رواية أسرت قلبه الفصل الثامن والتاسع بقلم سولييه نصار (حصريه في مدونة قصر الروايات)
رواية أسرت قلبه الفصل الثامن والتاسع بقلم سولييه نصار (حصريه في مدونة قصر الروايات)
الفصل الثامن (يكفي )
كتمت انفاسها وهي تنظر إليه بصدمة ...هل تحلم يا ترى ...هل هذا حلم مجنون تحلمه كعادة احلامها ما ان رأته ...هل تهلوس....لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً...اخذت تتنفس بعنف بينما جسدها بأكمله يرتعش ....ضرب من السعادة هز قلبها ....شعرت ان قلبها سوف يقفز من مكانه ....بالتأكيد امجد أستمع لدقات قلبها...مستحيل الا يكون سمع هدير قلبها ....
-آنسة اريام ...هتديني رقم والدك ولا لا ؟؟حضرتك موافقة اتقدملك ؟!
سألها عندما وجدها شاردة لم تنبت بحرف...وهذا اقلقه ان يكون كلام صديقه خاطئ ...الا تكون لديها مشاعر له كما هو لديه مشاعر ...وان هذا هو وهم ...وهم سوف يحطمه ...لان رجل مثله ...صعب التعلق بأمراة...وهو لن ينكر قد تعلق بها ...ووجد نفسه يفكر بها كثيرا ...لذلك قرر ان يتبع الطريق الصحيح ...يريد الزواج منها اليوم قبل الغد ...هذا ما يريده هو ....لا يريد ان ينزلق في الخطأ....هو يريدها فسيتزوجها.....هذا هو الأمر....
لم تستطيع منع ابتسامتها من الظهور....كانت تشعر ان قلبها ينبض بعنف ...رباه ..هل هذا حلم جميل كباقي احلامها....هل حقاً يعرض عليها الزواج ....ارتاح قلبه وهو يرى تورد وجهها...الابتسامة الخجولة على شفتيها تلك إشارات انها راغبة...هي تريد الزواج منه ...ابتسم وعينيه العسلية لمعت ولكنه وضع عينيه في الارض وقال:
-رقم الوالد ممكن ؟!
امسكت ورقة ودونته بسرعة وهي تعطيه اياه ثم تختفي من امامه بسرعة ....
ضحك وهو يضع الورقة بجيبه ....ثم اتجه الى صديقه عثمان وهو يعانقه بقوة ويقول:
-عثمان اخدت رقم والدها وخلاص هتقدملها ....
ضحك عثمان وهو يربت على ظهره ويقول :
-مبروك يا صاحبي ....
........
-هيتقدملك!!
صرخت بها سلوى بحماس لتضع اريام كفها على فمها وتقول :
-بس اسكتي ...اسكتي فضحتيني ...
ابعدت سلوى كف اريام وقالت :
-خلاص هيتقدملك يعني ...
ابتسمت اريام بسعادة وهي تهز رأسها وتقول :
-هو اللي قالي ....
ضحكت سلوي وهي تعانقها وتقول :
-الف مبروك يا روحي. ..ألف مبروك ...بجد فرحتلك اوووي ....
ابتسمت اريام وقالت:
-الله يبارك فيكي يا عمري وعقبالك يارب ...
ابتسمت سلوى ببهوت وقال؛
-خلاص أنا اخدت نصيبي الحمدلله وراضية بيه ...ربنا يراضيكي يارب ...انتِ بنت حلال وتستاهلي
نظرت اريام بحزن الى صديقتها سلوى ...تمنت ان تواسيها ولكنها فشلت كعادتها فاكتفت بالدعاء لها أن يعوضها الله عن كل لحظة حزن عاشتها ....
.......
-دلوقتي يا بطل الاهم ازاي هتفتح الموضوع مع اهلك...أكيد هيتصدموا...
قالها عثمان وهو. يمازح.امجد ...فجأة بهتت ابتسامة امجد وكأنه تذكر شئ وقال:
-عثمان أنا كده أناني صح ؟!
-ليه بتقول كده؟!
قالها عثمان عابساً ليرد هو :
-انا قررت اتجوز واشوف حياتي ...مش كان اولى اطمن على اختي الأول ....رحيق لازم تتجوز وبعدين أنا ...
-ايه اللي أنت بتقوله ده يا صاحبي...متخيلتش تكون بالتفكير ده ..يا أمجد دي قدر وربنا كاتبه...واختك بإذن الله نصيبها موجود وهتشوف هتتجوز قريب بإذن الله ...لكن حرام توقف حياتك ...انت ادعي ربنا وقول يارب ...
-بس أنا كده بجرحها ...
ربت عثمان على كتفه...
-لا بتجرحها ولا حاجة ...اختك.طيبة وهتتمنالك الخير ...انت توكل على الله بس ...هو لو عرفت أنك عايز توقف حياتك عشانها هتزعل والله ...انت كده هتزعلها مش هتقف جمبها...وبعدين خلاص قولت للبنت.انك.هتتقدم حرام عليك تكسر قلبها...
تنفس امجد بعنف وهو يحاول تهدئة ضميره....هو يخاف على مشاعر رحيق ..لو اخبرها بهذا الأمر...هل من الممكن ان تحزن ....رباه هو لا يريد احزانها ...يتمنى من كل قلبه ان تتزوج من يقدرها
.......
تجمدت للحظات وهي تنظر إليه بصدمة ...لا يمكن أن يكون جدي!!!ماذا يقول هذا ...هل فقد عقله !!!
ظلت تنظر إليه للحظات وقالت :
-افندم حضرتك بتقول ايه ؟!
ارتبك وهو ينظر إليها وقال:
-ايه اللي قولته غلط ...أنا عايز اتقدملك حسب الشرع والأصول ...أنا غلطت ولا ايه !!!
هزت رأسها وهي تشعر أنها فقدت عقلها ....ثم قالت :
-أنت عندك كام سنة؟!
-خمسة وعشرين سنة ....
ابتسمت بسخرية وقالت:
-وأنا هكمل التلاتين بعد شهرين ...يعني اكبر منك بخمس سنين.....انت ازاي بس فكرت كده ...
ثم تركته مصدوم ....لا يصدق أن المرأة الوحيدة التي أُعجب بها اكبر منه بخمس سنوات ....شعر بالإرتباك وكأن جميع الأحلام التي رسمها تدمرت أمامه الان وهي تلقي الحقيقة في وجهه ...خمس سنوات ...رباه ...هذا كثير!!!
......
ولجت رحيق ال. غرفة المعلمات قبل الطابور المدرسي وهي تنهت بإنفعال ولحسن الحظ لم تجد أحد ....اقتربت من المنضدة الكبيرة وجلست عليها وهي تشعر بنفسها ترتعش بقوة...
رباه ...هل ما حدث منذ قليل حقيقي...هل عرض عليها الزواج شاب اصغر منها .....
ابتسمت ساخرة وهي تردد:
-الراجل من همه هيتجوز قد امه.....
ثم اطرقت برأسها وهي تنظر أرضا ...
-صباح الخير يا جميل ...
قالتها مادونا بإبتسامة سعيدة وهي تلج للغرفة ولكن الابتسامة تلاشت من شفتيها وهي ترى حالة رحيق المتوترة....اقتربت منها وهي تقول :
-فيه ايه يا رحيق ؟!
تنفست رحيق بتوتر وقالت:
-لا مفيش حاجة .....
-مفيش حاجة ايه يا بنتي ...باين على وشك التوتر ليه ؟!....رحيق أنتِ مخبية عليا ايه ...بجد هزعل منك لو متكلمتيش ...يالا انطقي ...ايه اللي حصل وخلاكي في الحالة دي ....
ازدردت رحيق ريقها وقالت :
-مش هتصدقي اللي حصل ....
-يا بنتي ما تقولي ايه اللي حصل؟!أنا اكيد مش هنجم واعرف من نفسي يعني ...ايه اللي حصل وزلزلك كده ...فيه حد ضايقك ....
أغمضت رحيق عينيها بتعب وهي تفرك عينيها بينما كفيها يرتعشان بشكل واضح .....كيف تخبرها بهذا الهراء ...من المؤكد أن مادونا سوف تسخر منها الآن.....
-نظرت إليها مادونا بحيرة وقالت:
-يا بنتي ما تنطقي فيه ايه؟!هنقعد طول العمر واحنا باصين لبعض كده....
-أنا فيه واحد عايز يطلب ايدي؟!
-مين ده...حد من طرف.مس وفاء تاني ....
هزت رحيق رأسها وهي تقول :
-لا حد تاني ....
توسعت عيني مادونا وهي تقترب منها اكثر وتقول بفضول :
-مين ها....قولي مين ؟!
أطرقت برأسها وهي تحاول ان تجمع كلامها....ما زالت تشعر ان جسدها بالكامل يرتعش ...
-يا بنتي ما تقولي مين بس ...
-استاء الفيزياء الجديد...
قالتها بسرعة. هي تفرك كفيها بتوتر ...ثم اكملت:
-وقفني النهاردة وطلب مني رقم حد من عيلتي عشان يتقدملي...أنا اتصدمت ...
-طيب وكان رد فعلك ايه ؟!
-رفضت طبعا يا مادونا ....الراجل اصغر مني بخمس سنين...خمس سنين بحالهم !!!!
-وفيها ايه يعني؟!
قالتها مادونا بإعتراض ...لتتسع عيني رحيق وتقول :
-سامعة نفسك بتقولي ايه يا مادونا ...بقولك اصغر مني بخمس سنين ...ازاي بس اتجوزه...لا طبعا ...
-هو حرام يا رحيق....مادام الراجل عايزك على سنة الله ورسوله خلاص ...لا حرام ولا عيب ....
-لا عيب يا مادونا ...لو حصل وارتبطت بيه مش هخلص من كلام الناس ...
-يا روحي الناس كده كده بتتكلم انتِ مش هتقدري تمنعيهم....
-بس كلامهم هيأثر للأسف ...هيخلونا تحت ضغط ...وانا الوحيدة اللي هخسر لما يتكسر قلبي تاني !!!متحاوليش تقنعيني يا مادونا ... الموضوع ده مرفوض !!!
................
فتحت عينيها وهي تجد نفسها بمفردها في الفراش.....ظلت لثواني لتستوعب ماذا حدث بالأمس وسرعان ما تخضب وجنتيها باللون الاحمر ...شعرت بأن قلبها ينبض بعنف داخل صدرها ....هل ما حدث حقيقي ؟!هل لمسها جورج بتلك الطريقة .....غطت وجهها وهي تشعر بالخجل من تدافع الذكريات لعقلها .
.كانت الذكريات تندفع بقوة لعقلها دون ان تستطيع ايقافها .....هزت رأسها وهي تحاول نفس تلك الافكار عنها ثم بحثت عن ملابسها كي تنهض ....
.......
خرجت من الغرفة وهي تزرر منامتها الحريرية بينما عينيها تبحث عنه ...أخيرا وجدته في المطبخ يعد له كوب قهوة...ابتسمت بسعادة وهي تقترب منه بهدوء ...ثم برفق عانقته وهي تحاوط خصره بينما تضع رأسها على ظهره وتقول :
-صباح الخير يا حبيبي ...
تجمد جسده كليا بينما هي تطبع قبلة على ظهره ....
-انت بتعمل ايه ؟!
سألته وهي غير مدركة لتجمده بين ذراعيها ....
-هكون بعمل ايه يعني ؟!بعمل قهوة عشان اروح الشغل !!
نبرته الساخرة دمرت اللحظة التي تعيشها ....ابتعدت قليلا ليستدير هو ...نظراته العاطفية اختفت تماما وحل محلها البرود .....كان ينظر إليها ببرود وسخرية ...كان مختلف تماماً عن هذا الرجل الذي كان بين ذراعيها أمس...
-فيه حاجة يا جورج ..أنا عملت حاجة غلط...
-لا معملتيش....اهتميتي بيا وانا مريض وانا بشكرك على ده رغم أنك.مش ملزمة خالص. .
-مش ملزمة!!!
قالتها بصدمة ليرد هو ببساطة:
-ايوة مش ملزمة ولا حاجة ...ده كلامك ...مش قولتي ان حياتنا هتبقى منفصلة ...كل واحد يعتمد على نفسه ...بس كتر خيرك يعني مش هنسى جميلك ده طول حياتي ....
توسعت عينيها وهي تنظر إليه وكأنه فقد عقله....وقالت :
-انت بتقول ايه ؟!
-بقول ايه ؟!ده.كلامك .....
تراجعت قليلا وهي تشعر بالتشويش ...ماذا يعني كلامه ...وماذا يعني ما حدث بالأمس بينهما ....
-مالك مصدومة كده ليه ؟!أنا بردد كلامك مش اكتر من كده ....
-واللي حصل بيننا امبارح ؟!
قالتها ببهوت ليهز كتفيه ببرود ويقول :
-غلطة !!!
-غلطة!!!شايف اللي حصل امبارح غلطة !!
قالتها بصدمة الدموع تملأ عينيها ولكن بطريقة ما حبستها قهراً...كانت تشعر انها بكابوس....رباه ماذا يقول ...هي تحلم بكل تأكيد ....
كان الشعور بالذنب يكسو وجهه ...كان عاجز عن التحدث او التبرير ...لا يعرف أين كان عقله ....
-ماريانا ممكن تسمعيني...
-لا لا متبررش ...انت كرر اللي قولته ..اللي حصل بيننا امبارح غلطة صح ...على أساس اني صاحبتك مش مراتك ...انت مختل عقلياً مستحيل تكون انسان طبيعي !!!
-ماريانا لو سمحتي ...
-اخرس بقا !!!
صرخت بها والدموع تنفجر من عينيها ثم اخذت تحطم الاكواب الزجاجية وهي تصرخ بكل انهيار ...خاف من ردة فعلها القوية ...وكأنها أخيراً قررت تنفجر به ....
غطت اذنها بقوة وهي تصرخ:
-لحد امتى ...لحد امتى هتموتني وانا حية ...لحد امتى مصر تحرق قلبي ...أنا عملتلك ايه ...بتعاقب ليه ؟؟
-ماريانا ابوس ايديكي اهدي ...
-اخرس ...اياك تتكلم ...أنا بكرهك ....بكرهك يا جورج ....اطلع برا مش عايزة اشوفك ...مش عايزة خلاص !!
ثم سقطت على الأرض وهي تغطي وجهها بكفيها وتبكي كما لم تبكي من قبل ...
ارتعب وهو يراها في تلك الحالة وجلس بجوارها وحاول لمسها الا انها انتفضت وهي تنتحب وتصرخ ؛
-متلمسنيش ...اياك تلمسني ...انت فاهم ...اياك!!!
كانت تصرخ به وهي تشعر وكأنها سوف تموت .....
لقد خذلها مجددا ...حطمها مجدداً....
لم يتكلم وهو ينظر إليها وهي تموت ....كانت مجروحة كجندي خسر اهم معركة بحياته...لقد خسرت مجدداً...في قصة حبهما تلك كانت هي الخاسرة دوما ...هي المحطمة للأبد...
نظرت إليه بخيبة أمل وقالت؛
-أنا بكرة قلبي عشان حبك.....وبكره الحب....بكره الحب اللي مخليني ضعيفة قصادك للدرجة دي ....ادفع عمري كله وابطل احبك وساعتها مش هتردد لثانية اني أمشي ...صدقني يا جورج اليوم ده هيجي ...هيجي اليوم اللي هقولك اني بطلت احبك ...هيجي اليوم اللي هقول فيه اني اتحررت منك !!!
.........
في المساء
وقفت امام المرآة وهي تسرح شعرها ...كانت تنفخ بضيق ...لقد فعلت ما قالته نوران لها ولكن لا فائدة ...لم تتغير لا نظراته ولا تعامله ...كل ما نالته هي نظرة الدهشة التي تلقتها منه عندما ارتدت الخمار...هي الآن تختنق ...تشعر انها منافقة ...ترتدي واسع لكي تعجب امجد...تلك الحقيقة تجعلها تشعر بالإختناق ...تلك الحقيقة تثقل ضميرها حقاً.....لا يمكنها العيش في صراع اكثر من هذا ...صحيح انها بدأت هذا الطريق من أجل أمجد ولكنه سوف تكمله للنهاية لانها احبت القرب من الله .....سواء حصلت على امجد ام لا هذا هو سيكون نمط حياتها ...لا مزيد من الملابس التي لا ترضي الله او من العطور...او مستحضرات التجميل ...لن تغضب ربها أبداً...وكما انها سوف تضع النقاط على الحروف اليوم. ...ستعترف بحقيقة مشاعرها لامجد....ستخبره انها تراه اكثر من شقيق ....لن تنتظره ليعترف......
انتهت من تمشيط شعرها ثم ارتدت فستانها الكريمي ثم اتبعته بالخمار ....ابتسمت وهي تنظر لشكلها دون مساحيق تجميل...انها جميلة حقاً دون اي شئ ...وعينيها الواسعة هي أساس جمالها ....
خرجت من غرفتها وامسكت حقيبتها وهي تقول :
-ماما أنا رايحة اقعد مع نوران شوية ....
ابتسمت شربات من التغير الملحوظ لابنتها ....جيلان تغيرت كلياً بالفعل ..نضجت قليلا و اصبحت ملابسها محتشمة ...حتى انها توقفت عن وضع مساحيق التجميل ...بدأت تهتم بدروسها وصلاتها....لا تعرف كيف تغيرت ابنتها بهذا الشكل...ولكنها حقاً ممتنة للسبب مهما كان ....
......
في غرفة نوران ...
كانت نوران متسطحة على فراشها تنظر للسقف بينما الدموع تحرق عينيها ...ضميرها لا يتوقف عن جلدها ...يخبرها كم أن هي أمرأة رخيص لانها كادت ان تسلم نفسها لهذا الحقير..منذ ما حدث وهي تحبس نفسها بغرفتها ...حتى لم تذهب إلى الجامعة ...ادعت المرض وقررت ان تنام.لتنسى ما حدث ...ولكن عادل لا يتركها ...كان يتصل بها كالمجنون ولكنها لم ترد...ولن ترد عليه...ولن تسامحه على ما فعله بها ...هي تكرهه وتكره نفسها .....
تكورت على نفسها والدموع تنسكب من عينيها دون توقف ....فجأة انتفضت وطرقة خفيفة على الباب ...
نهضت بسرعة وهي تمسح دموعها وقالت:
-اتفضل...
ولجت جيلان للغرفة وهي تقول :
-مالك يا نوران فيه ايه ؟!
ابتسمت بشحوب وقالت:
-مفيش يا روحي بس أنا تعبانة شوية ...
نظرت إليها جيلان بقلق وقالت؛
-طيب تحبي نروح الدكتور ...
هزت نوران راسها وهي تقول:
-امي من الصبح بتضغط عليا بس أنا مش عايزة ..مجرد ارهاق بس ...فكك مني أنا ...انتِ ايه الجمال ده ...برافو عليكي ماشية في الطريق الصح ...
ابتسمت جيلان بإيجاز وقالت:
-تعرفي...أنا فعلا دخلت الطريق ده عشان اخوكي وعشان اعجبه..بس بجد دلوقتي أنا حبيت نمط حياتي ده ...حبيت اووي اني قريبة من ربنا ...القرب من ربنا يا نوران بيخلينا حاسيين براحة ملهاش زي ...
ابتسمت نوران وقالت والذنب يثقل ضميرها :
-عندك حق
وكادت ان تتكلم مرة آخرى الا انهما انتفضا على صوت زغرودة !!!
عبست جيلان وهي تنظر الى نوران ...وسرعان ما نهضا وهما.يخرجان ...
كان امجد يقف ورحيق تعانقه وهي تبارك له بإبتسامة سعيدة حقيقية ....
-هو فيه ايه ؟!
قالتها نوران بحيرة ...لتبتسم والدتها وتقول:
-اخيرا امجد ربنا كرمه ...خلاص اخوكي هيتجوز ....رايح الأسبوع اللي جاي عشان يتقدم لزميلته في الشغل ...
بهتت نوران بينما تراجعت جيلان للخلف وهي تشعر وكأن احدهما مزق قلبها....حاربت الدموع.كي لا تتسلل من عينيها وقالت بصوت مرتجف وهي تطرق برأسها أسفل :
-مبروك يا أمجد ربنا يتمملك بخير
ابتسم لها وقال:
-الله يبارك فيكي يا جيلان عقبالك يارب ...
...........
-كل سنة وانتِ طيبة .
قالها أمير بلطف لسما التي تجلس على الاريكة تقرأ احدى رواياتها الرعب المفضلة ...
نظرت إليه بحيرة ليرد :
-مش النهاردة عيد ميلادك...
-مبحتفلش بعيد ميلادي ...
قالتها ببرود وهي تكمل قراءة رواياتها ...ابتسم وه. يسحب الرواية منها ويقول :
-خلاص نحتفل بيه لأول مرة ...
نهضت وقالت بإنفعال :
-انت عايز ايه يا أمير ؟!ايه الحنية الغريبة دي ....
-سما ممكن نتكلم مرة من غير ما نتخانق ...مرة واحدة بس ...عشان خاطر عمر على الأقل ....
زفرت بضيق وجلست مكانها وهي تقول :
-خير عايز ايه ؟!
-عايز نبدأ صفحة جديدة أنا وانتِ ...من غير تجاوز او مشاكل مع بعض ....أنا عارف ان كنت سخيف اووي معاكي ...وانا بعتذر ...وجاي امد ايدي ليكي عشان نبدأ من جديد...
نظرت إليه بتوجس وهي تقول :
-انت عايز ايه بالضبط...أصل اللي في دماغك مش هيحصل ...جوازنا مش حقيقي ...
-لا لا مخك راح بعيد أنا أقصد أننا نبقى اصدقاء بس ....يعني بلاش نتخانق ونحافظ على الور بيننا أنا عمري ما هنسى أنك اهتميتي بإبني ... جميلك هشيله فوق راسي طول عمري ..عشان كده أنا بمد ايدي وبقول:
-خلينا نبقى اصحاب او اخوات زي ما تحبي ...ايه رأيك...جربيني مش هتخسري..
نظرت إليه بتوجس وهي تصافعه وتقول:
-اوك خلينا اخوات...ممكن تجيب الرواية بتاعتي بقا عايزة اخلصها ...
-طيب مش هنحتفل بعيد ميلادك ...
-لا الاحتفال الحقيقي أنك تسيبني اقرا روايتي بسلام ...
ثم اخذت منه الرواية وبدأت تقرأ وهي تسحب اهتمامها عنه ..
..........
-ولا واحدة فيهم تنفع تكون زوجة ...ولا واحدة فيهم تنفع تكون ام ....أنا عايز زوجة وام مش عارضة أزياء....
صرخ عاصي في المساعد الخاص به ليرتجف الشاب وهو يتلعثم ويقول:
-عاصي بيه اديني فرصة تانية ...ابوس ايديك ...المرة دي هجيب طلبك بالضبط .....
لمعت عينيه الزرقاء بغضب وهو ينظر إليه ...كان غضبه مخيف ....الفترة العصبية التي يمر بها غيرت هذا الرجل اللطيف لذلك الوحش الكاسر...جلس عاصي على مقعده وكفيه يرتعشان بتوتر ...كان غاضب ...لا الغضب كلمة قليلة مقارنة ما يشعر به ....لم يكن غاضب ....بل يشتعل...تلك هي الكلمة المناسبة وكأن النيران بداخله لا تهدأ...
نيران الخيانة تقتله ....لقد عشق حد الموت ...ومات بفعل العشق ولن يسمح لهذا الخطأ ان يتكرر.....لن يسمح به ابدا !!
......
-اكبر منك بخمس سنين ؟!لا يا بني كتير اوووي ايه اللي يرميك الرمية دي بس ...
قالتها متى بصدمة لمؤيد الذي فرك كفيه بتوتر ليقول:
-ماما أنا عاوزها ....
-يا بني انت شوفت شكلها ؟!
هز مؤيد راسه لترد هي ؛
-يعني ممكن يكون باين عليها السن ...اتعلقت بيها ازاي بس ...ما البنات كتير يا بني ...سيبها لصاحب نصيبها وانت شوف بنت اصغر منك مش واحدة أكبر منك بخمس سنين ...
-ماما أنا عايزها هي !!
ضربت منى.كف على كف وقالت:
-ما تتكلم يا محمد مع ابنك و عقله أنا مخي.هيشت ...معرفش بيفكر ازاي !!!
نظر محمد الى ابنه وقال:
-يا بني لو أكبر منك بسنة ماشي ...سنتين نتقبلها لكن خمس سنين كتير اوووي ...صعب لا انت ولا هي هتكونوا مبسوطين ....انت مش هتفهمها ولا هي كمان ...فرق السن بينكم كبير ....
-انا كل ده ميهمنيش ومش فاهمة...هو حرام اني اتجوز اللي عايزها ...
-يا بني انت بس مبتبصش لقدام....صدقني الجواز ده محكوم عليه بالفشل....
عبس مؤيد وقال:
-بتحكموا عليا بالفشل ليه ؟!طيب ما تخلوني اتقدم يمكن هي اللي تكون من نصيبي ....يمكن ابقى مبسوط ...ليه.حكمتوا عليا وعليها يا ماما ...أنا مش عايز غيرها ...ساعدوني ...متقفوش في طريقي....
هزت والدته رأسها بيأس وهي تنظر إليه ...ثم نظرت الى والده وقالت :
-حاول تقنعه انت ...أنا مش هتدخل ...خلاص ...
نظر مؤيد الى والده وقال:
-بابا انت عودتني اني لما اسمع قلبي ...وقلبي عايزها....فرق السن ميهمنيش ...أنا حاسس أن دي هي اللي هحبها ....أنا عايزها...هي مش غيرها...لو عايز واحدة اصغر.كنت اخدت اصغر.عادي ...بس في لحظة بتقابل شخص قلبك بيقول هو ده....وقلبي بيقولي هي دي ....
-للاسف يا مؤيد اللي بيفكر بقلبه دايما خسران ...لازم تحكم عقلك ...انت وهي مش هتتفقوا ...الست بتحب الراجل يكون أكبر منها ...كده يا بني هتشوفك عيل ....
-انتوا بتحكموا بناء على ايه نفسي افهم بتحكموا عليها وعليا وعلى حياتنا ....هو أنا مليش راي ...
-لا ليك بس احنا اهلك وخايفين على مصلحتك ....يا بني افهم...مش هنقدر نشوفك بتدمر حياتك ونسكت كده ..الجواز ده محكوم عليه بالفشل ...مش بنفكر فيك بس ...بنفكر فيها كمان .. مش هتتحمل كلام الناس ...
-طز في الناس ...ميهمنيش رايهم ...أنا هتجوزها وخلاص انتهى الموضوع ...لو سمحتوا محدش يحاول يقنعني بالعكس ....هتقفوا جمبي ولا لا ....
زفرت منى بضيق من عناد ابنها ولكن محمد قال :
-طيب يا ابني هنروح نتقدملها ....بس لازم تعرف ان ده قرارك انت واحنا نصحناك .
هز رأسه وقد تشكلت ابتسامة رائعة على شفتيه ...لا يصدق...هو يحلم بكل تأكيد ...
اقترب من والده ووالدته ثم ضمهما بقوة وهو يقول :
-شكرا ...بجدا شكرا ...شكرا أوووي !!!..
.....
ولج لغرفته وهو يكاد يطير من السعادة ...لا يصدق متى يأتي الغد كي يخبرها بهذا الخبر الرائع ...لقد تيقن انه يريدها....لا يهم.شكلها او سنها...هو يشعر بإنجذاب غريب نحوها ....يريد ان يمر الوقت سريعاً كي يأخذ منها رقم والدها ويتقدم لها ...لن يتركها....سيجعل والديه يقتنعان انه لن يفشل ...وانه جدير بالثقة....سيحمي رحيق من كلام الناس....سيكون حارسها الأول ...
تسطح على الفراش وهو يغمض عينيه بينما يتخيل وجهها....يا ترى كيف ستبدو.....يجب أن يعترف انه لم يرى الا عينيها فقط ولكن رغم ذلك اضحى يفكر بها دوما ....ربما هي جميلة فاتنة او متوسطة الجمال...حسناً لا يهتم ...المهم أنه يريدها في حياته بأي طريقة....
.............
في احد المقاهي الراقية...
-عايزني اتجوز على مزاجه يا نوال ..طول عمره كده عايزني أعمل اللي على مزاجه وبس ...
قالها سيف بغضب ثم اكمل :
-لا اهتم بمشاعري ولا بمشاعر مياس ...أنا هتجنن يا نوال ليه بيعمل كده...
نظرت إليه بحزن ليقول :
-انا بحبك انتِ يا نوال وهتجوزك ...مهما قال ومهما حاول يضغط عليا انتِ هتكوني اختياري الوحيد ...أنا هحارب عشانك ....
كانت تنظر إليه والذنب يثقل ضميرها ...تنهدت وقالت:
-سيف متحاربش باباك عشان أي حد ولا حتى عشاني ...انت فاهم...صدقني مستاهلش ده كله !!!
وقبل ان يفهم قصدها نهضت مسرعة وهي تغادر المقهي
............
-انتِ مانعاني من ابني !!!
صرخ لطيف بماجدة التي وقفت امامه بكل قوة وهي تقول :
-ابنك تقدر تشوفه هنا وقدام عيوني ...أنا مأمنش انه يروح معاك في مكان....وده.كان شرطي عشان احفظ سرك فجاي دلوقتي تتكلم ليه ؛!!
توسعت عينيه بغضب وقال:
-ماجد متنسيش ان كريم يبقى ابني....
-انا فاكرة كويس ...بس أنت اللي نسيت يا لطيف...وخلاص كفاية مش عايزة اقلب في الماضي ....تشوف ابنك هنا قدام عيني ....
-ما انت في معظم الاوقات مش موجودة لا انتِ ولا ابنك ...
-عشان بشتغل....
-وبتحضري دبلومة كمان ...
رفعت رأسها بقوة وقالت:
-ايوة بحضر دبلومة عشان اقدر اشتغل في مكان كويس وأمن مستقبل ابني ....
اغمض لطيف عينيه وقال:
-طيب وليه العند يا بنت الناس ...ارجعيلي وانا معايا خير كتير مش هتحتاجي تتبهدلي بالشكل ده ...
-مستحيل ارجعلك لو هموت من الجوع أنا وابني...انسى الموضوع ده يا لطيف ..ولو سمحت امشي دلوقتي يالا الوقت اتأخر ...
ثم دون انتظار اغلقت الباب بوجهه!!
........
في اليوم التالي ....
انتظرها في بهو المدرسة وهو يرسم ابتسامة رائعة على شفتيه ....اليوم سوف يأخذ خطوة رسمية ...لن يتراجع ابدا ....خفق قلبه داخل صدره بعنف وهو يراها تتقدم ما ان رأته حتى ارتبطت واطرقت رأسها في الارض وكادت ان تتجاوزه لتذهب الا انه اوقفها وقال:
-انسة رحيق أستني لو سمحتي ....
تكلمت بإنفعال وقالت:
-استاذ مؤيد مينفعش كده...مش كل شوية توقفني ...شكلي هيبقى وحش قدام زمايلي والطلبة...أنا بحاول بقدر الامكان اني مضايقش حضرتك فلو سمحت متضايقنيش ....
ابتسم بسماحة وقال:
-حقك عليا ...أنا بس عايز رقم والدك...عايز اتقدملك ...
توسعت عينيها بصدمة وقالت بإنفعال:
-هو حضرتك مفهمتش اللي قولته ولا ايه ؟!يا فندم أنا أكبر منك بخمس سنين ...ولسه مصر .....
ابتسم وهز رأسه وقال:
-ده مغيرش رأيي خالص ما زلت حابب اخد رقم والدك عشان اتقدملك ...لو سمحتي .....
تجمدت مكانها...ارادت ان تهرب ولكنه بدا.جدي للغاية ....خافت حقا أن تفعل ما يطلبه وعندما يراها يبتعد ويهرب كما فعل آخر رجل تقدم لها ...تخاف ان تُكسر مجددا ...
ابتلعت ريقها وهي تقول :
-اسفة حضرتك ...أنا اصلا مش موافقة ...حضرتك اصغر مني سناً مش شايفة ان فيه توافق ...
ثم حاولت أن تذهب الا انه وقف في طريقها وقال :
-انسة رحيق ...ليه متدنيش فرصة واحدة بس ...خلينا نقعد ووقتها اعرفيني كويس وبعدين ارفضيني براحتك....لكن مترفضنيش كده من غير أي فرصة ..حرام ...أنا بجد عايز اتقدملك في الحلال ونيتي خير ...صحيح ممكن اكون اصغر منك بس ممكن تلاقي تفكيري انضج...واقعدي معايا وليكي الحق ترفضيني لو لقيتي العكس...بس لو سمحتي اديني فرصة واحدة بس ....فرصة بس لو سمحتي !!
نظرت إليه وقلبها يعتصر من الألم. .الخوف كان يسيطر عليها ...خوف الرفض ...وخوف ان تضيع تلك الفرصة منها ....هي مشتتة ...لا تعرف ماذا تفعل ....ولكنها قررت ان تخاطر....اسوأ ما سيحدث انه سيرفضها عندما يراها وهي اعتادت على الرفض ...اصبح انكسار قلبها هو شئ اعتيادي تواجهه كل يوم ....
-والدي متوفي ...هديك رقم اخويا ...
قالتها بخفوت ثم ذهبت من أمامه ليبتسم بكل سعادة ....
..........
-طيب جاية اهو!!
قالتها بتول بسرعة وهي تتجه نحو باب المنزل ...فتحت الباب سريعا لتتجمد وهي تجد.شقيقتها أمامها ...
-سيلا!!!انتِ رجعتي!!!
.......
امسكت الهاتف وهي تنظر إليه بشرود ....هو حتى لم يحضر جنازة خالته...هل يعقل ان تتصل به ليساعدها....علاقة مياس بإبن خالتها معاذ انقطعت منذ زمن ...لانها رفضت الزواج منه...لذلك ابتعد عنها وسافر وتزوج أيضا ....ولكن رغم هذا لم يتصل بها مرة ...لم يحاول مساعدتها....هل مناسب ان تطلب مساعدته الآن ...كانت حائرة حقاً....اغمضت عينيها وهي تتصل به بالفعل ....انتظرت بصبر الى ان فتح الاتصال وقال بصوت مصدوم:
-مياس!!!!
-معاذ أنا محتاجاك ..لو سمحت تعالى خدني من هنا ...لو سمحت !!!
يتبع
الفصل التاسع (رفض )
أغمض عينيه وصوتها ينسل داخل روحه ....لقد ظن أنه خسرها للابد ...ابتلع ريقه وهو يتنهد بقوة ....وهو يقول :
-مياس...مياس ...
علي الجانب الآخر انفجرت الدموع من عينيها وهي تقول :
-معاذ ...ابوس ايديك تعالى خدني من هنا ....تعالى يا معاذ ...عمي عايز يجوزني ابنه غصب عني ...عايز يفرض رأيه عليا ....
ازدادت دقات قلبه وشعر بدمه يغلي....كيف يجرؤ على التفكير اصلا بهذا ....
-وانتِ اللي وداكي عنده اصلا يا مياس؟!
-لان محدش كان معايا ..لانك المفروض اللي كنت اخويا بعدت عني ...حتى جنازة خالتك محضرتهاش...مكانش عندي اي حد غير عمي ...
أغمض عينيه بيأس وقال:
-عشان أنا حبيتك !!!
-ارتجف صوتها وهي تقول :
-لو سمحت متكررش الكلمة دي تاني ...ميصحش كده ...انت متجوز !!!
-متجوز صحيح بس مبحبهاش ...أنا بحبك أنتِ وبكلمة منك بس هطلقها ونتجوز
أغمضت مياس عينيها بيأس ...لقد اخطأت بالإتصال به....اخطأت عندما فكرت أنه سوف يساعدها
تنهدت بيأس وقالت:
-انا غلطت ...مكانش لازم اتصل بيك يا معاذ ....افتكرت انك هتساعدني لاني من دمك وهتنجدني ...بس انت عايز حاجة معينة وانا بعتذر ...مقدرش اكسر قلب واحدة ملهاش ذنب وقولتها وهقولها تاني ...أنا مش شايفاك الا اخويا ...متقلقش أنا هقدر اساعد نفسي ....وبعتذر لو ازعجتك ...أنا عن نفسي مش هزعجك تاني ....سلام !!!!
ولكنها قبل أن تغلق معه صرخ بها:
-متقلقيش السكة !!
توقفت لبرهة على أمل أن ينسى كل هذا الهراء ويساعدها ....تنهد معاذ وحك رأسه بتوتر وقال:
-طيب قوليلي اساعدك ازاي ...اعمل ايه ؟!
-عايزاك تيجي تاخدني من بيت عمي ... عايزاك تكون جمبي الفترة دي لحد ما اقدر اعتمد على نفسي واقف على. رجلي وبعدين انا بخليك من مسؤوليتي للأبد ....هتساعدني يا معاذ....
هز رأسه بدون تردد وقال:
-اكيد هساعدك ...أنا هحجز واجي اسكندرية فورا واخدك من هناك ....ومحدش هيقدر يمنعني !!!
.........
أغلق الخط بإبتسامة ....كان يطير من السعادة حقاً ...لقد فقد الامل أن تلجأ إليه ولكن ها هي فريسته تقترب منه...سوف ينالها...سوف يتزوجها ...لن تفلت من يديه مجددا...تلك هي حبيبته ...ملكه هو فقط ....
اخذ يدور حول نفسه وهو يغني بسعادة ...توقف فجأة وهو يرى زوجته تنظر إليه بتوتر كعادتها...ابتسم وهو يقترب منها انكمشت على نفسها وهو يقترب منها ....ابتسم بلطف وقال:
-متقلقيش مش هضربك النهاردة خالص ....أنا النهاردة سعيد .....سعيد اووي يا مياس....
ثم جذبها نحوه وهو يرقص معاها بسعادة وقال:
-مياس الحقيقية قربت تدخل حياتي ...مش هيبقى ليه لازمة تمثلي انك هي ...مش هجبرك تلبسي عدسات تاني ...ولا كمان هيكون فيه باروكة ...هي هتكون هنا ....مش هتحتاجي تمثلي انك هي مرة تانية .....
تنفست عهد براحة وقالت بلهفة :
-يعني ..يعني هتطلقني خلاص ...
نظر إليها بلوم مصطنع وقال:
-لا طبعا يا بيبي أنا مش هسيبك ...هتبقي معانا في البيت بعد ما نتجوز ...على الأقل عشان تخدمينا......
اكتسى وجهها بالإحباط ...كانت تتمنى حقا أن يتركها وشأنها ....قبلها معاذ على وجنتها وقال:
-يالا يا بيبي بقا أنا هجهز نفسي عشان اسافر ...متحاوليش تلعبي من ورايا وتسيبي البيت وتروحي لوالدتك ...أنتِ عارفة انا ممكن اعمل ايه ...
ارتجفت والدموع تتساقط من عينيها وقالت بنبرة مرتجفة:
-حاضر ...حاضر ...
-شاطرة يا بيبي ...
قالها ضاحكاً ثم خرج من المنزل لتهرع هي إلى غرفتها وتتنفس بعنف وهي تضع كفها على قلبها ...هذا المجنون المختل. ...لن يتركها وشأنها...ليتها لم تتزوجه ..لو تعرف أنه بهذا الاختلال العقلي لم تكن لتتزوجه ...نظرت إلى غرفة النوم الخاصة بهما وهي ترى صور عديدة لمياس ...تلك المرأة التي يعشقها زوجها بهوس لدرجة أنه جعلها نسخة عنها رغماً عنها ...أجبرها على ارتداء العدسات الطبية طوال الوقت لتصبح عينيها زرقاء ...جعلها تصبغ شعرها ولكنه عندما لم ترضيه النتيجة أجبرها على ارتداء الشعر المستعار ... أجبرها على اتباع حمية قاسية ليكون جسدها مثل جسد مياس...لم يدعوها ابدا بإسمها الاصلي ...دوما يخبرها أنها مياس ..أجبرها أن تتصرف كمياس....كم تتمنى أن تتحرر منه ...أنها تشفق على مياس لأنها سوف تكون في حياة تلك المختل !!!!
........
-عايز اعرف ايه اللي مبعوت على الميل ده يا نوال ؟!
قالها صالح وهو يجلس على كرسيه براحة بينما يتفحصها جيدا ....
حافظت هي على ملامحها ثابتة وقالت بهدوء شديد :
-زي ما حضرتك شوفت يا فندم ...أنا بقدم استقالة .....
-ليه؟!
قالها متسائلاً لتنظر إليه بحرقة وتقول :
-ليا أسبابي الخاصة ....
لمعت عينيه البنية وهو ينظر إليها ثم نهض واقترب منها ...ترجعت بتوتر وهي تقول بإرتجاف:
-ممكن حضرتك تقف ؟!...انت ليه بتقرب مني ؟!
-أنتِ خايفة من ايه ؟!مني ...ولا من مشاعرك ناحيتي ...خصوصاً بعد ما ارتبطت بهبة. ..
احمر وجهها من الغضب وقالت :
-وأنا مالي ترتبط ولا تتجوز .... وبعدين أنا مفيش مشاعر جوايا ناحيتك خالص ...أنا هتخطب لسيف .....
-بتحبيه؟!
-دي حاجة متخصكش ..
قالتها بإندفاع فرد مبتسماً وهو يحاصرها أكثر :
-خايفة من ايه يا نوال ...خايفة تعترفي انك بتحبيني...خايفة تقولي انك عمرك ما حبيتي سيف ...خايفة تقولي الحقيقة دي صحيح ...
-لا مش صح ...أنا بحب سيف ...
-أنتِ كدابة ...أنتِ بتحبيني أنا ...باين من نظراتك وغيرتك وهروبك مني ...قوليلي ازاي هتتجوزيه وفي قلبك واحد تاني ...هترتاحي ازاي وأنتِ بتبصي في عيونه بس عينيكي مش شايفة غيري انا ...فاكراه لما يكتشف هيكون مبسوط يا نوال...صحيح لو سيبتيه دلوقتي هيزعل بس كمان لما في يوم من الايام يكتشف أنه مش الراجل اللي كان في قلبك وعقلك هينتهي خالص ويتدمر ...أنتِ عايزة كده ......
انفجرت الدموع من عينيها وهي تنظر إليه بعجز ...كان الذنب يقتلها من الداخل...انها تموت حقاً...كيف سمحت لمشاعرها بأن تنجرف...كيف سمحت لنفسها أن تحب صالح .... رباه ماذا عن سيف الذي يحارب العالم لأجلها اطرقت رأسها للاسف وارتفع نشيجها ...تنهد صالح واقترب منها وهو يحاصر وجهها ويجعلها تنظر إليه وقال:
-اسمعيني كويس اووي ...أنا بحبك ...مش عارف امتى بس حبيتك ...وأنتِ مهما حاولتي تنكري فأنتِ كمان بتحبيني أوووي كمان....وعلى فكرة أنا وهبة لعبنا اللعبة دي عشان اشوف غيرتك عليا ...وشوفتها ...أنا دلوقتي مرتاح مش هاممني اي حاجة ...أنا عايز اتقدملك ....
شهقت دموعها تنسكب أكثر ليقترب منها وهو يطبع قبلة قوية على جبهتها ويقول :
-انفصلي عنه ...أنتِ مبتحبهوش !!!
تدمرت اللحظات السحرية فجأة وهي تبتعد عنه وتهرب خارجاً تاركاً إياها تنظر إلى أثرها بحزن ....ذهب وجلس على مقعده وهو يفكر بها ...لماذا تعقد الأمور ...هي تحبه هو متأكد من هذا ...لماذا تصر على أبعاده عن حياتها ....
اغمض عينيه وهو يضع رأسه على مسند المقعد ....سوف تعود له ....هو لن يتركها لغيره !!
..........
في الحمام ....
كانت تقف نوال أمام المرآة...تتحسس رأسها بينما تبكي بعنف....أنها تخطئ...تنزلق في طريق مظلم ...طريق سوف يدمرها ويدمر سيف .. لا يمكنها أن تفعل هذا بسيف. . لا يمكنها أن تخونه خاصة هو يفعل ما بجهده لكي يتزوجها .... رباه كم هي حقيرة...شعرت بأنها رخيصة ...أخذت تبكي أكثر وقلبها يؤلمها ....قلبها ...أنها تكره قلبها ....هذا القلب الذي عشق شخص غير سيف ..لماذا لم يحب سيف ....لماذا أحبت صالح ....لا يمكنها أن تؤسس حياة معاه وتبني سعادة على حساب مشاعر سيف ...لا يمكنها فعل هذا ....رباه ماذا تفعل ... أخفت وجهها بين يديها وهي تبكي بعنف أكثر ...سيف لا يستحق منها هذا ابداً...الرجل الذي منحها كل شئ لا يستحق الخيانة ...هي خائنة ....خائنة لا مجال للإنكار
........
-ابعد يا عادل عني ؟!
قالتها نوران وهي تكتم دموعها بينما تتذكر ما حدث بينهما ...منذ ما حدث هي لا تفعل شئ سوى البكاء ...تبكي وتبكي وهي تشعر بالقهر ...تشعر أنه تم انتهاكها من قبله ...ابتلعت شهقاتها وهي تضم كتبها إلى صدرها كأنها تتاخذها حماية لها...ولكنه وقف أمامها وقال:
-مش هبعد يا نوران غير ما تسامحيني ...والله أنا مش عارف عملت كده ازاي ...أنا غلطان ...أنا آسف يا حبيبتي والله ...مش هعمل كده تاني ....
ولكنها لم تنظر إليه حتى واكملت سيرها ....وقف أمامها مرة أخرى وقال:
-والله لو ما وقفتي لأكون مصرخ في نص الكلية واقول اني بحبك ....
وقفت فجأة وهي تنظر إليه ...الدموع تتساقط من عينيها فقال برقة :
-دموعك اغلى مني متعيطيش ...أنا آسف ...اسف والله مكنتش في وعي...اوعدك اني مش هعمل حاجة تاني زي كده سامحيني !!!!
تنهدت وهي تنظر إليه وقالت بصوت مختنق :
-اوعي تعمل كده تاني يا عادل ...اوعى تأذيني بالطريقة دي ....
-عمر ما هعمل كده تاني يا روحي ...عمري !!!
.........
في قاعة المحاضرات....
كانت ماجدة تجلس وهي تفرك كفيها بتوتر ...لقد تركت ابنها مع جارتها ....وهي مرعوبة الان...هي تأخذه حتى للعمل وصاحب العمل رجل طيب لا يتذمر...ولكن الدكتور الجامعي الجديد صارم للغاية لا يقدر حالتها ...نظرت إليه وحاولت التركيز بينما هو يشرح ولكنها لم تفهم شئ ...فجأة توقفت عيني يوسف العسلية عليها وقال ؛
-أنتِ قومي أنا كنت بقول ايه ؟!
ارتجفت ماجدة وهي تنظر خلفها ليكمل هو :
-انا بكلمك أنتِ يا ام طرحة سودا ...أنا كنت بقول ايه ؟!
نهضت ماجدة بتوتر وأخذت تفرك كفيها ليعيد يوسف كلامه بصبر ويقول:
-كنت بقول ايه ؟!
اطرقت برأسها وقالت بخفوت ؛
-اسفة يا دكتور ...أنا ...
ولكنه قاطعها بقوة وقال:
-يا جماعة هو مين اجبركم تعملوا الدبلومة ؟!يعني ليه جايين مادام هتسرحوا أو مش هتستفادوا.....اللي يكون في المحاضرة بتاعتي ياريت يكون مركز لو سمحتوا!
ثم نظر إلى ماجدة وقال بصرامة:
-تقدري تقعدي وركزي!!
هزت رأسها بينما الدموع تلسع عينيها ..ولكنها أمسكت نفسها بالقوة وجلست
.......
-ايه ده ؟!
قالتها تولين بصدمة بينما عمر يعطيها عبوة دواء ....
هز كتفه وقال ببساطة:
-ما هو واضح قدامك اهو ...دي حبوب منع الحمل ...
لسعت الدموع عينيها وقالت:
-ما أنا عارفة أنها حبوب منع الحمل بتدهاني أنا ليه ؟!مش عايز تخلف مني يا عمر ...للدرجادي ....
زفر هو بضيق وقال؛
-خديها من غير اي كلام...أنا مش عايز نقاش يا تولين ...لو عايزة نكمل حياتنا مع بعض خدي الحبوب دي بإنتظام !!
.........
-سيلا أنتِ بتعملي ايه هنا ؟!رجعتي ليه من فرنسا ....
قالتها بتول بقلق وهي ترى نظرات شقيقتها لا تبشر بالخير...هزت سيلا كتفيها وقالت بتصميم ؛
-جاية ارجع اللي كان حقي...جورج حبيبي ...
-ايه اللي بتقوليه ده جورج اتجوز !!
قبضت على كفيها وقالت والغضب يشتعل بعينيها:
-يعني ده هيمنعني .....جورج حتى لو متجوز ملكي أنا وبس ...
تنهدت ونظرت إلى شقيقتها وقالت:
-غلطت لما سيبته بس خلاص انا رجعت وجورج هيبقى ملكي وبس ....بس طبعا مش هظهر في حياته دلوقتي خالص !!
...........
في اليوم التالي .....
كان يقف أمام قصر الحسيني وهو ينظر إليه بحقد ....هذا الرجل لا يكفي أنه لديه الأموال ..هو يريد سرقة مياس منه أيضاً....كان على وشك الحصول على مياس ولكنه تدخل هو ...ولكن اليوم هو مصمم أن يأخذها ....سوف يتزوجها ....اقترب من حارس القصر وقال بقوة :
-قول لجلال الحسيني ان معاذ جابر هنا !!!
..........
كان جلال يعمل بمكتبه بالمنزل ...بينما الأفكار تعصف به ...لقد تمنى أن يتم زفاف مياس وابنه ....كان يريد أن يضمن الحماية الكاملة لها قبل أن يموت ....ضميره يؤلمه بشأنها. ..يكفي ما عانته ....هو يضع اللوم على. نفسه في كل ما حدث لها....لو كان معها ...لو كان يحميها لما حدث هذا ...ولكنه ترك الخلاف بينه وبين شقيقه يؤثر عليه ...فترك من من دمه ولم يساعدها ...ولكن الآن هو سيفعل المستحيل ليساعدها....حتى لو لم تتزوج سيف سوف يضمن لها أن تكون آمنة ...طرقة على الباب أخرجته من شروده فورا ...
-اتفضل ...
قالها بصوته المميز ليلج أحد العاملين بالمنزل ...
-نعم يا عم بكر فيه حاجة ؟!
-يا بيه في واحد برا بيقول أنه اسمه معاذ جابر وبيقول أنه عايزك ....
لمعت عينيه وضم كفه بقوة ...هذا الرجل ...ماذا يفعل هنا؟!ماذا يريد؟!هل يمكن أن يكون هنا من أجل مياس ولكن لا هو لن يسمح له بأن يأخذها ابداً...
.-خليه يدخل يا عم بكر ...وضايفه كويس عقبال ما اجي...
هز بكر رأسه بطاعة وخرج من فوره بينما أسند جلال رأسه على ظهر المقعد وهو يفكر ...هل يمكن أن تكون مياس هي من لجأت عليه ...هل هذا يعقل ...ولكن رغم هذا هو لن يسمح له ابدا بأن يأخذ مياس ...هو لا يرتاح لهذا الشاب ....
..........
كان معاذ جالساً على الأريكة المريحة وهو يضع ساق على ساق وينظر لكل ما حوله بحقد لا يخفيه ... لطالما كره عائلة الحسيني بأكملها ....حتى والد مياس ...كانوا دوما يمتلكون المال ....خالتها عاشت حياة مرفهة بسبب هذا....مياس من صغرها كان تنظر إليه كشخص أقل منها ...لم تشير إلى هذا ابدا ولكنها كانت دوما تعطيه العابها القديمة ....وخالته كانت دوما تبتاع له الملابس التي لا يستطيع أهله أن يبتاعوها له ...كره تلك العائلة بشدة ولكنه رغم هذا صمم أن تكون مياس له....احبها بشدة رغم كرهه لوالدها ووالدتها التي هي خالتها ...مياس كانت الجزء الجميل بحياته ...وقد صمم على الحصول عليها ولكنها رفضته ....كسرت قلبه...ولكن الآن الوضع تغير لقد اختفى جمال مياس ...وهي الآن من تحتاجه...هو الآن الطرف القوي....
-اهلا بيك يا معاذ ....
قالها جلال وهو يتقدم لصالة القصر لينهض معاذ ويصافح جلال ببرود ويقول :
-اهلا بيك ..
-خير ايه اللي جابك هنا ؟!
-جاي اخد مياس ....
ضحك جلال بسخرية وقال:
-تاخدها فين يا حبيبي ...وبصفتك ايه ؟؛
-بصفتي ابن خالتها
-طيب انا عمها وبقولك مش هتخرج من هنا....
-مياس واحدة كبيرة وهي اللي تقرر يا جلال ..مش انت خالص ....
كاد جلال أن يتكلم ولكن ظهرت فجأة مياس خلفه وهي ترتدي نقابها ...
-كويس انك جيتي يا مياس ....معاذ بيقول انك لجأتي ليه صح ؟!
لم تتكلم مياس ليكمل جلال :
-السكوت علامة الموافقة يا مياس ...
استجمعت مياس شجاعتها وقد لمعت عينيها وهي تقول :
-ايوة انا لجأت ليه !!
كان معاذ مأخوذا بلمعان عينيها وصوتها الذي به نغمة خاصة ...لطالما كانت مميزة ....
-طيب حابب اعرف لو روحتي معاه هتقعدي فين؟! معاه هو ومراته مثلا؟!ولا هتقعدي معاه على اي اساس ....
هنا تدخل معاذ وقال بقوة ؛
-هتقعد معايا على أساس أنها مراتي أنا هتجوز مياس ...
انقبض قلب مياس وهي تنظر إليه وقالت:
-ايه اللي انت بتقوله ده ؟!
-دي الطريقة الوحيدة يا مياس صدقيني مفيش غيرها ...
هزت راسها بقوة وقالت ؛
-احنا متفقناش على كده ...أنا مش عايزة اتجوزك...
نظر إليها بكره ...كان يريد أن يضربها حقا في تلك اللحظة ...نظراته اللطيفة تغيرت وأصبحت على النقيض تماما لدرجة أنها ارتجفت وشعرت بالخوف منها...ازدردت ريقها وهي تفرك كفيها بتوتر ...
ابتسم جلال الحسيني وقال:
-اهو سمعت !! يالا ورينا جمال خطوتك ....
-مستحيل هي هتيجي معايا ...
قالها وهو يحاول أن يقترب من مياس ولكن بسرعة وجد سيف أمامه...ينظر إليه ببرود .....لم يعرف معاذ متى ظهر اساسا وكأنه ظهر من العدم ...أبعده سيف قليلا وقال ؛
-مياس مش هتخرج من هنا ....بابا كان لطيف معاك وهو بيفهمك....بس يظهر أن مستوى ذكاءك متدني وانا بعرف اتعامل مع نوعك ده ....فقبل ما اخلى الأمن يرميك برا ...اطلع بكرامتك !!
..........
بعد أسبوع ...
ولجت للصالة وهي تمسك صينية القهوة...بينما ترتجف من الداخل ...تعلم أن الأمر لن يمر على خير ...ما أن يرى وجهها سوف يذهب ولن يعود مرة أخرى ولكنها قررت أن تتوكل على الله ...وضعت الصينية على الطاولة الزجاجية المستديرة ثم جلست وهي تفرك كفيها بتوتر ...
أعطتها منى ابتسامة مصطنعة وهي تقول :
-ايه يا عروسة مش هتورينا وشك ولا ايه ؟!...
هزت رحيق رأسها وهي ترفع النقاب بهدوء ......ظهر على وجه منى الصدمة وهي تنظر إلى ابنها ولكن صُدمت أكثر وهي تراه ينظر إليها وعلى وجهه ابتسامة سعيدة ...لا.يصدق أنها جميلة ....بل رائعة للغاية .....
........
انتهت الرؤية الشرعية وتبادلا بعض الاسئلة سريعاً.....
تنهدت رحيق وهي تخلع فستانها الرمادي بينما اقترب منها شقيقها وقال:
-شفت في عيونه القبول ...
ابتسمت بسخرية وقالت:
-بس عيون مامته لا يا أمجد ومستحيل هو يعارض أهله ....
-هتتجوزيه هو مش أهله ...
هزت رأسها وقالت:
-للاسف في مصر احنا بنتجوز الأهل كمان مع الشاب....عموما مش زعلانة لو رفضني مش هتكون اول مرة يعني....
........
-أنت مجنون مش شايف شكلها ؟!
قالتها منى بعصبية لابنها الغبي هذا بعد أن عادا إلى المنزل ليرد بعبوس:
-ماله شكلها يا ماما ...ما هي زي القمر اهي
-أنت مجنون يا بني ولا ايه ...ولا اعمى ...انت شايف دي حلوة ...
احمر وجهه بغضب وقال:
-ايوة شايفها حلوة وعايزها يا ماما ....وهخطبها !!!
هزت والدته رأسه وقالت:
-طيب ما دام كده خلاص يا مؤيد يا انا يا بنت دي ...لو خطبتها اعتبر أن امك ماتت ...ايه رايك ؟!!وده قراري النهائي.....
.........
كانت رحيق تجلس على الأريكة وتقرأ القرآن عندما رن هاتف أمجد ...أمسك امجد الهاتف وهو يقول :
-ده مؤيد ....
رد عليه وهو مبتسم بسعادة ...ولكن سرعان ما تلاشت الابتسامة من شفتيه ...نظرت إليه رحيق وقد فهمت ولكنها لم تعلق بل عادت تقرأ القرآن والدموع تلسع عينيها ...تهدد بالإنهمار.....
اشعرت بشخص ما يمسك كتفها بقوة ...نظرت لتجد دلال تنظر إليها بشفقة ...ابتسمت لها رحيق دامعة واكملت قراءة القرآن وقد هزمتها دموعها وأصبحت تنهمر من عينيها ....كان أمجد ينظر اليها بشفقة ...قلبه يعتصر ألما على شقيقته بينما يتذكر كلام مؤيد وهو يقول :
-كل شئ قسمة ونصيب ....
لا يفهم ماذا حدث ...حقا لا يفهم....لقد رأى الإعجاب بعينيه ...لماذا تراجع ...هل يمكن أن يكون السبب هي والدته ....لقد رأى نظرات عدم الرضا بعيني والدته...ربما هي التي اعترضت عليها وربما هذا خير لها ....ربما سوف يكون مصيرها مع شخص افضل منه بكثير ....
اقترب امجد من شقيقته وجثا على ركبتيه بجوارها....صدقت هي وأغلقت المصحف الخاص بها .. أمسك أمجد كف شقيقته وقال بهدوء.:
-مش نصيبك يا حبيبتي ....عارفة ليه عشان نصيبك مع حد احسن منه بكتير ...
هزت رأسها والدموع تنهمر من عينيها :
-المشكلة فيا أنا يا امجد ...بس الحمدلله على كل حال ...
هز رأسه وقال:
-لا خالص المشكلة مش فيكي ولا حاجة ...أنتِ ربنا شايلك الاحسن .....
مسحت دموعها وقالت :
-مش مهم انا دلوقتي ...المهم انت كمان امتى هتروح تتقدم للبنت اللي قولت عليها ....انت قولت مش هتقدم الا لما موضوعي يخلص واهو موضوعي خلص الحمدلله اتقدم بقا وخلي الفرحة تدخل البيت
-متفكريش في ده دلوقتي ...
-أنت وعدتني يا أمجد ....ابوس ايديك متزعلنيش اكتر
تنهد وقال:
-حاضر يا حبيبتي هعمل اللي أنتِ عايزاه
......
اقترب عاصي من ابنته الصغيرة وهي نائمة ...كانت تبدو كالملاك ....جلس بجوارها وهو يمسك كفها ويقبله برقة ...ابنته الصغيرة ...التي حُرمت من والدتها منذ صغرها ....لقد حاول أن يربيها ولا يجعلها تحتاج لأم ولكن للأسف فشل ...هو يرى نظراتها الحزينة في كل مرة ترى امهات صديقاتها معهن....ابنته تشعر بالحرمان ...لقد حاول أن يعوضها عن كل شئ ولكنه فشل عن تعويضها عن أم ....ولكنه سيفعل المستحيل كي لا يحرم ابنته من شئ تريده ....سيتزوج مرة أخرى من امرأة تتقى الله بها ....سوف يبحث ويبحث حتى يجد المرأة المناسبة ..
..........
بعد اسبوع آخر ...
كانت تدفن رأسها في الوسادة وهي تبكي بعنف ...تشعر أن قلبها يتمزق من فرط الألم ...رباه ...سوف يكون لغيرها ...لقد تقدم للفتاة وتمت الموافقة واليوم سوف تكون خطبته عليها ....خطبة بسيطة سوف تقام في منزل العروس وقد دعتهم بما أنهما من أقاربه ....كانت تشعر بالمرض وان قلبها يتفتت من الألم ...
-جهزتي يا جيلان ...
قالتها شربات وهي تلج لغرفتها ولكنها شحبت وهي ترى ابنتها بتلك الحالة ....
-يالهوووي مالك يا بنتي ...
هرعت شربات إليها وهي تشدها إلى حضنها ثم تملس على شعرها وتقول :
-بسم الله الرحمن الرحيم يا حبيبتي الف سلامة عليكي ...ايه اللي حصل ؟!
-ما...ماما...أنا بحب امجد ...بحبه اووي ...أنا مش هقدر احضر خطوبته....
-بتقولي ايه يا بت ؟!
قالتها شربات وهي تبتعد عنها ثم أمسكتها من كتفيها وهي تقول:
-وده حصل امتي ؟!
-من زمان ....من زمان بس محدش كان حاسس بيا ...اتغيرت عشانه...بس هو مشافنيش ...أنا بموت يا ماما ...ابوس ايديكي متخلنيش احضر الخطوبة دي ....والا هعيط وافضح الدنيا عشان خاطري !!!!
تنهدت شربات بحزن على ابنتها ثم سحبتها إليها وضمتها برفق
..........
بعد شهر .....
-مش مصدقة انك هتجبرني احضر عيد ميلاد بنت خالتك ....أنا مبحبهاش البنت دي ؟؛
قالتها سما بضيق وهي تلف حجابها بشكل مميز ....كان يقف خلفها وعينيه تمر عليه بإنبهار وقال بمكر:
-لتكوني بتغيري منها ؟!
عبست وهي تنظر إليه وقالت:
-واغير منها ليه؟!
-عشان كانت بتحبني مثلا...
ضحكت بفكاهة وقالت:
-أنت عارف ان الموضوع ده اخر همي يا حبيبي ...لو تحب كمان اطلب ايديها ليك عشان تتجوزها ...والله ما اتاخر عليك ....
إدراها وجعلها تنظر إليه وقال؛
-موافق...
توترت وهي تنظر إليه وقالت:
-موافق على ايه ؟!
+موافق انك تطلبي ايديها اتجوزها ...أنا عايز اعف نفسي. ...وانا وانتِ جوازنا مش هياخد الطريق
ده فهسيب ليكي الطلعة دي انا عايز اتجوز ....
-أنت ...انت ...عايز تتجوز ؟!!
ابتسم بمكر وهو ينظر إلى وجهها الشاحب وقال:
-مال وشك صفر ليه ...مش كل شوية بتقولي هتجوزيني بنفسك واني اختار العروسة ...شكلك متردد ليه .....
كان يقصد أن يجعلها تغضب تعرف هذا وكان يجب أن تقاوم غضبها ....ولكنها لم تستطع مقاومة الغضب الذي لون وجهها الأبيض باللون الأحمر ....حافظت على هدوءها بشق الأنفس في الوقت الذي تمنت بشده ان تشوه وجهه الجميل ...
.رفعت رأسها وقالت بإبتسامة مغيظة :
-وماله يا بيبي ...خد ميعاد وانا هطلب ايديها وازغرط كمان في فرحك ...
رفع حاجبيه وقال؛
-انتِ قد الكلام ده ؟!
-ايوة قده ...
ابتسم بسخرية وقال :
-طيب ...يالا عشان منتأخرش على العيد ميلاد ...انا سيبت عمر مع والدتك وقولت أننا مش هنتاخر اكتر من ساعتين ....
هزت رأسها وهي تتبعه ....
.....
في عيد الميلاد ....
كانت سهيلة تقف وسط اصدقائها وهي تضحك بقوة ...ترتدي فستان أزرق فاتح بأكمام طويلة وقد تركت شعرها الطويل ينسدل مغطياً ظهرها....
-سهيلة أمير جه ...
قالتها إحدى صديقاتها بإبتسامة فنظرت من فورها إليه ثم ركضت بلهفة وعينيها تلمع وكادت أن تعانقه ولكن سما وقفت في طريقها وعانقتها وهي تقول :
-كل سنة وأنتِ طيبة يا سوسو ....
ثم همست في أذنها وقالت:
-اقسم بالله لو فكرتي وحضنتيه لانتف شعرك شعراية شعراية فاهمة ولا لا!!!!
ثم ابتعدت عنها وهي تمسك الهدية من يد امير ثم اتعطيها لها وتقول :
-عقبال هدية جوازك.يا حبيبتي ....
ثم أمسكت ذراع امير بتملك ....
ابتسم امير وهو ينظر إليها ...لا يعرف لماذا ولكن غيرتها اسعدته...لقد ظن أنها باردة لا تهتم ...ولكن حقا صدمته وهي تعلن تملكها له دون أي خجل
....
خرجت من عيادة الطبيبة وهي تمسك التحاليل الخاصة بها وهي تشعر أن العالم يدور حولها....تغمض عينيها والدموع تنساب منهما وهي تتذكر كلام الطبيبة ..
-مبروك يا مدام ماريانا أنتِ حامل !
لا تصدق هذا ...هي حامل منه ....تحمل طفلاً منه ....ماذا تفعل الان ؟!هذا الخبر يجب أن يكون الخبر الأكثر سعادة ولكنها تشعر بالبؤس ...طفلها سيأتي وسيعيش في منزل بلا حب !! يجب أن تخبره ....
.........
منذ أكثر شهر تقريباً قد مر وهي تتجاهله تماما...لا تتحدث معه ....حتى ابتسامتها قد اختفت ....استيقظ ثم تخرج لعملها ...تتجنبه كأنه مرض ...يعترف انه قد جرحها بتصرفاته...هو حقا يكره نفسه لانه عاملها بتلك الطريقة ...ولكنه لا يعرف ماذا يفعل حقاً....لماذا يبعدها عنه بتلك الطريقة ....لماذا يكذب عليها ....لقد أخبرها ان ما حصل بينهم منذ أكثر من شهر كان خطأ ...ولكنه كان يكذب ...نعم لقد كذب عليها ...اغمض عينيه وهو يعترف بالإكراه انه كان واعي لما يفعله....انه اراد بشدة ان يلمسها ....اعترف مرغماً ان كل لحظة عاشها معها في تلك الليلة كانت من اجمل لحظات حياته...لن يكذب هو يرغب بها ...ربما لا يحبها ولكنه يرغب بها بشدة ...ولو حاولت مرة أخرى معه سوف يستسلم ويقبلها كما قبلها ذلك اليوم وسيجعلها ملكه مجدداً ...لكن بعد ما حدث اختارت ان تتجاهله وهو لا يلومها ...ربما هذا افضل ..افضل ليتخلص من تلك الرغبة المزعجة نحوها ....
اغمض عينيه وهو يتذكر يوم استيقظ بجوارها ...
........
فتح عينيه وهو يشعر بثقل على صدره ليرفع رأسه ويجدها تنام على صدره وتعانقه ....اغمض عينيه للحظات وعطرها ينسل الى روحه ...الذكريات اخذت تندفع الى عقله...هو من جذبها إليه ...ارادها ..اراد امتلاكها لن ينكر هذا ....لا يستطيع أن ينكره ....نظر إليها وهو يتلمس شعرها الأسود الطويل...ابتسم ابتسامة حقيقة وهو يتذكر هوسها بشعرها...هي دوما تصبغه بالألوان ...لا تلتزم بلون معين لعلها تنال اعجابه...ولكنه لا يخبرها أن اللون الأسود يناسبها اكثر من أي شئ ...لم يخبرها يوما ان عينيها جميلة ...بل رائعة....وان ابتسامتها رائعة ...هي امرأة رائعة ...مناسبة جدا ولكن ليست مناسبة له ....فقلبه ليس ملكه...هو ملعون بلعنة العشق ...الفقد ..
تلاشت الابتسامة من شفتيه ونهض وهو يرتدي بنطاله ثم اخرج ملابس له وقرر الذهاب لاخذ حمام ساخن....
......
وقف تحت صنبور المياه وهو يغمض عينيه ....رباه ماذا فعل؟! لقد اعطاها أمل....أمل ان يحبها .....بلمسها الأمس جعلها توقن أنه يمكن ان يحبها ...هو يجب أن يصلح هذا الخطأ...يجب أن يخبرها أن ما حدث بالأمس خطأ...وانه لا يريدها ...لا يمكنه أن يعطيها هذا الأمل ...لا يمكن ...
خرج من شروده وهو يتساءل لماذا هو حزين ...هذا ما أراده وهذا ما فعله...هو فعل الصواب ...يجب ألا يجعلها تأمل انه سيحبها ...هي من سوف تتحطم وهو لا يريد ان يحطمها...لا يريد !!!ولكن تجاهلها يضايقه ...بهوت ملامحها يقلقه...هي مريضة منذ ايام ....تتقيأ دوما...وقد نحفت ....اصبحت حزينة دوماً...يرى بعينيها الانكسار ...هي لا تدعي القوة ...هي مكسورة ...وقد كسرها من أحبت اكثر من الحياة....نعم يعترف بهذا ولن ينكر ...هو شخص حقير....فجأة فُتح الباب ...رفع رأسه بحيرة...لقد.انتهت مواعيد عمله وذهبت المساعدة الخاصة به ولكنه تجمد وهو يراها
-سيلا!!!
ارتجف صوته ونهض بصدمة وهو يراها أمامه...نعم هي امامه هو لا يحلم ....هذا ليس حلم ...سيلا امامه....حب حياته أمامه ...أتت بنفسها الى عيادته ....
انهمرت الدموع من عينيها وهي تقترب منه سريعاً وتعانقه دون تفكير....دون الاهتمام بمكان وجودهما ....دون الاهتمام بكونه متزوج بآخرى !!!
كانت متجمد بين ذراعيها ...الدموع لسعت عينيه الزرقاء...هل يحلم ...بالتأكيد يحلم ...هي ليست هنا ....شعر بأن قلبه سوف يخرج من صدره ...لا يصدق انه يلمسها مرة أخرى ...
-سيلا!!!
خرج اسمها من فمه بصدمة
-انا هنا يا حبيبي ...أنا هنا !!
قالتها. هي تضمه أكثر ثم اكملت:
-انا جيت ومش هسيبك أبداً...أنا وانت ملناش الا بعض !!!
انفتح الباب فجأة وظهرت ماريانا !!!
يتبع
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا