رواية عش العراب الفصل الاول والثاني للكاتبة سعاد محمد سلامة (حصرية فى مدونة قصر الروايات)
رواية عش العراب الفصل الاول والثاني للكاتبة سعاد محمد سلامة (حصرية فى مدونة قصر الروايات)
فتاه تحمل على عاتقها خطيئة أختها تؤخذ بذنب لديها يقين
أن أختها لم ترتكبه عنوه
تغصب أن تكون الزوجه الثالثة، لإبن عمها الذى أسهل كلمة
لديه هى الطلاق.
تدخل بالغصب الى عش العراب ذلك المتغطرس الذى فقد
حنان قلبه بعمر العاشرة حين توفيت والداته.
إغتمت حياته، تجرع كأس القسوه باكرا، يذيقه لكل من يحاول
مخالفة أمره، فهل يذيقها هى الأخرى من نفس الكأس.
1=رواية عش العراب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الأول بإحدى قرى صعيد مصر، ب بنى سويف بمنزل ضخم لإحدى أشهر عائلات البلده، والذي ذاع صيتها في العقد الأخير، ليس فقط على مستوى القريه ولا المحافظه، بل الصعيد بأكمله والقاهره وبمصر كلها تقريبا ف العراب، أصبح ماركه شهيره بالحبوب الغذائيه ومنتجاتها، سواء(الدقيق. والارز، والذره. وغيرها من البذور المستخدمه في تصنيع المواد الغذائيه). كما أنهم يمتلكون بعض مضارب الأرز، وأكثر من شونه لتوريد القمح من الفلاحين وتسويقه. بشقه بالدور الثانى إستيقظت سلسبيل بتذمر، بعد عدة محاولات من همس كى تجبرها تستيقظ فلقد قامت همس بحك قدمي سلسبيل بأحد الاقلام الناعمه، كما داعبت أنفها بأصابعها، وأيضا جذبت الغطاء من عليها قائله: إصحى يا سلسبيل الدنيا بتمطر دى أول شتويه في السنه الشتا بيستفتح بالمطر قومى بسرعه خلينا ننزل تحت المطره ونغنى، يا مطره رخي رخى. جذبت سلسبيل الغطاء من يد همس قائله بنعاس: سيببنى أنا عاوزه أنام، حرام عليكي مطرة أيه اللى ننزل تحتها الدنيا لسه ضلمه إحنا مصلين الفجر يا دوب من ساعتين. جذبت همس الغطاء وقالت: قومى بقي نفسى أغنى تحت المطر دى أول مطره للسنه دى، يا عالم هكمل الشتا ولا لاء. رفعت سلسبيل الغطاء من عليها لا تعلم لما شعرت بنغزه في قلبها، وإرتجافه أيضا وقامت حضنت همس قائله: هتكملى الشتا والربيع والصيف وهتعيشى كتير زى جدتى هدايه كده، وتفرحى بأحفادك. تبسمت همس قائله: هما بيقولوا إنى ورثت منها الشكل لكن إنتى ورثتى القوه والعقل. تبسمت سلسبيل وقالت: أنا مفياش نص قوة جدتى هدايه. تبسمت همس وقالت: طب والأحلام اللى بتشوفيها ولازم تحقق، زى ما تكون رؤى، غير تواصلك مع اللى ماتوا، أنتى كنتى بتشوفى جدى وبيقولك على حاجات هتحصل فاكره، وقت رجوع قماح لهنا من تانى، أنتى شوفتى جدى قبلها وقالك قولى لجدتك قماح راچع من تانى. ردت سلسبيل: تصدقى معرفش سبب ده وقتها، مع إنى كان عندى حوالى تمن سنين ومخدش بالى من قماح ده أصلا شكله أيه، بس كان عندى ست سنين ونص لما جدى توفى، كنت بسمعه دايما يقول لجدتى نفسه قماح يرجع لهنا تاني، وأهو ياريته ما رجع، عامل نفسه زى الآله اليونانيه في الأفلام الأجنبيه اللى بنشوفها عندهم جنون العظمه وهو فيه منهم، ومفكر عنده ذكاء حاد وهو كل اللى عنده شوية حظ في التجاره وفاشل في الجواز أتجوز إتنين مفيش فيهم واحده إستحملت طبايعه المتغطرسه والله ربنا دعا لهم بالخير ببعدهم عنه، أنا الحمدلله دايما بتجنبه حتى الكلام عالقد مش أكتر. ضحكت همس قائله: إحنا هنتكلم عن قماح قومى يلا ألبسى هدوم تانيه غير بيجامة ميكى دى، على ما أروح أغلس على هدى كمان أصحيها ننزل قبل ما السما تبطل مطر. تبسمت سلسبيل وبالفعل نهضت وإرتدت إحدى الإسدالات فوق منامتها ولفت حجاب عشوائى على رأسها فقد يدفئ عنقها، حتى إنها لم تقوم بستر شعرها الطويل المنسدل جزء كبير منه على ظهرهامن أسفل الطرحه. بالفعل بعد دقائق. نزلن الثلاث فتيات الى تلك الحديقه المحاوطه بذالك المنزل الكبير، توقفت همس أسفل الأمطار تفتح ذراعيها وتستمتع برذاذ الأمطار فوق وجها، بينما كانتا كل من سلسبيل وهدى تختبئن من الأمطار أسفل إحدى شرفات المنزل، نظرت لهن همس قائله: هتفضلوا واقفين عندكم كده كتير المطره ممكن توقف في أى وقت. تبسمت هدى وقالت: أنا بصورك يا همس بالفون، فيديو علشان أبقى أفرجه لماما بعد شويه، عشان تزعقلك، وده يبقى إنتقامى قصاد إزعاجك ليا وإنك صحتينى من النوم وأنا نايمه الفجر أصلا. غمزت همس بعينيها وقالت: وأيه اللى مطير النوم من عينك للفجر، يا قطه، سهرانه بتفكرى في مين إعترفى. تبسمت هدى وقالت: بفكر في دراستى، عندى بحث عن التكنولوجيا ولازم أسلمه بعد بكره، مش عارفه ليه دماغك دايما الناحيه التانيه. تبسمت همس وقالت: لا ناحيه تانيه ولا تالته، أنا كمان ياأختى زيك مش بفكر غير في الدراسه، اللى خلصت فينا وإرتاحت هي سيلا وسمعت إن في خطاب بيجوا لها، شكل بنات ناصر العراب هيبقوا إتنين قريب بيلا هتتجوز ومش هيبقى غير أنا وأنت. لا تعرف سلسبيل لما فجأه مر أمام عينيها ظلا لرؤوس سوداء وعيون دامعه ودماء بريئه تسيل، إرتجف قلبها للحظات و أغمضت عيناها بقوه ثم فتحتها ووضعت يدها على قلبها ورسمت بسمه قائله: لأ إطمنى، أنا مش بفكر في الجواز دلوقتي أنا واخده راحه شويه بعد الدراسه بس كلمت بابا إنى أشتغل في الحسابات عندنا في أى شونه، غير كمان بفكر أعرض المنحوتات بتاعتى في معرض خاص. تبسمت همس قائله بمزح: قصدك مساخيطك اللى في المسخط بتاعك اللى في آخر الجنينه. تبسمت سلسبيل وهي ترى قرب همس منها هي وهدى وقامت بشد يديهن، سرن معها وأصبحن الثلاث فتيات أسفل مياه الأمطار يلهون بفرحة أطفال. كان صوت مرحهن مرتفع لدرجة أنه أيقظ ذالك النائم بالدور الثانى أيضا فتح عيناه بتذمر من تلك الأصوات العاليه التي إقتحمت مضجعه. تنهد بإزعاج وإتكئ على يده جذب أحد أجهزة التحكم عن بعد صغيرة الحجم وقام بالضغط عليها، إنزاحت تلك الستائر، مازال الظلام لم ينقشع بالكامل وأيضابسبب تلك الغيوم أشعل ضوء بالغرفه، وأزاح غطاء الفراش من عليه ونهض وجذب ذالك المئزر الرجالى وإرتداه فهو رغم برودة الطقس كان ينام شبه عاري، بشورت فقط، وأيضا هنالك نظام تدفئه بالشقه، أو ربما هنالك حراره منبعثه من قلبه تدفئ جسده فا لجسده طبيعه خاصه يستطيع تحمل قسوة برد الشتاء، ربما طبيعه خاصه إكتسبها من ماضى عاشه بمكان كان أشد بروده من هنا ليس جسده فقط من إكتسب تلك البروده، بل أثرت أيضا بتكوين شخصيته، يستطيع التحكم بإخفاء مشاعره أمام الآخرين والتعامل معهم بهدوء حتى لو كان من أمامه هو عدوه، إكتسب من ذالك دبلوماسية تجعله صاحب العقل الراجح والمفكر صاحب الذكاء المالى، لكن هنالك عيب واحد به هو عدم التحكم في غضبه مع النساء، ربما لا يكرهن لكن لا يحبذ التعامل معهن كثيرا، يعتقد أنهن لا يجدن شيئا سوى الثرثره وسلب نقود الرجال ومن أجل شيء آخر جسدى، يستطيع الأستغناء عنهن بالتحكم في مشاعره يعطى فقط ما يريد لهن ورغم ذالك لا يعنيه المال كثيرا، برأيه أن المال لا يصنع الرجال، الرجال هي من تصنع المال والنساء خلقن لإنفاقه على مظاهر فارغه وتافهه، ربما مخطى في ذالك لكن من قابلهن بحياته برهن له ذالك. أغلق المئزر على جسده وفتح باب الشرفه الزجاجى، كى يعلم سبب تلك الضحكات الصاخبه... رأى الثلاث فتيات أسفل الأمطار، في البدايه لم يهتم لهن وسخر من صغر عقلهن، فهى حركات طفوليه لا أكثر. لكن حين رأى أكبرهن لفت نظره حين تدور حول نفسها، وإنزاح حجابها من فوق رأسها وأظهر شعرها بالكامل، كانت حين تدور، تدور خصلات شعرها بإنسيابيه مع مياه الأمطار، ذالك الشعر الأسود الطويل وقطرات المطر تتساقط من بين خصلاتها تشبه مياه الشلال حين تتساقط من أعلى، بل ترسم لوحه خاصه، تهكم ساخرا يقول: حلو جو الرقص تحت المطره ده، لأ والكبيره اللى بدل ما تكون العاقله قدام أخواتها بترقص وتتمسخر قبلهم. شعر بضيق وعاد الى الغرفه وقام بإغلاق باب الشرفه ثم ذهب الى الحمام وآخذ حمام بمياه فاتره، ثم خرج وإرتدى ملابسه، وأخذ هاتفه وحافظة أموال وضعهم بجيب معطفه الجلدى الاسود العصرى الذي إرتداه فوق ثيابه العصريه أيضا، ثم توجه يخرج من تلك الشقه نازلا لأسفل المنزل. بينما بالحديقه قالت همس المطره خلاص شكلها هتشطب والساعه قربت على سبعه وزمان ماما هتصحى علشان تنزل تحضر الفطور، ألحق أنا أطلع قبل ماما وما تصحى وتزعق، يلا اللى تسبق تدخل قبل ماما ما تحس بينا... قالت همس ودخلت الى المنزل أولا... كانت تقفز سريعا فوق درجات السلم، تقابلت قبل درجات من باب شقة والداها، تبسمت حين رأت قماح أمامها وقالت بلهاث: صباح الخير ياقماح. قالت هذا ولم تنتظر رده بل أكملت صعودها. بينما لم يرد قماح عليها، أكمل نزول الدرج... لكن توقف حين توقفت سلسبيل مخضوضه حين وجدته بوجهها، و سرعان ما إنتبهت على يدها التي وضعتها فوق يده دون قصد منها أثناء صعودها، وسحبتها سريعا وقامت سريعا بجذب وشاح رأسها الذي إنزاح من على شعرها الرطب بسبب الامطار التي كانت تلعب أسفلها منذ قليل. تجنبت من أمامه بأحد زوايا السلم وأكملت صعود دون حتى إلقاء الصباح عليه، صعدت بسرعه، كآنها تفر من أمامه. بينما هو. شعر ببرودة يدها حين وضعتها بالخطأ فوق يده و تضايق منها بشده بسبب إلتصاق ملابسها فوق جسدها بسبب مياه الأمطار التي كانت تتراقص أسفلها قبل قليل وليس هذا فقط وسقوط وشاح رأسها وظهور شعرها الرطب المنسدل والذي يظهر منه جزء كبير من أسفل الطرحه. ولكن أكمل نزول، ليتقابل مع هدى التي قالت ببسمه: صباح الخير يا قماح. رد قماح عليها الصباح وأكمل نزول باقى درجات السلم وهو يستهزئ بأفعالهن الغبيه بنظره. دخلن الثلاث فتيات الى شقة والداهن، خلف بعضهن يلهثن. تبسمن حين وجدن من يقف أمامهن يقول بعتاب حنون: من ساعة ما سمعت صوت المطر وبعدها سمعت فتح باب الشقه قولت نزلتم تلعبوا تحت المطره، المفروض خلاص كبرتوا بقى، يلا بسرعه روحوا غيروا هدومكم المبلوله دى قبل ما تبردوا وكمان ماما تصحى وتشوفكم كده وتبدأ وصلتها. تبسمن له الثلاث فيتات وقولن بنفس الوقت: صباح الخير يا أحلى وأغلى بابا. تبسم لهن وقال: يلا بسرعه نهله بدأت تصحى، يلا بسرعه على أوضكم غيروا هدومكم وإنزلوا نفطر مع بعض، إمتثلت هدى وهمس وفررن على غرفهن سريعا. بينما سلسبيل قالت: بابا هو ينفع منزلش عالفطور أنا معنديش جامعه خلاص، وعاوزه أنام. تبسم ناصر لها وقال: بلاش دلع وبعدين أنا كلمت الأستاذ مجدى المسئول عن الحسابات خلاص وقالى قدامه شويه حسابات وتقفيلات في السنه الماليه هيخلصها وبعدها تجى وانا اللى هدربها وأفهمها في الحسابات بنفسى، فلازم ترجعى نشيطه من تانى. إقتربت سلسبيل من والداها وقبلت يده قائله: هشرفك قدامه يابابا، ومش بعيد قبل السنه الماليه الجايه أمسك أنا حسابات العراب كلها ونطرد أستاذ مجدى، وآخد أنا مكانه. تبسمت تلك التي خرجت من باب الغرفه وإقتربت من مكان وقوف سلسبيل وقامت بشد شعرها بقوه قائله: تاخدى مكان مين الأستاذ مجدى مخضرم في الحسابات مش لسه متخرج من كام شهر غير عنده عقل مش زيك يا طويله يا هبله هدومك بتعصر ميه وكمان شعرك، أكيد كنتى مع البلوتين التانين تحت المطر بدل ما تعقليهم لأ عقلك أصغر منهم، يلا روحي أوضتك غيرى هدومك بسرعه قبل ما تاخدى برد وحصلينى على تحت إتعلمى شوية من شغل البيت خلاص كبرتى، زمايلك بجوا عرايس، لازم تتعلمى شويه من شغل البيت ولا مفكره نفسك بعد الچواز چوزك هيچيبلك خدامه إياك. ردت سلسبيل بآلم مش شد نهله لشعرها: لأ أنا مش بفكر في الجواز دلوقتى ياماما، وحضرتك عارفه إنى بعرف أطبخ كويس وحتى شغل البيت بعرف أعمله، بس أنا هشتغل الأول وموضوع الجواز ده بعدين، أنا مش زى زهرت بنت عمتى ولا هتجوز واحد زى رباح إبن عمى معندوش شخصيه قدام مراته، بكملك كلامك أهو قبل ما تقوليه، أنا هصنع مستقبلى بأيدى وزى ما أنا عاوزه، وأنا في دماغى هدف، إنى أشتغل ومش بس أشتغل هعمل معرض كمان للتماثيل اللى بصنعها. قالت سلسبيل هذا وغادرت نحو غرفتها. تنهدت نهله بغضب وقالت ل ناصر: شايف بنتك يا ناصر ودماغها الغبيه. رد ناصر: بالعكس يا نهله سلسبيل ذكيه جدا، وقوتها بتشبه أمى، ليه شاغله بالك بجوازها، كل شئ نصيب. ردت نهله: الجواز للبنات ستره يا ناصر ودول تلاته وراء من بعض. تبسم ناصر: والعلام والإستقلاليه كمان ستره يا نهله أنا اللى هجولك الكلام ده، ناسيه إنى متخرچه من الچامعه وإننا كنا زمايل كمان، صحيح أنا أكبر بتلات سنين، بس خريچين نفس الچامعه، بلاش تبجى آسيه على بناتك دول كانوا لينا جبر بعد طول صبر. بعد قليل، بالدور الأرضى بالمنزل، بغرفة السفره كانت العائله شبه مكتمله تجلس في صدارة الطاوله. هدايه، وعلى يمينها كان يجلس ولدها الأكبر النبوى وزوجته وجوارها شبان يجلسون بتذمر لكن مجبورين على ذالك و يجلس جوارهم قماح، والناحيه الأخرى كان يجلس ناصر ولدها الثانى وجواره زوجته وجوارها ثلاث فتيات... نظرت هدايه وقبل أن تتحدث، دخل رماح وخلفه زوجته التي قالت: معليشى يا جماعه جت علينا نومه، هو كده داخلة الشتا والشتا بيحب الكسل والنوم. ردت هدايه: مش الشتا هو اللى بيحب الكسل والنوم، ده طبع ودى آخر تحذير ليكم بعد كده تنزلى في وسط النسوان تحضرى معاهم الفطور ووجتها هتتعودى تصحى بدرى وتبطلى سهر، وتسهرى چوزك معاكى، لازمن ينعس بدرى عشان يصحى فايج لشغله وسط العمال، بلاش حديت كتير، يلا إجعدوا ودى آخر مره تتأخروا. نظرت زهرت الى رماح الذي سحب مقعد وجلس عليه دون رد على حديث هدايه، فجلست وهي تتوعد له بذالك لما لم يدافع عنها أمام تهجم تلك العجوز الشمطاء. جلس الجميع يتناولون فطورهم في صمت، الى أن نهضتا كل من همس وهدى، قائلتان: عندنا محاضرات بدرى يادوب نلحق عشان الطريق، هتوصلنا يابابا ولا السواق اللى هيوصلنا. رد ناصر: لأ أنا عندى مشوار بعيد عن الچامعه، خلو... تحدث كارم ثالث أبناء النبوى: أنا عندى مشوار قريب من الجامعه وممكن أخدكم في سكتي. نظرن همس وهدى لبعضهن وأرادن الرفض، لكن قالت هدايه: وصلهم بس بلاش تسوج العربيه بسرعه الوجت مطارش. تبسم كارم يقول: حاضر يا چدتى. بالفعل رغم عدم رضائهن لكن ذهبن مع كارم. نهض الجميع من على طاولة الطعام، لكن أثناء سير قماح للخروج من الغرفه تصادم مع سلسبيل التي عطست شبه بوجهه دون قصد منها، فأخرج محرمه ورقيه من جيبه وأعطاها لها قائلا بنبرة سخريه وتهجم في نفس الوقت: يرحمكم الله علشان تبقى تبطلى رقص تحت المطر أهو أخدتى برد. لاحظت هدايه وقوفهم وقالت: شكلك هتاخدى برد يا سلسبيل هخلى واحده من الشغالين تعملك كوبايه چنزبيل بلمون إشربيها وإدفى وهتبجى زينه. ردت سلسبيل: لأ لو نمت هتعب أكتر خليها تچبهالى في الأتلييه بتاعى اللى في ضهر الچنينه. ردت هدايه: جصدك المسخط بتاعك، والله يا بتى ما عرفاش أيه الهوايه الغريبه دى، تعملى مساخيط زى اللى في مجابر الفراعنه زمان. تبسمت سلسبيل وقالت: ده فن يا چدتى إسمه النحت عالحجر. وبعدين ادينى بتسلى شويه قبل ما أشتغل. سمع قماح قول سلسبيل لهدايه عن نيتها للعمل، لكن لم يهتم فهى بالآخر لا تعنيه بشئ. بعد مرور أربعين يوما، كان يوم شتويا عاصف تكاد الرياح تقتلع الأشجار من جذورها، وبالفعل هنالك شجره أقتلعت لكن مازال جذرها بالأرض تخشى الجز، فهى بالآخر تدنست، وأخفت الأمر خوفا من ماذا لا تدرى، إنطفئت همس المرحه، كانتا أختيها يلاحظون ذالك لكن هي كانت تتحجج بثقل الدراسه عليها وإنها إقتربت من إمتحانات نصف العام الذي لم يبقى عليها سوى شهر تقريبا. صباحا. بعد أن تناولت العائله الفطور، ذهبت سلسبيل الى ذالك الآتلييه الخاص بها وبدأت تستمتع بهوايتها وهي نحت بعض الصخور وتكوين بعض الأشكال أيضا، كان الأتلييه بشبابيك زجاجيه كبيره وخلفها ستائر، فتحت سلسبيل تلك الستائر تعطى للغرفه نور. بينما بغرفة المكتب الموجودة بالمنزل والذي تطل على الحديقه الخلفيه أيضا تحدث النبوى لقماح قائلا: قماح الحاچ رجب السنهورى إتصل عليا من كم يوم كده. رد قماح ببرود: خير عاوز أيه؟ رد النبوى: هو قال إن محتاج كم طن رز شعير من عندنا. رد قماح: وماله، ياخد بالسعر الجديد اللى نزل، زيه زى غيره. رد النبوى: بس هو مش زى غيره إنت ناسى إنه كان نسيبك قبل إكده. رد قماح: أهو قولت كان، كان ده ماضى وحتى لو لسه نسيبى التجاره مفيهاش نسيبى وقريبى، عاجبه عالسعر الجديد كان بها مش عاجبه قدامه السوق يلم منه اللى هو عاوزه. تحدث النبوى: بصراحه كده هو لملحلى إن بنته جايلها عريس، وأنا قولت أقولك يمكن تفكر تردها تانى لعصمتك. نهض قماح وسار خطوات نحو شباك غرفة المكتب، نظر أمامه السماء تبدوا بها غيوم وسحاب تسير بأى لحظه قد تمطر، لكن لمح تلك التي تقف بتلك الغرفه القريبه من المكتب، كانت تمارس هوايتها، ظل صامتا ينظر لها... بينما عاد النبوى قوله: مردتش عليا. ردقماح وهو يعطى ظهره لوالده: مردتش عليك في أيه؟ أعاد النبوى قوله: بقولك بنت رچب السنهورى اللى هي طليقتك جاي لها عريس. رد قماح: مبروك ربنا يسهلها. تعجب النبوى وقال: ده ردك الأخير، ما ترجعها انا معرفش سبب لطلاقك لها، مش معقول طلقتها علشان راحت تزور والداتها بدون ما تاخد أذن منك. إستدار قماح لوالده وقال: ممكن ميكونش ده السبب الرئيسى، بس هي خالفت آمرى، وإنتهت الحياه بينا وخلصت على كده يبقى خلاص، ربنا ييسر لها، عندى ميعاد مع تاجر في شونة القمح، ولازم ألحقه، أشوفك المسا يابابا، وبلاش تتعب نفسك في الموضوع ده إنتهى خلاص بالنسبه لى. قبل أن يخرج قماح من الغرفه قال النبوى: وهتفضل الباقى من عمرك عازب كده من غير ست ولا عيال من صلبك. نظر قماح أمامه رأى دخول سلسبيل الى داخل المنزل تلف يدها بقطعة قماش، تبدوا بوضوح مجروحه، ورد في ذالك الوقت على والده: الله أعلم المستقبل فيه أيه، متشغلش بالك بيا. قال قماح هذا وأكمل سيره يخرج من المنزل. بينما زفر النبوى أنفاسه بقلة حيله. دخلت سلسبيل الى غرفة جدتها، وجدتها تجلس أرضا وأمامها إمرأه شابه ومعها طفل صغير يبكى، وضعت جدتها ذالك الطفل بشال أبيض ونهضت واقفه وقالت للشابه الأخرى، إمسكى طرف الشال ده كويس أوعى يفلت من إيدك مفهوم. مسكت الشابه أحد طرفى الشال الملفوف بيه طفلها. فى البدايه إنخضت الشابه من دفع هدايه للشال بقوتها وكاد طرف الشال أن يفلت من يديها، قالت لها هدايه بغضب: جولتلك إمسكى طرف الشال كويس. أمائت لها الشابه بالموافقه. بدأت هدايه بدفع الشال قويا مثلما تدفع الأؤرجوحه، لكن يمسك الشال ألأثنين، هدأ بكاء الطفل كثيرا، جلست هدايه مره أخرى أرضا، وأخرجت الطفل من الشال وبدأت بتدليك معين لجسد الطفل الذي شعر براحه وإنتهى بكاؤه المستمر. أعطت هدايه الطفل لأمه وقالت لها: بعد كده أما تشيلى الواد تحطى إيدك في ظهره تسنده، علشان ميطوحش ولا يتزمم لسه عظمه طرى. تبسمت لها الشابه وقالت: تسلمى يا حجه هدايه، والله بقاله كم يوم مش مبطل بكى وروحت بيه لكذا دكتور، ومفيش فايده، أهو إنتى رديتى له عضمه من تانى، والله حماتى قالتلى هي الحجه هدايه اللى إيدها فيها البركه. كتر خيرك. تبسمت لها هدايه وقالت: سلميلي على حماتك وبعد كده إيدك في ضهره علطول. خرجت الشابه تبتسم لسلسبيل التي دخلت للغرفه. ردت سلسبيل لها البسمه. بينما قالت هدايه تعالى يا سلسبيل لفه يدك إكده ليه. ردت عليها: أبدا دا إيدى إتعورت وأنا في الأتلييه، وكنت جايله ليكى تداويهالى. ردت هدايه: طب هاتى العلبه اللى عندك دى وتعالى اجعدى جدامى أشوف يدك. بالفعل آتت سلسبيل بتلك العلبه الموجود بها بعض المسلتزمات الطبيه، وجلست أمام جدتها، وكشفت كف يدها أمامها. تحدثت هدايه: دى الچرح شكله واعر، بسبب أيه ده أكيد بسبب المساخيط اللى بتعمليها في المسخط بتاعك. صمتت سلسبيل، بينما بدأت هدايه بمدواة ذالك الجرح. رغم تآلم سلسبيل لكن تحملت ذالك الوجع الى أن إنتهت جدتها من مدواته وقالت لها: طول عمرك يا بتى كنتى بتتحملى الوچع، بتفكرينى بأمى كانت صباره، ربنا يرحمها. مساء، بغرفة همس. كانت تجلس بإنزواء فوق فراشها دموعها تسيل بمراره يديها ترتعش تخشى نتيجة ذالك الإختبار الذي فعلته منذ قليل، تتمنى أن يكذب ما تشعر به منذ أيام، لكن للأسف أعطى الإختبار نتيجه إيجابية، صدمه كبيره لها كيف هذا، ماذا ستفعل الآن، لو علم والدها بذالك، بالتأكيد ستقتلها والداتها بدون رفة جفن، سألت عقلها وقالت: يارب أنت عالم بحالي أنا مغلتطش بخاطرى كان غصب عنى. بدموع قامت همس ولسوء حظها رمت ذالك الأختبار بسلة القمامه الخاصه بغرفتها، وعقلها يبحث عن حل لتلك المعضله التي وقعت بها. خرجت من غرفتها ونزلت الى حديقة المنزل، وجلست رغم برودة الطقس لكن تشعر بنيران لما لا تحرقها وتتنتهى حياتها الآن قبل أن يفتش أمرها التي تخفيه. بينما دخلت نهله الى غرفة همس كى تآخذ ملابسها الغير نظيفه كى تغسلها، قامت بجمعها ووضعتها على الفراش وأخذت أيضا ملاءة الفراش وبعض الأغراض الاخرى، لفت نظرها سلة المهملات نظرت لها وقالت: مفيش مره تطلع الزباله من أوضتها، أمرى لله أخدها أنا أطلعها، بالفعل جمعت الملابس بيد واخذت سلة المهملات بيدها الاخرى، وضعت الملابس بالحمام، خرجت كى تضع ما موجود بسلة القمامه التي بيدها بسله أكبر منها، لكن أثناء إفراغها لها لفت نظرها ذالك الأختبار، فأخرجته من بين المهملات، ونظرت له بتمعن وصدمه أكثر من مره، ذهل عقلها وشرد منها خرجت سريعا من الشقه، وقبل أن تنزل باقى درجات السلم كانت تقابلها همس صاعده، نظرت له وقال بصوت أرعب همس: همس!
2=رواية عش العراب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثاني ماتت البراءه، قتلت نفسها بالخطأ بذالك المسدس الذي كان موضوع بخزنة والداها، هي لم تكن تعلم أنه جاهز للضرب، ظنت أنه خالى من الرصاص أو هكذا ظنت، لكن نفذ الآمر، هي بنظر الجميع لم تدنس فقط بل قتلت نفسها كافره بعد مرور ثلاث أيام أمام منزل العراب عزاء إبنة عائلة العراب التي ماتت حظأ وهي تلعب بسلاح والداها، تلك كانت الكذبه أمام الناس خارج ذالك المنزل، وئد السر بين ساكنى جدران هذا المنزل فقط بصوان الرجال. وقف ناصر بين قماح والنبوى، يتقبلان العزاء... ناصر منكس الرأس عيناه رغم عدم بكاؤه لكن إختفى لونها خلف شعور الغضب الممزوج بالحسره على إحدى فتياته عقله يكاد يشرد منه، كيف فعلت همس تلك الخطيئه من الذي فرطتت له بعفتها، والسؤال الآخر. لما قتلت نفسها، لآخر لحظه كان لديه أمل أن يعرف لما فعلت ذالك، أكان غصبا عنها، كان له قلب سيغفر لها تلك الخطيئه لو أباحت بسرها له. النبوى يتلقى العزاء هو الآخر حزين للغايه كذالك قماح حزين همس كانت له مثل أخته الصغيره تفاجئ بكل ما حدث من إتصال هاتفى من والده، هو لم يكن بالبلده اليومان السابقان كان بالقاهره يعقد بعض الصفقات، عاد قبل ساعات خصيصا من أجل العزاء. آتى لجوارهم ذالك الأحمق رباح الذي حتى لم يرسم الحزن على وجهه، وقال: المقرئ بقى مخلص أكتر من خمس أورده من القرآن، ولسه فيه معزيين موجودين بالصوان، قولت له يريح شويه ويرجع تانى يقرأ. أماء ناصر برأسه صامتا. بينما رأى رباح دخول بعض المعزيين فعاد بنظره لقماح وقال: شايفين مين اللى جايين العزا. نظر قماح بلا مبالاه بينما ناصر والنبوى، نظروا بتفاجؤ. بينما قال رباح: ده رجب السنهورى وإبنه نسايبك القدام يا قماح، والله عندهم واجب. وناس باقيه عالعشره. نظر له قماح بسخريه وظل صامتا غير مبالى بوجودهم حتى حين إقتربوا منه وقدموا واجب العزاء تعامل معهم بحياديه. رغم محاولتهم جذب حديثه لأكثر من مره مقدمين واجب العزاء بحبور. بينما بقاعه كبيره بداخل المنزل كان عزاء النساء. كانت قدريه بداخلها شعور النشوه كم ودت إفتضاح آمر همس الخاطيه بالبلده، لكن كلمة هدايه أن تختفى الحقيقه بين جدران هذا المنزل جعلها تصمت، لكن سربت لبعض الأقربين منها بعض الكلمات التي تدل على إنتحار همس، ليس كما يقولون أنها ماتت بلعبها بالسلاح دون علم، كان هنالك همسات وهمهمات بين النسوه. منهم من هو بالفعل حزين. علي تلك الأم المكدومه على زهرتها التي سقطت قبل أن تتفتح، كانت نهله تجلس بين النساء سابحه في ملكوت خاص بها عينيها كأنها تحجرت لم يعد بها دموع آلم يفتك بقلبها ليتها تنهض وتصرخ وتصرخ ربما يخف ذالك الآلم الذي يكاد يفجر قلبها بداخلها، بعقلها تلوم همس ليتها أخبرتها بما حدث لها ربما كانت فعلت لها شئ، لكن أى شئ كانت ستفعله لها همس إقترفت ذنب لا غفران له خانت أمانتها وإستباحت الخطأ حتى أنها صمتت لم تبوح بمن فعلت معه ذالك، ربما كانوا أصلحوا الخطأ، لكن حتى هذا لم تفعله وفضلت الموت على ذالك آثمه. هدايه رغم جبروتها وأنها هي من قامت بتغسيل جسد همس، لكن هاهى الدموع تسيل من بين عينيها تحفر نيران حارقه في قلبها، حفيدتها الثلاث كن أصحاب معزه خاصه بقلبها، وهمس كانت أكثرهن تشبهها في الملامح لكن ليست بقوتها من تشبهها في القوه هي سلسبيل. بينما هدى كانت تجلس بحضن سلسبيل دموعهما غزيره. بين ليله وضحاها، إنقلبت الحياه أصبحن إثنتين فقط رحلت من كانت بالمنتصف بينهن، من كانت تبث لهن روح المرح دائما، رغم إنطفاء مرحها في الأيام الأخيره، إبتعدت عنهن وحين كن يسألنها كانت تتهرب من الجواب، بأنها مرهقه من الدراسه وإقتراب ألامتحانات، كيف صدقن ذالك وإستسلمن وتركاها لوحدتها بأيامها الأخيره جالت عين سلسبيل بالمكان، رؤس نساء تتشح بالسواد ودموع وأيضا دماء بريئه سالت. تلك كان هو تفسير ذالك الطيف التي رأته قبل أكثر من شهر، زاد هطول دموع عينيها. آتى المساء، إنفض العزاء. دخل ناصر منكس الرأس وخلفه النبوى من ثم قماح ورباح الى تلك الغرفه التي كان يجلس بها النساء. نظرت لهم هدايه وقالت: العزا تلات أيام بكده العزا خلاص إنتهى من بكره كل واحد يرجع تانى لشغله، كفايه تعطيل مشاغل لحد إكده. تداعت عطيات الخبث ومثلت الدموع قائله: والله المرحومه كانت غاليه عيندى، ربنا العالم قد أيه، ربنا يرحمها ويغفر لها وزرها. نظرت هدايه لزهرت بزغر وقالت بحسم: ربنا يرحمنا چميعا بكفايه عاد وچودك هنا، روحى دار بجالك تلات ليالى فايته دارك وإبنك وچوزك المريض، لازمه رعايه ربنا يشفيه. ردت عطيات: يارب، والله لما زهرت إتصلت عليا وجالتلى عاللى حصل أنا مصدجتش همس تعمل إكده إزاى؟ ليه تجتل نفسها؟ ردت هدايه بحزم وهي تنظر ل زهرت بتوعد: همس مجتلتش نفسها، همس ماتت بالغلط، مكنتش تعرف إن السلاح متعمر، وزى ما جولت العزا خلاص إنفض والسيره دى كمان إنفضت يا عطيات. صمتت عطيات وغادرت المنزل بينما نهضت كل من سلسيبل وهدى تسيران جوار بعضن كآن هن يستدن على كتف بعض، وخرجن من الغرفه بصمت كانت عين قماح تنظر الى وجه سلسبيل الشاحب بشده منذ أن دخل الى الغرفه رغم ذالك لم يشعر بشفقه إتجاهها. تحدثت قدريه بوسواس: بعد إكده مش لازم بنت تتعلم وتروح الچامعه حتى هدى ملهاش لازمه الچامعه لا تسوى كيف أختها، المره دى ربنا لطف بينا ومش رايد لينا الفضيحه. تحدثت زهرت الشيطانه الآخرى: أمى لما خدت الدبلوم رفضت إنى أكمل علام بعده عندها حق لما قالتلى العلام العالى للبنات مبيجيش من وراه خير، وأها، همس... لم تكمل زهرت حديثها حين قاطعتها هدايه بحسم قائله: جولت العزا خلص ويلا كل واحد يروح مطرحه، وبلاش كلام فارغ، هدى هتروح چامعتها وتكمل دراستها، وسر همس هيندفن إهنه بين حيطان الدار وإياك إسمع بس طراطيش كلام باللى حصل للناس بره الدار مفهوم، وزى ما جولت من شويه كل واحد على مطرحه تصبحوا على خير. رددن زهرت وقدريه، عليها وغادرن الغرفه وهن شامتات رغم حديث هدايه الحازم والمهدد لهن. بينما نهله صامته حتى البكاء لم تبكى عينيها تحجرت تشعر بنزيف بقلبها فهو الذي يبكى بدل عينيها، خرجت هي الأخرى من الغرفه صامته تجر ساقيها ببطئ شديد. كذالك رباح ذهب خلف زوجته سريعا. بينما ظل قماح وناصر والنبوى بالغرفه... نظرت هدايه ل ناصر المنكس ليس فقط الرآس، بل القلب والوجدان خالى العقل... إقتربت هدايه منه وهي تشعر بحزن شديد، وضعت يدها فوق كتفه بمواساه، رفع ناصر وجهه ونظر لعين هدايه وبلا سابق إنذار إرتمى بحضنها يبكى بوجع شديد يقول بحسره: أنا مستحقش اللى حصل عمر عنينا حتى ما بصت لواحده نظره مش كويسه، كنت بخاف ربنا، ليه يحصلى كده، ياريتنى كنت... وضعت هدايه يدها على فم ناصر وقالت له: إستغفر ربك يا ناصر، كل شئ قدر من ربنا وعد ومجدر يا ولدى. نظر لها ناصر يقول: اللى قهرنى إنها فضلت الموت عن إنها تتكلم وتقول ليه عملت كده ومع مين، ليه دارت عليه، بشرفى لو عرفته كنت خليته يسكن القبر قبلها، وحتى لو كان غصب عنها ليه سكتت كانت تقول. طبطب النبوى على ظهر أخيه وقال بحنو: خلاص يا ناصر، زى أمى ما جالت كل شئ قدر ومكتوب. كان قماح يقف صمتا، لكن بداخله حزين على عمه الذي رأها لأول مره يبكى، عمه كان قدوته في الشجاعه، كيف إنهزم هكذا فجأه بداخله أيقن أن نساء هن فقط القادرات على هزيمة الرجال، وهو لم ولن يسمح لواحده أن تهزمه أبدا. بعض قليل بشقة زهرت ورباح، بغرفة النوم. خلعت زهرت ذالك المئزر من فوق جسدها الغض تظهر فتنتها ونثرت إحدى العطور كذالك طلاء شفاه أحمر مثير، في ذالك الوقت دخل عليها رباح، نظر لها بإثاره وإقترب منها ووضع يديه حول خصرها. وإنحنى كى يقبلها لكن. تدللت ونفضت يديه من حول خصرها قائله بدلال خادع سهل على رباح الوقوع تحت تأثيره: إبعد عنى، كفايه اللى إحنا فيه؟ رد رباح: وأيه اللى إحنا فيه، إحنا حلوين أهو. نظرت له زهرت قائله: حلوين فين، مش شايف معاملة جدتك لأمى دى شبه طردتها من الدار، حتى أنا لما إتكلمت إتوففت ليا، ياريتها عملت كده مع بنت عمك يمكن مكنتش جابت العار لينا. تحدث رباح: بس بلاش تجيبى سيرة همس زى جدتى ما قالت، وبعدين أمك بنت جوزها وعارفه طباعها قد أيه شديده، خلينا في نفسنا، يا زهرتى قميص النوم ده يجنن. تدللت زهرت بغنج قائله: مش قميص النوم هو اللى يجنن، القالب غالب يا عزيزى. تبسم رباح يعيد قولها: القالب غالب فعلا وأنتى هوستينى بجمالك من زمان قوى يا زهرت ولسه بتهوسينى. تبسمت زهرت بدلال تجيد صنعه على ذالك المعتوه الذي يسقط في براثنها بسهوله، بعد قليل تنحى عنها يشعر بنشوه، وهي تقترب منه وتنام على صدره بخبث قائله: ضحكت عليا، بس أنا لسه زعلانه من كلام جدتك القاسى لماما. وضع رباح يده على ظهرها وقال: فوتى يا زهرت جدتى ست كبيره وكلمتها بتمشى عالكبير قبل الصغير في البيت ده، بلاش تتوقفى لها وحاولى تقربى منها أكتر، شايفه مرات عمى نهله وأمى نفسهم ماشين بأمرها، حتى بابا وعمى كمان كلمتها لهم واحده. ردت زهرت: بس قماح الوحيد اللى مش بيمشى بأمرها، إشمعنا هو؟ رد رباح بحقد: مش عارف ليه قماح الوحيد اللى مش بتقدر تتنى عليه كلمه ومع ذالك بتفوت له، حتى لما كان غايب عنا هنا وعايش في اليونان مكنتش بتبطل سيرته كأنها كانت خايفه إننا مع الوقت ننساه، ولما رجع تانى كأنها لقت كنز، وهو منفوخ علينا كلنا، وقال أيه هو اللى زود أسم واملاك عيلة العراب بذكاؤه، وده كله حظ مش أكتر. نظرت زهرت لرباح ترسم بسمه خبيثه، جعلته يتمنى المزيد من الغرام معها بالفعل حيلتها معه تنفع وسرعان ما يسقط معها بتلك المشاعر الخادعه التي تسلبه بها بشقة ناصر جلست سلسبيل على فراشها، تشعر بسحق قلبها، دموعها تسيل، لكن آتت لها هدى تبكى هي الآخرى قائله: قولى لى اللى إحنا فيه كابوس وهصحى منه هلاقى همس عايشه بينا. مش قادره أصدق إن خلاص همس راحت ومعتش هشوفها ولا هسمع صوتها، أنا مش مصدقه اللى حصل عقلى مش مستوعب إزاى ده حصل، همس مش... لم تقدر هدى على تكملة قولها ونظرت لسلسبيل التى فردت يديها لهدى والتي سرعان ما قطعت تلك الخطوات وإرتمت بين يديها، تبكى بحرقه كذالك سلسبيل هي الأخرى... حضنت هدى قائله بتآلم: متأكده همس مش خاطيه... ولا أنا قادره أصدق كل اللى حصل، ولا قادره أنسى منظرها وهي بتموت بين إيديا، مش فاهمه حاجه عقلى هيشت منى. بغرفة ناصر ونهله، إتشحت نهله بسواد ليس الملبس فقط بل العقل أيضا العقل يرفض ما حدث، إحدى فتايتها ذهبت دون عوده نظرت لناصر الذي يجلس فوق الفراس ينكس رأسه. وقالت بسؤال: قولى غلطنا في أيه علشان همس تعمل فينا كده، أنا يعلم ربى من يوم ما دخلت الدار دى صونت لسانى عن الغلط في أى حد وعاملت ربنا فيك وفي بناتى ليه همس ظلمتنا الظلم ده. صمت ناصر. عاودت نهله القول: قولى سبب للحسره اللى سابتها ليا همس في قلبى، قولى يا ناصر هنا إنفجرت الدموع التي كانت متحجره في عينيها، إنفجرت تحفر مكانها على وجنتي نهله السنة لهب حارقة، بكت أخيرا بكت لكن لم تبكى فقط، بل خارت ساقيها عن تحملها وجثت على رسغيها تنوح في البكاء، قلبها يتآلم مفجوع. نهض ناصر و جثى لجوارها وقام بضمها له وقال جملة هدايه: قدر ومكتوب يا نهله وعلينا بالصبر، حتى قدام بناتنا. بلاش يشفونا مهزومين كده. بمكان خالى شبه صحراوى كان كارم يمسك بين يديه ذالك السلاح الذي قتلت همس نفسها به صورتها وهي تنزف أمامه لاتفارق خياله، قولها الأخير أنها ليست خاطيه، للحظه صدقها لكن السؤال إن لم تكن كذالك، لماذا قتلت نفسها، جاوب قلبه. ربما إغتصبت. سخر منه عقله وقال: كانت تقدر تقول ووقتها كنت هصدقها رد قلبن: كنت هتصدقها أيوا هصدقها، همس مستحيل كانت تغلط الغلطه دى، همس كانت ملاك. سخر عقله منه مره أخرى يقول: عليك اللعنه أيها القلب، ربما لم تبوح لها بمكنون قلبك، لكن لمحت لها أكثر من مره، ماذا كنت تنتظر، لما لم تبوح بمشاعرك ربما كانت تحاوبت معك وبقيت حيه، لكن فات الوقت، همس ماتت ولم تقتل نفسها فقط بل قتلتك معها، ضع هذا السلاح الآن برأسك وألحق بها في جهنم. بالفعل قام بتعمير السلاح وصوبه ناحيه رأسه، وكاد يطلق الرصاصه، لكن رأى عيون حمراء تقترب منه، كان أكثر ذئبا، يبدوان ضالين وجائعين، فكر عقله أيقتل نفسه الآن ويكون جسده طعام لهما، لأ يا كارم. هكذا سمع صوت من خلفه، يصحبه إطلاق رصاص. هرب الذئبان بعيدا بعد سماع صوت الرصاص... نظر كارم خلفه رأى قماح مازال يرفع سلاحه. نظر له وقال بذهول: قماح! رد قماح: بلاش اللى بتفكر فيه يا كارم، صدقنى الموت مش هيريحك من الآلم اللى حاسس بيه، لو الموت كان بيريح كان زمانى موتت من زمان، بلاش تبقى إنهزامى كده، همس مش آخر بنت في الدنيا صدقنى، شيل الوهم اللى في دماغك، خلينا نرجع للبيت من تانى. إستسلم كارم لقول قماح وقال له، إركب عربيتك وإنا هركب عربيتى وأمشى وراك. بالفعل صعد قماح لسيارته لكن مازال عيناه تنظر بترقب ناحية كارم، إستراح قليلا حين رأه يصعد لسيارته، وبدأ في قيادتها، كذالك فعل قماح وسار خلفه عائدين الى المنزل. لتنتهى ليلة تبدأ بعدها مرحلة أخرى بحياة الجميع. بعد مرور أكثر من خمس شهور ونصف. فجرا كانت سلسبيل تقف بغرفه حولها من كل إتجاه ستائر، وكان خلف إحدى تلك الستائر طيف رجل، للحظه توجست سلسبيل، لكن فجأه هبت رياح بالغرفه وأطارت بعض الستائر منها من طار عليها، جذبتها بيديها على جنب، كى ترى ونظرت أمامها، ذهلت عندما رأت وجه من كان طيفه خلف الستائر، وقالت: قماح! نظر لها بلا مبالاه، وهو يقترب منها بخطوات وهي تعود للخلف، أختفت من أمامه خلف إحدى الستائر، لكن قماح جذب طرفي الستاره ونظر لها، وإقترب منها لم يعد أى شئ فاصل بينهم، فجأه مد يده وإنتزع من عليها ملابسها، أصبحت أمامه شبه عاريه، جذبت الستاره كى تخفى جسدها عن عيني قماح، لكن تبسم ساخرا، وإقترب منها وجذبها لتقبع بحضنه وفجأه كاد يقبلها... فى ذالك الوقت نهضت سلسبيل من النوم فزعه، رغم أن الطقس في بداية الصيف ولم يغزو الحر بعد. لكن كانت تتصبب عرقا. ظل عقلها يعيد ذالك الحلم التي رأته قبل قليل، لما يتكرر هذا الحلم معها منذ مده طويله حتى من قبل طلاقه من زوجته الثانيه، هي تخشى قماح، وتتجنبه لا تعلم لما حين ينظر لها تشعر كأنها أمامه عاريه، كما ترى في أحلامها، صلتها بقماح شبه فاتره، مجرد أحاديث قليله فقط ولأسباب، كثيرا تنجنب حتى الجلوس بمكان هو موجود به. فاقت من تفكيرها على صوت آذان الفجر، نفضت عن رأسها ذالك الحلم ونهضت من على الفراش تستغفر، وظنت أن هذا الحلم أيقظها من النوم من أجل قضاء صلاة الفجر، ربما هذا تنبيه من الله لها. بعد العصر بمنزل العراب تفاجئ الجميع بذالك الضيفان اللذان أتيا دون سابق ميعاد إستقبلهم النبوى ومعه ناصر، قماح الذي كان وجوده اليوم بالمنزل بهذا الوقت صدفه، ربما دبرها القدر كذالك هداية إستقبلتهم بترحاب بسيط تحدث أحد الضيفان وقال: أنا بعتذر يا جماعه إننا جينا بدون ميعاد وأتمنى الآمر اللى جاي علشانه يغفرلنا مجينا بدون حتى إتصال مننا ناخد منكم ميعاد. نظرت هدايه للضيف ثم لقماح وقالت: لأ أبدا، يا رجب إنت مش غريب، إتفضل بلاش الوجفه دى، أنا هخليهم يچهزوا الوكل حالا. رد رجب: لأ يا حجه هدايه خيرك وكرمك سابق أنا كل اللى عاوزه كوباية شاى نشربها وإحنا بنتحدت مع بعضينا في الآمر اللى جاين عشانه. ردت هدايه خير، ثوانى هجولهم يسولنا الشاى وراجعه تانى. بعد دقائق عادت هدايه وخلفها إحدى الخادمات بالمنزل تحمل صنيه موضوع عليها أكواب الشاى. جلست هدايه ترحب مره أخرى ب رجب ومن معه. قائله: خير يا رجب جولى أيه الآمر اللى جاي عشانه. رسم رحب بعض الحزن وقال: خير يا جحه هدايه، بصراحه أنا عارف ومقدر حزنكم على المرحومه، وإن ممرش وقت كبير على رحيلها، بس ده ميمنعش الخير اللى جايين علشانه. تنهدت هدايه بآسى، وقالت: خير إدخل في الأمر مباشر. نظر رحب ناحية قماح الذي كان يجلس يضع ساق فوق أخرى، ينتظر بترقب معرفة سبب مجئ رجب وإبنه اليوم دون سابق ميعاد... وقال: إحنا جايين نطلب إيد سلسبيل ل (نائل)إبنى، وقبل الرد منكم هقول الجواز مش هيكون قبل سنه. نظرت هدايه نحو قماح الذي تغيرت ملامحه، ليس ملامحه فقط من تغيرت، بل جلسته تغيرت إعتدل في الجلوس وأنزل ساقه من فوق الأخرى، ونظر بتحفز ناحية هدايه التي تبادلت معه بعض النظرات، ثم قالت: للأسف جيت متأخر يا رجب، وسلسبيل إتخطبت وفرحها كمان إتحدد بعد شهر. تعجب رجب وقال: بس اللى أعرفه إنها مش مخطوبه أمتى إتخطبت. كذالك ذهل كل من النبوى وناصر، من رد هدايه وصمتا الاثنان. بينما قماح رسم بسمه طفيفه على شفاه وهو ينظر لرجب وإبنه المذهولان. عاودت هداية القول: سلسبيل كانت إتخطبت جبل ما موت المرحومه همس، بس اللى حصل آجل الأعلان، بس خلاص مالوش لازمه التأجيل أكتر من إكده. تنحنح نائل وقال: ومين العريس حد نعرفه؟ نظرت هدايه ناحية قماح وقالت بمفاجأه: قماح هو عريس سلسبيل. صدمه ألجمت جميع الجالسين بالغرفه عدا قماح الصامت لم يعطى أى رد فعل. تحدث رجب الذي لايشعر فقط بخزو، بل بخيبه أيضا هو كان بتمنى أن يعيد قماح إبنته زوجه له، وخطوبة سلسبيل كانت خطوه ربما تمهد لذالك، لكن صدم من رد هدايه عليه الذي يقطع كل الطرق أمامه لإسترداد نسب عائلة العراب مره أخرى، ونائل أيضا الذي لديه بعض مشاعر الإعجاب ناحية سلسبيل التي رأها أكثر من مره سابقا أثناء زيارته لأخته الزوجه السابقه لقماح. برد فعل تلقائى نهض رجب وخلفه أبنه مهزومان وقال: عالعموم ألف مبروك وربنا يتمم بخير وآسف مكنتش أعرف بس العيب مش عليا. ردت هدايه: فعلا مش العيب عليك والموضوع في أى عيب أساسا كل شئ نصيب وسلسبيل نصيبها قماح، ربنا يرزق نائل بالخير يارب. تبسم رجب بخفوت وقال: نستأذن إحنا. أمائت هدايه برأسها وقالت: نورتم قوم مع الضيوف يا نبوى وصلهم للباب. إنسحب رجب وخلفه إبنه برفقتهم النبوى. بينما بالغرفه تحدث ناصر المتعجب من قول والداته ومتعجب أكثر من صمت قماح: كلام فارغ أيه اللى قولتيه لرجب ده يا أمى، كنا رفضناه وخلاص، أسهل من كده، ومالوش لازمه نورط قماح في كلام فاضى. نظرت هدايه لقماح وقالت: جول لعمك يا قماح حديتى اللى جولته من هبابه كلام فارغ. نظر قماح لناصر وقال: كلام جدتى مش فارغ يا عمى وأنا بطلب منك إيد سلسبيل. صدمه ألجمت ليس فقط ناصر، بل سلسبيل نفسها التي كادت تدخل الغرفه بعد رؤيتها لمغادرة الضيوف للمنزل، كانت آتيه لجدتها من أجل أن تقول لها أن هنالك إحدى النساء تنتظرها بغرفه أخرى تريدها أن تداوى لها ساقها المجذوع، لكن نسيت هذا وقالت: بس أنا مستحيل أتجوز دلوقتي همس مكملتش سنه ميته، مش بفكر في الجواز أصلا. نظر لها قماح ود لو سحقها الآن بين يديه، كز على أسنانه التي تصتقك بقوه، يحاول تهدئة نفسه كى لا يرد عليها بطريقه تستحقها على حديثها هذا، والذي معناه المباشر، الرفض. لكن قالت هدايه بتصميم: بس ناصر موافج يا سلسبيل، هتصغرى أبوكى جدامنا إياك. تفاجئت سلسبيل ونظرت بإتجاه والداها، أماء رأسه لها بموافقه، ذهلت أكثر، حين دخلت والداتها وقالت: ده يوم المنى قماح عريس أى بنت تتمناه سلسبيل قالت كده من المفاجأه بس، ربنا يتمم بخير والله لو مش الظروف كنت زغرطت. نظرت سلسبيل لوالداها ثم لوالداتها هي متفاجئه من رد فعلهم، كأنهم لم يكونا مصدقين او كانا ينتظران ما قاله قماح قبل دقائق، لا تعرف لما صمتت تشعر بداخلها بخيبة أمل من رد فعل والديها. تحدثت هدايه: طالما موافجه يبجى خير البر عاجله، وزى ما جولت من هبابه، فرح قماح وسلسبيل بعد شهر يكون قماح جهز الشجه (الشقه)الچديده لسلسبيل والعفش نشتريه چاهز وكمان الفرش وحاچات العروسه كمان. شهر! هكذا قالت سلسبيل قبل أن تكمل حديثها: بس همس لسه مكملتش سنه يا جدتى، الناس هتقول أيه. ردت هدايه بآلم: همس بتنا وأنتى كمان بتنا وقماح ولدنا، يعنى الحزن بتاعنا والفرح بتاعنا، ومحدش ليه عيندنا حاچه واصل، الفرح بعد شهر، وأنت يا قماح چهز الشجه اللى في الدور التالت جصاد شجة رباح، سلسبيل مش هتدخل في الشجه اللى إتچوزت فيها جبل إكده. تهكمت سلسبيل بداخلها، كأن الشقه هي التي ستغير من أطباعه السابقه... لكن مازال وقت ربما تقدر على إقناعهم بالعدول عن ذالك الزواج لاحقآ. بائت كل محاولات سلسبيل بفض تلك الزيجه بالفشل، كأنهم كانوا يتمنون إتمام ذالك الزواج قبل ذالك. مر الشهر واليوم هو الزفاف. أو الدخله كما يقولون، فهو زفاف سيكون بسيط لائق بعائلة العراب وكذالك غير مبهرج حفاظا على حزنهم على فقيدتهم الشابه التي فقدوها قبل أشهر، لكن أين هذا الحزن، انهم يقدموها كقربان ل قماح قالتها لها والداتها صريحه. طلب قماح للزواج منك فرصه كبيره لم تكن تتوقعها بعد معرفته بخطيئة همس التي طالتها وصمتها ليس هي فقط وهدى أيضا ربما تعانى من تلك الوصمه، لكن زواجها من قماح الآن فرصه كبيره لها. علي يد توقظها من النوم لم تفيق سلسبيل من النوم مازالت بعيون نعسه لكن كأنها ترى أمامها همس، تبسمت بتلقائيه وقالت همس، إنتى عايشه صح أنا كنت في كابوس، الحمدلله، همس أنا كنت خايفه يكون اللى في الحلم حصل حقيقى. قالت سلسبيل هذا ونهضت تحتضن من كانت توقظها. ربتت من تحتضنها على ظهر سلسبيل وقالت: أنا ماما. همس ماتت يا سلسبيل، فوقى من الهلاوس دى بقى، الليله زفافك على قماح. ازاحت سلسبيل يديها عنها وعادت للخلف تنظر لها بتمعن، حقا ما رأته ليس كابوس بل واقع حدث بالفعل، وهي من ستدفع ثمنه مع ذالك العنجهي قماح. تعجبت نهله من نظرات سلسبيل التي تغيرت بشده وقبل أن تحدثها، نهضت سلسبيل من على فراشها وأخذت أحد إيسدالاتها وارتدتها فوق منامتها وخرجت سريعا، بداخله لن يتم هذا الزواج وواحده فقط هي القادره على إيقاف هذا الزواج، ستذهب لها الآن وبالتأكيد ستساعدها وتفعل لها ما تريد. . نزلت سلسبيل ودخلت الى تلك الغرفه الخاصه بجدتها تلك المرأه التي هرمت من العمر لكن مازالت قوية الكلمه، كلمتها سيف على رقاب إبنيها الرجال ونسائهم وايضا أولادهم كلهم عدا ذالك القاسى الذي يسير الجميع خلفه وتنفذ كلمته، رغم أنه الولد الثانى لإبنها الأكبر. وجدت جدتها تجلس مغمضة العين بمقعدها العتيق ذو الطابع الأثرى القديم تمسك بيدها مسبحه تحرك يدها حباتها تسبح وتستغفر. للحظه فكرت سلسبيل أنها نائمه. لكن تحدثت هدايه: تعالى يا سلسبيل. عاوزه أيه؟ تنحنحت سلسبيل أكثر من مره تخشى الحديث كأن الشجاعة السابقه لديها إختفت. لكن قالت الجده: جولى اللى چايه عشان تجوليه وبطلى نحنحه، بلاش تضيع وجت عشيه دخلتك على (قماح) ولازم تچهزى علشانه. نزلت دمعه من عين سلسبيل وإنحنت أمام ساق جدتها تقول بإستجداء: آحب على رچلك يا چدتى إنتى الوحيده اللى جادره توجفى چوازى الليله من قماح. قماح معندوش حدا غالى يا چدتى وأنتى خابره إكده، دى إتزوچ مرتين وهو لساته مكملش التلاتين سنه وأكتر چوازه فيهم يادوب عمرت معاه سنه، ليه عتظلمونى إمعاه إنى ماليش ذنب أشيل... تحدثت تلك الجحود التي دخلت وجهها ينظر بشر قائله بوعيد: كملى ليه وجفتى حديت، تشيلى خطية أختك اللى حطت راسنا كلياتنا في الوحل وبعدها مجدرتش تجول مين اللى فرطت في شرفنا معاه وفضلت تنتحر وتموت مش بس خاطيه لاه وكمان كافره. ردت سلسبيل بعنفوان: أنا متأكده أختى لا خاطيه ولا كافره يا مرت عمى، وأنا مش بتحدت إمعاكى أنا بتحدت مع چدتى، بترچاكى يا چدتى بلاش تأخدونى بذنب غيرى وتچوزونى قماح. ردت زوجة عمها بشرر وإستفزاز قائله: ماله قماح زين الرچال ألف بنته تتمنى تراب رچليه، ولا إنت كيف أختك عاشجه. وهتكملى بجية عارها ونتفتضح چدام الناس بالكفر. نهضت سلسبيل واقفه تنظر لزوجة عمها بعنفوان قائله: لاه أنا مش عاشجه. بس كمان ما ريداش إتچوز من قماح، قماح اللى مفيش ست من الإتنين اللى إتچوزهم جدرت تتحمل طبايعه الصعبه الله أعلم كان بيعاملهم إزاى، أنا شوفته بعينى كان بيضرب واحده منيهم عشان عصت أمره وراحت تزور أمها العيانه وبعدها طلجها، ده واحد مريض نفسى محتاچ علاچ. صفعتها زوجة عمها بقوه على وجنتها بقوه ودفاع قائله: إتحشمى ولمى لسانك عاد، تجصدى أيه بمريض نفسى، قصدك إن ولدى مچنون... إنتى تحمدى ربنا إنه طلب يتچوزك ويلمك بدل ما تچيبى لينا العار مره تانيه كيف أختك الخاطيه. نهضت هدايه وقالت بحده: جطع يدك... ليس هذا فقط بل ردت الصفعه أقوى على وجه قدريه التي وقفت مذهوله غير مصدقة ما فعلته هدايه، هذه أول مره تفعلها مر على عيشها معها أكثر من خمس وثلاثون عام، كزت قدريه على أسنانها تمثل البكاء والآلم والعتاب لهدايه. تجاهلت هدايه ذالك وضمت سلسبيل لحضنها تمسد على كتفها بحنان بذالك الوقت دخلت نهله الى الغرفه ورأت صفع هدايه ل قدريه ذهلت هي الآخرى وتلجم لسانها للحظات. بينما أكملت هدايه وهي تمسك يدي سلسبيل قائله بحنان وتطمين: سلسبيل إعلمى كويس عمرى ما هسمح لأى حد يذلك حتى لو كان قماح نفسه. شعرت نهله بفرحه في قلبها المكدوم وقالت: في بنتين چم عشان يزينوا سلسبيل. تبسمت هدايه وهي تمسد على ظهر سلسبيل، عروستنا زينه مش محتاچه لا لأحمر ولا أخضر، بس مفيش مانع نظهر چمالها أكتر، روحى مع نهله يا سلسبيل وإطمنى. رغم عدم إقتناع سلسبيل المذهوله هي الآخرى من فعلة جدتها لكن ذهبت مع نهله. كادت قدريه التي تشعر ليس فقط بغيظ لكن تشعر بكراهيه تزداد، أن تخرج هي الآخرى من الغرفه خلفهن... لكن قالت هدايه بحده: إستنى يا قدريه، بصى يا بت الناس أنا صبرت عليكى كتير من زمان جوى جوى، من يوم ما دخلتى دارى، كنت بفوتلك وأجول أم ولادنا، وإتحملتك عشانهم، زمان كانوا صغار خوفت يفارجوا حضننا، زى اللى كان مفارج (مفارق)، لكن دلوق مش هجول أنهم زينة الشباب، بس هجول بجوا شباب ويعرفوا مصلحتهم كويس، وإنتى اللى فاضلك هي طلجه (طلقه) واحده وبعدها تتحرمى على ولدى، لو عاوزه تكملى بجية حياتك مع ولادك يبجى تبعدى عن سلسبيل وقماح وأوعاكى أسمع عن مشكله حصلت بيناتهم بسببك، وجتها متلوميش غير نفسك، أوعى تفكرينى ساذجه ومصدجه كلامك الماسخ، قماح في جلبى زى ولادى، إنتى أكتر إنسانه كرهتيها في حياتك كانت كارولين أم قماح إنتى فرحتى في موتها وإرتاحتى أكتر لما قماح سافر مع چدته لليونان بعدها، رجوع قماح صحى في جلبك الحجد(الحقد) الجديم، أوعاكى تقربى من قماح وسلسبيل يا قدريه، وإلا هتتحرمى من خير عيلة العراب اللى نفسك فيه لولادك لوحدهم بعيد عن قماح وبنات ناصر ولدى، مش هتكسبى حاچه من فرقة ولاد العراب يا قدريه في ثانيه هچمعهم بين إيديا، رچاله كيف ما أنا رايده يكونوا في ضهر بعض.
تكملة الرواية من هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا