القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ومجبل علي الصعيد الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم رانيا الخولى كاملة

 رواية ومجبل علي  الصعيد الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر  بقلم رانيا الخولى كاملة 





رواية ومجبل علي  الصعيد الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر  بقلم رانيا الخولى كاملة 




ومقبل عـ الصعيد

الفصل السادس 

❈-❈-❈

أستيقظت صباحًا لتنتفض من نومها عندما نظرت في ساعتها وقد وجدتها تعدت الثامنة ، أسرعت بالدلوف إلى المرحاض وقامت بتبديل ملابسها 

ونزلت الدرج مسرعة وقد تأخرت على محاضرتها الأولى لتجد والدتها تخرج من المطبخ لتسألها بدهشة

_ على وين بدري أكدة؟

أجابت ليلى وهى تسرع بالخروج من المنزل 

_ عـ الچامعة لاحسن أخرت جوى

خرجت من المنزل وهى تسرع الخطى لـ تمر بجوار المضيفة وتسمع صوت تحطيم قوى مما جعلها تتسمر مكانها خوفًا من أن يكون أحد اللصوص أقتحم المنزل، دفعها فضولها لإلقاء نظرة سريعة وقد تناست تمامًا أمر ذلك الغريب الذي يقيم في تلك الغرفة.


فتحت باب الشرفه بهدوء لتلقى نظرة سريعة داخلها لتتفاجئ بذلك الغريب مستلقيًا على الفراش لتتذكر فورًا أمره فتنسحب بهدوء لتعاود الخروج

لكن مهلًا هل سمعت صوتًا يناديها؟ أم خيل لها، التفتت إليه لتجده صوت أنفاسه وكأنه يعافر كي ينظم انفاسه

أقتربت منه بحذر لتجده واضعًا يده على قلبه ويتعرق بشدة، وقد أزدادت وتيرة تنفسه مما جعلها تيقن بأنها أزمة قلبية لتسأله بفضول مهني

_ انت مريض قلب؟

لم يستطيع الرد عليه فاكتفى بإيماءة من رأسه

فأسرعت بإخراج هاتفها والاتصال على أبيها الذي كان يتناول إفطاره ورد بدهشة

_ خير يا ليلي في حاچ؟

انتفض مسرعًا عندما أجابته بهلع

_ الحج يابوى أتصل عـ الأسعاف بسرعة وخليها تاچي.

سألها برعب جعل الجميع ينتفض بجواره

_ في أيه بس عرفينى أنتي زينه؟

ردت بخوف

_ مش أنى ده الضيف اللي عندينا، بسرعة الله يخليك 

أغلق جمال معها ثم أمر جاسر 

_ ألحج بسرعة أتصل عـ الأسعاف وحصلنى عـ المضيفة

سألته وسيلة بخوف

_ بتي مالها؟

أجابها جمال وهو يخرج ويسرع خلفه توأمه وجاسر 

_ متجلجيش ده الضيف اللي في المضيفة


دقائق معدودة وكانت الأسعاف تأخذه إلى المشفى

لم تستطيع ليلى تركه وأصرت على البقاء معه داخل السيارة تحسبًا لأى ظرف 


شعر جاسر بالضيق من فعلتها وقال بانفعال

_ ايه يابوي هتسيبها تركب معاه وحديها؟

رد جمال بضيق

_ مش وجته يا ولدي، وبعدين دي مهنتها مش حبًا فيه يعني، يلا نلحجهم بسرعة ربنا يستر.

تذكر جاسر هاتفه ليقول لوالده

_ أستنى لول أچيب تلفونه يمكن نحتاچه

أمر حازم بالذهاب الى المضيفه وجلب هاتفه وصعد سيارته بجوار والده وانطلقوا بها خلفه.


رن هاتف أمجد الذى كان بحوزة جاسر ليجد المتصل مدون بإسم الدكتور عصام 

فقال لوالده وهو يقود السيارة خلف سيارة الإسعاف 

_ دا باينه الدكتور اللى بيعالچه رد عليه وخبره باللي حُصل

تناول جمال الهاتف من يده وأجاب مسرعًا 

_ السلام عليكم

اندهش الطبيب من صاحب الصوت وأجاب بقلق

_ وعليكم السلام، اومال فين أمجد؟

رد جمال بقلق وهو ينظر إلى السيارة أمامه

_ أمجد تعب شوية ورايحين بيه دلوجت على المستشفى

قال الطبيب بقلق

_ هو تعب أمتى وايه اللى حصل؟

لم يستطيع جمال أجابته بشئ سوى ما علمه من ابنته أزمة قلبية

فقال الطبيب بأمر 

_ لازم دكتور متخصص اللي يتابعه وأنا هاجي على اول طيارة جايه عـ الصعيد.


اغلق جمال الهاتف وقال بقلق

_ الموضوع شكله واعر جوى ربنا ينچيه منها على خير 

تحدث جاسر بقلق

_ يارب يابوي.

تحولت نظرات جاسر إلى غضب عارم عندما تذكر ذلك الأمر وسأل والده باتهام

_ بس أيه اللي وداها عنديه؟ كيف يعني تدخل المضيفة وهى خابرة أن فيها راچل غريب.

انتبه جمال أيضًا لذلك الأمر لكنه رد بإمتعاض

_ مش وجته ياجاسر لما نطمنوا عليه لول.

كتم غيظه حتى يعودوا إلى المنزل منتويًا لها بأشد عقاب.


❈-❈-❈


وقف الجميع بقلق أمام غرفة الرعاية حتى خرج الطبيب وخلفه ليلى التى طلبت من الطبيب وأستاذها أن تدلف معه وسمح لها بذلك.

أسرع إليه جمال وجاسر الذي سأله باهتمام

_ خير يادكتور

أجاب الطبيب قائلًا

_ الحمد لله هو جاه في الوقت المناسب والفضل يرجع لليلى اللي عملت اللازم لحد ما وصل لينا، بس أنا بفضل أن الدكتور المتابع لحالته يكون موجود دلوقت.

أكد جاسر 

_ كلمناه وجال إنه هياچي على أول طيارة

أكد الطبيب

_ يستحسن بردوا، بعد أذنكم 

أنصرف الطبيب وأقترب جاسر منها يجذبها من ذراعها قائلًا بحده

_ أيه اللي دخلك المضيفة وأنتي خابره إن فيها راچل غريب.

نهره جمال بحده

_ بكفياك عاد، الكلام ده مينفعش أهنه

نظر إله أبنته وتابع بحزم

_ روحي دلوجت على چامعتك ولما تاچي هيكون لينا حديت تاني.

أومأت ليلى برأسها وذهبت إلى جامعتها.

اما جاسر فقد حاول بصعوبة التحكم في أعصابه لينهره جمال 

_ ميبجاش دمك حامي أكده، أستنى لما نروحوا وبعدين نعرف أيه اللى حُصل 

رد بـ احتدام

_ هيكون عرفت منين يعني أنه مريض إلا إذا دخلت وشافته

يأس جمال من أبنه ومن الجدال الذي لا يكف عنه ولا يعى بالمكان حوله، مما جعله يفضل الصمت حتى يعودوا للمنزل 

❈-❈-❈

ظل جالسًا في مكتبه يفكر في حيلة حتى يأخذ باقي حقه منهم، كان عليه التودد إليهم حتى يستطيع أخذ ذلك المال بالتراضي وكى لا يشك أحدًا منهم بأنه يطالب بحق من حقوقه في ميراثه.

ظل يزرع الغرفة ذهابًا وإيابًا حتى تذكر أمر خالد.

هو الوحيد الذي باستطاعته التحدث مع جمال أخيه

إذًا عليه ان يطلب بحقه عن طريق خالد 

سيذهب إليه ويطلب منه أن يحدث جمال في ذلك الأمر.


.❈-❈-❈


أستيقظ أمجد ليجد نفسه في المشفى ووجد الممرضة واقفة  تبدل له المحاليل فأبتسمت له قائله

_ حمد لله على السلامه

رد بوهن

_ الله يسلمك، أنا جيت هنا إزاى؟

أجابت الممرضة بعد ما أنهت مهمتها 

_ مش عارفه، كل اللى اعرفه إن حضرتك تعبت وجابوك هنا حتى هما لسه قاعدين بره

ايقن أمجد بأنهم جاسر ووالده، لابد أنه تسبب بذعر هم

_ طيب خليهم يدخلوا 

خرجت الممرضة ليدلف بعدها جاسر وجمال الذي نظر إليه بسرور عندما لاحظ تحسن حالته وقال

_ حمد لله على السلامه، ينفع يعني تجلجنا عليك بالشكل ده؟

رد أمجد بامتنان وقد تذكر ما حدث 

_ معلش تعبتكم معايا 

رد جاسر بصدق

_ متجولش إكده تعبك راحه، بس مكنش لازمن تداري علينا تعبك ده، كنا حتى لحجناك من الاول

رد أمجد باعتذار

_ معلش محبتش أقلقكم، الحمد لله أنها عدت على خير.

كان يود أن يسألهم عنها لكن الممرضة دلفت قائله

_ كفاية كده عشان صحة المريض

أخرج جاسر هاتفه وأعطاه إياه قائلًا

_ ده تلفونك چيبته معايا 

تحدث أمجد بامتنان 

_ متشكر جدًا


_ لا شكر على واچب، إن أحتاچت حاچه رني علينا وأحنا نچيك طوالي هنطر نستأذن ساعة بالكتير وهنرچع على طول 

خرج جمال وجاسر ليتركوا أمجد الذي ما ان أختلى بنفسه حتى تذكرها 

وخاصةً عندما تذكر ملامحها التي كانت تنظر إليه بزعر وتحاول مساعدته قدر الإمكان

من أين أتيتِ أيتها الفاتنة، هل ظهرت من العدم لتدبي الحياة في قلبٍ زهد الدنيا وروح تنتظر أجلها؟

أم لتكتبي على قلبك أنت الشقاء والتشبث بأحبال ذائبة


❈-❈-❈


أنتهت محاضراتها وقررت الذهاب إلى المشفى كي تتابع تدريبها مع ذلك الطبيب

فقد وعدها بحضور إحدى العمليات لجراحة القلب التي ستتم اليوم، لكن عليها العودة إلى المنزل قبل ذهابها واستأذن والدها.

عادت إلى المنزل لتصادف جاسر على الدرج ينظر إليها متحدثًا بحدة 

_ غيري خلجاتك وانزلي 

اومأت له ثم صعدت غرفتها لتبدل ملابسها وهي لا تعرف ماذا تقول لهم، هل تخبرهم بفضولها الذي دفعها للولوج إلى ذلك المكان ظنًا منها أنه أحد اللصوص، وإذا كان ذلك ما الذي جعلها تدخل إليه وتخاطر بحياتها، لكن ما لا يعرفهم كلاهما أنها مشيئت الله كي تكون سببًا في إنقاذ حياته 

حزنت لأجله ولأجل شبابه عندما علمت بمرضه وكم آلمها قلبها وهى تنظر إليه وإلى شبابه الذي لم يسعد به

تذكرت ملامحه الهادئه التي جذبتها بشدة وتجعل من يراها يتمنى رؤيتها مرة أخرى 

مهلاً هل جُنت حتى تفكر في مريض لديها بتلك الطريقة، أم ما يجعلها تفكر به هو الشفقة والتعاطف

هكذا أقنعت نفسها متعلله بذلك كي تحلل رغبتها برؤيته  

خرجت من الغرفة

وجدت والدها يخرج أيضًا من غرفته فتقترب منه بترقب عندما وجدته يقف وينظر إليها بـ وجوم وتقول بتحشرج

_ على فكرة يابوى أنا مدخلتش عنديه زي ما انتوا فاكرين لا؛ اني كنت رايحة الچامعة وفجأة سمعت صوت خبطة چامدة وكنت ناسيه خالص أن في حدا چوه، دخلت أشوف في أيه اتصادفت بيه وچيت أخرج بسرعة لجيته بالحاله دي، والله هو ده اللي حُصل.

ربت على كتفها وقال بتفاهم

_ مصدجك بس مكنش ينفع واصل اللي عملتيه ده

همت بالتحدث لكنه منعها 

_ بس نرچع نجول أن ربنا عمل أكده لجل ما نلحجوا،  ياريت اللي حصل ده ميتكررش تاني واصل لأى سبب من الأسباب، المره دي چات سليمة إنما المرة الچاية نركنوا فضلونا ده على چانب ونخلينا في طريجنا.

أومأت برأسها

_ حاضر ياسيد الناس مش هتتكرر تاني

بس.....

قطب جبينه متسائلًا

_ بس أيه تاني؟

تحدثت بارتباك وهي تفرك يديها 

_ أني عندي تدريب كمان ساعة في المستشفي وجاسر كيف مـ انت خابره مش هيوافج بعد اللى حصل.

اومأ لها مبتسمًا

_ متجلجيش اني رايح عنديه عشان مينفعش يضل لوحده في المستشفى اكتر من إكده ويبجى روحي معاي

احتضنته ليلى بسعادة بالغة وهي تقول 

_ تسلملي ياغالي

ضحك جمال لسعادتها 

_ أنى كل اللي يهمنى سعادتكم وبس، يالا نتغدوا ونروح.


أما عن جاسر فلم يستطيع النطق بشئ إذ وجدها تنزل مع والده والابتسامة تشرق وجهها فعلم حينها أنها ثبتته بمهارة ولن يستطيع التحدث، فليلزم الصمت إذًا فليس هناك ما قد يقال بعد أن أخذته لصفها تلك الماكرة.


❈-❈-❈


ذهبت مع والدها إلى المشفى وهى تشعر بسعادة غامرة إذ وعدها الدكتور عامر بمساعدته في تلك العملية الكبير، عليها أن تكون جديرة بتلك الثقة التى أعطاها لها. وفور ولوجهم شعرت بحنين جارف يأخذها لرؤيته لتتردد كثيرًا قبل أن تقول لوالدها

_ لو سمحت يابوى كنت رايده أدخل معاك عنده اعرف الحاله وصلت لحد فين لأن زي ما جولتلك ان ده تخصصي؛ يعني هكون بصفتي دكتورة

هز جمال رأسه بيأس منها وقال

_ وبعدهالك عاد يادكتورة، طلباتك كترت جوي

تحدثت ليلى برجاء

_ بس ده بيفدني في دراستي، ولا رايد يعني تقديرى يجل عن كل سنة.

كالعادة تثبته بكلمة واحدة منها فتجعله يرضخ لكل ما تريد ليرد باستسلام 

_ لا طبعًا ميرضنيش يالا معايا

أتجهوا إلى غرفته ليطرق جمال الباب ثم يدلف وهى خلفه فوجدت أستاذها يقف مع أحد الأطباء وفور ولوجها أشار لها دكتور عامر قائلًا  

_ تعالي ياليلى 

نظر إلى الدكتور عصام الذي وصل لتوه من القاهرة كى يطمئن بنفسه على حالته. وتابع

_ دكتورة ليلى هى اللي قامت بدورها لحد ما جالنا هنا تقدر تسألها عن أى حاجة عايز تعرفها، ليلى طالبة مميزة الأولى على دفعتها كل سنة.

رحب بها عصام

_ أهلًا يا دكتورة ليلي شكلك هتبقى دكتورة مميزة 

كانت عيناها تأخذها إليه وهو مستلقيًا على السرير ساندًا ظهره على الوسادة ينظر إليه بامتنان وترد بثبات زائف

_ إن شاء الله

تحدث عامر باعتذار 

_ مطر اسيبكم دلوقتى أستأذن أنا لأن عندي عملية كمان نص ساعة ولازم نستعد لها بعد أذنكم.

خرج الطبيب ثم نظر أمجد إليها باشتياق

 ثم تحدث جمال

_ كيفك دلوجت؟

ابتسم بامتنان قائلًا 

_ الحمد لله أحسن بكتير

ثم نظر إلى ليلى وأردف

_ والفضل كله يرجع للدكتورة ليلى.

ارتبكت ليلى ونظرت إلى والدها بإحراج وهي تقول بأقتطاب 

_ على أيه لا شكر على واچب، أنا جومت بدوري بس 

بدا الدكتور عصام يسألها بعض الأسئلة وهى تجاوب بدقة أذهلت الجميع وخاصةً ذلك الذي لم يستطيع مطلقًا التحكم في نظراته وكأنه يدرسها كما تدرس هى حالته فينتبه على عصام وهو يقول  بإعجاب

_ ما شاء الله، ربنا يوفقك 

إزداد إحراجها عندما وجدت أمجد ينظر إليها بإبتسامه 

وأردف عصام 

_ أيه رأيك لو تشتغلي معايا في مستشفى.......


اتسعت عيناها ذهولًا ولم تصدق ما تسمعه أذنها فلم تحلم يومًا بالعمل داخل ذلك المكان فنظرت لـ والدها برجاء أن يوافق ليرد جمال بحكمته المعهودة

_ ربنا يسهل المهم بس تخلص السنه دي بنفس التجدير ونشوف ظروفها هتسمح بأية

أخرج عصام الكارد الخاص به وأعطاه لجمال قائلًا

_ ده الكارت بتاعى وقت مـ تقرروا رن عليا.

أومأ جمال 

_ تمام، بس هو أمچد هيخرج ميتى؟

تطلع إلى أمجد وقال

_ انا بفضل إننا نرجع النهارده، بس هنخليه بردوا تحت الملاحظة وإن لقينا استقرار في حالته هنسافر بكرة إن شاء الله.

تذكر جمال أمر حساب المشفى واستاذن قائلًا

_ طيب أنا دجيجتين وراجع يالا يا ليلى

خرجت ليلى تحت نظرات أمجد الذى ظل ينظر إليها حتى خرجت من الغرفة.


❈-❈-❈


خرجت مع والدها لتقول بفرحة

_ أنا مش مصدجه نفسي، معجول هشتغل في المستشفى دي، أنى حاسه إني حلم.

ضحك جمال وقال بدهشة

_ للدرچة دي؟

أكدت ليلى 

_ واكتر كمان، انت مخابرش إن المستشفى دي فيها دكاترة كبيرة جوى تدريبى فيها هيبجى ميزة في الملف بتاعي.

اراد ألا يكسر فرحتها وأيضًا لا يريد ان يعطيها أملًا كاذبًا ليقول بجدية

_ الأهم خليكي دلوجت في دراستك، ولما تتخرجي نشوف الموضوع ده؟

سألته بقلق

_ بس أنت وعدتني يابوى.

تحدث جمال بحيادية

_ أنا بجولك حسب الظروف لا رفضت ولا وافجت، وياعالم.

يالا بجى شوفي الدكتور بتاعك وأنى هروح أشوف حساب المستشفى، هستناكي عنديه لحد ما تخلصي.

أومأت برأسها في صمت وذهبت إلى عملها.

❈-❈-❈

فور خروجهم قال عصام بجدية لأمجد

_ على فكرة ياأمجد الحاله كل مدى بتسوء وللأسف عضلة القلب كل مدى مـ بتضعف إن أستمريت على كده مش هيكون أدامنا بديل غير التبرع، ودي حاجه صعبه اوى.

تنهد بألم وقال برضى

_ خليها على الله، كلها أعمار بإيد ربنا.

أكد عصام

_ ونعم بالله بس عدم الأخذ بالأسباب حرام، فالمطلوب منك اليومين دول الراحة التامة لحد ما الدكتور ليونايدس يرد عليا، وهو أضافك على أول القائمة.


_ إن شاء الله بس أهم حاجه إن بابا ميعرفش حاجه عن الموضوع ده.

رد بإستسلام

_ مع إني بفضل أنه يكون عنده علم عشان يجبرك ترتاح شوية بس خلاص اللى تشوفه.

❈-❈-❈

_ أنت بتقول أيه؟ أنت باين عليك اتجننت


هكذا قال خالد عندما أخبره منصور بطلبه ليقول منصور بحده

_ مجنون عشان بطالب بحقي؟

رد خالد باحتدام

_ حقك وأخذته ولا نسيت!

أجاب مسرعًا

_ لأ منسيتش بس دي حاجه تانيه خالص، دي فلوس اخدتهم من أبويا يعني ملهاش دعوة بحقي في الأرض

وشوف أنت بقى ٢٨ سنه الأرض هتكون طلعت فلوس أد أيه.

هز رأسه بيأس منه، لم يتغير ولن يتغير 

_ أنت عارف أخوك تعب وشقى اد أيه عشان يرجع الأرض دي......

قاطعه منصور بحده

_ أكل من خيرها اللي دفعه وزيادة كمان.

ذهل خالد من تحدثه عن أخيه بتلك الطريقة وتحدث بأنفعال

_ أنت أيه ياأخي مش بتفكر غير في نفسك وبس؟ انت عارف أخوك اتبهدل وشقى اد أيه لحد مـ سدد الديون دي؟ 

اهتزت نظراته لكنه استطاع التغلب على ما تبقى بداخله من حنين

_ أنا محتاج فلوس ضروري ومينفعش يبقى ليا حق واسيبه وأجرى على قروض

جدال عقيم لن يجدي نفعًا ليقول خالد بجدية

_ تمام مدام انت عايز كده ماشي هكلم جمال النهارده وهـ قوله وأنا واثق إن جمال مش هيغدر بيك زي مـ عملت معاه

يعنى لو ليك حق هتاخده وزيادة كمان.


❈-❈-❈


جلس جميعهم في حديقة المنزل كعادتهم بعد العشاء 

لينظر إليهم عمران بحب ولكنه عندما يتذكر ولده الغائب تتبدل ملامحه لحزن أرهقه.

يتساءل دائمًا ألم يشتاق لهم كما يشتاقوا له؟

ألم يتحرك قلبه شوقًا لرؤيتهم كما يأن قلبهم شوقًا لرؤيته.

ماذا فعل له كي يقسوا عليهم بتلك الحده وكأن ما يجري في أوردته ليس دماء واحدة

ولم يخفى على جليلة حزنه الشديد وأشتياقه للغائب قاسي القلب

لتربت على يده وتقول بتعاطف

_ مسير الغايب يعود.

أومأ برأسه دون قول شيء لينظر إلى جمال ويسأله باهتمام

_ أمچد كيفه دلوجت؟

رد جمال 

_ الحمد لله بجى زين وهيرچع بكرة الصبح مع الدكتور اللي بيعالچه

تحدث عمران براحة 

_ الحمد لله، ربنا عالم بابوه اللي محلتوش غيرة

نظر إلى ليلى وتابع بعتاب

_ بس ياريت اللي حُصل ده ميتكررش تاني

ردت ليلى بخفوت

_ حاضر ياچدي.

قال معتز لحازم توأمه

_ شايف جاسر أخوك الود وده يجوم يعلجها من رجليها، ماخبرش أخوك ده طالع اكده لمين؟

نظر حازم إلى والده وقال 

_ مع إن أبوك على حدته دي بيبجى كيف العاشج الولهان وهو بيبص لأمك حتى شوف.

نظر معتز لوالدته التي تضع القهوة بأهتمام أمام والده الذي ينظر إليها بنظرات عشق لم تخفى على أحد 

_ اللي يشوفهم ميجولش واصل أنهم مخلفين جاسر أخوك ده، تحس أنهم لجيينوا على باب چامع

ضحك كلاهما ليكمل معتز

_ إنما ليلى أختك دي خليط ما بين أبوك وأمك، چمالها اللي مبيتغيرش واصل، وعجل أبوك وحكمته.

لولا يدها اللى عايزة جطعها دي، بستغرب هى بتاكل بأيديها دي كيف بعد ما بترچع من المشرحة.

هز جمال رأسه بيأس منهم ليقول لوسيلة 

_ مفيش فايدة في الولاد دول، تعبت منيهم، يتمسخروا على خلج الله وخلاص

ردت وسيلة بيأس

_ عندك حج ياجمال، مش عارفه مالهم مـ طلعينش لخواتهم ليه

وجه نظره إلى جاسر الذي يرمق أخته بتوعد بين الحين والآخر وقال 

_ على أساس أن كبيرهم اللي زين جوى، الواد ده دماغه ناشفه جوى وحجيجى الله يعينها بنت وليد، ماخبرش هتعشجه على أيه؟

 هتستحمله كيف ده، دي البنت كيف النسمه.

قال معتز وهو يغمز لوالده قائلًا 

_ هتفضلوا تتودودوا أكده كتير؟

رد حازم مصطنع الجدية

_ يظهر أنهم فرحانين إن ليلى دخلت العمليات النهارده عجبال المشرحة.

ردت ليلى بغيظ

_ المشرحة دي اللي هحطكم فيها لو مبطلتوش تتريجة عليا

قالت جليلة بخوف

_ الشر بره وبعيد ربنا يكفينا شرها، هما يعنى جالوا أيه، بيهزروا معاكي

إزداد غيظها من دفعها عنهم وقالت باستياء

_ لا ياچده مش هزار هما أكده بيفضلوا يتريجوا عليا

تحدث جمال بأمر

_ كفاياكم أكده ويالا على اوضتكم

نهض التوأم بامتعاض تلاهم ليلى التى قالت 

_ وانى كمان هطلع عشان أذاكر.

بعد انصرافهم قالت وسيلة بيأس

_ مفيش فايدة ناجر ونجير 

تحدثت جليلة بحب لأحفادها

_ زين وملاح ربنا يحميهم

رن هاتف جمال الموضوع أمامه على الطاولة ليجده خالد تناول هاتفه ليقول لوالده

_ ده خالد أكيد چاليبلنا أخبار عن منصور 

قالت جليلة بلهفه

_ طب ردي ياودى وطمني عليه

أجاب جمال بترقب

_ السلام عليكم كيفك ياخالد 

رد خالد بتهذيب

_ وعليكم السلام الحمد لله زين ياچمال كيفك أنت وكيفه عمي 

_ زين الحمد لله

تحدث خالد بتردد 

_ أنى...كنت.....يعني...

علم جمال من تردده بأن الأمر شاق عليه فقال بثبات 

_ جول ياخالد على طول 

أخذ خالد نفس عميق وقال

_ منصور أخوك رايد ... أقصد محتاچ مبلغ أكده وبيجول أنه رايده من حجه

نهض جمال مبتعدًا من جوار والديه كي يتحدث بأريحية وقال بتروي

_ حج ايه اللي بيتحددت عنيه؟

_ بيجول حجه في الأرض لأنه محتاچ فلوس ضرورى عشان شغله

_ لو ليه حاچه ياچي بنفسه يطلبها، الأخوات مبينهمش وسيط.

جولوه الكلمتين دول.

أنهى جمال المكالمة معه ثم عاد إليهم ليسأله عمران بأهتمام

_ خير ياولدى

رد بأبتسامه لم تصل لعينيه

_ مفيس حاچه يابوى ده كان بيطمن عليكم.

علم عمران ان ابنه يخفي عليه شيئًا هامًا ليسأله بجدية

_ جولت في أيه؟ ولا شايفني كبرت واتركنت على جانب خلاص.

رد جمال مسرعًا

_ العفو يابوى بس كل الحكاية إني مش عايز ازعلك

اهتزت نظراته وهو يتابع

_ منصور أخوي عايز حجه

التزم الجميع الصمت ولم يستطيع أى منهم التفوه بكلمة 

عمران الذي سقطت عليه الكلمة حتى ألجمت قسوتها لسانه

وجليلة التي انهار أملها في تغييره وعودته إليه

أما وسيلة فقد نظرت إليهم بإشفاق على حال ابنهم الذي لم ولن يتغير

وكذلك جاسر الذي إزداد بغضه لعمه الذي لم يراه يومًا لكن ما سمعه عنه كافيًا لأن يبغضه كل هذا البغض الذي يحمله له

وأول من تحدث هو عمران الذي خاب أمله في عودته للمرة التي لا يعلم عددها

_ لو ليه حج ياچي أهنه ويجف جدامي ويطالب بيه 

وافقه جمال قائلًا 

_ وده اللي جولته يابوى

نظر عمران إلى جاسر وقال

_ عاودني لمجعدي ياجاسر

_ حاضر ياجدي

ساعده جاسر على النهوض وذهب به إلى غرفته لا يريد أن يتحدث بشئ الآن

عليه التفكير مليًا قبل اتخاذ أى قرار 

ساعده جاسر على الاستلقاء بفراشه وسأله بقلق

_ چدي أنت زين؟

ربت عمران على يده التي وضعها على صدره وقال بوهن

_ زين ياولدي متجلجش بس رايدك بكره الصبح في مشوار ضروري.

اوما له بطاعة

_ إن شاء الله ، لو احتاچت حاچه أبعتلي وأنا تحت طوعك 

تحدث عمران بحب

_ تسلم ياغالي

خرج جاسر وبقي عمران وحيدًا لينتهز الفرصة ويخرج ما يكتمه بداخله كل تلك السنين.


عاد جاسر إلى والده كي يعرف ما ينوى فعله ليجده جالسًا بوجوم ولكنه لم يجد جدته التي من المؤكد أنها وجدت مكانًا خاصًا لكي تنهار به بعيدًا عن الجميع.

جلس أمامه يسأله باهتمام

_ هتعمل أيه يابوى؟

رد جمال بحيرة

_ العمل في يد چدك مش أني، مع إني خايف يخالف شرع ربنا ويعمل اللى منعته منيه جبل سابج.

شعر بالضيق من تصرف والده وقال بضيق

_ بس يابوى ده حجك انت اللي تعبت وشجيت فيه. 

تحدث جمال بتحذير لولده

_ ولا كلمة زيادة، ونبهتك جبل سابج بلاش تدخل في الموضوع ده بالذات 

نهض جاسر من مقعده وهو يقول باستياء

_ اللي تشوفه يابوى

ثم تركهم ودلف إلى المنزل.

نظرت وسيلة إليه وقالت بعتاب

_ مليكش حج ياجمال 

قاطعها جمال بانفعال

_ مـ عيزتش حديت كتير جولت الموضوع ده يخصني أنا وأبوي وأخوي محدش يدخل فيه واصل حتى انتي.

نهض هو الآخر صاعدًا إلى غرفته لا يرد التحدث مع أحد.

أما وسيلة فقد قامت وذهبت إلى غرفة ابنها كى تطيب خاطره فدلفت لغرفته  وهى أكثر من يعلم بحالته الان فكلما ذكر أسم منصور أمامه كلما شعر بالضيق منه

وبالفعل كان جاسر في قمة غضبه من ذلك الشخص الذي أُرغم أن يكون له عمًا مثله

دلفت وسيلة لتجده بتلك الحالة فاقتربت منه لتقول بتعاطف

_ متزعلش من أبوك أنت خابر الحديت معاه في الموضوع ده بيعصبوا جد أيه.

نهض من مقعده ليقترب منها قائلاً بحيرة

_ ليه يااماى. ليه ساكت أكده وبيتحدت بكل هدوء

حجه ايه اللى بيتحدت عنيه بعد اللى عمله

عايز يورث چدي وهو لساته عايش؟! عايز أيه تاني بعد اللى خده.

تحدث وسيلة بخوفٍ عليه

_ شاغل نفسك ليه بس ياولدي، الكلمة في الأول والآخر لچدك هو اللي بيده كل حاچه

_ وچدي اللي طلب منيه أنه يكتب الأرض باسمه رفض ليه؟ نسي التعب والمرار اللي شافه وهو هناك عايش بيتمتع بالفلوس اللي اخدها منيه، ولا دريان بحاچه

ابويا هيتكلم عن عدل ربنا بس اللي بيجول عليه ده مفهوش عدل واصل، ده كله ظلم لأبوى

ردت وسيلة بهدوء

_ وأبوك راضي بالظلم ده تاعب أنت نفسك ليه؟

ياابني صدجني جدك عمره مـ يظلم ابوك واصل، وبعدين من ميتى وانت بتهمك الفلوس والحاجات دي

رد جاسر بصدق

_ عمر الحاچات دي مـ همتني بس كل الحكاية إني مش ناسي تعب أبوي وشجاه فـ الأرض دي لحد مـ خلص ديونها وهو عايش حياته مفكرش حتى يسأل عن ابوه وأمه، وياچي في الاخر يطالب بحجه؟

صاح بها

_ حجه أيه يااما حج أيه؟!

شعرت بالخوف عليه لتربت على صدره وتحاول تهدئته قائله

_ طيب أهدى ياولدي أهدى الله يرضى عليك وإن شاء الله الموضوع ده هيعدي على خير.

استهدى بالله أكده وادخل اتوضى وصلى ركعتين.

تنهد بضيق وحاول السيطرة على حريق قلبه وهو يقول بثبات زائف

_ حاضر يااماي بس اللي جدي هيأمرني بيه هنفذه من غير مـ ارچع لحد.

تركها ودلف المرحاض قبل أن تستفهم منه معنى كلامه لتنسحب بهدوء إلى غرفتها.


ياترى عمران هيعمل أيه 

مستنيه توقعاتكم


ومقبل على الصعيد

الفصل السابع

❈-❈-❈


التزمت غرفتها منذ ذلك اليوم، لاتريد رؤية أحد بعد تلك الصدمة التي تلقتها.

يساورها الشك في حديثهم الذي يتنافى تمامًا عمّ أخبرهم به خالد صديق والدهم.

تتسائل دائمًا؛ من الصادق إذًا ومن الكاذب.

نشلتها من أفكارها دخول سمر الغرفة لتجدها بتلك الحالة

زفرت بضيق وهمت بتعنيفها لكنها فضلت التروي حتى لا تنفر منها، فاقتربت  لتجلس بجوارها وتقول بهدوء

_ ممكن أعرف هتفضلي كده لحد أمتى؟

اعتدلت سارة في فراشها وقالت بثبات

_ عايزاني أعمل أيه؟

تحدثت سمر بحده

_ هو أيه اللى تعملي أيه أنتي ناسية إن عندك امتحانات وكمان هتبدأ من بكرة.

ردت باقتضاب 

_ متقلقيش انا لميت المنهج كله.

اغتاظت أكثر من برودها ومن تعلقها الشديد بأشخاص لم تراهم ولم تسمع عنهم من قبل وخاصةً أنهم يعدوا ألد أعداءها فقالت بحده

_ أنا مش فاهمه كل ده ليه؟ عشان مين؟ أومال لو كانوا سألوا فيكم كنتوا عملتوا أيه.

تنهدت سارة بضيق لا تريد الخوض معها في جدال عقيم وقد شعرت بأن هناك شئ غامض وعليها معرفته لكن عليها التمهل قليلًا حتى يظنوا أنهم تناسوا ذلك الأمر وبعدها ستعمل على معرفة الحقيقة فقالت بجدية

_ لو سمحتي ياماما أنا خلاص نسيت الموضوع ده ومش عايزة اتكلم فيه تاني.


نهضت من الفراش لتدلف إلى المرحاض كي تهرب من تعنيفها الدائم في كل شيء تفعله ولا تعرف لما.


زمت سمر فمها بضيق وهي تقول بتهكم

_ فعلًا نسخة تانية من جليلة هانم دي زي ما قال أبوكي.


خرجت من الغرفة متجهه لغرفة مصطفى الذي كان جالسًا على مكتبه يذاكر بجدية وفور رؤيتها سألها باهتمام

_ في حاجه يا ماما؟

أقتربت منه بابتسامه ناعمه وقالت بحب

_ لا ياحبيبي أنا بس كنت بطمن عليك، عايز حاجه اعملهالك؟

تناول مصطفى يدها يقبلها بحب وقال

_ لا ياحبيبتي انا أصلًا شوية كده وهقوم أنام 

أومأت برأسها وهى تقول

_ تمام لو احتاجت حاجه نادي عليا.


اومأ لها وعاد ينظر لكتابه وخرجت هى من الغرفة متجهة إلى غرفتها لتجد منصور مستلقيًا على الفراش ساندًا ظهره فوق الوسادة بشرود

فعلمت ما يفكر به وعليها أن تشجعه على ذلك

 فأقتربت منه لتجلس بجواره وتقول بدهاء

_ سرحان في أيه ياحبيبي؟

يعلم جيدًا تلك النظرة ويعلم جيدًا ما وراءها فيقول بـ إبتسامة ساخرة

_ حبيبي دي وراها حاجه، ياترى ايه هى الحاجة دي؟

حاولت بصعوبة كتم غيظها وردت بـ إبتسامة زائفه

_ أنا طول عمري بقولها ليه مستغربها دلوقت؟

رفع حاجبه ليجيب بفطنة

_ لأن طول عمرك عايزة مش بتكتفي أبدًا فـ بالتالي لازم تقوليها على طول.

لم تعد ألعيبها تجدي معه نفعًا فقررت التحدث بحدية

_ تمام عملت أيه مع جمال 

هز رأسه قائلاً بثبات

_ ولا حاجه

_ يعني إيه ولا حاجة؟

رد بضيق وهو يضع الهاتف على المنضدة ويغلق الضوء

_ يعني حاجة متخصكيش ومتسأليش عنها.

ردت بحده

_ لأ تخصني أى حاجة تخصك بردوا تخصني أنا كمان وده حقنا وحق ولادنا

اعتدل منصور ليقول بغضب

_ حقك اللي بتتكلمي عنه ده اخذتيه وزيادة كمان، وهو الخير اللي انتي وأبوكي عايشين فيه

ولو هنتكلم عن الحقوق فأحنا أخذناه وزيادة، بلاش نضحك على نفسنا ونقول حق.

أشتعلت النيران بداخلها لكنها فضلت التروي كما قال والدها حتى يأخذ المال من أخيه لأجل الصفقة وبعد ذلك تفعل به ما تريد

_ أومال هتجيب فلوس الصفقة منين؟

تهرب منها قائلًا

_ ميخصكيش.

لا يريد التحدث معها في شئ، عليه أن يتحرك في صمت حتى يسترد ما هو له منهم وبعد ذلك سيفاجئكم بضربه قاتـ.تله تطيح بكليهما 

فمنذ أن أستمع لحوارهم في الشركة وهو يتوعد لهم بأشد عقاب، لكن عليه التروى قليلًا قبل اتخاذ أى خطوة.


❈-❈-❈

دلفت الغرفة لتجده غارقًا في شروده

لم تستطيع التحدث معه وهو بتلك الحالة، ستنتظر حتى يهدأ قليلًا ثم تتحدث معه.

فهى أكثر من يعلم بحالته الآن وهو يتمزق شوقًا لرؤية أخية الذي لم يبالي لهم يومًا بل يزداد جشعًا وحقدًا عليهم.

أقتربت منه لتجلس بجواره وتقول بتعاطف

_ تحب أعملك حاچه تشربها؟

هز رأسه دون النطق بشئ

حاولت البحث عن كلمات تخفف بها عنه لكنه لم يتركها تحتار أكثر من ذلك وقال بهدوء

_ أطفي النور ونامي ياوسيلة لإني مش رايد اسمع كلام ملوش عازة

أولاها ظهره متظاهرًا بالنوم لتستسلم هى أيضًا وتغلق الضوء وتستلقي بجواره تنظر إليه نظرة يملؤها الحزن.

أما هو فظل ساهرًا طوال الليل يفكر فيما ينوى عليه والده.


❈-❈-❈

ظلت طوال الليل تداول دروسها كي لا تفكر به لكن لم يترك مخيلتها لحظة واحدة حتى اندهشت من ذلك 


ماذا يحدث لها؟ لما التفكير به رغم أنها لم تراه سوى مرات عديدة

اغلقت الكتاب ووضعته على المنضدة بجوارها بعد أن يئست من طرده خارج مخيلتها لتلجأ إلى النوم ربما يرحمها ولو قليلًا منه 

جذبت الغطاء عليها تحاول النوم، لكن النوم أيضًا آبى أن يرحمها ولو قيلًا


تركت نفسها للتأمل كي تعرف ما يريد تفكيرها الوصول إليه لتتفاجئ بدقات متسارعة من قلبها الذي كان دائمًا محاطًا بجدار صلب لم يستطيع أحدًا إختراقه

كيف استطاعت تلك العينين أن تدمره بتلك السهوله؟

منذ متى وقلبها بتلك السطحية حتى يرضخ بنظرة واحدة ويقع أسيرًا لديها؟

فـ تفكيرها به ليس سوى ضربٍ من الجنون ولن تجني منه سوى المزيد من الألم.

بدأت المخاوف تضرب عقلها بقوة

سيرحل غدًا ولن تراه مرةً أخرى، ماذا ستفعل حينها سوى معالجة قلبها من الألم الذي سينهشه بدون رحمه.


عليها ان تعمل بكل ما أوتيت من عزم على نسيانه بكل الطرق حتى تتخلص من ذلك الوليد الذي نبش أظافره بداخلها ويعود ذلك الجدار إلى موضعه فهل ستستطيع ذلك أم أن القلب إذا هوى لن تستطيع فعل شئٍ حينها..


❈-❈-❈


خرج الدكتور عصام من المرحاض ليجد أمجد شاردًا في تفكيره

فعلم فيما يشرد عقله فسأله بأبتسامه

_ لحقت تشغلك اوام كده؟

انتبه أمجد ليسأله مستفسرًا

_ هى مين؟

تقدم منه ليجلس على المقعد بجوار الفراش ويجيب بتسويف 

_ اللي اخدت تفكيرك.

ابتسم أمجد بحزن وهو يجيبه 

_ مش عارف، بس كل اللي أعرفه إن مينفعش افكر فيها او في غيرها دلوقت، انا حالًا بنام ومش عارف هصحى من النوم ولا لأ 

خارج ومش عارف هرجع ولا لأ، كل الحكاية إني حسيت ناحيتها بإحساس غريب محستش بيه مع شاهى اللى ارتباطنا استمر خمس سنين 

فيها حاجة بتجذبني ليها بس مش عارف هى ايه؟


_ يمكن عشان جميلة مثلًا؟

هز راسه بنفي

_ عمر الجمال بالنسبه.لى ما كان مقياس 


_ متحاولش تفهمني إنك لحقت تحبها من مره ولا اتنين، انت عمرك مـ اعترفت بالحب اللي من أول نظرة ده.

اومأ له ليرد بشرود 

_ ولسه عند رأيي لكن هو في فعلًا في حب من النظرة الأولى بس بيبقى وليد وبيبدأ يكبر مع الوقت، وعشان كده أنا واخد الموضوع ببساطة، لأني متأكد اني مش هشوفها تاني.

رفع عصام حاجبه متسائلًا

_ أيه اللي مخليك واثق كده؟

_ لإني أولًا راجع القاهرة ومظنش إن هيكون فيه فرصة تانية تخليني اجي الصعيد دي حاجه 

الحاجه التانية زي ما قلت الحاله كل مادى مـ بتتأخر ممكن في اى وقت حياتي تنتهي.

رد عصام بتعاطف

_ بس أحنا أملنا في ربنا كبير، وإن شاء الله هنلاقي المتبرع….

قاطعه أمجد بثبات

_ بلاش نضحك على نفسنا ونقول هنلاقي متبرع لإن ده شئ صعب أوى فى مصر، وعشان نقول هنعملها بره مصر فلازم وقت وجود المتبرع وقت وجودي في المستشفى وده اصعب منها.


_ وعشان كده طلبت منك تسافر اليونان بحيث ان وقت ما نلاقي المتبرع تكون انت موجود


تنهد بألم شديد وقال بيأس

_ صعب حاليًا 

تحدث عصام بجدية 

_ أمجد أنت عارف كويس إنك بالنسبه ليا مش مجرد مريض، ولا ابن صديق عمري؛ انت بالنسبالي الابن اللى عوضني عن غياب باسم ابني 

بلاش تستسلم لأن في ناس محتجالك، فكر في أبوك اللي ممكن يموت فيها لو حصلك حاجه، فكر في أخواتك البنات، وغير كل ده شبابك اللي هيضيع 


أومأ برأسه دون قول شيء لتعود صورتها في مخيلته مرة أخرى.

_ سيبها على الله.


❈-❈-❈


في الصباح وعلى مائدة الإفطار أجتمع الجميع ماعدا جاسر وعمران ليندهش جمال ويسأل والدته

_ أومال فين أبوى وجاسر

هزت جليلة كتفيها قائلة

_ مخبراش يا ولدي، لما سألته جالي لما ارجع هتعرفي كل حاجه وخد جاسر ومشيوا.

أخرج هاتفه ليتصل على ابنه لكن وجده قيد الإغلاق 

وضع الهاتف على المائده أمامه وقد ساوره الشك في أمرهم، لكن ليس بيده شئٍ سوى الأنتظار 


ولم يمضي الكثير إلا وقد وجدهم يدلفون المنزل ويبدو أنهم فعلوا ما كان يخشى منه

ساعد جاسر جده على الدخول وأجلسه على المقعد متهربًا من نظرات والده الحادة وقال لجده

_ انا رايح الأرض عايز حاچه؟

ربت عمران على يده قائلاً

_ لا ياولدي عايز سلامتك

وقبل أن يهرب جاسر كان صوت جمال يأمره قائلًا

_ استنى عندك

ازدرد ريقه بصعوبة ثم سمعه يوجه حديثه إلى جده قائلًا

_ كنت فين يابوى؟

تنهد عمران بتعب وقال بهدوء

_ كنت عند المحامي.

هز جمال رأسه بيأس منه وقال بعتاب

_ ليه بس يابوى؟ احنا مش اتكلمنا في الحديت ده ونهناه؟

أنت أكده ظلمت حالك وظلمت أخوي


ضرب عمران بعصاه الأرض وقال بغضب

_ أنا مظلمتش حد، الأرض دي حجك لوحدك، هو سبج وأخذ حجه وأكتر كمان، أنت اللي شجيت وتعبت لحد مـ رچعت الأرض لينا بعد مـ كانت خلاص ضاعت وضاع كل شئ 

هو اللي هملنا ومشي من غير ما يسأل راحوا فين ولا عملوا أيه

وبعد ده كله چاي يطالب بحجه، ملوش عندينا حجوج.

رد جمال برفض

_ لا يابوى، ليه بعد عمر طويل ليك 

ليه نص الأرض ونص البيت، الفلوس اللي اخدها دي كانت وهبه منيك ملهاش صالح بالورث، أنت أكده بتغضب ربنا 

احتد الجدال بينهم ليقول عمران باحتدام

_ لو كان زي مـ بتجول يبجى الأرض دي كمان وهبه مني ليك الفلوس اللى اخدها كانت بتمن الأرض، لو هتبص للأرض دلوجت فدي من شجاك وتعبك السنين اللى فاتت دي، متفتكرش إني كنت راجد في فرشتي معرفش انت تعبت جد أيه؟ لاه اني كان جلبي حاسس بيك وبيبكي بدل الدموع دم، لحد ما وقفت على رجليك من تاني وبجيت أحسن من لول 

الأرض دي ملك لوحدك و أولادك من بعدك غير كده محدش هيخطيها برچله

وخلاص انا نفذت ومفيش كلام تاني هيتجال.


لن يفعلها ولن يستطيع أن يتحمل أبيه ذلك الوزر، فقط سيهاوده وبعد ذلك سيفعل ما يملى عليه ضميره..

_ حاضر يابوى اللي تشوفه.


❈-❈-❈


 فتحت عينيها بتكاسل بعد تلك الليلة التي قضتها في سهاد وكأن صورته طُبعت داخل قلبها قبل عينيها

شئٍ بداخلها يدفعها للذهاب إليه ورؤيته قبل ذهابه

لكن عقلها آبى ذلك 

وأصبحت في صراع بين ذلك القلب الذي يأن شوقًا لرؤيته؛ وبين عقلها الذي يتمسك برأيه

فالفرار من الحب الآن أهون بكثير من الفرار بعد


قامت بتبديل ملابسها ونزلت للاسفل لتجد أبيها جالسًا مع أخيها في وجوم تام وكأن هناك شيئًا قد أزعجهم

اقتربت منه تقبل يده 

_ صباح الخير 

رد جمال بابتسامة أشرقت لها

_ صباح الورد 

نظر في ساعته وأكمل 

_ مأخره النهارده يعني.

إزدردت ريقها بصعوبة وردت بثبات 

_ عندي تدريب النهارده في المستشفى، محتاچ حاچه جبل مـ امشي؟

أجاب بحب

_ عايز سلامتك، بس استني أخلى جاسر يوصلك 

ردت مسرعة

_ لا خليه أني رايحه مع اصحابي وبعدين المستشفى جريبة من أهنه يعني مش مستاهله بعد أذنكم 

انصرفت مسرعة تلاحقها عين جاسر الذي لاحظ ارتباكها، لكنه لم يشك مطلقًا بها..


❈-❈-❈


أستعد أمجد للذهاب مع طبيبه لكنه لم يستطع العودة إلى القاهرة دون رؤيتها 

ظل يتعلل بأعذار واهمه على أمل مجيئها لكن لا فائدة حتى أستسلم أخيرًا واستعد للذهاب


وقفت هي مترددة أمام الغرفة ما بين الولوج بزيها الطبي بحجة الاطمئنان عليه مثله مثل أى مريض 

أم تلوذ بالفرار وتهرب من ذلك الحب الذي لن تجني منه سوى الألم.

انتصر العقل حينها وهمت بالذهاب ولكن كان للقدر رأي آخر حين انفتح الباب ووجدته أمامها لتتسع عيناها ذهولًا كما اتسعت عينيه سرورًا برؤياها ويقول بسعادة 

_ دكتورة ليلى؟

رمشت بعينيها مرات متتالية من شدة الإحراج وردت بارتباك وهي تبحث عن كلمات تساعدها على الخروج من ذلك المأزق

_ أ..أنا ..جيت أطمن عليك أقصد على صحتك و….

انتشلها من ذلك الإحراج الدكتور عصام الذي خرج أيضًا خلفه وعند رؤيتها قال مرحبًا 

_ أهلًا دكتورة ليلى أخبارك أيه؟

ردت ليلى بصوت خافت 

_ الحمد لله بخير

تهربت من أعين الجميع لتتابع بثبات زائف

_ أنا عندي تدريب هنا وقلت أطمن على مستر أمجد قبل ما يمشي.

رد أمجد بإمتنان وعينيه تحفظ ملامحها عن كثب

_ الحمد لله انا بقيت كويس دلوقت، معلش تعبتك معايا 

رفعت عينيها التي خفضتها إحراجًا من الموقف وردت بتلعثم

_ أنا.. معملتش حاجه أنا بس كنت بقوم بدوري مش أكتر.

_ ليلى؟!

كان ذلك صوت جمال الذي جاء ليطمئن على أمجد قبل ذهابه ليتفاجئ بها معه 

مما جعل قلبها ينقبض خوفًا من الموقف وقبل أن تجيبه أنقذها عصام للمرة الأخرى قائلًا

_ أهلًا يا حاج جمال كويس إنك جيت، كنت لسه بقنع دكتورة ليلى بأنها تكمل تدريبها معانا في المستشفى

وشكلها كده متردده 

نظر إليها جمال بوجوم ثم رد قائلًا

_ إن شاء الله بس زى ما قلت لما تخلص السنه دي بالتقدير اللي منتظره منيها ومش عايز أى حاجه دلوجت تشغلها عنيه.

ثم نظر إلى أمجد الذي أستطاع بعد عناء أبعاد عينيها عنها وسأله بجدية 

_ كيفك دلوجت؟

رد أمجد بـ ابتسامه تحمل أحترام وتقدير له

_ الحمد لله كويس وآسف على القلق اللي سببته لحضرتك.

رد جمال بصدق

_ متجولش إكده إنتي زي جاسر ابني 

تحدثت ليلى بثبات

_ طيب أنا هستأذن عشان أكمل مرور

أومأ الجميع لها لتلوذ بالفرار من نظرات أبيها 

وقد حالفها الحظ عندما آتى جاسر بعد ذهابها 

كي ينقل أمجد بسيارته إلى المطار 


❈-❈-❈


ظل يزرع الغرفة ذهابًا وإيابًا وهو يفكر في حيلة أخرى غير الذهاب إليهم.

نعم آشتاق لهم ولوالدته التي يتمنى رؤيتها في كل لحظة تمر عليه 

لكنه لن يستطيع تحمل نظرات العتاب التي سيراها في أعين الجميع، كان ينتظر منهم إرسال النقود دون النطق بشئ 

ليخلف أخيه ظنه به ويقبل بطلبه بمقابل العودة إليهم 

وهو لن يستطيع فعلها

ولن يستطيع أيضًا التصدي لهم خشيةً من عناد أبيه ومن الممكن أن يسجل كل شئ بإسم أخيه.

لكن ماذا سيفعل بشأن تلك الصفقة؟

فكر قليلًا لتنتابه فكرة شيطانية مقررًا العمل عليها لكن عليه أن تكون بأتقان حتى يشك أحدًا به..


❈-❈-❈


وقفت تنظر إليه وهو يخرج من المشفى بصحبتهم تتسائل

هل ستراه مرة أخرى؟ أم ستسجل تلك النظرة الوداع الأخير الذي لا لقاء بعده

ظلت تنظر للسيارة بدقات قلب غير رتيبة حتى اختفت من أمام عينيها

إلى أين يا من تركت قلبًا ينبض بعشقٍ لم يختبره من قبل ولا يعرف كيف ينزعه من داخله.


أما هو فقد شعر بأنه فارق قلبه كما فارقها، وآبى قلبه الذهاب معه وبقى مع تلك العينين التي وقع صريعًا بعشقها 

لتقلع الطائرة وهو مازال شاردًا بها دون إرادته

لديه شعور غريب بأنه ترك شيئًا هامًا وعليه العودة إليه

وكان طبيبه يرمقه بنظرات مشفقه وقد لاحظ أيضًا تبادل المشاعر من الطرفين

لم يخفى عليه نظراتها المشتتة وهي تحاول بصعوبة بالغة كبت مشاعرها 

عليه أن يقربها منه حتى تكون دافعًا له للتشبث بالبقاء


عاد أمجد إلى القاهرة وقد تحسنت صحته بعد تلك الليلة التى قضاها في المشفى

عاد إلى منزله وإلى حياته ضاربًا بتنبيهات الطبيب عرض الحائط

فقد اقترب أجله وعليه أن ينهى كل المعضلات التي ستواجه والده بعد وفاته.

فقد نجى تلك المره بأعجوبة وقد لا ينجى مره أخرى.

لم تغيب عن مخيلته لحظه واحده لكن عليه نسيانها، فليس له أمل في عيش حياة هنيئه سواءً معها أو مع غيرها

وخاصةً بعد تلك التي تخلت عنه وقت أن علمت بمرضه.

لا يلومها على تركها له، فهى من حقها أن تقضي حياتها مع من يسعدها 

وليس رجلًا تقضي ما تبقى له في المشفى.


❈-❈-❈


عادت ليلى إلى المنزل وهى تحاول بصعوبة الثبات أمام الجميع، وخاصةً والدها الذي كان يرمقها بنظرات غريبة وكأنه يستشف ما يدور بخلدها الآن

يتساءل هل رؤيتها معه بمحض الصدفة أم رغبةً منها في رؤيته

فما يراه الآن في عينيها التي تتهرب منه يجعله ييقن بأن هناك شئٍ بداخلها تحاول إخفاءه وعليه معرفته 

لينهض من مقعده موجهاً حديثه لها

_ ليلى تعالي ورايا.

أنقبض قلبها خوفًا لكنها استطاعت بعد عناء الثبات كي لا يشعر أحد بشئ ودلفت خلفه المكتب لتجده واقفًا موليًا لها ظهره 

_ نعم يابوى

التفت إليها لينظر داخل عينيها التي لا تستطيع الكذب ولأول مره ينظر داخلهم ولا يستطيع أن يقرأ ما بداخلهم، إذًا عليه ان يكون هادئًا معها حتى لا تضطر للكذب 

فأشار لها بالجلوس ويجلس بجوارها يسألها بجدية 

_ ممكن أعرف من وجت ما رجعتي من المستشفى وانتي مسهمه إكده ليه؟

إزدردت ريقها بصعوبة وهى تجيب بثبات كي لا يشك بشئ، وقررت الخروج من دائرة الشك بأن تسايره في حديث آخر لتقول بعتاب

_ بفكر في عرض الدكتور عصام اللي انت رفضته.


نظر داخل عينيها يستشف صدق كلامها واستطاعت هى بعد عناء أن ترتدي قناع الثبات مما جعله يسألها مرة أخرى 

_ بس أكده.

هزت رأسها بتأكيد 

_ هو ده هين؟ ده مستجبلي وفرصة مش هتتعوض بلاش تقف ادام مستجبلي، دي فرصه ولو ضاعت مني هخسر كتير 

أمسكت يده لتقول برجاء

_ أرچوك يابوى توافج وأنا أوعدك إني وجت ما أخلص سنة الامتياز هرچع على طول، جلت أيه 

ربت بيده الأخرى على يدها التي تتشبث بيده برجاء وتحدث بهدوء

_ حاضر موافج بس على شرط

ردت بلهفه

_ موافجه على أى شئ.

ضحك جمال على لهفتها ليتابع

_ يكون اول الدراسه لأني مش هطمن عليكى وانتى لوحدك..

همت بمقاطعة حديثه لكنه منعها مردفًا 

_ أخواتك عايزين يدرسو في چماعة القاهرة واني قررت اخد لكم شجة هناك وتكونى معاهم لحد ما تخلصي السنه دي

اندفعت تعانقه بسعادة غامرة مما جعله يضحك بسرور لسعادتها.


❈-❈-❈


في اليوم التالي

وفي الشركة جلس منصور وشريف وسمر في مكتبه حتى يصلوا لحل حتى يستطيعوا تحضير المبلغ المطلوب فيقول منصور 

_ أنا موافق على القرض بس بشرط

سألته سمر بتوجي

_ شرط؟! شرط إيه؟

عاد منصور بظهره للوراء ويقول بمكر

_ هنعدل شوية حاجات في الشركة

اندهش شريف ليسأله مستفسرًا

_ يعني أيه مش فاهم

 أجاب بجدية

_ يعني القرض ده هجيبه باسمي وانا اللى هسدده وهنا هتكون نسبتي في الأسهم هتعلى يعني بدل ما هتكون ٦٠٪ هتكون ٨٠٪

وانا اللي همسك منصب رئيس مجلس الإدارة وكده ولا كده هو من نصيبي، يعنى مش بطالب بحق مش حقي

نظر شريف بصدمه إلى أبنته التي قالت برفض

_ مستحيل اوافق على اللي انت بتقوله ده 

هز كتفه ببساطة قائلًا

_ والله اللى تشوفيه أنا عن نفسي مش متشجع لموضوع القرض ده لو عايز تسحبه انت باسمك معنديش مانع بس متخافش كلنا هنشارك فيه، ها قلت أيه؟

حاول شريف بصعوبة كظم غيظه منه لكن عليه الموافقة كي لا يشك بشئ ورد بهدوء رغم الحقد الذي يشتعل بداخله

_ تمام اللي تشوفه 

همت سمر بالاعتراض لكن شريف منعها 

_ من حقه وأنا معنديش مانع ولو عايز تمضي العقود من بكرة موافق 

وقف منصور وهو يقول بثبات كى لا أحد بأنه كشف ألاعيبهم 

_ تمام أنا هروح البنك وابدأ في الإجراءات وهكلم المحامي يجهز العقود بعد إذنكم 

خرج من المكتب وابتسامة نصر مرتسمه على وجهه متوعدًا لهم بالمزيد والمزيد حتى يلقيهم خارج الشركة كما أدخلهم فيها.


بعد انصرافه نظرت سمر إلى والدها لتسأله بانفعال

_ انت إزاي توافقه على حاجه زي دي؟ كده هتكون كل حاجه بيده ومهنقدرش نوصل لحاجة

عاد شريف بظهره للوراء وهو يقول 

_ كنتي عايزاني أعمل أيه؟ لو عارضته في حاجه زى دى كان هيشك فينا وإنتي بالذات مينفعش تعارضي لأنه جوزك وكل ده في الأول والاخر لولادك، وأنا لو اتكلمت مش هيكون ليا حق لإن نسبتي أقل بكتير من نسبته

سألته بغضب 

_ طب وبعدين؟

تنهد بحيره 

_ مش عارف بس كل اللي خططنا ليه خلاص مبقاش ليه لازمه ولازم نشوف خطة غيرها 

❈-❈-❈

بعد مرور ثلاثة أشهر 


خرجت ليلى من غرفتها وهي تحمل حقائبها بسعادة غامرة

طرقت غرفة حازم ومعتز الذي فتح لها لتقول عند رؤيته 

_ خد الشنطة بتاعتي نزلها لحد ما اشوف ابوك 

تركت الحقائب وطرقت غرفة والديها ففتح لها جمال لتقول له بسعادة 

_ صباح الجمال على أحلى جمال في الدنيا 

_ صباح النور عليكي 

ألقت نظرة إلى الداخل 

_ أومال أمي فين 

_ جاعدة چوه وعاملة مناحه أدخلي طيبي خاطرها بكلمتين لحد ما اشوف جاسر.

خرج جمال ليتركها مع وسيلة التي لم تكف عن البكاء لغياب ابنتها 

جلست بجوارها لتقول بمرح

_ مالك بس ياوسيلة انتى محسساني إني رايحه ومش راچعه تاني، كلها سنه بالكتير وتلاجيني وياكي.

نظرت إليها وسيلة لتقول بعتاب 

_ هى سنه جليلة؟ انتى عمرك مـ غبتي عني لحظة واحدة عايزاني كيف يعني اقعد المدة دي كلياتها متحمله بعادك 

ردت ليلى بتعاطف

_ والله أنا زيك واكتر كمان بس ده مستجبلي يرضيكي يعني إني أضيع فرصة زي دي؟

وبعدين أنا هنزل الأجازة مع حازم ومعتز كل اسبوعين، عايزة ايه تاني 

قبلت وجنتها بشقاوة وتابعت 

_ وهكلمك كل يوم في التليفون اطمنك عليا، خلاص بقى 

لم تستطيع وسيلة الوقوف أمام سعادتها لتقول بإستسلام

_ خلاص ياحبيبتي ربنا معاكي، بس تكلميني كل يوم اول ما توصلي المستشفى وبعد ما تعاودي

أيدت كلامها 

_ من غير مـ تقولي حاضر يالا بقى نفطر مع بعض قبل مـ أمشي

نهض الإثنين وتناولوا الإفطار معًا بسعادة يشوبها بعض الحزن لفراقهم ..


❈-❈-❈


ومقبل على الصعيد

الفصل الثامن

❈-❈-❈


دلفوا إلى الشقة التي ابتاعها لهم جمال بسعادة لا توصف وهي تخطو أولى خطواتها داخلها

نظرت إلى جاسر الذي يرمقها ببهجة على سعادتها تلك وكأنها خاضت حرب ضارية وانتهت بالفوز 

نظرت إليه لتجده يرمقها بنظرات محبه، تعلم جيدًا مدى تعلقه الشديد بها، لكن خوفه الأشد عليها يظهر عكس ذلك وتعلم جيدًا بأنه يصعب عليه بعدها عنه 

فقالت بغيظ

_ طبعًا أنت مش طايق نفسك دلوقت.

ضحك جاسر واقترب منها قائلًا بمرح

_ مين جال إكده، دا انا سعادتي لا توصف إني أخيرًا هرتاح منكم ومن نقاركم كل دجيجة صحيح إني كنت رافض الفكرة دي بس مدام هشوف السعادة الذي طاله من عنيكي دي فلازم أوافج 

تحدثت ليلى بحب 

_ ربنا يخليك ليا وميحرمني منك واصل، اطمن عليا أختك بميت راچل 

رد بصدق

_ خابر زين وواثق من إكده بس انا بردو هفضل جلجان عليكي


قبل جبينها بحب ثم نظر إلى عينيها ليتابع بحب

_ أوعي تفتكري إني بجف في طريق سعادتك، أنا بس خوفي عليكي هو اللي بيخليني أعارضك إكده

نظر إلى أخويه الذين دلفوا غرفهم 

ابتسمت بامتنان 

_ عارفه وعشان كده عمري مـ زعلت منيك 

ربت على كتفها ثم قال بجدية 

_ طيب انا هنزل أجيب عشا لحد ما تغيروا 


❈-❈-❈


استيقظ أمجد من نومه على آلام مفرطة في قدمه 

نهض من فراشه ناظرًا إليها ليجدها متورمة قليلًا 

حاول التحامل والوقوف عليها لكنه شعر بالألم يزداد 

حتى آلام قلبه أصبحت تلك الفترة لا تحتمل 

أمسك هاتفه ليحدث طبيبه الذي ما إن وجده يتصل عليه حتى أسرع  بالرد قائلاً 

_ وبعدين ياأمجد أنت مجتش ليه في ميعادك

رد أمجد بألم وهو يعاود الجلوس على الفراش 

_ غصب عني البنات كانوا موجودين ومكنش ينفع أسيبهم بس

 انا جاي لحضرتك النهارده وبتصل عشان تحدد أجيلك أمتى.


_ صوتك بيأكد إنك تعبان 

وضع يده مكان الألم 

_ شوية بس، المشلكة دلوقت في رجلي لاحظت إن فيها تورم 

حدث ما كان يخشاه 

_ طيب تعالى دلوقت أنا موجود في المستشفى


تحامل على نفسه وقام بأخذ حمام دافئ ربما يساعده ولو قليلًا ثم ذهب إلى المشفى 


❈-❈-❈


استعدت ساندي للذهاب إلى الجامعة لتجد اخيها يخرج من غرفته فقالت بابتسامة 

_ صباح الخير يا وائل 

اقترب منها ليقبل رأسها قائلاً 

_ صباح الخير يا حبيبتى رايحة الجامعة؟

أومأت برأسها وهي تحمل حقيبتها 

_ اه انت عارف النهارده اول يوم 

أخرج بعض النقود من حافظته ليشير بهم 

_ها على اتفاقنا؟ ولا غيرتي رأيك 

ردت ساندي ببغض وهى تأخذ منه النقود

_ انت محسسني إن اللى خلقها مخلقش غيرها، ما فيه بنات كتير أجمل واحسن منها أشمعني ده بالذات وبعدين دي أهلها صعايدة لو عرفوا حاجة زي دي مش هيرحموك


رد وائل بضيق

_ أولًا اه هى بالنسبالى متخلقش غيرها 

وثانيًا هى متقدرش تفتح بوقها لأنها ببساطة هتخاف من أهلها و هتطر أنها توافق على اى وضع 

ولو أعترفت لأهلها هنكر واقول أنها بتقول كده عشان تخليني اتجوزها ولو مش متأكدين اكشفوا على بنتكم وتأكدوا

وهنا هتطلع هى اللى كدبت 


تعلم مكر أخيها جيدًا لكن لم تتخيل يومًا ان يكون بكل ذلك الدهاء

_ طيب لو اتجوزتها وعرفت انك كنت بتضحك عليها هتعمل إيه وقتها؟

رد ببساطة 

_ ولا أى حاجه، وقتها هتكون وقعت بين إيديه وخلاص وبعدين متنسيش أني هاخدها واسافر على طول، يعني مش هتلاقي حد تلجأله 

_ ماشي يا سيدي بس هى توافق تيجي معايا 


_ انتي وشطارتك بقى عايز أخلص كل حاجه قبل ميعاد السفر 


_ تمام 


❈-❈-❈


خرجت من المحاضرة بصحبة أخيها لتتوقف عن السير عندما سمعت نداءها 

_ سارة

التفتت اليها سارة لتبتسم بسعادة وهى تقول 

_ ساندي إزيك 

نظر إليها مصطفى ببغض لم يستطيع إخفاءه وقال لأخته 

_ طيب انا هستناكي بره ، بااى


اقتربت منها ساندي تقبلها بترحيب وهى تنظر إلى مصطفى الذي تركهم وغادر

_ عامله ايه ياقلبي

ردت سارة بحب

_ بخير الحمد لله المهم إنتي طمنيني عليكي.

تحدثت ساندي بخبث 

_ والله أنا النهارده محتجالك جدًا وعايزاكي تساعديني.


قطبت سارة جبينها وهي تسألها 

_ خير ياساندي 

تحدثت ساندي بمكر 

_ أصل النهارده وائل أخويا راجع من السفر وبما إن النهاردة عيد ميلاده فكنت عايزة اعمله مفاجأة وكنت عايزاكي تساعديني.

تراجعت سارة عند ذكر أسمه فهى لم تتقبله مطلقًا وتخشى دائمًا من نظراته لها فقالت بأعتذار 

_ أنا آسفه والله كان نفسي اساعدك بس زي ما انتي عارفه مينفعش آجي عندك وهو موجود 

ردت ساندي بسرعة 

_ لأ متخافيش هو مش هييجي إلا بالليل يعني نكون خلصنا كل حاجه وروحتى كمان 

معلش ياسارة بس انتي عارفه إني مليش أصحاب غيرك 

ترددت كثيرًا قبل أن ترد بإستسلام

_ تمام بس لازم أرجع البيت قبل ما يوصل 

هزت راسها بتأكيد 

_ اكيد طبعًا يالا بقى بسرعة 


❈-❈-❈


دلفت ليلى المشفى بسعادة بالغة لتسأل عن مكتب الدكتور عصام الذي كان ينتظرها 

طرقت الباب ودخلت عندما سمح لها بالولوج وعند رأيتها نهض يستقبلها بترحاب 

_ أهلًا ياليلى أخيرًا الحاج وافق إنك تكملي عندنا 

اشار لها بالجلوس وهي تقول بحبور

_ الحمد لله وافق أخيرًا

ظل يتحدث معها عن طبيعة عملها في المشفى حتى طرق الباب ودلف أمجد الذي هم بالإعتذار والعودة لكن الكلمات وقفت في حلقه من هول المفاجأة

هل ما يراه الآن حقيقة أم يخيل له كما يحدث معه دائمًا منذ ان فارقها 

هل هي حقًا تقف الآن أمامه بعينيها التي ألقت عليه سحرها من النظرة الأولى، أم أنه أصبح يراها في كل أمرأه تقع عيناه عليها .


أما هى فقد ألجمتها الصدمة وعادت إليها تلك المشاعر التي ظنت يومًا أنها فارقتها لتعود الآن لكن بقوة وعنف جعلت وتيرة تنفسها تزداد وتزداد 

لتنظر لعصام وكأنها تطالبه أن ينتشلها من تلك اللحظة كما يفعل دائمًا وكأنه قرأ أفكارها ليقول بهدوء

_ أهلًا ياأمجد اتفضل


ازدردت أمجد ريقه وهو يتقدم منهم قائلًا بترحيب

_ إزيك يادكتورة ليلى

أهتزت نظراتها وأصبحت تبحث عن كلمات تجيب بها لكن وكأنها تناست أبجدية الكلمات ليرحمها عصام من حالتها تلك 

_ الدكتورة ليلى اتعينت معانا هنا في المستشفى وتقدر تقول كده هتكون دراعي اليمين.


رغم الفرحة التي اعترته برؤيتها إلا أنه شعر بالاستياء لبقائها في مكان شديد التواجد به 

كان يعمل على نسيانها بكل الطرق وقد بائت محاولاته بالفشل عند رؤيتها الآن 

ليرد بإقتضاب

_ الف مبروك 

ضغط عصام على الزر لتدلف إحدى الممرضات وتسأله 

_ أُمر يافندم 

اشار لها على ليلى قائلًا

_ وصلي دكتورة ليلى لمكتبها في قسم الجراحة 

نهضت ليلى بسرعة وتلوذ بالفرار من أمامه وقالت بجدية

_ متشكرة جدًا لحضرتك، بعد إذنك 

وبدون إرادة منها التفتت عيناها إليه وهى تمر من جواره لتجده ينظر إليها بنظرات مبهمه  لتتشابك العينان قليلًا قبل أن تخرج

 وتغلق الممرضة الباب خلفها 


جلس أمجد على المقعد في وجوم وقد اعتراه القلق من تواجدها 

فبنظرة واحدة منها أحيت بداخله ذلك العشق الذي عمل تلك الفترة الفائتة على إخماده، نعم لم ينجح بذلك لكنه أيضًا إستطاع التحكم به.

لابد أن يبتعد وإلا سيحكم على كلاهما بالشقاء

فليس له أمل بحياة هانئه معها أو مع غيرها

 ابتسامة رضى لاحظها على وجه عصام فتطلع إليه بحيرة ويسأله 

_ ليه الإبتسامه دي؟

رد بهدوء وهو يتلاعب بقلمه

_ عادي يعني ، أصلي كنت منتظر منك ترحب بيها اكتر من كده.

أخفض عينيه وهو يقول بثبات زائف

_ كده أفضل 

رفع حاجه متسائلًا

_ أفضل في أيه، أنا شايف إن البنت جميلة ورقيقة وبنت ناس، أيه اللي يخليك تكتم حبها جواك ومتديش نفسك فرصة تعيش الحب ده

ابتسم بتهكم وقد تحولت نظراته إلى حزن قاتم

_ لو فـ ظروف تانية مكنتش اترددت ثانية واحدة 

إنما واحد في ظروفي دي صعب آوى 

_ بس أنا مش شايف سبب يمنع وخصوصًا اني ملاحظ إن هى كمان بتبادلك نفس المشاعر

هز رأسه بنفي وأكد قائلًا 

_ ده أسمه تعاطف مش أكتر إيه اللي يخليها تعلق نفسها بواحد بينه وبين الموت خطوة واحدة وزي ما قلت دكتورة وجميله وبنت ناس وأى واحد يتمناها 


آلمه حالة اليأس التي تمكنت منه وجعلته زاهد دنياه بكل ذلك اليأس 

_ بس إحنا أملنا في ربنا كبير والدكتور ليون بيجاهد معانا ووقت ما بيلاقي حالة أدامه بيعمل التحاليل فورًا بس للأسف بيبقى أختلاف في زمرات الدم أو العمر 

ووقت مـ يلاقي توافق هنسافر على طول

تراقص الأمل بداخله ليقول بمزاح

_ وقتها بقى لو رفضتني أقدر أقولك إني هخطفها واتجوزها بالأجبار.

ضحك الأثنين ثم تحدث عصام بجدية

_  المهم هتيجي معايا دلوقت أعملك الفحوصات اللي جنابك أتخرت عليها ونشوف هنعمل ايه 


❈-❈-❈


دلفت سارة بصحبة ساندي إلى شقتهم وقد ابتاعت ما يلزمهم من أشياء وقامت بوضعها على الطاوله وهي تنادي 

_ تعالي ياسارة مفيش حد

وضعت سارة باقي الأشياء على الطاولة وهي تقول 

_ بسرعة بس عشان مأخرش 

ردت ساندي وهي تدلف المطبخ 

_ أكيد طبعًا بس هعمل حاجه نشربها عشان الحر ده.

أخرجت العصائر من المبرد ووضعت نوعها المفضل في الكوب بعد أن أضافت المخدر الذي تركه لها أخيها ثم قامت بالأتصال به 

_ أيوة يا وائل أنا حطيت المخدر في العصير زي ما قلتلي 

رد وائل بخبث 

_ خلاص خمس دقايق كده وأتحججي بأى حاجه واخرجي 

اغلقت الهاتف ووضعت الكوب على الحامل  وخرجت إليها لتجدها تخرج الأشياء من الحقائب فتناولها الكوب قائله

_ اتفضلي الأول يا سارة أشربي العصير ده 

أخذت سارة الكوب من يدها وقد شعرت بالظمأ فتتناوله بسرعة كي تنهي تلك الأشياء وتعود سريعًا قبل مجيئه


❈-❈-❈


انتهى عصام من فحصه ليتحدث بعده بجدية 

_ للأسف ياأمجد الحاله كل مدى مـ بتزداد سوء بسبب المجهود اللي بتعرض نفسك ليه، فأنا مطر احجزك عندي في المستشفى لحد ما نشوف رد الدكتور ليونايدس.

نهض أمجد من السرير وتحدث برفض

_ مش هينفع أنت عارف كويس إني مش بحب جو المستشفيات ده

تحدث عصام بحده

_ دي مش رحلة مش حابب جوها دي صحتك اللي بتدمرها وبتدمر ابوك معاك 

واللى انت متعرفوش انه كلمني امبارح عشان يتاكد ان كنت جانبك كويس ولا لأ واطريت اني اكذب عليه 

ودي هتكون آخر مرة 

يا تسمع كلامي وتسافر ياإما تفضل هنا لحد ما نلاقي المتبرع


لم ينتبه لشئ مما قيل سوى والده الذي يشك بأمره والذي لن يتحمل إذا علم بحقيقة مرضه 

_ بس أنا مش عايز بابا ياخد خبر بالموضوع

تحدث عصام بجدية 

_ لأ طبعًا ضروري يعرف لأنه لازم يكون موجود اثناء العملية  

وبما اننا لازم نكون جاهزين لأتصال الدكتور في أي وقت فـ لازم يعرف 

فكر قليلًا ثم قال بتسويف

_ خلاص نأجل الموضوع شوية لحد ما الدكتور يأكد ووقتها نعرفه وأنا هقوله إني مسافر تبع الشغل 

هم عصام بالرفض لكنه قاطعه برجاء 

_ أرجوك ياعمي أنا عارف بابا كويس لو عرف هتلاقيه بيموت كل لحظة وهو شايفني ادامه بالشكل ده، أرجوك ده لمصلحته هو 

وافق عصام مرغمًا لأنه أدرى بصديقة الذي حقًا لن يتحمل رؤية إبنه الوحيد وهو يضيع أمامه


❈-❈-❈

كانت سارة تعمل على إنهاء الأمر بسرعة حتى تعود إلى منزلها قبل عودت والدتها 

شعرت بنعاس شديد وظنت أنه بسبب الأرق الذي تنتابها الفترة الأخيرة 

وعندما لاحظت ساندي ذلك قالت بخبث

_ معلش ياسارة هسيبك خمس دقايق أروح بسرعة أجيب التورته لإني نسيتها خالص.

لم تنتبه لكلامها بسبب الدوار الذي أشتد بها، كانت تود أن تطالبها بعدم الذهاب لكنها لم تستطع التفوه بشيء 

حتى خرجت ساندي من المنزل ولفها الظلام لا تدري بشئٍ بعدها 

❈-❈-❈

عاد جمال إلى منزله مساءًا ليجدها منزوية في غرفتها وقد ذبلت عينيها من البكاء

تقدم منها ليجلس بجوارها وقد آلمه رؤيتها بتلك الحالة 

تحدث بتعاطف

_ هتفضلي أكده كتير؟ أومال لما تزوچيها هتعملي أيه؟

رفعت عينيها التي احمرت من شدة البكاء وقالت

_ ومين جالك إني هزوچها بعيد عني.

أجابها بهدوء 

_ النصيب اللي بيجول مش إحنا

هزت راسها برفض وهى تقول بعناد 

_ لاه شرطي للي رايد يتزوچها إنها متبعدش عني أني مجدرش أعيش وهى بعيد عن عينيه

ضحك جمال ورد بمزاح

_ وماله ولو رايده كمان يعيشوا معانا أهنه معنديش مانع.

بس وجتها متحزنيش لو چات واحدة واخدت منك جاسر وجالت أمها مجدرش أعيش وهي بعيد عني.

تنهدت بضيق وردت بنفور

_ اعمل ايه بس، أول مره تبات بعيد عني وجلجانه جوي عليها.

أحاطها بذراعيه ليقربها إليه ويطبع قبله حانيه على جبينها 

_ متحلجيش ليلى ميتخافش عليها واصل 

تحولت نظراته إلى مكر وهو يقول 

_ بجالك سبوعين جلباها علينا نكد ونسيتي جمال وشاغله نفسك بولاده ينفع إكده؟

ابتسمت مرغمه وهى تتطلع إليه بحب لم يقل يومًا بل يزداد يومًا بعد يوم

_ لازمن اشغل نفسي بيهم لأنهم حته منيك كل واحد فيهم واخد منيك حاچه وكلهم على بعضيهم إكده بيكملوا جمال تاني

عقد حاجبيه متسائلًا

_ عايزة تجولي إني جاسر فيه حاچه واحدة مني؟

ده في الشكل منصور أخوى، وفي الطبع جده عمران واخد أيه مني؟

ردت بحب وهى تملي عينيها من ملامحه العاشقة لتفصيلها 

_ واخد منك حنيتك وحبك للي حواليك وقلبك الأبيض، صحيح هو حمجي حبتين ومش بيعرف بين عواطفه بس حنية الدنيا كلها فيه

و حازم ومعتز دول واخدين خفت دمك 

أما ليلى دي واخده عقلك الكبير وأخلاجك اللي مفيش زييها صحيح هي مندفعة حبتين بس بتعرف في الاخر تصلح أخطائها

 كل الحاجات الحلوة دي فيك أنت واتوزعت على ولادنا

لم يجد الكلمات التي يوصف بها جمال تلك المرأة التي تقبع الآن أمامه 

وقال بحب 

_ إنتي أحلى حاچة دخلت حياتي ونورتها وبتمنى دايمًا إن ربنا يقدرني واعوضك عن الشجى اللي عيشتيه معايا و…

وضعت يدها على فمه تمنعه من مواصلة حديثة وتقول بعتاب

_ أوعاك تجول الكلام ده تاني، أنت نعمة كبيرة جوى في حياتي وبحسد نفسي عليها 

أيام التعب اللي بتجول عليها دي كنت لما بترجع وتترمي في حضني كنت وجتها بنسى كل حاچة وبكتفي بيك عن الدنيا كلها هو ده كان أحلى عوض، وچودك في حياتي ياأغلى الناس.

التزمت الصمت لكن شفتيه عزفت أجمل الألحان وهى تأسر شفتيها بينهم في قبله حانيه أراد بها إثبات مدى حبه لها بالأفعال وليس بالكلمات 

أما هى فكانت مرحبه بتلك المشاعر التي لم تهدئ بينهم رغم مرور السنين بل يزداد الأشتياق أكثر وأكثر

ليأخذها تغرق معه في بحور العشق والهوى الذي كتب عليهم 

❈-❈-❈

استيقظت من غفوتها لتجد نفسها في غرفة غريبة مستلقية على ذلك الفراش 

انقبض قلبها خوفًا لتنتفض بخوف عندما وجدته يقف أمام المرآة يهندم من ملابسه وعندما رآى انعكاس صورتها في المرآة قال بابتسامة خبيثة

_ أخيرًا صحيتي 

التفت إليها ليردف وهو يقترب منها 

_ مش عارف أقولك صباحية مباركة لأننا بقينا المغرب 

تظاهر بالتفكير وهو يتابع

_ نمشيها مساء الورد لأحلى عروسه شوفتها في حياتي .



الفصل التاسع 

ومقبل على الصعيد


❈-❈-❈


استيقظت من غفوتها لتجد نفسها في غرفة غريبة مستلقية على ذلك الفراش 

انقبض قلبها خوفًا لتنتفض برعب عندما وجدته يقف أمام المرآة يهندم من ملابسه وعندما رآى انعكاس صورتها في المرآة قال بابتسامة خبيثة

_ أخيرًا صحيتي 


التفت إليها ليردف وهو يقترب منها بخطوات بطيئة جعل قلبها تزداد وتيرته

_ مش عارف أقولك صباحية مباركة لأننا بقينا المغرب 

تظاهر بالتفكير ثم تابع قائلًا 

_ نمشيها مساء الورد لأحلى عروسه شوفتها في حياتي .

اتسعت عينيها ذهولًا مما يحدث وزاد أكثر عندما وجدت نفسها عارية تمامًا إلا من ذلك الغطاء الذي يسترها من نظراته الوقحة لتهز رأسها بعدم أستيعاب لما يحدث وكأنها داخل كابوس وتريد بشدة الإستيقاظ منه فتردد برعب

_ أنت عملت فيا أيه؟ 

صرخت بعلو صوتها 

_ عملت فيا أيه؟

تقدم منها ونظراته تلتهمها برغبة مما جعلها تنزوي في الفراش بخوف وتشدد الغطاء أكثر عليها 

_ متخافيش أنا مستعد أصلح غلطتي، انا عملت كده بس عشان أجبرك توافقي عليا بس أوعدك إني مش هكررها تاني إلا برضاكي

عايزك كده زي الشاطرة تاخديلي ميعاد من أبوكي عشان نلحق الموضوع قبل ما نتفضح قلتي أيه؟


لم تجد الكلمات التي تصف بها مدى الاشمئزاز الذي شعرت به في تلك اللحظة وكأنها تقف أمام شيطان 

استحل ما ليس له ليزداد بغضها له أضعافًا وهى تقول بحرقة 

_ مستحيل أتجوز واحد ندل وحقير زيك حتى لو فيها موتي 

رفع حاجبيه وهو يقول ببساطة

_ براحتك بس متزعليش مني بقى فـ اللي هعمله 

مع إنك هتبقى مراتي ولا زم أخاف على سمعتك بس إنتي اللي بتطريني أعمل كده.

تحولت نظراته إلى غضب وهو يميل عليها ويتابع بتهديد

_ يا توافقي تتجوزيني يا إما متزعليش من اللي هعمله

أنا خارج قبل ما ساندي ترجع وتشوفك في الموقف ده وانتي البسي هدومك وفكري براحتك 

جوازنا ادام فضيحتك وابوكي الصعيدي لما يعرف أن بنته كانت بتستغفله ومقضياها مع كل واحد شوية

خرج من الغرفة ليتركها تصرخ بألم على حظها العثر الذي أوقعها في شباكه 

بيد مرتعشه تناولت ملابسها الملقاة بإهمال على الأرض وقامت بارتدائها وخرجت من الغرفة لتجده جالسًا على المقعد بهدوء وكأنه لم يفعل شئ 

تقدمت منه وهي تنظر إليه باشمئزاز قائله

_ من وقت ما شوفتك وانا عارفه إنك إنسان حقير وملكش آمان بس متخيلتش إن الحقارة توصل بيك للشكل ده.

عارفه إني مهما اقولك مش هيصحى ضميرك الميت ده بس كل اللي هقوله

حسبي الله ونعم الوكيل فيك.

أنتهت جملتها ثم أسرعت بالخروج من المنزل وهى لا تعرف إلى أين 

لن تعود إلى المنزل كي لا يعلموا بالحقيقة كما هددها ويجبرونها على الزواج منه 

عليها ان تلوذ بالفرار من  براثن ذلك الشيطان الذي سيظل يطاردها أينما ذهبت 

لكن مازالت تتساءل إلى أين؟

لم تدري كيف ومتى وجدت نفسها داخل محطة القطار وكأن قوة خفية ساقتها إلى هناك دون أن تدري

إذًا فقد حان الوقت لتذهب إليهم تحتمى بهم من غدر الدنيا وقسوتها 

 

خطت بقدميها داخل القطار لتجلس على المقعد تنظر من نافذته وكأنها تودع كل شئ من حولها ولا تدري هل ستعود يومًا أم ستذهب دون عودة


❈-❈-❈


وقفت سمر في الردة تنظر في ساعتها بين الحين والآخر تتساءل عن تأخيرها كل هذا الوقت 

حاولت الاتصال مرارًا وتكرارًا لكن لا فائدة مازال قيد الأغلاق 

عاد منصور من الخارج ليجدها بتلك الحالة فيسألها مستفسرًا 

_ واقفه كده ليه؟

أجابته بقلق

_ بنتك مرجعتش لحد دلوقت 

وضع حقيبته على المقعد وسألها بقلق 

_ مسألتيش مصطفى ليه؟

_ سألته وقال لي انها خرجت مع ساندي والمشكلة إني معرفش رقمها ولا بيتها حتى 

نظر في ساعته ليجدها قد تعدت التاسعة مساءًا ازداد قلقه أكثر عليها ليسألها باهتمام 

_ اومال فين مصطفى

_ راح يشوف حد يوصله لصاحبتها 

لم تكمل جملتها حتى سمعوا صوت الجرس ليظن كلاهما أنها عادت أسرع منصور بفتح الباب ليجده مصطفى فيسأله بلهفه

_ لقيت أختك؟

دلف مصطفى من الباب وهو هز رأسه بنفي

_ لأ ملقتهاش بس قدرت أوصل لرقم البنت دي 

صاح به 

_ طيب مستني أيه رن بسرعة 

أخرج الهاتف ليتصل على الرقم منتظرين الرد وعند سماع صوتها اخذت سمر الهاتف بسرعة 

_ أيوة يا ساندي انا مامت سارة 

ارتبك ساندي وهى تنظر إلى أخيها فيشير لها بفتح سماعة الهاتف وتجيب 

_ أهلًا وسهلًا ياطنط خير؟

سألتها بخوف

_ سارة كانت معاكي النهاردة صح؟

اشار لها ان تجاريها لتجيب بتلعثم

_ اه كانت معايا بتساعدني في حاجه في البيت بس مشيت من بدري 

ازداد قلق الجميع ليأخذ منصور الهاتف ويسألها بحده

_ خرجت من عندك امتى بالظبط 

إزداد ارتباكها أكثر وأجابت بخوف

_ على المغرب كده، ليه هى لسه مرجعتش ؟

انقبض قلب الجميع وهم لا يعرفون ماذا حدث لها لتأخذ سمر الهاتف وتحدثها برجاء

_ ارجوكي يا ساندي لو تعرفي أى حاجة قولي، وهى خارجه من عندك ما قالتش هى رايحة فين؟

ازداد خوفها أكثر وكذلك وائل الذي يستمع للمحادثة وتفكيره ذهب به إلى إنتـ.ـحارها 

_ لأ مقلتش هى رايحة فين وأنا افتكرت أنها روحت 

ازدادت الأسئلة من سمر وساندي تجيبها بمقدار معرفتها حتى انتهت المحادثة وأغلقت ساندي الهاتف 

ونظرت إلى أخيها برعب وهى تصيح به 

_ عجبك كده؟ البنت شكلها كده انتـ.ـحرت 

ظهر الخوف واضحًا عليه وقد ساوره الشك أيضًا بأنها لجأت إلى الإنتحـ.ـار 

فيجيبها بخوف

_ مظنش انها ممكن تعمل حاجه زي دي مع أني طلبت منها تاخد ميعاد مع أبوها

جلست على المقعد لهى تقول برعب 

_ أنا خايفة للموضوع ده ينكشف وأهلها يخلصوا علينا 

إزداد خوفه حقًا وقال يطمئنها 

_ لا أكيد راحت عند حد من قرايبها لحد ما تهدي وترجع تاني 

هكذا أقنع أخته كما اقنع نفسه أيضًا مقررًا الذهاب لخطبتها غدًا ..


❈-❈-❈


انتهى دوامها في المشفى وقد أستفادت كثيرًا من تواجدها مع في المكان 

لكن أكثر ما كان يأخذ تفكيرها هو صدمته عند رؤيتها والوجوم الذي ظهر عليه بعدها 

كانت تود أن تسأل عن صحته لكن خشيت أن تجرحه بكلمتها ولذلك التزمت الصمت 

طرق الباب ليخرجها من شرودها ودخلت الممرضة تخبرها بأن المدير يود مقابلتها 


حملت حقيبتها وذهبت إليه لتطرق الباب وتدلف 

وعند رؤيتها قال د.عصام

_ تعالي يا ليلى اقعدي 

دلفت ليلى لتجده يضع أمامه مجموعة من الأشعة والتحاليل فيضعهم أمامها قائلًا

_ الحالة دي أنا عايزك تراجعيها كويس لأنك هتتابعيها معايا 

تناولت منه الملفات وردت بهدوء

_ مريض قلب؟

هز رأسه بتأكيد 

_ اه عنده عيب خلقي في عضلة القلب كل حاجه عايزة تعرفيها هتلاقيها في التقارير اللي ادامك 

بس عايز اقولك إن الحالة دي بالذات تخصني آوي تقدري تقولي كده أبني اللي مخلفتوش 

  

لا تعرف لما انقبض قلبها خوفًا من كلماته 

وكأنه يلمح لشئٍ ما

نظرت إلى الاسم لتزداد وتيرة تنفسها وهي تتأكد من صحته لتحاول بصوبة التماسك امامه

_ انا فكرة الحالة دي كويس، ده مستر أمجد مش كده 

 

أكد قائلًا

_ بالظبط بس للأسف الحالة كل مدى مـ بتسوء ولحد دلوقت مش لاقين متبرع بنفس زمرة الدم 

والأدهى انه مش حتى بيساعد نفسه ومستسلم لليأس تمامًا

 وزي ما انتي عارفه أهم حاجة في العلاج نفسية المريض وأن يكون في دافع يخليه يتمسك بالحياة.


شعرت ليلى بأنه يقصدها بذلك تساءلت هل لاحظ نظرات الحب بداخل عينيها؟

هل أصبحت بتلك الشفافية حتى يلاحظ عليها ذلك من مرات قليلة تواجدت فيها معه؟

لترد بكلمات مقتصده

_ حاضر أنا هدرس الحالة كويس وإن شاء الله خير 

بعد إذن حضرتك.


❈-❈-❈


توقف القطار ولكن عبراتها لم تتوقف أخرجت هاتفها من حقيبتها لتبعث لهم برسالة صوتية تخبرهم فيها بذهابها إلى أهلها ثم اغلقت الهاتف حتى لا يستطيع ذلك الرجل الوصول إليها.

ترجلت من القطار وسارت بضياع وهى تنظر إلى تلك القرية التي تمنت كثيرًا المجئ إليها، وها قد جائتها لكن مكسورة الخاطر والفؤاد، آتت هاربة من براثن ذلك الشيطان الذي دمرها وقضى عليها بكل جبروت، ترى هل ستجد الراحة والسلوان في ذلك المكان التي آتت إليه تلتمس منه العزاء، أم كتب عليها أينما ذهبت تلاحقها الشياطين.

سارت بخطوات منهكه وقد تأخر الوقت كثيرًا

لم يخطئ العنوان الذي علمته من خالد لتقف الآن أمام  ذلك المنزل الذي يحتوي تلك العائلة التي سمعت عنها الكثير والكثير منه، لكن ماذا سيكون رد فعلهم عندما يعلموا من تكون.

طرقت الباب قبل ان يفتح ذلك الذي يعد نسخة مطابقة لأبيها مما جعلها تتأكد أكثر من أنها لم تخطئ هدفها فتسأله بتوجس

_ مش ده بيت الحاج عمران المنشاوي؟

أندهش جاسر من رؤية تلك الفتاة التي تأكد لهجتها وملابسها أنها لا تنتمي إلى البلدة ليجيب بتعجب

_ أيوة هو عايزة مين؟

شعرت بالبرودة تجتاح جسدها رغم حرارة جو الصعيد وردت بثبات على ذلك اللفظ وهي تخبره باسمها كاملًا

_ أنا سارة منصور عمران

ساد الصمت قليلًا وقد ألجمته الصدمه لحظات قبل أن يستعيد وعيه وقبل أن يجيب سمعت صوت قوي يتقدم منهم ويسأل مستفسرًا

_ مين ياجاسر 

نظر جمال إلى تلك الفتاة التي تقف بإنهاك ويجيب جاسر باستياء 

_ دي واحدة بنتجول انها بنت منصور

رغم الصدمة التي اعترته برؤيتها إلا ان الشبه الذي يقربها من والدته جعله يصدق ما تقول دون أن يستفهم منها، أو بالأصح هيئتها تلك وكأنها على وشك الأغماء لا تسمح بالأستفسار ابتسم بحب وهو يرحب بها 

_ أهلًا يابنتي أتفضلي نورتي الدار 

دلفت معه المنزل لتشعر براحة عجيبة داخله إلا من تلك العينين التي تخترقها 

لتقف أمام أعين أخرى تتساءل من تكون ليقترب منها جمال ويخبرها بسعادة وهو يعرفها عليهم

_ ده جدك عمران  وجدتك جليلة

ثم أشار على زوجته وأردف 

_ ودي وسيلة مرات عمك.

ثم قدمها إليهم 

_ ودي بنت منصور أخوي

نهض الجميع من أماكنهم إلا من عمران الذي لم تسعفه قدماه على الوقوف ويكتفي بالنظر إليها، ليسمع جليلة تقول بسعادة 

_ إنتي سارة بنت منصور ولدي.

إندهشت من معرفتها لاسمها وأومأت دون قول شيء لكنها أقتربت منها لتجذبها جليلة لأحضانها وهي تقول بسعادة 

_ أهلًا ببنت الغالي نورت الدار ياغالية 

إندهشت من استقبالهم الحار لها ثم تقدمت من جدها الذي كان ينظر إليها بعتاب واضح كانه يعاتبها على تأخرها عليه لتقبل يده بإحترام وتقول بصوت خافت 

_ إزيك جدو

ربت على كتفها وهو يقول بحب 

_ زين والحمد لله كيفك انت وكيفه أخوكي

إزدردت ريقها بصعوبة وردت بثبات

_ الحمد لله كويس كان نفسه ييجي معايا بس مقدرش 

نظرت إليها وسيلة التي ترمقها بامتنان واقتربت منها قائله

_ ازيك يا طنط 

رحبت بها وسيلة بسعادة 

_ بخير الحمد لله نورتي الدار والنجع كلاته 

نظرت إلى عمها الذي ينظر إليها بحب وردت 

_ منورة بأهلها 

ربت بيده على كتفها ونظر إلى وسيلة قائلًا 

_ يالا ياأم جاسر خلي سعدية تحضر العشا بسرعة عشان تتعشي وتطلع ترتاح في اوضة ليلى لأنها بينها مش واخده عـ السفر وجو الصعيد والصبح يبجى اتحددتوا معها كيف مـ انتوا عايزين 

ردت وسيلة 

_ لا انا بنفسي اللي هحضر لها العشا

لم تجادل لانها حقًا تشعر بالجوع فأشار لها جمال بالجلوس لتجلس بجوار جليلة التى لم تصدق عيناها حتى الآن

لم تتخيل يومًا ذلك الأستقبال منهم لولا تلك العينين التي تنظر إليها بغضب جحيمي، ولما لا وقد تلاعب الشك بداخله ظنًا منه أنهم بعثوها إليهم كي تحنن قلب جدها عليه فسألها بهدوء

_ وانتي جايه لحالك إكدة؟

اهتزت نظراتها بارتباك عندما تذكرت ما حدث لتجيب بألم لم تستطيع إخفاءه

_ أنا جاية لوحدي.

تحولت نظراته لاستهزاء وعاد يسألها 

_ ومنصور سابك تاچي لحالك؟

_ جاسر بكفياك أسأله

قالها جمال بتحذير من تماديه في أسئلته لتجيب هي بهدوء

_ بابا ميعرفش إني جاية هنا إلا لما نزلت من القطر 

لأنه رافض …..

التزمت الصمت عندما وجدت حديثها يأخذها بدون قصد لأحزان الجميع ليكمل عنها جاسر ببغض 

_ رافض انك تاچي أهنه، مش أكده 

نظر جمال بحده لابنه كي يلتزم الصمت فيقول جاسر بامتعاض وهو يهم بالذهاب

_اني داخل اوضتي 

نظرة سارة في آثره وهى تجاهد كي لا تتحرر دموعها وعندما لاحظ جمال ظن انها حزنت من بغض ابنه معها فرفع عنها الحرج قائلاً 

_ المهم إنك طمنتيه عليكي 

أومأت برأسها دون قول شئ حتى دخلت وسيلة 

_ العشا چاهز تعالي 

جلست سارة على المائدة لتناول طعامها بشرود 

مندهشة من طريقة استقبالهم لها وفرحتهم بها 

تتساءل لما شوهت والدتها صورتهم بكل ذلك الكذب 

فما تراه الآن لا ينتمي بصلة لتلك الصور التي رسمتها لها 

أبيها لم يتحدث بل كان ينهرها إذا تحدثت عنهم بالسوء 

إذًا فهناك حلقةً مفقودة وعليها معرفة الحقيقة من جدها

 

❈-❈-❈


كانت سمر تزرع الردهه ذهابًا وإيابًا وكأنها تسير على جمر ملتهب 

_ المجرمة تستغفلنا كلنا وتعمل العمله دي 

ثم نظرت لمصطفى الذي كان أيضًا مصدومًا من فعلتها وسألته باتهام

_ أنت كنت عارف أنها رايحه عندهم 

رد مصطفى بشرود 

_ خالص أنا مستغرب زيكم وأكتر كمان 

أما منصور فقد كان ملتزمًا الصمت يفكر في رد فعلهم عندما يعلموا من تكون، كيف تم استقبالهم لها؟

هل رحبوا بها؟ هل يتخذها جمال فرصة كي يخبرها بحقيقته؟

كل تلك الأسئلة تدور بخلده الآن 

لينتبه على صوتها وهى تسأله 

_ممكن أعرف انت ساكت ليه؟

نهض منصور ليقول بحدة

_ عايزاني أعمل أيه؟ اروح اجيبها من شعرها؟

صرخت به 

_ يعني أيه هـ تسيبها كده تروح لهم عادي وتبقى فرصة لجمال ومراته يشوهوا صورتنا ادامها؟

مسح بيده على وجهه يحاول السيطرة على أعصابه وقال بثبات 

_ هتصرف

_ هتعمل أيه؟

أغمض عينيه محاولاً ضبط أعصابه قائلًا بهدوء

_ هكلم خالد يروح يجيبها.

همت بالمعارضة لكنه تحدث بتحذير 

_ كلمة تاني وهطربق البيت عـ اللي فيه انا مش طايق نفسي

ثم تركها وصعد إلى غرفته 


جلست سمر على المقعد تهز قدميها بغضب شديد تفكر في طريقة تعيد بها ابنتها دون الذهاب إليهم

 تقدم مصطفى منها ليجلس بجوارها وقال بهدوء

_ معلش ياماما هى كان نفسها تشوفهم وتتعرف عليهم وبعدين هترجع تاني، يعني يومين بالكتير وهتلاقيها رجعت

زمت شفتيها بضيق تحاول العثور على حل ثم 

نظرت إلى مصطفى وقالت بأمر 

_ روح انت اوضتك وسيبني دلوقت.

ذهب مصطفى إلى غرفته وهو يعاتبها على ذهابها من دون أن تخبره

حاول الاتصال بها لكنه ما زال قيد الإغلاق 

ألقى هاتفه على الفراش وهو يفكر في طريقة يقنعهم بها فـ الذهاب إليها 


❈-❈-❈


ولجت الغرفة مع وسيلة التي قالت بسرور

_ اتفضلي دي أوضة ليلى بنتي 

تساءلت سارة عندما لم ترى أحد اخرى غير ذلك الشاب 

_ اومال هى فين؟

أجابت وسيلة 

_ في مصر أصرت انها تكمل سنة الإمتياز في مستشفى مش فاكرة اسمها، كان هيچراها حاچة لو مراحتش مرديناش نزعلها راحت مع اخواتها حازم ومعتز هما كمان يكملوا علامهم هناك ردت بهدوء

_ ربنا يوفقهم 

لم تريد ان تطيل عليهم أكثر من ذلك 

_ طيب اسيبك انا بجى ترتاحي من الطريج والصبح نكملوا حديتنا 

خرجت وسيلة لتتركها لعذابها ولحظة إستيقاظها لا تترك مخيلتها لحظة واحدة.


❈-❈-❈


عادت وسيلة إلى غرفتها لتجد منصور شاردًا فعلمت انه يفكر في أمر أبنة أخيه 

جلست بجواره تسأله باهتمام 

_ سرحان في أيه؟

هز جمال رأسه بحيرة وهو يقول 

_ مش عارف اجولك ايه، بس جلبي حاسس إن في مشكلة كبيرة خلاتها تاچي من ورا منصور إكده، وشاكك اكتر إن ممكن يكون السبب فيها منصور او سمر 

ردت وسيلة بنفس حيرته 

_ انا كمان مستغربه زييك واكتر كمان، بس البنت شكلها زينة جوي وكيف النسمه أكيد حدا منهم زعلها وهو ده اللي خلاها تاچي غصب عنيهم 

أومأ جمال ثم قال بجدية 

_ أني عايزك تاخدي بالك منيها زين وأوعاكم تحكولها حاچه عن اللي عمله أبوها زمان 

وخلي ابنك ميضيجهاش بأسئلته البايخه دي ولا يتحددت معها واصل 

لحد ما تهدى وترتاح وبعدين هجعد معاها واعرف ايه اللي مزعلها منيهم



ومقبل على الصعيد

الفصل العاشر

❈-❈-❈


وفي الصباح 

استيقظت سارة من نومها بعد ليل شاق مليء بالمآسي

وها هى ما أن تذكرت ما حدث حتى تجمعت العبرات داخل عينيها لتعاود البكاء بحزن وقهر مرة أخرى 

طرقات خافته على باب الغرفة جعلتها تقوم بمسح دموعها بسرعة ثم سمحت للطارق بالدخول لتجد زوجة عمها تدخل وهى تقول بابتسامة عريضة

_ صباح الخير ياسارة كيفك دلوجت 

حاولت الأبتسام كي لا تلاحظ حزنها وقالت بثبات 

_ الحمد لله أحسن

_ يارب ديمًا، يلا بجى عشان كلنا مستنينك تحت تفطري معانا 

تهربت سارة قائلة

_ لأ معلش افطروا أنتوا أنا مليش نفس

ردت وسيلة بإصرار 

_ لما تقعدي معانا هتتفتح نفسك على الأكل يلا بجى عشان چدك وچدتك اللي الفرحة مش سيعاهم بشوفتك.

اومأت برأسها وهمت بالخروج معها لكن وسيلة تذكرت أمر ملابسها فقالت لها 

_ معلش نسيت خالص أجيبلك حاچه تلبسيها 

فتحت الخزانه لتخرج منها عباءة خاصة بـ ليلى وتناولها إياها قائله

_ إلبسي دي وبعد ما تفطري هاخدك وتروحي معاي تنجي اللبس اللي يعچبك

هزت رأسها برفض وهى تقول مسرعة 

_ لأ مفيش داعي أنا هلبس من هدوم ليلى هى نفس مقاسي 

ردت وسيلة 

_ غيري هدومك وتعالي نفطروا وبعدين نتچادل براحتنا 

خرجت وسيلة لتتركها تبدل ملابسها ثم نزلت إلى الأسفل لتجدهم مجتمعين على الطاولة يرأسهم جدها الذي استقبلها بابتسامة حانية 

وما أن تقدمت منهم حتى تظاهر جاسر بإنهاء طعامه وهو يقول 

_ الحمد لله

ثم نظر إلى والده مردفًا

_ أنا هسبجك على الأرض يابوى بعد أذنكم 

هز جمال رأسه بيأس من ذلك الشخص الذي لن يتغير لتدارى وسيلة الموقف بعد خروجه

_ تعالي ياسارة أجعدي مكان جاسر چار ستك

لملمت جليلة الموقف أكثر كي ترفع الأحراج عنها 

_ تعالي ياغالية أنا جومتلك جاسر لجل مـ تجعدي چاري 

تقدمت سارة لتجلس بجوارهم وتتناول إفطارها في جو أُسري لم تختبره من قبل 

لم تتذكر يومًا بأن تجمعوا جميعهم على طاولة واحدة بل كلًا في واديه.

كانوا يتسامرون ببهجة وحب أثناء تناولهم القهوة ودائمًا ما تُشركها زوجة عمها في الحديث حتى لا تتركها للشرود الذي أصبح ملازمًا لها 

وفي المساء أصرت وسيلة عليها بأن تذهب معها لأختيار الملابس لتصر سارة على رفضها 

_ معلش ياطنط بس فعلًا مش عايزة أخرج 

فكرت وسيلة قليلًا ثم قالت باقتراح

_ طيب أيه رأيك انا هبعت سعدية تشيع للبنت بدور وهى تنجيلك هدمتين لحد ما تروحي انتي بنفسك تختارى 

وافقت سارة تحت إصرارها وقالت بامتنان 

_ متشكرة اوى واسفه اني بتعبك معايا 

ردت وسيلة بصدق

_ تعبك راحه ياجلبي المهم تكوني مبسوطة معانا 

ردت سارة بتأكيد

_ أوى

مر اليوم وهى معهم لم يتركها أحد والجميع سعيد بها وخاصةً جليلة التي شعرت بعودة المياه لمجاريها رويدًا رويدًا لكن ما ان تختلي بنفسها حتى يعود إليها ذلك الخوف من القادم .


❈-❈-❈


في منزل عاصم

عادت زينة من جامعتها فتجد جاسر جالسًا مع والدها ويبدو عليه الانزعاج

شعرت بالقلق مما دفعها فضولها بالتصنت عليهم كي تعلم ما يزعجه

وعندما اقتربت من الباب سمعته يتحدث بغضب

_ مستحيل أجبل ببنت منصور تجعد معانا تحت سجف واحد.

رد عاصم بيأس من صلابة رأسه

_ أولًا أسمه عمك منصور، ثانيًا هى في الأول والآخر ضيفه عندكم  والأهم من كل ده هى ملهاش ذنب فـ اللي عمله أبوها هى چايله لحالها تتعرف على أهلها ودى حاچه تأكد إنها غير أبوها.

نهض جاسر وقد تمكن منه غضبه وجعله غير مدركًا لما يقول 

_ لا دي لعبه عاملها منصور وياها عشان تحنن جلب چدي عليه وتخليه يبعتله الفلوس اللي طلبها.

صدجني ياچدي البنت دي مش سهله وللأسف چدي وچدتي صدجوا وأخدت الكل في صفها حتى أبوي.


تحدث وليد بهدوء

_ أهدى ياجاسر الموضوع مش مستاهل كل ده وبعدين ربنا بيجول "  أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ"

لو ابوها أخطأ هى ذنبها ايه، بلاش تظلمها الظلم ظلمات ياولدي.

لم يلين قيد أنملة بل ظل على رأيه مما جعل زينة تزداد خوفًا منه

هى لا تبغضه بل تكمن له مشاعر أخوه وليس زوجًا تنتظر منه حبًا وحنانًا

وهذا ما لم يعترف به جدها عندما أخبرته بأنها لا تكمن له حبًا أخبرها بأن جاسر هو شخص جدير بها وكلًا يأتي بعد الزواج إذا أعطت نفسها فرصة لتعرفه حقًا.

أنسحبت بهدوء وذهبت إلى غرفتها كي لا يراها أحد

لاحظت ياسمين والدتها ذلك الحزن المرتسم على وجهها وهى تدلف الغرفة مغلقة الباب خلفها 

ولجت خلفها لتجدها جالسة على الفراش في سكون تام 

تقدمت منها وهي تسألها باهتمام

_ مالك يازينة في حاچه؟

هزت زينة رأسها بصمت 

جلست ياسمين بجوارها وعادت تسألها بقلق

_ مفيش ازاي وانتي مكدرة أكده

نظرت إليها زينة بعتاب

_ انتوا ليه مصرين على ارتباطي بجاسر

تنهدت ياسمين بتعب من ابنتها التي لا تكف عن قول تلك الكلمة وردت بهدوء

_ وليه منوافقش عليه جاسر زينة الشاب ميتعيبش راجل يعتمد عليه وكفاية أنه ابن عمتك اللي بتموتي فيها وأخو ليلى اللي بتعتبريها أختك التانية يبجى نرفضوا ليه؟

نعم والدتها محقة في كل ذلك لكن ينقصه الحب وهى تعلم جيدًا بأنه لن يطرق الحب قلبها لأجله

_ بس ياأمي أنا مش شايفاه غير أخ بعزه و بحترمه أكتر من إكده صعب عليا، حاولت كتير أحبه بس مجدراش أرجوكي ياأمي ساعديني.

سألتها بشك

_ في حد تاني في حياتك

ردت بصدق

_ لا تاني ولا تالت، وعشان اكده نفسي أحسه مع الأنسان اللي هرتبط بيه، مش في جوازه أتفرضت علينا.

دا عمره مـ فكر حتى يكلمني ويسأل عني ولو چاه عندينا بيبجى عشان چدي وخلاص، وأحيانًا كتير بياچي ويمشي ميسألش عني

نفسي أشوف في عينيه النظرات اللي بشوفها في عينين عمي جمال وهو بيطلع في عمتي وسيلة 

ولا أبوي وعينيه اللي بتضحك قبل شفايفه أول ما بيشوفك، ليه عايزين تحرموني من الحب ده.

تنهدت ياسمين بيأس من أبنتها وقالت 

_ أنتي عارفة أنا اتجوزت أبوكي إزاي؟

هزت رأسها بنفي فتابعت ياسمين

_ أبوكي تجدري تجولي كده أتزوچني شفجه، جدك الله يرحمه لما مات وطبعًا عارفه مات إزاي لما الحرامية طلعوا عليه جـ.ـتلوه وأخدوا اللي الفلوس اللي معاه وبقيت أنا وجدتك عايشين لوحدينا، جدك عاصم وعمك جمال طلبوا من أبوكي يتزوجني عشان مينفعش نفضل لحالنا، كان مرغم عليا وأني كمان بس بعد الزواچ بدأ الحب اللي بجد لدرجة أني مبجدرش أتحمل بعده عني يوم واحد، يعني لو كنت رفضته كنت هخسر كتير جوي، فكرى زين يابنتي عشان متندميش الآخر.

لم تقتنع زينة بحديثها واصرت على موقفها، لا تريد الزواج بتلك الطريقة جاسر لا يهتم لأمرها وهى أيضًا فلما إذا الحكم عليهم بزواج لن يجني منه سوى الألم.


❈-❈-❈


انتهى أمجد من ذلك الإجتماع الذي عقده في شركته وقد شعر بآلام حادة في صدره، كان يشعر به من بداية الأجتماع لكنه تحامل على نفسه كي لا يسقط أمام أحد.

قام بتدليك منطقة الصدر كما أخبره الطبيب لكن تلك المرة تختلف تمامًا

أخرج الدواء من جيبه ليأخذه وانتظر قليلًا لكن لا فائدة 

ضيق شديد في التنفس وكأنه يجاهد كي يأخذ أنفاس رتيبة لكنه يزداد ويزداد

قام بحل ربطة عنقه عندما زاد شعوره بالاختناق 

وقد نضح عرقه بغزارة 

اشتد الضغط في صدره ولم يعد يستطيع التحمل 

قام بالضغط على الزر لتدلف مديرة مكتبه لتجده بتلك الحالة صرخت بأسمه

_ مستر أمجد 

وكان هذا آخر ما سمعه أمجد قبل أن يلفه الظلام 


أنقلبت المشفى رأسًا على عقب وهم يتوجهون به إلى غرفة العناية المركزة 

وكان عصام وليلى في استقباله عندما أتصل فارس صديق أمجد به يطلب منه أرسال سيارة إسعاف مجهزة بأسرع وقت 

طلبت منه ليلى أن تذهب مع السيارة كي تقوم باللازم 

لكن عصام منعها وطلب منها البقاء إستعدادًا له

فور دخوله 

أسرعوا بمداوته قبل أن تتضرر شريانه وتزداد حالته سوءًا

ولم يكن قلبها بأفضل حال منه، فقد كان ينقبض بشدة من هول الموقف خوفًا من عدم تحمل قلبه تلك الجلطة.


في الخارج

كان صابر يقف أمام الغرفة بقلب ملتاع على ابنه الوحيد 

وشعر بأن قدمية أصبحت كالهلام حتى إنها لم تستطيع حمله 

يدعوا ربه تضرعًا أن ينچيه من تلك النوبة 

ويعاتب نفسه ويجلدها على إهماله له كل تلك المدة 

لكن الملام حقًا هو عصام الذي أخفى عليه حالة أبنه 

نظر إلى فارس الذي كان يقف مستندًا بظهره على الحائط يريد أن يعاتب الجميع على إخفائهم عليه لكن عليه الاطمئنان عليه أولًا

مرت اللحظات صعبة على الجميع ولا أحد يخرج من الغرفة و يطمئنهم


في الداخل

تنهد الجميع براحة عندما تأكدوا من مرور تلك الجلطة وعدم تضرر شريانه؛ فقلبه لن يتحمل جراحة الآن

نظر عصام إلى ليلى التي ترتدي قناع الثبات لكن عينيها لم تستطيع

وقفت تنظر إليه وهو مستلقى على السرير محاطًا بالأجهزة من كل جانب 

تحاول بصعوبة بالغة ردع تلك العبرات التي تهدد بالنزول ليشعر بها عصام الذي حاله ليس أفضل من حالها ليطمئنها قائلاً

_ اطمنى الحمد لله عدت على خير

تدحرجت دمعه من عينيها ليسقط ثباتها عند تلك اللحظة وتقول بخوف

_ لو اتعرض لجلطة تاني القلب مش هيقدر يتحمل

رد بتعاطف

_ إن شاء الله خير وأنا هبعت التقارير للدكتور في أثينا عشان يرفع أسمه على رأس القائمة 


خرج عصام لكنها لم يستطيع وأصرت على البقاء معه

أما صابر ما إن خرج عصام من الغرفة حتى اسرع هو وفارس

سأله بلهفه

_ أبني عامل أيه ياعصام 

رد عصام بتعاطف

_ أطمن الازمة الحمد لله عدت على خير 

تدحرجت دموعه بغزارة وهو يقول بقهر 

_ أطمن إزاي وإبني بيموت مني وأنت عارف كل المدة دي وساكت.

تنهد عصام وتظاهر بالهدوء

_ صدقني أنا حاولت معاه كتير إني أعرفك بس هو كان رافض تمامًا ودلوقت بس عرفت انه كان عنده حق 

لازم تجمد شوية ياصابر إبنك لو شافك بالحالة دي هيتعب أكتر، هو دلوقت محتاج قوتك 

تحدث صابر بألم

_ أنا عايز أشوفه

هز راسه برفض

_ للأسف مش هينفع دلوقت بس أنا احب اطمنك إن ابنك في إيد أمينة 

تعالى معايا المكتب عشان هتمضي على شوية أوراق.


لم يكن صابر بحال يجعله يتساءل عن حديثه ليساعده فارس على السير ويأخذه إلى مكتب عصام


❈-❈-❈


مرت الأيام وهو داخل تلك الغيبوبة ولم تستطيع تركه سوى بضع ساعات قليلة عندما تذهب إلى المنزل لترتاح قليلًا ثم تسرع بالعودة إليه

تظل معه بالغرفة 

احتل الحزن قسماتها حتى ذبلت مثلما ذبل هو وتلونت شفاه بلونٍ قاتم كما حال أظافره

دلف د.عصام ليجدها تجلس على المقعد تنظر إليه بحزن 

تعاطف مع كلاهما فيقترب منها قائلًا بهدوء

_ هتفضلي حبسه نفسك معاه؟

لم تستطيع رفع عينيها إليه كي لا يرى دموعها التي تتساقط بغزارة وردت بألم

_ مش هقدر اسيبه الا لما يفتح عينيه ويقولي انه بقى كويس

إندهش عصام من ذلك الحب الذي جمعهم بتلك القوة رغم أنهم لم يرى أحدهم الآخر سوى مرات عديدة 

_ بس أنا عايزك تكوني أقوى من كده، المرحله الجايه دى هى اصعب مرحلة هتمر عليكم وهو محتاج قوتك لأنه هيستمد منها قوته 

مسحت عبراتها بظهر يدها وقالت بقهر

_ للأسف القوة اللي كنت بتحرك بيها أنتهت تمامًا وانا شايفاه بموت أدامي ومش عارفه اعمل حاجه

ايديا ورجليا مربوطين ومفيش في مقدرتي غير الدعاء

تأثر عصام بكلماتها وقال بتعاطف

_ طيب روحي دلوقت أرتاحي شوية وأنا هفضل جانبه 

همت بالمعارضة لكنه تحدث بجدية

_ لازم ترتاحي عشان تقدري تكملي معاه، المشوار لسه طويل، هخلي السواق يوصلك ولو فيه أى جديد هقولك 

اومأت دون قول شيء لتنهض في صمت وتوجهت إلى الغرفة تبدل ملابسها وتترك المشفى بقلب ملتاع


❈-❈-❈


عادت ليلى إلى المنزل لتجد حازم ومعتز في انتظارها وعند وصولها سألها حازم بقلق

_ أيه ياليلى آخرتي أكده ليه وكمان قافله تليفونك

جلست ليلى بإرهاق على المقعد وهى تحاول بصعوبة التغلب على دموعها 

_ معلش غصب عني.

شعر معتز بوجود خطب ما فسألها بتوجس

_ ليلى في حاچه مضيجاكي من وجت مـ چينا أهنه وأنتي مش طبيعية.

بقلق بالغ أقترب منها حازم ليجلس بجوارها عندما لاحظ تجمع العبرات في عينيها ليسألها باهتمام

_ لو حد زعلك جولي وأني أطربج المستشفى عـ اللى فيها 

تنفست ليلى بعمق حتى تسيطر على دموعها وتجيبهم بألم لم تستطيع إخفاءه

_ مفيش حاجه أني بس تعبانه شوية

لم يصدق أحدهم شيئًا مما تقول فأقترب منها حازم أكثر وقلبه يتمزق ألمًا عليها ليسألها بإصرار

_ لأ فيه ولازمن نعرفوا إيه اللي مزعلك إكده، طمنينا الله يرضى عليكي

لم تستطيع الثبات أكثر من ذلك أمام ذلك الحنان الذي يغدقها به أخويها لتجهش أكثر فـ البكاء مما جعل الخوف يزداد والشك تلاعب بداخلهم 

نظر حازم إلى معتز ليهز كتفه بعدم فهم ويجلس الآخر بجوارها ويسألها بقلق

_ أهدي ياليلى واحكيلنا مالك إنتي اكده هتموتينا من الجلج 

رفع وجهها إليه وقام بمسح عبراتها وتحدث بجدية 

_ أهدى يالا واحكيلنا 

تحدثت ليلى بكل شئ تحت إصرارهم حتى تلك اللحظة

ساد الصمت قليلًا بعد انتهائها وكأنهم لم يجدوا الكلمات التي تصف ما بداخلهم 

قطع حازم ذلك الصمت وهو يقول بحزم

_ ادخلي ارتاحي دلوجت والصبح هيبجى لينا حديت تاني.

لم تجادل معهم وأنسحبت بهدوء تدلف غرفتها تحت نظرات حازم الرافضة لما يحدث 

وبعد ولوجها قال معتز بعتاب

_ مكنش ينفع تتحدث معها بالأسلوب ده 

رد حازم بإنفعال 

_ اومال عايزني أجولها أيه وأني شايفها بدمر نفسها بكيفها وبتعلق نفسها بواحد مفيش أمل له في الحياة 

وأديك شايف حالتها بمجرد انه تعب شوية أومال هتعمل أيه لو مات.

نهره معتز بحده

_ وطي صوتك لتسمعك وهى مش متحمله.

مسح حازم بيده على وجهه يحاول بصعوبة السيطرة على انفعاله

_ أني خايف عليها لازم تفوج من الوهم اللى هى فيه ده، تجدر تجولي لحجت تحبه ميتى؟

هما مرتين ولا تلاته اللي شافته فيهم، ده أسمه تعاطف وخصوصًا إنها مجربتش الحب جبل سابج ولا تعرفه افتكرت تعاطفها معاه حب وهو أبعد ما يكون عنه.

اندهش معتز من حديثة القاسي نعم هو محق في كل كلمه نطق بها لكن عليه أن يكون رحيمًا بها 

_ انا معاك في كل كلمة بتجولها بس كان لازمن تحتويها لول وبعدين تعرفها، هى دلوجت محتاچة لكلمة زينه تطمنها وبعدين تفهمها غلطها مش نصدها بالشكل ده.

أدخلها الله يرضى عليك أني مش جادر ادخل وأشوفها تاني في الحالة دي.

زفر حازم بحيرة وهو لا يعرف ماذا يفعل

حتى قرر في الأخير أن يدخل إليها كي يهون عليها قليلًا


كانت مستلقية على الفراش تنظر إلى الهاتف بترقب 

دخل حازم بعد أن طرق الباب ليجدها تتظاهر بالنوم 

تقدم منها يجلس بجوارها وقال بهدوء

_ طول عمرك وانتي فاشلة في التمثيل جومي يالا 

فتحت عينيها تتطلع إليه وهى تقول بعتاب واضح 

_ انا مش بمثل أنا فعلًا تعبانة وعايزة أنام

ربت على يدها وقال بحب

_ ليلى انتي اختي وطبيعي أخاف عليكي وأغير من الهوا الطاير لو لمسك بس 

نهضت لتجلس قبالته وتقول بحزن

_ أنا معملتش حاچه تخليك تغير عليا، بالعكس بحس من نظراته ديمًا انه بيقولي ابعدي عشان مش هتشوفي من حبي غير الألم 

بس أنا غصب عني حبيته، متسألش ازاي وامتى لان انا نفسي معرفش 

أخذت نفس عميق ربما يهدئ ولو قليلًا تلك النيران المشتعلة بداخلها وأردفت

_أنا مجربتش الحب قبل كده ولا عمري فكرت فيه معرفش إزاي في يوم وليله لقتني حبيت ومتقولش أنه تعاطف لإن بحكم مهنتي أنا صدفت كتير زي حالته دي وعمري مـ نظرتي أتعدت غير أنه مريض

_ وهو؟

هزت رأسها بتيهه وهي تجيب 

_ معرفش لكن قلبي بيقولي أنه هو كمان بس كاتمه جواه

رد حازم بعقلانية 

_ عشان بيفكر صح، وده عين العقل إنتي بنفسك بتجولي أن لو ملقاش قلب في خلال الفترة دي هيموت رغم إن الأعمار بيد الله، يبقى ليه تتعبي في نفسك وتعذيبها بالشكل ده

ألغي عواطفك وأتعاملي معاه على أنه مريض وبس عشان مصلحتك أنت، وصدقيني لو فيه أمل كنت أول واحد هيقف معاكي وهساندك بس زي ما بتجولي أيام معدودة.

قبل رأسها بحنو وأردف

_ فكري زين فـ اللي جلتهولك ، تصبحي على خير.


خرج حازم وتركها تفكر في حديثة ..


❈-❈-❈

تكملة الرواية من هناااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هنااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع