القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ملاذى وقسوتي الفصل الواحد وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون بقلم دهب عطية

 رواية ملاذى وقسوتي الفصل الواحد وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون بقلم دهب عطية 




رواية ملاذى وقسوتي الفصل الواحد وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون بقلم دهب عطية 

21🌹

تجلس في سيارة وتكاد تموت رعباً عليه لم تفكر

في مدى تسرعها في الخروج من المنزل بدون آذن

منه..لكنها لم تبالي بعواقب ما سيحدث خلف

ما تفعله…ولم تبالي بقسوته وعصبيته القادمة عليها

تعلم ان الأمر لن يمر مرور الكرام لكن لا يهم يجب ان تحاول الان منع تلك الجريمة من ان تحدث فهي مستحيل ان تخسره اوتسمح له بهدم حياتهم بسبب إنتقام شيطانه…

“هو أحنا لسه قدمنا كتير ياجابر…. “هتفت بعبارتها وهي تطلع على ساعة يدها بتوتر……

نظر لها جابر عبر المرآة ورد عليها بتهذيب…

“ربع ساعه ياست حياة ونوصل ان شاء ألله… ”

اتجهت بعينيها لنافذة السيارة بجوارها وهي تشرد بذهنها في مكان اخر…..

كانت تجلس في أحضانه مثل طفلة الصغيرة تضع راسها على صدره العاري وهي تهتف بدلع

“سالم….. ”

“ممم… “اكتفى بهمهمتٍ بسيطة وهو يغرز أنفه في شعرها الأسود الغزير……

أغمضت بُنيتاها وهي على وضعها هذا في

أحضانه تتشبث به بعاطفية مفرطة…..

“انت بتحبني قد إيه…… ”

أبتسم بمكر وهو يقول بفظاظة..

“يعني شويه صغيرين…..مش كتير… ”

كادت ان تخرج من أحضانه بحنق ولكن أحكم هو على خصرها بتملك……

“خلاص ياوحش متزعلش… بس انتِ اللي سؤالك غريب اوي….. ”


“غريب ازاي يعني…. مش لازم اعرف انت بتحبني قد إيه……”قالت جملتها وهي تريح راسها على صدره بتزمر طفولي….

تنهد وهو يقول بصدق حاني….

“عايزه الحقيقه انا مش بحب جملة بتحبني قد

ايه دي ”

“طب ليه…… ”

“انتي عارفه اني مش بعرف اوصف اللي جوايا من ناحيتك بظبط…بس انا بحبك لدرجه متتوصفش…”

ابتسمت وهي في أحضانه قائلة بحب

“فهمت وانا كمان بحبك لدرجة اني مش بحس بطعم أليوم الا لمآ بشوفك جمبي ومعايا…. بحبك اوي ياسالم..” اكتفى بعناق حنون يبث لها مدى عشقه وشوقه بقربها….

كم ان شخصيته هادئه ثابته في بعض الأوقات وفي بعض الأوقات مشاكس ممازح ووقح…. هو متقلب المزاج دوماً…وهي تعشق تقلب شخصيته سوى سلبية او إجابية فهو استحوذ على قلبها وامتلكها واهلكها بعذاب حبه ونار شخصيته الفريدة من نوعها عليها ….


“وصلنا ياست حياة….. “فاقت على صوت جابر وهو يُقف السيارة في مكاناً شبه مقطوع رمل الصحراء مزال مُتعلق في الأرض اسفلها، ولكن المكان لا


يوحي بالحياة قط…

كان المكان عبارة عن مبنى كبير ذا باب حديدي

قديم يجتاحه الصدى من أثار مرور السنوات عليه

بعض الأشياء القديمة من ماكينات وغيرها من المقاعد الخشبية المتهالكة……

ابتلعت مابحلقها وهي تسأل جابر بتوتر

“هو ده المكان اللي موجود فيه سالم… ”

رد عليها وهو يفتح الباب ويهم بالخروج قائلاً

“ايوه ياست حياة… تحبي ادي للكبير خبر يطلعلك عشان يأخد الاورق ولا هتدخلي ليه بنفسك تديهاله”

كانت شاردة وهي تطلع على هذا المبنى عبر نافذة السيارة ومزالت جالسة مكانها… لترد على جابر قائلة بشرود….

“اورق إيه اللي بتكلم عنها…. ”

ارتفع حاجب جابر وهو يسألها بشك….

“الاورق اللي أنتِ ياست حياة قولتي عليها مهمه وسالم بيه أتصل بيكِ مخصوص عشان تجبيها معاكي.. ”

ابتسمت حياة ابتسامة مهزوزه بتوتر ثم ردت

عليه بقنوط….

“ااه الاورق….. معلشي ياجابر أصلي نسيت..

يلا بينا انا داخله معاك…. ”

ثم همست بصوت خافض مرتبك…

“يعالم هخرج من هنا سليمه ولا على نقاله…. ”

___________________________________

“ها شيكتو عليه ياسيد … “هتف سالم بتلك العبارة

ابتسم سيد احد رجال سالم وهو يرد عليه بفخر…

“تمام ياباشا كل تمام…. هيطلع دلوقتي قدامك.. ”

أبتسم سالم ابتسامة شيطانية مريضة بالانتقام

خرج وليد على هذا المقعد المتحرك بجسد دمر

تمام من كثرة الألم المبرحة الذي تلقاها من رجال سالم اختفت معالم وجهه وحل محلها الكدمات الزرقاء صرخ وليد بجنون حين لمح سالم يقف ويضع يداه في جيب العباءة وينظر له بسخرية…..

“هقتلك ياسالم…… هقتلك يابن الـ***….”

ابتسم سالم بشمئزاز وهو يرد عليه….

“احلى حاجه في الموضوع ده ياوليد انك كل ما ولولت وعيط…. اكدت ليا نظرتي ليك انك مش بتفرق حاجه عن الحُرمه ..”

ظل يبكي وليد وهو يقول بغل …

“اقسم بالله لعملك عاها مستديمه… عشان تفتكرني دايماً مش هرحمك ياسالم مش هرحمك بعد اللي عملته فيا مش هرحمك…… ”

أقترب منه سالم وهو يهتف بزئير كالاسد وعيناه ملتهبة احمرارٍ…..

“وانت رحمة أخويه….. رحمتني لم اعتديت على حرمة بيتي …..رحمتني لم قتلت اخويه عشان تكسرني ياريتك كنت قتلتني انا ولا انك تحرم

حسن من حياته ومن بنته ………..ومراته ……”


خرجت اخر كلمة بقلباً يقسم انهُ شعر بأنها حطم لشذرات متفرقه بسبب تلك الحقيقة الواضحة…

ابتسم وليد بوجع وهو يتألم من جسده..قائلاً بحقد أسود..

“مش هسيبك تتهنا ياسالم…. اوعدك اني هحرمك المره الجايه منها هقتلها قدام عينك ا….. ”

لكمه سالم بقوة مقاطع باقي هذا الحديث القذر من

لسانه الدنس……

“اياك تجيب سيرت مراتي على لسانك يابن الـ***”

ابتسم وليد بغل وهو يرمقه بتشفي….

“مراتك ديه كانت في حضن اخوك قبلك ..

انا مش مصدق انك حبيت واحده… لمؤاخده يعني

استعمال….. ”

لكمه سالم في وجهه عدة مرات وفي معدته

بقوة… كان كالمغيب وهو يلكمه ويركله ولاخر يتالم ضاحكاً عليه بجنون وكانه قد فقد عقله بسبب الحقد الذي افترس عقله وقلبه ليجعل كثرة الآلام تخدير لجسده ……

ابتعد عنه سالم وهو يلهث بقوة…. وكان جسده وكل عضله به تنتفض بتشنج وغضب اعمى من هذا الحقير وأحاديثه اللعينة……

مسك السلاح في لحظة متهورة وشهره في وجه وليد بازدراء مهاتف بصياح ساخر…

“تعرف كان نفسي اوي اطول معاك وشرب من دمك بس انتَ خساره فيك الوقت اللي بيضيع معاك… كدا كده هموتك…فكفايه تأخير لحد كده خلينا نرتاح منك ومن شرّك واهوه بالمره ننضف وسختك..”رمقها بتقزز…

كاد ان يتكأ باصبعه على زناد السلاح الذي بين يديه بوجه قاتم …..

إلا ان هتاف حياة العالي بخوف والتي كانت خلفه بعدة خطوات فقط….

“بلاش ياسالم عشان خاطري… ”

وكان دلو من الماء البارد نزل على رأسه في تلك اللحظة ألتفت لها وهو ينظر لها بقسوة يصحبها الغضب المستديم….

هتف وليد وهو يرمق حياة بخبث…

“مش قولتلك انه قتال قتله بس انتِ مكنتيش مصدقه…. اهوه قدامك اهوه قاضي نجع العرب رئيس عصابه لا وعامل كمان مكان في حته

مقطوعه عشان البوليس ميقدرش يوصله….. ”

احتدت عينا سالم وهو يقترب منه بغضب هرولت حياة سريعاً ووقفت امامه وهي تقول بترجي…

“بلاش ياسالم عشان خاطري.. ده إنسان مريض وبيستفزك صدقني ميستهلش انك توسخ ايدك

بدمه…… ”

التفتت حياة نحو وليد ولم ترد عليه بل اكتفت بنظرة كره وقذف ما بفمها على وجهه باحتقار وسخط…

مسك سالم يدها وهو يسحبها لخارج المخزن وهو يقول بأمر لرجاله….

“عينكم على الكلب ده لحد ما رجع…..”

هتف وهو يكاد يخرج بها بثبات خارج المخزن …

“مين اللي جابك هنا ومين عارفك طريقي…. ”

ردت وهي تسير بجانبه بسرعة وتكاد ان تتعثر في سيرها من شدة سرعته لكنها حاولت ملاحقت خطواته السريعة قدر المستطاع……..

“سالم انا جيت عشان….. ”

سألها بخشونة صارمة..

“ردي على قد السؤال ياهانم……. مين اللي جابك هنا ومين وعارفك طريقي….”

“جابر وصلني لحد هنا….. ”

ترك يدها وهو يقف على اول أعتاب المخزن وهدر بصوت جهوري قاسي…..

“جـــــابـــــر …..”


رفع جابر عيناه على سالم بإحترام وقبل ان يرد على نداءه…..

هدر سالم به بصرامه حاده …

“ليا كلام معاك بس مش ماهيبقى بالساني…”

ابتلع جابر مابحلقه بخوف من توعد سالم

الصريح له……

خرج بها من المخزن وسار باتجاه المبنى من على الجانب الأيمن….وجدت حياة باب حديدي صغير

ترك سالم يدها بغضب ونفور وفتح الباب بحنق

وهو يزفر بغضب من افعالها……

ابتلعت مابحلقها وخفقات قلبها تزيد زعر وهلع

مع كل حركه بسيطه يفعلها سالم امام عينيها الان فهي تدل على مدى عقابها وغضبه من تسرعها……

…………………………………………………..

دخلت ريم البيت بعيون مليئة بدموع والخوف من القادم الخوف من فقدان (حياة) صديقتها واختها الكبرى مثلما تعتبرها دوماً بسبب فعلت شقيقها المشينة……والخوف على الرابط الذي يجمعها بأبن

عمها وعائلته…

كانت تجلس والدتها في انتظارها وكذلك زوجة ابيها

خيرية وريهام تجلس بجانب والدها بكر ….وعيناها ترسل لريم نظرات حقد وغضب منها….

“كُنت فين ياريم ….”قال والدها سؤاله بضعف وحزن…

ردت ريم بفتور يصحبه الحزن الطاغي….

“كنت عند حياة…..”

سألها بكر بنفس النبرة المهزومة حزناً

“عرفتي حاجه عن اخوكي…..”

اجابته ريم بحزم….

“اخويه؟……لا معرفش حاجه عنه …انسى وليد

ياباااا واعتبره مات زي ماانا اعتبرته مات من ساعة ما عرفت ان هو اللي قتل حسن ابن عمي…..”

اقتربت منها خيرية بشر وهي تهدر بها بغضب

“مات ان شالله انتِ وامك واهلك كلهم

يابنت الـ****….”

اتسعت عيون ريم وهي ترد عليها بصدمة

“انتِ اتجننتي يامرات ابويه ازاي تشتميني كده واي الطريقه المقرفه اللي بتكلميني بيها ديه…

انتِ مفكراني واحده من الخدمين اللي شغلين عندك…… ”

احتدت عيون خيرية لتبدأ بتجريح بها…..

“خدمين يابيره يالي من ساعة ما طلعتي على وش الدنيا وانتِ بومه مافيش حد راضي يبص في وشك العكر ده…… يابت دا انا بنتي اتجوزت في سن 16سنه وانتِ قفلتي الإتنين وعشرين سنه ولسه محدش خبط على بابك …. ”

نزلت دموع ريم في للحظة وبدون سابق إنذار

لتاتي امها المرأة ضعيفة الشخصية طيبة القلب

عانقت ابنتها وهي تهتف بحزن…

“بلاش تعيطي ياريم…. منها لله ربنا قادر ياخد حقك منها ياضنايا ربنا كبير…. ”

كم كانت تعاني دوماً من نظرت المجتمع لها وبالأخص (نجع العرب)وقوانينه الصرامة بالحكم


على اي فتاة في سنها ان لم يأتي نصيبها وهي على مشارف سن المراهقة تصبح امامهم مذنبه وسيئة الحظ وينفر البعض منها حتى لا تصيب ابنائهم باللعنة (العانس)كما يقال…

لم نعاتب الجهل فنحن الحاصدين له بداخلنا مُنذ أصغر !…..

ابتعدت ريم عن أحضان والدتها وهي تمسح دموعها بظهر يداها وتتمسك بقوة أمام زوجة

ابيها منزوعة القلب والرحمة….


“أولاً يامرات أبويه انا مش من الخدمين اللي بيخدمه تحت رجلك…… وااه انا بنسبه ليكم كلكم واحده عانس وفيتها قطر الجواز…. وبنتك اللي اتجوزت تلات مرات فعلاً كانت اول جوازه ليها في سن صغير …بس انتِ نسيتي تقولي انها مكملتش شهرين في بيت جوزها اللي كان متجوز تلاته غيرها جوزها اللي كان عنده اربعين سنه جوزتيها ليه عشان دفع فيها مهر اكتر مش برضه مهرها اشتريتي بيه دهب وارض وبيت كبير وكل ده كتبتيه باسمك يامرات ابويه …..”

نظرت لها خيرية بارتباك …..

نظرت ريم لوالدها بحزن …فهو يقف مكانه يشاهد

حديث ابنته واهانتها منذ دقائق ولم يتحدث

وكأن خيرية محقة في اهانتها ….ولكن لن تصبها

الدهشة الممذوجة بصدمة كثيراً فوالدها للأسف يفعل هذا دوماً معها وكانها لم تكن أبنته مثل ريهام ووليد

كانت ريم اصغرهم سنٍ ولكن والدت ريم اول زوجة لبكر شاهين ولكن لم تكرم بأطفال غير في سن الثلاثين وطفلة الوحيدة التي انجبتها هي (ريم) …..

مسكت يد والدتها وصعدت للأعلى بحزن وهي

تلقي لزوجة أبيها اخر جمله في هذا الحديث….

“يمكن اكون عانس في نظرك يامرات أبويه… لكن

الحمدلله امي مش بتاجر فيا زي مابتعملي في

بنتك …. ”

…………………………………………………..

مسك ذراعها بقوة وعيناه أصابها احمرارٍ مُهيب

وكانها بركتين من الجمر المشتعل …. هدر فيها بغضب وهو يهز ذراعها بين يداه بقوة ….

“اي اللي جابك هنا وزاي تخرجي من البيت من ورايا…… إيه اتجننتي خلاص ….. ”

نزلت دموعها لعلها تستهدف قلبه تعاطف قائلة

“جيت عشانك….. عشان خايفه عليك…. ”

“ليه ياهانم عيل صغير انا …. اظبطي كلامك ياحياة وردي عليا عدل…… ”

“سالم أهدأ عشان خاطري واسمعني انا عارفه اني غلط لم خرجت من وراك بس انت كان ممكن تقتل وليد و….. ”

رد عليها بتصميم شيطاني….

“وليد ميت ميت… وروحه مش هتخرج غير على ايدي… ده طار …….طار أخويه…. ”

نزلت دموعها وهي تتوسل إليه بخوف….

“بلاش ياسالم عشان خاطري بلاش عشاني

و عشان ورد انا مقدرش اخسرك ياسالم مقدرش… “


ترك يدها بضيق وهو يبتعد عنها ويوليها ظهره في تلك الغرفة الصغيرة المتواجدين بها…..

رد عليها بخشونة وثبات…

“امسحي عنيكِ وكفايه عياط…. ويلا عشان اروحك بس خليكِ فكره ان تصرفات العيال

بتاعتك ديه مش هتعدي بساهل…. يلا ”

خطى خطوتين ليفتح الباب الحديدي آلصغير…. لكن توقف حين هتفت حياة إليه بعناد…..

“انا مش هروح ياسالم…… ”

استدار لها بقوة وهو ينظر لها نظرة جعلت جسدها يرتجف خوفاً ولكن حاولت الإمساك قليلًا بحبل الشجاعة وثبات أمام عيناه المهيبه شراً لن ينتهي….

اقترب منها خطوتين ووقف أمامها وجهاً لوجه وهو يسألها بشك وتحذير من تكرر جملتها مرة آخره…..

“بتقولي إيه سمعيني….. ”

ردت عليه بشجاعة وعناد وهي داخلها ترتعد رعباً

من ان يفقد اعصابه ويمد يداه عليها لاول مرة….

“مش هروح البيت غير لم ينتهي موضوع وليد وتسلمه للبوليس وهما يتصرفه معاه….. ”

ابتسم من زواية واحدة ساخراً من حديثها ليرد عليها بتحدي…..

“مفيش حد يقدر يمنعني من قتل وليد ياحياة وحتى لو الحد ده انتِ…… بلاش العشم اللي في عينك ده عشان مش بمشي ورا كلام الحريم….. ”

فغرت شفتيها بصدمة…. لن تنكر انها كانت تراهن قلبها ان (سالم) سينصت لها ويفعل ما تقترحه عليه

ولكن وقع عليها دلو من الماء البارد …..

سالم رجل كباقي رجال هذا النجع ينظرون للمرأة وكأن الذي وضع داخل رأسها ليس عقلاً بل بقايا طعام يجعلها لا تفهم غير (ماذا سناكل غداً ! )

احتدت بُنيتيها الداكنة والتوت عضلات جسدها غضباً وهي تعنفه بقسوة….

“انا فعلاً ست… لكن انا مراتك وخايفه عليك… بلاش تكون رجعي ياسالم… انت لو قتلته مش هتفرق حاجه عنه ….”

أولها ظهره بعناد وهو يقول بجسارة…

“كل كلامك مش فارق عندي…. وانا مش هغير رايي عشان خاطر عيونك… ده طار وجه وقته… ”

اقتربت منه وهي تضع يدها على كتفه وهي تترجى اياه بنبرة صوتٍ حانية تستهدف قلبه وعقله للامتثال

لها…

“طارك خده بالقانون ياسالم خده من غير ماتوسخ

ايدك بدم واحد زي ده من غير ماتقتل… غير رايك

المرادي بس عشان تفضل معانا…..انتَ عارف أننا

و ورد ملناش غيرك…. عشان خاطري ياسالم ارجع

عن الــ… ”

قاطعها بصوتٍ عالٍ صارم ….

“من قتل يقتل…..وكفايه رغي ويلا عشان

اوصلك….. وياريت تمسحي دموعك ديه و

وفريهم للجاي….. “


نظرت حياة بجانبها بضياع لتجد قنينة من الزجاج مرمية باهمال على الأرض ….مسكتها بدون تفكير ورتطمت إياها في الحائط خلفها انكسر نصف القنينة في لارض متناثراً ونصف الاخر بين يدها واطرف آلنصف المنكسر منها ذات اطراف زجاجية حادة….

اتسعت عينا سالم بعد هذا المشهد الذي حدث في لمح البصر، اقترب منها وهو يحاول منعها…

“بتعملي إيه يامجنونه نزلي الزفته ديه….. ”

هبطت الدموع من عينيها بكثرة وهي تهتف بتحدي

“بلاش تقرب مني ياسالم….. ابعد عني… “كانت تقرب اطراف قنينة الزجاج الحادة من عنقها وهي تتحدث إليه بغضب……

حرك يداه في الهواء وهو يحاول ان يهدأ من روعها

وقلبه كان يخفق بخوف عليها….

“طب خلاص مش هقرب نزلي بس الازازه دي عشان متتعوريش…. ”

قربتها اكثر وهي تتألم بوجع حقيقي من آثار اطرف الزجاج الحاد مجرد انها الاصقتها في عنقها بطريقة عشوائية فتألمت ولكن لن تبالي وهي ترد عليه بحزن ….

“بجد خايف عليا…… ولا خايف لا متعرفش تخبي جثتي زي ماهتعمل مع وليد….. ”

اتسعت عينا سالم وهو يهدر بها بغضب

“حياه…… انتِ اتجننتي….. ”

صرخت به ومزالت على وضعها….

“دا مش جنان… دي الحقيقه ازاي عايزني اطمن ليك بعد ماتقتل وتوسخ ايدك بدم بنادم…. مهم ان كانت الأسباب اسمك قتلت ….وانا مستحيل اعيش مع واحد قاتل وعشان لا هعرف اعيش بعدك ولا بعد مابعد عنك…… يبقى الموت أهون عليا…. ”

صاح به وهو مفزوع عليها…

“اقسم بالله ماهرحمك ياحياه لو فكرتي بس تبعدي عني وحتى لو بالموت هتلقيني مدفون جمبكم

في نفس التربه….. نزلي الزفته ديه وعقلي ياحياة

وكفايه هبل لحد كده……..كفاية ”

قربت اكثر الزجاج الحادة من عنقها لتصنع لها جروح متفرقة وتسيل الدماء منها ببطء…. لم تبالي ولم تشعر بشيء وهي تهدر به هي أيضاً بتحدي

“مش قبل متوعدني انك هتسلم وليد للبوليس

مش قبل متوعدني انك مش هتحاول توسخ ايدك

بدم واحد زي ده….. مش قبل متوعدني انك هتحافظ…على نفسك وعلى حياتك عشان خاطري وعشان خاطر بنت اخوك اللي مش بتقولك غير

يابابا…… ليه عايز تحرمني منك بعد ماحبيتك…

وليه عايز تحرم ورد منك بعد ما خدت مكان أبوها

ليه ليه ياسالم…

” عشان مينفعش تمشي ورأ كلام الحريم….. ولا عشان مش عايز تسمع كلام اكتر واحده بتحبك وخايفه عليك…… ليه بتعمل كده

فيه لــيــه….. ”

حرك كلتا يديه في الهواء وهي يرى عنقها يسيل منه الدماء ببطء.

“نزلي الازازه ياحياة…. رقبتك اتعورت كفايه

جنان وشغل عيال وعقلي…… ”

ارتفعت عينيها عليه بعناد قاتل صارم الى ابعد حد وهي تقول بحدة ……

“واضح كده انك عايز تدفني انهارده…. انا مش

هنزلها من على رقبتي غير لم توعدني ياسالم

اوعدني انك مش هتقتله… اوعدني انك هتسلمه

للحكومه وهمه يتصرفه معاه…. اوعدني وانا

هصدقك لانك كلمتك و وعدك سيف على رقبتك

اوعدني ياسالم وانا هصدقك…… “


عض على شفتيه بغضب وهو ينظر الى عنقها الذي تسيل الدماء منه….. اغمض عيناه وتنهد بقوة

وهو يقول….

“اوعدك ياحياة……. بس نزلي الازازه ”

ابتسمت بين دموعها وهي تنزل القنينة من على

عنقها ببطء لتقذفها بعيداً عنها…..

رفعت عينيها عليه لتجد عيناه حمراء وينظر لها بعتاب جامح… دققت النظر في عيناه لتجد دمعة الم وخوف عليها تنزل على وجنته…..اقترب منها خطوتين ليقف امامها ومزال يرسل لها نظرت عتابه وحزنه وألم قلبه بسبب معاقبتها له بانهاء حياتها ان لم ينفذ لها طلبها…..

ارتجفت شفتيها بخوف وهي تقول

“سالم انا….. ”

جذب جسدها بقوة داخل أحضانه بخوف وعتاب وحزن من فعلتها ومن ضعف قلبه العاشق لها

وهي للأسف لم تقدر هذا وغرزت سكينتها الحادة

في صدره حين استغلت وعبثت بنقطة ضعفه الوحيد !…

ظل في أحضانها بعد الوقت…… دقائق ….. ودقائق

تمر وهم على هذا الوضغ….

همس لها بعتاب جامح في نبرة صوته…..

“بتبتزيني بحياتك… بتستغلي حبي ليكِ ياحياة…. ”

نزلت دموعها بين أحضانه وهي ترد عليه بصدق

“انا عملت كده عشان خايفه عليك …….عشان بحبك… ”

رد عليها ساخراً ….

“بالعكس انتِ انانيه ياحياة… أنانيه اوي ….. ”

ردت عليه بوجع من اتهامه لها…

“انا فعلاً أنانيه…. عشان عايزاك جمبي انا انانيه عشان بحبك….. لكن انت بقه عمرك ماحبتني ولا أثبت انانيتك فحبك ليه وأقرب حاجه عايز تقتل وتدخل السجن وتنعدم عشان محدش في نجع العرب يعتب عليك لو سبت القانون هو اللي يحكم على ابن عمك مش انت ……”

لا يزالون على وضعهم وبرغم من العتاب الحاد

بينهم كانت قلوبهم تتشبث ببعضها بخوف من طوفان الفراق بينهم !…….

“انا عملت ده كله عشانك عشان وجعك على حسن

و ورد اللي اتحرمت من ابوها وهي في عمر سنة ”

نزلت دموعها وهي ترد عليه بقهر ….

“حسن مات ياسالم…. وانتقامك مش هيغير حاجه.. بالعكس ده ممكن يحرمني منك ويحرم ورد من وجودك في حياتها….. سالم انا بحبك…. حسن كان جوزي قبلك ومش هنكر موته كسرني وكسر قلبي قد إيه… ويمكن حسيت بعدها ان الحياه وقفت بعد ما خسرته ….

” لكن من ساعة ما دخلت حياتي وتجوزتني وانا

بقيت بحس بطعم تاني لدنيا وانا معاك وكاني أول مره احب…. وأول مره اخاف.. وأول مره اشتاق

لحد…..”صمتت وهي تبتلع مرارة اوجاعها ثم

أكملت بصوتٍ مبحوح….

” انت لازم تعرف… اللي جواي ليك مش بس حب بين واحده وجوزها…اللي جوايه ليك طفله… طفله

يتيمه لقت ابوها فحضنك لقت اخوه في اهتمامك وخوفك…. لقت فيك الصاحب الجدع في كلمتين وجعنها لقتك بعدها بتهون عليها وبتخرجها من اللي هي فيه بكلمه حلوه… لقت فيك الحبيب وزوج في حضنك فكلامك وفحنانك عليها ….. انت مش بس جوزي يسالم انت عوض من ربنا بعد سنين طويله من الحرمان… عوض جه عشان يغنيني عن الدنيا

وعن كلام الناس وشرهم …. ليه عايزني ارجع يتيمه تاني ياسالم ….لـيـه عايزني اخسرك ورجع يتيمه من تاني……ليه.. “مع كل حرف قلبها ينزف وجع وحسرة ودموع تنزل بغزارة من مقلتيها الحمراء…

قصة سالم وحياة ليست قصة حب ومرت بل هي

قصة اجتياح….. اجتياح افترس قلوبهم بشراسة

ليهلك حصون مشاعرهم ويجعلهم للعشق مسالمين !..

ابتعد عنها قليلاً وعيناه لا تحيد عن بُنيتيها الباكيتان حاول قدر الامكان ان يصلح مافسد بينهم بعد حديثها وانهيارها أمامه….

“شكلي انا اللي طلعت اناني بعد كل ده….”

انزلت دموعها بحزن لتخفي دموع عينيها التي تنزل بدون توقف ……رفع وجهها بطرف اصابعه….ليجبرها على النظر اليه وهو يتحدث بحنان….

“ينفع تبطلي عياط وتهدي شويه…….”


هزت راسها وهي تمسح عينيها بكف يدها كالاطفال…..

ابتسم بحزن وهو يتطلع عليها بتراقب….هبطت

عينا سالم على الجروح الطفيفة التي في عنقها

كان ينزل من كل جرح منهما قطرات من الدم….

سحب الوشاح الرجالي الذي كان حول عنقه وبدون تفكير بدأ يمسح الجروح من الدماء ببطء وخوف…

أغمضت حياة عينيها بوجع ونزلت دموعها من عشق افترس قلبها بقوة مدمر كل حصون تمنع دخوله الى قلبها…….

“ومستغرب اني أنانيه ليه في حبك ”

هتفت داخلها وهي تغمض عينيها بقوة تألم

اشتياق لقلباً عاشقًا له……

“بتوجعك لدرجادي…. “همس بحنان ناظراً الى عينيها المغمضة بقوة…..

اكتفت بهز راسها بـ (نعم) ولكن هي لم تشعر بألم

جروح عنقها قط….بعد أقتراب أنفاسه وحنانه و اهتمامه الطاغي الآن عليها وكانها تخدرت جسداً وعقلاً………

شعرت به يزفر بحنان على عنقها بتمهل وخوف

ويداه تطبطب بهذا الوشاح على جروحها

الطفيطة….ويدهُ الآخرى تسير على عمودها الفقري

ببطء وحنان وكأنه يمحي اوجعها بهذا الحركة…

نزلت دموعها وهي تفتح عينيها الحمراء قائلة بصوت عاشقة…..

“تفتكر هحبك اكتر من كده…. ”

نظر لها ولم يفهم سر جملتها ولكنه كان كل قلقه مصوب على تلكَ الجروح….. أبتعد عنها قليلاً

وأمسك الوشاح ووضعه على عنقها بطريقه

عشوائية وهو يقول بهدوء…..

“لازم نروح المستشفى عشان يطهرو الجرح ده كويس ….. ”

اومات له بدون كلمة واحده…… لتجده يحملها على ذراعه متوجه لسيارته…….

قالت حياة بنبرة اعتراض….

“سالم بتعمل إيه الموضوع مش مستاهل انك تشلني انا كويسه….. ”

رد عليها بإصرار متيقن وهو يفتح باب السيارة

“بس انا حاسس انك مش كويسه ياحياة… ”

نظرت له وفغرت شفتيها بدهشة فهي حقاً ليست

بخير تعاني من دوار حاد منذ اكثر من اسبوعين

وهي لم تفكر يوماً في استشارت سالم بهذا التعب بما انه تخصص ( نسا وتوليد) وحتى ان لم يمارس مهانته ابداً من المؤكد ان لديه خبره في بعض الأشياء البسيطة فهو لا يزال يتذكر جيداً ما درس….

لكنها كانت كعادتها تهتم أكثر بما يمرون به ، فهذا الأهم ! …….

بعد ثلاث ساعات وصل سالم امام بيت رافت شاهين وقد حل الليل عليهم….. نظر لها وجدها غفيت على مقعدها بجواره…..دقق النظر لها بحزن ليجد الارهاق اخذ من ملامحها مكان ليسكن به وكذلك الحزن ..

مسد على حجابها وهو يقول بحزن…..

“كان ممكن يجرالي حاجه انهارده بسبب

جنانك… ”

مسد على حجابها وهو يفتح باب السيارة ونهض للخارج ….. وفتح الباب من ناحية حياة

وحملها على ذراعيه بخفة…..

دخل البيت بعد ان فتحت له مريم الخادمة….

شهقت مريم وهي تقول بعفوية…

“بسم الله الرحمن الرحيم…. مالها ست حياة ياسالم بيه…… ”

“ملهاش كويسه ….ورد فين والحاجه راضية والحاج رأفت .. ”

ردت عليه مريم بتوتر…

“كل واحد في اوضته يابيه ..و ورد اكلتها ونامت من شويه….. “


صعد على سلالم البيت باتجاه غرفة نومهم ومزالت حياة غافية على ذراعه…..سألها بشك…

“هو محدش يعرف ان حياة خرجت من البيت…. ”

كان يوليها ظهره ويقف ببرود ينتظر اجابتها

ردت مريم بتلعثم سريعاً…..

“لا محدش يعرف….. لان ست ريم قلتلي اقول للحاجه راضيه والحاج رافت لو سألو عليها يعني انها في اوضتها نايمه….. وانا بصراحه عملت كده.. ”

كانت تفرق في يداها بتوتر وخوف من رب عملها بان يثور عليها بعد فعلتها تلك لكنه لم يرد عليها سمع الحديث وهو يصعد للأعلى وهو يتمتم بحنق

من تصرفات كلتاهما….

وضعها على الفراش وخلع لها هذا الحجاب وتلك العباءة حتى ترتاح في نومها كانت نائمة وهو يبدل

ملابسها وكانها في غيبوبة لن تفيق منها الآن….

“مش معقول لدرجادي تعبانه….. “تمتم وهو يشغل التكييف ودثرها بالغطاء حتى لا تتعب من هذا المكيف……

وقف في شرفة غرفته وهو ممسك سجارته بين

إصبعيه …..ومسك الهاتف فاليد الآخرى وهو

يزفر الدخان الرمادي بحنق……. اتى له صوت

جابر عبر الهاتف……

هتف سالم بخشونة وضيق من فعلت هذا الغبي صباحاً …

“جابر….. اسمعني ومش عايز كتر كلام لسه حسابي معاك مجاش وقته ….. انا عايزك تسمعني كويس بكره الصبح تاخد وليد و…….


22🌹

فتحت عينيها ببطء وتكاسل كانت تعاني من ثقل حاد في جسدها ، نهضت جالسة على الفراش ….. ونظرت امامها بعيون تُفتح بصعوبة من أشعة الشمس المعاكسة بُنيتاها….

تفقدت المكان المنبعث منه الضوء لتجد سالم يقف يحرق في هذهِ السجائر كعادته ولكن كان ينفث بها بشراهه وغضب وكأنه يحاربها حتى تنفذ لياخذ غيرها ! ….

هتفت بأسمه بصوت مرتفع قليلاً حتى يسمعها..

“سالم….. ”

ألتفت لها وهو يلج للغرفة ولا يزال ينفث في سجارته بضيق….

“صباح الخير….. “بدأ يسعل بعد هذهِ الجملة بقوة

وصوت متحشرج سألها باهتمام…..

“بقيتي احسن دلوقتي…. لسه الجرح وجعك… ”

لم ترد عليه بل نهضت باستياء ناظرة له بعتاب وهي تقترب منه ، جذبت من بين أصابعه السجارة …ووضعتها سريعاً في المنفضة لإطفائها

وهي تهتف بهدوء…

“ممكن تحاول تبطل سجاير شوية إحنا لسه على الصبح… وبعدين الموضوع ممكن يدخل في حاجه صحيه كبيره….” زفرت وهي تقول بسأم

“ولغريبه اني بنصحك وانت أساسا دكتور….. ”

نظر له قليلاً وبدون ان يرد على حديثها هتف

بدون مقدمات وهو يحك في لحيته …

“وليد اتقبض عليه…… ”

“بجد ازاي….. ”

“جابر سلمو لأمين شرطه تبعنا…. دخلو القسم هو ولتسجيل اللي فيه اعترافه ودخل بيه لوكيل النيابه

من نص ساعه……. “ابتعد عنها وهو يفتح خزانة

ملابسه ليهم بتغير ثيابه… راقبته حياة وهي

تسأله بخفوت…..

“أنت رايح فين ياسالم…… ”

القى عليها نظرة خاطفه لا تخلو من الجفاء…

“رايح القسم عشان اكتب اقوالي…. ”

سألته بعدم فهم ولخوف يتربع داخل قلبها…

“اقوالك؟….. اقوال ليه هو انت المجرم…. ”

نظر لها قبل ان يدلف للمرحاض قائلاً بنبرة ذات

معنى…..

“لا…. بس أخو اللي مات على أيد المجرم…. ”

اولها ظهره وهو يسير للوصول إلى المرحاض الخاص بالغرفة ……

“انت بجد مضايق انك سلمته للبوليس.. و مش طيقني ولا قابل تكلم معايا زي الأول بسبب

كده…. ”

توقف عن السير مع اول حرف نطقت مرر يده على شعره بضيق واجابها معقباً وهو يوليها ظهره…

“يمكن اكون مضايق اني ماخدتش طار أخويه

بايدي ويمكن اكون مضايق منك شويه بس مش عشان اللي فدماغك لا… عشان بسبب جنانك في المخزن وتهديدك ليا…” تريث برهة قبل ان يكمل..

“مهم كانت اسببك ياحياة….. مش سهل انسى إللي عملتيه إمبارح…. ”


دلف للمرحاض واغلق الباب بقوة …. انتفض جسدها من اثار صوت اغلاق ألباب لتنزل دموعها بحسرة على علاقة حب كلما تحسنت قليلاً تاتي العواصف لتضربها في عرض حائط القسوة والجفاء …

وقفت امام المرآة وهي تنظر لنفسها بسخرية

سخرية ليست لوجهها الشاحب الحزين بل السخرية

الحقيقة هي تمزق روحها وقلبها كلما شعرت بالأمان والعشق في حياتها البأسه ، ياتي حظها التعيس ويدمر اي شيء كانت تنوي بناءه معه !…

“عادي ياحياة مانتِ طول عمرك نحس مستغربه

ليه طرقته معاكِ….. “


شعرت بدوار مرة أخرى جلست سريعاً على الفراش بتعب ونظرت الى صورتها المعاكسة في المرآة باعياء وضعت يداها على معدتها بيد ترتجف

قالت بهمس ويقين ضائعة…..

“طول الوقت بكدب وجودك…. بس انا حسى اني اتاخرت من اني اتاكد من خبر وجودك فعلاً

يابن سالم…… “ابتسمت بحزن سياتي هذا الصغير

بين هواجس حياتهم وعواصف مستمرة بينهم

سياتي ليصلح ام سياتي ليدمر؟! لا تعلم ولكن

وجود طفل بينهم سيكون له تأثير إيجابي على علاقتهم ببعضهم !….

وضعت وجهها على كف يداها وهي تغمض عيناها بقوة من اثار الدوار الحاد……

ارتدى ملابسه ونظر الى وجهه عبر المرآة وهو يمشط شعره ، تذكر المشهد للمرة الثانيه لا بل الألف فهو لم يتذوق طعم النوم وراحه منذ لليلة امس بسبب ما اقترفته ( حياة)معه تلك التي تمتلك اكبر عقل يورث الغباء وتهور…..

زفر بستياء منه ومن تعلقه وحبه لها ….

قد عشق بجنون مُهلكَه خرقاء تتصرف مثل الأطفال دوماً ولا تاخذ شيء ضمن محمل الجدية ولكن

أليس كل ما يمر به بسبب مشاعره وقلبه ذاك…

عض على شفتيه بضيق حين وصل لتلك النقطة

هتف بحسرة ساخره لنفسه…

“هقول إيه اكتر عضو مهزء عندي ! …. ”

خرج من المرحاض وهو يهندم ملابسه ليجدها تجلس على الفراش مغمضة العين بقوة ووجهها

شاحب وكانها تحارب شيءٍ وهمي…..

تقدم منها بخطوات سريعة…وجثى على ركبته

امامها وهو يرفع راسها قائلاً بقلق ولهفه..

“مالك ياحياة انتِ تعبانه…..”

هزت راسها بتعب وهي تقول….

“ااه شويه …..يعني دوخه بسيطه اكيد من قلة

الأكل…..”

وجه راسه لناحية الآخرى زافراً بضيق وهو يسالها

بحنق…..

“تاني إهمال في لاكل انتِ بتحبي تشوفي نفسك

تعبانه كده دايماً ….”

عضت على شفتيها وغيرت مجر الحديث وهي

تقول بحرج..

“سالم هو أنت ممكن تبعد عني في يوم…. ”

رفع عيناه عليها اكثر بتراقب وهو يسألها بغرابه..

“مش فاهم اي دخل ده في الموضوع اللي بنتكلم

فيه دلوقتي… ”

“رُد عليه ياسالم…… هو اللي انا عملته في المخزن ده …. ممكن يخليك تبعد عني…. ”

تنهد بتعب من الهروب من سؤالها الذي تقذفه في

وجهه بدون تردد……

“آآه ممكن ابعد عنك لو قررتي تعملي حركات العيال دي تاني…… لازم تقدري الموقف اللي احنا فيه الموضوع زي مايخصك يخصني…… ويخصني

انا أكتر كمان….. ”

“انا عارفه انه يخصني عشان حسن كان جوزي و…”

قاطعها وهو يجز على اسنانه مهدد إياها بتوضيح

أكثر….

“انا لم قولت ان الموضوع يخصك المقصود من كلامي انه يخصك من ناحية ورد بنتك وبنت حسن …لكن انا مش بتكلم على جوزكم انسي اللي فات…وركزي معايا حالياً انا اللي جوزك وانا اللي معاكي…..وخدي بالك من كلامك بعد كده…

ولاحظي إنك متجوزه راجل … “رمقها

بضراوة معاتب…

نهض بضيق من أمامها…. نهضت خلفه

بحرج وعنفت نفسها لأنها كانت تنوي إصلاح

ما أفسدته البارحة معه ولكن كعادتها فعلت خطأ جديد….

“سالم انا مش قصدي حاجه انا فهمت مقصد

كلامك غلط….. انا اسفه….. ”

” طيب…… “اكتفى بهذا الرد المستفز لاي امرأه

احتدت عينيها وهي تقول بضيق…

“يعني إيه طيب انا بقولك اني اسفه المفروض ترد

عليا بذوق …. ”

ارتفع حاجباه وهو يسألها بشك..

“يعني انا قليل الذوق ياحياة….. ”

“يوووه يادي النيله … “هتفت داخلها باستياء من ان يتغير ردها المشين او كما يقال(دبش)

وقفت امامه وهي تكاد تبكي لتستهدف قلبه

بتعاطف ومهارة….. هتفت بحنو..

“بص انا اسفه على اللي عملته.. بس كمان انا كنت خايفه عليك وعملت كل ده عشانك….صدقني ياسالم

انا عمري ما كُنت هسامح نفسي لو حصلك حآجه..”

زفر وهو يقترب منها بهدوء…

“عارفه ياحياة ومقدر…بس بلاش تعملي كده في تاني….لو بتحبيني بجد بلاش الحركات دي..لأنك

عارفه حياتك غاليه عندي قد إيه…”

تلاقت أعينهما وأخذت حوار معاتب لا يخلو من الحنان الطاغي والحب المتقد بينهم…

اقتربت منه وشبت باقدامها قليلاً واحاطت بكلتا يداها عنقه وهي تقول بحب…

“انا آسفه…..مش هتكرر تاني ياسالم…أوعدك بكده…”

ضمها إليه أكثر وهو يبتسم بجزع….


“هعمل إيه….المهزء سمحك كالعادة..

تنفست براحه اخيراً وهي تدفن وجهها في عنقه الرجولي…

بعد مرور ساعة…

غطت جسدها العاري بشرشفت الفراش وهي تطلع

على سالم الذي كان يقف امام المرآة يمشط شعره

بعد ان ارتدى ملابس كاجول بنطال بني مع تيشرت صيفي يدخل به الون الابيض ولبني…..

كان تطلع عليه بهيام عاشقة وهي تراقب هندمته

لنفسه امام المرآة…….

“بتبصي كده ليه….. “سألها سالم وهو يتطلع عليها

عبر المرآة بغرابه……

ابتسمت وهي تقول بمشاكسة

“عادي يعني……. ”

“عجبك انا صح…. “سألها بمكر وهو يقترب منها

جلس بجوارها وهو ينظر لها بوقاحة رفع

شرشفت الفراش عنها قائلاً بمكر…

“انتِ مغطيه نفسك كده ليه….. دا حتى الجو حر ”

“سالم…… “هتفت وهي تعض على شفتيها السفلى

ابعد شرشفت الفراش عن جسدها اكثر وهو ينظر لها بوقاحة قائلاً…….

“على فكره كده احلى……”

انزلت مقلتيها ارتباكٍ من آثار تفحصه لها ……ام هو فظل يلتهم جسدها المكشوف أمامه بعينين شهوانية تجدد داخله الرغبة بها من جديد !… أغمضت حياة عيناها فور حين شعرت بانفاسه الساخنة تقترب من

وجهها ، اخذ شفتيها السفلى التي كانت تعض عليها باسنانها بحرج من حديثه الوقح منذ قليل بين شفتاه الغليظة اعتصرها بقوة ليضيع جسدها وقلبها مع لمسته الحانية عليها….. وهي بين يديه يجذبها بمهارة داخل شاطئ غرامهم بعدة همسات وبعض اللمسات تذوب كلياًّ معه وتغرق في احضانه الدافئة …….

فصل اللحظة طرق على باب غرفتهم ابتعد عنها ببطء وهو ينظر الى بُنيتان مُسبلتان عليه بضعف يتمذجان بالعاطفية الجامحة !…..أقترب منها بحنان وقبلها من مقدمة رأسها وهو يرد على الطارق

بخشونة….

“مين…… ”

ردت مريم بتهذيب من الناحية الآخرة…

“انا ياسالم بيه…. الفطار جاهز تحت…… ”

رد عليها بهدوء….

“لا انا نازل يامريم…. هاتي الفطار هنا على الاوضه لحياة…… ”

“حاضر….. “قالتها مريم وهي تبتعد عن باب الغرفة…

ارتفعت عينا حياة ناظرة إليه بتسأل….

“وانت هتنزل من غير فطار…. ”

مرر يده على شعرها وهو يرد عليها بخفوت…

“آآ ياحبيبتي مليش نفس كُلي أنتِ عشان الدوخه

اللي بتجيلك ديه…… ”

“لا مينفعش… انت مش هتمشي غير لم تفطر ماهو انا مش هفطر لوحدي……. ”

رد عليها بتمهل……

“مش هتفطري لوحدك ورد هتطلع تفطر معاكِ…”

زمت شفتيها بعدم رضا…لكنها صمتت فهي لن تجادله أكثر…. تعلم انه يحارب لأجل اخفاء الامه عنها وعن قرار نفذه عنوة عنه !..

…………………………………………………..

“شده وتزول ياوليد…… “قالتها ريهام وهي تجلس

بجانب والدتها( خيرية) وكانو يجلسون في داخل

مكتب وكيل النيابة……

رد وليد بحقد….

” سلمني للبوليس ابن الـ***…..لا وقريب كمان هيعدمُني…”

هتفت خيرية بخوف ….

“بعد الشر عليك ياضنيا ان شاءالله هو وعيلته كلها

متقلقش ابوك هيقوملك اكبر محامي في البلد..”

ابتسم ساخراً وهو يرد عليها بحسرة….

“محامي إيه يامااا اللي بتكلمي عنه…

التسجيل بقه في ايد الحكومه يعني القضيه

لبساني لبساني وحبل المشنقه مستنيني …..”

ربتت خيرية على كتفه بحزن وهي تبكي بهسترية قائلة..

“ان شاء الله هترجع ياضنايا هترجع لبيتك

وحياتك من تاني …..”

فتح الشرطي باب المكتب عليهم وتحدث اليهم بعجله وسرعة…..

“خلاص ياجماعه الربع ساعه خلصت اتفضله بقه لحسان وكيل النيابه قرب يخلص وقت استرحته ولو لقه حد هنا في مكتبه هيحبسه وهيحبسني معاكم…”

خرجت خيرية بحزن ودموع وهي تودع ابنها

بعناق يصحبه الشفقه على ما ينتظره…

سلمت أيضاً ريهام عليه بحزن وحسرة من وصول تيار الهواء الخائن بهم الى هنا….قالت ريهام بحزن….

“خد بالك من نفسك ياوليد…..”

نظر لها وهتف بدون مقدمات..

“خدي طاري منه ياريهام انتِ تقدري تحرمي سالم

من اغلى حاجه عنده ….احرميه من حياته زي ماحرم اخوكي منها …..”

فغرت شفتيها بعد ان فهمت مغزى حديثه..

“تقصد إيه…”

مالى عليها ومن قرب اذنيها قال بفحيح

شيطاني……

“احرمي سالم من حياة …..زي ما حرمك من انك تكوني ليه …..اقتلي حياة….واعتبري ده طار

اخوكي اللي هيتعدم قريب…..”نظر لها بانتقام

طاغي في عينيه شردت في حديثه بتفكير…..

فاقت سريعاً على صوت الشرطي وهو يقول بخشونة وإلحاح …..

” يلا ياانسه وكيل النيابه زمان جاي …..”

خرجت بعد ان نظرت على وليد نظره اخيرة….

…………………………………………………..

بعد مرور أسبوع على تلك الأحداث…..

كان يجلس على الفراش ويتحدث في الهاتف بضيق

“بقولك ايه غير موظف الحسابات ده مهو مش كل

مره اسمع غلطات في الحسابات انا صبرت عليه كتير وهو برضه مش شايف شغله كويس…..”

خلع ساعة يده وفتح درج المنضدة التي بجوار الفراش ليضع ساعة معصمه بعد ان ابعد تلك العلبة القطيفة عنها…

شد انتباهه سريعاً علبة الاقراص وهو لا يزال يتحدث عبر الهاتف ، كان محتواها اقراص منع الحمل ! ……لم يلبث قليلاً حتى يفهم ما نوعها فهو لم ينسى كونه طبيب درس الطب لسنوات ومر عليه مثل هذهِ الأشياء وحتى ان لم يمارس مهنته لن يجهل تلك النوعيات المعروفة !…

“اقفل دلوقتي بعدين هكلمك…..”

اغلق الهاتف و القاه بجواره باهمال وهو يتفقد

هذهِ الاقراص بذهول……تمتم بصوتٍ يخرج من الاعماق وعيون توهجت بنيران القسوة…

“منع حمل ……بتاخدي حبوب منع حمل ؟؟”

(“حامل مستحيل طبعاً…. لا.. مافيش الكلام ده انا اوقات كده نفسي بتروح على حاجات غريبه انا مش ببقى بكلها أصلا…..”)

(مية مره قولتلك اني مش عيله ….وكمان انا لم قولت مستحيل كان قصدي ان اكيد مافيش حمل

دلوقتي….. ااه كان رد غبي ومينفعش بس هو طلع

كده معايا….. وعلى فكره انا مش باخد حاجه تمنع الحمل…. وسيب ايدي لو سمحت عشان

بتوجعني… “)

كور كف يده بغضب وصوت كذبها يتكرر في

اذنيه بإصرار…..

فعلت هذا حتى تحرمك من طفل من صلبك

فعلت هذا لانها لا تحبك مزالت ترى ان الافضل

بينكم هي حياة زوجية بدون اطفال تربطك بها

فعلت ذلك وكذبت عليك حين سألتها اذا كانت

تتناول شيءٍ يمنع الحمل ام لا فكان ردها

(انها لا تاخذ شيءٍ)لمَ كذبت لمَ فعلت هل كانت

تدعي الحب كل تلك الفترة ؟ هل كانت كاذبه

في كل شيء حدث بينكم… هتف شيطانه داخله

بعدة أحاديث كثيرة فاشعل قلبه اكثر وتوهج

غضبه وكرهه لغباء قلبه وعقله في تصديقها..


قد باتت النيران تحرق وتاكل كل شيء بداخله

كل شيء قدم لها بمنتهى الحب والحنان ستنال عكسه… ستنقلب الموازين ، ستنقلب حياته معها رأساً على عقب !…

في نفس ذات الوقت…..

خرجت من المرحاض وهي تجفف شعرها ووقفت أمامه تنظر له بذهول…… وعينيها على تلك الاقراص الذي بين يداه…. نهض سالم ورفع علبة الاقراص

بين يده وهو يهزها بعصبية أمامها ….

“اي ده….. ”

عضت على شفتيها واسلبت مقلتاها ارضاً ….

هدر بها بصوتٍ عالٍ ……

“ردي عـــلـــيــا …..انــطـــقـــي إيــــه ده ……”

ارتجف جسدها بقوة وهي ترد عليه بعد ان رفعت عينيها المتحجرة بهم دموع الخوف من القادم….

“دي حبوب …….حبوب منع الحمل…..”

تألم وهو يسألها بنبرة لا تخلو من الرجاء…..

“مش بتعتك صح …..انتِ مش بتاخدي حبوب منع حمل ياحياة صح……..”

نزلت دموعها وخرجت شهقاتها وصمتت ولم تقدر على الرد……

اقترب منها وهو يهتف بحنان….

“ردي عليا ياحياة بلاش تخافي مني…. ريهام هي اللي حطاها هنا عشان تعمل خلاف مبينا…. ردي

عليا ياحياة…. فهميني.. ”

هزت رأسها بي (لا ) وهي تبكي بحرقة والخوف من القادم يتزايد داخلها أضعاف مضاعفة….

“انا….. انا كنت باخد الحبوب ديه بس.. بس في اول الجواز و لم حبيتك بطلتها من فتره…. من فتره

طويله ……” تلعثمت في الحديث وهي تنظر إليه

بارتياب……

تغيرت ملامحه كان يود فقط يود لو كانت مظلومة أمامه لكن هي ليست مظلومة فعلت واعترفت لن تنكر…… احتدت عينا سالم بغضب وهو يقذف

علبة الاقراص بعنف في وجهها ثم مسك شعرها

بين قبضة يديه بقوة ، صرخت حياة بالم ورهبة من القادم على يده……

“ليـه… لـيـه عـمـلتي كـده فــيا لـيـه ……”صرخ بها بعنف وعينيه حمم بركانية تكاد تحرق الأخضر واليابس…….

انهارت بين يداه ببكاءً …وهي ترد عليه بصعوبة…

“سالم اسمعني انا عملت كده عشان كنت خايفه

من جوزنا في لأول لكن وللهِ بعد ماحبيتك

بطلتها وللهِ بطلتها…… ”

رفع وجهها إليه وهو مزال ممسك بشعرها بين

قبضة يده بعنف…..

“بجد بطلتيها لا تصدقي المفروض اصدق خلاص وسمحك…. طب لو فعلاً بطلتيها وانا اهبل مثلاً

وهصدقك ليه لسه محتفظه بيها هنا ها

لــيـــه….. ”

كادت ان ترد ولكن قاطعها هو بغضب قائلاً…

“استني اقولك انا الحقيقه….. انتِ بتاخدي حبوب منع الحمل لحد دلوقتي… عشان مش ضامنه حياتك

معايا هتبقى إيه كمان سنه او كمان كام شهر

عشان مش بتحبيني مثلاً ومش عايزه حاجه تربطنا ببعض …. عشان كده قررتي تاخدي حبوب تمنع الخلفه مني… لاني مليش حق اني اكون ابو ابنك… عشان انتِ عمرك ماقدرتي تحبيني زي ماحبيتك

مش هي دي الحقيقه…. ”

القاها على الفراش بقوة…… نزلت دموعها بانهيار يزيد مع كل حرف فسرهُ سالم من وجهت نظره انها لا تحبه ، كيف ؟وهي تراه عائلتها وحياتها التي بدونها يتيمه فقيرة بدون مأوى !……

تحدث سالم بحزن و وجع ….وجع رجل خدشة كبرياء رجولته اكثر امرأه عشقها بجنون ..خدعته وطعنة قلبه بكذبتها وفعلتها تلك…

“عشان كده لم كنا على الاكل قولتي قدمهم انك مستحيل تكوني حامل… كُنتي واثقه ان الاهبل اللي متجوزاه مش عارف ولا هيعرف انك حرماه من ان يكون أب …. ولم كمان سألتك لو كنتِ بتاخدي حاجه تمنع الحمل ولا لا كدبتي …..كدبتي عشان تفضلي بكدبتك..بجد برافو ياحياة قدرتي تخليني مش راجل قدام نفسي قدرتي تضحكي عليا…. قدرتي تكدبي علي اكتر واحد كان بيتمنى ليكِ الرضا ترضي….. ”

أبتسم بسخرية وهو يتمتم بحزن ….

“غريبه اوي الدنيا ديه……. حسن اتجوزك قبلي عشان في نهايه تكوني من نصيبي واتجوزتك وانا شايف ان إللي هيكون بينا عشرة وتعود وعيال واحترام وبس مكنش فيه في الحسابات اني احبك يمكن لو مكنتش بحبك كان هيبقى جرحك سهل شويه

عليا… ”

نزلت دموعها وهي تهتف من بين شفتيها المرتجفة

بحزن….

“سالم… ارجوك افهمني الموضوع مش زي مانت

فاهم انت ظلمني وللهِ ظلمني…. ”

“انا فعلاً ظلمتك لم خليتك أقرب ألناس ليا

لم بقيتي عندي اهم من حياتي …. وانا كنت فاكر

اني عندك اهم من حياتك وانك بتحبيني زي مابحبك……. لكن انا كنت غلطان أنتِ مرات حسن مرات أخويه مش مراتي ولا حبيبتي زي ماكنت فاكر……. ”

شهقت بصدمة وجسدها يرتجف بخوف من القادم

احديث تبشر بالفراق …بالفراق يالله لن اقدر على

تحمل إحساس اليتم والضياع مرة آخر بعد

سالم لن اصمد لن أتحمل لن اقدر……

هتفت داخلها بانهيار طفلة ضعيفة تتشبث بعائلتها الوحيدة من إعصار الطوفان ومن هي عائلتها شخص واحد أعطاها ولم يبخل عليها بمشاعره وهي قدمت له الأوجاع فقط الأوجاع وهو استقبل الوجع

بصمود ولكن كلماته المبعثرة تدل على الإنهيار

داخل قلبه المجروح منها !..

“سالم….. انا اسفه….. “كلمة غبيه ولكن هي تشعر

أن لسانها مشلول حقاً وعقلها قد أصابه نفس ذات

الشلل الذي اوقف تفكيرها بعد عاصفة كلمات سالم

لها…. شلل في سائر جسدها حتى قلبها تشعر انه شُلَ

هو أيضاً ليالمها فقط……

أبتسم ساخراً وهو يقول بسخط….

“آسفه……. تعرفي ان كده سمحتك…. ”

رفعت عينيها اكثر عليه بتراقب ناظرة….

أكمل وهو يوليها ظهره ليخفي أوجاعه الجالية على قسمات وجهه الرجولي وكانه يحارب شخصاً ما ؟ نعم يحارب عقله وقلبه الآن… قلبه الذي لا يزال يتشبث بها بعد كل شيء اكتشفه متمسك ويحارب كلمة فراق ينطقها العقل داخله بإصرار ….

لكن الجرح أعمق من مشاعر عشقه لها ليس سبب الجرح وجود طفل ام لا… بل سبب الجرح انك تشعر انك غير مرغوب بك ، غير محبوب ممن احببت لا يتمسك بك ولا حتى يسعى لرابط اقوى بينكم يربطكم اكثر واكثر ببعضكم هذا هو الجرح الحقيقي !!

( انك غير مرغوب بك من اكثر شخص ترغب انت

به حد الموت بل وتتمنى داخلك ان تنفث اخر أنفاسك بين احضانه….)


“انا مسمحك لانك وضحتي ليا اهم حاجه كُنت مش واخد بالي منها ! …… مسامحك لانك صح مينفعش يكون في بينا طفل عشان اكيد هيتظلم وسطنا ومينفعش كمان نكون زي اي إتنين متجوزين عشان

كده احسن حل لينا إني اطلقك ونقفل الباب دا خالص…….”

نهضت حياة ببطء واقتربت منه لتنزل على ركبتيها

وتمسك يداه تترجى به…..

“لا… ياسالم.. لا عشان خاطري….انا مقدرش اعيش

من غيرك انا بحبك وللهِ وعمري ماكدبت عليك

صدقني انا بحبك عشان خاطري بلاش تسبني

انا مقدرش اعيش من غيرك….بلاش تقسى عليا

انت عارف اني بحبك …..ولله بحبك بلاش

تطلقني ياسالم بلاش تطلقني…..” تبكي وتبكي

وقلبها انكسر لشذرات متفرقه حين نطق

بجمود وهو يبعد يداه بنفور عنها…..

“كفايه كدب بقه وتمثيل ….انا خلاص مش قادر

اصدق حرف واحد من كلامك ….”

نظر لها بنفور وهو يقول باحتقار لنفسه…..

“انا حتى كل ماعيني بتيجي عليكِي بحسى اني اغبى واحد في الدنيا دي….. عشان صدقتك وحبيتك….”

نهضت وهي تقف امامه بضعف وضياع…

“سالم انا عارفه اني غلط بس انت لازم تصدقني

انا عملت كده فاول جوزنا لكن ولله بطلتها و..”

“مش عايز اسمع حاجه….. احنا اساسا من الأول مكنش ينفع نكون مع بعض.. “تحدث وقلبه يصرخ به حتى يتوقف ولكن العقل قرر بالحاح وكبرياء رجولي كان الأصدق……

انهارت مره أخرى وهي تترجى….

“لا… متقولش انا بحبك… انا.. انا مقدرش اعيش من غيرك…..”

نظر لها باعين قاسية وهو يرد عليها بجمود..

“هتعرفي محدش بيموت بعد حد .. ”

ياترى هيقدر يستغني عنها فعلا؟؟

ولا للقدر شي اخر؟؟


23🌹

اولها ظهره للمغادرة.. شعرت ان الأرض تهتز من اسفل قدميها مسكت رأسها بتعب وهي تهتف قبل ان تقع مغشياً عليها ……

“انا ممكن اموت بعدك….. ”

سمع ارتطام بعد جملتها ألتفت خلفه راها واقعة

على الأرض الصلبة وتعب قد احتل مكاناً يسكن بها

بين ملامح وجهها الشاحبة……

تقدم منها بسرعة وهلع وجلس بجانبها ….

خبط على وجهها بلطف….

“حياة……حياة…. ردي عليا….. حياة…. ”

مسك معصم يداها بين اطراف يده ليضع ابهامه

في منتصف معصمها…..

( في نبض الحمدلله )هتف داخله بحمد ولكن

الخوف مزالا يتربع داخله…..

حملها على ذراعه ووضعها على الفراش…… ومسك هاتفه يجري مكالمة بطبيبة…..

بعد مرور ساعة……

خرجت الطبيبة من غرفة حياة كان ينتظرها امام

عتبة باب الغرفة سالم والجدة راضية….

سألها سالم بقلق….

“خير يادكتوره ناهد….. حياه مالها”


ردت الطبيبة بعملية….

“ضغطها عالي شويه ولازم تبعد عن اي ضغط عصبي لان الفتره الجايه لو الضغط فضل كده وقت الولاده هيحصل مضاعفات….. ”

هتف سالم بعدم فهم….

“ولادة إيه يادكتوره ناهد وفترة إيه بظبط….. ”

ردت الطبيبة وهي تكتب اسماء الادوية المطلوبة

لحياة…..

“فترة الحمل…. انت متعرفش انا مدام حياة حامل

ولا إيه …..على ماعتقد بدات في شهر التاني

على العموم لم تيجي المدام تعمل فحوصات في العياده هنتاكد من عمر الجنين وصحته اكتر لازم المدام تعمل كشف واعاده كل 15يوم دا أساسي….. وكمان خُد العلاج ده هاته ليها في أقرب وقت ولازم تغذيها كويس… وزي ماقولنا تبعد عن التوتر عشان صحتها وصحة الجنين.. ”

اخذ منها الورقة وعيناه غامت بحزن…..

الرابط بينهم أتى ولكن اتى في لحظة قرر هو بها

البعد عنها بعد ان اكتشف حقيقة مشاعرها

اتجاهه فاق على صوت جدته راضية السعيدة

بهذا الخبر اكثر من اي شيء مرت به…..

“مبروك ياسالم مبروك ياحبيبي يتربى في عزك”

ابتسم لها ابتسامة خرجت بصعوبة من بين شفتاه

سالته راضية ضاحكة….

“مالك ياسالم…. الفرحه عملت فيك كده ليه.. دا انت حتى وقف مكانك هنا…. مش هتدخل تطمن على مراتك وتقولها كلمتين حلوين بمناسبة خبر

حملها….. ”

ربت على كتف جدته وهو يقول بنبرة خالية من المشاعر…..

“ادخلي انتِ عندها ياحنيي وطمني عليها… انا رايح اجيب العلاج…… ”

مسكته من ذراعه وهي تقول بشك….

“علاج إيه بس ياسالم اي حد غيرك يروح يشتريه

تعالى شوف مراتك وطمن عليها….. ”

“بعدين ياحنيي بعدين…… ”

هبط من على الدرج حيثُ الخارج…..

وزعت راضية عينيها على باب غرفة حياة

ومن ثم على المكان الذي اختفى به سالم …

لتقول بريبه من أمرهم…

“يترى إيه اللي حصل بينكم ياولاد…..

كأن يركض على ظهر الخيل الخاص به بكلِ قوته

مزال غير مدرك ماحدث وماسيحدث في لأيام

القادمة يجب ان يحمي طفله منها ومن انانيتها

وكذبها عليه وتلك الفعلة المشينة لحرمانه من

طفل، فقط بسبب انه غير مرغوب به بسبب قلبها العاشق للماضي وبطل الماضي المشئوم (حسن) ليس حسن المشئوم بل الماضي والمستقبل الاكثر شُئماً

حين جمع كلاهما برابط زواج انتهى بعشق اسود ولعنة العشق الأسود تطارد قلبه بضراوة فأصبح

هو فقط المسحور بعشقها لا هي…….

زفر بضيق وهو يقف بجانب شجرةٍ ما ويستند على جذعها بتعب نظر الى الخيل ذا اللون الأسود

الخيل العنيد مثله والذي مزال حُر لم يشتبك

به ضياع القلب مثله…….

“تعرف انك تطلعت أجدع مني…… لسه حُر ومصمم تكون حُر……”

اخرج الخيل صهيل هادئ وكأنه يرد عليه ولكن بهدوء مثل الثلج……

أقترب سالم منه ليضع رأسه فوق رأس هذا الخيل

الاسود….ومسد على شعره بتعب وهو يصارحه بالم حقيقي….

“انا لسه بحبها…. وفرحان اوي ان هشيل حته مني ومنها…… بس انا مبقتش قادر أصدقها… الثقه اللي جوايه ليها اتبخرت…… اتبخرت بعد اللي عرفته…

” تعرف اني بقيت ضايع وخايف بسببها وبسبب

أنها خدت مكان جوايا مكان مش مكانها مكان مكنش لازم يتفتح لاي واحده ست عشان

كلهم كدبين ….. كدبين”

صهيل آخر هادئ بارد من هذا الخيل الأقرب دوماً

لها في وحدته….

اغمض سالم عيناه وهو يرد عليه بصدق

“مش مظلومه…. هي اعترفت…. مش مظلومه… لازم ادفعها تمن كلمة بحبك اللي قالتها ليا كدب …ولازم ارد كرامتي و رجولتي اللي داست عليهم لم رفضت تكون ام الابني وحرمتني من ده بمنتهى الانانيه عشان خاطر حبها لحسن ….. ”

نزلت دمعه منفردة على وجنته ففتح عيناه ومازال على وضعه يضع رأسه فوق رأس هذا الخيل الهادى الذي يستمع له بخضوع…..

هتف سالم بعذاب عاشق ….

“تفتكر هقدر اعذبها وانا……. وانا لسه بحبها…. ”

فلاش بااك…..

قال سالم بملل لحسن شقيقه….

“انا نفسي افهم البت دي عملت فيك إيه يعني عشان تخليك مصمم عليها اوي كده…. ”

رد حسن بنبرة مُصر….

“عملت كتير ياسالم حياة دي مش زي اي بنت دي

عامله كده زي الحياه اول متشوفها وتعيش معها تدمنها وتخاف ياخدك عزرائيل منها…. حياة إدمان صعب تبطله ومش بسهوله تفكر تسيبه….. ”

أبتعدا عن الخيل بحدة وتحول فجأه وهو يتذكر

حديث حسن ووصفه لها قبل ان يتزوجها…….

خبط بيداه على جذع الشجرة بغضب مجنون…

وهو يجز على أسنانه قائلاً بفحيح شيطاني ..

“هكرها وهخليها تكره حروف اسمي بسبب اللي

هتشوفو على ايدي…… مش هرحمها ولا هرحم

قلبي اللي عرف الحب على اديها…. ”

وقد قررت ان أشفى من إدمان يجري بعروقي

يخلط بين دماء دمي …

………………………………………………..


“هتفضلي سكته كده كتير ياحياة طب ردي عليا يابنتي في حاجه بينك وبين سالم… ”

سائلة راضية سؤالها العشرون والذي تكرر مرارٍ وتكراراً وحياة كان ردها الطبيعي دموع فقط دموع تنحدر على وجنتيها بتسارع لتلاحق بها آخريات طوال هذين الساعتين ….

ربتت عليها راضية بحنان وهي تقول

“احكيلي ياحياه مالك….. قولي بس اي حاجه

وصدقيني لو سالم هو اللي غلطان هخليه يجي لحد عندك يرضيكي ويوعدك أنه مش هيزعلك تاني……. ولو انتِ اللي غلطانه هنحلها مع بعض وصدقيني سالم طيب وابن حلال وبأقل كلمه بيروق وبينسى. ”

نزلت دموع حياة اكتر مع حديث راضية التي كانت

تظن انها بهذا الحديث سترسل لها الأمان للتحدث معها في لأمر الذي يخصها هي وسالم…. ولكن حديثها فتح جرح قلبها أكثر سالم لن يسامح….

ولكن قلبها رد عليها بيقين…

( بأن خبر حملك اتى في الوقت المناسب سيعلم وسيتاكد انكِ لم تكذبي عليه حين اعترفتي

له إنكِ توقفتي عن اخذ تلك الاقراص منذ أشهر .. )

“يارب… “همست داخلها بعذاب حقيقي وهي تتمنى أن يمر هذا الخلاف عاجلاً من أمامهم….

لن تتحمل ذكرى سيئة منه لم تقدر على بعده

عنها ، قساوة وجفاء قلبه عليها لن تتحمل تغير سالم حبيبها لن تتحمل ولن تقدر على تحمل كسر قلبها على يداه………

همست داخلها بوجع وجسد ينتفض….

“يارب أصلح حالنا…. انا عارفه اني غلط لم اخدت حبوب منع الحمل من ورآه بس انت عارف يارب اني بطلتها من شهور ونويت وقتها ابدا معاه من جديد يارب انا خايفه اوي وعايزاك تقف جمبي مش عايزه اخسر سالم ولا عايزه اخسر حبي

ليه….. “ارتجف جسدها بوجع وضعف تحت أنظار راضية التي لا تفهم ولا تعلم شيئاً عم يحدث

حولها….

“بسم الله الرحمن الرحيم….. تعالي ياحبيبتي في

حضني تعالي وكفايه عياط…. ”

رمت حياة جسدها في أحضان راضية وهي تشهق

بصوتٍ عالٍ وينتفض جسدها بقوة …..هداتها راضية بحنان قائلة….

“بس ياحبيبتي ان شاء الله كل حاجه هتصلح…

اهدي يابنتي اهدي وكفايه عياط…..”

بعد ثلاث ساعات……تركت راضية حياة نائمة

وذهبت الى غرفتها حتى تقضي صلاة الفجر….

دخل سالم البيت ومنه على غرفتهم….

أشعل أنوار الغرفة…. ونظر الى الفراش ليجدها نائمة عليه او تتصنع النوم هذا ما رآه وهو يتطلع عليها يرتجف جسدها رجفة خفية ولكن واضحة أمام عيناه، رمش عينيها الكثيف يتحرك ببطء وتوتر…..

أبتسم على تمثيلها الذي نتيجته امام عيناه القاتمة (فشل) ……..

دلف الى الحمام وخلع ملابسه ووقف تحت صنبور المياه للحظات ………..

فتحت بُنيتاها ودموع تنزل منهما بل توقف قلبها يرتجف خوفاً من القادم……(ماذا ينتظرك )

السؤال يتكرر داخلها بإصرار وللأسف الاجابة معدومة داخلها ولكن السؤال يلاحق ذهنها بضراوة حتى يزيد داخلها الهم والحزن أكثر……سمعت صنبور المياه يغلق …حاولت طصنع النوم واغمضت عينيها حتى تهرب من المواجهة التي دوماً تهرب منها من قبل ان تبدأ …..

خرج من الحمام وهو يرتدي بنطال قطني عاري

الصدر تتساقط قطرات الماء من شعره على كتفه

وصدره العريض…… أشعل سجارته وهو يجلس

على مقعد بعيداً قليلاً عن الفراش لكنه مقابل له

تفقد ملامحها الشاحبه ودموعها الراكضه على وجنتيها تسابق الأخرى بسرعة والحاح…

نظر لها بسخرية واخرج الدخان الرمادي الناعم

من فمه وهو يقول بصوت يشبه لوحة الثلج….

“لازم نتكلم يامدام حياه…..وكفايه نوم لحد

كده.. ”

نفث سجارته مره آخرى وهو يرآها تجلس بهدوء

وتمسح دموعها بانكسار خفي ولكن لم يكن خفي

ابداً عن عينا سالم الذي يتابع أقل حركه منها بمنتهى الجمود…

“هتتكلم في إيه…..”سألته وهي تسلب جفنيها

ناظرة الى يديها التي تقبض بهما على شرشفت الفراش بارتباك وتوتر من القادم……

نفض سجارته في المنفضة ورفعها على فمها من جديد وهو يرد عليها بصوتٍ خالي من المشاعر…..

“هتكلم عن ابني…..اللي في بطنك….”

ابتسمت بسخط من تلميحة….

“اللي في بطني…..يعني معترف انه مش ابنك

لوحدك وابني انا كمان……”

“لا هو ابني انا …..حمزه و ورد من دم عيلة رافت شاهين……وانتِ متملكيش فيهم حآجه… ”

احتدت عينيها عليه ولن تعلق على هذا الاسم الذي

نطقه وسط حديثه الجاحد (حمزه)ولكن التعليق الشائك هنا داخلها…

(أنها لا تملك في ابنائها شيءٍ كيف؟!)…..

نهضت وهي تقف أمامه وهتفت بصدمة…

“معنى إيه كلامك ده انت هتحرمني من ولادي..

هتحرمني منهم….. “توسعت عينيها بذهول من هذا الاستنتاج القاتل لروحها…

مزال يجلس على المقعد ينفث في سجارته ببرود

ناظراً لها من أعلى راسها الى أسفل قدميها

وهو يرد بجمود…..


“شكلك مش سمعاني كويس يامدام…… دول

ولادي من دم ومن عصب عيلة رافت شاهين

ورد بنت حسن اخويه وانا في مقام أبوها

وللي في بطنك ده ان كان ولد او بنت

فهو من صلبي انا …….وانا أولى بيه…. ”

هتفت بضياع….

“يعني إيه…. ”

رد عليها وهو يرمقها بنظرة مشتعلة بالقسوة….

“يعني اول ماتخلفي هتتنزلي عن ورد واللي في

بطنك ليا… وساعتها هرميلك كام قرشين

في البنك وشقه وعربيه في المكان اللي تختاري تعيشي فيه…….يعني بالعربي كده تمن تنزلك عن عيالك فلوس وشقه وعربيه….وللي تطلبيه….

وانا سداد.. ”

صرخت بجنون امام وجهه ….

“مستحيل اتنزل عن عيالي ياسالم مستحيل…

انت بتحلم…. ”

وقف أمامها وهو يرد عليها ببرود….

“سالم شاهين مش بيعرف يحلم ياحضريه سالم شاهين بيحقق بيحقق وبس….. وااه عيب اوي تقفي قدامي وصوتك يعلى عليا….. ”

باغتها بصفعه على وجهها قوية وقعت آثارها على الأرض الصلبه….

تحولت سريعاً من المنكسرة الخائفة من ضياع

حبها وحبيبها…… الى الأم التي لن يفرق معها شيئاً في تلك الحياة إلا أحضان أولادها و وجودهم معها….

هتفت بتحدي أمام عينه القاتمة بشراسة…

“هموت اي حاجه مبينا ياسالم هنزله…

هنزل اللي في بطني… وهطلقني وهاخد بنتي

ونبعد عنك وتنساني وتنسى بنت أخوك خالص …. ”

جثى لمستواها ومسك شعرها بين قبضة يده واشتعلة عيناه بتوهج مُخيف بعد تصريحها الذي

أكد له صحة أفكاره عنها …. قال بفحيح كالافعى…

“انا اقدر احمي ابني منك وانتِ عارفه كده كويس اوي …. وموضوع بقه الطلاق ده فبلاش تستعجلي فيه لاني هطلقك اول ممسك ابني بين ايدي…..

أما موضوع انساكِ فده مفروغ منه ياهانم متقلقيش لاني مش بس نسيتك دا انا كرهتك كمان…… وبنتك


اللي هي بنت أخويه هتفضل معايا عشان من صلب عيلة شاهين واحنا اولى بيها منك… “قرب رأسها اكثر إليها وهو يقول ببرود….

“وبعدين انتِ متمسكه بى اللي في بطنك ليه قدري

أنه مجاش من الأساس مش انتِ كنتِ عايزه كده

بس حكمت ربنا وإردته كانت اقوى من انانيتك

والحبوب اللي بتاخديها من ورايا وللأسف بقيتي حامل وشيله ابني جواكي …. ”

تعمق اكثر في عينيها بقساوة وهو يتابع بجمود

“صدقيني انا كمان كاره فكرت اني هكون أب من

ابن انتِ تكوني أمه….. لكن انا هصلح الغلطه ديه قريب اوي…. ”

رفعت عينيها الحمراء وهي تهتف بصعوبة…

“غلطه…. حبك ليا كان غلطه….”

اغمض عيناه بقوة من اثار رعشت جسده وقلبه

من اثار ملامحها المجهدة والحزينة بسبب شراسة حديثه…

ابتسمت حياة بمرارة وهي تراه يجاهد حتى يظل

مُرتدي امامها قناع القسوة والجمود…..

قالت بسخرية وهي تطلع عليه….

“انا من رايي لازم تكمل مسرحيتك لازم تقنعني اكتر انك بقيت بتكرهني وكاره وجود طفل مبينا

كمل انا هحاول اصدقك…..”

فتح عيناه وهو يحاول الإمساك بقناع الضراوة وجفاء وهو يرد عليها ببرود…

“انا مبعرفش اعمل مسرحيات ياحضريه …انتِ هنا اكتر واحده بتعرف تآلف وتمثل وتقنع اللي قدمها بارخص تمثيل…..”

نهض وابتعد عنها …..ابتسمت بحزنٍ وهي تنهض وتقترب منه باصرار ولا تزال الدموع تهبط بغزارة

من مقلتيها…

“انت ضعيف وكداب …..انت لسه بتحبني ومش هتقدر تبعدني عنك ….انت بتعمل دا كله عشان أكرهك بس مش هعرف أكرهك زي مانتَ مش هتعرف تكرهني ياسالم…. ”

مسك وجهها بين يديه فجأه..وقربها من وجهه مُلصق جبهته بخاصتها وشفتاه تكاد تلامس شفتيها بعذاب اجساد خائنة……رد عليها بوجع….


“انتِ غلطانه…. انا بطلت أحبك…انا بكرهك….سمعاني بكرهك ياحياة….. بكرهك.. ”

نزلت دموعها وهي ترد عليه بضعف حزين…

“كداب ياسالم…..انت لسه بتحبني انت نفسك

تقولي انك فرحان اني حامل فى ابنك عايز

تقولي انك مبسوط اني ام ابنك ان في طفل

مبينا… ”

“كدب……كدب… ”

نزلت دموعها وهي تهتف بحدة…

“مش كدب ياسالم انت مش عارف تمثل مش عارف تمثل عليا……عينك وقلبك فضحين كدبك

وتمثيلك……”

قرب شفتاه اكثر من شفتيها وهو يرد عليها بعذاب

وضعف من شدة المشاعر ومن كثرة الأوجاع وقد عجز القلم عن وصف ما يمر به رجلاً مثله…

“ايوا مش عارف أكرهك….ولسه بحبك.. بس انتِ وجعتيني اوي ياحياة وجعتيني….. انا عايز انساكي عايز انسى كل حاجه بينا…. ”

سحب شفتيها بين شفتيه وهو يمذج أوجاع قلبه

مع عشق دمر كبرياء الرجل بداخله…

كانت قُبله لا تدل على شوق او شهوة ، قبُله تدل على انهيار القلوب بعذاب عقول مريضة وشياطين مصرة على هدم الحب والثقة ، يالله كم أن الحب والعذاب بلاء قلوب عاشقة وإذا اجتمعو معاً دمرُ اصحابها ودمرُ ماتبقى من الحب….

ابتعدا عن شفتيها ولكن لم تبتعد اجسادهم عن بعضها مزال يلصق جبهته بخاصتها بقوة

مزالت يداه تطوق خصرها بامتلاك ضائع يرى

ضالته بها …..

كان يلهث بصوتٍ مسموع وهي كذالك….

رمقها بنظره هادئه بدلته هي النظره بدموع

تنزل حزنٍ عليه بسبب فعلتها المشئومة التي

فتحت الماضي عليهم ….ظن انه غير مرغوب به وأنها خدعته حين اعترفت بحبها له ! هي تعلم ان الشياطين تلاحق حياتهم وذكريات سالم عن

الماضي يثبت ظنه بها كالوشم….. مهم قالت هو

يظن انها لم تحبه يوماً…… المشكلة ليست وجود

طفلاً ام لا….. المشكلة الحقيقية انهم كلما أرادُ الهروب من حقيقة زواجهم منذ البداية يجدون

ما يعكر صفوهم ويذكرهم بالبدايات اللعينة تلك

البدايات التي تاتي بنهايات حزينه على كلاهما واخرها الفراق !..

هتف سالم بضياع وعذاب لها ….

“حاولي متقربيش مني تاني… مش عايز أشوفك كتير قدامي… ”

اغمضت عينيها بعذاب وهي ترد عليه بفتور

لا يناسب هذا المكان الواقفه به….

“حاضر….. ”

حاولت الابتعاد عنه…..

“رايحه فين……. ”

عضت على شفتيها وهي تقول بحزن محاولة كبح

دموعها…

“لازم ابعد عنك كده احسن ليك وليا….. ”

مرر يداه على وجنتيها ومسح دموعها باطراف أصابعه وهو يقول بصوت حاني ولكن صوته كان مرهق يحارب الثبات جسداً وعقلاً…..

“ابعدي ياحياة…..بس بطلي عياط عشان انا مش

بحب اشوف دموعك…….. ”

لم تعقب على حديثه الحاني المتقلب لكن اكتفت بابتسامة حزينة شاردة ….

(سيظل الانفصام وتقلب جزء من حياتهم !)

استلقى على الفراش بتعب غطت جسده بشرشفة

واغلقت الأنوار وكادت ان تخرج…. لكنه مسك

يدها معرقل سيراها…

“راحه فين…”


“هروح انام جمب ورد……. ”

“لا… تعالي نامي على السرير عشان محدش من اللي في البيت يلاحظ حاجه …..”امرها بثبات وهو يضع الوسادة على رأسه مُغطي وجهه كلياًّ عنها ….. تنهدت وهي تخلع تلك العباءة وتستلقي على الفراش من الناحية الآخرى وهي تغمض عيناها بتعب وارهاق

من كل شيء مر عليها وكل شيء يستقبله خيالها بخوف….

اغمضت عينيها وهي تتذكر جملته الحارقة لروحها

وقلبها معاً…

ايوا مش عارف أكرهك….ولسه بحبك.. بس انتِ وجعتيني اوي ياحياة… انا عايز انساكي عايز انسى كل حاجه بينا….)

هتفت داخلها وهي تنظر اليه في ظلام الدامس

“مش هتقدر تنساني ولا تكرهني غير لم ابعد

عنك خالص ياسالم…. بيقولو البعيد عن العين بعيد عن القلب…. وانا اكيد لو بعِدت هتنساني….هتنساني خالص…. “وضعت يداها على معدتها قائلة بوجع….

“واكيد هتكرهني لو اخدتهم وبعدت عنك… ”

نظرت له مره آخره في قواتم الظلام…

وهمست مرة أخرى داخلها بضياع…

“اكيد وقتها مش هتقدر تسمحني…. بس لازم تفهم ان دول اكتر حاجه هتصبرني على فراقك……. ”

” اكيد هتكرهني وتنساني وقتها… وبعدها هتكمل حياتك عادي…… “نزلت دموعها بقهر على إحساس اليتم الذي ستتذوقه من جديد وفكرة انها سيحيا بدونها ومن المؤكد مع غيرها يوماً ما تقتلها الف مره في ثانيه الواحده….

العلاقة بينهم أصبح يملأ إياها الهواجس ويجتاحها

الماضي بشيطانه بدون هوادة عليهم ….

لا احد منهم قادر على تخطي اختبارات الحب

هي تريد الهروب…. وهو يريد ان ينساها وينسى عشقه لها …… ولا احد يحارب لأجل حياته مع الآخر الكل يهرب في طريق يراه الانسب له….

فتنتهي القصة بعنوان

ملاذ وقسوة….. العشق وهو الملاذ هنا .. والقسوة الماضي بشيطانه….. وااهات من عذاب حب دُمرَ قلوبنا !!! ..

…………………………………………………..

بعد مرور أسبوع…. لم يتغير شيء بينهم بالعكس

أصبح البعد والجفاء محور حياتهم…. وقلة المعاملة

ولحديث بينهم أصبح واضح امام كلاً من في البيت….

على سفرة الغداء…..

جلست راضية وهي تهتف بابتسامة حنونة….

“اخيرا ياسالم هتاكل معانا…… ”

أبتسم سالم ابتسامة لم تصل لعينيه… اكانت ملامحه متعبة ولحيته غير حليقة …. عيناه قاسية باردة

ووجهه قاتم اللون حزنٍ وضياع بسبب البعد عنها

وحتى ان كأنو يتشاركون الفراش سوياً لا تزال اجسادهم وقلوبهم متفرقه عن بعضها بقسوة،

وقد اجتاحهم الشوق بضراوة…

نهض سالم وهو يضع هاتفه على أذنيه قائلاً

لراضية….

“شويه وراجع…”

اومات له راضية وهي تقول بحنان…

“طب ياحبيبي بس بلاش تتأخر ….زمان ورد وحياه نزلين دلوقتي…. ”

اومأ لها وهو يخرج ….وقف في صالة البيت الكبيرة واولى ظهره لدرج البيت المؤدي لغرف النوم…

نزلت حياة على الدرج ويداها بيد ورد ابنتها…..

“بابا….. “صاحت ورد بحماس وهي تركض على الدرج وتمسك يد امها بعد ان رأت سالم يقف يتحدث

في الهاتف ويوليها ظهره ……

استدار اليهم سالم بعد ان اغلق الهاتف ناظراً لهم بهدوء…. لكن كانت عيناه تلتهم وجه( ملاذ الحياة) كانت ترتدي عباءة محتشمة وحجاب يلتف بإتقان حول رأسها…. وجهها شاحب وجسدها الذي نحف كثيراً برغم من أنه يختفي داخل تلك العباءة الفضفاضة الى ان فقدان وزنها واضح جداً وبلاخص

على قسمات وجهها…

حرك وجهه لناحية الآخرة وهو يزفر بضيق من

أهملها لنفسها ولإهمال ليس عاد عليها فقط بل

عاد على هذا الطفل الذي سياخذ نصيب من

أهملها حتماً !!……

رجع بنظره لها حين سمع صراخها وهي تزمجر في

ابنتها بتمهل….

“ورد بلاش جري كده على سلالم… هقع…. ااااه.. ”

تركتها ورد وركضت على اخر درج سلالم….

وبدون ان تلاحظ حياة وضعت قدميها على اطراف

عبائتها لتتعثر في النزول وتكاد أن تقع…..

“ااااه… سالم….. “هتفت بأسمه تلقائياً…..

وقبل ان تستقبلها درج السلم الصلب…كانت

يد سالم تحاوط خصرها بقوة في اخر لحظة…..

رفعت عينيها عليه بدهشة…. نظر سالم لها بقلق

ومرر يده على وجهها قائلاً بحنان….

“حياه انتِ كويسه في حاجه وجعتك…. ”

هزت رأسها بنفي…. ولم تدرك نفسها وهي

تتأوه بخفوت…….. وعينيها تتشربان من رجولته

التي اشتاقت لكل ملمحٍ منها……

“وحشتني…… “همست بخفوت بها أمام وجهه ….

أغمض عيناه بعذاب من كلمةً كفيلة بحرق قلبه

وهدم رجولته الراغبة للحظةٍ حميمية باحضانها…..

أبتعد عنها بجفاء ولبس قناع القسوة البارد قائلا بجمود….

“حاولي تاخدي بالك اكتر وانتِ ماشيه….. حافظي على الأمانه اللي تخصني…. لانها لو جرا ليها حاجه

هتدفعي تمن اهمالك غالي….. ”

ابتعد عنها وحمل ورد وهو يقول بحنان….

“حبيب بابا عامل إيه بقه…. ”

ردت عليه ورد بتزمر طفلة…..

“الحمدلله يابابا وحشتني اوي …. بس انت لي دايماً بترجع متاخر من الشغل انا مش بلحق أشوفك عشان بنام بدري…..”

“هحاول ارجع بدري عشان خاطر عيون ورد

الجوري…. ”

أبتعد عن حياة وهو يدلف لغرفة السفرة…

اغمضت مقلتيها بتعب وانسابت دمعتان ثقيلتان من

عينيها على وجنتيها ببطء.. جلست على درج السلم….. وهي تنظر بحزن أمامها..وداخلها تهمس بضياع…

“شكلنا عمرنا ماهنرجع……… ولا هننسى ”

…………………………………………………..


“عمل إيه المحامي مع وليد ياخيرية…. ”

قال بكر حديثه وهو يستلقي على الفراش بتعب

“لسه الحكم النهائي للقضيه كمان شهر ادعيله

المحامي مش مطمن بسبب التسجيل اللي فيه اعتراف إبنك… ”

مسك بكر قلبه وهو ينزعه الموت نزعاً……

“انا تعبان اوي ياخيرية انا حاسس اني خلاص نهايتي قربت…… ”

اقتربت منه خيرية بقلق قائلة …

“مالك يابو وليد…… انت هتقلقني عليك ليه إن شاء الله خير الدكتور طمني قال الضغط واطي بس شويه

ومع العلاج هتقوم بسلامه تاني…. ”

مسك قلبه وهو يوصيها بتعب ووجه شاحب من

قلة الهواء الذي إنسحب من أمامه فجأه…..

“قولي لامي تسامحني ياخيرية قوليلهاا

تسامحني…..”

انسحبت الروح لخالقها بعد عدة لحظات…

(كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال ولاكرام….. )

“بـكـر …..بـكـر …..ابـو ولـيـد رد عليه…..

بــــكــــر … ”

صرخت في أرجاء البيت لتدوي الصرخة بالنجع

باكمله…

…………………………………………………..

وضع قطعة كبيرة من اللحم في الطبق أمامها وبعضاً من الأرز وشربة الساخنة وهو ينظر لها

قائلاً بأمر..

“ياريت تخلصي الأكل ده كله….. ”

قالت بصدمة يصحبها الاعتراض …

“بس ده كتير أوي….. ”

ضاحكة راضية وهي ترد على حياة بمزاح…

“المفروض يملى الطبق مرتين تلاته…. ”

فغرت حياة شفتيها وهي تهمس بصدمة..

“مش لدرجادي ياماما راضية…. انا مش هقدر اخلص الطبق ده أصلاً….. ”

وضع سالم معلقة الارز امام فم ورد وقال بحنان

“افتحي بؤقك ياورد…. ”

“انت اللي هتاكلني يابابا…. “سائلة الصغيرة وهي

تلتهم ما بالملعقة…

رد عليها سالم بنبرة ذات معنى…

” ااه انا اللي هاكلك اصل ماما لازم تاكل كويس وتهتم بصحتها عشان اخوكي ينزل بخير ويكون كبير وشاطر زيك كده .. ”

هتفت ورد بحماس….

“وعنده عضلات زيك…. يعني يطلع

شبهك يابابا هحبه اكتر….. ”

أبتسم لها بحنان وهو يكتفي بايماءة بسيطة…

محول انظاره على حياة التي تاكل بهدوء وعيناها

غامت بضياع….

مالى عليها وهو يهمس بأمر قاسي….

“خلصي طبقك يامدام …. وياريت تهتمي

بنفسك اكتر من كده…. وزي ماقولتلك قبل كده

اهمالك في ابني هتدفعي تمنه لو جراله اي

حاجه……. ”

بلعت مابحلقها وهي ترد عليه بسخط وبنفس

الهمس قالت ….

“متقلقش هاكل عشان ابنك ينزل سليم… ”

همس سالم بامر يصحبه القلق عليها …

“وخدي الأدوية بتاعتك في معادها…. عشان ميحصلش مضاعفة في جسمك ….. ”

رفعت عينيها عليه بدهشة…

حمحم وهو يقول ببرود..

“انا بقول كده عشان ابني ينزل كويس.. ”

ابعد رأسه عنها وهو يتناول الطعام ويطعم ورد

التي تجلس بجواره من الناحية الآخرى…..

اليوم التاني صباحاً ……

نزلت دموع راضية وهي تمسك عكازها….

“ادعيله برحمه يامي…. “هتف رافت بتلك الجملة وهو يربت على كتف والدته راضية بحزن

على خبر وفات شقيقه بكر…

مسحت وجهها المجعد بمنديل ورقي وهي ترد

عليه بحزن…..

“مش مصدقه اني راحه ادفن ابني وهحضر عزاه..

دا بدل ماهو اللي يدفني راحه انا ادفنه.. ”

“ربنا يخليكي لينا ياحني…. ادعيله برحمة.. ”

نزل سالم من على الدرج بهيبته المعتادة وكان يرتدي جلباب أبيض مهندم نفسه بجاذبية يتميز دوماً بها… وكان يمسك بين يده مفاتيح سيارته ……


نظرت له راضية بصدمة….

“أنت رايح فين ياسالم….. ”

رد عليها بفتور….

“هروح اوصلكم وهحضر الدفنه مع الرجاله

وقف اخد عزا عمي انا وابويا …. ”

قالت راضية باعتراض…

“لا ياسالم بلاش انا عارفه انك فـ.. ”

“مشكلتي انا ووليد هيحلها القانون…. ومشكلتي

مع عمي زمان لازم انساها انا والحاج رافت لان

بكر شاهين بقه من الأموات ولاموات مش بيجوز

عليهم غير الرحمه…… انا هستناكم في العربيه.. ”

خرج من البيت وتركهم مصدومين من فتور حديثه ……

تطلعت عليه راضية وهي تبكي بحزن على تفرق

أولادها واحفادها بسبب الحقد والطمع…

ربت رافت على كتف والدته قائلاً بهدوء..

“يلا يأمي عشان نحضر الدفنه….. ”

تطلعت من اول درجات السلم وهم يغادرون البيت… دخلت سريعاً الى غرفتها وبدأت في تحضير حقيبة سفرها هي و ورد

كانت تطلع عليها ورد بعدم فهم….

“ماما هو احنا مسفرين…. ”

“ااه ……مسفرين….. ”

” مع بابا…… ”

هزت راسها بنفي وهي تسرع في تحضير حقيبتهم

“لا… لوحدنا….. بابا هيحصلنا ….. ”

بعد ساعة كانت قد انتهت من تحضير حقيبة

السفر الكبيرة……. اخذت مبلغ بسيط حتى تدبر

به نفسها وحين تستلقي في مكاناً ما ستبدأ

تعمل لتصرف على ابنتها وعلى نفسها وهذا

الطفل الذي ينبت داخل احشائها…..

كانت تقف امام المرآة تهندم هذا الحجاب نظرت

الى وجهها الشاحب وعيناها الحمراء اثار الخوف وتوتر من هروبها منه…. ولكن ماذا عليها ان تفعل هو من طلب ذلك منها، مزالت تتذكر جملته الذي

يصحبها الرجاء الضائع….

( انا عايز انساكي عايز انسى كل حاجه بينا….)

اغمضت عينيها بعذاب وهي تعاني من جملته

الحارقة لروحها وقلبها معاً…

هتفت بثبات مُصر….

“يلا ياورد….. “مسكت ابنتها وخرجت سريعاً من الغرفة…… وخرج من باب البيت بدون ان يلاحظ احد من الخدم بخروجها….. ولان الوقت مزالا مبكراً

فسهل هذا عليها الخروج من البيت ولنجع

بأكمله….

يجلس في سيارته ويتحدث في الهاتف بهدوء.

“متقلقيش ياحنيي…..ربع ساعه وهكون عندك

لا هسأل حياة عن علاج الضغط اللي بتاخديه

طب حاضر……. سلام ”

اوقف سيارته امام البيت…… ودلف داخله بهدوء صعد الى غرفة النوم الخاصه بهم وفتح باب الغرفة فوجد المكان هادئ وخزانة الملابس مفتوحة وفارغة …. احتدت عيناه بقسوة مخيفة وبرزت عروق جبهته وهو يحرك عيناه في ارجاء الغرفة

باحثاً عنها بذهول لكن بعد عدة لحظات……

اصبحت عيناه هدرتين بالجمر المتوهج….

وعضلات جسده تلوى بعنف داخله من آثار

غضبه وصدمته بها مردداً كلمةً واحده…..

“هربت……….تفاااااعل يابنات انتو فين



24🌹

شدّد سرعة مقود السيارة متوجه الى محطة القطار حيثُ القطار الذي سيمر على محطة نجع العرب وسيكمل مساره الى محطة مصر (القاهرة)…..

خبط على سيارة بغضب وعيناه تتوهج بنيران

لن ترحمها قط…..

على ناحية الاخرى في محطة قطار نجع العرب…

تكاد تكون مزدحمة قليلاً ببعض المرؤون والذين

لكلاً منهم وجهتهُ الخاصة……. تسير في المحطة

بعقلاً لا يزال مشتتٍ من حياة أخرى بدون سالم…

ٍشيئاً ضائع منها غالٍ ثميناً عليها لم تقدر على

ملئ فقدانه مهما حاولت سيظل عشقه وشم

صعب يمحى داخل قلبها وعقلها…..


هتفت ورد الصغيرة بتعب….

“ماما أنا تعبت من المشي ينفع نقعد…. ”

اومات لها بي (لا)…وحملتها على ذراعها وبدأت بسحب حقيبة السفر ذات العجلات الصغيرة خلفها…

كانت مجهدة بشكل واضح على ملامحها واتاها

الدوار مرة اخرى بسبب عدم اخذها للعلاج

وانعدام وجبة الإفطار اليوم بسبب هذا

المخطط المتسرع منها… (الهروب) من …مَن ؟

اكثر من عشقته في هذهِ الحياة البأسة

الهروب من عائلتها الوحيدة ….

(انتِ يتيمة الآن بإرادتكِ ياحياة تذكري ذاك

الحرمان الذي كان بارادتكِ يوماً ما ان تحرمي قلبك من عائلتك وعشقك الوحيد! )تحدث ضميرها بعتاب

وقفت فجأه واعتصرت عينيها بتعب وضعف

هي تشعر انها تنزع روحها من جسدها

ولكن سالم لم يترك لها خيارات أخره….

هو لا يعرف غير القسوة ونفور في خلال

هذا الأسبوع علمت جيداً ان الثقة قد انكسرت

بينها وبينه اصبح الفج الداخلي بين قلبها وقلبه

شاسع قد باتُ يفقدون شيءً مهم وليتها تعرف


ماهو حتى تستعيده… الثقه هي الذي تنقص

علاقتهم ام ان صورة آلحب بينهم ينقصها خطٍ

رفيع يحدد هوايتها !……

وقفت أمام استعلام المحطة…. قائلةٍ للعامل بها

“لو سمحت القطر اللي رايح القاهره هيدخل المحطة الساعه كام وهيطلع أمته…… ”

نظر الرجل في أوراقه….. ورد عليها بهدوء..

“القطر هيوصل كمان خمس دقايق…وبعد عشر دقايق بيطلع …..”

“شكراً….. ”

ذهبت من أمامه ، جالسة على اريكة صلبة امام سكة القطار واجلست ابنتها بجوارها….. زفرت بتعب وهي تمسح بالمنشفة القطنية قطرات العرق من جبينها…..

“ماما انا جعانه…. “هتفت ورد بجملتها وهي تنظر الى هذا المحل الذي يبيع المعجنات الساخنة…..

نظرت حياة نحو ما تنظر عليه الصغيرة ثم نظرت

لها وهي تبتسم بفتور….


” طب خليكي هنا اوعي تتحركي من مكانك…”

نهضت حياة وهي تقف امام هذا البائع وعينيها لا تفارق مكان ورد الناظرة لها بتراقب……

في نفس ذات الوقت ……

كان يركض للبحث عنهم في كل مكان تقع عليه عيناه …..وجد امراة توليه ظهرها تشتري شيءٍ

ما ……ركض عليها وكاد ان يقترب

منها فوجد المراة تستدير ويظهر وجهاً اخر

غيرها…….

زفر بغضب وهو يركض مرة آخرى وعيناه تلتهم كل إنشاء في تلك المحطة بدون رحمة….

هدر من تحت اسنانه بغضب قاتم ….

“هوصلك ياحياه هوصلك وقبل حتى ماتخرجي من

النجع….. هتبقي تحت ايدي……هوصلك… ”

اتسعت عينا سالم بصدمة……

اصدر القطار صوتٍ عالٍ ألتفتت حياة الى الرجل

واخذت منه المعجنات واستدرت سريعاً توزع انظارها بين القطار وبين المكان الجالسه فيه ابنتها لكنها وجدته فارغ…

“ورد ……ورد…….”هتفت بزعر و شفتيها ترتجف

بخوف ذهبت للمكان المنشود به ابنتها والفارغ أيضاً حتى حقيبة السفر اختفت معها…..

رفعت جفنيها تبحث عنها حولها ببُنيتان مزعورتان

وقلب يخفق برهبه…

“إحساس صعب مش كده …..”

هتف سالم جملته وهو يقف امامها بمسافةٍ ليست


ببعيدة عنها ….كانتى عيناه ثاقبه عليها بسخط…..

انزلت حياة انظارها على صغيرتها التي تتشبك بيد

سالم وترمقها ببراءة…وباليد الاخرى وجدت حقيبة سفرها بين يده…

اصدر القطار صوتٍ مُنذر انهُ على وشك الرحيل

من المحطة ….

نظر سالم على القطار ومن ثم عليها وهو يقول ببرود..

“معلشي يامدام حياة كان نفسي اقولك رحله

سعيده ….لكن للاسف مش هينفع دلوقتي …”

صوب نظرة على بطنها…..فوضعت كف يدها عليها بتلقائية قبل ان تقول بتوتر……

“انا لازم امشي……”

ابتسم سالم من زواية واحدة قبل ان يرد عليها بقسوة……

“بلاش استعجال خدي الامور ببساطه…هتمشي

بس بعد ماخد الامانه اللي تخصني……”

رحل القطار بعد انتهى حديث سالم فنظرت هي

لرحيله بحزن……

لمح ندمها وإصرارها الواضح امام عيناه على البعد عنه وفراقه للأبد….

أولها ظهره وبين يده الصغيرة وهتف بنبرة ذات معنى..

“ورد معايا في العربيه ……ياريت بلاش تاخير ”

ابتعد عنها خارج المحطة…..اغمضت عينيها

وهي تجلس على اقرب مقعد أمامها اسلبت عينيها

ونزلت دموعها بدون توقف ناظره الى مسار حياتها

و مصيرها معه ناظرة الى مستقبل مظلم ….وماضي مربك وحاضر مؤلم …….وعشق متعثر داخل قلبها

الهش بحرمانه !!…….

(ليتك تعرف عذاب الحب ليتك تدرك قيمة الحب !… )

غرز اصابعه بقوة داخل خصلات شعره…

مشاعره تحطمت بسبب أفعالها… حياة

دوماً تصر عليه في ان يرى حقيقة مكانته عندها

(يا لها من مكانة) هتف عقله بخزي …


“بابا هو احنا مش هنسافر زي ما ماما قالت… ”

نظر سالم لها في مراة السيارة ليرد عليها بعد تنهيدة تعبٍ …..

“اكيد هنسافر بس مش دلوقت وقت تاني لان

جالي شُغل مستعجل…… ”

لم تفهم نصف كلامه بسبب صغر سنها ولكن فهمت

النصف الاول من الحديث….. صمتت ونظرت الى نافذة السيارة وهي تلتهم شطيرتها الصغيرة التي

احضرها لها سالم قبل دخولهم السيارة……

بعد دقائق قليلة….

فتحت الباب بجوار ابنتها وجلست وهي تمسح

عيناها من الدموع…… القى عليها سالم نظره خاطفه عبر المرآة الصغيرة أمامه ليشعل مقود السيارة سريعاً وهو يقول بصوتٍ هادئ لا يخلو من التوعد

“في كلام كتير مبينا لسه هيبدأ….. ”

اشاحت عينيها عنه بإرتباك وهي تحتضن ابنتها

بخوف من القادم….. لن يتساهل سالم معها بعد

الآن…….. ولسوء الحظ هي تعلم ذلك جيداً !….

—————————————————–


احتضنتها راضية بحنان وهي تربت على كتفها

قائلة بحزن ” كفايه عياط ياريم كفايه ياحبيبتي

ادعيله برحمة يابنتي……. ”

نزلت دموع ريم وهي تعانق جدتها وتهتف بألم

وحرمان……

“بابا مات من قبل ماعرف طعم حضنه ياحنيي مات

من قبل ماحس أنه موجود معايا….. ”

نزلت دموع راضية بشفقة عليها… نعم هي تعلم ان حق ريم المسلوب منها هو …. حنية الأب….. وسند الاب ….نصيحة الاب….. حنان وخوف الأب …. حُرمت ريم من كل تلك الأشياء لتصبح بقلباً يتيم مُفتقد لرجلاً في حياتها رجل يكن لها الأمان

وسند ويجتاح قلبها بقوة حبه لها ….

ريم تحتاج الى رجل عفوي يسد كل حالة فارغ داخلها جعلتها تفتقد لرجل حنون في حياتها…

فالاب مفقود مُنذ ولادتها قلباً ومشاعر….. وبقى

معها جسداً بروح….. ولأن الروح رحلت لي خالقها

ولجسد تحت الرمال … ولاخ مستهتر شيطان

من شياطين الإنس نسى ان له شقيقه تحتاج الى رعايته ولو بكلمة حانية منه ، قد اختفى هو ايضا

من حياتها بدون رجعة……

حاولت راضية مواساتها بعدة كلمات….

“كفايه عياط ياريم ربنا يسامحو ويغفرله

كفايه عياط يابنتي العياط مش هيرجع اللي راح…”

إبتسمت بسخرية وهي تقول…

“مش عارفه أعيط على مين فيهم على اللي هيتعدم بسبب شره وحقده… ولا على اختي اللي نهايتها معروفه من زمان اوي… ولا اعيط على امي وحياتها وكل اللي عشته بسبب عادات وتقليد نجع العرب…. ولا اعيط على موت ابويه “نزلت دموعها وهي

تكمل بنزق…

“ولا اعيط على موت ابويه اللي حرمني حتى من

ذكرى ولو بسيطه تجمعنا ببعض…… ياخساره

الدموع مش بتنزل عشان بعدهم عني

دي بس بتنزل بقهر عشان مقدرتش اخد حقي

منهم حقي اني منهم وهما مني… أثرو ياحنيي

اثرو معايا قوي ومفيش حاجه جمعتنا زمان

عشان افتكرها دلوقتي……” نزلت دموع راضية وهي تجذبها لاحضانها بحنان… كلماتها لمست

قلبها وشفقة عليها ولم تكن هي فقط بل حديثها الحزين والضائع تلامس قلوب معظم النساء

الوقفون بجوارهم…..

——————————————————

وضع مفاتيح السيارة على المنضدة الزجاج بقوة وهو يثني ذراع كم عبائته البيضاء وينظر لحياة والوقفة أمامه بخوف وترمش بتردد وهي تختلس له النظر

” هربتي ليه ؟؟….. ”

لم ترد عليه وبدأت تنظر الى الأرض بتردد….

صاح بها بإنفعالاً….

“ارفعي عينك و ردِ عليا…. هربتي ليه؟؟…. ”

“وانا مش عايزه ارد عليك ….”كادت ان تهرب من أمامه…

مسك معصمها بقوة وهو يوقفها أمامه بغضب..

“عيب اوي ياهانم لم ابقى بكلمك تمشي وتسبيني

وانا بتكلم…….ردِ عليا هربت ليه ..” كان مُصر ان يسمع اجابة عن سؤاله …..

ردت عليه بحنق …

“انا مش عايزه اتكلم في الموضوع ومعنديش رد لسؤالك…”

التوت شفتاه وهو يحدثها ساخراً….

“إيه هتهربي من سؤالي زي ماخدتي عيالي

وهربتي ….”

هتفت بصياح حاد …

“دول عيالي زي ماهما عيالك بظبط وملكش الحق انك تحرمني منهم…..”

نظر لها ببرود قائلاً….

“لكن ليكِي انتِ كل الحق انك تحرميني منهم مش

كده….”

اسلبت جفنيها على الأرض بحرج…..

اكمل حديثه بسخريةٍ اكبر….

” ردِ عليا ياهانم اي السبب اللي خلاكِ تهربي…..”

لم ترد عليه وكانه لم يتحدث ….

سالها ببرود كالوحة الثلج…


“هـــربـــتــــي لـــيـــه …..”

لم تقدر على التمسك اكثر بحبل الثبات

فقد انفجر بركان الصبر داخلها …..احتدت ملامحها وهي ترد عليه بانهيار انثى دمرت على يد عائلتها الوحيدة…..

“عايز تعرف انا هربت ليه…. هربت عشان انساك

هربت عشان تعبت من قسوتك ونفورك مني هربت

عشان اريحك مني…هربت عشان تعبت من نظرتك

وظلمك ليه….انتَ اكتر واحد المفروض تكون عارف

اذا كُنت كدابه ولا لا….مش بيقوله برضه عليك

قاضي نجع العرب…بيقوله انك بتعرف تطلع الكداب من الصادق من نظرة عنيهم…بتاخد حق المظلوم ولو على رقبتك بتحقق العدالة على أرضك….”

صرخت بعنف وهي تقول أمام وجهه…

“ومش قادر تحقق العدل معايا… عارف اني مظلومه وبتكدب على نفسك عارف ان اللي جوايه ده جه برضايا مش غصب عني…. عارف اني بحبك ومش كدابه في اي حاجه حصلت بينا…. عارف وعارف وعارف كل حاجه وبتقوح معايا….. عشان تعرف تطلع جبروتك وقسوتك عليا… وسبب إيه ده اللي مش قادره أفهمه…. ”

ابتسم بتهكم وهو يرد بسخط….

“بجد برافو دا أنا طلعت انا اللي غلطان كمان.. ”

صفق بسخرية وهو يلتف حولها وهتف من بين

صفقته الساخرة……

“والمفروض دلوقتي اتاسف عن قسوتي ولا عن قلة ثقتي…… طب وانتِي ياحياة هانم مش ناويه تتاسفي عن كدبك عليا اول الجواز ولا بلاش لحسان اطلع راجل ظالم ومفتري في موضوع حبوب منع الحمل ديه ….طب مش هتتاسفي عن هروبك مني وانانيتك من انك تنوي للمرة التانيه انك تحرميني من ابني ولا كُنتِ ناويه تتخلصي منه اول ماتنزلي مصر… ”

توقف عن التصفيق وهو يقف أمامها…

ويرد بفظاظة….

“استني المفروض انسى كل ده لانك كده كدا

هربتي بسبب معاملتي وبعدي عنك…. ”

نظر الى عمق عيناها اكثر وهو يقول بخذلان…

“ياريتك اختارتي اسهل حل ياحياة انك تصلحي

اللي مبينا انك تحسسيني اني أهم واحد في

حياتك انك تثبتي ليا انك مظلومه فعلاً واني اتسرعت بالحكم عليكِ …ياريتك قدرتي تفكري فيا ولو شويه قبل ماتفكري في نفسك وتهربي وتاخدي روحي معاكِ…. عارفه ياحياة ايه الفرق اللي مبينا انك اخدتي كل حاجه من قبل ماتطلبيها فعشان كده كان سهل تمشي وتسبيها…..ام انا فطلبت وستنيتك كتير تملي احتياجي ليكِ عشان كده انا اللي لسه باقي عليكِ مش انتِ !……”

ابتسم ببرود وهو يكمل بخزي…

“موضوع حبوب منع الحمل دا انا هنساه مش بس هنساه دا انا همحيه من حياتنا مش عشانك عشان خاطر اللي فبطنك لكن اللي مش هقدر أنساه

انك تتنزلي عني وعن الحب اللي واثقه انك كنتِ

صدقه فيه….”

استدار ليغادر وهو يقول بجزع من نفسه…

” والغريبه بعد كل ده انتِي اللي بايعه

وانا اللي شاري ….”

خرج وتركها تقف بصدمة مكانها…..

هتف عقلها داخلها بسخرية …..

( يالله كم انكِ محظوظةٍ ياحياة بهذا

الحب المتعثر دوماً مع سالم شاهين وكبرياء

رجولته !!……)


________________________________

بعد مرور اسبوع……

اتسعت اعين ريهام بصدمة

“انتِ بتقولي إيه ياماااا حياه حامل من سالم… ”

نظرت لها خيرية بضيق

“هو ده كل اللي سمعتيه من الحوار حياة حامل

ماتحمل ولا تزفت بكفايه اللي جرالنا من وراها هي

وابن زهيرة…..ركزي معايا في لاهم لازم ناخد ورثنا من أراضي ابوكي ونروح نعيش في سويس عند خالك عزت….. هنفتح مشروع كويس انا وانتِ

ونعيش منه بعيد عن النجع وبلويه وكفايه خسارة

ابوكي بالموت وخوكي بالإعدام احنا لازم نمشي

من النجع ياريهام انا مبقش فاضلي غيرك يابنتي

تعالي نسافر السويس عند خالك بعد ماناخد ورث

ابوكي….. ”

نهضت ريهام وهي توليها ظهرها وتقول بشر لامع

بعينيها وصوت وليد يدوي في أذنيها…….

(خدي حقي ياريهام احرمي سالم من اغلى حاجه

عنده…… )

سمعت صوت خيرية وهي تسألها بحزن…

“قولتي إيه ياريهام… هتسفري ….. ”

“هسافر بس مش دلوقت…..”

“يعني إيه مش دلوقت امال هتسفري أمته… ”

“هسافر ياماااا بس بعد ماخلص اهم حاجه

كانت لازم تتعمل من زمان اوي وشكلها جه وقتها خلاص ……”

———————————————————–


مر اسبوعاً وهو يصمم على عقابها بالبعد عنها

حتى تعرف جيداً قيمة حياتها معه وتحافظ

على حب اعترفت بوجوده داخل قلبها ولاهم

انها تثبت له هو ذلك ! …..

ام هي فبعده عنها يثير غضبها وللحق تعلم انهُ يجب عقابه كم يعاقبها هو بالبعد….. ماذا عليها ان تختار غير سلاح مضمون هو ألعب على اوتار أشواق قلبه لها……

“هنشوف هتفضل تقيل كده لحد امته…. ”

هتفت بجملتها وهي تدلف الى المكتب حيثُ القاسي هناك يعمل ولا يبالي بقلبها…

دخلت عليه المكتب وهي ترتدي عباءة أنيقة تكشف عن نصف ذرعها الأبيض… مُلتصقة بجسدها

النحيف تبرز مفاتنها باغراء …تركت شعرها الطويل الأسود ينساب على ظهرها وخصلات قصيرة تعانق عنقها المرمري وبعض المسات البسيطة على وجهها الفاتن …..

وضعت أمامه القهوة وهي تتحنح

بحرج……

“القهوة….. ”

رفع عيناه عن الأوراق التي أمامه اليها مباشرةٍ

ليرى هيئتها هكذا !!….التهمها بعيناه من اول رأسها حتى اسفل قدميها….. احتدت مقلتيه بعد دقائق من سفر عيناه على قوامها و وجهها الساحر وعينيها

ذات البني الداكن الجاذبة دوماً له….

نهض وهو يرفع حاجباه سائلاً بنفاذ صبر…

“انتِ ازاي نزلتي من اوضتك بشكل ده… ”

بلع مابحلقه برغبة وهو ينظر لها ويلتهم بعيناه كل

انشاء بجسدها…..

نظرت لها بخبث وهي ترد عليه بصوتٍ انوثي عذب…

“متقلقش ياسالم مفيش حد في البيت.. وكمان

ماما راضيه بايته عند ريم اليومين دول في بيت


عمك وبابا رافت لسا خارج من شويه…. ”

نظر لها برغبة تلمع بعينه وهو يراها تقترب منه

ببطء ودلال…..وقفت أمامه وتكاد تكون ملتصقة به ثم رفعت بُنيتيها على قواتم عينيه المتوهجه

تقسم انه يفكر بها بطريقه تخجل من تخيلها الان ..

حاوط خصرها بكلتا يداه الإثنين بلطف وكان كالمغيب وهو يسالها بهدوء حاني….

“إيه اللي خلاكي تجيبي القهوه بنفسك…..”

قربت وجهها من وجهه وهي ترد عليه بنعومة دمرت الصبر المتبقي لديه …..فقد اشتاق لها والى عالم عرفه وتذوقه فقط بين احضانها هي وحدها !…ولكن مزال كبرياء رجولته يحتم عليه التمسك بالصبر بعيداً عنها حتى يعرف كيف يعاقبها على تنازلها عنه….والعقاب ماذا يكون

(البعد عنها اكبر عقاب اختاره لها ، ويالله انه ايضاً يعاقب نفسه معها وهذا مايراه الان في قربها منه عذاباً اصبح بإرادته ! ……)

انتشلته من افكاره وهي تقرب شفتيها من شفتاه

بإغراء وهتفت بعبث انوثي…

“مفيش مشكله لو انا اللي جبتلك القهوه بنفسي

هو انا مش مراتك ولا إيه…..”

اغمض عيناه وهو يمرر يده على خصرها برغبه

هناك نيران شوق منافسة الآن لنيرن غضبه وعقابه

لها اي منهم سينجح الان امام قربها وللعنة جسدها الغض !…

ابتسمت حياة بسعادة ….نعم تريد ان ترد كرامتها أمامه واكثر شيء تكن بارعه به اي انثى امام

زوجها هي ان تجعل الاشتياق لها جحيم يود الخروج منه ، وحتى اذا كان رجلاً كسالم عنيد قوي يسخر من كونها ضعيفة غبيه فهي لها اساليبها الخاصة لمعاقبته وسيكون النصر حليفها !..

ابتعدت عنه في عز اشتياقه لها

وهي تقول بنبرة ماكرة…

“لازم تشرب قهوتك قبل ما تبرد…..”

ابتعدت عنه واولته ظهرها وهي تبتسم بنصر…وجدته

في لحظة يضع يده على رقبتها من الخلف ويقربها

منه في لحظةٍ خاطفة كانت امام عيناه مباشرةً

بل وملتصقةٍ به بقوة …..ابتسم سالم باستهزء

وهو يقول ….

“حلوه الطريقه دي ياحياة جديده وعجباني ..لكن

انتِ للأسف مش شاطره فيها …..”

عضت على شفتيها بتردد …لكنها هتفت بعناد وتحدي زائف….

“بالعكس انا شاطره في اي حاجه بعملها …بدليل انك كنت متأثر بقربي…..”


اتسعت ابتسامته الباردة أكثر وهو يقول باعين تلمع بتحدي جامح…

“تحبي أبدا انا الاول وشوف هتتاثري بقربي

ولا لا…..”

“لا… مش عايزه …..”توترت وهي ترد عليه فكانت انفاسه الساخنة قريبة جداً من وجهها..

“سالم …خلاص انا اسفه……”هتفت بترجي من الإصرار الواضح في عينيه وهو يميل على راسها

اكثر وهو يرد عليها بصوتٍ خافض خرج من اعماق

رغبته بها من بداية دخولها عليه المكتب هكذا !!……

“فات الاون ياحضريه…. ”

اعتصر شفتيها بشوق ..مُعتصر خصرها أيضاً بين يداه بقوةٍ ألمتها تاوهت بين يديه من قوة انقضاضه

عليها…لكنها اشعلته أكثر وزادت رغبته بها…

حاول ان يهدى عاصفة قبلته اكثر فاخذت طريق

اقرب بالعاطفية بينهم…مرر أصابعه على عمودها الفقري مداعب إياها بحنان….ويده الاخرى وضعت

على رأسها مُقربها منه أكثر ممزق تلك الشفاة

بحموج راقها….

غرزت اصابعها في خصلات شعره بقوة وتكاد تخونها ساقيها على الوقوف أكثر من ذلك فقد ذاب جسدها

كلياًّ بين يديه العابثة والخبيرة بما تفعله بها…

أبتعد عنها بعد عدت دقائق وهم يأخذون انفاسهم بصوت مرتفع آثار تلك القبلة شهية المشاعر….

رد بفظاظة من بين أنفاسه السريعة بمكر صدمها….

“انا رجل أفعال لا أقوال ….. لم تحبي تلعبي

العبي لعبه انتِ متأكده انك كسبانه كسبانه مش

تدخلي في ملعبي وعايزاني اقعد اتفرج عليكِي… ”

عضت على شفتيها وابتعدت عنه بضيق…

نظرت له بحرج وغضب من فظاظة حديثه

وهتفت قبل خروجها…..

“على فكره انا كنت جايه عشان اقولك اني عايزه

أروح لريم البيت واعزيها في ابوها لان كلأم التلفون ده مش نافع….. لو موافق ابقى ابعتلي رساله… ”

خرجت بضيق وهي تزفر من هزيمتها أمامه….

ولكن بسمة سعادة تشق ثغرها الأحمر آثار جنون زوجها معها منذ ثوانٍ فقط…

جلس على مكتبه ومسك الهاتف بين يده وعبث به وهو يبتسم بسعادة فقد كان يحتاج الى رحيق الحياة منها وقد حصل عليه في لحظة لن ينكر انها قدمت

له على طبق من ذهب !……

جلست على الفراش وهي تخفي وجهها بالوساده

فقد أنتصر عليها بدون ان يبذل اي جهد يُذكر

وقد ذابت بين يديه بطريقة مخجلة حقاً…..

صدح الهاتف معلنٍ عن وصول رسالة منه….

فتحتها وهي واثقه من رفض طلبها….

(موافق تروحي لريم هستناكِي تحت عشان

اوصلك وعلى فكره وفقت بس لان حنيي راضيه

هناك ! …..على فكره العبايه اللي كُنتي لبساه دي حلوة اوي……ابقي البسيها كتير بس واحنا مع بعض……عشان في حاجات كده مينفعش حد

يشوفها غيري….)

شهقت بصدمة وهي تعض على شفتيها قفزت

سريعاً ووقفت أمام المرآة وهي ترى تلك العباءة

الملتصقة على جسدها بقوة بارزة قوامها من

خلاله….

“عشان كده… ده بقه قليل الادب اوي …. وبعدين

مش ده اللي من كام يوم كان مش طيقني ولا


طيق يبص في وشي……. اي اللي تغير يعني.. ”

وقفت جانباً وهي ترمق نفسها عبر المراه من

الخلف بحرج….

هزت رأسها سريعاً وهي تذهب للمرحاض…

“لا…لا…مش هلبسها تاني….مستحيل… ”

نزلت وهي ترتدي عباءة سوداء محتشمة وحجاب

أنيق عليها……. فتحت باب السيارة وجلست في

المقعد الخلفي……

نظر لها سالم بهدوء وهو ينفث سجارته…

“تعالي هنا ياحياة جمبي…. عشان الطريق

لبيت ريم مليان قعبله في السكه…. ”

“قعبله ازاي يعني….. ”

زفر وهو يقذف السجارة من النافذة المجاورة له…

“قعبله يعني مطبات وخبط في ضهرك وبطنك… ”

ابتسمت بمكر وهي تسأله بانتصار….

“ااه خايف عليا يعني…. ”

“لا…. خايف على ابني…… “رد عليها ببرود

طريقتها كانت توضح أنه مزال على قراره سيعاقبها بالبعد عنها حتى تخرج من قوقعة الصمت تلك

وتثبت له تمسكها به وحبها له….

ردت بتبرم وهي تفتح الباب بحزن زائف…..

“عندك حق.. ”

دخلت بجانبه واغلقت الباب بقوة لكن سرعان

ما تاواهات بشدة…

“آآآآى ايدي….. ”

هلع عليها وهو يقول بقلق…

“مالك ياحياة اي اللي وجعك…. اتعورتي …. ”

انزلت يدها ببرود ورمقته باستفزاز وهي تقول

بثبات….

“ولا حاجه….. ابنك بخير….. اطلع بقه عشان احنا

اتأخرنا….. ”

عض على شفتيه بغيظ وهو يحرك وقود السيارة

ابتسمت وهي تنظر عبر نافذة السيارة…. وهي


تقول داخلها بسعادة…

“لسه بيحبني وبيخاف عليا… بحبك ياسالم

بحبك وهطلع عينك اليومين الجايين دول… كفايه ضعف وهبل بقه ماهو ينرجع …..ينرجع مافيش حل تالت أصلا !!….”

نظر لها بتراقب وجدها شاردة وتبتسم بسعادة…

هتف داخله بشك…

“ربنا يستر من السكوت ده…. يارب قويني عليها وعلى جنانها……..ان شاء الله مفيش حاجه…انا عيني هتفضل عليكي علطول…. ”

فتح هاتفه بدون ان تلاحظ… لتظهر صورة المنزل أمامه من الداخل غرفة نومه هو وحياة وبهو المنزل

من الداخل بصورة فيديو بجودة عالية خارج البيت أيضا كامرات مرقبة مباشرة……ليرى من خلالها

كل شيء يحدث في داخل البيت وخارجه…

وضع الهاتف في جيب بنطاله وهو يقول بحزن…

“ااه منك ياحياة خوفي انك تهربي وتسبيني

تاني خلاني افكر ارقبك واحط كاميرات مرقبه جوه البيت وبرا البيت ….”نظر لها نظرة اخيرة وتمتم

وهو يتنهد بتعب…

“ياترا هتعملي اي تاني فيا ي ملاذي “…..

يتبع….



25🌹

بعد عودته من بيت ريم وإصرار راضية على المكوث مع ريم لعدة أيام لحين ان تتحسن حالة حفيدتها النفسية هي وولدتها( فوزية)…

دلفت حياة الى غرفة نومهم لتجده يستلقي على

الفراش عاري الصدر يلعب في هاتفه بالامبالاة

رفعت حاجبيها وهي تطلع عليه بضيق فمن وقت

خروجهم من البيت الى عودتهم إليه لم يتحدثون

مع بعضهم وهي التزمت الصمت بسبب صمته


الفظ ذلك……

رفع سالم عيناه عليها ونظر لها ببرود قائلاً

“مالك وقفه كده ليه مش ناويه تنامي…. ”

نظرت له بخبث لترد عليه بضيق زائف…

“ناويه انام طبعاً…. بس ازاي هنام وانت نايم قدامي بشكل ده…… ”

رفع حاجباه وهو ينظر لها بعدم فهم..

“نعم؟؟….. هو انتِ اول مره تشوفيني كده…. ”

اولته ظهرها وهي ترد عليه بمكر…

“مش اول مره بس إحنا زعلانين وطول ماحنا

زعلانين مع بعض نلزم حدودنا…. ”

سألها باستفهام..

“حدود إيه بظبط……. مش فاهم…. ”

نظرت له وابتسمت بخبث….

“يعني أنتَ تنام على الارض وانا انام على سرير


وقبل ده كله تستر نفسك بفنِله بكم…. عشان

انا بتكسف….. ”

فغر شفتاه بصدمة من حديثها…

“بتكسفي… واستر نفسي طب ماتحجب احسن ”

كبحت ضحكتها وهي تستفزه أكثر….

“وللهِ الموضوع ده على حسب قوة ايمانك….. ”

“اخرسي….. وتعالي اتخمدي جمبي ومن غير

صوت تنامي…… “هدر بها بقلة صبر وهو يمرر يده على وجهه بقهر من غبائها المستمر بكثرة هذهِ

الأيام أهذا بسبب الحمل…..

“ربنا يكون في عونك يابني….”تحدث داخله بجزع وهو ينظر الى بطنها البارزة قليلاً ……

مسك الهاتف مره آخرى وعبث به بملل…..

دخلت الى المرحاض اخذت حمام بارد وارتدت بعدها منامة وردية ألون عبارة عن هوت شورت قصير جداً يبزر مُتتصف فخذيها حتى اخر ساقيها ، ومن الأعلى ترتدي قطعة حريرة بحمالات رفيعة…

نظرت الى هيئتها في المرآة وهي تجفف شعرها

بالمجفف….

ذهولة من مظهرها هذا كانت الثياب تبرز مفاتن جسدها بسخاء وتجعلها اكثر انوثه وجمال….

“تفتكري هيتاثر يابت ياحياة…. ”


تحدثت الى نفسها عبر المرآة بحنق…

“لازم يتأثر مفيش بعد كده إغراء يعني…. ”

ابتسمت بمكر وهي تهتف بمزاح….

“لا بجد بعد متجوزته بقيت…..بقيت قليلة الأدب

اوي.. “إبتسمت بخجل وهي تهز رأسها بجزع من حالها الذي تغير كلياًّ مع هذا السالم…

خرجت من المرحاض وهي تلتفت حولها مُختلسه النظر في أرجأ الغرفة…

تمتمت بحسرة وهي تنظر الى الفراش الفارغ

“راح فين ده… “لوت شفتيها وهي تهتف بإحباط…

“شكله خرج…….إيه الحظ ده….. “دبت في الأرض

بسأم…

“اي ده أنتِ نسيتي تلبسي البنطلون وانتِ

خارجه… ”

شهقت بصدمة وهي تستدير للخلف لتجده وراها مباشرةً وحين تلاقت أعينهما غمز لها بشقاوة

ذكورية …..

هتفت بتوتر محرج من سماعه حديثها منذ قليل….

“انتَ كنت فين …….و إزاي تُخضني كده…. ”

“هكون فين يعني موجود سلامة النظر ياحضرية.. ”

عضت على شفتيها وهي تقف مكانها بتلك الهيئة

المُغرية …….

“مش ناويه تكملي لبسك….. ”

اتسعت عينيها باستفهام….

“نعم ازاي يعني مش فهمه…. ”

نظر على نصفها السفلي قائلاً بمكر…


“يعني البنطلون…….. فين البنطلون….”

حركت عينيها يميناً ويساراً وهي تجاوبه بفتور..

“مافيش بنطلون…….الموضه كده”

رفع حاجبه وهو يقول بنبرة ذات معنى …

“ممم الموضه….حلوه الموضه دي البسيها دايماً…”

اشتعلت عينا سالم برغبة بها ولكن حاول السيطرة

على نيران أشواقه الآن فمزال العقاب في بدايته…

عضت على شفتيها وهي تبتعد عنه تنوي النوم الان فقد رأت الصراع في عينا سالم والتردد والمحزن

في لأمر إنهُ يكابر أشواقه وعشقه لها بالابتعاد عنها…..

لا زال مصمم على نفوره وابتعاده عنها….

“انا داخله أنام….. تصبح على خير….. ”

أومأ لها وهو يبتعد عنها ولج لشرفة الغرفة

جالساً بها مُشعل سجارته حتى يحرق بها

فتنفذ مثلما يفعل بمشاعره ومشاعرها دوماً….

نزلت دموعها بحزن تعلم أنها تيأس احياناً من إصراره على الابتعاد عنها…. ولكن داخلها قلباً يريد استعادة عائلته الوحيدة وبقوة …فى حياة بدون سالم مثل الوردة بدون مزارع ! …

بعد ان غرقت في النوم وذهبت في سبات عميق …..

دلف بعدها سالم للغرفة وأشعل مصباح الابجورة الخافضة….

ظل يتأملها باعين تحارب عشقه لها….

تنهد بتعب وهو يمرر يده على شعرها الأسود

قائلاً بصدق….

“بحبك اوي ياحياة….. وتعبان من غيرك….

وعارف انك تعبتي مني ومن قسوتي عليكي….


انا بجد نفسي نرجع زي الأول بس نفسي انتِ

اللي تبدأي بكده مش حابب نرجع عن طريق شهوه

او علاقه هتخلص في ربع ساعة ….

” انا عايزك ترجعيني بافعالك بأفعالك اللي تثبت حبك ليا…..نفسي تبعديني عن اي حاجه ممكن تبعدني عنك… عايزك تبعديني عن شيطاني ….وعن زعلانا….وخلافتنا سوا….ابعديني بس بأفعالك ياحياة بحبك ليا رجعيني تاني لمكاني …….ياملاذي… ”

وضع رأسه على صدرها….. اي باحضانها استلقى

كانت نائمة ولسوء الحظ إنها لم تسمع آهات

قلباً عاشقاً مُطالب بشدة بقربها….الصبر.. الصبر….

كل شيء يحتاج الصبر…

..،……………………………………………….

بعد مرور اسبوعين……. في الساعة الثانية صباحاً

نظرت له وهو مستلقي على الفراش ونائماً لا يشعر

بشيءٍ من حوله….. عضت على شفتيها وهي تقترب منه وتدفع ذراعه ببطء وهي تقول …

“سالم…… سالم….. قوم….ياسالم قوم…. ”

فتح عينيه ببطء ناظراً لها بتكاسل وعدم فهم

“في إيه ياحياة…… بتولدي ولا إيه…. ”

ففرت حياة شفتيها بذهول وهي تجيبه…

“بولد إيه بس انا لسه في اول شهور الحمل… ”

زفر بضيق ….

“طب بتصحيني ليه….. ”

ابتسمت بمكر وبصياح انثوي مجنون قالت

“سالم……. انا بتوحم …..”

” ممم شاطره…. نامي بقه…. “وضع الوسادة على

رأسه عاد إلى النوم….


جذبت الوسادة بحنق وهي تزمجر به

“هو إيه اللي شاطرة…. مش لازم تعرف انا

بتوحم على إيه….. ”

رد عليها وهو مغمض العينان…

“الصبح ياحياة انا تعبان وهصحى لشغل بدري زي

كل يوم…… ”

أيقظة إياه بإصرار مرة آخرى وهي تقول بحدة…

“ماهو عشان أنت بتروح الشغل بدري يبقى لازم

تعرف انا بتوحم على إيه وتجيبه ليا لحسان ابنك

يطلع ملون…. مش انت بتخاف على ابنك برضه

وهو أهم حد عندك…. “قالت اخر جملتها بنبرة

ذات معنى……

نهض بضيق وهو يزفر بحدة….

“اتفضلي قولي ابن الكلب اللي جواه ده بيتوحم

على إيه …..”

ابتسمت وهي تصفق بسعادة خبيثة…

“شاورما……. وشبسي……. وبيبسي دايت….”

فغر شفتيه بصدمة سائلاً إياها بدهشه….

“انتِ متاكده أن ابني هو اللي عايز الأكل ده…. وسؤال هو ابني طالب بيبسي ….. ”

توسعت الإبتسامة اكثر على محياها وهي تقول…

“اااه ودايت كمان حتى اسأله…. ”

سند وجهه على كف يده وهو يتطلع عليها قائلاً بشك….

“أسأله؟؟….. اسألو ازاي ….”

جذبت كف يده بين يدها ووضعته على بطنها

وهي تبتسم بسعادة من قربه و هدوء ملامحه وانظاره كذلك…همست برقة ناعمة…

“قوله يااستاذ حمزه انك انت اللي طلبت الطلبات دي……. يمكن باباي يصدق…..”

ابتسم وهو يمرر يده على بروز بطنها بحنان

ثم رد عليها بعد تنهيدة…


“طب انا هروح ادور على مطعم بس برا النجع عشان النجع مفهوش مطاعم ….بس بلاش بيبسي

عشان غلط في فترة الحمل والشبسي هجيبو

ليكِ بس هشتريه خالي من المواد الحافظة عشان مياثرش عليكم…..”مرر يده مره اخرة على بروز بطنها ثم انحنى قليلاً وطبع قبله مكان موضع يديه …

سارت الرجفة داخلها ولكن تمسكت حتى ابتعد عنها ودلف للحمام…… زفرت بعذاب حقيقي من بعده عنها ومن المسافات الفجة بينهم……..

جلس في سيارته وهو يمسح عيناه بالمنديل الورقي مزال يشعر أنه على الفراش نائماً…. ولكن حاول التركيز قدر الإمكان ليقود السيارة حيثُ وجهة معينة………

دخل البيت بعد ساعة ونصف …… دلف لغرفتهم وجدها تنتظره في شرفة الغرفة تغطي إطار الشرفة بستار….. وترتدي منامتها القصيرة التي اعتادت ان ترتديها في كل يوم تدلف به الى النوم وغيرها من تلك التصميمات المُغرية ترتديهم دوماً امامه في كل يوم تكون فيه معه وبمفردهم…..لكنه لا يزال هذا العنيد يكابر متمسك بفكرة ان رجوعه لها لن يكون بسبب شهوة وعلاقه جسدية….. بل سيكون بأفعالها عن الحب… الاهتمام……الغيرة….. الخوف عليه…. ان يكن في عينيها الأول والأخير.. وهذا ماينتظره

منها فقط بعض المشاعر التي تبث لها الطمأنينة

لحبهم ولعلاقتهم معاً ، بعض المشاعر التي تمحي داخله الشك عن صدق حبها له……

“الأكل ياحياة…… “وضع الطعام على منضدة صغيرة في شرفة الجالسه بها…..

مسكت يده وهي تقف أمامه قائلة بصوت

انثوي ناعم….

“سالم….. تعالى كُل معايا….. ”


نظر لها والى قربها الذي يشعل نيران أشواقه

رد عليهآ بفتور….

“مليش نفس كلي أنتِ…. ااه جبتلك

عصير برتقال فرش بدل البيبسي… ”

عقدة يديها حول عنقه وهي تهتف بنفس الصوت

الرقيق….

“شكراً….. بس انا مش هعرف أكل لوحدي تعالى

كُل معايا…. ”

امتنع قائلا…..

“بس انا مليش نفس…. ”

ابتسمت برقة وهي تقول….

“انا هفتح نفسك….. ”

جلس على مقعد أمام تلك المنضدة الصغيرة وجلست هي أيضاً بجواره فتحت علبة الطعام وبدات بوضع الطعام على المنضدة وهو يتطلع عليها بتراقب..

بعد حوالي نصف ساعة قد انتهى الاثنين من تناول

الطعام وكلاً منهم مُلتزم الصمت طوال النصف ساعة…..

جلس على مقعده واشعل سجارته بشرود

دخلت حياة و وضعت كوبين من الشاي أمامه..

نظر لها ورفع حاجبيه قائلاً بهدوء..

“اي ده ياحياة…… انا فاكر اني طلبت قهوة…. ”


جلست بجانبه وقالت بفتور….

“بلاش قهوة الشاي أرحم شويه منها…. وهات دي بلاش كمان سجاير…. “وضعت السجارة في المنفضة ناظرة له وجدته يبتسم بسخرية قائلاً…

“ويترا ده خوف ولا سيطره عليا…. ”

ردت عليه بحزن مبهماً…

“وتفتكر أنت في حد يقدر يسيطر عليك… ”

نظر لها بشك وتراقب يشعر أنها تريد قول شيئاً ما

“عايز إيه ياحياة…. اتكلمي انا سمعك…. ”

نظرت الى عمق عيناه وهي تقول بحزن

“عايزه حياتنا ترجع زي الأول…. عايزاك ترجع زي الأول معايا …..وبلاش النظره دي اللي بتخليني

اصدق انك شاكك في حبي ليك… ”

“انتِ اللي عملتي كده مش أنا…. انتِ اللي

مقدرتيش تحبيني…… ”

نزلت دموعها من تصريحه الجارح لها…سُرعان

ما اخبرته بحزن…..

“انت اهلي ياسالم اهلي ودنيتي ازاي شايف بس

اني مش بحبك….. ”


رد عليها وهي يبعد عيناه عن عينيها الباكية وهو يقول بقسوة….

“أفعالك هي اللي قالت كده هروبك مني وبعدك عني افعالك وانتِ وقفه قدامي وبتقولي انك هتنزلي

اللي في بطنك عشان ميكونش في بينا حاجه….

” مع انك واثقه ومتاكده ان اللي بينا اكبر من اسم على ورق او طفل بنتشارك فيه…. ”

قالت حياة بتمهل وصدق…

“انا عارفه اني مُتسرعه في تصرفاتي وفي كلامي

كمان… لكن لازم تعرف ياسالم انك كنت في بداية جوزنا وطول الوقت بتضغط عليا بطرقتك ومعملتك معايا وكلامك ليا… دا حتى نظرتك كانت بتقل مني وبتحسسني قد إيه انا أقل من اني اعيش معاك تحت سقف بيت واحد …عشان كُنت في ملجأ وكده.. ”

قاطعه عن الحديث بضيق ….

“ممكن تكلمي من غير متجيبي سيرة الملجأ وحياتك

قبلي كانت عمله ازاي…… ”

“دي الحقيقه ياسالم….. “نزلت دموعها فور انتهى جملتها….

جذبها من ذراعها بقوة جعلها تجلس داخل أحضانه ووبخ إياها برفق قائلاً…

“الحقيقيه دي مش مهمه عندي….. انا عايلتك ودنيتك

وكل حاجه ليكي يعني انتِ مش يتيمه انتِ بنتي ياحياة بنتي ومراتي وحبيبتي من يوم ما دخلتي حياتي وبقيتي مراتي …. حبيبتي اللي مهما عملت هيفضل المهزء اللي جوايا يديها الف عذر …”

ابتسمت بدموع وهي بين أحضانه واكملت حديثها

بحزن…

” صدقني ياسالم.. انا لم خدت حبوب منع الحمل في بداية جوزنا كنت خايفه من علاقتنا ببعض وكنت لسه مش عرفاك كويس…. بس صدقني لم عرفتك وحبيتك….. بطلتها وللهِ ما كدبت عليك لم قولتلك اني بطلتها …..وعمري ماكدبت عليك من ناحية

حبي ليك أقسم بالله انا حبيتك بجد ….

” وحتى لم فكرت أهرب كنت عايزه اهرب عشان اريحك مني وترتاح من العذاب اللي سببته ليك ..”

ضمها الى أحضانه وهو يرد عليها بصوتٍ حزين

“وانتِ شايفه انك لم تبعديني عن روحي

هرتاح.. ”


ظنت أنهُ يتحدث عن صغيرهم القادم ردت عليه

بصدق…..

“عارفه اني أنانية لم فكرت ابعد عنك ابنك بس… ”

“روحي هو انتِ ياحياة… ”

توقف العالم من حولهم توقفت نسمات الهواء العابرة بل توقف كل شيء واي شيء هي شعرت ان حتى انفاسهم توقفت….. نظرت له بشفتيها الفغرتان بدهشة…

“سالم…… ”

لمعة عيناه بدموع وهو يُظهر اشد مشاعر قلبه لها ولأول مره ترى سالم شاهين هكذا…. معجزة الحب صنعت رجلاً عاشقاً عجز القلم عن وصف مشاعره النقية والصادقه نحو زوجته…

فقط الأغبياء هم الذين يرون دمعة آلرجل ضعف لم تعرف يصاحب الأحكام ان دمعة الرجل ثمينة ولا تهبط الى من اجل اغلى وانقى الاشياء لديه…..

“انا بحبك…. وعايزك جمبي…. انا عارف اني صعب وطبعي حامي… وانتِ استحملتي كتير مني أذا كان زمان او دلوقتي….. عارف اني تعبتك معايا ياحياة… بس انا حبيتك اوي …. حربت نفسي كتير عشان ابعد عَنك بس مقدرتش… حاسس اني ادمنتك ادمنت حبك وحضنك وقربك وكلامك…

” مينفعش أبدا يومي من غير ماشوفك قدامي ولا ينفع تغفلي عين من غير ماحس بنفسك جمبي…. يمكن مش هعرف اقول كل اللي جواياا من ناحيتك ….. بس كل اللي هعرف اقوله اني عايزك معايا ومش عايز حاجه تانيه من آلدنيآ غيرك…. ”

كلام متقطع ولكن صادق… نعم رجلاً لم يعرف

يوماً معنى تلك المشاعر يصعب عليه كشف كل

مايعتريه نحوها ولكنه حاول ان يسرد بعض

المشاعر المكنونة بداخله لها…

حاول قدر الإمكان الخروج من قوقعة الثبات والصمت تلك حاول حتى تشعر هي ويستوعب

عقلها انها اطلق عليها هذا اللقب لأنها….

(ملاذ حياته الذي لن يتنازل عنها مهم مر عليهم..)

مسحت حياة دمعه منفردة انحدرت على لحيته…

نظرت لها وهي تنزل دموعها بل توقف… تحدثت


مثل الطفلة المشتت حزنٍ …

“سالم انت هتسامحني صح…. احنا هنرجع لبعض

انت عارف اني مش هقدر اعيش بشكل ده بعيد عنك… ”

مسح دموعها هو ايضاً و تحدث بلطف وحنان…

“كفايه عياط ياحبيبتي…… خلاص انا مش زعلان

منك وانتِ كمان مش زعلانه مني مش كده.. ”

همهمت وهي تنزل دموعها وللمره الأول دموع سعادة على أنتهاء كابوس الخصام بينهم !….

ظلت باحضانها لفترة طويله تدفن وجهها داخل

صدره تستنشق أكبر قدر من رائحته الرجولية الممزوجه بعطرة الناعم على الأنف …

اما هو فظل يمسد على شعرها تارة ويطبع قبلة عليه

تارةٍ اخرى….

رفعت حياة رأسها عليه تلاقت اعينهما بشوق واضح..

همس سالم وهو يطبع قبله بالقرب من شفتيها…

“وحشتيني اوي.. وبقالك أسبوعين شغاله فقرات

إغراء مش بترحم… ”

خبطت على كتفه برفق وزمت شفتاها بعبوس

ومزاح…

“وياريتك اتأثرت……”

ابتسم على عبوس ملامحها وهو يقول بعبث…

“بصراحه كنت بتأثر بس كنت بقاوم بالعافيه… بس

مش مهم ملحوقه…. ”

شهقت بصدمة وهو يحملها على ذراعيه في

لحظة….


“سالم بتعمل إيه… ”

رد عليها بوقاحه وهو يدلف بها الى الغرفة

“هعوض اللي فاتنا في زعل… ولا أنتِ مش شاطره غير في فقرات الإغراء بس…. ”

وضعها على الفراش برفق ….وخلع تيشرت الذي كان يرتديه ظهرت عضلات ذراعيه وعرض صدره مقارنة بخصره المنحوت وبطنه المسطحة التي تحتلها عدة خطوط جذابة بسبب ممارسته للرياضة… حتى قامة طوله تسحر عينيها به… كل شيء به يجعلها تقف مكانها تدقق النظر به باعجاب و مخجل ان نظرت لملامحها الان في المرآة ! …..

اقترب منها بمكر بعد تلك النظرات الصارخة بالاعجاب….

“النظره دي تطمن اوي…. بس انا عايزك برضه تسيبي نفسك خالص ….و ورقه وقلم كده وتسجلي اللحظة التاريخيه دي…. ”

فاقت حياة من شرودها به وعضت على شفتيها

وقالت بحرج زائف…

“على فكره انت قليل الادب…. ”

“على فكره مش محتاج شهادتك…. ”

اقترب منها وبدأ في قطف رحيق الحياة من شفتيها لتذوب بين يديه رويداً رويداً ….فقدت القدره على إحساس مايحدث لها بين يداه ولكنها تركت له الإمساك بزمام اجمل اللحظات في هذا العالم المنفرد به وبها……بعد عدت دقائق ترك

شفتيها ونظر الى جسدها العاري بوقاحة

وهو يسالها بمكر …..

“حياة ……هي قلة الأدب معايا حاجه وحشه

ولا حلوه… ”

عضت على شفتيها وهي تقول بخجل..

“حاجه حلوه .. ”

استلقت على الفراش وهو فوقها قائلاً بشتياق…

“بعشق صراحتك ياحضريه…..”

تقابل الحب والمشاعر الحلال في مكانهم المعتاد

لينسى كلاً منهم مايدور حولهم فقط يداعب خلوتهم ببعضهم شروق الشمس وعزف العصافير من حول شرفة غرفتهم……. ولكن لن يتوقف عالمهم عن عزف اوتاره الصاخبة بل سيزيد صَخب المشاعر داخلهم أشواق حارة !………

______________________________________

فتحت عيناها ببطء فوجدت نفسها تستلقي بين

أحضانه…..أبتسمت بسعادة وهي تقول ببطء

“معقول مكنش حلم….. ”

اقتربت منه مُتفقده ملامحه الرجولية الجذابة لاح عقلها بالليلة أمس وعبثه وهمساته لها حتى هي

كانت اكثر جنون منه…. كانت لليلة مليئه بالمشاعر ولاشواق الجامحة من كلاهما……تحدثت بحرج وخفوت…

“أم كانت ليله…. ”

ابتعدت عنه ودلفت للمرحاض لاخذ حمام بارد

…..

استيقظ سالم بعد مدة فوجد حياة تخرج

من الحمام ويحيط جسدها منشفة قصيرة

ومنشفة آخرى تجفف بها شعرها……

نظرت له وابتسمت بحب وهي تقول بنعومة

“صباح الخير ياحبيبي…. ”

أبتسم لها بجاذبية رجولية… ورد عليها

“صباح النور….. الساعه كام دلوقت…. ”

نظرت في هاتفها وردت عليه وهي تجفف شعرها


أمام المرآة…..

“حداشر الضهر…..”

نهض من مكانه بتكاسل وتطلع عليها وجدها

منشغلة امام المرآة ……

نداها بخشونة حادة…

“حياه تعالي هنا قدامي…. ”

نظرت حياة له بحيرة… وسائلة بتردد

” مالك ياسالم بتبصلي كدا ليه.. ”

رفع حاجباه ورد عليها بصرامة

“لم تيجي قدامي هتعرفي…. ”

اتجهت نحوه ووقفت أمامه بريبه وهي تطرح السؤال من جديد…

“في إيه ياسالم مالك…. اااه.. ”

وضعها سريعاً على الفراش بخفة وهو فوقها وابتسم بعدها بمكر قائلاً بعبث….

“انا مخدتش اصطبحتِ ياوحش…. ”

ضاحكة بذهول من تصرفه….

“تصدق أنا كان هاين عليا اطلع مخي اعصره عشان أعرف انت بتبصلي كده ليه على الصبح ….. بس على العموم خد…. “قبلته في وجنته برقة….

فغر شفتاه بعدم رضا …

“اي ده انتِ بتبوسي بنتك…. الاصطباحه مش

كده……… كده…. ”

اقترب منها وكاد ان يقبلها في فمها اعترضت حياة قائلة….

“سالم إحنا اتاخرنا وانت كمان عندك شغلك و…. ”

قاطعها بوقاحة قال ….

“كل يتأجل إلا اصطباحت الصبح….. ”

هتفت حياة بضيق من جملته..

“اي اصطباحه ديه هو احنا بنحشش….”

“انتِ حشيشت قلبي…. ”

رد عليها قبل ان يكتم باقي حديثها بقبلته…..

(حب سالم شاهين شعلة مشاعر لا تخمد !!)

——————————————————-

بعد مرور شهر….. في بيت بكر شاهين

كانت تبكي خيرية وتتحدث بعويل وقهر….

“اخوكي اتحكم عليه بالإعدام ياريهام اخوكي هيموت ياريهام خلاص راح ابني راح بسبب سالم شاهين حسبي الله ونعم وكيل فيك ياابن زهيره

منك لله…. ااه يابني ااه ينضري….. منهم لله ربنا ينتقم منهم ابني هيتعدم وهما عايشين حياتهم ومرتحين….. حسبي ألله ونعم الوكيل….. ”


مع كل كلمة تخرج من خيرية تشعل نيران الإنتقام

والحقد داخل ريهام التي اعتصرت ورقة المحكمة التي بها حكم الإعدام على اخيها ، قبضة عليها بين يديها بقوة وغل… وعينيها تتوهج بنيران الغضب والانتقام

فقد حان حرق قلب (سالم شاهين)على من حدث

كل شيءٍ بسببها….

“بلاش تعيطي ياماااا عيطي لم ناخد حق وليد

منهم….. ”

نزلت دموع خيرية وهي تقول بعويل..

“احنا مش قدهم ياريهام ابعدي عن سالم تعالي

نسافر…. تعالي نخرج من النجع ده وكفايه كده

كفايه موت ابوكي….. واخوكي…. اخوكي اللي هيتعدم قريب اوي…..

” ياحبيبي يابني روحت مني وانت لسه في عز شبابك يابني….. ”

نظرت ريهام الى خيرية بضيق وعيون حمراء

مُخيفة وقالت بنبرة مبهمه….

“مش هسافر قبل ماخد بطار أخويه……”

صعدت الى غرفتها سريعاً….. أغلقت الباب عليها

وانحنت تحت فراشها لتاخذ هذهِ القنينة البلاستيكية متوسطة الحجم …..

إبتسمت بتهكم وهي تستنشق رائحة البنزين التي تفوح منها…

والفكرة تلعب على اوتار انتقامها بإصرار !!…..

———————————————————

وقفت أمام سيارته وكانت ترتدي عباءة محتشمة

وحجاب أنيق عليها ولا تضع شيء على وجهها فقط كحل أسود يزيد جمال بُنيتيها الداكنة…

دلفت بجواره داخل السيارته بابتسامة

مشرقة وهي تقول بحب…….

“كآن ممكن أروح مع ريم انهارده لدكتوره زي كل مره…..وكنت أنت روحت المصنع….. ”

حرك وقود السيارة وهو يرد عليها بخفوت..

“أنتِ قولتي بنفسك ريم بتروح معاكِ كل مره….يعني المرادي هروح انا معاكِ…..”

هتفت بشك ومزاح…

“انت بتغير ولا إيه…. ”


هز راسه وهو يقول بمزاح…

“اغير من مين.. من ريم؟…. لا طبعاً بلاش افوره…

انا بغير عليكِ من هدومك أصلا….. ”

ضاحكة وهي تسأله بفتور …

“بتغير من هدومي طب ليه…. ”

نظر لها بوقاحة وهو يهمس لها بعبث..

“بتغطي حاجات كده”بتر جملته عمداً وهو يكمل بلؤم…

” مش مهم متعوضه بليل…. ”

أطلقت ضحكةً رنانة محملة بصدى مرحها

العاشق له…. قاد سيارته وهو يبتسم باستمتاع لملامحها السعيدة فرحاً وحبٍ……

بعد ان اختفت السيارة خرج غريب من خلف الشجرة وهو يبتسم بشر فقد أقترب معاد الثأر الآن !!….

“ماشاء الله كله تمام……. اطلعي كده على الميزان

خلينا نعرف وزنك بقه كام….. “تحدثت الطبيبة

بجملتها وهي تجلس على المقعد وتستند على

سطح مكتبها تضيف في ورقة الكشف عدة أدوية لها..

كان سالم يقف بجانبها ليرى وزنها …..

هز رأسه بمزاح وهو ينظر الى الرقم ويهمس لها

بخفوت…

“وزنك خمسه وخمسين ياوحش ……”

همست له بنفس الخفوت….

“سالم اكدب وقولها اني ستين كيلو عشان مسمعش محاضرت كل كشف….. كُلي اشربي خُدي الدوا اشربي للبن نقصك حديد ولحاجات دي كلها….. ”

رفع حاجبيه وهو يرد عليها بجدية….

“لا… ماهو انتِ هتاكلي كويس وهتظبطي مواعيد

اكلك والدوا كمان… ومن اول النهارده انا اللي هباشر الموضوع ده…….عشان شكلك بتستهبلي ومش بتسمعي الكلام.. ”

زمت شفتيها بعدم رضا وهي تنزل من على ميزان الوزن قائلة بتبرم…..

“صحيح نسيت انك دكتور ….. ”

ذهبت لتجلس على المقعد امام الطبيبة ….

سائلة الطبيبة حياة بابتسامة حانية..

اكيد وزنك لسه زي ماهوا…وحتى التحليل قدامي بتقول إن الانميا عندك مش مظبوطه.. حاولي

تهتمي اكتر باكلك وتاكلي الخضروات والفاكهة اللي

قولتلك عليهم قبل كده عشان الحديد نسبته تُظبط في جسمك…..والحمدلله النونه بخير وبينمو طبيعي

وشكله كده ولد شقي….. بس طبعاً هنتاكد اكتر

من نوع الجنين الشهر الجاي…. ”

أبتسمت حياة وهي تنظر الى سالم بعد ان علمت


إن من الممكن ان تنجب ذكر وتسميه(حمزه) كما

توقع سالم منذ بداية حملها…..

مسك يدها بعد ان رمقها بحب يصحبه الحنان الطاغي… سارت معه خارج عيادة الطبيبة.

كآن يقود سيارته بهدوء ويشغل الراديو لتدوي

موسيقة هادئة في السيارة بأكملها…

سألته حياة بسعادة ….

“سالم تفتكر حمزه هيطلع حلو زيك كده…. ”

أبتسم وهو يرد عليها بغرور زائف…

“تفتكري في حد في حلوتي…. ”

وضعت يديها على يده وهي تقول بحب

“لا طبعاً مافيش حد شبهك انت مميز في كل حاجه بس انا نفسي يطلع حمزه شبهك اوي ….. ”

أبتسم لها بحنان وهو يمسك كف يديها ويقربه من

شفتيه طابع قبله حانيه عليها وهو يقول بحب..

“هتصدقيني لو قولتلك اني نفسي يطلع شبهك أنتِ…… ”

ابتسمت بحب وشتبكت آلعيون ناظرة بعمق داخل

اطارها …… ليدوي صوت إطلاق الرصاص


من حولهم توقف سالم في لحظة بسيارته

واشتعلت عيناه وهو يرى غريب الصعيدي

أمامه مُبتسم بشر ومصوب سلاحه على

الإطار الأمامي من السيارة…..

سائلة حياة سالم برعب وهي ترى هذا المشهد

بذهول……

“سالم في إيه ومين ده…… يتبع

تكملة الرواية من هناااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع