القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية شط بحر الهوى الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم سوما العربي

 رواية شط بحر الهوى الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم سوما العربي 



رواية شط بحر الهوى الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم سوما العربي 


فى أحد الشوارع الجانبية لحى الغوريه العتيق.


كان صوت الكروان يشدو فى سماء الفجر الصافيه 

،صوته ينتشر مرفرفا على الحى كله.


حيث الهدوء يسيطر على المكان وعدد الماره قليل فى هذا الوقت من الصباح.


جلست تلك الفاتنه ذات الاربعه وعشرين عاما على طرف الشرفه العتيقه المطله على الشارع بابطابق الارضى يعزلها عن الشارع اسياخ من الحديد .


كانت تقبض عليهم وهى تنظر للقمر الذى بدأ يتوارى عن الأعين باقتراب النهار.


كأنها تريد لمسه والقضبان الحديديه تمنعها عنها.


اغمضت عيناها تتنهد بشجن...ثم فتحتهم من جديد وبعيها لمعة غريبه .


دق هاتفها يعلن عن الموعد الذي حددته على المنبه ظنا منها أنها قد تحظى بنومه عميقه .


لكن عبثاً لم يحدث..ككل مره تذهب بها لمقابلة عمل جديد.


استقامت من على الشرفه تدلى بقدميها على الأرض ثم وقفت لتذهب الى غرفتها تنظر حولها.


أصبح فراغ البيت يخيفها...يزاد وحشيه يوما بعد يوم.


خمس سنوات وهى وحدها منذ وفاة والدها الحبيب.


لم ولن تبرح ذلك البيت الذى عاشت به معه حيث ذكرياتهم الدافئة... إنها السلوى الوحيده لها .


اغمضت عيناها ثم اتجهت بخطى ثابتة تجاه عباءه صوفيه خلف الباب تحفظها بعناية كأنها قطعه من روحها ،تضمها لصدرها تستنشقها وهى تغمض عيناها ستين ثانيه كامله .


لتفتح بعدها عيناها الحمراء تزفر بوجع وحنين.


تشعر يوميا بالضياع بدونه الحياة كأنها توقفت من بعده.


تقدمت تفتح احد الجارورات الخشبيه فى مكتبه القديم ..تضع يدها على كفها تكتم شهقتها  وهى تتلمس فرشاة الحلاقه الخاصه به وبعض أدوية الضغط والكلى التى استخدمها بآخر أيامه.


امتدت يدها تتحسس مسواك اسنانه المهذب مازال يحمل تأثير يده بأخر مره قلّمه به.


اغرورقت عيناها واختنقت بالدموع ككل يوم وهى تتسحب بيدها على تلك اللفه من الشاش القطنى.


تتذكرها جيداً واحتفظت بها ... أنها تلك اللفه التى لف بها وجه والدها عندما توفى.


انفجرت بالدمع وذكرى تلك الليلة لم تناساها ابدا...مظهر والدها وهو يخرج من سياره اجرى على اكتاف رجال الحى ..وجهه مربوط بشاش ابيض وبأنفه قطن .


إنها الذكرى التى اهتزت لها أرضها وسماها... حينما توقف بها الزمان والمكان.


قست على نفسها كثيرا وهى تحتفظ بكل هذه الأشياء التي ستعذبها كلما نظرت لها .


حتى القطن والمسك المستخدم بالغٌسل احتفظت به ...تخفيه عن اى احد يمنعها أن تفعل،انها الذكرى الاخيره من والدها لها.


تركت كل شيء بمكانه مجددا واغلقت المكتبه عليه .


لتقف وتجر قدميها حيث مرحاض شقتها تأخذ حمام سريع وتخرج.


تتحرك بخطى متوازنه ثابته لشخص يحفظ خطواته الماضيه والقادمة.


تدلف لغرفتها وتقف أمام المرآة ترى إنعكاس صورتها فيها..تعلم أنها ذات حٌسن نادر.. أبدع الخالق فيما صور.


جسدها متوسط الطول ممتلئ بعض الشيء ومتناسق ... بشرتها البيضاء صافيه ،ووجها مستدير بوجنتان حمروان ممتلئة وشفاه منتفخه .. عيونها من العسل الصافى وشعرها العسلى المموج يتطاير خلفها بجموح..


كانت جميله جدا وناعمه...او ....هكذا تبدو......


انتهت من النظر بإمعان الى نفسها وجمالها فى المرأه ككل يوم تتأكد فيه أنها جميله .


تأخذ نفس قوى وترفع انفها عاليا ثم تمسح دموعها بكف يدها.


تبتسم فى المرأه ابتسامه ملتويه غير محددة المعالم ثم تمد يدها بعزم تلتقط فرشاه من الكحل العربى تحدد بها عيناها ببراعه واحترافية لتنتهى بعدما تركت عينان تذبح اى من  سيراها.


فتحت خزانتها المكونه من دلفتين ودرجان صغيران  تخرج فستان اسود بأكمام من نفس القماش يزين المعصم بقماش ابيض وطوق صغير من نفس القماش الابيض حول الرقبه .


انه الزوق العام لها ..تجمع ما بين البساطه والفخامه بمزيج يطحن القلوب.


مستخدمه عيناها ذات اللغز الكبير والسر الغير قابل للإختراق.


قوة رسَمتِها ،سحبة عيناها،اتساعهم ولون العسل الصافى مع الكحل الأسود بها يصنع نتيجة كارثيه ،عينان آسرتان لن يتسطيع اى من كان زحزحة عينيه من عليها.


لم ولن ترتدى يوماً عدسات العين الملونه ..تصر أن تبدو جميله لأنها جميله ..كل ما يعرفها عادة مايخبرها أنها جميله نعم... لكن لعيناها جمال آخر .


لذلك تصر على عدم استخدامها ابدا...هى جميله لأنها جميله وليس اعتمادا على شئ آخر.


انتهت من وضع احمر شفاه بلون الخوخ خفيف اللون والدرجه لا يعطى بهرجة منفره فى المظهر .


بعدها بكل هدوء مدت يدها تضع حجاب طويل وعريض على شعرها تخفيه كله بلفه انيقه مريحه.


فتحت أحد الإدراج تلتقط ساعه بلون الجلد البنى تكمل به زينتها وعقد من لولي بيسط جدا يتدلى على صدر الفستان الاسود الساده .


وبنظره واحده فى المرأه رأت إنعكاس هيئتها الانيقه لترفع هامتها عاليت بثقه ..اليوم مهم جدا بالنسبة لها.


خرجت بخطى ثابتة نحو الشارع تلقى السلام على السيدة الثمينه التى تفترش الارض ولأمامها اقفاص خشبيه موضوع عليها أنواع مختلفه من النباتات الجرجير،الخس،البقدونس ومعها خضار الطماطم والخيار .


فترد الأخرى على تلك الفتاه عصرية الملابس انيقة المظهر لكنها قريبه من اهل الحى جدا لم تترفع عنهم يوما.


فتكمل سيرها  وهى تلقى السلام على هذا وذاك وبعدها تلك.


الحى اصبح زحمه الى حد ما فى هذه الساعة من الصباح خصوصاً مع الذهاب للمدارس.


توقفت قدمها وافترت شفتيها عن ابتسامه رقيقه تتحكم بها دوما وهى تستمع ذلك الصوت الرخيم يردد خلفها مناجيها:غنوة...


اخذت نفس مرتاح لأثر صوته عليها واستدارت له ترى امامها زينة شباب الحى أنه" الشاطر حسن"


او هكذا تناديه أحيانا سيدات الحى وهن يخطبن وده بوضوح ربما خطب إحدى فتايتهن.


ككل يوم وبأعين خبيثه لئيمه تمشط هيئته سريعاً خلسه دون أن يلاحظ هو ذلك .


تراه بجسده الطويل الضخم وعضلات كتفيه بذراعيه تعطيه عرض صعف عرضه.


ملامحه رغم سمارها وسيمه وشعره اسود كثيف كأنه مبتل دوما.


واقف على اعتاب محل البقاله الكبير خاصته (سوبر ماركت) يبتسم لها وعينه على عيناها لا تفارقها وهو يردد: صباح الخير.


حاولت التحدث بهدوء كأنها لا تهتز بمجرد سماعها صوته وقالت: صباح النور ياحسن.


مكر وخبث ولئم.. تعلم أن نطقها لاسمه بصوتها يزلزل كيانه ويكون واضحا بتحرك تفاحة ادم خاصته .


كانت عيناها عليها وكأنها تنتظر نتيجة محتومه تتعرف على استمرار تأثيرها.


بينما هو غارق بالعيون الذبّاحه ... يردد ككل مره يراها  "حبك يا عميقة العينين..تطرف ..تصوف ..عباده.. حبك مثل الموت والولاده..صعب بأن يعاد مرتين"


زمت شفتيها وهى تأخذ نفس عميق مرتاح،شعور لذيذ يدغدغ حواسها وهى تقف تراه ينظر لها كما يفعل كل يوم ..نفس النظره لا تتغير .


تعلم أنه غارق بعيناها الآن فحمحمت بخفوت كى ينتبه عليها  ثم ينظر بانتباه لما بين يديه ويمد يده بها مرددا: الباتيه الى بتحبيه جبته عشانك.


كأنها اعظم هداياها ..يكفى انه ينتظرها به كل صباح.


مدت يدها كى تلقتطه منه وهو يمنى يده بانحراف أحد أصابعها ربما يلامس اى إصبع من يده الممدوده.


لكنه لم يفعل والتزم الأدب يعطيها لها يراها تتطلع لذلك الشئ الاقل من بسيط بشكر وامتنان كبير .


لينتقل مجبرا من النظر بعينها وينظر لابتسامتها وملامحها.


صامت تماما وعينه تتشبع بالجمال الربانى والحٌسن النورانى لفتاة قلبه من سنوات.


لا تريد حقا لتلك اللحظة ان تنتهى...لما لا تترك العمل وكل شئ وتتزوج من حسن تنجب اولاد يشبهونه وتغسل له قدميه كل مساء... هى حقا تريد


استفاقت سريعاً من تلك الأفكار تاخذ نفس مرتجف ثم تردد: شكرا يا حسن.


عاود ابتلاع رمقه تتحرك معه تفاحة ادم وهو ينظر على هيئتها الانيقه البسيطه بأعجاب ثم قال:رايحه شغلك .


هزت رأسها بهدوء تردد: ايوه..عنئذنك .


غادرت سريعاً ترغب بالهرب من امامه هو وتأثيره الغير عادى عليها.


لم يستغرب كثيرا هى كل يوم تغادر بنفس الطريقة بعدما يعطيها فطورها اليومى المفضل.


ذهبت سريعا تسابق قدميها لديها أكثر من مشوار يجب ان يٌنجز اليوم.


مقابلة عملها الجديد ،اعدت لها من أيام جيدا.


وها هى قد انتهت،لم تنتظر كثيرا ،للمظهر عامل كبير وقد ساعدها لن تنكر...لقد تم القبول بنجاح ومن اول مقابلة.


استقلت سياره اجرى سريعاً وذهبت حيث عملها القديم او الذى أصبح الآن السابق.


دلفت فى مكتب بالوان بيضاء مريحه متناسقة مع اللون السماوى ويوجد باقات ورد بلاستيكية من مختلف الاشكال تزين المكان... أشكال مختلفة مبتكره وعصريه  لبطاقات دعوات حفلات زفاف .


وقفت امام صديقتها تأخذ منها مظروف ابيض يحتوى مبلغ مالى أكثر من جيد .. انه راتبها.


هل أخبرت أحد يوماً ما انها تبغض راتبها وتبغض يوم الحصول عليه أيضاً.


كانت تقبض على المظروف تعصتره وتنظر له كأنه بداخله افاعى قارصه .


تتذكر مرض والدها اللعين..كم تمنت ذلك اليوم الذي ستتخرج فيه وترحمه من شغله كعامل نظافه براتبه الضغيف والذى لم يكن يدخر جهدا كى يعطيها كل ما تحلم به قدر استطاعته.


والدها الذى تمثل به الأب والام وحتى الشقيقه التى تمنت لو حظت بها،لقد لعب كل الأدوار ببراعة، لكنه لم يستطع الصمود.


هزمه المرض والفقر ،كان مريض بالكلى ،يذهب للغسيل مرتين أسبوعياً بالمشفى العام.


تعب فى المرض وتعب بطابور الانتظار الا يكفى تعب الغسيل؟!


كانت كظله ،بل كجلبابه على جسده ،تسأل هل كانت تذهب معه تسانده ام أنها ولآخر لحظات حياته وحتى فى أكثر أوقاته ضعفاً كان هو مازال قادر على امدادها بالدعم والقوه،يكفيها نفسه الذى تسمعه وه يستنشقه لتدرك إن الدنيا بخير والعالم يدور.


كم الحت عليه لو تركت تعليمها وذهبت للعمل كى تساعده فهو بحاجة لذلك.


وهو بقوه وغضب يرفض يوصيها إلا تفعل ،إن كانت تريد راحته يجب الا تضيع تعبه وحلمه فى ان تحصل على شهاده عليا وتعمل بمكان يليق بها ،أن يرى ابنته بين علية القوم لها مقعد وسطهم ،والا فهى لن تكن بذلك قد ساعدته وإنما قضت عليه وعلى تعبه وأحلامه.


الآن هى بيدها مبلغ رائع من المال لكنه ليس معها كى تأخذه كما كانت تحلم أنها ستفعل حين تحصل على اول راتب لها،تقم بعزيمته على لحم الضأن الذى يعشقه ومن بعدها تجلب له حلوى البسبوسه فهو يذوب معها ذوب ثم تجلب له جلباب من الصوف السودانى المعتبر الذى اخبرها يوماً أنه رأى صديق له يرتديه وقد أعجبه،وتجلب أيضاً دواء مستورد بدلاً من ذلك المحلى ضعيف المفعول ثم تذهب به للبيت وقد غلبه النوم من التخمه إثر الأكل الكثير ،تدثره فى فراشه ربما ظلت مستيقظة لجواره تملى عيناها منه ،فقد أدركت مرارة الفقد.


خرجت من مشاعرها تلك على صوت صديقتها التي تنظر لها مستغربه:انتى يابت...مش بكلمك.


رفرفت بأهدبها تحاول منع دموع عيناها وقالت بصوت جاهدت على أن يخرج طبيعى:هااا.. بتقولى حاجه يا هنا؟


زمت هنا شفتيها بغيظ تردد: بقول أنك اكيد واحده يا متخلفه يا معتوهه لما تسيبى مكان ألف حد يتمنى ييجى فيه عشان تروحى مكان تانى بمرتب اقل وعدد ساعات اكتر.


كان رد غنوة هو الصمت الرهيب فاغتاظت هنا أكثر تردد:انتى يابت انتى ردى عليا مش عايزه اتعصب عليكى.


رمشت غنوة بعيناها ثم قالت مغيره دفة الحديث:هو إحنا مش قبضنا..والشغل خلص..بينا نعمل شوبنج.


كانت تعلم نقطة ضعف صديقتها ،تتحول تلقائيا عند ذكر سيرة التسوق فقط.


بحماس مجنون ودون أي حديث سحبت يد غنوه وسارت متجهه للخارج.


_______سوما العربي___________


فى مطار القاهرة الدولي على متن الرحله القادمة من برلين .


كانت الميضفه تساعد تلك التى على مايبدو تسافر لأول مرة خارج حدود موطنها الأصلي بربط حزام الامان.


تبدو فى العشرين ممكن او واحد وعشرين،على الارجح إثنان وعشرون عاماً.


كأنها هاربه مثلا او فعلت ذلك دون علم مسبق من والديها.


تتحدث العربيه لكن بصعوبه شديده ،وكلما حاولت المضيفه الاستسهال والتحدث معها بالالمانيه لغة موطنها كانت تحتد ،مصره أنها لديها عرق مصرى وأنها تتحدث المصريه جيداً... جيدا جدااا.


وأخيراً هبطت الطائرة لتخرج منها سريعاً تسبق الريح الى باب الطائرة حيث هواء مصر وجوها الذي تخيلته كثيرا.


يبدوا أنها ستستمتع هنا كثيرا حيث مصر الفرعونيه بحضارتها واصالتها وأهلها الطيبين وووووو


ووماذا؟!! .. أنها تسير بذلك الحى الشعبى الذى وصلته بعد عناء وكادت ان تبكى وهى بالطريق تصف للسائق بلغتها الغير سليمه إطلاقها مقصدها.


إلى أن ألقاها من سيارته حرفياً بأول الشارع يردد:منك لله ضيعتى عليا اليوم مش عارفه تتكلمى وكمان بتقاوحى.


لم تفهم الكثير من حديثه...هل يسب؟هل تضايق؟مما؟! أمره غريب.


همست لنفسها تأخذ نفس عميق أنه غير مهم غير مهم.


تناست ما حدث وما يقال واخذت تنظر حولها حيث حى الغوريه القديم ،الشوارع حقا مبهره،مرصوفه بالحجر المصقول،و بها جدران مزخرفه  وبوابات خشبيه ضخمه،بالاضافه الى سوق كبير به اشياء عجيبه.


اتسعت عيناها بانبهار وهى ترى جلباب بلدى باللون الذهبى ذات شق هائل على جانبه ومعه عصى مطعمى باللولى ...وقفت أمامها مبهوره تريد شراؤها.


وما هذا انه وشاح يحتوى على حلقات ذهبيه كثيره تصدر صوت مزهل.


ضمت كفيها معا تهز رأسها بحماس أنها سفرة الاحلام الى مصر كما أرادت.


تعرف أنها قد جازفت حين فعلت دون علم والديها لكنها كانت تعلم أن لأمها مخططات أخرى مرتبطه بمواقيت معينه تتعلق بشقيتها الكبرى وهى حقا لا تتحمل الإنتظار.


منذ ان عرفت بأن لها شقيقه صدمت لكنها سعيده جدا حيال ذلك فكم حلمت أن يكن لها شقيقه تشاركها كل شيء،تستعير ثيابها،تتشاجران معها وتعودان للتصالحا سريعا.


اشياء كثيره ومجنونه فكرت بها منذ ان عرفت لذلك تهورت وسافرت الى مصر لم تطيق الانتظار.


تقدمت تتخطى السوق وتدلف للحى نفسه من الداخل حيث بيوت قاطنيه الاساسيين.


حاره تؤدى الى حاره وزقاق يخلفه زقاق..لتكن الصدمه أول ما نطقت لغتها المصرية الرهيبه.


زفوها... زفه من عشرين طفل او أكثر من اطفال الحى.


يسيروه خلفها مهللين مصفقين...خلفيتها عن الاطفال انهم احباب الله.


لكن لما احد احباب الله يناديها ب:مزه.


وثانى يحاول وضع يده على وركها المكشوف.

وآخر مد يده يقرص جانبها الأيسر مرددا:ارركب الهوا.


وركبته... بالفعل فقد قفزت صارخه أثر فعلته الشنيعه تلك.


كانت قد اقتربت من البكاء.. لأول مرة بحياتها توضع بموقف غريب مريب كهذا.


هم خلفها  ... مجموعه كبيره ولا تستطيع فعل شيء ،حتى نساء الحى ممن يجلسن لبيع المنتجات او من يسرن فى الشارع يشاهدن باستمتاع كأنه عرض مسرحي ممتع.


صدح صوت كقذيقه نوويه اخرس صوت الأطفال واوقف تصفيقهم الحار : بس ياض أنت وهو عيب كده.


بمفعول السحر توقف الاطفال وردد أحدهم بعدما نظر رفقاءه أرضا: حاضر ياعم حسن إحنا اسفين.


ردد حسن بخشونه: طب يالا كل واحد على مدرسته يالا مش عايز حد هنا.


استدار عنهم ينظر لتلك الفتاه والتى ترتدى فستان من جلد الفهد يهفهف على قدميها من فوق ركبيتها ومعه حذاء جلدى ذو رقبه طويله تصل إلى ربع قدمها


ليكن كل جسدها مغطى معادا ساقها وجزء من فوق الركبه ليردد حسن: يعنى مقفله كله وفاتحه من تحت ليه .


أخيرا رفعت عيناها له لتأثرها طلته ... أنه كتمثال فرعونى منحوت وتجسد أمامها.


هل لازال بمصر فراعنه تسير بالشارع وسط الماره؟!


كانت تحملق به وهو ينظر عليها باستغراب..كأن وجهها مألوف له رغم اللمحه الاوربيه التى هى عليها فسأل بشهامه:Speak arabic?


تحدته بغيظ تجيب بلغتها الركيكه: أيوه.. أنا عندى عرق مصرى.


ضحك على طريقتها العنيده بالحديث وردد:ياستى أنعم وأكرم.. انتى تايهه طيب ولا معاكى عنوان جايه عليه؟


طريقته بها لمحت حنان،تقسم أنها استشعرتها،اكيد هو ليس بذلك الحنان مع الجميع ،ابتسمت داخليا على ما يبدو أن احدهم قد أعجب بها من أول نظره.


وهو جميل و وسيم جدا لا بل جدا جدا جدا...تبا له حقا.


طال انتظاره جوابها لا يعلم لما رق قلبه وزوى مابين حاجبيه وهو يراها تفرق اصابعها ببعض كالأطفال فردد مجددا:يا انسه..جايه تسألى على مين؟


رفعت عيناها له تعصف بخضارها الزيتونى وتقول:جايه لأختى ،هى عايشه هنا لوحدها مع باباها.


سأل مجددا بحلم:الى هى مين؟


عاودت النظر له وهى تبكى داخليا،ليس من العدل العدل ابدا أن يكن هكذا حنون هادئ مراعى .


كانت عيناها تسير على ملامحه المنحوتة بدقه وهى تردد: اسمها غنوه ....غنوة صالح غنيم.


اتسعت أعين حسن بصدمه يردد: إيه؟! أختها ازاى؟غنوة طول عمرها عايشه وسطنا وماكنش ليها غير عم صالح الله يرحمه.


فتحت فمها بزهول تسأل:هو مات؟!


رد حسن متهكما:من خمس سنين مثلاً،انتى لسه فاكره تسألى؟!


شملها بنظره وهو يسأل نفسه هل هو معتوه ام مجنون،لما يشعر بشفقه عليها .


سألها مجدداً بخفوت:انتى ازاى أخت غنوة بصراحة مش مصدقك.


رددت سريعاً تقول بأمانه وهى تضع يدها على صدرها: لأ والله أنا اختها "نغم"..بس من الام ،ماما خلفتنى بعد ما سابت بابا نغم واتجوزت . 


رفع حاجبه عاليا ما هذه المفاجأة الكبرى.


كانت تنظر حولها بارتباك واضح وهو عينه عليها لا تتزحزح


بالفعل بينها وبين غنوه شئ مشترك رغم اختلاف الملامح بين واحده مصريه شرقيه جدااا جدااا وأخرى اجنبيه  الملامح صرف.


ربما ... أنها هى..العينان العميقتان الآسرتان.


نظر حوله يدرك عيون الكل تحملق بها ليحمحم قائلا بخشونة:طيب تعالى جوا السوبر ماركت اشربى حاجه واقعدى ريحى على ما تيجى.


وهل سترفض... بالطبع وافقت،تنظر على عرض ضهره المديد تردد بانبهار وحالمية:واااوو..فرعوني المثير....


_________سوما العربي___________


من مطار القاهرة على نفس الرحله القادمة من برلين كان هنالك رجل عريض المنكبين بوجه مفلطح ،قاسى العينين، غليظ الشفتين،ذو رأس اصلح لامعه وجسد اسطورى مهيب.


خرج من الطائره يتقدم وهو يحمل بيده حقيبه كرتونيه لماركة عالميه ،يتقدم الى صالة الوصول ينظر هنا وهناك يبحث عن صديقه الذى ينتظره كما أخبره.


عينه تبحث عنه يمينا ويسارا يسأل أين ذلك الغبى ...


صدح صوت عالى خلفه ينادى:هاروووون.


استدار سريعاً ينظر حيث مصدر الصوت يجد صديق الطفوله يقف خلفه وعينه لا تهتم له إنما هى كالعاده تتطلع لاجساد الفتايات الرائعات من جنسيات مختلفه هنا.


تقدم هارون يقذف الحقيبته التى يحملها بوجهها ليلتقطها الآخر وهو ينهره بمقط:انت واقف تستنانى ولا حاى تشقط يا و**.

زم صديقه شفتيه يقول بضيق:مانت واقف اهو فى إيه سبنى أمارس هوايتي..واملى عينى من الجمال يا اخى.


وقف هارون ينظر حوله يمينا ويسارا يقلب عينيه فى الماره ثم هز كتفيه وقال:ما لو فى حتة عدله كنت هوافقك ،لكن كل الى هنا عادى،شوفناه قبل كده.


هز صديقه رأسه بعدما دس كفيه فى جيوب بنطاله وقال:عندك حق...يالا بينا على العربيه.


تقدما كل منهما خارج صالة الوصول واستقلا السياره فى إتجاه بيته.


كان يضع نظارته السوداء على عينه يحجب عنها الشمس ينظر للطريق وهو شارد يضع سبابته على شفتيه .


ليقطع صديقه الصمت مرددا:جبت طقم الالماس الى طلبته "لمى"من برلين؟


اخذ هاورن نفس عميق وردد بهدوء: اه...اكدت حجز الفندق للناس؟


زفر الآخر بضيق ثم ردد:اه ياسيدى مع إن المفروض الخطوبه على العروسه انا ذنب اهلى ايه اتمرمط معاك .


ابتسم هارون يضربه على رأسه مرددا: عشان صاحبى ياض ..مش هتقف معايا يوم خطوبتى ولا إيه ،وانت عارف لمى مخها كله حسابات واجتماعات مش فاضيه للتفاهات دى يا ماجد.


نظر له ماجد نظره جانبيه ثم قال بعدم رضا: ماشاء الله ما جمع الا ماوفق،احلى حاجه فى جوازتك دى إنها ظاهره صحيه جدااا،انتو الاتنين اغتت من بعض .


رمقه هارون بأعين مغتاظه لكنه لم يهتم وأكمل بصراخ:بس عايز الفت انتباه معاليك إن فى حاجه إسمها weeding planer(منظم حفلات زفاف)،اخدوا مبلغ وقدره عشان ينظموا الزفت خطوبتك والمفروض يعنى أنهم يهتموا بكل حاجه ،بس ازاى ، ما لازم تسحلنى مع أهلك ولا كأنى عبد  اشتريته.


كان هارون مازال على وضعه مسترخى وهو متكئ فى جلسته يعض جانب فمه وهم ليجيب عليه ساخراً كعادته لكن صوت إطلاق نار من نافذة سياره تحاول اللحاق بهم ومحاصرتهم على جانب الطريق جعله ينتفض منتبها.


اشتعلت عيناه بغضب ومد يده سريعاً يفتح جارور احد ادراج السياره، بينما ماجد تأهب بشراسه يحاول المراغه بالسيارة.


يديه مطبقه على المقود يديره يميناً و يساراً جاعلا السيارة تنحرف هنا وهنا  تتفادى احتكاك تلك التي تتعمد الاصطدام بها.


بينما هارون حاول تولى امر إطلاق النيران.


يهاجم بشراسه وعينه كلها غل،يخرج رأسه وبذراعه من النافذه ،النظاره السوداء على عينه يصوب بمهاره وتأنى يحاول التحكم بأعصابه قدرما يقدر حتى يستطيع الثبات ولا يحركه الغضب الجاشم فى صدره فيفقده تركيزه ويضيع هو بطلقه رخيصه .


استمر ماجد فى المراوغه ينحرف يمينا،ثم يلتف من حول الحواجز الخرسانية سريعاً يتبع الطريق المعاكس  وكان لسير السيارات باتجاه معاكس لاتجاه سيارته أثر فى تفادى اقتراب السيارة الأخرى.


لكن إطلاق والنيران مازال مستمر ،بل يشتد ضراوه.


هارون يحاول الثبات لكن هذه المره قد اختاروا شخص ماهر فى إطلاق النار.


مع احتدام الموقف صرخ هارون بماجد:زوغ منه ،زوغ منه .


صك ماجد أسنانه يضرب مقود السيارة امامه بغل وعجز: الطريق زحمه مافيش اماكن إحنا ماشيين عكسى.


لم ترحمه السيارة التي خلفه ،انما كانت سرعتها تزداد تضرب جوانب السيارات وتقلب أحدهم لتسير هى باقصى سرعه تصل لهدفها حيث "هارون الصواف"


بحركه ماهره من ماجد امسك ذراع السياره أوقفها  ولف طاره القيادة بحركه دائريه مع لف ذراع السياره مره أخرى.


فالتفت على أسرها السياره بمنتصف الطريق واعتدلت لتصبح مع اتجاه سير السيارة بهذه الحاره وعكس السياره المهاجمه بعدما شل حركتها وصدمت بسياره اخرى اوقفت الطريق.


ليشق ماجد سيره مبتعدا وأثر أخير لإطلاق النار من السيارة المقلوبه ربما اخترق قلب هارون بطلقه طائشه اخيره.


بعد ربع ساعه كان ماجد قد هدأ يحاول التقاط أنفاسه ويقف بهارون امام مستشفى استثمارى فخم .


نظر هارون للمشفى وقلب عينه بملل يقول:جرى إيه مانا سليم قدامك اهو.


لم يعير ماجد حديثه إهتمام وقال : أخلص يالا.


خرج هارون دون جدال وذهب بكشف سريع يقف أمام الدكتور الذي سأل مستفسرا:خير ،بتشتكى من إيه،شايفك ماشاء الله شباب وصحه أهو،جاى لرسم القلب ليه؟!


اغمض هارون عينيه بتعب ثم قال:ده إجراء بحب اعمله كل فتره .


اكمل ماجد الحديث يخبر الطبيب: باختصار حضرتك هو من خمس سنين عمل حادثه وكان محتاج نقل قلب ،وكل فتره بيكون....


قاطعه الطبيب متفهما ثم ردد:مفهوم مفهوم،طبعا صح جدا لازم تعمل فحص دورى كل فتره.


أشار له على جهاز موصل به أسلاك بنهايتها حلقات جلديه مستديره بعدما نادى على احد الممرضات لمساعدته وقال:اتفضل معايا.


________سوما العربى___________


كانت تجلس أمام صديقتها فى ذلك التجمع التجارى الفخم الأضخم والأحدث بالقاهرة.


نظرت للهاتف تأخذ نفس عميق مستاء ثم وقفت لافته انتباه هنا التى قالت:رايحه فين؟


ابتسمت مردده: هو إحنا جايين عشان نقعد،قومى نلف شويه.


زفرت هنا بتعب: لا انا هشرب حاجه سخنه بطنى بتمغص عليا.


غنوة: خلاص فى محل كان فيه فستان عجبنى هروح اقيسه.


اماءت لها هنا بتعب:تمام.


سارت مبتعده بخطى واثقة،حتى توقفت بالطابق الأرضي وقادتها قدماها حيث سياره حمراء صغيره جدآ من موديلات الستينات.


اغرورقت عيناها واختنقت بالدموع وهى تتذكر حلم والدها البسيط بأربع عجلات وسقف مغلق ،يتنقل بها لكل مكان ينزه ابنته الوحيدة بعيدا عن زحام المواصلات وتحرش أشباه الرجال ،لكنها كانت حلم صعب المنال عليه فى ظل الفقر المدقع،فمرتبه البيسط لم يكن يكفى مصاريف الدراسة والطعام والشراب ،هو حتى احيانا كثيره كان يستطيع المرواغه والاحتيال عليها يخبرها أنه اشترى كل دواءه  بينما فى الحقيقة هو لم يفعل تكتشف ذلك بنفسها وهى تعطيه الدواء فى ميعاده .


حتى مره من المرات امتنعت عن الذهاب لتلك الجامعه التى يوفر لأجلها مال علاجه ربما يتعلم الدرس وبالفعل تعلم.


هل كان والدها؟! أم أبنها او أخيها؟


لا تعلم...كل ماتعلمه أن الزمن توقف منذ وفاته تتذكر ذلك اليوم جيداً...وقد عادت بخطى متثاقله من دفنه.


تنظر للحى من حولها مستغربه،مصدومه،لقد دٌفن والدها للتو،لقد مات.


كيف اشرقت الشمس من المشرق فى الصباح عادى...


كيف أتت الرياح تهز أوراق الشجر ككل يوم... عادى


كيف يخرج الناس من يذهب لعمله ومن تذهب وعادى.


كيف وقف العم جمعه ييبع شطائر الفلافل على عربته والناس تقف وتأكل عادى...


كيف جلست السيده عديله تبيع خضارها على الاقفاص ككل صباح عادى.


كيف دار الزمن ...كيف تسير الحياه.. يجب ان تقف فقد توفى شخص ..بل أعظم شخص.


بكت بحرقه وجسدها كله يهتز.


آاه يا أبى منذ ذلك اليوم المشؤم أحارب كابوس غيابك كل ليله حتى اسقط فى النوم من شدة التعب.


كان يصف سيارته فى مرأب المول التجاري بغضب.. أكبر متعهد حفلات وللأن ألف خطأ وخطأ .


حتى بذلته تم تبديل اللون والمقاس وكان لابد من حضوره الآن.


صف سيارته وترجل يسير بخطى ثابتة واثقه ليتوقف وقد تجعد مابين حاجبيه عندما وصل لأذنه صوت بكاء عالى بعد الشئ.


قاده الفضول كى يسير خلف الصوت لتتسع عيناه وهو يجد فتاه تجلس خلف إحدى السيارات تقترش الارض بفستانها الانيق هذا،جسدها ينتفض وهى تحنى رأسها راضا تخفى عنه ملامحها.


اقترب أكثر ليرى ما بها محمحماً:احمم.. يا آنسه...انتى فيكى حاجه؟!


حاول مد يده كى يلكزها او يساندها ربما لم تنتبه لوقوف شخص معها حتى الآن.


لكنها رفعت وجهها له ليصدم وهو لم ينظر سوى لعيناها الجريئه الحمراء...هى اول ما خطفته ولفتت انتباهه.... عيون عسليه جميله وجريئة لفتاه ذات جمال ناعم ،حتى فستانها البسيط ناعم مثلها.


وجنتيها حمروان ويداها ترتعش..تنظر له ولعيناها سحر خاص ولعنه ربما اصابته فى الصميم....



الثاني 


كانت عيناه ثابتة عليها مأخوذ و مبهور،تحاشى بصعوبه عيناها الآسره  لينظر الى ملامحها .


نعومه وحلاوه ،وشئ آخر لم يحدده،شئ ما يصنع حالة من التيه ،الشعور بالضياع ولربما الخطر.


كأنها الخطيئة ،تتزين بعينيه،من مجرد نظره عابره لتلك العيون الواسعه.


عينيها كخطر الموت ....


حمحم يستدعى ثباته الذى افتقد منه الكثير لأول مرة بحضرة أحد.. حتى لو كانت انثى جميله.


اقترب منها يجثو بركبتيه على الأرض التى تفترشها بفستانها الجميل وتحدث بنبره حنونه آسره يتقنها جيدا عند الحديث للجنس الآخر خصوصا عندما تكن حُلوّه:مالك طيب،حصلك مشكله؟


كانت عيناها وحتى ملامحها قد هدأت وثبتت ،تنظر بصمت ثم تمد يدها تمسح انفها المحمر وهزت رأسها نافيه بدت كطفله صغيره يتيمه.


رق قلبه كثيرا كثيرا ومد يده لها يحاول مساندتها كى تقف .


لكنها تحاشت مد يده تضع يدها على شعرها تتأكد من وضع حجابها.


ثم تناولت حقيبتها ووقفت بهدوء.


رفع حاجبه الأيسر وهو ينظر لكف يده التى أُهمِلت للتو .


هل هى غبيه ام لا تعرف من هو.. أم إنها متعجرفه تفتكر كثيرا للذوق والأدب.


قبضت على حقيبتها الصغيره تنظر له بلا إهتمام تردد: لأ انا تمام.


اعتدل ببطئ حتى وقف ليشرف عليها بعرض كتفيه وطوله المهيب .


ليظهر الفرق الشاسع وتشعر بالضئاله لجواره.


ابتلعت رمقها وقد اهتز ثباتها قليلا،بينما هو ينظر بعيناها حيث يكمن السر الاعظم.


عيناها ثابته ،قد تبدو بارده ،لكنه.....


لكنه يقسم إن بداخلها عده ثوارات مندلعه الآن تحاول هى تهدئتها.


وهذا اراحه كثيرا،فكرة التعامل مع طلة شخص مثله بمثل هذا الهدوء والثبات ضايقه .


عدم الانبهار واقتناص الفرصه اغاظه ،همهم داخله بسأم.. انها تلك الطريقه المستهلكه فى لفت النظر.


وضع يديه بثبات فى جيوب بنطاله يفرد ظهره أكثر وأكثر كأنه ينقصه.

هم ليهز رأسه بعدم إهتمام ويتركها وطريقتها لتعرف إنها لم تلفته .


لكنها تحدثت بخفوت تردد بتهذيب: شكراً ليك.


عدل عن تفكيره...لقد شكرته ،وهذا كافى ،بل هو جعله كافى.


وابتسم لها بثقه وثبات ثم مد يده بكياسه الى جيب بذلته الداخلى وأخرج منها أحد المحارم الورقيه يعطيه لها مرددا:اتفضلى.


اخذته منه بهدوء تسلط عيناها عليه وكأنها واثقه من تأثيرها .


ام لانه منعكس على اهتزاز ثباته ونظره هو الآخر على عيناها ذات السحر الفتاك .


تحدث يسأل باهتمام: كنتى بتعيطى ليه؟


اعطته نظره مطوله من عيناها ثم جاوبت باقتضاب :ولا حاجة .


همت كى تتحرك مغادرة لكنه اوقفها بلهفه : لأ استنى.


ثبتت مكانها بالأرض،والتفتت تنظر له باستنكار ثم ردا:افتكرت بس حاجات مزعلانى،عنئذنك.


استدارت بكتفها كله كى تتحرك ،وشئ غريب بداخله جعله يسألها : أسمك إيه؟


عصفت عيناها بمشاعر مختلجه لكنها هدئتها وجابت دون ان تلتف له:مش مهم،فرصه سعيده.


بفعلتها زادت اهتمامه،انها امامه وستتحرك مغادره.


قصف يسأل خلفها بلهفه استشعرت بها اللوع يسأل سؤال غريب لشخص لم يراه سوى من ثوانِ: طب مش هشوفك تانى؟


التفت هذه المره ولكن نصف التفاته وقالت وعيناها الأسره فى عينيه تعصف به او تأسره: ماعتقدش.


قالتها بفتور وبساطة تغادر بعدها تاركه كف يده خلفها كأنها تناجيها وهى لا تهتم.


ظل واقفا بمكانه لأكثر من خمس دقائق وطيف ثوانٍ قليله مازال يؤثر عليه حتى الآن.


قد ينسى ما حدث،تلك الذكرى،حتى المكان،كل شئ،لكن تلك العينان..يقسم أنه لن ينساهم ابدا.


استنشق زفير سريع يفيق به نفسه ،يتذكر لما قدم بالأساس لهنا...هاااا..خطبته..البذله.


تبا لهكذا عينين،لقد انسته نفسه .......


حمحم بقوه يستدعى هيبته المعتاده ثم أخرج سيجاره البنى ينظر للطريق الذى اختفت فيه بشرود ،نفسه تراوضه على أن يذهب خلفها وهو يقاوم بقوه مضنيه وبالفعل نجح.


وتحرك مغادرا المرأب يصعد حيث اول طابق بمحل البذل ذو العلامه التجاريه المعروفة.


يتلفت يمينا ويسارا كالمعتوه ،ينظر هنا وهنا ربما لمحها حتى ولو من بعيد.


ضبط نفسه بالجرم المشهود ،انه متلهف يريد أن يراها،نهر نفسه جدا من تلك التصرفات الغبيه ،يجب ان يتعقل.


ماله وهذه التصرفات المتصابيه،وهذه أيضاً..كأنها فص ملح وذاب بلتر ماء .


لما قلبه متلهف عليها بحنان لا يوجد له مثيل بطريقه لا منطقية إطلاقا فهو لتوه رأها.


نهر نفسه سريعاً وارغم قدمه على الدلوف للمحل الذى جاء لأجله يريد الانتهاء مما يفعل سريعاً ويذهب.


لكنه مازال متلهف عليها بطريقة غير صحيه بتاتاً.


فرغم انهاءه لكل ما أراد شراءه ،ورغم انه ببدايه مجيئه لهنا كان على عجله أمره ،يريد الانتهاء سريعاً مما قدم لأجله.


فلما الآن يتفتل بأروقه السوق ينظر على المحال النسائية ويدقق النظر.


للمره الثانيه ضبط نفسه يبحث عن فتاه رأها منذ دقائق،لا يعرفها ولا تعرفه،او حتى تهتم.


وعلى مايبدو لم يؤثر بها وهى الان بطريقها للعوده إلى منزلها بينما هو يبحث عنها كالمجذوب.


زم شفتيه بسأم وتوقف عن سيره يشدد قبضة يده وهى داخل جيوب معطفه واستدار عن مواصلة السير يعود حيث سيارته،يستقلها مغادرا.


ظل يقود ويقود حتى وصل الى بيت كبير وعتيق بعد الشئ.


تستطيع ان تقول عليه أثرى لتلك العائله الكبيره،عائلة الصواف ذات الصيت المعروف والباع الكبير.


مكونه من بيت على مساحه ٤فدان عباره عن طابقين وحمام سباحه ولامامهم حديقه كبيره ليست من النجيله الاصطناعية كما الڤلل الحديثه ،بل هى من أشجار الفاكهة المختلفه كما أمر صاحب البيت الاول "الصواف الكبير" وقد فعل كل خلفائه من بعده.


حتى البيت نفسه من الداخل كان عتيق ،لم يمسه التغيير العصرى ،بقى كما بنى من مئة عام يتسلمه كبير العائله.


دلف للداخل تفتح له الابواب مرحبه بمالك البيت الذى ناله عن استحقاق وجداره رغم أنف الجميع.


ورغم انه ليس الحفيد الأكبر ،بل يوجد عمه كاظم فى الخامسه وأربعين من عمره وهو من أحفاد احفاد الصواف ،لكنه خفيف.


نعم خفيف اكلت النساء عقله،كل سنه يبيع عدد من اسهمه ،سهم فسهم يشتريها هارون كى يجد هو ما يكفي للأنفاق على سهراته ونزواته بالإضافة الى داء القمار الذى طالته ينغرس به يوم بعد يوم.


هم ليصعد السلم لكنه وجد عمه يقف عند باب المكتب مرددا بقوه:مش شايف أن المبلغ الى بعته النهاردة أقل كتير من الحصه الى انا عارضها للبيع يا هارون؟


توقف على أثر الصوت يوليه ظهره وهو يزفر بضيق لا يريد الحديث.


حقا لا يريد اى حديث .


صدح صوت عمه المغتاظ من خلفه يردد:هو انا مش بكلمك ،لف وبصلى ولا هتعمل عليا كبير.


وإن كان لا يريد الحديث فهل سيريد الالتفات والنظر له بعدما كان ينظر لعينان آسرتان؟!


لكنه عمه ويعرفه جيدا..لن يكل ولن يمل ،لذا اخذ نفس عميق والتف يواجه ذلك الرجل الخمسينى بطوله الفارع ككل رجال العائله وشعره الكثيف الأبيض وكذلك لحيته .


عريض المنكبين ضخم الجثه ،قوى الصحه،لديه انتفاخ بمعدته نوعا ما يحاول اخفاءه بملابس منمقه بطريقه لبس معينه.


تحدث له هارون بثبات وقال:ده سعر السوق واسأل برا.

قصف عمه يرد بغضب:ده سعر سوق السنه الى فاتت ،هو انت هتشترى النهاردة بنفس سعر سنه فاتت؟!


مط هارون شفتيه دليل عدم اهتمامه وقال: فعلاً،تصدق ماكنتش واخد بالى،احنا فى ظروف استثنائية وفى وباء عالمى هز اقتصاد العالم .


اهتزت أعين عمه يرى تلاعب ابن أخيه ،وبالفعل ردد هارون: كان المفروض :أقلل السعر عن السنه الى فاتت كمان ،بس أنا ما عملتش كده.


أشار على نفسه بكبر زهو يردد:كرم أخلاق منى بردو.


نظر له عمه بكره وغضب يقول:ياااه ،كمان، بقى عارض أقل من نص التمن وتقولى كرم أخلاق منك؟!


رفع حاجب واحد يقول بتحدى: بس خلاص أنا مش هبيع ليك.


التوى شدق هارون يجيب ساخراً: احسن،انا أصلا مش معايا سيوله.


هم ليتحرك وبالفعل استدار يصعد الدرج ليوقفه صوت عمه المهتاج يتحداه:انا هشوف حد تانى يشترى واكيد هيتعرض عليا سعر احسن.


استدار بجسده كله يهبط درجات السلم التى سبق وصعدها بخفة الفهد يتربص بعمه الذى حاول ايتلاع رمقه بصعوبه وهو يواجه نظرات إبن أخيه المرعبه تلك.


اخرج هارون الحديث من بين اسنانه لتكن مرعبه وهو ينذر عمه:انا كل يوم بحاول افكر نفسى أنك عمى الوحيد ،فبليييز....بليز ماتخلنيش انسى،واوعى تكون فاكر أن محاولة قتلى الى كل يوم والتانى دى همانى ،انا ولا يهمنى بدليل انى لحد دلوقتي بمشى من غير حراسه.


اشتعلت أعين عمه يقول بغضب: قولتك ١٠٠مره قبل كده مش انا الى بحاول اقتلك،شوف أنت أذيت مين وبيحاول يقتلك.


رأى العضب مندلع بأعين إبن اخيه مما اراحه كثيرا ليكمل بتلذذ:انت عارف انت عرفت كام ست على جوزها،ولا خطفت كام واحده من حبيبها ،ده انت تخصص ستات مرتبطة ،مش بتحلى فى عينك الحاجة غير وهى فى ايد غيرك،اكيد حد منهم دمه حر حالف لاياخد بتاره منك.


ضحك هارون بتهكم يردد:بجد والنبى؟!

كاظم:ايوه انت ليك الف حد يكرهك ،ف وحياة ابوك ماتجبهاش فيا.


شمله هارون بنظره من اعلاه لأسفله والعكس ثم ردد: هيبان..هيبان.


اخذ نفس عالى ثم اكمل: ولحد ما يبان،مافيش سهم واحد هيخرج من تحت ايدى لحد غريب،هارون الصواف بيشترى مش بيبيع والكل عارف عنى كده ،فأكيد مش هسيبك تضيع ان برستيجى والايمدج الى أنا عامله لنفسى فى السوق.


صك كاظم اسنانه بغل وهو يردد:يعنى انت عشان فارقلك شكلك تقفل عليا،يا اشترى بالسعر الى انت عارضه يا تمنع حد يشترى ،وياريت عشان عندك مبدأ وحابب تحتفظ بتعب العيله وممتلكاتها ،لا،انت كل إلى فارقلك إسمك وبرستيجك.


ابتسم هارون يهز رأسه مرددا : بالظبط.. سلام.


استدار يصعد الدرج وعقله منشغل بسؤال واحد يراوده لأكثر من عام،من ذا الذى يحاول قتله ولما؟


إنه عدو لدود،لديه إصرار رهيب...هو شهرياً يتعرض لهجوم مفاجئ منذ عام تقريباً.


بالشهور الاخيره اصبح مرتين فى الشهر كأن القاتل قد نفذ صبره..وسبحان الله هو بكل مره ينجو بمعجزة ما.


هل عمه هو من يفعلها،لانه الوريث الوحيد له الأن .


اخذ نفس عميق ،قرار خطبته السريع لم يكن من فراغ،يريد اسره واستقرار،يريد وريث لهذه الإمبراطورية.


دلف لغرفته يلقى تلك البذله التى ذهب ليشتريها كى يقابل تلك العينين  ويعود مشغول البال.


ارتمى على فراشه يصطدم به بقوه يضرب بمرتبة السرير مع إغلاقه لعينيه يتذكر أثر نظره بعيناه الى عيناها الكحيله الواسعه ذات العسل الصافى.


يبتسم بلا هدف وهو مغمض عينيه يتذكرها.


فتح عينه التى وقعت على الحقيبه المصنوعه من الكرتون تحتوى على علبه من اللون الازرق بداخلها طاقم من الالماس والذى اوصت به لمى.


اااه لمى...تلك الفتاه ذات الخامسه والعشرون،هو على يقين أنها لم تعشقه يوما ولا حتى تحبه ،بل تراه أكثر الأشخاص مناسبة لها .


لن يكذب كثيرا فهى أيضاً بالنسبة له كذلك،هى من أكثر الفتيات المحيطة بمجتمعه مناسبة له.


رغم أنها لا تعجبه كثيرا وهو يعلم،وهو لا يعجبها كثيرا وهى تعلم ،بل الاكثر أنها تعلم انه يعلم علمها بذلك.


إنه إتفاق دون حديث،لمى مختار عندما تتزوج فلن تتزوج سوى برجل يفوق أهلها مال وعز وجاه.


هو ايضا عندما يتزوج فلن يتزوج سوى بفتاه تساويه على الأقل... وبمقارنة عمليه بسيطه كانت لمى الاكثر توفيقاً والأجدر بالإختيار.


ارتفع رنين هاتفه لينظر له من بعيد،ثم استقام يلتقطه بخمول.


ينظر لاسم المتصل ثم يلمس الشاشه يفتح المكالمه ويجيب بخفوت: عايز ايه يا زفت.


جاوبه الزفت بغضب:انت بهيم يالا،تسبنى فى المستشفى وكمان تاخد عربيتى ،تقولى نص ساعه وجايلك وماتعبرنيش تانى.


اتسعت أعين هارون من بعد خمولها يضرب جبهته بغبااااء .


تبا لتلك العينين..انسته لأول مرة بحياته صديقه،هو حتى طوال الطريق يشعر انه نسى شئ مهم لكن تركيزه لم يسعفه بعدما استحوذت هى عليه.


هو حتى كان يشعر بعد الراحة وهو يقود سيارته كأن يديه قدميه غير معتادة عليها،يسأل ما به  .


ليتضح فى النهااايه انها ليست سيارته ،قدمه ويده كانت على حق.


لكن عقله كان هناك ،بعيدا بعيدا حيث تلك العينان الواسعة.


اغمض عينيه يهز رأسه باستنكار غير مصدق ما وصل  له .


وصاحبه عبر الهاتف ويصرخ:انت يا غبى،انا تلجت من هو المستشفى .


ردد هارون بضجر:شششششش خلصنا،قولت جاى .


ماجد بصدق: أد ايه انت بجح،اتفضل اخلص عايز اروح.


اغلق هارون الهاتف ونظر حوله ثم ضحك بقوه،لم يسبق أن حدث معه ذلك.


استقام من الفراش بتعب وأخذ معطفه ومتعلقاته ثم خرج من الغرفه والبيت كله يذهب لصديقه .


_______سوما العربى________


-وهى حلوه بقا على كده.


كان سؤال ملح ألقاه ماجد على هارون بعدما قص عليه ماحدث.


ليجيب هارون بأعين لامعه: حلوه اوي اوي اوي،ولا عنيها يااااه.


قالها بتلذذ وهو يغمض عينيه ليسأل ماجد بفضول:ايه زرقا ولا حضرا ولا رمادى رمادىى أنا بمون فى العنيين الى لونهم رمادى .


هز هارون رأسه مرددا: لأ لأ مش ملونه بس واسعه ومرسومه رسمه بنت لذينا.


التمعت أعين ماجد وسال لعابه يسأل:اوبااا،قشطه أنا بحب كده،اخدت رقمها بقا ولا عرفت عنها إيه؟


هز هارون رأسه بقمت ثم قال: ولا اى حاجه،مارضيتش تقولى حتى إسمها.


صفق ماجد بيديه يردد:وكمان صعبه،الله،انا بعشق المعاناة حتى الوصول.


نظر له هارون بسخريه وأكمل: فين بقا ما طارت الحته.


ماجد بيأس:ايوه صحيح،يالا خيرها فى غيرها ،الحلوين كتير، واهو انت هتخطب وتتلم اهو عشان الساحة تفضالى حبه.


نظر عليه هارون بجانب عينه يقول باستغراب شديد:مال الخطوبه بالستات مش فاهم،انا هخطب مش طالع على المعاش على فكره.


صمت يكمل بخفوت:بس لو اشوفها تانى بنت الذينا دى.


رفع ماجد  إحدى حاجبيه يردد:مش للدرجه دى خلاص فكك منها.


هارون بأعين لامعه: دخلت مزاجى أوى.


ماجد:ايه لو شوفتها تانى تتجوزها وتسيب لمى ولا إيه؟


ضحك هارون بسخرية ينظر له بجانب عينه ثم قال:انت عبيط يالى... لأ طبعا دى آخرها معايا ليله ليليتين حتى الورقه العرفى خسارة فيها ،اكيد يعنى مش هسيب لمى بنت الوزير واتجوز واحده من الشارع حتى لو عجبانى .


ابتسم ماجد يقول:ايوه انا بردو بقول مش اخلاقك.


ضحك هارون عالياً ثم قال:بس اشوفها تانى بس.


ضحك ماجد عالياً ثم ردد:يا مان ..واطى أنت.


ليقهقه بعدها بمجون وهو وصديقه يذكر كل منها الأخر بذكرياتهم النسائية البذيئة وتصرفاهم المجنونه.


________سوما العربي________


وفى الحاره بحى الغوريه.


كان حسن الشاب الوقور الذى هو على خلق يجلس خلف مكتب خشبى جديد وأمامه تجلس تلك الماكينه الألمانية شديدة الصحه والجمال.


تخترقه بنظراتها الممتزج بها البراءه والخجل ،تراه بطل استورى وتعترف أنها معجبه مغرمه.


تتذكر الحان تلك الاغنيه العربيه التى تحمل نفس المقطع وأنها اعجبتها كثيرا أول ما ترددت على مسامعها .


فهى ولسنوات عديده منذ طفولتها عملت بجد وإصرار على تقوية نفسها بلغة موطنها الأصلي والأقرب لقلبها بمشاهدة مسلسلات وأفلام عربيه وكذلك الاغاني أيضاً.


كانت مصره على كل ذلك وحدها فحتى والدتها لم تكن تتحدث العربيه كثيرا إلا عندما يثور غضبها فيتحرر لسانها ويعود لأصله رغما عنها.


وأول ما تهدأ تعود للحديث بالألمانيه مستنكره إصرار وعناد ابنتها فى تعلم العربيه والتمسك بها،لكنها لم تهتم كثيراً وتركتها تفعل ما تريد فمهما شطحت بخيالها لم تكن لتتخيل يوماً ان ابنتها الجميله ذات الجمال الأوروبي الصارخ،حديثة السن عديمة الخبره ستترك ألمانيا وتهرب لمصر دون إخبار أحد .


لكنها فعلت....  وها هى تجلس وجها لوجه أمام فرعونها المثير كما لقبته سراً من أول ما وقعت عيناها عليه .


يحدثها وهو ينظر أرضا يردد بابتسامه بسيطه:ماتقلقيش غنوه مش بتتأخر  زمانها جايه ،اشربى الى ايدك عشان يدفيكى.


نظرت عليه تردد بقوه وبساطه:انا معاك فمش قلقانه.


رفع عينه لعيناها وسمح لنفسه بالنظر لها ،مصعوق من ردها المختصر، المفيد ،البسيط،الواثق جدا.


هزت ومست شئ ما داخله وهو يدعى الثبات.


شعرت أن كلماتها البسيطة اصابت هدفها و كان رفع عينه للنظر لها بدل ماهو ينظر أرضا وهو يحدثها كنتيجه حتميه وجائزه على ما فعلت.


ابتسمت بدلال ثم سألت وهى تشير على الكوب الزجاجى  الدافئ بيدها: إيه ده؟!


ضحك بخفه ثم استند بذراعيه على المكتب يتكئ عليه هو يقول كأنه يشرح لطفله صغيره: ده اسمه سحلب.


زوت مابين حاجبيها تسال بغرابه شديدة: إيه سحلب دى؟!


فلتت ضحكته منه وقال: سحلب يتقال معاها ده مش دى..والسحلب ده مشروب عربى بيكون مسحوق ابيض وفيه مكسرات وبيتحط على لبن.


اتسعت عيناها تردد بذعر: مسحوق ابيض؟!!!كوك؟


انفجر ضاحكاً رغماً عنه ثم حاول التحدث يقول من بين عيونه التى ادمعت: لأ كوكايين إيه حد الله مابينا وبينه...ده السحلب ده مشروب الشعب الغلبان .


هدأت أخيرا تقول براحه:اهااااا.


هز رأسه بيأس تلك النغم على ما يبدو حكايه وحدها.


علاوه على أنها جميله ..جميله جدا.


حمحم بحرج فهو لمرتين ضبط نفسه وهو ينظر خلسه لقدمها البيضاء الممتلئه من فوق رقبة حذائها الجلدى وهو الذى ظل طوال حياته يغض البصر ،حتى غنوه لم يسبق ان فعلها معها.


حاول تحاشى النظر إليها ينظر أرضا من جديد وهو يستغفر الله بسره لأكثر من عشر مرات ربما غفر له .


لينتبه سريعاً على ظهور غنوة بجوار بيتها وقال:اهى اختك وصلت اهى.


التمعت عيناها تبحث عنها وسط مرور الناس بالشارع وهى بينهم .


وقفت سريعا ووقف معها حسن ثم سبقها ينادى :غنوه...غنوه.


وقفت بتعب على أعتاب بيتها ،حسن هو آخر شخص تريد رؤيته الآن.


لكن مع إصرار نداءه التفتت له.


ليتجعد مابين حاجبيها باستغراب وهى تجد فتاه صارخة الجمال تقف خلف كتفه بطريقه أثارت الغيره بداخلها.


تقدم منها وتبعته الأخرى وهى عيناها عليهم بها ألف سؤال.


كان سيتولى حسن المهمه لكن تلك الالمانيه المصريه تولت الأمر تتقدم من غنوة تنظر لها بانبهار وأعين لامعه تردد:انتى غنوة؟

رفعت غنوة حاجبها وقالت: ايوه.. انتى تعرفينى منين؟


أبتسمت نغم تقول:انا نغم.


حاولت نغم الابتسام وقالت: أهلا وسهلا...


لتكمل نغم:اختك.


هزت غنوة رأسها تقول ضاحكه:هههه نعم.. أزاى ماعلش.


تدخل حسن يقول:من والدتك يا غنوة.


على ذكر أسم تلك السيده تشنج جسد غنوة بطريقه واضحه للماثلان امامها وتفاجئا بذلك.


وهى اخذت تصرخ:مش عايزه اسمع سيرتها وأنا ماليش اخوات.


التفت الماره لصوتها مع زهول نغم وحسن.


وضعت نغم يدها على فمها تمنع دموعها وحسن يحاول تهدئة غنوة يبتعد بها عدة خطوات عن نغم يقول: ايه الى بتعمليه ده يا غنوة،انتى عمر ماكانت دى اخلاقك.


ادمعت أعين غنوة تقول باختناق:انت ماتعرفش الست دى عملت ايه في ابويا يا حسن،انا مش عايزه حتى افتكرها،مجرد سيرتها بس بتخنقنى،عايزنى اموت يا حسن؟


رق قلبه لها كثيراً يسأل بلوع:مالك بس يا غنوة،من الصبح وانا حاسس فيكى حاجه،النهارده بالذات.


اغمضت عيناها تبتسم بألم وبداخلها كلام كثير.


هى كل يوم بها اشياء وليس شئ واحد،ربما اليوم فقط فقدت القدره على المداره.


نظرت خلفها لتلك الفتاه ورغما عنها أبتسمت لا تعرف لما .


نظر لها حسن وهو يرى الحنان غلب عليها ثم قال:ايوه خديها ،اقولك .


نظر على نغم ثم قال وهو ينظر لعيونها:اعتبريها قطه ودخلت من باب شقه موارب.


زجرته بعينها تقول: والله..قطه..طب أخفى بقا من قدامى.


تقدمت من نغم وتركته وهو يردد: بموت فيك وانت شِرس.


أما غنوة فقد توقفت عند نغم وقالت : إسمك إيه؟


غلبتها نغم وهجمت عليها تحتضنها بقوه مبادره هى.


لتغمض غنوة عيناها بمشاعر تختبرها لأول مرة،مشاعر دافئه تتحدث دون كلام تخبرها انها ليست بطولها في هذا العالم الكبير.


_________سوما العربي_________


فى أشهر فنادق القاهره مساء اليوم التالى.


وقف هارون لجوار لمى تلك الحسناء صارخة الجمال متناسقة القوام.


والتى كانت تصرخ بغطرسه:انا قولت قالب التورته يبقى معمول من عجينة السكر باللون الوردى ازاى يتعمل بربل؟


حاول مدير القاعه التحدث يقول: دى غلطه هتتصلح فوراً يا فندم والبنت الى كانت مسؤله عن التنظيم مشيت جاى دلوقتي حد تانى بروفيشنال اكتر وهتشوفى بنفسك.. هى بس اتأخرت كام دقيقه.


صرخ هارون بغضب وغطرسه:ايوه وانا والهانم هنفضل واقفين نستنى معاليها يعنى ولا ايه،دى مش أول غلطه ليكوا ،مع أنى دافع كتير اوى.


تحدثت لمى: بالظبط انا عايزه اعرف فين الهانم دى.


تنفس الموظف الصعداء أخيراً وهو يردد:اهى وصلت الحمدلله.


رفع هارون حاجبه بغضب ينوى الصراخ فى وجهها وسبها أيضا .


واستدار لينهرها ويسبها ليتسمر مكانه وهو يردد بزهول: المزه أم عيون دباحه؟!!!!!!!!!



الثالث


تقدمت تحت أنظاره المدققة المزهوله ،خطواتها توازن بين النعومه والثقه مع لمحة خجل انثوى حلّى طلتها وحضورها.


ونفس العينان التى اصابته بسهامهما بها لمعه غريبه لكنها محببه .


شملها بعينيه من عند قدميها بحذاء من الجلد الأسود الامع برباط يطول قليلا وقد دخل به آخر بنطالها من الجينز الأسود يفصل قدمها الممتلئ الملفوف مع وركيها ،صعودا الى جاكيت طويل من اللون السمنى به أزرار كثيره على طول الجاكيت من المنتصف ،تحدد خصرها المنحوت بحذان  اسود انيق ،وحجاب من إحدى بلون الخوخ الفاتح يلتف حول رقبتها كشال يدفئها فى هذا الجو .


مثيره هى ،حتى لو كانت محجبه وملابسها محتشمه.


رأى الكثير من العاريات ولم يكن بهن أى إثارة.


تأكد الآن أنه لا تكمن الإثارة فى التعرى ،معلومه اكدتها له  تلك التى لا يعرف عنها أى شىء ولا حتى إسمها .


اتسعت عينه بلهفه وهو يرى عيناها تقع عليه تنظر له وتتعلق بهما.


كأنها تتذكره ،انها قد رأته بالأمس،وقد دار حديث طويل.


تعده عيناها بأشياء كثيره لا يعرفها ،لكنه متأكد من أنها جميله.


توقفت امامهم تبتسم ببشاشه مردده: مساء الخير.


كان رد فعل لمى هو ان كتفت ذراعيها حول صدرها ،ترجمت غنوة الحركه مع نفسها جيدا وعرفت أنه بلغة الجسد هذه الفتاه تستعد لشن هجوم لاذع عليها على الأقل بالكلام.


ردت لمى التحيه بنزق: خير؟!وهييجى منين الخير وأنا كل حاجه فى يوم خطوبتى تقريباً باظ والسبب من الشركه الى انتى شغاله فيها.


كان يقف خلف لمى صامت ،يتابع ،يتوقع رد لاذع منها او متعجرف وربما عصبى.


لكنها ابتسمت بهدوء تقول وهى تعيد لف الحجاب حول رقبتها كى يدفئها: لأ حضرتك كل ده حصل قبل منى ،دلوقتى انتى معاكى غنوة.


زوى مابين حاجبيه.. لم يفهم اى غنوة تلك التى معها وستحل الأمور.


زٌهلت عيناه وهو يستمع لذلك الموظف الذى مازال يقف معهم وهو يقول: آنسه غنوة صالح لسه بادئة شغل فى الشركه وزى ماقولت لحضراتكم هى حد بروفيشنال وشاطر جدا.


ضرب الهواء البارد وجهه وهو يهمهم داخله يردد:همممم... إسمها غنوة... حلو اوي.. زى عيونها.


تحدثت لمى تخرجه من هيامه  ومازال الغضب يملؤها:ايوه انا عايزه فعل مش كلام،الليل دخل والضيوف على وصول،وكل حاجه حرفياً كارثه،مافيش اى حاجه ماشيه صح.


اشارت غنوة بيديها الاثنين علامة لطلب الهدوء والتريث مردده:ارجووكى تهدى خالص،انتى عروسه يعنى ملكة ،والملكه تقعد فى جناحها وتشاور بس.


رفع حاجبه بزهول وتعجب،توقع نشوب معركة الان وان يكن ردها عنيف مٌعاند مٌكابر على عجرفة لمى ،لكنها بالعكس تحدثت بسياسه تحتويها .


فقد هدأت لمى بالفعل وبدأت تستمع لتلك الغنوة التى رددت بهدوء بعدما اخرجت دفتر صغير من حقيبة يدها:اول حاجه التورته دى خلاص بخ،فى تورته بحجم مناسب من عجينة السكر اللون الوردى جايه ....


صمتت تنظر لرساله عبر هاتفها ثم اشهرته فى وجه لمى تريها رسالة ما واكملت:لا هى وصلت مطبخ الفندق بسلام دلوقتي.


اتسعت أعين لمى بانبهار لم يكن أقل من الذى شعر به الواقف خلفها وهو يراها تردد بتمكن وهى تنظر حولها: الكراسى كلها هتتغير وكل الڤازات الى على التربيزات كمان ،حالا هيتشال الورد الصناعي ده ويتحط تيوليب زى ماحضرتك كنتى طالبه ووو.


ظلت تعد عليها كل ما سيتغير وما تم تعديله أمام عينها الآن بالفعل ولمى حقا مبهوره


صامته تماما وقد تركت لها زمام الأمور فعلى مايبدو تلك الفتاه تعرف عملها جيدا ولن تحتاج للمراجعه خلفها.


إلى أن انتهت غنوة من سرد كل شئ فقالت لمى : بصراحه يعنى براڤو،انتى انقذتى اليوم،سورى لو كانت طريقتى صعبه شويه بس...


ابتسمت لها غنوة تقاطعها وهى تهز كتفيها: مش محتاجه طبعا ،اصلا انتى كعميل عملتى كل الى عليكى ودفعتى مبلغ مقابل شغل ما،اقل حاجه تستحقيها انك تاخدى مقابل الى دفعتيه+أنك عروسه ولازم اكيد هتكونى متوتره .


أبتسمت لها لمى وقالت:تمام هطلع انا الحق باقى اليوم.


غادرت لمى سريعاً،واخيرا بقا معها وحده ينظر عليها ويديه بجيوب بنطاله.


ظنها ستتجاهله وهو أيضاً سيفعل.


لكنه صدم بابتسامة أكثر من رائعة،ذات سحر خاص منبسق من عينيها وهى تردد بنعومة:ازى حضرتك؟صدفه غريبه اوى.


حارب ثوراته الداخليه وردد: فعلاً.


اقتربت تمد يدها بالسلام وهى تقول:يمكن ده من حظى عشان اشكرك على امبارح.


رفع حاجب واحد يقول بتهكم: والله،كان من باب اولى تشكرينى امبارح مثلاً؟!


مد يده يلامس كف يدها ،ينتهز الفرصه كى يلمسها وهو يردد: بس مش مهم،المهم أنك بخير،وفرصه سعيده.


ظهر الارتباك بوضوح وهى تستشعر ملامسة يده ليدها،لم يكن سلام عابر.........إنه يتحسسها...


رفعت حاجبها الأيسر تقول بتحذير: أيدى.


لمعت عيناه يبريق أخاذ يردد:ناعمه.


احتدت عيناها تردد: افندم؟!


رد عليها بصفاقه يؤكد : ناعمه وحلوه زيك،بس ....


انتشلت يدها من يده بغضب وهو يكمل حديثه :بس عينك.


صمت لثوانى ينظر بعمق لعيناها التى تعصف الأن بغضب: عينك حلوه.... حلوه اوي،حد قبلى قالك أن عيونك حلوه.


لما يرغب بأن يكن هو أول من اكتشف جمال عيناها وأن السبق كان له؟

وهو أول من اطرى أذنها بجمال غزل الكلمات .


لكنها جاوبت بثبات وثقه مؤكده: نص البلد.


لا يعلم من اين له بمشاعر غيره لم يختبر وجودها بداخله ،وغير منطقى ان تتواجد لأجل فتاه لا يعرفها حتى .


ليردد وقد كسى بعض الغضب ملامحه: ياسلام!!نص البلد ازاى يعنى؟!


رددت ببساطه:شغلى..ياما قابلت وشوفت ناس.


اخرج يديه من جيوب بنطاله يكتفهم حول صدره أخذا وضع التحفز للهجوم وسألها:وكانوا بيقولولك إيه بقا.


اخذت نفس عميق تبتسم ثم غيرت هى اللعبه تسأل: وحضرتك سايب خطوبتك الى المفضروض كمان ساعه وواقف تسأل وتحقق فى إيه مش فاهمه!؟


سؤالها هزه...هز كيانه بالداخل...اليوم خطبته بما يفكر هو وعلام يهتم؟


لكن الغضب الغير مفسر او مبرر مازال يعصف به رغم محاولاته للثبات.


بادرت هى بالحديث تردد: ياريت حضرتك تتفضل على الجناح الخاص بيك ،انا غيرت البدله بدل بتاعت امبارح ،حتى الحلاق على وصول.


وضع يده على رأسه الاصلع الامع يردد بسخريه: فعلاً محتاج اسشور.


ضحكت بخفه ،ليخفق قلبه ينظر لها بأعين تهفو لضحكتها .


يسمعها تقول له كأنها تحدث طفل صغير بهدوء : لأ فى حلاقه،تظبيط دقن،ماسك... كده يعنى.


همهم بهدوء ثم اقترب خطوتين منها  وقد تفاجئت وارتبكت ،ارتباك نمىّ شعور بالتلذذ داخله .


كانت عيناها الجميله تتسع بزهول من جرئته وهو يقترب منها هكذا ،والاكثر أنه يميل على أذنها مرددا: خلاص هطلع اوضتى،عارفه رقمها؟


اتسعت عيناها حتى استدارت من صدمتها ،عادت خطوتين للخلف كرد فعل طبيعي لفتاه مثلها تسأل هل هذا يعد تحرش ؟


تحول الزهول لغضب نشب بعيناها ثم ردت بثبات:اكيد...وبعتلك عليها كل الى هتحتاجه،تقدر تطلع دلوقتي لأن مافيش وقت تضيعه عنئذنك.


همت كى تتحرك وتتركه لكنه تقدم يقطع طريقها ويسده عنها بعدما وقف أمامها يقول ببعض الحده:مش عيب اكون بكلمك وتمشى وتسبينى؟


أبتسمت ابتسامه عمليه سمجة تردد: والله يافندم كان بودى اقف ونتكلم اكتر من كده خصوصاً أن حضرتك....

صمتت تمط شفتيها أكثر مؤكده: دمك ماشاءالله.... خفيف خااالص .


رفع حاجبه يلتقط نبرة السخريه والتهكم بها بوضوح ،تكمل بعمليه وضيق: بس زى ما حضرتك شايف أنا عندى شغل.


التفتت بجسدها كله كى تغادر ليقبض على معصمها يوقفها بحده.


نظرت على يده التى مسكتها تمنعها بحاجب مرفوع ثم رفعت عيناها تنظر له وقالت:فى حاجه يا فندم.


وبحركه سريعه منها نفضت يده من على يدها ،اغتاظ كثيرا وقال بعجرفه:مانا شغلك،شغلتك أنى ابقى مبسوط.


استدارت تقف امامه مباشرة تنظر بعمق داخل عيناه تعرف مدى تأثيرهم  وقد اهتز بالفعل ثم رددت بقوه:شغلتى أنك تاخد شغل مظبوط ،انا مش كاسيت جايبه يسليك،لو عند حضرتك اى شكوى تقدر تتفضل تقدمها ،وانا كفيله أحلها،لكن غير كده ... أسفه.


رمقته بنظره اخيره ساحره ثم تحركت بخفه وخطوات رشيقه تتابع عملها بتمكن رهيب.


ظل بمكانه واقف لثوانى ،ثم تقدم يسحب أحد الكراسى من أقرب طاوله بمنتصف القاعه ويجلس يراقب كل وأدق تفاصيلها بأعين متلذذه نهمه .


كانت تتحرك وهى تعطى تعليمات وتعديلات لكل الموجودين بمنتهى الهدوء تلاحظ وجوده تتسع عيناها وهى تراه قد طلب له مشروب يجلس وهو يضع قدم على قدم يحتسيه وينظر لها دون مواره او حرج.


لتنقضى تلك الساعه ونصف وهى تحاول التغاضى عن تركيزه معها والتعامل بهدوء إلى أن ضاق به الوقت فعلاً ورأى عمه يدخل القاعه بحثاً عنه يردد بزهول:انت قاعد هنا والضيوف قربوا يوصلوا.


نظر خلفه بتهكم ثم قال:عمو كاظم،كتر خيرك والله ،انا قولت بينا ما صنع الحداد واكيد مش هتيجى.


هز كاظم رأسه وقال:مهما كان زعلى منك بس انت صواف وانا صواف والنهارده خطوبتك ،اكيد مش هسيبك ،حتى لو كنت شايفك انانى وواطى وانتهازى وزباله .


ضحك هارون بشده يسمع كاظم وهو يكمل :بس ده مايمنعش انى اجى اقف معاك فى يوم زى ده.


هز هارون رأسه بيأس ثم قال:فيك الخير والله.


انحرفت عيناه وهو يلاحظ تقدمها منهم تقول:لو سمحت الوقت اتأخر،لازم تجهز.


رفع حاجبه بترقب وهو يجد عمه يقف بانتباه وإعجاب يصفف شعراته البيضاء يحاول إغلاق زار بذلته من على معدته المنتفخة التى تحول دون ذلك يردد: يا مساء الخيرات والحلويات.


مد يده يصافحها:كاظم الصواف،٤٥سنه،اعزب ،وحاسس بالوحده.


هزت رأسها تقول: أهلا وسهلا.

ثم تجاهلته عن عمد تنظر لهارون مردده:لازم بعد ربع ساعه بالظبط تكون داخل القاعه مع العروسه،لو سمحت اتفضل لأن مافيش وقت.


كان ينظر لها بتركيز يشتتها قليلا،يلتوى جانب فمه بابتسامة ملتويه وهو يرى تشتتها من تركيزه عليها لا تقاوم كثيراً.


تدخل كاظم يحشر نفسه فى الحديث وقال: أيوه فعلاً يا هارون انت ازاى لحد دلوقتى مالبستش.


استدار ينظر لغنوة ويقول:لا لالا عندى انا دى،عشر دقايق بالظبط وهتلاقى كل حاجه جاهزه،سبيلى انتى رقمك بس عشان اديكى خبر انه خلص تيجى تستلميه.


رد صوت من خلفه بتهكم:تستلمنى؟! والله عال.


وقف عن كرسيه يتقدم منها بظهر مفرود ثم قال: ماتقلقيش،انا عادة مش بتأخر عن مواعيدى ،صفه من صفاتى يعنى.


شملها من أسفلها لأعلى رأسها ثم قال:ولا بسيب حاجه عجبانى،اوى،اوى اوى يعنى.


كانت تنظر له بتوجس وهو قريب منها هكذا كأنه سمكة قرش وستلتهم سمكه صغيره ،ولجواره عمه الذى اقترب منها هو الآخر مثل هارون وردد بنظرات خبيثه:صواف اوى الواد ده خلبوص صغنن،وانا الخلبوص الكبير...والخبره تفرق،الشيبه دى مش من فراغ.✨💥


رفع هارون حاجبه بضيق غير مبرر يردد:عمممى.


لكن كاظم لم يهتم كثيراً او يبالى وهى كانت تنظر لهما بخوف وعدم راحه وهما مقتربان منها هكذا كأنهما سيفترسانها.


وولت هى هاربه منهم تتبعها أعين هارون يفصل بعينه تقاسيم جسدها تفصيلا بإعجاب يزداد شيئاً فشيئا.


دلف لجناحه يغلق الباب خلفه لكن عمه دلف بعده يقول:مش شايفنى جاى وراك يا واطى.


التفت له هارون يردد: مانا مش بالعها اوى.


وقف كاظم يضع يديه بجيوب بنطاله كإبن اخيه وقال : لأ مانا حبيت المكان خلاص وشكلها هتبقى ليلة لوز اللوز وهتختك خاتمه عنب بإذن الله.


احتدت أعين هارون ينذره بصوت غاضب:كااااظم.


التوى شدق كاظم يقول: إيه،بتنادى عليا،فى حاجه أن شاء الله.


هارون:خليك فى ملعبك ،البنت صغيره عليك ،اهدى هااا،اهدى.


هز كاظم كتفه يقول:بقولك ايه خليك أنت فى عروستك وسيبنى انا القط رزقى.


زادت عصبية هارون وقال محذرا:مالكش دعوه بيها قولت ،خلصنا.


كاظم ببرود: أنا مش عارف انت شاغل بالك ليه،وقاعدلها فى القاعه وسايب الى وراك والى قدامك وماشيلتش عينك من عليها فى إيه؟


اهتز هارون قليلا لكنه تحدث بثبات قدرما استطاع:كنت عايز اشرب عصير ومش ورايا حاجه،انت عارف الرجاله مش بتاخد وقت يادوب هنط فى البدله واحدد دقنى وانزل.


أنهى حديثه ينظر على كاظم وبدأ يتوتر وهو يراه يضع اصبع أسفل ذقنه ينظر عليه فقال:مالك بتبصلى كده ليه؟!فى إيه!؟


التوى فم كاظم وقال ساخراً:من امتى وانت بتبرر لأى حد تصرفاتك؟!!طول عمرك بجح وبتعمل إلى انت عايز من غير ماتهتم بالأعذار .


زاد توتر هارون يسأل: قصدك ايه؟!


كاظم بثقه:يعنى انت بتبررلى ولا بتبرر لنفسك؟


ابتسم باتساع وهو يراه يبتلع رمقه يصعوبه لا يجد رد تقريباً .


فاقترب منه يلتقط إحدى عبوات العصير المعلقه يعطيها له قائلا وهو يربط على كتفه:خد اشرب خد بل ريقك،باين حلقك نشف ومش عارف تتكلم .


نظر له هارون يكابر فردد كاظم: أشرب أشرب ماتتكسفش ،انا زى عمك بردو.


حمحم هارون وفتح العصير يشربه ،بالفعل قد جف حلقه.


وسريعا سريعاً انهى ارتداء بذلته،وهذب لحيته يضع بها عطره الفخم ووقق يطالع نفسه بفخر.


التوى جانب فمه بثقه كبيره وغرور .


تبعه دقات خفيفه على باب الجناح بعدها دلف صديقه الذى اخذ يردد بهيام: الله على الفندق،وجمال الفندق ولا حلاوه الفندق ولا عيون الفندق.


رفع هارون حاجبه يقول بغيظ:عيون مين يا و**.


عض ماجد شفته السفلى يقول : الفندق يا آخى ،وتنظيمه ،هى دى الفنادق ولا بلاش ،احب اوى الفنادق المدملكه البيضاويه.


هارون بغضب:ولاااااا.


ماجد:اييه ياعم مالك كده؟!


هارون: عشان فاهمك،وعارف تقصد مين ،بس أحب اقولك المزه دى تلزمنى ،تمام.


زم ماجد شفتيه يردد:طب ما تسبهالى وانا هفوتلك الحته الجايه .


التف له هارون بغضب ،عادة ما تتم بينهم هذه النوعيه من الاتفاقيات حول من تعجبهم من النساء والفتيات بكل روح رياضيه .


لكن لما الأمر مختلف هذه المره وقد رأى ماجد ذلك بأعين صديقه.


حتى هارون نفسه يشعر بالغضب وأنه لا يجب الحديث عنها هكذا كأنها مشاع.


بل هى ملكيه خاصه،خاصه جدا...بيوم خطبته،يفكر بكل ذلك يوم خطبته.


تقدم ماجد يتفاوض معه وقال: طب مانقسم البلد نصين،خلص وباصى لصاحبك.


أحتد عليه هارون يقول بضيق من الوصف فقط وكونه عائد عليها: أحترم نفسك يا ماجد.


رفع ماجد حاجبه الأيمن يسأل :الله الله الله... مالك كده فى إيه.


راوغ هارون وقال :دى المزه بتاعت امبارح وصادف أنها نفسها المسؤله عن تنظيم اليوم،يعنى عجبانى وتخصنى... اخلع أنت.


ماجد:ده انت النهاردة خطوبتك .


هارون:والنبى إيه؟!طب مانت متجوز ،اوعظ نفسك قبلى يا حبيبي.


ماجد: أى والله عندك حق.


صمت قليلاً ثم قال بأعين لامعه:بس الصراحة..تستاهل دى عليها جسم يل.....قاطعه هارون صارخاً:ماااجد ،خلصنا...


اندهش ماجد كثيرا وقال: خلاص خلاص ياسيدى ..اشبع بيها... اقولك أنا نازل وسايبلك الجناح كله.


كاد أن يغادر لولا صوت هارون الذي استوقفه متسائلاً: هى مراتك ماجتش معاك ولا ايه؟


تسمر ماجد بمكانه لثوانٍ..ثم تحدث بجمود: النهاردة عيد ميلاد أختها .


هارون:تمام.


غادر بعدها ماجد دون الالتفات له مجددا او قول أى شىء والتف هارون ينظر لنفسه بالمرأه بزهو يبتسم وهو يتذكر جمال عيناها وهى تنظر له.


دق هاتف الغرفه باتصال من الفندق يخبره انه حان وقت دخوله هو وعروسه وأنها أيضاً قد انتهت من كل شيء.


أنهى المكالمه وألقى على نفسه نظره مغتره اخيره يغلق أزرار بذلته ثم تقدم بخطى مهيبه يخرج من جناحه ويذهب لعروسه.


وجدها بحال غير التى تركها بها ،فقد تركها منفعله ،مغتاظه وغاضبه.


لكنها الآن هادئه ،حالمه تبتسم وقد اتمت زيتنها وبدت فعلاً كملكة.


رفع حاجبه يردد: سبحان مغير الاحوال.


ابتسمت له تقول بفرحه: فعلاً،بس بصراحه البنت دى هايله هايله هايله،لأ وعندها حل لكل حاجه.


لا يعرف لما تضايق من الأمر،كون لمى أثنت عليها تمدحها.


فتقدم بصمت لا يسأل ولا يستفسر عما أنجزته .


شبك يدها وبذراعه وتقدم يهبط الدرج فى روتين باهت مدروس .


تفتح أبواب القاعه ليدخل وبذراعه لمى بفستانها الأكثر من مبهر .


وهى نفسها كانت جميله وانيقه ،بالاساس لمى جميله جمال لا يمكن نكرانه او التغاضى عنه .


لكنه لم يكن معها بل يبحث عن أحدهم وسط الحضور كطفل تائه يبحث عن والدته.


لكنها غير موجودة...اين ذهبت... ولما تختفى تختفى تهتم بكل شيء إلا هو...ماهو أيضا عريس هذا اليوم ومن صميم عملها الإهتمام به...تبا لها.


الوقت يمر وانقضت اكثر من فقره كانت مميزة بحضور أشهر فنانى الوطن العربي.


كذلك التورته التى طلبتها لمى بكل تفاصيلها..وهاهو يقف يحتضن لمى له برقصه بطيئه هادئه متماايله.


لتتعلق عيناه عليها...هناك..تقف بعيداً.


اشتعلت عيناه يقضم شفته بغضب وهو يراها تقف وبيدها كأس من البرتقال ترتشف منه بهدوء وهى تتحدث مع أحد الأشخاص.


لا يعرف من هو وعلى ما يبدو انه من العاملين بالفندق.


لما تبتسم باتساع هكذا لهذا السمج ،وما كل جمالها هذا خصوصاً بعدما بدلت ثيابها وارتدت بذله سوداء من الستان يتدلى من على كتفيها سلاسل من الفضه مع حجاب سمنى هادئ وزينه بسيطة أتمت طلتها.


لتكن النتيجه وكالعادة مبهره ،ملفته بأقل الإضافات.


يتراقص مع لمى وباله منشغل بتلك التى تقف هناك يراقبها.


تشنجت ملامحه وهو يشعر بتقلص بسيط فى معدته ،جاهد على مقاومته والتأقلم معه.


يراقب تلك التي يليق بها الأسود كثيراً مرتاح بعض الشيء بعدما ذهب ذلك السمج الذى كان معها.


لينتهى أخيرا اليوم وتتقدم منه هو ولمى متسائله:ها... إيه الأخبار ؟كله تمام؟


هزت لمى رأسها برضا تام تردد: هايل.. اكتر من هايل مش كده يا هارون.


هز هارون كتفه يردد:عادى يعنى مش أوى.


رفعت غنوة حاجبها تقول: واضح ان العريس مش راضى عن اليوم خالص.


هز كتفيه كطفل أرعن وردد: لأ بس عادى .. يوم عادى.


ابتسمت تنظر بعينيه تردد بثبات: لأ يوم عادى او مش عادى ده تحسه بفرحتك بحبيبتك وانكو أخيراً اتخطبتوا قدام العالم كله.


صمتت ثوانى وسألت عن عمد خبيث:مش انتو مخطوبين عن حب بردو ولا إيه؟


كانت عيناه بارده كأن ردها معروف ،اما لمى فغيرت دفة الحديث وقالت مباغته: إيه رأيك تشتغلى معايا.


صدم هارون واتسعت عيناه يردد: إيه؟


كذلك كان حال غنوة التى قالت متفاجئه: إيه؟


لمى بتأكيد:هديكى المرتب الى تطلبيه.. أنا شخص بيعشق الشغل المظبوط وبيقدره،هديكى المرتب الى تطلبيه ،وهتبقى مسؤله عن كل واى تنظيم يخص الشركة،انتى مش متخيله الوضع كارثى أزاى،اظن أنك الشخص الصح فى المكان الصح.


صك هارون أسنانه بغضب غير مبرر وألم معدته يتزايد ،وغنوة تقف لم تعطى اى رد فعل.


تحدثت لمى بعجاله: فكرى كويس إحنا هنفيد بعض اوى،انا هطلع اوضتى اغير الفستان وانزل.


غادرت سريعاً وغنوة تراقبها بزهول،بيما هارون يتحدث ببعض الغضب ووجه محمر يظهر على ملامحه تشنج من شدة الألم: أكيد مش هتوافقى صح؟


هزت غنوة كتفيها وقالت: وموافقش ليه؟

هارون:أأأ...مش هترتاحى فى التعامل معاها.


رفعت إحدى حاجبيها وقالت :ليه..انا شايفه انها شخص متفاهم وشاطر وعمليه جدآ،مستغربه بصراحه أنك بتقول كده على خطيبتك.


تقلصت معالم وجهه أكثر واكثر ،يبدو انه كظم ألمه كثيرا.


لتشهق عاليا وهى تجده يسقط بين أحضانها يقول قبلما يفقد وعيه متعلق بها :ماتسبنيش ياغنوه......


الرابع


سرير معدنى بعجلات يتحرك وهو ملقى فوقه لا حول له ولا قوه .


والممرضات تدفع السرير يركضن به للداخل حيث أغلق الباب المكتوب عليه غرفة عمليات.


وقفت بتوتر تحتضن ذراعيها تحك بهم كف يدها عله يولد بعض الدفئ بجسدها البارد.


تنظر على الباب المغلق بتوتر تتذكر كيف سقط بأحضانها متشبس بها كطفل يتيم وأمه.

يطلب منها الا تتركه أبدا.


ظلت على حالتها لأكثر من ساعه  إلى أن خرج الطبيب يزيل كمامته من على فمه يتنهد بإرهاق.


اقتربت منه بخطى بطيئة مترقبه تسأله بخفوت:خير يا دكتور.


تحدث بهدوء وعملية يقول:خير خير...حالة تسمم واضحه جدآ..انتو لحقتوه فى التوقيت الصح ،لو كان اتأخر شويه كمان كان هيبقى الوضع صعب.


صمت يعدل وضع نظارته الطبيه وأكمل: أحنا عملنا له غسيل معده وهو حالياً وضعه مستقر ،هو دلوقتي فى غرفة الإفاقه عشر دقايق ونبدأ نفوقه.


نظر عليها بترقب ثم قال: بس دلوقتي لازم نبلغ الشرطه ونحرر محضر لأن الموضوع فيه شبهه جنائية.


اتسعت عيناها الجميله تفقد الطبيب تركيزه حيث جذبت انتباهه.


حمحم بخشونة يحاول الرجوع لصوابه ثم قال: أنا عن نفسى هبلغ عشان اخلى مسؤليتى وأنتم أحرار بعد كده تكملوا او تتنازلوا،عنئذنك.


غادر سريعا وتركها تقف مستنده على الجدار البارد خلفها.


تراه وهو يخرج مع الممرضات التى تجر السرير المتحرك من إحدى الغرف تذهب به لغرفه اخرى وهو نائم تماماً.


كان ممد على فراشه غارق بعالم ثانٍ..غير هذا العالم ،يرى نفسه مسطح على ظهره بحديقه مزدهرة بالأعشاب والورود الحمراء ينظر للسماء الصافيه وهو يبتسم ليغمض عينيه وهو يشتم نسمات خفيفه عطره تقترب منه وشعر مموج طويل يحط على صدره ...فوق قلبه تحديا ،وجنة طريه منتفخه لامسة صدره يشعر بأذنها على قلبه .


أبتسم لا إراديا يغمض عينيه وبحركه كأنه معتاد عليها مد يده يغرس أصابعه بشعراتها الناعمه الكثيفه يهمهم بتلذذ واستمتاع.


عبث وجهه بضيق وهو يستشعر اصوات خلفه تناديه لعالم لا يريد العودة إليه ،على الأقل حالياً.


فتح عيناه ليرى لمى ووالدها امامه ينظران له بترقب وخوف.


تجعد مابين حاجبيه ينظر حوله باستغراب يسب نفسه وكل شئ .....هل كان حلماً؟!


لكنه شعر برائحتها..يقسم أنه شعر بها.


ألم حاد نهش بقلبه وهو يتذكر سقوطه بأحضانها ،هو شبه توسل لها بألا تتركه.


وبعد كل هذا ،هل ضربت بكل هذا عرض الحائط..لم يرف لها جفن لأجله .


لتذهب وتتركه هو لأحلامٍ تكن  البطله بها بينما هى لا تبالى رغم انه طلبها صريحه.


كان والد لمى هو أول من تحدث مبتسماً: حمدالله على سلامتك يا ابنى.


تحدث بصعوبه أثر المخدر وسأل: إيه الى حصل؟


جاوبت لمى بعدما اقتربت خطوه أخرى: أنا الى عايزه أسألك إيه الى حصل،انا طلعت اغير الفستان واشيل الميك اب،الموضوع أخد منى وقت،لاقيت تليفون من المستشفى للفندق وبعدها الفندق كلمنى يعرفني إنك هنا..بعدها كلمت ماجد بسرعه وكلمت بابا وجينا.


نظر حوله بتشوش يحاول التذكر..تتعاقب على عقله الصور لمشاهد متعاقبة له وهو يجلس ينظر على غنوة وبعدها قدوم عمه،علب من العصائر المغلقه من مصنعها ،عمه يعطيه علبه كى يشربها وبالفعل شربها كلها.


ثم وقوعه بأحضان تلك الفتاه إلى أن استفاق هنا.


فتح الباب ليرى رجال باجساد ضخمه تسد الباب من الخارج وقد دلف الطبيب لعنده بصعوبه بعدما تعركل بهم ينظر لهم بزهول.


ثم يحول نظره على المتواجدين بالغرفه ومن بعدهم المريض،يبتسم بوقار مردداَ:لا عال عال،حمد الله على السلامه ،بقينا زى الفل اهو..انت انكتبلك عمر جديد.


همهم والد لمى يحمد الله بينما سأل هارون بتعب:هو إيه الى حصل يا دكتور.


عدل الطبيب من وضع نظارته وقال: حالة تسمم،وقويه جدا كمان،احنا لحقناك على آخر لحظه.


اتسعت أعين لمى ووالدها بينما هو لم يتفاجئ كثيرا وقال:ومين الرجاله الى برا دى؟


لمى:دول بدى جارد ماجد جابهم من اول ما وصله الخبر..دول وصله هنا قبل ماهو نفسه يوصل.. بيقول أنك لازم تتأمن،انا مش فاهمه حاجه،هو فى ايه ،مين عايز يسممك وليه؟


اغمض هارون عينيه بتعب ورأسه غارقه فى الوساده الوثيره من خلفه ولم يكلف نفسه حتى عناء الرد عليها.


بينما ردد الطبيب: أنا بلغت النيابه زى ما قولت لمرات هارون بيه.


احتدت أعين والد لمى وكذلك هى تسأل ليردد والدها:نعم؟؟ مرات مين؟


اهتز ثبات الطبيب يعيد ضبط نظارته الطبيه وقال: كان فى واحده ،بنت،كانت مع هارون بيه، هى مش مراته؟!


فتح عينه بتفاجئ ولهفه يسأل بضربات قلب تعلوو وتعلو:شكلها إيه؟


جاوب الطبيب بتوتر يخفى ابتسامته المعجبه وهو يتذكر تفاصيلها:هى بنت كده فى أول العشرين وو..


صمت يتذكر اكثر شئ مميز:أأه عينيها مميزه كده.


سمح لدقات قلبه ان تعلو وتعلو وهو يعود برأسه للخلف يتنهد براحه كبيره.. فقد كانت  هنا ..لم تتركه واستجابت لطلبه.


زادت وتيرة أنفاسه يتمنى.. يتمنى كثيرا لو لم يكن حلما وهو يسأل الطبيب:فضل هنا لحد امتى يا دكتور؟


نظر له كل من لمى ووالدها بضيق ،لهفته واضحه للأعمى.


جاوب الطبيب :هو انا مارقبتهاش يعنى،بس هى ماطولتش هنا .


ابتلع رمقه بصعوبه .... لقد كان حلما..حلما فقط.


لكن ماذا عن عطرها المميز الخفيف،لو كان حلماً فأنى له أن يعرفه؟!


ربما يتذكره من رائحتها التى غرق بها وهو ساقط فى احضانها يشتمها بوضوح قبلما يغيب عن وعيه؟


أخرجه من عالمه الخاص صوت والد لمى يسأل بضيق: مين البنت دى يا هارون؟وايه الى يجيبها معاك هنا؟


كان مازال مغمض لعينيه ووجد نفسه يجيب كاذباً:مش عارف ياعمى.. أنا كنت فى دنيا غير الدنيا والدكتور نفسه ماعرفش هى مين.


فكرت لمى قليلا وقالت :بيقول عيونها مميزه... يمكن غنوة؟


سألها والدها:غنوة مين؟


لمى:دى البنت اللي كانت مسؤله عن تنظيم الخطوبه، لأنى سبتها واقفه معاه على ما اطلع اغير الفستان ،ممكن لما وقع مغمى عليه جابته على هنا وبعدها مشيت خصوصاً أنى اتأخرت وأنا بغير.


رفع والدها حاجبه بضيق وعدم رضا يقول:وهى مالها وماله؟


اندهشت لمى تقول:كتر خيرها ،كويس أنها كانت موجوده واتصرفت بسرعه المفروض نشكرها.


صمتت ثم قالت: عموماً أنا كده ولا كده كنت ناويه اتواصل معاها عشان تشتغل معايا ،وهبقى اشكرها نيابة عنك يا هارون.


فتح عينه ينظر لها يردد:انتى لسه مٌصره على الحكايه دى.


لمى:انت بنفسك شوفت هى ازاى انقذت يوم كان عباره عن اخطاء وكوارث ،انا شايفه انها مكسب لأى مكان.


صمت والدها لثوانِ ثم قال :هنبقى نتكلم فى الموضوع ده وقت تانى.. خلينا فى خطيبك دلوقتي.


قالها منذرا كأنه يذكرها ان هارون كاد ان يقتل للتو ،يجب الاهتمام به أكثر من هذا.


حمحمت بحرج واقتربت من هارون تسأله عن حاله تبدى اهتمام أكثر بعدما انتبهت بالفعل.


________سوما العربي_________


كانت تجلس خلف قضبان الشرفه القريبه من الشارع جدا تنظر بهيام ذلك الفرعون الأسطورى عريض المنكبين فارع الطول شديد الهيبه ذو الطله المبهره يقف مع احد رجال الحى يتحدث باهتمام ووقار يٌسكر العقل .


تضع قبضة يدها الصغيرة مضمومه تحت ذقنها تنظر له بحالميه تبتسم دون سبب .


لقد كانت على حق حين اتبعت حديث قلبها وسافرت إلى مصر.


لتتقابل مع فرعونها المثير كما لقبته من اول ما رأته.


كان يتحدث بموضوع هام مع أحد رجال الحى ولا يعرف لما يشعر ان هناك زوج من العيون تراقبه.


حانت التفاته جانبيه منه حيث شعر بمصدر النظرات.


لترتبك عيناه وملامحه كلها ،تهتز تفاحة ادم خاصته وهو يرى نظراتها المسلطة عليه بتركيز شديد يفوح منه الفخر والزهو وأيضا الاعتزاز.


بلا اى تحكم يجد نفسه يبتسم ابتسامه جميله لأول مرة يبتسمها بحياته وهو نفسه لا يعرف أنه فعل.


رمش بعيناه وهو يرى من بعيد تقدم غنوة وقد تأخرت كثيراً عن موعد روجوعها من عملها.


التف بكامل جسده بعدما غادر محدثه وبقى هو واقف بقلق ينتظرها حتى اقتربت منه فناداها:غنوة.


توقفت تنظر له بتعب شديد وبال مشغول فاقترب منها يسأل: إيه الى اخرك كده؟


تنهدت بتعب وقالت: ده كان يوم ولا كأنه فيلم هندى ،كله عك فى الشغل وختمت بجريمة قتل ،كويس أنى عرفت اخلع اصلا.


كانت مازالت على وضعها تجلس فى الشرفه تراه وقد انصرف بنظره عنها،ألم بسيط غزى قلبها وهى تلاحظ نظراته لغنوة.


نظره معروفة ومحددة الهويه للأعمى،حزنت كثيرا لذلك وتمنت أن ما شعرت به غير صحيح.


لكن نظرات حسن كانت موزعه مابين غنوة الواقفه معه وتلك التى تجلس خلف قضبان شرفتها كالساحره الصغيره تنظر عليهم.


يشعر بارتباك وتشتت غير مفسر او معلوم سببه.


لكنه سأل غنوة: عملتى ايه مع أختك؟


اتجهت عيناها حيث منزلها تراها تجلس فى الشرفه مثلما تجلس هى دوماً.


رغماً عنها ابتسمت،رغم بغضها لوالدتها والتى هى الشخص المشترك بينهما.


لكن بتلك الفتاه سر،أم ان السر بصلة القرابه او كلمة أخت التى زلزلت كيانها.


أم حضنها وعاطفتها التى غرقت بهم اول ما احتضنتها لها؟؟


تتذكر انها لم تتحدث معها بأى شىء فقط نظفت لها غرفتها وطلبت منها ان ترتاح اليوم من مجهود السفر وللحديث بقية.


وفى الصباح خرجت سريعاً وتركتها غافيه بعدما فتحت باب غرفتها بهدوء ،ارادت الاطمئنان عليها قبلما تغادر.


وجدت نفسها تبتسم لها ابتسامه كبيره حانيه والأخرى تنظر لها مبتسمه أيضاً.


عاودت النظر لحسن تقول:لسه هنتكلم.


أخذ نفس عميق يتحدث مستغرباً:بس انا مصدوم أزاى ليكى اخت .


صمت يحمحم بارتباك وردد بحرج:وليه موقفك الغريب ده من والدتك؟؟!


على ذكر تلك السيره تشنجت ملامحها وترتر جسدها تنظر لها نظره حانقه وقالت باقتضاب:حسن لو سمحت انا مابحبش أتكلم فى القصه دى ولا افتحها من قريب او من بعيد.


استغرب ردة فعلها كثيرا ،لكنه هز رأسه بإذعان وقال:تمام تمام.


تحركت تقول باقتضاب:عنئذنك.


لم تترك له فرصه كى يسألها عن ما حدث وكيف انتهت القصه التى تحدثت عنها وجريمة القتل تلك.


بل سارت بتعب تحت انظاره تقترب من بيتها تتسع ابتسامتها أكثر وهى تنظر تجاه نغم التى تنظر لها هى الأخرى بحنان.


فتحت الباب تراها واقفه تبتسم لها مردده: حمدالله على السلامه.


ابتسمت هى الأخرى تقول: الله يسلمك،نمتى كويس.


نغم براحه: جدا.


مازلت الابتسامة تملئ وجهها وهى تتقدم منها تلقى حقيبتها على الأريكه وترتمى على الأخرى.


تمد يدها لها قائله:تعالى اقعدى نتكلم.


اقتربت نغم تجلس بجانبها ،تنظر لها مبتسمه تتأملها بهدوء ثم قالت:طلعتى شبهى.


ضحكت غنوة وقالت:انتى الى شبههى،انا اكبر منك .

نغم:هما سنتين بس.


باغتتها غنوة بسؤال مّلِح:جيتى ليه يا نغم؟


تلاشت ابتسامة نغم مبتعده عن المرح او الشقاوه ،بل تحدثت بجديه تقول:كذا حاجه،وكلهم مهمين،انتى أولهم.


جعدت غنوة مابين حاجبيها تنظر لها مستفهمه ،فجاوبت نغم دون سؤال آخر:انتى كنتى آخر أمل ليا .


لا تعلم لما عصف الألم بقلبها على تلك الفتاه،يبدو وكأنها كانت تتألم دون كلام.


كأن الحديث لم يجدى او يّفهَم،لو تحدثت مع من حولها لن يفهمها.


هذا ما شعرت به غنوه من مجرد نظره الألم بأعين تلك التي عرفت منذ ساعات انها شقيقتها.


تنهدت نغم واعتدلت بجلستها تعود برأسها للخلف تستند على ظهر الأريكة المبطن وقالت وهى شارده بالسقف القديم: انتى كنتى أخر أمل ليا يا غنوة.


التفت بعنقها وهى مازلت متكئة برأسها للخلف تنظر لشقيقتها وقالت:صعب اوى لما تبقى كل حياتك عايشه وسط ناس مفيش فيهم ولا حد فهمك، حتى مش بيحاولوا،الأصعب بقا أنهم شايفين أنه ايه التفاهه دى ،انتى متخيله؟!


اخذت نفس عميق تغمض عيناها وهى تقول:من أول ماعرفت ان ليا اخت،مصريه،وكمان أكبر منى حسيت براحه ،وانه فى امل...انا كنت محتجاكى.


صمتت تنظر لها بعمق:وطلعتى انتى كمان محتجانى 


نظرت لها غنوة تكابر مردده: أنا؟؟


اكتفت نغم بإماءه بسيطه ترد بثقه:ايوه أنتى..انتى ماشفتيش شكلك كان عامل ازاى وانا بجرى عليكى أحضنك،كأنك ممتنه،محتاجه الحضن ده،اتفاجئتى بيه واكتشفتى انك محتجاله ،حمدتى ربنا إن ليكى حد.


اتسعت أعين غنوة بصدمه،هذه النغم وكأنها طبيب نفسى ام لديها قرون استشعار،لقد عرتها تقريباً،قالت كل ما شعرت هى به تلك اللحظة .


ابتسمت لها نغم وأكملت: أنا كمان محتجاكى زى ما انتي محتجانى،مع انى ماعرفش لسه عنك حاجة بس حاسه فينا كتير من بعض.


أبتسمت غنوة تهز رأسها ثم قالت: أنا كمان.


رفعت نغم قدميها من على الأرض تجلس القرفصاء على الأريكة بعدما التفت بكل جسدها تنظر لغنوة مردده بحماس:طب قولى بقا ياستى،احكيلى كل حاجه عن نفسك وعن شغلك كله كله.


على ذكر سيرة العمل ارتفع رنين الهاتف باتصال من رقم غريب.


جعدت مابين حاجبيها مستغربه ثم فتحت المكالمه ليأتيها صوت مألوف بعض الشئ فقالت:الو.


كان الرد من صوت انثوى يقول: ألو

غنوة: مين معايا


رد عليها الصوت الأنثوى يقول: انا لمى..لمى صفوت..خطيبة هارون الصواف الى كانت خطوبته النهاردة.


غنوة:ااه اه أهلا وسهلا بحضرتك.


لمى: أهلا بيكى..انا جبت رقمك من الفندق ،حبيت اولا اشكرك إنك اتصرفتى بسرعه مع هارون ونقلتيه للمستشفى.. وثانيا حبيت اسيب معاكى رقمى وكمان اديكى عنوان الشركه لأنى بصراحه بجدد عرضى ليكى بالشغل معايا وأعرفك أنه انا مستنياكى بكره وده مش انترڤيو انتى هتستلمى الشغل على طول.


اتسعت أعين غنوة تبدو أكثر جمالاً وقالت بعدما ضحكت بخفه: لأ يعنى..هو ده بجد...ده انتى واخده القرار بالنيابه عنى.


ضحكت لمى تقول مازحه:ايوه وببلغك بس.


ضحكت مجددا تخبرها أنها تمزح فقط ثم تحدثت بجديه من جديد:هو بصراحه أنا بقدس الشغل والناس الى بتقدم شغل كويس خصوصاً لما تبقى فى حاجه ليها علاقه بيها،شغل التنظيم مش حد مدخل بيانات ولا كول سنتر او حتى آر إتش لأ،ده حاجه ليها علاقه بتعاملاتى أنا اليوميه يعنى التيم بتاعى أنا وده بيخيلنى بنقيهم على الفرازه زى ما بيقولوا عشان كده أنا هاخدك معايا بأى شرط وبأى مرتب .


لم تسمح لها بالتفكير طويلا تقول بسرعه: معادنا بكره الساعه عشره فى مقر الشركة هبعتلك اللوكيشن على واتساب للرقم ده.. اتفقنا؟


صمتت غنوة ثم قالت بتردد:اتفقنا.


لمى:سلام.

غنوة:سلام.


اغلقت الهاتف تنظر له بشرود بينما سألتها نغم:فى إيه؟


نظرت لها غنوة بصمت ثم قالت:ده عرض شغل جديد .

نغم:عرض حلو يعنى؟

غنوة: مش عارفه.


نغم:طب احكيلى الأول عنه وعن صاحبته وبعدها نشوف .


بالفعل نظرت لها غنوة تحكى لها كيف تعرفت على تلك الفتاه وما عرضته عليها .


_______سوما العربى_________


_المره دى قريبه اوى،لما توصل لتسمم يوم خطوبتك ده معناه حاجه واحده بس.


كان هذا صوت ماجد الذى يجلس على احد الكراسى امام هارون المتسطح على فراشه.


ليجيب هارون بأعين بارده: إن الى بيعمل كده حد قريب منى،قريب اوى.


اغمض عيناه بتعب يقول: ومش بعيد يكون من دمى.


زوى ماجد مابين حاجبيه يقول مستغرباً:قصدك مين؟شكلك بتتكلم عن حد معين.


هارون:انا تقريباً طول اليوم ما أكلتش،والى شربته فى القاعه كان نبيت،بعدها علبة عصير جبهالى كاظم .


اتسعت أعين ماجد بصدمه وهو يسمع هارون يكمل: السم كان شديد المفعول لولا النبيت الى كنت شاربه انقذ الموقف شويه،ده عايز يقتلنى ومش صابر حتى عايز يخلص بسرعه.


دار ماجد حول نفسه بغضب ثم توقف أمام هارون وقال:وهتعمل إيه يا صاحبى؟


هارون: هعمل إيه؟أسجن عمى؟ونتفضح في السوق كله؟


بالفعل هذا كل ما كان يشغله،فلو أقدم عمه على قتله بكل تأكيد شخص كهارون لن يفضله على نفسه هو بالأخير بشر.


لكن ماجد كان مستغرب بعض الشئ وسأل: يعنى مشكلتك الفضايح فى السوق مش انك مش عايز تسجن عمك وتبهدله؟!


نظر له هارون يردد بقوه:انت عارف مبدئى فى حياتى يا ماجد"الى انا أهون عليه هو عليا اهون".


بالفعل كان هذا مبدأ حياه لدى هارون وسار عليه كثيراً وقد عاشر ماجد ذلك فهم أصحاب من الثانويه.


هارون لا يبقى على شخص حاول أذيته ،ولا يشفع لمن أقدم على ذلك أى شىء لا عشره ولا قرابه ولا اى موقف حلو بينهما.


جلس ماجد على الكرسى مجددا ثم قال: على العموم انا طلبت حراسه تأمن المستشفى لحد ما نشوف إيه الى هيحصل وهما من امبارح ماليين المكان.


هز هارون رأسه مؤيدا ليصمت ماجد هو الأخر يعود برأسه للخلف بتعب .


نظر له هارون وسأل:مالك؟


صمت ماجد ولم يجب فسأله هارون:انت لسه ابوك ممانع تعمل شغل خاص بيك؟


هز ماجد رأسه إيجاباً ليسأل هارون من جديد:يا سيدى خلاص سيبك ماكل ده هيبقى ليك لوحدك ..انت الوريث الوحيد لعيلة الدهبى.


نظر له ماجد ولم يعلق إنما صمت بعدما تنهد بتعب وقال بإيجاز:انا ماشى..هجيلك الصبح.

أوقفه هارون يقول:استنى استنى، لا صبح ولا ضهر انت تروح تخليهم يكتبولى على خروج انا مش بتاع مستشفيات.


ماجد برفض تام:لازم تقعد هنا عشان يتابعوا حالة قلبك دى حاجة مافيهاش هزار.


هارون بضيق:مااجد،خلصنا..علمت رسم قلب من شوية وكله تمام،انت عارف أنا أكره ما عليا نومة المستشفيات،هتخلص انت اجراءت الخروج ولا اقوم أنا،انا مش عويل هعرف أتصرف.


ماجد: خلاص خلاص هروح أخلص.


بالفعل بعد بعض الإجراءات ورغم رفض الطبيب لكنه بالفعل خرج وذهب لبيته يفكر بذلك الحلم الجميل.


________سوما العربي__________


عاد ماجد بعدما أوصل هارون ودخل لبيته حيث قصر كبير أوله بوابه الكترونيه ضخمه تفتح لك أبوابها لترى من خلفها حديقه واسعه بها طريق طويل بأخره الباب الداخلي للبيت.

الذى ما ان يفتح حتى تتقابل مع مجموعة رائعة من التحف.


دائما ما بغضها وبغض رؤيتها .


بعدها تجد نفسك امام مائده طويله عليها أصناف معده بمنتهى الجوده لأفراد عائلة الذهبى 


الجد مصطفى الذهبى وابنه محمود والد ماجد وفريال هانم والدته وزوجة محمود.


كان ثلاثتهم بانتظاره على مايبدو لتناول العشاء فتقدم يلقى السلام: السلام عليكم.


التف له مصطفى يقول بحب: حمدالله على السلامه يا حبيبي... تعالى إحنا مستنينك.


جلس على مقعده المعروف وسطهم يرد على الجد: الله يسلمك يا جدى.


تحدث محمود بعتاب وقال:مش كنت تقولى انك هتلغى اجتماع النهاردة يا ماجد بدل ما اتفاجئ أنا.


زم شفتيه بحرج ثم قال:اعذرنى النهاردة كان خطوبة هارون ونسيت خالص.


تدخلت والدته تسأل بحده:ولما هو كده ما اخدتش مراتك معاك ليه ماهى قاعدة هنا طول اليوم بدل ماتروح لوحدك والكل عارف إنك متجوز.


ضحك بسخرية يشوبها الألم، متزوج؟!


نظر لها نظره عتب واتهام وهى ابتعلت رمقها بصعوبه  ارتباك تعلم أنه غير مرتاح وغير راضى .


لكنها ضغطت عليه كثيراً ،كانت تريد لهذه الزيجه ان تتم بأى شكل وبأى صوره..كى يعزز أبنها وضعه بالسوق والعائلة  بالتالى يقوى موقفها هى الأخرى وسط عائلة الذهبى وهى أم الوريث.


وهو فعل..استمع لحديثها وفعل، ليندم يوميا  وهو يحيا وحده تلك العيشه البائسه.


نظر على والده وجده وجدهم غير راضين تماماً يعلمون جيداً أنه غير مرتاح.

الأمر لا يحتاج صلة دم او قرابه كى يشعرا به فقط هو واضح للأعمى.


ابنهم غير مرتاح وغير متوافق فى زيجته تلك،هم أنفسهم غير مرتاحين لتلك الفتاه.


طباعها غير طباعهم بالمره ،ولم تكلف نفسها حتى عناء التطبع بطبعهم .


اخذ نفس عميق ثم جاوب والدته: قولت لها وهى ماحبتش تروح ،اغصب عليها مثلاً؟


صمتت فريال ولم تتحدث رغم الحده الظاهره بعيناها .


نظروا جميعهم على درج السلم حيث تهبط الدرج زوجة وحيدهم  صاحبة الثلاثين عاماً تصغر زوجها بثلاث سنوات.


أنها "ندى الاباصيرى"ابنة وزير الصناعه والتجاره بالطبع الإسم وحده كافى لإتمام اى زيجه وغض الطرف عن اى شئ حتى لو لم تكن صاحبة جمال عالى ولا حتى متوسط ،لكن المال يتكلم.


له لغه خاصه،فجمال الملابس والأنفاق على عمليات التجميل صنعت جسد خرافى منحوت بدقه بوجه  يصرخ من كثرة الشد والنفخ.


تتحرك بزهو تجلس لجوار زوجها دون السؤال حتى عن حاله ملقيه السلام على الجيمع تنظر لفريال وتبتسم ومحمود يهز رأسه بسخط فهى نسخه من فريال ولا يريد لابنه أن يصبح نسخه منه أيضاً.


______سوما العربى________


صباح يوم جديد 


وقفت تنهى ارتداء ثيابها تحت نظرات نغم التى قالت:حلو اوى الحجاب  الابيض عليكى..طالعه زى الملاك.


ابتسمت لها غنوة فى المرأه وقالت:طب مانا ملاك هو انا فى زيى.


رفعت نغم إحدى حاجبيها وقالت:التواضع اتخلق عشانك.


ضحكت غنوة ثم ابتعدت خطوه تنظر على هيئتها كلها من بنطالها الأبيض يعلوه جاكت من الجوخ باللون السماوى مع حجاب ابيض كالحليب وشنطة ظهر مناسبه .


ألقت لنغم قبله فى الهواء ثم غادرت سريعاً.


خرجت من البيت تنظر بساعة يدها قبلما تصدم بحسن الذى قال:على الصبح كده من أولها ماشيه تخبطى فى خلق الله،امال على آخر اليوم هتعملى ايه؟


ابتسمت تقول بود: صباح الخير يا حسن،ماعلش اصلى متأخره ولسه هروح للشيخ زايد يعنى حوار.


هز رأسه وابتسم يقول: حلو..انا كنت رايح هناك بردو لناس صاحبى،تعالى اخدك فى طريقى بدل المواصلات.


وهل سترفض؟ يعنى توصيله مريحه ومع حسن وحدهم ... بالتأكيد وافقت.


وصل صباحا لمقر الشركة لدى لمى،يسأل نفسه منذ متى وهو يأتى مبكراً ولما خرج بثانى يوم من مغادرته المشفى.


أم لأنه عرف بقدومها اليوم للعمل؟


وقف فى شرفة مكتب لمى يحتسى ثهوته الى ان تنتهى من بعض الأعمال فى المخزن.


دقق النظر بعيناه  يتأكد وهو يرى صاحبة العيون الآسره تترجل من سيارة أحدهم ،بل وترجل هو الأخر .


احتدت عيناه يضع فنجانه بجانبه دون النظر أن كان وضعه صحيحا أم وقع وسٌكب ما به.


كل اهتمامه بتسليط النظر على ذلك الشاب مفتول العضلات ضخم الجثه الذى ترجل يمزاحها وهى تبتسم له بمرح تجيب عليه ثم تبتعد وهى تلوح له تبدو السعاده بوضوح على محياها.


تشنج فكه وانفه تهتز لا إراديا من شدة الغضب الغير مبرر .


يتابع كل منهما يوزع نظراته بينها وبين ذلك الوسيم.


ثم تحرك خارج مكتب لمى ووجهه لايبشر بالخير أبدا....


الخامس 


كان يسير بخطى سريعه وغضب غير مبرر يتفاقم داخله.


تخرج من سيارة رجل مفتول العضلات وتخصه بنظره غير عاديه أشعلت النار بصدره.


وهو.... هو تبتعد واضعه حدود قويه تلزمه ألا يتجاوزها ،رغم ابداءه لإعجابه بها وهو عادة لا يفعل.


تركته وهو طريح الفراش وغادرت،واحده أخرى غيرها لكانت ظلت لجواره حتى اطمئنت عليه وعلى صحته،تهتم به،تطعمه فى فمه وتتقرب منه .


لكنها اوصلته للمشفى وغادرت تذهب لبيتها ولم تكلف نفسها حتى السؤال عنه مره اخرى بعدها على سبيل الذوق حتى.


استقل المصعد الذى وصل به حيث الطابق الأول .


بينما هى دلفت للداخل وهى تتلفت تضحك بانشراح وحيويه تنظر خلفها لحسن الذى كان يراقص لها حاجبيه صانعا من فمه شكل مضحك بحركه لطالما فعلها منذ ان كانا صغاراً يلعبان معا فى الحى.


تحت أنظار ذلك المرجل المشتعل ينظر عليهم بعدما فتح باب المصعد ولم يغلق بعد ينتظرها.


وقفت عند فتاة انيقه فى الإستقبال تسأل عن مكتب الأنسه لمى ،تخبرها بأسمها وإنه يوجد موعد متفق عليه بينهما.


أبتسمت لها الفتاة ببشاشه واردفت: أيوه عندى خبر بكده،اتفضلى هى عشر دقايق وتبقى عندك ،المكتب في الدور الرابع .


ابتسمت لها غنوة تومئ برأسها شاكره ثم تسير ناحية المصعد حيث ينتظر ملك العالم فى البجاحه.


كانت تتقدم بعدما رأته بخطوات متردده،ترى بعينه شئ غريب وغير مريح.


نظرت للمصعد المجاور مقرره الا تصعد معه بمكان ضيق هكذا ،ستستقل مصعد آخر.


ابتلعت رمقها بصعوبه ترمش بعيناها الجميله فتزيد اشتعال شئ ما داخله غير محدد الهويه بعد.


وتفاقم غضبه وهو يراها تضغط بأصبعها القصيره من يدها الممتلئه على زر المصعد المجاور ليزداد غيظه.


فأولا تأتى مع رجل وسيم..وسيم جدا وهو نفسه لاول مره يشعر بأنه يغار من رجل بينما هى تبتعد عنه غير سامحه بأى حديث .


وثانيها لا تريد استقلال نفس المصعد معه...لاااا ليس ذلك فحسب.


المتغطرسه عديمة الزوق والاحساس لم تكلف نفسها وتسأل عن صحته،تلك البارده السمجه ألم تنقله بنفسها للمشفى وتعلم أنه كاد أن يقتل.


صك اسنانه بغيط فحتى الطبيب ظنها زوجته وهى ..... هى عديمة الزوق تفتقر للشعور والإحساس.


تعطل عقله عن التفكير جيدا وبعدما سيطر الغيظ واشياااااء أخرى على عقله.


فمد يده بحركه سريعه يجذبها معه داخل المصعد ويضغط رز الصعود .


بينما هى شهقت عالياً بصوت لم يسعفه الوقت كى يظهر للواقفين بالطابق الأول حيث أغلق باب المصعد عليها هى وشهقتها معه.


كانت تنظر له بأعين متسعه غاضبه ومذهوله أيضاً.


وصرخت فى وجهه قائله بغضب: أنت إيه الى عملته ده ،انت اتجننت؟


التوى جانب فمه بابستامه ساخره،شيطانيه ،لن تنكر او تكابر .. فقد دبت تلك الابتسامة الرعب فى قلبها.


والتمعت عيناه ببريق مخيف ،تتسع عيناها الجميله وهى ترى جسده مثبت أمامها لكن يده امتدت لتضغط على ذر عطل تحرك المصعد وبقى معلق بين الدور الثاني والثالث.


وهى بالأساس تخاف من المصاعد..تخاااف من المصاعد وتستقلها مرغمه .


هنا دق ناقوس الخطر بعدما اهتز المصعد قليلا وشعرت به يتوقف متعلقا.


وصوت بغيض كريه يردد بنبرة شيطانيه: على الهادى يا حلوه..على الهادى ،ده انتى نهارك نادي النهاردة.


المكان بالأساس ضيق وهو أيضا تقدم يقترب منها ،يضع يداه على حائط المصعد من خلفها يحاصرها بين الجدار وجسده وهى تتنفس بصعوبه خوف منه ورعب من تعلق المصعد .


ابتلعت رمقها بصعوبه وتنفسها يضيق،صدرها يطبق عليها لكنها حاولت التحدث بقوه وثبات واهى وهو يعرف ذلك مردده: أبعد عنى،وشغل الاسانسير تانى،انت إيه الى بتعمله ده أصلا؟


ببسمه صغيره من فك ملتوى ردد: وأبعد ليه؟مانتى حلوه وقطقوطه وبتعرفى رجاله اهو،امال عامله عليا انا خضرا الشريفه ليه،ده انا حتى سخى وأيدى فِرطه وبدفع حلو.


علت وتيرة انفاسها استجمعت بعض قوته وأقصى ما استطاعت فعله فى ظل خوفها وارتعابها أنها دفعت جسده بعيداً عنها ليصدم بالجدار الأخرى للمصعد وقد استدارت عينه من فعلتها وفقد ثباته يردد :بقا انا تسبينى مرمى فى المستشفى وتمشى رغم انى طلبتها منك بلسانى وانا الى عمرى ما احتاجت لحد ولا طلبت من حد يكون جنبى.


صرخ عاليا أكثر بلوع: ترميني وتسبينى وتمشى؟؟!


خفف الاستغراب والصدمة من خوفها،ارتبكت لثوانى تردد :انا.. أنا مااا.. أصلى... أنا...


صرخ بها وهو يجدها لا حديث لديها او مبرر وإلا كانت قالته بقوه : إيه ..ها..ولا اتأخرتى على الجو بتاعك ...هااا.


اخذت نفس متهدج ثم قالت بثبات: ده مش جو.


لمعت عيناها تقول بطريقة مستقزه...كأنها متعمده:ده حسن.


هل نطقت إسمه بطريقة فيها نوع من التلذذ أثارت غضبه ينظر لها بصورة مرعبه وقال وهو يرفع إحدى حاجبيه :ومين سى حسن ده كمان.


كتفت ذراعيها تعطى نفسها بعض الحمايه ثم قالت بهدوء:سؤال حضرتك غريب.. جدا بصراحه.


اهتز فكه بنفس الابتسامه المخيفه يقول :جاوبى عليا احسنلك.


سيطرت على خوفها بصعوبه وقالت بثبات: اصلا مجرد انى اجاوب دى اهانه كبيرة ليا ..اجاوبك بتاع إيه ماعلش...هو أصلا من البدايه انت مالكش حق السؤال او الاستفسار،هو أنا أعرفك؟انت تعرفنى؟!


ضحكت تردد مستهزءه :الى يشوف طريقتك وانت بتحقق وتسأل وتستفسر لأ وكمان مستنى رد شافى وافى وسريع يقول إننا متجوزين من خمس سنين مثلا وعندنا آسر وحنين.


صمتت ثوانى ترميه بنظره ساحره مقصوده ثم تكلمت من جديد: ده انت لسه شايفنى أول امبارح،انت بتسأل فى الى مايخصكش .


احتدت عيناه ،وهى كذلك تكمل بخطاب شديد اللهجه:بلاش تكمل عشان أنا مش كيوت زى ماهو واضحلك أنا  الشغل علمنى كتير اوى.


عض على شفته السفلى يقول بنبره لعوب مقصودة: إيه؟بتخربشى؟!


غنوة بثبات: حاجة زى كده.

أبتسم بتلاعب يردد: بموت في الشراسه.


اهتزت شفتها العليا بنفور وغضب منه ،بينما عيناه مازالت تلمع .


اغضمت عيناها تأخذ نفس طويل تزفره بهدوء وتحدثت بحلم:شغل الاسانسير لو سمحت.


لم يجيب عليها ،بل كان منشغل بتمشيط جسدها كله بعيناه كأنه يلتهمها بتلذذ خصوصا بوضعه هذا،قربه منها ومحاصرته لها،وإغماضها لعيونها.


فتحت عيناها لتصدم عيناه بهم تسحره كل مره بطريقة لا هوان بها .


حينما لم تجد رد منه رددت من جديد:لو سمحت شغل الاسانسير.


لم يجيب ذلك البغل معدوم الإحساس،يتحرش بها بنظراته القذره تلك وهى بدأت تفقد السيطرة على خوفها بعد طول مدة تعطل المصعد مع ضيق المكان واقتراب ذلك الضخم منها.


فتحدثت بنبره متوسله:لو سمحت بقا،أنا بخاف من الاسانسيرات.


نظرت له وجدته يعض جانب شفته من الداخل ثم قال:طيب،هجيب معاكى من الأخر.


صمت ثوان ثم أكمل: انتى وبصراحة عجبانى،اوى..اوى اوى يعنى.


كانت الذهول واضح على محياها ليس لأنه معجب فهى كانت ترى ذلك بعيناه،بل صدمها تصريحه بذلك .


أكمل بثبات: إيه رأيك نتجوز؟


اتسعت عيناها حد الاستداره وقالت :أيه؟


تحدث بجديه وقال:معاكى يومين...يومين بس تفكرى.


لقد صدمت من تصريحه الواضح بالاعجاب ليصدمها بطلبه للزواج ،وعلى الفور قفزت صورة حسن لرأسها وكادت أن تتحدث :نتجوز ازاى أنا....


قاطعها وهو يقول:هنتجوز عرفى وهكتبلك المبلغ الى تطلبيه.


احتدت عيناها وعلت وتيرة انفاسها تفقد أعصابها مردده:انت اتجننت ! أنت....

قاطعها مجددا يقول بهدوء :براحه بس على نفسك... إحنا نبتديها فى الأول عرفى .


صمت ثوانى ويمشط جسدها للمره المئه ثم أكمل بزهو مستفز:وانتى وشطارتك بقا.


مال على أذنها يقول:لو عرفتى تعجبينى وتملى دماغى ممكن احول الجواز ده لشرعى.


اغمضت عيناها تحاول ان تأخذ شهيق وزفير تستدعى ثباتها كى تناظره وترد.


وببراعه تحسد عليها فتحت عينها تبتسم وهو تنظر على رأسه: ماشاء الله عليك..قرعتك مقويه قلبك.


اتسعت عينه من حديثها وكاد أن يبتسم يعتقدها مزحه.


لكنها اكملت تتكئ على كل حرف مردده: شكلك غنى وفعلا هتدفع مبلغ كويس .


ضحك بثقه وفخر وهى ابتمست له باتساع ثم أكملت وهى تضحك عليه بطريقه مهينه:بس تخيل إنك فعلاً مش عاجبنى لدرجة انى هضحى بمبلغ اكيد هيكون ضخم لأنك مش بس مش حلو ولا واو قدامى لأ ده انت حتى مش مبلوع.


صمتت ثوانى تكمل بنزق وهو تحرك مقدمه ثيابها من على صدرها بأناملها علامه على التهوية لضيق التنفس:دمك تقيل على قلبى.


شعرا باهتزاز المعصد كبداية لتحركه من جديد،اخذت نفس متهدج مرتاح فعلى مايبدو شعر احدهم بتعطله وضغط على الزر لرفعه.


نظر حوله يدرك انها على وشك الفرار من المصيده التى صنعها لها.


يتكئ براحتيه على جدار المصعد خلفها يقول:ومين بقا الى عاجبك ...الشاب الى انتى جايه معاه مش كده؟؟


أبتسمت تردد بهيام تستفزه:حسن...هو فى زيه،ده الشاطر حسن بتاعى.


اتسعت عيناه بغضب يستشعره لأول مرة بحياته وصرخ بها :اه يابنت ال....قاطعته بصراخ: أحترم نفسك واحفظ ادبك..وخلى بالك ثوانى والأسانسير يفتح ويمكن خطيبتك تشوفك .


اعتدل فى وقفته يبتعد عنها يضع يديه فى جيوب بنطاله ثم قال باستفزاز معتقد أنه هكذا يرد على حديثها السابق: عندك حق،انا ماعنديش واستعداد ابدا أخسر زوجه زى لمى.. عشان كده خطبتها قدام الدنيا كلها.


اشتعلت عيناها وقبل ما تخرج قالت: صراحه عندك حق،وهى خساره فيك على فكره.


خرجت بخطى ثابته تسأل عن مكتب لمى ثم اختفت داخله بعدما أذنت لها السكرتيره بذلك.


وهو ضغط على زر المصعد كى يهبط به مجددا يتجه حيث وقفت سيارة حسن.


ظل يبحث عنه هنا وهناك لكنه لم يجده وحينما سأل عليه قال له الحارس أنه قد غادر.


ليضرب يده براحة اليد الأخرى وعلى الفور يهاتف صديقه الوحيد:انت فين.


جاء الرد من ماجد :هكون فين ،فى الشغل.


هارون:تعالى عايزك.

ماجد بتعب: ابويا كلمنى دلوقتي وانا رايحله مكتبه بيقول عايزنى فى موضوع مهم،هخلص واجيلك.


هارون بسأك:طب انجز.


ألقى عليه السلام واغلق الهاتف يزفر بغضب يتوعدها هى وذلك الشاطر.


__________سوما العربى______________


بخطى رتيبه تقدم ماجد من مكتب محمود يدق الباب بهدوء إلى أن سمح له.


دلف للداخل يجلس أمامه بتوتر..بالتأكيد وصله الخبر فلا شئ يخفى بالسوق ولذا استدعاه ليتحدث معه.


فكان هو من باشر الحديث يقول :بص أنا عارف إنك كنت معارض بس انا حابب أعمل شغل ليا على جنب واكبره.


مسح محمود على وجهه براحتى يده ثم قال: أنا عرفت اكيد .


أخذ نفس عميق ثم قال:بس مش ده اللي عايزك فيه دلوقتي... انا عندى موضوع مهم وخطير.


نظر له ماجد باستهجان يسأل: موضوع؟موضوع إيه؟!


اخذ محمود نفس عميق ثم بدأ يتحدث بصعوبه: أنا.. احمم..زمان .. كنت انت لسه صغير حوالى عشر سنين..حبيت بنت كانت بتخدم فى البيت عندها.. امك زى مانت شايف وعارف طبعها... وانا كنت ...كنت تايه وفى عز شبابى ...شوفتها عجبتنى ،فضلت ألف وراها لحد ما اتجوزتها،احمم،عرفى.


كان ماجد يستمع له بذهول يرمش بأهدابه من الصدمه .


بينما اكمل محمود بصعوبه فالقادم أصعب حيث قال: بعدها اتفاجئت إنها حامل،ماكنش عندى القوه أنى اواجه جدك ووالدتك،طلبت منها إنها تنزل الطفل ده وهددتها أنها لو مانزلتهوش انا مش هتعرف بيه ولا انى اتجوزتها اصلا خصوصا ان الورقتين كانوا معايا.


ابتلع ماجد رمقه بصعوبه وهو يرى والده محنى الرأس يكمل بتأنيب ضمير:وشكلها خافت بجد ،تانى يوم اختفت.


رفع رأسه ينظر لماجد وقال بسرعه:بس انا والله عرفت غلطتى ودورت عليها سنين عشان اصلح غلطتى واعترف بالطفل واعوضهم هما الاتنين، بس هى كانت اختفت.


اخذ نفس عميق ثم قال:لحد امبارح...جالى تليفون من مستشفى الدمرداش إن فى مريض كانسر عندهم بيموت وطالبنى بالأسم ،روحت لاقيت راجل كبير فى السن بس شكله مش غريب عليا.


صمت يأخذ نفس عميق بتعب ثم أكمل بوجع: طلع شعبان ،شاب كان فاتح كشك سجاير زمان على أول الشارع عندنا.


تراقص الدمع بعيناه وتحشرج صوته وهو يخبر إبنه:طلعت كل السنين دى كانت معاه ..اتجوزها شرعى يا ماجد..وكتب الطفل بأسمه.. أنا طلع كل السنين دى ليا بنت يا ماجد.


هبط الدمع بوضوح على وجنتيه وهو يكمل:تخيل كل السنين دى وانا ليا بنت ،حته منى،وواحد تانى هو الى بيربيها،بتقول لواحد غيرى يا بابا.


سمح لنفسه بأن يجهش فى البكاء وهو يقول:بنتى عاشت كل السنين دى فى فقر غلب وانا ربما مدينى ومقتدر...انا حاسس انى قلبى هيقف.


مد يده على جانب صدره الأيسر يمسده بتعب ،بينمت وقف ماجد سريعاً يقترب منه بلهفه مرددا:بابا،بابا،مالك يا بابا.


رفع محمود وجهه له يقول باكيا: أنا روحت وشوفتها فى المكان الى هى عايشه فيه،خرابه يا ماجد،خرابه.


اهتز كتفيه من بكاءه الواضح يردد:كانت بتبصلى بكره،عارفه أنى ابوها من زمان ومافكرتش مره تجيلى،انت متخيل الموضوع واصل معاها لفين؟


اخذ ماجد يمسح على ظهره يدعمه لكنه مازال مصدوم: بس خلاص،كل ده خلص،انتهى،انا وانت هنروح نجيبها،هتيجى تعيش معانا ومش بمزاجها،امك وجدك أنا كفيل بيهم... المشكلة أنها رافضه،رافضه خالص.


اجلى ماجد حلقه المتحشرج من شدة الصدمه والانفعال وقال: وهى دلوقتي عايشه مع مين؟! الراجل ده الى قولت عليه؟ولا أمها؟


هز محمود رأسه نافيا وأجاب:الراجل ده مات امبارح وامها ماتت من سنتين .


ضحك بسخرية وألم يقول:يعنى لولا أنها هتبقى لوحدها ومش عايز يموت إلا لما يطمن عليها ماكنتش عرفت.


ابتلع لعابه يقف بعزم ثم قال:يالا قوم معايا هنروح عندها نجيبها ولو ما وافقتش تشيلها غصب عنها وتحطها فى العربية للبيت .


لم يتحدث ماجد كانت الصدمات المتتالية أكبر من قدرة استيعابه ،هو فقط تحرك مع والده حيث تلك الفتاه.


_______سوما العربي___________


عاد حسن للحى بعدما اخبره احد العاملين معه بنشوب مشكله.


وحينما وصل كانت قد حّلّت،هم ليعود حيث وعد غنوة بأن يوصلها ثانية إلى البيت.


لكنه ما أن استدار كى يتحرك حتى تسمر فى وقفته وتوقفت أنفاسه وهو يرى تلك الماكينه الألمانية تخرج من منزل غنوة ترتدى فستان من الجلد الأسود يصل حتى ركبتيها يبرز جمال جسدها الأسطورى مع جذاء جلدى ذو رقبه من إحدى درجات اللون البنى وحقيبة ظهر بينما رفعت شعرها بشكل كحكتين فوضويتان  فوق أذنيها فبدت لذيذه ،شهيه قابله للألتهام على مره واحده.


تشنج فكه واقترب منها ينظر على ماترتديه برفض غير مبرر.


بينما هى كانت تتراقص فرحا لأنه هنا ويقترب منها للحديث أيضاً.


اصبحت تتحين أى فرصه كى تراه وها هو من يأتى إليها.


وقف أمامها يسأل:لابسه كده ورايحه على فين إن شاء الله.


ضمت كتفيها بدلال وهى تتحدث ببطئ:مانا مش جايه مصر اتحبس،عايزه اروح الأهرامات واروح القلعه واتمشى على النيل ،وبرج القاهره،وباليل أروح المقطم.


رفع حاجب واحد يردد: المقطم!وبالليل!همم والله عال.


أبتسمت تسأل بتلاعب: وفيها ايه يا حسن؟


لو تصمت أفضل،لما دوما تنتطق اسمه بطريقتها المميزه تلك،تبا لها وألف تب.


صك شفتيه بغيظ منها ومن جمالها لتأتى هى وتزيد الطين بدلالها ،لهنا ولم تكتفى بعد ،لااااا،بل هى أيضا تنتطق إسمه بطريقة خاصه ،خاصه جدآ،خاصه بها فقد.


اخذ نفس عالى وقال: اتفضلى قدامى انا هفسحك.


قفزت مكانها لا تستطيع مدارة فرحها تقول: بجد ياحسن؟


انبلجت شفتيه بابتسامة سعيده ،نغم فتاه رقيقه جميله لكن الأجمل منها عفويتها،تتصرف بما فى قلبها،لا تفكر،لا تتخابث،ولا تتلاعب.


بها شئ أكثر من مميز،تستطيع اختراق القلب كالطلقه النفاذه وهى تخترق الجسد تستقر بالقلب.


أبتسم براحه،راحه كبيره،لا تكلف بها أو حساب ثم قال بحنان آسر:ايوه ،وليا الشرف اصلا،يالا على العربيه بدل القصير الى انتى لابساه ده والجو تلج اصلا.


تقدمت أمامه بسعاده بالغه وهى تردف:تلج إيه ده الجو هنا تحفه.


نظر عليها مبتسم وهو يصعد للسياره يقود بها حيث يوم طويل ...طويل جدا.


____________سوما العربى________


جلس يضع قدم فوق أخرى بكبر ينقر على سطع مكتب لمى الفخم وهو يطالع تلك التى تجلس امامه تتحدث بثقه وثبات .


بينما هى تتصنع أنها لا تراه وكأنه هواء تنظر فقط للمى التى ابتسمت قائله: خلاص تمام كده شغلك معانا يبدأ من بكره ،بالتوفيق إن شاء الله.


ابتسمت لها غنوة ووققت تصافحها وقالت: شكراً مسز لمى.


لمى بتحذير: لأ بصى اول حاجه لازم تعرفيها عنى هى انى لاغيه الألقاب هنا.


رفعت غنوة حاجبها باستغراب فأكملت لمى:لا انسه ولا هانم ولا مدام أنا لمى وانتى غنوة،الالقاب بتعطل ،خلينا دايما أسره واحده عشان نطلع شغل حلو.


ابتسمت لها غنوة وقالت: بجد.. واو.

ابتسمت لمى تقول بثقه:هتتبسطى معانا ،انا متأكده.


ابتسمت لها غنوة ثانية ثم انصرفت مغادره وذلك الجالس على كرسيه يكاد يخرج نار من فمه،هل هو شفاف أم ماذا.


انتظر ثواني ،دقيقه ثم خمسه يجاهد على ألا يذهب خلفها بعد رفضها عرضه السخى المشرف لأى فتاه،لكنه يقسم الا يتركها وشأنها أبدا،القادم كله ألعاب ومفرقعات ،فلتلعب دور الشريفه العفيفه على راحتها ولنرى.


___________سوما العربي__________


ظل ماجد يتتبع وصف والده للطريق حتى أمره ان يقف وسط المقابر.


حيث لا حول ولا قوه الا بالله،المأوى الإخير للأنسان.


بعض الأناس إن لم يكن فئه كبيره منهم تخشى وترهب الذهاب لهناك .


فكيف يعيش أناس هنا،وكيف عاشت تلك الفتاه إثنان وعشرون عاماً.


يأتى عليها الليل هنا،تنام هنا وتلبس هنا لإثنين وعشرين عاما.


ترجل من سيارته هو ووالده وبسرعه التف حوله عدد لا بأس به من النساء والأطفال واضح جدا عليهم التشرد منتظرين أى شىء يجود به.


أخرج محمود محمود من العملات الورقيه يوزع ورقه على كل فرد وهو يبكى يتخيل انه لسنوات كانت أبنته تفعل مثلهم وتتسول وربما نهرها أحدهم او سبها بينما هو لديه أموال كحبات الأرز.


ومحمود يتابع من بعيد كل شيء يتأمل المكان ويفهم من نظرات والده كل مايشعر به الآن.


بعد دقائق تقدم للداخل حيث حوش واسع به مقبرتان وباب قديم يسبقه عتبتين.


المكان منظف كأنه منزل ،يوجد اهتمام لكن لا يوجد مال.


توقف مكانه مصدوم وهو يرى فتاه هى التجسيد الحقيقى لفينوس ألهة الجمال.


بعيناها الرماديه وشعرها الكثيف الأسود،وجهها المدور واحمرار وجنتيها المملئه ،جسدها الصغير والقصير بعض الشيء أم بياض بشرتها.


كانت تطالعهم بكره مردده: دخلتوا هنا أزاى؟!


رد هو يقول ومازال تأثيرها عليه : الباب كان موارب.


حاول محمود الحديث بود وترقب:ازيك يا بنتى؟


رمقته بنفور وقالت:انت مين انا ماعرفكش.


اقترب خطوه حذره يقول: أنا ابوكى يا فيروز.


أبتسم بجمال وراحه،حتى إسمها جميل.


خرج صوتها رافض رفض تام تردد:انا ابويا إسمه شعبان فضل الله ،ومات امبارح .


خرج صوت محمود غاضب كثيرا يقول:بس أنا ابوكى وعايش والى فات انا كفيل اصلحه.


رمقته بتقزز لكنه ابتلع كل ذلك مع غصه مريره بحلقه واشار على ماجد يعرفها عليه قائلا:ده ماجد يا فيروز،اخوكى.


على ذكر كلمة "اخوكى"ضحكت عاليا تنظر على طول وعرض ماجد ثم تنظر لمحمود بشماته كبيره واضحه استغربها كثيرا واثارت الذعر بقلب ماجد خصوصاً وهو يراها تتحرك سريعا كأنها تذكرت شئ مهم ،واتسعت عيناه وهو يراها تجلب وشاح كبير تخفى به شعرتها الرائعه.


لكن محمود تغاضى عن كل ذلك وقال أمرا:يالا تعالى معانا.


فيروز بهدوء ولا كأنها سمعت شئ وقالت بتقزز: اطلعوا برا .


أخذ محمود نفس عالى ثم قال لماجد بأمر:شيلها.


اتسعت عيناها تردد:نعم.

محمود:زى ما سمعتى.


عاود النظر لماجد يأمره:يالا.


اقترب منها ماجد بدقات قلب عاليه وهى صرخت:ولا يقرب منى ولا يلمسنى.


محمود : فى ايه يا بنت..ده اخوكى.


فيروز من بين أسنانها: قولت ماحدش يلمسنى وأنا اصلا مش هروح مع حد.


تحدث محمود هو الآخر بنفس طريقتها المتوارثه منه وقال: كنت عارف أن الذوق مش هينفع .


صرخ بماجد:خدها للعربيه.


حاولت ان تصرخ وماجد يقترب يشير بيديه محاولا تخفيف ذعرها: أهدى اهدى.


نظرت له برفض تام وهو اقترب منها يميل بظهره يضع يديه اسفل ركبيتها واخرى خلف ظهرها وبثقل ريشه حملها تنظر له بأعين رماديه متسعه من شدة العضب تنذره ان القادم ناااار كالجحيم....


تكملة الرواية من هناااااااا


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع