القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية شط بحر الهوى الفصل الحادي وخمسون والثاني وخمسون والثالث وخمسون الأخير بقلم سوما العربي

 

رواية شط بحر الهوى الفصل الحادي وخمسون والثاني وخمسون والثالث وخمسون الأخير بقلم سوما العربي





رواية شط بحر الهوى الفصل الحادي وخمسون والثاني وخمسون والثالث وخمسون الأخير بقلم سوما العربي





وقف على أعتاب غرفتها يدق الباب بطريقه ملحة و متواصله ، يتوسلها كي تفتح له الباب لكنها ما زالت رافضه تماماً و هو للأن لم ييأس .


يشعر بثقل وضع على صدره و قلبه ، بروده تخرت عظمه كلما تذكر تلك اللحظة التي أكتشفت فيها الحقيقة الخفيه ، لم يرغب بأخبارها  بكونه متزوج ، هو بالأساس لا يعده زوج أو يأخذه على محمل الجد بل في معظم الأوقات ينسى تلك القصه و صاحبتها .


ظل يواصل توسله و إلحاحه مردداً: چيچي عشان خاطري افتحي لي خليني أفهمك .


لكنها صرخت فيه : مش عايزه أسمعك ، أنت واحد كداب .


ضياء: أفتحي الباب يا چيجي بدل ما أكسره أنا مش شايف قدامي .


تقى : أكسره لو تقدر ، إنت فاكرها سايبه .


صك أسنانه بغضب و قال من بينهم : إنتي فاكره إن إن الباب ده هيمنعني عنك و لا فاكره إني مش هقدر اكسره و أخاف ، أفتحي يا چيچي .


لكنها لم تستجيب ، بالأساس كانت متلذذه بعذابه و توسله لها ، ظلت كما هي ترغب في الإستماع للمزيد .


فردد مجدداً : أفتحي بقا يا حبيبتي ما تتعبيش قلبي معاكي 


صرخت فيه بقهر حقيقي نابع من أعماق قلبها: ما تقولش حبيبتي دي تاني ، إنت كداب ، عمرك ما حبيتني ، عمرك  أصلاً ما حبيت حد تاني غير نفسك


كانت تتحدث بروحها ، روح تقى التى عقد قرانه عليها بدون إرادة منه ، تقى التي حطمها نفسياً و ربى لديها عقده ربما لا حل لها .


و هو يقف بالخارج مازال يرجوها : يا حبيبتي أسمعي مني بس .. أنا مش هقدر على زعلك.. و لا أقدر على بعدك.


لكنها لم تعطيه أي إجابة فواصل : طب أفتحي لي بس نتكلم ، أنا محتاج أشوفك ، من ساعة إلي حصل ما سوفتكيش ، هتجنن عليكي و حاسس روحي ضايعه مني .


أغمضت عيناها و قالت بألم : بكره تنسى .. مسألة وقت مش أكتر .. الي حواليك كتير و هينسوك ، أقلهم كلارا ، مستنيه إشارة منك 


جاوبها بنبرة باكيه ذليلة : و أنا مستني إشارة منك إنتي ، لو بس ترضي عني ، لو بس تسمعيني ، أنا بحبك ، فاهمه يعني إيه بحبك ، أفتحي خليني أشوفك ، حاسس اني تايه من غيرك .


جاوبت برفض تام : لأ.


ليفقد كل السيطره على نفسه و يبدأ في ضرب الباب بكتفه و هو يردد : براحتك بقااا .


ارتعتب من تصرفه و صرخت : أنت بتعمل ايه يا مجنون . 


هتف كالثور الهائج : هكسر أي حاجة تمنعك عني ، أنتي سامعه .


كانت نبرته جنونيه مرعبه ، لشخص يبدو كالمدمن و قد منع عنه المخدر ، لم تكن على علم لأي درجه قد وصل ضياء بالفعل في عشقها و أنها أصبحت إدمانه و لا تعافي منها أو هروب 


شعرت بالباب على وشك السقوط ، فأسرعت تفتح بخوف .

و بحركه خاطفة جذبها من ذراعها بحيث أصبحت فى مواجهته يتنفس بصعوبه ، ينظر لها بجوع و عطش ، قبض بكفه على ذقنها يقربها منه يقبلها بلوعة و إشتياق .


يردد من بين قبلاته : بحبك يا چيچي بحبك .


لا يعلم أن أعترافه لم يكن إعتراف بالحب و إنما إعتراف بالخيانة ، ما أن يقول أحبك حتى تذوب بين يديه وسط قبلاته تستقبلها من زوجها ، لكن ما يلبث إن يتبعها بكلمة چيچي ذلك الإسم المستعار الذي طلت عليه به و عرفتها صديقتها للجميع على أنها چيچي و ليست تقى كاظم الصواف .


شعر بتجمدها بين ذراعيه بعدما كان طائر سعيد من الفرحه و هو يشعر بإستجابتها لقبلاته ، لكن تخشب جسدها بين يديه و أبعدته عنها بصعوبه و هو يردد بلهفة : ما بتعدنيش عنك يا چيچي ، عايز أحس بيكي ، إنتي وحشاني أوي.


يزيد الأمر سوءاً طوال ما هو يناديها بچيچي ، تباً له و لها أيضاً فالألم الذي تشعر به الأن ألم حقيقى لإمرأة خانها زوجها الحبيب .


خرجت من بين أحضانه تردد : أنا مش هقدر أنسى ، مش هقدر .


ضياء : في حاجات كتير بتحصل حوالينا غصب عننا ، أنتي نفسك مكتوب كتابك بالغصب ، بس واضح اني بحبك بطريقة مجنونه و مش منطقية لدرجة أني ماهمنيش و قولت هتجوزك بردو.


تقى : أنت قولت ، كنت صريحه من البداية ، أنت ليه ما قولتش ؟


ضياء : أنتي ما سألتيش .


تقى : نعم ، أنت سامع بتقول ايه ؟ هي دي حاجه تتنسي؟


ضياء : أيوه ، لما تكون جوازه بالغصب و مش فارقه معايا أصلاً يبقى أنسى أنا ناسيها فعلاً لأنها مش في بالي و لا شغلاني .. مش شايفها أصلاً


ضغط على الجرح بقوه حتى نزف ، بالفعل هذا ما شعرت به تقى ، تشعر بقلبها ينزف أمام ذلك البارد فصرخت فيه بقهر : إطلع برا.. برااااا ... برااااا.


كانت تصرخ و على ما يبدو قد فقدت السيطرة على أعصابها ، حاول الإقتراب منها لتهدئتها لكن أقترابه لم يكن يزيدها إلا هياجاً.


و صوت صراخها يملأ المكان من شدته استعدعي نادين من بعيد فأتت مهروله لتصدم من هيئة صديقتها هكذا و ضياء يحاول التحدث إليها و ضمها له.


أبعدته نادين على الفور تحتضنها لها و تقى مازالت تصرخ .


حاول تخطي نادين و أقترب من تقى يردد : عشان خاطري يا حبيبتي أهدي ، تعالي في حضني نتكلم و نتفاهم.


كانت نادين تنظر له مصدومه تراه شخص آخر غير ضياء الذي يعرفه الجميع ، يتوسلها لتقترب منه ينظر لنادين مردداً : سبيني يا نادين أنا لازم أفهمها ، هي لازم تعرف هي بالنسبة لي إيه ، أنا من غيرها ممكن أضيع ، هي ليه مش عايزه تتقبل فكرة اني متجوز ، ما أنا قبلت أنها مكتوب كتابها ، طلبت منها بهدوء تتطلق .


رفعت تقى عيناها له و قالت : يبقى انت كمان تطلق مراتك إلي في مصر لو كنت فعلا شاريني .


صدمت نادين كثيراً ، تلك لم تكن خطتهم منذ البداية و لم تكن خطة جدها أو خالها ،على ما يبدو أن تقى كانت تتبع خطة خاصه بها وحدها .


كذلك ضياء قد صدم ، طلبها كان غير متوقع ، على الأقل له .


بقى كل من ضياء و نادين واقفان أمام تقى كل منهما منصدم بشكل أو بأخر .


و تقى تقف تحاول السيطرة على إهتزاز جسدها المنهار و التوقف عن البكاء تنظر له بقوه واهيه جدا.


مسحت دموعها بعنف و قالت : زي ما هتطلق أنت كمان تطلق.


ابتلع ضياء لعابه بصعوبه و قال : بس... أنا.. أنتي لازم تتطلقي عشان نقدر نتجوز لكن أنا ممكن اتجوز مرتين و تلاته و أربعة.


أتسعت عينا نادين من جحوده و تقى زادت نوبة عصبيتها و صرخت فيه بقهر : و مين قالك اني هرضا بكده.. أنت مفكر نفسك ميين .


حاول الإقتراب منها مردداً : أنا مش هينفع أطلق تقى .


صدمت من حديثه و نظرت له بخفقات قلب عاليه و هو يكمل بأسف : مش هقدر .


زادت دقات قلبها ، رفرفة بسيطة من الفرحه أنشعت قلبها و علت وتيرة أنفاسها جعلتها تنظر له بأمل متسائله : و لا حتي عشاني ؟!


هز رأسه بيأس و أسف ، ألتمعت عيناها من السعادة التي تضاهي الحزن الذى حاولت رسمه على وجهها و هي تطرده من عندها قائله : يبقى تطلع برا و ما شوفش وشك تاني .


كانت تقولها بلين شديد ، أقل بكثير جدا عن المطلوب في موقف مثل هذا ، لكن فرحة قلبها كانت أكبر من الإستيعاب ، حاولت إتقان الدور لكنها لم تنجح على ما يبدو.


حاول التحدث معها مرددا : حبيبتى أفمهيني .


إلتفت توليه ظهرها كي تستطيع التحدث ف الفرحه التي غمرتها كانت فضّاحة و لم تستطع التحكم بها أو كبتها .


وضعت يدها على صدرها تسحب نفس عميق سعيد تبتسم ثم قالت و هى تحاول إستدعاء القوه و الغضب : يبقى مافيش اى كلام بينا و لا أي حاجة ممكن تجمعنا ، يا أنا يا مراتك و أنت إختار ، مش هسمح بأي كلام بينا غير لما أشوف ورقة الطلاق بعيني عليها إسمك و إسمها ، و دلوقتي الكلام خلص ، أتفضل أطلع برا مش عايزه أشوفك.


ظل بمكانه ثابت لدقيقة كامله ربما تحنو عليه لكنها لم تفعل فألتف يغادراً و هو منكس رأسه للأسفل يشعر بالحزن و الضياع .


غادر الغرفه و ذهبت نادين خلفه تغلق الباب تظر لصديقتها التي تلمع عيناها من الفرحه و يشع وجهها سعادة و سألت : ممكن بقا أفهم في إيه بالظبط ؟


_________________________


في بيت الصواف .


خرج هارون من غرفته بعدما تأنق كعادته و هبط الدرج بخفى و هو يشتم رائحة طعام زكيه أخترقت أنفه ، تتبعها حتى أوصلته للمطبخ ، أبتسم و هو يرى غنوة تقف متأنقه هي الأخرى لكن شعرها مفرود على ظول ظهرها .


مال عليها يقبل عنقها قائلا : صباح الجمال و الدلال .


أبتسم له بحب كبير و قالت: صباح الرجاله الحلوه.


عض على شفته السفلى مردداً : لمي نفسك أنا ماسك نفسي بالعافيه .


نظر لها بحده يكمل : و لمي شعرك ده ، عمي هنا .


قوست فمها لأسفل ثم قالت بدلال : لسه ما صحيش  أكيد في أوضته .


ضحك متذكراً مظهره بالأمس و قال: أوضته إيه ، كاظم الصواف اتطرد بالشورت باليل .


شهقت غنوة و ضحكت تردد : أشجان دي رهيبه .


أشهر هارون أصبع السبابة في وجهها منذرا : الست دي مرعبة ، أنا نفسي بقلق منها ، مش عايز خلطه بيها كتير ، كفايه أصلاً السنين إلي عشتيها معاها.


ضحكت غنوة ساخره و علقت على ما قاله : ههههه ، أشجان ، دي غلبانه جنبي ، هي بس جعجاعه و بتهب في وش إلي قدامها ، لكن أنا....


أخدت تملس بيديها على ملامحها الطفولية البريئه تردد : أنا أحب أشكر ملامحي البريئه الي بتدي انطباع عكس شخصيتي .


ضيق عيناه يقول بغيظ و هو يتذكر كل أفعالها و كم مره خدعته : أنتي هتقوليلي .


اقتربت منه تتمسح فيه مردده : بس توبت و الله.


قرصت و جنته تكمل: و وقعت و لا حدش سمى عليا.


صعدت بيدها على طول وجهها و هو يغمض عينيه مستمتع بقشعريره قويه دبت فيه إثر لمساتها ، إلى أن أستقرت يدها على رأسه الأصلع و قالت بشجن : بموووت في قرعتك .


رغماً عنه ضحك ، على أثر تلك الذكرى في الاسانسير و قال لها : مقوية قلبي .


ضحكت هي الاخرى و ذهبت تجلب بقية صحون الإفطار تردد قبلما تخرج من المطبخ : قلبك أسود قوي على فكره .


وضعت الصحون على الطاولة و هو قادم خلفها يبتسم بسعادة على ذلك الجو الدافئ و الذي صنعته و أهدته إياه غنوة فكان أكثر مما تمنى و حلم.


جلس على طرف المائده يقول لها بتحذير بعدما انتبه لدخول عمه من الباب: عمي جاي هناك ، لمي شعرك ده .


هزت كتفيها بدلال و تحركت ببطء شديد تجاه الدرج فصرخ فيها بغيظ : إخلصي .


غمزت له بعيناها و صعدت لجلب حجاب مناسب لملابسها ثم حضرت لعندهم .


بينما جلس كاظم لجوار هارون يشكو عظام ظهره و فقراته : أااااه .. اه يا عصعوصتي .


كبت هارون ضحكته يسأل : إيه ده ، نمت فين يا كظ كظ .


نظر له كاظم بشر ثم قال : في الجنينه.


حاول كبت ضحكته من جديد و هو يربط على كتفه مردداً : ماعلش .. مسيرها تروق و تحلى ، بس ما تنكرش أني حظرتك .


عض كاظم باطن فهمه و هو يردد : على قلبي زي الشهد، مالكش أنت دعوه


هز هارون رأسه بيأس بينما تعلق نظر كاظم على الدرج حيث تهبط أشجان ثم أقتربت منهم بوجه عابس تردد : صباح الزفت ، مش طايقه شكلكوا .


غرق هارون في الضحك و هو يراها تجر أحد مقاعد السفره لتجلس عليه بعد ما قالته و قال: و الكرسي ذنبه أي بس.


نظرت له أشجان بحقد ليقول كاظم: فداها يا هارون ، كله فدا المهلبيه .


اشجان : أبلع لسانك يا راجل أنت ، مش طالبه تلزيق على الصبح .


ضحك هارون بقوه و كاظم يردد بصدمه: تلزيق ؟


بينما أشجان تتمتم : أنا عارفه كان إيه إلى بلانا بيكوا ، ما كنا عايشين في هدو السر و مرتاحين .


و على ذكر السيرة كانت غنوة تهبط الدرج بسعادة بعدما أنهت لف حجابها تقفز الدرج قفزا بشقاوه .


لتراها اشجان و تنظر لها بغيظ ثم تردد بسخريه : أهلاً ، أهي نجاة الصغيرة جت أهي.


أقتربت غنوة مرتبكه تحاول تحاشي نظرات أشجان القاتله ثم قالت لهارون : مش يالا عشان الشغل .


لكن من جاوب كان أشجان التي قالت: مش تاكلي الأول يا ختي ، ده حتى طباخ السم بيدقوا ، مش أنتى إلى عامله الأكل بردو ؟ بقا محضره له الأكل إللهي يطفحوا ، مطرح ما يسري يهري بأذن الله.


ضربت غنوة كفها بوجهها ثم قالت لهارون : طب يلا يا هارون عشان ما نتأخرش 


تقدمت تأخذ بيد هارون لتخرج نهائيا من البيت و أشجان من خلفهما تردد: أهربي إهربي ، هتروحي مني فين ، مسيرك تقعي تحت أيدي.


اغلق الباب خلفهما فالتفت لترى كاظم يقترب منها يخلع منامته


فقالت بغضب: جري ايه يا راجل أنت هتعمل ايه.


كاظم : دقت ساعة الحسم .


حاولت الهرب و هي تصرخ : أنت أتجننت ؟


كاظم : دقة ساعة العمل.


بدأت تركض في البيت و هو خلفها لا تكف عن الصراخ و السب بأقذر أنواع السباب .


_________________________


وقف على أعتاب باب بيته يستعد لاستقبال زواره في محاولة جديدة للظهور بالتماسك لكنها ليست ناجحه بدرجة كبيرة.


أبتسم و هو يستقبل صديقه الذي فتح له ذراعيه  يردد : جوووو .. واحشني جدا.


إغتصب يوسف أبتسامة مجامله على شفتيه و فتح ذراعيه يردد : دكتور هاشم .. البيت نور و الله.


تقدم هاشم يحتضن يوسف ثم قال : منور بيك يا حبيبى .


انتقل يوسف بنظره على سلوى زوجة الدكتور هاشم ثم قال : دكتوره سلوى ، أخيراً عرفنا نتقابل.


تقدمت سلوى تمد يدها بالسلام مردده : أعمل إيه ، الشغل الجديد واخد كل وقتي و البركه فى حضرتك ، منتج طبى بالضخامه دي كلها رامي مسؤليته كله عليا ؟ إيه إلي ممكن يشغل يوسف عن شغله .


إرتبك يوسف قليلاً ثم قال : و لا أي حاجه ، و أنا خلاص دلوقتي فضيت و أكيد هكون مركز في شغلنا .


استدار يشير لهما على الداخل و يردد مرحباً : أتفضلوا اتفضلوا .


ذهب حيث غرفة كبيره للضيوف يطلب مشروب للترحيب و بعدها تحضير مائدة الطعام.


ثم تقدم ليجلس معهم هو و يحيى والده الذي لاحظ توتره الشديد و مجاهدة لمواكبة الموقف .


عينه لا تبارح الباب كأنه ينتظر أحدهم ، و لم يتحمل كثيراً ، و وقف عن مقعده يذهب لعند أخته ، فتح الباب دون إستئذان و سألها : وصلتي لها ؟


ردت عليه نور متألمه من ضرسها : أااه ، هي مين يا أبيه .


صرخ فيها بصوت مكظوم الغيظ : زينب .


هزت رأسها نفيا ثم قالت : طب مش تسأل عني الأول ، صرخ في دروسي كلها مش قادره.


فردد بنفاذ صبر : دكتور هاشم تحت هخليه يكشف عليكي ، قوليلي دلوقتي هي فين .


تأوهت نور من جديد و قالت : هتبعت لي لوكيشن دلوقتي بس ياريت بابا ما ياخدش باله لأنها محلفاني مانزعلوش و كمان محلفاني ما اقولش لحد على مكانها .


يوسف : بطلي أستهبال ، الرسالة أول ما تتبعت تكون عندي فاهمه.


غمزت له رغم ألمها و قالت: شكلك مهتم و لا ايه يا أبيه ؟


يوسف : و لا مهتم و نيله و اخلصي قومي هخلي هاشم يكشف عليكي و تتابعي معاه .


امتعض وجهها تردد : لا شكرا.. أنا حاجزه عند دكتور معرفة واحده صاحبتي.. حاجه كده من الي تشرح القلب الحزين هي ناقصه شغل عواجيز 


اقترب منها يوسف يردد بغضب : أنتي بتقولي إيه يا بت أنتي ، و في وشي كده ، خلاص مابقاش همك ، طب مافيش خروج ، و مش هتتابعي غير مع دكتور هاشم إيه رأيك بقا ، و قومي غيري يالا ، تلات دقايق و الاقيكي على السفره تحت و الرسالة أول ما توصلك توصلني.


خرج من عندها و هو يتمتم بغضب : كنت ناقص أنا.


نظرت لأثره بأمتعاض ، تعلم زوجة ذلك المدعو هاشم فهي صديقة ليوسف من أيام الجامعه و للحقيقه هي لا تطاق ، فهي شخصية تنمو و تترعرر بالتنمر على الآخرين ، ترى نفسها محور الكون ، لا ترغب بتاتاً في التواجد معها بمكان واحد.، لطالما شبعت من تعليقها على حجم جسدها و بعض الحبوب التي تظهر لها فهي صديقة للعائله تتردد كثيرا على بيتهم خصوصاً و هي شريكة يوسف و زوجها مسافر دائماً .


حاولت المرواغة و التباطئ ربما نسوها تماما لكن يوسف أرسل لها اكثر من رساله يتعجلها و كذلك يطلب عنوان زينب .


على السفره 


جلس يحيى ينظر حوله ثم قال : إخواتك فين يا يوسف ؟


قال يوسف و هو يلك الطعام : نرمين في شغلها و نور نازله دلوقتي .


أبتسم يحيى و قال: و زينب ؟ مش هي زي أختك بردو ؟


نظر يوسف لوالده و قال من بين أسنانه : لأ ، و مش عارف هي فين.


تدخلت سلوى تسأل : مين زينب دي يا جماعة ؟


جاوبها يحيى : دي بنت أعز أصحابي و هي ضيفه عندنا يومين.


و بلحظتها كانت نور تهبط الدرج و هي ترتدي فستان ازرق هادئ و تجمع شعرها بكحكه فوضاويه تراهم على السفره ينظرون لها و هي تبتسم بسماجه لا تطيق تلك الجلسه .


لكن من بين كل ذلك جذبها عطر أحدهم ، كان قوي و غريب ، رفعت أنظارها لتقابل زوج من العيون الحاده تنظر لها بتدقيق و كأنها فريسه مغريه.


أرتبكت من نظراته كثيرا و حاولت إشاحة عيناها عنه ، لكنه كان ذو سلطان قوي و أجبارها بتسليط عيناه عليها أن تعود و تنظر له .


له هيبة غير عاديه ، مهيمن لدرجة تفوق الوصف و سؤال يتردد داخلها من هذا ، يبدو وسيم جدا بشارب كثيف يتخلله بعض الشعيرات البيضاء ينظر لها عن كسب .


تقدمت حتى وقفت لجوار أخيها الذي ضمها له يردد : دي نور أختي .


أبتسم هاشم إبتسامة جانبيه و ردد : كبرت نور .


جعدت ما بين حاجبيها و هي تنظر له بإستغراب ، فعلى ما يبدو أن هذا الرجل يعرفها منذ كانت صغيره .


ليقول يوسف : مش فاكراه يا نور ، ده ياما لاعبك و إنتي صغيره ، ده دكتور هاشم.


أتسعت عيناها بصدمه و نظرت له بإزدراء واضح ثم قالت : أهلاً وسهلاً.


نظر لها هاشم بإستغراب ليقول يوسف  : ماعلش يا دكتور هاشم هنتعبك معانا بس نور عندها ألم في دروسها .


قال هاشم بابتسامة و عينه لم تبتعد عن نور : ده انا عيوني لنور .


يوسف : بس بالراحة عليها يا هاشم الله يخليك ، أحسن ترجع تقولي أنا السبب ، الهانم كانت عايزه تروح لدكتور شاب حديث التخرج .


أمتعض وجه هاشم ثم قال : مش هتلاقي عند الدكتور الشاب الخبره إلي مستنياها ، أصل الخبره دي مهمه قوى قوى.


حاولت تحاشي نظراته الثاقبه خصوصاً بعدما جذب يوسف معصمها في الخفاء و همس في أذنها بغيظ  : فين الزفت اللوكيشن .


نور : حاضر حاضر ، هبعته دلوقتي كنت نسيت.


و أخيراً انتهى العشاء و هو في طريقه لعندها ، الغبيه سكنت في شقه مفروشه مع بعض الفتيات و هي لا تعرفهن و لا يعرفونها فقط لتبتعد عنه ، يقسم أنها و الله غبيه 


وقف أمام باب الشقه التي نص عليها العنوان يدق جرس الباب.


ففتحت له فتاه تنظر له بوجه متجهم و حاجب مرفوع تردد : ماحدش طلب أكل .


نظر لها مستنكراً يسأل: أفندم ؟


لترد الفتاه بنزق : شكلك دليفري .


صك أسنانه يردد : دليفري.. ناديلي زينب 


فسألت الفتاه : زينب ؟ زينب مين ، أاااه البت الجديدة.. أاه و الهانم بقا بتعرف رجاله و جيباهم لما لحد البيت كمان .. أنا قولت البت دي مش مظبوطه ماحدش صدقني.


انفلتت أعصاب يوسف و التى جاهد للتحكم فيها و هتف عالياً : اخرسي يا زباله ، و أتكلمي عنها عدل أحسن لك.


خرجت زينب على الصوت العالي لتتسع عيناها و هي ترى يوسف أمامها يصرخ فى زميلتها فسألت بخوف: يوسف ؟ هو في ايه ؟


هتفت الفتاه عالياً : تعالي شوفي الرجاله إلي بتجيلك لحد البيت يا هانم يا محترمة .


ابتلعت زينب لعابها بصعوبه و قالت: ده ، ده مش راجل غريب ، ده...ده خطيبي


قال يوسف ببرود :  لأ إحنا لسه متصاحبين بس 


شهقت الفتاه بصدمه و قالت : يا نهار أبيض .. أنتي طلع ليكي في المشي البطال ، أنا و الله من أول يوم قولت البت دي شمال ، طب عليا النعمة من نعمة ربي ما أنتي بايته فيها .


فقال يوسف : بصراحة عندك حق ، أرمي لها شنطة هدومها برا انتو بنات عائلات محترمات .


بعد عشر دقائق كانت تجلس في سيارته تبكي و هو يقود متأفافاً يردد : ما خلاص بقا ، اعملك إيه يعني، ما انتي السبب .


زينب : أنا ؟


يوسف : ايوه أنتي، أنتي الي عاندتي و مشيتي و عارف بردو لو طلبت منك تيجي معايا كنتي هتعاندي بردو قولت أسوء سمعتك قدامهم عشان يطردوكي و ترعجي معايا.


زينب : أد ايه أنت واطي .


ضحك يردد : بس لذيذ ، و الله لذيذ .


نظرت له بحزن فتوقف على جانب الطريق و على ضوء أعمدة الإنارة مد يده يلتقط يدها قائلاً و هو ينظر لعيناها : ما تزعليش مني ، حقك عليا ، بس انا ما قدرتش أتحمل بعدك و طول اليوم مش على بعضي ، زينب أنا...


تلعثم قليلا و هي كانت متسعة العين مما قال و من كونه يعتذر بالأساس لتكتمل صدمتها حين قال : لو قولت لك تفضلي جنبي هتفضلي ؟




الأثنين وخمسون


كانت تنظر له بأعين متسعه ، لا تعرف ماذا يقصد بحديثه و لا ما يتوجب عليها فهمه ، كلماته ليست واضحة كشخصيته بالنسبة لها على أي حال.


رفرفت بأهدابها تسأل : أفضل جنبك إزاي مش فاهمه ؟


تنهد بتعب ثم قال : جنبي ، يعني ما تغبيش عن عيني ، فيها ايه دي !


قرب وجهه منها أكثر يسأل: إنتي لسه زعلانة مني ؟


ارتبك قلب زينب المسكينه ، على ما يبدو انه مخضرم و يعرف ما يحدث و كيق يتحدث مع الفتيات ليسرق قلوبهن ببراعه ، و هي على النقيض تماماً لأول مرة تستمع لكلمة لطيفه رجل و يوسف ليس كأي رجل 


فتاه الحديث على لسانها و ردت بتوتر : لأ ، بس أصل ..


قاطعها هو مردداً: يا ستي حقك عليا كمان مره ، أنا أصلاً حيوان و متخلف ، بقا في حد عاقل يزعل القمر ده .


تاهت أكثر و أكثر و هو أبتسم بزهو، شعور أنه الشخص الأكثر خبرة و تحكم في تلك العلاقه يعزز لديه الشعور بالنشوة و الفخر ، يراها فتاه لطيفه و جميله تعجبه جداً.


ذلك هو النوع المفضل لديه و ما كان يبحث عنه ، علاقة هو المتحكم الأول و الأخير بها .


مد يده بكياسة يتلمس يدها و هي ذائبه تبتلع رمقها بصعوبه تراه و هو يقرب يدها من شفتيه كي يقبلها .


لتسحب يدها و هي تشهق بفزع، لقد فاجئها ، كل ما تعيشه الآن جديد بل و غريب عليها تماماً.


إبتسم لها قائلاً : هنرجع البيت دلوقتي.


نظرت ببعض الضيق ، يبدو و كأنه يقرر عنها ، أتسعت إبتسامته و هو يردد : في بنوته حلوه زيك كده تسيب بيتها ؟


تذكرت على الفور فعلته و كلامه فتجلى الضيق على ملامحها و قالت : ده مش بيتي أنا ده بيتك أنت.


عض على شفته السفلى و ردد : بيتي هو بيتك يا زينب .


نظرته كانت مريبه ، حتى أنها باتت تخشاه ، فأشاحت بعيناها عنه متهربة تسأل : إزاي بيتك بيتي مش فاهمه؟


كأنها تراوغ؟ تطمع في توضيح أكثر عن موقفه تجاهها .


أبتسم يوسف بكياسة و قال : أممممم ، مستعجلة أنتي أوي ، سبيني أقولك كل حاجة في وقتها عشان كل حاجه في وقتها أحلى.


انهى حديثه بغمزة عابثه جعلتها ترتبك أكثر و تحاول الإنكماش في مقعدها مبتعده عنه مما جعله يضحك مقهقهاً يردد: مش هاكلك على فكره.


صمت و قد ألتمعت عيناه ثم أكمل: على الأقل مش دلوقتي.


أتسعت عيناها بصدمه و قد فزت دقات قلبها و ملامح وجهها تسأل سؤال واحد لا ثاني له.


و لم تستطع السكوت فسألت : يعني إيه ؟


سحب نفس عميق و تنهد بتعب ثم دار عجلة القيادة يقول : ماتسأليش تاني عشان ما تسمعيش رد يصدمك ، خليني أروحك أضمن .


نظرت للأمام تحاول عدم النظر له ، لكنه لم يكن ليتركها و شأنها و إنما جذب ذراعها له يحتضن أصابعها القصيره بأصابعه الغليظه ليزيد قلبها من خفقاته التي ارتفعت حد الجنون و هو يبتسم.


يعشق وضع السيطرة و هو بهذه العلاقة المسيطر ، أو... على الاقل حتى الآن لا يدري ما يخبئه له الزمن .


صباح يوم جديد.


استيقظت نور من نومها تنظر في هاتفها اولاً گ العادة تتصفح مواقع التواصل الإجتماعي 


تنهدت و هي ترى أصدقائها ينشرون صور عن رحلتهم الاخيره التي لم يتثنى لها المشاركه فيها بسبب رفض يوسف القاطع لسفر أي من شقيقاته .


لفت انتباهها أجتماع الفتيات حول شاب معين ، يحاولون الإحتكاك به أو جذب إنتباهه لكنه يتفاعل مع الجميع و لا يلتفت لأي منهن .


تنهدت شاردة ثم أغلقت الهاتف و أستعدت كي تدلف للمرحاض تؤدي روتينها لتذهب للجامعة.


ليدق الباب و تدخل زينب التي قالت : صباح النداله .


تهلل وجه نور تردد : زوزو ، جيتي أمتى .


أبعدتها زينب عنها تقول: إلي يشوفك يقول البت قاتله روحها عليا ، بقا انا أبعت لك لوكيشن عشان تعرفي تجيلي تقومي مسلماني لاخوكي ، هي دي الصحوبيه .


لكزتها نور في كتفها تردد بغمزة عابثه: و أنا أعمل ايه ما هو إلي فضل يزن و أنا ما قدرش على زعل جو ، أصل زعله وحش اوي ، بس يعني... واضح إنه طب و لا حدش سمى عليه. 


إرتبكت زينب و قالت بتوتر: قص.. قصدك إيه.


نور : و لا حاجة ، حسرة عليا ، إلي ما لاقيه حمار حتى يعبرني ، أمتى الرجاله تبقى أكوام كده عليا و تقتل بعضها عشاني يا رب .


زينب : خلي بالك ، لإبن آدم ثلثي ما قال ، بلاش تتمني حاجه أنتي مش حملها .


للحظة توقف الزمن بنور و شردت ، لكنها عادت تهز رأسها بلا مبالاة و قالت : بقيتي أوڤر أوي يا زوزو ، ما كنتش كلمه يعني ، خلاص كل الي بنقولو بيتحقق ، أوعي كده خليني ألبس .


خرجت زينب من عند نور تغلق الباب متنهده لتقابل نرمين الشقيقة الاخرى ليوسف كانت تخرج من غرفتها تنظر لها بلا سلام أو كلام كل منهما تنظر للاخرى بصمت إلى أن قالت نرمين : إنتي إيه الى رجعك، مش كنتي مشيتي .


نظرت لها زينب بحرج ثم قالت : يوسف إلي جه و رجعني و أنا رجعت عشان خاطره .


نرمين: كمان ، ايه ،هتخطفي أخونا الوحيد كمان.


هزت زينب كتفيها و ردت بلا حيله : أنا ما خطفتش حد .


نرمين : أصلها كانت ناقصه بجد .


صمتت كل منهما على صوت يوسف الذي خرج من غرفته يقول : صباح الخير يا بنات ، وافقين كده ليه ؟


همت لتجيب عليه نرمين تسأله بغضب لما أعادها ليصدمها بصوته العالي و هو يدقق النظر لزينب مردداً من بين أسنانه: إيه إلى أنتي لابساه ده ؟


اشتعل الغيظ بأعين نرمين بينما زينب بدأت تنظر على ملابسها تسأل: ماله ؟!


فرد بغضب : هو إيه اللي ماله ؟ إيه متعوده تلبسي قصير كده يعني ؟


زينب : دي مش ...


قاطعها بصرامة : أنتي لسه هتمشمشي ، روحي غيري يالا .


خرج في نفس الوقت يحيى من جناحه الكبير يسأل بضحكة يجاهد في كبتها : في حاجه يا جو يا حبيبي ؟


يوسف : و لا أي حاجه يا والدي .


ثم إلتف ليرى زينب ما زالت واقفها فهتف بحده : إنتي لسه واقفه ؟أنا قولت إيه ؟ أتفضلي غيري .


همت لتتحرك ليوقفها صوا يحيى : و تغيرها ليه ، دي حتى لايقه عليها أوي.


ضغط يوسف على شفتيه من الغيظ و قال من بين أسنانه : يالا يا زينب .


انتفضت بفزغ و همت لتتحرك ليوقفها مجدداً صوت يحيى : استني بس ، أستني .


وقفت بتوتر ليقترب منها متسائلا : هو مش أنا عمك صاحب أبوكي و مسؤل عنك حالياً ؟ يبقى تسمعي كلامي أنا بس يا حبيبة عمك ، أنا شايف إن لبسك عادي و ما فيش داعي تغيري ، يالا عشان ننزل كلنا على الفطار.


هم ليتحرك و هو يبتسم بإستفزاز  ينظر بجانب عينه على إبنه الذى يحترق من الغضب و سأل : فيك حاجه يا جو يا حبيبي.


لم يستطع چو الصمت و قال : ايوه في .


نظر لزينب و قال بأمر: روحي غيري زي ما قولت .


حملق فيه يحيى بإبتسامة سمجه ثم قال : لأ حمش ياض ، خلاص يا زينب روحي .


هرولت زينب سريعاً تختفي داخل غرفتها و دقات قلبها عاليه.


بينما تتقدم يحيى من إبنه مردداً: ما قولت لك أتدخل و أخلص بالأصول .


حاول يوسف مدارت ضحكته و قال : أحممم، مش دلوقتي ، أاا.. يالا بينا عشان نفطر .


أشار لشقيقته التي كانت تتابع كل ما يحدث بعدم رضا لأن تتقدم معهم .


و إلتف ينظر لآخر الرواق حيث غرفة زينب فيقول يحيى : بص قدامك لا تتكفي على بوزك .


حمحم يوسف بخشونه يستدعي ثباته ثم هبط الدرج معهم لكنه مازال ينتظرها و عينه على السلم حتى ظهرت أمامه و قد بدلت تنورتها بالفعل لاخري واسعه و لجوارها نور التي انتهت من تبديل ثيابها هي الأخرى و أصبحت كل منهما مستعده للذهاب إلى الجامعه.


نظر يحيى على أسرته و التي ستكبر بانضمام زينب لهم فعلياً و ليس سورياً بعدما تصبح زوجة إبنه و أبتسم ، أنها الزوجة الصالحة التي لطالما تمناها لوحيده ، ستكن أماً لأحفاد رائعين .


سحب نفس عميق سعيد ثم قال : أنا مبسوط بيكم أوي يا ولاد ، يارب يكمل عددنا كده إن شاء الله بولاد يوسف .


نظر يوسف على زينب التي ارتبكت من نظرات هو و يحيى الذي على ما يبدو يقصدها هي بحديثه عن إنجاب أحفاد .


وقفت سريعاً و قالت بتوتر : الحمدلله ، أنا لازم أخرج دلوقتي.


يوسف : كملي أكلك الأول.

زينب: خلصت و عايزه أخرج.


يوسف : ما أنا لسه ما خلصتش .


كان الكل ينظر عليهم يتابع ما يحدث مما يزيدها إرتباك و توتر فقالت : بالهنا والشفا ، كل براحتك ده انا إلي هروح كليتي.


رفع يوسف حاحبه يقول لها: ما هو أنا إلي هوصلك .


قال ما قاله و كأنه أقر و انتهى الأمر هو يخبرها للمعرفة لا أكثر.


حمحم مكملاً تحت نظرات والده الساخره : أنتي و نور .


نظرت له نرمين و قالت بغيظ مكظوم : طب و أنا ، مش كنت بتوصلني للشغل في طريقك؟


يوسف : أنتي بتعرفي تسوقى خدي أي عربيه من الجراج ، لكن دول بنتين صغيرين مش هينفع.


زاد ضيق نرمين فأضافت : بجد ، على أساس أن نور أول سنه ليها ف الجامعه يعني و لا أنت إلي جد جديد معاك .


نظر لها يوسف بغضب ،شقيقته و يعرفها حق المعرفه ، فإن كانت تريد الفظاظه فهي لها ، حيث نظر داخل عيناها و قال بقوه : أيوه جد جديد معايا ... يالا يا زينب .


شهقت نرمين بصدمه ، كلامه واضح خصوصاً جملته الاخيره ، تلك الحرباء ، لا تطيقها ، قدمت لتسرق شقيقهم الوحيد منهم كلهم .


بينما زينب خرجت خلفه سريعاً تلبية لطلبه و هربا من نظرات نرمين الحارقه .


_______________________


وصلا لمقر شركة لمى التي تطل من نافذة مكتبها تراهما متماغمان كزوجي الكناريا لا تسمع ما يقولانه لكنها ترى هارون يرفع كفها بكفه يتحسسه ثم يقبله.


ابتسمت له غنوة و م تحسست وجهه بكفها تردد بحنان: هتوحشني أوي.


غمز لها هارون قائلا : مش هتأخر عليكي ، هخلص شوية شغل عندي و أرجع لك يا جميل .


ابتسمت غنوة بخفه ثم قالت بقليل من الحزن : هارون ، مش بتفكر تصالح ماجد. 


تغضن وجه هارون بالحزن و تنهد تنهيدة حاره ثم قال : نفسي ، بس ماليش عين بصراحه ، مش عارف أوريه وشي بعد اللي عملته .

هزت غنوة رأسها بضيق و قالت: كله بسببي .


زم هارون شفتيه و قال : بصراحه أه ، أنتي أساس كل مصايب حياتي ، من أول القتل لحد أشجان.


ضربته فى معدته بغيظ و قالت: ألا يكون مش عاجبك !

تأوه بعبث و هو يردد : و أنا أقدر ، ده انا حتى ابقى كداب .


رفعت رأسها بفخر  ثم قالت : أيوه كده جيب ورا ، و لو على ماجد أنا هتصرف .


هارون : هتعملي ايه يعني ؟


غمزت له مردده : فيروز ، أنت ناسي و لا ايه ؟ شكله بيموت فيها و ليها تأثير خاص عليه .


هارون: يعني أنا البنات هي إلي هتتوسط ما بيني و بين صاحبي ، اطلعي يا غنوة على شغلك .


هزت كتفها و قالت : براحتك ، الحق عليا ، اوعى كده.


أزاحت عنها ذراعه الذي يحتضنها و ابتعدت كي تدلف للداخل ، لكنها ألتفت له و عادت مهروله لعنده تحتضنه مردده : هات حضن ياولا .


ضحك بسعادة و أغمض عيناه يستمتع بغمرتها و قال : بحبك يا بنت الذينا أنتي .


خرجت من أحضانه تردد بشقاوه : أنا إلي بحبك يا إبن الصواف .


سرعان ما احتد صوتها و قالت بأمر : أتحرك يالا من هنا ، أم أربعه و اربعين دي واقفه تبحلق فيك ، يالا .


عض على شفته السفلى يردد بسعادة : بتغيري عليا يا غنوتي .


نظرت له بشر و قالت : عندك إعتراض مثلاً ، يالا اتحرك و لا واقف لها تبص عليك ، إخلص .


زم شفتيه يقول بحزن مصطنع : و أنا اللي كنت عايز أطلع عشان أتكلم معاها في الشرط الجزائي.


غنوة: ما أنت كده كده هتكلمها ، أمال يعني هتسيبني مطمرمطه كده كتير ، بس و أنا معاك ، قاعده على قلبكم ، و هي لازم تعرف إنك بتاعي أنا لوحدي فاهم .


قالت كلمتها الاخيره و هي تصرخ فيه بحده ليهز رأسه مرددا بسعاده و هو يجذبها بإحدى ذراعيه لأحضانه : فاهم ، أنا بتاعك يا ريس .


ضحكت و هي ترفع رقبتها بكبر و حانت منها نظره على لمى التي اغلقت النافذه بعنف و أختفت لتضحك غنوة مردده : هيجرى لها حاجه مني .


هارون : شريره أنتي أوي.


غنوة : و هي غبية و غاوية تبص تحت رجليها .


هارون: مش فاهم قصدك!


غنوة : عندها اكتر من فرصه و باينه للأعمى ، هي إلي الغل ملى قلبها و عماها عن الي بيتمنوا لها الرضا ترضا ، خليها بقا كده لحد ما تخسر كل حاجه.


زفر هارون بضيق و قال : أنا ليه كل ما أقول إني فهمتك ارجع أحس إني مش فاهمك و إنك لغز كبير بالنسبة لي .


ابتسمت له تقول : و لا لغز و لا حاجة ، أحنا بس كبنات بناخد بالنا مش حاجات الرجاله مش بتاخد بالها منها بسهولة ، عشان كده انت مش واخد بالك ، يالا أنت على شغلك عشان تخلص و تروح لماجد .


مال على جبينها يقبله ثم قال مبتسماً: اوكي يا حبيبتي ، مش هتأخر عليكي و هاجي لك عشان أخلص موضوعك مع لمى .


قرصته فى خصره مردده بغل : ما تنطقش إسمها.


تأوه بينما يضحك و قال: حاضر ، متوحشه بس عسل.


ضحكت بأعين تشع انوثه و قالت: طب أمشي بقا بريحة برفانك إلي مسيبه أعصابي دي يالا.


أبتعد عنها يقول : لأ همشي أحسن أنا بقيت أخاف على نفسي منك .


ابتعدت ترفع حاجبها منه بغيظ ثم قالت : بقا كده ، خلاص نرجع للسيستم القديم.


فقال بخوف و لهفه : لا و النبي ده انا ما صدقت ، أنا غلطان ،معقول هتاخدي على كلامي.


هزت كتفها بدلال و هي تغادر مردده : أيوه كده اتظبط ، سلام .


تابعها هارون بأنظاره يردد : سلام يا مهلبيه قلبي .


ألقت له قبله في الهواء فقال : ما أنت كمان ما بحبش البوس على الهوى.


قالت قبلما تختفي : امشي يا هارون .


سحب نفس عميق مليئ بالسعادة التي تضيفها غنوة على حياته بقوه ثم تحرك يعود لسيارته يحركها ليغادر .


_____________________


ترجل من سيارته يغلق أزرار معطفه و يدلف للداخل في ثقة و ثبات يتقدم من مكتب ماجد 


وقف ماجد يحاول كظم غيظه يمد يده بالسلام مرددا بابتسامة مجاملة: أهلا مستر فلاديمير .


فلاديمير : أهلاً ماجد .


ماجد : تحب تشرب إيه ؟ قهوة.


فلاديمير : شربات ماجد ، شربات .


ماجد : وات 


أبتسم فلاديمير بسماحة و قال : إيه ؟ مش عندكم هنا في الأفراح بتشربوا شربات .


صك ماجد أسنانه خفية و شال: هو في فرح دلوقتي و لا حاجة ؟


فلاديمير: هممم، واضح اني عشان سيبتك تاخد وقتك نسيت ، ايوه في حبيبي ، جوازي من فيروزتي .


سحب ماجد نفس عميق يتحكم في أعصابه قدر المستطاع و هو لا يتحمل إضافة ياء الملكية الخاصة بفيروز تعود على رجل آخر غيره ثم قال: لأ ما نستش ، بس ... هتعمل ايه في الأوراق و انت مش من ديانتها ، بالأساس عيلة الدهبي مش هتوافق تتمم الجوازه من غير دين كده .


ضحك فلاديمير و قال : انت بتنسى ليه حبيبي ماجد ، أوعى تكون بتحب جديد ، أوعى .


صمت كل منهما ينظران لبعض ليضحك ماجد مردداً : شكلي كده فعلاً.


أبتسم فلاديمير ، كان يعلم أن ماجد رجل لا يستهان به و قال: كنت عارف إنك شخص غير عادي ، مش بقولك اصطفيتك ، أنت هتكون زعيم كبير ماجد و مش بعيد ييجي يوم تكون فيه مكاني .


ضحك ماجد ساخراً و هو يهز كرسيه و ردد : معقول ، بتقول إن إلي يمسك شغلكم ده ماينفعش يبطل او يعتزل .


عاد فلاديمير يفرد ظهره للخلف و يضع قدماً فوق الأخرى ثم قال : طالما أنت هتترقى يبقى أنا كمان هترقى حبيبي ، الحياه و الشغل درجات ، و يوم ما انت تاخد مكاني هكون أنا زعيم العالم كله فهمت .


همهم ماجد بصمت فيبتسم فلاديمير مردداً : ساعتها هكون أنا واخد أجازة طويله و أروح جزيرتي إلي مافيهاش أي حد ، اشتريتها عشان تبقى ليا أنا و فيروزه و بس .


ضم ماجد قبضة يده و هو لا يستطيع تحمل الحديث و تخيلات هذا الوغد عن حبيته فيروز ، أبتسم فلاديمير و هو يلاحظ كل ذلك و يمثل التغافل ثم قال : و لو موضوع الديانه هو إلي شاغلك أوي كده ف ماتقلقش أنا عرفت نفسي لمصطفى جد فيروز على أني مسلم ، و عندي أوراق كتير بجنسيات دول كتير و فيها كذا ديانه يعنى no problem .


صمت ماجد لدقيقة كامله ثم قال : عظيم جداً، تحب الفرح يكون اخر الأسبوع؟


انتبه فلاديمير لنبرة ماجد الثابته و نظر له بتوجس و بقى صامت دقيقه يحاول قراؤة افكاره لكن ماجد كان متخذ لوضع الجوكر كي لا تقرأ أفكاره من أعظم خبير للغة الجسد فلم يتمكن فلاديمير من قراؤة أي شيء لكن القاعدة الأساسية في لغة الجسد أن من يتخذ تلك الوضعية فهو يخبئ خلفه كارثه .


لذا وقف فلاديمير بجسد متأهب و قال: آخر الأسبوع ، موافق .


مد يده يصافح ماجد الذي قال : و أنا كمان ، نورت .


خرج فلاديمير من عنده و عقله يعمل في كل الاتجاهات لكن إصطدم كتفه بكتف صلب ، رفع رأسه يرى من يواجهه ليبتسم مردداً : هارون الصواف ، اهلاً و سهلاً.


جعد هارون ما بين حاجبيه ينظر لهذا المجهول ثم ينظر داخل المكتب المفتوح على ماجد و سأله: الباشا يعرفني.


أبتسم فلاديمير إبتسامة مخيفه ثم قال : عز المعرفه ، ده أنت كنت هتبقى مكان ماجد ، لولا عيار النار إلي أخدته قدام المطعم .


أستغرب هارون كثيراً ، من هذا و من أين يعلم بتفاصيل ذلك اليوم ، هل يعرف غنوة و مخططاتها .


و ما أن إلتف حتى يستفير عن كل ما يريد لم يجده بل لم يكن له أي أثر. 


دلف لعند ماجد يسأل : مين ده ؟ و عايز منك إيه و لا يعرفني منين ؟ ويعرف غنوة منين ؟


لم ينظر له ماجد و إنما عينه على نقطة وهمية يسأل : ايه إلي جابك.


هارون : جاي لصاحبي .


ماجد: مابقيناش صحاب خلاص ، أنت ناسي إلي عملته فيا .


نظر هارون أرضاً و قال بخزي : عندك حق ، كنت غلطان ، بس بردو دي أول غلطة ليا معاك ، لو إلي بينا كبير يبقى لازم تعديها.


ماجد بجمود : مش كل الغلط بيتعدى .


تنهد هارون بحزن ثم قال : حتى لو أعتذرت لك و قولت لك حقك عليا يا صاحبي .


نظر له ماجد لثواني و لم يتحمل المزيد ، وقف عن مكتبه سريعاً يلقي نفسه في أحضان صديقه مردداً : زعلان منك أوي يا صاحبي ، ليه سبتني للدنيا تلطش فيا و تستفرد بيا ، كنت محتاج لك.


ارتعب هارون من طريقة ماجد في الحديث و ذلك الضعف البادي عليه ، لم يكن هكذا يوماً.


هتف فيه بحده : مالك يالا ، ايه الى حصل ، فيك إيه ، من امتى و انت ضعيف كده .


إلتف ماجد يحاول الوصول لكرسيه ليلقي بجسده المنهك عليه ثم قال : هتحمل أي حاجة في الدنيا يا هارون إلا فيروز ، إلا فيروز يا هارون دي روحي إلي ما صدقت لاقيتها ، مش هقدر أتحمل و مش عارف هقدر أنفذ إلي بخطط له و لا لأ.


زاد قلق هارون و سأله : هو في أيه ، ايه الى حصل في الفتره إلي فاتت و أنا مش عارفه و ايه عرف الراجل ده بموضوع ضرب النار إلي كان في المطعم.


أسبل ماجد جفناه بتعب ثم بدأ يسرد على صديقه تفاصيل الشهران الماضيان و ما سبقهم من أحداث تتعلق به و بمختار .


______________________


لثاني يوم على التوالي و هي أمامه كالفاكهه المحرمه لا يتسطيع الإقتراب منها أو محادثتها ، رغبه بربرية همجية تجتاحه و هي أمامه قريبه بعيده هكذا يوم لو يضمها لأحضانه حتى تتكسر عظامها داخل أضلعه ، لكنه قد سبق و حاول و هي سبق و ابتعدت مختفيه تماماً.


لم يكن أمامه سوى أسوء الحلول و هو أن تبقى أمام عيناه يشبعهم منها حتى لو لن يستطع الإقتراب.


ظل يراقبها من بعيد و هو مسحور تماماً بجمالها الخلاب عيناه ترتكز في كثير من الأحيان على شفتيها و كوب العصير الذي ترتشف منه على مهل بينما تنظر للأمواج بشرود .


هو يظنها شارده و هي بعيده عن ذلك تمام هي فقط تحاول تلاشي النظر لعيناه ، فكلما نظرت له تهاجمها كل ذكرياتها القديمه من زمن بعيد و اوقاتهما معا في الأيام القليلة الأخيرة و كل منهما على النقيض تماماً فيصنع داخلها صراع مرير .


كل ذلك تراقبه كلارا عن كسب ، تقترب منه حتى جلست بجواره ملتصقه به تتمسح فيه بدلال مردده : كنت عارفه إنها مجرد علاقة مؤقته زيها زي كتير غيرها و هترجع لي تاني يا ضياء ، و ساعتها تتأكد أن مافيش حد بيفهك غيري .


نظر لها ضياء بصمت و لم يعلق ثواني و أبتسم و هو يشعر بتغير ملامح چيچي تنظر لهم بغضب صم تبعد عيناها عنهم.


تزداد سعادته أضعاف و هو يستشعر غيرتها عليه لكن لم يدم ذلك و انقلب عليه و هو يرى رائف صديقه يقترب منها و يجلس لجوارها و هو يبتسم لتشتعل النيران داخله .


ظل يهز في قدميه و هو يراها تبتسم له تستمع له بإهتمام شديد .


و هي تبتسم بخبث تعلم أنه يتابعها لكن جذبها حديث رائف الذي سأل مباشرة: إيه إلي بينك و بين ضياء ، أنتو مع بعض ؟


جعدت ما بين حاجبيها و كأن جملته كانت سبة نابيه و سألت : مع بعض إزاي يعني.


غمز لها بوقاحة ثم قال : يعني زي كلارا كده.


وقفت عن مقعدها تقول: أنا مش زي حد و ما حدش زيي .


انتبه ضياء على وقوقفها و تحدثها بحده مع رائف ، أبعد كلارا عنه ليركز فيما يحدث لكنه هم عن مقعده بسرعه و غضب و هو يرى رائف يقترب منها محاولا مسك يدها ثم قال : أهدي بس انا بسأل سؤال عادي و...


كاد ضياء أن يتحرك كي يكسر عظام صديقه لكن توقف و هو يرى چيجي تدفعه بعيدا عنها حتى كاد أن يسقط لولا سطح الطاولة من خلفه.


هرولت مبتعدة تتجه للمصعد و منه للطابق الخامس حيث غرفتها ، تفاجئت بضياء من خلفها يناديها : چيچي .


أسرعت في خطواتها كي تختفي داخل غرفتها لكنه تمكن من اللحاق بها و قبض على ذراعها حتى التفت له فقال : بتهربي مني ليه .


جاوبته بحده من بين أسنانها : أنا مش بهرب من حد ، أنت الي جاي ورايا ليه ؟ روح لكلارا بدل ما تبرد .


أقترب منها حتى أنعدمت المسافات و سأل : بتغيري عليا يا روحي .


أتسعت عيناها بصدمه و هي تبحث بداخلها عن الإجابة التي لو أنكرتها أمامه فلن تستطيع نكرانها  أمام نفسها.


تركته بهدوء و لم تجيبه و أنسحبت لغرفتها تغلق الباب تستند عليه و هي صامته تماماً لتتواجه مع صديقتها التي سألت : بقيتي تغيري يا تقى ؟ حبتيه ؟


_______________________


وصل للبيت و هو مثقل بالهموم يرغب فى إلقاء من نفسه داخل أحضان غنوته ، وقف ليخرج مفتاح الباب من سرواله و هو يهاتفها إلى أن جاوبت أخيراً : ألو ، أنتي فين يا غنوة ، موبايلك مقفول كمان مش المفروض شغلك عند لمى خلص .


جاوبته غنوة بحده : و مش كان المفروض تيجي النهاردة تتكلم معاها .


تنهد هارون قائلاً : ماعلش يا حبيبتي ، حصل حاجات شقلبت يومي و تفكيري لازم تيجي عشان أحكي لك ، أنا محتاجك أوي.


غنوة : أنا في الشغل بتاعي دلوقتي ، خلاص بخلص كام حاجه و جايه في بكره إيڤنت مهم .


تنهد مجددا بتعب و هو يغلق باب البيت خلفه و يدلف للداخل مرددا : ماشي يا حبيبي ، بس ما تتأخريش عليا.


أغلق معها الهاتف و تقدم للداخل كي يصعد الدرج لكنه إستمع لصوت تأوه قادم من إحدى الارائك خلفه 


عاد للخلف خطوتين ليرى عمه متمدد على الأريكة ، أتسعت عيناه أولا ثم حاول كبت ضحكته و هو يرى وجه عمه الممتلئ بالكدمات علاوه على يده المجبره .


و سأل : إيه يا كظ كظ ، ايه الى حصللك.


وضع يده على إحدى الكدمات فى وجه كاظم ليتأوه كاظم: أاااه.. هااح.


ضحك هارون مجددا و سأل: مين عمل فيك كده.


كاظم: كل ده عشان قولت لها اديني حبة حنان .


ضحك هارون بقوه و قال: ههههههههه قامت مدياك .



الثالثة والخمسون 


حاول قدر المستطاع كبت ضحكاته لكنه لم يستطع و انفجر ضاحكاً حتى معت عيناه .


بينما كاظم ينظر له شذراً ثم قال: بتضحك على عمك يا واطي ، طول عمرك واطي أوي.


هارون : بعض مما عندكم يا عمي ، أنا مش مصدق نفسي بجد ، بقا معقول كاظم الصواف زير النسا و منبع المليطة يحصل فيه كده ؟ تبقى دي نهايته ؟ صحيح يا ولاد ، الحجر الداير لابد من لاطه


وقف كاظم مترنحاً و هو يردد : طب حاسب بقا عشان الدور عليك ، أنا حاسس أنهم هيفضلوا ورانا لحد ما يجيبوا أجلنا .


زم هارون شفتيه مستنكراً و سأل: ده على أساس أنها هي إلي كانت بتجري وراك ، يا عمي ... يا عمي قول كلام غير ده ، ده انا إبن اخوك يعني ستر و غطا عليك .


تأوه كاظم متألما ثم قال : طب لعلمك بقا هي عينها مني ، أيوه أسألني أنا ، يتمنعنن و هن الراغبات ، تحب احلف لك


ضحك هارون و قال بينما  إصبعه على كدمات عمه : يا راجل من غير ما تحلف ده حتى باين على وشك .


نظر له كاظم بجانب عينه و قال ساخراً : إلي يشوفك يقول الواد الفيت الي ما فيش منه ، أمال لو ماكنتش مسوياك على الجنبين زي الرنجاية كنت عملت فينا إيه .


أتسعت عينا هارون بصدمه يردد : رنجاية ؟ أنا رنجاية ؟


كاظم : بصراحه أه ، أنا مش عايز اقولك من زمان بس بصراحه بقا هي دي الحقيقة و شكلك بقا وحش أوي ، فين هارون ، الباد بوي إلي لا عنده ذمة و لا مبدأ ، كان يخلص أي حاجة عايزها في مينت ، من ساعة ما قلبك بقا قلب خساية و أنت مش عاجبني خالص .


تحرك كاظم متأوها يصعد الدرج واحده بأخرى حتى وصل لغرفته تاركاً هارون خلفه و قد اخترق الكلام عقله ، بالفعل تلك لم تكن أبدا شخصيته ، لقد تغير كثيراً مع غنوة ، ربما هو مجبر على ذلك ، أجبره عشقه لها .


أنتبه على صوت اشجان و سيل من السباب النابي قادم من اعلى ثم هبوط كاظم الدرج و هو يتأوه بخفوت يردد: الخلوقه المحترمه ، رفضت بكل أدب ، لسانها ده مايعرفش العيبه ، بقولك ايه خلي حد ينضف لي اوضة من الأوض المقفوله .


نظر له هارون بجانب عينه ثم ترك له المكان و دلف لغرفة مكتبه يعيد حساباته من جديد .


____________________


خرجت نور من آخر محاضراتها ، اليوم كان طويل و مرهق إلى حد كبير .


جلست على أول درجة من درجات السلم الرخامي أمام كليتها تنتظر مرور زينب أو يوسف ، أي منهما أولاً ، كان الإجهاد قد تمكن منها علاوة على ألم أسنانها و الذي أصبح شبه يومي فلم تكن بمزاج جيد أو حتى صحه جيده ، لذا التزمت الصمت و جلست بعيداً عن باقى زملائها المجتمعين في حلقة كبيره حول بعضهم .


و اتكئت برأسها على ذراعيها تدفن وجهها بهم من شدة الإرهاق .


ثواني و رفعت رأسها أثر الصوت الصاخب القادم من عندهم كانوا يهللون بسبب شيئ ما .


و الملفت للنظر هو إحتفائهم بشخص واحد ، ضيقت عيناها تركز لتفطن هويته ، و من غيره معذب قلب فتيات جامعة القاهرة عامة و كلية حاسبات ومعلومات خاصة . 


تتذكر الصور و الفيديوهات الطريفه التي قضت الليل كله تشاهدها لهم على مجموعة الكلية و كان هو تقريبا بطل كل هذه الفيديوهات بسبب إلتفاف الكل حوله.


تنهدت بتعب و عادت لتدفن رأسها بين ذراعيها ، متى يأتي يوسف و يأخذها للبيت هي فعلاً مرهقه جدا،  لتشعر بعد أقل من دقيقه بشخص يجلس لجوارها .


رفعت وجهها لتعرف من ، توقعتها زينب لكنها صدمت به ، ترك كل المتجمعين حوله و جاء لعندها .


إنه سامر المصري ، و قد جاءها بقدميه .


تنظر له بتفاجئ و هو فقط يركز بنظره على عيناها البنيه و الصمت هو الشيء المتبادل بينهما إلي أن أبتسم بعذوبة و قال : أعملك إيه ، ماكنش ينفع معاكي غير كده.


هزت رأسها بجنون ، ماذا يقصد عنما يتحدث ، أبتسم مجددا بثقة ثم قال : طول الوقت بنبص لبعض أنا ابص لك و أنتي تبصي لي و ما فيش حد فينا عنده الاستعداد يبادر هو ، فقولت مابدهاش بقا ، أجي أنا و اتعرف عليكي .


جعدت ما بين حاجبيها و لم يعجبها حديثه رغم أنها بينها و بين حالها تعلم أنه صحيح لكنها قالت : بنبص لبعض ؟ فين ده ، أنا دي تاني مره أشوفك بس .


رفع أحدي حاجبيه و قال: أمممم ، معقول أنا كل ده بيتهيئلي ، أكيد أنا مش بالعبط ده ، بس بصراحة أنا كنت مستني تعملي زي كل البنات و تيجي أنتي تكلميني لكن ما عملتيش كده ، يمكن ده الي شدني ليكي أكتر.


انزعجت جدا من غطرسته في الكلام ،تغير انطباعها عنه من الإنجذاب للنفور فوقفت تردد : واضح انك واخد مقلب كبير في نفسك ،  مش عارفه أنت جايب الثقه دي منين ، و على فكره أنا أه كنت باخد بالي منك و بشوف ناس كتير حواليك و ده خلاني افتكر انك شخص واو و كده ، بس بعد أول كلمتين منك عرفت أن المظاهر خداعة .


تركت له المكان و غادرت سريعاً بغضب ، لأول مرة يقلل أحدهم من شأنها هكذا كما فعل .


تجلى الضيق على وجهه و هو يراها تغادر غاضبه منه فاقترب منه أحد أصدقائه مرددا: غلط ، الداخله كانت غلط ، طيرت البت ، منك لله .


نظر سامر عليها و هى مازالت تسير في الحرم الجامعي مغادرة بغضب و قال : أعمل ايه بقا ، أول ما بصيت لها فيس تو فيس و عيني جت في عينها اتلغبط ، هموت عليها.


هز صديقه رأسه و قال بيأس : خلاص خلاص ، فكك .


أتسعت عينا سامر و قال بإصرار : لأ ، أنا هحاول تاني ، و أكيد هعرف اصلح إلي حصل.


نظر لصديقه ينتظر تأكيده على ما يقول لكن صديقه قال : ما اظنش ، الإنطباعات الاولى تدوم ، و عاملي فيها فتك و مدوب البنات ، أتحرك قدامي أتحرك .


__________________


وقف بسيارته في مكان على الطريق الصحراوي ،خالي تمام ، ظل لدقائق داخل السيارة ينتظر إلى أن تقدمت سياره أخرى و قلبت نور كشافاتها لثلاث مرات متتاليه و فعل هو كذلك .


على ما يبدو أنها علامة تم الإتفاق عليها بينهما لذا اطمئن قلبه و ترجل من سيارته و فعل نظيره بالمقابل .


حتى تواجها في الظلام الذي لا يكسره سوى ضوء كشافات السيارتين .


نظر ماجد للماثل أمامه بغضب ثم قال بلكنة أجنبية: هل ستقدر هذه المره أم أنها مجرد محاولة فاشله أخري.


زم الرجل شفتيه بغيظ و قال : لن يحدث ، فتلك المره نفذت لأجل المال الذي تقاسمته مع صديقي ، صديقي الذي قتله ذلك الوغد في أقل من ثانية ، هذه المره مختلفة ، فهي مسألة ثأر ، يجب أن يقتل كما قتل صديقي .


زم ماجد شفتيه بتوجس و قال : أتمنى ذلك .


تحرك ناحية سيارته و اخرج منها حقيبه سوداء ، ناولها للرجل الآخر ثم قال : بتلك الحقيبه نص المبلغ المتفق عليه و النصف الآخر ما أن أرى رأس فلاديمير ، يجب ألا يخرج حيا خارج مصر ، هو من قدم لمصر بقدميه خلفي لذا سأنشئ له قبر بها ، هل فهمت .


هز الرجل رأسه و الغل في عينه لم يقل كثيرا عن ماجد الذي تحرك سريعاً يغادر ذلك المكان و كذلك فعل الأخر .


عاد للبيت بخطى ثقيله متعبه ، و مثلما يفعل كل مره ذهب لغرفتها أولاً .


فتح الباب لتتسع عيناه و يتوقف عقله عن العمل و هو يراها تقف في منتصف الغرفه متخصره بشال من الحرير تتمايل في كل الاتجاهات على أنغام موسيقي شرقيه .


التهبت كل حواسه و تخشب جسده ، كانت مغوية لدرجة العذاب .


شهقت بخفوت و هي تشعر بأحدهم يقترب منها حتى التقص ظهره بظهرها يوقف حركة خصرها السائل و الذي يتمايل مع أنغام الموسيقى يمينا و شمالا.


أغمضت عيناها مبتسمه و قد تعرفت عليه ، و من غيره قد يفعلها.


ليردد بصوت متعب: بتعملي إيه الله يخربيتك ، هو انا ناقص .


أبتسمت و قالت : برقص ، أنا بحب الرقص أوي، مافيش حاجه بتغيرلي مودي غيره .


ماجد: و تجلطيني أنا ، روحي اقلعي البتاع ده ، أنا دقيقه كمان و هفقد أعصابي .


التفت له تنظر لعيناه ثم قالت بعبث : ليه ماله ؟


ملس بأصابعه الغليظه على شفتيها و ردد بصوت ملتهب النبرات : حلو ، أوي ، أنتي أصلا لوحدك مجنناني ، و كمان تلبسي كده عايزه تعملي فيا إيه ؟ روحي غيري .


رفعت إحدى حاجبيها و قالت بعناد متلذذه : لأ .


اقترب منها يلف خصرها بذراعيه القويه ثم قال : و لما ما اقدرش أمسك نفسي يبقى ساعتها ايه العمل 


قال جملته الاخيره بأعين مظلمه من رغبته الجارفه و على ما يبدو أن طاقة تحكمه في نفسه قد استنفذت 


و بدأ يمد يده بأنفاس لاهسه غرضه فتح ازرار قميصها الوردي .


فشهقت بهلع تبتعد عنه مردده : أنت بتعمل ايه يا ماجد!


أهمل كلماتها ، بل على ما يبدو انه لم يستمع لها من الأساس و قربها إليه بإصرار يقول بأعين مظلمه : تعالي يا فيروز .


ابتعدت عنه أكثر حتى اصطدمت بالجدار من خلفها و قالت : أنت أنجننت يا ماجد ، مش كفاية الي حصل قبل كده.


و أخيراً استفاق على نفسه يسمح على شعراته بجنون يتنفس بوتيرة سريعة و عاليه يحاول ملاحقة أنفاسه ثم قال : أعمل فيكي ايه بس جننتيني بجمالك و دلعك ، قولت لك غيري لبسك ده عايز أخرج بيكي من هنا من قبل ما حد يحس أو يعرف بحكايتي معاكي .


جعدت ما بين حاجبيها و اعتدلت في وقفتها بأنتباه تسأل : يعنى ايه؟ و تخرج بيا إزاي!و على فين ؟


بلل شفتيه و قد جف حلقه من هيئتها المهلكه لأعصابه و قال: و أنا هعرف أكلمك و أنتي كده  ، أنا مش عارف أمسك نفسي قدامك ، عشر دقايق تغيري و تجيلي على اوضتي .


هم ليتحرك لكنه توقف و قال : و لا لأ ، اوضتي لأ ، أنا بردو مش ضامن نفسي ، تعالي لي تحت في الجنينه أوكي.


هزت رأسها إيجاباً و تحركت سريعاً كي تلحق به .


بعد القليل الدقائق خرجت إليه في الحديقه الكبيره و الفارغه تماماً من أي شيء فقط نجيله طبيعيه خضراء تكسو رقعه كبيره من الأرض تسبق بحيره صناعيه خاصه بقصر عائلة الذهبي .


إلتف إليها و قد سبقها لعنده عطرها يراها و هي تتقدم في ثوب كريمي فضفاض ، تباً لها حتى لو أرتدت شوال من الخيش تظل جميلة و مغريه .


صورتها و هي بذلك الرداء الوردي مع حزام الخصر لا يبارح مخيلته مطلقاً.


حاول هز رأسه  لينفض تلك الأفكار على الأقل مؤقتاً حتى ينفذ مع سعى له و خطط .


توقفت أمامه تقول بابتسامة عابثه و كأنها قد أقسمت على إرهاق أعصابه : كده كويس ؟


مد يده يجلسها لجواره ثم سألها مباشرة: فيروز أنتي بتحبيني ؟


تلعثمت في الرد ، لقد باغتها بسؤاله ، بللت شفتيها و هي تبحث عن الإجابة و قد تجلت الحيره على ملامحها فقال: قولي إلي حساه حتى لو مش مفهوم ، أنا اكتر حد هيفهمك لأني أكتر حد عاش الشعور و عكسه .


ابتلعت رمقها و حاولت البدء في الحديث للتعبير عن نفسها : أنا بحس انك بتوحشني ، و لما بتخرج ببقى عايزه اتطمن عليك و إنت بتحبني أوي.


ماجد : يعني وافقتي تبقي معايا عشان بحبك ؟ أنتي لأ ؟


رفعت عيناها الرصاصيه له و قالت : ماجد أنت تخوف ، أنا أخاف أحبك ، أنا حتى أخاف اتجوزك .


احتدت عيناه و قبض على معصميها يهزها بغضب مردداً : يعني إيه أخاف اتجوزك ،انتي مش من يومين بالظبط وافقتي ،و قربنا من بعض ، كل ده كان إيه ؟


حاولت الإبتعاد عنه و قد دب الرعب داخلها تردد : شوفت ، هو ده اللي أنا بتكلم فيه ، مجرد كلامي معاك عن إن ممكن أرجع في كلامي خلاك أتحولت لشخص تاني ، شخص بيخوفني ، و أنت هو هو نفس الشخص الي مم ثواني قالي أتكلمي بالي جواكي و أنا هفهمك ، من كلمة كل ده اتبخر .


رد عليها بقلب ملتاع : عايزاني أعمل ايه و أنتي بتقولي انك رجعتي في كلامك ، جوازك مني حاجه مافيها كلام يا فيروز ، أنتي بتاعتي و هتفضلي بتاعتي .


فيروز: أهو شوفت ، هو ده بالظبط ، كلامك بيخوفني بيحسسني إني أسيره ليك ، ده غير غيرتك إلي مش عاديه و شكك فيا ، أنا لسه فاكره إلي أنت عملته كويس اوي و ما نستش .


هتف فيها بحده : ما هو من غيرتي عليكي ، أعمل ايه ، بحبك و مجنون بيكي أنتي كمان لازم تقدري قلبي و إحساسي إلي بعيشه لو شوفت حد مقرب منك ، و تعرفي إنه إحساس وحش أوي ، لا يحتمل فتتجني إنك تعرضيني ليه ، هو أنا لو شخص غيور و ربنا خالقني كده هيبقى الحل معايا إيه ؟ انك تسبيني عشان أموت في بعدك و لا تحترمي مشاعري 


صمتت بحيره لا تعلم هل معه الصواب أم عليه ، تنهد بتعب يمسح شعره الكثيف ثم قال : يا فيروز  أنا بعشقك ، كل حاجة ممكن يكون ليها حل ، بس و إحنا مع بعض .


صمت لثواني ثم أكمل : و أنتي هتيجي معايا.


قال تلك الجمله بتأكيد و إقرار ،  لا يتناقش بل قد قرر و هو الآن يخبرها فقط .


نظرت له بغضب ثم قالت: قررت يعني زغ بتعرفني .


ماجد : فيروز أنتي بتاعتي و كده و لا كده أنا كنت هاخدك و أنا ماشي.


هتفت بقوه : مالك بتتكلم عني كده كأني شنطة هدومك .


أبتسم لها يردد : لأ ، أنتي حياتي ، مش هينفع أمشي من غيرك .


نظرت له بتيه لا تعلم ماذا تقول لكنها عادت تسأل : أنت عمال تقول ماشي ماشي و هاخدك و أنا ماشي ، أنا مش فاهمه حاجه ، ماشي فين و قصدك إيه ؟


ماجد : عيلة الدهبي مش هيعدوا الموضوع ده بالساهل ،إنسي كل الكلام اللي قولتيه لفريال ،انا سبتيك تقوليه عشان تخوفيها بس لكن هو مش حقيقي و مش هيتقبوا الموضوع و أن حصل و اتقبلوه فمستحيل يسيبوني أتجوزك يا فيروز ، عشان كده لازم نهرب من هنا .


شهقت بصدمه فأكمل  : نمشي عادي كأني واخد أختي الصغيرة أفسحها و نسافر بعيد و نتجوز و نخلص من كل الهم ده.


كانت تستمع له و هى متخبطه مصدومة ، و الأفكار تتوافد على عقلها ، بداخلها الكثير من الأسئلة و أولها : طب و العيلة هنا .


ماجد: أنتي مستنيه منهم حاجه.


فيروز : ايوه أنا....


قاطعها قائلا: أنا عندي إلي يعيشنا ملوك إحنا و ولاد ولادنا و خلاص سايلت كل الأصول و بعت كل حاجه و حولت الفلوس النهاردة على بره و إحنا هنحصلهم بكره .


شهقت بقلق تضع يدها على فمها مردده : بكره ؟


ماجد : أيوه مافيش وقت ، فلاديمير عايز يتجوزك أخر الأسبوع.


زاد الرعب داخلها و الأفكار تتزاحم و تتداخل لحد التعاقد و التشابك فتسأل : طب ،طب و الراجل ده صحيح هو و عصابته هتعمل معاه إيه ؟


ماجد : لازم نخرج برا مصر الأول بطياره خاصه هتجيلنا هنا على سطح البيت الساعه أربعة العصر ، هيكون مافيش حد هنا و لا حتى الخدم ، مش هينفع ناخد الطياره من أى مكان تاني لأنه مراقبنا.


ابتلعت رمقها بخوف و سألت: و افرض حصل زي المره الى فاتت ؟


ماجد : الغلطة دي عندي كان لازم قطع الراس الكبيرة من الأول ، قبل ما تتحرك بينا الطياره هيكون فلاديمير سافر للي خلقه و ساعتها بقا يبقى يعرف أن كان ابن الطبيعه و لا لأ.


أتسعت عيناها برعب و قد صدمت فيه تسأل: هتقتله ؟


نظر لها بغضب بسبب غبائها ثم قال ساخراً : لأ إزاي ، أسيبه هو يقتلني ، أصحي يا فيروز ده واحد القتل عنده زي صباح الخير عندنا .. يعني قتله شويه عليه


رفرفت بأهدابها  متلعثمه و متخبطه لكنه لم يعطيها فرصتها و قال: تطلعي دلوقتي على اوضتك و ما تخرجيش منها ،ما تخافيش أنا مأمن البيت هنا كويس جداً ، معادنا بكره أربعه إلا عشره ،فاهمه يا فيروز.


كانت تستمع له بصمت و تيه فقال مجددا : فاهمه ؟


هزت رأسها إيجاباً و تحركت سريعاً لغرفتها تشعر بالخوف و الهلع قلبها غير مطمئن إطلاقاً.


_________________


ظل بمكانه لفترة طويلة ينتظرها إلي أن ضاق صدره ، فهاتفها و قد تمكن الضيق منه.


لتجاوبه بعد عدة مرات من الاتصال : حبيبي ، وحشتني.


لكنه كان في أعلى درجات غضبه فسألها بجمود : أنتي فين يا غنوة ؟


غنوة: مالك يا حبيبي ؟


هارون: بسألك سؤال أنتي فين كل ده ؟ أنا بقالي فوق التلات ساعات مستنيكي .


غنوة: أنا خلاص في التاكسي و قربت على البيت .


هارون : تمام مستنيكي ، أنا في المكتب .


ثم أغلق الهاتف منزعجاً و عاد برأسه للخلف بضع دقائق ينتظرها إلى أن فتح الباب و دلفت لعنده تقف متسائله بأستنكار : مالك يا هارون ؟


نظر لها نظره شمولية من قدميها حتى رأسها ثم قال : تعالي عندي .


نظرت له بريبة ، بالفعل نظراته و طريقة كلامه كانت مريبة فسألت : فيك إيه يا هارون ، مالك ؟


فقال بأمر : قربي .


ظلت صامته لا تتحرك او تتكلم فقال بشبه إستنكار و سخريه : تعالي أحضنيني ، إيه ؟! مش عايزه تسمعي دقات قلب أبوكي ؟


ألقى جملته عليها و هو يراقب عن كثب كل الانفعالات المتداخله و التي مرت على عيناها و ملامحها ، تألم قلبه قليلاً ثم قال : تعالي .


أخذت تقترب بخطوات متردده و مشاعر غير مفسرة حتى ما عاد هناك مسافة تفصل بين جسديهما تنظر لعيناه و هو ينظر بعيناها التي يلاحظ إنحدارها من النظر لعيناه و تستقر على أيسره النابض بالحياة .


لم يطلب منها مجدداً و كأنه لن يطلب مجدداً أي شيء بل سينفذ.


فقد جذبها من ذراعها و ضمها له حتي أعتصر عظامها داخل أحضانه و هي تتأوه بخفوت ، أغمض عيناه مستلذ ثم قال و شفتاه قريبه من أذنها : إحنا كتب كتابنا بكره ، مبروك يا حبيبتي .


ابتعدت عنه متفاجئة لكنه لم يفلتها و حافظ عليها بين ذراعيه يسأل : إيه ؟ مش موافقة ؟


كانت متوترة لدرجة كبيره و واضحه فقالت : لأ طبعاً موافقه ، بس ...


قاطعها بصرامة : بس إيه ؟ هتقولي شغلك ، شغلك مع لمى بيخلص الساعه خمسه ، نخلي كتب الكتاب سته و أنا تاني يوم من كتب الكتاب هكون مخلص معاها موضوع الشرط الجزائي ده و هي مش هتقدر تنتطق .


غنوة : طب و شغلي الخاص ، ما انت عارف إني شغاله على إيڤنت مهم و هو أول إيڤنت لشركتي .


رفع أحدي حاجبيه و قال : كتب الكتاب مش هياخد ساعه او ساعه و نص بالكتير عشان نحتفل مع صحابنا ، تقدري بعدها تعملي الي أنتي عايزاه ، نكتب الكتاب و بعد الإيڤنت بتاعك نعمل فرح كبير.


نظرت له بتشوش و هو يدقق النظر لها ، يقرأ بتفحص كل ردود أفعالها فقال : أعزمي إلي حابه تعزميه ، ما عدا ماجد و فيروز عشان هيسافروا بكره .


غنوة: ليه ؟


هارون : دي قصه طويله .


صمت لثواني ثم ضحك ساخراً و قال : فاكره يوم ما أجرتي حد يضربني بالنار قدام المطعم إلي جيت أقابلك فيه ؟


تنهدت بتعب ثم قالت : إيه اللي فكرك ؟


هارون: لولا ضرب النار ده كان زماني أنا مكان ماجد في الورطه إلي هو فيها ، دخولي للمستشفى عطل كل حاجه.


هزت رأسها بتشوش و قالت: أنا مش فاهمه حاجه .


سحب نفس عميق ثم قال : بكره هحكي لك كل حاجه ، بكره نبدأ عهد جديد مع بس المره دي و إحنا متجوزين عند مأذون مش بورقه زي ما كنتي بتقولي. 


نظرت له بأعين لامعه و حاولت الإعتراض : بس انا كنت مخططه إن يوم كتب كتابي يبقى بترتيبات معينه و ما حصلتش أنا اشطر ويدنج بلانر في مصر مش معقول كتب كتابي يعدي عادي كده ، لازم يبقى ترند .


نظر لها و قد بدأ الضيق و الشك يتمكنا من قلبه ناحيتها ثم قال : ماعلش ، تتعوض في الفرح إن شاء الله.


انهى حديثه بابتسامة مجامله ثم قال: كتب كتابنا بكره الساعه سته و مافيش كلام تاني غير ده يا غنوة .


هزت رأسها بتفهم ثم أقتربت منه تحتضنه ، مرمغت رأسها في صدره تستمع لدقات قلب والدها لتبتسم باتساع ثم قالت: موافقة يا قلب غنوة .


ضمها له أكثر  و هو يتنهد بتعب لا يعلم هل يغمض عيناه براحه أخيراً أم ماذا ؟


________________________


جلست تراقبه من بعيد تبتسم بين الحين والآخر و هي تراه يجلس عينه لا تفارقها و لا حتى يمثل الإنشغال هو يجلس في مكانه يرجو نظره منها فقط .


جلست نادين لجوارها تردد: في فوج كبير هياخد مركب بكره و يرجع على القاهره ، أنا بفكر أرجع معاهم .


نظرت لها تقى بتفاجئ ثم قالت : إيه ده ؟ ايه الى حصل ، مش لسه الرحلة قدامها أسبوعين كمان.


نادين : غصب عني ، بابا تعب .


نظرت تقى ناحية ضياء الذي ما زال ينظر لها ثم قالت مبتسمه : خلاص روحي أنتي ، أنا هكمل الرحلة.


أتسعت عينا نادين بصدمه و قالت : وات ؟ مين إلي بتقول كده ؟ تقى ؟! مش معقول!


تقى : أمال لو قولت لك إلي بفكر فيه


نادين بتوجس : ربنا يستر .. قولي.


صمتت و هي ترى تجعد ملامح ضياء بإنزاعاج شديد ثم انتبهت على جلوس رائف لجوراها يردد : مساء الخير.


تقى: مساء النور.


رائف : أنا جاي أكد عليكم عشان عاملين بارتي صغير في المركب من تحت الساعه سبعه .


نادين: لأ انا مش هحضر لأني هرجع مصر 


نظر رائف تجاه تقى باهتمام و سأل : و إنتي يا جيجي ، ضروري تيجي .


استغربت تقى كثيراً من إصراره و قالت : هحاول .


رائف : چيچي ، مافيش هحاول ، عشان خاطري .


نظرت له نادين بحاجب مرفوع و سألت : ليه الإصرار الشديد ده يا رائف .


رائف : ابداً ، بس حسيت أنها حزينه اليومين دول و دايماً قاعده لوحدها .


ضحكت نادين ساخره ثم قالت: و أنت بقا عارف كل حاجه عنها يعني عشان تحس أنها متغيره و بعدين لو كده يبقى من باب اولى تحس بصاحبك ما هو نفس الحال وحيد و لوحده و حزين .


قهقه رائف عاليا ثم قال: مين ده اللي حزين ، ضياء ، دي عمرها ما تحصل ، ضياء مش بيسيب حاجه تحزنه ابداً ، و لو عايز حاجة بيطولها ، هو يجرح بس مش ممكن حد يجرحه ، طب أنتو عارفين أنه بيتكلم أنجلش لبلب بس أي واحدة عايزه تبقى معاه لازم تتكلم بلغته هو مش هو إلي يتكلم بلغتها ، ضياء عاشق للسيطره و عشان كده تلاقي كلارا بتتكلم عربي ، و كلارا دي حكايتها مع ضياء حكاية تانيه خالص ،لو سمعتيها هتصعب عليكي مش هتقولي ضياء قاعد حزين .


رفرفت تقى أهدابها بذهول و قالت : يااااه كل ده جواك ليه ، إلي يشوفكوا يقول صحاب .


رائف: مش موضوعنا دلوقتي ، أنا مستنيكي بكره يا چيچي لأن..


قطع حديثهم  صوت ضياء الغاضب الذي وقف يقبض على ذراع تقى يجذبها ناحيته مردداً : لأن إيه يا رائف ؟


وقف رائف مبتسماً يردد : لأن وجود چيچي في الحفلة مهم أوي بالنسبة لي فيها حاجه دي.


لم يدري ضياء بنفسه إلا و هو يلكم رائف لكمه قويه في فمه مردداً: لو شوفتك قريب منها تاني هنسى إننا كنا في يوم صحاب أصلاً ، فاهم.


تركت تقى لهم المكان و غادرت تمثل الغضب فأسرع خلفها يناديها : چيچي .


لكنها لم تسجيب فتقدم ليوقفها بغضب مردداً : لو شوفتك واقفه معاه تاني أو مع أي راجل مش هيحصل كويس ، أنتي سامعه.


هتفت فيه بحده : و أنت مالك، أنت دلوقتي راجل متجوز ، المفروض توفر مجهوداتك دي ليها .


ضياء : چيچي ، حاولي تفهمي أنا...


قاطعته بحده و إصرار : ضياء مالكش كلام معايا غير لما أشوف ورقة طلاقك غير كده تبقى مش عايزني ، قدامك فرصه أخيره تختار .


هز رأسه مجدداً بأسى : مش هقدر أطلق تقى .


رقص قلبها فرحاً لكنها ارتدت قناع الجمود بصعوبه و إلتفت مغادره تقول: تبقى أنت إلي إختارت ، سلام يا ضياء.


غادرت مهروله يظنها حزينه غاضبه لا يعلم أنها تركض و هي تصرخ من السعادة متجهه لغرفتها .


دلفت بعدها نادين تراها و هي تقلب في خزانتها بأهتمام فسألت : بتعملي إيه ؟


إلتفت لها تقى بأعين سعيده تقول : بحضر مفاجأة.


_______________________


توقف يوسف بسيارته أمام الجامعة فتقدمت نور و جلست لجواره فسأل: مالك ؟


ظنت أنها يمكنها التحدث بأريحيه مع أخيها فقالت : في واحد ضايقني و...


بترت عبارتها و هي تراه قد تحول لشخص اخر و قال بتأهب : واحد مين ده و عملك إيه... تعالي شاوريلي عليه.


ارتعبت نور و قالت كاذبه ربما تهدئه : لأ ده ورقنا اتبدل مع بعض مش حكاية.


تنهد أخيراً بهدوء ثم قال : ماشي ، لو عمل لك حاجه تانيه عرفيني ، أنا حجزت لك عند هاشم و هوصلك دلوقتي و ابقى أرجع أخد زينب .


نور : أنت لسه مصمم على الراجل ده .


يوسف : ايوه ، يالا .


بعد ساعه تقريبا كانت تستقل المصعد الذي توقف بها أمام العياده الخاصه بالدكتور هاشم ، دلفت للداخل تخبر الممرضه عن أسمها فأخبرتها أنه ينتظرها .


دلفت لعنده و هي تشتم رائحته القويه المميزه جدا جدا تملئ الغرفه و هو يقف بنتظرها ، ينظر لها نفس النظره التى رأتها في عيناه ببيتهم .


أتسعت إبتسامته و هو يقول : أخيراً جيتي يا نور ، أنا قولت رجعتي في كلامك ، كنت هيجيلك البيت أنا.


نور : لأ أنا خلاص جيت ، شكراً.


نظر للمساعده الخاصه به و قال : أطلعي أنتي برا .


نظرت كل من نور و الممرضه له بأستغراب و سألت : مش هساعدك زي ما بعمل دايما.


هاشم: نور حالة خاصه و أنا إلي هعمل لها كل حاجه لوحدي .


استنكرت الممرضة ما يقوله كثيراً لكنها غادرت بهدوء و أغلقت الباب و بقت نور مع هاشم وحدهما و هو يسلط نظره عليها بنفس الإبتسامه .


______________________


خرجت نغم من بيتها و هي تتوعد له ، لثالت يوم على التولي و تلك الفتاه تأتي له متحججه بإشتراء الورود .


أي ورد ها ؟ أي ورود و هل هي بلهاء ؟ 


ذلك المستفز لابد من التصدي له و لجمع الفتيات آلتي على ما يبدو لأول مره يرون رجل أسمر عريض المنكبين لا ينقصه سوى تاج موحد للشمال و الجنوب .


أما ببيت يحيى فقد دق جرس الباب فذهبت الخادمخ لتفتح متسائله من؟


ليجيب عليها ذلك الرجل ببشاشه : شكلك لسه جديده مش عارفاني ، ناديلي بس يحيى ،أنا عبد العزيز والد زينب




الأخيرة 


للآن لم يعودا للبيت مازال يتجول بها في شوارع المدينة.


نظرت له بترقب تسأل : يوسف ، أمال فين نور ، مش كان المفروض تيجي معانا ؟


أبتسم بجانب فمه ثم إلتف لها و عيناه تقطر خبث و مكر ثم قال : و تيجي معانا ليه ، ما ينفعش .


زاد إرتباكها فسألت بتلعثم : ليه ؟


توقف بسيارته يصفها على جانب الطريق و قال: عشان هي أختي .


فرحت بداخلها قليلاً و شعرت أنها ها هي قد أتت اللحظه المنتظره فسألت : طب و أنا أيه ؟


كانت تنتظر إجابته بشوق و لهفة ، لهفة فتاة منعدمة الخبرات أمام أستاذ و رئيس قسم .


ليباغتها بصوت قهقهته التي علت فى الأرجاء ثم قرص خدها بيده و هو يحدثها كأنه يحدث قطة : زي أختي .


نظرت له بصدمه فزاد من قهقهاته لثواني حتى أبتسم و قال لها : طيب ليه مكلضمه بس كده .


زينب : مافيش .


يوسف : مافيش ؟ اوووه .. مش شايفه أنه لسه بدري على جو مافيش ، ماليش  و ما أنت لو مهتم كنت عرفت لوحدك.


نظرت له زينب بجانب عينها ثم قالت : أنا عايزة أروح.


رفع أحدي حاجبيه بأستنكار ثم ضغط على مقود السيارة كبداية منه في تلبية طلبها ثم قال : أوكي زي ما تحبي ، نروح .


ظلت صامته جامده إلى أن قال بمكر : أنا بس كنت حابب أجيب لك أيس كريم من هنا .


ألتمعت عيناها و أعوجت رقبتها تنظر له يمينا ثم تلتف بسرعه و لهفه تنظر على المحل .


تردد : ايه ده ، ده انا بحب الآيس كريم أوي.


يوسف : لأ بس أنتي عايزه تروحي ، يبقى يالا .


تشبثت بذراعه بسرعه و قالت بترجي : لأ لأ ، رجعت في كلامي ، نجيب أيس كريم.


يوسف : لأ ما هو أنا مش على مزاجك مره عايزه أروح و بعدها رجعتي في كلامك.


زينب : عشان خاطري يا يوسف.


عض على شفته السفلى و ردد : أحلى يوسف سمعتها في حياتي .


نظرت لاصابعها و هي تبتسم خجلاً لتنتبه عليه و هو يقول : بس دي مش كفاية ، لازم رشوة و أعتذار .


نظرت له زينب بترقب فوجدته يشير بأصبعه على خده فاتسعت عينيها بصدمه و قالت : نعم ؟!


يوسف : الله ، ده انا زي اخوكي .


زينب: أنا وحيدة أمي و أبويا .


رفع أحدي حاجبيها لها و سأل: أمال أنا أيه ؟!


نظرت له بضيق ، للحظه كرهته و ضاق صدرها منه ، ف الباشا بدلاً من أن يعترف هو لها أعتراف خيالي خاطف للأنفاس ، يتلاعب بها و بمشاعرها و يجرجرها لأن تعترف هي.


الأمر كان مثير للنفور حقاً ، طماع لأقصى حد ، و أناني كذلك ، لم يستغل الفرصه و بدلاً من أن يعمل على تغيير تلك الصورة السيئة التي أخذتها زاد الأمر سوءاً.


للحظة رق عليها حالها ، جعلها تشعر بشعور سيئ ، تلاشت كل الانفعالات عن وجهها و نظرت له بتجهم ثم قالت : إبن عمو يحيى و أنا عايزة أروح دلوقتي.


شعر بتغيرها ، حتى نبرة الصوت نفسها ، فأعتدل في حديثه و أبتعد عن التلاعب .


ثم سأل بقلق: مالك يا زينب ، شكلك زي الي بتتكلم بجد .


كتفت ذراعيها حول صدرها و قالت بينما تنظر للماره من زجاج السياره الامامي : و أنا ههزر معاك بتاع إيه ؟ إحنا حتى مش من نفس السن عشان نكون صحاب ، و أنا عايزة أرجع ، و لو أنت مش حابب أنا ممكن أخد تاكسي عادي .


نظر لها بترقب و قال: ليه القلبة دي يا زينب ما كنا كويسين و بعدين يعني ايه مش من نفس السن ؟ تقصدي ايه ؟


إلتفت بوجهها الذي كونت عليه إبتسامة رسمية مجاملة ثم قالت : هتروحني يا دكتور و لأ؟


يوسف: و كمان دكتور ؟ طب مش هروحك .


قالها بعند فردت هي بعناد أكبر : أوكي .


ثم خرجت بسرعه البرق من السيارة ليصدم يوسف من سرعة تصرفها و يترجل خلفها من السيارة بسرعه يناديها بغضب : زينب.. زينب ، إيه الى بتعمليه ده ، أقفي عندك حالاً و إلا مش هيحصل كويس.


زاد غضبها ، بدلاً من الاعتذار يهدد ، فأسرعت تبتعد بخطاها بينما تنظر على سيارات الأجرة توقف واحدة و قد توقفت بالفعل فأسرعت تفتح الباب و تجلس داخلها .


أسرع هو الآخر في خطاه ناحيتها يناديها : زينب ، أنتي بتعملي إيه ، أنزلي حالاً .


ردت عليه من بين أسنانها : مش هنزل أوعى كده ، أطلع يا كابتن لو سمحت .


فأنصاع لها سائق السيارة يتحرك بينما يوسف قد زادت ذروة غضبه يصرخ فيها : قولت لك أنزلي بدل ما أنزلك أنا بالعافيه .


أشعل حديثه زينب أكثر و أكثر لتسرع بغلق الباب بقوه وغضب كي يتمكن السائق من الإنطلاق ، فيغلق الباب على إصبع يوسف الذي صرخ متألما : آااااااااه .


كان الألم قوي و عاصف زاد من غضبه أضعاف مما جعله يستشيط و أستقل سيارته خلفها بسرعه جنونيه متهوره يرغب باللحاق بها فقط ليهشم رأسها هذا .


ظلا طوال الطريق هي تبكي على ما فعله و كيف أستهان و تلاعب بمشاعرها و ظن أنه سهل التلاعب بها ، تسأل حتى لو أوحى كل شئ بها أنه يسهل خداعها كيف فعل ، كيف طاوعه قلبه ، بالأحرى كان خطئها من البداية ، تحمد الله أنها لم تسلم قلبها له تسليم كلي ، مازالت في بداية القصه ، تعتبر نفسها محظوظه كونها أكتشفت تلاعبه بها من البداية و أنها بالنسبة له مجرد فتاة ساذجة ، تتمنى لو تستطيع نسيانه .


و تسأل .. كيف ستفعل و هي تعيش معه في نفس البيت ، متى يأتي والدها .


تشكلت غصة مؤلمه بحلقها متصله بقلبها مباشرة ، شعور أن أحدهم تلاعب بك و بمشاعرك بينما أنت تراه حبيب القلب و الروح شعور موجع بل قاتل .


أغمضت عيناها و هي تعود برأسها على ظهر الأريكة الجلدية بينما تردد داخلها : أمتى هترجع بقا يا بابا ، يا رب يكون قريب أنا ما بقتش مستحمله ، نفسي ألاقي حضن أعيط فيه .


أما يوسف في سيارته فهو للآن مازال يقود و عقله لا يستوعب فكرة تمردها عليه و عصيانها له ، بل هو رافض وجود إحتمال واحد و لو نسبة بسيطة يدل على أن زينب قد تبخرت من بين يداه.


رغم تذكره إلحاح والده الشبه يومي عليه كي يطلب يدها له من صديقه عبد العزيز و هو من يرفض دوماً و يطلب التأجيل للحد الذي وصل بوالده لأن قالها صراحة وجهه ( أنت بتلعب بيها و أنا مش هسمح بده) حتى انه قد خرج معها اليوم بدون علم والده و طلب من نور ألا تخبره .


و أخيراً وصل للبيت يراها و قد وصلت أولا و ترجلت كذلك من السياره ، فصف سيارته بأهمال يود اللحاق بها كي يلقنها درساً معتبراً


و هي بدأت تسرع في خطاها ناحية الداخل باكية ترغب بشده في الوصول بأقصى سرعة لديها لغرفتها كي تنزوي و تختبئ بها عنه و عن رؤيته ربما تمكنت من نسيانه .


و ما أن فعلت حتى زاد من سرعت خطواته يناديها و هو يصرخ عليها بغضب جم : زينب .. زينب ، أقفي عندك بقولك و إلا مش هيحصل كويس .


ظلت تدق جرس الباب و هو قادم من خلفها حتى فتحت لها الخادمه و لم تستطع إخباها بأي شئ و الفضل في ذلك لصوت يوسف المفزع و هو يناديها : زينب قولت لك أقفي عندك مش عايز أتعصب عليكي .


ليصدم كل منهما بصوت قوي يردد : تتعصب على مين يا أبن يحيى ؟


أشرق وجه زينب من شحوب شخص أوشك على الغرق في مياه المحيط و قد وجد طوق نجاته بآخر لحظه و أخر نفس لديه ، فأسرعت ترتمي بأحضان والدها تبكي و تشهق بينما يوسف يردد بصدمة كبيرة: عمي عبد العزيز؟؟؟


يحاول الاستيعاب.. كيف و متى عاد و الآن تحديداً !


__________________________


في مركز الأسنان الخاص بالدكتور هاشم .


كانت نور ممدة على السرير المخصص بكشف الأسنان و هاشم يجلس على مقعده يميل عليها بحجة أنه يقم بالكشف عن سبب ألم أسنانها لكنه للحقيقة كان يستغل الفرصة كي يصبح قريب منها بتلك الصوره ، سحب نفس عميق به رائحتها ثم أبتسم بإعجاب مردداً : ريحتك تجنن .


ابتسمت له بتوتر ، الوضع كله عامة يرهق الأعصاب و لا تعلم هل هذا هو العادي ام لا 


و قالت بتلعثم : شكراً ، ده بيرفيم جايبهولي يوسف. 


مط شفتيه و ردد  : تؤ ، أنا مش قصدي البرفان ، أنا عارف البرفان ده ، خفيف .


نظر داخل عيناها بنظره عميقه خبيره ثم أبتسم بكياسة و مشط بعينه معظم جسدها تحت أنظارها و ملاحظتها لذلك عن عمد منه ثم قال : أنا أقصد ريحتك أنتي ، ريحة جسمك .


أتسعت عيناها بصدمة ، كلامه لا يمكن السكوت عنه و بنفس الوقت لا تمتلك رد سريع و حالي بسبب إنعدام خبرتها ، هل يعد هذا تحرش ؟


كانت تسأل بإلحاح بينما أنتفض جسدها منصاع لأشارات عقلها و قالت مباشرة : هو أنا عندي حاجه يا دكتور و لا كده خلصت كشف .


نظر له بهدوء شديد ، نفس تلك النظره المرعبه ، نظرة رجل خبير يعرف ماذا يفعل و لديه توقع لكل ردات فعلها بل يملك رد لكل ردات فعلها ، فما كان منه إلا أن أبتسم بثقه و هدوء ثم و برفق شديد دفع جسدها بأصبع يده للخلف كي تستلق على السرير من جديد و هي متشعة العين مصدومة.


فتح فمها يضع فيه مرآة الأسنان يردد بينما يهز كتفيه ببساطة و هدوء : لسه ما خلصتش ، و إنتي لسه ما حكتيليش عن الولد إلي ضايقك النهاردة.


اشاحت بعينها بعيداً عنه و حاولت التحدث برسميه : مش مهم أنا نسيت ، و مش حابة أدوش حضرتك .


أبتسم هاشم و قال: بس أنا حابب تدوشي حضرتي ، و حابب نكون صحاب و لا هترفضي عشان أكبر منك شويه ؟


نظرت له سريعاً بحاجب مرفوع تسأل مستنكره : شويه ؟!


قهقه عالياً بشموخ ثم قال : شوية كتير ، همم ، كده حلو ، بس على فكرة أنا من الجيل بتاع أنا مهما كبرت صغير أنا مهما عليت مش فوق ، ده غير أني هسمعك و أديلك من خبرتي و أنصحك تعملي إيه و تتصرفي إزاي من غير ما ألومك أو أعنفك زي ما يوسف ممكن يعمل لو عرف ، مش كده و لا إيه ؟


نظرت له منسحره بسبب حديثه الهادئ تقارن سريعاً بين طريقته الآن في شرح الأمر و بين طريقة أخيها منذ ساعات حين بادرت فقط بفتح الحديث معه بهدوء تخبره عن ما فعله أحد زملائها معها ، و كيف تحول شكله تقسم أن سامر لو كان أمامه لبادر يوسف بالاشتباك معه فوراً قبلما تقص حتى عليه التفاصيل.


أستعجل هاشم ردها ،يضغط عليها بإلحاح و لكن يظهر بمظهر لذيذ و هو يقول: هممم ،انا مستني تحكي لي على فكرة .. و لا بلاش هنا عشان المرضى ، أنتي لما تروحي تتصلي بيا فون تحكيلي .


وقف عن كرسيه و أبتعد حتى وصل لمكتبه و قال : هاتي رقمك .


صمتت ثواني و بدأت تملي عليه رقمها فاتصل عليها ثم قال : ده رقمي ، سجليه عندك ، و على فكره ده رقم خاص جداً مش مع أي حد .


نظرت له بتشوش ، كانت بالفعل مشوشة للغايه فحاولت التركيز و سألت : طب أنا عندي إيه و هحتاج علاج إيه ؟


هاشم : دلوقتي هكتب لك على مسكن ، بس أنتي عندك تسوس في كذا ضرس و ده هيحتاج شغل و جلسات كتير لينا مع بعض .


صمت و مازالت إبتسامته الغير مريحه تملأ وجهه ثم قال: بس المسكن هيريحك .


تناولت منه الورقه التي دون بها أسماء الأدوية و قالت: شكراً.


ثم تحركت كي تغادر فاوقفها صوته : نور .


إلتفت منتبهه فزادت إبتسامته و قال : لما توصلي طمنيني .


هزت رأسها بارتباك و غادرت سريعاً بينما هو أرتمى على كرسي مكتبه يتنهد عالياً بتأوه و يبتسم في نفس الوقت.


________________________


وقف ألبير في منتصف الغرفه أمام فتاه لطيفه جدا تنظر له بعينان لامعتان ثم قالت بترقب : موبايلك أهو يا باشا ، كده إحنا حبايب.


شمل جسدها الملفوف بنظره واحده يوئد أي نظرة إعجاب داخلها ثم قال بالانجليزية : ما أسمك ؟


ضربت جبتها بيدها و هي تردد : أااه صحيح ، ده مش بيتكلم عربي .


حمحمت بارتباك ثم قالت : ماري .


همهم بصمت ثم قال : هل تعلمين على أي فعلة حمقاء قد أقدمتي .


ابتسمت بتوتر ثم قالت : أعلم سيدي ،أعلم و لكن.. لقد كان مجرد تحدي مع أصدقائي على تيك توك ، كنت مطالبة بسرقة هاتف أحدهم و قد صادف حظي العثر بك أنت ،أعتذر بشده و ها أنا قد أرجعت إليك هاتفك.


رفع أحدي حاجبيه و قال بأستنكار : تتحدثين الإنجليزية بطلاقة!


ماري : و الفرنسية أيضاً سيدي .


ثم تنهدت مكملة : هيييح ، سبع صنايع و البخت ضايع.


ضيق عيناه يسأل : ماذا ؟


أبتسمت له بسماجة مكمله : لا عليك سيدي فأنا ثرثارة و أهزي كثيراً .


شملها من جديد كلها يركز بعيناه على أماكن معينه ثم سأل : و هل تعملين ؟


ماري : نعم ، أو بالأحرى كنت .


قطب جبينه بإستفهام فقالت موضحه : كنت للأمس فقط أعمل مترجمة في شركة كبيرة جداً و لمدة ثلاثة أعوام من بعد تخرجي مباشرة إلى أن تغير مديري المباشر ، آه عليه لقد كان رجل في قمة الإحترام و الذوق الرفيع لكن و كما تعلم سيدي أن الأوقات الحلوة تنفذُ سريعاً  و لكي لا أطيل عليك الحديث تغير مديري لآخر زائغ الأعين يستحق الضرب بالرصاص الحي فى وقت الظهيرة ، حاول .. مجرد محاولة منه للتحرش بي .. هو فقط حاول مد يده لخصري فقمت بمد يدي على وجنته ، و للحق أنا لا أعلم لما تضايق ، قل لي أنت بحق الرب لما تضايق ؟ هاا ؟


أقترب منها عدة خطوات و قال : أنتي ثرثارة جداً ،كيف تحملك؟


رفعت كتفيها و قالت بفخر نابع من داخلها و كلها ثقه : يكفيه العمل معي و مع حسي الفكاهي بل يكفيه الصباح كل يوم بوجهي الذي ينافس القمر هذا


أبتسم ألبير لأول مرة منذ فتره و قال : إذن أنتي حالياً تعانين من البطالة .


زمت شفتيها بضيق و قالت : نعم .


فقال : جيد .


شملها من جديد بعيناه ثم قال : ما رأيك بالعمل لدي .


لاحظت نظراته لها و قالت بحاجب مرفوع و صوت حاد : لديك ؟ و أي عمل قد يكون هذا ؟


أبتسم لفطنتها ثم قال : مترجمة فأنا لا أفقه العربيه و ربما تطول إقامتي هنا و قد أحتاجك .


حكت فروة رأسها تفكر في عرضه ثم سألت برسمية شديدة : و الراتب ؟


ألبير : كما تطلبين.


أتسعت عيناها و شعرت أنها فرصتها فقالت: أربعة ألاف.


أبتسم و قال : موافق .


أنبهرت ماري و أضافت: دولار.


ضحك مجيباً : موافق .


عادت حديثها كي تؤكد له و لها : أربعة ألاف دولا في الشهر.


جاوبها بثقه و ترفع : نعم ، موافق.


فقالت بلهفه : أين العقود لأوقعهم حالاً ؟


فقهقه ألبير عالياً و هو ينظر لها بإستمتاع رهيب .


___________________________


توقف يوسف مباشرة يواجه عبد العزيز الذي نظر ليحيى يسأل بضيق : أنت ليه ما قولتليش إن يوسف رجع يا يحيى ؟ و رجع من أمتى و أنا مش عارف.


يحيى : لو كنت قولت لك كنت هتطلب من البنت تمشي و مش معقول هسيبها تتلطم في الفنادق و أنا بيتي موجود.


بينما يوسف لا يفهم كل هذا و لا يهمه كل ما يعنيه هو زينب النختبئة منه في أحضان والدها و هتف  : لو سمحت يا عمي سيبها خليني إكلمها 


زاد غضب عبد العزيز و غيظه فنظر لصديقه و قال : ده لسه بجح زي ما هو ما أتغيرش .


نظر يحيى أرضاً و قال ليوسف : أسكت خالص يا يوسف .


يوسف: هو ايه اللي أسكت خالص .


عبد العزيز : يالا يا زينب هاتي هدومك و يالا عشان نرجع بيتنا 


يوسف : يعيني ايه ترجعوا.


في تلك اللحظه توقف يحيى بوجه أبنه و قال : هو إيه اللي يعني إيه ، البنت كانت عندنا ضيفه لحد ما أبوها يرجع و أهو رجع و هياخدها ، ما فيهاش كلام دي .


إلتف ينظر لصديقه ثم قال : روح أنت يا عبد العزيز مع زينب على العربيه إلي هتوصلكم و أنا هخلي الشغاله تجيب لكم شنط زينب على العربيه.


تحرك عبد العزيز و هو يحتضن زينب و التي لم تكلف خاطرها لأن تنظر على يوسف و لو نظره أخيرة حتى اختفت من أمامه نهائيا.

فهتف يوسف عالياً : إزاي ؟ إزاي تسيبها تمشي ؟


ليصرخ يحيى في وجهه و يقول : وطي صوتك يا ولد ، و بطل بجاحه أنا مش عارف اودي وشي فين من صاحبي بسببك ، أنا عندي ولايا و ما ارضاش عليهم عمايلك دي ، سبتك تتكلم و تتنحنح و تسبل و تخرج على أمل أنك تاخد أي خطوة و بقالي أسبوع بتحايل عليك أفاتح أبوها رسمي و انت بتقول لأ ، أنت تتتسلى يا حبيب أبوك ، و أنا أول ما أتاكدت أنك واخد البت تسليه قولت أتدخل 


يوسف : يعني إيه ؟


يحيى: يعني من النهاردة زينب بح ، مافيش ، شوفلك واحده من عينتك ألعب عليها زينب مش كده 


قال أخر كلماته و تركه و غادر حيث وقف يوسف بقلب يؤلمه شاعر بالعجز لأول مرة ، يبدو أنه قد تورط ..


________________________


توقفت أمامه متخصره تهز قدميها بعصبيه و غضب يزداد بينما ترى إلتصاق تلك الفتاه به كملابسه بالضبط.


و ذلك السافل المتبجح يتركها تفعل ما يحلو لها و تقترب .


و على ما يبدو انه لا يفطن ما تقوله ، يعرف بعض الكلمات التي تعد على الاصابع يحاول من خلالها تكوين جملة مفيدة.


إلى أن أبصرها أمامه ليتهلل وجهه و يتحرك سريعاً ناحيتها فيتصادم بجسد تلك الصهباء التي كانت تحاكيه فيترنح جسدها و يتعثر لولا إستنادها على المنضدة من خلفها لسقطت أرضاً.


أقترب منها بلهفه و شوق يردد : نغم ، أخيراً خرجتي من بيتك.


نظرت له و النار تقدح في عينها ثم قالت : و أنت مالك بيا ، مستنيني مثلاً ؟


هز رأسه بقوه يردد : أمال أنا هنا عشان مين ، سبت أهلي و بلدي و جيت هنا ورا مين ؟


هزت رأسها مكابرة و قالت : مش عارفه.


حانت منها نظرة جانبيه لتلك الفتاه ثم للأخريات الواقفات عند الباب و قالت: شكلك كنت جاي تجري ورا البنات .


أشار على نفسه يردد ببراءه : أنا ؟ ابداً ، ده هما .


نغم: هما إيه ؟ 


تنهد حسن و مد كفه الخشنه يسمح لنفسه بملامسة خدها ثم ردد : و أخرتها أيه يا نغم ، أرجعيلي ، أنا غلطان و الله غلطان، أنا بعترف ، و مستعد لكل انواع العقاب بس أبقى حتى عايش على أمل ، أمل يخليني أستنى بكره و أعد الأيام ، قوليلي يا نغم ، هتسامحني ؟


ظلت تستمع له بصمت تام إلى أن أنتهى و بقى ينظر لها و اللهفه تقفز من عيناه ينتظر أي إجابة. 


إلتفت ببطئ كي تغادر لكنه تمسك بها يمنعها مردداً : أنا تعبت يا نغم ، ردي عليا و قولي إن في حل أو معاد حتى .


منعت يده عنها و استعدت لتنسحب تسمعه من خلفها يردد دون يأس : هفضل مستمي يا نغم لحد ما تستكفي ، لحد ما تشبعي تجريح و إهانه فيا و طرد كمان ، أنا أستاهل ، اي حد يستاهل يتعمل فيه كده لو رفس النعمه برجله زي ما أنا عملت ، بس عندي أمل في رحمة ربنا.


ادارت ظهرها تنوي المغادرة و تحركت عدة خطوات ليصرخ بلوع : أنا بحبك ، بحبك أوي يا نغم .


إلتفت له و بلحظه تقدمت مهرولة ناحيته ، فاتسعت عيناه و تهلل وجهه ، علت وتيرة أنفاسه و بدأ صدره يعلو و يهبط بصورة ملحوظة يفتح لها ذراعيه على أمل و رجاء لم تخيبه فقد أسقطتت نفسها بين ذراعيه تشدد على أحضانه و هي تردد : حيوااان و قليل الذوووق .. عديم المشاعر.


سحق عظامها داخل أحضانه و رد عليها : بس بيحبك و الله.


تقدم العجوز صاحب المحل يصفق بيديه مردداً : جيد ما فعلتي ، هو وغد ، فطنت ذلك من إذلالك له و صبره عليكي ، لكن السماح بين المحبين هو أفضل شيء ، فراق الأحبه مؤلم جداً صغيرتي.


أبتسم لها ثم ردد : أااااه و الأن سأخسر نصف زبوناتي الآتي كن يأتين فقط كي يبتاعوا الورود منه .


ضحكت نغم و معها حسن الذي أخرجها من أحضانه يسأل : هترجعي معايا مصر ؟


هزت رأسها إيجاباً بتبسم ثم تسأل : تفتكر غنوة هتسامحني .


ضحك و جاوبها : ما أعتقدش .


ضربته في معدته و قالت: أنت السبب.


رفع أحدي حاجبيه و قال: أنتي أخدتي عليا أوي ،لا بقولك ايه إحنا اتصالحنا خلاص يعني هرجع حسن الحمش و انتي نغم البسكوته أه ، ياكلوا وشي في الحاره ما عندناش أحنا الكلام ده .


كان يردد كلامه الأخير و هو واقف بشموخ منفوخ الصدر يعدل من هندام شاربه.


و نغم تنظر له مذهوله حقاً


__________________________


خرج من جناحه سريعاً و ذهب لغرفتها يفتح الباب وجدها تجلس على حافة فراشها تنظر لحقائبها الممتلئة بشرود  فقال : يالا يا حبيبتي ما فيش وقت ، الطياره قربت من سطوح الفيلا.


رفعت رأسها تنظر و سألت: تفتكر الي بنعمله ده صح ؟


تقدم لعندها ببوادر غضب و قال: هو ده وقته يا فيروز ، يالا.


فيروز: لأ يا ماجد .


جذبها من ذراعها لتقف أمامه و سأل بجنون: هو إيه إلي لأ ، إحنا لازم نمشي من هنا في خلال عشر دقايق ، أنا حياتي في خطر.


فيروز : خلاص أمشي أنت.


أتسعت عيناه بصوره مرعبة و بدأ يدق بأصبعه على عقلها و يهتف عالياً : و هو أنا أيه و أنتي أيه ، ما أنتي حياتي و لو مشيت من هنا و سيبتك هبقى سيبت حياتي بردو .


حاولت فيروز التراجع بسبب خوفها من حالته تلك التي دوما تتلبسه ما أن يتعلق الأمر بها و قالت: ما هو عشان كده ، أنا بخاف منك يا ماجد ، أنت بتغير أوڤر و أقل موضوع بتعمل منه حكاية ، أنا مش قادره لسه أتخطى إلي أنت عملته.


شدد ماجد على ذراعها و قال من بين أسنانه: و أنا مش بخيرك يا فيروز ، أنتي معايا مكان ما أكون .


إلتف يتحرك بها و هي بيد و حقيبتها باليد الأخرى يرغمها على التحرك .


فيروز: هتخطفني يعني يا ماجد ؟


ماجد بحزن و أسى : أعتبريها كده يا فيروز.


وصل لسطوح بيت الذهبي حيث وقفت الطائره و ترجل منها أحد الرجال يحمل في يده كيس أسود من القماش.


أوقف ماجد فيروز و أشار للرجل كي يذهب معه.


ماجد: تعال معي لبعيد فهي لن هتتحمل 


أستغربت فيروز كثيراً و بقيت مكانها تنظر لهما بأستغراب .


فقد وقف ماجد بأحد الأركان مع ذلك الرجل الذي فتح له الكيس الأسود و لم يكن يحوي سوي رأس فلاديمير التي ما أن رأها ماجد حتى تنهد أخيراً بارتياح و قال : عمل جيد ، تعال لتأخذ باقى أموالك .


تقدم ناحية حقائبه يخرج منها كيس أسود من البلاستيك و أعطاه للرجل الذي حياه ببرود و أنصرف.


بينما ماجد تقدم ناحية باب الطائرة كي يصعد إليها مع فيروز التي أوقفته معترضه و سألت : هو في ايه ؟


ماجد : أركبي بس عشان نتحرك لأن نص ساعه و مصطفى الدهبي راجع .


فيروز : طب و كتب كتاب غنوة ؟


ماجد : نبقى نحضر الفرح لما كل حاجه تظبط ، يالا مافيش وقت.


ظلت واقفه بتوتر تود التراجع لكنه لم يسمح لها و جذبها لعنده بقوه فحرك قدميها طواعية لما يريد فصعدت للطائرة الهيلوكوبتر و التي أقلعت على الفور .


جلس في الطائره و هو يتنفس أخيراً بارتياح يضمها له بقوه.


حاولت الخروج من أحضانه تسأل: أيه إلي كان مع الراجل ده و ليه أخدت بعيد .


ماجد : راس فلاديمير.


شهقت فيروز برعب فقال : شوفتي .. عشان كده اخدته بعيد عشان ما كنتيش هتتحملي .


صمتت لثواني تعمل عقلها ثم سألت : يعيني خلاص حكاية فلاديمير خلصت ؟


أبتسم ماجد و يعلم أن مخها الذري بدأ يعمل ، فسألت بسرعه كما توقع: و لما هو كده ، ليه بنهرب ؟ ما خلاص ما فيش أي خطر على حياتك أو حياتي 


ألتمعت عيناه و قال بثبات : عشان أجبرك تتجوزيني .


أتسعت عيناها بصدمه و هو ضمها لأحضانه عنوة رغم تمنعها .


__________________________________


في حديقة بيت الصواف 


وقف هارون سعيد سعاده قاتله و هو يراها تتقدم لعمده بثوب أبيض لامع يحدد منحنياتها و قد ظللت عيناها اليوم بلون غير الأسود الذي تتعمده دوماً لتظل عيناها هي أجمل و أكثر ما يجذب انتباه أي شخص لها ، كما رآها أول مره في مرفق السيارات


كانت أشعة الشمس مسلطة عليها و الخضره من خلفها كأن الطبيعه بكل صورها قد اتحدت متفقه على خدمة تلك الجميله بيوم مهم كهذا .


أقتربت منه و هي تبتسم بسعادة كبيرة ، عيناها تضحك تلقائيا ، تتقدم لعنده و هي ترقص فرحاً .


وقف أمامها يقبل جبهتها قائلاً : أنا قولت هتهربي .


همست في أذنه مردده : أهرب فين ده انا ما صدقت .


ضحكت له ضحكه رقيعه لكن بصوت منخفض و أضافت: مبروك مقدماً يا ولا .


أتسعت عيناه من تصرفاتها المتهوره و قال: يخربيتك أسكتى ، إنتي مفكره نفسك على ناصية حارتكم ، أنا عازم كريمة المجتمع هنا .


ضحكت ساخره و قالت: هما يطولوا ؟ ده البلدي يوكل.


غمز لها عابثا و قال: و أنا أموت في البط البلدي .


وقف الشيخ الذي على ما يبدو كان يجلس على كرسيه أمامها و هما بعالم آخر لا يدرون و قال: أنا بقول نكمل كتب الكتاب الأول و بعدها لو عايزين تجيبوا عيال أبقوا جيبوا .


حمحم هارون بحرج يستدرك حاله ثم قال : ايوه ايوه صح .. يالا يا شيخنا ، أكتب الكتاب .


المأذون : فين ولي العروسه ؟


تقدم الحاج محمد يردد : أنا يا شيخنا ، دي وصية صالح الله يرحمه ، كان صديق عمري 


المأذون: على بركة الله ، نبدأ.


بدأت مراسم الزواج ، و الكل سعيد يبتسم ، لا أحد يشعر بها ، هي غريبه ، تائهه .. في دوامه .


تنظر على الجميع ، الكل موجود إلا الشخص الوحيد الذي تمنت لو وجدته هنا ، أن يضع يدها بيد زوجها و يزوجها له ، أن تدمع عيناه بحرقه على ذهابها من بيته ، قلبها يؤلمها حقا ، تنظر على هارون بنظرات مشوشه مذبذبه و هو يبتسم لها بحنان و حب تحول لأستغراب و هو يرى تحول نظرات عيناها لمشاعر متداخله غير مفسرة .


كانت ما زالت تبكي حين أستمعت للمأذون يردد : بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير .


توقف هارون من كرسيه و أتجه إليها يحتضنها له و هو يردد : مبروك يا حبيبتي.


هزت رأسها في أحضانه و قد سيطر عليها البكاء فسأل: في ايه بس يا روحي ؟


هزت رأسها تردد : كان نفسي يبقى معايا أوي.


جذبها لأحضانه بقوه و قال: أنا معاكي يا روحي ، مش كفاية يعني ؟


أبتمست له  فقال: ده انا حتى أتنين في واحد .


ضحكت من بين دموعها فعاد ليأخذها لأحضانه تحت أنظار لمى الواقفه بين الحضور و أعين الكل منقسمة ما بين النظر لهارون الذي يعقد زواجه على أخرى بصورة مفاجئة و بين لمى التي من المفترض أنها كانت خطيبته من أشهر قليله.


فلا يزيدها ما يجري إلا غلاً و حقداً.


جذب هارون غنوة لوسط الحفل لترقص بين ذراعيه على أنغام موسيقى هادئه و هي تبتسم له


تقدمت اشجان التي كانت ترتدي فستان من الأحمر و عليه وشاح شعبي تنظر لها بغضب شديد و ضيق.


بادلتها غنوة بنظرات تمني و رجاء ثم قالت: مش هتباركي لي يا أشجان ؟ مش ده إلي كان نفسك فيه.


انفدفعت اشجان كعادتها و قالت: كان نفسي تتجوزي و تعملي عيلة بس مش من الواطي حرامي القلوب ده .


كبت هارون سبه نابيه كانت ستخرج من بين شفتيه و قال: و لما أشتمها بقا .


غنوة : خلاص يا حبيبي مش وقته 


أشجان: حبيبك ؟


صمتت غنوة بعيناها الكثير من الحديث الغير مباح لتتنهد أشجان ثم تقدمت منها تردد بإذعان و هي تقبلها من كلتا وجنتيها : و ماله يا ختي ، ألف مبروك ، يغلبك بالمال و تغلبيه بالعيال .


تهلل وجه غنوة بينما هارون مذهول حقا يسأل غنوة : هي باركت لنا بجد ؟


هزت غنوة رأسها و قالت : أيوه ، لعلمك اكتر واحد بتبقى حاسه شرير ده بيكون غلبان و على الله بس هو الي مدب .


هارون: حصل ، شوفت بعيني ماحدش قالي.


تقدم كاظم يردد يصفاقه : و أنت يا غزال مصر القديمه مش ناوية تغلبيني بالعيال و لا ايه ؟


نظرت له بإستحقار حقيقي ثم قالت: بقا مانتش مكسوف على دمك ، عايز تخلف تاني ، مش لما تعرف تربي بنتك و تعوضها الأول ، سايبها لكلاب السكك يتحكموا فيها ، أنا عارفه أنا إيه إلي كان واقعني فيك و لا طلعت لي من انهو داهيه ، يا راجل يا عرة .


تقدمت و تركته يقف حزين مصدوم من حقيقته المخزيه و التي واجهته بها ربما يستفيق .


ليتوقف كل ما يحدث بصدمه أثر الإستماع لصوت عيار ناري يعلم وجهته .


________________________________


كانت نادين تتجهز تماماً للمغادرة  و قد عادت للتو من الخارج بعدما تأكدت أن المركب الصغيرة تنتظرها و هي و الوفد المتخلف عن إستكمال الرحله لتعود بهم إلى شواطيء الإسكندرية.


فتحت الباب و دلفت للداخل لتصدم مما تراه ، فقد وقفت تقى و هي في كامل زينتها تصفف شعرها الذي فردته على طول ظهرها العاري و هي تبتسم في المرآة بثقه و فرحه .


فسألت نادين بفم مفتوح : يخربيتك ، إيه الى إنتي عاملاه ده ؟ 


إلتفت لها تقى تردد بسعادة متسائله : حلو ؟


نادين : جداً ، بس إنتي رايحه فين بقميص النوم ده ؟


جاوبتها تقى بسعادة : رايحه لضياء ، كفايه كده.


شهقت نادين بصدمه و قالت: إيه ؟ ضياء ؟ أنا كنت حاسه و الله كنت حاسه إنك وقعتي .


تقى : طب و فيها إيه ، ما هو جوزي .


همت نادين لتتحدث لكن قاطعها صوت أحدي الفتيات من الخارج تخبرها أن الجميع يستعد للرحيل .


الفتاه: يالا يا نادين.


نادين: حاضر ، جايه ، ثواني .


أقتربت نادين من تقى تردد : جوزك ما قولناش حاجه بس مش دي كانت خطتنا خالص ، إحنا اتفقنا نسويه على الجانبين ، مش كده خالص يعني ، رايحه بقميص النوم تقولي له هيت لك يا تقى ؟ و هتعملي كده و أنا ماشيه خلاص .. أفرضي حصل حاجه.


أبتمست تقى و قالت بثقه : مش هيحصل حاجه إن شاء الله ، ضياء شكله أتغير ، و أنا أتأكدت من حبه ليا لما ما رضيش يطلقني ، هنقضي مع بعض هنا شهر عسلنا و لما نرجع مصر نعلن إننا تممنا الجواز ،كده كده مكتوب كتابنا .

تحركت سريعاً ناحية المرأة تنثر عطرها الأنثوي على جسدها العاري ثم تغطيه بشال طويل من الصوف .


ألقت لنادين قبله في الهواء ثم خرجت مهروله سعيده جدا.


نظرت نادين عليها و هى تغادر بقلق ثم أستمعت لرنين هاتفها يواصل الدق فنادتها : تقى ، موبايلك .


لكن تقى كانت قد غادرت من كثرة إستعجالها 

همت لكي تذهب و تجيب هي على الهاتف لكن صوت الفتاه صدح من جديد : يالا يا نادين ما فيش وقت .


لتخرج نادين سريعاً تاركه هاتف تقى الذي يلح بإتصال من الجد .


_____________________


وصلت لغرفته و هي تقف مبتسمة ،تحمد الله كثيراً أن الكل منشغل بتلك الحفله التي سبق و أن دعاها عليها رائف ، تتمنى لم يحضرها هو الآخر و أن تجده الآن في غرفته.


دقت على الباب بخفوت ليفتح لها سريعاً و تتسع عيناه بصدمه و هو يراها أمامه ، عند باب غرفته لأول مرة.


جذبها لأحضانه يدخل بها للغرفه و هو يردد: وحشتيني ، وحشتيني اوي يا حبيبتي.


جاوبته بخفوت تردد : أنت كمان وحشتني أوي.


علت وتيرة أنفاسه و هو يسمعها تعبر عن أشتياقها له ، أخرجها من أحضانه ينظر لها قائلا : لو ما كنتيش جيتي كنت هجيلك أنا.


أبتسمت بهدوء و بدأت بنزع شالها الطويل عنها ليتصنم مكانه و هو يرى كل ذلك الجمال ظاهر أمام عيناه ، ترتدي غلاله سوداء من الحرير عارية الظهر و الصدر تظهر جسدها الغض بسخاء مفرط و قد تركت شعرها الأسود ينسدل فوق كتفيها بإنحلال 


لم يكن مصدق لعيناه ، أن كل هذا الجمال متجمع في شخص واحد متجسد أمامه ، إنها مذهله ،مُسكره .


رأت الأنبهار واضح في عيناه مما عزز لديها شعور بالثقة فقالت بصوت مغوي : أنا ليك من النهاردة يا ضياء.


حاول السيطره على دقات قلبه و تلك النيران التي نشبت داخله تطالب بها لتطفئه .


تقدم منها و تحسس ذراعيها يسأل بجنون : معقول كل الجمال ده عشاني ؟


أبتمست له إبتسامة ساحره و قالت : و ليك لوحدك من دلوقتي.


ضمها له بمجون كأنه مختل و بدأ يردد : أنا بحبك.. بحبك أوي ، فوق ما تتخيلي ، أنا عشانك عملت مشاكل كتير اوى و خسرت فلوس كتيره اوي عشان أعملك إلي إنتي عايزاه.


قطبت جبينها و سألت: فلوس أيه و مشاكل أيه ؟


ضمها له أكثر و همس في أذنها : أنا النهاردة الصبح طلقت تقى عشانك .


هي من تصنم جسدها هذه المره بين يديه و بقت صامته يابسه تماماً.


و قد شعر هو بكل هذا فسأل بخوف : چيچي ، حبيبتي ، مالك ، أنا عملت كل ده عشانك أهو .


نظرت له بصدمه و مدت يدها تسحب الشال الملقى على الفراش تغطي بيه جسدها عنه و مازالت الصدمه متمكنة منها و من قلبها الصغير الذي لم يفرح طويلاً.


فسأل من جديد و هو يحاول إزاحة وشاحها من على صدرها : بتخبي نفسك عني ليه يا حبيبتي ، أنتي خلاص بقيتي من حقي .


نظرت له بأعين دامعه ، يملؤها اللوم و العتاب ثم قالت : كنت ليك و فرت فيا .


هز رأسه بإستغراب و سأل : إزاي ده ، شيلي البتاع ده عنك ، عايز أخدك في حضني و أحس بيكي.. أنتي بردانه ؟


صمتت بكره شديد تفاقم داخلها ، شعور بالخزي الشديد.


فردد بصوت حنون و مثير للغايه و هو يحاول كشف جسدها له من جديد : حبيبي، ساكته ليه ؟


تمسكت يالوشاح عليها يغطيها و بدأت تبكي ثم تضحك من وسط البكاء و حالتها مزريه للغايه فقد انخرطتت في مزيج من البكاء و الضحك الهيستيري  و قد سقطتت أرضاً و لم تعد قدميها تحملانها .


أنحنى يميل عليها يسأل : مالك يا روحي ؟ طب أجيب لك مايه .


لم تجيب فتحرك سريعاً يجلب لها الماء من الداخل و ما أن عاد لم يجدها ، كانت الغرفه خاويه تماماً فركض يبحث عنها كالمجنون .


_____________________________


في بيت الصواف 


كان الوضع متأزم للغايه بعدما حاوطت الشرطه و رجال الأمن كله المكان و بدأو في مسحه و تمشيطه.


و هارون يقف بأعين حمراء أمام غنوة التي تقدمت تسأل بلهفه : حبيبي ، جرى لك حاجه؟


نظر لها بنظره جديده كلياً عليه بها من الاستحقار ما يكفي لأن يقرأه الجميع و صرخ فيها وسط الحضور : ماجتش فيا كمان المره دي ، يظهر أنك ما دفعتيش كويس بردو.


غنوة : هارون ؟ أنت بتقول ايه ؟ أنت سامع نفسك ؟


صرخ مجدداً : أيوه سامع ، أنا كنت شاكك طول الوقت و مستني الغدر في أي لحظه بس كنت بكدب نفسي بقول لأ بتحبني بجد ، المره دي باين الحب في عينيها مش تمثيل زي المره إلي فاتت .


تقدم منها تلك الخطوة الفاصله و ما زال يصرخ امام كل الموجودين : إنتي أييه ؟ معموله من أيه ؟ إزاي بتعرفي تمثلي كده ، كل الحب و الحنان و الدلع ده معقول كان تمثيل ؟ و معقول دخل عليا تاني ؟ أنتي عارفه أنتي أستغفلتيني كام مره ؟


هز رأسه بمجون و قال : طب و كتبتي كتابك عليا عليا ليه ، أستنيتي لحد ما تبقي مراتي ليه ؟ عشان الفلوس صح ؟ المره إلي فاتت عديتها و كمان أحترمتك عشان كان طار أبوكي هو إلي بيحركك ، قولت البت دي تمام التمام ، بس دلوقتي إنتي نزلتي من نظري كل ده ليه عشان الفلوس ؟أنا مش هسيبك ، هدمرك ، المره دي غير كل مره .


مد يده في جيبه و اخرج حفنه من المال ألقاها في وجهها ليشهق الكل و هو يصرخ : عايزه فلوس ، خدي أهو.


أغضمت عيناها بألم تشبع نفسها من إهاناته فقال : حبيتك لما فكرتك مختلفه بس للأسف طلعتي رخيصة.


أستمعت له بصمت تام لم تدافع عن نفسها و لو بكلمة واحدة فصرخ فيها: ما تنطقي ، ما تردي ، ولا مش عندك كلام قولي أي حاجة بجملة البجاحة و الرخص .


دارت بعيناها على كل الحضور و عدسات المصورين ، مصر كلها تقريباً تشاهد ما يحدث ، هم ليصرخ فيها من جديد يوبخها : أنتي واحده زباله ،اخرك شوية فلوس و...


قاطعه أحد رجال الشرطه و هو يقف وبيده يقبض على أحد الرجال ثم قال : هارون بيه ، قدرنا نقبض على الي ضرب النار ، كان فوق الفيلا إلي قدام بيتك.


ركل الرجل بقدمه وقال: أنطق و قول قدام البيه كل حاجه و لا عايز تاخد تاني نفس العلقه.


صرخ الرجل مكتفياً و قال : هقول ،هقول و الله ، الست لمى هي إلي أجرتني و أنا ما اقدرش أقول لأ أنا حتة فرد أمن عندها.


تخشب جسد هارون و هو يطالع غنوة التى أستطالت رقبتها أكثر و أكثر و أكتفت بالنظر له بالنصر و الإستحقار ليكمل الرجل : قالت لي أضرب نار بس ما اسيبوش مش مطلوب أموته و ما اعرفش غير كده و الله ، سيبوني الله يخليكم أنا عندي عيال و عملت كده عشان جبرتني .


لم يهتم له هارون كل تركيزه مع عالمه الذي ينهار حالياً و هو يرى غنوة تلتف لكي تغادر بكبرياء و رأس مرفوع و هو يناديها يدرك أن كل الحضور قد شاهدوا ما حدث.


ظل ينادي و هو يحاول الوصول لها لتعترض أشجان طريقه مردده : عندك يا إبن الصواف ، أنت كده جبت الناهيه بأيدك .


هارون: أوعي من طريقي بقولك سيبيني ألحقها .


ضحكت أشجان ساخره و قالت: مش هتلحقها و لو لحقتها مش هتشوفك ، أنت ما تعرفش غنوة ،عشان كده ما عرفتش تفهم كل تصرفاتها معاك و كنت شايف إن تغييرها ده وراه مصيبه بس إلي ما تعرفوش إن هي دي غنوة ، هو ده طبعها و دي شخصيتها لما بتكره ممكن تقتل و لما بتحب بتتدلق عشان كده كانت مستعدة تعمل أي حاجة عشان ترجع قلب أبوها لأنها بتحبه أوي أوي أوي ، مافيش شخص عادي يفكر يعمل إلي هي كانت بتعمله بس هي دي غنوة لما بتحب حد بتكرس له حياتها كلها وهي قبل كده كرست حياتها عشان ترجع حق أبوها لحد ما قابلتك و بعدها اتغيرت لما حبتك و أنا عشان حفظاها كنت عارفه إن الدلقة دي حب زي حبها لصالح كده ، غنوة في حياتها ما حبتش الحب ده غير لصالح أبوها و أنت و عشانك قررت تتنازل عن حق أبوها بس أنت بقا ضيعتها من أيدك .


كان يستمع لها و عيناه تدمع يستوعب شخصية غنوة التي لم يفهمها إلا الآن و قال بإصرار: هرجعها ، لازم هرجعها ، خصوصاً و هي المره دي مراتي شرعاً و قانوناً .


نظرت له أشجان بجانب عينها ثم تركته يغرق في ندمه و غادرت .


أما ضياء فقد كان يهرول في السفينه كلها من فوق و من أسفل ، في كل الطوابق .. لم يجدها ، حتى أنه بلغ إدراة السفينه ليخبروه أنها قد أختفت 


فوقف بالسفينة في عرض البحر يناديها بجنون و هو يزأر كالأسد الجريح .....


★★★★★★


إلى اللقاء في الجزء الثالث.


الجزء الثالث ده هيبقى حل للمعادلة الصعبة لما طلبتوا رواية خاصه بضياء و تقى و يوسف و زينب و كمان نور.


أما قصة غنوة و هارون ف لأننا أستكفينا و تشبعنا منها في الجزئين الأول و الثاني فتكون موجوده و لكن على مش كل التركيز عليها هي هيبقى تتممة لقصتهم بس التركيز الأكبر للكابل إلي طلبتوه ضياء و تقى و يوسف و زينب و معاهم قصة نور كمان نشوف هيحصل معاها أيه و بكده أكون لبية طلبكم .


أتمنى تكونوا أستمتعم معايا .


شكراً على المتابعة و الأنتظار 


شكراً على التفاعل.

تكملة الرواية من هنااااااا

دمتم بخير وعافية من الله ❤️❤️

لمتابعة  الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




تعليقات

التنقل السريع