القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية بين غياهب الأقدار الجزء الثاني من رواية( في قبضة الأقدار) الفصل الحادي وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون بقلم نورهان آل عشرى

 رواية بين غياهب الأقدار الجزء الثاني من رواية( في قبضة الأقدار) الفصل الحادي وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون  بقلم نورهان آل عشرى




رواية بين غياهب الأقدار الجزء الثاني من رواية( في قبضة الأقدار) الفصل الحادي وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون  بقلم نورهان آل عشرى



بسم الله الرحمن الرحيم 


🍓الواحد و العشرون بين غياهب الأقدار ❤️‍🩹 🍓


امطريه عشقًا حتى يثمل قلبه و تنتشي روحه …

أقصر طريق الى قلب الرجل هو خضوع أنثاه المتمردة عشقًا.. أن يرى انعكاس صورته بقلبك و سطوته علي روحك. هكذا سـ يختار الإمتثال بكل طواعية لطوفان الصبوة المُدجج بنيران مُلتهبة قد تحرِق ولكنها أبدًا لن تؤذي .. فـ الإحتراق في العشق يُشبِه كثيرًا التحليق فوق غيوم وردية لا يُقابلها أرضًا قد يؤلمك السقوط فوقها. بل كفوف من حب تحتوي روحك و تعانقك بكل ما أوتيت من شغف…


نورهان العشري ✍️



🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


رحلة العودة كانت هادئه فبعد أن قاموا بتوديع 《حلا》 و الجميع انطلقوا عائدين و قد كان «سالم» ملامحه لا تبشر بالخير و للمرة التي لا تعرف عددها توشك أن تسأله ما به ولكنها تتراجع في اللحظة الأخيرة و قد قررت أن تحادثه حين يعودون الى المنزل لتحل تلك الأمور العالقة بينهم فلم تعد تحتمل هجرًا آخر يكفيها هذا القدر من العذاب…


توقفت السيارات أمام المنزل و ما أن ترجل الجميع منها حتي تفاجئوا بذلك الصوت الذي زلزل أرجاء المكان حولهم 

" سالم يا وزاااان . موتك على ايدي….." 


جاءت الكلمات تزامنًا مع طلقات الرصاص التي انطلقت فوق رؤوسهم فتعالت الشهقات و صيحات الخوف من حولهم فقام 《سليم》 بجذب 《جنة》 ووالدته للاحتماء خلف السيارة وكذلك فعل《 سالم》 مع 《فرح》 التي كانت ترتعب وهي تراه يشهر سلاحه بعد أن تفادي إحدى الرصاصات بأعجوبة و ما أن أوشك أن يصوب تجاه هذا الرجل حتى قام الحرس بالإمساك به بينما أخذ يصيح بغضب هستيري 

" هخلص عليك زي ما دمرتني .. مش هتفلت من ايدي انت و هي .."


أخذ يتلوى بين يدي الحراس و هو يصيح و يتوعد بينما التفت 《سالم》 الي مروان قائلًا بلهجة آمرة 

" خد ماما والبنات علي جوا …"


هرولت 《فرح》 تجاهه بأقدام متلهفة و قلب مرتعب ولكنها توقفت إثر كلماته التي اغضبتها فهبت معانده

" انا مش هتحرك ولا خطوة واحدة و أسيبك مع المجنون دا .."


كان رعبها الجلي شفيعًا لعنادها و لهجتها الحادة ف التفت ناظرًا إليها بنظرات مطمئنه تنافت مع لهجته حين قال بصرامة

" الموضوع خلص و مفيش حاجة تقلق. الحرس قبضوا عليه.."

عاندته بتوسل انبعث من عينيها أولًا 

" سالم…"


أمرها بلهجة أقل حدة 

" استنيني فوق يا فرح.."


تراجعت إلى الخلف دون حديث فقط نظرات حزينة غاضبة تشبه خطواتها التي قادتها الى باب المنزل متجاهله نظرات 《شيرين》 التي لأول مرة تراها خائفه و بجانبها 《همت》 التي كان القلق مرتسم علي ملامحها وهي تنظر إلي ذلك الرجل الذي لم تتعرف علي هويته بعد وحين أوشكت علي الدخول الي باب المنزل تسمرت في مكانها حين سمعت كلماته المسمومة

" مفكر انك انتصرت عليا و خدتها مني .. لا .. انا اللي مش عايزها.. سمعاني يا شيرين . انا اللي مش عايزك .." 


لم يكد ينهي جملته حتي تفاجئ من ضربة قوية أصابت رأسه من الخلف و التي لم تكن سوي ل 《طارق》 الوزان الذي كان قادمًا من الخارج حين سمع حديث أحمد 《زوج》 «شيرين»…

" طارق …"


هكذا صاح 《مروان》 باندهاش حين رأى شقيقه و قد نال كلا الشقيقين نصيبهم من الصدمه حين شاهدوا ذلك الذي لم تطأ قدماه أرض الوطن منذ أكثر من عشر سنوات. 


اقترب 《مروان》 من شقيقه وقام بعناقه بشوق بادله إياه 《طارق》 بينما قام 《سالم》 بأمر الحرس أن يدخلوا 《أحمد》 الفاقد للوعي غرفة المكتب الخاص به وقام بمعانقة 《طارق》 قائلًا بسخرية 

" جاي فى التوقيت المظبوط اول مرة تعمل حاجه صح .."


بادله 《طارق》 سخريته حين قال 

" تلميذك يا كبير.."


" حمد لله عالسلامه يا طروق. ليك وحشة يا غالي.."

هكا تحدث 《سليم》 وهو يعانق طارق بحبور فأجابه 《طارق》 بمزاح 

" الله يسلمك يا سولوم . ليا وحشة ايه يا عم دانتوا نسيتوني ولا اكني من العيلة."


أجاب 《مروان》 بتهكم 

" احنا أساسا متبريين منك من زمان و مش معتبرينك من العيلة.."

" اومال مين الجدع اللي خرملك عينك كدا؟"


هكذا تحدث 《طارق》 وهو يرمق 《مروان》 بسخرية فأجاب الأخير بحنق

" واحد سبحان الله بيفكرني بيك نفس غباوتك .."


لم يكد ينهي جملته حتي تفاجئ بلكمه طالت عينيه اليسرى اتبعها 《طارق》 قائلًا بتقريع

" طب خد دي بقي عشان تبقي بعد كدا قد المسئوليه …"


تأفف 《سالم》 بنفاذ صبر

" انا هدخل.. مش فاضي ل هزاركوا السخيف دا .. ورايا يا سليم .."


تألم 《مروان》 و صرخ بحنق 

" الهي يجيك كسر ايدك يا بعيد . انا عملت ايه يخربيوتكوا .."


《طارق》 بحدة

" دي اقل حاجه على استهتارك . امبارح يادوب وصلت من السفر و داخل البيت لقيت تعبان كان بينه و بين ريتال خطوتين لولا ستر ربنا كان معايا سلاحي و ضربته كان ممكن قرصها. "


انكمشت ملامحه بذعر و نسي آلامه وهو يقول بلهفة 

" انت بتقول ايه ؟ طب هي عامله ايه دلوقت ؟"


《طارق》 بتهكم 

" وهي لو فيها حاجه كنت زماني سايبك لحد دلوقتي علي رجليك.."


《مروان》 بحنق

" ودا من أمتي أن شاء الله؟ الأبوة نقحت عليك كدا مرة واحدة ! مانت سايبها وداير تلف في بلاد الله.."


《طارق》 بتأفف

" سيبك من الهرى ده . هو ايه اللي داير هنا ؟ الليله دي علي ايه؟"


《مروان》 باستهزاء 

" علي خيبتك ! "


ما أن رأى أمارات الغضب بادية على ملامح اخيه حتي تابع و هو يهرول بعيدا عنه 

" والله مانا قايلك حاجه. هروح اطمن علي ام اربعه واربعين بنتك الأول."


*****************


" انت اكيد مش جاي تنام لنا هنا !"


هكذا تحدث 《سالم》 بتأفف و هو يناظر 《احمد》 الذي بدأ بإستعادة وعيه شيئًا فشيئًا و حانت منه نظرة مطوله علي المكان من حوله و من ثم التفت إلي 《سالم》 قائلًا بحنق 

" انتوا عملتوا فيا ايه؟"


《سالم》 بفظاظة

" لسه هنعمل . متستعجلش على رزقك .."

《احمد》بانفعال 

" هو في  اكتر من اللي عملته !"


صاح بتأفف 

" اللي هو ايه ؟ عندي فضول اعرف ايه اللي عملته خلاك تهبل كدا؟"


كان الألم الذي يلون ملامحه يتنافى مع حدته وهو يقول

" مفكر لما تأذيني في شغلي و اكل عيشي كدا بتتتقم مني ؟ هي دي الرجولة في نظرك !"


ضيق عينيه بينما رسمت ملامحه تعبيرًا خطرًا يشابه نبرته حين قال بوعيد 

" انا ممكن اوريك دلوقتي حالًا الرجوله عامله ازاي "


انكمشت ملامحه من هذا التهديد و تلك النظرات المرعبة التي جعلته يتراجع قائلًا 

" لو كل دا عشان أطلقها فأنا مستعد اعمل دا من الصبح . هي اصلًا متلزمنيش…"


"اركنلي موضوع الطلاق علي جنب دلوقتى . و اشرب الليمون دا عشان نعرف نتكلم .."


هكذا تحدث《سالم》 بنبرة فظة و نظرات تحمل خلفها الكثير مما جعل 《احمد》 يرتاب في أمره ولكنه أطاعه بصمت و بعد أن تجرع كوب الليمون كاملًا قال بجفاء

" كلامك و نظراتك مش مريحيني .. انت عايز مني ايه ؟ مش كفايه خربت بيتي ."


《سالم》 بنفاذ صبر 

" مبدأيًا كدا ايًا كان اللي حصلك مش انا السبب فيه . "

" و المفروض اصدقك ؟"

" عنك ما صدقت . مش موضوعي.."


صاح 《احمد》.بيأس 

" حرام عليك . المناقصه الي ضاعت دي فيها شقي عمري انا هتحبس كدا .."


" لو عملت حاجه مش هخاف منك وانت عارف كدا كويس. "

هكذا القي 《سالم》 كلماته بصرامة جعلت الآخر يعلم بأنه يقول الصواب فلو كان السبب وراء ما حدث له لم يكن سينكر أبدًا لذا أطلق تنهيدة خشنه قبل أن يقول بيأس 

" اومال مين ابن المؤذية دا ؟ انا ماليش أعداء غيركوا."


ألقي نظرة مطولة عليه قبل أن يقول بفظاظة

" مش مهم مين الي عمل كدا .. المهم هتقدر تخرج من المصيبة دي ازاي ؟" 


التفت 《احمد》 يناظره بصدمة و سرعان ما قال بترقب 

" تقصد ايه؟ "

 تشابهت ملامحه مع نبرته حين قال بجمود

" هساعدك تخرج من اللي انت فيه .."


كانت قنبله التي ألقاها علي مسامعه يعلم بأن لها ضجيج سيكون وقعه كبير لذا قال بارتياب

" و انت ايه مصلحتك؟ "


" ميخصكش .. ليك تخرج من محنتك . و في المقابل عايز منك حاجتين أولهم تنسي موضوع الطلاق دا دلوقتي خالص .."


ارتسم الغباء علي ملامحه فقد كان يظن بأن الطلاق خلاصه من تلك الورطة فإذا به يتفاجئ بطلبه فقال بعدم فهم 

" انت بتقول ايه ؟ انا مش فاهم حاجه.."


تجاهل استفهامه و اخرج دفتر شيكاته وهو يقول بفظاظة

" محتاج سيوله قد ايه عشان تخرج من الأزمة دي ؟" 


بلا وعي اجابه

" عشرة مليون…"


قام 《سالم》 بتدوين الرقم على الشيك و قام بمده إليه فالتقطه 《احمد》 و هو ينظر غير مصدق لما يراه و قبل أن يتيح له الفرصة للحديث قال 《سالم》 بقسوة

" هتخرح من هنا زي ما دخلت . نفس البروباجندا و التهديدات الفارغة بتاعتك دي بس طبعًا من غير ضرب نار عشان مفجرش دماغك و اخلص.."


《احمد》 بعدم فهم 

" أنت . أنت هتديني الفلوس دي امشي بيها؟ مش خايف أغدر عليك؟"

《سالم》بثقة 

" مش هتقدر وانا وانت عارفين كده كويس. "


انكمشت ملامحه و جف ريقه قبل أن يتابع باستفهام 

" طب ايه الحاجه التانيه اللي انت عايزها مني في مقابل مساعدتك ؟"


«سالم» باختصار 

" هتعرفها في الوقت المناسب .. و مش محتاج انبه عليك البيت دا رجلك متعتبوش . و عشان أبقي أصيل معاك. حماك العزيز هو ورا اللي بيحصلك شوف بقي مين مسلمك ليه ؟ يلا وريني عرض كتافك .."


تراجعت خطواته الي باب الغرفه ف استوقفته كلمات 《سالم》 الغامضة حين قال 

" متنساش تسبك الدور و انت خارج .."


لم يفهم المغزي من كلماته إلا عندما رأي 《شيرين》 التي كانت تنتظر خروجه بقلب مرتعب ف تصاعدت أبخرة الغضب الي رأسه و خرج صوته متوعدًا 

" لو اضطريت اني ابيع هدومي بردو مش هطلقك . هسيبك كدا متعلقة ودا اقل بكتير من اللي تستحقيه.."


جاءه صوت 《همت》 الغاضب من خلفه 

" و مين قالك اني هسكتلك. انا هعرف أطلقها منك ازاي و فضيحتك هتبقي علي ايدي .."


التفت اليها 《أحمد》 قائلًا بوعيد 

" قصدك فضيحتنا.."

سقط كف 《سليم》 القوي على جذع 《احمد》 وهو يقول بجفاء 

" نورت يا ابو حميد . ياريت متكررهاش تاني . "


لم يُضيف شيئًا بل توجه إلي الخارج تاركًا براكين الغضب التي تقذف حممها بكل مكان فما أن غادر حتي توجهت 《شيرين》 الي مكتب 《سالم》 مغلقة الباب خلفها بينما هناك من تشتعل من فرط الغيرة و الألم معًا بعد أن علمت هوية ذلك الرجل . إذن فهو يسعى جاهدًا لطلاقها منه . و من الواضح أنه يستخدم جميع نفوذه و إلا لما جاء الرجل و اقدم على محاولة قتله . 


التفتت متوجهه الي غرفتها و أخذت تدور بها كمن مسها الجنون تريد الصراخ ولا يخرج صوتها. تريد البكاء و لا تطاوعها عبراتها. شعور مقيت من الألم الذي ينهش في صدرها بدون رحمة يقتات على روحها المعذبة بعشقه الضاري الذي توازى ضراوته غيرة هوجاء كان ألمها يفوق قدرتها علي التحمل ..


فجأة انفتح باب الغرفة و دخلت 《أمينة》 التي كانت ملامحها لا تبشر بالخير وقد تجلي ذلك في نبرتها حين قالت

" شيرين مع جوزك في المكتب بتعمل ايه؟"


كانت الكلمات تمر بصعوبة علي شفتيها كذلك أنفاسها التي أحرقت صدرها الذي كان يعلو و يهبط بعنف حين قالت باختصار 

" معرفش !"

" يعني ايه متعرفيش؟"


هكذا تحدثت 《أمينة》 بحدة توازي حدتها حين أجابت بنفاذ صبر 

" يعني معرفش . مانتِ شوفتي ايه اللي حصل من شويه؟ جوزها جه يحاول يقتله في عز النهار .."


《أمينة》 بسخرية 

" و مش عندك فضول تعرفي ايه بيحصل؟ عادي عندك أنها تبقي معاه في مكان واحد.؟ "


كانت كلماتها كالأسهم التي تنغرس بقلبها الملتاع دون رحمة فصرخت بغضب 

" مش عندي فضول اعرف حاجه .."


" عشان هايفه.. و غبية . قاعدة تاكلي في نفسك هنا و سايبه الميه تمشي من تحتك .."


هكذا تحدثت 《أمينة》 بحدة فتدلي فكها من الصدمة و خاصة حين تابعت 《أمينه》 بقسوة

" البيت دا في يوم من الأيام هتبقي مسئوله عنه. لو فضلتي كده يبقي عليه العوض فيه .. فين 《فرح》 البنت القويه اللي مبيهمهاش حد.  الي جابت 《سالم》 الوزان على ملا وشه . التمستلك العذر مرة و اتنين و تلاته بس لا ! فوقي . أنتِ كدا بتخسري . دافعي عن بيتك وجوزك . متسمحيش للحية تدخل بينكوا.. "


أخذت كلمات 《أمينة》 تتردد بأذنيها وهي تنهب درجات السلم فتوجهت بخطٍ كان وقودها غضبها المشتعل بجوفها و غيرتها الهوجاء التي لم تعد تتحمل نيرانها المستعرة فقد بلغ السيل الزبى و نفذ مخزون الصبر لديها وأعلن قلبها الحرب ولتحترق الفتنة ومن أشعلها في الجحيم..


فتحت باب الغرفة بقوة توازي قوتها وهي تغلقه متوجهه بخطوات ثابته و نظرات متعالية شملت بها تلك التي كانت تقف علي بعد خطوات من زوجها و دون أن تتيح الفرصة لأحد في الحديث جهرت بصوت كان طابعه الشموخ

" اديتك فرصه و اتنين و تلاته عشان تراجعي نفسك و تحترميها بس للأسف الطبع دايما غلاب.." 


بهتت ملامح «شيرين» حين سمعت حديث «فرح» المُهين فهبت صارخة

" أنتِ مين اداكِ الحق تكلميني بالطريقه دي ؟ ؟"


بكل هدوء امتزج بالشموخ الذي أطل من عينيها حين اجابتها

" الحقيقة هو مش حق واحد . دي حقوق أولهم حقي لما اشوف حد بيتلزق في جوزى في الرايحه والجايه أوقفه عند حده. و الحق التاني اني مرات 《سالم》 الوزان كبير العيلة دي و مسمحش بقله ذوق تحصل في بيتي.. و اخر حق هو انك تقربي لجوزي و شايله اسم عيلته و سمعتك مهما أن كان تهمني!"


امتقعت ملامحها و تدلي فكها من فرط الصدمة التي جعلتها تصيح باستنكار وهي تلتف الي «سالم» المتفاجئ من حديث «فرح» علي العلم من كونه يرى مقدار غيرتها ولكن حديثها اذهله

" عاجبك اللي مراتك بتقوله دا يا سالم؟"


وضع الاوراق في حقيبته ثم التفت يناظرها بشموليه قبل أن يتحدث بفظاظة

" عايز تفسير لكلامك دا يا فرح ؟"


اغتاظت من جموده و ثباته و استفهامه فهو يتجاهل ما يراه عمدًا لذا صاحت بنبرة احتدت قليلًا 

" دا مش كلامي دي الأصول! هو ينفع أنها تتواجد معاك في مكان مقفول عليكوا ؟ انت راجل متجوز و هي ست متجوزة دا يصح ؟"


حاول قمع ضحكه غادرة أوشكت على خرق قناع الجدية المرتسم على ملامحه فحديثها كان غلافًا شفافًا لـ غيرة قاتلة تغزو غاباتها الزيتونية بضراوة و قبل أن يتِح له الإجابه تحدثت «شيرين» بتهكم

" لا والله علي اساس أننا قاعدين في الشارع . احنا في بيتنا .. و كل اللي فيه اهلنا ."


«فرح» بسلاسة و هدوء

" و البيت دا مش في خدم و حرس و ناس داخله و ناس طالعه.."


تعاظم الغضب بداخلها ولكنها حاولت قمعه قدر الإمكان وهي تلتفت ناظرة إليه تستحثه على الحديث فـ تشابهت نظرته مع نبرته الجليدية حين قال

" فرح عندها حق دي الأصول والأصول متزعلش حد يا شيرين .."


تدلي فكها من فرط الصدمة و خرجت الكلمات مذهوله من بين شفتيها 

" انت بتعوم علي عومها ؟؟"


عادت لتمسك بزمام الحديث مرة ثانية فقد أخذت منه ما أرادت و اتي دورها الآن حين قالت بتسلية 

" عوم ايه وكلام فاضى ايه ؟ ماهو قالك الأصول متزعلش .. و بعدين لو انتِ مش خايفه علي سمعتك انا من حقي اخاف على سمعة جوزي . و خصوصًا أنه راجل محترم حرام يتجاب سيرته بسبب حاجات تافهه .. "


كانت تتحدث بشفتيها بينما لملامح وجهها وعينيها حديث من نوعًا خاص وصلت معانيه الي «شيرين» التي كادت أن تنفجر من فرط الغضب فصاحت بوقاحة

" اعترفي انك غيرانه و هتموتي مني و خايفه اقرب منه لا…"


قاطعتها «فرح» بصرامة

" لحد هنا واستوب… الأسلوب البذيء .دا مش بتاعي . و اتفضلي اخرجي من الأوضه دي و متعتبيهاش تاني …"


التفتت «شيرين» تناظر «سالم»  فوجدته مشغول بلملمة أوراقه ووضعها في حقيبته متجاهلًا ما يحدث فأجبرت نفسها على الرحيل وهي تُرسِل نظرات متوعدة الي «فرح» التي ما أن خرجت «شيرين» حتي تفاجأت بكلماته القاسية

" لو خلصتي اللي جيتي عشانه اخرجي و اقفلي الباب وراكِ .."


كان قادرًا علي التجاهل بطريقه مؤلمه جدًا و قد تذكرت يومًا ما حين أخبرني بأن كبرياءه أمر لا يمكن المساس به و أن الغفران ضل الطريق إلي قلبه و الآن أيقنت بأنه لم يكن يمزح. 


 الغضب كان كجمرات تحرق الفؤاد و تنهب خلايا جسدها بقوة و لكنها تجاهلته و هي تتقدم إليه قائلة بأنفاس متلاحقة

" لا مخلصتش .. عايزة اتكلم معاك.."

" مش فاضي .."


هكذا أجابها ببرود دون أن يكلف نفسه عناء النظر إليها مما جعل غضبها يتعاظم حتى بدأ بالظهور علي صفحة وجهها فاقتربت منه قائلة بجفاء

" يبقى تفضي .."


لم يُجيبها وقد كان صمته القشة التي قسمت ظهر البعير فهمت بالاقتراب منه ممسكه بالحقيبه التي كان يضع بها أوراقه الهامة و قامت بجذبها و إلقائها في آخر الغرفة لتصطدم بالحائط وهي تصيح بعنف 

" لما اقولك عيزاك تسيب الدنيا كلها و تسمعني.."


هالكة لا محالة. هكذا أخبرها عقلها وهي تناظره فتلك اللحظة الخاطفة كانت دربًا من الجنون الذي غلف عينيه بينما اظلمت نظراته بشكل مُرعب يشبه ملامحه و صوته حين قال بهسيس

" ايه اللي أنتِ عملتيه دا ؟"


أتهرب من رجل حمل كل معالم الأمان بالنسبة إليها؟ أم تقف في مواجهة طوفان غضبه الضاري الذي اشعلته بقصد من قلبها الذي طرأ من جوف الوجع استفهامه 

هل من العدل أن احترق أنا بينما أنت تتوارى خلف جبال الثلج التي وضعتها حول قلبك ؟ 


لم تنتظر الإجابة ف قدماها حملتها الي الأعلى باقصى سرعه تمتلكها ولأول مرة لا تهتم بالهزيمة أمامه ف ليظنها خائفة أهون من تواجه ما هو أقسى من غيرتها وهزيمتها..


أغلقت باب الغرفة خلفها تحاول تهدئه ضرباتها التي كانت تدق بعنف آلم ضلوعها فوضعت يدها علي صدرها تحاول تنظيم أنفاسها اللاهثة فإذا بها تتفاجئ به يقتحم الغرفة مغلقًا الباب خلفه بقوة جعلتها تشهق بصدمه وهي تتراجع خطوتين للخلف تناظر عينان اختلط بهم الغضب و العشق معًا ف فعلتها تلك جعلته لأول مرة يقف عاجزًا عن التفكير..


غاضب حد الجحيم عاشق حد الألم وهو يتلظى بين كليهما فتفرقت عينيه بين حقيبته الملقاة ارضًا و أوراقها المبعثرة تمامًا كحال قلبه الذي انتفض معلنًا ثورة قوية بداخله جعلته ينهب خطواته في طريقه إلى تلك التي فعلت به ما لم يستطع جيش من النساء فعله و ليحترق كل شئ في الجحيم تمامًا كما يحترق هو منذ ذلك اليوم المشؤوم ولكنه لم يعد يملك ادنى ذرة إرادة تمكنه من تحمل المزيد..


" لما اكلمك اياكِ تديني ضهرك و تمشي و تسبيني .. فاهمه؟"


هكذا تحدث بصوت بدا مرعبًا كالبرق الذي ضرب قلبها بغتة فأخذ يتخبط بعنف داخل صدرها الذي عاندت ألمه قائلة بشفاه مرتجفة 

" ولو مفهمتش هتعمل ايه يعني ؟"


حاوط خصره بيديه وكأنه يمنعهما من ارتكاب شئ خاطئ بينما قست نظراته أكثر و شابهتها نبرته حين قال 

" في مليون طريقه تخليكِ تفهمي بس أنا واثق أن ولا واحدة فيهم هتعجبك !"


كانت حدة أنفاسه توحي مدى الجهد المبذول حتى لا يتخلى عن ثباته و يذيقها شيئًا ولو بسيطا مما يجيش بصدره الآن و خاصةً حين تقاذفت العبرات من مقلتيها وهي تقول بانفعال


" و حضرتك بردو المفروض تفهم اني مراتك و ليا حقوق عليك و ابسط حقوقي كزوجه انك تحترمني وتقدرني و تخاف علي شكلي قدام الناس "


كان حديثها صاعقًا بالنسبة إليه فهو لم يفعل ما يجعلها تتفوه بتلك التراهات فصاح مستنكرًا

" وانا أمتي قللت من احترام سيادتك!"


صاحت باندفاع 

" انت ادرى !!" 

تأفف بضيق

" انتِ مش واضحه وانا بكرة اللف و الدوران. كل الفيلم الهندي دا عشان ايه ؟ " 

قال جملته الأخيرة بصراخ افزعها.


" عشان بحبك و انت مبتفهمش!"

غاب صوت العقل و تولي القلب دفة القيادة فقد ضاق ذرعًا بنيرانه التي كان وقودها غيرة مجنونه و عشق أهوج فاض به صدرها الذي كان يعلو و يهبط بقوة أمام عينيه التي شملتها بنظرة قوية تشبه نبرته حين قال 

" قولتِ ايه؟"


جف لعابها من نظرته التي بدت غامضة و ملامحه التي لم تكن تفسر ولكنها لن تتراجع فليحدث ما يحدث فقد خرج كل شي عن السيطرة 


" قولت انك مبتفهمش و مصرة جدًا علي رأيي .."


اقترب منها خطوتين وهو يعض على شفتيه السفليه و يهز برأسه قائلًا بنبرة بدت متوعدة

" تعرفي انك عاوزة تتعلمي الادب من اول وجديد"


قال جملته بينما امتدت يديه تحتوي خصرها بقوة لم تكن مؤلمه بقدر ما كانت مُربكة و خاصةً حين أردف بخفوت 

"  وانا هعلمهولك .."


أرهبتها لهجته المتوعدة والتي كانت تتنافى بقوة مع عينيه التي غمرتها بنظراته العاشقة المشتاقه فغرقت في بئر الحيرة و قالت بتوسل خافت 

" سالم.."


اخترق جموده توسلها الخافت و نظراتها التي كانت تستجدي قلبه الذي رق ل ذعرها الجلي على ملامحها فاقترب بأنفاسه الحارقة من أذنيها قائلًا بهمس 

" خايفه مني؟"

" مرعوبة .."


قالتها بصدق فهي بداخلها تخاف بل ترتعب من اقترابه فهو رجلًا قوي صلب كل ما به مفعمًا بالرجولة تخشي أن لا تستطيع تحمل قربه فهي بالرغم من سنوات عمرها التي اقتربت من الثلاثين مازال بداخلها طفلة بريئه خجولة تفتقد وجود والدتها ولا تجرؤ علي إخبار أحد ب هواجسها..

صوته القاطع اخترق مسامعها حين قال ساخرًا

" ليكِ حق تخافِ.."


برقت عينيها للحظة و ما كادت أن تستوعب حديثه حتي وجدت نفسها خاضعة تحت سطوة عشقه الضاري الذي أخذ يسكبه فوق ثغرها و ملامح وجهها بسخاء حتى اغرقها معه في بحر من الشعور الا متناهي من السعادة التي جعلت دقات قلبها تتراقص علي أنغام الشغف الذي شعرت به بين ضلوعه بينما كان يتراجع بها الي مخدعهما يحملها بكفوف صُنِعت من حُب أتقن سكبه فوق الخدوش التي حفرها الخوف بقلبها الذي تناسي معه و بين يديه كل شئ فلم تعترض حين أخذ يتخلص من كل شئ يعوقه عنها فبدت مجردة أمامه من كل الحواجز يحيط بهما غطاء صنعت خيوطه من لهيب الصبوة الذي اشعل الهواء المحيط بهم فخرج صوته لاهثًا متبوعًا بأنفاس حارقه ألهبت عنقها حين قال بجانب أذنها 

"بتقولي خايفه بس قلبك بيقولي أنه مطمنش ولا هيطمن غير في حضني."


حاوطت عنقه بذراعين حوت حنان العالم أجمع و أيده قلبها بينما عاندته شفاهها 

" انت مغرور اوي . وبعدين قلبي مقالش حاجه ولا هيقول غير بأمر مني.."


أضاءت ملامحه إحدى ابتساماته الرائعة قبل أن يقول بلهجة خشنة

" طب و لو خليته يعترف و يقولي علي كل اللي جواه…؟"


مزيج مثير و مميز من الشعور الذي يكتنفها جعلها تتخلى  عن كل الحواجز التي كانت بينهم حتى خجلها وخوفها لم يعد لهما مكان إثر هذا السحر القوي الذي يضمهما في تلك اللحظة .

" جرب ! "


دعوة رائعة لم يكن يتوقعها من إمرأة خلقت به شخصًا لم يكن يعرفه أضاءت له دروبًا ظن أن أبوابها لم يخلق لها مفاتيح أذا ب أوصادها تتحطم وتنهار أمام عشقًا لا يعلم كيف اكتنف قلبه و احتل كيانه للحد الذي جعل الكلمات تنساب من بين شفاهه بعذوبة

" بحبك يا فرح…"


لأول مرة يلامس وقع عشقه عليها بتلك الطريقة فقد كان قريبًا للحد الذي جعل دقاته تمتزج مع دقاتها ك سيمفونية عزفت علي اوتار قلبها الذي أعلن استسلامه بكل رحابة

" وانا بعشقك يا سالم يا وزان…"


فتحت أبواب الجنة علي مصرعيها امام ذلك الذي كان ناسكًا زاهدًا في هذه الحياة و الآن حان وقت مكافأته التي لم يكن يتخيل مدى روعتها فقد كان لقاءًا عاصفًا مدجج پكل أنواع المشاعر التي لم تكن تتخيل وجودها. تلاقت الأرواح و تعانقت القلوب و تعاظم الشعور حتى ترك بصماته علي كل شئ حولهم و كلما خارت قواهم جددتها أشواقهم من جديد إلي أن شعر بها تستند علي كتفه بأكتاف متعبه و جسد منهك فقام بضمها واضعًا قبله حانيه فوق جبهتها تعبيرًا عما يجيش بصدره من امتنان لتلك التي جعلته يتذوق الجنة بين أحضان عشقها و قد كان هذا أروع عناق تلقته بحياتها للحد الذي جعل العبرات تنبثق من بين عينيها تأثرًا برجل الحب و الجليد الذي انصهر لأجلها و صارت نيرانًا لم تتذوق أشهى منها بحياتها…


******************


"ريتال.. طمنيني عليكِ عاملة ايه؟ "


هكذا تحدث 《مروان》 وهو يقتحم غرفة 《ريتال》 التي كانت تجلس بأحضان 《سما》 و لازالت متأثرة بحادثة الأمس و ما أن رأت 《مروان》 حتى ارتمت بين احضانه وهي تقول ببكاء

" شفت يا عمو اللي حصلي التعبان الوحش كان هيقرصني . بس ربنا ستر.."


" اه للأسف ربنا ستر .."

هكذا تحدث باندفاع وسرعان ما أعاد صياغة كلماته قائلًا 

" اقصد يعني . الحمد لله اللي ميتسماش ابوكي جه في الوقت المناسب .."


" الحمد لله .. يالهوي ايه اللي حصل في عينك دا يا مروان ؟"

هكذا تحدثت 《سما》 بصدمه بعد أن رأت عينيه المتورمتين يحيط بهم هالة من اللون الأزرق القاتم فبدا مظهره مريعًا و خاصةً حين قال بنبرة متحسرة

" دخلت في قطرين كل واحد فيهم اغبى من التاني . حسبي الله ونعم الوكيل.."


اقتربت 《سما》 منه بلهفه تجلت في نبرتها حين قالت 

" مش تخلى بالك .. استنى هجبلك القطن و المرهم و ادهنهولك احسن تورم اكتر من كدا .."


أنهت كلماتها وهبت من مكانها تاركة كلًا من 《مروان》 و 《ريتال》 المصدومان من حديثها و تعاظمت صدمتهم حين شاهدوها وهي تجلب صندوق الإسعافات الأولية و تقوم بفرد محتوياته علي السرير فخرجت الكلمات من فم 《مروان》 باندفاع

" أنتِ هتعملي ايه؟"


" هعقملك الجرح و احطلك مرهم عشان متلتهبش.. وبعد كدا تحاسب علي نفسك .."


قالت كلمتها الأخيرة بعتاب فخرجت كلماته متلهفه

" احاسب على نفسي ايه دانا بكرة هجيلك متخرط تحت جرار . مش هتعالجيني ؟ .بس. هو دا المطلوب .."


اخفضت رأسها خجلًا فنظر إلي 《ريتال》 المصدومه وقال بغباء 

" هي مكسوفه بجد ولا انا بيستهيقلي ؟" 

《ريتال》 باندهاش

" لا باينها مكسوفه بجد.."


《مروان》 باندفاع

" دا أنتِ واقعة بقي .."


لكزته《 ريتال》 في كتفه وهي تقول بخفوت 

" متكسفهاش عشان مش تطفش منك.. خليك ذكى."'


قرب رأسه منها قبل أن يقول بصوت خافت 

" عندك حق . "


ثم قام بإرسال غمزة في الهواء جعلت 《سما》 تقهقه بصخب علي مظهره وهي تقول بعدم تصديق 

" انت مش معقول.. "

" طبعا مش معقول انا مروان الوزان يا بنتي…"


" سما . أنتِ فين بدور عليكِ … الله الله أنتِ بتعملي ايه هنا ؟"

هكذا تحدثت 《همت》 التي اقتحمت الغرفة تبحث عنها فإذا بها تتفاجئ ب《سما 》التي كانت تقوم بوضع المرهم فوق عيني 《مروان》 وهي قريبة منه للغاية 

" أبدا يا ماما بحط ل مروان مرهم علي عينه عشان متورمش .."


صاحت 《همت》 بغضب 

" ما تورم ولا تتحرق وأنتِ مالك…؟"


تدخل 《مروان》 قائلًا بانفعال 

" ايه يا عمتي الزفت الي بينقط من بقك دا . الملافظ سعد دا انا ابن اخوكي. مش ابن ضرتك ."


《همت》 بحنق

" و إنت اتشليت ما تحطه لنفسك ."


" وبعدين ايه الفال الوحش دا بقى ؟ وربنا اجبلك دولت تتصرف معاك . أنتِ ايه محدش مالي عينك ولا ايه ؟"


" بتعلي صوتك علي عمتك ؟ دا البيه اللي قاعدة تمرهميه.."


هكذا تحدثت 《همت》 بانفعال موجهة حديثها 《لسما》 التي لم تتح لها الفرصة للحديث إذ تدخل 《مروان》 قائلًا بصياح 

" ايه تمرهميه دى يا عمتي ؟ لاحظي أن كلامك كبير .."


" كبير ولا صغير اتفضلي قدامي و مالكيش دعوة بالواد دا كفايه اللى جرالنا من تحت راس العيلة دي .."


هكذا تحدثت 《همت》 بصرامة ف عاندها 《مروان》 قائلًا 

" أنتِ حد داسلك علي طرف يا ست انتِ ؟ وبعدين وربنا ماهي خارجه إلا لما تعالجني و تحطلي المرهم. "


ما أن أنهى جملته حتى تفاجئ الجميع من 《شيرين》 التي دخلت الغرفة تتلوى من الألم 

" ماما . معندكيش اي حاجه مسكنه بطني بتتقطع من الألم .."


التفت الجميع حولها فقال 《مروان》 بذعر 

" يخربيتك اوعي تكوني بلعتي ريقك أحسن تتسممي ؟"


صرخت 《همت》 في وجهه 

" تسمم في عينك.. ليه تعبان؟"

اجابها 《مروان》 باندفاع

" دا سؤال ولا إجابه؟"


لكزته 《سما》 في كتفه و اقتربت من 《شيرين》 تسندها حتي جلست علي السرير خلفهم و خرجت صرخة ألم قويه منها تزامنًا من دخول «طارق» الذي قال باستفهام 

" مالها شيرين فيها ايه ؟"


《همت》 بذعر 

" معرفش يا طارق . فجأة لقيتها بتصرخ .. "

كان العرق يتصبب من جبينها فاقترب منها قائلًا بلهفه 

" لازم تروح المستشفي حالًا .."


" يالا يا ابني .."

انهي كلماته و قام بحملها بين يديه مهرولا للخارج و《همت》 خلفه بينما أخذ 《مروان 》يتحدث الي 《همت》 بتقريع 

" لا والنبي يعني طارق يشيل و يجري وانا مستخسرة فيا حتة مرهم. روحي يا شيخه حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ.. قال وأنا كنت بقول حد تاففلي في حياتي . دا حد مرجع فيها. "


******************


كان عشقًا لا يسعني تجاوزه أو الفرار منه. لطالما كُنت شخصًا يعرف جيدًا ما يريد . لا تخطو قدميه عبثا و لا يتراجع عن قراراته أبدًا. ولكنه العشق !

ذلك القيد الذي التف حول قلبي فـ اخضعه وأنا الذي لم أعرف الخضوع يومًا. و باتت روحي مسكنك . ف كيف لي بنزعك منها بعد أن اكتمل شقها الناقص بوجودك…

 


نورهان العشري ✍️


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


" لسه مكلم الدكتور و أخيرًا اداني عنوان الدكتور الألماني 

  وقالي كمان أنه حجز لنا معاه والراجل بالرغم من أنه في إجازة إلا أنه معترضش أنه يشوفك .. "


هكذا تحدث 《سليم》 بحبور وهو يناظرها بعد أن فعل المستحيل حتي يصل الي ذلك الطبيب الألماني المختص بأورام الرحم و قد شاءت الأقدار أن يكن في أجازة إلى القاهرة وحين علم ذلك قام بعدة محاولات حتي يصل إليه وبالفعل أخذ موعدًا معه حتي يقوم بالكشف عليها .

" طب كويس .."


اقترب منها خطوة قبل أن يقول باستفهام 

" هو ايه اللى كويس ؟"


《جنة》 بحزن حاولت اخفاءه

" كويس انك عملت كده . ووصلتله.."

" مالك..؟"


هكذا استفهم بلهجه هادئه و نظرات تخترقها فحاولت الهرب من رجل تقف أمامه مجردة من كل شئ حتي الحواجز التي تحاول بنائها بينها و بينه تعاندها و تنحني أمام حنانه الذي لا تقدر علي مقاومته .

" عادي . تعبانه من السفر حاسه انى عايزة انام .."


قالت جملتها و التفتت تنوي الهرب فقام بإمساك يدها وجذبها الي داخل أحضانه التي احتوت ظهرها وقام بسكب عشقه في قبلة طويلة فوق خصلات شعرها فلم تمانع فقط أغمضت عينيها باستسلام حين وصل صوته الحاني إلي أعماقها 

" اوعي تفكري انك لما تكتمي جواكِ انا مش هحس بيكِ . غلطانه .. انا بعرف الي جواكِ من قبل ما تقوليه. "


عاندته بوهن 

" سليم أرجوك .."


حاوطتها ذراعيه ل تقربها منه أكثر و أخذ يسحب رائحتها العذبة الي داخل رئتيه ثم قال بصوتًا أجش 

" جربتِ تطيري قبل كدا ؟ "


كست الحيرة معالم وجهها وقالت باندهاش 

" ايه؟"

《سليم》 بابتسامه 

" يبقي مجربتيش . حلو . عشان اعلمك انا .."


" تقصد ايه ؟"

قام بجذب وشاحها الملقي علي المقعد خلفه و قال بتخابث 

" هتعرفي كمان شويه .."


جذبها من يدها دون أن يعطيها الفرصة للاستفهام و قام بالسير بها الي خارج البيت متوجهًا إلي الملحق مما جعل الاندهاش يسيطر علي ملامحها و الذي تعاظم أكثر حين شاهدته يتجاوز الملحق و اخيرًا فطنت الي وجهته و التي كانت الي مزرعة الخيل فقالت بذعر 

" سليم استني . انا مش هعمل اللي انت عايزه دا . انا بحبهم بس من بعيد .." 


لم يجيبها بل قام بالتوجه الي فرس بني اللون ذو شعر كثيف و قد كان مظهره رائعًا يحيط به هالة من القوة جعلت دقات قلبها تتقاذف بعنف داخل صدرها ولكن جاءت كلماته العابثة تبدد خوفها للحظات 

" خوفك دا عيب في حقي علي فكرة. يرضيكِ الخيل تاخد عني فكره اني مش مسيطر."


انكمشت ملامحها بحيرة من معاني كلماته ولكن جاءت نظراته لتجعل الخجل يغزو خديها فقد كانت تحمل نظرات خطرة لا تجرؤ علي مواجهتها . 


أخذت تناظره وهو يجهز الفرس و بداخلها رعب لا تقدر عن التعبير عنه والذي تبدد للحظات وهي تراقبه بإعجاب وهي تراه يمتطي الفرس و فجأة وجدت نفسها تطير من الهواء محمولة من خصرها بين يديه التي وضعتها أمامه فأخذت ترتجف من فرط الخوف و صاحت برعب 

" سليم أرجوك نزلني . انا هموت من الخوف .."


احتضنت يديه خصرها وهو يقول بنبرة خافته بجانب اذنها

" واثقه فيا؟"


كان سؤالًا لا تحمل إجابته أو بالأحرى لا تعرف كيف تصيغها فهي تثق به أكثر من أي شخص آخر ولكن ليست الثقة الكاملة و لأنها كانت متخبطة ضائعه أخذت تهز برأسها يمينًا ويسارًا وحين شعرت بيديه تشدد من احتضانها حتى خرج صوتها مبحوحًا حين قالت 

" انت اكتر حد واثقه فيه في الدنيا. بس مش الثقه اللي تخلي قلبي قادر يتخلى عن خوفه .." 


لم تكن إجابة رائعة ولكنها كانت صادقة وكان هذا كاف بالنسبة له لذا قال بحب 

" سيبي الموضوع ده عليا .."


اتبع جملته و قام بضرب الفرس الذي أخذ ينهب الطرقات بينما هي تغمض عينيها بقوة و دقات قلبها تتقاذف برعب شعر هو به فقال بجانب أذنها

" افتحي عنيكِ و واجهي خوفك . دي الحاجة الوحيدة اللي هتخليكِ تهزميه .."


لم تطيعه فأخذت ذراعيه تبتلعها أكثر بين أحضانه وهو يشدد علي كلماته 

" طول مانا في ضهرك اوعي تخافي.. انا جنبك ولآخر نفس فيا هفضل ساندك . افتحي عنيكِ يا جنة.."


تغلغلت كلماته إلي أعماقها فلامست اوتار قلبها الذي سئم الخوف و ظلماته التي تطمس بريق الامل بداخلها فحاولت أن تطيعه و أخذت ترفرف برموشها فحاول هو أن يهدئ من سرعة الفرس حتى لا يزداد خوفها أكثر .


بينما هي تجاهد لتقف أمام خوفها و أخيرًا فعلتها و قد كانت و كأن نافذه الي الجنة قد أطلت علي قلبه الذي ود لو يطير بها كي يخبرها أي شئ هي بالنسبة إليه و بالفعل اقترب منها قائلًا بخشونة 

" مش نفسك تطيري بقي ؟"


كان الهواء يلفح وجهها بينما يحيط بهم الليل الهادئ و تنير طريقهم نجومه اللامعه فبدا الأمر رائعًا و خاصةً حين شعرت به يقوم بفك رابطه شعرها الذي كان و كأنه ينتظر إطلاق سراحه ل يرفرف حول وجهها بسعادة لم تكن تتوقع أن تشعر بها و التفتت إليه قائلة بابتسامة تخللتها عبرات غزيرة 

" نفسي اطير.."

" افردي ايديكِ.. و اوعي تخافي ."


أطلق تنهيدة خشنه من جوفه قبل أن يقول بنبرة خشنة 

"  انا ماسك فيكِ بإيدي و سناني .. و افديكِ بعمرى.."


اي شعور رائع قد قذفته كلماته العاشقه بقلبها الذي أخيرًا هزم مخاوفه و قامت بفرد أجنحتها بينما قام هو برفعها من خصرها الى الأعلى ف لفح الهواء بشرتها و تناثر شعرها بجنون بينما شعرت بالفعل بأنها تحلق بين الغيوم و قد كان هذا شعور أقوى و أعمق من أن تستطيع وصفه..


***************


كانت تجلس بجانب 《شيرين》 التي كانت تعاني من آلام حادة في القولون و المعدة و قد قام الأطباء بعمل اللازم لها الي أن تجاوزت نوبة الألم الحاد ذلك وغفت بفعل هذا المحلول المغذي الموصول بذراعيها و قد كان كلا من 《طارق》 و 《مروان》 و 《سما》 ينتظرون في الغرفة بجانب 《همت》 التي كان القلق يأكلها من الداخل علي طفلتها 

" بقولكوا ايه ؟ انا هنزل اجيب حاجات من الكافيتريا . حد عايز حاجه اجبهاله معايا ؟"


هكذا تحدث 《مروان》 مفرقًا نظراته بينهم فأجابته 《همت》 بامتعاض

" ليك نفس تاكل اوي يا خويا.  "


ناظرها 《مروان》 ب تخابث و قال بنبرة خافتة مستفزة 

" هتموتي مني انا عارف بس انا قاعد علي قلبك .."


تحدثت 《شيرين》 بنبرة خافتة

" ماما خليهم يخرجوا و هدي النور دا مش عارفه انام .."


تحرك 《طارق》 ناصبًا عوده وهو يقول بخشونة 

" لو احتاجتي حاجه يا عمتي كلميني احنا قاعدين في الكافيتريا تحت.."


خرج الجميع و بعد مرور خمس دقائق تفاجئت 《همت》 بشخص ملثم يفتح باب الغرفة و يقوم بغلقه بالمفتاح من الداخل فخرجت منها شهقه قويه و صاحت بذعر 

" حرااامي… الحقونا.."


تحركت 《شيرين》 من مخدعها وهي تحاول تهدئه 《همت》 قائلة 

" اهدي يا ماما دا مش حرامي.."


كانت 《همت》 بواد آخر وهي تقف أمام ذلك الذي لم تتغير ملامحه بعد كل تلك السنوات بل ازدادت وسامته بقدر تلك الشعيرات البيضاء التي لونت ذقنه و رأسه و كما لم يتغير احساسها به وكأن ما مضى لم يطمس عشقها الجارف نحوه .

" ناجي ! "

" لسه بحب اسمي منك يا همت!"


***************


في الاسفل خرج 《طارق》 إلي باب المشفى وهو يتحدث بالهاتف قائلًا 

" كل اللي قولناه حصل بالحرف الواحد . و زمانه فوق معاها دلوقتي.."


يتبع….



بسم الله الرحمن الرحيم 


🍓الثاني والعشرون بين غياهب الأقدار 🍓


كان عشقًا لا يسعني تجاوزه أو الفِرارَ منه. لطالما كُنت شخصًا يعرف جيدًا ما يُريد . لا تخطو قدميه عبثًا ولا يتراجع عن قراراته أبدًا. ولكنه العشق !

ذلك القيد الذي التف حول قلبي فـ اخضعه وأنا الذي لم أعرف الخضوع يومًا. و ها أنا الآن عالق بك بالقدر الذي يجعل خلاصِ منك دربًا من دروب المستحيل. فروحي باتت مسكنك . و كيف لي بنزعك منها بعد أن اكتملت بك و تعافت أوجاعها بوجودك…

 


نورهان العشري ✍️


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


" انت ايه اللي جابك هنا ؟ "


هكذا تحدثت بنبرة مرتجفة تشبه ضربات قلبها التي كانت تنتفض بشوق كبير داخلها فاقترب منها خطوة وهو يقول باختصار

" جيت عشانك ! "


تسابقت أنفاسها مع دقات قلبها الهادرة إثر كلماته الصريحة و التي ضربت مقاومتها الهشه فكادت أن تطيح بها ولكنها سرعان ما استعادت نفسها و ارتدت قناع الغضب وهي توجه أنظارها إلى 《شيرين》 قائلة بحدة 

" افهم من كدا أن كل اللي حصل دا كان فيلم بقي يا ست شيرين !"


《شيرين》 بخفوت 

" يا ماما . متزعليش مني . انا كان نفسي تتقابلوا أنتِ وبابا عشان.."


قاطعتها 《همت》 غاضبة 

" عشان ايه ؟ مين اداكِ الحق تجبريني اعمل حاجه مش عايزة اعملها ؟ سألتيني الأول ؟ تجرجريني وراكِ 

عـ المستشفيات في نصاص الليالي و لا همك خضتي عليكِ ولا خوفي و يطلع دا كله فيلم ؟"


توقفت الكلمات علي أعتاب شفتيها جراء لمسه حارقة أصابت رسغها حين لامستها أنامله و جاء صوته القريب منها ليضفي الوقود علي شوقها 

" همت كفايه.. كلميني انا . انا اللي خلتها تعمل كدا .."


هناك مفترق طرق كتب على كل لافته منهم العشق والكبرياء وهي تقف عاجزة عن رد هجمات الألم المباغت الذي ضرب جدران قلبها فلم تستطيع إجابته لـ يتابع هجومه الشرس علي ثباتها حين قال 

" مكنش قدامي حل غير دِآ . و مكنتش قادر اتحمل اكتر من كدا . شوقي غلبني و خلاني دوست علي كرامتي و اترجيتها تعمل كدا عشان اشوفك.."


" بس انا مش هقدر ادوس علي كرامتي واقف اتكلم معاك .  ان كنت زي ما بتقول شوقك بيعذبك فدا عقابك علي غدرك بيا زمان.."


اختارت أن تكمل الباقي من حياتها بكبرياء ولا تنخدع بعشق لم يجلب لها سوي العذاب و ضياع أزهى سنوات عمرها مما جعل الغضب يتعاظم بداخله فنظرتإلي 

《شيرين》 قائلًا بحدة 

" اطلعي استنينا بره.."

" استني .. متطلعيش . انا مش هستني مع راجل غريب في اوضة واحدة.."


هكذا أمرتها 《همت》 و التفتت تناظره بجمود كلفها الكثير لتضفيه علي نبرتها حين قالت

" اللي عايز تقوله قوله قدام بنتك .. "


" ماشي يا همت . بس خليكِ فاكرة اني حاولت و جيت علي نفسي عشانك . لكن انتِ لسه مصرة تدوسي عليا وعلي كل حاجه كانت بينا وأولها ولادنا . "


ابتلعت غصة صدئة تشكلت في حلقها و قالت بجفاء

" قول اللي عندك او أخرج و مش عايزة اشوفك تاني .. "


كان وقع كلماتها عليه كبير للحد الذي جعله يقول بقسوة 

" أنتِ فعلا مش هتشوفيني تاني. حتي لو عملتي ايه . و ان كنت هقول اللي عندي فدا عشان بناتي. عشان ميشوفونيش بالصورة الوحشة اللي رسمتوها لهم عني . "


أنهى كلماته و قام بإخراج مظروف من جيبه و ناولها إياه وهو يقول بجفاء

" دا جزء من براءتي اللي رافضه تصدقيها. "


التقطت الورقة وقامت بفتحها و ما أن وقعت عينيها علي الكلمات المدونة أمامها حتى برقت عينيها وخرجت منها شهقة قويه تعبيرًا عن صدمتها التي جعلتها تجلس فوق المقعد فلم تعد قدماها قادرتين علي حملها.

" ها . صدقتي . شوفتي بعينك صاحبتك اللي كانت بتقول عليا خاين وهي بتقولي أنها بتحبني و متقدرش تعيش من غيري.؟"


ارتفعت عينيها تطالعه بصمت بينما ألف شعور يتقاذفها من الداخل فشعر بأن خطته تأتي بثمارها فاقترب منها محاولًا بث السم أكثر في قلبها

" وهي اللي اتفقت مع البت السكرتيرة عشان تروح تقول قدام عمي و منصور أن في علاقه بينا. و ادتها فلوس كمان . عرفتي بقي أنها كانت عايزة تدمر حياتنا. وانتِ سمحتيلها بدا.. "


ظلت انظارها معلقه به و لم تنمحي صدمتها البادية علي ملامحها بينما أخذ يتابع حديثه المسموم حين قال 

" و مكتفتش بكدا و بس. لا دا حقدها طال بناتي كمان . و دا أنتِ شوفتيه بعنيكِ و شوفتي عملت ايه مع سما و قبلها شيرين. لسه بردو مصدقاها؟ "


لم تجيبه بل هبت من مقعدها وهي تنظر إلي《شيرين 》قائلة بلهجة مرتجفه 

" يالا عشان نمشي.."

أنهت كلماتها و هرولت الي الخارج حتي لا تنفجر في بكاء مرير كظمته بداخلها لسنوات


******************


انتصرت خيوط الصباح على دجى الظلام الذي لأول مرة كان يتمنى دوامه فوجودها بين ذراعيه كان أشبه بحلم ظن أنه لن يتحقق يومًا و أن السعادة ضلت طريقها إلى قلبه ولكن ليلة البارحة كانت دربًا من دروب الخيال . فقد أخذته حوريته الى عالم مليء بالسحر الذي غلف لقائهم العاصف المدجج بمشاعر أعظم من أن توصف .

 فلأول مرة بحياته يشعر بمثل هذا الصفاء و كأن روحه اكتملت بقربها. 

فقد اختبر معها مشاعر لم يكن يتوقع وجودها بداخله . و الآن هو مستيقظ منذ أكثر من ساعة يتأملها بهدوء و بأعين اختلط بها العشق و الشوق معًا يتذكر لحظات جمعتهم و كيف كانت رقيقة مُحبة علي الرغم من قلة خبرتها و برائتها ألا أنه شعر معها بسعادة أعمق من أن توصف .

أخذت أنامله ترسم بحنو ملامح وجهها الذي يعشق كل انش به تليها شفتيه التي كانت تسكب عشقًا طارف اخذ يروي به ملامحها التي انكمشت بقلق حين شعرت بلمساته العذبة فوق ملامحها فأخذت تتململ في نومتها الي أن اشرقت شمسها علي قلبه حين رفرفت رموشها كاشفة عن جنتها الخضراء التي احتوت تقاسيمه الرائعه بنظرة حانيه تجلت في نبرتها حين قالت 

" صباح الخير ."


كانت عينيه تبحران فوق ملامحها بشغف تجلي في نبرته الخشنة حين قال 

" صباح الفرح.."


كانت عينيه تغازلها و يديه تتجول علي كتفها بحنان دغدغ قلبها و ألهب مشاعرها و خاصةً تلك النظرات التي تقطر عشقًا فاض به قلبه فـ تخضبت وجنتاها بخجل مُحبب جعله يشدد من احتضانها أكثر وهو يقول بغزل 

" حلو التفاح اللي ع الصبح دا. الواحد يفطر بقي عشان جعان"


انهى كلماته و قام بقضم خدها الشهي ف تأوهت بألم

" ااااه .. سالم بالراحة "


نظر إلي خدها الذي زاد احمراره جراء أفعاله وقال بنبرة خشنة 

" محدش قالك تبقي حلوة كده عالصبح.."


أنهى كلماته وهو مازال يتابع أفعاله العابثه مما جعلها تقول بلهفة ممزوجة بخجل كبير 

" سالم . بقي . استني هقولك علي حاجه"


سالم باختصار 

" مش فاضي . قولتلك بفطر.."


توسعت ابتسامتها و قالت بمزاح 

" انت كدا بتحلي علي فكرة . و دا مينفعش قبل الفطار ."

توقف عما كان يفعله وارتفعت رأسه تناظرها و قد غلف المكر نظراته قائلًا بتخابث

" تصدقي عندك حق.. نفطر الأول.."


لم تتفهم مقصده فقالت باندفاع  

" طب يالا نقوم نفطر "


ارتفع أحدي حاجبيه قبل أن يقول بتخابث

" و نقوم ليه ؟ الفطار هنا احلى .."

أنهى كلماته دافنًا رأسه بين طيات عنقها الذي الهبته أنفاسه الحارقة فوصل إليها المغزى من حديثه فـ تراجعت عنه وهي تقول بلهفة 

" لا انت فهمت ايه ؟ انا اقصد ننزل يعني . تحت نفطر و كدا.."


قالت جملتها الأخيرة بلهجة يخالطها البكاء فاشتدت يديه حولها وهو يتذكر أفعالها البارحة و حديثها مع 《شيرين》 ثم القائها الحقيبة و وقوفها أمامه تعلن عشقها و غيرتها فارتسمت بسمة رائعه علي شفتيه أسرتها لثوان و اختطفت نظراتها الي وسامته الصارخة

" قلبنا قطة دلوقتي .. اومال فين شجاعة امبارح ؟ "


هكذا تحدث بخبث مختتمًا حديثه بغمزة عابثة جعلت الخجل يغمرها مرة أخرى فخرج الحديث مرتجفًا من شفتيها

" تقصد ايه ؟ و ايه قلبت قطة دي؟" 


تفرقت يديه بين ملامحها وسائر جسدها تمارس فنون العبث بينما قال بلهجة خشنة وعينين ترسلان نظرات تغازلها

" الأسد بتاع امبارح اللي عمال يهدد هنا وهنا و محدش قادر عليه . اعملي حسابك هتلمي الورق الي بعترتيه دا ورقه ورقه.."


نجح في أن ينحي خجلها جانبًا و انفلتت ضحكة قويه من بين شفتيها وهي تتذكر ما فعلته و تناست كل شئ وهي تقول  

" بصراحة. معرفش عملت كده ازاي ؟ انا فجأة لقيتني بشيل الشنطة و برميها و مفوقتش غير وانت بتقولي ايه الي عملتيه دا .. قولت بس اخرتك النهاردة يا فرح ."


شاركها المزاح وعينيه تطالع ابتسامتها بعشق كبير 

" و عشان كدا طلعتي تجري زي العيال الصغيرة . يا جبانه.." 


" لا طبعًا مش جبانه . انت اللي كان شكلك مرعب.. و بعدين انا كنت خلصت كلامي اصلًا.. "

هكذا تحدثت بلامبالاة فقال بتسلية

" اصلًا.. لا بس انا مقدر.. الغيرة صعبه مفيش كلام.. لكن حلوة و بتجيب نتايج مبهرة"


انهي كلماته غامزًا فاكتست ملامحها بالغضب و قالت مستنكرة 

" غيرة ايه لا طبعًا. هغير من مين اصلًا. وبعدين انا واثقه في نفسي جدًا . و متخلقتش اللي تهزني.."


فاجأها حين قال بلهجة عابثة

" طبعًا.. دي مفيهاش كلام. بس قوليلي بقي مين جاب سيرتي و خلاكِ اتعصبتي اوي كدا؟ " 


انكمشت ملامحها بحيرة من حديثه وقالت باندفاع

" مين جاب سيرتك ؟ لا معرفش .. تقصد ايه؟"


" انا بسأل بس. اصلك كنتِ محموقة اوي علي سمعتي امبارح فـ قولت اكيد حد جاب سيرتي بكلام بطال ولا حاجه .."


هكذا تحدث بخبث قاصدًا كشف الستار عن غيرتها التي ترفض الاعتراف بها فكسي الخجل ملامحها و خاصةً نظراته التي كانت تطالعها بخبث مما جعلها تقول بنفاذ صبر 

" طيب . خلاص . ايوا كنت غيرانه ايه مش من حقي ؟"


اضاءت ابتسامه رائعة ملامحه جراء اعترافها بغيرتها فقال بنبرة خشنة 

" طبعًا حقك . "

أسرتها إجابته القاطعة فقالت بدلال

" احسن تكون اتضايقت ولا زعلت من كلامي؟ " 


راق له دلالها كثيرًا و خاصةً عندما حاوطت عنقه بذراعيها فقال بنبرة رجولية لطالما أسرتها

" انا بتاعك يا باشا . تعمل و تقول اللي انت عايزه.."


ارتجت جدران قلبه حين أطلقت ضحكه قوية كانت لها وقع السحر علي مسامعه و تنبهت لها جميع حواسه فأظلمت عينيه بنيران الرغبة الممزوجة بعشق كبير تجلى في نبرته حين قال 

" ما تيجي نفطر بقي .." 


تسارعت دقات قلبها مع أنفاسها حين قالت بلهفه

" سالم . عايزة أسألك سؤال ممكن ؟"

" ممكن."

هكذا أجابها بنفاذ صبر فقالت باندفاع

" عايزة اعرف موضوع شيرين ده من أوله لآخره.."


تراجع عنها و استند علي المخدع خلفه واضعًا يده خلف رأسه وهو يقول بخشونة

"بغض النظر عن أن توقيت السؤال غبي . بس هجاوبك.. ملخص الحوار. جوازة زى اى جوازة مُدبرة من الأهل . ولما مكملتش مفرقتش معايا . "


لازالت الغيرة تقرض قلبها فقالت باستفهام 

" يعني محبتهاش؟ "

أجابها بفظاظة

" مكنتش قدرت ولا سمحت أنها تتجوز حد غيري."

" بس أنت عارف أنه.. يعني "


قاطعها بصرامة

" حتي لو ايه . مكنتش هقبل أنها تتكتب علي اسم راجل غيري.. "


" طب ليه قعدت الفترة دي كلها من غير جواز ؟ يعني اكيد قابلت بنات كتير حلوة مفيش ولا واحدة عجبتك"


هكذا استفهمت بقلب يدق خوفًا من إجابته التي جاءت علي عكس توقعاتها حين قال بفظاظة

" الحلاوة مش كل حاجه . كتير اوي الإنسان مبيبقاش حاسس ولا شايف أنه ناقصه حاجه غير لما حد يلفت انتباهه لدا أو يشوف بعينه الشئ اللي هو محتاجه.."


" بمعنى ؟" 

كانت تبغي اعترافًا مميزًا بالحب ولم يبخل عليها أبدًا لذا أجابها قائلًا بخشونة

" قبل ما اشوفك مكنتش شايف اني ناقصني حاجه. و الجواز مكنش في حساباتي بس لما قابلتك حسيت بالاحتياج لوجودك جنبي وكنت لأول مرة احس اني محتاج حد . و ان حياتي باهتة ملهاش لا لون ولا طعم.."


قام بالاعتدال لتصبح عينيه تعتليها و كأنه أراد أن يؤكد علي حديثه بنظراته العاشقه و كلماته التي حوت سحرًا أحاط بقلبها  

" انا مكملتش غير بيكِ يا فرح.. "


ارتفعت يديها تحتضن وجهه بحنان و عشق خالط نبرتها حين قالت 

" وانا معرفتش يعني ايه فرح غير معاك.. "


لثمت شفتيه كفوف يدها بحب تجلي في نبرته حين قال

" وعد مني هخلي الجاي من حياتنا كله فرح. يا فرحة قلبي الي جتله بعد سنين شقى و تعب.."


خرجت الكلمات من أعماق قلبها الذي لأول مرة بحياته يتذوق معنى السعادة 

" بحبك يا سالم.."


اخترقت الكلمة أعماق قلبه الذي لن تسعفه الكلمات لوصف ما يحمله لها من عشق و لأنه رجل اعتاد علي الأفعال دون الحاجة للقول فاقترب منها بنظرات شغوفه و انفاس حارقة قائلًا بصوتٍ أجش

" يبقى تسبيني أفطر بمزاج.." 


لم يمهلها الفرصة لخلق أي حديث آخر فقد فاض الشوق و طغي فأخذ ينهل من رحيقها العذب و يبثها اشواقه الضارية و أغدقها من عشقه بسخاء بينما يديه كانت تحيطان بها برقة و كأنها قطعه كريستال ثمينه يخشى عليها من الخدش. فصارت تبادله أشواقه بشغف اشعل لهيب الصبوة بقلبه أكثر و أكثر فأخذها معه في رحلة إلى عالم مليء بالسحر يقتصر عليهما فقط و قد اسلمته روحها و قلبها و جسدها طواعية فقد جعلها تشعر وكأنها أميرة متوجه علي عرش قلبه و هذا أعظم ما قد تشعر به الانثى مع رجلها. 

وهكذا اكتمل بها و اكتملت به و قد كان ما شعرت به بين أحضان عشقه أعمق وأقوى من أن تصفه الكلمات. فذلك الرجل أصبح مسكنها و سكنها و سكينتها…


*****************


كانت تجلس أمام الطبيب بترقب وجسد يرتعش تزامنًا مع دقات قلبها التي كانت في سباق مع أنفاسها وهي تنتظر منه أن يبدأ بالحديث و في خضم معاناتها شعرت به يغادر مقعده جاذبًا إياه ليصبح بجانبها و أخذت يديه تحتضنها بقوة بينما قال بنبرة مشجعة

" متقلقيش من اي حاجه طول مانا جنبك "


كلماته اضفت شعور من الارتياح القوي علي قلقها و سكن جسدها و هدأت معه دقات قلبها فقامت بالالتفات ورسم ابتسامه هادئه علي ملامحها و قد كان مشهدهم رائع للحد الذي جذب أنظار الطبيب الذي قال بالإنجليزية (طبعًا أنا هترجم 😂)

" اعتقد انكِ بالفعل قد سلكتي طريق العلاج مع طبيبك الخاص سيدة جنة.."


التفتت تناظره بعدم فهم فقال بابتسامة هادئة 

" اقصد ذلك العاشق .. الذي يستحق أن تقاتلي من أجله.." 

وصلها المغزى من حديثه فلون الخجل معالمها و قامت بإخفاض رأسها فاقترب من أذنها قائلًا بمزاح

" شايفه الدكتور بيحسدك عليا ازاي ؟ احمدي ربنا عليا بقي .."


كان يتحدث بمزاح حتي لا يسمح للقلق أو الخوف أن يغزو قلبها مرة أخرى فتفاجئ بها ترفع رأسها تناظره بخجل قائلة بخفوت 

" الحمد لله…"


يود لو يتختطفها الآن ويغلق عليها داخل قلبه الذي ارتج حين سمع كلمتها التي أوحت به بمقدار ما تحمله لأجله وما أن أوشك بإجابتها حتي سمع الطبيب الذي تحمحم بخفوت جاذبًا انتباههم و قال بعملية 

" سوف نبدأ بالجلسات غدًا . لا أرى أي ضرورة لإضاعة الوقت.."


شدد 《سليم》 علي كتفها وهو يقول بخشونة

" اوافقك الرأي. نحن جاهزون أليس كذلك جنتي ؟"


أنهى كلماته بغمزة عابثة هدأت من روعها كذلك تلك الياء التملكيه التي أضافها لـ أسمها فـ أومات بالموافقة ولكنها قالت باستفهام

" هل يمكنني أن أعرف كم جلسة سـ أحتاج ؟"

" لا يمكننا الجزم بعدد الجلسات . حالتك ومدى استجابة جسدك للعلاج هو ما سيقرر ."


" شكرًا ايها الطبيب.. "

هكذا تحدث 《سليم》 و التفت اليها قائلًا

" يالا يا حبيبي .."


اومأت دون حديث و توجهت معه للخارج وما أن وصلوا للباب حتى اوقفهم نداء الطبيب علي《سليم》 الذي نظر إليها بطمأنه و توجه إليه تاركًا إياها بعد أن اختارت أن تسبقه إلى السيارة 

" العلاج من المحتمل أن يجعل شعرها يتساقط و حفاظًا علي حالتها النفسية اقترح عليك بأن تجعلها تقوم بقصه " 


شعر بقلبه يتمزق حين سمع حديث الطبيب و أومأ له قبل أن يتوجه بخطٍ مثقلة الي حيث تنتظره و حاول رسم ابتسامه هادئه علي شفتيه حين استقل السيارة بجانبها فتحدثت بنبرة مهتزة

" ممكن اطلب منك طلب.." 


جذب انتباهه حديثها فـ التفت كليًا يناظرها وهو يقول بلهفه

" أنتِ متطلبيش أنتِ تؤمرى.."


حاولت رسم ابتسامة علي ملامحها وهي تقول بـ شفاة مرتجفه 

" عايزة اتمشي لوحدي شويه .. يعني الف في البلد كدا و اتفرج عـ المحلات. ناقصني شوية حاجات عايزة اشتريها ممكن تروح انت. و أنا هرجع لوحدي…"


نجحت كلماتها في إشعال فتيل غضبه وتجلي في عينيه التي اشتعلت بحمرة قانيه ولكنه حاول بصعوبة التظاهر بالهدوء حين قال بفظاظة

" علي راحتك.. شوفي حابه اوصلك فين "


" اي مكان في محلات .. نزلني هناك .."

هكذا تحدثت باختصار فهي لم تكن غافله عن غضبه الذي يحاول قمعه و الذي تجلي في يديه التي كانت تشتد علي المقود و قيادته الجنونيه ولكنها لم تستطيع إلا الابتعاد عنه في وضعها الحالي ..

صف السيارة أمام أحد المحلات و قال بخشونة

"  لما تخلصي كلميني ابعتلك السواق يجي ياخدك.."

" تمام.."


قالتها و ترجلت من السيارة دون أن تلتفت إليه متوجهه الي أحد المحلات فقام بإدارة السيارة و المغادرة فما أن شاهدته يغادر حتي انهمرت عبراتها تروي مقدار الألم الذي يحيط بقلبها و بأقدام اثقلها الألم توجهت إلى إحدى صالونات التجميل و داخلها حريق تصاعدت ابخرته الي رئتيها فجعلت تنفسها مؤلمًا.. 


وعلي قدر ألمها جاء ألمه فقد كان يتوقع هذا فبعد أن تركها صف السيارة بعيدًا عن أعينها  قام بالترجل يراقبها من بعيد و داخله يتمني أن يخيب ظنه و لكن للأسف كانت تشعر بما أخبره به الطبيب و لم ترغب ان يكن بجانبها و قد انفطر قلبه لتحملها كل هذا الثقل و الألم وحدها فانبثقت دمعة من طرف عينيه تحكي مقدار قهره فود لو يتوجه إليها يعتصرها بين ذراعيه ويخبرها أمام العالم أجمع بأنها اجمل النساء بعينه و أنه لا يريد من العالم أحد سواها…


*****************


"ياسين . يالا عشان تفطر.."

هكذا تحدثت 《حلا》 مع 《ياسين》 الذي كان يقف في الشرفة يدخن سيجارة فأجابها بفظاظة

" مش جعان.."


وضعت صينية الفطور علي المنضدة و اقتربت منه قائلة بلهجة حانية

" مينفعش يا ياسين انت من امبارح محطتش لقمة في بقك .و دا غلط عليك.."


كان متألمًا حد الغضب الذي تجلي في نبرته حين قال 

" قولتلك مش جعان يا حلا . بطلي تضغطي عليا مش عيل صغير قدامك انا هتعرفيني الغلط من الصح "


تألمت حين خاطبها بتلك الطريقه و كعادتها تجاوزت عن ألمها قائلة بغضب 

" والله لو مش عايزني اعاملك. علي انك طفل صغير بطل حركات العيال دي . لما تقطع الأكل كدا اللي راح هيرجع؟ "


صاح محذرًا

" متستفزنيش يا حلا و روحي شوفي هتعملي ايه ؟"


كان إنذارا بهبوب عاصفة هوجاء يخشى عليها منها ولكن كبريائها أبي أن تنصاع لتحذيره فقالت ساخرة 

" لا والله خوفتني بجد .. و لو ممشتش هتعمل ايه ؟"


أظلمت عينيه فجأة و قام برمي السيجارة من الشرفة تجاهل الألم الذي يضرب سائر جسده وتقدم منها قائلًا بوعيد 

" هخوفك بجد.."


كانت ملامحه مخيفة و عينيه حمراء بشكل ملحوظ مما جعلها تتراجع خطوة إلي الخلف لم تكد تخطو الثانيه حتي وجدته ينقض عليها بعنف لم تتخيله وأخذ يسكب غضبه علي ثغرها و سائر جسدها بفظاظة آلمتها و أخذ يخطو بها الي المخدع خلفهم وهو ينتزع منها كل ما يحجبها عنه بينما هي تصارع حتى تهرب من بين براثنه و خاصةً تلك السخونه التي تنبعث من أنفاسه و التي لم تكن طبيعية ولكن من فرط خوفها لم تلاحظ ذلك فأخذت تتلوي وهي تدفعه بعيدًا عنها ولكنه كان اقوى منها بكثير و قد احكم تقييدها بيديه بينما اقتنصتها شفاهه تسلبها القدرة على الحديث

 فـ انحبست أنفاسها داخل صدرها و حين أوشك علي النيل منها صرخت بملئ صوتها

" لا يا ياسين .. متخلينيش اكرهك.."


اخترقت كلماتها المتوسلة أعماق قلبه الذي لم يكن مغيبًا كعقله الذي لم يكن يعمل في ذلك الوقت فارتفعت عينيه  تطالعها بنظرات غامضة و قد شعر بعبراتها و كأنها جمر يحرق قلبه و خاصةً ارتجافها الذي يوضح مدي رعبها منه فقد أخذ صدرها يعلو و يهبط و تعالت شهقاتها و فجأة برقت عينيها حين شعرت بيديه تحاوط خصرها و رأسه يرسو فوق صدرها الذي شعر بسائل ساخن يبلله فرفعت رأسها تناظره فوجدت عينيه مغلقه تنبعث منها عبرات حارقه فمدت يدها تلامس وجهه الذي كان يحترق أسفل يدها فقالت بصدمة 

" ياسين .. انت سخن كدا ليه..؟"


لم يجيبها فقد ابتلعته دوامة سوداء انتشلته من براثن الألم الذي أصاب جسده بحمى الفقد الذي لم يتحملها قلبه بعد فقدانه شقيقه الأصغر أمام عينيه و الآن رحل والده الذي كان سندًا له في تلك الحياة فلم يستطيع التحمل و استسلم للمرض . و علي الرغم من ألمها لما حدث منه منذ لحظات ولكنها رغمًا عنها أشفقت عليه فقامت بـ إحتضان رأسه بين ذراعيها وكأن حنانها لامس قلبه علي الرغم من غفوته فأخذ يتمتم بكلمات لن تفهم منها سوى

" سامحيني يا حلا . "


احتضنته بقوة و ظلت علي حالها للحظات قبل أن تحاول بصعوبه سحب نفسها من بين ذراعيه التي كانت تمسك بها كطوق النجاة و ما أن استطاعت التحرر منه حتى توجهت الي الخزانه تخرج ملابس تستر بها جسدها و توجهت للاسفل وهي تبحث عن 《تهاني》 التي كانت في مكتب 

《عبد الحميد》 فاندفعت تفتح المكتب دون أن تطرق الباب فالتفتت الأعين تناظرها باستنكار انمحي حين صرخت قائلة بألم 

" ياسين سخن و تعبان اوي. حد يطلب دكتور ييجي يشوفه.."

هب 《عبدالحميد》 من مكانه و بجانبه 《تهاني》 التي صرخت بذعر 

" بتجولي ايه يا بتي؟ ولدي ماله ؟"


بينما صرخ 《عبد الحميد》 في أحد الغفر قائلًا بأمر

" مسعود . اچرى هات الحكيم بسرعه .."


ثم هرول ثلاثتهم إلى غرفة 《ياسين》 الذي كان يرقد وهو يهزي من الحمى و الألم الذي لم يتحمله جسده ..


****************


خرج 《مروان》 مهرولًا للخارج على صوت الغفير وهو يتشاجر مع أحدهم و قد تعالت الكثير من الأصوات و التي كانت لمجموعة من الشباب كانوا يتشاجرون مع 《شعبان》 الغفير أمام المزرعة و ما أن شاهدوا الحرس قادمون حتي هربوا بعد أن قاموا بالاشتباك بالأيدي فأقبل 《مروان》 لمعرفة ماذا حدث 

" ايه يا عم شعبان حصل اية؟' 


《شعبان》 بصوت مبحوح يكاد يكون مسموعًا

" دول شويه عيال جولالات الرباية يا بيه و چايين يرموا بلاهم علينا.. بس متخافش اني علمتهم الأدب "


《مروان》 بسخرية 

" يا راجل علمتهم الأدب ايه دا انت صوتك هرب من كتر الخوف.."


" لا يا بيه خوف ايه داني ربيتهم صوح.."

《مروان》 و هو يناظر ملامحه التي تلونت جراء تلك المعركه التي دارت بينه و بين أولئك المشاغبين وقال بتهكم

" ماهي أثر التربية واضحا عليك ما شاء الله. تقريبًا و انت بتضربهم حد قالك اهو انت فالضربه لفت ولزقت في خلقتك .. و ايه دي بوسه دي ولا إيه"


" بوسه ايه يا بيه . لا دا الواد الله يحرجه غفلني و ناولني بونيه ملحجتش اتفاداها.."


" لا يا راجل ..دي ملحقتش تتفاداها و الخريطه اللي علي وشك دي كلها تغفيلات بردو . انت كنت سكران ولا ايه ؟ يالا مش مهم . قولي هما كانوا بيتخانقوا معاك ليه؟"


هكذا تحدث 《مروان》 فأجابه الغفير قائلًا 

" اني كنت في الچنينة سمعت صوت عربية بتذمر و الحرس كانوا بيفطروا طلعت اشوف مين لجيت العيال دولم بيلعبوا بالمكن جدام المزرعة"


《مروان》 باستفهام

" مكن! مكن يعني مزز كان معاهم مزز ولا ايه ؟ طب مش تناديني اخص عليك دانا حبيبك بردو" 

الغفير باستنكار

" مزز ايه يا مروان بيه .بجولك مكن . فيزب موتسكلات لامؤاخذه.."


صاح 《مروان》 باندهاش

" موتسيكلات.. اااه. طب مش توضح يا راجل . اصل دماغي بتروح في حتت شمال .. المهم و بعدين .."


" و لا جبلين .. طلعت اشوف مين دول لجيتهم جلوا ادبهم و كان في عربية سودا واجفه بعيد عنهم و لما جنابك طلعت انت و الحرس فلجوا كلهم"


" ايه فلجوا دي معلش محسوبك مبيعرفش لغات؟"

هكذا استفهم 《مروان》 فأجابه الغفير بامتعاض

" يعني چريوا.. "

" مالك كدا يا راجل . خلقك ضيق ليه؟ بستفسر بس.."


انهى كلماته تزامنًا مع وصول سيارة 《سليم》 الى المزرعه فما أن رأى 《مروان 》حتى ترجل من السيارة و اعطي المفتاح لأحد الحرس ليصفها و توجه إلي 

《مروان》 الذي كان يعطيه ظهره وما أن التفت حتي صاح بصدمة 

" اهو سليم جه اهو … ايه دا..سلامًا قولًا من رب رحيم. انصرف انصرف .."


هكذا صاح 《مروان》 بذعر ما أن وقعت عينيه علي 

《سليم》 الذي قام بحلق شعر رأسه حتي يساند حبيبته في محنتها و حتي لا تشعر بالخجل منه ابدًا و ما أن رأي رد فعل 《مروان》 حتي تعاظم الغضب بداخله وقال بحنق

" ايه يا ظريف شفت عفريت؟"


مروان بصدمة

" انيل ..شعرك راح فين؟ اقرعيت كدا ليه ؟"

《سليم》 باستفهام 

"كده أحلى صح ؟"


اجابه 《مروان》 بصراحته الفجة

"احلي ايه شكلك يقرف الكلب.. "

لكزه 《سليم》 في كتفه وهو يقول بغضب 

"تعرف تخرس "


《مروان》 بامتعاض

" الساكت عن الحق شيطان اخرس . اضلك يعني ؟ سألتني قولتلك رأيي "

"دا عشان انت مبتفهمش.."


هكذا تحدث بضيق فأجابه 《مروان》 

" مبفهمش ايه انا خايف عليك يا ابني و علي مستقبلك. جنة لو شافتك كدا هيجيلها صرع.. وهي كدا كدا مش طايقاك اصلًا "


غضب من حديثه وقال مستفهمًا

" ليه شكلي وحش اوي كده ؟"

"وحش بس دانت عديت ليفل الوحاشه بمراحل حاليًا داخل علي ليفل البشاعة .."


صاح 《سليم》 بانفعال 

"طب غور من وشي "


《مروان》 بسماجة

" طبعًا هغور .ناقص قرف مش كفايه عمتك همت اللي قرفاني في عيشتي .."

《سليم》 بشماته

" تستاهل .."


اغتاظ 《مروان》 فقال قاصدًا استفزازه

""الله يكون في عونك يا جنة هتتصبحي بالخلقة دي كل يوم الصبح.."


تحدث 《سليم》 محذرًا

" ملكش دعوه بجنة يا بغل انت . وبعدين انا حلقت شعري عشانها.."


《مروان》 بذهول

" عشانها! لا معلش مش فاهم . دا عقاب ليها مثلًا علي عمايلها فيك . ولا قررت تصرعها ؟"


" بطل غباوة.. النهاردة كنا عند الدكتور و طلب مني اخليها تقص شعرها عشان جلسات الكيماوي.."


فطن 《مروان》 إلى مقصد 《سليم》 فقال باعتذار

" اسف يا سليم والله مكنتش اقصد .بس حلوة الحركه دي منك. اي نعم هنبقي مضطرين نشوف خلقتك الغلط دي كل يوم . بس مش مشكلة . كله يهون عشان خاطر عيون الست جنة.."


《سليم》 بحنق

" مالك و مال عنيها ياله…"

" صاحبتي يا عم.. مالك ؟"

هكذا اجابه 《مروان》 بسلاسة فقام بجذبه من تلابيبه وهو. يقول بغضب 

" بقولك ايه يا زفت انت . ملكش دعوة بيها واياك تقول صاحبتي دي تاني.. سامع ولا لا "

" طبعا سامع.."


كانت تستقل سيارة الأجرة تجتاز بوابة المزرعه فتفاجئت بأحدهم يمسك 《مروان》 من تلابيبه فأوقفت السائق بلهفه و قامت بإعطائه حقه وهي تهرول الي 《مروان》 قائلة باندفاع

" في ايه يا مروان .  شيل ايدك عنه.."


قالت كلمتها وهي تجذب يد 《سليم》 الممسكة ب《مروان》 فإذا بصدمه قويه تصيبها حين التفت 《سليم》 و رأته فسقطت الحقائب التي بيدها و تراجعت إلي الخلف تشهق بقوة واضعه يديها فوق وجهها فخرجت الكلمات من فم

 《مروان》 باندفاع

"ادي البت اللي حيلتنا اتشلت .. كله بسببك.. "


" سليم .."

هكذا خرجت الكلمة مستفهمة من بين شفتيها فهي لم تكن تصدق ما تراه فأجابها باحراج ويده تمسح علي رأسه 

" ايه رأيك في النيو لوك دا ؟"


" ما قولتلك يقرف الكلب.."

هكذا تحدث 《مروان》 باندفاع فأرسل له 《سليم》 سهام نظراته الغاضبة فأومأ برأسه معتذرًا ثم التفت إلي 《جنة》 قائلًا بغزل

" ايه الحلويات دي يا ام حزومبول ؟ الشعر القصير حلو عليكِ اوي يا بت.."


انظارها كانت معلقة على ذلك الذي لا ينفك يفاجئها دائمًا بأنه قريب منها للحد الذي يجعله يفهمها من نظرة عينيها 

" شكلك زي القمر .. حلو اوي الشعر القصير عليكِ"


هكذا تحدث و عينيه ترسلان نظرات اعجاب صريحه اخجلتها فـ اخفضت بصرها أرضا فـ تدخل 《مروان》 قائلًا بسماجة

" شوف هي قصت شعرها بقت زي القمر . انت قصيت شعرك بقيت زي القرد .. سبحان الله"


ما أن أوشك علي الحديث حتي تفاجئ بها تقول مندفعه 

" قرد في عينك . دا انت اللي قرد.."

كان اندفاعها للدفاع عنه امرًا مثيرًا للحد الذي جعله يتجاهل حديث 《مروان》 و يناظرها بحب فقطع 《مروان》 تواصلهما البصرى قائلًا بسماجة 

" هنفضل متنحين لبعض كدا طول النهار. الشمس هتسيح دماغه . بقي منه للسقف خلاص ..  "


التفت 《سليم》 يناظره وهو يعض علي شفتيه بغضب فتدخلت 《جنة》 قائله بخفوت

" انا تعبت من اللف و عايزة ادخل ارتاح شويه .." 

ناظرها 《سليم》 بلهفة تجلت في نبرته حين قال 

" طب يالا ندخل .. انا كمان مصدع .."


امتدت يده تمسك بخاصتها متوجهًا إلي الخارج تاركين 

《مروان》 خلفهم وهو يقول بسخرية

" جوز سحالي ماشيين عالبحر ياخواتي.."

التفت 《سليم》 ينوي الرجوع كي يوسعه ضربًا فأوقفته 《جنة》 التي قالت في محاولة لتهدئته

" سيبك منه .."


طاوعها و دخل معها الي القصر فقال 《مروان》 بتحسر 

" وانت هتمشي مأنكج كده امتى يا منيل ؟ الله يسامحك يا عمتي . طب احلق شعري طيب ولا اعمل ايه؟ لا أحلق شعري ايه هو انا ناقص تشويه في منظري.. اما اروح اشوف البت دي بتهبب ايه ؟"


*****************


وضعت القهوة أمامه دون أن تنظر إليه بينما كانت عينيه متعلقه بها و بكل همسه تصدر منها و ما أن همت بالمغادرة حتى استوقفتها كلماته الصارمة 

" وجفي عندك.."


توقفت بمكانها دون حديث مرتديه قناع جليدي اغضبه بشدة فقال من بين أسنانه

" اللي حوصول امبارح ده ميتكررش تاني سامعه ولا لاه؟"

تشابهت نظراتها مع نبرتها الجليديه حين قالت 

" لاه مسمعاش . "

" ليه اطصنجتي (اطرشتي يعني 😂)؟"


هكذا تحدث بغضب فأجابته بجمود 

" لاه . بس حديتك ميلدش عليا. "

" دا ليه اومال؟"


صبت غضبها و ألمها في قوالب الذنب التي ترسو فوق قلبه حين قالت 

" عشان اني معملتش حاچه عفشه ولا اتمسخرت . و عشان جنابك ماشي ترمي تهم عالناس بالباطل. من غير ما تتوكد . و عشان اني حرة حتي لو كنت عفشه فده ميخصش حد ولاانت ابويا ولا اخويا عشان تجول اكده"


غضب من نفسه المندفعه و منها فهي بكل مرة تضعه في مواجهه مع نفسه و تطرح أسئلة لا يملك اجوبتها

" كنك نسيتي انك بتشتغلي حدانا و أن سمعتك من سمعة الدار دي.."


" كنت . كنت يا كبير بشتغل حداكوا و مشيت بعد اللي حوصول ولو كنت هنه دلوق فعشان الست الأصيلة الي طبطبت عليا لما الديابه نهشت عرضي .."


لا تنفك أن تذكره بجرمه الذي يؤنب نفسه في اليوم مائة مرة عليه و يلعن اندفاعه الذي جعله يؤلمها هكذا ثم يلعن نفسه لاهتمامه المريب بأمرها .

زفر بغضب قبل أن يقول 

" خلوصنا بجي . الموضوع ده مش هيتجفل ؟ "

" اتجفل . تؤمرني بحاچة جبل ما امشي.."


هكذا تحدثت بأعين ناظرة الي البعيد غافلة عن توسل عينيه التي غافلته و أرسلت نظرات ترجو السماح من قلبها ولكن جاءت كلماتها لتثير غضبه من جديد فصاح آمرًا

" مش هتمشي .."

" يعني ايه؟ 


هكذا استفهمت باندهاش فخرجت كلماته صارمه حين قال 

" مش هتمشي من اهنه ولا هتشتغلي عند اي حد . و اني بنفسي هضمن أن مفيش حد يشغلك في البلد كلاتها…"


ازدادت دهشتها و التي تحولت بعد.ذلك لغضب تجلى في نبرتها حين قالت 

" ايه الافترا ده ؟ انت بتعمل أكده ليه ؟"


" ملكيش صالح . نفذي الأوامر و بس .."

هكذا تحدث هاربًا بعينيه من استفهام لا يستطيع الاجابه عليه فجاءت كلماتها التالية كصاعقة اصابته

" اجولك اني . عشان انت ظالم و مفتري و مبتچيش غير عالغلابة اللي زيي . بس اني لا ضعيفه ولا غلبانه زى مانت مفكر. و مش هنفذ أوامرك و لو حصلت هطلع عالمأمور. و هحكيله علي عمايلك دي.."


تعاظم الغضب بداخله حين سمع حديثها فاقترب منها خطوتين وهو يقول بأعين تبلور بها الغضب فبدت مخيفة تشبه نبرته حين قال 

" لو طلعتي علي مدير الأمن نفسه . بردو مش هتمشي من اهنه . ايه جولك بجي.." 


جن جنونها فقالت بانفعال 

" اتجي الله انا بچرى علي اخواتي . هوكلهم منين. "

" جولي لنفسك . خليكِ اشتغلي اهنه . وأنا اوعدك مش هضايجك واصل. بطلي عناد بجي انا عمرى ما شوفت حرمه عنيدة أكده.."


تحدث بنفاذ صبر فأجابته باستفزاز 

" يبجي اخلوص مني و سيبني اغور و اني مش هوريك وشي أبدًا…"


باغتتها كلماته التي انفلتت من بين شفاهه باندفاع 

" ومين جالك اني ماعيزش اشوف وشك .. "


تراجعت خطوة للخلف و قد تعثرت نبضاتها داخل قلبها إثر كلماته و قالت بخفوت

" تجصد ايه ؟"


تراجع للخلف و شبك كفوفه خلف ظهره وهو يقول بفظاظة 

" متاخديش في بالك .. روحي شوفي شغلك .."


كانت علي وشك المغادرة ولكنها تذكرت أمرًا فتوقفت تنظر إليه قائله بجفاء

" عايزة السلسلة بتاعتي .."


كان ذلك السلسال رفيق لياليه الطويلة يذكره بها و الشاهد الوحيد علي معاناته لذلك لم يرد التفريط به فقال كاذبًا

" معرفش راح فين .. باينه ضاع .. "

" ايه ؟ ضاع..!"


خرجت الكلمات متألمه من بين شفتيها فهذا السلسال الذكرى الوحيدة من حياة لا تعلم عنها شيئًا انتُزِعت منها منذ أن كانت صغيرة أصغر من أن تعرف هوية والداها اللذان توفيا في هذا الحادث الأليم و قد وجدها ذلك الراعي و رباها كأنها ابنته.

جرت الدموع بانهمار علي وجنتيها فسقطت كـ جمرات حارقه علي قلبه الذي هاله مظهرها و خرج صوته متلهفًا حين قال 

" بتبكي ليه ؟ ده سلسال هچبلك احسن منه الصبح .." 


لأول مرة يتجلى الضعف بعينيها هكذا فاخترقت سهام ضعفها قلبه و خاصةً حين قالت 

" مفيش احسن منه.. ده كل حياتي .." 


غزي الجنون عقله فامتدت يديه تمسك بـ رسغها وهو يقول بريبة 

" ليه ؟ مين اللي چايبهولك ؟"


ما أوشكت أن تجيبه فسمع صوت 《صفوت》 الذي صاح يناديه 

" عماااار…"


*************


كان يتقدم بخطٍ مثقلة بذنب عظيم لم يرتكبه ولا يقدر علي حمله أو الفرار من بين براثنه فما كاد أن يصل الي بره الآمن حتى صفعته الحياة تلك الصفعة القاسية التي انطبعت آثارها بقلبه و قلب حياته رأسًا على عقب ..

خطى إلى داخل غرفة وكيل النيابة فإذا به يتفاجئ بوجودها امامه فهوى قلبه بين قدميه و خاصةً حين رأي تلك النظرة المحتقرة تنبعث من عيونها فاخترقت قلبه المكلوم كسهام مشتعلة حتي أنه لم يلتفت حين تحدث وكيل النيابة بأنه سيتركهما سويًا لبعض الوقت فما أن غادر حتي سمع صوتها المتألم يقول 

" اخر واحد في الدنيا كنت اتخيل أنه يبقي قذر بالشكل دا .."

تراشقت سهام كلماتها بقلبه ولكنه حاول التظاهر بالجمود حين قال

" انا معملتش كدا.."

" كذاب .."


هكذا صرخت بقهر فأجابها بقوة 

" مبكدبش . معرفش مين البنت دي ولا عمري شوفتها اصلًا.."


《ساندي》 بسخرية مريرة 

" اومال هي هتتبلي عليك كدا. من الباب للطاق. هتقول اسمك و توصف ملامحك ازاي وهي متعرفكش."


كان هذا سبب عذابه الذي كان يؤرق لياليه فتقدم جلس بكل ثقله علي المقعد خلفه واضعًا يديه فوق رأسه قائلًا بقلة حيلة 

" دا اللي هيجنني . تعرفني منين وليه تلبسني تهمة زي دي؟"


" كان ممكن اتخدع فيك و اصدقك لو مكنتش آتأذيت منك . لكن دلوقتي انا شيفاك علي حقيقتك .." 


لم يرفع رأسه فلم يكن يملك ما يقوله فقد بح صوته وهو يقول بأنه برئ من هذا الذنب العظيم ولكن لم يسمعه احد و لكنها باغتته حين قالت بقسوة 

" طلقني.. "


وثب قائمًا وهو يناظرها بصدمه و خاصةً حين تابعت بقسوة

" عمري ما هقبل ابقى زوجة لواحد مغتصب حقير زيك .."

" اسكتي.. وامشي و متجيش هنا تاني مش عايز اشوفك. وخليكِ عارفه أن عمري ما هطلقك أبدًا.."


هكذا صرخ بها من عمق الوجع الساكن بأعماقه و يديه تمسكان باكتافها يهزها بقوة فدفعته بعيدًا عنها وهي تصرخ بنبرة جريحة

" ليه عملت كدا؟ "


وضع يديه فوق رأسه بقله حيلة بينما عينيه تطوف بكل شئ حوله إلى أن تعثر بضالته فهرول الي المنضدة وقام بجلب المصحف الشريف و قام بوضع يده فوقه وهو يناظرها بنظرات تحمل التوسل و الألم معًا

" بحق من انزل هذا الكتاب معملتش كدا.. انا معرفهاش .. والله ما اعرفها.."


باغتتها فعلته للحد الذي جعلها تناظره بصدمه فوضع المصحف الشريف جانبًا و اقترب منها قائلًا بصوت مبحوح من فرط الألم 

" انتِ اكتر حد في الدنيا يهمني أنه يصدقني.. حتى لو هيعدموني مش مهم عندي . المهم انك متشوفنيش وحش كدا.."


رق قلبها رغمًا عنها لحديثه و توسله و تكالبت عليها اوجاعها فأهلكت كل ذرة ثبات بداخلها فلم تشعر سوي وهي تندفع بين أحضانه تبكي قهرًا مارسته الحياة علي كليهما فأخذ يحتضنها بكل ما أوتي من حب تسرب الي داخلها فنكره عقلها الذي لم ينسي خيباتها فأخذت تضربه بكلتا يديها وهي تصرخ بألم 

" ليه .. ؟ ليه انت بالذات ؟ ليه .؟ انا مكنش عندي غيرك ! ليييه ؟"


كانت تصرخ وتضربه و قد كان يتلقى ضرباتها بصدر رحب تناسي كل ألمه و قهره و ضمها بقوة الي داخله فاختلط نحيبها مع بكاءه الصامت في لحظة مسروقة بين كل هذا الألم المحيط بهم…


****************


هبطَ الدرج سويًا يد بيد بعد أن أقنعته بصعوبة بالغة بالنزول للأسفل و قد وافق على مضض حتي يمكنه مباشرة أعماله و قد كان أول من قابلاه هو 《سليم》 الذي كان متوجهًا إلي غرفة المكتب فتفاجئ من مظهره ولكن لم يعلق  فقد كان يرسل نظرات تحذيرية عن السؤال فالتزم الصمت . 

" دادا نعمة اعمليلي قهوة.."


هكذا تحدث 《سالم》 الي «نعمه» التي ما أن أوشكت علي تلبية مطلبه حتي أوقفتها كلمات 《فرح》 التي قالت بخفوت 

" دادا نعمه استني انتِ . انا هعمل انا القهوة.."


انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال 

" اشمعني كدا ؟"


إجابته بدلال راق له كثيرًا 

" بمارس مهامي . مرات الكبير بقي و كدا.."

أضاءت ملامحه ابتسامة عذبة قبل أن يقول بعبث 

" طب ما تسمعي كلام الكبير وتيجي اخدك و نطير من هنا.."


لون الخجل ملامحها فبدت شهية للغاية فاقترب أكثر قائلًا بخشونة

" السكوت علامة الرضا يالا بينا.."

جذبها من معصمها فأوقفته قائلة بخفوت 

" طلعت عيني عشان تنزل و مكملناش ثواني و عايز تطلع بطل استهبال بقي"


ضيق عينيه قائلًا بوعيد 

" مقولتش انا ان لسانك دا عايز قطعه.."

أرادت مشاكسته قليلًا فقالت بدلال

" لساني انا بردو اللي عايز قطعه !"


اجابها بوقاحة

" طب تعالي نطلع فوق و نشوف مين هيقدر علي التاني"

خدعته حتي أفلتت من بين براثنه فقالت بنبرة مرتفعة 

" ايوا يا دادا نعمة جايه اهوة.."


ضيق عينيه و هو يعض على شفته السفلية قائلًا بوعيد 

" هو احنا فينا من كده؟"

وصل إلي مسامعها استفهامه فالتفتت قائلة بدلال

" ايوا فينا من كدا.."


تابع تهديده قائلًا

" مبقاش سالم الوزان أن ما ربيتك من اول و جديد."


أطلقت ضحكة رقيقة سرقت لبه الذي يهيم بها ولهًا تضاعف بعد تلك الليلة التي قضاها بين أحضان عشقها الدافئ..

توجه إلي غرفة الجلوس فلفت انتباهه 《جنة》 التي كانت في طريقها الي الصالون فأوقفه مظهرها الجديد و قد فطن الآن السبب لما فعله اخيه فـ شعر بالشفقة تتسلل الي قلبه علي تلك الصغيرة التي ضاعف الحزن و المرض عمرها فانتظر حتي أتت و قال بنبرة خشنة 

" عامله ايه ؟"

 

لطالما كانت تهابه كثيرًا علي الرغم من أنه كان شخصًا حنونًا و قد ظهر ذلك في الكثير من المواقف ولكن كانت هيبته تجعلها تخشى الحديث معه لذا أجابته بخفوت 

" الحمد لله.."


أومأ برأسه و تحمحم قليلًا قبل أن يقول بخشونة 

" لايقه عليكِ اوي .. التسريحة الجديدة.."


أضاءت ملامحها بابتسامه مشرقه قبل أن تقول بخفوت 

" بجد ؟"

" اه فعلا . شكلك زي القمر . خسارة في الواد سليم "


اخجلها حديثه كثيرًا وفجأة جاء صوتًا عابثًا من خلفهم

"  قولها عشان مش مصدقاني.. سلومة الاقرع اللي جوا دا ميستاهلكيش . اسمعي مني اهو البوص بذات نفسه قالك .."


تعالت ضحكاتهم فتابع 《مروان》 مزاحه قائلًا

" اومال انت حلو كده ليه يا كبير ؟ "


تحمحم 《سالم》 قبل ان يقول بفظاظة

" انا حلو علي طول يا أبو لسانين"


《مروان》 بخبث

 " لا النهاردة غير .. وشك مورد كده و عينك بتلمع. بركاتك يا فروحة."


ضيق عينيه بوعيد قبل أن يقول باستنكار

" ايه ؟؟"

تحمحم 《مروان》 وقال مصححًا

" اقصد بركاتك يا آنسة فرح.."


" انسه فرح!. طب ادخلي أنتِ يا جنة عشان في واحد صاحبنا هنا هيتروق.."


هكذا تحدث 《سالم》 بوعيد فـ اطاعته 《جنة》 التي غمرها الخجل فصاح 《مروان》 يوفقها

" استني يا به . أنتِ بتبيعيني كدا في لحظة . الصداقه بتلطم منك. "


اوشكت يد 《سالم》 أن تطاله ولكنه افلت بأعجوبة مهرولًا خلف 《جنة》 فتبعهم 《سالم》 الي الداخل و خلفه 《سليم》 الذي كان قادمًا من غرفة المكتب 

" بسم الله ما شاء الله ايه القمر دا يا جنة… يالهوي مين دا ؟"


هكذا تحدثت 《أمينة》 ما أن رأت 《جنة》 ولكنها سرعان ماتفاجئت حين شاهدت 《سليم》 الذي ارتسم الامتعاض علي ملامحه فقال بنفاذ صبر 

" مش هنخلص بقي .."


ارسل 《سالم》 نظرة تحذيرية إلى والدته فـ تابعت موجهة حديثها الي 《جنة》 

" تعالي اقعدي جنبي يا جنة وريني الحلاوة والطعامة دي"


اقتربت 《جنة》 لتجلس بجانبها بخجل و سرعان ما وجدت 《مروان》 يجلس هو الآخر بجانب 《جنة》 فقالت 《أمينة》 بامتعاض 

" انا بقول جنة ايه الي مقعدك هنا ؟"


《مروان》 بتهكم

" معلش يا مرات عمي بصي للترلتين اللي أنتِ مخلفاهم وأنتِ تعرفي .."


التفتت الي ولديها فوجدت نظرات التوعد التي تغلف عينيهم تجاه 《مروان》 فقالت بخفوت 

" يخربيتك عملت ايه ؟"

" معملتش حاجه هما اللي مفتريين و بيحقدوا عليا و أولهم سلومة الاقرع دا ."


حين أطلق هذا اللقب علي 《سليم》 حتي انفجرت كلًا من 《جنة》 و 《أمينة》 في الضحك فهب 《سليم》 غاضبًا 

" انت بتقول ايه ياد بيضحكها كدا؟ "


《مروان》 بحنق 

" مقولتش يا عم هي اللي بتتلكك عشان تضحك.. انا جيت جمبك يا بنتي؟ "

ثم اخفض صوته و نظر إلي 《امينه》 قائلًا 

" شوفتى اهو غيران مني عشان بعرف اضحكها إنما هو كشري مبيعرفش غير يحمر لنا في عينيه.."


" معلش استحملهم عشان خاطري .."

هكذا تحدثت 《أمينة》 موجهه حديثها إلي 《مروان》 بينما على صوتها وهي تنادي علي أحد الخدم 

" اطلعي نادي علي همت و البنات عشان الغدا.."


****************


كانت 《شيرين》 تتسطح علي مخدعها حين تفاجأت 

《بهمت》 التي اقتحمت الغرفة مغلقه الباب خلفها وهي تقول بصرامة

" اتصلي بأبوكي قوليله اني عايزة أكلمه"


انتفضت 《شيرين》 تناظرها بصدمه قبل أن تقول 

" في ايه يا ماما؟"

" نفذي اللي بقولك عليه من غير نقاش.."


تحركت 《شيرين》 الي هاتفها و تناولته وقامت بطلب رقم 《ناجي》 الذي ما أن أجاب حتي قامت 《همت》 بانتزاع الهاتف منها قائلة بجفاء

" عايزة اقابلك؟"


ارتسم المكر علي ملامحه وهو يقول بحزن مفتعل 

" ليه مش قولتيلي انك مش عايزة تشوفي وشي تاني ايه اللي حصل ؟ عايزة مني ايه "


《همت》 بحنق

" عايزة أخد حقي من الي آذاني و اتسبب في خراب بيتي …"


يتبع….


بسم الله الرحمن الرحيم 


قبل ما تقرؤا اتمني تستغفروا ١٠٠ مرة بنية ربنا ينصر اخواننا في غزه و يزيح الغمة 💔


🍓الثالث و العشرون بين غياهب الأقدار ❤️‍🩹 🍓


كلما سألته هل تحبني أجابني بأفعاله ولكن تلك المرة اشتهيت سماعه يتغني بعشقي ، و لكنه عاندني فرجل الجليد يفعل أكثر مما يتحدث و لكن في المقابل كنت أنا امرأة لا تعرف الامتثال أو الإخفاق و خاصةً حين اغدق على دلالًا لم أتذوقه بحياتي ف تخلى قلبي عن قناعته المعهودة وصار معه نهمًا لا يعرف الاكتفاء أبدًا ؛ فتدللت ك فراشه تغوي السنة اللهب كي تحرقها

" لم تخبرني سابقًا كم تُحِبُني ؟" 


سابقًا كان معجمي خاليًا من عبارات العشق الذي لم أتخيل أن يزورني يومًا إلى أن قابلتها فتغير كل شئ . والآن تتدلل لتغوي قلبًا صار يدق باسمها و ينبض بعشقها ، فتنحيت جانبًا تاركًا له العنان ليروي ظمأ احتياجها فانسابت الكلمات من بين شفتيه تعزف انغام الهوى

" لم أُحِبُك فقط . الأمر أعمق من ذلك بكثير. فأنا أحببت حياتي معك . كسرت قواعدي لأجلك . تخليت عن صمتي و صار قلبي الي جوارك ثرثارًا للحد الذي كان مُدهِشًا لي ككل شئ متعلق بكِ باتت انفاسك أكسجيني الدائم و أحضانك ملجأى الوحيد. وجودك يعني اني على قيد الحياة و غيبتك تنهي وجودى…" 


نورهان العشري ✍️


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


" عماااار "


التفت كلًا من عمار و نجمة الي 《صفوت》 الذي ترجل من سيارته و يقف بانتظاره فـ وجه أنظاره إلى تلك التي كان الحزن يغمرها كليًا و قال بصرامة

" ادخلي علي چوه و خليكِ خابره أن كلامنا لسه منتهاش.." 


لم تجيبه إنما اومأت برأسها بخنوع لم يعتاده منها و توجهت إلى الداخل وأثناء مرورها بهم استوقفها 

《صفوت》 الذي تذكر تلك الفتاة التي كانت تبكي ذلك اليوم ولا يعلم لما شعر بأنه يريد محادثتها فقال بلطف

" ازيك يا بنتي عامله ايه ؟"


لامست قلبها كلمته التي لم تسمعها بهذا الحنو يومًا فالتفتت تناظره و لأول مرة أرادت أن تخبر أحدهم بمعاناتها و ان تجيبه قائلة لست بخير ! ولكن توقفت الكلمات علي أعتاب شفتيها ولم تستطيع سوى ان تومئ برأسها و تمتمت بخفوت 

" الحمد لله"


لم تطيل و التفتت متوجهه للداخل و جاء صوت 《عمار》 القوى 

" اهلًا يا صفوت بيه.. نورتنا"


كانت نظرات 《صفوت》 تلاحقها إلى أن دخلت إلي البيت الكبير فاخفض رأسه لا يعلم ما هذا الشعور الذي يغزو قلبه ولكنه تجاهله قبل أن يجيب 《عمار》 الذي كانت نظراته مشتعلة بنيران غيرة قاتلة فقد لاحظ نظرات 《صفوت》 إليها 

" البقاء لله.. شد حيلك .."


أنهى حديثه وهو يمد يده ليصافح 《عمار》 الذي ما أن هم بالحديث حتي تفاجئ من تلك المرأة التي ترجلت من السيارة ترتدي نظارة سوداء كبيرة تخفي ملامحها ففطن إلى أنها من المحتمل أن تكون زوجته فلم يطيل بالحديث اكتفي بإجابة قاتمة 

" الدوام لله . اتفضلوا.."


" يالا يا سهام .."

مد يديه إلي زوجته التي كان من الواضح أنها مترددة كثيرًا ولكن جاءت يديه القويه لتجذبها حتى دخلت إلي المنزل 

فـ استقبلتهم 《تهاني》 مرحبة 

" اهلًا و سهلًا . نورتونا.. اتفضلوا."


حيتها 《سهام》 بتحفظ بينما حياها 《صفوت》 بحرارة 

" اهلًا يا حاجه أم ياسين . البقاء لله.. "

" الدوام لله.. "


هكذا تحدثت 《تهاني》 بحزن فشعرت 《سهام》 بالحرج و ما أن أوشكت بإطلاق عبارات التعزية حتي توقفت نظراتها علي تلك التي كانت تخرج من المطبخ و تحمل صينيه بها طعام و تصعد الدرج فضرب عقلها سيل من الذكريات التي جعلت بسمة خافته تتسلل الي شفتيها و هي غارقة بعالم آخر فلم تشعر بكلمات 《تهاني》 التي أخذت تنادي عليها بعد أن تركها 《صفوت》 برفقتها و توجه إلي مكتب 《عبد الحميد》 لتعزيته .


فجأة استفاقت من بحر ذكرياتها حين لامست يد 《تهاني》 كتفها فقالت بحرج 

" اسفه . سرحت شويه .."

" لا ولا يهمك .. تعالي نجعد چوا و اني هشيع البنات ينادوا علي حلا . بس اصل ياسين ابني كان تعبان شوي يا جلب أمه متحملش الخبر . "


هكذا تحدثت 《تهاني》 بحزن فأجابتها 《سهام》 بخفوت 

" الف سلامه عليه . البقاء لله شدي حيلك .."

اومأت 《تهاني》 برأسها و توجهت و معها 《سهام》 إلى المجلس الخاص بالحريم و ما أن جلست 《سهام》 حتي استأذنتها 《تهاني》 قائلة بذوق 

" هشيع البنات ينادوا علي حلا .. و يعملولك جهوة. بتشربيها ايه؟"

" سادة لو سمحتي.. "


توجهت 《تهاني》 الي الداخل فوجدت 《نجمة》 التي كانت تهبط الدرج فقالت 

" نچمه عايزة فنجان جهوة سادة من يدك للضيفه.. "

《نجمة》 بخفوت 

" حاضر يا حاچة ."

لاحظت 《تهاني》 حزنها فقالت باستفهام 

" مالك يا بتي ؟ زعلانه أكده ليه ؟ حوصول حاچه ولا اي؟"


احتارت كيف تشكو حزنها الذي لم يتفهمه أحد غيرها لذا قالت بخفوت 

" لا مفيش حاچة.. اني بس كنت عايزة اطلب منك طلب لو مش هتجل عليكِ؟"

" اطلبي يا بتي لو في مجدرتي هعمله."

《نجمة》 بامتنان 

" تعيشي يا حاچة. اني كت عايزة ارچع اشتغل في الزريبة من تاني . و سايجه عليكِ النبي ما تسأليني ليه . "


اندهشت 《تهاني》 من طلبها الغريب و لكنها لم تكن في وضع يسمح لها بالسؤال فيكفيها ما تعانيه لذا قالت برفق

" اللي تحبيه يا بتي .  ولو اني مستغربة بس علي راحتك.. اعملي الجهوة و دخليها للضيفه واني هطلع اطمن علي ياسين . وابجي روحي كملي شغلك هناك.."


اومأت 《نجمة》 بامتنان تجلي في نبرتها حين قالت 

" تسلمي وتعيشي يا حاچه . عن اذنك .."

أنهت حديثها و توجهت للمطبخ بينما صعدت 《تهاني》 الدرج في طريقها الى غرفة 《ياسين》 ..


****************


بأيدًا مرتعشة كانت تحمل الصينيه لتضعها على الطاولة فهي منذ البارحة تجلس بجانبه تخشي أن تغفو عينيها و ترتفع حرارته من جديد فقد انخفضت بأعجوبة بعد أن أعطاه الطبيب العقاقير و المحاليل المغذية و طمأنهم بأنه عندما يستيقظ في اليوم التالي سيكون بخير و بالفعل فهو استيقظ منذ لحظات بعد ليله عصيبة قضاها غارق في هلوسات لم تفهم منها شئ ولكن يبدو اليوم وكأنه استعاد وعيه ولكن هل يتذكر شئ مما حدث البارحة ؟ 

" الساعه كام ؟"

هكذا تحدث بصوت متحشرج فأجابته بنبرة قائمة مختصرة 

" اتناشر ونص.."


وضع يديه فوق جبهته فقد كان الصداع و كأنه يقيم احتفالًا صاخبًا برأسه فـ أراحها علي الوسادة أسفله وهو يقول بخشونة

" انا نمت كل دا؟"

ارتفع أحدي حاجبيها قبل أن تقول باختصار وهي تجلب ادويته 

" تخيل !"


شعر بخطب ما في لهجتها و عينيها التي بدت جامدة

 فـ احتار ماذا حدث ولكن حيرته لم تدم فقد استعاد بعضًا من ذاكرته لـ مشاهد بدت مشوشة و لكن هناك جملة استقرت في قلبه لم يستطيع نسيانها وهي تتوسله قائلة 

" بلاش يا ياسين متخلينيش اكرهك.."


زفر بقوة و شعر بغضب يتعاظم بداخله وهو يتخيل حجم الجريمة التي كان علي وشك ارتكابها والتي كانت ستكبده خسائر فادحة أولها هي !

" يالا عشان تفطر و تاخد دواك ."

هكذا تحدثت وعيناها تنظران في كل الأماكن ما عداه ففطن إلى مقدار غضبها منه فقال بلهجة خشنة

" مش هتفطري معايا ؟"


" لا مش جعانه .."

هكذا أجابته باختصار فقال بفظاظة

" اركني الفطار و هاتي الدوا "


توجهت انظارها إليه بغضب تجلي في نبرتها حين قالت 

" مينفعش . لازم تفطر عشان تعرف تاخد الدوا . انت بقالك يومين مكلتش .."


كان اهتمامًا يغلفه الغضب مما جعله يقع فريسة بين أنياب الندم لما كان علي وشك أن يفعله بها ولكن حالته الصحية و النفسية كانت في اقسي درجات السوء 

" مانا مش هفطر لوحدي. و طبعًا مش هقدر انزل افطر معاهم تحت عشان تعبان . "


اغتاظت من حديثه الذي يحمل الكثير من الصدق و ابتلعت غضبها الحارق و قامت بحمل الصينيه و وضعها علي الفراش وهي تقول بجفاء

" حركات العيال الصغيرة دي مابحبهاش.. اتفضل يلا عشان تفطر .."


تفاجئت حين قام بحمل الصينيه و وضعها علي الجانب الآخر من السرير و مد يديه إليها قائلًا بخفوت 

" تعالي .."


تعثرت نبضات قلبها وهي تري دعوته التي جاءت بطريقة مُربكة فـ عينيه كانت تحمل نظرات خاصة هل كانت اعتذار ؟ لا تعلم ولكن لهجته دغدغت مشاعرها وخاصةً حين أردف بخشونة

" متفكريش كتير يا حلا و تعالي . انا تعبان مش قادر اناهد "

 حاولت التحلي بشجاعتها قدر الإمكان و قامت بالجلوس علي جانب السرير علي مسافة منه فـ لون الامتعاض ملامحه و قام بالتململ في نومته و حاول الاعتدال وهو يمد يديه لتعديل الوسادة خلفه و لكنه فشل فزفر بحنق فتقدمت بعفويه وهي تحاول تعديلها بشكل يكن مريحًا له فتفاجئت بيديه اللتين طوقت خصرها و شعرت بحزمة من الوخزات الموترة تجتاح جسدها حين سمعت صوته العابث وهو يقول 

" لازم اضحك عليكِ عشان تقربي يعني! مينفعش تيجي من نفسك.."


أيقنت بأنها وقعت في شباكه التي نصبها و ساعده في ذلك قلبها الغبي الذي يندفع إليه دائمًا ولهذا تجاهلت النظر في عينيه التي كانت تحاوطها بشكل مثير و مُربِك في آن واحد فادارت وجهها الي الجهة الأخرى وهي تحاول صبغ صوتها بالحدة حين قالت 

" ياسين لو سمحت سيبني !"

" مش قبل ما نتكلم. "

" قول اللي عندك.."


هكذا تحدثت بجفاء يتخلله الارتباك جراء قربها منه بهذا الشكل فتابع عبثه حين قال بخفوت 

" مبعرفش اتكلم مع حد غير وانا عيني في عينه . بصيلي .."


زفرت بغضب كان ستارًا يحجب ضعفها أمامه والذي بدأ يسري كالمخدر في أوصالها ولكنها حاولت التحلي بالشجاعة و النظر إليه قائلة 

" ممكن تسبني لو سمحت . "

اسكتتها كلماته التي لم تكن تتوقعها أبدًا 

" انا أسف .. حقك عليا .. "


تجمدت بين ذراعيه للحظات استغلها هو و قام بوضع قبله رقيقه فوق جبهتها ثم عاود النظر الي عينيها لثوان قبل أن يقرب رأسه و يسند جبهته علي مقدمة صدرها مطلقًا زفرة قويه أحرقت بشرتها كما احرقتها كلماته المعذبة حين قال 

" معرفش عملت كده ازاي. بس انا كنت في أسوأ حالاتي . حسيت جوايا نار عماله تاكل فيا و كنت عايز اطفيها بأي شكل.. "


لم تكن يومًا ضعيفه بل كانت قويه بنكهه غاضبة لطالما كان طريق الغفران شائكًا لهذا لم تكن تتبعه ولكن الآن اختلف كل شئ فقد وجدت ذراعيها تلتف حول عنقه بحنو لم تعهده مسبقًجا ولا تعلم من أي جهة تسرب إلى قلبها الذي كان يسيرها كـ المنومة مغناطيسيًا لا تملك زمام أمرها لـ تردعه عن التفاعل مع ذلك الذي ما أن شعر بذراعيها تحاوطه حتي اشتدت يده حول خصرها وهو يلثم موضع نبضها الذي ازدادت دقاته بدرجه جنونيه فكان وكأنه يمتص ارتباكه الناتج عن قربه منها و بنبرة متحشرجة خاطبها 

" اوعدك اللي حصل دا مش هيتكرر تاني .. و عمرى ما هقرب منك تاني غير برضاكِ .."


كان الأمر مروعًا بالنسبة لها فقد اختلط الشعور بداخلها من ارتباك و إثارة وخجل لون خديها فبدت كـ الفاكهه الشهيه التي حرمها للتو علي نفسه التي اشتهتها الآن بقوة فتابع بصوت تغلغل إلى داخلها محدثًا زوبعة أخرى من المشاعر 

" لسه زعلانه مني ؟"


لم تجد بداخلها أي قدرة علي الحديث فهزت رأسها نفيًا فلم تروي ظمأ شوقه إليها فقال بنبرة شغوفة 

" عينيكِ بتقول انك لسه زعلانه . وانا مقدرش علي زعلهم . "

قرب رأسه منها فاختلطت الأنفاس و تعانقت النظرات و اخترق صوته جدران ثباتها الواهي حين أردف 

" ممكن اصالحهم ؟"


كان استفهامًا يضعها في مأزق فهي تشتهي قربه دون أن تعلن عن ذلك . تريد الحفاظ علي كبريائها أمامه وبنفس اللحظة تموت شوقًا أمام عينيه التي أسرتها وهكذا اشتعلت حرب الكبرياء و الشوق و لكن خرج الأخير منتصراً فانفلتت الحروف من بين شفتيها بنبرة تكاد تكون مسموعه

" ممكن.."


لم تكن تنهي كلمتها حتي ابتلع باقي حروفها بجوفه وأخذ ينهل من بحور العسل المذاب فوق شفتيها بضراوة و داخله يلعن نفسه لكونه حرم جنتها عليه مشترطًا رضاها المرهون بجنون أفعالها فكيف يقاوم شوقه و عشقه في آن واحد ؟ كيف يمنع نفسه عن تلك المشاعر الموقوتة التي تتفجر بداخله حين يصبح قريب منها ؟ أخذ يقربها منه اكثر و يديه تحتويها بقوة بينما واصل قطف ثمار ثغرها بـ نهم مانعًا حتى ذرات الهواء من المرور الي رئتيها التي كادت أن تنفجر من فرط ضغطه عليها فشعرت بـ أنها على شفير الهلاك بين ذراعيه حتي أنها استندت بكامل ثقلها فوقه و كان هذا أكثر من محبب إليه ولكن هدوئها جعله يدرك بأنه على وشك إزهاق روحها عشقًا فتركها علي مضض وتفاجئ حين وجد وجهها يكاد ينفجر من فرط احمراره و صدرها الذي أخذ يعلو و يهبط ساحبًا أكبر قدر من الهواء إلى داخل رئتيها فخرج صوته متلهفًا حين قال 

" أنتِ كويسه؟"

" انت مجنون ؟"


هكذا خرج صوتها مبحوحًا بينما عينيها تعكسان نظرات تحمل الغضب و الرغبة معًا فجاء صوته عابثًا حين أجابها 

" معلش الحرمان وحش ! "


أفلتت من بين براثنه و قالت بارتباك 

"حر.. حرمان ايه ؟ "

طافت عينيه عليها بنظرة ذات مغزى شملتها من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها قبل أن يقول ساخرًا

" اسألى نفسك .." 


لم تكد تجيبه حتي سمعت طرقًا علي الباب الذي أطلت منه 《تهاني》 بعدما قامت 《حلا》 بالسماح للطارق بالدخول …


****************


تجمعت العائلة لأول مرة منذ وقت طويل علي طاولة الغذاء و قد كان جمعًا مختلفًا خاصةً علي قلبه فقد قامت حبيبته بالإشراف علي كل شئ يدور بالمنزل حتي انواع الطعام المُعد علي الغداء و قد كانت تدور بكافة أرجاء المنزل أمام أعينه كالفراشة التي تشتهي ألسنة اللهب اختطافها و الاحتراق معها بعيد عن الأعين ولكن للأسف مُحتم عليه الإنتظار حتي ينتهي من أعماله 

" الأكل له طعم تاني النهاردة يا فرح.. تسلم ايدك"


هكذا تحدثت 《أمينة》 وهي تنظر إلي 《فرح》 التي تورد خديها خجلًا لإطراء 《امينة》 عليها أمام العائلة بأكملها 

" بالف هنا يا ماما . انا معملتش غير حاجات بسيطة.. و داده نعمه هي اللي كملت"


" كفايه وقفتك .. فكرتيني بنفسي وانا قدك كده كنت أقف اشرف علي كل حاجه بنفسي و كان عمك الحاج الله يرحمه يقولي الأكل له طعم تاني يا أمينة.."


تدخل 《مروان》 ساخرًا 

" طبعًا كان بيشتغلك يا مرات عمي. هو لما تقفي عالاكل وهو بيتعمل طعمه هيتغير يعني ! انا لو من داده نعمه اسيبلكوا البيت و امشي . ايه الظلم دا." 


ناظرته 《أمينة》 شذرًا وقالت بتقريع

" ليه فاكره نصاب زيك . وبعدين النفس الحلو بيبان لو حتي قليت بيضة .. و فرح نفسها ما شاء الله عليه .."

أجابها 《مروان》 بمزاحه المعهود

و مين يشهد للعروسه . الله يباركلك يا فرح تناوليني ورك فرخه من اللي قدامك دا . "


ناظره 《سالم》 بوعيد تجلي في نبرته حين قال 

" بص في طبقك يا مروان احسنلك .."


عانده بسخط

" معلش يا بوص اصله شكله مغري بصراحة. ولا انت بيتعملك حاجات اسبيشيال؟"

كان محقًا فهي قامت بتحضير تلك الأكله حين علمت بأنه يحبها وقد أخبرتها والدته بذلك فغضب من 《مروان》 لإصراره علي تذوقها فقال بتحذير

" اه بيتعملي حاجات اسبيشيال. عندك اعتراض ؟"


《مروان》 بسخط 

" لا انا اكيد معنديش انا يهمني صحتك مانت الكبير بردو ."

انهي جملته و اقترب من أذن 《أمينة》 قائلًا بخفوت 

" الحقي يا مرات عمي دا شكله هيحب اكل فرح اكتر من أكلك ."


《أمينة》 بنفي

" لا طبعًا بتقول ايه يا واد انت؟ دا عمره ما يستطعم اكل حد غير اكلي "

《مروان》 بإصرار 

" ازاي إذا كنتِ أنتِ نفسك عماله تشكريله في أكلها .. بصي أنتِ مش عاجباني يامرات عمي . و هتعرينا وسط الحموات . لينا قاعدة بعد الغدا.."


وصل حديثه الي مسامع 《سليم》 الذي كان يجلس علي مقربه منه فنظر الي أخيه قائلًا بخفوت 

" بيسلط امك عليك .."


انكمشت ملامح 《سالم》 بغضب وصاح بلهجة فظة 

" لو سمعت صوتك تاني هخليك تقوم تاكل في المطبخ .. " 

" ليه يعني هو انا عملت ايه بلاش اكلم مرات عمي اللي زي امي ولا عشان انا لوحدي هنا هتدهوسوا عليا ؟ عاجبك يا مرات عمي .."


تأثرت 《أمينة》 لحديثه فنظرت إلي 《سالم》 قائلة 

" لا طبعًا مش عاجبني . ايه يا سالم الواد بيتكلم معايا متجيش عليه كدا . هو احنا عندنا كام مروان يعني ؟"

أجابها 《سليم》 بسخط 

" واحد و الحمد لله و إلا كان زمان الواحد مات مجلوط.."


 أشار 《مروان》 علي 《جنة》 التي كانت تجلس بجانب 《سليم》 في مواجهته فاقتربت لتسمع حديثه حين قال 

" شايفه سلومه الاقرع جوزك بيقول عليا ايه ؟ عشان تعرفي انه غيران مني .."


لم تفلح في كبت ابتسامتها فتدخل 《سليم》 غاضبًا

" بتقولها ايه يا زفت انت ؟"


أشار 《مروان》 إليها بمعني ارأيتي فالتفتت إلي 《سليم》 قائله بغضب 

" علي فكرة بقي مروان دا اللي مخلي البيت له طعم.. متزعلهوش لو سمحت.."


برقت عينيه حين رآها تدافع عنه و تعاظم الحنق بداخله فعض علي شفتيه يكاد يدميها فجاءه صوت 《مروان 》الذي قال ببراءة 

" حبيبتي والله يا جنة. مش عارف من غيري كنتوا هتعملوا ايه في البيت الكئيب دا"


اجابه 《سالم》 بفظاظة

" كان زمانا مرتاحين 

تدخلت 《فرح》 قائلة بصدق

" لا حرام يا سالم . دا مروان سكر و دمه خفيف خالص . "

تجمد بمكانه حين سمع حديثها فالتفت يناظرها بصدمه تحولت إلي وعيد و خاصةً حين وجد تلك النظرات المتشفيه من جانب 《مروان》 الذي قال بتهليل 

" اللهم صلي علي النبي . مرات الكبير قالتها . مروان سكر و دمه خفيف . باااس انا كدا اخدت حصانه.. الهي ما اتحرم منك يا اميرة يا بنت الأمرا.."


ألقت 《فرح》 نظرات تحذيرية إليه ولكنه لم يفهم و تفاجئ بسما التي كان وجهها لا يفسر وهي تتراجع بكرسيها إلي الخلف وهي تقول 

" الحمد لله شبعت .."


برقت عينيه و هو يناظرها تخرج من الغرفة فالتفتت ليصطدم بنظرات الشماته تغلف عيني كلًا من 《سليم》 و 《سالم》 الذي تراجع بكرسيه للخلف وهو يناظرها بنظرة ذات معنى و من ثم توجه إلي الخارج فالتفتت إلي 《مروان》 قائلة بتقريع

" عارف انت لسانك دا عايز قصه .."


" عارف . "

قالها بحسرة بعد ما شاهد رد فعل 《سما《 و ما أن هم بالنهوض حتي رأي 《طارق》 الذي دخل الغرفة للتو مرحبًا بالجميع 

" مساء الخير . بالهنا و الشفا .."

اجابه الجميع وأضافت 《أمينة》

" تعالي يا طارق عشان تاكل و اعمل حسابك أن الأكل له ميعاد متتأخرش تاني "


هكذا قالت موجهه حديثها إلي 《همت》 و 《شيرين》 بعد أن رأتهم يتوجهون إلى الطاولة فتدخلت 《همت《 بجفاء 

" اللي قاعد في بيته ياكل وقت ما يحب . مفيش قوانين هنا…"


استمهلت 《أمينة》 نفسها قبل أن تجيبها بهدوء

" دي مش قوانين ياهمت بس اتعودنا من زمان أننا بنتجمع كلنا عالاكل سوي . عيلة واحدة . ولا نسيتي .."

《همت》 بوجوم

" مبنساش حاجه يا أمينة اطمني. كل حاجه محفورة جوايا.. و خصوصًا اللي تخص العيلة .."


جلس 《طارق》 بجانب 《مروان》 الذي قال بجانب أذنه بصوت خافت 

" اقعد . هيفوتك كتير . مصارعه المحترفين هتبدأ دلوقتي.."

" هما مالهم بقوا عاملين كدا ليه؟"

هكذا استفهم 《طارق》 فأجابه 《مروان》 ساخرًا

" هما لسه معملوش دا استعراض قوات . اصبر دلوقتي هتلاقي عمتك انقضت علي مرات عمك و عملت فيها فنش اندر تيكر . "


عنفه 《طارق》 قائلًا 

" بطل هيافه . "

" هما لحقوا يقسوك علي اخوك يا طارق . "

هكذا تحدث 《مروان》 بطريقه مسرحيه فناظره 《طارق》 بنفاذ صبر فهب الآخر من مكانه قائلًا بسخرية

" للأسف مضطر احرمكوا من وجودي لأني شبعت … اقعدوا بالعافيه.."


قالها وهو يحاول قمع ضحكاته بصعوبة من مظهر كلًا من 《أمينة》 و 《همت》 التي قالت بسخط 

" في داهيه.."


" سمعتك يا عمتي. سمعتك .و قاعد علي قلبك . "

هكذا قالها 《مروان》 وهو يناظر 《همت》 باستفزاز تجاهلته الأخيرة بسخط تحول الي 《فرح》 التي هبت من مكانها قائلة 

" انا كمان شبعت عن اذنكوا.."


ما أن غادرت 《فرح》 حتي تفاجئ الجميع من حديث 《شيرين》 حين نظرت إلي 《جنة》 قائلة 

" شكلك حلو بعد ما قصيتي شعرك . كدا احلي كتير .."


بحثت 《جنة》 في ملامحها لترى أي بادرة سخرية قد تكون قاتلة لها ولكن لدهشتها بدت صادقة فقالت بتحفظ 

" شكرًا .." 


امتدت يد 《سليم》 تحاوط كفوف《 جنة》 وهو يقول بصوت يشوبه الجفاء 

" لو خلصتي اكل يالا نقوم عشان ترتاحي شويه .."

" اه خلصت يلا…"


خرج كلًا من 《سليم》 و 《جنة》 و تبعتهم 《أمينة》 التي قالت بسخرية 

" بألف هنا انتوا. احنا قاعدين من بدري "

لم يجيبها أحد و بعد أن غادرت التفتت 《همت》 الي 《طارق》 قائله

" شفت اللي بيحصل في البيت يا طارق . بقيت غريبة في بيت أبويا .."


" أنتِ مش غريبه يا عمتي . أنتِ ليكِ هنا زي ما ليهم بالظبط.. الي يعاملك علي انك غريبه عامليه نفس المعاملة.."

تركت 《همت》 الملعقة من يدها و قالت بحزن

" انا ماليش نفس . عايزة أخرج اشم هوا."


" ماما طب ممكن تستني شويه أنا لسه تعبانه و مش قادرة اخرج ."

هكذا تحدثت 《شيرين》 فأجابتها 《همت》 بجفاء 

" انا مش عيلة صغيرة . هتخافِ عليا أخرج لوحدي.. خليكِ أنتِ انا هلف شوية في البلد و ارجع .."


أنهت كلماتها و توجهت الي الخارج و ما أن استقلت عربية الأجرة حتي أمسكت هاتفها تجري مكالمه 

" انا خرجت دلوقتي. و قدامي بالكتير ربع ساعه و اوصل ."


******************


في الداخل كانت تأكل بصمت لا يخترقه سوى صوت المعالق التي كانت تتخبط بين جدران الصحون محدثه جلبه بسيطه ولكن كانت الجلبة الكبيرة في قلبها التي ازدادت دقاته حين سمعت حديثه الذي اخترق آذانها 

" ليه بتعملي في نفسك كده ؟"


صدمها حديثه فرفعت انظارها لـ تشتبك مع نظراته التي كانت تنفذ إلى أعماقها بقوة جعلتها تهرب و هي تنظر إلي الأمام قائلة بلامبالاة

" تقصد ايه مش فاهمه ؟"

" انا شفتك و أنتِ بتاخدي الحبوب . معتقدش انك كنتِ عايزة تموتي نفسك.. يبقي ليه خدتيها؟"


ارتبكت للحد الذي جعل الملعقة تسقط من يدها قبل أن تحاول ازدراد ريقها وتقول بنبرة مرتبكة

"  انت بتقول ايه ؟ حبوب ايه ؟ ايه الكلام الفارغ دا ؟"


شوهت ابتسامه ساخره ملامحه الوسيمة و أطلت نظرة قاسية من عينيه حين قال بخشونة

" هو كلام فارغ فعلًا . بس الأكيد أنه حقيقي . و اتمنى يكون ليه تفسير قوي . و متحاوليش تهربي من الإجابة عشان مش هتعرفي.."


لم يكن أمامها حلًا سوي الظهور بمظهر القوى للهروب من هذا الذئب الذي اخترقتّ نظراته جلدها الرقيق فالتفتت تناظره بغضب تجلي في نبرتها حين قالت 

" مش مضطرة ابرر لك حاجه ولا اتناقش في الأوهام اللي في دماغك .."


أنهت جملتها وهمت بالمغادرة فامتدت يديه القوية تقبض على معصمها لتثبتها بمكانها وهو يقترب منها قائلاً بهسيس

" و معتقدش بردو أن الحب واجع قلبك للدرجة اللي بتحاولي تظهريها دي . بتعملي كده ليه ؟" 


صعقتها فعلته ولكن نظراته جمدتها بمكانها للحظات قبل أن تحاول نزع يدها من بين قبضته الغير رحيمة وهي تقول بغضب 

" سيب ايدي . وبطل جنان . و بعدين مسمحلكش تتدخل في اللي يخصني .." 


《طارق》 بفظاظة

" ومين قالك اني مستني منك إذن.. ولا أنتِ بتعملي كدا عشان كلامي وجعك .. "

《شيرين》 بوقاحه 

" أنت وكلامك علي جزمتي.."

علي عكس ما توقعت فبدل من أن يغضب ابتسم ساخرًا قبل أن يجيبها بخشونة

" لسه لسانك طويل . ايوا كدا ارجعي شيرين اللي اعرفها . انما التانيه المجروحه دي مش لايقه عليكِ.. "


《شيرين》 باستفهام 

" و مين قالك اني مش مجروحه ؟ دخلت جوايا و شفت قلبي "

" دخلت !"

" لا يا شيخ ! "


" متنسيش اني عشت سنين كتير بره و هناك الحب مبيدارآش يعني اقدر اعرف من عنيكِ إذا كنتِ فعلًا بتحبي ولا لا ؟"


هكذا تحدث بثقة جعلت ثباتها يهتز ولكنها حاولت الصمود أمامه قائلة بسخرية 

"و إنت بقي جاي تطبق نظريات بره علينا هنا . "

" متهربيش من أسألتي . بتقللي من نفسك و تهينيها بالشكل دا ليه ؟"


حاولت الإفلات من بين براثنه فلم تفلح مما جعل الغضب يتعاظم بداخلها فصاحت مكشره عن أنيابها

" مش هجاوبك علي حاجه و بقك اللي بينقط قذارة دا ميتكلمش عني تاني .."


لمعت عينيه بوميض خطر و قام بالعض علي شفتيه السفلية بوعيد تجلي في نبرته حين قال 

" ايه رأيك بقي اما ادوقك قذارته اللي بجد !" 


لم تفطن الي ما يقصده ولكنها تفاجأت حين جذبها بقوة و مختطفًا ثغرها بقبلة كانت ضارية للحد الذي أطاح بكامل ثباتها حتي أنها لم تقدر علي المقاومة ولم تعرف أكان السبب صدمتها ام انها استمتعت بتلك الزوبعة من المشاعر التي أثارها بها ؟ و خاصةً حين اخذ يتعمق بداخلها أكثر قاصدًا عقابها ولكن لدهشته فقد وجد نفسه مستمتعًا للحد الذي جعله يأخذ منحني آخر أكثر رقة معها متناسيًا كل شئ حوله فمرت ثوان وهو غارق معها بشئ لا يعرف كنهه ولم يختبره مسبقًا بينما زاده خضوعها إشتهاء لتقريبها منه أكثر و فجأة دق ناقوس الخطر بعقلها فما الذي يحدث ؟ و كيف هي مستسلمه له هكذا ؟ دفعته بقوة وقد ارتسم غضب جحيمي في عينيها فقامت برفع كفها تنوي صفعة فإذا بيده تقبض علي معصمها بقوة جذبتها لتلتّصق به للحد الذي اختلطت انفاسهم فـ أحرقها لهيب ثاني أكسيد الشغف الذي ولدته قبلتها بداخله والذي تجلى في نظراته التي شملتها بقوة قبل أن يقول بتحذير خطر 

" اياكِ تفكري تعملي كده مرة تانية!"


كان متفوقًا عليها بكل شئ و الاهم من ذلك هو أنه جعلها تختبر مشاعر جارفه لم تتذوقها يومًا و كأنه بفعلته أزال الستار عن جرحًا كبير كان يتوسط قلبها نافضًا غبار التجاهل عن حرمان عظيمَ لطالما شعرت به و لا تعلم ما السبب ولكنها وجدت العبرات تتقاذف من مقلتيها كاشفة عن زيف قناع الجمود الذي تختبئ خلفه بقايا حطام إمرأة لم تعرف الراحة يومًا

ازهلته عبراتها التي بدت صادقة و ألمها الذي لون معالمها و اغتال ملامحها الجميلة و لم يمانع حين سحبت يديها من قبضته وهي تقول بانهيار 

" حقير .."

أنهت جملتها و هرولت إلي خارج الغرفة ..


**************


طافت انظارها علي الغرفة التي تحمل الطابع الصعيدي الجميل و المريح في آن واحد ولكن لازال داخلها طنين لا يهدأ تحاول الهروب منه ولكنه يتغلب عليها . شعور الفقد و الخسارة لا يعادله اي شئ في العالم و هي أكثر من تذوقه .

" اتفضلي يا ست هانم .."


هكذا تحدثت 《نجمة》 الي 《سهام》 التي كانت غارقة بأحزانها 

ف جذب انتباهها ذلك الصوت الذي بدأ مالوفًا لها فالتفتت لتجد تلك الفتاة التي ذكرتها ب والدتها الراحلة فقد كانت تملك تلك العينين الواسعتين بلونهما العسلي الذي يشبه لون عيني الريم ب جمالهما . مما جعل الابتسامه تغزو ملامحها وهي تناظرها و مدت يدها تمسك فنجان القهوة حين خرج صوتها مبحوحًا حين قالت 

" اسمك ايه ؟"


لا تعلم لما رق قلبها لتلك السيدة التي تبدو وكأنها غارقة في الحزن حتي أذنيها مثلها تمامًا .

" نچمة.."


ما أن قامت 《نجمة》 بلفظ اسمها حتي سقط الكوب من يدي 《سهام》 و تناثرت محتوياته علي ملابسها و علي الأرضيه التي أصدرت صوتا جراء سقوطه و تحطمه فوقها فصرخت 《نجمة 》بذعر 

" حاسبي يا ست هانم.."

لم تتفوه 《سهام》 بشئ بينما اتي صوت غاضب خلفهم 

" حوصول ايه ؟ مش تحاسبي يا نچمة . حرجتي الست هانم . أجرى هاتي فوطه بسرعة."

" والله ما كنت اجصد يا ست تهاني . وجع منيها هي والله . " 

هكذا تحدثت 《نجمة》 بذعر تزامنًا مع دخول 《صفوت》 وبجانبه كلًا من 《عمار》 و 《عبد الحميد》 الذي قال مستفهمًا 

" حوصول ايه ؟ "


ارتبكت 《نجمة》 و هبطت عبراتها رعبًا من رؤيته فتدخلت 《تهاني》 قائلة برفق

" مفيش يا أبا الحاچ دي الجهوة وجعت من يدها غصب عنيها."


ما أن سمع 《صفوت》 حديثها حتي هرول الي 《سهام》 التي كانت عينيها معلقة علي تلك التي كان جسدها يرتجف و خاصةً حين عنفها 《عبد الحميد》 قائلًا

" مش تحاسبي يا مخبلة أنتِ ؟"

" والله ما كنت اجصد .."


هاله حزنها كثيرًا للحد الذي جعل الكلمات تخرج من فمه رغمًا عنه

" خلاص يا چدي اكيد يعني مكنتش تجصد. الحوادث دي بتحصل عادي .."


هكذا تحدث 《عمار》 فقال 《صفوت》 محاولًا تهدئه الموقف 

" محصلش حاجه يا حاج عبد الحميد .. متخافيش يا بنتي . محصلش حاجه ."


قال جملته الأخيرة وهو ينظر إلي 《نجمة》 بطمأنة و قد اخترقت كلمته عقل 《سهام》 التي رددت خلفه بخفوت 

" بنتي ! "


لم يتحمل جسدها كم المشاعر التي اجتاحته في تلك اللحظة و فقدت الوعي بين أحضان 《صفوت》 الذي صاح برعب 

" سهااام.."

اندفع الجميع تجاهها فصرخ 《عبد الحميد》 علي 《نجمة》 بغضب

" عاچبك أكده ؟ اخفي روحي چيبي بصلة و لا كالونيا نفوچوها.."


حين سمعت حديث 《عبد الحميد》 هرولت للخارج باكية فانفجرت براكين غضبه و التفت خلفها فيما امتدت يديه تقبض علي رسغها  قائلًا  بخشونة 

" وجفي اهنه . "

" عايز مني ايه سيبني .."

هكذا تحدثت من بين انهيارها. مما جعل طوفان من الألم يجتاح قلبه حين رأي حزنها فرقت نبرته حين قال 

" كل ده بكي ؟ ليه يعني حوصول ايه ؟" 

" ولا حاچة . يارب تكون مبسوط دلوق واني كل شويه كرامتي تتهان في دوارك مش ده اللي انت عايزه ؟"


صدمه حديثها و نظراتها المعذبه فقال ينفي قلبه بشاعه اتهامها 

" لاه مش دا اللي انا عايزه . كيف بتفكري أكده ؟"

" اسأل نفسك . اني بفكر أكده من فراغ؟ ول أمن عمايلك معاي.."


كانت محقة للحد الذي جعله يعنف نفسه بشدة هاي ما ارتكبه من حماقات بحقها لذا قال بلهجه تحمل الألم و الندم معًا

" حجك عليا.."


تفاجئت من كلمته التي لم تكن تتوقعها و زاد اندهاشها حين رأت نظراته التي كانت حانية بدرجة لم تعهدها منه مما جعل الخوف يتسرب الي قلبها ف تراجعت عنه قائلة 

" هروح أچيب الكالونيا.. "

اوشكت علي المغادرة ف أوقفتها يده التي امتدت تمسك برسغها مرة أخرى وهو يقول بلهفه غير مسبوقة منه 

" بتهروبي مني ليه ؟"


تضاعف ارتباكها حين أجابته 

" و اني ههروب منيك ليه ؟ "

شعر بتهوره فقال مصححًا الأوضاع

" اني اجصد اني معايزكيش تكوني شايله مني بسبب اللي حوصول جبل أكده . يعني نتعاملو عادي . "

" منتعاملوش اصلًا يكون احسن .."


هكذا خرجت الكلمات منها باندفاع مما جعله يكظم غيظه بصعوبة منها و من نفسه فصاح غاضبًا 

" هو أحسن فعلًا .. غوري من وشي .."

انهي جملته و عاود إدراجه للداخل فخرجت كلماتها حانقه 

" چاك غوره تاخدك .."


في الداخل قام 《صفوت》 بحمل 《سهام》 التي علقت بين النوم واليقظة فلم تعد تدرك ما يحدث حولها و قال معتذرًا 

" انا آسف يا جماعه . سهام أصلها تعبانه شويه .و احنا لازم نمشي "

" طب مش تستنوا اللول لما تفوج و تشوف حلا زمانها نازله دلوق"


هكذا تحدثت 《تهاني》 فقال 《صفوت》 بحرج

" وقت تاني يا حاجه الحاله دي لما بتجيلها بتقعد فترة علي ما تفوق . و ان شاء الله حلا ليها زيارة تانيه قريب اوي . عن اذنكوا"

" اذنك معاك يا سيادة اللوا .. شرفت و نورت .."

هكذا تحدث 《عبد الحميد》 فشكره 《صفوت》 الذي حمل زوجته ليضعها في السيارة التي استقلها و غادر مسرعًا


" كله من البجرة اللي چوا دي .. الغبية دي معدتش تخدم اهنه واصل ."

هكذا تحدث 《عبد الحميد》 غاضبًا فصاح 《عمار》 مستنكرا تحامله عليها 

" ايه يا چدي اللي بتجوله ده ؟ هي كانت عملت ايه ؟ ولا الجهوة هي اللي خلتها غميت يعني ؟ " 


تدخلت 《تهاني》 في الحديث قائلة

" عمار عنديه حج . الست يا حبة عيني حالتها متسرش من يوم ما ضاعت بتها منيها.. دي كانت مبتخرجش واصل اني حتي مصدجتش لما شفتها داخله معاه من الباب .."


عبد الحميد بفظاظة

" الله يصبرهم .. و انت تعالي وراي .."

هكذا وجه حديثه الي 《عمار》 الذي كانت عينيه تنظران إلي الخلف عله يلمحها بأحد الزوايا ولكنها لم تظهر . يعلم بأن ما يحدث درب من درب الجنون فشعوره بها غريب يوازي غرابه تصرفاته بقربها و إن لم ينتبه فسيغرق في الوحل أكثر


*************


الأمان يعني عينيك التي اسرتني وانتشلتني من بحور الظلام الي نورًا أضاء عتمتي و بدل عالمي الرمادي إلى آخر مزدهر فاندثرت سحبي و انقشعت غيمات الحزن بداخلي و أضحي كوني صافيًا و سمائي متلألئة بنور وجودك.


نورهان العشري ✍️


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


" و انت شايف ايه يامتر ؟ "

" والله يا سالم بيه انا حاسس ان الولد دا مظلوم . و كمان اختفاء أهل البنت بالطريقه دي خصوصًا بعد ما وعدتهم انك متبنيها و متكفل بيهم يؤكد لي أن في حاجه مش مظبوطه.."


زفر 《سالم》 أنفاسه العالقة بصدره دفعة واحدة قبل أن يقول بفظاظة

" عايزك تجيبهملي من تحت الارض .و كمان عايزك تتولي الدفاع عن عدى انا زيك متأكد أنه معملش كدا . "


" اللي تشوفه يا سالم بيه . طب هتعمل ايه في الموضوع التاني يعني هتسيب الأمور كدا ؟"

《سالم》 بجفاء 

" خليه يفكر أنه مغفلني و يلعب براحته .انا عارف هضربه فين و امتا.. و عمومًا انا نازل القاهرة النهاردة عشان احضر التحقيق بتاع عدى و هناك نتكلم .."


انهي حديثه تزامنًا مع دخول 《فرح》 الغرفة وهي تحمل كوب القهوة و تتوجه إليه فأغلق الهاتف يناظرها بتوعد تجلي في نبرته حين قال 

" متفكريش انك كدا بتثبتيني ؟" 


اتسعت ابتسامتها وقالت برقة 

" أبدًا أبدًا هو حد يقدر يثبت سالم بيه الوزان .."


《سالم》 بسخرية

" للأسف بقي فيه .."

وضعت قدح القهوة أمامه وهي تقول برقة 

" عملتهالك بأيدي علي فكرة .."


كانت ملامحها مختلفة كليًا عما سبق تضيئها بهجة اضفت جمالًا أخاذ علي تقاسيمها و أيضًا لمعة عينيها التي تشع كما لو أنها طفلة في الثامنه عشر من عمرها إضافة إلي بسمتها الخلابة التي أسرته فـ أصيب بلعنة الاشتهاء التي جعلته يشير برأسه إليها حتي تأتي إليه فقالت بدلال

" معلش يا سالم ورايا حاجات كتير مع ماما أمينة ف هضطر اسيبك بقي .."


بلهجة خشنة تحمل طابع التهديد و العبث معًا أجابها

" فرح احسنلك تعالي . متخلنيش اقوملك.."

" لا و على ايه متتعبش نفسك .."

هكذا تحدثت وهي تخطو بدلال الي حيث يجلس و ما أن وصلت إلي مرمي يديه حتي جذبها بقوة لتسقط بين ذراعيه التي أسرتها فأطلقت ضحكة خافتة حين سمعته يقول 

" بقي بتلاعبيني ؟ و مش هامك حاجه ولا خايفه من العواقب."


بسمه جذابه زينت ملامحها حين أجابت بتحدي 

" تؤ تؤ . مش خايفه لا .."

كانت تتحداه وهي تعلم كم يثيره هذا فاقترب منها حتي تلامست أنوفهم و قال بعينين تشعان بنظرات متوعدة تشبه لهجته حين قال 

" دا أنتِ قلبك مات بقي ؟" 


تفاجئ حين قالت بخفوت 

" بالعكس . انا محستش ان قلبي عايش غير معاك.."

نجحت في تسديد سهم قاتل إلى قلبه الذي انتفض جراء إجابتها التي ضربت ثباته في مقتل فإنهار أمامها و خرج صوته اجشًا حين قال 

" أنتِ عارفه عواقب اللي بتعمليه دا ؟" 

" ايًا كانت العواقب انا في امان وانا معاك .."


إن بحث داخله لمائة عام فلم يجد كلمات تعبر عن مدي عشقه لتلك المرأة و هل يفلح الحديث في سرد تلك المشاعر الهائلة التي فاض بها قلبه في حضرة وجودها ؟ 

اشتد حصاره لها يقربها منه بقوة بينما أظلمت عينيه برغبة حارقه ولدها عشقًا جارف خلق لها و بها صار يبثها إياه بضراوة و بالمقابل لم تبخل عليه بعشقها الذي جعلها تطوق عنقه بقوة و كأنه طوق نجاتها في هذه الحياة فلم تدري انها بفعلتها تلك ما زادته إلا جنونًا بها فأخذ يعمق قربهما أكثر بينما يديه تمارس فنون العبث و العشق فوق ساحة جسدها المستسلم لـ طوفانه الجارف . و في حين ان القلوب لم ترتوي بعد كان لـ رئتيهما رأيًا آخر فقد كان كلًا منهما يتعلق بالآخر بصورة كبيرة تحول بين وصول ذرات الأكسجين الي الرئتين التي هلكت بفعل ذلك العشق الضاري فما أن تركها حتى صارت تلهث بقوة و صدرها يعلو و يهبط بعنف حتي كادت ضلوعها أن تتحطم 

فـ أسندت رأسها علي صدره الذي كان أكثر من مرحب بوجودها و بعد أن هدأ كليهما حتي خرج صوته عابثًا 

" مش هنجمد بقي شويه ؟"


رفعت رأسها تطالعه بعدم تصديق بينما تعثرت الكلمات علي شفتيها حين قالت 

" انت مفتري علي فكرة "


خرجت منه ضحكة صاخبة كانت أكثر من رائعه اتبعها قائلًا بخشونة

" آدي آخرة الطبطبة.. بطلع مفتري في الآخر .." 


تحدثت بعدم تصديق 

" فين الطبطبة دي معلش "

أجابتها يديه التي أخذت تتجول علي ظهرها تدغدغها بينما أكدت شفتيه حديثهما حين قال بعبث

" مانا بطبطب اهوة." 

" سالم متهزرش بغير علي فكرة .."


هكذا تحدثت وهي تحاول تفادي أفعاله العابثه فتابع بأمر 

" علي ما ارجع من السفر تكوني شوفتي لك حل في موضوع انك بتغيري دا وإلا الناس هتسمع بينا كل ليلة .."


تجاهلت وقاحته و قد دق قلبها حين سمعت حديثه عن السفر فـ تبدلت ضحكتها الي وجوم حين قالت

" سفر ايه يا سالم ؟"


كوب وجهها بين كفوفه بحنان انبعث من عينيه و تجلي في نبرته حين قال

" مش عايز اشوف الحزن ملون ملامحك كدا تاني . عايز اشوف ضحكتك الحلوة دايمًا. هي اللي بتنورلي حياتي .."


" ضحكتي دي أنا كنت نسيتها من زمان . انت اللي رجعت رسمتها علي وشي تاني."

هكذا تحدثت بحزن آلمه ولكنه حاول تجاهله مرتديًا قناع الجمود علي ملامحه و في نبرته حين قال 

" انا رايح يومين القاهرة في شغل يا فرح . الموضوع مش مستاهل كل ده."


اغتاظت من جموده و قالت بانفعال 

" يعني أنا بأفور مثلًا ؟ و بعدين هو انا مش زيي زي اي عروسه من حقي عريسي يفضل جمبي ؟"


اقترب واضعًا قبلة قويه علي أحدي وجنتاها قبل أن يقول بخشونة

" بخصوص السؤال الاول ف أة انتِ مأفورة شويه و بخصوص السؤال التاني فأنا اللي ليا حق عندك و هاخده قريب اوي اخلص بس من كل الدربكة دي و أفضالك .."


لم يعجبها حديثه فحاولت الإفلات من بين يديه وهي تقول بغضب 

" أنا هروح اشوف اللي ورايا.."

لم يدعها تفلت منه بل شدد علي خصرها أكثر وهو يقول بفظاظة

" لما ميعجبكيش الكلام ناقشيني بلاش تجري مني عشان لما اجيبك هزعلك."


تحدته قائلة 

" متقدرش . "

"بلاش تتحديني يا فرح "

" هات أخرك يا عيون فرح "


ابتسم علي شقاوتها و دلالها و هي تردد إحدى كلماته المستفزة فابتسم قائلًا 

" اهى عيونك الحلوة دي الي بتشفعلك عندي .."


ابتسمت علي غزله الرقيق و قالت برجاء

" خلي بالك من نفسك و متتأخرش عليا .."

" مقدرش اتأخر عنك .. "


غلفت عينيها طبقه كرستاليه من الدموع فقام بـ تقريبها إليه مفرقًا قبلات رقيقة فوق عينيها بينما احتضنتها يديه بحنان كان كالبلسم الذي داوى جراحها و رمم خدوش روحها..


***************


في الخارج كانت جالسه تتشاجر مع أنفاسها تارة و تعنف نفسها تارة أخرى فلم تلحظ تلك التي جلست إلي جوارها قائلة بابتسامة هادئة 

" قد كدا متضايقة؟"


تنبهت 《سما》 الي 《جنة》 التي جلست بجوارها ولكنها من فرط غضبها لم تلحظ ذلك و لم تعرف كيف تجيبها فهي تشعر بالخجل منها كثيرًا فـ أخفضت رأسها بينما تحدثت 《جنة》 بخفوت 

" احنا لسه متخاصمين ؟ يعني لسه شيفاني عدوتك بردو ؟"


" أنتِ عمرك ما كنتِ عدوتي يا جنة .. انا اللي كنت غبية في وقت من الأوقات . بس اطمني دلوقتي فوقت و عقلت .."

هكذا تحدثت 《سما》 بحزن شاركتها به 《جنة》 التي قالت 

" كلنا بييجي علينا وقت نبقي اغبية . المهم اننا نلحق نفسنا . "


" عندك حق .. انا مدينة ليكِ باعتذار ."

قاطعتها 《جنة》 بحزم

" انسي . ولا أي اعتذارات . احنا اصحاب و الصحاب مفيش بينهم الكلام دا . صح ولا انا غلطانه ؟"


نظرت 《سما》 إليها بعينين مغرورقتان بالدموع واومأت برأسها بالإيجاب فامتدت يد 《جنة》 تمسك بيدها و تشد فوقها فقالت 《سما》 بتأثر 

" أنتِ و فرح كويسين اوي في زمن مبقاش في حد كويس .."


" أنتِ كمان كويسه يا سما .. وإلا مكنتيش هتعترفي بغلطك و تكوني عايزة تعتذري عنه.. "


" تفتكري انا فعلًا حد كويس ؟ يعني استاهل اني اعيش حياة حلوة زي كل الناس ؟ استاهل الاقي حد يحبني بجد ؟"

كان إستفهامًا مؤلمًا من شخص اعتاد علي النبذ طوال حياته و ألا يجد شخصًا يحارب من اجله حتي في أحلك لحظاته لم يجد عناق واحد يخفف عنه وطأة أحزانه و قد تألمت 《جنة》 لحديثها فقالت مشددة على حروفها 

" طبعًا تستاهلي . تستاهلي كدا و اكتر كمان .. و بعدين أنتِ ازاي مش شايفه كل الحب الي حواليكِ دا ؟"


" تقصدي ايه ؟" 

استفهمت 《سما》 فقالت 《جنة》 بنفاذ صبر 

" معقول يا بنتي. دا مروان …"


" هالو جيرلز . القطتين الحلوين بيعملوا ايه و جايبين في سيرة مروان ليه ياللي تتشكي في لسانك أنتِ و هي "


قاطع حديثها قدوم《 مروان》 الذي تدخل في الوقت المناسب من وجهة نظره وقد القي نظرة متوعدة الي 

《جنة》 التي كانت علي وشك إفشاء سره فـ اغتاظت منه قائلة

" بنقول أن لسانك طويل و مبيقولش غير الهيافات انما الحاجات المهمة لا .."


تفهم مقصدها فأرسل نظرات تحذيرية و قام بالمسح علي ذقنه في حركة توعد فهمتها 《جنة》 و لكنها لم تبالي فقال بتقريع

" والله دا لساني و انا حر فيه . اقول اللي انا عايزه . أنتِ مالك أنتِ"


تحدته قائلة 

" وأنا بردو حرة اقول اللي انا عايزاه.."

أخذ ينظر حوله وهو يقول بتوعد

" كان في فاس هنا راح فين ؟ "


《سما》 باستفهام 

" عايز الفاس تعمل بيه ايه ؟"

" هفتح دماغ حد غايظني.."

هكذا أجابها بحنق فقالت 《جنة》 بتهديد 

" الفاس دا اللي سليم هيقطع بيه رقبتك لو جيت جمبي .."


جاء صوتًا مستمتعًا خلفهم 

" و سليم جاي عشان ينفذ و هيبقي يوم المني بصراحه . من زمان عايز اخلص منه .."

تحدث 《مروان》 بامتعاض

" اهو جه بقرعته يقرفنا . انت بتشم اسمك من علي بعد . ولا هي تماحيك؟"


《سليم》 بفظاظة

" انا هتمحك فيك انت ليه ان شاء الله؟" 

《مروان》 بسخرية 

" عشان مروان دا سكرة العيلة و اللي مخلي للبيت طعم .."


استفزه حين كرر حديث 《جنة》 في الداخل فقام 《سليم》 بأغلاق عينيه بقوة حتي لا يحطم أسنانه فقالت 《جنة 》في محاولة لتهدئة الموقف 

" كنت بجاملك.علي فكرة و غيرت رأيي .. دمك يلطش"


ناظرها 《مروان》 بسخرية قبل أن يلتفت الي 《سما》 قائلًا بعبث 

" يرضيكِ تقول عليا دمي يطلش . عاجبك الكلام دا وأنتِ حلوة كدا ؟"


غمرها الخجل من حديثه الصريح و تغزله بها فتدخل 《سليم》 قائلًا بحدة

" انت هتعاكسها قدامي يا حيوان ؟"

صاح 《مروان》 مستنكرًا 

" وانت مالك يا عم انت ؟ مانت معاك موزتك عايز منها ايه ؟"


《سليم 》بإستفزاز

" عمتك موصياني عليها .."

صاح 《مروان》 مغتاظًا 

" الله يخربيتها. قرفاني في كل حتة ."

《سما》 بغضب

" متقولش كده علي ماما .."


" اسكتي أنتِ أنا اللي عارف مصلحتك .."

هكذا تحدث 《مروان》 فقالت جنة بنفاذ صبر 

" انا هطلع انام عشان تعبت من المناهدة.." 

" خديني معاكِ يا جنة. "


هكذا قالت 《سما》 فصاح 《مروان》 مندهشًا

" خديني معاكِ يا جنة ! خدي يا بت هنا .."

نهره 《سليم》 قائلًا

" عاجبك كده؟ أهم طفشوا مننا بسببك.."


التفت 《مروان》 يناظره بحنق تجلى في نبرته حين قال 

" والله قرعتك دي هي اللي جيبالنا الفقر.."


صاح 《سليم》 مهددًا 

" والله لو جبت سيرة قرعتي تاني لـ هكون مخلص عليك .."

أوشك 《مروان》 علي الحديث ولكنه تفاجئ حين سمع صوت 《سما》 تصرخ في أحدهم

" انت ايه اللي جابك هنا ؟"


تحدث 《ناجي》 برجاء

" سما . انا ابوكي حد يكلم أبوه كدا ؟"

《سما》 بقهر 

" ابويا الي بسببه عشنا عمرنا كله ضهرنا مكسور و حاطين راسنا في الرمل .. "


" كذب ! كل اللي بيتقال عليا دا كذب . صدقيني .. "

《سما》 بقهر 

" ابعد عني . مش عايزة اشوف وشك تاني.."


قالت جملتها و انطلقت الي الداخل باكية و خلفها 《جنة》 مرورًا بكلًا من 《سليم》 و 《مروان》 الذي انطلق تجاه 《ناجي》 و قام بـ إمساكه من تلابيبه وهو يقول بغضب

" عملتلها ايه يا حيوان انت ؟"


《ناجي》 بانفعال و هو يحاول تخليص نفسه من بين براثن 《مروان》 

" وانت مالك دي بنتي وانا حر فيها .."

" بنتك بتكرهك ومش عايزة تشوف وشك .."


هنا تدخل 《سليم》 لفض الشجار قبل أن يشتعل أكثر وهو يقول بصرامة

" امشي من هنا يا ناجي يا وزان قبل ما تدفن مكانك .."


خلص 《ناجي》 نفسه من بين يد 《مروان》 بمساعدة 《سليم》 وهو يقول بغضب

" انا لا جايلك ولا جايله "

" يبقى جاي لقضاك برجليك …"


هكذا صدح صوت 《سالم》 من خلفهم وهو يتقدم الي حيث يقف الثلاثة فقال 《ناجي》 بسماجة 

"لا جيتلك عشان سمعت انك بتدور عليا .."


《سالم》 بقسوة 

" لو بدور عليك كان زمانك تحت رجليا من زمان .." 

《ناجي》 بحنق

" الزمن اتغير يا سالم ."


《سالم》 بفظاظة

" و الأخطاء اتضاعفت مع الزمن يا ناجي . عشان كدا خلي بالك العقاب هيبقي أشد من زمان…"


لم يتراجع 《ناجي》 بل تابع بثقة 

" ماظنش.. اصل اللي اتقرص زمان اتعلم الدرس كويس.. "

《سالم》 بفظاظة 

" لو اتعلم الدرس كويس مكنش جه برجليه. لسه يلزمه درس كمان عشان يفكر الف مرة قبل ما يهوب ناحية ولاد الوزان تاني.." 

《ناجي》 بسخرية

" مانا منهم .. انت نسيت ولا ايه ؟"


《سالم》 بغطرسة

" كنت منهم . دلوقتي لو دقيت علي باب اي حد فيهم هيقرف يدخلك بيته . كبيره يرميلك عضمة تعض فيها " 


نجح في التحقير منه و إصابته سهم إهانته في مقتل فقال بوعيد 

" ماشي يا سالم .بس خليك فاكر اني جيتلك لحد عندك و انت هنتني في بيتك . والإهانه مردودة و كله سلف و دين .."


" الكلام دا للرجاله . انت ملكش فيه.. يلا وريني عرض كتافك .." 


غادر 《ناجي》 فصاح 《مروان》 بانفعال

" راجل قذر واقف يهددنا في وسط بيتنا مفكرنا ممكن نخاف منه.."

تحدث 《سالم》 بغموض

" بس احنا لأول مرة لازم نخاف منه . المرادي انا مش مطمنله…"


**************


عشقًا جارفًا يتملكني نحوك فلا أنا بقادر على تجاهله أو حتى الثبات أمامه..

 كل ما يسعني حياله هو أن انجرف معه إلى حيث يأخذني طوفانه..

 فإما الإحتراق بين أحضان عشقك؟

 أو الهلاك شوقًا بنيران بُعدِك. 

فـ يا فاتنة احتلت القلب و أسرته. 

رفقًا بفؤاد ما ذاق يومًا الهوى و لا عرف لوعته. 

فليسعد قلبي معكِ و لتهنئ روحي إلى جوارك.

 و ليسلم قدرًا أهداك لي قسرًا رغمًا عن عنادي وعنادك..

فما كان العشق يومًا أمرًا يمكن تجاوزه وليست قلوبنا رهن قراري أو قرارك..


نورهان العشري ✍️


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


خرجت من المرحاض فوجدته أمامها يغلق باب الغرفة خلفه فقد كان عائدًا للتو فتوقفت أمامه لثوان لا تعلم ماذا عليها أن تقول فعزمت علي الصمت و تجاهلته متوجهة إلى غرفة الملابس و حين مرت به امتدت يديه توقفها وجاء صوته ليخترق قلبها و خاصةً ذلك الرجاء الخافت به 

حين قال

" هو احنا متخاصمين ولا ايه ؟"


تحمحمت بخفوت قبل أن تقول 

" لا … ليه بتقول كدا ؟"

جذبها لتقف أمامه قبل أن يقول بلهجة معاتبه

" طول اليوم بتهربي مني .. انا عملت حاجة ضايقتك ؟"


هل تخبره بأن كل أفعاله ترضيها على نحو مخيف ! تجعلها تحلق في السماء من فرط السعادة ثم تعود مصطدمة بالأرض مرة أخرى حين تتذكر احد ذكرياتها السيئة و يتسلل الخوف إلى قلبها مرة ثانية من أن يغمره ظلام قدرها ولكنها اكتفت بإجابة مختصرة 

" لا . "


أخرج زفرة قويه تحكي مقدار غضبه الذي يحاول التحكم به فجاء صوته فظًا حين سألها 

" طب تعبانه ؟ حاسه بحاجه ؟"

إجابته بإختصار تعلم أنه سيشعل فتيل غضبه 

" لا ."

تركتها يديه بغتة قبل أن يقول بجفاء 

" تمام . تصبحي علي خير …"


قال جملته متوجهًا إلي الحمام تاركها خلفه لـ تنخرط في نوبة بكاء عنيفة فهي عالقة في مأزق بين خوفها و ذكرياتها السيئة و بين عشق كبير خلق بقلبها له والاصعب من ذلك أنها بكل مرة تريد الاقتراب منه تشعر بشئ ما يمنعها و تتوقف الكلمات علي أعتاب شفتيها . علي الرغم من أنها احيانًا تشعر بأنها ممتلئة بحديث لا تعرف كيف تصيغه ؟ تريد الصراخ و إخراج ما بجوفها حتي يرتاح قلبها ولو ثواني ولكن لا تستطيع .. فتلجأ الي مرارة الصمت الذي قد يقتلها يومًا 


انتهت من تبديل ملابسها وذهبت لتطمئن علي صغيرها فتفاجئت به يحمله بين يديه و يحادثه بحنو 

" عامل ايه يا بطل ؟ وحشتني. طول اليوم مشغول عنك . بس معلش . اصل عندنا حد متعب هنا . معذبني و مبيسمعش كلامي ."


أطلق زفرة قوية قبل أن يتابع بحرقة

" معرفش دا عشان عارف اني بحبه ولا عشان فعلًا كاره وجودي جمبه.. ؟"


غامت عينيه بألم قبل أن يتابع 

" بحاول اقنع نفسي . أنه كل دا خوف أو قلق . أو حتي بسبب الضغط اللي بتمر بيه . بس بيني و بينك قلبي واجعني اوي . حاسس اني يائس لأول مرة في حياتي .. مش قادر احط احتمال تالت للي بيحصل عشان مش هقدر اتحمل حياتي من غيرها.."


ارجع رأسه للخلف قبل أن يضيف

" عمك مش بس بيحب يا محمود . دا بيعشق التراب اللي هي بتمشي عليه.. "

" وهي كمان علي فكرة.." 


هكذا صدح صوتها المعذب بخفوت من خلفه مما جعله يتراجع للخلف يناظرها بتّ أعين لونتها حمرة قانية لأول مرة لم تكن بفعل الغضب بل بفعل الألم الذي لم تعد تتحمله جفونه فسقط علي هيئة عبرات غافلته و انبثقت و كان جسده أراد التخفيف عنه حتي لا ينفجر قلبه من شدة الألم ..


" بتقولي ايه ؟"

هكذا استفهم بلهفة فـ تجاهلت سؤاله فهي لا تعلم كيف خرجت الكلمات من بين شفتيها و تقدمت خطوتين لتقوم بالاقتراب من  《محمود》 واضعه قبلة حانية فوق جبينه ولكنها لم تروي ظمأ قلبها فقامت بحمله و ضمته بقوة الي صدرها فبدا وكأنه شعر بها فأخذ يركل بقدميه فرحًا بقدومها 


كانت لحظة خاصة بينها و بين طفلها لذا تحرك ينوي الخروج من الغرفة فسمعها تقول لطفلها 

" انت بتخلف وعودك علي فكرة .. مش قولتلي هتعلم الصبر عشانك ؟ فين بقى ؟ زهقت من اولها كدا"


التفت إليها بلهفة فوجدها تنظر إلي صغيرها و تحادثه بينما كان الحديث موجه إليه فزفر بقوة متوجهًا إلي الخارج يجذب أحد الأغطية كما هي العادة وقام بوضعه على الارضيه استعدادًا للنوم ف لمحها قادمة من غرفة

 《محمود》 التي تعتبر جزءًا من جناحهما فتجاهل وجودها وقام بالتسطح علي الغطاء واضعًا إحدى ذراعيه فوق رأسه فأخذت تناظره و بداخلها رغبة ملحة في عدم تركه يغفو وهو غاضب منها ولكنها لم تجد بداخلها أي شئ قد تحادثه به فاخترق تفكيرها صوته الآمر حين قال 

" لو خلصتي ياريت تطفي النور عشان ننام .."


" انت عايز تنام ؟" 

هكذا تحدثت بنبرة خافتة فجاءها صوته الفظ حين قال 

" ايوا .."

زفرت بيأس قائلة 

" طيب . تصبح علي خير .."


لم يجيبها فقد كان غاضبًا منها فهو قد سمعها حين أكدت علي عشقها له ولكنه حين سألها تجاهلت سؤاله وقد اغضبه ذلك حتي و إن قرر التحمل لأجلها فقد بلغ الغضب ذروته يريد هدنة مع نفسه للقتال من جديد 


يأست من إجابته و تحركت من مكانها تنوي اغلاق الضوء و ما أن أغلقته عائدة الي مخدعها حتى ارتطمت ساقها بالطاولة فصرخت متألمة فاخترق صراخها قلبه الذي هب من مكانه بلمح البصر و قام باسنادها وهو يقول بلهفة

" حصل ايه ؟ "

" رجلي اتخبطت في الترابيزة.."


قالتها بلهجة متألمة بينما أسندت جبهتها فوق موضع نبضه الذي كان يدق بعنف تأثرًا بقربها فحاوطتها يديه بقوة و جذبها لتجلس علي السرير و تفاجئ بعبراتها التي بللت صدره فامتدت يديه تحيط بوجهها يرفعه ناظرًا إليه بعشق خالطه الألم الذي تجلي في نبرته حين قال 

" بتعيطي ليه؟ "

" عشان انت زعلان مني "


هكذا أجابته بنبرة رقيقة فنظر الي الجهة الأخري مطلقًا زفرة قوية قبل أن يعيد أنظاره إليها وهو يقول بيأس

" بتعملي فيا كده ليه يا جنة ؟ ليه مُصرة تعذبيني؟ "

اخفضت رأسها وهي تهمس 

" انا اسفة .."


اقترب واضعًا قبلة حارقه فوق جبهتها قبل أن يقول بنبرة خشنة 

" انا اللي اسف .. حقك عليا . "

لامس اسفه قلبها بقوة فبالرغم من كل أفعالها و خوفها يعتذر هو ! لم تستطيع أن تمنع يديها من أن تحيط

بـ خصره وهي تقول برجاء

" متسبنيش يا سليم . ارجوك اوعي تسبني .."


تفاجئ من فعلتها التي أيقظت جيوش شوقه الضاريه وقد أصبح الأمر خطرًا للغاية فقد أوشكت الأمور أن تنفلت أمام قربها المهلك لثباته فـ تحمحم بخشونه قبل أن يقول 

" انا عمرى ما اسيبك أبدًا .. يالا عشان تنامي أنتِ تعبتي اوي النهاردة.."


عاندته يديها التي تمسكت بخصره بقوة تجلت في نبرتها حين كررت جملتها التي كان لها معان أعمق مما تبدو 

" متسبنيش يا سليم .."

شعر بالقلق عليها و قام بالتشديد من احتضانها أكثر وهو يقول بلهفة 

" حبيبي . أنا جنبك . خايفه من ايه؟"

" خايفه اقوم في يوم الاقيك زهقت مني و مشيت.."


هكذا تحدثت بخفوت فانفلتت ضحكة خافتة من بين شفتيه قبل أن يقول بمزاح

" ازهق من مين دانا بقوم في الليله خمسين مرة اتأكد انك نايمه قدامي و معايا في اوضة واحدة.."


رفعت رأسها تطالعه بحب لأول مرة تفصح عنه شفتيها 

" بكون حاسه بيك . و اول ما تغمض عنيك بفضل ابصلك وأحمد ربنا عليك كتير اوي .."

" جنة.."


همس باسمها غير مصدقًا لما تفوهت به فـ باغتته حين همست بخفوت

" بحبك يا سليم .."

كان اعترافًا رائعًا بالحب لم يتوقعه أبدًا بل لم يكن يتخيله حتي باحلامه. ولكن أصبح الوضع هكذا أشد خطورة

 فـ تلاحقت أنفاسه التي كانت حارقه من شدة النيران التي تعصف بقلبه و سائر جسده فـ بلل حلقه قبل أن يتحدث بصوت أجش

" جنة أنتِ عارفه أنتِ قولتي اي ؟"

" قولت اني بحبك و مش عايزاك تبعد عني ابدًا.."


" أنتِ عارفه دا معناه ايه ؟"

هكذا سألها بأنفاس مقطوعة فأومأت برأسها بالإيجاب بينما انخفضت عينيها خجلًا فقام برفع رأسها لتناظره قائلًا بخشونة 

" مش هتندمي ؟"


" لا .."

" لو قربت مش هقدر ابعد يا جنة.. و مش هتحمل انك تبعدي .."

كانت لهجته معذبه بالقدر الكافي لتّ جعلها تدرك أي الرجال قد عشقت وقد زادها إصرارًا علي تجاهل كل شئ لأجله لذا قالت بخفوت 

" بس انا عمري ما هبعد .."


التهمت عينيه حسنها الظاهر من خلال نور القمر الذي فاق جمالها جماله فاقترب منها غير مصدق لكونها بين ذراعيه طواعية و قال بلهجة محمومه أمام شفتيها 

" مبقاش في مجال اني اسيبك تبعدي خلاص .."


انهى كلماته اختطفها معه إلي عالم آخر يقتصر عليه و عليها و علي عشق جارف أثقل القلوب التي فاضت بأشواقها و لم تعد تحتمل البعد أكثر و قد كان يؤكد على ذلك بضمه أليها بقوة بينما صارت شفاهة تعزف سيمفونية رائعة من الشغف فوق خاصتها بنهم لم يستطيع التحكم به فبعد كل هذا العناء و الألم هي الآن بين ذراعيه يبثها أشواقه العاتية و عشقه المحموم وقد كان مراعيًا لأقصى درجة و علي الرغم من كونها لم تكن مرتها الاولى و لكنها شعرت بكل شئ لأول مرة معه فقد كانت عذراء القلب والمشاعر وقد راق له هذا كثيرًا فعلى الرغم من ذوبانها بين ذراعيه إلا أن الخجل الذي أضاء ملامحها أسر قلبه حين قطع قبلته يناظرها وهو يقول بأنفاس محمومة

" أنتِ بتاعتي انا و بس . حبيبتي انا وبس . اتخلقتي مني و عشاني .."


اشعرتها كلماته بأنها شئ ثمين يؤكد علي ملكيته مما جعل العبرات تتقاذف من مقلتيها وهي تقول 

" و إنت اتخلقت عشاني انا .."


لم يكن هناك مجال للحديث فقد اجتاحها بقوة ناثرًا عشقه فوق ملامحها و علي سائر جسدها مع مراعاة رقتها التي تذيبه أكثر و أكثر و صار ينهل من رحيقها المسكر و يتنعم بثراء جنتها التي احتضنته بقوة فأزالت وحشة سنين مضت بدونها و الآن اكتمل كل شئ بوجودها روحه و قلبه و جسده كان الأمر أكثر من مجرد لقاء حميمي بين اثنين كان لقاء أرواح اعتادت الألم و الشقاء الذي تحول إلى جنة لا تسع كليهما فأخذ يؤكد علي اكتمالهم مرات و مرات دون سأم أو تعب بينما هي حلقت معه الي عنان السماء من فرط سعادتها التي لا تعلم كيف كانت غافلة عنها و تفر هاربه منها فاتضح اخيرًا أن ترياق شفاءها بين أحضانه التي اذابت بحنانها كل شئ حتي اللحظات المؤلمة امتصها منها مضفيًا شعورًا مميزًا علي أصعب لحظاتها كفتاة لتتحول بين ذراعيه إلى شغف كبير و شعور لا متناهي من السعادة التي انتهت مع ساعات الصباح الأولى فقد أشفق علي جسدها الصغير من فرط جنونه بها و قام بـ تدثيرها جيدًا بغطاء صنعت خيوطه من عشق متوهج لا تنطفئ نيرانه أبدًا و قام بوضع قبلة حانيه فوق جبينها وهو يقول بصوت أجش 

" اهو انا مستعد لدفع عمري كله قصاد اللحظة دي .."


كانت بين النوم و الاستيقاظ حين سمعت كلماته العذبة التي ارتج لها قلبها ف همست بخفوت اخترق قلبه 

" بحبك يا سليم .."

" سليم بيعشقك يا قلب سليم .."


يحدث أن تسلك كل الطرق هاربّا تحاول لملمة شتاتك المبعثرة و مداواة جروحك النازفة و يتضح بعد ذلك أن ما تهرب منه هو دوائك الوحيد . وهكذا انتصر العشق علي ظلام القلوب فـ اضاءها بعد أن ظنت بأن ظلمتها ممتدة للأبد.  و لكن دائمًا ما يكن هناك أشياء لا يفصح عنها القدر تأتي بغتة علي هيئة عَطِيَّة من الله لذلك الذي لم يمل الصبر و لم يفقد الإيمان يومًا …


نورهان العشري ✍️


****************


صرخة اخترقت سماع اولئك النائمون و اهتزت لها جدران القصر فهرول الجميع الي الخارج فإذا بهم يسمعون 

《فرح》 التي صرخت بقهر غلف صوتها الصارخ وهي تقول 

" سااااااالم…"


يتبع……

تكملة الرواية من هناااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني من هنااااااااااا 

مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع