رواية بين غياهب الأقدار الجزء الثاني من رواية( في قبضة الأقدار) الفصل الرابع وعشرون والخامس وعشرون والسادس وعشرون والسابع وعشرون الأخير بقلم نورهان آل عشرى
رواية بين غياهب الأقدار الجزء الثاني من رواية( في قبضة الأقدار) الفصل الرابع وعشرون والخامس وعشرون والسادس وعشرون والسابع وعشرون الأخير بقلم نورهان آل عشرى
بسم الله الرحمن الرحيم
🍓الرابع و العشرون بين غياهب الأقدار ❤️🩹 ج٢🍓
عشقًا جارفًا يتملكني نحوك فلا أنا بقادر على تجاهله أو حتى الثبات أمامه..
كل ما يسعني حياله هو أن انجرف معه إلى حيث يأخذني طوفانه..
فإما الإحتراق بين أحضان عشقك؟
أو الهلاك شوقًا بنيران بُعدِك.
فـ يا فاتنة احتلت القلب و أسرته.
رفقًا بفؤاد ما ذاق يومًا الهوى و لا عرف لوعته.
فليسعد قلبي معكِ و لتهنئ روحي إلى جوارك.
و ليسلم قدرًا أهداك لي قسرًا رغمًا عن عنادي وعنادك..
فما كان العشق يومًا أمرًا يمكن تجاوزه وليست قلوبنا رهن قراري أو قرارك..
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
" حاسة بأيه يا روحي ؟"
استفهام مؤلم خرج من بين ثنايا قلبه الذي يحترق ألمًا عليها حين شاهد مقدار الضعف و الوجع الذي يلون تقاسيم وجهها الرائع فقد خضعت اليوم لأول جلسة كيماوي و التي تجاوزت الستون دقيقة ولكن مرت الدقائق شائكة علي قلبه الذي كان يُحصيها و كأنما يتقلب علي جمر لم يخفف من وطأة ألمه سوي وصية والدته التي اوصته صباحًا
" طول ما هي جوا متبطلش تستغفر و تحوقل يا سليم بنية أن ربنا يخفف عنها الوجع ، و أنا كمان هعمل كدا . و ربنا يجيب الشفا من عنده يا ابني .."
لولا ذلك ما كان الوقت سيمضي فقد كان يتضرع إلى الله بأن يخفف عنها وطأة الألم و أن يعجل بشفاءها و تنقضي تلك الفترة الصعبة .
كانت تستند بثقلها بين أحضان حنانه الذي كان ينبعث من ذراعيه التي تحاوط خصرها . مُلقية برأسها علي كتفه تحاول تنظيم أنفاسها المُحملة بألم كبير يُلم بسائر جسدها الذي كان ينتفض بين ذراعيه فخرجت كلماتها مبعثرة من بين شفتيها المرتجفة
" ناار .. نار في جسمي ."
شدد من احتضانها بيد و بالأخرى أخذ يمسد أكتافها و ما يطاله من جسدها و شفتيه تسكبان السكينه التي تقطر من آيات الذكر الحكيم علي أذنيها عله يهدئ من وجعها و لو قليلًا فاغمضت عينيها تستجدي الراحة من خالقها فأتتها كلماته الحانية
" ياريت لو بإيدي اخد كل ألمك جوايا و لا تتعبي لحظة واحدة .."
لامست كلماته اوتار قلبها فسكن للحظات فأخذت نفسًا قويًا حتي تستطيع الرد عليه ولكنها لم تجد بداخلها القدرة علي إجابته فاحتضنت كفه المحيط بخصرها قبل أن تواتيها رغبة قويه في القئ فشعر بأنها غير مرتاحه فقال بلهفة
" ايه يا حبيبي ؟ في حاجه ؟"
خجلة من أن تخبره ما تريد ولكن احشائها اعلنت ثورة ضاريه عليها فلم تعد تحتمل فقالت بأمل أن يتفهم
" اسندني اروح الحمام .."
بلحظة كانت تسكن بحضنه يحملها مما جعل الأمر يزداد سوء فلم تستطيع التحكم في نفسها و تقيئت بألم و خزي من حدوث ذلك معه فحاولت كبت تفاعلات جسدها فقال بلهفه
" متكتميش جواكِ خدي راحتك .."
" وديني الحمام و سيبني .."
رغمًا عنها أخذت تهز برأسها يمينًا و يسارًا علامة للرفض فقال بلهجة قوية
" اسمعي الكلام و خدي راحتك و متكتميش جواكِ.. "
لم تسنح لها فرصة للرد فقد تكالبت عليها ثورة جسدها و أخذت تفرغ ما في جوفها محاولة الابتعاد عنه و لكن يديه قربتها منها أكثر و صارت تربت بحنان علي ظهرها و شفتيه ترددان عبارات التهدئة علي مسامعها إلي أن هدأت و ذهبت نوبتها فقام بإمساك أحد المناديل الورقية و قام بمسح وجهها و شفتيها و هو يقول بحنان
" أحسن دلوقتي ؟"
سالت مياة الألم و الخجل من عينيها قبل أن تقول بخزي
" بهدلتك خالص أنا آسفة…"
لم يعطها الفرصة لإكمال أسفها الذي اغضبه فقام بابتلاع باقي حروفها بجوفه ليس لجعلها تصمت فحسب بل ليؤكد لها ب أنه يتقبل كل شئ منها بل ويشتهيه بقوة تمثلت في قبلته التي كانت شغوفة و بنفس التوقيت حانية حرصًا منه ألا يزيد من ألمها ولكن علي العكس فقد سحبها معه في دوامة عشق كان له القدرة علي انتشالها من بين براثن الألم الذي سكن بين ذراعيه و دفء كلماته حين قال من بين أنفاسه المحمومة و هو يداعب أنفها بأنفه بينما استند رأسها براحه علي كتفه
" بطلي تحطي حواجز بينا عشان حبي ليكِ مفيش حاجه ممكن تقف قصاده يا جنتي.."
شقت ابتسامة جميلة طريقها من بين دروب الألم و ظهرت علي شفتيها فتابع وهو ينثر عشقه فوق ملامحها الجميلة
" قولتهالك قبل كدا و هأكدهالك تاني و ثبتيها في دماغك"
طالعته باستفهام ليقوم بنقش حروف من عشق فوق جدران قلبها حين أردف بشغف انبعث من عينيه أولًا
"سليم الوزان مملكهوش حد غيرك. يعني تعملي فيه كل اللي أنتِ عيزاه. "
و كأنه يخبرها بأن لا شئ قادر علي الصمود أمام عشقه الضاري لها و الذي كان اضعافه في قلبها و ترجمته شفتيها علي هيئة حروف استقرت في منتصف قلبه
" بحبك يا سليم … أه مش قادرة يا سليم "
انتهت جملتها تزامنًا مع ملامحها التي انكمشت وجعًا استقر في قلبه الذي احتواها بضمة قوية وهو يقول بخشونة
" قولي الحمدلله يا جنة. شويه شويه هيخف الألم .."
توالت عبارات الحمد علي شفتيها المرتجفة بينما قام هو
ب إلباسها ملابسها خالعًا عنها ثوب المشفى و قام بتدثيرها جيدًا و توجه لاستدعاء 《فرح》 التي تنتظرهم في الخارج علي جمر محترق فلبت نداء علي الفور فقال آمرًا
" خليكِ معاها عشر دقايق هغير هدومي تكون ارتاحت شويه و نمشي "
اومأت برأسها و توجهت إليها بخطٍ لهيفة و قلب ينتفض ألمًا حالما رأت التعب البادي علي وجهها فاقتربت واضعه قبلة رقيقة اودعتها حنانًا جارفًا يتملكها نحو شقيقتها الغالية ففتحت عينيها المرهقة و قالت بهمس
" فرح .."
حاولت أن تمازحها قائلة
" ايوا فرح اللي نسيتيها يا ست جنة.. بقي انا اقعد ساعتين بره و البيه مش راضي يسمحلي ادخل و لازق هو فيكِ ؟"
ابتسمت 《جنة》 بوهن فتابعت 《فرح 》بغضب مفتعل
" و قال ايه مراتي انا الي اكون جنبها و أنا اللي اعملها كل حاجه .. طب بالنسبالي مرات ابوكي ولا حاجه؟ "
اتسعت ابتسامتها و قالت بخفوت
" حقك عليا.. متزعليش."
" مقدرش ازعل . دانتِ روحي . هو انا لو مش عارفه أن بيعشقك فكرك كنت سكتله ؟ وبعدين كلام بيني و بينك انا عذراه حد يبقي متجوز القمر دا و ميلزقش فيه ..؟ "
هكذا تحدثت 《فرح 》بمزاح فابتسمت 《جنة》 ممسكه بيدها وهي تقول بامتنان
" انا معرفش من غيرك أنتِ وهو كنت هعمل ايه ؟ انا محظوظة بيكوا بجد ربنا يباركلي فيكوا"
تحدثت 《فرح》 بحنان
" قولي الحمد لله الذي رزقني هذا من غير حول لى ولا قوة .. دايمًا تحمدي ربنا علي نعمه عشان تدوم .. و بعدين صدقيني احنا اللي محظوظين بيكِ يا جنة.."
" الله الله اسيبك معاها خمس دقائق أجي الاقيكِ قاعدة تعاكسي فيها؟ دي مراتي علي فكرة وانا بس اللي اعاكسها.."
هكذا تحدث 《سليم》 بعدما قام بتغيير ملابسه و خرج ليستمع الي جملة 《فرح》 فقالت الأخيرة بغضب مفتعل
" علي فكرة بقي دي اختي قبل ما تبقى مراتك !"
《سليم》 بفظاظة
" قبل بعد مش قضيتي . المهم دلوقتي أنها مراتي و حياتي كلها. و مسمحش لحد يحب فيها غيري .. روحي شوفيلك لعبه يالا .."
انهى جملته وهو يقترب من 《جنة》 ليلثم جبهتها بحنان تجلي في نبرته حين قال
" اتأخرت عليكِ ياروحي ؟"
تولت 《فرح》 الإجابة قائلة
" اتأخرت ايه هو احنا لحقنا نقول كلمتين حتي؟ "
《سليم》 بمزاح
" و تقولي ليه ؟ و تصدعي حبيبي ليه؟ اسكتي احسن "
《فرح》 باندهاش
" لا يا شيخ انا اللي هصدعها بردو ؟ دانت علي رأي مروان واكل ودنها طول الليل و النهار الله يكون في عونها.."
عبست ملامحه وقال بخشونة
" متجيبيليش سيرة الحيوان دا انا هربت منه الصبح بالعافيه . قال ايه عايز يكون جنب جنة ؟ "
انهي كلامه وقد لونت الغيرة تقاسيمه فبدا غاضبًا علي نحو أسعدها فرفعت رأسها قائلة بخفوت
" متقولش عليه حيوان .. و بعدين احنا اصحاب و مارو جدع .. "
قهقهت 《فرح》 علي ملامحه المغتاظة و شفتيه التي كان يأكلها بحنق لا يستطيع التعبير عنه
" صحيح ذنب ناس بيخلصه ناس …"
تجاهل شماته 《فرح》 الواضحة و قال مغلولًا
" انا بقول نمشي احسن ما اتحجز في العناية المركزة بجلطة في المخ …"
قهقهت 《فرح》 علي ملامحه و كلماته بينما قالت جنة باندفاع
" بعد الشر عنك .. "
أجابها ساخرًا وهو يحملها كالعروس بين يديه
" بعد الشر عنك أه ! ارفعي ضغطي و ارجعي قولي بعد الشر عنك . يالا يا هانم . "
تقدمت 《فرح》 أمامهم فقامت بوضع قبلة رقيقه علي جانب عنقه كإعتذار عن ازعاجها له ثم قامت بدفن رأسها بين حناياه فاقترب من أذنيها قائلًا بصوتًا أجش
"لو متخيلة انك كدا بتصالحيني ؟ تبقي غلطانه عشان انا عمري ما ازعل منك أبدًا .. بس ابقي فكريني لما نروح اقولك انا بتصالح ازاي احتياطي !"
لم يرى خجلها و لكنه شعر به خاصةً عندما زادت من دفن رأسها في كتفه فابتسم بعذوبة وهو يضع قبلة حنونه فوق خصلات شعرها حامدًا ربه أن أول جلسة مرت بسلام …
****************
عايزة حقي و حق العذاب اللي شفته طول الخمستاشر سنه اللي فاتوا .. هتقدر تساعدني ارجعه ؟"
هكذا تحدثت وهي تنظر إلي ذلك الثعبان الذي قال بنعومه تحوي أطنان من الشر في جوفها
" العذاب مكنش من نصيبك لوحدك يا همت! انا شفت أضعاف ما شفتي و عشان كدا هساعدك لو علي رقبتي .."
تجاهلت كلماته التي تحمل مشاعر تحاول قدر الإمكان تجنب تيارها الجارف و قالت بجفاء
" في دماغك أيه ؟"
" أنتِ عايزة ايه ؟ و الأهم من دا مش هتتراجعي في نص الطريق و تبيعيني زي ما عملتي قبل كدا؟"
ناظرته بجمود تجلي في نبرتها حين قالت
" عايزة اكسر قلوبهم كلهم . أمينة و ولادها. و متخافش مش هبيعك . مش بعد ما اتأكدت ان كلهم كانوا ضدي و كلهم خدعوني . مبقاش ليهم رصيد جوايا .."
التمعت عينيه بوميض الضلال و قال بتخابث
" حلو اوي دا .. قوليلي عايزة تبتدي بأيه ؟ "
" أخد حقي و حق بناتي من غير ما ينقص ولا مليم و أرضي تبقي ليا مش عايزة مكانها فلوس.. و بعد كدا عايزاهم يخسروا كل حاجه عندهم . زي مانا خسرت"
《ناجي》 بتخطيط
" شيرين قالتلي ان سالم قال هيديكوا حقكوا . خدي منه الفلوس و اطلبي ضعف تمن الأرض مرتين وهو مش هيرفض. "
عاندته غاضبة
" قولتلك عايزة ارضي مش مقابلها!"
《ناجي》 بتخابث
" اتكي عالصبر . الموضوع مش هيتم بين يوم و ليله . سالم داخل مناقصة كبيرة ومن غير الدخول في تفاصيل المناقصة دي تلزمني . و لو خسرها هيخسر كتير . مناقصة في التانيه هيحتاج و خصوصًا أنه لسه خسران مبلغ مش هين . وقتها هتدخلي أنتِ تعرضي عليه تاخدي الأرض مقابل الفلوس اللي هو محتاجها."
" طبعًا هيرفض ! "
هكذا تحدثت بسخرية فتابع بمكر
" ماهو هنا الذكاء . هتقوليله ارهنلي الأرض و لما ترجعلي فلوسي ابقي خد ارضك. و هنا مع الضغط و احتياجه هيقبل."
《همت》 بسخط
" مين قالك اني هقبل ارجعهاله ؟"
" محدش طلب منك دا . "
" مش فاهماك . يعني بعد ما يقع انا اقف جنبه ليه مانا عيزاه يقع اصلا . و بعدين لو جه قالي هاتي الأرض و خدي فلوسك. و قولتله أنا لا هيقلب الدنيا علي دماغي "
قهقه بشر تجلي في نبرته حين قال
" أنتِ كدا مش بتساعديه أنتِ بتغرقيه اكتر . عشان أنا مش هسيبه يقوم بعد ما يقع. ولا هيقدر يجمع فلوس الأرض عشان كل مناقصة هينط فيها هاخدها منه."
" ازاي هتاخد منه المناقصات ؟ هو انت مفكر سالم دا عيل ؟ دا تربية جده رفعت الوزان ! يعني يوديك البحر و يجيبك عطشان .."
《ناجي》 بغموض
" ماهو البركة فيكِ أنتِ بقي !"
《همت》 باستفهام
" تقصد ايه؟"
قام بإخراج شئ ما من جيوبه و أعطاه لها وهو يقول
" سالم بينزل كل حاجه تخصه و تخص شغله علي اللاب توب بتاعه . و مطلوب منك انك تحاولي توصليله و تحطي الفلاشه دي فيه دي عبارة عن هكر هينسخ كل حاجه علي الجهاز و يبعتهالي . "
همت بقلق
" بس انا معرفش استخدم الحاجات دي ."
《ناجي》 بطمأنة
" أنتِ مش هتعملي حاجه غير انك هتحطي الفلاشه في الجهاز بس .."
" طب افرض منزلهاش عالجهاز دا زي ما بتقول؟"
" رفعت الوزان ابوكي و من بعده اخوكي كانوا بيحطوا كل ورق المناقصات المهمة في الدرج اللي عاليمين من المكتب عشان دا الدرج الوحيد اللي له مفتاح . لو سالم منزلش ملف المناقصة عالجهاز هتلاقي الورق نفسه في الدرج . مطلوب منك يا تصوريلي الورق بس "
زفرت بتعب
" و دا بردو حل صعب .."
" مفيش حاجه هتيجي سهله يا همت. خليكِ فاكرة أنها حرب . عشان تاخدي حقك و تنتقمي من كل اللي اذوكي.."
اخفضت رأسها بتعب قبل أن تقول
" حاضر . "
التمعت عينيه بالسعادة قبل أن يقول باستمتاع
" نيجي بقي للي بعد كدا .. "
" اللي هو ؟"
《ناجي》 بتخطيط
" ما هو احنا مش هنبوظ بره بس! احنا هنشتعل بره و جوه!"
دق قلبها بقلق تجلي فى نبرتها حين قالت
" لو عايزة تكسري أمينة يبقي عن طريق ولادها. مثلًا سالم هنضربه في شغله و هنجبها في الحلوة بتاعته . و سليم هنضربه بردو من ناحيه مراته. اللي مش كتير يعرف انها كانت متجوزة اخوه عرفي !"
" لعلمك سليم بيعشقها و لو الناس كلها عرفت موضوع الجواز العرفي دا مش هيفرق معاه عشان هو بيثق فيها جدا و عارف انها ضحية أخوه .."
أجابها 《ناجي》 بشر
" يبقي ندمر الثقه دي ! و نعرفه أنها مش ضحية ولا حاجه "
" ازاي ؟"
《ناجي》 بغموض
" هقولك … بس ركزي في كل حرف هقوله عشان الغلطه هنا بحساب .."
《همت》 بانتباه
" معاك . "
*****************
والله يا سالم بيه ما عملت حاجه ولا حتي اعرف البنت دي ولا شكلها ايه ؟ معرفش ازاي تتبلي عليا كدا ؟"
هكذا تحدث 《عدى》 بيأس إلى 《سالم》 الذي كان يطالعه بجمود تجلي في نبرته حين قال
" البنت ذكرت اوصافك بالحرف . يبقي ازاي متعرفكش و متعرفهاش؟"
وثب الغضب الي محياه و صرخ بقهر
" ماهو دا اللي هيجنني ! معرفش ازاي تقول كده ؟ مرة حازم و مرة انا ! "
《سالم》 بفظاظة
" انت روحت مع حازم المكان دا قبل كدا ؟"
" روحت مرة واحدة و فضلت مستنيه بره عالشارع وهو دخل جوا …"
قطع حديثه المخزي فتجهم وجه 《سالم》 و تابع بجفاء
" اومال كنتوا بتجيبوا المخدرات ازاي ؟"
غمغم بخفوت
" كان الديلر بيجيلنا شقتي يجيبلنا اللي احنا عايزينه .. و ياخد فلوسه هي مرة واحدة زي ما قولتلك اللي روحناله فيها و حازم اللي نزل و راحله انا استنيته علي اول الحارة .."
أخرج زفرة غاضبة من جوفه قبل أن يقول بفظاظة
" في اليوم اللي حصلت فيه الحادثه كنت فين ؟"
اخفض رأسه و هو يتمتم بمراوغة
" مش فاكر!"
فطن الي أنه يحاول إخفاء شئ فتشدق ساخرًا
" هتفتكر امتي ؟ لما حبل المشنقة يتلف حوالين رقبتك !"
" الموضوع دا حصل من اكتر من تسع شهور اكيد مش هفتكر يعني حصل ايه؟"
تشابهت عينيه مع ملامحه حين قال بجمود
" عندك حق ! بس لما يكون اليوم دا خسرت فيه اعز اصحابك يبقي اكيد هتكون فاكر ولو شويه تفاصيل صغيرة حتي ! "
التقمت عينيه الماهرة تخبطاته التي تجلت بوضوح علي ملامحه و يديه التي كان يفركها بتوتر و نظراته التي كانت زائغة كل تلك اشياء تشير الي كذبه حين قال
" لا. مش فاكر حاجه .."
نصب عوده الفارع وقام بغلق ذر بذلته قائلا بلامبالاة
" يالا مش مشكله .كل واحد بياخد نصيبه .انا كنت عايز اساعدك بس للأسف انت قفلت كل الطرق في وشي . لكن أنا بردو هخلي المحامي بتاعي معاك في القضايا بتاعتك .."
انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" قضايا ؟ قضايا ايه هي قضية واحدة "
زم شفتيه بملل تجلي في نبرته حين قال
" شكلك لسه متعرفش . حماك العزيز هو و بنته رافعين عليك قضية طلاق للضرر .. "
سقط جالسًا مكانه من فرط الصدمة فهل حقً تخلت عنه بعدما اقسم لها بكتاب الله العزيز أنه لم يفعل شئ !
" متلومش عليه ولا عليها . انت اتخليت عن نفسك و مساعدتهاش منتظر منهم أيه ؟ "
صوته الفظ أخرج 《عدى》 من شروده و جعل الغضب يحل محل الصدمة فاشتعلت عينيه و احتدت نبرته وهو يقول
" انا هقولك علي كل حاجه …"
نجحت طريقته في إشعال غضب ذلك الشاب الذي بدا منكسرًا بطريقة مؤلمه و أراد أن يفعل معه ما لم يستطع فعله مع شقيقه الراحل لذا تقدم جالسًا في مكانه مرة أخرى ينتظر منه أن يبدأ بالحديث
مرت دقيقة صمت قبل أن يشرع 《عدى》 في سرد تفاصيل ذلك اليوم الذي لم ينساه أبدًا
"اليوم دا اتخانقت مع ساندي بسبب حازم .. كانت أعصابها تعبانه أنه بعد عنها بسبب جنة لدرجة خلتني أخرج عن شعوري. و سبتها و قعدت الف في العربية لحد ما رجليا خدتني علي كبارية. في مكان مش ولابد . "
كان الخزي يقطر من بين كلماته منكسًا رأسه وهو يسرد ماضيه الغير مُشرف
" كنت عايز انسي الألم اللي جوايا و اختارت أحقر طريقة لدا و ربنا أراد يديني درس . سهرت مع واحدة شمال و كنت هاخدها علي شقتي بس خوفت الاقي مؤمن هناك و كمان شكلها مكنش مريح فقلت لا و قعدنا في عربيتي . اتاريها كانت متفقة مع بلطجيه طلعوا عليا و هددوني سبتلهم العربية و الفلوس و كل حاجه . انا اصلًا مكنش فارق معايا حاجه ."
أخرج تنهيدة حارقة من جوفه فتحدث 《سالم》 بفظاظة
" كمل ."
تابع بقلب محترق
" مكنتش عارف اروح فين ولا اعمل ايه . فضلت ماشي في الشارع و دموعي تنزل من غير ما احس لحد ما سمعت أذان الفجر . فضلت ابص للمسجد و جوايا رغبة كبيرة اوي اني ادخل و في نفس الوقت مش قادر. انا مش طاهر هقابل ربنا ازاي و أنا كدا ؟ فضلت واقف شويه مش عارف اعمل ايه. انا انسان قذر اقذر من اني ادخل مكان زي دا "
قام بمسح دمعة غادرة انبثقت من عينيه قبل أن يتابع بألم
" فضلت واقف لحد ما سمعت صوت ورايا بيقولي مش هتدخل؟ ربنا بينادي عليك مش هتلبي الندا؟ فضلت باصص في الأرض مش عارف أقوله ايه ؟ مكسوف أقوله انا مش طاهر .. لقيته بيقولي تعالي معايا .. روحت معاه في بيت جنب المسجد و لقيته طلعلي جلبيه نضيفه و قالي ادخل بسرعه خدلك دش و اتوضي و تعالي نصلي في المسجد .."
طوفان من العبرات اجتاز سياج عينيه دون وعي منه وهو يتابع
" و عملت كدا فعلًا و دخلت المسجد معاه و صليت و أنا دموعي نازله مش عارف أوقفها. و بعد ما خلصنا سألني الراجل مالك بتعيط ليه ؟ معرفش ازاي لقيتني بحكيله علي كل حاجه غلط في حياتي و علي كل العذاب اللي شفته و الغريب أنه قعد يسمعلي من غير حتي ما يقاطعني . و معرفش ازاي نمت و أنا عمال اعيط و احكيله و قمت الصبح لقيت نفسي لسه في المسجد و هدومي اللي قلعتها عنده مغسوله و مكويه و محطوطه جنبي . و لما شكرته قالي في أي وقت تكون تعبان أو. مخنوق ومحتاج اللي يسمعك . تعالي نصلي سوى و تتكلم براحتك. دا كل اللي حصل .."
كان الأمر مؤثرً كثيرًا فبالرغم من كل شئ فحياة هذا الشاب بائسه كثيرًا و أيضًا أفعال شقيقه و أخطاءه التي لا تغتفر أبدًا جعلوه يشعر بالخزي لأول مرة بحياته
" اديني عنوان الراجل دا .. "
قال جملته وهو يمد إليه ورقه و قلم فقال 《عدى》 بضياع "انا مش فاكر العنوان اوي .. هو مكان غريب يعنى معرفش وصلتله ازاي و حتي لما روحت هو اللي وصلني و لما طلبت رقمه قالي أنه معهوش تليفون .."
زفر 《سالم》 بحنق قائلًا بجمود
" اكتب عنوان الكباريه اللي كنت فيه.."
دون 《عدى》 العنوان و هب 《سالم》 ينوي المغادرة ولكنه توقف عند باب الغرفة قائلًا بخشونة
" متقلقش انا هعمل اللازم و ربنا ييسر الأمر . "
《عدى》 بتعب
" مش قلقان . انا واثق في ربنا و فيك .. وعلي فكرة شكرًا "
تجاهل 《سالم 》حديثه و قال بفظاظة
" باباك و ممتك بره عايزين يشوفوك.."
" مش عايز اشوفهم.."
هكذا تحدث 《عدى》 بنبرة قاطعة فأجابه 《سالم》 بجفاء
" مينفعش تبقي عايز ربنا يكرمك وانت بتغضبه . الأب و الأم ميتعاندوش . مهما كانت اخطائهم. "
انهي كلماته و خرج دون أن يضيف شيء أو يعطيه الفرصة لقول شئ فقد تركه بعد أن قذف بقلبه جمرات الذنب التي لن يقو علي تحملها ..
********************
تقف شاردة أمام تلك البقعة الزراعية الخضراء الممتدة أمامها لأبعد من أن تصل عينيها تفكر فيما يحدث معها و خصوصًا مع ذلك الطاغية الذي كانت تراه مصيبة حياتها و الآن تشعر بأنه هناك شئ بينه و بين قلبها الذي يدق بعنف كلما سمعت صوته و تتعثر نبضاته بقوة كلما تلاقت أعينهم و لكنها كانت تكذب ما يحدث إلي أن فاجئها بحديثه منذ يومان
عودة لوقت سابق
" اهه و آدي الشغل اللي عم بتتحججي فيه خولوص .."
هكذا تحدث بعد ما انهي كل العمل الملقي علي عاتقها وسط نظرات مذهوله من جانبها فقد تنازل عن هيبته و مكانته و قام بهذا العمل الغير لائق فقط ليحظي بحديث معها !
دق ناقوس الخطر بعقلها فلجأت للهرب حين قالت بارتباك
" اه . خولوص . و اني معاد رچوعي چه . اني هروح بجي .."
اوشكت علي الإلتفات فتفاجئت بيديه التي امسكت معصمها بقوة و كأنه توقع أن تفعل ذلك فقطع عليها كل الطرق وهو يقول بتحذير
" بلاش تلعبي وياي عشان مترچعيش تزعلي .."
لم تخيفها لمسته أو تنفرها بل قذفت بداخلها شعور خاص لم تستطع مواجهته أو حتي تحمل ما خلفه بقلبها من إضطراب فسحبت يدها بقوة من بين يديه وهي تقول بحدة
" يدك يا كبير ! اني مبلعبش . اني خلصت اللي وراي هجعد اعمل ايه؟"
لونت السخرية ملامحه و نبرته حين قال
" أنتِ بردك اللي خلصتي اللي وراكِ!"
زاغت بنظراتها وهي تقول
" المهم انه خولوص . و معدش لجعادي لزوم."
صوبت نظراته رأسًا إلي قلبها الذي كان يدق بعنف حين سمعته يقول بصوتًا أجش
" هروبك ده معناته انك حاسه باللي چواي و مطير النوم من عيني.."
سمعت نفسها تقول بلهفه
" و ايه اللي انت حاسه و مطير النوم من عينك "
أجابها بتيه لون ملامحه و نظراته
" اللي محستوش جبل أكده. أنتِ بتعملي فيا ايه ؟ جلبي بجي ضعيف جدامك وهو اللي خلج و اتربي عالجسوة "
انكمشت ملامحها بألم وهي تقول
" انت هتجولي علي جسوتك ! اني اكتر حد داجها .."
شعر بألمها و لعن نفسه للمرة الألف و اقترب منها يحادث عينيها اولًا حين قال بنبرة خشنة
" لو اجولك أن كان چوايا نار بتنهش في جلبي لما سمعت الكلب دا بيجول…"
لم يستطيع اكمال جملته فالتفتت إلي الجهة الأخرى تقول بألم
" و صدجته .. و جولت علي…."
قاطعها اعتذاره الذي كان شاقًا كثيرًا على كبرياءه الذي انهزم بالنهاية أمامها
" حجك علي.. الغيرة عمتني… غيبت عجلي مبجتش شايف جدامي.."
توقف عقلها عند كلمة واحدة ضربته كصاعقة " الغيرة " ولما يغار عليها ؟ هكذا استفهمت بداخلها و لم تكن تعرف أن سؤالها سيعبر من بين شفتيها دون القدرة علي إيقاف سيل الكلمات
" غيرة ! و إنت بتغار علي مين و ليه؟"
كانت لحظة فاصلة وقف بها أمام عينيها فأدرك بأنه لا قدرة له علي الابتعاد عنها فقد أسرته و انتهي الأمر لذا اقترب منها خطوة و عينيه تحاصرها من كل الزوايا
" تتچوزيني !"
شهقة خافته خرجت من جوفها فلم تكن تتوقع سماع هذا الحديث من بين شفتيه بحياتها . حتي أنها ظنت نفسها تتوهم ما سمعت فأخذت تناظره بعدم تصديق فتعاظم الغضب بداخله وقال بفظاظة
" ساكته ليه ؟ مسمعتيش جولت ايه؟"
" جولت ايه؟"
هكذا استفهمت بضياع فالتمعت خضرة عينيه بوميض العشق الذي تجلي في نبرته حين قال
" جولت اني رايدك. "
لم تروي إجابته ظمأها فقالت بشفاة مرتعشة
" و أشمعني اني؟ ما البلد مليانه بنات"
" اسألي جلبي . الحكم له . وهو اللي حكم و جالي أنه مرايدش من الدنيا غيرك .."
هكذا تحدث وعينيه تبحران بشغف فوق ملامحها التي زينها الخجل و أضاء عينيها بلمعة من عينيها التي تشع فتنة جعلته اسيرًا لها .
" ساكته ليه ؟ طمني جلبي .. و جولي انك ريداني "
كانت تأبى التسليم أمامه فتسلحت بكبرياء مقتصه منه أفعاله السابقة معها
" طب و لو جولت لاه؟"
تبدلت ملامحه العاشقة الي أخرى غاضبة فصاح هادرًا
" هتچوزك غصب عن عين اهلك .. "
أرادت تلقينه درسًا قاسيًا فقالت بدلال غلفته بالتحدي
" ابجى وريني هتعملها ازاي يا كبير .؟"
عودة إلى الوقت الحالي
كانت تنظر أمامها بحيرة لا تعلم ماذا عليها أن تفعل ؟ هل تطيع قلبها الغبي أم تستمع الي عقلها الذي يحثها أن تقتصر طريق طويل من الألم و العذاب و تهرب منه فما بينهما أشبه بالسماء و الأرض و جده حتمًا لن يقبل بأن يتزوج حفيده من خادمة !
حين كانت غارقة في تفكيرها فجأة وجدت سيارة تتوقف أمامها و هبط منها شخص ملثم قام بالانقضاض عليها في محاولة جرها الي السيارة مكممًا فاهها بمنديل كان به مخدر لم تقاومه كثيرًا بل استسلمت لتلك الدوامة السوداء التي ابتلعتها ..
***************
تجهزت بما يليق بحالة الوفاة التي في البيت فارتدت ثياب محتشمة باللون الأسود الذي تناقض مع بياضها و بشرتها المطعمة بحمره قانيه و تقاسيم منحوته ببراعه يكللها أعين تلمع بخضرة دافئة يشعر الناظر إليها بأنه خطي الي الجنة التي حرمها عليه بفرمان أصدره ذلك اليوم عقابًا له علي ذلك السوء الذي جعلها تشعر به فإذا به حلقة ناريه التفت حول عنقه لتجعله يتراجع كلما فقد سيطرته أمام حسنها الذي يوازي عشقه و ها هو يراها تتغنج بعفوية أمام المرآة و بدلًا من أن يجذبها لتسكن ذراعيه يتنعم معها في جنة حبهم الوردية . ها هو يقف أمامها محترقًا بنيران الشوق التي يكتوي بها جوفه و تتحدي إرادته بمعركة شرسة لا يجروء عن الإفصاح عنها
" خلاص جهزت .."
هكذا تحدثت بعدما لمحت طيفه في المرآة يراقبها فارتبكت قليلًا و خاصةً حين طال صمته فأرادت كسر هذا الجو الملبد بالتوتر..
" شايف.."
كلمة اختصرتها شفتاه بينما كان أوكل مهمة الحديث لعينيه التي كانت تحاوطها بنظرات شغوفة أرسلت ذبذبات قوية الي عمودها الفقري فسرت رجفة قويه في سائر جسدها الذي طافت عليه عينيه ليتحول خضارها الزاهي الي آخر قاتم يكبح خلفه جموح مشاعره نحوها.
" اللبس في حاجه ملفته ؟ اقصد . عشان ظروف العزا.."
"مش اللبس اللي ملفت ! اللبس مالوش ذنب انك أنتِ اللي لبساه.."
لم يستطيع منع سيل الكلمات من التدفق عبر شفتيه مما زاد من خجلها الذي روى خديها بدماء الخجل لينبت الزهر فوقهما مما زاد من جمالها و توترها أيضًا حين اقترب منها فتراجعت خطوة وهي تقول بتوتر
" ممكن طلب ؟"
" ممكن .."
نظفت حلقها بخفوت قبل أن تقول بلهجة هادئة
" بما أن دا اول يوم ليا في الجامعه هنا فأنا كنت حابه ان . يعني . محدش يعرف اننا متجوزين .."
ارتفع احد حاجبيه تعبيرًا عن احتجاج صامت فتابعت بحزن عرف طريقه الي قلبه
" انا حاسه بوحده فظيعه هنا عايزة اعمل أصحاب بجد . انا عمري ما كان ليا أصحاب غير سما و مروان و اللتنين بعيد عني . بس انا محتاجه يكون ليا أصحاب و لواتعرف اني مرات دكتور في الجامعه حاجه من الاتنين يا الناس هتهرب مني خوف يا هتقرب مني نفاق عشان مصلحتها وانا مش عايزة كدا .."
كان حزنها صادقًا و قد حزن بشدة لأجلها حتي وان كانت دائمة التحدث مع اقربائها ولكنه يعلم ماذا تعني الوحدة في هذا المكان لذا لم يعلق اكتفي بإيماءة من رأسه علامة علي الموافقه و فجأة هالهم الصوت القادم من الأسفل فتوجه الأثنين للخارج لمعرفة ما يحدث
بتجول ايه يا مخبل انت ؟"
هكذا صاح 《عبد الحميد》 حين سمع حديث 《مسعود》 الذي أوشى له 《بعمار 》فقد كان يود الأنتقام من تلك التي إهانته برفضها و أذته
" وربنا المعبود ما بكذب عليك يا كبير اني شايفهم بعيني اللي هياكلهم الدود دول و سامعهم بودني "
" طب غور من وشي السعادي…"
هرول 《مسعود》 للخارج فتوجه 《عبد الحميد》 الي منتصف الصالة وهو يصيح بحنق
" عماااااار؟"
هروح الجميع من غرفهم علي إثر صراخه فاستفهم 《ياسين》 بجزع
" ايه يا جدي حصل ايه ؟"
" هتعرف حوصول ايه لما الحمار اللي چوا دا يخرچ و هو يجولنا حوصول ايه؟"
" طب اهدي انت يا عمي .صحتك "
هكذا تحدثت 《تهاني》 في محاولة لتهدئة 《عبد الحميد》 الثائر فلم يجيبها بل صاح مرة أخرى ينادي 《عمار》 الذي استيقظ أخيرا فقد سهر لوقت متأخر يفكر في حوريته الجميلة التي تهرب منه منذ آخر حديث بينهم لتجعله يتلظي بنيران البعد التي تحرقه و تسلب النوم من عينيه
" في ايه يا چدي؟"
تشدق 《ياسين》 ساخرًا
" اهو الحمار صحي اهوة في ايه بقي ؟"
صاح 《عبد الحميد》 بانفعال
" انت ايه حكايتك مع البت المدعوجة الي اسمها نچمة دي ؟"
جفل 《عمار 》من حديث 《عبد الحميد》 وقال مستفسرًا
" حكاية ايه يا چدي؟ و لا حكاية ولا رواية ؟"
ابتلع 《عبد الحميد》 جمرات غضبه و قال محذرًا
" اياك و الكذب . جولي انت فعلاً عايز تتچوزها و لا عايز تهلفطلك شوي ؟"
《عمار 》بنفي
" لا طبعًا يا چدي اهلفط ايه ! انا رايدها علي سنة الله و رسوله.."
《عبدالحميد》 بصراخ
" كنك اتچنيت ولا اي؟ تتجوز خدامة ؟ أخرتها؟"
صاح 《عمار》 مدافعًا عنها
" ومالها الخدامة مش بني آدمه زيها زينا ولا اي؟"
《عبد الحميد》 بتهكم
"أيوا طبعًا و مش أي بني آدمه . دي اللي انت كنت تاهمها من جيمة يامين مع الغفير …"
لم يتحمل ذكر هذا الأمر أمامه فاختلطت غيرته بذنبه و صاح بعنف
" وجف يا چدي .متكملش . الذنب لا ذنبي ولا ذنبها. دا ذنب الكلب اللي اتبلي عليها بالزور.. "
《عبد الحميد》 غاضبًا
" و إنت صدجته . چاي دلوق و عايز تتچوزها؟ تبچي بتحلم . دي لو آخر واحدة في الدنيا لا يمكن اوافج تتچوزها أبدًا"
وصل إلي مرحلة اللاعودة فلا طاقة له بالعيش بدونها ولا تصلح الحياة مع سواها فهو أصبح واثقًا من مشاعره للحد الذي جعله وقف يعاند جده قائلًا بحزم
" يبجي بتحكم علي اني اعيش عمرى كله من غير چواز .لإني مش هتچوز غيرها .."
《عبد الحميد》 باندهاش
" انت بتعصي أوامري يا عمار ؟"
تألم لحديث جده ولكنه وجد نفسه يقف أمام عينيها التي أن هوى الي سبعين قاع فستكون هي طوق النجاة الوحيد له لذا قال بثبات
" انا طول عمرى ماشي تحت طوعك يا چدي .. عمري ما عصيتلك أمر . جولتلي هتچوز بنت الوزان جولت حاضر . رچعت جولت ابن عمك رايدها جولت حاضر .."
رغمًا عنه وجد《 ياسين》 يده تمتد ل تحاوط كتف 《حلا》 التي صدمها ما سمعت و خاصةً حين تابع 《عمار 》بحنق
" جولت اتجوز بت عمك جولت حاضر . رچعت جولت البت رايده ولد الوزان مش هكسر جلبها جولت حاضر . المرا مشت كلامها و اتچوزت اللي رايده جلبها واني مش هعرف اتچوز الي رايدها؟ لا ياچدي اني مش تابع ليك ولا شطرنچ بتحركه كيف ما بتعوز ."
صمت لثوان قبل أن يقول بملامح متجهمه و نبرة صادقه
" اني عاشجها و جلبي اختارها و مش هتچوز غيرها و أن كت ماليش غلاوة جواك كيف 《ياسين》 و 《فرح》 و 《چنة》 مش هلومك لو فضلت معارض چوازي منها. "
اتقن احكام الفخ حول عنق 《عبدالحميد》 الذي شعر بأن كلماته اخترقت قلبه و وضعته في منعطف لم يكن يريد الولوج إليه و لم يجد ما يقوله فأنقذه صراخ قوي آت من الخارج فالتفت الجميع ليجدوا إمرأة تتشح بالسواد تصرخ بملئ قلبها
" الحجوني .. خطفوا بتي . الحجني يا كبير و رجعهالي احب علي يدك…"
تحدث 《عبد الحميد》 بفظاظة
" حوصول ايه يا وليه أنتِ ؟ و مين بتك دي ؟"
" نچمة . بتي نچمة خطفوها ولاد الحرام ."
اخترق اسمها أذنيه فتوقف عقله عن العمل بينما تعالت الشهقات و التفتت الأعين مصوبه عليه …
****************
دلف الي داخل المنزل فقد غاب لأسبوع كامل انهكه نفسيًا و جسديًا و فاض به الشوق إلي صاحبة حدائق الزيتون التي تملك سلطة على قلبه لم تكن لأحد سواها و التي سلكت أكثر الطرق إرهاقًا لروحه التي أهلكها الشقاق و الخصام الذي سارت علي نهجه طوال الأسبوع المنصرم لم تجيب علي اتصالاته ولم تحادثه ولو مرة فقط تقف بجانب والدته أثناء إتصاله لتستمع الي صوته و تطمئن عليه سالبه منه ابسط حقوقه في الأطمئنان عليها. و لها فقد قرر الثأر منها علي طريقته ..
" سالم .. حمد لله علي سلامتك "
إلتفت 《سالم》 إثر صوت 《سليم》 الذي كان يخرج من غرفة المكتب لملاقاته بعد أن سمع زامور سيارته
" الله يسلمك يا سليم .. الناس فين مش شايف حد "
" كلهم متجمعين في اوضه الصالون . و فرح فوق مع جنة .."
هكذا اجابه 《سليم》 بملامح واجمه فشعر به 《سالم》 قائلًا باستفهام
" لسه بردو تعبانه ؟"
《سليم》 بحزن حاول اخفاءه
" يعني . شويه .. المهم كنت عايزك في موضوع مهم .."
زفر بحنق ثم قال بفظاظة
" أجله يا سليم تعبان مش قادر اتكلم .."
عانده قائلًا بتحذير
" ميتأجلش يا سالم .."
لم يعاند 《سالم》 إنما توجه خلفه الي غرفة المكتب ليلقي بثقل جسده علي الاريكه بينما توجه 《سليم》 الي المقعد خلف المكتب الخشبي الكبير قائلًا بخشونة
" هتعمل ايه في موضوع الانتخابات ؟"
《سالم》 بصرامه
" مش هترشح يا سليم ماليش خلق للمواضيع دى .."
《سليم》 بفظاظة
" غلط يا سالم . "
" و ايه الغلط في كدا؟"
استفهم سالم بحنق فأجابه 《سليم》 موضحًا
" أولًا عشان انت الكبير و دي مسئوليتك . ثانياً و دا الأهم دا هيفيدنا في موضوع الكلب اللي اسمه ناجي…"
انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" تقصد ايه؟ استغلال نفوذ ولا ايه؟"
《سليم》 بتوضيح
"اكيد لا . بس انا بصراحه مش داخل دماغي أن اللي عمل كدا فيك الهلالية .."
《سالم》 باستفهام
" ازاي و السواق اعترف عليهم ؟"
《سليم》 بتفكير
"عادي جداً ممكن بيتبلي عليهم . بص يا سالم الناس دي معروفه عنها الاحترام و مبيحلوش مشاكلهم بالطريقة دي ابدًا بالإضافة إني كنت قاعد امبارح مع حيدر الهلالي و الراجل محترم جدًا ميختلفش عن ابوك الله يرحمه و وضحلي أن موضوع الانتخابات دا بيتم بالتراضي و هو عارف ومتأكد اصلًا انك مش في دماغك الموضوع و من زمان.."
《سالم》 بحدة
" بردو يا سليم عملت اللي في دماغك ؟"
《سليم》 بخشونة
" ايوا لإني مقتنع أنه صح .. الراجل مش محتاج يعمل كدا الناس هنا من غير حاجه بتحبهم لإنهم فعلًا بيخدموا . "
بدا مقتنعًا بحديث شقيقه فقال بفظاظة
" كمل .."
《سليم》 بصرامة
" ناجي اللي ورا الموضوع دا . عايز يخلقلنا عدو جديد غيره نتلهي فيه . عشان كدا بقول كفاية نلاعبه بقي . خلينا نخلص منه. "
《سالم》 بجفاء
" اكيد مش هنقتله ياا سليم "
" مبقولش كدا يا سالم علي الرغم اني عندي استعداد اعمل كدا حالًا لأنه فعلًا يستاهل بس انت اللي حايشنى عنه .."
حاول 《سالم》 تهدئته وحده أكثر من يعلم بشخصيته الثائرة و اندفاعه للدفاع عن الحق حتي لو كان هو المتضرر
" عارف انك كبران لكلمتي يا سليم و مازلت بقولك اهدي . عايزين تربيه عالهادي من غير نقطه دم . احنا مش قتالين قتلة .."
دائمًا ما ينجح شقيقه في تهدئة ثورته إضافة إلي كونه يكن له الكثير من الاحترام والمحبة لذا اومئ برأسه بالموافقه ثم قال بخشونة
" شيرين عرفت انها أطلقت .."
تشدق 《سالم》 ساخرًا
" و ياترى عرفت أن اللي ابوها عمله ؟"
《سليم》 بنفاذ صبر
"معرفش و مش مهتم . على الرغم اني شايفها هاديه اليومين دول علي غير عادتها.."
سالم بتهكم
" متقوليش أنها عقلت أخيرًا "
أجابه 《سليم》 ساخرًا
" لا وانت الصادق بتحب …"
مرت لحظات قبل أن يقهقه 《سالم》 بصخب و شاركه 《سليم》 الضحكات قائلًا
" مش مصدقني؟"
《سالم》 بفظاظة
" لا و هو انا مش عارفك.. مبتقولش حاجه غير و انت متأكد منها… المهم تخلي بالك الواد طارق طول عمره عايش بره و دماغه لاحسه و دي مهما كان بنت عمتك "
《سليم》 بطمأنة
" مشوفتش منه حاجه لحد دلوقتي بس متقلقش أمسك طرف الخيط و هعدل دماغه لو لقتها مش مظبوطه.."
《سالم》 بتهكم
" و اكسرها لو لزم الأمر .."
《سليم》 بتسلية
" عيني .."
" خلي عينك لصاحبتها… مش عايزها.. هقوم انا تعبان و مش شايف ."
توجه إلي باب الغرفة فاستوقفته كلمات 《سليم》 المحذرة
" سالم موضوع الانتخابات خلصان . خلي التعبان دا يفكر أننا بلعنا الطعم . "
لون الضجر ملامحه و نبرة صوته حين قال
" ولو اني كاره الموضوع بس انت عندك حق .."
《سليم》 بطمأنة
" ربنا بيعين و أنا في ضهرك .. "
تشدق《 سالم》 ساخرًا
" أصيل طول عمرك .البس يا سالم و إحنا في ضهرك .. "
《سليم》 بتخابث
" طب بمناسبة اللبس بقي فاعمل حسابك انك متحضرلك قاعدة صلح محترمه يا كبير "
فهم 《سالم》 مقصده فاستفهم بخشونة
" هي عرفت أن انا جاي النهاردة ازاي ؟"
" الواد مروان قالها و تقريبًا من صباحية ربنا بيسلطها عليك.. انجوى.."
*****************
يعرف العشق طريقه إليها جيدًا فهي إمرأة تحمل كل النكهات ضِمن حدود ثغرها . تحوي جميع انواع السحر المتوارِ بين طيات ذراعيها . بلحظة تجعلني ارقي الي جنة مُدججة بلهيب الصبوة و بالأخرى تتركني لـ اكتوي بلهيب اللَظًى. الأحتراق معها يشبه الغوص في بحر من النار و الثلج معًا شعور يصعب وصفه من فرط بهاءه . يكفي على المرء تذوقه مرة ليصبح مدمنًا لا يبغي المُدَاوَاة منه أبدًا
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت تجلس في شرفتها تقرأ كتابًا أو لنقل بأنها تتظاهر بقراءة كتاب لم تلامس نظراتها حروف اسمه فقد كان قلبها يحصي دقاته مع عقارب الساعة التي ستحمله إليها و بداخلها ألف سيناريو و سيناريو لما سيحدث بينهم و كيف ستقابله و كيف ستعبر عن غضبها منه و من رفضه لها أن ترافقه الي القاهرة دون أن تخدش كبرياءها ؟
أخرجها من شرودها صوت الباب الذي انفتح و أطل منه بهيبته الطاغية و رائحة عطره التي حملتها النسمات لتستقر في قلبها محدثة زوبعة شوق جعلت الدماء تثور في أوردتها ولكنها لجأت إلي التجاهل حين هبت واقفة لملاقاته بعد أن أتقنت إرتداء قناع الجمود الذي تجلي في نظراتها و ملامحها و نبرته حين قالت
" حمد لله عالسلامه .."
الآن علم كيف قررت معاقبته عن طريق الجمود و التجاهل لذا أراد أن يجاريها في لعبتها قائلًا بنفس لهجتها
" الله يسلمك.. "
قالها ثم اقترب يعانقها فبادلته العناق بآخر باردً وقد أتقنت احكام سيطرتها علي مشاعرها فأراد معرفة الي متي ستصمد فقد شعر بضربات قلبها التي تتقاذف داخلها ولكنها تكمم صرخاته بجمودها اللعين هذا
" وحشتيني .."
قالها و أنفه يتحرك بغير هدي على عنقها يروي رئتيه من رائحتها العذبة التي اشتاقها كثيرًا بينما يديه أحتوت خصرها بتملك مثير لجميع حواسها التي كانت تتوسل إليها أن ترتمي بين أحضان عشقه المُسكر ولكنها وبصعوبة بالغة سلخت نفسها عنه وهي تقول بنبرة جامدة
" يارب تكون السفرية كانت موفقه ؟"
" جدًا متبسطتش كدا في القاهرة بقالي كتير .."
تحدث و هو يقوم بخلع معطفه بحنق ترجمته شفتاه علي هيئة كلمات ساخرة أيقظت جيوش الغيرة بجوفها ولكنها ابتلعت جمراتها وهي تقول بنفس نبرتها الجامدة
" طب كويس .. فرحتلك والله "
" فرح !"
جاءت نبرته المحذرة لتنبهها انها تخطو لمنطقة خطر و لكن قاطع حديثهم الطرق علي الباب فتقدمت 《فرح》 لتفتح فإذا بإحدى الخادمات تخبرها بأن 《جنة》 تريدها فاخبرتها بأنها قادمة فانصرفت الخادمة و التفتت إليه لتجده يناظرها بحدة تجاهلتها قائلة بجمود
"معلش بقي . اصل الكبير دا مش ملك نفسه على رأيك . هشوف جنة علي ما تاخد شاور و تغير هدومك عشان معاد العشا مفضلش عليه غير يدوب نص ساعه …"
التمعت عينيه بوميض خطر و كذلك لهجته حين قال
" اقفلي الباب و تعالي .."
ابتلعت حنظل أوامره استكمالاً لخطتها و تقدمت بخطوات هادئه تنوي الإطاحة بثباته فتفاجئت بيديه التي امتدت تجذبها من خصرها بعنف لتصطدم بسياج صدره الذي احتواها بعناق قوي بينما اختطفها معه الي جنة قربه التي اشتاقتها كثيرًا فبدا وكأنه يلتهم تفاصيلها بنهم عاشق مشتاق لا يكتفي من قربها فصار ينهل من رحيقها و يقطف ثمار ثغرها التوتي تارة بعنف و تارة بتأني و لدهشتها لم يعطيها الفرصة لمبادلته فقد استخدم قوته البدنية في إحكام سيطرته علي يديها وجسدها الذي يعلم مسبقًا شوقه له و ثورته عليها و خضوعه أمام كبريائها الذي أراد الحفاظ عليه ليبدو الأمر و كأنها لا حول لها ولا قوة أمام قوته بينما قلبها في الداخل يرقص طربًا بهجومه الضاري عليها و الذي انهاه بعد لحظات لم تكن كافية لإخماد شوقه ولكنه يعلم أن طال الأمر فلن يستطيع التحكم بنفسه أكثر لذا اقترب ناثرًا عشقه بين حنايا عنقها بالقرب من أذنيها قائلًا بأنفاس محمومة
" من حسن حظك أن كل حالاتك بتعجبني .. "
كان صدرها يعلو و يهبط من فرط تأثيره عليها ولكن ذلك لم يمنعها من إجابته بغرور
" دا من حسن حظك انت . ان انا في كل حالاتي حلوة .."
لونت ملامحه ابتسامة عذبة ارتسمت علي شفتيه التي وضعت علاماتها بجانب خاصتها قبل أن يقول بخشونة
" و من حسن حظك اني راجل متفهم و مش همنعك عن مهامك ك أخت كبيرة . "
أيقنت بأن كلماته كانت تعني أنه أطلق سراحها ولكنها وقفت لثوان بمكانها تحاول لملمة شتاتها قبل أن ترمقه بنظرة ساخطة حاولت اخفاءها و لكن ليس علي من يحفظ انفعالاتها و تفاصيلها عن ظهر قلب فهو يعلم مقدار غضبها و أن هروبها لم يكن سوي لأعطاءه درس مرددة كلماته التي ألقاها علي مسامعها حين غادر فحاول تهدئة ثورتها قليلًا حتي يأتي الوقت الذي يمكنه من الإطاحة بهذا الغضب المزعوم…
**********************
مشطت شعرها و توجهت الي الشرفه تلجأ الي هدوء الليل الأسود الذي يحيط بهم في هذا الجو المشحون بالتوتر و القلق و قد كانت تشعر بالألم بسبب اختفاء تلك الفتاة التي لم يستطيع أحد أن يصل إليها الي الآن و كاد هذا الطاغية «عمار» أن يجن و كم فاجئها هذا كثيرًا فهي لم تكن تتخيل أن يكن عاشقًا إلي هذة الدرجة..
أخرجها من شرودها دخول 《ياسين》 الي الغرفة فهرولت إليه قائلة بلهفه
" طمني لقتوها ؟"
زفر 《ياسين》 بتعب تجلي و قال بيأس
" للأسف لا . "
اخفضت رأسها بحزن تجلي في نبرتها وهي تقول
" يا حرام … دي بنت غلبانه اوي . ياتري هي فين و مع مين ؟ والله صعبانه عليا .."
خلع معطفه وهو يقول بتعب
" اللي صعبان عليا اكتر واكتر هو عمار "
لمعت عينيها بدهشة أطلقت لها العنان حين قالت
" بصراحه دا اللي فاجئني و متوقعتش منه كدا ابدًا "
ابتسم بهدوء قائلًا
" ليه يعني ؟ اللي بيحب بيعمل اكتر من كدا عشان حبيبه.."
《حلا》 بترقب
" ماهو انا متخيلتش انكوا تعرفوا تحبوا زينا كدا عادي ؟"
لمعت عينيه بمكر تجلي في نبرته وهو يتقدم منها واضعًا يديه بجيوب بنطاله
"هو انتوا بتحبوا ؟ "
فطنت لذلتها فصححتها قائلة
"اقصد يعني ان 《سليم》 لو محبش 《جنة》 اكيد مكنش اتجوزها !"
شملتها عينيه بنظرة خاصة اتبعها قائلًا
"طب اخت سليم متعرفيلي ايه نظامها ؟"
هاربة من عينيه الي الجهة الأخرى وهي تقول بارتباك
"تقصد ايه ؟"
وصل إليها حتي كاد أن يلتصق صدره بظهرها وهو يقول بنبرة خافتة
"اقصد بتحب هي كمان ولا ايه ؟ "
التفتت تناظره بسخرية تصنعتها هربًا من مكيده نصبتها عينيه حولها
" لا والله ؟"
"اه والله "
كان قربه يشكل خطرًا كبيرًا فتراجعت خطوة وهي تقول بدلال غير متعمد
"طب وانت مالك و مالها ؟ "
تبدلت نظراته الي أخرى جدية حين القي قنبلته التي تردد دويها في قلبها
" حلا هو انا مقولتلكيش قبل كدا اني بحبك ؟ "
تقاذفت دقات قلبها حتي وصل دويها إلي أذنها فلم تكن تتخيل اعترافه هذا المثير بالحب حتي أنها شعرت للحظة بأنها ضائعة أمام عينيه التي غزت قلبها بنظرات عاشقه فتمتمت بخفوت
"هاه !"
امتزجت أنفاسهم بقربه المهلك منها حين أضاف بخشونة
" بحبك ."
" لا …"
اندهش من إجابتها فقال باستفهام
" لا ايه ؟"
فاجأته حين قالت بخفوت
"مقولتليش ."
زينت ثغره ابتسامه رائعه تشبه لهجته حين قال
"طب بحبك يا حلا .. "
مزيج من الأحاسيس الرائعه تشكلت في قلبها مطلقه فراشات الهوى التي حلقت بسماء الحب معلنه عن انضمام ثنائي رائع إلي عالم العشاق الذي لطالما اشتاقت أن تخطو إليه معه فاقترب منها أكثر وقبضته تشتد حول خصرها وهو يقول بأنفاس محمومة و صدر فاض به الشوق
" مش هتردي عليا .. ؟ قولي قرب يا ياسين . متبعدش أبدًا "
يشتهي قربها بل يموت شوقًا لأقتحام جنتها و كسر اللعنة التي تحيط بهم لتزيد من عذابه . يريد أن يبرهن عشقه فعلًا فقد ضاق ذرعًا و قلبه من رؤيتها كالفاكهة المحرمة عليه و كأنها أبت ألا أنت تنتشله من عذابه فقد كان لخوفها ذيول لم يمحي اعترافه آثارها فلم تجيبه بل ظلت تائهه بين خوفها وخجلها الكبير منه ولكن ذلك لم يجعله يتراجع فقام باحتواء وجهها بين يديه قائلًا بخشونة
" قبل ما اشوفك كنت عايش و بس . كان قلبي دا ميت . "
طافت عينيه علي وجهها الذي يشع بحمرة الخجل و يرتجف تأثرًا بين يديه و تابع بخفوت
" أول ما شوفتك و أغمي عليكِ في حضني لقيت قلبي بيدق اوي. زي ما يكون أنتِ الحاجه اللي كانت نقصاه عشان يعيش "
استندت برأسها فوق صدره تستشعر دقاته الجنونيه التي كانت تؤكد علي كلماته العاشقه فاقتربت شفتيه تلثمان جبهتها برقة فهمس قلبها يناجي قلبه
" ياسين .."
أفرجت شفتيه عن كلمات مُحملة باشواقه العافيه
" انقذيني من اللعنة اللي رميت نفسي فيها. مبقتش قادر اتحمل بعدك اكتر ?
رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2 الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم نورهان ال عشري
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل ما تقروا اتمني تدعوا لأخواتنا في فلسطين ربنا ينصرهم و ينصرنا بيهم
حقًا لا اعرف متي تنتهي معاناتي مع الحياه؟
فتارة تجمعني بأُناس ينطفئ قلبي بوجودهم و لا اتحمل الحياه معهم ، تارة تمنع عني أُناس لا تحلو الحياه سوي برفقتهم و لا يضئ قلبي إلا في حضرتهم...
ترى هل يمكن أن اتصالح معها يومًا ما و احتضن جزء كانت قد بترته مني فتكتمل به روحي و أروي به ظمأ قلبي؟
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
ارتعب الجميع حين وقعت أعينهم علي《 مروان》 الذي كان يئن بألم و أسفله بقعه من الدماء و بجانبه 《سما》 التي كانت تبكي بإنهيار و ترتجف ذعرًا مما حدث ولكن المشهد الأكثر رعبًا كان هذا الرجل المذعور الذي يمسك سكينًا ملطخ بدماء بريئة لم ترتكب إثمًا ل تطالها يد الغدر تمامًا كما حدث مع ابنته التي تم إغتصابها بوحشية لترقد في غيبوبة لجأ إليها عقلها الذي لم يستطيع تقبل تلك الفاجعة التي ألمت بها
" أنت !"
هكذا صاح 《سالم》 حين رأي 《محمد》 والد 《لبني》 راكعًا علي ركبتيه ممسكًا سكينًا تقطر بالدماء التي امتزجت معها مياه عينيها و الحرس ينهالون بالضرب فوقه فتفرق الجميع و انقسم جمعهم الي مجموعتين إحداها و التي كانت مكونه من 《أمينة》 و 《همت》 و 《فرح》 و 《جنة》 و 《طارق》 الي 《مروان》 الذي كان يئن بألم و الأخرى كانت مكونة من 《سليم》 و 《سالم》 الذي قام بجذب 《محمد》 من تلابيبه وهو يصرخ بزئير ارتجف له الجميع
"عملت كدا ليه ؟؟؟"
خرجت الكلمات مرتجفة تمامًا كحالة
" بنتقم منكوا لبنتي اللي غدرتوا بيها.."
زمجر 《سالم》 بوحشية
" مين اللي غدر بمين ؟ مش انت اللي خدت بنتك و مراتك و هربت بعد ما غيرت أقوالها و اتهمت واحد برئ مالوش ذنب .."
شعر بالكلمات كالحوافر التي نبشت في جراح أبت الشفاء فصرخ من عمق الوجع الكامن بصدره
" كفاية افتري بقي . بنتي غيرت أقوالها بعد ما بعت رجالتك يهددونا !"
" ايه ؟"
هكذا تحدث 《سالم》 بصدمة تبددت لحظة اندفاع 《طارق》 نحو 《محمد》 يحاول الثأر لأخيه الذي لحسن الحظ لم تكن إصابته خطيرة كما بدت للوهلة الأولى فقد اخترق السكين كتفه فلم يلامس أي منطقة حيوية في جسده
" هقتلك يا حيوان .. وديني ما هسيبك…"
تدخل 《سليم》 الذي فطن للأمر و قام بإيقاف 《طارق》 وهو يتحدث بصرامة
" سالم هيتولي أمره يا طارق بينا نودي مروان عالمستشفي …"
تدخل 《سالم》 آمرًا
" الحريم كلهم يدخلوا جوا . طارق انت و سليم ودوا مروان عالمستشفي و انا هحصلكوا.."
خرجت الكلمات منها بلهفة
" انا هروح معاهم يا أبيه سالم أرجوك . مش هسيبه لوحده.."
نظرت 《همت》 لأبنتها بصدمة فلم تعيرها 《سما》 اي اهتمام بل اندفعت حين سمح لها 《سالم》 خلف 《سليم》 و 《طارق》 الذي كان يسند 《مروان》 المتألم ..
الأعين يشوبها الكثير من الاستفهامات التي لم يفصح عنها اللسان فقد كان غضبه مريعًا ولم يستطع أحد مناقشة أوامره حتى هي !
أخذت تجوب الغرفة ذهابًا و إيابًا و الأفكار تطن برأسها كالذباب عن أي شئ يتحدث هذا الرجل ؟ و من تلك الفتاة و عن أي اتهام يتحدث !
" كفاية لف و دوران خيلتيني يا فرح !"
هنا تحدثت 《أمينة》 فحالتها لم تكن تقل عن الجميع توترًا و لكنها تحاول الثبات قدر الإمكان حتي يهدأ من حولها فهبت 《جنة》 متوجهه إليها قائله بهدوء
"شكلك تعبان يا ماما تعالي اطلعك فوق ترتاحي شويه .."
" لا يا حبيبتي انا هستني اطمن علي مروان .."
هكذا تحدثت 《أمينة》 بلطف فصدح صوت 《فرح》 مناديه علي أحد الخدم فجاءت إحداهم لتأمرها بلطف
" اعملي كوباية لمون لماما الحاجة . "
ثم تقدمت من 《أمينة》 وهي تقول بهدوء
" حقك عليا يا ماما .. انا أصلي قلقانه اوي علي سالم وهو مع الراجل دا جوا لوحدهم …"
" ربنا يستر يا بنتي و يجيب العواقب سليمة…"
*****************
" عملت كدا ليه ؟ و إياك تكذب عليا عشان وقتها هتشوف مني وش مش هيعجبك .."
هكذا تحدث 《سالم》 بفظاظة وهو ينظر إلي 《محمد》 الذي كان منكثًا رأسه الذي اثقله الذنب فقد أصاب شخص لم يفعل له شئ و لكنه اليأس الذي اختلط مع ذلك القهر المستوطن في قلبه فشوش الرؤيه أمامه و غيب عقله الذي كان يصرخ مطالبًا بالثأر باي طريقة
" الوضع اللي انا فيه ميسمحليش اكذب ولا يسمحلك انت كمان يا بيه .. خلاص انا خسرت كل حاجه وانتوا السبب "
تعاظم الغضب بداخله و خرج صوته مثقلًا به حين قال
" السبب في ايه انت هتستهبل ! انا اتفقت معاك اتفاق و انت اللي اخليت بيه و هربت بعد ما بوظت كل حاجه . "
" هربت بعد ما بعت رجالتك يهددوني و يهددوا بنتي أنها لو مغيرتش أقوالها هيقتلونا كلنا ! جيت في المستشفى ضحكت علينا بكلمتين وادورت من الناحية التانيه و طعنتنا في ضهرنا . ليه عملت كدا ؟ مصعبتش عليك البنت اللي قولت عليها انها زي بنتك ؟ يا أخى حسبي الله ونعم الوكيل "
توقف عقله عند جملته الأولى التي وضعت سيف الحيرة الباتر علي رقبته فأغمض عينيه للحظات قبل أن يقول بجمود
" و أيه مصلحتي من دا؟ يعني انت من الاساس مكنتش هتقدر تعملى حاجه عشان اللي عمل كدا في بنتك مبقاش موجود. ليه انا هعمل معاكوا كدا ؟ كنت من الأول مسألتش فيكوا ولا انت ايه رأيك ؟"
بدأ محقًا في حديثه للحد الذي جعل الألم و الحيرة ترتسم علي وجه 《محمد》 الذي وضع رأسه بين يديه بقهر تجلى في نبرته وهو يقول
" مبقتش عارف اقول ايه ولا ايه الصح . لطفك يارب ."
تأثر داخلياً بمظهره ولكن خرجت كلماته جافة حين قال
" احكيلي اللي حصل بالظبط . "
*************
مرت الدقائق كساعات مع ذلك الانتظار المميت الذي كان يأكلهم بصمت لا يسمع فيه سوى أنفاس متوترة و صدور متأججة بنيران الخوف الذي تعاظم حين دخل الحرس الي المكتب ليخرجوا بعد لحظات محاوطين ذلك الرجل فهرولت 《فرح》 الي 《سالم》 الذي كان يتأهب للمغادرة فإذا بها تندفع إليه فحاوطتها يداه بقوة و اتكأ برأسه علي كتفها للحظات قطعها سؤالها المرتبك
" في ايه يا سالم ؟ و مين الراجل دا "
زفرة قوية خرجت من جوفه اتبعها قوله الصارم
" متسأليش يا فرح . سبيني ارتاح في حضنك شويه .."
لم تجرؤ على الحديث أمام تعبه الذي بدا واضحًا من إتكاءه عليها فأخذت اناملها الحانية تهدهد أكتافه برفق علها تزيح توتره الذي يأبي الإفصاح عنه فمرت لحظات صامتة اختطفها من براثن الزمن ليستكين بين ذراعيها قبل أن يرفع رأسه قائلًا بخشونة
" هروح اطمن علي مروان . خلى بالك من ماما ولو سألت حصل ايه قوليلها عداوة مع ناس في الشغل.."
لم يعجبها حديثه فانكمشت ملامحها بامتعاض تجاهله وهو يقول بصرامة
" مش وقته كلام دلوقتي. في حاجات مهمة لازم اعملها.."
زفرت بقلة حيلة فاقترب واضعًا قبلة قوية بين عينيها و امتدت أنامله تتأرجح علي شفتيها برقه حين قال بخفوت
" عايز لما ارجع ألاقيكِ مستنياني .."
بنبرة يشوبها العتاب أجابته
" انا دايمًا مستنياك .."
شعر بعتابها فقال بخشونة
" حاسس بنبرة اعتراض "
" حاسس مش متأكد "
استفزته تلك النبرة التهكمية فقال بفظاظة
" عدي يومك عشان أنا علي أخرى منك .."
ارتفع أحدي حاجبيها بسخط تجاهله وهو يتقدمها فأبت الصمت لتقول بنبرة يشوبها المكر
" ابقي طمني علي مروان .."
لونت ملامحه ابتسامة بسيطة قبل أن يشملها بنظرة متوعدة تشبه لهجته حين قال
" أفضالك يا فرح و هربيكِ من اول وجديد الصبر بس .."
لم يعطيها الفرصة للحديث انما انطلق الي وجهته ليتركها خلفه تنفس النيران من أنفها فهي تعشقه للحد الذي يجعلها تشعر بالسخط من كل تلك الأعباء التي تقيده و تجذبه بعيدًا عنها تتلظي بنيران الشوق و الغضب معًا
خرجت تتشاجر مع خطواتها لتصطدم بأمينة التي قالت بلهفه
" طمنيني يا فرح قالك ايه؟"
عدلت من لهجتها لتبدو عادية حين قالت
" عداوة شغل يا ماما . اطمني الموضوع اتحل "
تعلم بأن الأمر تكبر و ترتاب في حديث هذا الرجل عن تلك الفتاة المزعومة ولكنها لن تناقش الآن
" يالا يا حاجه اطلعي عشان ترتاحي الفجر قرب يأذن و أنتِ منمتيش من امبارح "
هكذا تحدثت 《نعمة》 فأومأت 《أمينة》 بصمت و توجهت معها للأعلي فاقتربت 《جنة》 من 《فرح》 قائلة بخوف
" فرح . انا حاسة أن اللي حصل دا وراه حاجات كتير أوي متطمنش"
احتضنت 《فرح》 كتفيها وهي تصعد للأعلى قائلة بحنان
" متقلقيش يا جنة . سالم طمني أن الموضوع مجرد عداوة في الشغل . و هو اكيد هيحل كل حاجه.."
" اومال بنت مين اللي بيتكلموا عليها دي؟"
احتارت بماذا تجيبها فقالت بطمأنة
" متشغليش بالك يا جنة موضوع بعيد عننا و أن شاء الله سالم وسليم هيحلوه "
«جنة» بقلق
" خايفه علي سليم أوي . غضبه و تهوره بيخليني مش عايزاه يخرج من البيت حتي "
كان ألمها يلون ملامحها فأرادت 《فرح》 التخفيف عنها قليلًا فقالت بمزاح:
" الله الله أومال ايه التطورات الرهيبة دي ؟ والخوف و الحنية دول من امتى يا جنة هانم "
تجاهلت خجلها قائلة
" ايوا طبعًا مش جوزي حبيبي و لازم أخاف عليه !"
إرتفع إحدي حاجبيها الجميلين وهي تقول بمشاكسة
" جوزي حبيبي مرة واحدة دا في تطورات بقي وأنا معرفش ! و ياتري الغالي لسه بينام عالأرض و لا عفيتي عنه خلاص ؟"
اغتاظت من كلماتها فقالت بإندفاع:
" لا طبعًا أرض إيه بينام في حضني ياختي . "
ضحكت 《فرح》 بسعادة وقالت بحماس
" أوبا .. يبقي حصل ! فرحي قلبي و قولي أنه حصل "
لون الخجل ملامحها و قالت بحدة مفتعلة :
" بطلي يا فرح .."
" يبقي حصل .. اخس عليكِ وانا معرفش .. سليم دا غيرك و بقيتي تخبي عني كل حاجة .. أنا لازم أوقع بينكوا"
هكذا تحدثت 《فرح》 بمزاح فهبت 《جنة》 بلهفة
" محدش في الدنيا يقدر يوقع بينا .. و بعدين دي أسرار يعني هو أنا مفروض أقول كل حاجة .."
" عندك حق يا قلبي أنا بهزر معاكِ أسرارك أنتِ و جوزك متطلعش بره أوضة نومك .. ربنا يهنيكوا مع بعض .. فرحتلك أوي يا جنة.. سليم بيحبك و يستاهل تنسي كل حاجه و تعيشي معاه في سعادة.."
احتضنتها 《جنة》 بحب و بادلتها الفرح العناق باقوى منه وهي تحمد الله على سعادة شقيقتها.
" اسمحولي أقاطع الحضن الأخوى دا و أسأل عن مروان ؟"
برقت عينا 《فرح》 حين سمعت صوت 《شيرين》 من خلفهم فحاولت تمالك نفسها قبل أن تلتفت قائلة بإختصار
" كويس! "
اغتاظت 《شيرين》 من حديثها ولكن لم تعلق بل التفتت أنظارها إلى《جنة》 ورقت نبرتها حين قالت:
" عاملة إيه دلوقتي ؟"
خيم الإندهاش علي ملامح الشقيقتين و سرعان ما تجاهلته 《جنة》 قائلة بهدوء:
" الحمد لله أحسن .. شكرًا على سؤالك .."
اومأت 《شيرين》 بابتسامة بسيطة قبل أن تقول بلهجة جامدة
" ياريت لو حد أطمن على مروان يطمني .. سما للأسف ناسيه فونها هنا مش عارفه أكلمها"
" حاضر هكلم سليم و أطمنك .."
أومأت 《شيرين》 و توجهت إلى غرفتها لتنظر إلى《ريتال 》التي كانت تتوسط مخدعها نائمة بعمق فقامت بتناول هاتفها و قامت بإرسال رسالة نصية صدح بعدها رنين الهاتف بإلحاح تجاهلته بحنق و توجهت إلى المرحاض لتنعش جسدها بحمام ساخن تحتاجه بشدة..
**************
جاء الصباح بنوره ليطغي على ظلام الأمس فتوسطت الشمس كبد السماء ناثره أشعتها الدافئة على برودة قلوب أبت التسليم أمام أصفاد الماضي لتعلن عن بداية جديدة مع يوم جديد لا تعلم خباياه فقط تتضرع إلى الله أن يأتي حاملًا معه الخير
" حمد لله عالسلامة"
هكذا تحدثت 《سما》إلى《مروان》 الذي استيقظ لتوه فكان صوتها العذب بلسمًا لجرحه المؤلم الذي تجاهل انينه و التفت إليها قائلًا بمزاحه المعتاد :
" إيه الحلويات اللي عالصبح دي ؟ ولا أنا بايني موت و دخلت الجنة ؟"
تقاذفت الكلمات من بين شفتيها بلهفة :
" بعد الشر عنك .. متقولش كدا؟"
ناظرها بصدمة بينما ارتسم الغباء علة ملامحه و في لهجته حين قال :
" هو الراجل غزني في نفوخي ولا إيه؟ بت يا سما أنتِ سخنة ولا أنا اللي جعان باين! "
لونت الإبتسامة ملامحها على مزاحه الذي يخرجها دائمًا من حزنها
" أنت مفيش فايدة فيك ؟ حتي و أنت في الحالة دي بتضحك وتهزر ؟"
《مروان》 بغزل :
" دانا اتقلب قرد عشان أشوف الضحكة الحلوة دي "
" أنت قرد من غير حاجه مش محتاج تتعب نفسك . "
اخترق صوت 《سليم》 الساخر حديثهم فبدد اجواءه الرومانسية مما جعل 《مروان》 يناظره بحنق تجلى في نبرته حين قال :
" دمك يلطش و كلنا عارفين إيه لازمته تستخفه بقي ؟"
《سليم》 ساخرًا
" شويه من اللي بتعمله فينا !"
تمتم 《مروان》 بحنق :
" عملك أسود و منيل يا بعيد .."
" لسانك الطويل رجع تاني يبقي أنت كده خفيت .."
كان هذا صوت 《سالم》 الساخر الذي دخل الغرفة يتبعه 《طارق》 الذي قال بتهكم:
" على أساس أنه كان في حاجة أصلاً ولا الخربوش دا يعتبر جرح .."
وافقه 《سالم》 موجهًا حديثه إلى «مروان» :
" أجمد شويه هتشمت فينا الأجانب.."
طافت عينيه على ثلاثتهم وقال بحنق :
" اه انتوا اتفقتوا عليا انتوا التلاتة .. فاكرين أن مفيش حد يدافع عني .. براحتكوا بس حقي هعرف اخده .."
طرقة خفيفة على باب الغرفة لفتت انتباههم و سرعان ما لونت الدهشة ملامح الجميع حين أطلت 《شيرين》 برأسها من الباب وهي تلقي التحية ثم تنظر إلى 《مروان》 قائلة باهتمام:
" عامل إيه دلوقتي ؟"
تمتم 《مروان》 بسخرية:
" اهي ابتدت تندع .. تعالي يا شيري يا حبيبتي أنا الحمد لله بقيت أحسن لما شوفتك "
قال جملته الأخيرة بنبرة أعلى و عينيه تلتقم تلك التي لون الإمتعاض ملامحها فابتهج قلبه كثيرًا بينما اجتاحت 《شيرين》 موجه من الذبذبات الموترة التي تفشت في سائر جسدها حين مرت بذلك الذي غافلته عينيه و حاوطتها باهتمام كبير تحول لحنق لا يعرف كنهه حين توجهت تجلس بجانب 《مروان》 وهي تقول بالقرب من أذنه :
"بطل لسانك الطويل دا و احترم نفسك البت قاعدة جنبك من امبارح.. "
《مروان》 بخفوت :
"بس يا بت أنتِ من معسكر الأعداء يبقي تخرسي خالص انا عارف بعمل ايه ؟"
ناظرته بصدمة سرعان ما تحولت لحزن بددته كلمات 《طارق》 الذي قال ساخرًا:
" ما تعرفونا بتقولوا إيه ؟ ولا إحنا مش قاعدين معاكوا ؟"
" اه صحيح انتوا إيه اللي مقعدكوا معانا ؟ ما تهوونا شويه ؟"
تحدث 《مروان》 موجه كلماته للجميع فنهره 《سالم》 قائلًا:
" اسكت احسنلك .."
" ماهو زي القرد اهوة كان لازم تجرجرونا عالمستشفيات وخلاص "
التفت الجميع على صوت 《همت》 التي دخلت إلى منتصف الغرفة وخلفها 《أمينة》 و بجانبها كلًا من 《جنة》 و 《فرح》 التي اشتبكت عينيها مع عينيه المشتاقه فلبت دعوته على الفور حين مد يديه لتتقدم و تجلس بجانبه فحاوط كتفها بحب لم تفصح عنه شفتاه
" ايه اللي جاب الوليه دي هنا؟"
كان هذا صوت 《مروان》 الممتعض فحاول الجميع كبت إبتسامته و خاصةً 《أمينة》 التي اقتربت تعانقه وهي تقول بجانب أذنه:
" احترم نفسك و اتلم خليها تعدي علي خير .."
" ايوا بردو يعني مش مكفيكوا اللي انا فيه رايحين جيبنهالي هنا كمان ."
هكذا تمتم بخفوت ثم رفع عينيه ليناظر 《همت》 بإبتسامة مزيفه تشبه نبرته حين قال :
" أهلاً يا عمتي خطوة عزيزة .. النجف بيرقص من الفرح عشان جيتي والله .. دا حتي جرحي التهب اول ما شوفتك…"
《همت》 بسخرية:
" عقبال لسانك يا قلب عمتك لما يلتهب هو كمان عشان نرتاح .."
تمتم 《مروان》 بخفوت:
" حسبي الله ونعم الوكيل في كل ظالم . "
اجلس 《سالم》 والدته بجانب 《فرح》 وهو يقول بعتب
" تعبتي نفسك ليه يا ماما؟"
" و هتعب نفسي لاعز من مروان ؟ "
صاح 《مروان》 يرد علي 《أمينة》:
" تعيشي يا مرات عمي يا أصيلة…"
تغلب عليه شوقه حين رآها و تقدم ليحتضنها بحنان تجلى في نبرته حين قال بجانب أذنها:
" أعمل فيكِ إيه على عدم سمعانك الكلام دا ؟ مش قولتلك خليكِ و إحنا هنجيبه و نيجي عالبيت"
ناظرته 《جنة》 بخجل من أفعاله أمام الجميع و قالت بخفوت :
" مقدرتش استني في البيت لوحدي قولت أجي معاهم و بالمرة اطمن عليه "
" اهو زي القرد قدامك اهوة.."
تحدث «سليم» بصوت عالي فصاح 《مروان》 بحنق
" هو في ايه انتوا جايين تزوروني ولا تقروا عليا ؟"
أجابته 《فرح》 بمزاح :
" لا جايين نطمن عليك طبعًا عندك شك في كدا ؟"
《مروان》 بسخرية :
" صدقتك أنا و أنتِ قاعدة جمب حبيب القلب ولا حتى قولتيلي سلامتك .. وكل مخططاتنا راحت في الفاضي صح ؟"
تدخل 《سليم》 موجهًا حديثه إلى «سالم» :
" على فكرة كان بيوقع بينك و بينها طول ما أنت كنت مسافر و عمال يسخنها عليك"
صاح 《مروان》 بإندفاع :
" اتقي الله يا مفتري .. بتحطني قدام القطر ماشي ليك يوم "
اشتدت يديه المحيطة بها وهو يشدد على كل حرف يخرج من بين شفتيه:
" محدش يقدر يوقع بيني و بين فرح .. ولا إيه ؟"
لحظة تعانقت بها نظراتهم المشتاقه قبل أن تجيبه بتأكيد
" أكيد طبعًا "
" ما خلاص بقي. انتوا كلكوا عليه ولا ايه ؟ طب والله البيت من غيرك وحش لدرجة أن محدش فينا قدر يقعد وأنت مش فيه و جينا كلنا علي هنا "
هكذا تحدثت 《جنة》 فتمتم 《سليم 》حانقًا:
" الصبر من عندك يارب .."
انطلقت الضحكات وسط مزاح 《مروان》 و مشاكسته للجميع و لدهشتها وجدت نفسها مستمتعة لجو العائلة الدافئ المحيط بهم ولكن بدد الجو حولها اهتزاز هاتفها فنظرت للمتصل و هوى قلبها رعبًا فحاولت تجاهله ليعيد الهاتف اهتزازه فتوجهت للخارج للإجابة على هذا الاتصال الملح ظنًا منها أن لا أحد يلاحظ غيابها ولكنها كانت مخطئة فقد كانت عينيه تلتقمان كل همسه تصدر منها بلا وعي منه و لم يستطع مقاومة فضوله حين رآها تخرج فما هي إلا لحظات حتي قادته قدماه خلفها ليجدها تتحدث إلى الهاتف وهي تقول بحنق :
" اللي حصل قولتهولك .. وأنا كنت هعمل إيه يعني حتى دا كمان ليا فيه ؟؟"
بدأ أنها تستمتع إلى الطرف الآخر بحنق تجلى في نبرتها حين قالت :
" اعتقد أن دي مش مشكلتي و مش هتدخل تاني في حاجة زي دي .. كفايه اللي حصل قبل كدا ."
أنهت جملتها و قامت بإغلاق الهاتف و التفتت لتنفلت منها شهقة خافتة حين رأته يقف بطلته الخاطفة واضعًا يديه في جيوب بنطاله يناظرها بجمود خالط لهجته حين قال:
" بتكلمي مين ؟"
تجاهلت شئ مزعج يجذبها إليه وقالت بجفاء:
" ميخصكش.."
مين قالك كدا ؟ دا يخصني و أوي كمان"
استفهم بفظاظه فخرجت منها ضحكة مستنكرة حين قالت :
" دا بأمارة ايه ؟"
جاءت نبرته فظة دون أن يقصد حين أجابها :
" بأمارة انك اتطلقتي و بقيتي من ضمن مسئولياتي !"
" مسئولياتك ؟"
استفهمت باستنكار متجاهله تلك الضربات المتلاحقة بصدرها فصحح كلماته قائلًا :
" اقصد مسئولياتنا !"
زفرت بحنق تجلى في نبرتها حين قالت :
"انا مش لسه طفلة صغيرة و لا مسئولية حد .. أنا مسئولة من نفسي وياريت تبعد عني احسنلك "
" و إلا ؟؟"
نبرته كان يشوبها تحدي اربكها فقالت بتوتر :
" تقصد ايه ؟"
《طارق》 بفظاظة:
" كملي الجملة ابعد عنك احسنلي و إلا ؟؟"
لم تجد ما تقوله فقالت بنفاذ صبر :
" معنديش رد .. و ماليش خلق للأفلام بتاعتك دي .. أنا ماشية "
اوقفتها يداه التي قبضت على رسغها بقوة شابهت نبرته حين قال:
" بما أنك معندكيش رد .. يبقي تسمعي المفيد .."
سخرت قائلة:
" إللي هو ؟"
تجاهل سخريتها و قال مشددًا على حروفه:
" أنا واخد بالي منك أوي .. وبالمناسبة أنتِ مش عجباني .. فخلي بالك من كل حاجة بتعمليها عشان هحاسبك عليها.. و من هنا ورايح كل حرف و كل خطوة محسوبه عليكِ .. حطي كلامي ده حلقة في ودنك .."
دق قلبها بقوة لم تختبرها مسبقًا وزحفت دماءها المحتقنة إلى خديها فحاولت السيطرة علي مشاعر غريبة اجتاحتها حين لجأت إلى إستفزازه قائلة :
" و إلا ؟؟"
نجحت في مسعاها فشدد من قبضته ليؤلمها قبل أن يقول بفظاظة:
" هكسر دماغك .. "
" بأي حق ؟"
سؤالًا لا يعرف إجابته ولا يحاول البحث عنها لذا لجأ إلى المراوغة حين قال:
" لو كنتِ ناسية أنتِ بنت الوزان و دا كفيل يديني ألف حق انك لما تتعوجي أعدلك .."
سحبت يدها بعنف من يديه و قالت غاضبة :
" اوعى تفكر تلمسني تاني .. ولا اسم الوزان بيديلك الحق تقل أدبك كمان ؟"
للحظة استرجع مذاق قبلتها فسرت قشعريرة لذيذة بجسده و لا إراديًا توجهت عينيه إلى شفتيها لتعبر قشعريرته إلى جسدها هي الأخرى و دون وعي تراجعت للخلف فلونت ملامحه ابتسامة خافتة قبل أن يقول بخشونة
" كانت غلطة .. بس مندمتش ولا هندم عليها أبدًا. "
لا تعرف ما عليها أن تفعل فقد ضرب ثباتها في مقتل و لعب على نقاط ضعفها ببراعة لذا لم تجد مفر أمامها من الهرب فتجاوزته و هرولت إلى الخارج تنوي الإبتعاد عنه قدر الإمكان …
" سالم أنا جهزت عقود الصفقة فاضل بس تشوفها و تقول لو عندك أي تعديل "
هكذا تحدث 《سليم》 موجهًا حديثه إلى 《سالم》 الذي قال بإمتنان :
" عملت فيا خير .. لما اروح هبقي أراجع عليها و جهز نفسك عشان أنت اللي هتتولي أدارة المجموعه الفترة الجاية دي "
خرج استفهامها رغمًا عنها
"ليه و أنت هتكون فين ؟"
نظر 《سالم》 إليها بطمأنه قبل أن يقول بغموض:
" لما نروح هنتكلم .."
أزداد توترها ما أن سمعت حديثهم فقد جاء وقت التنفيذ لذا تجاهلت إرتباكها وقالت:
" عايزة اتكلم معاك يا سالم .. لوحدنا ! "
التفت 《سالم 》إلى 《همت》 إثر حديثها الذي أثار استفهام الجميع فقال بفظاظة قاطعًا أي مجال للحديث الجانبي:
" تعالي معايا .."
خرج 《سالم》 برفقة 《همت》 فتمتمت «فرح» بقلق
" يا ترى عايزاه في إيه؟"
إجابتها 《أمينة》 بنبرة مختنقة:
" أيًا كان اللي عايزاه فيه فهو مش خير . "
لون الحزن معالمها فتألم لرؤيتها هكذا و استغل إنشغال الجميع فيما امتدت يديه تجذب انتباهها و حين التفتت إليه اقترب منها قائلًا بخفوت:
" بحبك.."
برقت عينيها وهي تناظره و انفلت اسمه من بين شفتيها دون وعي:
" مروان .."
احتضنتها عينيه بحب لا تعرف كيف غفلت عنه سابقًا و انسابت الكلمات من بين شفتيه:
" عارف أنه مش وقته بس أنا فعلًا بحبك .. عارف أني اتأخرت عشان اقولهالك بس قلبي كان محتاج يطمن الأول.."
خرجت الكلمات همسًا من بين شفتيها حين قالت
" و قلبك اطمن ؟'
غازلتها عينيه حين قال بهمس :
" لسه محتاج شويه إقناع "
اخفضت بصرها خجلًا فتابع بخفوت:
" مش هتقنعيه طيب ؟"
" تقنعك بأيه ؟"
صدح صوت 《سليم》 خلفهم مما جعل 《سما》 تنتفض إلى الخلف وهي تنظر في كل الاتجاهات من فرط الخجل بينما سب 《مروان》 بخفوت قبل أن يلتفت قائلًا بحنق:
" و أنت مالك .. رامي ودنك معانا ليه ؟"
《سليم》 بإستفزاز :
" أصلك غالي عليا و في دين في رقبتي لازم يتسدد .."
لكزته 《جنة》 في كتفه قائلة بتقريع:
" بطل ترخم عليه بقي !"
أقترب من أذنيها قائلًا بهمس :
" هاتي بوسة وأنا أبطل !"
غمرها الخجل و روى خديها فنبت الزهر فوقهما فبللت حلقها الذي جف من كلماته قم قالت بخفوت :
" سليم متستهبلش !"
غمرتها عينيه العاشقة و شدد من احتضانه لكتفها قبل أن يقول بغزل:
" سليم هيعمل ايه بس ما أنتِ اللي حلوة و زي القمر .. حد قالك تبقي حلو كدا "
نهرته قائلة:
"بطل بقي الناس حوالينا .."
استغل كلماته ليقول بلهفة :
" يعني المشكلة في الناس .. طب يالا بينا .."
أمسك يديها وهب واقفًا و هو يقول بعجالة
" هاخد جنة و نروح عشان ترتاح .. هتيجي معانا يا ماما ؟"
《أمينة》 بسعادة من رؤيتهما:
" لا يا حبيبي أنا هرجع مع السواق .. روحوا انتوا "
التفتت 《جنة》 ناظرة إلى《مروان》 بخبث تجلى في نبرتها حين قالت :
" كان نفسنا نقعد معاك أكتر من كدا بس لازم نسيبك ترتاح .. أرتاح بقي وريح هاه !"
هب 《مروان》 مغتاظًا
" بالسلامة انستونا و نورتونا .. اتكلوا على الله يالا .. يا بخت مين زار و خفف. "
***********
هل يمكن لقلب أعتاد القلق ألا يكن ممتنًا لمن رواه الطمأنينة بكفوف صُنِعت من حب؟
طافت عينيه العاشقة على ملامحها الهادئة التي رواها الحب فزادها بهاء فوقع في عشقها للمرة التي لا يعرف عددها فكل ما بها يجذبه كالمغناطيس فقد كان يظن بأن النظر إليها مَسرة إلى أن خطى بقلبه إلى جنتها في الليلة الماضية فقد تذوق معها النعيم و عرف الهناء الطريق إلى قلبه الذي هجره النعاس خشية أن يكن قربها حلمًا ساحرًا يتبدد بآخر حين يغلق جفونه:
" حلا …"
صدح صوته المشتاق ليحثها على الأستيقاظ فقد طغى شوقه و فاض به القلب فتململت بنعومة سلبت أنفاسه فتابع بصوتًا أجش :
" اصحي بقي .. وحشتيني !"
اخترقت جملته قلبها الذي اهتز حين طافت يديه بحُرية تلامسها فتدفقت الدماء بقوة إلى سائر جسدها قبل أن ترفرف برموشها ليأثره ذلك الشعاع الأخضر الذي يطل من عينيها فاقترب واضعًا قبلات متفرقة فوقهم قبل أن يقول بلهجه مبحوحة:
" وحشوني.."
اخجلتها كلماته وأفعاله فقالت بخفوت :
" لحقوا ؟"
«ياسين» بخشونة:
" لحقوا ! دانا شويه وهحسد النوم إلى خدك مني .."
«حلا» بإندهاش
" أنت منمتش ؟"
" لا ؟"
" ليه ؟ أنت كدا هتتعب .. اليوم طويل "
راقت له لهفتها فعانق شفتيها بخاصته قبل أن يرفع رأسه قائلًا بخفوت:
" مش مهم .. المهم إنك موجودة معايا و دا في حد ذاته راحة "
نقشت كلماته حروفها فوق جدران قلبها الذي تقاذفت دقاته فاهتزت نبرتها حين قالت:
" قد كدا بتحبني ؟"
" بحبك أكتر من أي حاجه في الدنيا .."
ارتج قلبها بعنف جراء كلماته الرائعة و التي لم ترتوي منها أبدًا فقالت بدلال:
" قولها تاني ؟ "
دلالها كان أكثر ما يمكن احتماله فتبدد إخضرار عينيه و أزداد قتامة و قال بأنفاس محمومة:
" أنا بقول كفاية كلام بقي .. في حاجات تانيه أهم .."
«حلا» بدلال :
" اللي هي ؟"
" انك وحشتيني .."
حوت كلماته شغفًا قاتل أتقن سكبه فوق تقاسيم وجهها قبل أن يجرفها تيار عشقه إلى عالم ساحر يقتصر على كليهما فقط .. عالم لم تستطيع حكايات العشق أن تسطره أو تصل إليه .. كان بارعًا في سلبها أنفاسها و اللعب على ثباتها الذي طار أدراج الرياح فأي ثبات أمام رجل مثله ! يعرف جيدًا كيف يجعلها تصل إلى قمة السعادة .. تتقلب بين يديه على جمرات الشوق و لهيب الهوى .. يعزف على أوتار قلبها بلمساته التي تارة قويه شغوفه وأخرى حانية مُراعيه . يقودها إلى الجنون الذي تعزفه آناتها العاشقة فيتجدد شوقه مرة أخرى و يتعاظم الشغف بداخله فيبثها إياه بكل ما أوتي من عشق لا ينضب أبدًا فقد عرف الطمأنينة بجانبها فهي الشخص الوحيد الذي احتوي جراحه و تخبطاته و امتص جميع أوجاعه ..
****************
أخيرًا وصلا إلى غرفتهما فقد ظن بأن ذلك اليوم لن ينتهي أبدًا فقام بإغلاق الباب مستندًا بكامل ثقله عليه وهو يقول بتعب:
" مش مصدق أني وصلت ل أوضتنا أخيرًا .."
لامست تعبه الواضح فقالت بحنو :
" معلش عدت الحمد لله .. أدخل خد شاور على ما اجهزلك حاجة سريعة تاكلها و نام لك شويه .."
تأرجحت إبتسامة ساخرة على شفتيه فأبرزت بعمق غمازتيه الرائعتين و أقترب منها بخطوات هادئه تنافي قوة ذراعيه وهي تحيط بخصرها ليقربها منه مستنشقًا أتفاسها العذبة قبل أن يقول بخشونة:
" نوم إيه بس دا إحنا يدوب هنقول كلمتين و هنزل ورايا شغل كتير .."
ناظرته بإستفهام و شاب القلق نبرتها حين قالت :
" في إيه يا سليم قلبي واجعني أوي و حاسه أن في حاجة كبيرة حاصلة و أن موضوع مروان دا وراه مصيبة كبيرة.. و مين البنت دي…"
قاطع حديثها اشتدا. حصاره عليها أكثر وهو يقول بخفوت:
" سلامة قلبك من الوجع .. متخليش دماغك الحلوة دي تفكر في حاجات وحشة .. و أن شاء الله كل اللي جاي خير .."
قرب رأسه منها ليروي ظمأه فإذا بهاتفه يرن فحبس أنفاسه الغاضبة و أسند جبينه على خلصتها و هو يتمتم:
" حتى الكلمتين مش لاحق أقولهم .."
لون الخجل ملامحها و أخفضت رأسها فزينه بقبلة قوية قبل أن يبتعد قائلًا بغضب مخاطبًا هذا المتصل الذي يعلم هويته جيدًا :
"خلاص يا سالم هتوضي و أصلي … ارحمني من العيلة دي يارب .."
توقف إثر سماعه ضحكتها و التفت مغازلًا:
" طب بزمتك حد يسيب الضحكة القمر دي و يروح للأشكال الغلط دي؟ "
اختلطت ضحكاتهم و خرج «سليم» من الحمام فتوجهت إليه قائلة بنبرة يشوبها الحرج :
" سليم …"
" لا سليم إيه أنا متوضي يا بنتي .."
اندهشت من كلماته و صاحت مستفهمة:
" طب فين المشكلة و أنا كنت عملت ايه ؟"
«سليم» مغازلًا :
" كلك على بعضك مشكله .. "
راق له خجلها فتابع يشاكسها :
" طب يعني لما تقوليلي سليم الحلوة دي مفروض اسكت مثلًا ! حد قالك اني مابحسش ولا حاجه ؟"
ارتدت قناع الجدية وهي تقول:
" والله لو ما بطلت ما هقولك عايزة إيه ؟"
" لا و على أيه .. أؤمر يا قمر "
خرجت الكلمات من بين شفتيها بتمني راق له كثيرًا:
" أنا نفسي نصلي جماعة مع بعض .."
تعابيرها الطفولية و طريقتها اللطيفة في الحديث إضافة إلى طلبها الذي أسعده بشدة كل تلك الأشياء لها وقع السحر علي قلبه الذي يود لو يختطفها من العالم أجمع..
" انجرى يا جنة روحي اتوضي .."
قهقهت علي لهجته و تقاسيمه التي لونها القهر و اتجهت إلى الحمام توضأت و خرجت لتجده ينتظرها و سرعان ما ارتدت جلباب الصلاة و توجهت لتقف خلفه و ما هي إلا ثوان حتى أقام الصلاة ركعة تلو الأخرى و سجدة تليها سجدة و دعاءها الذي لا يفارقها
" سبحان الذي رزقني هذا من غير حول لي ولا قوة يا مديم النعم أدمه لي في حياتي و أصلحني به و اصلحه بي .. و هبنا ذرية صالحة و احفظ لي ابني وأجعله قرة عين لي و له و أعنا على تربيته و أجعله ذرية صالحة لنا و اعفو عن أباه و اغفر له انك أنت العفو الغفور .."
لا تعلم لما كانت تدعو له ولكنه و بالرغم من كل سيئاته فهو السبب لكل شيء جيد حدث لها بداية من محمود طفلها الحبيب إلى «سليم» رفيق الروح و وتين القلب .
انهى «سليم» الصلاة والتفت ناظرًا إليها و قم بمد يده لها فناولته يدها لتتفاجئ به وهو يقوم بختام الصلاة على أناملها مرددًا :
" سبحان الله - الحمد لله - الله اكبر - لا إله الا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد و هو علي كل شئ قدير "
انبثقت العبرات من مقلتيها تأثرًا حين أردف بخشونة:
" عايز نكون سوى في الجنة .. عايزك مراتي دنيا و آخرة .. "
أفصحت عينيها عن عشقًا جارفًا و ترجمته شفتيها حين قالت بتأثر :
" انا مكنتش أتخيل أن عوض ربنا ليا هيكون كبير أوي كدا .. "
«سليم» بحنو:
"عايزك تعرفي حاجه مهمة أوي يا جنة .. ربنا لما بيبتلي حد يبقي بيحبه ولما بينزل البلاء بيكون على قدر طاقة الإنسان . لقوله تعالي( لا يكلف الله نفسّا إلا وسعها) .."
تعلقت عينيها بحديثه المريح للنفس فتابع بخشونة
" ولما الإنسان يصبر يقوم يشتد الكرب أوي عشان ربنا بيختبر مدي قوة ايمان الإنسان فينا و مدى تحمله مع العلم أنه الكرب دا ممكن يكون باب خير كبير بس إحنا منعرفش ربنا قال (عسى أن تكرهوا شيئًا و هو خيرًا لكم). وشوفتي هو إبتلانا بس بيطمنا في الأيه اللي بتقول ( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) تخيلي ربنا بعظامته بيقولك أنتِ في عنيه .. "
ترقرقت العبرات في مقلتيها تأثرًا فاضاف بحنو
"و في عز ما أحنا موجوعين و صابرين على الإبتلاء تقوم تنزل رحمة ربنا و تلطف بينا (إن مع العسر يسر ) اوعي تفقدي إيمانك بربنا مهما حصل .. ربنا عوضه عظيم فوق ما تتخيلي .. سلمي أمورك ليه و دايمًا قولي افوض أمري لله والله بصير بالعباد .. دا بقي راحة ما بعدها راحة "
كانت تناظره بعينين مشدوهتين بما تسمعه .. فذلك الرجل تجاوز كل تخيلاتها بمدى روعته فقد كانت كلماته تصف كل ما تعرضت له و قد كان هو عوض الله الذي وعد بها بعد طول الصبر و الألم .
لم تمنع نفسها وهي تستكين بين أحضانه واضعه رأسها فوق موضع نبضه الذي يخفق بقوة تأثرًا بقربها وقام بوضع قبلة دافئه على مقدمة رأسها حين سمعها تقول:
" الحمد لله على أنك موجود في حياتي .. أنا كنت طول عمري بصلي وبقرأ قرآن بس بعد كلامك دا حسيت إني فايتني كتير أوي.. أنا محتاجه أعيد حساباتي من تاني و أقرب من ربنا بقلبي اكتر .."
اشتد حصاره لها وهو يقول بحنو :
" اول حاجه تبتدى بيها أنك دايمًا تحمدي ربنا على كل حاجة عشان ربنا يباركلك فيها ربنا قال و لئن شكرتم لأزيدنكم "
همست بخفوت :
" الحمد لله "
تابع بلهجه دافئة:
" واوعي تألفي النعم فتشوفيها عاديه و لا تسلمي للشيطان لما يقعد يشوهلك كل النعم اللي حواليكِ .. في ناس كتير تتمني تعيش نص حياتنا دي "
التفتت تناظره بحلا عينيها التي توهجت فأضاءت وجهها الفاتن و همست بعذوبة :
" مش انت وعدتني أننا هنحفظ قرآن سوي ؟ "
«سليم» بحب :
" وعدتك و هنفذ في أقرب وقت أن شاء الله.."
عادت إلى أحضانه وهي تهمس بحب :
" ربنا ما يحرمني منك أبدًا .."
قاطع لحظاتهم الجميلة رنين الهاتف فاستغفر «سليم» في سره وانتزع نفسه منها على مضض ليجيب فجأة صوت «سالم» الصارم :
" دقيقة و ألاقيك قدامي …"
" طيب "
أغلق الهاتف و التفت قائلًا بمزاح:
" ربنا عالظالم .. قولي لفرح سليم بيقولك أنتِ مش مسيطرة خالص .. و شكلك وحش جدًا"
****************
نزلت خطوات الدرج متوجهه إلى المطبخ لمتابعة الأعمال هناك فتفاجئت 《بجنة》 التي نادتها :
" فروحة .. "
" قلب فروحة.. "
حاوطت 《جنة》 خصرها كما اعتادت أن تفعل في السابق و بادلتها 《فرح》 بإحتضان كتفيها فإذا ب«جنة» تقول بمزاح
" سليم باعتلك رسالة و محلفني أوصلهالك .."
" خير .. العاشق الولهان باعتلي إيه ؟"
《جنة》 بمرح:
" بيقولك أنتِ مش مسيطرة .. و شكلك وحش .."
انكمشت ملامح 《فرح》 بصدمة فأردفت 《جنة》 بإندفاع:
" والله سليم اللي قالي اقولك كدا .."
" و أنتِ أي حاجه سليم يقولها تيجي تقوليها كدا عادي ؟"
لم تكد تجيبها حتي سمعت صوتًا حاد من خلفهم فالتفتت الاثنتان تناظرا 《سالم》 الآتي من غرفة مكتبه فناظرته 《فرح》 بحنق لم تخفيه و على عكسها ارتعبت 《جنة》 من رؤيته وقالت بإرتباك :
" والله يا سالم بيه .. ما كنت أقصد أنا .."
«سالم» بحدة مزيفه :
" إيه ؟ سالم بيه !! غلطاتك كترت يا جنة.. أنا مش هعاقبك .. هعاقبه هو . "
" لا بالله عليك بلاش هو .. دا طيب والله . "
هكذا تحدثت 《جنة》 بإندفاع فواصل 《سالم》 مزاحه قائلًا:
" هو اللي طيب و لا أنتِ اللي هبلة .."
ابتسمت 《جنة》 و قالت متصنعه الصدمة:
" أنا هبلة ؟؟"
تدخلت 《فرح》 بمرارة:
"مش لوحدك يا حبيبتي. إحنا الأتنين أهبل من بعض .."
كانت تناظره بحنق لم تخفيه فقابل حنقها بابتسامة مستفزة فقد كانت تروقه بكل تعبيراتها و خاصةً الغاضب منها لذا استغل هروب 《جنة》 و أقترب منها قائلًا بخشونة:
" متقوليش على نفسك كدا. في حد اهبل و حلو بالشكل دا ؟"
سخرت بمرارة :
" تخيل !"
واصل استفزازه قائلًا:
" اوعي تقولي انك زعلانه من كلام سليم .."
" و أزعل ليه إذا كان بيقول الحقيقة ؟"
لم يكن لا المكان ولا الزمان يسمحان له بأن يريها كم تؤثر به ومدى سيطرتها علي قلبه لذا اقترب خطوة و تحدث بلهجته الخشنة المثيرة :
" بقي أنتِ مش مسيطرة ؟ أومال مين اللي واخد قلبي لحسابه ؟"
لا تنكر أن كلماته أثرت بها كثيرًا ولكنها لم ترد الإستسلام أمامه لذا قالت بتهكم :
" لما تبقي تعرف ابقي قولي .."
اجابها بنفاذ صبر :
" فرح !!"
" عن أذنك …"
هرولت للأعلى لا تعلم لما شعرت برغبة قوية في البكاء و لم ترد لأحد أن يراها وهي تبكي لذا قصدت غرفتها و تحديدًا غرفة الملابس التي أغلقتها بالمفتاح من الداخل وهوت على السرير لتنخرط في نوبه بكاء عنيفة …
******************
دلف الثلاثة الي المكتب فصاح «مروان» باعتراض
" بقي يا ربي تاخدوني من الدار للنار علي طول كدا ؟"
تجاهله «سالم» و ناظر «سليم» بحدة تجلت في نبرته حين قال
" من بكرة هتنزل القاهرة في شغل كتير متعطل لحد ما اخلص من موضوع الانتخابات دا."
«سليم» باختصار
"تمام . طمني عملت ايه مع الراجل المجنون دا ؟"
«سالم» بفظاظة
" هييجي هو و عيلته يعيشوا هنا في المزرعة .."
انهي كلماته ثم توجهت أنظاره الي «مروان» وهو يقول بأمر
" تشوفله شغل كويس و سكن يكون جمب شغله .."
برقت عينا كلًا من «مروان» و«سليم» الذي قال بصدمة
" سالم انت عايز تجيب الراجل اللي كان عايز يموت ابن عمك يعيش هنا هو و عيلته ؟؟"
تدخل «مروان» ساخرًا
"أيوا أصله معرفش ينشن المرة اللي فاتت صح و جابها في كتفي . نديله فرصه المرة الجايه يمكن تظبط معاه و يجبها في قلبي "
تجاهل «سالم» سخريته وقال بغموض
" الراجل دا ضحية . و اللي ظلمه لازم يتعاقب .."
«مروان» بسخط
" اللي تشوفه .. اومال طارق فين ؟"
«سالم» باختصار
" في مشوار و عالأغلب مش هيرجع في خلال يومين .."
«سليم» باستفهام
" مشوار ايه ؟"
«سالم» بنفاذ صبر
" سيبك من طارق و خلينا في المهم .."
«سليم» بسخط
" وهو ايه المهم ؟'
«سالم» باختصار
" عمتك عايزة حقها. واربع اضعاف تمن الأرض بتاعتها .."
خرجات صيحات الاستنكار من كلًا من «سليم» و «مروان» الي قال
" انا قولت الولية دي اتهطلت محدش صدقني .. يا جدعان خطبوها ولا جوزوها ولا شوفولها اي حاجه تتلهي فيها عننا . دي حالفة لا تشل العيلة كلها…"
«سليم» بتهكم
" اول مره تقول حاجه صح في حياتك .."
قاطع حديثهم طرق الخادمة علي باب الغرفة تعلن عن وقت الطعام فتحدث سالم آمرًا
" طلعي العشاء بتاعي علي اوضتي .. و انتوا يالا روحوا اتعشوا.."
انصرف الجميع فتوجه الي الأعلى بخطٍ تحمل اللهفة فقد مرت ساعتان منذ أن تركته و صعدت للأعلى و قد قرر إنهاء ذلك الخصام اللعين و مراضاتها فقد انشغل عنها كثيرًا و من المؤكد أن كل ما تمر به جراء شوقها إليه فهو مثلها يرغب في تحطيم كل تلك الأشياء التي تبعده عنها.
خطي الي داخل الغرفة فوجدها خالية فاعترته الدهشة فتوجه الي الحمام يبحث عنها فوجده خال فلونت وجهه ابتسامه لم تصل إلي عينيه وهو يعيد خطواته الي غرفة الملابس و قد تعاظم الغضب بداخله حين لمح نورها المنبعث من أسفل الباب فقام بالطرق عليه بقوة فلم يأتيه رد و ما أن هم بالطرق مجددًا حتي سمع صوت انغام آتيه من الداخل تلاها صوت فايزة أحمد و هي تشدو معاتبه
"بتسأل ليه عليا و تقول وحشاك عينيا. من امتا انتا حبيبى و دارى ب اللى بيا. ياللى بتسأل عليا ملكش دعوه بيا … ياللي بتسأل عليا .. ملكش دعوة بيا .. بتسأل ليه ليه ليه بتسأل ليه عليا ؟؟"
دهشة عارمة تملكته حين سمع كلمات الأغنية فقد شعر في تلك اللحظة بأن تلك المرأة تنوي إصابته بجلطة دماغية .
" هي حصلت يا فرح مشغلالي فايزة أحمد ؟؟"
تابع الطرق بصورة أقوى علي الباب وهو يزمجر غاضبًا
" افتحي الباب يا فرح بلاش شغل عيال .."
شهقت مغتاظه منه وتمتمت بحنق
" شغل عيال ! انا بعمل شغل عيال . و بيزعق كمان ! طب والله مانا فاتحه.. مش فاتحه يا سالم و مش عايزة اتكلم معاك "
علا صوتها حتي وصل مسامعه حين قالت جملتها الأخيرة فانكمشت ملامحه بغضب قاتم و بلحظه قام بضرب الباب بكتفه لينفتح علي مصرعيه فهبت من مخدعها بصدمه حين رأته يتوسط الغرفة ويناظرها بأعين يتطاير منها الشرر وهو يعض علي شفتيه السفليه بوعيد فحاولت تمالك نفسها و استجمعت شجاعتها قائلة بوقاحة
" اخرج بره …"
تجاوزت حدود المسموح بالنسبة إليه فبرقت عينيه بدرجة ارعبتها وبرزت عروق رقبته و تجعدت ملامحه قبل أن يزمجر بوحشية وهو يقترب منها ممسكًا برسغها يهزها بقوة
" انا ميتقاليش أخرج بره.. فاهمه ولا لا ؟ "
شهقة خافته شقت جوفها جزعًا فلأول مرة تراه غاضبًا بتلك الدرجة فتقاذفت العبرات من مقلتيها و شعرت بثورة عارمة في معدتها فوضعت يدها فوق فمها و انتزعت يدها الأخرى من بين يديه وهي تهرول إلي الحمام تفرغ ما في جوفها فتابعها بخطوات قلقة فوجدها تجثو علي ركبتيها بتعب فهوي بجانبها يحتضنها بخوف تجلي في نبرته حين قالت
" في ايه يا فرح ؟؟؟"
لم تجيبه إنما أرسلت عينيها سهام العتب الذي نال منه فشعر بتأنيب الضمير تجاهها و قام بحملها متوجهًا إلي المرحاض و فتح المياة و أخذ يبلل وجهها بلطف و التقط المنشفة و جفف وجهها بحنو ثم قام بحملها ليضعها علي السرير وهو يتوجه الي الباب ينادي بغضب
" سليم… "
أطل سليم برأسه من الاسفل فهدر سالم بأمر
" اطلبلي دكتور بسرعة …'
تنهي كلماته و اغلق الباب خلفه و التفت يناظرها فقالت بخفوت
" الموضوع مش مستاهل كل دا ممكن شويه برد و يروحوا لحالهم "
اجابها بفظاظة
" مش مهم بالنسبالك لكن مهم بالنسبالي.. "
تمتمت بخفوت
" ماهو واضع.."
" فرح انا ماسك نفسي عنك بالعافيه .. "
هكذا تحدث بحنق فأجابته بانفعال
" انت اللي ماسك نفسك صح ؟ انت اللي بتدور عليا و مش لاقيني صح ؟ "
اقترب منها قائلًا بعتب
" وهو دا بمزاجي ؟ و لا انا مبسوط وانا بعيد عنك ؟"
خرجت كلماتها متألمة حين قالت بأنهيار
" طب شاركني عرفني في ايه .. انا معرفش حاجه ومش لاقياك و حاسه اني مش طايقه نفسي ولا طايقه حد .."
رق قلبه لحالها فاقترب يحتويها داخل أحضانه قائلًا بحنو
" عندك حق .. بس صدقيني انا معنديش وقت اتنفس . "
صاحت معترضه
" ماليش دعوة عايزة وقت ليا لوحدي .. "
من ذا الذي يجد كل هذا الحب بعيون تشبه خاصتها ولا يذوب!
" كل دا عشان وحشتك ؟"
اومأت برأسها دون حديث فزين جبهتها بقبلة اعتذار لم يتجاوز حدود شفتاه فحاوطت خصره بذراعيها وقالت بخفوت
" انا حاسه انك شايل حمل كبير اوي يا سالم . شاركني ارجوك مش انا مراتك حبيبتك؟"
" أنتِ روحي يا فرح .."
اخترقت كلماته اعماق قلبها و دكت جميع حصونها فوجدت نفسها تحوي وجهه بين يديها وهي تقول بخفوت
" طب ايه بقى ؟"
امتدت يديه تجلسها بين أحضانه وقال بجفاء و نبرة تقطر حزنًا
" مروان بيتجسس علينا لحساب ناجي !"
*****************
حين يسكن اليأس في قلوبنا فأنه ينهيها ببطء يتغزي علي دماء الروح التي انشطر عنها أحد شقيها فتناثرت دماءها قهرًا لا يحكى و لا يشكي فقط يبكي !
لا يعلم الي ايه عليه الذهاب فقد تقصي عنه في كل أرجاء البلد عله يجد طرف خيط في يوصله لها ولكن دون جدوى.
حتي أنه كان يسأل الناس من حوله كما لو أنها طفلة صغيرة تاهت عن والدها. يشعر و كأن القدر يعاقبه علي ظلمه لها و تجبره عليها ولكن عقله اللعين كان جاهلًا بتلك المشاعر العميقة التي جرفته نحوها. و حين فطن الي مدى تعلقه بها اختطفها منه بمنتهى القسوة ليتركه بين براثن العذاب الذي ينهش بصدره حتى كاد أن يدميه.
أخذ يمشي و يمشي دون أن يستطيع الاستقرار علي وجهه آمنه تحتضن خوفه أو يد حانيه تربت علي جزع قلبه.
فجأة وجد نفسه بالمقابر تحديداً أمام قبر والدته التي غادرته هي و والده وهو طفل صغير لم يكد يتجاوز الثالثة من عمره . طفل صغير بائس يشعر بالشفقه عليه كل من حوله لن يدركوا مقدار احتياجه للحنان و الأحتواء. أن يمرر أحدهم يده فوق خصلاته ويخبره بأن كل شئ سيكون بخير . لم يعرف معني الدفء يومًا فقد رباه جده الذي بذلك الوقت كان مثال للقوة و الجبروت فأخذ يبثه طباعه الحادة و قسوته اللا متناهيه ظانًا منه أن هذا يجعله رجلًا ولكن حتي أعتي الرجال يحتاج ولو لمرة واحدة في هذه الحياة أن يلقي برأسه علي صدر أحد يخبره بأن كل شئ سيكون علي ما يرام …
" جوليلي اعمل ايه يا امه..؟ جلبي واچعني جوي . حاسس بروحي بتروح . و اني عاچز .. "
تدفقت العبرات من مقلتيه تحفر وديان الألم فوق خديه و قد خلع عباءة الكبرياء جانبًا و أطلق العنان لضعفه أن يظهر علي السطح فلم يعد في الروح متسع و لم يعد الجسد يتحمل أكثر من هذا فالألم فاق حدود المعقول
" نفسي اصرخ واجول أه.. بس عارف ان محدش هيسمعني . چيتلك يمكن تسمعيني أنتِ . جوليلي ياما اعمل ايه عشان ارچعها تاني ؟ "
تعالت شهقاته التي تتنافي مع هيبته و ضخامة جسده الذي سقط علي الارض لا حول له ولا قوة وتابع بنبرة منكسرة
" اني عارف اني كنت جاسي عليها جوي. بس اني اتربيت عالجسوة. معرفش غيرها. لو دا عقاب من ربنا اني راضي اتحرم منيها بس ترچع سالمه. جلبي بيحترج كل ما اتخيل أن حد ممكن يأذيها…"
خرجت منه أهه مشتعلة قبل أن يتابع بقهر
" هتچنن ياما .. عجلي هيشت مني. جلبت البلد حته حته ملهاش أي أثر . نفسي اعرف مين اللي خطفها؟ مين اللي مد يده و نزع جلبي من بين ضلوعي وخباه مني ؟؟"
تعالت أصوات بكاءه وهو ينظر للسماء قائلًا بتضرع
" أروح لمين بس يارب ؟ يارب ماليش غيرك دلني عالصح .."
مرت الساعات مؤلمه و كان عقاربها تلدغه فصار يبكي دمًا حتي هدأت ثورته قليلًا و فجأة طرأت علي باله فكرة لا يعرف كيف غابت عن عقله و شرع علي الفور بتنفيذها فقاد سيارته بجنون يتسابق مع الزمن فكل دقيقة تمر بها وهي بعيده عنه لا يعرف مكانها أو مع من تزيد من جنونه أكثر ..
أخيرًا وصل الي وجهته فصف سيارته أمام ذلك المنزل الكبير و هرول إلي الباب يدقه بعنف ففتح له الغفير ليتجاوزه الي الداخل وهو يصيح
"صفوت بيه .. يا صفوت بيه "
" في ايه يا أخينا انت ؟ البيه مش موجود "
سب 《عمار》 في سره وهو
26=متنسوش تدعوا أن ربنا ينصر اخواتنا في فلسطين و ينتقم من عدو الله و عدونا
بسم الله الرحمن الرحيم
🍓السادس و العشرون بين غياهب الأقدار ❤️🩹 🍓
قبل الآخيـــــــــــــــــــــــــــــــ26ـــــــــــــــــــر
هناك أشخاص في هذا العالم كالمصابيح يضيئون دروبنا المظلمة العثور عليهم صعب و التفريط بهم مستحيل . كذلك الذي يخبرك دائمًا بأنه سـ يغادرك ولكنه لا يجرؤ عن الإبتعاد أبدًا ..
و ذلك الذي يظهر فيك صفاتك الجميلة التي لم تلاحظها في نفسك يومًا ..
و ذلك الذي يتحمل رماديتك و مزاجك السيء بقلب رحب . وأيضًا هذا الذي يستمر بـ إخبارك بأنك الأروع في هذا العالم.
وعلى رأسهم هذا الذي يغفر جميع ذلاتك غضبك قسوتك إزعاجك و تذمرك الدائم. يوقن بأن كل تلك الأشياء عابرة بعيده عن طبيعتك و يدرك بأنه لا يوجد شخص كامل في هذه الحياة . كلما رأيت نفسك بعينيه تقع بعشقها ، بإستطاعته تبديد غيومك السوداء وإعادة الصفاء إلى سماءك من جديد لتبدو مشرقة.
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁 انتهى الطبيب من فحصه لها تحت أنظار غلفها القلق ولكنه كعادته كان صامتًا إلى أن تحدث الطبيب بعملية :
" القولون عندها متهيج جدًا "
«سالم» بخشونة :
" و دا من إيه ؟ "
" قولون عصبي من الواضح أن مدام فرح عصبية جدًا و دا غلط .. الموضوع مش خطير بس متعب .. أنا هكتبلها على شويه أدوية و ياريت كمان تحافظ من لخبطة الأكل لحد ما الدنيا تهدي معاها .. و الف سلامه عليها "
انكمشت ملامحه بغضب أرسلته عينيه إليها ثم تحدث بإقتضاب :
" شكرًا يا دكتور.."
اومأ الطبيب قبل أن يرافقه 《سالم》 للخارج فوجد الجميع بانتظاره فوجه حديثه إلى شقيقه :
" وصل الدكتور يا سليم .."
أطاعه 《سليم》 بصمت وحين غادر مع الطبيب تحدثت 《أمينة》 بلهفه :
" طمني يا سالم .."
أجابها بإقتضاب:
" تعب عادي يا حاجة متشغليش بالك .. لو سمحتي خلي حد يطلعلنا العشا هنا "
خابت آمالها و تمتمت بخفوت :
" حاضر .. "
لم يضيف شيئًا إنما توجه للداخل مغلقًا الباب خلفه فقابلته بسيل الأسئلة التي تضج بعقلها كالذباب منذ أن ألقى بقنبلته في وجهها ثم قاطعهم قدوم الطبيب الذي انتظرت أن يمر لقاءه بسرعه حتى تفهم ماذا حدث؟
" ممكن تفهمني بقي إيه القنبلة اللي رمتها في وشي دي ؟"
تجاهل سؤالها وقال بحنق :
" أنتِ هتهتمي بصحتك امتى ؟"
لم تهتم لكلماته الغاضبة إنما هبت بنفاذ صبر متوجهه إليه وقامت بإحتواء كفه بين يديها لتجذبه وسط أنظاره المندهشة وقامت بإجلاسه على السرير و جلست بجانبه وهي تقول بإلحاح:
" سالم .. اركن كل حاجة على جنب دلوقتي و جاوبني .. إن كان قاولوني متهيج فأنا عقلي هيشت من كلامك .."
زفر بتعب قبل أن يقوم بجذب هاتفه و قام بفتحه و العبث به لثوان قبل أن يضعه أمامها لتجد فيديو مسجل 《لمروان》 الذي يقهقه بمرح مع رجل لا تعرفه ثم قال بجدية :
" كدا يبقي اتفقنا… نقرا الفاتحة بقي .."
ثم قام 《مروان》 بمد يديه ليصافح الرجل الذي لم ترتح لها نفسها و بعدها أخذ منه شيئًا لم يكن واضحًا و من ثم انتهى الفيديو فنظرت إلى 《سالم》 بصدمة انبثقت على هيئة حروف تتوسل له أن يكذب ما رأته :
" ماتقوليش أن الراجل دا هو ناجي ؟"
اومأ بخيبة أمل لخصها في كلمة مختصرة :
" هو .."
و كأن الكلمة كانت سيفًا شق قلبها لنصفين فقد إنهار العالم من حولها فكيف لذلك الشخص النقي المرح الذي ينجح دائمًا في رسم البهجة على وشوشهم أن يكُن كاذبًا مخادعًا و الأصعب من ذلك خائنًا ! هل يوجد أشخاص ماهرين في الخداع لهذة الدرجة ؟
التقمت عينيها جموده الظاهري و رق قلبها كثيرًا لمظهره فهذه هي حالتها فكيف هو حاله؟
دون أي مقدمات قامت بإحتوائه تجذبه إليها ليستقر برأسه بين ذراعيها فقد شعرت بحاجته إلى ذلك و قد صح ظنها فقد وجدته يعانق خصرها بقوة فتألم قلبها لهذا الجبل الذي يحمل أكثر بكثير من طاقة البشر !
زينت جبينه بقبلة قويه بثته فيها أمانًا يحتاجه فتجمدت للحظة بمكانها حين شعرت بشيء دافئ يبلل ذراعيها التي تحتضنه و انشق قلبها لنصفين ل عبراته التي هطلت بصمت تحكي مقدار الألم الهائل الذي يحجبه عن الجميع بينما يقف أمامهم شامخًا لا يتأثر ولكن داخله يحترق بصمت ..
مر قرابة الخمس دقائق من الصمت وهي تحتضنه بكل ما أوتيت من حنان حتي وجدته يعتدل محاولًا نفض هذا الضعف الذي يعتريه فمثله لا يليق به الهوان أبدًا ثم نصب عوده و وثب قائمًا ليتوجه إلى الحمام دون حديث فتضاعف الألم بقلبها و سالت مياه عينيها بقهر فكم ترغب لو تجذبه إليها مرة ثانية و تخبره بأن تلك العبرات ليست ضعفًا بل إنها أرهاق قلبه الذي يحمل الكثير ولكنها تعلم جيدًا بأنه لن يتقبل ذلك .. يكفيها تلك الدقائق التي تعرت فيها مشاعره امامها.
ألمًا هائلًا يجتاحه للحد الذي يصعب عليه التنفس يشعر بيد قويه تقبض قلبه و تمزق روحه والأكثر من ذلك أن مثله لم يعتد علي التعبير عن حزنه مما أعطى المساحه لهذا الألم الشديد لممارسة طقوسه السوداء على جسده الذي يشعر بوهن قوي لا يتقبله كبرياءه .. لولا تلك اللحظات التي قضاها بين ذراعيها لخر مغشيًا عليه من فرط ما يشعر به.
أخذته قدماه إلى حوض الإستحمام و قام بفتح المياه التي غمرت جسده و بللت ملابسه التي لم يخلعها عنه فقد أراد إطفاء نيرانه أولًا .
مرت قرابة الربع ساعة قبل أن يخرج و يقوم بالتخلص من ثيابه و الإستحمام ثم لف منشفة حول خصره يتوجه إلى الخارج فوقعت عينيه عليها وهي تدور مثل الفراشة في الغرفة و سرعان ما توقفت علي مظهره الرائع فقد كانت قطرات المياة تتدلل علي جسده الصلب المليئ بالعضلات التي تسلب أنفاسها .. وسامته الفظة و تلك الهالة من القوة البدائية التي تحيط به لها وقع السحر على قلبها الذي تعثرت نبضاته بقوة جعلت الدماء تتدفق بعنف إلى أوردتها فقادتها قدماها إليه و تسللت ذراعيها لتحيط بعنقه وفعلت ذراعيه المثل مع خصرها و تشابكت الأعين بحديث مثير لم يقطعه صوته الخشن حين قال :
" اوعديني تفضلي هنا علي طول .."
أطلقت العنان لقلبها بالحديث فعزفت شفتيها ألحان الهوى
" ماليش مكان غير هنا.. "
" حتي لو ليكِ .. متبعديش ابدًا "
تابعت العزف على أوتار قلبه قائلة بخفوت:
" وجودك حلم مستحيل مكنش عندي الجرأة احلمه .. تفتكر لما الحلم اتحول لواقع هقدر أبعد !"
زفر بحرقة قبل ان يضيف بعتب:
" أومال ليه بتعملي كده ؟"
جهرت بألم :
" عشان مش لقياك .."
" أنتِ أكتر حد عارف مسؤولياتي…"
قاطعته بوضع إصبعها فوق شفتيه لتقول بخفوت :
" انت بعيد بقلبك يا سالم و دا اللي واجعني .. عامل حاجز بيني و بينك .. بتبعدني عن كل حاجة معرفش بقصد منك ولا لا .. بس أنا عايزة أكون اقربلك حتى من نفسك .."
غازلتها عيناه و صرح بإستفهام يؤكد علي رجاءها:
" و مين قالك انك مش كدا؟"
" عشان أنا فعلًا مش كدا .. يعني لو مكنش اللي حصل دا حصل كنت هتحكيلي على موضوع مروان ؟"
لأول مرة يتوارى خلف صمته أمام عينيها فصاحت بتذمر:
" شوفت بقي.. عرفت إيه مزعلني .. "
" عرفت…"
أجابها بإختصار فتدللت كفوفها تحوى وجهه و أرسلت عينيها سهام عاشقه مستقرها قلبه وهي تقول بخفوت :
" محدش هيحبك في الدنيا قدي .. ولو فاكر إنك بتبعدني عن المشاكل تبقي بتظلمني و بتظلم نفسك .. عشان مفيش حاجه هتهون عليك غير حضني …"
لم يعتد على وصف شعوره بالكلمات و خاصةً إن كان ما يجول بصدره عميق إلى تلك الدرجة فقد التف ضماد حروفها حول جدران قلبه المتهالكة فتخدرت اوجاعه للحد الذي جعله يتناسي كل شيء و يقترب منها ليرمم شروخ روحه من شهدها المُسكِر فأخذها معه بعالمه الخاص يقتنص منها بلسمًا ل أوجاعه فهي محقة حضنها هي الشيء الوحيد الذي قد يهون عليه ثقل ما يحمله .. و قد أكدت أفعالها على كلماتها فقد تحملت قسوته الغير مقصودة بقلب رحب و صارت تقربه منها بطريقة دفعته إلى الجنون ليتعمق بقربها أكثر فقد بدا و كأنه يسلب روحها و يلقى بكامل ثقله على كاهلها و قد كانت أكثر من مرحبه لذلك ..
افلتها دون أن تتركها ذراعيه و أخذ ينظر إلى شفاهها التي تورمت وهو يقول بصوتًا أجش :
" قسيت عليكِ أوي ؟"
" فداك روحي .. "
أضاءت ملامحه إبتسامة رائعة وهو يجيبها محذرًا:
" خلى بالك دا إغراء قوي مش هقدر أقاومه .."
مازحته قائله بثقة :
" ياريت تبطل مقاومة بقي عشان أنا اللي هنتصر في الآخر.."
اتسعت إبتسامته وهو يستكين معترفًا:
" أنتِ انتصرتي أصلًا.."
إبتسمت بحب قبل أن تتحدث بإهتمام :
" تعالي عشان تغير هدومك و تتعشي .. تقريبًا من أول جوازنا متعشناش مرة لوحدنا .. أنا حقيقي ممتنة لقولوني اللي اداني الفرصة العظيمة دي"
شقت ضحكاته طريقها من أعماق الوجع الساكن بصدره إثر مزاحها و قال يشاكسها:
" فكريني أشكره بنفسي بعد العشاء .."
" عيوني .."
تفرقت قبلاته بين عينيها قبل أن يتوجه إلى السرير ليلتقط ملابسه التي اختارتها له متوجهًا إلى غرفة الملابس ليتركها تقوم بتزيين طاولة العشاء الخاصة بهم و بعد دقائق خرج ليجدها في انتظاره فارتفع إحدي حاجبيه إعجابًا تجلى في كلماته حين قال :
" ورد و شموع و جو رومانسي .. أعملي حسابك عايز كل يوم من دا .."
لونت السعادة ملامحها حين أجابته :
" أنا عن نفسي مستعده .. بس هينفع نتعشى كل يوم لوحدنا ؟"
اقترب ملتقطًا زيتونه من الأطباق أمامه وهو يقول بإختصار:
" ينفع "
" إزاي و الحاجه مش هتزعل؟"
لون المكر عينيه وهو يقول:
"لما الحاجة تلاقي مرات ابنها كل يوم مجهزاله عشا حلو زيها كدا أكيد هتفرح .."
《فرح》 بتخابث:
" اه قول كدا بقي عايزني كل يوم أعملك أنا الأكل .. أنت داخل على طمع بقي !"
" كلك على بعضك بتاعتي و محدش بيطمع في حاجته ولا عندك إعتراض !"
إبتسمت بسعادة حين إستطاعت أن تبدد تلك النظرة الحزينة من عينيه و قالت بحب :
" لا وهعترض علي ايه هو انا وقعت مع أي حد ؟ دا سالم الوزان بجلالة قدره .."
أقترب منها قائلًا بتخابث:
" حاسس أني محتاج أقنعك أكتر من كدا ."
لون الخجل تقاسيمها وقالت بخفوت :
" نتعشى و نشوف الموضوع دا بعد كدا "
جذبها لتجلس بقربه و أخذا يتناولان العشاء سويًا وسط دلالها و مزاحها الذي راق له كثيرًا و ما انتهوا حتى توجهت انظارها إليه و قد غمرتها الجدية حين قالت :
" نتكلم شويه بقي ؟"
" هاتي اللي عندك ؟"
تحمحمت بخفوت قبل أن تبدأ في الحديث قائلة بتعقل :
" مبدأيًا .. أنا مش مصدقة أن مروان يعمل كدا .. خلينا متفقين أني أول ما شوفت الفيديو انصدمت و الصدمة شوشت تفكيري لكن بعد ما هديت جه في بالي ألف سيناريو و سيناريو للي شوفته ممكن يكون واحد فيهم صح "
اختصر حديثه مستفهمًا:
" زي ؟"
واصلت إقناعه قائلة:
" زي مثلًا يكون مروان بيضحك عليه عشان يجيب آخره ؟ أو مثلًا يكون الراجل دا هدده بحاجة . "
تحدث بجفاء :
" وليه أنا معنديش علم بحاجة زي دي ؟"
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها قبل أن تقول :
" الصراحة معنديش إجابه على سؤالك .. بس إحنا ممكن نصبر لحد ما نشوف إذا كان هيقولك ولا لا ؟ "
أجابها باختصار:
" لحد امتى ؟"
" مش محددة الوقت .. بس الحياة هتمشي زي ما هي و طبعًا لازم نكون حذرين في التعامل لحد ما نشوف اللي جاي مخبي إيه ؟"
لم يجبها إنما توجهت نظراته للبعيد ف انخرط لدقائق في التفكير قبل أن يقول باختصار :
" هنشوف .."
" أن شاء الله خير .. خليك متفائل .."
بدت لطيفة للغاية وهي تحاول بث التفاؤل بداخله فتبددت ظلمة عينيه التي حاوطتها بنظرات تغلغلت إلى داخلها قبل أن يعتقلها يديه وهو يقول بتخابث:
" تقريبًا كان في حاجة شويه حاجات كدا محتاج أقنعك بيها صح ولا أنا غلطان ؟"
اخفضت رأسها خجلًا و قالت بخفوت :
" مبتنساش حاجة أبدًا "
" كل حاجه في الدنيا دي قابلة للنسيان ألا أنتِ يا فرح .."
أخترقت كلماته جدران قلبها و خاصةً تلك النبرة المثيرة التي لها مفعول السحر على جسدها الذي غمرته نشوة العشق فهمست بخفوت :
" بحبك يا قلب فرح .."
لم تدع مجال للحديث فقد تراقص اللهب في عينيه و أيقظت كلماتها بداخله جيوش الشوق و العشق معًا فكان مزيجًا رائعًا من الشعور الذي غمرها به وهو يتخطي كل شيء جاذبًا إياها إليه فلم ينتبه لصينية العشاء التي سقطت ارضًا جراء ملحمتهم الضارية والتي أشعلت الهواء المحيط بهم فقد احترقا معًا بلهيب الصبوة الذي لم ينجو أي شيء منه و قد كان الإثنان و كأنهما في سباق من يعشق الثاني أكثر و قد كانت الغلبة له فقد بدا كمن أقسم أن يترك بكل مكان حولهم ذكرى خاصة بهم بهم فقد طبع لقائهم آثاره بكل ركن من أركان الغرفة التي شهدت على إكتمال أرواحهم التي اهتدت بعد طول عناء … و كلما خمدت الأشواق تجددت من جديد حتي هلكت الاجساد و استكانت تتوسل الراحة فشدد يديه من حولها و يحاول تنظيم أنفاسه قبل أن يقول بصوت أجش
" أنتِ اختصار لدنيتي بحالها يا فرح .. أنتِ دنيا اتمني أني أعيش و أموت فيها…"
وجودك هو الخيط الفاصل بيني وبين الهلاك .. تلك البقعة البيضاء في عالم مليء بالضباب .. النقاء وسط أنفس طمسها السواد و قلوب لوثها الجشع ..
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
*****************
صباحًا دلفت إلى الداخل بعد أن سمعت إذن «أمينة» لها بالدخول فما أن وطأت أقدامها أرض الغرفة حتى لمع وميض الدهشة في عينيها قائلة:
" إيه دا أنت هنا ؟"
تحدث سالم بخشونة:
" أنتِ شايفة ايه ؟"
تجاهلته ووجهت انظارها الي «أمينة» التي قالت بجدية زائفة :
" إيه يا ست فرح مش عارفه أقعد مع ابني شويه منك ؟"
شهقت متفاجئة :
" ماما أنتِ بتتكلمي جد ؟ أنا معرفش والله إنه هنا .."
غيرت دفة الحديث قائلة بتقريع:
" و في واحدة بردو متعرفش جوزها فين ؟ "
تراقص المكر بعينيه وهو يقول:
" في دي عندك حق يا حاجة.."
أيقظ جيوش التمرد بداخلها فـ سردت شكواها بضعف مستجد:
" و يرضيكِ يا ماما أن الواحد ميشاركش مراته في أي حاجة تخصه ! و يهمشها كأنها مش موجودة! "
كان أمرًا هو أكثر من نادم عليه وتعرف هي ذلك ولكنها أرادت رد الهجوم بهجوم مضاد فعض على شفتيه السفلية بتوعد و عينيه ترسلان سهام التهديد الصامت لتقطع «أمينة» حرب النظرات المتبادلة بينهم قائلة بنصح :
" لا في دي عندك حق .. مينفعش الراجل يخبي عن مراته حاجه .. مراتك دي جيشك اللي لو الناس كلها اتخلت عنك هي تبقي في ضهرك .."
صاحت مصدومة :
" لحظة واحدة .. أنتِ بتغيري كلامك يا ماما ! أومال فين بقي الراجل بيحب الست الضعيفة اللي متعملش رأسها براسه و كان ناقص تاخديني قلمين ؟"
إبتسمت «أمينة» بهدوء قبل أن تجيبها مازحة:
" أنا مازلت عند رأيي بس مع بعض التعديلات .. و بصراحة أنتِ كنتي غيظاني بلسانك الطويل دا .."
تمتم ساخرًا :
" والله لسانها دا مضايق ناس كتير ."
برقت عينيها إثر سخريته فتدخلت «أمينة» بجدية :
" بقولك إيه أنت وهي سيبونا من الكلام الفارغ دا أنا عايزة حفيد بقولكوا اهوة .."
تحدت بلهجته الفظة التي لامسها غرورًا يليق به :
" أنا عن نفسي عامل اللي عليا و زيادة .. قولي لها هي الكلام دا …"
امتزج الغضب و الخجل معًا فولدا مزيج مثير على ملامحها التي تخضبت بحمرة رائعة بينما تراقص اللهب في عينيها فتمنى للحظة لو كانا بمفردهما لكان قطف ثمار هذا الخجل و استبدل نيران غضبها بأخرى أشد لهبًا و لاحترق المكان من حولهم كما هي العادة .
" أنت هتقولي دا أنت سالم الوزان ابن منصور الوزان على سن ورمح . "
ود لو يطلق العنان لقهقاته إثر حديث والدته فهي لا تعلم أنه يقصد مشاكسة قطته التي تشتعل خجلًا الآن .. وثب قائمًا وهو يقول بفظاظة :
" هسيبك يا حاجة ورايا شغل كتير .. يالا يا فرح "
تدخلت «أمينة» قبل أن تسنح لها الفرصة لإجابته :
" لا سيبلي فرح عيزاها في كلمتين …"
" ماهي دانت معاكِ عند الدكتور الصبح ؟"
" مرات ابني و عيزاها يا سالم عندك مشكله ؟"
شملتهم عيناه بنظرات متفحصة قبل أن يومئ برأسه دون حديث متوجهًا للخارج أمام أنظار «أمينة» التي ما أن شاهدته يغلق الباب حتي قالت بلهفه :
" ها يا فرح عملتي اللي قولتلك عليه ؟"
«فرح» بهدوء :
" عملته يا حاجة .. بس …"
قاطعتها «أمينة» بصرامة:
" مابسش يا فرح .. لما الموضوع يخص الناس اللي بتحبيهم مينفعش نسيب حاجة للظروف …"
اومأت «فرح» بتفهم فشعورهم متبادل و مخاوفهم واحدة …
*****************
"مبترديش على تليفوناتي ليه يا شيرين ؟"
هكذا تحدث 《ناجي》 وهو يجلس أمام مقود السيارة و بجانبه 《شيرين》 التي كانت تخفض رأسها بتعب تجلى في نبرتها حين قالت :
" كنت تعبانه شوية !"
تكذب و هو أكثر من يعلم بذلك لذا تابع بحنان زائف :
" متخيلتش أن بنتي اللي بحبها أكتر من نفسي ييجي يوم عليها و تبقى بتتهرب مني ؟"
أرتفع رأسها بحدة بينما عينيها ترسلان سهام الخسة إلى خاصته وهي تقول :
" وإزاي تطلب من بنتك اللي بتحبها أكتر من نفسك أنها تعرض نفسها على واحد غريب !"
كانت ذلة كلفته الكثير فحاول جعل الأمر دراميًا حين قال :
" فاكرة البنت اللي حكتلك عليها و قولتلك أنها الوحيدة اللي حبتها ؟"
" مالها ؟"
《ناجي》 بألم حقيقي :
" تبقى سهام مرات عمك صفوت !"
انكمشت ملامحها بصدمة :
"إيه ؟"
لاح شبح ألم حقيقي في عينيه سرعان ما تجاوزه وهو يقول بنبرة خالية من الشعور:
" ابوكي الكل خذله و تحديدًا الخذلان جاله من أكتر ناس حبهم في الدنيا .. تخيلي أشوف حبيبتي في حضن أخويا بعد ما فضلته عليا لمجرد أنه هو ظابط ! و أنا الفاشل اللي في العيلة .. بالرغم من أني كنت بديرلهم كل أملاكهم .. لكن هي اختارت كل حاجه السلطة و العز و الجاة و في المقابل داست على قلبي .."
شعرت بالشفقة عليه ولكن ألمها منه كان أكبر بكثير لذا تحدثت بجفاء :
" و دا إيه علاقته بالي طلبته مني؟'
" كنت عايز اختبرك ؟ عايز اشوف إذا كنتِ فعلًا أهل لثقتي أو لا ؟"
لونت الصدمة تقاسيمها لحديثه فأردف بنبرة مخادعة :
" أنا معنديش غيرك .. أنتِ بير أسرارى .. تعرفي عني كل حاجة .. أنا مبثقش في حد غيرك .. ولا حتى أمك . "
لاح شبح السخرية علي ملامحها فقالت مبررًا:
" أمك معايا عشان عايزة تنتقم من اللي اتعمل فيها .. مش عشاني يا شيرين !"
زفرة قوية محملة بهواء ملوث بالوجع و الخيبة خرجت من جوفها قبل أن تقول بجمود :
" والمطلوب مني دلوقتي ؟"
" هتعملي اللي امك مش هتعرف تعمله."
《شيرين》 بجمود :
" ملف الصفقة ؟"
" بالظبط .. "
تحدثت يائسة :
" حاضر …"
" ضربتنا القاضية قربت.. و خلاص مبقاش فاضل كتير .."
هكذا تحدث بأعين تلمع بالشر الذي بث الذعر في قلبها فقالت بفزع :
" مش معقول تكون بتفكر تسلمه ليهم ؟"
《ناجي》 بتحفظ :
" أكيد لا في النهاية أهو كارت ممكن أحتاجه قدام .."
لم تسعفها الكلمات للحديث فقد ضاقت ذرعًا بكل ما يحدث ولم تعد تعلم من المخطئ ومن المصيب لذا قالت بجفاء :
" أنا هروح عشان اتأخرت .."
كانت رحلة العودة ثقيلة فقد أخذت تدور حول نفسها لساعات لا تعلم أين يمكنها الذهاب أو إلى من يمكنها اللجوء وفجأة طرأت صورته على بالها ذلك اليوم في المشفى.
عودة لوقت سابق
هرول الإثنان في رواق المشفي و《طارق》 يحمل 《ريتال》 بين ذراعيه فقد وقعت و جرحت قدمها وهي تعود إلى الخلف مذعورة حين رأت الأفعى التي حاولت الهجوم ولكن لاحقها 《طارق》 قبل أن تطال صغيرته . و ما أن وصلوا إلى قسم الطوارئ حتى أخذوا الفتاة إلى غرفة مغلقة مع سماع مقتطفات ما حدث من كليهما ثم دلف الطبيب إلى الداخل :
" هربيك يا مروان الكلب !"
هكذا تحدث 《طارق》 الذي كانت عروقه نافرة بشكل ملفت، و خصلاته السمراء تتدلل بخفه فوق جبهته العريضة البيضاء، بينما أضاء اللهب عينيه بنيران الغضب الذي جعله يذم شفتيه و كأنه يمنعها من إطلاق السباب، و قد كان كعادته منذ أن كان مراهق يفتح أزرار قميصه العلويه و التي أظهرت تقاسيم جسده الذي بدا و كأنه قضى السنوات الماضية في جولات تدريب قاسية لتجعله بهذا المظهر الصلب .. كان وسيمًا بطريقة خشنة تبعث الرعب و شيء آخر في النفس .
انتبهت لتحديقها به و تحمحمت بخفوت قبل أن تقول محاولة تهدئته :
" متقلقش يا طارق دي مجرد وقعه بسيطة .."
أجابها بجفاء يليق بقسوة ملامحه و خشونه مظهره:
" مكنتش هتبقي بسيطة لو مجتش في الوقت المناسب .."
لهجته القاسية أكملت صورة رجل العصابات في نظرها فقد كانت تلك المهنة تليق به كثيرًا :
" الحمد لله أنك جيت في الوقت المناسب .."
لوهلة استقرت عينيه عليها ثم تجاوزها ما أن خرج الطبيب من الغرفة قائلًا :
" حضراتكوا باباها و مامتها ؟"
جفلت من سؤال الطبيب ودت نفيه لتتفاجئ ب 《طارق》 الذي قال بفظاظة:
" أيوة .. أنا باباها وهي مامتها طمني حالتها عاملهإايه؟"
أردف «الطبيب» :
" هي حالتها الجسدية ممتازة يعني الجرح اللي في رجليها بسيط .. و هيروح على طول بس هي مخضوضة جدًا ومرعوبه بسبب الموقف اللي اتعرضتله عشان كدا عايزك أنت والمدام تتعاملوا معاها بحرص و إحتواء لخوفها دا .."
تمتم بجفاء :
" تمام .. أقدر اشوفها .."
" اتفضل.."
غادر «الطبيب» و أخذته قدماه إلى غرفة طفلته وحين التفت وجدها مازالت تقف بمكانها فجهر بملل :
" هتفضلي واقفه عندك كتير؟"
إجابته بإستياء :
" هو أنت ازاي تقول للدكتور أن أنا مراتك ؟"
أضاءت ملامحه إبتسامة ساخرة قبل أن يجيب بكسل :
" ماهو مش معقول هنقف نحكيله قصة حياتنا يعني !"
إجابته أغضبتها فتقدمت لتقف أمامه قائله بتهكم :
" أسخف إجابه لسؤالي !"
تراقص المرح في نظراته وهتف يشاكسها :
" الاسخف من كدا أنك تقفي عالواحدة .. شغلي دماغك الحلوة دي في حاجة مفيدة.."
" لسه رخم زي ما أنت!"
" و أنتِ لسه حلوة زي ما أنتِ .."
لامست كلماته اوتار قلبها فشعرت بوخزات موترة تنتشر على طول عمودها الفقري فهي لا تتذكر آخر مرة سمعت كلمات غزل ولو بسيطة من أحدهم..
قطع تفكيرها سؤاله حين قال بنفاذ صبر :
" اشيلك أدخلك الأوضة يعني ولا أعمل إيه ؟ "
لا تعلم لما اندفعت الدماء إلى خديها بقوة، فحاولت تجاهلها و توجهت تتشاجر مع خطواتها للداخل لتتخطاه بغرور قابله بنظرة متهكمه….
عودة للوقت الحالي
سالت مياة الألم من عينيها و لأول مرة تقف أمام نفسها بذلك العجز وهذا الكم الهائل من الشفقة على ذاتها التي فقدتها بدرب من دروب الحياة و تجهل السبيل إليه .
تقف بمفترق طرق كل واحد منهما يجذبها بأصفاد ساخنة تجذبها من عنقها وكلما قاومت اشتد الخناق عليها أكثر حتى ظنت أن ذلك الصراع سينهيها ذات يوم …
توقفت أمام باب المنزل و دلفت إلى الداخل فسمعت أصوات القهقهات الآتيه من غرفة الجلوس فلاحت إبتسامة ساخرة على ملامحها تحولت إلى دمعة انبثقت من طرف عينيها لعدم قدرتها أن تخطو إلى الداخل و حتمًا لم يفتقد وجودها أحدًا منهم.
أخذتها قدماها إلى الدرج ولكن سرعان ما تجمدت حين سمعت اسمها و ما ضاعف من صدمتها حين كان المنادي 《سليم》!
" شيرين .."
توقفت لوهله قبل أن تلتفت إليه ليتدلي فكها من فرط الصدمة حين قال بخشونة :
" مفيش السلام عليكم حتي ؟ دا إحنا أهل ولا إيه ؟"
توقفت أمام كلماته لا تعلم أهي سخريه أم تهكم ؟ لم يهتم لأمرها سابقًا و الآن يعاتبها هكذا بينما يديه تحتضن كتف 《جنة》 التي بدت غير متأثرة بما يحدث و كأن الماضي لم يعد موجودًا في تلك اللحظة !
لم تجد ما تقوله فتوجهت إليهم بخطوات ثقيلة وهي تقول بابتسامه باهتة:
" السلام عليكم.. "
رد الجميع السلام و تدخلت 《أمينة》 قائلة بتحفظ :
" تعالي يا شيرين اقعدي معانا .. الوقت لسه بدري معتقدش انك هتنامى دلوقتي ؟"
لا تعلم لما ارتفعت عينيها رغمًا عنها إلى《طارق》 تلاحظه ولكنها سرعان ما اختطفت أنظارها بعيدًا عنه ما أن لمحت شبح إبتسامة على شفتيه و نظرت لوالدتها التي بدت جامدة كعادتها ثم قالت بجمود :
" معلش تعبانة شوية و مصدعة… محتاجه أنام .."
تدخل 《مروان》 بمزاح :
" بقولك ايه مش هنتحايل عليكِ تعالي اترزعي هنا .. في كلام كبار هيتقال و أنا عارفك بتحبي كلام الكبار…"
رمقته بلوم وقالت باقتضاب :
" بس يا حيوان.."
تفاجئت من حديث همت التي قالت بلهجة يغلب عليها السخرية :
" تعالي يا شيرين اقعدي مع ولاد خالك شويه دي قعدتهم ترد الروح .."
تمتم بسخرية خافته:
" شوف الولية النصابة اومال لو مش قاعدة تزغرلنا كلنا .. "
نهره 《سليم》 قائلًا بتحذير
" حط لسانك في بقك احسنلك .."
تجاهل تحذيرات 《سليم》 وقال ساخرًا :
" تعالي يا شيري بس حاسبي و أنتِ داخله تتكعبلي في بوز عمتي اللي ضارب في الحيطة من وقت ما دخلت ! "
" معلش أصلك أول حاجة شوفتها لما دخلت … "
هكذا تحدثت موجهة نظرات نارية إلى 《مروان》 الذي لا يفهم سبب كل هذا الكره الجلي في عينيها ولكنه أبى التراجع عن استفزازها فقال بعنجهية:
" معلش هنعمل إيه بقى أصل مش كل الناس بتفهم وذوقها حلو .."
توقفت الأحاديث إثر دخول 《سالم》 الذي القى التحية قبل أن يشير ل《سليم 》بأن يتبعه إلى غرفة المكتب التي كانت بها 《فرح》 تقوم بمراجعة أوراق المناقصة فأندهش 《سليم》 حين رآها فأجابت على سؤاله الصامت قائلة بسخرية :
" عملت بنصيحتك وسيطرت .."
قهقه 《سليم》 بصخب و هو يتوجه إليها قائلًا :
" عملتيها أزاي دى ؟ دا أنتِ طلعتي مش سهلة .."
سخرت قائلة:
" مش سهلة إيه بس دا وافق بطلوع الروح أني أساعدك في الشغل. "
لون الامتعاض ملامحها و هي تتابع:
" أخوك دا محدش يقدر عليه .."
" غيرك .. "
هكذا جاء صوت 《سالم》 القادم تجاههم فتركت ما بيدها و توجهت إليه قائلة بمزاح :
" صدقتك أنا صح؟"
احتوى كفها تحت ذراعه بإبتسامة سرعان ما غابت وهو يناظر 《سليم》 بجدية انطبعت على نبرته حين قال :
" إيه الدنيا ؟"
" تمام أنا خلصت كل حاجة و فرح راجعت ورايا .."
اومئ برأسه قبل أن يوجه أنظاره إليها قائلًا بخشونة:
" عايز فنجان قهوة من ايدك .."
" عيوني .. بس خلي بالك كدا قهوة و عشا قلت أنت داخل على طمع مصدقتنيش ."
قالت جملتها الأخيرة بهمس فلون العبث نظراته حين قال بجانب أذنها:
"ما قولتلك كلك على بعضك تخصني .. و اثبتلك كمان ولا إثبات امبارح مكنش كافي .."
روت دماء الخجل وجنتيها فأنبتت زهرًا ود لو يقطفه في تلك اللحظة ولكن لولا وجود 《سليم》 الذي كان ينظر في الأوراق وهو يقول بعفوية:
" و أنا كمان يا فرح اعمليلي فنجان قهوة معاه.."
زمجر 《سالم》 بخشونة:
" اياكٓ تعمليله حاجه …"
ابتسمت 《فرح》 و غادرت بينما قهقه 《سليم》 على حديثه وقال ساخرًا :
" متقوليش إنك غيران والجو دا … "
《سالم》 بفظاظة :
" هو الحلاق أيده طولت على عقلك كمان ! حسك اتهطلت من وقت ما عملت العملة دي .."
《سليم》 بترقب :
" أنا حاسس إنك شايل مني يا كبير .."
《سالم》 بتقريع :
" بقي فرح مش مسيطرة ؟ بتوقع بينا !"
《سليم》 باندهاش:
" أوبا .. دي جنة طلعت فتانة وأنا معرفش ! "
قاطع حديثهم صوت رنين هاتف 《سالم》 الذي أجاب على الفور فأتاه صوت 《صفوت》 المرتعب :
" بنتي اتخطفت يا سالم …"
《سالم》 بصدمة :
" بنتك مين ؟ اقصد هو أنت لاقتها اصلًا ؟"
《صفوت》 بقهر :
" كانت قدامي شايفها بعنيا بس مكنتش أعرف أنها بنتي… و معرفتش غير لما راحت تاني يا سالم .."
كانت لهجته تقطر ألمًا وهو يتابع قص الأمر علي 《سالم》 الذي كانت ملامحه مشدودة و عينيه جاحظة يتعاظم بها الغضب حين اختتم «صفوت» حديثه قائلًا بقلة حيلة
" عرفت أن العربية دخلت القاهرة و بعد كدا معرفش راحت فين ؟ لأول مرة أحس نفسي عاجز و مكسور اوي يا سالم . "
زمجر بخشونة
" متقولش كدا يا عمي طول ما احنا موجودين في ضهرك الموضوع ميخصكش لوحدك . نجمة بنتنا و لازم أرجعها حتي و لو على رقبتي .."
كلماته أضفت شعور من الأمان والراحة علي قلب 《صفوت》 و خاصةً حين أضاف بفظاظة
" قعدتك عندك ملهاش لازمة دلوقتي . بما أنها في القاهرة . معدش في وقت نضيعه ."
《صفوت》 باستفهام
" سالم . انت في حاجه في دماغك ؟"
" لما تيجي هتعرف .. قولت لسهام حاجه ؟"
《صفوت》 بيأس
" لا طبعًا مقدرتش اقول اي حاجه .. هخاف عليها ممكن تقع متقومش المرة دي .."
" كويس . انا هعمل اتصالاتي هنا و في أقرب وقت تكون هنا انت وهي . و ان شاء الله هنلاقيها. "
أنهي 《سالم》 المكالمة تزامنًا من دخول 《مروان》 الذي قال باستفهام
" هي مين دي اللي هتلاقوها ؟ "
رمقه 《سالم》 بجمود تشابه مع لهجته حين قال
" نجمة بنت صفوت ."
وثب 《سليم》 قائلًا بتفكير
" مش دي بنته اللي ضاعت يوم الحادثة !"
《سالم》 باختصار
" هي .."
《مروان》 بسخرية
" و لسه فاكر يدور عليها دلوقتي ؟"
زفر 《سالم》 بملل قبل أن يسرد عليهم ما حدث فصاح 《مروان》 باندهاش
" يعني اتخطفت منه من تلتاشر سنه و جت اتخطفت منه تاني دلوقتي دا ايه البت المنحوسة دي !"
لم يبالي لسخريته إنما نظر إلى 《سليم》 وقال بفظاظة
" ابعتلي ملف المناقصة عالميل عشان لما ارجع اراجع عليه و اعمل حسابك انك هتروح انت وهو بكرة أن شاء الله بدالي . "
وثب 《مروان》 مستفسرًا
" ليه وانت هتبقي فين ؟
تعابيره جامدة تتنافي مع ضجيج غضبه الذي حاول كبته وهو يقول بجفاء
" رايح للهلالية عشان اسوي موضوع الانتخابات دا . مش عايزين عداوات اكتر من كدا .."
تحدث 《سليم》 مقترحاً
" انا جاي معاك . مش هسيبك تروح لوحدك ."
《سالم》 بسخرية
" ليه عيل صغير !"
" لا بس الطريق بينا و بين البلاد اللي قبلهم مقطوع و مليان قطاع طرق واحنا مش لاقيينك في الشارع .."
هكذا تحدث 《سليم》 بحنق قابله 《سالم》 ببرود وهو يلملم أشياءه و قد تجاهل منحني الرد و توجه للخارج مارًا ب《مروان》 الذي كان غارقًا في تأملاته فلم يلاحظ نظرات 《سالم》 القاتلة تجاهه…
" طول عمرك عنيد يا سالم.."
هكذا تحدث 《سليم》 بسخط فاضاف 《مروان》 ساخرًا
" بدل ما انت عمال تاكل في نفسك كدا سلط عليه اللي اقوي منه !"
" تقصد مين !"
مروان باختصار
" فرح .."
رمقه 《سليم》 شذرًا وهو يتمتم بحنق
" واحد عندي و راسه ناشفه و التاني متخلف. معندوش عقل صبرني يارب …"
《مروان》 بتهكم
" حوش مين اللي بيتكلم عن العقل . بلاش انت بقرعتك دي . عيني عليكِ يا جنة و علي بختك الأسود .."
هبت رياح غضبه فنثرها في وجهه بانفعال
" و انت مال اهلك و مال جنة يا بغل انت!"
" مش صاحبتي و اختي و يهمني مصلحتها…"
زفر 《سليم》 محاولًا كبت غضبه وهو يقول من بين أنفاسه
" لو قولت صاحبتي دي تاني هنشن انا علي قلبك و اريح الناس منك فاهم .. ؟"
《مروان》 بعتب
" كل دا عشان عايز مصلحتك . و بنبهك احسن ما البت تطفش منك ؟"
نجح في التعزيز من فضوله الذي جعله يقول مستفسرًا
" ايه اللي بتقوله دا ؟ هي شكيالك مني ولا ايه ؟
اقترب 《مروان》 قائلًا بتخابث
" بص دي أسرار أصحاب . بس انا هخدمك. شوف انت اوطي من الجزمة بس انا راجل اصيل … جنة عيد ميلادها آخر الأسبوع و دا اول عيد ميلاد ليكوا مع بعض . مش معقول تعديه ملط كدا ! لازم يكون مختلف .."
《سليم》 بتفكير
" أيوا عندك حق .. كويس انك نبهتني . طب تفتكر اعمل ايه ؟"
" فاكر الواد يوسف الحسيني «بطل رواية للعشق وجوه كثيرة» بتاع المسلسل اللي كانوا بيتفرجوا عليه الواد الحلو ابو عيون زرقا اللي انت مش شبهه خالص دا!"
《سليم》 بمراوغة
" تقريبًا .. ماله دا"
《مروان》 باندفاع
"معاه شويه مزز انما ايه لوز الجوز .."
نهره 《سليم》 قائلًا بجفاء
" انت يا بغل انت مش بتحب !!"
《مروان》 بعفوية
" اه بحبهم كلهم . الصراحة كلهم يتحبوا مش شبه القرود اللي عندنا لا …"
《سليم》 باندهاش
" تقصد أن سما قردة . "
"لا اقصد عمتك …"
رغمًا عنه ابتسم علي حديثه ولكن سرعان ما نهره قائلًا
" اخلص قول المفيد …"
《مروان》 بتذكر
" ايوا صح . فاكر لما كان عامل حفلة للبت الصاروخ اللي معاه دي ؟ "
" فاكر حاجه زي كدا "
《مروان》 بلهفه
" البت جنة كانت عينها هتطلع وهي بتتفرج عليهم . و اكيد بينها و بين نفسها قالت ايه ياربي نفسي في فارس أحلام زي الواد دا وسيم و رومانسي و غني و بيعمل مفاجئات . قوم يا قلب امها لبست فيك .."
ناظره 《سليم》 شذرًا قبل أن يقول بتحذير
" هلبس الطفاية دي في خلقتك .."
《مروان》 بلهفة
" لا و علي ايه خلينا في المهم . دلوقتي لازم تعملها مفاجأة زي دي في عيد ميلادها. وتحقق لها أمنيتها التي لم تفصح عنها. وبكدا تبقي البطل اللي هي بتتمناه اينعم أقرع و اهبل بس مش مشكلة شغال .."
عض 《سليم 》على شفتيه قبل أن يصبح غاضبًا
" امشي من وشي .."
قهقه 《مروان》 وهو يتجه الي الباب و سرعان ما توقف ليضيف بسخرية
" خدت الفكرة مني و غدرت عليا خليك فاكر بس و عد الجمايل . "
*********************
بأعين لامعة بعبرات الألم الي غلف مقلتيها أخذت تنظر إلي ألبوم صورها وهي طفلة صغيرة تتوسط أحضان والديها بسعادة غافلة عن ما تخبئه لها الأيام من تعثرات و مشقات لم تعد قادرة علي مواجهتها . فـ لحظها العاثر كانت هي الطرف السيئ في روايات المحيطين بها !
لطالما تمنت حياة طبيعية شخص تحبه و يحبها ، عائلة حنونة تحتضنها ، بيت دافئ بأطفال رائعين تكن هي والدتهم ولكنها دائمًا كانت تشاهد حلمها من بعيد يحياه غيرها. لهذا لجأت للطرف القوي أو هكذا ظنت حتي ولو كان يحوي الشر بين ذراعيه !
لأول مرة لم تستطع أن تخلع ثوب ضعفها فقد خارت قواها للحد الذي لم يجعلها قادرة علي اخراج صوتها و السماح للطارق بالدخول . و لم تهتز حين شعرت بباب الغرفة يفتح ولكنها جفلت حين سمعت صوت غريب فالتفتت لمعرفة ما الأمر فتفاجئت بجهاز غريب كـ سيارات الاطفال يدخل الي غرفتها و علي سطحه وردة حمراء بجانبها رسالة مطوية قامت بإلتقاطها بيد مرتجفة و أعين تراقص بهم الدمع وهي تقرأ الحروف المدونة بها
" مابعرفش اعتذر بس بعرف اصلح غلطي. هتديني فرصة ولا آجى أخدها انا بنفسي ؟"
رغمًا عنها لونت ابتسامة دافئة ملامحها و تابعت القراءة
" لو قررتي تديني فرصة اطلعي البلكونه هتلاقينى واقف تحت . و لو مش ناويه تديني فرصه استنيني انا هطلعلك اخدها فوق ."
قادتها قدماها الي الشرفة لتجده يقف بهالته الخاطفة واضعًا يديه بجيوب بنطاله فلم تستطيع قمع بسمتها التي أضاءت معالم وجهها خاصةً حين قال
" صافية يا لبن ؟"
حاولت رسم السخرية علي ملامحها و في نبرتها حين قالت
" حد قالك قبل كده انك ظريف ..؟"
" محدش يقدر !"
" دا ليه أن شاء الله ؟"
رفع ذراعيه في محاولة لإستعراض عضلاته وهو يقول بتهديد مبطن
" جربي و أنتِ تعرفي .."
" تصدق خوفتني !!"
" طب بما انك خايفه اعملي حسابك هاخدك أنتِ وريتال و نروح سينما. "
هبت معارضة
" لا طبعًا.."
تجاهل اعتراضها وقال بصرامة
" الساعه تمانيه تكوني جاهزة و بلاش وحياة اهلك اللبس بتاعك دا عشان ماليش خلق اتخانق .. "
انهي كلماته والتفت مغادرًا دون أن يُعير اعتراضها اي اهتمام ليتركها خلفه تتخبط بين مشاعر قوية تجتاحها و معارك دامية بين الأبيض و الأسود وما يترتب علي كلاهما .
********************
حل الليل و عم السكون في تلك المناطق الريفية و استكانت الكائنات الحية الي ملاجئهم بينما كان هو يغادر منزل الهلالية بعد أن تم الاتفاق معهم و أُزيلت تلك المشاحنات و الأجواء النارية بينهم و قد كان هذا الأمر مهمًا كثيرًا بالنسبة إليه . يكفيه أن يعلم بأنهم ليسوا أعداء ليستطيع التركيز مع عدوه الآخر..
استقل سيارته و انطلق بها يشق الطريق الترابي قاصدًا مزرعتهم وفجأة شاهد ظلًا في المرآة لشخص ملثم يجلس في الكرسي الخلفي و شئ حاد ينغرز بظهره من الخلف مع تحذيرًا شديد اللهجة من صوتًا بدا مألوف !
" ادخل أول يمين و اركن علي جنب .."
نظرة تقييمية طافت بها عينيه علي الوضع القائم فلم يجد حلاً سوي تنفيذ أوامر ذلك الغريب فما هي إلا دقائق و قد أوقف السيارة مثلما أخبره ليجد ذلك الملثم يلتف و يجلس بجانبه في المقعد الملاصق لمقعد السائق و يا لدهشته حين أسقط الغريب قناعه عمدًا فتفاجئ ب《مروان》 !!
لحظات من الصمت خيمت على جو السيارة بينما كان هناك حديث دائر بين الأعين قطعه صوت 《مروان》 المرح وهو يقول
"مبدأيًا كدا اعترف انك خوفت…"
تجاهل مزاحه وقال آمرًا
" عايز تفسير للي حصل دا ؟"
" طب مش لما تعترف الأول !!"
احتدت نبرته قائلاً بنفاذ صبر
" مش هكرر كلامي .."
زفر 《مروان》 بتعب قبل أن يقول بإذعان
" انا قابلت ناجي الأسبوع اللي فات !"
تجعدت ملامحه بفعل الغضب فجاء صوته فظًا حين قال
" مش هتنقطني . قول اللي عندك مرة واحدة.."
صمت 《مروان》 لثوان يسترجع ما حدث في ذلك اليوم
عودة لوقت سابق
" ألو مين معايا ؟"
هكذا أجاب 《مروان》 علي هاتفه فجاءه الرد علي الطرف الآخر
" انا ناجي يا مروان و اوعى تقفل السكة .. انا عايز اقابلك ضروري بخصوص سما . و الموضوع ميتأجلش . أياً كان اللي ما بينا سما ملهاش ذنب فيه ….."
كان ماهرًا في اللعب علي أوتار فضوله الذي دفعه للقول باختصار
" مكانك فين ؟"
اخبره 《ناجي》 بالعنوان فتوجه 《مروان》 علي الفور الي حيث ينتظره وما أن جلس علي المقعد حتي قال آمرًا
" قول اللي عندك بسرعه معنديش وقت اضيعه مع أمثالك …"
نجح في قمع غضبه وهو يخرج أحد الأوراق من جيبه يناولها ل《مروان》 الذي سرعان ما اهتاج كالثور و انقض عليه قائلًا بصراخ
" نهارك أسود معناها ايه الورقة دى ؟ انطق مين حاتم دا "
حاول 《ناجي》 تخليص نفسه من قبضته وهو يقول مختنقًا
" سيبني . و . اقعد .. عش .. عشان افهمك.. "
بصعوبة نجح في التحكم بغضبه و عاد إلي مقعده بينما انحصر هذا الغضب المقيت داخل عينيه التي كانت ترسل سهام التهديد بقلب 《ناجي》 الذي بدا غير متأثر حين شرع في الحديث قائلّا بسلاسة
" عشان اكون صريح معاك الورقة دي سما مضت عليها من غير ما تاخد بالها وهي بتعمل جواز السفر بتاعها . لما قررت انها تروح تقعد عند شيرين .. و حاتم دا واحد من رجالتي سما متعرفوش أصلًا "
" اه يا كلب.."
صاح 《مروان》 فقاطعه 《ناجي》 محذرًا
" لو مبطلتش كلامك دا مش هكمل و انت اللي هتخسر .. "
أجبر نفسه بصعوبه علي الصمت ليتابع 《ناجي》 حديثه المسموم
" طبعًا دي الحاجة الوحيدة الي كنت هعرف امسك بيها سما . "
《مروان》 باحتقار
" تمضيها علي ورقة جواز من واحد متعرفوش من غير ما تعرف !"
《ناجي 》مبررًا
" لما تكون حربي مع ناس زيكوا يبقي كل شئ مباح . "
《مروان 》بانفعال
" انت جايبني هنا ليه ؟"
" مش عايز اكتر من حقي .."
" اللي هو ؟"
اتكأ علي المنضدة أمامه وهو يقول بنبرة متحفزة
" ارد اعتباري قدام بناتي و ارجع لهمت وآحد ارضي من صفوت …"
انطلقت ضحكة خالية من المرح من فم 《مروان》 الذي استطرد قائلًا
" ايه القناعة دي ؟ كل دي طلبات ؟ لا و كلها اصلًا مش من حقك . يخربيت بجاحتك !! دانتا واخد ثانويه عامة في التناحه . و دكتوراه في الوقاحة . مش عايز حد يدعكلك رجليك كمان ؟"
《ناجي》 بحنق
" خلصت تريقه ؟"
" تريقة . دانا ماسك نفسي اني اسفلت وشك بالعافية.."
" لو مخرستش و سمعتني. اقسم بالله بكرة هتكون سما في بيت جوزها…."
ابتلع جمرات غضبه الحارق وقال بهسيس
" لو قلت الكلمة دي تاني مش هتلحق تكملها.."
《ناجي》 بخداع
" حلو . هو دا الزوج اللي اتمناه لبنتي .. بس ناقصك شويه حاجات كدا بسيطة .."
ارتفع حاجبه بسخرية فتابع 《ناجي》 بث سمومه
" انت متفرقش حاجه عن سالم و سليم . بس هما ابوهم عززهم و انت ابوك اضحك عليه ابوك مباعش ارضه لمنصور زي ما فهمكوا. "
انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" ازاي ؟"
اجابه 《 ناجي》 بحقد
" منصور استغل أنه محتاج و خد الأرض بأقل من ربع تمنها . و ابوك لأنه مكنش عايش هنا و مكنش فاهم وافق . و باقي الأملاك اللي منصور قال إنه باعها عشان كانوا مديونين كلها لسه موجوده.. و أبوك عرف كل دا صدفة."
" مفروض اصدقك ؟"
استفهم 《مروان 》ساخرًا فأجابه 《ناجي》 بتهكم
" طب ايه رأيك تسأله ليه مبينزلش هنا خالص ؟ ولا اقولك انا .. عشان لما عرف وواجه منصور مأنكرش و قاله انت غريب و ملكش حاجه هنا .ابوك يومها حلف يمين ما ينزل البلد تاني و لا هيسامح في حقه .ولو مش مصدقاني اسمع منه يحكيلك .."
" لو فرضنا ان كلامك صح عايز ايه بردو؟"
" عايزك تاخد حقك منهم . مع إني واثق أن سالم ألعن من أبوه وعمره ما هيديلك حاجة بمزاجه .."
《مروان》 بسخرية
" يبقي ناخدها منه غصب عنه صح ؟"
" ابتديت تفهم .. مبدأيًا كدا انا مش عايز أذي لحد . انا عايز اعيش بسلام .."
《مروان 》بسخرية
" النووي و السلام ميتفقوش أبدًا !"
تجاهل سخريته وقال بجدية
" هتساعدني و اساعدك ولا اصرف نظر عنك خالص .."
《مروان》 بتهكم
" و مين هيساعدك لو صرفت نظر عني..؟"
" كتير . انا ليا عيون عليكوا في كل مكان . عارف كل الخبايا اللي في مزرعة الوزان . تحب اقولك أمارة ؟'
تنبه 《مروان》 لحديثه فتابع 《ناجي》 بانتصار
" البت اللي اسمها لبني حازم هو اللي اغتصبها مش صاحبه .. و مش لوحده الي عمل كدا . دا معاه واحد كمان .."
تدلي فكه من فرط الصدمة التي اصطبغت بها لهجته حين قال
" انت بتقول ايه ؟"
" انت اللي هتقول معايا ولا عليا ؟"
لم يجيبه 《مروان 》انما امسك الهاتف وقام بالاتصال بوالده الذي ما أن أجاب حتي قال بجمود
" بابا احنا لينا حق فعلًا في رقبة عمي منصور ؟"
《مهران 》بصدمة
" بتقول ايه يا مروان ؟"
" اللي سمعته و ياريت تجاوبني بصراحه . عمي منصور سرق حقنا فعلا و باعلك الأرض بربع التمن ؟ و نصب عليك في الباقي ولا لا ؟"
《مهران》 بخيبة أمل
" للأسف دا حصل .."
اغمض 《مروان》 عينيه بصدمة تعاظمت حين تحدثت 《مهران》 محذرًا
" اوعي تطالب ولاد عمك بحاجة . ولاد منصور اكيد زيه وشبهه وحتي لو ادوني مال قارون مش هسامحه بردو . كفايه أنه كسر ثقتي فيه و طردني من املاكي زمان …."
انهي 《مروان》 مكالمته الهاتفية وسط نظرات 《ناجي》 اللامعة بسعادة تضاعفت حين قال 《مروان》 بغضب
" انا مش هأذي حد هاخد حقي و حق ابويا و بس .. "
" موافق .. نقرأ الفاتحة "
قهقه 《مروان》 بصخب قبل أن يقول بوقاحة
" شكلك زي الكلب اللي لقي عظمة بالظبط .."
" لو قليت ادبك تاني اعرف انك مش هتطول ضافر سما بنتي ولا حتي في احلامك .."
أومأ 《مروان》 قبل أن يضيف بجدية
" سما قبل اي حاجه .."
" موافق .."
مد 《مروان》 يده إليه وهو يقول بجدية
كدا يبقي اتفقنا… نقرا الفاتحة بقي.."
عودة للوقت الحالي
انتهي 《مروان》 من سرد ماحدث و دام الصمت بينهما لثوان وقد كانت نظرات 《سالم 》جامدة تمامًا ك لهجته حين قال
" جاي تقولي الكلام دا ليه دلوقتي ؟"
《مروان》 باندهاش
" تقصد ايه ؟"
《سالم 》بعتب يغلفه الحدة
" بعد ما حطيت ايدك في ايد عدوي و اتفقت معاه عليا جاي تقولي كدا ليه ؟"
صمت للحظات قبل أن يقول
" عشان عدوك عدوي يا ابن عمي .."
لامست جملته أعماق قلبه فزفر بقوة قبل أن يقول بجفاء
" و أشمعني استنيت كل دا عشان تقولي ؟"
《مروان》 باقتضاب
" مكنش ينفع اقولك كدا في البيت . انا مبقتش اثق في حد . عمتك معاه وشيرين كمان انا حتي شكيت في سما .. كان لازم اقولك بعيد عن البيت عشان مخاطرش أنه يعرف "
" و حقك و حق ابوك ؟"
" حق أبويا لوحده. وهو حر مع اخوه. وان كان هو و اخوه خسروا بعض عشان الفلوس انا مش هعمل كده معاكم ."
تعمقت نظرات 《سالم》 تجاهه وقال مستفهمًا
" مضعفتش يا مروان ؟ محستش أنك فعلًا صاحب حق وعايز تاخده من باب رد الاعتبار حتي ؟"
اخفض رأسه أرضًا قبل أن يجيب بنبرة هادئة
" ضعفت . بس كان للحظة. حطيتكوا في كفة و الفلوس و رد الاعتبار اللي قولت عليه ده في كفة . بس كفتكوا غلبت يا ابن عمي .."
صمت لثوان قبل أن يضيف بصدق
" كنوز الدنيا كلها متساويش جمعتنا سوي ولا وقفتنا في ضهر بعض . مش كل الرزق فلوس.. "
احتدت نظراته و ازدادت قتامة قال يباغته بلهجة آمرة
" انزل…"
تفاجئ 《مروان》 من حديثه و قد هوى قلبه حين ظن بأنه لم يصدقه فقال برجاء
" سالم .."
قاطعه بحدة
" قولت انزل .."
تهدلت أكتافه و ترجل من السيارة بألم سرعان ما تبدد حين رأي《 سالم》 الذي ترجل هو الآخر ليقف أمامه فقال 《مروان 》باندهاش
" هو في أي…."
لم يكد ينهي جملته حتي قابلته قبضة 《سالم 》القوية التي طالت أنفه قبل أن يقول بغضب
" دي عشان وسخت ايدك وحطيتها فى ايد الكلب دا.. "
لم يكد يستوعب حديثه حتي تفاجئ من لكمة أخرى لا تقل قوة عن سابقتها وصوته الخشن يقول
" ودي عشان سبت الكلب دا يهددك و مكسرتش دماغه .."
واحدة ثالثة كانت أقوى من سابقيها و لكن اختلت نبرته الفظة و شابهها ضعف كان جديد كليًا عليه حين قال
" و دي عشان حسستني اني فشلت للمرة الثانية في تربية ولادي .."
هل شاهد حقًا تلك اللمعة الخاطفة في عينيه؟ هل《 سالم》 الوزان عينيه تلمعان بالعبرات ؟ هل هذا الضعف في نبرته حقيقي ؟ دارت كل تلك الأسئلة بعقله الي أن انتهي 《سالم》من حديثه عند كلمة " ولادي " والتي تحكي مقدار حبه له و أيضًا تشير الي 《حازم 》الذي يحمل نفسه ذنب أخطاءه فاندفعت العبرات من مقلتيه وهو يتجاوز ألمه و يهرول الي ذراعي 《سالم》 المفتوحين علي مصرعهما وهو يتحدث بتأثر
" متقولش كدا انت عمرك ما كنت فاشل أبدًا. حازم غلط عشان هو وحش دا مش ذنبك . انت طول عمرك عظيم . و مثل اعلي لينا كلنا و ليا انا بالأخص .."
اشتد عناق 《سالم》 له إثر كلماته المؤثرة فتابع 《مروان 》وهو يشدد علي حروف جملته
" انت طول عمرك قدوتي و ابويا اللي بفتخر بيه . عمري ما اخونك يا سالم لو السكينة على رقبتي…"
لم يعتد تلك المواقف ولكن كانت فرحته تبلغ عنان السماء ببراءة من يعتبره ابنًا له فخرج صوته مبحوحًا متأثرًا حين قال
" الدنيا دي كلها عندي متساويش ضافر واحد منكوا . انتوا ولادي يا مروان و الضنا دا غالي اوي عمره ما يهون .."
**************
تشابه الليل و النهار معًا و اختلطت جميع ألوان الحياة بنظرها لتصبح رمادية هكذا هو حالها منذ أن فقدت طفلتها وانطفئ بريق الحياة بعينيها حتي أنها منذ ذلك اليوم وهي تنتظر أجلها المحتوم فقد كان هو السبيل الوحيد لنجاتها.
رن الهاتف الملقي بإهمال الي جانبها فلم تعير اي اهتمام فعاد ضجيج صوته مرة ثانيه وثالثه و رابعه الي أن ملت و شعرت بالسخط علي ذلك الشخص الوقح الذي لم يستسلم أبدًا و قامت بالرد قائلة باختصار
" مين ؟"
جاءها الصوت الساخر علي الطرف الثاني لتتجمد الدماء بأوردتها
" لسه نفس التكبر بردو .مغيرتوش السنين !"
ابتعلت ريقها محاولة الإبقاء علي هدوءها وقالت بمراوغة
" مين معايا ؟"
عاتبها بتهكم
" معقول نسيتي صوتي ؟ ولا مش معقول ليه إذا كنتِ نستيني بعد ما كنتِ في حضني بيوم واحد و اتجوزتي اخويا .. يبقي هتفتكري صوتي بعد كل السنين دي ؟"
أخذت دقات قلبها تدق بصخب تجلي في نبرتها المرتجفة حين قالت
" لسه كنت بقول مين الوقح اللي بيتصل و مش عايز يبطل دا . قلبي كان حاسس .."
" وحشتيني .."
" اخرس .."
قهقه بصخب قبل أن يقول بجدية
" جوزك فين ؟"
" و انت مالك ؟"
زفر بحنق قبل أن يقول بتهكم
" سمعت أنه بيفكر يتجوز اليومين دول. وبصراحه انا عاذره أنتِ مقصره معاه اوي و الراجل كان اصيل و صبر عليكِ كتير .. إلا قوليلي يا سهام . مكنتيش بتديله حقوقه عشان حزينة علي بنتك ولا مكنتيش قادرة أنه يلمسك وأنتِ بتحبي اخوه ؟"
" غرور ولاد الوزان الحاجة الوحيدة اللي خدتها منهم.. بالإضافة للاسم.."
هكذا خاطبته بتهكم فأجابها بمرارة
" اهي حاجه خدتها منهم ماهم خدوا مني كل حاجه . حتي الحاجه الوحيده اللي حبتها في حياتي خدوها مني .."
اخترقت سهام كلماته جراحًا ظنتها شُفيت منذ زمن ولكن اتضح بأنها مختبئة خلف رماد العمر الذي مضى دون أن تلحظ
" متصل عايز ايه ؟"
" بنتك لسه عايشه . و معايا .."
لم تصدق أذنيها و تدلي فكها من فرط الصدمة التي تجلت في نبرتها حين قالت
" بتقول ايه ؟"
" اللي سمعتيه.. بنتك لسه عايشه و معايا .."
فخًا نعم إنه فخ . هكذا أقنعت نفسها و رددته شفاهها حين قالت
" كذاب . ايوا انت كذاب . و بتقول كدا عشان توجعني زي ما وجعتك زمان .."
تشكلت غصة صدئة بجوفه قبل أن يقول بمرارة
" مش أنتِ اللي وجعتيني يا سهام و إلا مكنتش هسيب نجمة عايشه لحد دلوقتي .. بس احنا لسه فيها.."
صرخه خرجت من اعماق وجعها متبوعة بتوسل مؤلم
" لااا . ارجوك يا ناجي وحياة اغلي حاجه عندك . تقولي بجد بنتي لسه عايشه .."
لم يدع مكان لتلك المشاعر الغبية التي اجتاحته ما أن سمع ألمها فقال بقسوة
" قولتلك لسه عايشه .. البنت الشغالة اللي في بيت عبد الحميد عمران"
توقف عقلها عن العمل للحظات وهي تسترجع ذاكرتها نعم. هي حدثها قلبها بلهفة فقد ذكرتها بوالدتها . دق قلبها لها دون أن تعرف هويتها. ولا يمكن لقلب الأم أن يكذب
" عايزة اشوف بنتي يا ناجي .. ارجوك أتوسل اليك عايز اشوف بنتي .."
كلماته كانت كسكين نافذ نحر عنقها دون رحمة حين قال بقسوة
" لو عايزة تشوفي بنتك تطلقي من صفوت و تجيلي …"
هالها ما سمعت فقالت بصدمة
" أيه ؟ "
" اللي سمعتيه…"
بشفاه مرتعشة و قلب ينتفض جزعًا جادلته
" ليه؟"
" هاخد حقي اللي مخدتوش زمان…."
يتبع…..
اتمني الفصل يعجبكم بس حابه أنوه عن شويه حاجات
شخصية مروان انتوا فرضتوها عالروايه بحبكم الكبير ليه و عشان كدا كان لازم نخرج من قصته بعبره زي ما كل قصص الرواية في منها عبرة اتمني تكونوا استمتعتوا بيها و توضيح اخير و مهم مش هغير مسار ولا أحداث الروايه عشان حد و دا شئ مفروغ منه فبلاش السخافات اللي بقيت بشوفها في بعض الكومنتات
27=بسم الله الرحمن الرحيم
الاخيــــــــــــــــــــــــــــــــــر
تنويه هام
الفصل دا هو آخر فصل نزلته بس طبعا ضفت فيه فلاش باك بيحكي كل الأحداث اللي فاتت و دا لسببين
اولا عشان نبدأ الأنشودة من اول ظهور حازم من غير ما نرغي في اللي فات عشان عايزين أن شاء الله نخلصها قبل رمضان
و ثانيا لإني اكتشفت أن روايتي مسروقه علي كذا موقع و كذا مدونة و منهم مواقف بفلوس و الناس عادي نزلتها و استحلت تعبي و بتقبض قصاده كمان 💔
و طبعا التحديث دا هيمنعهم أنهم يسرقوا الأنشودة لأن الأحداث مش هتبقي كاملة
و حسبي الله ونعم الوكيل
اتمني أن الفلاش باك اللي ضفتها تكون شارحه الأحداث شرح وافي و أن شاء الله اول فصل من الأنشودة يوم الاربع الجاي ♥️
و يوم الجمعه بإذن الله نتقابل في المعرض انا مشاركه بروايه قمر اوي اسمها تردي في العشق قتيلًا
هتعجبكم أن شاء الله و تابعوني عشان تشوفوا الاقتباسات اللي بتنزل منها ♥️
قرأءة ممتعة و مستنيه تفاعلكم و ايه رايكم في دماغ سالم باشا و الخواطر و الشعر متنسوش تقولوا رأيكوا فيه ♥️♥️
الفصل السابع و العشرون و الأخير (بين غياهب الأقدار 🍓 جزء أول
لا بأس إن أخطأنا بإختيارنا لبعض الأشخاص، لا بأس إن ظننا أن بعض العلاقات قد تدوم للأبد. لا بأس إن قدمنا قلوبنا قربان لمن ظنناه سيُعطيها قدرها ولكنه تفنن في إزهاقها، ولكن كل البأس يكمُن في أن نظن بأن الحياة ستقف عند هذه النقطة، وأن كل البشر سيئون. فذلك الظلام الذي يحيط بنا لابد وأن يتبعه شروق شمس الأمل على قلوبنا لتُعيد إليها السكينة والطمأنينة من جديد.
نورهان العشري ✍️
رواية (تردى في العشق قتيلًا - ورقي -)
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
بعد مرور أسبوع
لم يكن الذنب ذنبي بل كان قدرًا معتدًا لم أقوى على عصيانه
واخترت بكامل أرادتي أن أموت بعينيك حامله بقلبي سرًا لا يسعني سوي كتمانه..
كم كان الأمر مؤلمًا أن أفارق و بقلبي حنين و شوق و حلم لا يقوى قلبي على تجاوزه أو حتى نسيانه..
ليتني لاقيت حتفي بين يديك ولا اهلك بقلبك الذي لم أشتهي في الحياة سوي العيش بين بُطينانه؟
تُري يا حبيبي هل ستغفر يومًا؟ وهل تُبسِط لقلبي الأمل أن يحيا بعد أن أهلكه الذنب وشانه؟
ذريعتي الخوف و ذنبي هو الضعف و جزائي لا استحقه و قلبي يتضرع و ينشد بين ذراعيك الأستكانة …
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
بخطٍ مرتجفة توجهت إلى باب الغرفة و قامت بفتحه بأنامل مرتعشة تحكي هول ما يعتمل بداخلها فوجدت الغرفة مظلمة إلا من نور بسيط ينعكس على ذلك الجسد الذي يتكئ على الأريكة المقابلة للشرفة فزفرت بتعب قبل أن تقول بنبرة مهتزة:
" ياسين .. جيت من بره امتا؟"
اخترق أذنيها صوت تنفسه الحاد والذي كان غلافًا لمحاولته في التحكم في غضبه العنيف فتقدمت منه خطوتين قائلة بنبرة أقوى :
" ياسين مش بكلمك ؟"
" كنتِ فين طول النهار ؟"
رغمًا عنها تراجعت خطوة للخلف لا تعلم بسبب رعبها منه أم قوة دقاتها الهادرة هي من جعلتها تتراجع ولكنها حاولت الثبات وتحمحم بخفوت قبل أن تقول بإرتباك:
" كنت.. كنت. مع بنات أصحابي .."
نصب عوده و وثب قائمًا يتقدم منها بأعين يلتمع بها شيء غريب لم تره من قبل بينما كانت ملامحه مشدودة بطريقة بثت الذعر بقلبها و خاصةً حين تحدث بهسيس مرعب:
" وأنتِ في كام يوم لحقتي عملتي أصحاب هنا؟"
كان الأمر مُريبًا و الهواء معبًأ برائحة الغضب الذي يتجلي بعروق رقبته البارزة و صدره الذي يعلو و يرتفع و كأنه يتشاجر مع أنفاسه ولكنها تجاهلت ذلك كله و ارتدت قناع القوة وهي تقول بغضب يغلف خوفها الكبير :
" هو أنت بتحاسبني ولا إيه يا ياسين ؟ اه عملت أصحاب و خرجت معاهم إيه المشكلة ؟"
شوهت ملامحه إبتسامة مروعة و اشتدت قبضته وهو يتمتم بسخرية مريرة:
" صح فين المشكلة ؟ أقولك أنا فين المشكلة ؟"
قال جملته الأخيرة تزامنًا مع ارتفاع كفه بالهواء ليسقط بقوة فوق وجنتيها مما جعلها ترتطم بقوة في الأرضية الصلبة فلم تكد تتغلب على صدمتها حتى تفاجئت به يعتليها برأسه و يديه تمسكان بخصلات شعرها تكاد تقتلعه من مكانه وهو يهدر بغضب جنوني:
" اه يا كلبة يا رخيصة يا كدابه… بتكذبي عليا وأنتِ عينك في عيني .. يا قذرة دانا شايفك بعيني وأنتِ في حضن واحد غريب .. يا قذرة …"
لم تبالي بصفعته الثانيه و توقف الكون بها إثر جملته فخرج الكلام من شفتيها دون وعي:
" أنت شفتنا ازاي ؟"
انشق قلبه لنصفين فكان الألم لا يحتمل و كأنه يتقيئ روحه و هو يتخيل هذا المشهد الذي روع قلبه و هي بين أحضان آخر
عودة الى وقتًا سابق
كان يقف مع أحد زملائه بالعمل في المبنى الرئيسي للكلية وإذا بعينيه تلتقمان تلك التي كانت تهرول الى خارج المبنى هائمه علي وجهها حتي أنها لم تستمع الي نداءاته فاستأذن من صديقه و خرج خلفها فتفاجئ بها تخرج من البوابة الرئيسية للجامعة فاختلط بقلبه الفضول و القلق معًا و توجه يتبعها الي أن خرج فلم يجدها أمامه فظل يتلفت حوله باحثًا عنها فإذا به يشعر بطلق ناري يجتاح صدره حين وقعت عينيه عليها في الطرف الآخر من الطريق تحتضن رجل آخر في وضح النهار و أمام العالم أجمع !
ألم هائل اجتاح صدره حتي أفقده التنفس للحظات انحبست أنفاسه المحتقنة داخل صدره الذي تعاظم به الألم حتي كاد أن ينفجر وهو يراها تُشدِد من عِناقِها لذلك الشاب الذي كان يعطيه ظهره و لم يكد يتجاوز صدمته حتي وجد الشاب يمسكها من رسغها يجرها خلفه و يستقلون سيارة أجرة منطلقين في وجهه غير معلومة بالنسبة له فجن جنونه و هرع الي سيارته و أخذ يدور بها باحثًا عنهم في البلد بأكملها بأقصى سرعة يمتلكها حتي كاد أن يدهس أكثر من ثلاث أشخاص في مرات متفرقة من فرط غضبه الممزوج بألم قاتل وهو يتخيل ماذا تفعل زوجته مع هذا الرجل ؟
جن جنونه أكثر عندما لم يجد لهما أي أثر حتي أنه حاول الاتصال بها مرات ومرات فلم تجيبه فلم يعد يحتمل ما يشعر به و توقف بسيارته أمام الشاطئ الذي هرول إليه بخطْ مبعثرة تحكي مقدار الثقل الهائل الذي يرسو بصدره فلم يعد يحتمله أكثر من ذلك فأخذ يصرخ حتي جُرِحت أحباله الصوتية و قام بسحب رابطة العنق التي يرتديها و إلقائها ثم فتح ازرار قميصه العلوية فلم يعد يصل الهواء إلي رئتيه فكادت أن تنفجر لولا شلال العبرات الذي تدفق من مقلتيه فخفف من وطأة عذابه الفاحِش فتهالك جسده وخر علي ركبتيه ينتحب بصمت و مشاهد مروعة لزوجته بأحضان رجلًا آخر تجتاح عقله الذي لم يعد يحتمل فأخذ يضرب علي رأسه بقوة حتي يوقف هذا الفيلم المرعب الذي سيقضي عليه بأشنع الطرق .. وهكذا ظل قابعًا في مكانه وقتًا طويلًا لا يعلم مدته الي أن هب من مكانه ينوي الذهاب الي البيت و داخله عزم علي شئ واحد كان هو الحل القاطع لما حدث !
عودة إلى الوقت الحالي
سرعان ما تحول الألم الهائل الذي يعصف بصدره الي غضب مرير تعدي مرحلة الجنون فخرج كل شيء عن السيطرة و صاح بصوت هز أرجاء البيت:
" دا كل اللي هامك يا رخيصة .. يا كلبة .. أنا هموتك و أغسل عارك …"
كان يصرخ بعنف ويديه تقبضان على عنقها يعتصرها بقوة جعلت من مرور الهواء إلى رئتيها أمرًا مستحيلًا وقد تضاعفت قوته بفعل الغضب لتجعل من مقاومتها له أمرًا مستحيلًا فاستسلمت لنهايتها القاتمة وكان آخر ما شاهده بعينيها هي نظرات إعتذار لم تستطيع الشفاة التعبير عنه
" يالهوي بتعمل ايه يا ياسين أتچننت ..؟"
هكذا صاحت «تهاني» التي سمعت صوت «ياسين» الغاصب فهرولت لتري ماذا يحدث و إذا بها تجده كان قاب قوسين أو أدني من أن يجهز علي زوجته !
بصعوبة استطاعت تخليص «حلا» من يديه والتي اخت تسعا بقوة وهو يناظرها بسهام مشتعلة اختلط بها الاحتقار و الألم معًا ولم يجيب علي تساؤلات والدته التي أخذت توبخه بغضب
" حوصول ايه عشان تعمل في البنته أكده ؟ دي الأمانة الي أهلها امنوك عليها يا ضكتور؟ "
كان يطحن أسنانه بغل وهو يمنع سيل العبرات من المرور عبر شفتيه لا يريد الإفصاح عن جُرمها أمام والدته يشعر بالخزي منها و من ألمه و غضبه و ثورة مشاعره التي تكاد تقتله في تلك اللحظة..
" أنا خارج ارجع الاقيكي لميتي شنطة هدومك و غورتي في ستين داهيه من هنا . مبقتيش تلزميني …"
هكذا تحدث بقسوة تطل من عينيه و تتجلي في نبرته و قد عزم علي التخلص منها و من عار قلبه الموشوم بعشقها فاوشك علي إطلاق سراحها من أسر زواجهم
" أنتِ طا…."
" اجفل خاشمك و إياك تنطوجها يا ولد …"
ارتعب الجميع من صوت «عبد الحميد» الذي دخل الي الغرفة في التوقيت المناسب ليحول دون وقوع الكارثة وسط شهقات «حلا» التي ارتفعت حتي اوشكت أن تمزق جوفها واخذ جسدها يهتز بقوة بين يدي «تهاني» التي أخذت تشدد من احتضانها بشفقة علي حال تلك المسكينة التي كادت أن تُزهق روحها قبل لحظات
" أنا حر يا جدي و هي معدتش تلزمني.. "
هكذا تحدث بنبرة حاول أن تتضمن اكبر قدر من القسوة التي كانت الستار الوحيد الذي يخفي خلفها ألمه الهائل فصاح «عبد الحميد» بحدة
" كنك چنيت ولا اي ؟ ايه الحديت الماسخ ده ؟ كنه الچواز و الطلاج لعبة ولا اي؟"
طفح الكيل و تعاظم الغضب بداخله حتي أظلمت عينيه فصاح بشراسة
" انا قولت اللي عندي . أنا بكرهها مبقتش عايزها . كلم أهلها ييجوا ياخدوها. ارجع ملاقيهاش وإلا وعزة جلالة الله لهكون دافنها هنا …"
انهي كلماته و هرول للخارج مارًا بجده الذي فطن إلي أن الأمر جلل فحفيده ليس بشاب طائش ليفعل كل هذا دون أسباب قوية لذا لم يجادله و تركه حتي يهدأ قليلًا ثم القي نظرة جامدة يشوبها الشفقة علي تلك التي كانت ترتجف بشدة بين احضان «تهاني» وقد علا صوت بكائها مما جعل «تهاني» تشاركها البكاء وهي تقول بنبرة متحشرجة
" جوليلي حوصول ايه يا بتي؟ انا عمري ما شوفته أكده أبدًا .. طمني جلبي و جوليلي في ايه ؟"
رغمًا عنها ارتقت نظراتها الي «عبد الحميد» الذي كان الفضول يقرضه لمعرفة ماذا حدث ولكن ما أن رآي نظراتها حتي تراجع إلي الخارج بصمت فما أن سمعت «حلا» صوت إغلاق الباب حتي التفتت الي «تهاني» وهي تقول بلهفه
" أنا واقعه في مصيبة يا طنط . و مش عارفه اعمل ايه ؟ "
«تهاني» بذعر
" حوصول ايه يا بتي مصيبة ايه كفانا الله الشر.. جولي سيبتي ركبي .."
أغمضت عينيها تتذكر الساعات القليلة الماضية التي قلبت حياتها رأسًا علي عقب ..
عودة لوقت سابق
جالسة بالقاعة تدون أحدي المحاضرات فوجدت رقم مجهول يتصل بها فلم تعيره انتباه في البداية و تابعت ما كانت تفعله ولكن تفاجئت من رسالة نصية تصل إلي هاتفها فالتقطته تري فحواها الذي جعل حواسها كلها تتأهب
" حلا ردي عليا ضروري عايزك في حاجه تخص اخواتك .."
داهمتها حوافر القلق واحتارت ماذا تفعل ؟ و ما أن رن الهاتف مرة أخرى حتي انصاعت لفضولها القاتل و أجابت ولكن دون ان تتفوه بحرف و فجأة شعرت بالدنيا تدور بها حين سمعت صوتًا تحفظه عن ظهر قلب
" حلا . "
نفي عقلها تلك الحقيقة المستحيلة بينما أكدها قلبها الذي لم يخطئ في معرفة أحبابه
" ردي عليا يا حلا .. انا عارف انك مصدومة بس دي حقيقة انا لسه عايش مموتش .."
تخبطت سحب عينيها بقوة فأمطرت بينما كل خلية بجسدها ترتجف فوصله صوت بكائها فصاح بنبرة مختنقة
" بالله عليكِ تردي عليا .. اقولك لو مش مصدقاني انا قدام الجامعة عندك اخرجي من البوابة هتلاقيني واقف الناحية التانيه . تعالي و أنتِ هتتأكدي بنفسك .."
قادتها قدماها الي حيث وصفه وهي في حالة من اللا وعي و كأنها منومه مغناطيسيًا فلم تسمع نداءات «ياسين» لها فقد كان قلبها يقودها إلي الخارج بلهفة جعلت دقاته تتخطي المليون دقة في الثانية الواحدة ..
توقف بها الزمن للحظة وهي تري ذلك الظل الذي لم تخطئ عينيها في معرفة صاحبه ..
كان الامر دربًا من الجنون فلم تتمالك نفسها و هرولت غير عابئة لا بالسيارات التي كادت أن تدهسها ولا بصراخ الناس فقط تريد أن تتلمس ملامحه تستنشق رائحته ..
هل خابر أحدكم هذا الشعور ؟
شعورًا لا يضاهيه أي شعور في العالم.. أن يعود ذلك الغائب الذي هلك الفؤاد حزنًا علي رحيله ؟
أن تري فقيدك الذي جفت ينابيع الدمع ألمًا علي فراقه و اهترأت الروح لوعةً له و اشتياق ؟
(ياليت الغائبون يعودون يومًا 💔 رحم الله فقدائي و فقدائكم و جعلهم في الفردوس الأعلي )
عناق طويل وقوي كاد أن يحطم صدورهم و بكاء حار جعل المارة يتلفتون إليهم ولكنهم لا يأبهوا لذلك فقد طال الشوق و تعاظم بالصدور حتي أضناها ولكن همسات الناس من حولهم جعلته يتراجع عنها وهو يقول بتوجس
" تعالي معايا نمشي من هنا عايز اتكلم معاكِ .."
لم تفطن الي ما حدث فإذا به يأخذها ليستقلوا سيارة أجرة انطلقت بهم الي وجهة لا تعلمها فالتفتت تناظره بعد أن استعادت بعضًا من هدوءها و تيقظ عقلها لحقيقة عودته فقالت بصوت مبحوح من فرط البكاء
" انت ازاي مموتش يا حازم ؟ و كنت فين كل دا ؟ و ايه اللي حصل ؟"
سقط في بئر الهاوية الذي صنعته يداه فلم يعد يعلم من اي خطيئة سيبدأ لذا قال باستهلال
" الموضوع كبير و يطول شرحه يا حلا .. المهم عايزك تعرفي اني مظلوم و كنت ضحية لناس عايزين يأذوا اخواتك .."
جن عقلها من حديثه فصاحت بغضب
" انت كدا بتفهمني ولا بتقلقني و تلخبطني اكتر .."
صرخ بتأفف
" حلا اسمعيني مش وقت استجوابك . قولتلك هحكيلك علي كل حاجه .. "
قاطعته بحزم
" احكي سمعاك .. "
مسح صفحة وجهه بيدين ترتجف من فرط التوتر ثم هدر بيأس
" أنا كنت مسافر بره .."
"و بعدين .."
نكث رأسه في خزي وهو يقص عليها مقتطفات من جرائمه
" كان في بنت . وانا مكنتش في وعيي و بعدين فوقت لقيتها غرقانه في دمها. انا مكنتش حاسس بحاجه اقسم بالله.. معرفش ازاي عملت كدا . "
«حلا» بذهول
" بنت! انت تقصد جنة ؟ ولا دي بنت تانيه غيرها ؟"
ضيق عينيه حين سمع اسمها ثم قال بحشرجة
" لا . دي واحدة تانيه .. صدقيني أنا ماكنش قدامي حل غير اني اهرب .. انا .. انا "
برقت عينيها من حول ما استشفته من حديثه فقد اخذت ترتب قطع الأحجية حتي وصلت إلي حقيقة مروعة فخرجت كلماتها مذبوحة الأحرف حين قالت
" انت ايه يا حازم ؟ "
صاح مدافعًا عن جُـرمه العظيم
" أنا هربت عشان كنت خايف عليكوا من الفضايح ..أنتِ و اخواتك و ماما .. ماما كانت اكيد هتموت فيها لو عرفت حاجه زي دي.. خوفت عليكوا …"
تناثر القهر من عينيها علي هيئة عبرات أحرقت صفحة وجهها بسخونتها كما أحرقت كلماتها المشتعلة جوفها حين صاحت به
" خوفت علينا . بقي كل العذاب اللي عشناه و المرار الي دوقناه و احنا بندفنك بإيدينا و تقولي خفت علينا.. و ماما اليي كانت بتموت مننا و دخلت المستشفي كام مرة تقولي كنت خايف عليها ! دا انت لو قاصد تموتها مكنتش هنعمل كدا .. انت ايه شيطان .. ؟"
قالت جملتها الأخيرة صارخه حتي احترق قلبها فاحرقته حين صاحت وهي تضربه علي صدره بقبضتيها وهي تصيح بقهر
" ياريتك ما رجعت ..ياريتك كنت فضلت ميت .. ياريتك فضلت ميت .. ياريتك ما رجعت.. علي الاقل كنت هفضل احبك و حزينه عليك العمر كله .. "
حاول تهدئتها قدر الإمكان فصوت بكائها كان ينخر في عظام رأسه و لم يعد يحتمل لذا قال بيأس
" الله يخليكِ تسمعيني . أنا مقداميش حد غيرك يساعدني .. انا هضيع يا حلا . ابوس ايدك سامحيني .."
ناظرته بعينين يقطر منها الذهول و الاستفهام الذي انبثق من شفتيها علي هيئة حروف مبعثرة
" اساعدك ؟ انت عايز ايه ؟"
صاح بلهفه
" عايزك توصليني بسالم و سليم بعد ما تحاولي تحنني قلبهم عليا شويه . والله مكنش ذنبي دا ناجي الكلب هو اللي دبر لي كل دا .. "
" ايه ؟ ناجي ابو سما ؟ "
هكذا استفهمت بصدمة لونت معالمها فأجابها بتأكيد
" ايوا هو …"
قاطع استرساله في الحديث رنين هاتفه فما أن رأي المتصل حتي أطلق سُبة نابيه من بين شفتيه قبل أن يجيب بتأفف و يبدو أن ما سمعه علي الطرف الآخر أثار جنونه لذا هدر بقوة
" المرة دي اقسم بالله هقتلك يا ناجي .. استناني و اياك تعمل اي حاجه انا جايلك .."
اغلق «حازم» الهاتف فصاحت بذعر
" في ايه يا حازم ؟ عايز منك ايه الراجل دا ؟'
«حازم» بلهفه
" أنا هروحك دلوقتي واوعدك هكلمك و هجيلك تاني نكمل كلامنا. لكن أنا لازم امشي دلوقتي عشان الحق ابن الكلب داقبل ما يضيعنا كلنا .."
صاحت بعويل
" ابوس ايدك عرفني في ايه انا هموت من الرعب .."
«حازم» بطمأنه
" متخافيش . اوعدك كل حاجه هتتحل .. بس أنتِ اوعي تقولي لحد انك قابلتيني و خصوصًا جوزك دا ممكن يقتلني .."
" يا نهار اسود .. طب و الحل .."
اخذت تلطم خديها بذعر فصاح بها معنفًا
" بطلي لطم بقي و اسمعي اللي قولتلك عليه . و أنا هكلمك في اقرب فرصة .."
عودة الي الوقت الحالي
أنهت «حلا» سرد ما حدث وهي تقول بقهر
" ياسين شافني وأنا حضناه و افتكرني بخونه…"
" يا مُري .. بتجولي ايه . بجي حازم لساته عايش ؟ دي مصيبة و حلت فوج روسنا .. "
هكذا صاحت «تهاني» بعد أن قصت عليها «حلا» ما حدث و أخذت تولول فاوقفتها «حلا» قائلة من بين انهيارها
" ابوس ايدك متعمليش كدا .انا قولت أنتِ الوحيدة اللي هتساعديني .."
«تهاني» باستنكار
" اساعدك ! اساعدك في ايه ؟ ده مرار و هيحوط علينا كلاتنا. و اول اللي هيطوله المرار الطافح ده البنية الغلبانه اللي بجت متچوزة اتنين دلوق.. ولا اخوكي إلى عيعشجها هيعمل ايه ؟ ولا ولدي . اه علي ولدي اللي مش هيمرجها واصل .. يامري ياني .. يا مري ياني "
صاحت «حلا» في محاولة منها لتهدئها
" مانا بحمد ربنا أن ياسين شافه من ضهره . و إلا كان ممكن يرتكب جريمة قتل .."
«تهاني» بسخرية
" ماهو كان هيرتكب ياختي . ماني شايله يده من فوج رجبتك و أنتِ بتطلعي في الروح .."
اخفضت رأسها بألك وهي تتذكر نظراته الكارهه و المحتقرة لها و قالت بألم
" ياريتها تيجي علي قد موتي و كان كل شئ يتحل .. "
«تهاني» بغضب مقيت
" و ابني يبجي جتال جتلة عشان خاطرك أنتِ و اخوكي؟"
التف طوق الذنب حول عنقها حتي كاد أن يخنقها فقالت بقهر
" متقلقيش انا هخرج من حياته و همشي قبل ما يرجع زي ما هو قال .."
صرخت بها «تهاني» و قالت بصرامة
" اجفلي خشمك و بطلي تخربطي بالكلام . أنتِ مهتخرجيش من هنا واصل .. سامعه يا بت الوزان .. "
«حلا» بذهول
" أنتِ بتقولي ايه ؟ دا حلف لو رجع و لقاني هيموتني.."
«تهاني» بصرامة
" مش هيجدر يعمل أكده . لكن لو عرف أن المحروس اخوكي لساته عايش هيبجي بحر دم مالوش آخر . جعادك هنا الحل الوحيد اللي هيمنعه أنه يعمل اي حاچة.. "
فطنت الي ما تقصده «تهاني» و اخفضت رأسها بألم فما حدث لا يصدقه عقل و كذلك القادم سيكون سئ علي الجميع و من بينهم هي و تلك المسكينة «جنة» …
★★★★★★★★
الإيمان قوة لا تقهر . لا يضام من آمن قلبه بأن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملًا . و الصبر على الابتلاءات هو أشد أنواع الإيمان . و إختبار ل معادن القلوب التي إما أن تضِل و تسير هائمه في دروب العبث و اللهو أو تنشد أصعب الحلول و أشقها وهو الصبر.
كان طريق الوصول سهلًا للحد الذي يبعث الريبة في النفوس بأن القادم لن يكُن هينًا.
اندفعت سيارات الدفع الرباعي عبر البوابة التي كانت مفتوحة على مصراعيها و كأنها في انتظارهم !
عادت به الذاك
لم يكُن هناك الكثير من الحرس وكأن من بالداخل يعلم مقدمًا بأنهم لم يأتوا لسفك الدماء أو ما بحوزته يغنيه عن استعمال السلاح !
" اول ما اديك الإشارة تخلي القوات تهجم . في حساب لازم اصفيه معاه الأول .."
هكذا تحدث 《سالم 》إلى《صفوت》 الذي تفاجئ به يترجل من سيارته في آخر صفوف السيارات وهو يزمجر بغضب :
" قصدك نصفيه يا ابن اخويا .. عمك مش عيل .. هيسيبك تدخل تنقذ بنته و مراته وهو واقف بره مستنيك .."
زفر 《سالم》 حانقًا :
" هتقدر تتحكم في اعصابك ؟"
《صفوت》 بقسوة:
" هو ونصيبه .."
كانت تلك آخر كلمة تفوه بها و هو يقف أمام 《سالم》 و 《طارق》 الذي هدر بعنف :
" لازم نهايته تبقي عبرة يا سالم .. اللي عمله الكلب دا مش قليل ! "
يعلم جيدًا مقدار ما يجيش بصدورهم من غضب لذا صاح مُحذرًا :
" مش عايز دم .. ولا اسم ناجي الوزان يتذكر اللي جوا دا دانيال روبرت .. ومش هسمح بأي خساير! مفهوم ؟"
ردد الجميع ما عداه فشدد على كلماته بنبرة أعنف:
" صفوت ؟"
قست عينيه و شابهتها لهجته حين قال :
" قول يارب .."
تقدم 《سالم》 بعينين سوداء يغلفهما الغضب و بدا و كأنه يتشاجر مع خطواته فقام بركل الباب الداخلي لهذا المبني المقيت و كلًا يحمل سلاحه و خلفهم مجموعة كبيرة من الرجال المُدججين بالسلاح فوجدوا القاعة خالية تمامًا بها درج كبير يصل للاعلي و على الجانب الأيسر يوجد ثلاثة أبواب مغلقة وعلى الجانب الأيمن ثلاثة أبواب أخرى و ساعة حائط كبيرة و التي كانت تدق بشكل مُثير للأعصاب فمشط 《سالم》 المكان بعينيه بصمت دام لدقائق فلم يتمالك 《طارق》 نفسه وقام بالتصويب على تلك الساعة اللعينة و فجأة سمعوا أصوات الأبواب و النوافذ المُحيطة بهم تُغلق و غمر الظلام المكان من حولهم . فقام الثلاث رجال بشد أجزاء أسلحتهم تحسبًا لأي شيء فتفاجئوا بدائرة ضوء تنحدر من أعلى الدرج أمامهم و بداخلها أكثر الأشخاص بغضًا لثلاثتهم!
" يا أهلًا بالحبايب .. متجمعين عند النبي (عليه أفضل الصلاه واذكى السلام) ان شاء الله "
انكمشت ملامحه غضبًا لدى سماعه صوت 《ناجي》 الذي بدا مُستمتعًا فأراد تعكير صفو شره حين قال :
" إحنا دايمًا متجمعين .. و دى أكتر حاجة تعباك ."
صوت 《سالم》 الفظ و ثباته الذي لطالما تمتع به إضافة إلى حديثه المقيت بالنسبة إليه جعلوه يقول محاولًا استفزازه :
" دا اللي أنت بتحاول تقنع نفسك بيه ! إنك الكبير اللي محاوط حبايبك و لاممهم حواليك بس الحقيقة غير كده .."
زفر بحنق أتبعه قوله الفظ وهو يشير للظلام حولهم:
" بقولك ايه بلاش شغل الافلام دا وأقف زي الرجالة نتكلم . عشان مجهزلك شويه مفاجئات انا واثق أنها هتعجبك "
《ناجى》 بإستمتاع :
" وماله .. انت تؤمر ! أصل أنا كمان مجهزلك مفاجأة ايه جبارة بس الأول خد البت مرات اخوك دي اللي صدعتني هي و ابنها عياط من امبارح "
قال جملته الأخيرة بتأفف وهو ينظر خلفه إلى《جنة 》التي كانت تحتضن 《محمود》 بين ذراعيها تهرول إلى 《سالم 》الذي احتضن كتفيها بيديه وهو يقول بإهتمام:
" أنتِ كويسة ؟"
اومأت برأسها وهي تقول بهمس
" كويسه.."
" عملك حاجه ؟"
صاح 《ناجي》 بملل :
" يا عم والله ما عملتلها حاجه .. دا أنا اللي أنقذت الواد الزنان دا . و بعدين انا كل اللي كنت عايزة أنها تحضر جمعتنا الحلوة دي .."
سالم بهسيس مرعب:
" حسابك تقل اوي ! "
《ناجي》 بنفاذ صبر :
" بقولك ايه يالا نبدا العرض "
فرقع 《ناجي》 بإصبعه فعم النور المكان ليتفاجأ الجميع بانفتاح أول باب ليظهر منه《 مروان》 الذي كان يقف بجمود مُشبِكًا يديه خلف ظهره فناظره كُلًا من 《صفوت 》و 《طارق》 بصدمة ترجمها الأخير دون وعي
" مروان !"
قهقه 《ناجي》 قبل أن يقول بغضب مفتعل:
" أخس عليك يا مروان .. مش كنت تخليني أمهد لهم الأول ؟؟ كدا تطلع في وشهم فجأة! "
《سالم》 بجفاء :
" مروان الخاين ؟ هي دي المفاجئة بتاعتك !"
ابتسم 《ناجي》 بتفاخر :
" لا دا أول كارت في اللعبة .. مروان باشا جوز بنتي الغاليه اللي باعك و باع عيلته عشان ست الحسن و الجمال ! و الشهادة لله نفذ المطلوب منه بالحرف الواحد . أنا كنت شاكك فيه لحد آخر لحظة بس كسب ثقتي لما عمل الكبيرة و مضي الباشا على ورق التنازل عن الأرض مهر سمسمه بنتي.. الحريم بردو ليهم تأثير جبار .. ها ايه رأيك يا كبير ؟"
أطلق تنهيدة قوية قبل أن يقول بفظاظة :
" هات كل اللي عندك؟"
《ناجي》 بتهديد :
" لا جامد .. سالم الوزان جامد بردو مش حتة عيل زي مروان دا يهزه.. بس أنا بردو واجب عليا أحذرك مش هتقدر على اللي عندي !"
" بطل لك النسوان دا و هات اللي عندك عشان أنا خلقي ضيق !"
هكذا أجابه 《سالم》 بملل فابتسم بتخابث قبل أن ينفتح الباب الثاني و تخرج منه 《هِمت》 التي كانت ملامحها جامدة و عينيها زائغة و لم تتفوه بحرف واحد فصاح《 ناجي》 بتهليل :
" همت هانم الوزان .. ملكة عيلة الوزان .. المدللة الأولى لأبوها و أخوها و البلد كلها .. مراتي ! اللي فاقت وعرفت قيمة جوزها .. و قد ايه اتظلم زمان .. و قررت انها أخيرًا تقف معاه.. و الشهادة لله شغلها كان على نضيف أوي و عرفت تخليك تبيع هدومك صح ! "
شيعها 《صفوت》 بنظرات الخسة قبل أن يقول بإحتقار:
" يا خسارة . الغالي رخص أوي !"
صاح 《ناجي 》معنفًا:
" عندك يا باشا .. انت اخويا الكبير اه بس إلا مراتي .. مش مراتك بس اللي خط أحمر ! مع أن ناجي الوزان نسوان الدنيا كلهم متقفش قصاده ! "
انكمشت ملامح 《صفوت》 بحيرة من حديث 《ناجي《 الذي لون الخبث عينيه التي توجهت إلى الباب الثالث فخرجت منه 《سهام 》تحتضن 《نجمة》 ابنتها بملامح واجمة و عينين شوهتها خطوط حمراء خلفها كثرة البكاء فجمدت ملامح 《صفوت》 بثوان قبل أن تخترق آذانه كلمات《 ناجى》 المسمومة:
" سهام هانم النجار .. حرم سيادة اللواء .. دي العشق بقي . أول حب في حياتي و أول حضن أول بوسة ، أول دقة قلب .. "
صمت لبرهة قبل أن يتابع بمرارة:
" و أول سكينة اتغرزت في قلبي .. بس الحمد ربنا هداها و صلحت غلطها و رجعتلي تاني ! بعد ما أطلقت منك .."
عودة الي وقتًا سابق
مين ؟"
جاءها الصوت الساخر علي الطرف الثاني لتتجمد الدماء بأوردتها
" لسه نفس التكبر بردو .مغيرتوش السنين !"
ابتعلت ريقها محاولة الإبقاء علي هدوءها وقالت بمراوغة
" مين معايا ؟"
عاتبها بتهكم
" معقول نسيتي صوتي ؟ ولا مش معقول ليه إذا كنتِ نستيني بعد ما كنتِ في حضني بيوم واحد و اتجوزتي اخويا .. يبقي هتفتكري صوتي بعد كل السنين دي ؟"
أخذت دقات قلبها تدق بصخب تجلي في نبرتها المرتجفة حين قالت
" لسه كنت بقول مين الوقح اللي بيتصل و مش عايز يبطل دا . قلبي كان حاسس .."
" وحشتيني .."
" اخرس .."
قهقه بصخب قبل أن يقول بجدية
" جوزك فين ؟"
" و انت مالك ؟"
زفر بحنق قبل أن يقول بتهكم
" سمعت أنه بيفكر يتجوز اليومين دول. وبصراحه انا عاذره أنتِ مقصره معاه اوي و الراجل كان اصيل و صبر عليكِ كتير .. إلا قوليلي يا سهام . مكنتيش بتديله حقوقه عشان حزينة علي بنتك ولا مكنتيش قادرة أنه يلمسك وأنتِ بتحبي اخوه ؟"
" غرور ولاد الوزان الحاجة الوحيدة اللي خدتها منهم.. بالإضافة للاسم.."
هكذا خاطبته بتهكم فأجابها بمرارة
" اهي حاجه خدتها منهم ماهم خدوا مني كل حاجه . حتي الحاجه الوحيده اللي حبتها في حياتي خدوها مني .."
اخترقت سهام كلماته جراحًا ظنتها شُفيت منذ زمن ولكن اتضح بأنها مختبئة خلف رماد العمر الذي مضى دون أن تلحظ
" متصل عايز ايه ؟"
" بنتك لسه عايشه . و معايا .."
لم تصدق أذنيها و تدلي فكها من فرط الصدمة التي تجلت في نبرتها حين قالت
" بتقول ايه ؟"
" اللي سمعتيه.. بنتك لسه عايشه و معايا .."
فخًا نعم إنه فخ . هكذا أقنعت نفسها و رددته شفاهها حين قالت
" كذاب . ايوا انت كذاب . و بتقول كدا عشان توجعني زي ما وجعتك زمان .."
تشكلت غصة صدئة بجوفه قبل أن يقول بمرارة
" مش أنتِ اللي وجعتيني يا سهام و إلا مكنتش هسيب نجمة عايشه لحد دلوقتي .. بس احنا لسه فيها.."
صرخه خرجت من اعماق وجعها متبوعة بتوسل مؤلم
" لااا . ارجوك يا ناجي وحياة اغلي حاجه عندك . تقولي بجد بنتي لسه عايشه .."
لم يدع مكان لتلك المشاعر الغبية التي اجتاحته ما أن سمع ألمها فقال بقسوة
" قولتلك لسه عايشه .. البنت الشغالة اللي في بيت عبد الحميد عمران"
توقف عقلها عن العمل للحظات وهي تسترجع ذاكرتها نعم. هي حدثها قلبها بلهفة فقد ذكرتها بوالدتها . دق قلبها لها دون أن تعرف هويتها. ولا يمكن لقلب الأم أن يكذب
" عايزة اشوف بنتي يا ناجي .. ارجوك أتوسل اليك عايز اشوف بنتي .."
كلماته كانت كسكين نافذ نحر عنقها دون رحمة حين قال بقسوة
" لو عايزة تشوفي بنتك تطلقي من صفوت و تجيلي …"
هالها ما سمعت فقالت بصدمة
" أيه ؟ "
" اللي سمعتيه…"
بشفاه مرتعشة و قلب ينتفض جزعًا جادلته
" ليه؟"
" هاخد حقي اللي مخدتوش زمان…."
«سهام» بذعر نشب مخالبه في قلبها الملتاع
" انت بتقول ايه يا ناجي ؟"
صرخ بصوت قاسٍ
" اللي سمعتيه .. دي آخر فرصة ليكِ عشان تشوفي بنتك و إلا هدبحها قدام عينك و عينه . "
" لا لا لا لا .. هعمل كل اللي انت عايزه .. "
هكذا صرخت بقهر فأرضاه جوابها كثيرًا فتحدث بحزم
" هكلمك بكرة في نفس الميعاد تقوليلي انك اتطلقتي و أنا هقولك تعملي ايه ؟"
لم يعطيها الفرصة لتجيبه فقد اغلق الهاتف فأخذت عبراتها تسقي الأرض أسفلها فهذا الحقير هو من تسبب في معاناتها طوال السنوات الماضية ؟ وهي التي كان الذنب يأكلها كونها لم تستطيع أن تدافع عن عشقهم في الماضي و أجبرت علي الزواج من أخيه و اتضح أنها نجت بالابتعاد عنه.
فأي وحشًا هذا الذي قد أحبته و سلمت له قلبها بيوم من الأيام ؟
" دا مش وقته يا سهام .. بنتك اهم من أي حد . لازم تعملي المستحيل عشان ترجعيها لحضنك تاني ."
هكذا حادثت نفسها وهي تكفكف عبراتها متوجهه الي الأسفل لتنفيذ ما طلبه منها هذا الوحش و ما أن وصلت إلي غرفة الجلوس حتي تسمرت بمكانها وهي تستمع الي كلمات «صفوت» المعذبة وهي يقول لسالم عبر الهاتف
" لا طبعًا مقولتلهاش حاجه . هخاف عليها دي ممكن تقع و متقومش المرة دي .."
رق قلبها لنبرة الخوف في صوته وانخرط قلبها في نوبة ألم عنيفة كادت أن تجهز عليها ولكنها ابتلعت غصتها الحارقة و تجاوزت ألمها لأجله مذكرة نفسها بأن سلامة ابنتها اهم من أي شئ و أي شخص ..
دلفت الي الداخل وهي تناظره بقسوة تجلت في نبرتها حين قالت
" من غير اي جدال ولا كلام كتير طلقني…"
تفاجئ «صفوت» من حديثها و زاغت نظراته الي «عمار» الذي شعر بالحرج فتحمحم قبل أن يقول بخشونة
" طب هستأذن أنا بقي يا صفوت بيه و ابجي أچيك وجت تاني .."
ما أوشك أن يتحرك من مكانه حتي أوقفته كلمات «سهام» الحادة
" استني عندك يا عمار. عشان تبقي شاهد عاللي هيتقال هنا …"
جهر «صفوت» بتحذير
" سهام … "
سهام بقسوة
" طلقني …"
التفت إلي «عمار» قائلًا بأمر
" امشي دلوقني يا عمار .."
صاحت بانفعال
" مش هيمشي و هتطلقني . "
تحلي بفضيلة الصبر و هو يحاول ألا يؤذيها بقول أو فعل قد يندم عليه فهو يعلم بأنها ليست في حالتها الطبيعية
" اهدي يا سهام وهعملك اللي أنتِ عيزاه …"
سهام بحدة خلفها قلب يحترق قهرًا من نظراته التي تتوسل لها بألا تحرجه أكثر
" حلو يبقي عمار يجيب المأذون و يشهد علي طلاقنا…'
" أنا لحد دلوقتي مش عايز افقد اعصابي . فبلاش تتمادي اكتر …"
علمت أنها لم تخرج ظافره في هذه الحرب الهوجاء لذا استخدمت أكثر الطرق خسة تاركه قلبها ينتحب في الزاوية
" طب ايه رأيك بقي انا هشهد عمار عليك .. قولي يا عمار . لما الراجل ميبقاش عارف يحمي بيته ولا مراته يبقي في عينيها راجل..؟"
أنهت كلماتها تزامنًا مع صفعة قويه نالها خدها من يد «صفوت» الذي انتفض كبرياءه الذي دهسته كلماتها فلم يستطيع التحمل أكثر بينما هي تركت روحها تحترق قهرًا علي جرمها في حق كبرياءه و التفتت تقول له بجمود
" طلقني …"
" أنتِ طالق …"
هكذا قالها «صفوت» كرد قاطع لم يتواني لحظة عن نطقه فانطلقت الكلمة كطلق ناري في منتصف قلبها الذي تناثرت أشلائه قهرًا تجاوزته بشق الأنفس وهي تقول بلهجة مرتجفة
" خلي عمار يجيب المأذون عشان يخلص …"
بعد مرور ساعتين انتهي المأذون من إجراءات الطلاق و هرولت هي إلي غرفتها هاربة من عتب لم يتجاوز حدود شفتيه انما ارسلته عينيه علي هيئة نظرات قاتلة لم تستطيع تحملها و هرولت الي الأعلي تلملم حاجياتها بعشوائية اخترقها رنين هاتفها فالتقطته من علي المنضدة وهي تجيب فتفاجئت حين سمعت صوته الذي تشوبه فرحة غامرة حين قال
" مبروك يا عروسه .. لو اعرف ان نجمة هتخليكِ تتصرفي بسرعة كدا كنت خطفتها من زمان .."
«سهام» بذهول
" انت عرفت منين ؟"
تجاهل استفهامها و اشتعل بجوفه شوق عارم مهما حاول قمعه لا يفلح فقال بصوتًا أجش و انفاس محترقه
" مش مهم .. المهم انا عايزك .. عايز اشوفك "
لامس الذعر قلبها عندما سمعت حديثه وما أوشكت أن تجيبه حتي تفاجئت حين سمعت الباب خلفها يفتح و صفوت يقترب منها باندفاع و قام بسحبها بقوة ليلصقها بالخزانه خلفها وهو يزمجر بألم
" ليه ؟؟"
لم تفلح في قمع عبراتها التي قذفها بركان وجعها الثائر فتعالت شهقاتها لتشق سمع الشقيقان فأردف «صفوت» بصراخ
" ليه عملتي كدا ؟ كنتِ قاصدة تكسريني قدامه؟ "
ازدادت عبراتها إنهمارًا تزامنًا مع كلماته الجريحة حين قال
" انا في نظرك مش راجل يا سهام ؟"
همست بألم من بين عبراتها
" أرجوك سيبني .. كفاية بقي .."
أي ألم هذا الذي يتجاوز حدود العقل فيجعل كل خليه في الجسد ترتجف حتي الحروف التي خرجت من بين شفتيها حين قالت
" كل شئ انتهي خلاص .."
لحظة ضعف أن تجاوزها سينجو و لكن كيف له أن يتجاوز تلك العينين التي وقع بعشقها منذ أكثر من خمسة و عشرون عاماً والتي كانت تصاحبه في لياليه الطويلة حين كان في كلية الشرطة و التي كانت حلمه الوحيد و لكن بعد أن وقع بعشقها احتلت كل شئ داخله وأصبحت حلمه الوحيد ..
نفضها من يده كمن ينفض قذاره علقت بثيابه و شيعها بنظرات تعانق بها الضدين الكره و العشق معًا و قال بنبرة قاسية
" عندك حق بس للأسف انتهي متأخر اوي. كان مفروض ميبتديش أصلًا "
أظلمت عينيه من فرط الألم الذي ضاق به الفؤاد فأراد أن تتجرع جزءًا ولو بسيطًا منه فهدر بقسوة
" أنتِ مكنتيش تستحقي غير واحد زي ناجي .. هو دا آخرك . "
أيا قلب قتله العشق ماذا أنت فاعلًا بنا أكثر ؟
ألا يكفيك تلك اللوعة و هذا الهوان الذي أصاب خيلائِنا في مقتل ؟
علِم الحبيب مكانته بين طيات الروح فولى و اعرض و علي هوانا تكبر !
هل يُرضيك عذابنا و جِراحنا أم أنك اعتدت علي الجوى ولم تعد به تتأثر ؟
فلتغربي يا شمس الهوى عن كوننا واخبري حبيبي أن الفؤاد الذي اكتوي بنار الشوق قادر علي تحمل كمد الفراق بل أكثر ..
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
انهي كلماته وخرج صافقًا الباب خلفه دون أن يدري وقع كلماته علي تلك التي انتفض جسدها كمن تلقت ضربة سوط قصمت ظهرها الي نصفين و تكومت علي الأرض وهي تعيد الهاتف الي أذنها حين سمعت صراخه يناديها فأجابت بصوت يتضور وجعًا
" سمعت.. عايز ايه تاني ؟"
هدر بكل ما يجيش بصدره من وجع
" الحقير .. جاي دلوقتي يقولك كدا .اومال خدك من ناجي ليه زمان . ؟ حرق قلبه وموته بالحيا ليه ؟ وديني لهخليه يندم باقية عمره .. هاخد حقي وحقك وحق قهرة قلبي عليكِ يوم ما اتجوزك و حرمني منك "
همسات بقهر
" كفاية بقي .. انا مش عايزة منكوا حاجه . عايزة بنتي وبس .."
تجاهل ضجيج الألم و حرقة الشعور و قال آمرًا
" هبعتلك عربية تاخدك .. مش هتباتي ليلة واحدة في بيته ..و متخافيش هو مش هيدور عليكِ بعد اللي حصل .."
عودة إلى الوقت الحالي
ناجى !!"
كان هذا صوت 《همت》 التي تفاجأت بل صعقها حديثه فلم يعلق عليه إنما كان مشغولًا بإشباع جراحه و التشفي من 《صفوت》 فخيم الصمت لثوان إلا من أنفاس الأخير المسموعه بوضوح وكأن هناك منازعات و حروب تجيش بصدره وهو يفرق عينيه بين 《ناجي》 الذي بدا الألم على وجهه و بين 《سهام》 التي كانت تنكث رأسها بتعب مما جعل الدماء تندفع إلى عروقه البارزة بوضوح في رقبته و كفوف يده التي قبضت على السلاح بعنف تجلي في نبرته وهو يصرخ بغضب مقيت:
" هقتلك يا حيواااان…"
فطن 《سالم》 إلى ما ينتويه فمد يده على الفور يقبض على ذراع 《صفوت》 قبل أن يطلق النيران على《 ناجي》 و هو يصيح مُحذرًا :
" اوعى تسمع له يا صفوت دا بيستفزك .."
انهى《 سالم 》كلماته وهو ينتزع السلاح من يد 《صفوت》 فقد التقمت عينيه تلك القناصات التي تحاوطهم من الأعلى :
" برافو يا سالم .. بالمناسبة طول عمري بيعحبني عقلك و حكمتك في التصرف تستاهل أنك تحكم عرش مملكة الوزان بصحيح .."
هدر 《صفوت》 بوعيد :
" وديني لهخليك تتمني الموت كل لحظة و متطولهوش .."
لونت ملامحه ابتسامة مريرة ترجمتها شفتاه حين قال :
" لو دا آخرك فأحب اقولك ان دا حصل من اتنين و عشرين سنه وانا شايف حبيبتي بتتزف لأخويا قدام عيني ! انا فعلًا كنت بتمني الموت كل لحظة. "
《صفوت》 بصراخ :
" ماتقولش حبيبتي دي تاني !"
《ناجي》 بمرارة نابعه من قلب يغزوه ألم حقيقي لا يزال يئن بعد مرور كل تلك السنوات :
" لا حبيبتي.. و انت كنت عارف أني بحبها بس انانيتك و غرورك خلوك تختارها من بين كل البنات و تروح تطلبها من أبوها و أنت عارف أنه عمره ما يقدر يرفض طلب لابن فريد الوزان .. و عرفت انها بتحبني و انضربت و اتبهدلت عشان مش موافقة عليك و مع ذلك اتجوزتها… "
برقت الأعين من حديثه المُدجج بالألم و القهر و تعلقت النظرات على 《صفوت 》الذي انتفض غاضبًا ينفض تلك التهم الملتصقة به منذ زمن :
" اتجوزتها عشان حبيتها .. وهي حبيتني بعد كدا.."
《ناجي》 بقهر شيعته نظراته أولًا :
" حبتك امتى ؟ يا راجل دا انت قعدت سنة كامله تحاول تقرب لها وهي مش راضيه .."
توجهت أسهم نظراته علي تلك التي تحتضر بصمت يتخلله عبرات غزيرة حفرت وديان الألم فوق خديها فتابع 《ناجى》 بإندفاع ينفي تلك التهمة عنها :
" متبصلهاش أوي كدا مش هي اللي قالتلى .. أنا سمعت الكلام دا لما كنت بتتكلم مع الحاجة الله يرحمها .. "
تدخل 《سالم 》محاولًا تغيير دفة الحديث و إنهاء ذلك الصراع الذي سينتهي بكارثة لو ترك العنان لهذا الرجل فسيدمرهم جميعًا :
" هو دا اللي عندك ! دا انت غلبان اوي !"
انقشعت غيمة الألم من عينيه وعادت تلك النظرة المظلمة وهو يقول :
" لاااا انا اللي عندي كتير . دي المازة بتاعت القاعدة إنما التقيل جاي ورا …"
التفت إلي الحائط الأيمن لينفتح أول أبوابه و الذي أطل منه 《أحمد 》طليق 《شيرين》 الذي كان منكث الرأس فصاح به 《ناجى》 بسخرية :
" ايه يا حماده حاطط وشك في الأرض ليه ؟ أرفع راسك كدا يا راجل دا انت بطل ! احمد بيه جوز شيرين بنتي .. بالمناسبة بعد ما أجبرته يطلقها كبر في نظري اوي لما خد فلوسك وخلع بيها فخليته يردها تاني يعني أي حد حاطط عينه عليها الباشا هيخلعهاله .."
قال 《ناجى》 جملته الأخيرة و عينيه تناظر 《طارق》 بخبث والذي لم يحتمل فكرة أنها لازالت مقترنة بذلك الرجل فهدر بعنف انبعث على هيئة سهام من عينيه و شفتيه معًا حين قال:
" وحياة امي لهرقدك أنت و هو جنب بعض زي النسوان.. و ابقي قول طارق الوزان قال.."
《ناجى》 بتهكم:
" الغيرة وحشة وانا حاسس بيك و منكرش اني خايف منك بس اللي مطمني أنك مش هتخرج من هنا على رجليك ! خلينا بقي في المهم و متقاطعنيش عشان فيه سيناريو في دماغي بخططله بقالي سنين و هنسى الكلمتين اللي ما صدقت جمعتهم.."
قال جملته الأخيرة بحدة ساخرًا فخاطبه 《سالم》 بفظاظة:
" اتمنى تكون خلصت تمثيليتك السخيفة عشان صدعت! "
" سلامتك يا كبير .. لا بس فرح هانم غيرتك .. كان بالك طويل و كنت العاقل…."
《سالم 》بهسيس مرعب:
" متنطقش اسمها على لسانك مره ثانيه عشان وشرف أمي ما هتلحق تكمله .."
《ناجى》 بخوف مفتعل :
" خُفت .. عارف لو مش القناصين اللي محاوطينكوا دول وربنا كنت اترعبت . يلا خلينا في المهم. احمد بيه صاحب شركه الفيروز اللي رسيت عليها المناقصة اللي كعيت فيها دم قلبك .. وطبعًا هو أسسها بفلوسك .. اللي ادتهاله كرم منك عشان تخليه يجيب رجلي قوم الناقص .. سوري يا حماده"
قال جملته الأخيرة وهو ينظر 《لأحمد》 باعتذار مسرحي ثم عاود النظر إلى 《سالم》 قائلًا بجدية:
" الناقص راح باعك ليا.. بس هو معذور اللي انا ماسكه عليه يا سالم يا خويا يخليه ميخرجش من بيته العمر كله …"
وجه أنظاره مرة أخرى إلى《أحمد》 بطريقة مسرحية وهو يقول :
" سوري مرة تانيه يا أحمد.."
زفر 《سالم》 بقوة قبل أن يقول بجفاء:
" الفلوس بتروح و تيجي يا ناجى . واللي ضيعته أنا كفيل ارجعه تاني . "
قهقه 《ناجي》 طويلًا قبل أن يقول بسخرية :
" ياخي يخربيت ثباتك .. دانا قربت اغير منك .. لا بس أنت بردو اتضايقت.."
كان محافظًا على جموده وحتى رفرفة عينيه كانت بحذر فتنهد يجيبه بملل :
" بصراحة ولا اتهزيت .. أنت فاشل .. للأسف خليتني اتحمست على مفيش ! "
استفزه جمود 《سالم》 و كلماته فصاح بكره تجلى بوضوح فى عينيه :
" ودي تيجي بردو .. الصبر .. لسه التقيل جاي ورا .."
وجه أنظاره علي الباب الثاني فاطلت منه 《شيرين》 التي كان وجهها باهتًا و كأن شبح ما تلبسها ليمتص منها جميع أنواع الحياة فبدت كتمثال جميل نُحت من حجر إلا من نظرة معاتبة كانت خاطفة لذلك الذي أخذ يهز برأسه ينفي فكرة أنها لازالت متورطه مع هذا الرجل .. أو أنها أرادت الإنتقام منه بأكثر الطرق بشاعة !
" الحصان الرابح بتاعي .. شيرين بنتي حبيبتي.. دي بقي اللي ظبطت الأداء صح ! شيرين هي اللي خدت ملف الصفقة الحقيقي من دولاب اوضة نومك ! "
انكمشت ملامحه لوهله فهلل 《ناجى》 قائلًا :
" اوبااا .. صدمة صعبة مش كدا ؟ و خصوصًا انك اتهمت فيها حبيبة القلب .. اللي يا حرام كانت جاية تقولك خبر حملها . و اللي بالمناسبة نزل بسببك ! "
انكمشت ملامحه بألم تجلى في عينيه التي اغمضهما لبرهه علي حديث 《ناجى》 المسموم:
" يجيلك قلب تضرب بنت الناس بالطريقة الوحشية دي لدرجة تخليها تنزف ! ياخي خلي في قلبك شوية رحمة . يالا معلش . خلينا في المهم .."
التمعت عينيه بسعادة مرضيه وهو يقول بتمهل :
" أحساسك ايه لما شفت ابنك عبارة عن دم عالأرض ؟ متقوليش متأثرتش ؟ ناهيك طبعًا عن أنها عمرها ما هتبص في وشك تاني .."
ارتسمت الشراسه بعينيه و تجعدت ملامحه حتي بدت مُخيفه و قال بلهجة أرسلت الرعب إلى أوصال 《ناجى》:
" هقولك احساسي ايه لما تقولي احساسك أنت أما تعرف أن كل العرض دا معمول علي شرفك …"
انكمشت ملامحه بحيرة فتابع 《سالم 》بقسوة:
" تخيل أنك كنت مجرد عروسة ماريونيت انا بحركها في أيدي .. حتي كروتك دي كلها أنا اللي كنت بحركها !"
حاول لملمة شتاته قائلًا بسخرية :
" دا كِبر ولا أنت اتجننت خلاص ؟"
لمع وميض الإنتصار بعينيه و قال بقسوة :
" لا دا ولا دا ! دي حقايق…"
كلمات مبهمة لم يلقي لها بالًا ولكن ما أدهشه هو التفاف الجميع نحوه و تلك الابتسامة المتشفيه على أفواههم فهوي قلبه بين ضلوعه وعاد بانظاره إلى《سالم 》الذي قال بفظاظة:
" ابدأ انا العرض بتاعي بقي .و بما اني مش رطاط زيك فهقولك بإختصار .. أنا فعلًا مضيت على تنازل عن الأرض لمروان بس بمزاجي هو مضحكش عليا زي ما فهمك.."
《ناجي》 بصدمة :
" يعني ايه ؟"
عودة إلى وقتًا سابق
التف الجميع لأول مرة منذ سنوات حول تلك المنضدة علي سطح القصر و التي شهدت طفولتهم و مراهقتهم و الآن تشهد علي تجمعهم مرة أخرى و هم رجال أقوياء
" سالم انت اشمعنا جبتنا هنا ؟ "
هكذا تحدث «سليم» بإستفهام فأجابه «سالم» باختصار وهو ينظر إلي «مروان»
" احكي "
انطلق «مروان» يروي لهم ما حدث بينه وبين «ناجي» ثم انهي حديثه قائلاً بتهكم
" عايز يجندني ابن الوارمة "
علق «طارق» بامتعاض
" الراجل دا هيفضل ناقص طول عمره …"
أطلق «سليم» جأشه مكبوته من صدره قبل ان يقول بحنق
" معدش ينفع نسكت يا سالم . لازم نوقفه عند حده …"
«سالم» بفظاظة
" احنا مش ساكتين يا سليم . أنا برقدله عشان يوم ما هضرب هتبقي هي القاضية …"
هب «مروان» مولولًا
" اه يا بختك الاسود يا مروان .. اروح فين وآجي منين يا ربي. ."
«سليم» بامتعاض
" بتولول ليه يا اخرة صبري .."
ناظره «مروان» بحنق تجلي في نبرته حين صاح و هو يفرق نظراته بينهم
" حضراتكوا قاعدين تفكروا و تخططوا و محدش حاسس بيا وبوكستي .. اه انا طول عمري نحس انا عارف .."
" بطل ياد انت وقول وكسة ايه قرفتنا .."
هكذا تحدث «طارق» بنفاذ صبر فكاد أن ينخرط في نوبة ولولة أخري ولكن أوقفته أعين «سالم» المحذرة وكذلك نبرته حين قال بجفاء
" مش هتحملك كتير . ادخل في الموضوع علي طول .."
اعتدل في جلسته وقال باندفاع
" دلوقتي من بين كل البنات اللي في الدنيا انا حبيت بنت الكلب دا .. والكلب دا حاطت جوازه من بنته في كفة و اني اساعده ينفخكوا في كفه اعمل ايه انا بقي في الورطة دي ؟"
ناظره «سليم» باستخفاف تضمن لهجته حين قال
" ولا ورطة ولا حاجه .. سما اصلا مش بتطيقه يعني كلامه ولا هيفرق معاها .."
«مروان» بحنق
" يا غبي ماهي عمتك معاه . و سما ماشيه زي البقرة ورا امها ?
لمتابعة الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني من هنااااااااااا
مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا