رواية شط بحر الهوى الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم سوما العربي
رواية شط بحر الهوى الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم سوما العربي
السادس عشر
كان كمن تٌسحب منه روحه ،تٌسحب ببطئ يصاحبه سقرات،ينظر لها بقلب ملتاع.
أتتركه بعدما وجدها، هذا هو شعوره الحقيقي والمنطقى ناحيتها يشعر أنه و أخيراً قد وجد توأم روحه،نصفه الثانى ،حواء التى ستكمله.
وهو فى أمس الحاجة لها كى يكتمل.
كان رد فعل غريب،مثير للريبه ،يبتلع رمقه ينظر لهم وهو يحاول إيجاد سبب وحجه لما فعل وإلا افتضح أمره وكٌشف عشقه المريب لها.
زاغت عينه يميناً ويساراً وبسرعه ردد بصوت مهزوز لكنه حاد: كامبريدج إيه،احنا أكيد مش هنسيبك تعملى كده،ماعندناش بنات تسافر تعيش برا لوحدها .
نظرت له رافعه حاجبها بتهكم ساخر بمعنى(حقاً) ثم وبضحكه ساخره رددت:والنبى ايه ،ده أنت امبارح بس جبت تحليل تقول بيه أنى مش بنت العيله دى.
صك أسنانه بغيظ منها ،تعيد فتح موضوع يحمد الله أنه اغلق وقد فلحت تبريراته الواهيه .
تحدث من بين أسنانه يقول:ده موضوع وقفلناه وانتى اثبتى انك بنت العيله،لكن...
صمت ينظر على محمود ومصطفى ثم قال بمكر قاصداً إشعال النار:لكن أكيد والدك وجدك مش هيوافقوا إن بنت صغيره زيك تسافر برا مصر لوحدها.
بالفعل صدح صوت محمود يردد : ايوه يا حبيبتي أنا مش هوافق بكده،وبعدين هو انا لحقت أشبع منك عشان عايزه تسبينا وتسافرى؟!
زمت شفتيها تضحك ساخره ثم نظرت لصحنها بصمت دام ثانيتين وسط توتر الأجواء ،ثم رفعت وجهها تنظر له تشبك اصابع يديها بحركه تدل على الثقة بالنفس وشن هجوم على الطرف الآخر .
وبالفعل ،بمنتهى الثبات والسخرية الاذعه رددت: تشبع منى؟!ههههه ضحكتنى والله ،شوف ....
اخذت نفس طويل يدل على الإجهاد والملل ثم قالت: انا مش هقول واحاسب فى إلى فات وأنك كنت سايبنى ،لا ... أنا هكلمك بس فى حاجه وتافهه وبسييييطه زى مثلاً انى قربت على اسبوعين فى البيت هنا و ولا مره شوفتك فيها ولا جيت قعدت معايا او دخلتلى اوضتى تشوفنى عامله ايه ،عايزه حاجه ولا لأ.... بلاش يعنى أقل ما فيها تيجى تحاول تتعرف عليا وعلى تربيتى وطباعى وتشوف بنتك دى عاشت الاتنين وعشرين سنه الى فاتت ازاى وفى إيه .
ابتلع محمود رمقه بتذبذب،بالفعل هو أكثر من مقصر .
مازلت تنظر فقط على مصطفى ،تقريبا هى تحدثه وتعنيه هو فقط،هو الشخص الوحيد الذي تشعر نحوه بالحنان الأسرى تشعر أنه جدها حقا.
فتحدث يقول بهدوء: أنتى لسه صغيره يا فيروز على إنك تروحى تعيشى فى بلد غريبه ،خطر أصلا.
وقفت عن مقعدها تقول: أيوه بس ده حلم..حلم كبير بالنسبة لى ،نفسى احققه يعوضني عن سنين عمرى الى راحت وماعرفتش اكمل تعليمى فيها زى كل الى من سنى.
أمام تلك الحاله صمت ماجد،يراها لثانى مره بهذه الحالة و على وشك الانهيار..
لكن صدح صوت مصطفى وهو أيضاً يلاحظ حالتها تلك وقال: أنتى يابنتى مش كان المفروض تروحى تعملى جلسات عند الدكتور إسمه إيه...
صمت يضرب مقدمة يجعد ما بين حاجبيه محاولا التذكر يردد:الجدع ده إسمه إيه ؟
رفع نظره لماجد يطلب منه تذكيره به وهو يكمل متسائلاً:الجدع الجته الحليوه ده ابو عيون زارقه .
رفع ماجد شفته العليا مشمئزا يردد: ولا حليوه ولا حاجة أنت الى نفسك حلوه ياجدى.
اجفل بأعين تقدح شرر ينظر لوجه صاحبة العيون الرماديه وهى وتردد بخبث : ايوه إسمه أنس يا جدو،انا فعلاً حاسه اني محتاجه اروحله .
ابتسم مصطفى يردد بحنان كبير: الله اول مره تقوليلي يا جدى .
نظر لها محمود بحزن يقول:حتى أنا لسه مش بتقولى لى بابا.
كان ماجد ينظر لهم بغيظ يردد:انتو ده الى سمعتوه بس ؟! الهانم حافظه إسم الشخص ده الى جه هنا لأ وبتقول عايزه تروحله...تروحى فين هانم.
كانت تنظر له بلا مباله متلاعبه،لكن مصطفى ردد:طب وفيها ايه ؟ده دكتور نفسى وصراحة الواد يشرح القلب ،هااااه ماحدش عارف النصيب.
اتسعت أعين ماجد حتى استدارت يحاول إيجاد اى معنى لحديث جده غير ما يجول فى خاطره بسبب الغيره لكنه لا يجد.
وقف عن كرسيه يترك الطعام بغضب تنهش الغيره احشاءه بلا رحمه ترمقه بنظرات متشفيه تشعر بلذة لا وصف لها .
لكن قذف صوت مصطفى خلفه يناديه: ولد يا ماجد.
توقف مرغما يعطيهم ظهره يصك أسنانه وفكه العلوى يهتز من شدة الغيره والغيظ.
حاول التحلى بأى شىء من الهدوء يسيطر على ذلك الشعور البشع ويستدير ببطئ يناظر جده بعدما رمقها بنظره سريعه ورأى عليها علامات الانتصار والتشفى.
نظره كانت كفيله بأن تجعله يستعيد وعيه ويستدرك حاله،انه ماجد ،عقله لا يستهان به ابدا.
تحدث مصطفى يقول: ماجد انت المسؤل قدامى عن الحفله خليها بكره او بعد بكره بالكتير .
ماجد: بكره إيه بس ،يعنى لازم أسبوع قبلها حتى عشان الناس الى هنعزمها أكيد مش بايته ورا باب البيت ،كل واحد فيهم عنده مشاغل .
تشدق محمود بعنجهيه:الى عايز ييجى لعيلة الدهبى لازم يفضى نفسه والى مش هايز بقا براحته .
هز مصطفى رأسه وقال:هييجوا يا ماجد،هتشوف،هيتصرفوا وييجو،شوف انت بس شركة كويسه من بتوع تنظيم الحفلات عشان عايز كل حاجه تبقى من الأخر.
أخذ نفس عميق يهز قدمه ثم قال بإذعان: حاضر.
رمقها بنظره غامضه وهو يغادر مرددا: أنا طالع أنام.
صعد لغرفته يختفى داخلها ،طوال اليوم كله عمل على عدم رؤيتها او التعرض لها .
يجلس مفكراً بعمق وتركيز،الى أن جاءه اتصال من صديقه يطلب منه الذهاب له سريعاً.
وصل لعند هارون فى بيته يراه وهو يجلس أمامه زجاجه من الشامبين الفاخر مغلقه ولجوارها زوجى من الكؤوس.
المكان مزين بشموع حمراء وبيضاء وبعض بتلات من الورد الأحمر ملقاه أرضاً.
كأنها ليله مثيره وقد أٌحبطت من مهدها.
وضع يده على فمه يكتم ضحكته الساخره الشامته ،لكن جزء منها خرج رغماً عنه وهو ينظر لهارون وهو يجلس كمن سكب طبخه أرضا يردد: الليله باظت ولا ايه.
رمقه بنظره غاضبه ثم قال محذراً: انا على اخرى والى فيا مكفينى ،هتعمل فيها ظريف هقوم اطلع فيك كل غيظى.. سامع ولا لأ.
قفز ماجد على المقعد الوثير محدثاً صوت عالى يسترخى براحه وبرود فى جلسته مرددا باستهزاء: وأنا وبقا عويل ومش هعرف اديك على وشك.
زفر هارون بضيق ثم قال: أسمع الى بعتلك عشانه.
لكن ماجد لم يهتم يريد معرفة التفاصيل يتعبه الفضول يسأل:استنى بس عرفنى ،عملت إيه،سبع ولا وضبع.
زجره هارون محذراً:مااااجد.
التوى جانب فم ماجد يردد متحسرا: شكلها لت سبع ولا ضبع بمنظرك ده.
هارون بهدوء خطير: ماجد الموضوع ده مش للهزار .
اجفل ماجد من طريقة تحدث هارون يسأل بترقب:هى جوازه بجد ولا إيه؟؟!
تجنب هاورن الاجابه عليه ،ولربما تجنب ايجاد الرد داخله .
نظر لماجد يقول:انا وصلنى تسجيل بصوت مختار أبو لمى،بنسبه كبيره هو الى بيحاول يقتلنى،ده غير أنه طلع عارف بأخر حادثه رغم أنى ماقولتش لحد... أنت قولت؟
هز رأسه على الفور يقول:لا طبعا.
صمت مفكراً ثم قال باستغراب: بس تسجيل إيه ده؟!
أخرج هارون هاتفه يقم بتشغيل ذاك التسجيل الذى طلب من غنوة ان ترسله له ففعلت.
كانت أعين ماجد تتسع شيئاً فشيئا يردد: إبن الكلب.. إبن الكلب.
رفع نظره لهارون ثم سأل:ناوى على إيه؟
صمت لثوانى ثم جاوب:رايحله وخلى اللعب على المكشوف.
وقف من مكانه فاستوقفه ماجد سريعاً يردد: استنى يا هارون بلاش تهور ،واحد زى مختار عايز ترتيب من مخ ديب.
هارون:ترتيب إيه يا ماجد ياحبيبى ده بيحاول يقتلنى ،يعنى جايب من الأخر،ومش مبطل ماشى بمبدأ مره تصيب ومره تخيب،ايه هقعد ارتبله وهو فى مره من المرات وانا قاعد ارتب يقوم جايب أجلى،مانا مش كل مره هعرف انفد منها ،دى كلها ضربات حظ عشان لسه ليا عمر ،ولا يمكن لكل ده حكمه.
صمت يتنهد بغضب ثم قال بنفاذ صبر:انا رايحله دلوقتي،جاى معايا ولا لأ.
هز ماجد رأسه وقال:جاى معاك يا قدرى طول عمرنا سوى فى كل المصايب.
________سوما العربي__________
كان يدور بكرسيه ذو العجلات دون الالتفاف ،يهتز فقط يمينا ويساراً دليل على الثقه مع السخريه والتلاعب بل وأنه بموقف قوه ،وذلك الماثل أمامه ماهو الا سمكه كانت صغيره وتحولت إلى حجم متوسط ظنت نفسها سمكه قرش كمن يتواجه معها.
ضحك بسخرية يلقى بقلمه على سطح المكتب ،فهارون سمكه صغيره وستظل صغيره ولو نصفه بعض الشيء ربما... فقط ربما يعتبره سمكه متوسطة الحجم.
صدح اخيرا صوت يردد: سورى ...مافهمتش جاى عايز ايه؟
هارون:مختاااار ،بلاش لف ودوران،انت فاهم كويس أوى.
قهقه مختار عالياً يقول:طيب همشى معاك للأخر،انا بحاول اقتلك...اقتلك ليه من دلوقتي لما ممكن استنى لما اجوزك بنتى وبعدها اقتلك فتورث بنتى.
صمت هارون يفكر في حديثه وكذلك ماجد.
لكن هارون مازال على موقفه يقول:انت وزير الماليه يا مختار ،لو انا مت مش هتغلب تعمل كل حاجه تخليك تستولى على فلوسى خصوصاً أنك تقريباً شريكى فى كل المشاريع.
بنبره شيطانيه ردد مختار وهو يميل يضرب سطح مكتبه ببودار غضب ينذره:كويس إنك عارف أنى شريكك فى كل شغلك،وجود أسمى كشريك معاك على كل عقد هو الى بيخلى شغلك يخلص ويعدى.
وقف عن كرسيه والتف من حول مكتبه حيث اصبح فى مواجهة هارون يردد: بس انت فتحت على نفسك النار بالحركة المتهوره دى ،ووقفتك قدامى ومفكر ان كونك بكونى ،انت مش أدى يا ابن الصواف ،انت واقف على رجلك بسببى وبسبب أسمى.
استعرت عيناه يردد بتهديد صريح وهو يشيح بيده: أنا لو رفعت ايدى عنك تقع،تدوب وسط عتاولة السوق.
نظر لهما يردد: زيك زى صاحبك بالظبط بردو حماه وزير الصناعة والتجارة هو الى موقفه على رجله فى شغله الجديد ولا فاكرنى مش على علم بكمية الصفقات الى عماله ترسى عليه.
نظر لماجد وهو ينظر له بحاجب مرفوع فردد:السوق كله اوضه وصاله يابن الدهبى وأنا وانا قاعد على مكتبى ده دبة النمله بتوصلنى.
عاود النظر لهارون الذى صدح صوته يقول:يعنى انت شايف انك انت الى عملتنى،مش أنى كمان ابن وزير سابق للماليه بردو ،وان هو الى ذكاك فى منصبك ده لما المرض كان خلاص اتمكن منه وكل الى انت بتعمله ده مجرد فاتورة بتسددها ،ولا أنى مثلاً راجل أعمال ابن راجل أعمال واخدها فى الدم كده وتربية سوق.
ضحك مختار ساخرا ثم قال معلقاً على جزء بسيط :تسديد فاتورة؟!ههههههه ضحكتنى يابن الصواف...تفتكر أنى بالنزاهه والأمانه دى؟
ردد هارون بكل تأكيد: لأ.
قهقه مختار عالياً ثم قال:براڤو،لو كنت قولت غير كده كنت هقول إنك جبت ورا.
نظر عالياً ثم ردد بزهو:بس الى انت بتقولو ده بردو مش وحش ده يعتبر مدح مش ذم فى عرفنا،وانت عارف.
هز هاروه رأسه يردد بثقه:عارف يا مختار.
مختار بسخريه: أنا ملاحظ أنا شيلت التكليف بنا خالص..بس وماله،انا احب اوى القلب الجرئ .
كتف ذراعيه حول صدره وردد:هممم..كمل كلامك،كنت بتقول ايه...سامعك
اكمل هارون بثقه:انت شايف انى شغال وناجح ومكمل لانك فى ضهرى وانى حلو معاك وممشيها ورقه قصاد ورقه.
زم مختار شفتيه بكل ثقه يردد:بالظبط..تمشى جنب الحيط أحبك،هتتمرد هعلن الحرب عليك... ابدا وورينى.
رفع هارون رأسه ثم ردد بتحدى:ماشى يا مختار،اعتبرنى بدأت،واحنا من دلوقتي فى حرب يانا يانت.
خرج من مكتب مختار سريعاً وخلفه ماجد يردد : انت اتصرفت بكل تهور،قولتلك كان لازم تقعد تفكر الأول ،حربك مع مختار مش بالسهوله الى انت فاكرها ،بلاش تخلى غرورك يخدعك.
لف رأسه له يردد بعدما توقف: لأ كنت اسيبه كل يومين يضرب عليا نار لحد ما نشيانه يصيب فى مره،انا كده بلعب على المكشوف ولحد مانعرف إيه نهاية الحرب دى اكون كسبت وقت من غير حوادث،مش هفضل كل يومين فى المستشفى ياماجد مانا مش جبل بردو وتعبت.
صمت ماجد ثم قال: همم وبحربك مع مختار كده هتبقى اخدت ريست.. لأ والله أحسنت.
اخذ هارون نفس عميق وهو يغمض عينيه بتعب ثم فتحهم ينوى التحدث ،لكنه صمت تنمو على شفتيه ابتسامه يمتزج فيها السعاده مع المكر وهو يرى غنوته تسير بعمليه شديده كانت تتحدث مع إحدى الموظفات تلقى عليها بعد الطلبات ثم تسير وهى تتصفح بعد الاوراق تبدو كمن تبحث فيهم عن شئ ما بالرواق المقابل للزاويه التى كان يقف بها مع ماجد.
اخذ ماجد يناديه : أنت يا بهييم أنا مش بكلمك.
لكنه لم يكن يهتم بمحدثه ،انما فى لحظة ما عندما باتت قريبه لم تلاحظه بعد...مد يده يجذبها من خصرها قبلما تمر مغادره للرواق الآخر.
شهقت برعب صارخه ،فتحدث بتلاعب ويده على خصرها تتحسسه مرددا:ده انا يا حبيبتي .
صرخت به بغضب شديد:انت اتجننت ازاى تتجرأ وتمد ايدك عليا ،اوعى كده.
زاد من تضييق المسافات يقول ببرأه مزيفه: الله مش مراتى.
زوت مابين حاجبيها تردد:مرات مين أنت هتتبلى عليا؟!
رفع حاجب واحد وقد احتد صوته يقول: نعم؟!!
رمشت بأهدابها ثم قالت:آاااااه،احمم ايوه أيوه ماشى افتكرت.
نظر لها من اسفلها لأعلاها متفحصا ثم قال بعدم رضا: افتكرتى؟؟! هى دى حاجة المفروض أنها ممكن تتنسى؟!!
ابتلعت رمقها بصعوبه أثر يده التى مازالت تتحسس خصرها ثم قالت: لأ بس انا أول مرة اتجوز يعنى ،ماعلش مستجده.
لم تصلح الأمر،بل كانت تفسده ،يشملها مجددا بنظره عدم ردد وهو يردد من بين أسنانه: أول مرة ايه ومستجدة إيه،ناويه تكرريها مثلاً ولا إيه؟!
حاولت المراوغه تنظر خلفه على ذلك الشخص الذي تقول:صاحبك واقف مايصحش كده.
هز كتفيه يردد ببرود:مايصحش ليه واحد ومراته.
رفعت حاجب واحد تردد: ده البعيد بجح بقا.
أبتسم بسماجه وجاوب:بالظبط.
ابتمست بخبث تردد متلاعبه:طب ولمى هانم هى ومختار بيه صحاب المكان؟
هارون:قصدك أنى بخاف؟
ردد صوت ماجد خلفه يقول منذرا: بقولك يا صاااحبى،بلاش تعكها من كل الجوانب كفايه الى انت لسه مهببه جوا ،ماتجيش ناحية خطوبتك من لمى على الأقل دلوقتي.
نظرت غنوة لهارون تردد بتقزز وبعض العضب: أسمع كلام صاحبك وشيل إيدك من عليا.
وأمام نظرتها تلك ردد هارون كطفل أرعن:طب مش شايل أيدى يا غنوة .
بكل قوتها كدت كفيها تبعد يده بصعوبه بعض الشيء لكنها نجحت تقول: أنا شغاله هنا جديد ولسه ماحدش يعرف عنى حاجه ،مش هسيب سيرتى لبانه فى لسان الكل عشان خاطرك.
هارون:طب خلى حد يجيب سيرتك كده،انتى مراتى بقولك.
ثم مد يده يجذبها من خصرها مجددا ،فزفرت بملل وعدم راحه تبعد يده محاولة من جديد
حاول ماجد التحدث ينهى ذلك الشجار الصامت فقال:انا عرفت أنك شاطره اوى ،وعندى حفله مهمه لكن تعتبر عائليه تخصنى انا شخصيا،ممكن تنظميها أنتى؟
نظر له هاروه وقد التهى بالفعل عن ملامسة خصر غنوة ينظر له بغضب ثم قال:انت اتهفيت فى عقلك هتشغل مراتى عندك ،دى مرات هارون الصواف.
احتدت عيناها تنظر له بغضب ثم قالت:هو انت شايف شغلى مهيمن ويعر اوى كده.
ابتعدت عنه ثم قالت :انا موافقه .
ماجد بذهول:بجد.
هزت كتفيها تقول بثبات ومهنيه: طبعاً وفيها ايه ،الشغل شغل.
هارون بغضب سأل كأنه ينذرها:نعم؟!
نظرت له بطرف عيناها ثم قالت :نعم انت ،هو انا شغلى فيه حاجه تكسف ولا تعر وأنا ما عرفش.
صمتت لثوانى ترفع رأسها ثم قالت: على العموم لما تشوفنى هناك لو حضرت أعمل نفسك مش شايفنى عشان ماتتحرجش بسببى ،وكده كده ماحدش هيبقى عارف إننا اتجوزنا...
قالت جملتها الأخيره واستدارت مغادره بغضب شديد وهو ينظر لاثرها بغضب لا يقل عنها......
السابع عشر
يجلس على طرف الأريكة يهز قدميه بعصبية يعض على جانب فمه من الداخل ،هاتفه فى يده يحاول الإتصال على أحدهم.
لقد انقضى النهار و أوشكت الشمس على المغيب،والمبجله حرمه للأن لا تجيب على أى من اتصالاته المتكرره.
غضبه يتفاقم،لا يصدق أنه قد تزوجها منذ أمس وللأن لم يلمسها حتى.
بل الأكثر أنها لا تهتم أو تجيب حتى عليه،لا تبالى له.
اخذ يضرب بأصابعه على شاشة الهاتف يفتح تطبيق الواتساب ثم رفع الهاتف مقرباً إياه من فمه وبعث لها رساله صوتيه يقول فيها: اظن عيب أوى أنى افضل اتصل بمراتى وهى ولا بترد ولا عارف هى فين.
إنها حالة من الإزدواجيه مسيطره عليه ،غاضب منها فعلياً ويصرخ بها ،لكن قلبه يرقص بين اضلعه وهو يخرج كلمة "مراتى" هذه من فمه ،كونها عائده عليها ،تصفها ،تلك الجميله التى خطفت شئ ما به من أول مره رآها فيها تجلس مفترشه الأرض باكيه خلف سياره صغيره..جمالها المختلف وعيونها القاتله ، صوت دائم التردد على أذنه يخبره أنها لها كل قلبه لسبب غير معلوم لكنه على ما يبدو أصبح لها دون مجهود منها ،لن ينكر ،هو يشتهيها كما لم يشتهى امرأه من قبل... يفكر ويسرح بخيالاته كيف ستبدو وهى بين يديه ..راغبه مستسلمه وبالتأكيد مستمتعه كثيراً.
ارتجافه لذيذة سرت على طول عموده الفقرى أخرجته من خيالاته.
لينظر للهاتف فتزيد عصبيته ويعود لهز قدمه بعدما رأى علامة وصول الرساله لها لكنها لم تفتحها او تراها.
بنفاذ صبر عاود اتصالاته بها ،ومجددا لم تجيب.
وكالعادة لا يجد من يفرغ به غضبه بسبب وبدون سبب غيره.
لذا أتصل به ليرى أين هو...وضع الهاتف على أذنه يسمع صوت الاتصال ،دقه فالثانيه حتى فتحت المكالمه من الطرف الآخر واستمع لصديقه يردد بصوت جلى عليه العصبيه والغضب لحد كبير يقول: يا مساء الزفت،عايز إيه؟
رفع هارون حاجبه يردد مستغرباً: ايه عسل،الغزاله مش رايقه ليه؟
صك ماجد أسنانه لا يوجد عنده اى صبر فعليا وقال: أنت عايز ايه على المسى.
اخرج هارون نفس عميق غاضب يردد:انا غلطان انى كلمت واحد واطى زيك عشان نخرج غور يالا.
كاد أن يغلق الهاتف فى وجهه دون سابق إنذار بحركه معروفه عنه فسمعته بإنعدام الزوق معروفه ،لكن استرعاه صوت ماجد يقول: لا انا مش فاضيلك وبعدين تعالى تعالى هنا كده قولى مين الى معصب هارون الصواف أوى كده.
صمت هارون غاضب لثوانى ثم قال: غنوة.. الهانم مش بترد علي موبايلها ولا حتى عارف أعرف هى فين.
ردد ماجد بصوت رتيب يقول: لأ ماهى عندى هنا.
انتفض هارون فى مقده كمن اشتعلت به النار ،شئ لا هوان به يأمره بقتل ماجد وهو يسبه سبات نابيه مرددا: هى مين دى الى عندك يا و***يا و***" يابن**"*"، ده أنا هشرب من دمك انت وهى.
أبتسم ماجد يزيد من التلاعب به وهو يقول : الله،الصلى على الصلى ،من امتى الحمشنه دى على واحده يا صاحبى ماطول عمرنا بنبدل فيهم عادى عشان الزهق.
كان فى اقصى مراحل التهور يدور حول نفسه كالأسد الجريح ،دون تفكير منه أخذ يتحرك ناحية مكتبه يخرج سلاحه المرخص وهو يصرخ فيه بوجع فى روحه قد أدمى قلبه : المره دي لأ يا واطى ،غنوة لأ،غنوة لأ.
اتسعت أعين ماجد على الناحيه الأخرى من ذلك الاعتراف الصريح الذي خرج تحت ضغط يزداد اتساع جفنيه وهو يستمع لصوت شد أجزاء لسلاح صديقه وردد بزهول : جرى إيه يا جدع فى ايه،يخربيت الى يهزر معاك ، غنوة هنا بتنظم الحفله الله يخربيتك.
هل كان لديه جرح غائر ولملمه له أحدهم؟! كلمة صاحبه التى صححت الصوره كأنها أثلجت قلبه ،كانت خلاياه ترتعش من ألم عظيم،حتى ألم الجروح قد جربها وعايشها لمدة طويله فى المستشفيات بل لازال حتى الآن يعايشها بعد كل محاولة إغتيال.
أى رصاصة اخترقت جسده ،واستقرت به لم يكن لها نفس المفعول الذى فعلته كلمة ماجد وتخيله أن أحد غيره اقترب من غنوته ، مجرد التخيل كان أقسى ألما من السم الذي فتك احشاءه ،اقسى حتى من رصاصه بسمك ال(٦ ملى) حينما تخترق الجسد تقطع اللحم وتسحب الروح.
إنها لحظة ضوئيه توقف لها الزمن ،عنوة أكثر حتى من مجرد زوجه او فتاه أعجبته وتمنى الحصول عليها.. هى اكتر من ذلك وأكبر،أكبر حتى من أن يجد لها تسميه أو صفه.
وقف وجسده كله ينتفض ،لقد أرتفع ضغط دمه وبرزت عروقه،كان بالفعل متحفز للقتل يشعر بها شرفه ، لمحة من مرارة الوجع والخيانه قد مرت بحلقه وهو بعمره لم يتخيلها او يشعر بها.
لطالما كان هو الخائن المتلاعب ،لا يترك حقه أبدا،لو كانت فعلتها حقا كان سيقتلها دون اى تفكير.
إحساس الخيانه مؤلم ومنها هى أكثر ألما.
ظل واقف فى مكانه لثوانى صامت يحاول استعادة انفاسه المتحشرجه بعدم إنتظام.
يضع السلاح على سطح مكتبه بهدوء يحاول التنفس ،مال بجزعه ومازال الهاتف على أذنه يسمع صوت ماجد يردد بصدمه: اه يا واطى يا أبن ال**** بتشد الاجزاء على صاحبك يا و*"" ،كنت هتقتل صاحبك عشان واحده.
كان صوته ثابت رزين لكنه حاسم مرعب حينما ردد: أيوه.
حاول تهدئة انفاسه الثائرة يجلس على مقعده يمدد قدميه ويفرد ظهره يكمل : إلا غنوة يا صاحبى،إلا غنوة.
زم ماجد شفتيه يردد بسماجه: أفهم من كده ايه؟حبيت يا هارون ولا إيه؟؟! ده كده عجايب الدنيا بقوا تمانيه مش سبعه.
أخذ هارون نفس طويل ساخن ثم قال: هى بتعمل ايه دلوقتي؟
رد ماجد بأعجاب شديد: لأ دى طلعت رهيبه ، واقفه وسط العمال تأمر وتنهى ، و طلعت سياسيه سياسه ،مشغلاهم كلهم بالحب.
زمجر هارون يردد بغيره واضحه: بالحب ازاى يعنى ؟
زم ماجد شفتيه يهز رأسه بيأس ثم جاوب: يا بهيم أفهم، بقولك سياسيه يعنى عارفه امتى تشد وامتى ترخى فكلوا بيشتغل بالرضا فهمت.
حاول هارون كبت ابتسامة فخره وإعجابه ،يكاد يرتخى أكثر فى مقعده براحه يستمع لصوت ماجد وهو يكمل حديثه عنها: شغلها عالى اوى،وايه كمان واقفه وسط العمال تقول لده شيل وده حط ،وتد وتد يعنى.
انتفض هارون يصرخ فيه بغضب : لم نفسك يا زباله ، أنا إلى غلطان أنى سايبها فى البيت عندك ،أسمع أنا عشر دقايق وجاى أنت فاهم.
ردد ماجد مستهزءا: اه يا واطى، يعنى هى الى حركتك ،غير كده انت كنت ناسى أصلاً إن فى حفله عند صاحبك.
هارون بسأم: ما خلصنا خلاص الله ،اقفل.
زم ماجد شفتيه يردد معجبا: لأ براڨو ، وغيرتك كمان بقيت بتقول اقفل بعد ما كنت بتقفل الخط فى وشى .
أمام تلك السماجه استمع لصوت غلق الهاتف فى وجهه فردد وهو ينظر لهاتفه: صدق الى قال الطبع بيخلص بعد طلوع الروح.
تمدد على فراشه ينظر لأعلى يفكر بها كالعاده ،من اقتحمت حياته لتصبح محورها.
جميلته الخبيثه ذات العيون الرماديه ،استاذه ورئيسة قسم فى المكر والدهاء ،لكنه يعشق مكرها وخبثها ،كأنه يحليها ،يضيف نكهه خاصه لها.
اغمض عينيه بتعب،متى تحلو له الأيام وترضى هى عنه.
يعلم أنه أغضبها وأحزنها كثيرا خصوصا بفعلته الأخيره ،تظن جشعه فى المال هو الدافع الأساسى لما فعل، لكنها لا تعلم شئ ،لا تعلم حقا.
أجفل على صوت فتح الباب ودخول زوجته المصون تقول بغضب: الست هانم اختك مش راضيه تفتح الباب للديزينر الى جايبه الفستان متى البنت بتاعت الميكب مش بترد عليها ،انا مش عارفه إيه حركات أولاد الشوارع دى بجد حاجه مقرفه .
استقام من على السرير يتقدم منها وقال: احترمى نفسك وبلاش تخلينى اتعصب عليكى عشان انا عصبيتى وحشه... سامعه ولا لأ ،اسمها فيروز ، تتكلمى عنها كويس ،مش هسمحلك أبدا تغلطى فيها.
اتسعت عيناها من الطريقه التى تحدث بها معها، ماجد لأول مرة يتجرأ عليها،بل بالأساس لأول مرة يجادلها ،ولا مره منذ زواجهم طلب منها تغيير أى شىء فى أسلوبها سواء بالحديث او بالغضب عن او على أحد ، دوما معها كان كالماء لا طعم لا لون .
لأول مرة يقومها فى شئ.
وهى بالتأكيد لن تصمت ،كبريائها يمنعها ،همت كى تصرخ به.
لكنه دقه وأخرى على باب الغرفه من إحدى الخادمات تخبره أن هارون صديقه قد وصل وينتظره جعلتها تصمت بارتباك ولمعة بعينها .
شملها بنظره سريعه يرى توترها وبدون إضافة أى جديد تحرك خارجاً من غرفته.
مر على غرفة فيروز تتوقف قدميه طواعية دون إذن منه ،كان لقلبه أحكام ينفذها جسده ،عيناه ترغب بالنظر لها وروحه تريد الإطمئنان عليها.
دق على الباب مره لا رد، فإخرى وايضا لا رد.
ارتعد قلبه بين اضلعه قلقاً عليها ،يتحفز جسده كى يكسر الباب كثور هارب من المذبح.
لكن حمدا لله استطاع أخذ أنفاسه وهو يسمع صوتها يردد من الداخل: مين.
أبتسم بحنان كبير يردد بقلب ملتاع عاشق: ده انا يا حبيبتي.
عرفته من صوته تجيب: مش فاتحه،مش عايزه أشوف حد
فسأل بثقه مستفزه عن عمد : حتى أنا.
ردت عليه بصوت متجسد فيه الضيق: ده هو خصوصاً أنت يا أخى.
قهقه عاليا باستمتاع ثم أخذ يتلفت حوله كاللصوص ،يتأكد أن لا أحد بالجوار ثم مال على الباب يردد بصوت خافت: افتحى بقا يا فيروز إنتى وحشتينى.
ومن جديد لم يأتيه رد منها ، يبدو جليا إستحالة عشقها له.
حزن كبير غمر صدره وتحركت قدمه لأسفل ببطئ وحسره.
ليتصادف على السلم مع والدته التي اقتربت منه تتحدث من بين أسنانها: زعلت ندى تانى.
اخذ نفس عميق يقلب عينيه بملل ثم قال: لحقت تشتكيلك؟! ماشاءالله سرعتها بتتطور يوم عن يوم.
صكت فريال أسنانها ثم قالت: لم نفسك ، من غير أبوها ضهرك يبقى مكشوف.
اقترب منها ماجد وردد بصوت خافت يبدو كمن يتحدث بخوف : عندك حق ،عشان كده كلام فى سرك ناوى أطلقها.
شهقت فريال تقول برعب: انت اتجننت ، خلاص بنت الخادمه...
قاطعها يضع يده على قلبه يكمل عنها ساخرا وهو يتنهد بلوع يبتسم باتساع: لحست عقلى.
احتدت عيناها تقول بطريقة شيطانيه: عايز تهد الدنيا فوق دماغك يا ماجد؟!
ضحك بسخرية ثم سأل: خايفه عليا؟!
صمت ثوانى ثم أكمل السؤال بصيغه أصح: ولا على نفسك؟؟
اغمضت عيناها تأخذ نفس عميق ،حاولت اللعب بهدوء وسياسه تقول: عارف انت كاتب مهر كام مليون؟ده ثروه لوحده.
التوى ثغره بسخريه حزينه وقال: عارف والأكيد إنى مش هدفع فى واحده زى دى جنيه.
حاول تخطيها يكمل نزول الدرج فاستوقفه حديثها وهى تقول: ولما انت شايفها كده ،رضيت تتجوزها ليه؟
أغمض عينه بألم ثم عاود نزول الدرج يٌقر: عندك حق..عندك حق.
جاهد كثيرا على الثبات والا يبكى على ما مضى وسار بأتجاه غرفة المكتب.
يتنهد بتعب ويفتح الباب ليضحك مرغما وهو يجد صديقه الضخم ،خائن الفتيات ،صياد النساء المتزوجات يكاد يميل نصف جسده من النافذة وهو يخرج رأسه يبحث عنها.
صدح صوته عاليا يردد بسخرية: ياعيني على الى حب ولا طالشى.
انتفض هارون يلتف له يدرك أنه قد رأه وهو يبحث كالمجنون .
ابتسم ماجد يقول بشماته: جابتك على بوزك.
هارون بحده: لم نفسك ياد.
هز ماجد رأسه وقال بطواعيه: وماله ياعم،الم لك نفسى ولو انى بحب أبعترها.
تقدم يجلس على مقعد مصطفى الوثير و تبعه هارون يجلس مقابل منه يسأل : هى فين؟!
ماجد: فى الجنينه ولا ممكن ورا عند الببسين.
هم هارون كى يقف ويذهب لها لكن استوقفه صوت ماجد يقول: اييييه ،خلاص ..بقيت مجنون غنوة.
اهتز الفك العلوي لهارون ينظر له بغضب ثم قال: بقولك ايه يالا ،حكاية إنك تقول إسمها كده بالنسبه لي مش مبلوعه مش عارف ليه ،بعد كده قولى المدام.
لم يستطع ماجد تمالك نفسه ،وصدحت ضحكاته تهز الإرجاء يضرب كف بأخر وهو يردد: ياااه هى وصلت معاك للدرجة دى، طب وأقسم بالله ما مصدق.
هارون بصوت خرج من بين أسنانه محذراً: أنا هقوم بدل ما أعمل معاك الغلط.
لكن ماجد استوقفه مجددا ،لكن هذه المره يتحدث بجديه وقال: استنى يا سيدى عايزك فى موضوع.
هارون: اتعدلت دلوقتي يعنى.
ضحك ماجد عالياً وقال مازحاً: ماهو لو ليك حاجه عند الكلب بقا هههههههه.
قضم هارون على شفتيه السفلى يمنع ضحكته وقال: تقوله استنى ياسيدى عايزك.
قهقه ماجد يقول: بالظبط... اقعد.
جلس هارون وقال بنفاذ صبر يود الركض بسرعه لعند غنوته: أخلص.
ماجد بدون اى مقدمات: فى صفقة سبايك وماس عايزها ترسى عليا.
رفع هارون حاجبه بصدمه وقال: ده ليه ولا من امتى ،عمره ما كان كارك ولا كارى.
أبتسم ماجد بحنان ثم قال :مش بس كده ، عارف محل **""" الى فى مول مصر؟
هارون: طبعا ده أكبر و أغلى محل مجوهرات وليهم توكيلات فى كل حته وهو الى صمم الطقم الى لمى طلبته فى شبكتها.
ماجد : عايز اشتريه هو وتوكيلاته بالعمال الى فيه.
هز هارون رأسه بجنون يردد: نعم،ده بفلوس كتيره اوى ،انت أكيد اتجننت.
ماجد بإصرار مريب: بقولك هشتريه ،صفقة الماس والسبايك هتغطى والى يتفضل هتبقى للمصنع عشان تصنع ،انا عايز الصفقه دى ترسى عليا بأى تمن.
نظر له هارون بشك ثم سأل: وكل ده ليه؟
صمت ماجد لمده تخطتت الدقيقة ثم قال بكل ثقه وتأكيد: لمراتى.
رفع هارون شفته العليا مشمئزا يقول : ندى؟!!
حمحم بحرج يستدرك ما قاله وحاول تصحيح يقول: أحمم ،مش قصدي حاجه بس بصراحه كتير شويه.
هز ماجد رأسه وقال بثقه : مش ندى.. انا بحب واحده تانيه وناوى اتجوزها.
كان متوقع ردة الفعل تلك التي يراها على صديقه وهو يردد: يا واطى،من ورايا؟! هى مين ؟
ماجد : مش هقدر اقولك دلوقتي،فى كذا مشكله في الموضوع ،كل حاجه هتنتهى اول ما الصفقه دى ترسى عليا، دى الى بيسموها صفقه العمر.. كمان عايز المحل ده عشان يبقى مهر حبيبتى، أصلها كانت شغاله فيه.
هز هارون رأسه بعدم استيعاب يردد: نعم، شغاله فيه؟! أنت خلاص اتجننت ،هتنزل بمستواك لحتت يت شغاله سيلز .
اهتز فك ماجد من شدة الضيق والغضب ينظر له بعيون تطلق سهام قاتله: أحترم نفسك وانت بتتكلم عنها يا هارون ماتخلنيش ازعلك.
ضحك هارون ساخراً: وانت بقا هتعرف تزعلنى!
حاول ماجد السيطره على نفسه بصعوبه ثم قال بتشفى: تصدق ،حلال إلى معمول فيك.. كفايه عليك عمايل الست غنوة.
وعلى سيرة غنوة هب من مقعده يتذكر وذهب كى يبحث عنها فى كل الأرجاء كطفل ضائع يبحث عن موطن دفئه.
عاد ماجد برأسه على ظهر كرسيه الوثير يفكر لثوانى ثم رفع سماعة الهاتف الارضي يتصل بالمطبخ إلى أن ردت عليه إحدى الخادمات فأمرها بمكر: روحى نادى فيروز هانم من أوضتها قولى لها جدها مستنيها فى المكتب.
همهمت الخادمه بطاعه وذهبت تنفد وهو أبتسم بثقه،يعلم أنها لا تقدر فى هذا البيت كله الا جدها مصطفى.
بالفعل بعد مرور دقيقتين كان يقف يبتسم بفرحه ولهفه ،يرفع هاتفه كالفتيات يرى انعاس صورته في الشاشه يغرس أصابعه فى شعره فيعيد تصفيفه ويهندم قميصه يتأكد من كونه يبرز عضلات صدره يظهر مدى قوته .
وبعدها تحدث بصوت مرتفع: أدخل .
دلفت للداخل تنظر فى الغرفه ،تدور بعينها فى كل اتجاه لا تجد أحد غيره فسألت: جدو فين؟!
وقف عن مقعده وتقدم يقف على مقربة منها قائلا: مافيش جدو انا الى ناديتك.
أغمضت عيناها تأخذ نفس عميق بسأم ثم فتحتهم مجددا تقول: أنا مش عايزه أشوف ولا أتكلم مع حد.
اقترب منها سريعاً كى يتحدث لكنها كانت الأسرع حين فتحت الباب وخرجت منه وهو خرج خلفها يحاول ملاحقتها.
________سوما العربي________
كان يسير في كل مكان بحثا عنها تنهش قلبه الغيره وهو يرى منظر العمال الذين من المفترض أنهم يعملون معها.
أى عمال هؤلاء ، يكاد يقسم أنه هو العامل بينهم .
ما هذه الشباب الوسيمه ذوات العضل من كل جهه ترتكز عينه على أحدهم يمتلك شعر أسود غزير يسقط العرق على جبهته مختلطا مع خصلات شعره فبدى وسيم جدا،هو نفسه رجل وأطال النظر له يقر أنه وسيم ، فما الحال بزوجته.
أبتسم بسعادة وهو يردد داخليا ذلك اللقب المرتبط به وعائد عليها هى فقط ....زوجته...غنوة.
ظل يبحث ويبحث حتى وجدها اخيرا تنسق بعض الزهور البيضاء على طاوله زجاجيه توليه ظهرها.
سار ببطئ وحرس حتى أصبح خلفها تماماً ثم مد ذراعيه يلفهم حول خصرها يحتضنها.
شهقت برعب والتفت بوجه يطلق شرار ينوى على قتل من تجرأ على فعل ذلك.
قرأ معالم وجهها جيداً تغزوه فرحه كبيره وفخر بها واعتزاز ثم قال: ده انا يا حبيبتي،هو حد حد يقدر يلمسك غيرى يا شِرس يا خِطر انت.
أنهى حديثه بغمزه ماكره خبيثه،ليتفاجئ بها تبتسم له مردده باشتياق أفقده لٌبه: هارون.
اسبلت عيناها تتحدث بخجل وقالت: وحشتني أوى.
تهدجت أنفاسه يردد بذهول: بجد؟
هزت رأسها مؤكده: ايوه.. أوى.
التقط كفيها بين راحتيه يردد بلوع: انتى كمان وحشتيني اوي اوي.
حرر يد يمدها ناحية وجنتها وقال: مش بتردى عليا ليه؟ قلقت عليكى أوى وأنا بتصل مش بتردى.
هزت كتفيها تقول بيأس مبتسمه: بسيب دايما موبايلى فى الشنطه، الشغل بيبقى واخد كل تركيزى، اصلى بحب أدى كل حاجه حقها.
بأنفاس لاهسه راغبه ردد بوقاحه متسائلاً: امال مش مديه لجوازنا حقه ليه بس يا غنوتى.
اهتز ثباتها أثر حديثه، كلمة زواج التى جمعتها به تزلزلها فى كل مره تسمعها.
اقترب منها أكثر حتى انعدمت المسافات يقول : أنا خلاص مش قادر،وهموت عليكى.
كان يتحدث بما يجول فى خاطره ويشعر به، أصبح شفاف جدا أمامها ،كتاب مفتوح.
لأول مرة يعشق ويتذوق حلاوة العشق فقرر الإستسلام له ،وأصبح حقيقى جدا أمامها.
مد يده يمررها على وجنتها مرسلاً قشعريره لذيذه على طول عمودها الفقرى وجسدها كله يقول بأريحيه وصراحه : النهاردة حصل موقف ،كنت هتجنن .
حاولت ابتلاع رمقها بصعوبه ،ترتجف أثر لمسته عليها وتحدثت تحاول الابتعاد عن يده والانشغال عن تأثيره تسأل: موقف ايه؟!
أحبط محاولاتها فى الابتعاد بل جذبها لأحضانه يغلق عليها يديه يحاصرها بين ذراعيه وصدره يأخذ نفس يحمل رائحة جسدها ،يشعر بجسدها بأحضانه متشنج مصدوم .
كانت كذلك بالفعل ،متسعة العين والفم تسمع صوت تنهيده حاره منه ومن بعدها احكم يده حول رأسها يزيد من التصاقها به يجبرها على قربه و ردد: مش مهم،المهم انى عرفت قيمتك عندى ، وانك مراتى الى مش هينفع استغنى عنها ابدا.
حاولت الخروج من أحضانه لكنه أحبط محاولاتها يعيد أحكام يديه من حولها ويقول: أنا قررت نتجوز رسمى ، هنروح بعد الحفله للمأذون .
كانت مفاجئته كفيله بأن تعطيها القوه التى استطاعت بها الخروج من أحضانه تنظر له بصدمه وذهول تردد : مأذون ، النهاردة؟!
ابتسامه حلوه سعيده جدا ارتسمت على وجهه وهو يقول: ايوه يا حبيبتي.
اقترب المسافه التى ابتعدتها وضمها له يقول: أنا بحبك اووى ، اكتر مانا نفسى كنت أتخيل .
كانت الصدمة كبيره عليها ،تردد بزهول: أيوه بس انت كنت بتقول ...
قاطعها يردد بلوع: أنسى إلى فات بقا، وبعدين أنا أول مره أحب ،وكل ده على إيدك فلازم بقا تستحملى لسانى وظفارته بس انا بتعلم بسرعه ومع الوقت أكيد هتحسن ، و هبقى مافيش منى ورمانسى خالص علشانك.
كأن هارون آخر هو الماثل أمامها الأن ،كطفل بعمر ساعات يتشكل من جديد ،يطلب منها الصبر ،يعدها أن يكون فتى مطيع .
وكان صادق،صادق جدا فى كل حديثه ،مبهوره مما تراه خصوصاً وهو يقول بإستجداء: غنوة أنا مستعد أعمل أى حاجة عشان ارضيكى بس تكونى ليا ومعايا .
فى تلك الأثناء خرجت موسيقى من إحدى السماعات التى ستستخدم فى الحفل يصدح منها صوت تلك الأغنيه التى تعبر عن حاله معها ،فابتسم لها وجذب ذراعيها يلفها من حول ويتراقص معها يردد كلمات الأغنيه: حبك غير حياتى نسامى دموعى و أهاتى فكرنى بكل حكاياتى خلانى أدوووب ،انت غرامى كله يا شمس عمرى وضله، أصلك هالعالم كله، عن حبك ما اتووب.
كان يمسك أصبع يدها الأيمن يلفها ثم يدور بها يشعر انه لا يحمل وزناً،قد جعله الحب بوزن الريش .
تتردد الاغنيه فى الأرجاء بصوت عالى وهما يتمايلان ويتراقصان عليها ينسى كل منهما بالآخر العالم وما به ،تتراقص الضحكه العاليه السعيده على شفة كل منهما.
توقفت الموسيقى فجأة يبدو أن هناك عطل يصلحونه ، فتوقفا عن الرقص كل منهما على بعد خطوه من الأخر.
ففتح ذراعيه لها بدعوه صريحه لعناق طويل محموم لكنها لم تنفذ ،فمد يده بنفاذ صبر وجذبها له يلتحم بها وفيها.
يغمض عينيه بتعب ولوع متنهدا ،لكن فتح عينيه على صوتها وهى تقول متذكره: هارون أنا عندى مشكله ،وانت ممكن تساعدني.
أبعدها عنه ينظر لها بقلق مرددا: مشكله،مشكلة إيه؟حد ضايقك هنا ؟حد زعلك؟ انطقى بسرعه.
أشارت له بيدها تهدئه مردده: لأ لأ ده موضوع خاص شويه.
تحدث والقلق مازال يقتله : قولى بسرعه قولتلك.
غنوة : واحده صاحبتى ،شكلها فى ورطه ،اختفت فجاءه من المكان الى كانت عايشه فيه ،وبيقولوا فى ناس أخدوها وأنا حاسه انها أكيد فى مصيبه،هى بنت غلبانه جدا ومالهاش حد ،انا وهى كنا صحاب ،مش قادره ولا عارفه أعمل إيه،بيقولوا إلى أخدوها ناس أغنيه أوى ، قالوا لأهل الحته انهم أبوها واخوها وهى أصلا وبابها ومامتها ماتوا ،انا قلقانه عليها أوى خصوصا أنها صغيره.
جعد ما بين حاجبيه وقال: ماكنتش اعرف إن عندك صحاب غاليين عليكى اوى كده.
ابتسمت بسخرية وألم ثم قالت: أنت ماتعرفش عنى أى حاجة لسه.
أبتسم هو إبتسامة حلوه صافيه وقال: مش مهم،أنا واثق فيكى.
التقط كفيها يحدثها برجاء وتحذير فى نفس الوقت: غنوة أنا أول مرة أحب ،خلى بالك ، أنا طبعى صعب ، مش عارف لما بحب ببقى عامل ازاى عشان اقولك،بس عارف لما حد بيأذيينى فى شغل ولا مصلحه بعمل فيه ايه، غنوة انا سجنت عمى، عشان كان عايز يأذينى ،وأعلنت حرب على مختار عشان بس شاكك فيه ،كل دول مش حاجه جنب حبى ليكى ،مش عايز أذيكى يا غنوة.
حديثه بث بعض الرعب بها، حاولت المزاح معه لتخفيف الضغط وقالت: بتهددنى بقا ولا إيه ،من أولها كده؟
اخذ نفس عميق وضمها لأحضانه يردد وهو يمسح على ظهرها: بحذرك يا غنوة بحذرك، عشان حبيتك اوى
ابتسمت يشعر بفكها يتحرك فوق كتفه وهى تتحدث: طب هتدورلى على فيروز؟
أبعدها عن أحضانه يسأل: فيروز مين؟
زمت شفتيها بيأس تقول: انت لحقت نسيت،صاحبتى الى بقولك عليها .
هز رأسه متذكرا وقال: ايوه ايوه، بس طب أى معلومات عنها طيب .
تنهدت بحزن تقول له: إحنا غلابه اوى يا هارون ،تفتكر هقولك ايه عنها يعنى.
ضمها له بغضب مرددا: انتى حرم هارون الصواف ماتقوليش غلابه دى تانى،سامعه؟
ابتسمت له تقول: حاضر.
همهم لها يقول: كملى.
فقالت: إسمها فيروز شعبان، وكانت شغاله فى محل مجوهرات إسمه***** فى مول مصر ، عارفه؟
أخرجها من أحضانه ينظر لها باستغراب، يتذكر حديث صديقه عن فتاه يعشقها وينوى الزواج بها ،يخطط لشراء نفس المتجر كى يهديها إياه عند زواجهم .
ابتعدا عن بعض وهمت يستمعان لصوت فتاه تأتى من بعيد بلهفه تنادى بإسم غنوة
التفت غنوة لها تنظر عليها بصدمه وذهول تردد: مش معقول،فيروز.
ذهبت لها تقابلها حتى احتضنت كل منهما الاخرى بقوه.
وقف ماجد لا يفهم شئ يسأل: انتو تعرفوا بعض؟!
بينما كان هارون يقف من بعيد قليلاً،يتقدم خطوه خطوه ببطئ ينظر على ماجد بشك.
يتذكر حساسيته الوراثيه، عشقه فتاه أخرى، نفس إسم المتجر الذى تعمل به كانت تعمل فيه نفس الفتاه التي تقول عنها غنوة ،يراها الآن فى بيت ماجد بالتأكيد هذه شقيقته التى أقيم الحفل لأجلها ، تحتضنها غنوة مردده إسمها إذا هذه هى نفس الفتاه.
ابتعدت غنوة عن فيروز تقول لها بلهفه وقلق: أنتى كويسه،انا كنت بدور عليكى،ومين الناس الى اخدوكى دول ،وانتى بتعملى هنا إيه أصلا؟!
كانت فيروز تهز رأسها مع كل كلمه من غنوه تبتسم على لهفتها وقلقها عليها تردد: اهدى أهدى هفهمك...تعالى معايا.
ذهبت بها سريعاً وكالعادة لا تقص القصه كامله ،اخبرتها بقصة زواج أمها من محمود وقصتها مع شعبان الذى تحمل إسمه طوال عمرها.
بينما ماجد يقف لجوار هارون الذى ينظر له بشك وقال: هما طلعوا يعرفوا بعض؟؟!
هارون بنظره غامضه بها عدم ارتياح: تخيل.
لكن ماجد لم يكن ملاحظ لطريقة حديثه ، تركيزه منصب على نظرات العمال على ماكرته الخبيثه ،يلتهمونها بأعينهم.
ترك صديقه غير مهتم بحديثه وذهب لها ينهى حديثها مع صديقتها قسراً.
جذبها من ذراعها يسحبها لغرفة المكتب،غضبه وغيرته يعصفان به.
اغلق الباب والصق ظهرها عليه ووقف مقابلها يقول: إيه الى موقفك عند العمال ،مش شايفه كانوا بيبحلقوا فيكى ازاى.
بتحدى كبير قالت وهى تتحرك ناحيه أحد الارائك: وانت مالك ،انا حره.
دفعها بيده وهو يتبعها حتى التصقت بالجدار وردد بهوس وهو يضع يديه على رقبتها يود خنقها : مش حره يا فيروز،مش حره،انتى بتاعتى.
بعزم قوتها أبعدت يده عنها تقول وهى تحاول التقاط انفاسها فدخل لرئتها هواء مشبع برائحته : أنا مش بتاعت حد قولتلك.
سرحت يده من على عنقها تهبط لأسفل عنقها قليلا يتحسسه بحراره وهو يقر: لأ يا فيروز،انتى بتاعتى ،انا بحبك .
رغم كل شئ وأى شئ...للإعتراف بالحب قدسية خاصه.
جعلتها جاحظة العين فمها مفتوح مستدير تنظر له بصدمه ،فابتسم على هيئتها واقترب منها يغلق استدراة فمها بشفتيه وهو يميل عليها يجذبها له من خصرها مرددا بصدق : والله بحبك .
مال كى يقبلها وهو يشعر بكلماته اسكرتها تغمض عيناها متقبله .
فى نفس الوقت كان هارون يجذب يد غنوة معه وهو يردد: تعالى بس هقول....
صمت بصدمه بعدما فتح باب المكتب دون سابق إنذار ليرى صديقه بهذا الوضع المريب مع الفتاه التي من المفترض أنها شقيقته..عيناه فيها نظره قاتله واتهام واضح.
كذلك غنوة كانت مصدومه تنظر لهم بذهول .
تحرك ماجد ناحية هارون يحاول استدراك حاله خصوصاً بموقفه المخزى هذا ومد يده يشير لهارون على الخارج ثم قال:تعالى أنا هفهمك كل حاجه.
شك كبير وعدم إرتياح قذف فى قلب هارون ناحية ماجد لو مهما قال او برر .. لكنه ذهب معه يستمع له أولاً.
وقف فى مكان بعيد بالحديقة يتواجهان .
رفع ماجد عينه بأعين صديقه فوجده ينظر له بصمت نظره حاده فقال دون أى مقدمات: مش اختى.
سأل هارون مباشرة: مين فيكوا الى مش إبن الدهبى؟
ابتلع ماجد رمقه، يبدو أن الحقيقة ستكشف عاجلا أم آجلا، سر عمره ثلاثة وثلاثون عاما لولا العشق لما كشف.
اخذ نفس عميق متألم ثم قال: أنا.
على الناحيه الأخرى فى غرفة مكتب بيت الدهبى جلست فيروز تقص كل شيء من البداية على مسامع غنوة: كانت امى متجوزه لسه محمود عرفى ،وبتنضف اوضة الصالون وقعت منها القماشه الى بتنضف بيها تحت كنبة الصالون فنزلت تجيبها ،كان ماجد عنده عشر سنين وراجع من المدرسة بدرى ،سمعته وهو بيقول لفريال أنه أكل حاجه فيها فرواله وخوخ وتعب والدكتور قاله أنه عنده حساسيه وراثيه بس الدكتور كان عارف العيله كلها من زمان وعارف انهم مش عندهم النوع ده من الحساسيه ،ماجد اتصدم وكان مش عارف يتصرف خصوصاً أن الدكتور كلمه بطريقة وحشه جدا وقاله انت أبن مين يا ابنى فجه لفريال واجهها وهنا كانت الصدمه .
صمتت فيروز عن السرد تزامنا مع اتساع أعين غنوة تسأل: إيه؟!
فيروز: ماجد مش إبن محمود ولا حتى إبن فريال ،هو حتى مش مصرى.
شهقت غنوة بصدمه تسأل: إزاى؟!
فيروز: فريال أصلا شايله الرحم من قبل ما تقول إنها حامل و تعمل فيلم على جوزها ، أيامها قالت إنها مسافره تولد فى أمريكا عشان ابنها يبقى معاه الجنسيه ..اتفقت مع واحد وجبلها طفل بدمه ورجعت بيه مصر على إنه ابنها ، يومها امى ضربت لخمه واتكعبلت وقعت عملت صوت وفريال شكت انها كانت واقفه من بدرى وسمعت كل حاجه فبدأت تراقبها ومن هنا عرفت ان امى متجوزه جوزها عرفى فجابتها وهددتها وامى خافت خصوصاً ان قبلها محمود رفع ايده عنها وقطع الورقه العرفى وهى اصلا كانت يتيمه مالهاش حد.
انتهت فيروز من سرد كل القصه وغنوة تجلس مقابلها تردد بذهول: وهو دلوقتي عايز منك ايه؟!
كذلك كان ماجد قد انتهى من سرد كل شئ يجد هارون يطالعه بشك غير مصدق كل ما سمعه ،صديق عمره لأكثر من خمسه وعشرون عاماً يخفى عنه طوال كل هذه السنوات سر خطير كهذا ولا يظهر عليه أى شىء نهائياً......
الثامن عشر
كان يجلس صامت تماما،الصدمه تشٌل لسانه ،لكنها لم توقف عقله بعد.
صديقه المقرب، يومهم تقريباً كله مع بعض منذ ان كانا بنفس المدرسه وبعد كل هذه المده يكتشف عن طريق الصدفه أنه شخص آخر.
شخص أخر بهويه اخرى ،هو حتى غير مصرى ولا عربى ،والداه ليسا والده ،وعائلته ليست عائلته.
وهو يعرف كل شيء، يذهب ويأتى .....معه، يدخلان ويخرجان ...معا، و للأن لم يكتشف عنه شئ لولا صدفه رتبها القدر .
كان يناظره بعين جديده، صديق عمره كأنه لا يعرفه،كأنه الآن أمام شخص أخرى،شخص جديد عليه هو لا يعرفه ،ليس ذلك الصبى الذى تعرف عليه فى مدرسته الدوليه...بأختصار شديد لقد دخل الشك فى قلب هارون ناحية صديقه ،لا يعرف بما ،لكن ماجد أثبت له أنه ليست الأشياء كما تبدو وكذلك الأشخاص.
وماجد ينظر له بصمت ،لم تكن تخفى عليه تلك النظرات ،نظره جديده من أعين الصديق الوحيد .
التوى ثغره يبتسم بألم وسخريه مرددا: ايه يا صاحبى بتبصلى كده ليه ؟
صمت يأخذ نفس عميق مثقل وهو يضحك بوجع: ولا بلاش اقول صاحبى خلاص بعد ما عرفت حقيقتى ،نظرتك هتتغير ليا عشان ماطلعتش ابن ذوات؟ صحوبيتنا هتتغير عشان طلعت من الشارع وماليش أصل كبير زيك ؟
رفع هارون أنظاره له وقال : على أساس أنى محتاج صٌحبه عاليه ترفعنى، أنا كبير من غير حد،المشكله مش فى كده.
ضم قبضته يلكزه فى صدره بعنف ويقول من بين أسنانه: المشكلة أنك كنت عارف، كنت عارف كل السنين دى وماجتش تقولى، ماقولتش ليييه ؟هو انا كنت هبيعك ولا كنت هروح اقول لمحمود ولا مصطفى الدهبى أنك مش ابنهم.
كان ماجد يتراجع خطوه ثم خطوه للخلف مع كل قبضه من يد هارون مستسلم لغضبه الذى يفرغه عليه الأن، إلى أن توقف هارون فتوقف ينظر أرضاً بصمت ،ثم رفع وجهه وقال بهدوء: كنت عيل لما عرفت، عيل كبر على أنه ليه أب وأم وعايش حياة طبيعية فجاءه كده اتصدم إن لا امى امى ولا أبويا ابويا ولا اهلى هما اهلى ولا انا حتى أنا.
احمر وجهه من حزنه وألمه على نفسه بحياة وقصه ليس له يد بهما يصرخ في صديقه بقهر: تفتكر وانا عيل عشر سنين كنت هبقى فاهم كل الى انت بتقولوا ؟!
من بين أسنانه خرج صوت مكتوم ،مكظوم عليه قهر سنوات يردد: فريال،فريال ربتلى رعب من القصه دى،إن لو حد عرف كل حياتى هتتهد ،تفتكر كان عندى أختيارات ،أجى أقولك ويبقى فى إحتمال أخسر حياتى وعيشتى الى مش عندى غيرها، وأنا عيل مش عارف حتى لا اروح فين ولا أعمل ايه؟ماكنش عندى حل غير أنى انفذ كل كلمه بتقولها فريال من غير حتى ما أفكر لأنها باختصار و زي ما قالت هى فعلاً الضامن الوحيد لعيشتى دى.
صمت لثوانى ينظر لهارون بضيق ثم قال: وبعدين قولى أنت كنت هاجى أقولك إيه هاااا ،وياترى وانت عيل عشر سنين كنت هتتقبل ده وهتفهم اصلا ،ولا هتتغير نظرتك ليا .
هز رأسه بحزن ،يمنع دموعه بكل ما أوتي من قوة يهز رأسه مرددا: أنت ماشوفتش الدكتور وهو بيقولى أنت ابن مين ياولد ونظرة الاحتقار فى عينه ليا ،وهو مالوش علاقه بيا ولا صاحبى ولا إبنه صاحبى ،فكرت انه المفروض ده دكتور ،الحلم ، كلنا كان نفسنا نبقى دكاتره وأحنا صغيرين شايفين أنهم احسن ناس ،اتفاجئ بالدكتور ده بيبص لعيل صغيره بنظره اتغيرت لما عرف أنه مش إبن ذوات ،رغم انه هو هو نفس الدكتور الى كان بيجرى عليا وناقص يعملى خده مداس لما يجيلى شوية كحه ولا برد عشان كان فاكرنى إبن محمود الدهبى.
صمت مره اخرى تحت أنظار هارون المتابع لكل كا يراه منه بتركيز شديد.
ليتحدث ماجد مره اخرى مرددا بحقد وغضب: الدكتور ده كان هو النموذج الصغير للناس فى عينى، صورته مش بتروح عن بالى ، طول ما انت أبن ناس فأنت فووووق ،طلعت غلبان الكل يدوس عليك ،والأكيد أنى مش بنسى شكله وهو واقف زى الكلب قدام فريال وهى بتهدده أنه ينطق ،وإنه عمل كل ده وفضل يدور حوالين عيلة محمود وعيلة فريال لحد ما أتأكد إن ماحدش فيهم حامل للمرض ده عشان يطلع له بقرشين فى الآخر ،اول ما فريال رمتهمله اتخرس وساب البلد كلها ومشى بعقد العمل الى هى جابتهوله .
صمت بحزن دفين وجرح ظنه قد شفى أو أنه أعتاد ألمه ،لكن مواجهة هارون له أكدت أن الجرح به دمامل مفقعه تصرخ ألما.
التف عن هارون يوليه ظهره وأخذ نفس عميق يقول: قولى إيه الى مضايقك فيها بالظبط ،انى ماقولتش ولا أنى مش إبن عيله زيك.
أغمض عينه بألم تباعاً مع صمت صديقه ثم قال بحسم: اهو انت عرفت حقيقتى خلاص، والكره فى ملعبك عايز تكمل صاحبى ،او تخرج من هنا ومانشوفش بعض تانى.
وسريعا ماتحرك يختفى بالداخل مازال يحبس دموعه ،لن يبكى .
قد بكى كثيرا وهو طفل حينما اكتشف أنه طفل لقيت قد باعه والده مقابل المال وتركه يغادر بلاده بلا رجعه.
وقف فى منتصف البيت لا يعرف لأين يذهب ، ولموطن راحته الوحيد ذهب غير مهتم بالعواقب.
فتح باب غرفتها فجأة يقتحمه ويغلق الباب كأن غرفتها غرفته.
يرى غنوة تجلس بجوارها فقال بهدوء: هارون عايزك تحت.
نظرت له غنوة تشعر أن هارون لا يريدها ولا شيء لكنه يريد إخراجها فقط لذا تحركت بهدوء لكنها وقفت فى منتصف الغرفه متردده تنظر على فيروز بقلق فأخذ نفس عميق ثم قال: مش باكل بنى ادمين على فكره.
شعرت بالحرج والتخبط فخرجت سريعاً تشعر بتوتر الأجواء مطمئنة نسبيا لأنه لن يتهور ويقدم على فعل شيء قد يكشف سره.
بمجرد خروجها تحدثت ذات اللسان السليط تقول: يا ماشاء الله يا ماشاء الله شايفاك داخل كده ولا كأن....
صمتت عن استكمال الحديث تشهق بذهول وهى تشعر به يرتمى على الأريكة يجوارها يستند برأسه على كتفها يتنهد بتعب .
اتسعت عيناها وهى تشعر بنقطة ماء ساخنه وقعت على كف يدها الموضوعه بجوارها.
التفت تنظر له بصدمه فقال: ماتخافيش مش هضايقك ،خمس دقايق وهطلع بسرعه .
اخذ نفس من أنفه يظهر على صداه أنه كان يبكى ،او على الأقل ادمعت عيناه فعلياً.
ابتلع رمقه ثم قال: حتى لو هضايقك هفضل،غصب عنى مش بمزاجي ،مضطر ... انتى الوحيده الى لقيت فيها راحتى.
ضحكه ساخره صدرت منها وقالت: امال فين مامى فريال.
أغمض عينه بألم ثم قال: تعرفى ، فعلاً ربنا بيعمل كل حاجه لحكمه، يعنى مثلاً حرم واحده زى فريال من الخلفه يمكن لأنها ماينفعش تبقى أم بمعنى أصح ماتعرفش.
رفع رأسه عن كتفها يقول : أنا بحبك يا فيروز ،بحبك أوى ،خليكى معايا.
اشاحت عيناها عنه برفض فجذب بيده رأسها قسراً يقول: إيه ،مالك مش متقبلانى ليه ها..قوليلى يا فيروز إيه سر كرهك ليا ها؟
صمت لثوانى ينظر لها بتحدى ثم قال : مانتى طلعتى عارفه القصه وما فيها ، عيل لحمه حمرا عمر يوم اتاخد وبقى له عيله وإسم ، ولما عرفت بالصدفه وانا عيل كنت هعمل ايه ها....عيل عشر سنين ولا حتى لو كنت اكبر كنت ممكن أعمل إيه؟ لو انتى مكانى كنتى هتعملى ايه؟ ارفض وابقى فى الشارع ولا اكمل.
على صوته بقهر يصرخ بها ثم قال: قوليلى كرهانى لييه؟ هو انا الى اتجوزت امك عرفى ولا انا الى استندلت معاها ولا انا الى كنت عارف بيكى وكسلت ادور عليكى ومافوقتش وجبتك إلا لما كبرت ؟ هو انا كنت مانع عنك فلوس أهلك؟ انتى فاكره ايييه هااا فاكره اييه ... انا كنت عايش حياتى كلها فى رعب ،فريال عيشتنى ليلاتى فى رعب يا أنفذ الى هى بتقولوا يا هتعرف الكل أنى مش أبنهم.
وقف عن الأريكه يضع يديه بجيوب بنطاله ويكمل : كنت عيل ومش فاهم ،ببات كل ليله بتنفض مرعوب لا تقول واترمى فى الشارع ،كانت بتستغل أنى عيل مش فاهم إنها أصلا اول واحده هتنضر.
اخذ نفس ساخن حزين وقال: فى الأول وانا صغيره تستخدمنى اقول أخبار معينه لمحمود أعمل مشاكل لخدامه غيرانه منها ،وبعد ما كبرت بقت بتخلينى احول لها مبالغ مش عاديه على حسابها وابقى مجبر اتصرف واغطى عليها..اتربيت على الخوف منها وشويه بشويه كبرت على كرهها.
اشفقت عليه كثيراً، ووقفت تقف لجوراه تقول: انا ماكنتش اعرف انك....
قاطعها وهو يلتف لها يقول بغضب: أنى إيه هااا؟ إيه؟
صمت لثانيه ثم أكمل بتحسر: تعرفى إن عيشتك الى مش عجباكى دى أحسن من عيشة الخوف والرعب من الطرد فى الشارع كل السنين دى .
صرخ بها بقهر يسأل: بتعملى معايا كده ليييه؟! بتنتقمى منى على ايييه؟!
وضعت يدها على كتفه تردد بألم: مش منك أنت يا ماجد ،مش منك .
التف بجسده كله لها ثم التقط كفيها بلهفه يقول بتمنى ورجاء: طيب اتجوزينى يا فيروز ،تعالى نعوض بعض ، انتى عوضى يا فيروز ،انتى الوحيده بالى قلبى بيرقص معاها وبتمنى قربك ووالله يا فيروز والله هكون انا عوضك، انتى ماتعرفيش انا بخطط لأيه عشانك.
ابتعدت عنه خطوه تنظر أراضا تقول وهى تهز رأسها: مش هينفع،مش هينفع .
استوحشت عيناه يقترب منها ويقبض على كتفيها يهزها بغضب مرددا: لييه هااا..قوليلى سبب.
رفعت عيونها الرماديه له تسحره وتقتله فهمهم متذكرا بغيره وغضب: أااااه عشان الواد إياه..تمام.
أبتعد عنها خطوات ثم قال: طيب بصى بقا، انتى لسه ما تعرفيش ماجد ممكن يعمل إيه،جواز من راجل غيرى مش هيحصل، أنك تسافرى تتعلمى برا و تسبينى بردو مش هيحصل.
هى الأخرى استوحشت عيناها تنظر له بصدمه وغضب ثم صرخت فيه: أنت ازاى وبأى حق تمنعنى .
ماجد ببرود: حظك بقا من بين كل البنات ماحبش غيرك فمش هسيبك كده.
اهتز فكها العلوي بغضب وقالت بتحدى: جدى هيسفرنى.
سحب نفس عالى يمثل الحزن والحسره عليها ثم قال: اقولك ايه بس يا فيروزتى ،بس انتى لحد دلوقتي لسه على الورق أسمك فيروز شعبان لسه ورقك انك بنت الدهبى ماطلعش .
نظرت له بغضب وقالت: نعم؟!!ده ازاى ده ورق زى ده مش بيتأخر.
هز ماجد كتفيه يقول ببرود: أنا أقدر اعطل أى حاجة وأصلا يوم الحكومة بسنه ،معروفه، كمان يا روح قلبى لو الأب ماجريش على الورق ماحدش هيسأل وانتى طبعا مش محتاجه أعرفك على محمود الدهبى ... أنا هنا الى بجرى على كل حاجه ،ولو انا ماجرتش كل حاجه بتقف فما بالك لو انا عايز اوقفها أصلا؟!
كانت تستمع له بصدمه مذهوله تسمعه يقول: عايزه تسافرى سافرى بس وانتى فيروز شعبان واجيلك هناك ونتجوز بسرعه ، ياتفضلى هنا جنبى وتبقى بنت الدهبى لحد ما أنا أظبط كل حاجه ونتجوز بردو .
رفعت حاجبيها بذهول منه ومن حديثه فهز رأسه قائلاً: أيوه فى الحالتين هتبقى ليا يا فيروز أنا مش هسيبك تروحى من أيدى ابدا لو مهما كانت العواقب إيه.
خرج من عندها بخطى ثابتة لشخص لا يوجد لديه ما يهتم بخسارته سواها .
واصطدم بهارون الذى يقف ينظر له بضيق مرددا : أد ايه انت قليل الزوق وجلف، هو ده كرم الضيافة ؟!
أبستم له ماجد متفهم، هارون جاءه معتذر متقبل له على أى حال .
أبتسم ماجد وقال ساخراً: هنشوفلك حاجه تاكلها خلاص.
هز هارون رأسه وردد: لأ أخلاق.. امشى يالا قدامى نشوف هتعمل إيه أهو يمكن ست الحسن والجمال تحن عليك.
____________سوما العربي___________
خرجت نغم من بيتها تتلفت حولها تبحث عنه ...الشاطر حسن خاصتها .
تبتسم وهى تتذكر حديث غنوة معها ليلة أمس،كانت تتحدث عن حياتها وكيف نشأت متعمده ذكر سيرة حسن بأنه صديق طفولتها ليس إلا .
حاولت غنوة إرسال رسالتها بشكل غير مباشر ، كانت متحفظة فى كل كلمه مازالت لا تعلم كل صفات شقيقتها.
تقدمت تخطو ناحية محل حسن بحثا عنه ،لقد اشتاقته بجنون .
وجدته يقف وهو يرفع صوته على أحد الصبيه العاملين معه مرددا: ايوه بردو اتأخرت ليه؟
رد الصبى بتلعثم وهو يلهث: والله ما اتأخرت ده انا روحت جرى وجيت جرى... أنت الى بقيت عصبى وروحك فى مناخيرك.
نظر له بغضب فقد استفزه ببراعه وهو يذكره كم اصبح عصبى وغاضب طوال الوقت بسببها هى وحدها لأنها فقط حجبت نفسها عنه فجن جنونه وتبدل لشخص أخر.
اصبح غاضب ناقم عليها هى شخصياً بسبب تأثيرها الساحر عليه.
يتذكر حديث أمه عنها ،انها هى وشقيتها ورثا نفس الصفه عن أمهما ، فقد كانت ذات سحر كبير وتأثير عالى على من يعرفها ، لذا استطاعت أثر صالح بسهولة فى هواها ،وبعدما تركت أخذت روحه معها رغم أنها غدرت به لكن رغماً عنه ظل لآخر أيامه يعشقها.
كذلك إبنتيها ،كانت تعرف أنه لا يعشق غنوه وأنها مجرد طفله تلعب معه وكانت ذات تأثير عالى عليه لدرجة ظن أنه العشق.
إلى أن ظهرت تلك الأجنبيه شقيتها تثير فى قلبها الرعب والفزع فهى ترى الحب فى أعين إبنها لها.
يقسم حينما يراها سيتجنبها ويعاقبها كما فعلت بل وأكثر.
حمحمت كى ينظر لها ،ففجأه ذلك الذى أقسم بأغلظ الأيمان أن يتجاهلها يتقدم لعندها بأعين تقدح شرر يقبض على رثغها بغضب ويردد بغل: كنتى فين كل الأيام دى أنا عايز أفهم .
كانت صامته تنظر له بعيونها الجميله متسعه حد الإستداره فصرخ بها يهزها أكثر مرددا: ماتنطقى ساكته لييه؟! انتى عايزه تجننينى صح ؟
همت كى تتحدث لكن صوت والدته التى تقدمت تقف بينهم تقول: انتى يابت أنتى ابعدى عن ابنى يا بت أنتى ،جياله لحد عنده ليه ؟
صمتت بصدمه تقلب النظر بينه وبين والدته وهو صامت عاجز لا يعرف أيهما ينصف وكيف يسكت والدته.
__________ سوما العربي__________
الضغط كبير عليه من كل الاتجاهات.
من جهه زوجته الحلوه بفستانها الأحمر الذى ارتدته ليبرز تقاسيم ومنحنيات جسدها كأنها تتعمد قتله بذبحه صدريه من شدة الغضب ، وكالعادة تزين عيونها الساحره بكحلها الأسود كى تزيد الأمر سوءاً غير قادر على الإقتراب منها يتذكر تحذير ماجد له بتواجد مختار هنا ويجب أن يهدء الأوضاع معه قليلا.
لكن مختار كان يتعمد استفزازه كأنه يعلم كل شيء.
يقف معه وعينه على غنوة يردد بينما يرتشف من كأسه: لأ خلاص مش قادر ،اهى دى الى ترجع للقلب شبابه بجد وتستاهل تقلها دهب.
زوى مابين حاجبيه وقال بعدم أرتياح: قصدك على مين ؟!
التوى شدق مختار بابتسامة ساخره شيطانيه مستغلا لتقدم خطوات غنوه منهم تسير في اتجاه فيروز فقبض على يدها يوقفها فجأة قائلا بتلاعب: أقصد الحلوه دي.
احتدت أعين هاروه يضرب بقوة يده يزيحها من على يد غنوة ثم صرخ فيه بغضب: أنت اتجننت إلى انت لمستها دى تبقى .....
توقف عن الحديث بعد صوت عيار ناري صدح صداه فى الأجواء منذرا عن إنطلاق رصاصه في اتجاه هدفها.
مستعد يعرف أنه بالتأكيد الهدف وقد قارب على اعتياد ذلك.
لكن ياليتها اصابته هو ،لقد قتل حرفياً تسحب الروح منه وهو يستمع لصوت صرخة غنوة والدماء تنزف منها بغذاررره.
فيشق سكون المكان بصوته الملتاع عليها يصرخ بأسهما ألا تتركه.....
التاسع عشر
سياره أسعاف مجهزه بكل الأمكانيات تسير بسرعة البرق تشق طريقها للمشفى ،صوت إنذارها يدوى منبأً السيارات كى تفسح لها الطريق.
و هو يجلس على عقبيه داخلها امام سرير أبيض امتقع بدماء حبيبته.
تدمع عيناه وتفرز انفه سائل لزج مخاطى يحاول التحدث لكن لا يسعفه صوته وهو ينظر لها يراها بحالتها الغير مبشره إطلاقاً.
يرفع وجهه للممرضه خلفه يقول محاولا صنع أى شىء: حطى لها حاجه توقف الدم ولا شوفى حاجه تديهالها.
نظرت له الممرضه تسأل هل هو غبى أم جاهل كى يتحدث هكذا ،اى شئ هذا الذى ستضعه فيوقف نزيف دم ناتج عن عيار ناري.
لكن أمام ذلك التخبط والتيه وايضا ضيقها فما تراه يومياً من حالات اصابها بتبلد فى المشاعر رددت بهدوء : ماتقلقش احنا خلاص قربنا من المستشفى .
صمت يبلل شفتيه ثم يبتلع رمقه يقول لها بصيغه لا يظهر إن كان يتمنى أم يسأل او يقول شئ هو موقن به : هتبقى كويسه،هتبقى كويسه.
نظرت له الممرضه دون النطق بشئ ،كل يوم مشاهد كهذه حتى اعتادت ولم تعد تشعر بما يشعرون به .
بينما هو يقبض على يد غنوة بيد وبالأخرى يمسح على رأسها وهو يهمس بجوارها بأدب جديد عليه ومازال يبكى: والنبى أبقى كويسه ،ماتسبنيش بعد ما اتعودت إنك موجوده،انا عارف أنه كان المفروض الطلقه دى تيجى فيا مش فيكى .
سمح لنفسه بأن يجهش فى البكاء يهتز جسده وكتفاه مرددا: الغلطه من عندى، الى عمل كده كان قاصدنى أنا،لحاجه أنا عملتها بس مش عارف هو مين ولا إيه الحاجة دى بالظبط.
مال على رأسها يقبلها مرددا من بين دموعه ووجهه الأحمر : ماتسبنيش يا غنوة انا ماليش غيرك.
خلف سيارة الإسعاف كان ماجد بسيارته يقود سريعاً خلفها ولجواره فيروز تبكى ،متسعة العين مصدومه لا تصدق ماحدث بلمح البصر.
لما لا تكمل الحياه ابتسامتها لهم، سواء هى او غنوة لطالما عانا فى تلك الحياه بمفرهما .
لقد قضيا مده ليست بقليله من عمرهما فى الطرق للمستشفيات ،غنوة ظلت لسنوات تتبع والدها وأحيانا تسبقه وهو مريض كلى لفتره طويله استنفذت كل قوته وقوتها.
وهى مثلها تماما ،بالبدايه أمها ومن بعدها والدها...اغمضت عيناها تخرخ زفير متعب ، فهى مازالت تعتبر شعبان هو والدها الوحيد ،ذلك الأب البيلوجى لا تشعر ناحيته بأى انتماء او حنان.
شعرت بيد دافئه تتسلل إلى يدها الموضوعه على ركبيتها فى هذا البرد القارس.
كانت السيارة مغلقة النوافذ تحجب عنها برد الشتاء في الخارج.
لم يكن سبب تلك البروده التى تشعر بها هى برودة الطقس،بل من الحياه.... الحياه التى لم تبتسم لها مطولا مره.
كانت مستسلمه ليد ماجد التى التقطت كف يدها كله تدفئها،يضغط عليها كأنه يمنحها دعم عظيم يحتويها بصمت كانت محتاجه له.
مد يده على عرض ظهرها المكتنز يضم كتفها به ،بأنفاس عاليه ساخنه ضمها لصدره باحتياج.
مالت مستلسمه تضع رأسها على صدره وهى تشعر ببعض الدفئ يتسلل لها،تغمض عيناها تتمنى لو ينتهى كل هذا .
ضغط ماجد بيده على جسدها الذى بين يديه وصدره الآن، يهتز جسده كله من التحامها به وقربها منه.
تتعالى دقات قلبه صارخه بحنون جعلت نفس ساخن مثقل.
أبستم ابتسامة تحمل من التعب واللوع ما يكفى، يمرر يده على ظهرها صعودا وهبوطا يعزز من قربها منه وإحساسه بها .
الصمت هو أبلغ ما يقال، لن يكفى الحديث ابداً،بل هو الصمت وحده الكافى يعبر عن مايشعر به الأن ناحيتها وهى تضع رأسها على صدره وجسدها مرتاح عليه.
يقود بيد وبالأخرى يضمها له ،تأخذه تلك اللحظة المسكره فيميل ببطئ يطبع قبله دافئه على رأسها اسبلت عيناها على أثرها وهو كذلك يطبق جفنيه بقوه من شدة مشاعره التى تعصف داخله الآن بلا هواده .
الطريق كان أقصر مما تمنى فقد وصلت السياره سريعاً تتوقف خلف سيارة الإسعاف التى توقفت أمام المشفى التخصصى تفتح بابيها ويتقدم سريعاً ثلاثة من الرجال بزى اخضر يقومون بجر عجلات السرير .
يركضون به فى الرواق وخلفهم يركض هارون بلا عقل او تركيز هو فقط يحاول صناعة أى شىء لكن لا يعرف مالشئ الذى يمكنه صنعه ،لقد توقف عقله ،اوقفه قلبه الموجوع من شدة لوعته.
كان ماجد يتقدم هو الآخر خلفه هو وفيروز التى يقبض على يدها لتسير بجواره.
كان الطبيب ذو الزى الأزرق يسير بسرعه تتناسب مع سرعه تحريك الفراش يحاول الكشف عليها بشكل مبدئي وسريع كى يحدد حالتها
يتوقف كل منهم مرغما أمام باب كتب عليه غرفة العمليات .
يتقدم الطبيب حتى يدلف للداخل توقفه صرخة فيروز وهى تقول: طمنا عليها يا دكتور ،كشفت عليها صح ،هى هتبقى كويسه مش كده؟
هز الطبيب رأسه وقال: خير إن شاء الله.
تحدث ماجد سريعاً: هتبقى كويسه ياحبيبتي ماتقلقيش
صرخ بهم هارون يشعر بفقدان أعصابه: سيبوه ،سيبوه بقا يدخل لهااا.
أخيراً استوعبت فيروز و أفسحت الطريق للطبيب الذى دلف بسرعه يعقم يديه ويبدأ فى مباشرة عمله.
وقف هارون بشكل مزرى وهيئه مريعه ينظر له ماجد بصدمه وذهول ، يراه أسوء حتى من حالته قديما وهو ينام تحت فراشه ينتفض تصطك منه أسنانه رغماً عنه من شدة الخوف والجزع الذان كانا يحياهم بسبب فريال ،كانت هذه حالة هارون حالياً ،يشعر باليتم .
عينه مسلطة على الباب الذى دلفت منه حبيبته وجسده كله ينتفض.
يبلتع رمقه بصعوبه والهلع يقفز من عينيه ،تقدم من ماجد يردد بغضب من بين اسنانه فكه العلوى يهتز متشنجاً وهو يقول لماجد: أنا عايز مختار ،متكتف ،فاهم يا ماجد متكتف زى الكبش ،سامعنى.
هز ماجد رأسه أكثر من مرة ،يحاول تهدئة صديقه يوافق على اى شئ يقوله او يطلبه.
يقف مزهول وهو يراه يتحرك يميناً ويساراً بعشوائية ،يقبض على أعصاب يده بهيئه تعبر عن شعوره بالعجز.
أهم شخص لديه الآن على شفا الموت وهو لا يستطيع فعل أى شىء.
وقف يستند برأسه ويديه الإثنتان على الجدار يحاول التماسك والصبر .
لكن الهدوء والصبر أبعد مايكونا عنه ،اخذ يضرب برأسه الصلعاء أكثر من مرة على الجدار، تتسع أعين كل من فيروز وماجد لهيئته تلك.
ملتاعين عليها لكن حالته هو أقصى من حدود المعقول .
الأمر بالنسبه لهارون مختلف ،إنها عائلته بدفئها الذى لتوه وجده،لم ينعم بدفئها بعد،لم يسرى بجسده هو فقد استشعره وذاق طعمه ،وبلمحة عين ،بطلقه لا تساوى بضع جنيهات ستذهب منه ؟؟ هكذا؟!
يشعر بالجنون فعليا وهو يفكر بتلك الطريقه ،عينه على باب وحيد تكمن خلفه حياته التى وجدها قريباً .
اقترب منه ماجد يحاول تهدئته ولو قليلاً ،يضع كفه على كتف صديقه الذى يوليه ظهره وقال: أهدى يا هارون،ان شاء الله هتبقى كويسه.
التف له بأعين حمراء ومنتفخ أسفلها من تأثير الدموع المحبوسه بقوه ثم ردد بغل وتهور: جبت مختار زى ما قولتلك.
قلب ماجد عينيه بتعب ،يعرف هارون جيدا وكم هو شخص متهور لا يحسن التصرف خصوصا وهو غاضب ،لا يترك حقه أبدا مهما كانت غلاوة الشخص المقابل له او حتى نفوذه.
زم شفتيه ينظر أرضاً ثم قال بهدوء وتروى: أهدى يا هارون ،بلاش تهور وقررات وقت عصبيه،انت مش رايح تجيب واحد عادى من الشارع ده وزير ومعاه حرس وموكب .
لكن هذا هو هارون،حينما يقرر شيء يصبح كطفل صغير يبكى ويدب الارض حتى ينفذ له ما يريد.
فتحدث بغضب يصرخ به: ماااجد ماتعصبنيش،مختار ماكنش جاى بالحرس بتاعه الحفله وهو لسه هناك دلوقتي يعنى لو انت عايز تتصرف هتتصرف.
كان ماجد على علم بكل ما يقوله هارون لكنه حاول التغاضى عنه وعدم ذكره ،ماجد على النقيض من هارون، هو شخص هادئ، متأنى ، صبور ،ربما اختلاف طبيعة حياة كل منهما هى السبب فى التشكيل النهائي لشخصية كل منهما ،هارون كانت حياته سهله الى حد كبير لا يعرف معنى كلمة فرص بينما ماجد فحياته بجملتها كانت فرصه،فرصه اعطتها له فريال وسلبته مقابلها الكثير فذاق طعم العطاء والسلب بينما هارون لم يذق سواء الأخذ فقط ،ليصبح هكذا كما هو ،لو اقترب أحد من شئ له يصبح عصبى ،متهور وعنيف لأقصى حد لا يفكر سوى برد حقه وغالباً ما يكون عن طريق العنف.
اخذ ماجد نفس هادئ ثم قال: انت فى إيه ولا فى ايه يا هارون ، أقعد اقرالها شوية قراءن ولا اتصدق بفلوس مش عايز ضرب وعنف هو ده وقته بالذمه؟!
ضرب هارون قبضه يده بالحائط الابيض الامع وتحدث بغل من بين أسنانه: الى نايمه جوا دى تبقى مراتى ،فاهم يعنى إيه؟! شايفنى عويل عشان اصهين على حقها؟!
تقدم خطوه من ماجد يكمل بنفس الغل والغضب: لو ماكنتش مراتى ماكنش حصلها حاجه،مختار الى عمل كده عشان اكيد عرف أنى اتجوزتها وانت تقولى أهدى واتصدق ؟! أجيب حقها الأول.
اغمض عينه يتشنج فكه ثم فتح عينه يشير بسبباته لماجد كأنه يخيره وهو يقول: هتخلى رجالتك تتصرف وهو لسه فى بيتك ولا اتصرف أنا؟!
ماجد بمراوغه: وانت مين قالك انه لسه فى البيت مش يمكن الحفله خلصت.
هارون بنبره غاضبه محذره: ماااجد، هو لسه فى بيتك ،الناس الى هناك دى مش هتسيب التجمع الى ممكن يعمل مية صفقه ويمشوا عشان واحده اتضربت بالنار ،انت عارف وأنا عارف ،هتتصرف قولتك ولا اتصرف أنا.
نظر ماجد خلفه فوجد فيروز تطالعه بترقب ،ترى هل سيفعل ما يقوله، وهل لدى ماجد القدره على اختطاف تكبيل وزير لديه حرس مؤمن من أكثر من اتجاه!؟ هل هو اساسا بهذه الطباع والقوه وأيضا النفوذ ؟!
بعد عشر دقائق.... عشر دقائق فقط بمجرد مكالمه لم تتعدى الخمسون ثانيه كان لديه الرد .
تتسع عيناها بذهول وهى تراه يقف لجوار هارون يشهر الهاتف أمام عينه كأنه يطلب منه مشاهدة شئ ما.
شهقه عاليه خرجت منها برعب وهى تسمع صوت مختار يزأر كأسد حبيس، يبدو أنه مكمم الفم وهارون يسبه وتوعده.
أجفل ماجد من شهقة فيروز يرفع هاتفه بيده كى يشاهد هارون ذلك البث المباشر من أحدى السيارات ومختار مكبل الايدى والأرجل والفم ،لكن عيناه على فتاته وهى تنظر له بأعين مصدومه ،تراه قادر على أفعال مجرمى العصابات.
بعد سيل من السب والوعيد أغلق ماجد هاتفه ثم قال: ارتحت كده؟! أنا عملت إلى انت كنت عايزه ،بس خلى بالك انت بتصرفك ده فتحت علينا نار جهنم .
استشاط هارون غضبا، دائما وفى احلك الظروف ماجد معه عقله ، لكنه لا يراه الوقت المناسب ابدا للتصرف بعقل وتروى.
زوجته مصابه ،غارقه بدمائها والسبب هو،وماجد يطلب التصرف بعقل.
مال عليه وردد من بين أسنانه: خلاص هروح اجيب مسدس واضرب على البنت اللي هناك دى نار .
أبتعد عنه وهو يشعر بأرتداد رأس ماجد للخلف بخطوه يناظره بهلع وغضب .
مجرد الحديث اغضبه فماذا عن الفعل.
رفع هارون يديه عاليا علامة الإستسلام وردد باستفزاز : وساعتها عايزك تفتكر أنك تتصرف بعقل وأن فى مصالح بينى وبينك وأنى نابى ازرق وفوق ده كله إننا صحاب.
كانت ملامح ماجد قد استحالت للإجرام كأنه مقبل على إرتكاب جريمه ، فأشار عليه هارون بسبباته يردد: شوفت مجرد التخيل عمل فيك إيه؟
ضرب الحائط من خلفه مره أخرى يردد بغضب وعجز: امال بقا لما تبقى عايش فيه ،وواقف كل الى تقدر تعمله انك تجيب إلى عمل كده؟انا واقف عاجز مش عارف اعمل حاجه ولا أقدم لها حاجه.
أغمض ماجد عينه بغضب وسأم فى نفس الوقت يردد بصوت عالى: يا أخى ياريتك ما كنت شوفتها ولا قابلتها ، كان ماله العرفى والمشى البطال .
اغمض هارون عينه بألم يردد هو الآخر: يارتنى فعلاً.
نظر ماجد على فيروز يحملق بها، يرى في عينيها نظره غريبه جديده.
بينما هارون عينه على باب غرفة العمليات يردد بخوف: هما اتأخروا كده ليه؟
__________سوما العربى__________
بنفس الوقت
كانت نغم تقف محرجه، والدة حسن تطاولت عليها وهى لا تستطيع الرد ولا حتى التعامل.
تنظر لحسن تطلب منه أن يتصرف ،بينما والدة حسن مازلت على موقفها تنظر لها بتحدى وغضب.
بادر حسن يقول لأمه بهدوء : أهدى يا أمى ، أنا إلى ناديت نغم مش هى الى جت.
كلمته انعشت وجه نغم تراه يدافع عنها ،فهى من جاءت له وليس العكس كما قال.
ليرتفع صوت والدته تمسك طرفى حجابها الموضوع فقط على كتفيها يظهر معظم شعرها تطيح بيه بيدها يمينا ويسارا مردده بصياح عالى : هالله هالله هالله ،انت لحقت ؟! لحقت يا شملول؟! لحقت يا معدل وبقيت انت الى تدافع عنها وتجيبها فيك ؟! ده أنا شايفاها بعيني الى هياكلهم الدود وهى داخله برجليها وانت بتزعق فى الواد.
ضرب كف بأخر تشيح بيدها مردده بعويل: ياريتني كنت جبت دكر بط.
اتسعت عيناه ونظر بسرعه على نغم يراها تجعد ما بين حاجبيها وتسأل باستفهام وفضول: يعنى ايه يا حسن ؟!
حمحم بحرج وقال سريعاً : هااا.. لأ ولا حاجة..ااا دى حاجة حلوه ،أمى بقا.
قال الاخيره بفخر مصطنع كأن ما قيل من ثوانى يدعو للزهو.
اتسعت إبتسامتها تنظر لوالدته مبتسمه فقالت بغضب: اللهم طولك ياروح، بقولك ايه أنا خلقى فى مناخيرى ،وقسما بالله ياحسن ويمين اتحاسب عليه، الى فى بالك ده على جثتى ،انا مش هسيبك تبقى صالح التانى.
أجفلت نغم تنتبه وسألت ببعض الخوف والترقب: يعنى ايه يا طنط؟
كذلك حسن انتباهه الفضول والقلق يسأل: قصدك ايه يا أمى؟؟
هزت رأسها يمينا ويسارا تقول وهى تشيح بيدها: أبقى أسأل اختها وهى تقولك ،وأسألها بالمره هى غضبانه على أمها ليه ورفضت ولا مره تسافر لها ،مع إن غنوة بنت حلال وطيبه وانت عارف بتحب كل أهل الحته أزاى وطول عمرها متواضعه وصاحبة واجب ،ليه تبقى مع امها كده ؟! ماسألتش نفسك ولا سألتها عمرك؟
استرعى حسن السؤال هو بالفعل لم يفعل طوال كل هذه السنوات.
نظر خلفه ينادى والدته وهو يراها تغادر غاضبه.
التف ينظر لنغم التى باشرته بسؤالها: هى تقصد أيه؟
هز رأسه وهو غارق في التفكير يردد: مش عارف.
تذكرت نغم شقيقتها وقالت بقلق بينما تخرج هاتفها: غنوة كمان اتأخرت أوى.
كانت تتحدث وهى تتصل بها ،تستمع صوت الاتصال مره فأخرى وهى منتظره حتى أتاها الرد من صوت مهتز مرتعش يقول: ألو..مين؟
انتابها الهلع وهى تسمع صوت أخر غير صوت شقيقتها تسأل: أنت مين؟!...ده تليفون أختى.
اخذ الطرف الآخر نفسه يردد ولا كأنه يقول شئ مريع: أيوه.. أنا جوزها.
شهقت نغم مردده: What?
الطرف الآخر بصوت عالى نتيجة لأعصابه المنفلته: زى ما سمعتى أنا جوز أختك وهى دلوقتي بين الحياه والموت مش فاضى ابررلك خالص.
سقط قلبها بين قدميها تسأل بخوف: أنت بتقول ايه .. هى فين.
كان حسن يقف لجوراها مترقب وهو يسمع ماتقول ،ليصدم بها تخبره ما حدث لغنوة .
فأخذها وتحرك سريعاً لحيث العنوان الذى قاله هذا الشخص غريب الأطوار.
_________سوما العربى________
كان يدب الأرض بقدمه ينظر لماجد بغضب مرددا : عدى ساعتين...اتأخروا ليييه؟!
كان ماجد ينظر له بصمت كأنه يخبره وماذا بيدى؟
لكنه صمت مقدرا للموقف،يرى هارون يهرول ناحية الباب فالتفت ليرى الطبيب يخرج منه .
فتقدم سريعاً هو وفيروز وهارون يسأل بلهفه وخوف: ها يا دكتور،هى كويسه صح؟ هتبقى اكيد كويسه.
اخذ الطبيب انفاسه يتحدث بأرهاق : ايوه الحمد لله، خرجنا الرصاصه ،هى بس نزفت كتير وهتبقى محتاجه رعايه ، كمان كام ساعه وتفوق من البنج.
وأخيراً التقط أنفاسه يضع وجهه بين كفيه ثم قال: طيب أشوفها.
الطبيب: لأ ممنوع دلوقتي،بكره الصبح إن شاء الله تطمنوا عليها..بعد أذنكم.
ليل طويل مرهق على الكل، انتظرت فيه نغم لجوار شقيقتها ،لكن حسن أصر على اصطحابها للبيت .
نغم تعرف بعض من عادات وتفكير المصريين ،رفضت الإفصاح عن هوية ذلك الأصلع لحسن لحتى تستفيق غنوة وتفهم منها يكفى ما يقال عن والدتهم الكريمه.
مع ساعات الصباح الأولى،كانت غنوة تبدأ فى فتح عيناها بتشوش تردد أسم واحد: بابا.. بابا.. بابا.
اقترب منها هارون بترقب ، وقد تهلل وجهه وهو يراها تفتح عيناها بتخبط،يسمع صوتها وقد اقشعر جسده يعتقدها تناديه هو (بابا) فيردد وهو يقترب أكثر بلهفه: أنا هنا يا حبيبتي.
اكتمل فتحها لعيناها تدرك من حولها ، تنظر له باستنكار وهى تسمعه يردد أنه هنا.
أبتلعت رمقها وكل ذكريات ما مر تتدفق على عقلها ثم قالت بصوت متحشرج: إيه الى حصل؟
اقترب منها وقال بعزم: ما تقلقيش ياحبيبتي،انتى بخير وأنا جبتلك حقك من الى عمل كده؟
رمشت بأهدابها،مفعول المخدر مازال له تأثير كبير تسأل: هو مين؟ وعملت فيه ايه؟
أشاح برأسه يقول: مش مهم.. هقولك بعدين.
اقترب منها بهدوء وحذر يحافظ على تلك الإبره المغروسه بيدها ومتصله بسائل به محلول ملحى
يتمدد بحذر شديد لجوارها يأخذها بأحضانه مرددا: المهم دلوقتي إنك معايا وفى حضنى.
ابتلع رمقه يردد بوجع: انا كأن روحى كانت بتتسحب منى.
صمت لثوانى ترفع عيناها له فتصدم بعيناه الحمراء ووجهه المجهد يخبرها بتحذير شديد اللهجه:ماتسبنيش يا غنوة.. انا مش مستعد أتيتم تانى .. انتى سامعه..مش مستعد.
كان بؤبؤ عينيها الجميله يتحرك فى كل الاتجاهات تحاول الاستيعاب ،لا تصدق،هل وصل لهذه الدرجه بحبها؟!
استمعت لصوت تنفسه المثقل الساخن ويده تقترب من غطاء الرأس البلاستيكي يحاول سحبه وهو يردد: من أول ما شوفتك وأنا نفسى اشوفك بشع....
انقطع عن الحديث وهو يرى شلالات من أنهار العسل تتدفق على كتفيها وهى تنظر لما فعله مصدومه.
وحتى الصدمه استكثرها بعدما فشل في تمالك نفسه والسيطره عليها،جمحت منه وهو يقترب منها يقتنص شفتيها بتهور.
لولا شهقة تفاجئ وألم صدرت عنها جعلته مرتعب،يتذكر أنها منذ ساعات كانت مخدره فى غرفة العمليات وقد فاقت لتوها.
أبتعد عنها سريعاً لكنه مازال محافظ عليها بين ذراعيه يردد بكم هو أسف.
وهى مرتبكه ،مصدومه،تنظر له بصمت ، علاقته بها تتطور بشكل غير عادى يصدمها هى شخصياً.. تشهق برعب وهى تشعر به يمد يده فى طريقه إلى مقدمة صدرها يبتسم بخبث ووقاحه ولم ينقذها سوى دقات عاليه على الباب جعلته ينتبه بغضب يمد يده سريعاً يلملم شعراتها البنيه الجميله بحده وغضب يبحث سريعاً عن شيء يخفيها.
لم يجد سوى نفس الغطاء الطبى فوضعه مؤقتاً على رأسها ثم أذن للطارق بالدخول.
دلفت احدى الممرضات تغير لها على جرحها تخبر هارون بضرورة ذهابه للحسابات.
______سوما العربي_______
ببيت الدهبى.
خرجت فيروز تحاول عدم التفكير فيما حدث بالأمس لتتقابل وجها لوجه مع فريال التى تقف تحمل فى يدها كأس من العصير تنظر لها بترقب وتحدى مردده بمهانه مقصوده: أهلاً أهلا ببنت الخدامة ..الى بتحمل من غير جواز.
فريال الغبيه، لقد صنعت لفيروز ما أرادت خصوصا الأن ،انها بحاجه ملحه لشخص تنفس فيه غضبها بالفعل.
نظرت عليها فريال برعب وهى تراها تبتسم لها بأتساع ، منذ متى وفيروز تبتسم لها هكذا.
جعدت مابين حاجبيها وهى تسمع فيروز تتناول منها كأس العصير وتقول: شكراً
همت لتصرخ بها ظناً منها أنها اخذته كى تشربه بدلا عنها تخبرها هكذا أنها هى خادمتها.
لكنها ساذجة حقا، اين هى من تفكير فيروز التى رفعت الكأس عالياً تقذفه على نفسها وهى تلقى بقبله فى الهواء لفريال قبل أن تصرخ مناديه بصوت أتقن الهلع والرعب: يا باااابااااا،يا جدوووووو.
اتسعت أعين فريال تفهم الأم ما تفعله تلك الفتاه.
_______سوما العربى_______
دلف لعندها سريعاً يفتح الباب مشتاق،لكنه توقف بصدمه وهو يرى قبيله من سيدات جميعهن يرتدين عباءات سوداء بحجابها.
وكل واحدة منهن عمرها لا يقل عن خمسة وأربعين عاماً.
يجلسن بالقرب من غنوة يوسونها ينظر لهم بذهول مرددا: ده إيه سوق الجمعه ده.
أقترب خطوات وهن مشغولات بالحديث الجانبى بصوت عالى وبعض منهن يتحدث لغنوة التي تتحدث معم وتنصت بعشريه واندماج.
ينتبه على صوت احداهن تحاول اطعامها مردده بألحاح لا هوان به: لازم تاكليها دى فرخه شامورت.
كان يجعد ما بين حاجبيه وهو يردد باستنكار وذهول شديد : شامورت؟!!
انتبهن عليه ،ينظرن له بنفس اللحظه وقد بادرت تلك التي تحمل الدجاجه تسأل: أنت مين يا ضنايا؟!
نظر لها بحده يرفض طريقتها وقال: ضناكى ؟! لأ أنا مش ضنا حد أنا جو...
قاطعته غنوة التى كانت تتابع ما يحدث برعب تقول : ده زميلى ..زميلى فى الشغل.
اقترب منها ينظر لها بأعين غاضبه فهمست له من بين شفتيها تردد: أبوس أيدك ..أسكت...هتفضحنى.
زادت حدة عيناه ينظر لها بأستنكار ورفض ..هل الزواج منه يعد فضيحه كى ترغب بإخفاءه عن الجميع؟!
*******
ماتنسوش
العشرين
إجتمع الكل على صوت صراخها ، يخرج محمود من غرفته سريعاً ويذهب حيث مصدر الصوت.
كذلك مصطفى انتفض سريعاً ليذهب إليها ، يلاحظ إستحالت ملامح ماجد للهلع يسبقه بسرعة البرق و يهرول ناحية الباب ومنها للسلم يقفز كل درجتين معا.
صمت بترقب يتابع ،مصطفى رجل مخضرم ولديه نظره لكل شيء ،لم يعلق او حتى يكون تصور عام ،هو فقط يراقب.
يسمع ماجد ويرى ملامحه وهو يقترب من فيروز يضمها بين ذراعيه بلهفه يقلب وجهها بين يديه ويسألها بحنان ولوع :مالك يا حبيبتي إيه الى حصل؟
حاول إخراس كل أصوات شياطينه التى بدأت تصرخ فى عقله وهو يرى مشاعر ماجد ناحية فيروز ، تغاضى عمداً و نسى كل ذلك ،بل ذهل واتسعت عيناه وهو يرى حفيدته تقف أعلى الدرج باكيه و وجهها و ملابسها مغرقه بكميه كبيره من العصير.
صرخ بحده وغضب يضرب الأرض بعصاه : إيه ده ؟! ايه الى عمل فيكى كده؟
تقدم يحاول انتزاعها من أحضان ماجد ،ليجده يشدد أكثر عليها ،أخذ الأمر منه حوالى ثلاث ثوانى حتى استوعب وتركها تخرج من أحضانه ليراها مصطفى الذى سأل مره اخرى ولكن بحدى أعلى: جاوبى يا فيروز إيه الى عمل فيكى كده؟
وقفت فريال ترى تلك الصغيرة تحيك لها المكيده بمنتهى الإتقان والسلاسه أيضاً.
تتسع عيناها بصدمه وهى ترى نظره خاصه جانبيه لها من فيروز كان بها من الوعيد ما يكفى لإرهابها.
وصوت محمود يسأل: ايه اللي حصل يا بنتى؟
نجحت فى وئد ابتسامه خبيثه لم يلاحظها أحد ، وأخذت تفرك أصابعها ببعض كعلامه عن الخوف والتوتر تتصنعهما بمهاره عاليه ثم قالت بارتباك أجادته ببراعه: مممافييش..ممافيش حاجه.
قالت الاخيره و هى تنظر بهلع متقن ناحية فريال كأنها تخشاها وتخشى الوشايه بها ثم قالت ببؤس شديد: ما انا أخاف أقول.
كانت فريال فعلياً على وشك الإصابه بالجنون ،الغيظ يأكل قلبها.
مشكلتها ليست خوفها من عواقب الأمور ،المشكله الرئيسية لديها هى مدى خبث و دهاء تلك الفتاه.
إنها مرعبه حقا وليست سهله كما اعتقدتها على الإطلاق فوالدتها كانت أكثر من أن يقال عليها ساذجه ،بل هى أكثر وأكثر فقد فلح محمود بكلمه ونصف ان يميل رأسها ويجعلها تتزوجه عرفيا بل و تحمل منه أيضاً ،وبكلمه منها هى ارتعشت رعباً وصدقت كل ما قيل ولم تحاول التكفير فيه وفى مدى صحته او منطقيته او حتى تحاول تحرى الدقه ،بل ذابت أقدامها خوفا وهلعا وفرت هاربه بما تحمله فى احشائها ،كانت أكثر شخص ساذج قابلته فريال طيلة عمرها ،ولم تتوقع أن ابنتها ستكن على النقيض تماماً .
وأنه سيأتى عليها اليوم الذى تقف فى مرتعدة الأوصال من ابنة تلك الخادمه الساذجه.
اجفلت منتبهه وهى تسمع صوتها الذى رد على إلحاح مصطفى تقول وهى تشير عليها برعب مستفز لدرجة هى نفسها صدقته بينما تسمع تلك الحرباء تقول: فريال....فريال يا جدو ،شتمتنى ،وشتمت امى .
شهقت أكثر من مره كدليل على شدة بكائها وحرقتها تكمل بألم وحرج : ولما قولتلها بلاش ،بلاش يا طنط تجيبى سيرة أمى ،انا أمى ست محترمه ،مش ذبنها إن جوزك حبها قالتلى ماهو عشان أهبل وغاوى رمرمه.
شهقت فريال..... لأول مرة شهقت فريال رعباً من أحدهم.
ليس رعباً من أحدهم او رد فعلهم جرارا لما قالته تلك الفتاه ....لا ،الرعب من الفتاه نفسها ،إنها داهيه من دواهى الزمن.
ارتدت خطوات للخلف ، يبدو أنها استهانت كثيرا بفيروز ، تدرك أنها كانت مخطئه ،يجب ان تنتبه وتخطط لتلك الفتاه جيداً.
وقف ماجد يحتضن فيروز له ،يستغل الوضع مبتسماً و هو يمرر يديه صعودا وهبوطا على ظهرها، صدرها وأحيانا يمسح على معدتها بالعرض .
يعلم أن كل ما يحدث ماهو الا فيلم من تأليف وإخراج فتاته الخبيثه ، صنعته لتستمتع بذل فريال.
جيد جدا ،بل ممتاز .... يحق لها فلتستمتع خبيثته اللئيمه.
وليستمتع هو أيضاً ،يشعر بها تود الإلتفاف له ولكمه بكل قوه لديها و غيظ.
لكنه مستغل مستغل مستغل ، استغل رغبتها فى التزام التمثيل المتقن لينعم بقربها ولمسها بحراره دون مقاطعه معتاده منه .
وهو مشكوراً .... البرئ الحنون يواسى شقيقته الصغيره ويدعهما ليس ألا.
إستند على الجدار وهى بأخضانه يتصنع تهدئتها بينما هو فى أقصى وأعلى مراحل استمتاعه ،حبيبته بين يديه وأيضاً يرى الرعب قليلاً فى أعين فريال كما فعلت به لسنوات.
كانت تشعر بيده تسير فى الخفاء على مناطق غير مسموح بلمسها مستغل إنشغال الجميع مع حديثها هى ، تصك أسنانها تود لكمه لكن ماذا تفعل ؟!
وهو شقيقها الكبير الحنون يقف يواسيها هل تستدير وتظهر كم أنها هى الجاحده تقابل الإحسان بالإساءة؟!
اغضمت عيناها بغضب تحاول كبت صرخة حدة ورفض كانت ستصدح منها ،مالبس أن اتسعت عيناها وهى تشعر به يضمها له مرددا وهو يقبل وجنتها مره : ماتزعليش يا حبيبتى.
ثم يقبل جبهتها: ماتزعليش خالص.
مره بعد مره إلى أن صدح صوت مصطفى بغضب : وبعدين يا فيروز عملت ايه تانى؟ وهى الى وقعت عليكى العصير؟
صكت فيروز اسنانها ، ذلك المتحرش يتمادى وهى مجبره على التماسك الا تلتف له لتصفعه على وجهه.
يجب أن تجاوب وتتغاضى عن ذلك الذى استغل الموقف لصالحه أسوء استغلال .
فحاولت الخروج من بين يديه التى سريعاً ما عادت تقربها منه وجاوبت: ايوه يا جدى ،وكل ده ليه ؟! عشان بس قولتلها ماتقوليش على بابايا كده ده راجل محترم ،انا ماسمحش ابدا إن حد يقول كده على أبويا ابدا.. ابدا يا جدى.
رغما عنه كان جسده يهتز تباعا حينما حاول كبت ضحكاته ،يسبها داخله ،ستكشفه تلك الداهيه التى عشقها ،جعلته يضحك من مدى خبثها ووقاحتها وأيضاً تمثيلها المتقن.... يحاول السيطرة على جسده المهتز من الضحك المكتوم وهو يردد داخله : صادقه يا حبيبتي صادقه.
لأول مرة ... حدث يسجل في التاريخ...محمود أخذ موقف فى حياته كلها وتقدم ...خطوه فاخرى بهدوء مثير مرعب ، ووسط الصمت الذى عم المكان صدح صوت صفعه عاليه على وجه فريال.
شهقت على أثرها فيروز نفسها ، لقد تفاجئت أكثر حتى من فريال .
بالنسبه لفريال ماحدث لهو ضرب من ضروب الجنون ..محموووود ..يرفع يده ويتجرأ عليها.. عليها هى.
تطاير الشرر فى أعينها ، تنظر على فيروز بوعيد ،لكنه صامت.
الصدمه أكبر من أى صراخ او كلام ،فريال هانم صفعت.
إهانه أبلغ من التعذيب او القتل، صفعت بعد كلمه.. مجرد كلمه تفوهت بها تلك الصغيره الدخيله هى وأمها على حياتها.
شلمتها وهى بين ذراعى ماجد الغارق فى بحر العسل معها يدعمها تدرك..حتى الجندى الوحيد الذي جندته وسلحته ليكن فى فريقها سلبه عشق فيروز وأصبح غير تابع لها.
خرجت من صدمتها بعد أكثر من دقيقه ،تتنفس بسرعه وطريقه مرعبه .
الكلام او حتى الوعيد لا يفيد، لكنها سترد الصاع صاعين بالتأكيد.
وتقدم محمود بغضب ينوى الذهاب خلفها لكن استوقفه صوت مصطفى يطلب منه أن يتبعه للمكتب هناك حديث طويل ومهم بينهما.
خلى المكان تماما وبقى هو معها يبستم بإستغلال .
شب طوال حياته على تعلم إقتناص الفرص حتى اضحى قناص ماهر .
فبعدما همت كى تذهب لغرفتها متعبه ،التمثيل مرهق فعلاً ،الأن فقط صدقت تلك الكلمات التي كانت تسمعها من العاملين بذاك المجال.
لكن استوقفتها تلك اليد المتحرشه يردد بنبره وقحه خبيثه: رايحه فين يا قطتى .
التفت له بغضب تذكر كل لمساته الوقحه وقالت بأعين تقدح شرر: انت تسكت خالص مش كفايه الى كنت بتعمله ياق..... قاطعها وهو يضع إصبعه على شفتيها يردد: ششششش، هتفضحى نفسك..عايزه تعرفيهم انى مش اخوكى .
هزت رأسها باستنكار تردد: قصدك افضحك أنت مش أنا.
أبتسم يراقص حاجبيه وقال بثقه عاليه: لأ مش هتعملى كده .
رفعت حاجبها ألايمن مستنكره ،فهز رأسه يبستم مؤكدا: ايوون..اصلى مش عايش كده والسلام ،انا بركز فى كل كلمه وحرف .
صمت يقترب منها أكثر ثم قال: فاكره فى نفس المكان هنا لما قولتيلى انه لا يضر الشاه سلخها بعد ذبحها ؟! لو قولتى حقيقتى هتبقى صحيح موتى فريال بس الموت بيريح + أنك عارفه انى مأمن نفسى ومش هتضرر اوى من انفصالى عن عيلة الدهبى.
لمعت عيناها، ماجد أكثر شخص أستطاع قرأتها والوصول لأفكارها كأنه يخترق عقلها بسلاسه.
نظرت أرضاً تفكر لثوانِ ثم رفعت وجهها له وسألت: امال لحد دلوقتي مكمل ليه وماقولتش أنك مش ابنهم.
اخذ نفس عميق ينظر للجهه الاخرى بصمت مثقل متعب.
ماذا يقول وأى حديث سيكفى ، يعلم مقصدها ،انه يريدها ويطلب منها أن تتمسك بكونها على إسم رجل أخر كى يتزوجها .
فلما يفعل لو كان بإمكانه الإستغناء عن كل أموال الدهبى بعدما أمن مستقبله بالكثير وهى تعلم أنه نجح فى تأسيس عمل خاص به .
عاود النظر لها يقول بتنهيده : أنتى السبب يا فيروز .
بنفس الوقت ،لعبت الصدفه لعبتها بعدما ارتفع رنين هاتفها يعلن عن إتصال من أحدهم.
استوحشت نظراته وهو يرى تلك اللمعه بعيناها لرقم المتصل .
نظر عليه واخذه منها عنوة يرى الاتصال من رقم مسحل بإسم (هبه).
رفع عيناه لها وقال: مين هبه دى؟!
ارتبكت قليلا وقالت: واحده صاحبتى .
نظر لها وابتسم،تكذب بوضوح وهو يعلم ،لكن ذلك يعد انتصار وخطوة للأمام.
عن قريب ومنذ أيام ليست بالكثيره كانت على درجه عاليه من التبجح والسخط بأن ذهبت له وهو معها حيث محل عمله.
لكنها الآن تكذب كى تخفى عليه الأمر ،يعنى أنه يعد شخص ما بالنسبة لها .
فقد فطن أنه يوم كان برفقتها وذهبت لعند ذلك العامل بالمخبز كانت على علم بأنه ليس بشقيقها ولن يكون وبالتالى هو لا صله ولا سلطه عليها .
والآن تخفى الأمر بارتباك ،إذا هو شخص ما بالنسبة لها....شخص غير محدد المسمى حالياً ، لكن تلك المكانة تكفيه حالياً.
بل يعدها إنجاز أيضاً فى هذا الوقت القصير.
حاولت التحرك كى تعاود الإتصال به لكن يد ماجد القويه منعتها .
رفعت عيناها له فسأل بصوت متحشرج مبحوح: رايحه فين؟!
رمشت بأهدابها تحاول أن تبدو جاده واثقه فرددت بصوت ثابت شيئاً ما: هروح استحمى من العصير ده واغير هدومى.
التوى ثغره يبتسم ابتسامه وقحه خبيثه ارعبتها وسحبها لعنده بقرب غير عادى الصقها به يقول: طب وليه ،انا بحب عصير الجوافه اوى ، مش دى جوافه بردو ؟ انا عارف ريحتها.
شهقت من مقصده ونوياه وقلبها مطمئن نسبياً ،بالتأكيد لن يجرؤ ابدا ..متسحيل.
لكن منذ متى وقصتها معه عرفت للمستحيل معنى.
فقد حقق المستحيل وهو يقرها له يقبل وجنتها ملتهما تلك القطرات من عليها .
تشعر بالقشعريره تضرب جسدها كله كماس كهربائي تهزه كله تذوب معه مفاصلها.
تتستمع لأصوات أنفاسه التى ثقلت واصبحت ساخنه يمر بشفتيه على جلد وجهها كله متنقلا من وجنه لأخرى وهى تحاول الخروج من قبضته تهمس باسمه راجيه إياه أن يتوقف ويتركها.
بينما ندى كانت تصعد الدرج بعدما عادت لتوها من الخارج تقف بنهاية الدرج وتشهق برعب وهى تشاهد ما يحدث أمامها.
ارتعبت فيروز ..المشهد غير جيد إطلاقا بل مخزى.
لكن ماجد لم يبالى كثيرا ليس لأنه وقح فقط لا ...بل بالأساس ندى هى آخر شخص يستحق الحفاظ على مشاعره .
فضم فيروز له يخفى وجهها بأحضانه وقال بصوت به من التدليل ما يكفى : روحى ياحبيبتي يالا غيرى عشان نروح لهارون وغنوة .
اخذت تهز رأسها إيجابا بسرعه ، وخرجت من بين ذراعيه تتجنب النظر لندى تشعر بكم هى مخطئه بحقها وذهبت سريعاً تختفى بغرفتها .
بينما هو وقفت معتدلاً ووضع يديه فى جيوب بنطاله وهم بالتحرك بلا اى إهتمام لتلك التى تقف بمواجهته.
صرخت من خلفه بعدما تحرك خطوتين : إيه الى أنا شوفته ده؟
التف لها بنصف جسده يقول بلا مبالاة: شوفتى إيه مثلاً؟
اخذت تهز رأسها بجنون تردد: شوفت ايه؟! شوفت اتنين مش باين أنهم اخوات خالص أنت كنت...كنت
..
صمتت بعجز..حتى الكلام عجز عن وصف حرارة ما شاهدته.
قلب عينه بملل وعدم إهتمام لكن صوتها قصف من خلفه يقول: هى مين غنوة دى؟
التوى ثغره يبتسم... كان يعلم إن الأسم بجوار إسم هارون سيلفت اهتمامها وانتباهها.
اهتمت بإسم غنوة لجوار إسم هارون أكثر من اهتمامها ومبالاتها لحالته التى شاهدته بها مع فتاه من المفترض أنها شقيقته ،لم تهتم...لم تهتم سوى بإسم أخرى اقترن بهارون الصواف.
وقف يفكر هل يجيب عليها أم إنها حتى لا تستحق عناء الرد.
لكنه باغتها بأخر شئ جنونى حينها اقترب منها يضع يده على وجنتها وقال بحنان مبالغ به لدرجة تثير الريبه : حبيبتى... إحنا ليه لحد دلوقتي سايبين موضوع الخلفه ده... انا هموت على بيبى منك.
اتسعت عيناها بصدمه...كيف وماذا ، حديث لا يتوافق لا مع سؤالها ولا مع ما شاهدته للتو.
لقد قلب كيانها بحديثه هذا ،بل شل لسانها وتفكيرها.
ورددت بذهول و عدم تفكير : مش عارفه بس...
قاطعها وقال : لأ كده إحنا محتاجين نكشف بقا والدكتور يدينا كورس نمشى عليه.
هزت رأسها باستنكار تفتح فمها لتتحدث لكن ورد إليه إتصال هاتفي،ففتح المكالمه ترى تفاقم الغضب والصدمة على ملامحه بعدما استمع لصوت أحد رجاله يخبره: يا باشا..رجاله مختار بيه عرفوا يحدده مكانه بجهاز كان فى هدومه وهجموا على رجالتنا واتعاملوا معاهم وأخدو وخرجوا.
صدم كليا...لقد فتح باب من أبواب جهنم على نفسه بسبب هارون وتهوره.
فتقدم سريعاً يهرول ناحية الدرج مغادرا ..حينها كانت تخرج فيروز من غرفتها بعدما انتهت من تبديل ثيابها.
لاحظت خروجه بتلك الطريقة للخارج فذهبت خلفه تحاول اللحاق به
__________سوما العربي________
دلف للداخل بخطى واثقة ثابته، اليوم لديه إجتماع مع حبيبته الجميله المثقفه.
وقف فى المصعد يكبس زر الصعود حتى وصل به حيث غرفة الاجتماعات.
جعد ما بين حاجبيه باستنكار وهو يرى حالة من عدم النظام بالمكان على عكس ما اعتاده خصوصا تحت ريادة لمى.
الغريب انه وجد لمى تصرخ بالموظفين : أزاى لحد دلوقتي مافيش اى جديد .
تحدث مسؤل ال(HR): حضرتك ماحدش أهتم لأنه شغل آنسه غنوة صالح..هى على علم بميعاد الاجتماع ده من أول امبارح
لمى بحده: وهى فين دلوقتي ؟!
هز منير كتفيه وردد: ماحدش عارف يوصلها.
استدارت لا تهتم بوجود زيدان ،شغلها الشاغل حاليا هو عملها.
تتصل كثيرا على رقم غنوه ،مره بعد أخرى حتى تحدثت لنغم التى عرفتها بنفسها وأن شقيقتها تعرضت لحادث وهى الآن بمشفى****** التخصصى.
___________سوما العربى_________
جلس بسخط أمام ذلك الحشد الذي ما ان يقرب على الانتهاء حتى يعقبه فوج أخر من الرجال والنساء وجميعهم مستغربون من هو.
وزوجته المصون تعرفه عليه دوما على انه زميل لها بالعمل .
واخيرا سيستطيع الإنفراد بها ، يتلهف قلبه وهو يستمع ذلك الرجل ضخم الجثة وهو ينهى حديثه يربط على كف حبيبته مرددا: لأ بقا عايزك تقومى على حيلك كده وترجعى تنورى الحته كلها وزينة بنات الحته كلها.
ابتسمت له غنوة بوهن تردد: تسلم يا عم أبو ذكى
راضى : تسلمى يابنتى من كل شر...همشى انا دلوقتي واجيلك بكره تانى انا وخالتك أم ذكى.
صدح صوت زوجته لجوراه تردد: أيوه طبعا بس عايزه أجى الاقيكى خلصتى الفرخه ، والفاكهه الى جبتها لك هى تحت السرير طوالى .
كان يقف يراقب كل ما يحدث بضيق،غيره ،غيظ.
يقترب منهم مرددا : لأ مافيش داعي تتعبوا نفسكم ارتاحوا انتوا وأنا هاخد بالى منها.
زمت شفتيها بخوف تضرب وجنتها برعب تتمنى لو يصمت او ليرحل وترتاح من الغمز واللمز عليه من وجوده أثناء توافد القادمين من الحى لزيارتها.
فبعد ساعات فقط من انتشار خبر إصابتها وقد رأى كمية بشر توافدت لها لم يحدث ورأها فى زيادة لشخصية مهمه او وزير.. كان الكل يكتفى بباقات ورد مع برقيات بها مجرد عبارات مواسيه .
خرج الرجل وهو اخذ يقترب منها يردد بغيظ: أيه كل الناس دى؟! ده إحنا نقدملك فى الانتخابات بقا.
صدحت عنها ضحكه عاليه ثم قالت بحنان : دول اهلى الى طول عمرى عايشه فى وسطهم .
استحالت نظرت الغيظ والضيق بعيناه الى الوقاحه والرغبه يقترب منها بخطوره ينتوى الكثير وهو يمد يده يزيح غطاء رأسها مجددا بيد واليد الأخرى تمتد كى تضمها له...انتفض جسده على صوت صرخه متزامنة مع فتح الباب لسيده بالاربيعن من عمرها تردد بنداب عويل وهى تشيح بيدها: ياقلبى يابنتى..على اللى جرالك ياختى...قلبى عندك يا نضرى.
ضرب هارون كف بأخر والغيظ يفتك به: يادى النهار الى مش عايز يعدى..هو فى ايه؟!!
بينما صعقت غنوة تردد: أشجان..جيتى من الصعيد أمتى.
أقترب منها سريعاً تردد : اول ما وصلنى الخبر والنبى ياختى ولا ليكى عليا حلفان.
التفت لهارون تسأل: ألا انت مين يا خويا .
اكل شفته السفلى يعضها غيظا ثم ردد بعدما حفظ: زمليها فى الشغل زميلها .
همهمت متفهمة لكن يبدو على ملامحها عدم القبول تلتف لغنوة كى تتحدث لها .
ليدق الباب مره اخرى وهارون يردد: هلو هلو .
لكنه أرتاح قليلا بعدما وجد ان الطارق لم يكن سوى صديقه وحبيبته فيروز.
ليتفاجى بفيروز تعرف تلك السيده تقترب منها مهلله : ست أشجان..يا أهلا يا أهلا ده إيه الصدف الحلوه دي.
اتسعت أعين أشجان مبهوره تردد: فيروووز.. ازيك يابت ... إيه الحلاوه دى.
همت كى تقف لها مردده: القومه لك.
منعتها فيروز تقول: والنبى مانتى متحركه خليكى.
اقتربت منها تحت أعين هارون وماجد الذى ينظر لها باستغراب يستمع لأصوات قبلات عاليه بطريقه مستفزه.
فمال هارون على أذن ماجد يقول له: بقولك ايه خليها تطرقها شويه مش عارف استفرد بمراتى .
مال ماجد على أذنه يقول: تستفرد إيه نيلة ايه الرجاله كلمونى بيقولو رجالة مختار راحوا خلصوا وخرجوا ... إحنا كده انفتحت علينا النار .
نظر له هارون بأعين متسعه يستوعب .
لكن لم يكن امامه الكثير من الوقت ،فقد ورد لماجد إتصال جديد بخبر جديد.
أخر خبر توقع أحدهما ان يسمعه ...لقد تم أغتيال مختار هو ورجاله على الطريق الصحراوي بعد هروبه من بين رجال ماجد وأثناء سفره على طريق الساحل الشمالي حيث بيت الإستجمام الخاص به.
كانت الصدمه كبيره جدا..وقف على أثرها كل من ماجد وهارون لا يفقهون شيئا.....
********
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا