بسعادة
_ بجد؟ كل سنة وانتي طيبة ياقلبي.
نظرت ساندي إلى مصطفى وقالت
_ وأنت يا مصطفى مش محتاج دعوة
اومأ بـ رأسه دون النطق بشئ ثم وجه حديثه لـ ساره
_ يالا ياسارة قبل جدو مـ يمشي.
اغتاظت من طريقته مع صديقتها واعتذرت قائله
_ معلش هنطر نستأذن دلوقت عشان رايحين لـ جدوا، باى
ظلت ساندي تنظر في آثارهم وقالت بحقد
_ مش عارفه ياخالد ايه اللي عاجبك فيها
وانت يامصطفى صبرك عليا إن مـ خليتك تحفي ورايا مبقاش أنا ساندي.
❈-❈-❈
في الشركة
دلف الإثنين إلى مكتب جدهم الذي فور رؤيتهم نهض يستقبلهم بحفاوة
_ ايه المفاجاة الحلوة دي، أكيد وراها حاجه.
قبلت سارة وجنته بحب وهى تقول
_ وانت تعرف عننا كده. عيب ياجدو.
نظر إلى مصطفى وضيق عينيه قائلًا إنت بالذات متجيش الشركة إلا إذا كنت عايزني أقنع سمر ومنصور بحاجة
أيد مصطفى رأيه
_ بالظبط كده، اقعد بقى و اسمعني كويس عشان الموضوع مش سهل.
قطب شريف جبينه وقال بقلق
_ خير؟ اقعدوا الأول
جلسوا جميعًا ليبدأ مصطفى قائلًا
_ شوف ياسيدي، الجامعة عامله رحلة تلات أيام لـ السخنه وأنا وسارة عايزين نطلعها ومفيش غيرك هيقدر يقنع ماما بالموافقة.
زم فمه بتفكير ثم تحدث بجدية
_ بس أنت عارف رأى مامتك في مواضيع الرحلات والسفر ده، مظنش انها هتوافق.
بصراحه صعب أوى
عادت سارة تقبل وجنته وتقول بدلال
_ هو حد بردوا يقدر يرفضلك طلب ياحبيبي.
أجاب شريف بتأكيد
_ آه أمك.
تحدث مصطفى بجدية
_ بجد ياجدو أحنا عايزين نطلعها ومفيش سبب يمنع، أنا مش صغير هتخاف عليا، الرحلة دي كل زمايلنا طالعين فيها.
فكر شريف قليلًا يحاول العثور على طريقة يقنع بها أبنته فهو يعلم جيدًا مدى خوفها عليهم فيتنهد باستسلام قائلًا
_ خلاص ياسيدي اول مـ نخلص الاجتماع هكلمهم واشوف هقدر أقنعها ولا لأ
احتضنته سارة بسعادة بالغة وقالت
_ ميرسي يا أحلى جدو
نهض مصطفى وهو يقول بفرحة
_ خلاص نروح ونستعد ليها
رفع شريف يديه قائلًا
_ أنا مش ضامن توافق ولا لأ
نهضت سارة بدورها وهى تقول بمرح
_ هتوافق طبعًا هو انت حد يقدر عليك
_ ماشي لما أشوف، روحوا انتوا بقى عشان الحق الأجتماع.
❈-❈-❈
في المساء تجمعوا في حديقة منزلهم يتسامرون كعادتهم بعد العشاء
لاحظ جمال عبوث زهرته منذ أن عادت من جامعتها ليسألها بحب
_ مالك يادكتورة من وجت مـ رچعتي من الچامعة وإنتي مكدرة إكده، مش عادتك.
قال معتز بمزاح لـ حازم
_ تلاجيها معرفتش تِشَرح الجتيل زين.
ضحك اثنيهم لتقول ليلى بغيظ
_ عچبك إكده يابوى كل شوى يتمسخروا عليا؟
نظرة واحدة من جمال أخرست كلاهما ليلتفت إليها مرة آخرى
_ جولي بجى إيه اللي مزعلك.
نظرة ليلى إلى جاسر بلوم وهى تقول
_ مـ أنت تخبر زين اللي رايداه
سألتها جليلة بجدية
_ جولي يابنتى اللى رايداه وأني بنفسي اللي هعمله.
_ لا
كلمة حازمه خرجت من فم جاسر لعلمه بما تريد، مما جعلها تزداد غيظًا منه، فتتحدث وسيلة بحكمه
_ لو كان موضوع النجل فـ احنا قفلنا الكلام فيه، أحنا خايفين عليكي.
ردت بحيرة
_ من ايه بس؟! مـ أني ليا زمايل كتير في الچامعة هناك محدش من أهلهم أعترض زييكم
تعب عمران من التحدث في ذلك الأمر ليسألها
_ وايه الفرج بين هنا وهناك يادكتورة؟
أجابت بضيق
_ اولًا ياچدي مع احترامي للچامعة أهنه بس هناك أفضل بكتير بحكم المستشفيات الكتير هناك
وغير كمان إن الجثث اللي بنتدرب عليها بتبجى لساتها طازة بخيرها يعني إنما الجثث أهنه بتبجى بجالها فترة في المشـ.رحة.
صدحت ضحكت التوأم في المكان مما زاد غيظها منه وقالت بحده
_ بتضحكوا على ايه؟
تحدث جاسر بلهجه حاده لا تقبل نقاش
_ مش هيحصل
ثم نظر لوالده الذي ظهر الامتعاض واضحًا عليه للتحدث والمعارضة أثناء وجوده ليقول بأعتذار
_ أني آسف يابوى، بس بيات بره البيت لا وياريت تقدر خوفي عليها
لم يرد عليه جمال كي لا يحرجه امام أخوته ونظر لأبنته ليقول بهدوء
طيب اطلعي انتي اوضتك دلوجت والصبح نتحدتوا
ونظر إلى توأمه وأمرهم بالصعود خلفها.
ذهبت ليلى وهي تنظر إلى جاسر باستياء ليبادلها النظرات بأخرى متوعدة حتى دلفت للداخل.
انتظر جمال حتى تأكد من ولوجهم ثم نظر لـ جاسر الذي أصبح يتحكم في كل ما يخصها وتحدث بحكمه
_ جاسر أنت أخوها الكبير وليك كلمة عليها مجلناش حاچه؛ بس ده ميديكش الحج إنك تتحكم فيها وأني لساتني عايش.
عقد جاسر حاجبيه بضيق من نفسه وقال باعتذار
_ إني آسف يا بوى مجصدش اللي فهمته اني بس خايف عليها.
أومأ برأسه قائلًا
_ فاهم بس يكون بيني وبينك متحسسش أختك إنك ضدها.
رد جاسر بسرعة
_ لا يابوى انت خابر زين إني بحبها واخاف عليها جد أيه وهى بالأخص، وعشان أكده بخاف عليها من النسمة.
تحدث عمران بتفاهم
_ خابرين ياولدي وخابرين إن انت كبيرهم، بس دا بردك ميديكش الحج إنك تأمر واحنا موچودين.
وبالنسبه لموضوع نجلها لو فيه صالح ليها مفيش مانع.
استطاع جاسر بصعوبة بالغة السيطرة على أعصابه كى لا يغضب والده مرة أخرى وخاصةً عندما قالت والدته
_ لا أني مهجدرش آمن على بنتي بعيد عني
رد جاسر يتأييد
_ عين العجل.
نظر جمال إلى ولده الذي لن يتغير
وشعر جاسر بأستياء والده مما جعله ينهض قائلًا
_ أني جايم أحسن.
ذهب جاسر ليهز جمال رأسها بيأس منه وقال بحيرة
_ أني مخبرش الواد ده طالع إكده لمين!
انزعجت جليلة من تحملهم عليه وقالت بانزعاج
_ مالكم چايين عـ الواد أكده، هو راچل دمه حامي وخايف عـ اخته، مالكم بجى.
رد جمال بتفاهم
_ مجلناش حاچه يااماى بس بردك كلمته تكون بعد كلمتنا
ردت وسيلة بضيق
_ بس أني معاه فـ اللي جاله، مـ هجدرش أتحمل بُعدها عني، دي بنتي الوحيدة.
رد جمال بحكمه
_ بس احنا رايدين مصلحتها.
ردت وسيلة بإصرار
_ بردك مش هجدر وبعدين دي سنتها الأخيرة والسنة الچاية هتكون أمتياز كيف ما بتجول، يبجى لازمتها ايه البهدلة كل شوية في الطريج.
رد جمال بهدوء
_ بس هى رايده تكمل دراستها هناك وده فيه صالح ليها زي ما بتجول وهى سنة هتخلصها وترچع طوالي.
نهضت من مقعدها كي لا تجادل معه أكثر من ذلك وقالت بغيظ
_ خلاص اللي يريحها أعمله أني طالعه أوضتي
نظرت إلى جليلة وسألته
عايزة حاچه يامرات عمي
ردت جليلة بامتنان
_ معوزش منك غير كل خير ياغالية.
لاحظ جمال انزعاجها فلم يستطيع تركها على تلك الحالة وقام استئذان والديه وذهب خلفها.
ضحك عمران على فعلته لتسأله جليلة
_ مالك ياحاچ بتضحك على ايه؟
نظر إلى جمال الذي أسرع خلف زوجته
_ على ولدك ومرته ياجليلة بيفكرني بيا انا وانتي، انتي الوحيدة اللي مكنتش أجولك لا واصل.
أيدت رأيه قائلة بحب
_ ربنا يسعدهم وسيلة بنت حلال وتستاهل كل خير.
آمن عمران خلفها وردد بشرود
_ اللهم آمين، ويرچع الغايب وضي عيني برؤية ولاده.
❈-❈-❈
صعد خلفها ليجدها جالسه على الأريكة بعبوث، وفور رؤيته أشاحت بوجهها بعيدًا عنه فيقترب منها جالسًا بجوارها
_ ماله الچميل زعلان ليه إكده؟
نظرت إليه لتقول بعتاب مدلل ربما تستطيع ردعه عن رأيه
_ يعني مخبرش؟
هز راسه بنفي وتحدث بعشق
_ لا ماخبرش؛ انتي خابره زين اني مبعرفش حاچه غير من عنيكى وانتى حجباهم عني، هعرف ازاى دلوجت.
آه من ذلك الماكر الذي لم يتبدل رغم مرور السنين ليظل يتفنن في كلمات العشق التي تجعلها أسيرته فترضخ لسطوته ويتحطم ذلك الجدار الواهم التي وضعته على قلبها كي لا يستطيع اختراقه بكلماته المعسولة لتقول بضيق
_ أضحك عليا بكلمتين هى يعني عادتك ولا هتشتريها.
رفع حاجبيه متسائلًا بلوم
_ أني بضحك عليكي؟
هزت رأسها بتأكيد
_ تنكر؟
هز رأسه مثلها لكن بنفي
_ لاه منكرش، بس صدجيني جلبي هو اللي بيتحدت مش لساني واصل.
ملس بأنامله على وجنتها الناعمة وتحدث برغبة
_ تعرفي إنك كل مدى ما بتحلوى فى عنيا اكتر من لول.
ابتسمت عينيها قبل شفتيها من كلمات العشق التى لم يكف عنها يومًا وسألته بتيه
_ صُح ياجمال لساتني زينه في عينيك رغم إني كبرت.
ازدادت رغبته بيها من ابتسامتها التي تطيح بـ تعقله وأكد وهو ينزل بأنامله على شفتيها يتلاعب بحمرتها الطبيعية
_ صُح ياجلب جمال، لو عايزة تتأكدي تعالي معاي واني آكدلك.
همّ بأخذها إلى سحابته الوردية لكنها لن تطاوعه حتى تقنعه بالعدُول عن سفر ابنته
_ لما نخلص كلامنا لول
قطب جبينه متسائلًا بلوم
_ هو ده وجته؟
هزت رأسها بتأكيد وقالت بقلق
_ بلاش تطاوعها في موضوع السفر ده أني خايفة عليها، مش هقدر على بعدها.
تعاطف مع خوفها على أبنتها الوحيدة ليرد بحكمه
_ والله انا زيك وأكتر كمان بس أهم حاچه عندي راحتها، وبنتك زينة البنته كلهم ميتخافش عليها واصل
أيدت رأيه لعلمها بأخلاق ابنتها لتقول بعناد
_ خابره زين بس بردك مش هجدر على بعادها عن حضني.
_ طيب أحنا تأجلوا الحديت في الموضوع ده لحد ما تخلص السنه دي وبعدها نشوف هنعملوا أيه الامتحانات خلاص عـ الابواب
عاد لمكره وهو يردف
_ وبعدين حضن ايه اللي هتتحدتي عليه
وضع يده على عنقها ليتابع بتملك
_ الحضن ده لـ جمال وبس
لفحت أنفاسه الساخنة وجنتيها مما جعلها تتمتم باعتراض واهم
_ متغيرش الموضـ .......
قاطع باقي جملتها بقبلة عصفت بكيانهما وجعلتها ترفع راية الأستسلام أمام هجومه الطاغي على مشاعرها الرقيقة فلم تستطيع ردعه وترحب بتلك الفقاعات الوردية التي يسحبها بداخلها.
فقام بحملها وذهب بها إلى عالمه الذي أكتفى بها داخله ولم يسمح بغيرها لدخوله.
❈-❈-❈
بعد انتهاء الاجتماع
وخروج الإداريين قال شريف بسعادة
_ مبروك يامنصور مبروك ياسمر أخيرًا الصفقة رست علينا
رد منصور بثبات
_ الله يبارك فيك ياعمي، الصفقة دى هترفعنا رفعه جامدة اوي
أيدت سمر رأيه
_ فعلًا يابابا أنا مكنتش مصدقه أنها هترسي علينا بعد كل التعب اللي شوفته ده.
اندهش منصور من قولها ولإنتساب كل شئ لصالحها وهم بالانصراف لولا أبيها الذي أوقفه
_ أستنى يامنصور عايزكم لحظه.
حاول منصور التحكم في غضبه منها حتى يعودوا إلى منزلهم وقال بجمود
_ خير ياعمي.
رد وهو مازال جالسًا على طاولة الاجتماع
_ الولاد جوم عندي وعايزين يطلعوا رحلة تبع الجامعة.
ردت سمر برفض قاطع
_ لا ، ومش عايزه كلام تاني في الموضوع ده.
إزداد ضيقه أكثر عندما لجأ أولاده إليه وتركوه هو مما جعله يقول بضيق
_ استنى لما اروح الأول وافهم منهم موضوع الرحلة ده
نظرت إليه لترى ذلك العناد الذي أصبح ملازمًا له منذ أن عُين والدها رئيسًا لمجلس الإدارة وسألته
_ يعني أيه الكلام ده؟
رد بضيق وهو يجمع الأوراق التي أمامه ويضعها داخل الملف
_ قلت لما اروح واسألهم الأول عن الرحلة، ولو لقيتهم مصرين هبعت معاهم حد من الآمن لحد ما يرجعوا
همّ بالخروج لكنها أوقفته قائلة
_ مش هيروحوا
لعب العناد دوره معهم ليقول باحتدام
_ مش كلمتك أنتي اللي تمشي، إن كنت مشتها قبل كده فخلاص خلص مفيش منه تاني
ردت بإشمئزاز
_ أيه الألفاظ السوقية دي.
رد منصور بحده على كلمتها التي اغضبته
_ والله السوقي اللي بتكلميه بإشمئزاز ده هو اللي عيشك في المستوى اللي مكنتش تحلمي بيه
أخذ حقيبته وهو يقول
_ انا مروح وإن لقيتهم مصرين هسيبهم يروحوا.
خرج من الغرفة مغلقًا الباب خلفه بحده جعلتها تندهش من تحوله لتقول لوالدها بإنفعال
_ شايف يابابا؟
رد شريف بهدوء
_ لازم نتحمله لحد ما نثبت كل حاجه في إيدينا الأول وبعدين عايز يفضل معانا أهلًا وسهلًا، مش عايز يبقى يتفضل مع ألف سلامه.
قالت بشك وهى تجلس بجواره
_ بس منصور مش سهل زي مـ أنت فاكر، منصور عند الفلوس مبيعرفش حد، اللي خلاه باع أهله عشان الفلوس ممكن أى يعمل أى حاجه.
عاد شريف بظهره للوراء وهو يقول بخبث
_ متقلقيش ميقدرش يعمل حاجه المهم دلوقت إننا نضغط عليه بموضوع الفلوس اللي محتاجينها دي عشان ميلاقيش ادامه غير القرض أو يطالب بحقه في الأرض.
عقدت جبينها بعدم فهم وسألته
_ أرض أيه؟ هو هيكون ليه عين يبصلهم حتى.
رفع حاجبيه بتأييد
_ وهو ده اللي أحنا عايزينه، منصور دلوقت لو رجع لأهله هينسوا كل حاجه وهيرحبوا بيه وكأن شيئاً لم يكن، ولو حصل حاجه هيقفوا معاه لأنه قدر بالفلوس دي يعمل شركة، يعني مبهدلهاش.
إنما لما نعرفه بالمستوى اللى أخوه أصبح فيه والأرض اللي زادت أضعاف مضاعفه هيطمع ويطالب بنصيبه، وهنا بقى هتكون انتهاء علاقتهم بيه نهائي فـ مهما نعمل فيه هيتحمل لأن مفيش غيرنا أدامه ، فهمتي
أجاد حبك لعبته، لكنها تعلم جيدًا ان منصور لم يعد بيدها كما كان من قبل وإذا علم بمخططهم لن يرحمهم فقالت بقلق
_ بس يابابا
قاطعها شريف بهدوء
_ بلاش مقاطعة خلينا نشوف الأول هيعمل أيه..
❈-❈-❈
عاد إلى منزله وهو في قمة غضبه، فقد أصبح أولاده ينتموا أكثر إلى جدهم، هل هو المخطئ في ذلك لبعده عنهم بسبب انشغاله أم أنها حيله أخرى منهم كي يسيطروا عليه أكثر بهم.
فور دخوله سأل العاملة
_ فين الولاد؟
ردت العاملة
_ في اوضتهم يا بيه تحب اندهلهم؟
رد عليها وهو يدلف مكتبه
_ خليهم يجوني عـ المكتب
شعروا بالقلق عندما أخبرتهم العاملة برغبة أبيه في رؤيتهم
وقفوا أمام المكتب لتقول سارة بقلق
_ أنا خايفة لتكون لعبتنا انكشفت
رد مصطفى بضيق
_ هو احنا عملنا حاجه عشان تنكشف، تعالي نقعد معاه ونقنعه يمكن يوافق .
دلف الإثنين في توجس وعند رؤيتهم اشار لهم بالجلوس ليجلس كلاهما في ثبات زائف
قام بوضع الملف في أحد الأدراج ثم رفع نظره لهم فلاحظ إرتباكهم ورهبتهم منه فقال بإبتسامه أراد بها بث الاطمئنان بداخلهم.
_ ايه بقى موضوع الرحلة ده؟ وليه مجتوش قلتولي على طول.
ارتبك مصطفى أكثر ليرد بإحراج
_ مـ أحنا خوفنا ترفضوا وعشان كده قولنا لجدوا يقنعكم.
رغم غضبه الشديد من تصرفهم إلا إنه تعامل معهم بلين
_ هتروح فين وهتقعدوا كام يوم؟
لم تصدق سارة ما تسمعه أذناها لتنظر إلى مصطفى الذي أجاب مسرعًا
_ السخنه وهتبقى تلات أيام
تردد كثيرًا لكنه عليه اكتساب ودهم كي لا ينفروا منه فيرد بثبات
_ تمام موافق، هتروحوا أمتى
ردت سارة بسعادة
_ بعد بكرة
هز راسه بتفاهم وعاد يسألهم
_ دفعتوا الفلوس ولا لسه؟
رد مصطفى بهدوء
_ لأ لسه، قولنا لما نعرف رأيكم الأول
عاد بظهره للوراء وقال بأرهاق
_ تمام يلا استعدوا ولو احتاجتوا حاجه كلموني.
أسرعت إليه سارة تقبله بسعادة
_ ميرسي ياأحلى بابا في الدنيا
ثم اسرعوا بالذهاب إلى غرفتهم كى يستعدوا للذهاب.
.................
ومقبل عـلى الصعيد
ومجبل عـ الصعيد
الفصل الخامس
❈-❈-❈
استيقظ على تلك الآلام التي أصبحت ملازمة له منذ فترة حتى الادوية لم تعد تجدي معه نفعًا
تحامل على نفسه كى لا يشعر والده بشئ
وقام بالولوج إلى المرحاض وتبديل ملابسة وخرج من الغرفة.
نزل للأسفل فيجد والده جالسًا على الطاولة يتناول قهوته فيقترب منه وهو يحاول الثبات
قبل رأسه قائلًا
_ صباح الخير يا بابا.
ابتسم صابر لأبنه قائلًا بحب
_ صباح النور ياحبيبي، معلش بقى فطرت من غيرك قلت راجع متأخر ومش هيقوم دلوقت.
جلس أمجد بجوار والده يحاول أن يبدوا طبيعيًا كي لا يلاحظ والده شيئًا
_ لازم اقوم بدري عشان أسافر البلد وأشوف الجماعة اللي هتعاقد معاهم.
تذكر والده وسأله باهتمام
_ تقصد عمران المنياوى؟!
هز رأسه بتأكيد وهو يتناول إفطاره بالإجبار
_ اه بس التعامل مع أبنه جمال وحفيدة، وهروح النهارده أتفق معاهم على كل حاجه
لاحظ صابر على ابنه تبدل ملامحه مما جعله يشك في أمره فسأله بشك
_ امجد أنت كويس؟
رمش بعينيه وهو يقول بثبات
_ اه يابابا كويس ليه بتقول كده؟
إزداد شكه أكثر وعاد يسأله
_ انت بتابع مع الدكتور زي ما طلب منك ولا طنشت زي عادتك.
أومأ برأسه
_ بتابع متقلقش كل الحكاية انه زيادة مجهود مش أكتر
تحدث صابر برجاء
_ ياريت ياأمجد تحافظ على صحتك أكتر من كده، أنا خلاص من وقت اخواتك مـ اتجوزوا وسافروا مع أجوازهم وأنا معدش ليا غيرك.
ربت أمجد على يده يطمئنه وقال بهدوء
_ متخفش عليا وعشان اطمنك اكثر هروح للدكتور عصام النهارده لو رجعت بدري وأخليه يطمنك بنفسه.
رد صابر بتمنى
_ ياريت ياأمجد.
نهض أمجد من مقعده وقال بثبات
_ طيب انا ماشي عايز مني حاجه؟
_ عايز سلامتك وياريت لو تخلي السواق يروح معاك عشان الطريق.
_ لأ انا مش هروح بالعربية، هروح إن شاء الله بالطيارة عشان أكسب وقت
خرج أمجد وقد قرر الذهاب إلى الطبيب المعالج لحالته بعد عودته من الصعيد
❈-❈-❈
كـ عادتهم دائمًا يجتمع الجميع على طاولة الطعام ويكون أولهم جاسر الذي يمر بغرفة جده ويساعده على السير إلى غرفة الطعام
وآخرهم جمال الذي لا يتناول طعامه إلا باكتمال الجميع.
لكنه تلك المره شعر بالأستياء عندما لم يجدها
_ اومال فينها ليلى؟
ردت وسيلة بعدم اكتراث وهى تساعد العاملة في وضع الأطباق على الطاولة
_ في اوضتها بتجول ملهاش نفس.
علم جمال من ردها أنها تحدثت معها في هذا الأمور
_ طيب انى طالع لها.
وقبل أن تمنعه كان يصعد الدرج ذهابًا إليها.
طرق على باباها ودلف فور أن سمحت له بالولوج فيجدها منطوية على نفسها في الفراش وفور رؤيته اعتدلت قائله
_ صباح الخير يابوى
رد جمال وهو يتقدم منها قائلًا
_ صباح النور، مالك مش رايدة تفطري معانا ليه؟
نهضت لتقف أمامه قائله بإحراج
_ لا مفيش حاچه بس مليش نفس.
تتهرب بعينيها دائمًا كلما أُطرت للكذب وقد فهم سبب استياءها ليقول بتفاهم
_ أني خابر اللى مزعلك، وخابر إن أمك بتشد جصادك في الموضوع ده بس رايد أعرفك حاچه مهمة جوى، كلنا أكده متهمناش غير راحتك وسعادتك بس خوفنا عليكي اللي بيجيدنا.
ردت بحيرة
_ من ايه بس؟
تنهد بتعب وقال
_ الحياة مش وردية زي مـ انتي فاكره لا ، الحياة جاسية آوى وأحيانًا مبترحمش، طول مـ انتي چامبينا انتي في حمايتنا ومطمنين عليكي، إنما وأنتي بعيد فكرنا هيكون مشغول عليكي.
ردت برجاء وهي تقترب منه
_ بس هى سنه واحده بس وهرچع البلد ومش هـ هملها واصل
لم يرد احزانها عندما رأى إصرارها على تحقيق أمنيتها ليرد بحكمه
_ طيب أيه رأيك نأجل الكلام في الموضوع ده لحد مـ تخلصي امتحانات ، وأنى أوعدك إني هفكر فيه وألاجيلك حل يريح الكل؟
تراقص الأمل بداخلها و سألته بلهفة
_ صحيح يابوى؟
أكد جمال
_ صحيح، يالا بجى اغسلي وشك وتعالي عشان نفطروا مع بعض.
هزت رأسها بفرحه وأسرعت بالولوج للمرحاض.
عاد جمال بصحبتها لتفهم وسيلة من سعادتها بأنه طاوع رغبتها
لتأجل كل شئ وتستمتع بإبتسامة ابنتها التي اضاءت وجهها.
أقتربت ليلى لتقبل يد جدها وجدتها وتجلس بجوار جاسر وهى تنظر إليه بتحدي فيبتسم هو بتوعد بكسر ذلك التحدى.
فيقول حازم بهمس لمعتز
_ شكلها اقنعت أبوك وهتكمل علامها في مصر
فيجيبه معتز مأكدًا
_ تصدج صُح، شايفها بتبص لجاسر كيف وكأنها بتجوله أخبط راسك فـ الحيط
فتلاحظ جليلة تهامسهم فتسألهم
_ خير بتتودود منك ليه على مين؟
ضحك حازم قائلًا
_ لا داني بجوله إن چدك حالته اتحسنت اليومين دول ربنا يبارك لينا فيه.
رد معتز بمزاح
_ امبارح بالليل كان سهران مع جدتى چاه يجوم عشان يدخل اوضته لجيتها بتجوله أتسند عليا ياحاچ
وچدي زي مـ يكون مـ صدج ومسك إيدها ودخلوا اوضتهم وجفلوا الباب وراهم
نظر إلى جدتها وتابع بغمز
_ شكلك منتايش هينه واصل ياحاچه چليلة
ضحك اثنتيهم على مزاحهم الذين لا يكفوا عنه ولم يسلم أحدًا منه لتقول جليلة بحده
_ اتحشم ياجليل الرباية انت وهو.
رد معتز ببراءة زائفة
_ هو أني جولت أيه عصبك أكده؟
ثم نظر إلى عمران وأردف
_ اني جولت حاچه عفة لا سمح الله؟
هز عمران رأسه بيأس منهم وقال
_ لا مجلتش حاچه ياولدي يلا كملوا وكلكم
همّ بالتحدث مرة أخرى ليمنعهم جمال بأمر
_ ولا كلمة زيادة وخلصوا عشان تلحجوا مدرستكم
التزموا الصمت لينظر جمال إلى جاسر قائلًا
_ أمجد الأنصارى چاى النهارده چهزت الأوراج المطلوبة
أكد جاسر
_ كل حاچه چاهزه زي ما أتفجنا وچاهزه عـ الأمضة
_ زين
ثم نظر إلى وسيلة وتابع
_ ياريت ياوسيلة تچهزوا الاوضة اللى چانب المضيفة ممكن يحتاچ يرتاح شوية من الطريج
ردت وسيلة
_ من عينيه
❈-❈-❈
_ يعنى أيه الكلام ده؟ هتمشي كلمتهم عليا
هكذا كان ردها عندما أخربها بموافقته على سفرهم فيرد ببرود أغضبها
_ من حقهم يسافروا مع أصحابهم مش هقيد حريتهم اكتر من كده
حاولت التحكم في أعصابها كما أخبرها والدها وقالت بانفعال
_ بس أنا مش موافقة
هز كتفيه بعدم اكتراث وهو يضع الملف في حقيبته
_ مش مهم، المهم موافقتي أنا
إزداد ضيقها منه لتقول بحدة
_ يعني أيه مبقاش ليا كلمة معاهم
اوما لها وهو ينهض من مقعده
_ بالظبط كده
تركها وغادر من مكتبه ليذهب إلى الشركة
وهى تشتعل بنار غضبها
صعدت إلى غرفة ابنتها دالفه إياها دون أذن لتجدها تستعد للذهاب إلى جامعتها، فتسألها بحده
_ أيه حكاية الرحلة دي؟ انتى مش عارفه إني برفض موضوع السفر ده من غيري؟
ارتبكت سارة وقالت بخوف
_ ماما أحنا مش صغيرين، وبعدين كل أصحابنا طالعين الرحلة دي، وهيكون فيه آمن الجامعة والدكاتره يعني مفيش خوف أبدًا أرجوكي ياماما بلاش تمنعينا
لم تسجيب لرجاءها وقالت بتبرير
_ انا مش بمنعكم ولا عمرى وقفت ضد سعادتكم بس كل الحكاية إني بخاف عليكم
ردت عليها برجاء
_ متخافيش علينا هما كلهم تلات أيام ونرجع على طول
_ يعنى مصرين؟
أومأت سارة برأسها فحاولت سمر كتم غيظها منها وقررت تركهم الآن حتى تقرر ما تنوى فعله.
خرجت لتغلق الباب خلفها بحده ثم اخذت حقيبتها وذهبت إلى الشركة.
دلف مصطفى غرفتها بعد ذهاب والدته وهو يسألها بقلق
_ كانت بتزعق ليه؟
تنهدت بتعب وجلست على الفراش وهى تقول بضيق
_ انا زهقت من الكدب ده، فيه ايه يعني لو روحنا بعلمهم.
جلس مصطفى بجوارها وقال بتهكم
_ بعلمهم مرة واحدة؟ انتي فاكره لما سألنا بس عليهم ماما عملت أيه فينا؟ دي مش بعيد لو عرفت تقـ.تلنا
تحدثت بحيرة
_ نفسي اعرف ايه السبب؛ مع إن عمو خالد وهو بيحكي عنهم بيبين اد ايه هما كويسين ونفسهم يشوفونا.
وليه بابا مش بيودهم ولا هما بيودونا؟!
رد بنفس حيرتها
_ مش عارف، وعشان كده لازم نروح ونعرف إذا كانوا فعلاً كويسين زي عمو قال ولا لأ، ونعرف بردوا ايه سبب بعدهم عنا.
_ خلاص أحنا هنروح الجامعة عادي وبعدين نطلع على محطة القطار ونسأل عن ميعاد طلوعه.
أيد رأيها
_ تمام يالا بينا
❈-❈-❈
حطت الطائرة في موقعها في مطار قنا ويقف جاسر بسيارته ينتظر خروجه حتى خرج إليه من المطار
فور رؤيته اقترب منه يصافحه
_ جاسر مش كده؟
اومأ له جاسر مبتسمًا
_ صُح جاسر المنشاوى، أهلًا بيك في نچعنا.
رد أمجد بمرح وبلهجة صعيدية أراد بها الاندماج و التخفيف من ذلك الالم
_أهلًا أيه أنا باچي أهنه كل سنه وعارفها من اولها لأخرها.
رد جاسر على مزاحه
_ خلاص بما إنك خابر الطريج زين سوج انت وورينا شطارتك
_ لأ خليها مره تانيه.
استلقوا السيارة وظل أمجد يتابع الطريق من نافذة السيارة
الصعيد بحقوله وماشيته الذي تعلق بيهم منذ صغره، وكم كان يتحرى شوقًا للبقاء به لكن والده كان يرفض متعللًا بعمله وكأنه يهرب منه.
انتبه على صوت جاسر
_ بجالك كتير مچيتش أهنه؟
أومأ برأسه قائلًا
_ من خمس سنين لما استلمت الشغل مكان بابا
_ وعلى كده أهنه أفضل ولا البندر
رفع حاجبيه بتأييد
_ هنا طبعًا لو هنتكلم عن الحنين لموطنك، إنما لو هنتكلم عن الشغل هنقول القاهرة.
وأنت؟
_ لااا انا حياتي أهنه وعمري مـ فكرت أهمل البلد واصل، حتى في الچامعة فضلت إني أدرس أهنه ولا إني أفارجها لحظة واحدة.
ظلوا يتسامرون حتى وصلوا إلى المنزل
ليقول جاسر بترحيب
_ أهلًا بيك مره تانيه فـ بيت الحاچ عمران
ضحك امجد ورد ترحيبه
_ إن كان كده ماشي
ترجل الاثنين من السيارة وكان جمال في استقباله
يرحب به بحفاوة وكذلك التوأم الذين لم يكفوا عن مزاحهم مما جعل أمجد يتناسى تعبه قليلًا.
ثم تحدث أمجد بجدية
_ المحصول اللي اتبعت كان كويس جدًا وده خلاني أصر على التعامل معاكم ، وبعد ما شوفتكم واتعاملت معاكم خلاني أرحب أكتر بالتعاقد ده.
رد جمال بصدق
_ الشرف لينا أحنا ياولدي وربنا يديم المعروف بينا.
قال عمران مأيدًا رأى ولده
_ الشرف لينا صُح لأننا هنتعامل مع ولد صابر وحفيد مهران الانصاري.
بعد الإنتهاء تحدث أمجد بامتنان
_ انا متشكر جدًا على المقابلة الجميلة دي وياريت تردوها عندي في القاهرة.
رد جمال
_ إن شاء الله بس أتفضل ريح شوية من الطريج لحد ما يچهزوا الغدا
رفض أمجد بتهذيب
_ أعفيني معلش لأني لازم أرجع القاهرة النهاردة
تحدث عمران بجدية
_ عيب ياولدي دا أبوك سيد من يفهم فـ الأصول، بات معانا والصبح يبجى عاود
لم يستطيع الرفض تحت إصرارهم لكنه اعترض على بياته في منزلهم
_ طيب مش هينفع أتقل عليكم اكتر من كده وهروح أبات في بيتنا
رد جمال بإصرار
_ عيب عليك أكده، أنا خلتهم يچهزوا الأوضه اللى جانب المضيفة ومش عايز أعتراض تاني.
وافق أمجد مرغمًا ليبيت ليلته في تلك الغرفه التي تحاوطها الحديقة من كل جانب
خيم الليل وبدأ يشعر بـ عودة الألم مرة أخرى
تناول دواءه لكنه لم يجدى نفعًا
وقف في الشرفه يحاول التنفس بعمق كما أمره الطبيب فيقع بصره على تلك القابعة على المقعد تُذاكر بجدية، ويبدا انها تدرس بـ كلية الطب مما يراه أمامها.
شعر بالضيق من نفسه لاختلاس النظر لحرمة منزلهم.
فعاد إلى فراشه يحاول النوم لكن لا فائده
رن هاتفه ليجده والده، فتذكر أنه لم يخبره ببقائه في البلدة ومن المؤكد انه قلق عليه
_ أيه يا أمجد ايه اللى اخرك كده؟
رد أمجد باعتذار
_ معلش يابابا نسيت أعرفك إني هبات الليله وأصبح أجيلك على طول.
عاد الشك يزحف إليه ليسأله بتوجس
_ أنت كويس. في حاجه حصلت؟
رغم الألم الذي يشعر به إلا إنه رد بثبات
_ اه كويس متقلقش بس هما أصروا إني أبات معهم والصبح أمشي.
_ تمام ياحبيبي خلي بالك من نفسك.
أغلق امجد الهاتف ولم ينتبه بأنه عاد إلى الشرفة وعينيه مسلطه عليها فينهر نفسه مرة أخرى ويعاود إلى فراشه
ظل على ذلك الحال حتى استطاع النوم أخيرًا بعد عناء.
❈-❈-❈
في الصباح استيقظت ساره على صوت مصطفى
_ سارة قومى بسرعة عشان نلحق القطار
استيقظت سارة وهى تحاول رفع جفنيها بصعوبة وتقول بنعاس
_ أنا منمتش طول الليل ولسه يادوب نايمه
رد بضيق يجذبها من ذراعها كي تنهض
_ يبقى نامي في القطار قومي بقى
قامت بصعوبة بالغة لتدلف المرحاض لتغسل وجهها ثم تبدل ملابسها وتستعد للسفر
بعد انتهاءها دلف مصطفى مرة أخرى ليسألها بجدية
_ انتي معاكي التذاكر؟
أجابت بدهشة
_ لأ مش معايا، كانت معاك أنت.
فكر قليلاً ثم قال بعدم اكتراث
_ مش مشكلة نقطع تذاكر غيرها
خرج كلًا منهم يحمل حقيبته لكنهم تسمروا في أماكنهم عندما وجدوا والدتهم تجلس في الردهة وتضع قوم فوق الأخرى وهى تقول بهدوء رغم الغضب الذي يتأهب للأنفجار
_ على فين؟
نظر مصطفى إلى سارة بدهشة ثم نظر إلى والدته قائلاً
_ رايحين الرحلة زى مـ قولنا.
نهضت بثبات واقتربت منهم وهى تشير لهم بتذاكر القطار
_ أومال أيه ده؟
انحسر الدم عن وجههم وينقبض قلبهم بخوف من القادم وخاصةً عندما أردفت بحده
_ بسألكم أيه ده؟ والتذاكر دي بتعمل أيه معاكم؟
أرتبك مصطفى والتزمت سارة الصمت من شدة خوفها، مما جعل سمر تيقن بخدعتهم حتى يذهبوا إلى أهل والدهم وقالت بانفعال
_ يعنى عايزين تستغفلوني وتروحوا عندهم.
خرج منصور على صوتها يسألها بحده
_ صوتك عالى ليه؟ أيه اللى حصل؟
قذفت التذاكر في وجههم وهي تقول بحده
_ تعالى شوف ولادك اللى أستغفلونا وقالوا أنهم طالعين الرحلة وهما مرتبين أنهم يروحوا عند أهلك في الصعيد.
اندهش منصور من قولها ثم نظر لأبناءه وسألهم بدهشة
_ الكلام ده صحيح؟
لم يجيب أحد منهم لتقول سمر بغضب
_ هيقولوا ايه؟ هيكدبوا تاني؟
صاح بها قائلاً
_ أستنى أنتي؟
ثم عاد بنظره إليهم
_ مـ تردوا ساكتين ليه؟
رد مصطفى بأسف
_ أنا آسف يابابا بس انا طلبت منكم كتير وأنتوا بترفضوا، وأحنا من حقنا نعرف أهلنا ونودهم.
تحدثت سمر بإنفعال
_ أهلكم مين اللى عمرهم ما سألوا عليكم، أهلكم مين اللي طردوا أبوكم من بيته عشان طالب بحق من حقوقه
رفع الأثنين رأسهم إليها بصدمة
فيقاطعها صوت منصور الحاد
_ سمر أخرسي
ردت بعناد كي تشوه صورتهم ادام أولادها كى لا يكرروا فعلتهم
_ لأ مش هخرس، وهعرفهم حقيقتهم، جدكم كان عايز ياخد فلوس المشروع بتاع أبوكم اللى تعب وشقى لحد ما كونها عشان يحطها في الأرض اللي عمك حط إيده عليها، ولما أبوكم رفض طردوه من البيت وقاطعوه، ولو مش مصدقين اسألوا جدكم
سابلهم كل حاجه؛ حقه في البيت وحقه في الأرض يتمتعوا بيه وهو اكتفى بالقرشين اللى حوشهم وعمل بيهم المشروع اللى حلم بيه، ولما شافوا نجاحوا زاد حقدهم عليه اكتر ومبقاش حد منهم بيسأل علينا.
غضب منصور من تشويها لصورة أهله في نظر أولاده وصاح بها
_ قلت كفاية
تابعت بإصرار
_ لأ مش كفاية لازم يعرفوا حقيقتهم
نظرت إلى أولادها الذين وقفوا بدون حراك وكأن على رؤوسهم الطير وأردفت
_ عايزين تروحوا عند اللي ظلموا باباكم انتوا حرين بس انسوا وقتها أن ليكم أب وأم تعبوا عشانكم.
انسحبت سارة بصمت ولم تستطيع البقاء لتسمع المزيد، فيكفي ما سمعته حتى الآن
وكذلك مصطفى الذي دلف غرفته مغلقًا الباب خلفه بحده وقلبه يخبره بألا يخوض معهم جدال عقيم لن يجني منه شيئًا.
بعد دخولهم نظر منصور إليها وقال بغضب
_ ممكن أعرف أيه اللي قولتيه للولاد ده؟
ردت ببساطة وهى تجلس على المقعد وقد شعرت بالنصر بعد تشويه صورتهم أمام أولادها
_ وأنا قلت أيه؟ مش دي الحقيقة ان اخوك ضحك عليك وكوش على كل حاجه وأنت خرجت بالقرشين اللي كانوا حتى طمعانين فيها
اغتاظ من إهانتها الدائمة لأهله وتحدث باحتدام
_ انا مسمحلكيش تتكلمي عن أهلي بالأسلوب ده.
رفعت حاجبيها وهى تتحدث بتهكم
_ من إمتى الكلام ده؟
اشتد الجدال بينهما وقد أحيا اولاده الحنين بداخله ليقول بحدة
_ دول مهما كان أهلي ومسمحش بأى أهانه ليهم.
ابتسمت بسخرية وهى تنهض لتقترب منه تقف أمامه وتقول بثقة
_ متحاولش تضحك على نفسك لأننا كلنا عارفين إن منصور مبيحبش إلا نفسه وبس
وممكن هدوءك مع أولادك ده ليك مصلحه من وراه.
قطب جبينه متسائلًا
_ تقصدي أيه؟
أجابته بهدوء
_ أنت ناسي إن الثفقة اللي دخلنا فيها ومضينا على شروطهم محتاجه فلوس
رد بحده
_ هنجيب قرض زي مـ اتفقنا.
هزت رأسها برفض
_ مستحيل، أنا مش موافقة
رد بعناد
_ ميهمنيش رأيك أو قبولك أنا صاحب أكبر نسبة في الشركة والآخر اديتي رئاسة المجلس لأبوكي
ردت باستياء
_ والله كله لولادك في الأخر، ولو طالبت بـ حقك عند اخوك هيحقلك رئاسة مجلس الأدارة بدون منازع.
ابتسمت بخبث عندما لاحظت تأثره بحديثها وتابعت
_ والله أنت بتطالب بحقك ومحدش هيقدر يغلطك.
تحدث برفض لفكرتها
_ أنتي بتقولي أيه عايزاني أطالب بورث وأبويا لسه عايش؟
ردت بخبث
_ أومال هتستنى لما أبوك يموت وجمال ومراته يستولوا على كل حاجه؟
جمال اللي كان عايز يضحك عليك وياخد فلوسك بحجة الأرض والكلام الفارغ ده وبعدها بأسبوع اتجوز وعمل فرح ودلوقت الفلوس مش عارف يوديها فين.
يبقى أحنا محتاجين لكل جنية وهو بيشيل الفلوس في البنك؟!
رد منصور وهو يقنع نفسه قبل أن يقنعها هى
_ بس جمال تعب وشقى لحد مـ سد رهنية الأرض...
قاطعت حديثه وهو تقول بامتعاض
_ الأرض هى اللي سدت ديونها، الخير اللي كان بيطلع منها هو اللي سد تمن الرهنية وأكتر كمان
ودلوقت الخير اللي بيطلع منها في جيب اخوك ومراته
نجحت بجدارة مثل كل مره لتتابع بمكر
_ طالب بحقك السنين اللي فاتت دي كلها محدش هيقدر يقولك لأ.
اومأ برأسه قائلًا
_ عندك حق.
ابتسامة انتصار لاحت على شفتيها عندما استطاعت بسهولة إقناعه بفكرتها، وقررت ألا تتراجع عن أخذ ما هو له.
❈-❈-❈
استيقظ من نومه وقد أشتد الألم عليه فلم يستطيع التحمل أكثر من ذلك
حاول النهوض لكن كلما تحرك كلما ازداد الألم أضعاف وأضعاف
أخذ يتنفس بعمق كي تمر تلك النوبة لكن لا فائدة
تناول هاتفه كي يحدث طبيبه وعندما اجابه تحدث بألم
_ دكتور عصام إزي حضرتك؟
أجاب الطبيب قائلًا
_ أيه ياأمجد ماجيتش امبارح ليه؟ انت بدأت تتهاون بمرضك وكده غلط عليك.
وضع يده مكان الألم وتحدث باقطتاب
_ معلش سافرت الصعيد واضطريت إني أبات
إن شاء الله على آخر النهار أكون عندك.
تحدث الطبيب بشك
_ بس صوتك بيقول أنك تعبان
حاول أمجد ان يبدوا صوته طبيعيًا كي لا يخبر أبيه وقال بجدية
_ صدقن أنا كويس بلاش تعرف بابا بأى حاجه وانا وقت ما ارجع القاهرة هاجي لحضرتك على طول.
_ لو حاسس بأى تعب حتى لو كان بسيط أجل السفر وروح لاقرب دكتور وإذا لزم هجيلك انا، اتفقنا؟
ازدرد ريقه بصعوبة وهو يتحامل على نفسه
_ حاضر
أغلق أمجد الهاتف ووضعه على المنضدة
وهم بملئ الكوب كي يأخذ دواءه لكن الألم أشتد أكثر بقلبه فسقط الكوب من يده وشعر بتنفسه يضيق.
.............
ياترى مصطفى وسارة هيصدق الكلام اللى اتقالهم؟
وأمجد إيه اللي هيحصله
وهستنى توقعاتكم
جاري كتابة الفصل الجديد للروايه حصريا لقصر الروايات اترك تعليق ليصلك كل جديد أو عاود زيارتنا الليله
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هنااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا