رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل 16-17-18-19بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل 16-17-18-19بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
الفصل السادس عشر من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم
#شارع_خطاب
بقلم #fatma_taha_sultan
____________
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
_____________________
الألم هو معلم الحياة، والخسارة هي أساس الحكمة.
"رالف والدو إمرسون"
مهمَا تعثرت مازالت الحياة تُقدم فُرص ومهما أخذت مِنك الحياة فهِي كُل يوم تُعطيك أملاً جدِيداً ومهمَا خسِرِت وفشلِت وحَزنت وتعثرت،لا تيأس...
#مقتبسة
"يصل بنا الشرود دائماً، إلى الوجوه التي تعجز أيادينا عن لمسها ."
#مقتبسة
______________
-أنتَ أول مرة لما جيتوا تطلبوا إيدي مكنتش موجود، وجيت في نص القعدة، وأنا حاسة أنك مكنتش عايز تتقدملي أو في حاجة حصلت مش مفهومة...
حاول نضال أن ينفي الأمر مغمغمًا:
-أنتِ بتقولي إيه؟!..
هي تتذكر جيدًا تلميحات زهران يوم قراءة الفاتحة الواضحة وهي ليست حمقاء أبدًا بل منذ عدة أيام تفكر في الأمر، ونظراته إلى والدتها، حتى كلماته كانت واضحة وضوح الشمس وهي تعلم زهران جيدًا، لذلك أردفت بعدما فكت ذراعيها:
-بقول اللي سمعته يا نضال متهايقلي في حاجة غريبة حصلت بس مش قادرة اوضحها بس عم زهران كان جاي يطلب إيد امي مكنش جاي علشاني أنا وأنتَ.
أخذ دقيقة يحاول أن يستوعب ما يحدث....
ثم ضحك نضال رغمًا عنه..
ادهشته حقًا...
لكن ضحكاته بالنسبة لها شعرت بأنها سخرية، فـ سألها نضال بجدية بعدما حاول التوقف عن ضحكاته:
-وعرفتي كل ده منين بقا؟!، على حسب ما افتكر أنا لما جيت مكنتيش قاعدة ولغايت ما مشينا مكنتيش قاعدة برضو...
نظرت لها سلمى بانزعاج جلى ثم هتفت موضحة تلك النقطة:
-اعتقد يعني مش صعب عليا أسال جهاد وأعرف إيه اللي حصل ساعتها وهي لما بتصدق دي أول نقطة وبعدين مكنش صعب عليا استنتج الباقي، المهم أن كلامي صح..
تمتم نضال بهدوء عجيب ولا يظهر في حديثه أي توتر قط:
-والله استنتاج يحترم بس للأسف شغلتي دماغك زيادة عن اللزوم؛ اسمحيلي أقولك أن خيالك واسع أوي لأن اللي بتقوليه ده مجرد وهم في دماغك وبس.
لم تقبل سلمى كلماته لذلك غمغمت بنبرة جادة:
-أنا مش بقول أوهام، أنا بقول الشيء الواضح وبعدين طريقة عم زهران كانت واضحة أوي يوم قراءة الفاتحة ودي حاجة مش محتاجة ذكاء يعني.
كانت محقه ولكنه استمر في نفيه لما تقوله مغمغمًا فهو يعلم بأن ذكاء المرأة هو شيء متعبًا في بعض الأحيان:
-بابا متعود يكلم أي واحدة معدية قدامه حلو، وبعدين طنط يسرا كانت قدامه من سنين طويلة من واحنا عيال صغيرين لو كان عايز يتجوزها كان اتقدملها من زمان مش هيجي دلوقتي ويعملها، بلاش تحليلات غريبة وفي يوم زي ده.
قلب الطاولة عليها وهو يتحدث ناظرًا لها بدهشة:
-أنا بصراحة مش فاهم أنتِ عماله تدوري في إيه؟! وعماله تلفي وتدوري على حاجة مش محتاجة كل ده أصلا إيه المشكلة إني اتقدمت ليكي؟! إيه الصعب في ده؟!!!!!!!!!.....
هو رجل ويستطيع قلب الطاولة لكنها عنيدة وسليطة اللسان، والجراءة تتخذها عنوان وهي تخبره:
-يمكن صعبة علشان من فترة قريبة جدًا الناس كلها كانت عارفة أنك هتخطب بنت عمك.
نظر لها مدهوشًا حقًا...
تلك الفتاة غريبة ومريبة جدًا...
يبدو أنه يتعرف عليها للتو...
عقب نضال وهو يحاول الحديث بنبرة ساخرة بعض الشيء:
-اعتقد أننا جينا يوم قراءة الفاتحة ومن قبلها شوفتك عند بيت دياب قدام شقة بهية واتكلمنا مع بعض، وخلال الأسبوعين اللي فاتو ليه مجتيش تقولي كل تحليلاتك العظيمة دي يوم تاني، بدل ما تأجليها لليوم اللي المفروض أحنا نازلين نجيب فيه الشبكة؟!.
تمتمت سلمى بنبرة واضحة وهي تتجاهل هذا كله:
-تنكر؟!..
صدقًا هي على وشك أن تجعل صبره ينفد..
هو غاضبًا بما يكفي أساسًا...
يشعر وكأنها تحاسبه أو كانت في حياته قديمًا لتلك الأسئلة كلها..
هتف نضال بنبرة جادة حتى ينهي هذا الأمر:
-سلمي، اسمعيني كويس أنا مش بنكر حاجة ولا بقول حاجة بس أسئلتك غريبة وخصوصًا أنها تتقال في يوم زي ده، بس هجاوبك برضو، سامية بنت عمي، واه كنت عايز اتجوزها من سنين...
ابتلع ريقه ثم غمغم بوضوح وشفافية:
-لكن خلاص مبقناش ننفع بعض، هي دلوقتي بنت عمي وأخت ليا لا أكتر ولا أقل، ومكنش له لزوم أبدًا نتكلم في مواضيع زي دي النهاردة كان عندك وقت لده، وأنا اتقدمت ليكي وحابب أننا نتعرف على بعض أكتر، لو أنتِ عندك مشكلة أو اعتراض حابة تقوليه اتفضلي أنا سامعك.
صدمها بكلماته، حتى طريقته بأنه يحاسبها على اختيار الوقت، كانت طوال حديثه عن سامية تحديدًا ترغب في أن تشعر بتوتره أو ضيقه أو أي شيء تستطيع أن تتحدث فيه لكن حديثه كان بَيِّن.....
جاءت من الداخل يسرا مبتسمة:
-ازيك يا نضال يا ابني عامل إيه؟!.
رد عليها نضال مبادلًا أياها البسمة متمتمًا:
-الحمدلله بخير، حضرتك عاملة إيه دلوقتي؟!.
عقبت يسرا على حديثه بنبرة حنونة:
-الحمدلله بخير..
ثم أسترسلت موجهه حديثها إلى ابنتها:
-وبعدين موقفاه برا كده ليه؟! وواقفين على الباب مدخلتهوش ليه؟!.
قال نضال ببساطة:
-هي عرضت عليا بس أنا مرضتش...
نظرت له سلمى بغيظٍ ثم وجدته يستكمل حديثه:
-لو خلاص جاهزين يلا ننزل زمان جهاد وسلامة قربوا يوصلوا أو وصلوا أساسًا.
بعد مرور نصف ساعة....
كان نضال يفتح باب المتجر
"مـجـوهـرات شعبان"
فتح نضال الباب حتى تدخل سلمى ووالدتها، وما أن ولجوا كان زهران يجلس على المقعد مع شعبان وأمامه قهوته هاتفًا:
-اتأخرتوا ليه كده يا ولاد؟!.
عقب نضال رغمًا عنه:
-أنتَ بتعمل إيه هنا يا بابا؟!.
ثم تعجب وهو ينظر على ملابسه ويتفحصه باستغراب، فنهض زهران هاتفًا بنبرة جادة:
-هو ينفع برضو مجيش يوم شراء شبكة ابني البكري وحبيب قلبي..
في ذات الوقت ولجت جهاد وسلامة من الباب ومعهما انتصار التي ألقت التحية على الجميع وتحدثت جهاد بنبرة مرحة:
-بس إيه الشياكة دي يا عمو زهران؟!.
تمتم زهران بهدوء وغرور لا يليق إلا به:
-أقل حاجة عندي يا جهاد والله، وبعدين أنا بموت في اللون الأسود؛ الواد نضال طالع ليا بيحب اللون الأسود زيي حتى أول ما شاف أنا لابس إيه راح لبس أسود زيي مفيش فائدة فيه..
كاد نضال أن يتحدث تحت ضحكات الجميع سوى سلمى التي كانت صامتة تمامًا وأنقذ زهران الأمر وهو يوجه حديثه إلى شعبان:
-عايزك بقا تجيب لينا كل الجديد اللي عندك لعروستنا وتفرجها على كل حاجة عندك.
تمتم شعبان بنبرة هادئة وابتسامة مرسومة على ثغره:
-عيوني ألف مبروك وربنا يتمم بخير...
بعد مرور بضعة دقائق..
كانت تقف سلمى وسط والدتها وشقيقتها تشاهد الأشكال المختلفة من الأساور، الخواتم، والكثير من المشغولات الذهبية...
هتفت سلمى باختصار:
-أنا عايزة دبلة مسح مربعة وخلاص ومحبس فوقيها يكون مربع برضو.
قال الشاب:
-دقيقة وهجيب ليكي مقاس إيدك من جوا.
وبعد رحيله جاء زهران ووقف بجوارهم مغمغمًا:
-اختاري حاجات تاني، احنا مش هنجيب دبلة ومحبس بس طبعا، اختاري اللي أنتِ عايزاه، اختاري ليكي كام غويشهة حلوين كده، ولا الحاجات اللي اللي طالعة جديد كده..
تمتمت سلمى بتردد شديد:
-ملهوش لازمة، كفاية الدبلة والمحبس.
هتف زهران برفض تام:
-هو إيه اللي كفايا؟! لا اختاري حاجات تاني شوفي نفسك في إيه بس وشاوري عليه وأنا هاخد البت جهاد في طقم عاجبني ليها تعالى يا جهاد اوريهولك لو عجبك تمام معجبكيش تشوفي غيره دي بقا هدية عمك زهران علشان الفرح.
قالت جهاد بامتنان وحرج كبير:
-ملهوش لازمة يا عمو والله كفايا أوي....
قاطعها زهران بحنان حقيقي:
-ملهوش لازمة إيه، أنتِ بنتي وبكرا تكوني أم احفادي ان شاء الله وتكبريني اوعي تعملي زي أختك...
بينما كان هذا يحدث كان نضال وسلامة يقفا بجوار بعضهما..
تمتم نضال بنبرة منخفضة:
-قولت لأبوك ميقعدش يكلم الست ويبطل يعمل حركاته الغريبة دي؟!.
رد سلامة عليه بخفوت:
-أيوة لما طلعنا برا قولتله وهو قال ماشي أحمد ربنا لو مكنتش قولتله كان زمانه جايب الدبلة وبيحطها في صوباعها.
تمتمت يسرا بنبرة عالية بعض الشيء و ودٍ:
-تعالى يا حجة انتصار اختاري معاها وبصي على الدبلة شوفيها في ايديها..
نهضت انتصار واقتربت منهم ثم نظرت على يد سلمى هاتفة بنبرة هادئة:
-حلوة جدا ما شاء الله..
اقترب منهما نضال رغم أنه لم يدعوه أحد ونظر على أصابعها النحيلة مغمغمًا بجدية وعفوية في الوقت ذاته:
-حلوة في إيدك يا سلمى.
كانت جملته هو مختلفة جدًا..
أو بمعنى أصح كان أثرها مختلفًا...
بعد دقيقة تقريبًا أردف زهران بنبرة عالية:
-أنا ورايا مشوار كده فأنا مضطر أمشي، كلكم بقا اختاروا مع عروستنا اللي هي عايزاه ونضال وسلامة معاكم، يلا مع السلامة.
قال الجميع في نفس واحد تقريبًا.
"مع السلامة".
خرج زهران من المتجر وكان يتبعه سلامة الذي هتف باستغراب:
-إيه يا بابا أنتَ زعلت وماشي ولا إيه؟!..
غمغم زهران نافيًا وساخرًا:
-زعلت إيه يا أهبل، أنا اصلا كده كده كُنت ماشي ورايا مشوار هو أنتم هتخوفوني لو عايز أقعد كنت قعدت وعملت اللي أنا عايزه.
سأله سلامة بدهشة وفضول:
-مشوار إيه ده ورايح فين؟!.
رد زهران عليه بنبرة جادة:
- هخرج مع صاحب عمري..
هتف سلامة بعدم فهم وهو يطالعه:
-مين صاحب عمرك ده؟! اللي ملهوش اسم ومنعرفهوش ده..
صاح زهران مستنكرًا قبل أن يرحل بشموخ وعزة نفس:
-وأنتَ مالك؟! واحد أنتم متعرفهوش هو أنا عيل صغير يعني؟!، ما أنتم رايحين جايين ولما أسألكم رايحين فين بتزعلوا، وبعدين أنا ماشي رايح للي يقدرني ويفهمني بدل عيالي اللي بيقولولي أحاسب على كلامي مع السلامة قول للبيه أخوك أني مش هنسي قلة ادبكم دي، وكنت أصيل معاكم ومعملتش حاجة جوا.
_____________
في اليوم التالي...
هبط جزاد من الغرفة الخاصة به من أجل أن يذهب إلى المستشفى، تأخر اليوم في الذهاب عن كل يومٍ بسبب عودته فجرًا من المستشفى بسبب أحدى العمليات التي كانت تتواجد لديه في وقتٍ متأخر.
تحدث جواد ملقيًا التحية الصباحية رغم أن الساعة تجاوزت الواحد بعد الظهر:
-صباح الخير..
لم ترد عليه نسمة التي كانت جالسة وعاقدة ساعديها بضيقٍ، لكن ردت عليه منيرة التي تأتي من المطبخ وهي تحمل أطباق الطعام وخلفها فتاة تحمل هي الأخرى الأطباق.
-صباح النور يا ابني أو مساء الظهر أذن من بدري.
أقترب جواد من نسمة تاركًا قُبلة فوق رأسها هاتفًا بحنان بالغ وهو ينظر لها مبتسمًا:
-مالك يا نسمة ساكتة ليه كده؟! شكلك مضايقة في حد زعلك أو ضايقك؟!
ردت عليه نسمة وهي تخبره سبب انزعاجها دون مرواغة:
-كنت بكلم هايدي وعرفت أن رجلها اتكسرت وأنا عايزة أروح اشوفها، وديني أشوفها.
تمتم جواد بتردد:
-طب نخليها يوم تاني أفضل.
قالت نسمة بجدية وعفوية وهي تتحدث بكلمات متقطعة:
-لا أنا عايزة أروح أشوفها النهاردة، هي كل يوم بتيجي تسأل عليا فلازم أنا كمان أروح اسأل عليها.
بعد إصرار طويل...
بعدما تناول جواد قهوته قرر أن يأخذها هي ومنيرة لزيارة هايدي في منزلها الذي لا يبتعد كثيرًا عن الفيلا التي يقطنا بها....
لم يكن لديه مواعيد...
فـ وجد نفسه ينفذ رغبة شقيقته التي كانت حزينة بشكل كبير من أجل هايدي، كل يوم يمر يكتشف بالفعل أن شقيقته متعلقة بها إلى حدٍ كبير...
دخل جزاد من البوابة الخارجية بسيارته ثم توقف أمام باب الفيلا الداخلي ليهبط من السيارة وساعد شقيقته في الهبوط، كما هبطت منيرة...
فتح البوابة رجل في الستينات من عمره، ولم يكن سوى فريد والد هايدي، وصديق قديم لوالده.
ثم هبط الثلاث درجات وأصبح عنده، فهو خرج لاستقباله بعدما أخبره الأمن في الخارج بدخوله..
صافحه جواد واحتضنه مبتسمًا وما أن ابتعد عنه هتف فريد وهو يعاتبه:
-إيه يا جواد لازم يحصل لحد فينا حاجة علشان نشوفك يعني؟!..
رد جواد عليه بنبرة هادئة:
-لا بعد الشر عليكم طبعًا، وألف سلامة على هايدي يارب تكون كويسة..
غمغم فريد بهدوء:
-الحمدلله كويسة، الله يسلمك..
ثم وجه حديثه إلى نسمة وهو يقترب منها واضعًا قُبلة على رأسها بحنان أبوي هاتفًا:
-ازيك يا نسمة يا حبيبتي عاملة إيه يا بنتي؟!
ردت عليه نسمة مبتسمة:
-الحمدلله.
ثم سرعان ما سألته بلهفة:
-هي هايدي فين؟!..
جاءهم صوت حماسي من الدرجة الأولى ولم يكن سوى صوت هايدي التي خرجت من المنزل:
-أنا أهو....
كانت هايدي تسير على عكازها لتركض نسمة إليها فاحتضنتها هايدي بحب كبير وقبلت وجنتيها متمتمة بجدية:
-على فكرة أنا كنت بفكر أجيلك أصلا عادي.
تمتم فريد بنبرة هادئة ومُرحبة:
-طب يلا ندخل كلنا جوا ونتغدى مع بعض.
هتف جواد رافضًا بحرج:
-مش هينفع للأسف رايح المستشفى مرة تانية ويدوبك أوصل نسمة البيت وامشي.
قال فريد بعتاب واضح وهو يناظره بانزعاج:
-يعني معقول تيجي لغايت هنا وتمشي؟! مينفعش طبعا لازم تدخل...
تمتم جواد بنبرة جادة وحرج واضح:
-لو كان ينفع كنت قعدت...
ثم وجه حديثه إلى هايدي بنبرة هادئة:
-ألف سلامة عليكي يا هايدي، وياريت ترتاحي أول كام يوم متحاوليش تدوسي على رجلك بالشكل ده في أول خمسة عشر يوم..
قال فريد بجدية وهو يوبخ ابنته:
-قولها يا جواد عماله تدوس عليها وطالعه نازلة على السلم ولا كأن رجلها متجبسة.
هتفت هايدي بحرج موضحة الأمر:
-مش واخدة إني افضل قاعدة كده.
قاطع جواد هذا كله متمتمًا:
-يلا يا نسمة؟! مش شوفتي هايدي واطمنتي عليها يلا اروحك بقا.
تمتمت هايدي برفض:
-سيب نسمة تتغدى معايا وتقعد معايا شوية، لو أنتَ وراك شغل هي مش لازم تمشي هي وطنط منيرة يقعدوا معايا.
تحدث فريد بجدية مقدرًا حالة نسمة وخوف جواد الواضح ولأنه كان يعلم خوف عز الدين أيضًا على ابنته:
-متقلقش أنا هوصلهم بنفسي للبيت سيب البنات مع بعض.
سأل جواد نسمة بطريقة مباشرة هو يعلم بأنها إذا كانت ترغب في العودة سوف تخبره ولن تتردد:
-أنتِ عايزة تقعدي؟!
قالت نسمة بنبرة هادئة:
-ايوة عايزة اقعد مع هايدي ممكن؟!.
تنهد جواد ثم أردف بهدوء:
-ماشي براحتك وعموما أنا النهاردة مش هتأخر هبقى اعدي عليهم اخدكم لو فضلتوا لغايت ما أخلص.
كانت تلك الكلمات أخر ما قاله جواد قبل أن يُلقي عليهم التحية ويودع فريد ثم رحل....
بعد مرور ساعة تقريبًا....
كان فريد يقف في المطبخ مع زوجته "والدة هايدي" وهي تصنع الغداء وتساعدها العاملة الأجنبية، أما هايدي ومنيرة ونسمة كانوا بالخارج.
تحدثت والدة هايدي مبتسمة:
-مش جواد طلق رانيا..
تمتم فريد بهدوء وهو يجلس على الطاولة التي تتوسط المطبخ ويتناول قهوته:
-اه عرفت، وكان شيء متوقع يعني هما مكنوش ينفعوا بعض من البداية وكل سنة كانت بتعدي المشاكل بينهم بتزيد أكتر ربنا يعوضه جواد يستاهل حد كويس.
ضحكت والدة هايدي هاتفة بهدوء:
-هايدي طبعا...
توقف فريد عن شُرب قهوته متمتمًا بعدم فهم:
-أنتِ بتقولي إيه؟!.
توقفت زوجته هي الأخرى عن تقطيع الخضروات متمتمة:
-بقول إيه يعني يا فريد؟+ يعني أنتَ مش ملاحظ اهتمام هايدي بيه، بعيدًا عن نسمة، وبعدين خلاص هو بقى مطلق وبصراحة جواد حد كويس..
سألها فريد بوضوح:
-بنتك قالت ليكي حاجة؟!.
تحدثت زوجته بنبرة جادة:
-لا طبعا مقالتش حاجة بس أنا بحس بيها، وبعدين مالك مضايق كده ليه يعني أول ما قولتلك؟!!..
رفض فريد الأمر متمتمًا:
-علشان مينفعش اللي بتقوليه ده، وبعدين بنتنا لسه صغيرة ومتجوزتش قبل كده، والفرق بينها وبين جواد كبير، أنتِ متهايقلك بس...
-مش كبير ولا حاجة، جواد حد كويس وأنا بحبه لله في لله واتظلم في جوازته ولو حصل اللي في بالي أنا هكون سعيدة جدًا...
تغيرت ملامح وجه فريد من حديثه زوجته متحدثًا بانزعاج:
-متتكلميش في الموضوع ده تاني أحسن علشان متخلنيش اضايق، واخلي بنتك متشوفش نسمة خالص، دي تخيلات في دماغك وبس أكيد مفيش حاجة.
قالت زوجته مسرعة:
-أحنا بنتكلم مع بعض ومفيش حاجة ما بينهم أكيد، لو في بنتي مش هتخبي عليا أنا بس بقولك اللي حاساه يا فريد وبتكلم معاك.
-لا متحسيش أحسن.
________________
تنهيدة طويلة خرجت منها وهي تقلب في حسابه للمرة التي لا تعرف عددها...
لكنها لا تجد أي شيء....
يجب عليها فعل شيء، تحاول أن تفكر في أي شيء قد يمكنها من معرفة سبب اختفائه الغريب والذي طال عن أي مرة، تحديدًا في تلك المرة الأهم بالنسبة لها....
شهقت سامية حينما خطر في عقلها شيئًا ما وهي تتذكر بأنها تحدثت مع شقيقته عبر الصفحة الخاصة بعملها، حينما أرسلت لها شكر خاص وبعض الصور من أجل أن تستخدمهم في الدعايا على صفحتها...
كيف نست هذا الأمر؟!!!
كم أنتِ حمقاء يا سامية!!
هكذا خاطبت نفسها بعدما ذهبت إلى الرسائل الخاصة بالصفحة وأخذت تبحث عنها بسرعة من أمرها، وما إن وجدتها حتى ضغطت لترى حسابها على الفور...
لحسن الحظ كانت شقيقته لديها بعض المرونة فأنت تستطيع معرفة بعض التفاصيل عنها رغم أنها ليست صديقه عندها...
بمجرد أن رأت أول منشور قابلته كانت صورة تجمع ياسمين شقيقة حمزة مع والدتها وتركت تعليقًا فوقها.
"أكتر من أسبوع عدى عليا يا حبيبتي وأنا لسه مش مصدقة أنك مبقتيش معايا، ربنا يرحمك يا قلبي ويصبر قلبي على فراقك"..
شعرت سامية بالذهول الشديد..
حتى أنها فتحت التعليقات لتجد الجميع يدعو إلى والدتها بالرحمة....
لقد توفيت والدته!!
لذلك اختفى......
وهي من ظنت به سوءًا....
تألمت من أجله ومن دون تفكير أغلقت التطبيق ثم توجهت إلى جهات الاتصال تبحث عنه وتقوم بالاتصال به بلا وعي ضغطت على اسمه...
لكن ما حصلت عليه هو أن هاتفه كان مغلقًا.
-وأنتِ اللي شكيتي فيه....
كانت تعاتب نفسها بصوتٍ مسموع غير مدركة بأن والدتها أتت من المطبخ هاتفة باستغراب:
-مين ده اللي شكيتي فيه؟!
أردفت سامية بانزعاج جلي:
-شكيت في حمزة بسببك أنتِ وعمي والواد أمه ماتت علشان كده اختفى ومتصلش، علشان أنا منحوسة وفقر حصل كل ده علشان جاي يخطبني..
سألتها انتصار وهي تجلس على المقعد باستغراب:
-وأنتِ عرفتي منين هو كلمك؟!!.
قالت سامية بقلق شديد عليه:
-هكون عرفت منين يعني من اكونت اخته على الفيس كاتبة ان امها ماتت، ياريته كلمني، اختفائه ده قالقني أصلا، هتلاقيه مصدوم..
تفهمت انتصار الأمر ثم تحدثت بنبرة منطقية:
-ربنا يرحمها ويقويهم أهم حاجة متقعديش تكلميه ولا تعملي حاجة سبيه يعدي من اللي هو فيه ولو عايزك أكيد هيفوق وهيكلم عمك لما تعدي فترة مناسبة أدينا عرفنا إيه اللي خلاه ميتصلش.
صمتت سامية وتصنعت بأنها توافق حديثها...
لكنها تفكر في شيء تفعله، هل تذهب إلى مكان عمله؟!!
لعلها تتمكن من الوصول له..
نهضت سامية ثم توجهت صوب غرفتها تحاول التفكير فيما تفعل، يجب عليها الوقوف بجانبه في موقف هكذا....
تتمنى أن يكون بخير....
__________
بعد مرور عدة أيام...
أتى يوم الخطبة...
في منزل زهران..
كان نضال يرتدي سترة بدلته السوداء وأسفلها القميص الأبيض والبنطال الأسود، ويرتدي ساعته الفضية...
خرج من الغرفة ليجد سلامة وزهران جالسين على الأريكة، والأول خرطوم الأرجيلة في فمه لا يرغب في تركها حتى أخر لحظة.
كان سلامة يرتدي بدلة من اللون الكحلي مع قميص أبيض، بينما زهران يرتدي بدلة سوداء وقميص أسود أيضًا وكان رده على سلامة حينما سأله لما لم يرتدي القميص الأبيض الذي قام بشرائه معه أخبره بأنه لا يرغب بأن يكون مشابهًا لملابس نضال حتى لا يقوم بالتغطية عليه وتذهب الانظار إليه تحديدًا لأن الجميع أعجب باللون الأسود عليه.
هبطت دمعة من عين زهران هاتفًا بنبرة متأثرة:
-أخيرًا شوفتك عريس يا نضال يا ابني.
تمتم سلامة باستغراب وهو يوجه حديثه إلى والده:
-إيه التأثر الغريب ده والدموع دي؟! ده أنتَ معيطش يوم خطوبتي..
هتف زهران بنبرة خافتة هو يلكزه في كتفه:
-يا غبي بحاول ألهيه..
كان رد سلامة عليه بسيطًا:
-إذا كان كده ماشي.
تحدث نضال مستنكرًا وهو يعقد ساعديه:
-أنا سامعكم على فكرة..
أردف زهران بإعجاب واضح:
-سيبك من ده كله شكلك زي القمر ده يا بختها سلمى بيك والله.
تمتم نضال ساخرًا من حاله:
-والله هي خطوبة مش مفهومة العروسة فهمت أنك كنت رايح تتجوز أمها، وأنا مدبس واحنا مش عارفين احنا مكملين ليه أساسًا جوازة غريبة وخطوبة أعجب.
قال زهران بمزاج رائق كعادته:
-ده مفيش أحسن من الحاجات الغريبة دي بتكون في حتة تانية يا غبي، وبعدين طول ما الحاجة متيسرة يبقى متقلقش وهي جوازتكم متيسرة الحمدلله.
صمت نضال لأنه لم يعد هناك وقت للحديث أو حتى الاعتراض، المزعج بأنه ليس غاضبًا...
لكنه لا يمتلك شعور رجل ذاهب لخطبة فتاة.
هو لا يشعر بأي شيء هو مشوش إلى حدٍ كبير.
تحدث نضال بتحذير واضح:
-ياريت بلاش حركات غريبة منك يا بابا تحرجني مع سلمى أكتر وأبعد عن طنط يسرا خالص..
رد زهران عليه بنبرة هادئة:
-أنا يا ابني؟! من امته أنا بعمل حاجة بس...
على الجانب الأخر..
في بناية أخرى من شارع خطاب كانت تجلس سلمى على المقعد وتضع جهاد بعض اللمسات على وجهها مما جعل سلمى تهتف غاضبة:
-عارفة لو طلعت من تحت ايدك زي البلايتشو ومحطتيش حاجة خفيفة زي ما قولتلك مش هيحصل كويس..
أردفت جهاد بثقة:
-والله بعملك حاجة عظمة..
تمتمت سلمى بقلقٍ:
-خليني طيب أبص في المرايا أتأكد أن الدنيا تمام علشان أنا قلقانة منك مش عايزة حاجة تبان أوفر ولا كتير، حاجات بسيطة جدا جدا كأني مش حاطة..
هتفت جهاد وهي تحاول بث الطمأنينة فيها:
-هو ده اللي بعمله والله سبيني أكمل بقا أحنا متأخرين أصلا وبعدين مش هتشوفي في المرايا إلا لما أخلص خالص.
صاحت سلمى مستنكرة وبغضبٍ:
-فاكرة نفسك ميكب أرتست أنتِ؟!، ده أنا مرضتش أجيب حد علشان متقولش ليت الكلمتين بتوعك دول ولا تقعد تلعب في وشي وأنا مش شايفة..
ابتعدت جهاد عنها بعد دقائق..
لتنظر سلمى إلى المرأة، كانت جميلة حقًا؛ ورائعة لم تبالغ جهاد كما وعدتها..
تحديدًا وهي مازالت خصلاتها حرة، أعجبتها هيئتها لا تنكر؛ وبسبب صمتها الذي طال تحدثت جهاد بحماس شديد لمعرفة رأيها:
-ها إيه رأيك؟!.
جذبت سلمى فرشاة كانت أمامها حتى تصفف خصلاتها وتقوم بعقدها قائلة بتكبر:
-يعني شغالة يجي منك.
-قولي الصراحة وبطلي بواخة بقا..
قالت سلمى بصدقٍ وعفوية:
-حلو يا جهاد لو مش حلو كان زمان صوتي جاب الشارع كله أنتِ عارفاني، يلا بقا علشان ألبس الفستان وتقفليلي السوستة وبعدها ألف الخمار..
وحدث ما قالته ارتدت فستانها من اللون الكشميري، كان لا يصف جسدها بشكل مبالغ فيه، محتشم إلى حدٍ كبير لا يظهر مفاتنها، به بعض التطريزات والنقوش المحفورة بعناية وأرتدت خِمار من اللون نفسه..
فتحت باب الغرفة يسرا في تلك اللحظة وقالت بحنان أمومي وحب كبير وقد لمعت عيناها من الدموع وهي تضع الطبق الذي يتواجد به الشطائر:
-بسم الله ما شاء الله شكلك زي القمر يا سلمى.
ثم أقتربت منها تاركة قُبلة فوق رأسها وأمسكت كفيها هاتفة:
-ايدك متلجة كده ليه يا سلمى؟! كلي أي حاجة يا بنتي أنتِ مكلتيش من الصبح وبقالك فترة مهملة في نفسك ومش بتأكلي زي الأول وخسيتي خالص.
غمغمت سلمى بنبرة هادئة:
-ايدي ساقعة من البرد الجو ساقعة يا ماما وبعدين متقلقيش عليا مفيش حاجة يعني أنا بس مليش نفس مش أكتر..
تمتمت يسرا رافضة:
-لا..
ثم نظرت إلى جهاد متمتمة بجدية:
-خليكي مع أختك وخليها تأكل أي لقمة بسيطة كده، وأنا برا بستقبل الناس، وعلى فكرة الست بهية وحفيدتها جم كمان والجيران كلها جت تقريبًا.
تمتمت جهاد بهدوء وهي تضع بعض اللمسات على وجهها بعدما أرتدت فستان من اللون الأزرق القاتم.
-متقلقيش أنا هخليها تأكل اخرجي أنتِ استقبلي الناس بس.
خرجت بالفعل يسرا وهنا هتفت جهاد بنبرة جادة:
-كلي بقا يا سلمى حاجة مش كده.
تمتمت سلمى برفض واضح:
-مش عايزة أكل هو بالعافية، لو كلت وأنا مش عايزة هرجع.....
...بعد مرور ساعة ونصف...
كانت سلمى تجلس على المقعد بجوار المقعد الخاص بـ نضال، وكانت جهاد استعانت بأحدى صديقاتها التي تعمل بتزيين المنزل عند المناسبات...
كان الجميع يلتقط الصور معهم، سلمى كادت أن تصرخ هي لا تحب التصوير من الأساس لكنها تحاول أن تجاري هوس ريناد صديقتها الجديدة، وشقيقتها جهاد المهووسة هي الأخرى بالأمر..فـكان الجميع يلتقط معهم الصور..
أردف نضال غير مجاملًا بل كان صادقًا:
-شكلك حلو في اللون ده.
ردت عليه سلمى بهدوء وخجل طفيف:
-شكرًا.
للحق يقال أنها كانت ترغب في أن تعطيه إطراء واضح على هيئته لكنها صمتت وعادت تخشب ملامحها مرة أخرى وهي تفكر في الأمر، لم يأتي أحد من عائلة والدها، كما لم يأتِ والدها نفسه، لأول مرة تشعر بالضيق بهذا الشكل لأنه لم يأتِ وعلى ما يبدو لن يفعل...
صدع صوت الأغنية الشهيرة...
يا دبلة الخطوبه عقبالنا كلنا
و نبنى طوبه طوبه ف عش حبنا
نتهنا بالخطوبه و نقول من قلبنا
يا دبلة الخطوبه عقبالنا كلنا
.....
يا صوره ف الخيال ما تغبش عننا
بداية الآمال و عز فرحنا
يا صوره ف الخيال ما تغبش عننا
بداية الآمال و عز فرحنا
.....
شبكنا بدبلته و قرينا فتحته
و عرفنا نيته و غلاوته عندنا
يا دبلة الخطوبه عقبالنا كلنا
جاءت والدتها وهي تحمل الصينية التي تزين اسم سلمى ونضال عليها باللغة الإنجليزية وفوقها المشغولات الذهبية والخاتم الخاص بسلمى وخاتم نضال أيضًا.
جاءت جهاد أيضًا ووقفت ناحية نضال هاتفة بحماس شديد وكأنها خطبتها هي:
-لبس العروسة الشبكة يا عريس...
جاء زهران أيضًا ووقف بسعادة حقيقية بجوار جهاد، بينما نضال مد يده ليأخذ خاتم الخطبة...
هتفت سلمى بحرج كبير:
-مش هينفع هو اللي يلبسها ليا.
قبل أن يعقب نضال، تحدث زهران مستنكرًا:
-أومال هنجيب راجل من الشارع يمسك إيدك ويلبسها ليكي وابني موجود قُرني لا مؤاخذة؟!..
ضحكت جهاد رغمًا عنها وأنظار الجميع تحلق بهم بحماس لكن لا أحد يستمع إلى كلماتهم بسبب الأغنية...
قالت يسرا متفهمة اعتراض ابنتها وعقلها:
-علشان الحرمانية.
قاطعها زهران ببساطة والابتسامة مرسومة على ثغره:
-ربنا يثبتك ويحفظك يا سلمى يا بنتي...
ثم أسترسل حديثه بجدية وهو يأخذ الخاتم:
-خلاص البسها أنا ابوه مش حد غريب، وزي أبوها.
هنا تحدث نضال بنفاذ صبر:
-اه هو حرام على نضال لوحده بس اللي يلبسها لكن حلال ليك.....
أشار زهران إلى زوجة شقيقه بأن تأتي ثم غمغم بهدوء:
-خلاص مرات عمه زي أمه وهي اللي تلبسها الشبكة ولا تزعلوا نفسكم جيبت ليكم الست اللي في عيلتنا اعتقد كده مفيهاش حرمانية يا ست سلمى.
بعد مرور ربع ساعة..
وبعدما انطلقت الزغاريط معلنة عن سعادتهما...
كان الجميع يتناول الكعك ويشرب المشروبات الغازية...
أما ريناد كانت تقف في الشرفة هاتفة وهي تضع الهاتف على أذنيها وتستند بنصف جسدها على السور الخاص بالشرفة:
-مش عارفة أنا خلاص فاضلي يومين واخلص الامتحانات ومش عارفة بابي هيوافق ولا لا.
ردت عليها صديقتها بشيء مما جعلها تهتف بجدية:
-مش عارفة مهوا لو جيت معاكم الحفلة ملهاش حل غير إني أجي من وراه هي شكلها هترسى على كده.
كانت ريناد ترتدي فستان من اللون الأسود يصل لما بعد ركبتيها وحذاء ذو كعب عالي أسود، أستعانت بالمرأة التي تعمل في منزلهما أن تأتي بهم...
كانت تاركة خصلاتها حرة ووضعت مساحيق التجميل التي تبرز جمالها، ولم تكن تدرك بأنها تتحدث وهناك من يستمع إلى حديثها..
-هشوف وأقولك..
ثم توقفت عن الحديث حينما شعرت بأنفاس شخص أخر معها في تلك الشرفة الصغيرة جدًا فاعتدلت لتجد دياب التي أتى من أجل أن شرب أحدى سجائره على انفراد...
فحاولت أن تنهي الاتصال سريعًا مع صديقتها:
-يلا باي هكلمك وقت تاني.
أغلقت المكالمة ثم تحدثت بانفعال وارتباك مبالغ فيه:
-أنتَ واقف بقالك كتير؟!.
هز رأسه بإيجاب مما جعلها تتحدث بغضب:
-وأنتَ ازاي تقف كل ده وأنا هنا؟!.
قال دياب ببساطة:
-محدش قالي أنه ممنوع..
-يوووه كده كتير أوي بجد ورايا في كل حتة، مش معقول يعني أنا زهقت منك بجد.
تحدث دياب مصححًا لها الأمر:
-حقك على اللي خلفوني بس معلومة بسيطة بس أنا مش في بلكونة جنابك ولا في بيتك..
سألته ريناد بحماقة شديدة:
-طب وبتعمل إيه هنا ان شاء الله؟! وإيه اللي جابك النهاردة وأنا هنا أصلا.
هتف دياب ببساطة:
-علشان دي خطوبة صاحبي مش جاي اتأمل جمالك يعني....
-والله أنتَ قليل الأدب..
عقب دياب بغضب واضح في البداية ثم أنهى حديثه باستفزاز واضح:
-احترمي نفسك ولمي لسانك أحسن ليكي وبعدين أنا سمعت اللي كنت بتقوليه لصاحبتك وأنا اللي هعرف ابوكي...
تحدثت ريناد بعد ضحكة ساخرة خرجت منها:
-وأنتَ تعرفه منين ان شاء الله؟!!.
-إلا أعرفه، ده أنا اعرفه واعرفه أوي كمان ده أنا معايا رقمه.
ثم أخرج هاتفه باحثًا عن اسمه وحينما أتى بجهة اتصاله وضعه أمام عيناها لتهتف بتردد:
-لو قولت له حاجة أنا هقول لمامتك أنتَ كمان على اللي عملته معايا.
هنا جاء صوت حُسنية التي لاحظت اختفاء ولدها فعلمت بأنه رُبما ولج ليتحدث في الهاتف أو من أجل أن يدخن.
-هتقوليلي إيه يا ريناد الواد ده عمل إيه معاكي؟!!..
ردت ريناد عليها بلا تردد:
-ابنك يا طنط حُسنية كان عايز يدخلني الشقة عندكم وهو قاعد لوحده وحضرتك مش موجودة.
أتسعت عين حُسنية تحدث دياب غاضبًا:
-أنتِ عبيطة ولا مجنونة ولا شكلك الاتنين مع بعض؟!!! إيه اللي عايز ادخلك الشقة أنتِ كدابة كدب وعايزة تلبسيني مصيبة وخلاص، أنتِ من يوم ما شوفتك جلابة مصايب..
قالت ريناد بهدوء كبير:
-والله ده اللي حصل أنا مش بكدب في حاجة.
هتف دياب وهو يكز على أسنانه:
-أنتِ نهايتك على إيدي...
ضحكت حُسنية بهدوء ثم أردفت بثقة في ابنها وهي تضع يدها على ذراعه الأيمن:
-في سوء تفاهم أكيد ابني دياب عمره ما يعمل كده، أكيد أنتِ اللي فهمتي غلط...
قالت ريناد بحرج ولكنها حاولت قول أي شيء:
-ممكن يكون في سوء تفاهم أه بس هو دايما بيعاملني زي ما حضرتك شايفة كده ويتعصب عليا من غير ما اعمله حاجة....
ردت عليها حسنية بنبرة جادة:
-دياب ابني مفيش أطيب منه ولو عمل حاجة بتكون غصب عنه ولو زعلك يا ستي علشان عيونك وعيون بهية يعتذرلك دلوقتي...
جحظت عين دياب بسبب حديث والدته..
لمن يعتذر؟!
إلى تلك الفتاة؟!!..
لن يفعل أبدًا...
شعرت ريناد بغضبه ونظراته الحارقة لذلك تحدثت قبل أن تخرج شبة راكضة من الشرفة:
-لا ملهوش لزوم يعتذر حصل خير.....
"بعد مرور ساعة أخرى"
وبدأ المدعويين في الرحيل تحدث زهران وهو ينظر إلى نضال وسلمى:
-ربنا يتمم ليكم بخير يا ولاد وبمناسبة الخطوبة واليوم الحلو ده، نضال ابني ياخد عروسته وصاحبه واخته، وجهاد وسلامة وبنت، والشباب كلهم ويروحوا يتعشوا برا طبعا بعد ما الست يسرا توافق طبعًا..
قالت يسرا بعدم اعتراض تحت نظرات سلمى التي تترجاها أن ترفض:
-خليهم ينبسطوا ويخرجوا....
أشار زهران ناحية ريناد هاتفًا:
-وخدوا البت الحلوة قريبة الست بهية دي معاكم تحلي القعدة..
ردت ريناد عليه:
-شكرًا يا اونكل، لو نينا بهية وافقت أنا معنديش مشكلة.
هتفت بهية وهي جالسة في مكانها:
-هتصل بابوكي لو وافق روحي.
أما دياب غمغم وهو يقف بجوار نضال:
-أما بت ملزقة صحيح...
ثم وجه حديثه إلى نضال هاتفًا:
-ما تشوف ابوك اللي في الكبير شغال وفي الصغير شغال ده...
تمتم نضال وهو يكز على أسنانه:
-اسكت أنتَ، وبعدين إيه اللي نضال عازمكم هو نضال فتح بوقه أساسًا؟!..
غمغمت سامية برفضٍ وهي توجه حديثها إلى عمها:
-لا خليهم يروحوا هما و...
قاطعها زهران بجدية:
-لا اخرجي وفكي عن نفسك معاهم..
ثم وجه حديثه بفخر:
-الليلة كلها عند نضال ابني يروحوا يجيبوا العربيات وياخدوكم وتروحوا مع بعض وتنبسطوا شباب مع بعض.
هتف سلامة بنبرة مرحة:
-هو جلسة الشباب تحلى من غيرك يا زهران برضو؟!..
تحدث زهران بنبرة عقلانية لا تليق به:
-اه هنعمل إيه هأخد زمني وزمن غيري يعني.
تمتم نضال بنبرة ساخرة وهو مازال يقف بجوار دياب:
-أبويا اتقن الدور أكتر ما كنت عايزه يتقنه ما شاء الله عليه يعني.
_____________
امتنعت ايناس عن الذهاب إلى الخطبة..
رغم إصرار حور حتى تذهب معهم وحتى كلمات والدتها لم تستمع إليها، أبت ورفضت الذهاب، هي لا تشعر حتى الآن أن لديها ما يؤلها حقًا للخروج أو حضور المناسبات تلك، كيف تحضر المناسبات السعيدة وهي مازالت تتألم من الداخل؟!
تحاول أن تفكر متى التعافي؟!..
هل سوف تظل طوال عمرها تفكر فيما مضى وما حدث....
خلعت والدتها ملابسها ثم جاءت من الغرفة وهي تجد إيناس تحمل أحدى أطفالها في أحضانها نائمًا بينما ابنتها جنى تشاهد التلفاز وتضع رأسها على فخذ والدتها وتمرر إيناس يدها على خصلاتها...
غمغمت حُسنية وهي تجلس على المقعد بوهن وضعف بدأت تشعر به لكنها تكابر بسبب جرعات الكيماوي التي تتلقاها:
-مش كنتي جيتي يا بنتي معانا، وغيرتي جو والله كان يوم حلو ونضال وسلمى كانوا لايقين على بعض.
هتفت إيناس بصوت هادئ:
-ربنا يتمم ليهم بخير يارب، أنا مخنوقة يا ماما ومضايقة شوية ولو روحت هبقى مكشرة ومكنش له لزوم أهم حاجة أنتم انبسطوا..
شعرت حُسنية بالضيق من أجلها ثم أردفت:
-يا بنتي فكيها على نفسك، وعيشي اليوم بيوم وبطلي تفكري.
ثم حاولت تغيير الموضوع فهي تتحدث معها كل يوم ولكن ليس هناك أية نتيجة:
-حور لما صدقت مشيت وراحت مع دياب..
ضيقت إيناس عيناها بعدم فهم ثم تحدثت باستغراب فمن كثرة ضيقها لم تفكر سؤال والدتها حينما أتت أين شقيقها وشقيقتها:
-هما صحيح راحوا فين؟!.
عقبت حُسنية بهدوء:
-الحاج زهران قال لنضال يأخدهم والشباب كلهم يخرجوا ويتعشوا برا..
عقبت إيناس بنبرة جادة:
-طب كويس جدًا...
تمتمت حُسنية بسخرية وهي حانقة تشتكي إلى إيناس من شقيقها:
-واخوكي مكنش راضي يروح لولا البت حور صعبت عليه ؤاح وافق وأنا قولتله يروح هو كمان يغير جو.
تنهدت إيناس ثم غمغمت:
-اه يروحوا يغيروا جو، دياب بقاله فترة مطحون ربنا يرزقه بشغلانة كويسة ويخلص جامعته بقا ويشتغل حاجة مناسبة ليه وتريحه...
هتفت حُسنية بتمني حقيقي:
-يارب يا بنتي..
ثم أسترسلت حديثها بإرهاق واضح:
-أنا هروح بقا أنام علشان صاحية من بدري ونعسانة، يلا تصبحي على خير..
-وأنتِ من أهله يا حبيبتي.
رحلت والدتها وهنا أمسكت إيناس هاتفها ونظرت على الرسائل تحاول إيجاد رد من هدير، فهي اتصلت بها في الصباح وكان هاتفها مغلق، وكتبت لها رسالة.
"ازيك يا هدير، عاملة إيه يا حبيبتي؟! اتصلت بيكي الصبح كان موبايلك مقفول قولت يمكن تكوني في الدرس لأنك متعودة تقفليه لما تكوني في الدرس، طمنيني عنك يا حبيبتي"...
أرسلتها وهي تنتظر منها رد..
تشعر بالضيق الكبير من أجل هذه الفتاة، وكان هذا جانب من الجوانب التي سببت في أن تسوء حالتها النفسية بسبب صدمتها في صديقتها وبالأحرى صديقة عمرها كما كانت تظن.....
____________
بداخل المطاعم الفاخرة...
في أحد الأماكن التي تعد راقية نوعًا ما، كان نضال يجلس يتوسط الطاولة وبجواره تجلس سلمى بجانبها جهاد وسلامة...
في الناحية الأخرى دياب الذي جلس في المنتصف بين حور وريناد، أما سامية تتوسط الطاولة من الجهة الأخرى.
كان الجميع صامتًا بشكل مخيف..
حتى حاول نضال سؤالهم بهدوء:
-ها هتأكلوا إيه؟!..
قال سلامة بنبرة هادئة وجهاد تنظر معه في الهاتف:
-ادينا عملنا Qr code وبنشوف.
تمتمت سلمى بنبرة جادة وهي عاقدة ساعديها:
-أنا مليش نفس ممكن اشرب حاجة...
عقب دياب على حديث نضال هو الأخر:
-أنا مش جعان برضو...
بينما عين حور وريناد كانت في الهاتف تقرأ كلاهما قائمة الطعام، وتحدث نضال رافضًا الأمر:
-اللي مش جعان هيأكل برضو..
عقب سلامة بعده بهدوء:
-اه كلنا هنأكل العزومة على حساب نضال ولو محدش كل الحاج زهران هيأكل وشه أنه كان بيبخل علينا ومش راضي يصرف...
تحدثت جهاد بحنقٍ واضح وهي تميل على سلمى قليلًا التي كانت تجلس بجوارها، وكان صوتها مسموعًا بعض الشيء:
-في إيه يا سلمى اللي مش عايزة تأكلي ده كمان، أنتِ بقالك كام يوم مش بتأكلي كويس، وبعدين مكلتيش الصبح برضو وزعقتي في وشي استحالة متكنيش جعانة....
-إيه اللي مخلكيش تأكلي؟!.
صوت رجولي جعلها تنتفض في مكانها بشكل غير ملحوظ وهي تنظر ناحيته ولم يكن الصوت سوى نضال، فنظرت سلمى بعدها ناحية جهاد هاتفة بنبرة مرتفعة رغمًا عنها:
-نفسي في مرة تمسكي لسانك..
لا يدري لما ضحك نضال وعقب بجدية:
-أنا اتأكدت أنهم لايقين على بعض فعلا حلة ولقت غطاها...
تمتم سلامة بانزعاج وهو ينظر له:
-بتجيب سيرتي ليه طيب أنا اتكلمت ولا فتحت بوقي؟! ولا هو جر شكل وخلاص سيبني علشان أنا دلوقتي بحضر الأكل اللي هطلبه وهلفه وأنا ماشي مدام مش هدفع حاجة هجيب أكل الأسبوع كله.
قال نضال بنبرة هادئة:
-ماشي اتعلموا من سلامة واطلبوا لأني مش هسمح حد يقولي مش هأكل.
بعد وقت طلب الجميع طلباتهم وكانوا في انتظارنا.....
عــنــد سامـيـة...
كانت تحمل الهاتف بين أصابعها ترسل له العديد من الرسائل تعزيه فيها، تخبره كم تفتقده، وكم ترغب في أن تكون بجواره الأن والوقوف معه..
"البقاء لله"
"رد عليا وطمني عليك علشان خاطري، رد عليا بأي حاجة تخليني أطمن عليك"
"كلمني في أي وقت أو اتصل بيا هرد عليك مهما كانت الساعة، أهم حاجة أطمن عليك"
"فترة وهتعدي ان شاء الله"
ثم وضعت هاتفها على الطاولة بعصبية وقلق بعض الشيء حتى أنه لم يكن لديها نفس أو وقت لرؤية ومراقبة نضال وسلمى كما كانت تظن، هي فقط تشعر بالقلق من أجل حمزة الآن.
عــنــد جــهــاد...
كانت تراسل صديقتها المُقربة ميار في انتظار الطعام، ترى الصورة التي أرسلتها لها صورة أنفها، وهي تخبرها بالإجراء الجديد التي فعلته، في الوقت ذاته كان سلامة في المرحاض..
"البيرسينج خطير يا ميار تحفة بجد، كنت بفكر قبل الفرح اروح اعمل واحد في ودني".
أرسلت لها صديقتها بتشجيع واضح:
"ايوة وتعملي واحد زيي مش في ودنك بس، نروح مع بعض بقا"
"تمام".
جاء سلامة وجلس بجوارها على المقعد هاتفًا بنبرة جادة:
-المكان هنا دافي شوية الجو ثلج.
هتفت جهاد بنبرة هادئة:
-فعلا ياريتني كنت غيرت الفستان ولبست حاجة اتقل.
ثم نظرت إلى سلامة نظرة ذات معنى مما جعله يهتف بتردد:
-لا مهوا أنا مش لابس إلا جاكت البدلة متحلميش إني أقلعه أنا هنشف لوحدي أصلا..
تمتمت جهاد بنبرة ساخرة:
-عمرك ما خيبت ظني فيك أنتَ راجل مش رومانسي على فكرة، ما تيجي تأخد........
قاطعها سلامة بنبرة متهكمة:
-مفيش شبكة هاخدها، مش هاخدها إلا على بيتي هي وصاحبتها غير كده لا واتبطي بقا واتهدي.
أشارت جهاد ناحية نضال الذي كان واقفًا وهو يمد السترة الخاصة به ناحية سلمى التي أخذتها منه بحرج كبير:
-اتعلم من اخوك الكبير اتعلم.
تمتم سلامة ببساطة:
-لا مبتعلمش، شوية كده وهتشربي شوربة المشروم وهتدفي.
عند نضال وسلمى..
أخذت سلمى منه السترة على مضض هاتفة بحرج كبير:
-أنا مش سقعانة على فكرة ليه فاكر كده؟!.
جلس نضال على المقعد متمتمًا بنبرة جادة وهو يراقب ارتعاشة جسدها الغير محسوسة ويدها التي أقتربت أن تصبح زرقاء، كان هناك شيء غريب بها وهو لا يرغب في قوله صراحًا:
-مفيش حسيتك سقعانة ويعتبر لابسة خفيف كمان.
وضعت سلمى السترة على أكتفاها رغمًا عنها فهي تشعر بالبرد الشديد، وتشعر بأعراض غريبة في الوقت ذاته، لا تعلم ما الذي يحدث لها...
سمعته يهتف بنبرة جادة ومهتمة:
-أنتِ كويسة يا سلمى؟!.
رفعت رأسها ونظرت له قائلة بنبرة هادئة وهي تكابر وتنظر له بأعين قوية:
-اه كويسة مفيش حاجة.
كان نضال ينظر لها باستغراب..
لا يعلم لما يشعر بأن سلمى التي خطبها غير سلمى التي كانت يراها دومًا، وشقيقة خطيبة أخيه، كأنها فتاة أخرى لم يتوقع بأنها تمتلك هذا القدر من القوة في الردود، والمشاعر الغير مفهومة هي تثير ريبته، وفضوله في الوقت ذاته...
هي تلاحظ نظراته وتحاول أن تتجاهلها إلا أن سمعته يهتف بهدوء:
-ألف مبروك بما إني تقريبًا مقولتهاش عندكم..
ردت عليه مختصرة وهي تضم السترة عليها بشكل عفوي:
-الله يبارك فيك.
ثم نظرت ناحية سامية التي لم تكن تعطيهم انتباه لكنها لأول مرة تشعر بعدم الارتياح من وجودها، لا تدري لما؟!!
لكنها ليست سعيدة بوجودها في ليلة كهذه.
جاء النادل وأخذ يضع الأطباق أمام الجميع وهنا غمغم دياب بحنقٍ:
-أنا هقوم اشوف حور علشان اتأخرت برا..
"خارج المطعم"
كانت تقوم حور بتصوير ريناد بهاتفها..
الغريب أن حور كانت تمتلك هاتف يبدو حديثًا نوعًا ما مقارنة بالهاتف الذي يتواجد في يد ريناد.
ريناد سعيدة جدًا لأول مرة بعد عدة أسابيع تتوا في مكان يشبه الأماكن التي كانت تحب الجلوس فيها وتناول الطعام فيها، لذلك هي كانت سعيدة جدًا...
تحمد ربها بأن والدها وافق بعد إلحاح بهية، وإلا كانت ستفوت سهرة كهذه.
كان المكان جميلًا وفخمًا، هناك أماكن في الخارج تبدو لطيفة جدًا من أجل التصوير لذلك خرجت برفقة حور.......
أقتربت حور من ريناد حتى تجعلها تشاهد الصور التي التقطتها من أجلها..
تحدثت ريناد باعجاب واضح:
-بجد الصور تحفة يا حور..
عقبت حور على كلماتها بنبرة جادة:
-اومال لو شوفتي تصوير دياب أخويا بقا، يمسك أي تليفون مهما كانت كاميرته معدومة يطلع منه صور حلوة معرفش ليه ولا كأنه ساحر.
قالت ريناد بغضب واضح وهي تتذكر ما فعله معها:
-هو اللي اخوكي اللي علطول مش طايق نفسه ده بيعرف يصور؟!
قاطعتها حور بتلقائية شديدة وهي تدافع عن شقيقها:
-يمكن هو مبيحبش يتصور نهائي بس بيحب يصور أي حاجة يشوفها، اصلا كنت متوقعة أنه ممكن يشتغل فوتوجرافر في يوم من الأيام، تعرفي أنه من كام سنة كان عنده كاميرا حلوة جدًا وغالية كان بيصورنا طول الوقت وبيصور أي حاجة وهو ماشي في الشارع، بس باعها علشان يكمل فلوس شبكة ليلى وأهم سابوا بعض.
قالت كلماتها الأخيرة بصوتٍ باهت وكئيب بسبب حزنها على شقيقها، وكادت أن تتحدث لولا رؤيتها أياه وهو يأتي من الداخل بمعطفه من اللون البني الداكن......
توقف أمامهم ثم غمغم بنفاذ صبر:
-كل ده بتتصوروا؟!!! يلا الأكل جه...
هتفت حور بـ رجاء حقيقي ورغبة في أن تثبت إلى ريناد بأن شقيقها بارع في التصوير في الوقت نفسه:
-طيب لو سمحت صورني أنا وريناد صورة الأول بعدين ندخل.
كان يعلم دياب بأن شقيقته تعاني من كبت رهيب بسبب الدروس والحالة النفسية السيئة وما يدور حولها، لذلك هي سعيدة بأنها تنزهت وفي الوقت نفسه ذهبت إلى مكان لا تستطع الذهاب إليها كثيرًا لذلك رضخ لمطلبها حتى لا يكسر فرحتها بتلك الليلة فأخذ منها الهاتف وأشار لها بهدوء..
-اقفوا علشان نخلص.
ابتسمت حور ووقفت بجانب ريناد وكلاهما حاول أخذ وضعية التصوير المناسبة وألتقط لهم أكثر من ثلاث صور وكاد أن يتفوه بشيء أو يخبرهم بالدخول من أجل الطعام مرة أخرى لكن جاء صوت غير مألوفًا أو معروفًا بالنسبة إليه.....
-ريناد مش معقول.
أستدارت ريناد لتجد أحد أصدقائها والذي مد يد لتصافحه بتردد تحت نظرات دياب، وأكثر ما كان يقلقها هو تفسير غيابها له
هتف الشاب بنبرة جادة:
-مش معقول الاختفاء ده وبقالك فترة موبايلك مقفول ولا حد يعرف عنك حاجة وحتى الجامعة سألنا عليكي هناك...
تحدث دياب هنا ساخرًا وخرج صوته تحت نظرات شقيقته التي تشعر بالاستغراب مما يفعله:
-عقبال عندك بتتعاقب....
سأل الشاب بنبرة هادئة:
-مين ده أنا أول مرة أشوفه معاكي؟!.
رد دياب عليه قبل أن يأخذ شقيقته وينسحب:
- وأنتَ هتشوفني فين معاها أنا مالي بيها....
رحل دياب بخطوات سريعة وهنا عقب الشاب بعدم فهم:
-مين ده وبيتكلم كده ليه؟!!!!...
بداخل المطعم...
سقطت الملعقة من يد سلمى التي كانت تقاوم وتقاوم شعورها بأنها على وشك أن تفقد وعيها ولم تستطع أكثر حتى مالت برأسها للخلف فاقدة وعيها تمامًا....
وأخر شيء سمعته هو صوت نضال بجانب أذنيها وتداخل صوته مع صراخات جهاد التي نهضت هي الأخرى:
-سلمي، سلمى.......
________يتبع________
لو وصلتم لغايت هنا دمتم بألف خير ونتقابل في فصل جديد..
ياريت تفاعل حلو علشان التفاعل في النازل بشكل مريب🫠🫠
محدش ينسى الفوت والكومنت فضلا...
الفصل السابع عشر من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم
#شارع_خطاب
بقلم #fatma_taha_sultan
____________
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
_____________________
"أن يحبك أحدهم
وأنت تضحك بطريقة غريبة
وأنت تقلق
تخاف
تهتم بأدق التفاصيل
وتعتريك فجأةً رغبة بالأبتعاد عن الناس
أن يحبك أحدهم
بمزاجك المتبدل
بوجوهك المُتعبة
بأخطائك وبعاديتك المُفرطة
أن يحبك أحدهم
وأنتَ أنت .. لأنك أنت."
#مقتبسة
الحُبّ يختصِر المسَافات والأعمَار والأزمان، وإنَّك لَتلقىٰ الإنسَان فتُجالِسهُ مرّةً؛ ويكون مَوصُولًا بِرُوحك، فكأنّكُمَا فِي المعرِفة أبناء بيتٍ واحد؛ فَالرُوحُ وطَنٌ، والقَلبُ بَيت!
- وجدان العلي..
________________
يجلس "عمرو" في المقهي وبين يده الأرجيلة الخاصة به، واضعًا الهاتف على أذنيه يحاول الاتصال بها، لكن ليس هناك أي فائدة مما جعله يُلقي الهاتف مرة واحدة هاتفًا بانزعاج جلي وهو يتحدث مع صديقه عما يزعجه.
-بلكتني من كل حتة يا محمود، بلكتني حتى من أرقام الشغل بتاعتي، مسابتش ليا أي مكان أو مخرج أوصلها منه.
عاتبه صديقه المقرب "محمود" والذي بين يديه خرطوم أرجيلة هو الأخر:
-والله ده غلطك من الأول يا عمرو مفيش حد زي الأهطل يروح مطلق ومديهم حاجتهم بالسهولة دي، معرفتش أنتَ تلاعبهم لغايت كُنت سيبتهم يضربوا دماغهم في الحيط وأعلى ما في خيلهم يركبوه وأقصى حاجة كان ممكن يعملوها كانوا هيرفعوا قضية خلع ومكنوش هيطولوا منك حاجة ساعتها.
صاح عمرو مستنكرًا وهو نفسه غاضبًا من حماقته:
-مهوا أخوها مجنون، ده كسر النيش وكسر الشاشة وكان عنده استعداد يكسر الشقة كلها فوق دماغي ومستبيع وأنا أكيد كنت خايف على نفسي يعني.
سحب صديقه نفس طويل من الأرجيلة ثم تحدث بنبرة ذات معنى:
-خلاص يا عمرو متزعلش نفسك أكيد في حل، هي قبل ما تبلكك قالت ليك إيه؟! إيه أخر حاجة قالتها طيب وأنا هحاول ألاقيلك مخرج.
حاول عمرو تذكر حديثها لذلك غمغم وهو يخبره بجدية:
-قالتلي أنها عايزاني أصرف على العيال دي أخر حاجة قالتها، لكن أنا مش هخليها تطول مني مليم واحد حتى.
أخذ صديقه يفكر وطال صمته مما جعل عمرو يهتف ساخرًا:
-في إيه؟! ما تتكلم يا محمود، عمال تقولي هتلاقي حل هتلاقي حل واديك اتخرست أهو.
تمتم محمود بعد نفس وتفكير عميق:
-مراتك مش هتيجي بالغشومية يا عمرو، لازم ترجع حَبيب ولا كأنكم مخطوبين، أخوها مقوي قلبها ومخليها تتفرعن ده اللي فهمته من كلامك، وواضح أن ده مارعها، فأنتَ لازم تأخدها على الهادي.
تحدث عمرو بعدم فهم وهو يناظره بفضول كبير لمعرفة ما يرغب في إيصاله:
-ما تقول علطول أعمل أيه مرة واحدة كده علشان شكلك بتقول كلام يدخل دماغي.
قال محمود ببساطة:
-هتتصل متتكلمش في أي حاجة وتبعتلها مصاريف العيال، سيبك أنتَ النسوان مهما اتفرعنت بتيجي بالحنية، ده حتى المثل بيقول كله بالحنية بيفك، لما تلاقيك بدأت تتعدل في نظرها وتبعت مصاريف لعيالك، وشوية بشوية تتكلم كلمتين حلوين هترجع تاني تكون خاتم في صباعك، اسمع مني.
أعجب عمرو إلى حدٍ ما بحديث صديقه؛ لكنه غمغم بإحباط:
-أكيد مش هروح عندهم يعني، وبعدين هي مبلكاني من كل حتة، ومحدش من أهلي هيرضي يقف معايا في حاجة علشان نصهم مغلطني من الأول من معاملتي معاها والنص التاني شايف إني غلطت لما اتنازلت عن كل حاجة واديتها حاجتها.
وضع محمود يده في جيبه ثم أخرجها والهاتف فوضعها على الطاولة:
-اتصل بيها من عندي كلمها وتقولها أنك فكرت في كلامها وعايز تبعت مصاريف للعيال.
سأله عمرو بحماقة:
-يعني أقولها تقابلني؟!.
صاح محمود مستنكرًا وهو ينظر له:
-مش بقولك غشيم!!!!!..
أسترسل محمود حديثه تحت ضيق عمرو:
-لا طبعا كده هتفهم أنك بتجر سكة معاها، أنتَ هتكلمها دلوقتي وتقولها أعملي محفظة علشان ابعتلك عليها مصاريف للعيال، تقولها أن الولاد ملهمش ذنب ومتعملش أكثر من كده، وتقولها أنها تفك البلوك ليك علشان لو عايز تطمن على العيال أو تبعتلها فلوس مش كل شوية تحتاج تكلمها من رقم غريب.
أصبح الحديث مقنعًا نوعًا ما في عين عمرو مما جعله بعد دقائق يقف بعيدًا عن المقهى ولكن بمسافة تسمح لرؤية محمود له، وأتصل بها.
أجابت عليه إيناس بعد ثواني تقريبًا..
-ألو، مين معايا؟!.
تحدث عمرو بصوتٍ لين وهادئ كما نصحه صديقه:
-الو يا إيناس عاملة إيه؟! إيه أخبارك؟ أنا عمرو...
جاءه صوتها وهي تصيح بانزعاج جلي:
-ده رقم مين ده كمان؟! وبعدين بتتصل بيا ليه يا عمرو مش خلاص خلصنا؟!.
ألتزم عمرو الهدوء وهو يجيب على حديثها بنبرة واضحة دون مرواغة كعادته:
-رقم حد كده مش مهم رقم مين؛ مهوا أنا عايز أكلمك من بدري ومش عارف أوصلك، عايز أقولك أني هبعت فلوس للعيال، وعايزك تعملي محفظة على رقمك علشان كل شوية هبعتلك فلوس ان شاء الله، العيال ملهمش دعوة باللي حصل وهما ولادي وأنا أولى أصرف عليهم زي ما قولتي.
كان عليه أن يرى بأنها فغرت فاهها وعقدت حاجبيها تحاول استيعاب ما سمعته منه....
أخيرًا حاولت الخروج من صدمتها فجاءه صوتها مترددًا:
-أنتَ بتتكلم بجد يا عمرو؟!.
تمتم عمرو بجدية:
-أيوة، اعملي المحفظة وفكي البلوك علشان لو عوزت أطمن على العيال، مجرد ما تعمليها ابعتيلي بس رسالة وأنا هروح باعت ليكي علطول الفلوس، وصدقيني أنا مش هزعجك تاني، أنا مش عايز حاجة غير بس أن علاقتنا تكون كويسة علشان الولاد.
هتفت إيناس بقلق وعدم ارتياح يلازمها نوعًا ما:
-ما تبعتهم على المحفظة بتاعت دياب ما أنتَ عارف رقمه...
كز عمرو على أسنانه وهو يحاول أن يتمالك أعصابه:
-إيناس اخوكي مد إيده عليا بدل المرة مرتين، أعتقد بلاش ندخل في التفاصيل اللي تعمل مشاكل أنا بقولك اعملي محفظة وهبعتلك عليها فلوس الموضوع مش صعب يعني ولا هأكلك...
قالت إيناس من وسط حيرتها:
-طيب...
_______________
كانت ليلة غريبة وحافلة....
أنطلق الجميع بعدما فقدت سلمى وعيها صوب أقرب مستشفى، كانت بدأت تعود إلى وعيها قليلًا في الطريق وهي في أحضان شقيقتها، في سيارة نضال....
لكن رغم ذلك أصر الجميع على أن تذهب إلى المستشفى...
وافقت سلمى على مضض فـهي تشعر بالضعف والأعياء الشديد لا تستطيع أن تعاندهم وكان شرطها الوحيد هو بأن لا يخبر أحد والدتها حتى لا تقلق نفسها عبثًا...
ووافقها الجميع في تلك النقطة...
في الطوائ..
علقوا المحاليل لها بعد كشف مبدئي وقاموا بسحب منها عينات من أجل بعض الفحوصات غير رسم قلب، وهنا أخبر نضال صديقه دياب بأن يعود إلى المنزل مع شقيقته زسلامة يقوم بتوصيلهم ثم يعود لأن الوقت متأخر جدًا...
لكن رفض دياب مخبرًا أياهم بأنه سيركب سيارة أجرة هو وشقيقته ويظل سلامة معهم...
كان الأمر عاديًا وطبيعيًا إلى دياب إلى أن هتفت تلك الفتاة التي يغضب بمجرد سماع صوتها...
-أنا كمان خدوني معاكم.
كان تعقيبها هذا هو السبب الذي جعلها الآن تجلس في سيارة الأجرة في المقعد الخلفي بجوار حور أما دياب يجلس في المقعد الأمامي بجوار السائق.
كانت ريناد تشعر بالتوتر الشديد..
هل سيخبر دياب والدها حقًا؟!..
سوف يقوم بتنفيذ تهديده؟!...
هو صامت ولا يوجه لها حديث، هي لا تتذكر في المطعم إلا أنه رحل هو وشقيقته وهي أخذت تحاول تبرير اختفائها إلى الشاب ثم تركته في وسط المكان حينما وجدت الجميع يأتي من الداخل خلف نضال الذي يحمل سلمى بين ذراعيه وتسير بجواره جهاد بوجه مضطرب وقلق وهي تبكي بجنون وقتها تركت الشاب ورحلت معهم أثناء حديثها معه لم تودعه حتى...
حاولت ريناد بأن توجه حديث إلى دياب فهي تعلم بأنها أخطأت في حقه الليلة أمام والدته حينما تفوهت بتلك الحماقة لذلك خلعت أحد أقراطها وأسقطت واحدة منهم عمدًا ثم غمغمت وهي توجه حديثها إلى دياب:
-ممكن موبايلك لو سمحت.
رد دياب عليها وهو يستدير برأسه:
-أنتِ بتكلميني أنا؟!.
هزت ريناد رأسها بإيجاب وتحدثت:
-أيوة بكلمك أنتَ ممكن موبايلك علشان عايزة الفلاش الحلق وقع مني ومش لقياه.
تحدث دياب ساخرًا وهو يعتدل في جلسته:
-وموبايلك أنتِ فين؟!.
ردت عليه ريناد كاذبة:
-فاصل شحن.
تمتم دياب بعدم فهم:
-ما تقولي للي جنبك، قولي لـ حور.
ثم أستدار مرة أخرى ليجد شقيقته قد ذهبت في نومٍ عميق، هنا تحدثت ريناد بانزعاج واضح:
-هتفتح ليا تحقيق علشان تولع ليا الفلاش؟! مش فاهمة بصراحة في إيه؟!..
تحدث سائق السيارة، رجل أربعيني وهو يرفع يده إلى أعلى بهاتفه قائلا بنبرة مشاكسة:
-ولا تزعلي نفسك خدي موبايلي واعملي اللي عايزة تعمليه يا..
هنا تحدث دياب بغضب لم يجعله يستكمل كلماته وبسبب بنبرته المرتفعة استيقظت حور من نومها:
-نزل إيدك، وخليك في حالك ياسطا وركز في الطريق متخلنيش اتنرفز على أخر الليل متجربش حظك معايا..
هبط الرجل بيده ووضع الهاتف في مكانه مغمغمًا بنبرة متوترة:
-أنا قولت بس أخدم مكنش قصدي اضايقك ولا اضايق المدام...
غمغم دياب ساخرًا بانزعاج شديد:
-ولا مدام ولا زفت وبعدين ملكش فيه ولا تخدم ولا غيره خليك في حالك وبُص قدامك أحسن نعمل حادثة أو أخليك أنا تعمل حادثة من نوع تاني، خليك تروح بيتك سليم.
عقب الرجل بنبرة منخفضة:
-هي ليلة باينة من أولها...
ثم صمت الرجل وساعدت حور "ريناد" بإيجاد القرط وبعد دقائق....
أخــيــرًا.....
وقفت السيارة أمام البناية رقم أربعة عشر وهبطت حور ثم ريناد التي أخذت تبحث في حقيبتها عن نقود، وفي الوقت التي أخرجتها كان دياب أعطى السائق أجرته وكان يرحل...
تمتمت ريناد بانزعاج:
-أنا كنت هدفع على فكرة.
هتف دياب بنبرة ساخرة وهو يعقب على حديثها وأثناء ذلك كانت حور صعدت أثناء حديثهما لأنها تشعر بالرغبة في النوم:
-ليه ان شاء الله وبتاع إيه تدفعي أجرة التاكسي اللي أنا راكب فيه أنا واختي؟!.
تحدثت ريناد بتوضيح:
- يمكن علشان أنا كنت راكبة معاكم برضو ولو أنتَ شايف أن مينفعش أدفع ليكم أنتَ كمان مينفعش تدفع ليا أنتَ مش أحسن مني في حاجة.
زفر دياب بضيقٍ لا يدري عن أي ذنب يُكفر بتواجد تلك المرأة معه، فـتنهد ثم غمغم مشيرًا لها:
-ربنا يهديكي أنا على أخرى اطلعي يلا شقتك وخلصينا.
رفعت سبابتها وقالت بنبرة قوية لا تناسب ما تقوله قليلًا:
-ربنا يهديك أنتَ يا أستاذ.
رفع دياب يده موجهًا أياها صوب السماء متخذًا وضعية الدعاء:
-ربنا يهدينا جميعًا يارب.
ثم أنزل يده وهنا وضعت ريناد النقود في حقيبتها قائلة بكبرياء ورأسٍ مرفوع:
-المرة الجاية أنا اللي هدفع علشان تبقى عارف.
تحدث دياب متهكمًا:
-لا بعد الشر، ربنا ما يجيب مرات تانية ولا حاجة يلا أطلعي بقا وأفصلي وبطل رغي.
تمتمت ريناد بنبرة مترددة وهي تقوم بتعديل خصلاتها:
-طيب في موضوع كنت حابة أتكلم معاك فيه.
-مفيش بينا مواضيع نتكلم فيها.
صاحت ريناد في وجهه:
-طب اسمع الأول هو الرفض من أجل الرفض وخلاص، اسمعني من فضلك.
صمت وكان صمته وعدم اعتراضه بمنزلة إعلان واضح لها بأن تقول ما تريده لذلك استغلت الفرصة على أكمل وجه وهي تخبره:
-لو سمحت ممكن متقولش لـ بابي حاجة عن الحفلة، وأوعدك إني مش هروح أصلا وعد..
تحدث دياب بنبرة غامضة:
-وليه مقولش؟! بعد ما استعملتي حنجرتك الذهبية دي وبعلو صوتك روحتي قايلة قدام أمي إني كنت عايز ادخلك الشقة واتبليتي عليا..
تمتمت ريناد باعتذار وندم حقيقي:
-خلاص أنا اسفة، بجد متقولش حاجة وأنا اوعدك مش هروح.
تمتم دياب ساخرًا:
-ياستي تروحي ولا متروحيش أنا مال أمي، أنتِ فكراني مهتم للدرجة؟! أنا كنت بقول كلمتين وخلاص اعملي اللي تعمليه ولا توعديني ولا متوعدنيش أنا مليش دعوة بيكي أصلا من وسط همي هفكر جنابك رايحة الحفلة والا لا...
ابتلع ريقه ثم أشار لها متحدثًا بنبرة منزعجة قليلًا:
-يلا أطلعي مش حلوة تفضلي في الشارع لغايت دلوقتي وتكوني واقفة معايا كمان.
نظرت لها ريناد بشذر لأنها ترى نفسها
هي الحمقاء....
هي المعتوهة أنها ظننته رجلًا وفكرت في الحديث معه، هو وقح، ورجل مستفز؛ وبه كل الصفات السيئة في الكوكب...
لذلك تركته وصعدت على الدرج بغضب واضح بينما هو ظل واقفًا في مكانه.
______________
تجلس سلمى على الفراش تستمع إلى توبيخ والدتها كـطفلة صغيرة ارتكبت ذنبٍ ما وتستمع إلى حديث والدتها التي بالرغم من تأخر الوقت لم تخلد إلى النوم انتظرت أن تأتي الفتيات....
بمجرد أن أتت سلمى وجهاد..
فعلمت يسرا ما حدث لها، لذلك صنعت لها الحساء أولا وأتت به ثم وضعته أمامها وها هي تتناوله رغمًا عنها وتنصت إلى توبيخ والدتها...
-علشان بقالك فترة لا بتأكلي كويس ولا بتنامي كويس زي الأول وقعدت أقولك يا سلمى خلي بالك على نفسك بطلي تضغطي على نفسك وخلي بالك على صحتك، لكن كالعادة تجاهلتي كلامي واهي النتيجة.
كادت سلمى أن تتحدث لكن صرخت والدتها في وجهها كما لم تراها من قبل:
-ولا كلمة، اشربي الشوربة.
بالفعل...
بدأت سلمى تتناول الحساء رغمًا عنها، تحت ضحكات جهاد التي تكبحها بصعوبة رهيبة وهي تجلس على الفراش الآخر، فحاولت الهدوء قليلًا والحديث بنبرة طبيعية:
-خلاص يا ماما براحة عليها، وبعدين حصل خير الحمدلله أنها جت على قد كده.
ردت عليها يسرا بغضب واضح:
-أنتِ كمان ياريت تسكتي يا جهاد، فالحة بس تفتني على كل حاجة، ليه مقولتيش ليا واتصلتي بيا عرفتوني أنكم في المستشفى؟!.
عقبت جهاد وهي تعقد ساعديها بضيقٍ، تدافع عن حالها:
-بنتك اللي قالتلي متصلش بيكي، وبعدين محبتش أقلقك يعني.
تركت سلمى الحساء هاتفة برجاء حقيقي وهي تنظر إلى والدتها:
-كلت أهو والله مش هقدر أكل أكتر من كده أنا تعبانة وعايزة أنام واليوم كان طويل جدًا، واتشكشكت في المستشفى وخدوا مني عينات دم قد دده وعلقوا ليا كانولا واتبهدلت، سيبوني أنام بقا وحقك عليا يا ماما.
قاطعتها يسرا بتوضيح ونبرة جادة:
- أنا كل اللي مضايقني أنك تعبانة وحصل فيكي كل ده، نفسي تبطلي عِند يا سلمى، لو مكنتيش عندتي في الأكل والشُرب مكنش وصلنا لهنا.
بعدما انتهت من كلماتها تلك تحدثت بنبرة مُرهقة هي الأخرى:
-خلاص يا بنتي ننام والصبح نتكلم وهصحي من بدري أحضر ليكِ فطار وأعملك الغداء؛ أهم حاجة أنتِ لو حسيتي بأي حاجة صحيني ها؟!..
هزت سلمى رأسها بإيجاب فأبتسمت لها يسرا ثم نهضت هاتفة:
-تصبحوا على خير.
رد الاثنان في وقتٍ واحد:
"وأنتِ من أهل الخير"
رحلت يسرا..وبعد دقائق من رحيلها نامت سلمى على الفراش هاتفة بنبرة مُرهقة ومُتعبة إلى أبعد حد:
-يلا أقفلي النور علشان ننام بقا أنا مش قادرة مش حاسة بأي حتة في جسمي.
نهضت جهاد من فراشها وبدلًا من أن تتوجه صوب المصباح توجهت صوب فراش سلمى وجلست بجوارها ثم التصقت بها مما جعل سلمى تكز على أسنانها هاتفة:
-ابعدي عني ونامي أنا مش طايقة نفسي وتعبانة بجد.
تحدثت جهاد رافضة:
-لا يا ماما مفيش نوم، وبعدين يعني مش حابة تعرفي تفاصيل؟!.
غمغمت سلمى بعدم فهم:
-تفاصيل إيه مش فاهمة؟!.
ضحكت جهاد هاتفة بنبرة مرحة وهي تقلد صوتها:
-لا مينفعش هو يلبسني الشبكة، راح في أخر الليل الواد شالك متزعليش نفسك خالص ولا كأنك ريشة.
صاحت سلمى مستنكرة، وهي تعتدل في الفراش متمتمة بعدم فهم:
-مين اللي شال مين؟!..
بعد تلك الجملة صمتت تمامًا...
فهي لا تتذكر سوى بأنها فقدت الوعي، بعدها تتذكر بأنها كانت تفتح عينها بصعوبة وهي تجلس في السيارة في أحضان جهاد تحاول الحديث معهم وأن تبث الطمأنينة في نفس جهاد بأنها بخير، أما في المستشفى ساعدتها ريناد وجهاد لكن هناك بعض اللحظات منقطعة من عقلها لم تحاول السؤال أو لم يأتي في عقلها هذا السؤال، لم يكن هناك متسع من الوقت...
أكدت لها جهاد الأمر هاتفة بوضوح وصراحة:
-نضال اللي شالك يا حبيبتي هيكون مين على رأي عم زهران هنجيب راجل يشيلك والواد قُرني مثلا.
وضعت سلمى يدها على وجهها متحدثة بصوتٍ بالكاد خرج منها:
-اخرسي يا جهاد اخرسي.
تحدثت جهاد بنبرة مرحة:
-متتكسفيش يدوبك كنا أحنا ودياب واخته والبت صاحبتك الجديدة، على كام واحد في المطعم يعني مش قصة مدام منزلش ليكم فيديو على الفيسبوك ومكتوب عليه الراجل لما يحب.
غمغمت سلمى وهي تدفعها بصعوبة بسبب كف يدها الموضوع عليها اللاصقة الطبية:
-روحي أقفلي النور ونامي يا جهاد عارفة لو نطقتي أو اتكلمتي عن الموضوع ده تاني أو قولتيه مش هيحصلك كويس.
نهضت جهاد وهي تدندن الاغنية بمرح شديد..
بالحضن ياما بتبتدي حكايات وبتنتهي حكايات
الحضن ياما حاجات بتتقال فيه
الحضن ده إحساس يساوي حياة
وقت الفرح نملاه
وقت التعب والآه هنهرب فيه
بالحضن ياما أعز ناس بتغيب
بوداع في حضن حبيب
لحظة إيديه ما تسيب بتبكي عينيه
الحضن ده مين فينا يوم ينساه؟
مين سيرته مش وحشاه؟
ومناه في يوم يلقاه ويجري عليه..
كان مصيرها هو أن سلمى قذفتها بالوسائد وأي شيء طالته يدها.
___________
في منزل زهران....
-مجاش في بالي غير لما كنت بكلم سلامة وبيقولي سلمى أغمى عليها، غير القرموطي مشهد كريستينا حامل.
قهقة زهران بطريقة مرحة على حديثه بعدها سحب نفس من الأرجيلة مما جعل نضال يستشاط غضبًا، هنا تحدث سلامة بانزعاج شديد:
-لو نفرمل شوية...
صاح نضال مستنكرًا:
-كنت فرملت أنتَ، يعني احنا مرضناش نقول لحد تروح أنتَ قايل لأبوك في ساعتها، وبعدين هزار مش عايز أنا بقولكم أهو.
تحدث سلامة وهو يدافع عن نفسه:
-هو كان متصل بالصدفة والله و....
قاطع زهران هذا الحديث متحدثًا بنبرة جادة:
-بلاش تبقى قِفل وبعدين هو قالي واديني مجيتش ولا عملت حاجة تضايق حضرتك عملت ليا حجر وفضلت قاعد مستنيكم بأدب واحترام.
غمغم سلامة بجدية شديدة وهو يضع يده على كتف أبيه بعدما نهض من مكانه وجلس بجانب والده على الأريكة.
-أيوة الراجل معملش حاجة بلاش مشاكل بقا وعُقد وخلاص وبعدين أهم حاجة أننا اطمنا على سلمى.
نهض نضال من مكانه هاتفًا باختناق:
-أنا رايح أنام تصبحوا على خير.
-وأنتَ من أهل الخير يا ابني.
كان هذا تعقيب زهران بينما سلامة قال ببساطة:
-وأنتَ من أهله.
أستوقفه زهران هاتفًا بعدما سحب نفس من أرجيلته:
-سمعت أنك شيلت البت، عصب زي أبوك طالع ليا والله، جدع ياض اللي حصل ده أثبت أن فيك مني، ومن جيناتي.
تحدث نضال بحرج وغضب في الوقت ذاته:
-والله أنا لو ربنا كتبلي إني اخش الجنة هيكون سبب من ضمن الأسباب إني اتحملتك أنتَ وابنك.
أنهى حديثه ورحل إلى غرفته ثم صفع الباب خلفه وهنا غمغم نضال موجهًا حديثه إلى سلامة:
-عاق الواد ده ليا بس برضو راضي عنه مشكلتي إني طيب.
ابتلع زهران ريقه ثم غمغم بجدية:
-صحيح حصل إيه قبل ما سلمى يغمى عليها، اتكلموا مع بعض حصل حاجة كده ولا كده، طمني؟!.
حاول سلامة أن يفكر في إجابة مُقنعة متحدثًا بنفي:
-محصلش حاجة نادرًا ما كنت اشوفهم بيتكلموا مع بعض، وحتى لو اتكلموا كان كلام عادي قدامنا.
صاح زهران مستنكرًا وهو ينظر له:
-هو أنتَ كنت قاعد على حجرهم يعني؟! وبعدين بقا أنا مش عارف أعمل إيه، البت قفل بكل المقاييس ومتعقدة جامد من حوار أبوها ده، وغير أنها متحفظة أوي، والتاني مش طايق نفسه.
قال سلامة ببساطة شديدة وهو يقول أي شيء لكنه علق في ذهن زهران بشكل كبير:
-الاتنين دول لازم يكتبوا كتب الكتاب يا بابا......
______________
في اليوم التالي..
استيقظ نضال من نومه ثم قضى فرضه وتناول فطوره وخرج من غرفته، وجلس بجوار والده الذي بين يديه خرطوم أرجيلته وأمامه كوب الشاي الخاص به...
تحدث نضال بنبرة هادئة:
-إيه منزلتش لسه يعني مش كنت بتقول وراك مشوار؟!.
تمتم زهران وهو ينظر له بعدما سحب نفس من أرجيلته:
-شوية كده ونازل، لما أم عطية تيجي، هسيبها مع مرات عمك وامشي، تنظف الشقة كده بقالها كتير مجتش وأوضة سلامة بالذات لا تصطسر عدو ولا حبيب.
أردف نضال معترضًا:
-وليه مقولتش ليا من بدري؟!.
تحدث زهران ببساطة شديدة:
-علشان أنتَ كده كده نازل على العصر.
غمغم نضال بعدم فهم وهو يخبره:
-مين قالك إني نازل على العصر؟! أنا مواريش حاجة وده معناه إني مش بنزل غير قبل العشاء، إيه اللي أنا نازل دي بقا؟.
وضح له زهران الأمر قائلا بنبرة جادة:
-مهوا أنا نازل رايح مشوار؛ وأخوك في الشغل، وأنتَ هتنزل علشان تشوف خطيبتك عاملة إيه وتطمن عليها، أنا كلمتهم يحضروا ليها قطعيات لحمة أنما إيه خيال وعجب، ترم عضمها تعدي تأخدهم وتأخدلك طبق حلويات وتطلع كده تطمن عليها زي الشاطر..
رد عليه نضال ساخرًا وهو يناظره بعدم تصديق حقًا:
-هو إيه اللي رايح بالاجبار دي علشان اشوفها عاملة إيه؟! ما أكيد زي ما هي ده معداش عشر ساعات، ده زمانها لسه مصحيتش من النوم أساسًا.
تحدث زهران بنبرة هادئة:
-إذا كان كل همك النقطة دي متقلقش، البت صاحية وعنيها مفنجلة أنا نفسي لسه قافل معاها من شوية كلمتها أطمن عليها وقولتها أنك هتروح ليهم على بعد العصر كده....
أخيرًا بعدما انتهى من كلماته نظر صوب نضال ليجده فاغرًا فمه، محلقًا بصره به لا يدري حقًا ما الذي يجب أن يفعله؟!..
-بتبص ليا كده ليه يا ابني بس؟! وبعدين يعني زيارة المريض واجب، ودي خطيبتك يعني مش أي مريض...
سأله نضال بعدم فهم:
-أنتَ جيبت رقمها منين؟!.
توقف لثواني ولم يعطِ مساحة لزهران حتى يتحدث وقال بنبرة غاضبة:
-طبعًا سلامة..
دافع زهران عن ولده هاتفًا بانزعاج:
-لو سمحت متظلمش ابني، ابني في الشغل بيجتهد مش فاضي ولا يفتن ولا يعمل حاجة..
تمتم نضال بعدم فهم:
-اومال جيبته منين يعني؟! مهوا أكيد مكنش معاك من الأول..
رد زهران عليه هاتفًا ببساطة شديدة وهو يخبره:
-بعت للبت جهاد على الواتس يا جاهل وبعتتلي الرقم وأنا كلمتها أومال زيك مبعرفش أجيب أرقام بنات؟! بعدين أنا مفيش رقم أي أنثى مين ما كانت هي مين يستعصى عليا إني أجيبه، دي بقا الشطارة والحنكة.
تحدث نضال وهو يكز على أسنانه هاتفًا بغضب حقيقي فهو يشعر بأنه على وشك أن يُصاب بجلطة قريبًا..
-هو مش كفايا بقا قرارات وحاجات تعملها من ورايا من غير ما تأخد رأيي؟!، لو حابب أننا نكمل أنا وهي مع بعض متدخلش بينا..
هتف زهران بنبرة بريئة:
-أنا يا ابني؟! انا عمري ما عملت حاجة إلا وأخذت رأيك فيها ومش بعمل حاجة من ورا ضهرك ولا بدخل ما بينكم..
قاطعه نضال بعصبية يحاول كبتها قدر المُستطاع:
-اومال تسمي إيه اللي عملته النهاردة بس إيه؟! ده أنا مش هتكلم عن اللي فات..
حاول زهران تبرير فعلته بمهارة شديدة:
-أبدًا ملهوش تبرير غير إني حبيت أمشي تبع الأصول وأفكرك بيها، الأصول بتقول تروح تشوفها وتطمن عليها وتتكلموا مع بعض بدل ما الليلة اضربت امبارح هو أنا بعمل كده علشاني يعني؟! مهوا كله علشانك..
تحدث نضال برجاء حقيقي:
-أرجوك متعملش حاجة خالص.
________________
بعد مرور ساعة ونصف تقريبًا..
كان نضال يجلس على الأريكة في منزل يسرا، بعدما جاء من أجل الاطمئنان على صحتها....
الغريب بأنه فكر بأن يأتي ولكنه حاول أن يقنع نفسه بأن ينتظر يومين على الأقل حتى تكون استعادت عافيتها.
صنعت له يسرا القهوة ثم أخبرته بأنها سوف تذهب حتى تخبر سلمى بأنه أتى..
وها هي فتحت باب الغرفة ثم أغلقته خلفها هاتفة:
-إيه مطلعتيش ليه؟! اكيد يعني مطرشتيش وسامعة الجرس وعرفتي أن في حد جه.
غمغمت سلمى كاذبة:
-مش قادرة أقوم يا ماما..
تحدثت يسرا ساخرة بعض الشيء:
-ندخله يعني الاوضة ولا إيه؟! قومي البسي الإسدال وخلاص، مش لازم تقعدي تفكري هتلبسي إيه، قومي عيب الراجل برا عايز يطمن عليكي، عيب متخرجيش وأنتِ عارفة أنه جاي أصلا من بدري.
بعد دقائق تقريبًا..
كانت سلمى تجلس على الأريكة بينما هو يجلس على الأريكة المقابلة تركتهم يسرا حتى تترك مساحة لهم بسيطة ومعقولة للحديث وذهبت حتى تصنع الغداء لهم.
هتف نضال وهو يحاول أن يتجاذب معها أطراف الحديث:
-ها إيه اخبارك دلوقتي بقيتي أحسن؟!.
تمتمت سلمى وهي عاقدة ساعديها:
-الحمدلله كويسة، مكنش له لزوم تتعب نفسك؛ كفايا اللي حصل امبارح تعبتكم وقلقتكم.
قال نضال ببساطة:
-مفيش تعب ولا حاجة أهم حاجة أنك تكوني كويسة وتخلي بالك من صحتك أكتر من كده.
ولم يسترسل حديثه حينما ولجت جهاد من باب الشقة بعدما فتحته بواسطة المفتاح وهي ترتدي قناع طبي "كمامة" في منظر غريب وكأنها تتخفى من شيئًا ما.
توترت جهاد أكثر وهي ترى نضال فقالت بقلقٍ:
-مساء الخير.
تحدثت سلمى معلقة رغمًا عنها دون أن ترد على تحيتها:
-لابسة كمامة ليه؟!!!..
غمغمت جهاد بتردد وهي تأتي وتجلس بجوارها متحدثة بصوت يظهر فيه الندم بعض الشيء:
-لا مفيش حاجة الجو تراب بس شوية وأنا الجيوب الأنفية مبهدلاني..
تمتمت سلمى بعدم اقتناع تردد جملتها الأخيرة:
-اه جيوب أنفية أه..
حاولت جهاد قول أي شيء حتى تلهي نفسها والجميع:
-ازيك يا نضال عامل إيه؟!..
رد نضال عليها بنبرة هادئة:
-الحمدلله بخير.
تحدثت جهاد بنبرة ظهرت فيها حمقاء:
-إيه مش بتيجي ولا بنشوفك ليه؟!.
ضحك نضال رغمًا عنه وهو ينظر لها متحدثًا بنبرة ذات معنى:
-يمكن علشان لسه الخطوبة أمبارح بس وجيت تاني يوم علطول، ده أنا مغيبتش عليكم غير اتناشر ساعة تقريبًا.
نما إلى سمعهم صوت الجرس وهنا انتفضت جهاد قليلًا ولم تنهض فور سماعها..
غمغمت سلمى بعدم فهم وهي تناظرها:
-ما تقومي تفتحي الباب وتشوفي مين..
أردفت جهاد بتردد:
-ملهوش لزوم.
جحظت عين سلمى بسبب تلك الإجابة الغير مفهومة ثم قالت بعصبية بعض الشيء تحت نظرات نضال:
-إيه اقوم أنا يعني؟!..
تمتمت جهاد بتردد وصوت الجرس يزداد بإصرار كبير:
-قومي...
جاءت يسرا من المطبخ حينما كان نضال يقول وهو ينهض من جلسته :
-خلاص أقوم افتح أنا متزعلوش نفسكم.
توجه نضال ثم فتح الباب ليجد شقيقه سلامة بأعين غاضبة إلى أقصى حد..
هتفت يسرا في الوقت نفسه وهي تنظر إلى ابنتيها:
-محدش فيكم عايز يتحرك ويفتح الباب ليه؟!..
حينما نظرت يسرا على وجه جهاد غمغمت بعدم فهم:
-إيه اللي حطاه على وشك ده؟! لابسة كمامة ليه؟!...
نهضت جهاد وكانت على وشك أن تركض صوب الغرفة لولا صوت سلامة المرتفع إلى حدٍ كبير بعدماىتخطى شقيقه والجًا إلى الداخل.
-استني عندك رايحة فين خليكي.
تمتمت يسرا بنبرة جادة:
-ازيك يا سلامة يا ابني؟! مالك؟! صوتك عالي كده ليه؟!
تحدث سلامة وهو يتمالك نفسه بصعوبة فهو أستأذن للذهاب من عمله بصعوبة شديدة بعدما تلقى الصورة الخاصة بها، ورسالتها التي اغضبته...
-أسالي بنتك يا طنط، وريهم اللي بعتيه ليا.
قالت يسرا وهي تحاول استيعاب الموقف:
-وريتك إيه وبعتت إيه؟! ما حد فيكم ينطق يقول في إيه؟!!.
خلعت جهاد القناع الطبي وواجهت الجميع متمتمة بجراءة تحسد عليها وهنا ظهر الشيء الذي يلمع في أنفها:
-مفيش كل اللي بيعمله ده علشان بعتله الصورة إني عملت بيرسينج.
صاح سلامة بذهول:
-بصوا بتتكلم ازاي ولا كأنها عملت حاجة، الهانم خرمت مناخيرها، ازاي تعملي كده من غير ما تقوليلي وتأخدي رأيي؟!!..
ردت عليه جهاد بنبرة جادة:
-أنا مقولتش لحد أساسًا وبعدين أنا مش عارفة أنتَ ليه مكبر الموضوع أوي كده يعني؟! هو ده حاجة تخصكم علشان أخد موافقتك وموافقة مصر كلها عليها.
تمتم سلامة بانزعاج جلي:
-أنا مش موافق.
غمغم نضال بنبرة عقلانية بعض الشيء:
-ممكن توطي صوتك وتهدى شوية.
قال سلامة بعناد واضح:
-أنا مش هتجوز واحدة مناخيرها مخرومة، تسد الخرم قبل الفرح يا بلاها بقا...
ردت عليه جهاد مستنكرة:
-مش هسد حاجة أنا حرة في اللي أنا اعمله، أنا لسه مبقتش مراتك عشان تتحكم فيا، وبعدين إيه أسده دي؟! أنتَ فاكر إني هقوله أتسد يا خرم هيروح مسدود؟!!! حتى لو حصل ده بعد فترة طويلة، وأنا نش هعمل كده شكله عاجبني ومقتنعة بيع.
تحدث سلامة بانزعاج شديد:
-زي ما خرمتيه سديه دلوقتي...
هتفت يسرا وهي تنظر له بضيقٍ رغم أن فعلة ابنتها ازعجتها هي حتى لو تفكر في أن تشاورها في الأمر مُسبقًا:
-وطي صوتك يا ابني واحترم على الأقل وجودي.
وجد نضال "سلمى" مازالت جالسة في مكانها فأردف بنبرة ساخرة بعض الشيء:
-منورة.
ردت عليه سلمى ضاحكة رغمًا عنها:
-بنورك..
غمغم نضال مستنكرًا سكونها فهي حتى لم تتحرك من مكانها مقدار ذرة:
-تحبي نجيبلك تشربي حاجة؟!..
عقبت سلمى على حديثه ببساطة:
-لا شكرا لو عايزة هقول أنا في بيتي كده كده، وبعدين أنا مش مصدومة العرض ده أنا شوفته كتير لايف.
عند سلامة..
كان مستشاطًا وغاضبًا إلى أقصى حد فأسترسل الحديث مع يسرا منفعلًا:
-لا واللي راحت معاها ميار، عي أي مصيبة في الدنيا يطلع من تحتها ميار من غير ما الواحد يفكر.
أردفت جهاد بنبرة شبة صارخة:
-على فكرة أنتَ مكبر الموضوع جدًا وبعدين مالك بيها دلوقتي هو معنى أنها راحت معايا تبقى هي السبب، هو أنا مليش رأي مثلا شايفني عيلة صغيرة ولا إيه؟!.
تمتمت يسرا بضيق شديد:
-أنا شايفة أن الكلام ممنوش فايدة دلوقتي أنتم الاتنين متعصبين اتكلموا وقت تاني.
رد نضال عليها:
-وأنا شايف كده برضو، يلا يا سلامة.
بالفعل رحل سلامة برفقة نضال بعدما ألقا التحية على الجميع وهنا تحدثت سلمى قبل أن تعقب والدتها:
-الحمدلله بقيتي زي البقرة شكلًا وموضوعًا....
ثم أسترسلت حديثها ساخرًا:
-بعديين معجبة بصراحة بدماغك الفاضية أن بعد هلك امبارح فكرتي تروحي تعملي كده، يا روقانك...
_____________
الواحدة بعد منتصف الليل..
عاد دياب منذ قليل بعدما قام بـ تسليم "التوكتوك" وها هو يجلس على الأريكة يتناول بعض الشطائر التي صنعتها شقيقته إيناس قبل أن تذهب حتى تستعد للنوم كعادتها في كل يوم لكن أطفالها لا يتركونها تفعل ما تريد.
أما حور كانت تجلس على أحد مقاعد السفرة وأمامها الكتب الخاصة بها، هذا أفضل وقت تحب المذاكرة فيه، حينما ينام الجميع بعد منتصف الليل، أو في الصباح الباكر أثناء نومهم وبالطبع كانت حُسنية خلدت إلى النوم منذ مدة...
نما إلى سمع دياب صوت جرس الباب فنهض من مكانه تحت نظرات حور التي تشعر بالاستغراب؟!..
من هذا الذي سيأتي لهم في هذا الوقت من الليل؟!..
فتح دياب الباب ليشعر بالصدمة كانت هدير أمامها بأعين متورمة وحمراء من كثرة البكاء وملابس إلى حدٍ ما عشوائية، كأنها ملابس منزلية!!
كانت هيئتها مُريبة نوعًا ما..
هتف دياب مُرددًا اسمها بتعجب غريب كان بـمنزلة ألف سؤال وسؤال:
-هــديــر!!
كان رد هدير عليه مختصرًا إلى حدٍ كبير وهي على وشك الدخول فؤ حالة انهيار وبكاء عظيمة:
-أنا معرفتش أروح فين غير هنا، أنا مليش حد....
بعد تلك الجملة جعلها دياب تدخل إلى الداخل، وأيقظ والدته، أما إيناس كانت بالفعل مستيقظة وأتت على صوت الباب هي وأطفالها..
أخذتها إيناس في أحضانها وهي تجلس بجوارها على الأريكة تحاول تهدئتها نوعًا ما، أما دياب كان مشتعلًا يرغب في معرفة سبب تواجدها في هذا الوقت بمفردها في الشارع؟!...
فتاة في عمرها لم تبلغ الثامنة عشر بعد، كيف أتت من تلك المدينة البعيدة بمفردها وهي ترتدي ملابسها المنزلية!!!!!!!!!
حاولت هدير قول أي شيء:
-أنا أسفة؛ أنا جيت عملت ليكم ازعاج.
قالت حُسنية بلُطفٍ وهي تناظرها بنظرات عطوفة:
-يا بنتي مفيش ازعاج ولا حاجة بس فهمينا إيه اللي حصل وخلاكي تكوني في الشارع في أنصاص الليالي كده...
سألها دياب بنبرة مباشرة:
-أخوكي اللي مشاكي؟!.
تحدثت هدير بنبرة متوترة من وسط بكائها وايناس تمسح دموعها بالمنديل الورقي:
-لا أشرف بقاله كام يوم في مأمورية ومش في البيت.
عقبت إيناس مستفهمة:
-طب إيه اللي خلاكي تسيبي البيت طيب وأخوكي مش موجود...
قالت هدير بنبرة مقهورة والدموع تهبط من عيناها بغزارة:
-مراته طردتني، طردتني وضربتني وفضلت تغلط فيا، وتقول كلام عمري ما كنت استوعب أنه ممكن يتقال ليا، من ساعة ما روحت وهي بتسم بدني بأفظع كلام ممكن الواحدة تسمعه عني وعن أختي..
ثم استدركت هدير نفسها وهي تقول اسمها مجردًا من دون أي صفة وكأنها لا تعرفها:
-عن أحلام، قالتلي مجيش هنا تاني، من ساعة ما روحت عندهم لا عارفة اذاكر ولا عارفة أنام ولا عارفة أكل بتسمم اللقمة عليا، أنا معرفتش حتى أكلم طارق أقوله إيه علشان الوقت اتأخر وعلشان أنا خايفة عليه لأني عارفة هو حاسس بالعجز إزاي وأنا زهقت من إني أفضل أشيله حِمل لدرجة إني كنت بكدب عليه كل يوم بأن كل الأمور كويسة وأنا كنت بعيط كل ليلة وأنام من كُتر العياط في الأخر والتعب.
تحدثت حُسنية بتردد وهي تسألها بجدية:
-طب ليه مفكرتيش تعرفي أخوكي بتصرفات مراته يمكن يكون غافل عنها أو مش مركز زي ما قولتي أنها بتدي كلام من تحت لتحت، كنتي كلمتيه وعرفتيه اللي عملته مراته في غيابه.
ضحكت هدير بسخرية من وسط ألمها هاتفة:
-في حاجات كتير أوي حصلت قدام أخويا ومفتحش بُقه بكلمة، هو أضعف من أنه يعارضها، أنا مطلبتش أنه يعارضها كان كفايا يطيب بخاطري ويقولي حقك عليا، لكن ده أشرف ومش هيتغير أنا بس اللي كنت في وقت من الأوقات صدقت بكل غباء أنه اتغير فعلا.
ابتلعت ريقها ثم نهضت، لتنهض إيناس هي الأخرى متمتمة بعدم فهم:
-إيه رايحة فين؟!.
هتفت هدير بتردد وحرج كبير:
-أنا هروح بيتنا وحقكم عليا مرة تانية بجد، أنا معرفتش اروح فين ولقيتني بقول للتاكسي ينزلني هنا.
هي تشعر بالقلق من أن يأتي شقيقها لها وهي بمفردها في المنزل لكن لا يمكنها أن تضايقهم أكثر من هذا..
أما دياب كان على وشك أن يطاير دخان من أذنيه وهو يسمعها يحاول تخيل الأمر بأنها ركبت سيارة أجرة فى هذا الوقت المتأخر ليلًا!!
بمفردها..
هذه المسافة كلها...
تمتم دياب بنبرة هادئة:
-نامي هنا معاهم يا هدير ويبقى يحلها ربنا بكرا، الصباك رباح، ونبقى نكلم طارق ونعرفه باللي حصل.
قالت هدير بتردد وجدية:
-ملهوش لزوم بجد أنا مش عايزة أكون تقيلة عليكم.
غمغمت إيناس بنبرة لينة:
-هنا بيتك يا هدير بلاش تقولي الكلام ده علشان مزعلش منك..
عقب دياب على حديث شقيقته كاذبًا:
-أنا أصلا كنت رايح أنزل على القهوة شوية وأقابل نضال وهبات معاه خليكي هنا معاهم والصباح رباح......
__________
طلب دياب من نضال أن يهبط ويجلس معه على المقهى لكن أخبره نضال أنه يشعر بالكسل والضيقٍ ليأتِ هو.......
هذا ما حدث، فصعد دياب وجلس مع نضال، سلامة، زهران وأرجيلته.....
أخذ دياب يقص لهم ما حدث وكيف أتت له هدير منذ قليل بتلك الحالة...
أردف سلامة بهدوء شديد:
-خلاص بات معانا..
تمتم دياب بنبرة جادة وهو يجلس بجانب زهران على الأريكة عاقدًا ساعديه:
-هي المشكلة يا سلامة مش أني أبات معاكم النهاردة ولا بكرا، المشكلة الحقيقية، طارق هيعمل إيه؟! بعد ما عرف باللي حصل وهيتصرف أزاي وهدير هيكون مصيرها إيه؟!.
تنهد زهران وقرر أن يقتحم الحديث أخيرًا متمتمًا بنبرة جادة:
-أنا لقيت الحل..
سأله دياب بفضول:
-إيه هو الحل يا عم زهران؟!.
كان نضال مبتسمًا فهو يعلم بأن رد والده لن يروق له أبدًا أو سيعطيه رد مُريب بـنسبة تسعة وتسعين، لكنه يحاول الإنتظار..
تمتم زهران بعدما سحب نفس طويل من أرجيلته ونفث دخانها:
-أحنا نكتب كتب كتاب دياب وهدير، وكده وجودها في بيتهم حلال وتكون مراته وكل المشاكل اتحلت.
هتف دياب بنبرة ساخرة:
-شكرًا يا عم زهران، متقولش حاجة تاني بقا وأنا اللي فكرتك هتقول حاجة بجد..
عقد زهران حاجبيه متحدثًا بانزعاج واضح وهو يدافع عن نفسه:
-مش بهزر، أنا فعلا بتكلم بجد، ده الحل المثالي، أنا بقول الحلول اللي مش بتيجي على دماغ حد، أنا مخي ده يتوزن بالدهب.
ثم نظر ناحية سلامة الذي مازال يجلس غاضبًا، وصامتًا فعقب بتعجب شديد من أحوال ابنه:
-هو أنتَ لسه ضارب بوز، كل ده علشان البيرسينج اللي بتقولوا عليه ده؟! وإيه المشكلة البت مأجرمتش وإيه ذنبها يعني؟!...
تمتم دياب وهو يميل على صديقه الذي يجلس على المقعد المجاور لأريكته:
-هو يطلع إيه البيرسينج ده؟!! طلعت مريضة ولا إيه؟! اللهم أحفظنا، بلاش اخوك يطلع قليل الأصل ومن أياهم اللي بيسيبوا اللي معاهم في وقت الشدة..
هتف سلامة هنا بنبرة ساخرة:
-هو إيه اللي مأجرمتش؟! هي حباية صحيت من النوم لقيتها في وشها ؟! دي راحت خرمت مناخيرها بنفسها، وتقولي إيه ذنبها؟!...
قال زهران بلا مبالاة بعدما سحب نفس من كريمته:
-برضو اتصرفت بطيش وفي بنات وستات كتير عملوها يعني هي مش أول واحدة بلاش تكون قِفل كده، وتعمل مشاكل وتنكد عليها قبل فرحكم ده كتب الكتاب قدامه أقل مم أسبوعين، مش هنبوظ الجوازة علشان مناخير العروسة اتخرمت.
ضحك دياب وأردف بنبرة جادة موجهًا حديثه إلى نضال الجالس بجواره:
-أبوك بيعجبني دماغه المتفتحة اللي هتجلط الواد.
هتف نضال بتعليق بسيط:
-من أعماله بقا مش هفضل أنا دايما اللي يتحرق دمي كل شوية.
نهض سلامة متحدثًا بانفعال واضح:
-أنا داخل أنام أحسن علشان عندي شغل الصبح.
توجه سلامة صوب غرفته فـتركهم، هنا أشار زهران صوب الرواق الذي سار فيه سلامة متحدثًا بسخرية واضحة:
-اديك نشرت العدوة أهو، الواد مبقاش فرفوش، بقا نكدي زيك، اه البت غلطت بس مش محتاجة نكبر الموضوع يعني، وبعدين إيه اللي مش هيتجوز إلا لما مناخيرها تلم هو الواد اتجنن؟!.
هتف دياب بمرح:
-عاجبني عقلك المتفتح يا عم زهران اللي مش موجود عند شباب اليومين دول، أنا عرفت أنتَ بتتجوز سهل وبطلق سهل ليه علشان الدماغ دي دماغ ألماظ..
رد زهران عليه بنبرة هادئة رغم أنه يدرك سخريته:
-والله ربنا يخليك يا دياب، أنا طول عمري بحس أنك ابني الروحي، ابني اللي بيفهمني ومعايا على الخط علشان كده أنا عايز اجوزك البت هدير، صغيرة كده وتربيها على إيدك.
صمت لعدة ثواني ثم غمغم:
-أو اتجوز البت العسل قريبة الست بهية دي...
تمتم دياب بنبرة جادة:
-لا أنا ولا عايز اتجوز ولا غيره وكفايا هزار بعدين هو أنتَ خطبت لـ نضال ومش لاقي غيري يعني؟!..
قال زهران بطريقةٍ مسرحية:
-أيوة أنتَ اللي باقي أستره كده واطمن عليه.
ضيق دياب عينه وهو يقول بعدم فهم:
-إيه تسترني دي هو أنا قالع قدامك؟!!!.
صاح زهران بجدية وبعصبية حينما وجد أنظار نضال مشتعلة ومحلقة بهما:
-اهو شوف صاحبك الصايع التافة؛ قاعد يرغي معايا ويقف ليا على الواحدة وسايب المصيبة اللي وقع طارق الغلبان فيها، تبًا لك يا دياب..
كرر نضال كلمة والده الأخيرة:
-تبًا لك؟! دي عرفتها منين دي؟!.
رد عليه زهران ببساطة بعدما سحب نفس من الأرجيلة:
-هو أنتَ فاكرني جاهل؟! وبعدين عرفتها من صاحب عمري وبعدين أنتَ مالك عرفتها؟!، أنتَ حشري جدًا وأنتم عيال تافهة أنا هقوم أخد كريمة وأكمل الحجر في أوضتي أحسن...
______________
إيطاليا..
في صباح اليوم التالي لم طارق يذهب إلى العمل اليوم بعد مكالمة هدير له وهي تبكي، كانت في حالة انهيار وهي تخبره ما حدث معها منذ ذهابها إلى منزل شقيقها من اليوم الأول، أخبرته كيف أنها تحملت العديد من الإهانات..
أخبرته كل شيء حتى وصلت إلى نهاية المطاف بأن زوجة شقيقها قامت بطردها في منتصف الليل.
أخذ يتصل بـ شقيقه بغضب واضح للأعمى تخطت مكالماته له الثلاثون ولكنه لا يجيب على أي أتصال حتى تعطف أخيرًا بعد ساعات واتصل به وقبل حتى قول أي شيء كان عتاب أشرف له بسيط ولا مبالي:
-خير يا طارق، إيه اللي حصل علشان تتصل بيا كل ده؟!، أنا في مأمورية في إسكندرية ومش فاضي امسك الموبايل كل شوية.
لوهلة ظن طارق بأنه شقيقه فهو لا يعلم ما حدث رُبما، لذلك هتف بنبرة حاول جعلها هادئة نوعًا ما:
-أنتَ متعرفش اللي عملته مراتك؟! متعرفش أنها طردت أختك من البيت امبارح؟! أكيد طبعا مقالتش ليك.
سمع طارق ضحكة مستهزئة ومستنكرة ثم سمع أشرف يهتف بسخرية شديدة:
- أختك ضحكت عليك، اختك الفاجرة والصايعة سابت البيت ومشيت بعد ما فتحت ليها بيتي أنا ومراتي اللي فضلت تخدمها وتعاملها زي اختها استغلت إني مش في البيت ومشيت ده أنا لو شوفتها هكسر عضمها.
صاح طارق بغضب واضح وهو ينهض من مكانه والهاتف بيده ويده:
-احترم نفسك يا أشرف ومتقولش على اختك كده مراتك هي اللي كدابة وبتاعت حوارات طول عمرها، وأنتَ مش عارف تعمل راجل في بيتك، قولتلك اتحمل المسؤولية شوية لغايت ما تخلص ثانوي لكن كالعادة معرفتش، وأياك تقرب من هدير أنا بقولك أهو..
سمع صوت أشرف من الهاتف غاضبًا وهو يتحدث عن رؤية أخرى للأحداث مختلفة، رؤية بأعين زوجته وكلماتها:
-مراتي مش كدابة وأنا راجل غصب عنك، وبعدين مستغرب ليه؟! هي اختك هتجيب الفجور من برا؟! هتجيبه من اختها الكبيرة الفاجرة الـ ****** التانية اللي سافرت من ورانا الله اعلم وراها إيه كمان، الاتنين متربوش..
قال طارق رغمًا عنه:
-أخواتك متربين..
تحدث أشرف باستفزاز:
-وأنتَ تعرف إيه عنهم أصلا؟! بقالك سنين مسافر برا ولا تعرف عنهم حاجة.
رد عليه طارق بغضب كبير:
-مختلفتش كتير عن اللي قاعد معاهم في نفس البلد ومكنش يعرف حاجة عنهم برضو، أنا لو سافرت، سافرت علشانهم مش علشاني، صرفت وعملت كل اللي يطلع في ايدي علشانهم في حين أنك سماعة التليفون مكنتش بترفعها عليها ده أمك ماتت غضبانة عليك..
تمتم أشرف بنبرة جنونية عند ذكر والدته:
-مدخلش أمي في الكلام أحسن ليك، أمي مكنتش غضبانة عليا، وبعدين أنتَ بتحملني مسوؤلية ***** اخواتك، لا يا حبيبي دي مش مشكلتي، قولتلي خد البت اتنيلت اخدتها وقعدتها في بيتي وهي خرجت في غيابي يبقى مش هتدخله تاني، تبقى تمشي على حل شعرها زي اختها وتسافر ليها.
برزت عروق عنق ويد طارق واشتعل وجهه غضبًا بعدما اسمعه العديد من الألفاظ البذيئة ثم أغلق الهاتف قاذفًا إياه في الحائط وهو يصرخ بهسترية لاعنًا الجميع بسبب ما يحدث، شعور العجز يسيطر عليه بشكل مخيف، لا يدري حقًا ماذا يجب أن يفعل؟!..
مــا الـحــل؟!!!
______________
تقوم إيناس بصنع الغداء كعادتها كل يوم وكان اليوم هو موعد جلسة والدتها، لذلك هي تشعر بقلق طبيعي لا يزول إلا حينما تنهيها وتعود مع دياب فتصبح أمامها.
كانت والدتها تتجهز من أجل الذهاب وتنتظر أن يأتي دياب من أجل الذهاب معها، بينما هدير وحور في أحدى الدروس.
جاءت جنى وهي تمد الهاتف إلى والدتها هاتفة:
-ديبو على الفون.
أخذت منها إيناس الهاتف ووضعته على اذنيها متمتمة:
-ألو يا دياب، ماما بتلبس أهو..
قاطع دياب حديثها مغمغمًا:
-أنا مش هقدر أروح مع ماما النهاردة، أنزلي معاها أنتِ وخدي تاكسي وأنتِ رايحة وأنتِ رايحة أو لة عندك **** أطلبي أهم حاجة متتبهدلوش في المواصلات ومهما قالتلك نوفر ومنوفرش متسمعيش منها، والفلوس بتاعت الجلسة موجودة في ظرف في الرف التالت في درفة الدولاب بتاعتي.
تحدثت ريناد بتردد:
-ازاي بس أروح معاها؟! وبعدين يعني العيال اوديهم فين ياريت حور هنا كنت اسيبهم معاها، حور في الدرس ووراها درسين النهاردة...
هتف دياب بجدية:
-مش عارف بقا نزليهم لـ بهية طيب..
ردت عليه إيناس بوضوح:
-مش هينفع للعيال أشقية بالنسبة ليها، وبعدين قريبتها دي شكلها مرفهة أوي متعرفش تقعد بعيال حتى لو سيبت جنى، التاني مش هيرضى يفارقني..
تمتم دياب بنبرة هادئة
:
-سيبي جنى وخديه هو وهناك تقريبًا في مكان تسيبي فيه العيال سبيه هناك او سيبي امك في الجلسة واقعدي بيه في الاستراحة اتصرفي، أنا مشغول والواد اللي بيكون معايا مش موجود، وحتى نضال مش فاضي يقعد بدالنا لأنه الأسبوع اللي فات قعد مكاني..
لم يكن دياب ليترك والدته تذهب بمفردها...
كان كاذبًا في ادعائه لكن من رغبت في ذلك، رغبت في أن تذهب إيناس معها، هي تشعر بالحزن عليها هي لا تهبط من المنزل أبدًا..
تعلم بأنه ليس شيئًا قد يجعلها تشعر بالترفية لكن هبوطها سيكون جيدًا نوعًا ما على الأقل في نظرها:
هتفت إيناس بعد تنهيدة خرجت منها:
-ماشي يا دياب ماشي، هطفي على الأكل وهلبس وألبس العيال بسرعة، يلا سلام..
-سلام.
أنهت المكالمة وبالفعل أغلقت إيناس الموقد ثم خرجت لتأخذ حمام سريع لن تهبط بالتأكيد برائحة البصل والطعام، بعدها أختارت سترة صوفية من اللون الرمادي وبنطال أسود وطرحة سوداء، أخذت وشاح ثقيل أيضًا فالمنطقة التي تتواجد لها المستشفى بعيدة كما كانت تسمع دومًا من أحلام...
تبًا لما تتذكرها الآن؟!!..
هي غاضبة منها غضب كبير..
قامت بتغيير ملابس أطفالها بسرعة البرق عن أي مرة، حتى لا تتأخر والدتها عن موعد جلستها حتى أنها لم تنتظر أن ينتهي تذمرهم ككل مرو وهبطت إلى بهية وحاولت ترك الاثنان لكن كالعادة وافقت جنى أما الآخر أخذ يبكي بشكل هسيتري فأخذته...
ركبت سيارات الأجرة برفقة والدتها وطفلها وبالفعل بعد ساعة تقريبا كانت قد ولجت إلى المستشفى ثم تركت طفلها في مكان مخصص للأطفال، وظلت تذهب له بين الحين والأخر..
كانت تتألم بالفعل وهي تجد والدتها في تلك الحالة وهي تأخذ جلستها كان منطقي أن تعود بهذا الضعف، تدعو الله أن تمر تلك الفترة سريعًا..
حينما كانت والدتها في الجلسة ذهبت مرة أخرى ثم أخذت طفلها حتى تذهب لسداد قيمة الجلسة فذهبت نحو الخزينة، أو المنطقة الخاصة بالحسابات...
كانت تمسك بيد طفلها مهددة قبل أن تخرج النقود من حقيبتها الجلدية:
-عارف لو اتحركت؟!! مش هجيبلك العصير، أنا وعدتك هاخدك الكافتيريا وأجيب ليك عصير وشيبسي تمام؟!.
هز الصغير رأسه بإيجاب، وهي أخرجت الظرف قم أخذت تقوم بعده، وتركته على المكتب الخشبي الذي يتواجد أمامها.
- لو سمحت..
-اتفضلي..
-أنا جاية ادفع جلسة الكيماوي لماما هي بدأت فيها وقالولي أنزل ادفع تحت.
تحدث الشاب بأدب وهو يمسك الفأرة الخاصة بالحاسوب الذي يتواجد أمامه وإيناس تعطيه كامل تركيزها بعدما تركت يد طفلها...
-اسم المريضة أو الحالة يا فندم؟!..
قاطع الصغير هذا الحديث متمتمًا وهو يند يده بعلبة شيكولاتة صغيرة الحجم لكنها كبيرة عليه على ما يبدو ولكن إين وضعها؟!!
كيف أتى بها؟!.
-ماما أنا معايا شوكلت..
نظرت له إيناس بعدم فهم:
-جبتها منين دي؟!.
تحدث الصغير ببراءة شديدة:
-تيتا اديتهالي لما جينا.
-ماشي استني شوية وهشوفلك معلقة وهأكلها ليك............
ثم وجهت أنظارها نحو الشاب الذي كان يتابع حديثهم وهو يكرر سؤاله مرة أخرى..
-اسم الحالة إيه يا فندم علشان اشوفها على السيستم الأول؟!..
بعد مرور عدة دقائق على الجانب الأخر....
كان يسير جواد الذي أتى المستشفى حديثًا متوجهًا صوب المكان الذي تتواجد الخزينة من أجل شيئًا ما يريده بخصوص مريضته وكان يجب أن يأتي هنا بسبب حاسوبه الذي تعطل ولا يستطيع رؤية كل الملفات من عنده على النظام كما كان يفعل في السابق.
وجد طفل صغير يسير أمامه كفيه وملابسه قد اتسخت من كثرة الشيكولاتة واصطدم بـ جواد ليسقط أرضًا لمست يدع الأرضية فتلطخت هي الأخرى...
أنحنى جواد قليلًا ليساعده ويرفعه عن الأرض ونجح في ذلك، ومازال جواد ينحني إلى مستواه هاتفًا:
-إيه اللي مبهدلك كده؟!.
لمست يد الصغير قميص جواد الأبيض تاركًا أثار فوقه هاتفًا بخوف:
-كنت بأكل...
ضحك جواد مغمغمًا ببساطة:
-واللي يأكل لازم يبهدل نفسه كده؟!! وبعدين إيه كمية الشيكولاتة دي كلها غلط عليك..
ثم نظر على ملابسه وكنزته الصوفية البيضاء فقال:
-ولا أقولك مش غلط أنتَ مكلتش لوحدك ده الهدوم كلت معاك...
ابتسم الصغير له، مما جعله يسأله بفضول تحت نظرات جواد المريحة والتي بدأت أن تكون مألوفة للصغير نوعًا ما، فلا شك أنه يتمتع مع وجوده مع الصغار، يعشق برائتهم، وتلك البراءة تتواجد في شقيقته أيضًا..
-اسمك إيه؟!.
رد جواد عليه مبتسمًا:
-اسمي جواد، مقولتليش أنتَ بقا اسمك إيه وبتعمل إيه هنا؟! وفين بابا ولا ماما؟!!...
بينما كان يداعب وجنتي الطفل الممتلئة بالشوكولاتة جاءت أم تصرخ بقلب قلق وخائف، مرتعبة اطمئنت قليلا لكن ليس كثيرًا وهي تجده مع رجل ما يبدو غريبًا بالنسبة لها.....
لذلك صرخت إيناس وهي تقترب منهم:
-جـــــواد....
_______يتبع________
الفصل الثامن عشر من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم
#شارع_خطاب
بقلم #fatma_taha_sultan
____________
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
_____________________
إذا كان لا شيء سينقذنا من الموت، فلينقذنا الحب من الحياة على الاقل.
- بابلو نيرودا.
"كن واثقاً بأنك لم تُولد عبثاً، وأن لحياتك معنى، وستعرف كيف تعيش."
-فيودور دوستويفسكي.
- الحياة هي تحمل المسؤلية عن أعمالنا والتعامل مع النتائج التي تترتب على اختيارتنا.
- دوستويفسكي 📚.
______________
انتهت بهية من قضاء فرضها ثم أتت وهي تسير ببطئ، تستند على الحوائط بدلًا من عكازها التي نست أين وضعته ليلة أمس...
بمجرد وصولها إلى الأريكة جلست عليها متحدثة باستغراب من هذا الصمت المُريب تشعر بأنفاس فقط وحركات تكاد تكون غير مسموعة...
-إيه يا ريناد هي البت قتلتك وخلصت عليكي ولا إيه؟! إيه الصمت الغريب ده؟!.
ردت ريناد على بهية وهي جالسة على المقعد وتجلس جنى فوق فخذيها وبجانبهما العديد من مستحضرات التجميل الخاصة بها.
-لا مقتلتنيش ولا حاجة هي بس خليتني زي البلايتشو ده والله شكل البلايتشو أرحم من وشي دلوقتي..
هتفت جنى بدلال طفولي وهي تقوم بتمرير الفرشاة الملطخة بكل الألوان على وجه ريناد:
-أنا بعملها ميكب حلو أوي يا تيتا.
ضحكت بهية متحدثة بنبرة مرحة:
-ياريت كان ينفع اشوف الميكب الحلو ده..
تحدثت ريناد رغمًا عنها:
-ده ربنا نجدك والله وبيحبك...
كان على ريناد أن تقبل أي شيء مهما كان تفعله بها الصغيرة حتى تصمت وتتوقف عن البكاء والصراخ، تحديدًا حينما ولجت إلى غرفتها ولمحت مستحضرات تجميلها، وقتها لم تتركها في حالها حينما حاولت أخذها منها لذلك تقبلت بأن تكون لوحة يقوم بالرسم عليها فنان تشكيلي وعشوائي ماهر للغاية، لم يتبقى لون واحد لم تلطخ به وجهها أو عنقها...
نما إلى سمعهم صوت جرس الباب مما جعل بهية كانت على وشك النهوض لكن استوقفتها ريناد وهي تشعر بالشفقة تجاهها، هي أصبحت تفعل كل شيء في المنزل تقريبًا عدى تحضير الطعام لكنها تحاول التخفيف عنها قدر المُستطاع بعدما كانت لا تحمل الريشة الساقطة على الأرض...
أصبحت تعلم حقًا كيف كانت تعيش في رفاهية لم تكن تشعر بها، وعرفت بأن الغرفة النظيفة والمرتبة كذلك الملابس النظيفة ليست أشياء قد تحدث من تلقاء نفسها، هناك من كان يبذل الكثير من المجهود من أجل جعلها بتلك الطريقة فلم تكن يومًا تتسائل أو تهتم..
-خليكي أنتِ أنا هقوم.
أبعدت جنى عنها ثم نهضت وسارت بضعة خطوات حتى توجهت صوب الباب وفتحته لتجده أمامها والذي انتفض وعاد خطوتين إلى الخلف هاتفًا..
-بسم الله الرحمن الرحيم..
تابع دياب بعدها:
-اعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
أدركت ريناد هيئتها التي باتت كالمهرج لكنها تحدثت بكبرياء وضيقٍ:
-خير ان شاء الله، شوفت عفريت؟!.
-لا أنا بحب أذكر ربنا.
تحدثت ريناد بانزعاج جلي:
-ربنا يقوي إيمانك.
أثناء حديثها جاءت جنى من خلفها وهي تحمل الفرشاة وتبتسم له ثم أقتربت منه قائلة ببراءة:
-ديبو حبيبي..
حملها دياب وهو يأخذ منها الفرشاة واضعًا قُبلة على وجنتيها:
-معلش اتأخرت عليكم، ها عملتي إيه مع بهية ومع ابتهال؟!.
صرخت ريناد في وجهه تكرر اسمها:
-اسمي ريناد، ريناد، ريناد..
شعرت الطفلة بالخوف الطفيف ثم لفت يدها حول عنق دياب متحدثة رغمًا عنها:
-شبة اللي بتتحول رجل أخضر فى الإعلان..
ضربها دياب بخفة على ذراعها متحدثًا:
-عيب.
ثم وجه الفرشاة ناحية ريناد لتأخذها منه على مضض:
-مش لازم اسأل هي عملت إيه علشان باين على وشك.......
ابتسمت ريناد له ابتسامة صفراء فقال بعدها:
-سلمي على بهية.
هزت رأسها بإيجاب وكانت على وشك أن تغلق الباب في وجهه مرت ثلاثة أيام وأكثر إلا أنها مازالت منزعجة من حديثه وبسبب طريقته معها..
غمغم دياب مانعًا إياها من إغلاق الباب:
-استني عايز أقولك حاجة.
ردت عليه ريناد بنبرة جامدة:
-خير عايز إيه؟! سيبني أروح أغسل وشي بقا..
تمتم دياب بنبرة هادئة:
-أخر مرة شوفتك فيها لما رجعنا في التاكسي حسيت أن طريقتي معاكي مكنتش احسن حاجة بس أنا مضغوط جدًا الفترة دي، ياريت متزعليش.
ردت عليه ريناد ببساطة لكن بداخلها كانت سعيدة جدًا باعتذاره هذا، الذي عنى لها الكثير:
-حصل خير...
ابتسم لها دياب ثم هاتف وهو يغادر حاملًا ابنة شقيقته:
-عن اذنك، مع السلامة...
رحل قبل أن يسمع ردها فقالت عليه بعد تنهيدة خرجت منها أثناء مراقبتها إلى طيفه وهو يصعد على الدرج:
-مع السلامة...
_______________
-اسمي جواد، مقولتليش أنتَ بقا اسمك إيه وبتعمل إيه هنا؟! وفين بابا ولا ماما؟!!...
بينما كان يداعب وجنتي الطفل الممتلئة بالشوكولاتة جاءت أم تصرخ بقلب قلق وخائف، مرتعبة اطمئنت قليلا لكن ليس كثيرًا وهي تجده مع رجل ما يبدو غريبًا بالنسبة لها.....
لذلك صرخت إيناس وهي تقترب منهم:
-جـــــواد.
أقتربت منه ثم أخذت منه الطفل بطريقة مريبة وكأنه كان على وشك أن يختطفه، احتضنته ثم قبلته بقلق رهيب، وهي تضمه إلى أحضانها فكانت تشعر بالخوف الشديد حينما لم تجده ، أتى في عقلها العديد من الأفكار المخيفة التي أصابتها بالخوف خلال ثواني معدودة.
اعتدل جواد وهو يراقب نوبتها الغريبة تلك..
غمغمت إيناس وقد خرجت عن صمتها قليلًا تعاتب طفلها بنبرة بدت عصبية نوعًا ما بعدما استعادت روحها:
-مش قولتلك متتحركش من جنبي يا جواد؟! مفيش مرة تسمع كلامي لازم غلبة وخلاص..
رد الصغير عليها ببراءة شديدة:
-أسف يا ماما...
رفعت إيناس بصرها أخيرًا وهي تزفر بضيقٍ تنظر إلى هذا الرجل، الغريب بأن وجهه كان مألوفًا نوعًا ما، كأنها رأته من قبل ولا تدري متى وأين؟!.
لكنها رأته من قبل..
نظرت إيناس على قميصه ناصع البياض الذي أصبح ملطخًا:
-أسفة لو ضايقك أو أزعجك.
تمتم جواد بهدوء:
-مفيش حاجة حصلت بالعكس أنا مبسوط إني شوفت جواد، ملهوش لزوم تزعقيله أكيد مكنش قصده بس هو أكيد مش هيكررها تاني...
ثم وجدته يخبرها بنبرة جادة وكأن مهنته تغلبت عليه في تلك الجملة:
-بلاش تسيبوا معاه كمية الشيكولاتة دي مرة واحدة.
نظرت إيناس له بغرابة بعض الشيء وهي تجده يداعب خصلات صغيرها والأهم أنه يلقي عليها الأوامر..
مـن هـو؟!!...
هتفت إيناس بنبرة ساخرة بعض الشيء:
-حاضر، ليك نصائح تانية تحب تقولها؟!..
ابتسم وهو يخبرها بطريقة استفزتها:
-لا دي بس معنديش نصائح تانية.
فـرحلت دون الحديث بكلمة واحدة حتى، متوجهه صوب المكان الذي تأخذ والدتها فيه جلستها لكن قبلها تبحث عن مرحاض حتى تنظف ما فعله ابنها في نفسه وملابسه قدر المستطاع إلى حين العودة إلى المنزل.
أنهت والدتها جلستها العلاجية ثم قامت إيناس بطلب سيارة إلى المنزل كما أخبرها شقيقها حتى تكون والدته مرتاحة نوعًا بعد إرهاقها الواضح في تلك الفترة وتحديدًا بعد كل جلسة.
كانت تجلس إيناس بجوار والدتها في الخلف، بينما طفلها بين أحضانها نائمًا فهو قد أُرهق من المشوار البعيد أيضًا لذلك كانت تدثره بوشاحها.
تمتمت إيناس وهي تنظر إلى والدتها:
-ماما في حاجة عايزة أقولها...
نظرت لها حُسنية بحنان مغمغمة:
-قولي يا بنتي...
غمغمت إيناس بتردد واضح:
-عمرو كلمني من كام يوم يا ماما وبعتلي فلوس علشان جنى وجواد بس مش عارفة قلقانة.
قالت والدتها بنبرة عادية:
-قلقانة ليه يعني؟! مش يمكن فاق وعايز يبعت فلوس لعياله، ده أتأخر أنه يعملها، مهما كان اللي بينكم هو أبوهم وأكيد هيحب عياله مهما حصل.
تنهدت إيناس وأردفت بجدية:
-أنا بقول كده برضو بس معرفش مقلقة مش أولى أنه يجي يشوفهم هو الموضوع موضوع فلوس بس؟!، أه أنا مش عايزة هو ودياب يتقابلوا والموضوع مش هيكون لطيف بس أنا قلقانة منه..
تحدثت حسنية ببساطة ونبرة مرهقة:
-معتقدش في حاجة يا ايناس أنتِ اللي مكبرة الموضوع، وبعدين أنتِ بتغني و بتردي على نفسك، أكيد هو مش عايز يجي علشان دياب وهو عمل حاجة كويسة نقول عملها ليه؟!! متفكريش كتير يا حبيبتي.
قالت إيناس وهي تنظر لها متحدثة بنبرة ساكنة:
-حاضر يا ماما مش هفكر...
ثم تركت والدتها تصمت وتشعر بالراحة قليلًا مازال هناك وقت حتى يصبحا في المنزل، وضعت إيناس رأسها على الزجاج الخاص بـنافذة السيارة، تحاول التفكير في هذا الرجل نعم لديه هالة مختلفة، جاذبية واضحة، يتحدث بكلمات وطريقة راقية إلى حدٍ كبير كانت تلك أسباب طبيعية تجعله يعلق في ذهنها لكن هي تشعر بأنها رأته من قبل....
ثم فجأة رفعت رأسها...
هل هو؟!!!!!!!
رُبما هو...
هي لا تتذكر كثيرًا ولكن أحلام في بداية علاقتها به كانت تلتقط معه الصور الفوتغرافية وتجعلها تراها ولم تكن تعطي تركيزًا لها فهي كانت غارقة في همها، لذلك لا تعلم هل هو أم لا؟!
هناك احتمال بأن يكون هو..
لأنه صاحب المستشفى كما تعلم...
لكنها لا تتذكر جيدًا الأمر يا ليتها سألته عن اسمه...
هو يحمل اسم جواد كما كانت تخبرها أحلام..
"جواد عز الدين"..
كانت تخبرها الاسم مرارًا وتكرارًا تخبرها أنها لا تستطيع ترك رجل مثله..
عادت مرة أخرى تميل برأسها على النافذة تراقب الشارع، يبدو أنها اشتاقت لرؤية الشوارع والناس ليس عليها أن تهتم كان هو أم لا، لأنها لا ترغب أبدًا أن تتذكر أحلام وما فعلته يكفي أنها ترى ما حدث لـ هدير...
_____________
في اليوم التالي.
يجلس زهران على المقعد البلاستيكي أمام الجزارة الخاصة به، وخرطوم الأرجيلة في يده، يجلس معه نضال، وعلى أحد المقاعد دياب الذي جاء ومر عليهما قبل أن يذهب إلى المطعم.
كالعادة كان دياب يجلس معهما وعقله مشغول بما سوف يحدث، طارق حتى الآن يبحث عن حل، نضال كان أيضًا يفكر ويحاول التفكير إلى أن تحدث زهران قاطعًا هذا الصمت:
-لقيتها يا ولاد.
سأله نضال بعدم فهم بعدما أخذ رشفة من القهوة التي تتواجد أمامه:
-لقيت إيه يا بابا؟!.
تحدث زهران بجدية وهو يناظرهما بثبات وسعادة:
-لقيت الحل لـهدير أخت طارق.
هتف دياب بنبرة ساخرة بعض الشيء:
-أتمنى أن لقيت حل غير كتب الكتاب علشان كل أفكارك وحلولك بتلف وتدور حوالين الجواز بس يا عم زهران.
تنهد زهران ثم غمغم بنبرة عذبة:
-هو في حاجة أحسن من الجواز.
وجد نضال متأهبًا وهو يجلس أمامه لذلك تحدث بسخرية:
-علشان خاطري يا بابا الحكاية مش ناقصة هزار، سيبنا في اللي أحنا فيه.
تحدث زهران منفعلًا بعدما ألقى خرطوم الأرجيلة على الطاولة:
-بقولك لقيت حل احترم نفسك، أنا مش بلعب معاك في الشارع أنا عارف أنا بقول إيه..
ثم نظر ناحية الخرطوم وجاء به ثم قبله هاتفًا بانزعاج:
-شوف خليتني اتنرفز على كريمة إزاي؟!.
ضحك دياب ثم غمغم بجدية مصتنعة:
-خلاص يا عم زهران سيبك منه واتكلم معايا أنا وقولي أنا الحل أنا سامعك أهو.
تمتم زهران ببساطة:
-هي هتيجي تقعد في بيتنا.
شهق دياب هاتفًا باستنكار شديد:
-لا متقولش يا عم زهران هتتجوزها أنتَ المرة دي؟! مش شايف أنها صغيرة عليك شوية؟!..
هز زهران رأسه نافيًا ليحاول دياب التفكير قائلا فهو لا يظن بأنه قد وجد حل بعيدًا عن أمور الزواج:
-يبقى بتراعي فرق السن هتجوزها سلامة اللي على وشك أنه يفركش علشان بيرسينج، أو نضال...
نظر له زهران متحدثًا باستنكار عظيم:
-احترم نفسك أما عيل صايع وقليل الأدب صحيح كل تفكيرك في الجواز وبس أهو دي أخرة مجايبك يا نضال...
وأشار زهران إلى نضال في نهاية حديثه الذي تحدث معتذرًا:
-خلاص يا بابا حقك عليا سيبك من الصايع ده وانجز كده وقولي إيه الحل اللي جه في دماغك وإزاي هتقعدها في بيتنا؟!.
غمغم زهران بوضوح أكثر تلك المرة وهو يعتدل في جلسته:
-ُبص أحنا هنوضب الشقة اللي فيها عفش وحاجة إيناس بحيث أننا نحطهم بشكل منظم في أوضة ولا أوضتين ونقفل عليهم ونجهز ونفرش أوضة للبت هدير تقعد في الشقة بحيث أنها متكنش قاعدة في بيت لوحدها وعمارة كلها سكان يبقوا عارفين أنها لوحدها.
ابتلع ريقه ثم غمغم بتفسير:
-وفي نفس الوقت هي طول اليوم في الدروس مع حور وممكن تقعد عندهم؟ دياب بيكون اليوم كله برا وترجع على النوم مدام مرتاحة مع أخوات دياب..
هتف دياب بإعجاب حقيقي وهو ينهض ويضع قُبلة على رأس وجبهة زهران:
-تسلم دماغك يا معلم زهران، تسلم دماغك...
ثم جلس مرة أخرى على المقعد، فتحدث زهران وهو ينظر ناحية نضال مندهشًا من صمته:
-إيه سكت ليه؟!.
تمتم نضال بجدية:
-هو الحل كويس جدًا طبعًا بس مش عارف بصراحة طارق هيوافق عليه ولا لا؟!...
غمغم زهران ببساطة:
-براحته، وعلى العموم أنا شايفه أنسب حل، مش هيلاقي حل أحسن من كده هيكون مطمن عليها أنها مش لوحدها اه في شقة لوحدها بس في حس في البيت ومش بيطلع ولا بيخرج ناس غريبة وأنا برضو هقول لمرات عمك تهتم بيها لو رضي وهي خدومة بصراحة.
تحدث نضال بحيرة:
-مش عارف..
قال زهران مشجعًا:
-قوم كلمه دلوقتي وأعرف رأيه...
بالفعل بعد بضعة دقائق كانت نضال يقف بمسافة ليست قريبة أو بعيدة عنهم ويضع الهاتف على أذنيه يقوم بالاتصال بـ صديقه طارق الذي أجاب عليه..
-ألو يا نضال..
تحدث نضال بنبرة هادئة:
-ازيك يا طارق عامل إيه؟!.
-الحمدلله على كل حال.
سأله نضال وهو ينظر ناحية زهران:
-لو فاضي وينفع أكلمك كنت حابب أكلمك بخصوص موضوع هدير أنا بابا اقترح عليا اقتراح أنا ودياب دلوقتي وحابب اقولهولك..
كان رد طارق عليه مندهشًا:
-اقتراح إيه دا؟!.
أخذ نضال يخبره بما قاله زهران دون أن ينقص كلمة أو يقوم بتزويد كلمة، كان طارق يحاول الاقتناع بحديثه، لأنه ليس لديه أي حل أخر، الحل ليس مناسبًا مئة بالمئة ولكنه إلى حدٍ ما جيد..
يجب أن يتم تدبير الأمور إلى حين أن تنهي شقيقته الثانوية العامة وبعدها سوف يتصرف حتى تدخل الجامعة عنده وتعيش معه....
قال طارق بامتنان حقيقي رغم كل شيء، هم يحملون همه هو وشقيقته أكثر مما يحملون دمائهم:
-أنا موافق بس بشرط...
-شرط إيه؟!..
-إني أدفع إيجار للشقة غير كده لا، شوفوا الإيجارات دلوقتي كام وأنا هدفع إيجارها.......
_____________
-ألف سلامة يا هايدي..
قالت رانيا تلك الكلمات وهي تضع قدم فوق الأخرى تنظر إلى هايدي التي تجلس على الأريكة بجوار نسمة وكانت على وشك أن تستشيط غضبًا...
غمغمت هايدي بنبرة حاولت جعلها هادئة قدر المُستطاع:
-الله يسلمك يا رانيا.
أردفت رانيا بابتسامة سمجة:
-مكنش له لزوم تتعبي نفسك وتيجي ورجلك مكسورة أنا كنت جاية أقعد مع نسمة النهاردة ومش همشي إلا لما جواد يجي.
تحدثت هايدي بنبرة ساخرة بعض الشيء وهي ترد عليها:
-معلش أصل مش من الطبيعي تكوني هنا وبعدين أنا باجي علشان اشوف نسمة مش بديل علشان مفيش حد موجود بل بالعكس في ناس كتير هنا.
ردت عليها رانيا ببساطة:
-الطبيعي إني أكون هنا على فكرة، هنا بيت عمي وابن عمي..
ثم نظرت ناحية نسمة متحدثة بنبرة حاولت جعلها عاطفية بعض الشيء:
-بعدين أنا نسمة وحشتني جدا وجيت علشان اشوفها وأطمن عليها.
قالت هايدي بغيظٍ ونبرة لم تخلو من السخرية:
-فيكي الخير..
غمغمت نسمة الذي كان يتواجد الهاتف بين يديها بكلمات متقطعة وبطئ:
-الموضوع مش مستاهل كل الكلام ده..
ردت رانيا عليها بنبرة جادة وهي تنظر إلى هايدي ترمقها من أسفلها إلى أعلاها:
-أكيد أحنا أهل في بعض مهما افترقنا برضو هنشوف بعض تاني ونتقابل كمان، اللي بيني وبينهم أكبر من علاقة جواز خلصت ويا عالم يمكن ترجع تاني.
كانت هايدي تحاول بصعوبة بالغة السيطرة على لسانها، تبذل مجهود جبار حقًا لذلك لم ترد عليها تركتها تتحدث مع نفسها ومرت بضعة دقائق كانت رانيا تحاول فيهم أن تجذب أطراف الحديث مع نسمة وهي على يقين تام بأن جواد سوف يأتي أو رُبما هو في القرب، بالتأكيد حارس المنزل أخبره بوجودها، لذلك سوف يأتي على الفور..
قالت رانيا في سابقة لم تحدث من قبل:
-ما تيجي يوم نخرج أنا وأنتِ يا نسمة مع بعض نتغدى برا؟!.
نظرت لها نسمة بعدم ارتياح من اقتراحها فهي تشعر جيدًا بأن تلك المرأة لا تحبها أبدًا، فأكثر ما يعمل بها بكفاءة هو شفافية مشاعرها لذلك لم تصدق حديث رانيا ولم يعجبها لكنها ردت عليه بنبرة عادية:
-مش عارفة، هقول لجواد..
تحدثت رانيا بنبرة جادة والابتسامة لا تفارق ثغرها:
-لا متقلقيش من الناحية دي أنا هقنع جواد بنفسي...
سمعوا صوته وهو يتحدث:
-تقنعيني بإيه؟!..
نظر الجميع ناحية الصوت فقد أتى جواد بعد الاتصال الذي جاءه من حارس المنزل بأن رانيا قد دخلت عنوة إلى المنزل ولم تنتظر حتى أن يخبره، لذلك أتى جواد على الفور تحديدًا لأن منيرة ليست في المنزل بسبب حالة وفاة أحدى أقاربها وهذا ما جعل هايدي تتواجد معها برفقة بضعة عاملات.
غمغمت رانيا وهي تنهض من مكانها تحاول تعديل ملابسها سريعًا حتى تكن أمامه بهيئة أنيقة:
-اقنعك بحاجات كتير..
ثم مدت يدها لتصافحها وصافحها هو على مضض، هنا هتفت نسمة وهي تنهض من مكانها:
-أنا طالعة اوضتي عن أذنكم.
ردت عليها هايدي بجدية واختناق هي الأخرى:
-وأنا طالعة معاكي.
بالفعل صعد الاثنان وبالرغم من قدم هايدي إلا أنها فعلت الأمر وهي تستند على عكازها من جهة والجهة الأخرى تتخذ من السور الخاص بالدرج سندًا لها، وبمجرد أن اختفى الاثنان عن الأنظار..
تحدث جواد وهو يكز على أسنانه بغضب كبير:
-أنتِ بتعملي إيه هنا؟!
قالت رانيا بابتسامة قد تغوي الحجر لكن ليس رجل لم تعد تعني له أي شيء:
-هكون بعمل إيه يعني يا جواد جيت علشان أشوف نسمة وأطمن عليها وبعدين عيب أوى لو على أخر الزمن تكون العلاقة ما بينا كده وتسألني أنا هنا بعمل إيه؟!.
غمغم جواد بنبرة ساخرة وهو ينظر لها نظرات قاتلة:
-وهو من امته الطيبة وصلة الرحم دي، ده أنتِ كنتي معاها في بيت واحد ومبترضيش تبصي في وشها..
تحدثت رانيا بارتباك بعض الشيء ولكنها حاولت المدافعة عن نفسها بكافة الطرق، فهي لم تعد تجد أي مدخل بأن تقترب منه لذلك حاولت التنازل كما أقنعت نفسها وهو التقرب منه من جهة نسمة لعل ذلك يشفع لها عنده رغم أن الحديث معها بالنسبة لها صعبًا جدًا لكنها عصرت على نفسها أطنان من الليمون..
-مش يمكن بحاول أصلح من نفسي وعرفت غلطي، وبعدين أحنا في الأول والآخر ملناش إلا بعض...
لم تعرف أخطائها..
كما لا تحاول التصليح من ذاتها هي فقط شعرت بأنها قد خسرت جواد بسوء تقدير منها، خسرته ولن تجد مثله..
فرصتها ضعيفة جدًا في أن تجد رجل مثله أولا وفي مركزه وثانيًا هي امرأة تقترب من الأربعين ليست جميلة إلى الحد الذي تستطيع جذب رجل بجمالها، ملامحها طبيعية ومألوفة تشبه الكثير، غير أن فرصة الزواج ضعيفة كونها امرأة لا تنجب.
هي أخطأت حقًا حينما طلبت الانفصال وتصرفت بعشوائية ومن دون تفكير.
هتف جواد رافعًا سبابته متحدثًا بتحذير واضح ورغم غضبه الشديد إلا أنه كان يحافظ على أن تكون نبرته منخفضة نوعًا ما:
-رانيا لأخر مرة بحذرك تيجي البيت هنا، أنتِ سامعة؟! نسمة مش كوبري ولا حاجة لما تقربي منها تقربي مني، نسمة مش خطة من خططك وأياكي مرة تانية أن تحاولي تستغليها...
شحب وجه رانيا من كلماته إلا أنها تحدثت بجدية:
-أنا بجد مش عاجبني طريقتك دي أبدًا، وسوء ظنك فيا.
رد عليها جواد بتهكم:
-معلش ادعيلي ربنا يهديني، مفيش حاجة في إيدك غير أنك تدعيلي ربنا يهديني.
ثم نظر لها هاتفًا بتهديد حقيقي:
-دي أخر مرة يا رانيا هقولها ليكي مشوفش وشك في البيت ده تاني، أنا استحملت منك كتير أوي لكن عند نسمة وتقفي، مش هستحملك تستغليها أو تفتكريها لعبة في إيدك ده حتى صباح الخير كنتي بتكسلي تقوليها.
غمغمت رانيا باختناق شديد:
-اديني بحاول أصلح الدنيا، جواد أحنا اتسرعنا في طلاقنا، أحنا كنا عشرة سنين مش يوم ولا يومين مينفعش علاقتنا تخلص بالسهولة دي، غير إني لسه بحبك وعندي استعداد أصلح من نفسي علشانك، حاولت أصلح علاقتني بنسمة إيه اللي عملته غلط؟!.
تحدث جواد بنبرة شبة صارخة:
-بلاش تتكلمي عن الحب يا رانيا ده أولًا وثانيًا بلاش تبقي بجحة أكتر من كده لأن عند نسمة ومش هسكت ليكي واتفضلي امشي بقا.
قالت رانيا وهي تأخذ حقيبتها من فوق الأريكة:
-كل ما بحاول نرجع ونتصافي أنتَ بتعقدها، لما صدقت تخلص مني على فكرة شوف بقا مين المرة دي اللي تعرفها ومخلياك بالحالة دي، دي لو مكنتش القمورة اللي فوق..
هتف جواد وهو يمسكها من ذراعها متوجهًا بها صوب الباب:
-احترمي نفسك وخليكي في حالك يا رانيا وبلاش تجيبي في سيرة حد تعمليه شماعة تعلقي فيها مشاكلي أنا وأنتِ، وبعدين متجيش تعملي نفسك حبيبة دلوقتي ده أنتِ اللي طالبة الطلاق بلاش دور الضحية ده..
فتح الباب لها ثم ترك ذراعها مشيرًا نحو الخارج:
-اتفضلي ولو شوفتك هنا تاني يا رانيا حوالين نسمة هتشوفي مني اللي عمرك ما شوفته.
ابتعدت عنه وسارت وهي تصيح:
-بكرا هتندم على اللي بتعمله ده يا جواد...
____________
"ألو؛ ازيك يا أم عطية عاملة إيه؟!"
"عايزينك تيجي بكرا لو تعرفي ضروري".
"خلاص ماشي في انتظارك"
"سلام"
أنهت انتصار المكالمة مع تلك المرأة بعد اتصال زهران الذي أخذ يخبرها بما يحدث وما سوف يفعله ولم تمانع انتصار أبدًا بل على العكس شعرت بالشفقة على تلك الفتاة.
جاءت سامية من الداخل وهي ترتدي ملابسها متأهبة للخروج، كانت ملابسها سوداء عدا الحجاب، أما وجهها خاليًا من مستحضرات التجميل.
-بتكلمي أم عطية ليه هي مش عملت الشقة بتاعتهم وشقة عم زهران كمان؟!.
تحدثت انتصار بتفسير:
-احنا عايزينها تعمل الشقة اللي فيها عفش أخت دياب.
غمغمت سامية بعدم فهم:
-ليه هما هيأخدوا الحاجة وهترجع لجوزها ولا إيه مش فاهمة؟!.
أردفت انتصار بتوضيح أكبر:
-لا بالعكس هنرصهم رصة حلوة كده، ونظبط أوضة للبت هدير أخت طارق.
تحدثت سامية بنبرة مشتعلة:
-ليه ان شاء الله؟!.
-البت من ساعة ما أختها سافرت وهي لوحدها وتقريبا مرتحتش مع أخوها ومراته؛ فـ نضال وعمك اقترحوا على طارق أنها تقعد هنا لغايت ما يشوفوا حل..
تحدثت سامية منزعجة:
-ده اللي ناقص كمان، وهو احنا إيه اللي يقعد واحدة غريبة وسطنا؟! وبعدين هو نضال من امته بقا مُرهف الحس للدرجة دي؟! مهتم بحتة عيلة..
هتفت انتصار بجدية:
-أنتِ مالك بيه وعماله تلفي في الكلام ليه؟! قولتلك البت عندها ظروف وعيلة صغيرة والمفروض نقف جنبها وأنا وأنتِ أكتر ناس المفروض نقف جنبها كمان.
تمتمت سامية بلا مبالاة وهي تسير لترتدي حذائها الجلدي:
-مليش دعوة أنا طلعيني برا أي حوار أنا مش فاضية لحد.
صاحت انتصار مستنكرة:
-أنتِ رايحة فين أساسًا؟!.
-عندي شغل..
تحدثت انتصار بـ شكٍ:
-غريبة يعني مش حاطة حاجة على وشك ومسوداها ليه؟!.
أردفت سامية كاذبة وهي تحمل الحقيبة معها الذي يتواجد بها أدواتها حتى لا تشك بها والدتها:
-عادي زهقانة مش قادرة اعمل حاجة، يلا باي.
رحلت سامية وتوجهت صوب سيارتها واضعة الحقيبة فيها ثم قامت بتغيير الحجاب الذي يتواجد فوق رأسها، وأرتدت حجاب من اللون الأسود يلائم أجواء تقديم التعازي...
ولا تدري لما خطر في بالها بأن تذهب لرؤية سلمى، خبر هكذا لا يمكن تفويته، يجب عليها أن تخبرها بتلك الفتاة المدعوة بـ هدير بأنها سوف تقطن في منزلها.
____________
تقوم سلمى بعمل بعض التمارين المنزلية، صدقًا هي تشعر بأنها في تلك المدة التي لم تكن طويلة أبدًا؛ اكتسبت وزنًا إضافيًا..
انشغلت كثيرًا تلك المدة عن التمارين التي تفعلها في المنزل، حتى لو كانت جالسة من العمل، ولم يعد خلفها سوى تناول الطعام...
كانت سلمى تجلس اليوم بمفردها، جهاد في العمل وكذلك والدتها وبقيت هي.
صدع صوت الجرس معلنًا عن زائر لا تدري لما لبضعة لحظات ظنت بأن هذا الزائر هو والدها، رغم عدم احتمالية تواجده مرة أخرى، هو لا يرغب على الأغلب بأن يدخل في مصاريف الزواج وجهاز ابنته لذلك ابتعد حتى لا يكن في الصورة. .
نهضت وأقتربت من الباب ووجهت عيناها نحو "العين السحرية" لتقوم برؤية الذي يقف أمام الباب، لتجد أمامها سامية واقفة بملامح غريبة وملابس سوداء.
فتحت سلمى الباب رغمًا عنها، بمجرد أن أبصرتها سامية، ورُسمت ابتسامة على وجهها هاتفة:
-عاملة إيه يا سلمى؟!.
تمتمت سلمى بهدوء وبادلتها الابتسام:
-الحمدلله بخير يا سامية اتفضلي...
ثم أعطتها المساحة حتى تدخل إلى الداخل، ولجت سامية وجلست على أقرب مقعد قابلها وهي تراقب سلمى بملابسها الضيقة والرياضية نوعًا ما، لأول مرة تراها بتلك الهيئة، كانت رشيقة إلى حدٍ كبير، جسدها منحوت، طبقًا للرياضة التي تمارسها منذ سنوات وسنوات حتى قبل حتى الجامعة وعملها؛ كان جسدها مثالي إلى حدٍ كبير ولأول مرة تكتشف سامية هذا الأمر، هي دومًا تراها بملابسها الفضفاضة.
تحدثت سلمى بترحاب كما تفعل والدتها مع الضيوف رغم قلقها من نظرات سامية التي كانت محلقة بها:
-تشربي إيه يا سامية؟!.
غمغمت سامية بابتسامة هادئة:
-لا ملهوش لزوم تتعبي نفسك أنا جيت بس أطمن عليكي كنت عايزة أجيلك من بدري بس كنت مضغوطة شوية من الشغل وفي البيت كمان مشغولة مع ماما الفترة دي بسبب اللي حصل واللي جد علينا.
قالت سامية أخر كلماتها تقصد إثارة فضول سلمى التي عقبت بثبات:
-أنا الحمدلله كويسة تسلمي على سؤالك ومجيتك دي، خير ان شاء الله؟!
كانت تقصد سلمى الاطمئنان فهي لا تمتلك من الفضول الكثير كما لدى البعض.....
تنهدت سامية وهي تخبرها:
-اهو اختي طارق صاحب نضال لو تعرفيه، اللي هي البت اللي في ثانوية عامة، تعرفيها؟!.
ضيقت سلمى عيناها متحدثة بعدم فهم:
-متهايقلي أعرفها أو شوفتها قبل كده، بس مالهم يعني؟!.
تحدثت سامية بجدية لكنها في الحقيقة كانت تقوم بـدس السم في العسل:
-نضال وعمي زهران هيقعدوها معانا في البيت في الشقة اللي في الدور الأرضي بتاعت جدو واللي فيها حاجة إيناس أخت دياب، بصراحة أنا مش مرتاحة أن تكون بنت زيها غريبة كده تكون قاعدة في بيت في شباب، ومستغربة اهتمام نضال بيها، نضال عمومًا شخص مريب ومتغير وكل شوية بـ حال.
ثم نظرت ناحية سلمى التي تنظر لها بثبات لكن نظراتها كانت مهتمة، وهنا أردفت سامية بتردد:
-أنا شكلي اتكلمت بعفوية زيادة قدامك.
هتفت سلمى بملامح باردة:
-لا اتكلمي يا حبيبتي براحتك..
ردت سامية عليها ببساطة وهي تخبرها:
-أنتِ في مقام أختي وأنا بصراحة حابة انصحك واحذرك من نضال، وتحديدًا موضوع هدير ده، صراحة هو شخص هوائي جدًا ومش عارف هو عايز إيه يعني؟! كان بيجري ورايا علشان يخطبني وبيقول أنه بيحبني، وبعدها بمدة قليلة جدًا اسمع أنه اتقدم ليكي، وكمان البت الصغيرة اللي مهتم بيها دي شيء مريب بصراحة.
ضحكت سلمى هنا قليلًا رغم أنها اشتعلت من الداخل متحدثة:
-عمومًا أحنا مش أخوات، ولا حتى صحاب ده أولًا يعني، ثانيًا وده الأهم أنا اللي هنصحك نصيحة..
تلون وجة سامية متحدثة بانزعاج واضح:
-نصيحة إيه دي؟!؟
-متأخديش مقلب في نفسك معتقدش أنك تأثيرك قوي لدرجة أن يا عيني نضال بيدور على اتنين غيرك علشان ينساكي.
نهضت سامية من مكانها مغمغمة بنبرة شبة صارخة:
-أنتِ بتقولي....
نهضت سلمى هي الأخرى متحدثة بنبرة غاضبة بعض الشيء مقاطعة حديثها:
-بقول اللي سمعتيه ومش محتاجة أكرره تاني، عيب لما تيجي لغايت هنا تقولي الكلام ده في بيتي، أنا اسمي سلمى ومش أنا اللي راجل يخطبها علشان ينسى حد بيها وتأكدي إني لو كنت حسيت ولو لواحد في المئة أن نضال لسه بيفكر فيكي مكنتيش هقعد معاكم على ترابيزة واحدة ولا هحط دبلته في إيدي...
ابتلعت ريقها ونظرت لها متحدثة بنبرة ذات معنى:
-أنا معرفش موضوع هدير ده إيه، بس مفيش حاجة تستدعي تيجي تقولي كلام زي دي وتتهمي الناس بشيء معكيش دليل عليه، لما تشوفيهم في أوضة واحدة ابقى تعالي قوليلي.....
نظرت لها وتابعت حديثها:
-وساعتها مش هصدقك برضو، بالرغم إني مش بنت عمه ومش اعرفه كويس إلا إني بثق فيه.
شحب وجه سامية متحدثة بنبرة مغتاظة:
-أنتِ قلبتي الدنيا وعماله تغلطي فيا، وأنا ساكتة ليكي، وعماله تحوري في كلامي وأنا مقولتش حاجة لكل ده، وعموما أنا غلطانة إني فكرت أجي اطمن عليكي...
تحدثت سلمى بجدية:
-اه غلطتي لما تيجي تقولي كلام زي ده تبقي غلطتي، وأنا ولا بحور ولا بغير في الكلام أنا رديت عليكي واختصرت الموضوع وبقولك الكلام اللي جاية عايزة توصليه ليا..
كادت سامية أن ترد، لكن فُتح باب الشقة وولجت منه يسرا وهي تحمل بعض الأكياس فـ وضعتها أرضًا واندهشت من وجود سامية لكنها تحدثت بابتسامة صافية:
-مساء الخير، ازيك يا سامية يا بنتي؟!.
ردت سلمى بالنيابة عن سامية:
-الحمدلله فيها الخير يا ماما، سامية جت تطمن عليا.
أردفت يسرا بنية صافية:
-تسلم والله، وبعدين ما أنتم اخوات وبكرا هتكونوا في بيت واحد، بعدين واقفين ليه اقعدوا...
تحدثت سامية بحرج وغيظ كبيرين:
- أنا ماشية يا طنط عندي مشوار..
ثم نظرت ناحية سلمى مغمغمة قبل أن ترحل:
-وخلاص اطمنت على سلمى، يدوبك امشي، عن اذنكم.
_______________
بعد مرور ساعة...
تقف ساميى في المقهى الخاص بـ حمزة ولا تجده سألت عنده أحدى العاملين ليخبرها بأنه ليس متواجدًا...
أقتربت من الشخص الذي يدير المكان والتي رأته مرات قليلة جدًا..
-لو سمحت ممكن أطلب من حضرتك خدمة..
تحدث الرجل باحترام:
-اتفضلي..
غمغمت سامية بنبرة هادئة:
-من فضلك هو حمزة مش بيجي خالص هنا من ساعة وفاة والدته ولا مش موجود النهاردة بس؟!!
نظر لها الرجل باستغراب ثم تمتم بنبرة جادة والهاتف بين يديه يكتب بعض الأشياء:
-مستر حمزة والدته ماتت من أكتر من أسبوعين وهو يعتبر مجاش من ساعتها..
قالت سامية بتردد وخجل واضح:
- أنا عرفت متأخر، تمام شكرًا لحضرتك.
كان تركيزه كله في الهاتف وأخبرها بعد دقيقة تقريبًا:
-العفو..
انتهت من الحديث مع الرجل ثم خرجت من المكان متوجهة صوب سيارتها وجلست فيها مُردفة وهي تحدث نفسها فهي مازالت تشعر بالانزعاج الشديد يكفي ما قالته لها سلمى...
-أنا لازم أروحله البيت هفتح الشات وهشوف اللوكيشن ساعتها مكنش معايا العرببة ومش فاكرة الطريق أوي..
فعلت ما حدثت به نفسها دون حتى أن تفكر لثواني في فعلتها هل هي صحيحة أم لا؟!..
توجهت صوب الفيلا التي كانت بعيدة نوعًا ما عن المقهى ووصلت أخيرًا لتخبر حارس الفيلا بهويتها وفتح لها البوابة بعدما اتصل بـ حمزة يخبره بأنها قد أتت...
ولجت بسيارتها ووقفت أمام الباب الداخلي، لتهبط من السيارة وفي الوقت نفسه كان حمزة يخرج من الفيلا شبة راكضًا لها حتى وصل لها ضمها إلى أحضانه....
شعرت سامية بالصدمة حتى أنها تخشبت في مكانها...
لم تكن تعلم ما الذي عليها أن تفعله...
تجمد جسدها أثر فعلته..
لم يكن لديها حتى المقدرة أن تسأله كيف!!
ابتعد حمزة عنها لتراقب هيئته، ذقنه النامية والغير مرتبة، ملامحه الشاحبة نوعًا ما، كان هو من يسبقها متحدثًا:
-وحشتيني، حقك عليا لو كنت بعيد الفترة اللي فاتت..
حاولت سامية قول أي شيء لكن على ما يبدو قد انعقد لسانها بينما أسترسل هو حديثه:
-أنا مش مصدق أنك جيتي بجد كأنك رديتي فيا الروح......
قالت سامية وكان الشيء الوحيد الذي خرج من فمها:
-البقاء لله.
-الحمدلله على كل حال.
ثم هتف حمزة بنبرة مُرحبة:
-تعالي ادخلي..
تحدثت سامية باعتذار:
-مرة تانية ان شاء الله..
قال حمزة معترضًا وهو ينظر لها بنظرات ضعيفة ومنزعجة:
-يعني معقول جيتي لغايت هنا ومش هتدخلي؟!.
غمغمت سامية بتردد:
-معلش..
حاول حمزة تفهم موقفها متمتمًا بجدية:
-أنا أختي وجوزها وخالتو جوا...
أردفت سامية بنبرة مكتومة:
-أنا للأسف اتأخرت أوي بجد، سلم على ياسمين وهبقى أجي مرة تانية...
وضع حمزة كفها بين كفيه قائلا وهو على مسافة قريبة منها:
-متبعديش عني أنا بجد محتاجك جنبي الفترة دي أوي، خليكي جنبي...
قالت سامية بنبرة هادئة:
-أنا جنبك يا حمزة بس لازم ترجع شغل وترجع لحياتك الحزن وقعادك في البيت ده مش بيرجع اللي راح.....
تمتم حمزة بنبرة قد تذيب الحجر وكيف لو كانت فتاة تحبه:
-علشانك وبيكي هكون كويس.
أنهى حديثه وقبل كفها، وهنا ابتعدت سامية قائلة:
-مع السلامة...
رد عليها حمزة وقد عادت البسمة إلى وجهه مرة أخرى:
-مع السلامة.
______________
التاسعة والنصف مساءًا..
تجلس سلمى على الفراش تستعد من أجل أن تخلد إلى النوم وتضع الكريمات والمنتجات الخاصة بالعناية بالبشرة والشعر التي تضعها قبل نومها، بينما جهاد كانت في الخارج تجلس مع والدتها...
صدع صوت هاتفها يعلن عن اتصال من نضال الذي سجلت رقمه مؤخرًا باسمه باللغة الانجليزية..
أجابت عليه:
-ألو.
جاءها صوته الهادئ:
-الو، ازيك يا سلمى، عاملة إيه النهاردة؟!.
غمغمت سلمى بنبرة مقتضبة بعض الشيء، على الرغم من أنها ردت على سامية بقوة ووضوح، إلا أنها مازالت منزعجة..
-بخير الحمدلله.
تمتم نضال بنبرة جادة:
-دايما يارب، صحيح أنتِ سايبة الشغل ولا إيه مش بشوفك بتنزلي ولا حاجة؟!.
قالت سلمى بنبرة مغتاظة:
-لا وأنا هسيب شغلي ليه؟! كل الحكاية إني قاعدة الفترة دي علشان الجيم فيه تصليحات كتير غير في مشاكل مع المكان اللي مأجرينه فيه ومعرفش هيسيبوه ولا لا!.
تحدث نضال بهدوء:
-اه فهمت.
هتفت سلمى بجدية:
-ممكن متتصلش بيا متأخر كده تاني..
رد نضال عليها بعدم فهم، فهو لم يستوعب كلماتها جيدًا:
-متأخر ازاي مش فاهم؟! الساعة لسه مجتش عشرة حتى...
قالت سلمى بـ صلف:
-هو كده، أنا مبحبش أتكلم متأخر كده وكمان لأن ده ميعاد نومي، متكلمنيش في الوقت ده إلا لو في حاجة ضرورية أو حاجة تستدعي لكده من فضلك..
رد عليها نضال بنبرة جادة لم يقصد فيها أن يسخر منها:
-بتنامي دلوقتي؟! ده أنا يومي لسه هيبدأ..
هتفت سلمى بنبرة جادة:
-أنا كده بنام بدري وبصحى بدري ومبحبش اتكلم مع خطيبي في وقت متأخر زي ده.
هي لا تحب التحدث من الأساس كان هذا ما يرغب قوله لكنه بدلًا من ذلك عقب على حديثها:
-ماشي، بس إيه الضروريات أو الحاجات اللي تستدعي إني أكلمك الساعة تسعة، وبعدين إيه الضروريات اللي بين المخطوبين دي أصلا؟! على كده المفروض تبصميني على ورقة وأخد وصل بعد كل اتصال...
ردت عليه سلمى بلا حرج:
-أنا مبشوفش أن في داعى الواحد يكلم خطيبته متأخر بعيدًا عن أني هنام ولا لا، مفيش حاجة اسمها افتكر اللي معايا وأتصل بعد ما خلصت كل اللي ورايا.
أن تكون في بداية اليوم ووسط اليوم لا مكالمة مملة ورتيبة في نهاية اليوم حينما يشعر بالضجر أو الفراغ التام، هذا ما كانت ترغب في قوله.....
هتف نضال بنبرة هادئة:
-ماشي أنا هقفل بقا علشان مفيش حاجة تستدعي نتكلم متأخر كده، وهبقى اتصل بعد كده الصبح أو يكون معايا حاجة ضرورية، مع السلامة...
-مع السلامة.
أنهت المكالمة وألقت الهاتف على الفراش، بـ قلب غاضب، هي فظة، تمتلك من الفظاظة ما قد يجعل من معها يهجرها.....
لذلك علاقاتها مع الجميع تكون دومًا سطحية، هي تخشى أن تعطي لنفسها المساحة أن تتعلق بشخص ويبتعد عنها، تخاف أن تثق في وجود أحدهم وتجد نفسها وحيدة لذلك هي تحاول الحفاظ على مشاعرها ونفسها.........
غير أن سامية ازعجتها واغضبتها تبًا لها....
كان ينقصها أن تأتي وتتحدث بحماقة كهذه، نهضت من مكانها وأخذت تحضر فراشها تستعد لنومٍ هنيء، أو تتمنى الحصول عليه...
فهي لم تعد تنام براحة وساعات متواصلة كالسابق منذ أن عاد والدها...
_____________
في صباح يوم جديد..
كان نضال يقف في الجزارة بقوم بتقطيع اللحم، احتياجاته واحتياجات زوجة عمه الهرية يقوم بتقطيهم بنفسه في بداية كل شهر تقريبًا...
بينما والده يجلس أمامه في انتظار الأرجيلة أن يناهي الشاب من تحضيرها...
أتى شاب ملامحه غير مألوفة وهو يغمغم بنبرة هادئة:
-مساء الخير..
رد نضال عليه:
-مساء النور، حضرتك محتاج حاجة؟!.
أردف الشاب بنبرة هادئة:
-معايا صورة واحدة كنت عايز أسال عنها لو تعرفوا ساكنة فين لأنها عجبتني وحابب أتقدم ليها..
هنا صدع صوت زهران والصبي يضع أمامه الأرجيلة هاتفًا بثقة:
-كده أنتَ رايح للشخص الغلط وسايب الشخص الصح تعالي وأنا أدلك أنا مفيش ست أو بنت في المنطقة معرفهاش..
ضحك نضال ساخرًا وهو يشير ناحية والده بالسكين الكبيرة:
-روح ده موسوعة مش هتلاقي أحسن منه..
ضحك الشاب أيضًا ثم أقترب من زهران يخرج الهاتف ويأتي بالصورة التي التقطها للفتاة دون أن تدري منذ مدة..
-تعرفها يا حج؟!.
ابتسم زهران وهتف بنبرة جادة جعلت نضال يغرز سن السكين في الخشبة التي تتواجد أمامه:
-إلا أعرفها دي سلمى خطيبة ابني....
_______يتبع_______
الفصل التاسع عشر من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم
#شارع_خطاب
بقلم #fatma_taha_sultan
____________
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
_____________________
"لَم يَكُن فِي نِيَّتي أن أحبَّ كُلُّ مَا فِي الأمْر أنَّ قَلبِي خطف"
#مقتبسة
” عرفتُ ليالي يتفكّك فيها جسدي إلى ألف علامة استفهام و إنِّي الشاهد الوحيد على الصباحات التي أقضيها في لملمته من جديد “.
-أليكسا تشيرنياك
"حدثيني عن الاحتباس الحراري، وطيور الفلامنجو المهددة بالانقراض، و عن أظفرك المكسور وكل مشاكل الكوكب و عن الليل الطويل، حدثيني عنك و عني إني أتوق لحديثك ولا أرتوي منه"
#مقتبسة
______________
قلت مش هتسبني ثانية
روحت ليه وهجرتني
قلت ياما أنا غالي عندك
قال صحيح بتحبني
قلبي عندك جيت أزوره
كمان بجد وحشتني
كنت قبلي في كل حاجة
كنت عندي أهم حاجة
أعمل إيه في الدنيا بعدك
الدنيا دي ولا تسوى حاجة
كنت قبلي في كل حاجة
كنت عندي أهم حاجة
أعمل إيه في الدنيا بعدك
الدنيا دي ولا تسوى حاجة
ذنبي إيه
إني حبيت كل حبنا
قوام كده نسيت
مش هتنساني
تجلس جهاد على الأريكة تستمع إلى كلمات الأغنية على الهاتف وهي تبكي بغزارة، متأثرة إلى أقصى درجة جاءت والدتها من الداخل بعدما تركت الطنجرة على الموقد حتى تعطي الطعام وقته حتى يصبح ناضجًا..
هتفت يسرا بنبرة هادئة وهي تجلس على المقعد:
-ما خلاص يا جهاد بقى هتفضلي تعيطي لغايت امته؟!.
من وسط بكائها ردت عليها جهاد بقهرٍ:
-لغايت ما الخرم يتسد علشان هو يرتاح ويكلمني...
ضحكت يسرا رغمًا عنها متحدثة بسخرية:
-وهو الخرم يتسد ازاي والحلق فيه؟! بطلي عبط وبعدين أنتِ غلطتي.
صاحت جهاد باستنكار:
-غلطت ليه ان شاء الله بقا؟! إيه يا ماما هتتكلمي زيه بدل ما تنصريني عليه وتقوليله بنتي مغلطتش؟!.
هتفت يسرا بعقلانية وهي تنظر لها:
-يا جهاد أنا مليش دعوة بيه وبرايه أنا بقول غلطتي أنك ماخدتيش رأيي ورأي اختك حتى، روحتي عملتي منك لنفسك من غير حتى ما تعرفينا، حتى لو هو قرار شخصي وحرية شخصية زي ما بتقولي بس على الأقل كنتي اخدتي رأي اللي حواليكي أو عرفتي وجهة نظرهم يمكن يقولوا حاجة أنتِ مش شايفاها.
ابتلعت يسرا ريقها ثم تحدثت مسترسلة حديثها السابق:
-الحاجات اللي بتسيب أثر على مدى طويل في جسمك لازم تهدي في أي قرار هتأخديه فيها لأن عقلية الإنسان يا حبيبتي بتتغير على مدار السنين يعني ممكن تكوني مبسوطة بيه دلوقتي بعد كام سنة هتزهقي وهتحسي أنه مبقاش مناسب مع فكرك ساعتها هتعملي إيه؟!...
هتفت جهاد بجدية شديدة:
-أنا عايزاه يتسد دلوقتي علشان أستاذ سلامة يرتاح، مش هيتجوزني إلا لما الخرم يتسد، أموت نفسي علشان يرتاح طيب؟!
قالت يسرا بابتسامة صافية:
-أنتم الاتنين لسه صغيرين ودماغكم صغيرة لا أنتِ بتعرفي تكبري دماغك ولا هو كمان، كأنكم عيال في الحضانة، وبعدين الشباب بيكون ليهم فكر ودماغ مختلفة شوية سبيه وهو هيصفى لوحده...
صاحت جهاد بنبرة ساخرة من حالها:
-كتب الكتاب فاضله كام يوم وأحنا متخانقين اهو، مهوا يا هو يصفى لوحده يا الخرم يتسد مع أن شكل البيرسينج قمر الله يسد نفسك يا سلامة.....
جاءت سلمى من الداخل وهي تدندن مشيرة نحو جهاد:
-لا فاش كيري، لا فاش كيري بتغذيني، الفايدة كبيرة في الطعم خطيرة لا فاش كيري.
تمتمت جهاد بغيظ حقيقي وهي تشير بسبابتها نحو سلمى:
-خلي بنتك تلم نفسها..
هتفت سلمى وهي تأتي وتجلس بجوارها على الأريكة وتترك قُبلة على وجنتيها:
-مالك بس يا أستاذة لا فاش كيري هو حد داسلك على طرف؟!، تعرفي يا جهاد رغم أن اللي أنتِ عملتيه ده حاجة ضد قناعاتي بس عاجبني عارفة ليه؟!.
سألتها جهاد ساخرة:
-ليه يا سلمى؟!.
تحدثت سلمى ببساطة:
-علشان زي ما قولتلك بقيتي زي البقرة شكلًا وموضوعًا يعني أنا كنت مكتشفة الموضوع ده من زمان بس أنتِ أكدتيه..
كادت جهاد أن تبكي أكثر كالطفلة الصغيرة هاتفة:
-بس يا سلمى بقا مضايقنيش.
هتفت يسرا موجهة حديثها صوب سلمى وهي تنظر لها نظرة ذات معنى:
-احترمي نفسك يا سلمى بقا ومضايقيش أختك..
ثم نظرت ناحية جهاد هاتفة:
-وبعدين ملكيش دعوة بكلام حد زي ما عملتي نفسك فتوة وروحتي عملتيه ملكيش دعوة بكلام اللي حواليكي...
عقدت جهاد ساعديها بانزعاج صامتة ثم تحدثت يسرا بنبرة جادة:
-عايزين نعزم نضال يا سلمى..
هتفت سلمى بانزعاج جلي:
-ونعزمه ليه ده كمان؟!.
تمتمت يسرا متهكمة:
-هو إيه اللي نعزمه ليه دي؟! هو الأصول أنه يكون له عزومة عندنا حلوة كده بعد الخطوبة وأحنا اتلهينا في تعبك لازم نكلمه ونعزمه يجي، قومي كلميه...
_________
يقف زهران وخرطوم الأرجيلة بين يديه وأحدى الصبيان يحمل الأرجيلة له، كان يقف أمام باب الجزارة الذي أغلقه نضال خلفه بعدما أخذ هذا الشاب في الداخل وأخرج الجميع....
تمتم أحد الشباب:
-ما تزعق يا عم زهران يمكن يسمع كلامك أنا خايف يكون عمل في حاجة ده مفيش صوت ولا أي حاجة..
أردف زهران بعدما سحب نفس من الأرجيلة:
-ازعق إيه أنا لسه مفطرتش...
ثم أسترسل حديثه قائلا بقلق طفيف:
-وبعدين متقلقنيش بقى ان شاء الله ميكنش عمل فيه حاجة..
رفع زهران صوته هاتفًا وهو يضرب بكف يده الخالي على الباب:
-افتح يا ابني، افتح متوديش نفسك في داهية، هي لسه خطيبتك لو كانت مراتك كان الموضوع هيكون اسوء يا حبيبي افتح بقا...
ثم وجه زهران حديثه للصبي الذي يحمل الأرجيلة له:
-روح شوفلنا حد يفتحلنا الباب عقبال ما أخلص الحجر وروح هاتلي حاجة أفطر بيها علشان أقدر أتصرف.
بينما في الداخل...
كان نضال يقوم بـ سن السكاكين أمام عين الشاب الذي ازدرد ريقه بخوفٍ شديد ويديه مربوطة بـ قطع حديدية التي يقوم بتثبيت اللحم من خلالها وهناك قطعة حديدية أخرى مربوطة في مكان ما في الحائط حتى لا يستطيع الحركة..
هتف الشاب محاولا الدفاع عن نفسه:
-والله ما أعرف أنها مخطوبة أنا كل يوم كنت بشوفها في الموقف وكنت هسأل عليها من بدري كمان بس عملت حادثة وكنت في البيت بقالي شهر وشوية..
رد نضال عليه بهدوء مميت:
-اه مكنتش تعرف، وده يعني يديك الحق أنك تصور في بنات الناس وهي ماشية في الشارع؟!.
غمغم الشاب بتوتر كبير وهو يراقب السكاكين التي في يده:
-مكنتش نيتي وحشة والله، أنا حتى سألت السوبر ماركت وسألت كمان...
تمتم نضال مقاطعًا حديثه بابتسامة تحمل من الشر ما يكفي:
-يعني أنتَ لفيت المنطقة كلها بالصورة؟!!!!!!!...
رد الشاب مسرعًا وهو يحاول أن ينجي بروحه بأي شكل كان فهو وقع تحت يد شخص مجنون على الأغلب:
-والله مش قصدي واهو الموبايل أخذته مني امسح كل اللي عليه متزعلش نفسك....
في تلك اللحظة فُتح الباب بواسطة أحد المفاتيح الذي كان أحد العاملين يحمل معها معه نسخة أعطاها له زهران وأتى بها من المنزل.....
هتف زهران بذعر وهو يتناول شطيرة الفول:
-الحمدلله الواد لسه عايش وقعت قلبي والله خلاص سيبه يا ابني، عيل وغلط مكنش يقصد روحوا فكوه يا شباب...
قال زهران كلماته الأخيرة وهو يوجهها صوب الشباب فـ صاح نضال بغضب واضح:
-لا محدش يفكه أنا لازم أعلم عليه علامة تخليه بعد كده لما يشوف واحدة في الشارع لو واقف ماسك موبايله عادي يحطه في جيبه ويلف وشه...
هتف زهران بجدية أثناء ذلك كان نضال يحمل الهاتف بعدما عرف كلمة السر وكام بمسح كل ما يتواجد على الهاتف تقريبًا:
-خلاص يا ابني متوقعش نفسك في غلط ولا تودي نفسك في داهية أكتر من كده وقعت قلبي حاسس ان هيجرى حاجة ليا بسببك وبسبب عمايلك وتهورك..
تمتم نضال باستهجان شديد:
-هيجرى ليك حاجة إيه ده أنتَ ممشي الواد وراك بالشيشة وبتأكلي فول...
..بعد مرور نصف ساعة...
حاول زهران والشباب فيها فك قيود الشاب، قد تركه نضال بصعوبة بالغة بعد إلحاح الجميع بعدما مسح كل ما يتواجد في هاتف الشاب تقريبًا وبعدما رأي الخوف الحقيقي في وجهه.....
هتف زهران وهو يتناول أرجيلته جالسًا أمام الجزارة:
-خلاص بقا يا ابني اهدى مش كده؛ دمك حامي أوي، الواد كان شوية وهيعملها على روحه بسببك..
هتف نضال وهو يحدث نفسه:
-كل يوم جايلها عريس وهي مش عايزة تتجوز..
تمتم زهران بابتسامة وكبرياء واضح:
-علشان تعرف أنا مش بنقي ليك أي حاجة، البت عليها الطلب....
تمتم نضال بنبرة ساخرة:
-كتر خيرك وكفايا كده كمل الحجر بتاعك وسيبني في حالي....
رحل نضال متوجهًا صوب المنزل وفي الوقت نفسه كان يصدع صوت هاتفه معلنًا عن اتصال من سلمى...
أجاب نضال في سرعة من أمرة بنبرة غاضبة بحق:
-ألو..
تمتمت سلمى بنبرة هادئة:
-ازيك يا نضال عامل إيه؟.
غمغم نضال بنبرة مُنفعلة:
-كويس.
صوته وطريقته لا تتوافق تمامًا مع أجابته لكنها غمغمت:
-دايما يارب، ماما كانت عايزة تعزمك على الغداء يوم الخميس لو فاضي ومناسب معاك..
رد نضال عليها:
-ماشي.
ردوده غريبة وطريقته عجيبة، مما جعلها تسأله رغمًا عنها:
-في حاجة يا نضال؟!.
قال نضال بنبرة جادة:
-ايوة في، ياريت تاخدي بالك وأنتِ ماشية في الشارع..
لم تفهم سلمى الأمر فعقبت بعدم فهم:
-اخلي بالي من إيه مش فاهمة قصدك إيه؟!!
صاح نضال باستنكار رهيب تحت مراقبة زهران له بعيناه:
-في واحد مصورك عند الموقف وجه هنا يسال عليكي عايز يتقدم ليكي يا هانم.
حاولت سلمى فهم الأمر ولكنها صاحت هي الأخرى:
-ازاي حد يتجرأ ويصورني من غير ما اعرف والله كنت اتصلت بيا وجيت اديته بالشبشب.....
ثم لا تعلم لما شعرت باتهام في حديثه لذلك أسترسلت حديثها بغضب واضح:
-وبعدين أنا مالي حد صورني من غير ما أخد بالي، إيه غلطي أنا؟! هو أنا همشي أراقب الناس علشان تكلمني بالطريقة دي؟!..
-كده علشان متعصب وبعدين مش محتاجة تيجي تديه بالشبشب متقلقيش مش قرطاس جوافة أنا...
هتفت سلمى بنبرة جادة:
-مش من حقك تتعصب عليا علشان حاجة مليش ذنب فيها، ده أنا كنت بقول على أخوك دماغه مريحاه طلعت أنتَ أصعب...
تمتم نضال بانزعاج شديد:
-وأنتِ كمان بتغلطي في أخويا؟!!.
غمغمت سلمى بنبرة مقتضبة:
-أنا مغلطتش في حد متغلطنيش بالعافية، وبعدين لو أنا مش عجباك هبقى اخلي جهاد تحط شبكتي مع شبكتها ونبعتهم سلام....
ثم أنهت المكالمة ليستشاط غضبًا وولج إلى بوابة المنزل وهنا كان زهران يضحك رغم أنه يجهل حقًا الأمر كليًا أو الحزار الذي يدور كما لا يعرف ما يحدث تمامًا لكنه يرى الشرارة التي تحدث وهذا ما أسعده....
هو على وشك أن يذهب ويجد هذا الشاب ويشكره..
وعلى ذكر الشرارة سقط الفحم المشتعل من الصبي ليهتف زهران منزعجًا:
-اهو الواحد يكون في أمان الله رايق، العكننة تجيله من حيث لا يعلم...
ثم ابتسم هاتفًا:
-إلا صحيح الواد جابر صاحب عمري واحشني اما اكلمه اشوف أخباره إيه...
______________
استيقظت سامية منذ الصباح الباكر بسبب اتصال حمزة، حينما أخبرها بأنه يريد أن يتحدث معها، كم يريد رؤيتها...
اندهشت أكثر حينما أرسل لها موقع يعود إلى مقابر عائلته وأنه يرغب في رؤيتها هناك...
جمعت حقائب عملها حتى تظهر أمام والدتها بأنها ذاهبة إلى عروس اليوم لتجهيزها، وكانت ذريعة قوية وليست غريبة حتى تثير شكوك والدتها هي أغلب عملها يكون في الصباح الباكر...
ذهبت يسيارتها صوب الموقع لتجده أمام قبر والدته جالسًا بهيئة أفضل قليلا من الهيئة التي كان عليها في المنزل حينما ذهبت عنده..
قرأت لها الفاتحة كما طلب منها وأخذ يتحدث وكأنه يتحدث مع والدته...
-كنت عايز أعرفها عليكي يا حبيبتي، بس مجتش فرصة، بس أنا متأكد أنك شايفانا يا حبيبتي وحاسة بينا ومتأكد كمان أنك حبتيها....
أخذ يتحدث ويتحدث لـتشعر سامية تجاهه بالتأثر الشديد، هي مشفقة عليه وتعلم شعوره جيدًا فهي فقدت والدها من قبل..
صدقًا هي تتألم من أجله لذلك حاولت أن تأخذه وذهبت معه لتناول الفطور في أي مكان واستجاب لها وبعد مرور نصف ساعة تقريبًا كان يجلس في مقعد يجوار مقعدها...
في الوقت التي كانت تنتظر معه، النادل أن يأتي بالفطور تحدثت سامية بنبرة هادئة وهي تنظر له بعطفٍ:
-ها حاسس نفسك أحسن دلوقتي؟!..
رد عليها حمزة بنبرة فاترة نوعًا ما:
-الحمدلله أحسن..
ثم نظر لها متحدثًا بنبرة عاطفية:
-أحسن علشان أنتِ معايا أنا أصلا مش عارف لولا أنك في حياتي الفترة دي أنا كنت هعمل إيه؟! ولا هتخطى الفترة دي ازاي؟!.
ابتسمت له بخجل طفيف ثم قالت بهدوء:
-ربنا يقويك وان شاء الله هتعدي من الفترة دي، هي محطات في حياتنا بتكون صعبة بس الحياة بتكمل وبتمشي.
قال حمزة بتمني حقيقي:
-يارب..
ثم أسترسل حديثه وهو يعتدل في جلسته ويقوم بالتعديل من وضع مقعده حتى يناظرها..
-أنا حابب اعتذر ليكي.
نظرت له سامية متحدثة باستغراب:
-تعتذر على إيه!!.
رد عليها حمزة ببساطة وهو يخبرها:
-علشان حضنتك يوم ما جيتي الفيلا أنا خايف تكوني فهمتيني غلط، وخايف تكوني زعلتي من جواكي وبصراحة كنت محرج ومن أول ما شوفتك عايز أقولك الكلام ده بس كنت مقلق أفتح الموضوع معاكي، بس مكنش ينفع مقولهوش وممكن تكوني مضايقة مني من جواكي...
للحق يقال أنها كانت تشعر بالدهشة والاستغراب لكنها حاولت بشتى الطرق تفسير ما فعله، وأنه لم يقصد فعلها بل كان نابع منه بطريقة عفوية وتلقائية هو ليس شخصًا معتادًا على هذا!!
أغلقت كفيها على بعضهما ولم تجد رد مناسب على اعتذاره الذي أصابها بالخجل فهي لم تكن ترغب في ذكر تلك النقطة أبدًا وهذا ما قالته وهي تتحدث بنبرة مقتضبة:
-ممكن منتكلمش في الموضوع ده لو سمحت..
تفهم خجلها وارتباكها لذلك قرر أن يدخل إلى صُلب الموضوع هاتفًا:
-أنا عايز اتجوزك، والمرة دي أنا عايز اتجوزك في أقرب فرصة أنا محتاجك جنبي ومش قادر أبعد عنك لولا اللي حصل مكنش موضوعنا أتأجل...
ردت عليه سامية بتردد:
-ماشي مفيش مشكلة بالنسبالي وأنا اتفهمت رغم احراجي قدامهم في البيت بسبب اللي حصل لكن أنا قدرت موقفك لما عرفت اللي حصل، ممكن تعدي فترة مناسبة وتكلم عمو وتيجي
غمغم حمزة بنبرة جادة:
-إيه هي الفترة المناسبة يعني؟! احنا في أكتر فترة مناسبة، أنا مش عايز حاجة غيرك يا سامية وغير أننا نتجوز ونكون مع بعض، أنا شقتي جاهزة، وكل حاجة تمام، هاجي أتكلم مع عمك ولو وافق نتجوز علطول ممكن منعرفش نعمل فرح بسبب الظروف بس الفرح مش كل حاجة كفايا أننا نكون مع بعض..
صمت لعدة ثواني ثم قال بنبرة متألمة:
- أنا لوحدي يا سامية.
كيف من الممكن أن تتزوج من دون حفل زفاف؟!!
كل عروس تعمل معها ترى ذاتها فيها يومًا ما...
فـردت عليه سامية بحرج وعدم فهم:
-طب وليه السرعة دي؟! أحنا نستنى شوية وبعدين لوحدك ازاي...
هتف حمزة بتوضيح بسيط لظروفه:
-هنستنى إيه؟! مش هينفع نستنى أقل من سنة علشان لو عايزة تعملي فرح، وأنا مش هقدر استنى سنة وأنتِ بعيدة عني حتى لو اتخطبنا مش هعرف اشوفك براحتي ولا هعرف اقابلك وبحسك دايما قلقانة وأنتِ معايا حد يشوفك..
ابتسم لها ثم تحدث بنبرة عاطفية:
-المهم الإنسان اللي هتعيشي معاه وتشاركيه حياتك واللي بتحبيه أنكم تكونوا مع بعض، الفرح دي شكليات مش كل اللي عملوا فرح عايشين في سعادة...
شعرت بتأثيره عليها لكنها كابرت وهي تسأله:
-أنا برضو مفهمتش إيه الشقة اللي بتتكلم عنها وإزاي لوحدك ولما روحت عندكم كانت خالتك واختك وجوزها موجودين..
وضح لها حمزة الصورة:
-الفيلا دي اللي هي نفسها الفيلا اللي جيتي فيها يوم فرح ياسمين دي الفيلا بتاعت جوزها اللي بالمناسبة هو ابن خالتي، طبيعي أنهم يكونوا مع بعض أنا اللي قاعد معاهم ومش مرتاح في بيني وبينهم مشاكل كتير مش حابب أقولها واشغلك بيها وأصلا من النهاردة هروح اقعد مع واحد صاحبي شوية، علشان كده أنا عايزك جنبي وعايز نتجوز في أقرب فرصة.
ردت عليه سامية بتردد شديد:
-أهلي مش هيوافقوا اتجوز بالسرعة دي ومن غير فرح ومن غير حاجة حتى لو أنا وافقت..
قال حمزة وهو ينظر لها نظرة ذات معنى:
-لو أنتِ وافقتي وعايزاني وشارياني زي ما بيقولوا أنا متأكد أنك وقتها هتقنعيهم وهتعملي المستحيل علشاني.....
ابتلع ريقه ثم تحدث:
-وأنا مش عايزك تقولي لحد فكري مع نفسك بس في اللي قولته وأنا لما أقعد معاهم هوضح ليهم ظروفي، أنا عايزك تفكري مع نفسك، وتحسبيها براحتك واليوم اللي هتقولي فيه أنا موافقة يا حمزة انا مش هتصل بعمك لا أنا هاجي لغايت عندكم في نفس اليوم.....
_____________
في اليوم التالي..
تجلس جهاد على المقعد تراقبه من بعيد طوال اليوم، بسبب شجارهم كل شخص فيهما يأتي بمفرده، وهو يتجاهلها وكأنها ليست موجودة في المكان...
كانت تنتظر الوقت المناسب حينما تبدأ فترة الاستراحة القصيرة الخاصة بهم حتى تتحدث معه، إذا كان يرغب في إنهاء علاقتهما ليفعل، بدلًا من كونها لا تعرف ما الذي ينويه، وما الذي سوف يحدث بينهما؟!..
بعد أيام قليلة جدًا عقد قرأنهم حتى أنه بدأ العد التنازلي....
إذا كان لن يتزوجها ليخبرها حتى تقتله وتقتل نفسها بكل هدوء...
أتى الوقت المخصص للاستراحة فـ نهض هو متوجهًا صوب الكافتيريا على ما يبدو هو لا يرغب أن يعطها فرصة للحديث...
لكنها لن تصمت...
ذهبت خلفه هي الأخرى ووصلت إليه وهو يتناول قهوته مغمغمة بانزعاج شديد:
-لو سمحت عرفني نهايتنا إيه علشان لو مش عايز تكمل معايا ابعتلك شبكتك..
رد عليها سلامة مستنكرًا وهو يرفع بصره لينظر لها:
-في حاجات أكبر من الشبكة لو مش واخده بالك حاجتك بقت في شقتي والشقة شبه اتفرشت هدوري على الحاجة ولا الشبكة؟!.
غمغمت جهاد باستنكار واضح:
-مش مهم، المهم أننا هنخلص وكل واحد يأخد حاجته، أنا حرة يا سلامة مش علشان عملت حاجة زي دي تقعد كده مخاصمني ومش معبرني...
تحدث سلامة وهو ينهض مغمغمًا بنبرة مقتضبة:
-أتذكر مرة حلقت شعري كله مكنتيش عايزة تكملي معايا علشان مأخدتش رأيك....
تمتمت جهاد بتردد فهي بدأت تشعر بضعف موقفها:
-لو سمحت لما نكون بنتكلم في حاجة متتكلمش في حاجة تانية قديمة وخلصت أنا بتكلم في الموقف اللي أحنا فيه ده، عيب لما قصة الحب الافلاطونية دي تبوظ علشان مناخيري اتخرمت...
قال سلامة بضيقٍ حقيقي وعيناه تذهب إلى أنفها:
-شكله ملفت وزفت معرفش إيه القرف اللي عملتيه ده من غير ما تأخدي رأي حد...
حاولت جهاد التحكم في نفسها متمتمة بانزعاج:
-واديني عملته يا سلامة، عملته واتنيلت عملته شايفه صح ولا غلط، شايفة حلو ولا لا، عملته، وأكيد مش هيتسد لأنه عاجبني وحتى لو اتسد هيأخد مده ومش هغامر بيها دلوقتي، هتعمل إيه علشان أكون عارفة هنتنيل نتجوز ولا نفضها سيرة ولما ارجع البيت احضر حاجتك وأخد حاجتي.
هتف سلامة بنبرة جادة للغاية:
-دي أخر مرة يا جهاد تعملي حاجة وتفاجئيني بيها بالشكل ده...
ثم نظر إلى الهاتف ليرى الساعة:
-البريك خلاص بيخلص هنتكلم واحنا مروحين هستناكي لما تخلصي الساعة دي لأن الشيفت بتاعي هيخلص قبلك..
قالت جهاد بنبرة مسالمة:
-ماشي.
ثم هتفت بنبرة صادقة وهي تنظر له:
-متزعلش مني يا سلامة حتى لو مكنتش غلطانة مش عايزة نشيل من بعض.
للحق يقال أنه مغتاظ وغاضب إلى أقصى حد ولا يعجبه الأمر إلى حدٍ كبير، لكنه لا يستطيع أن يغامر بخسارتها...
لأنه يحبها ويريدها؛ يحاول تهدئة نفسه خلال الايام الماضية كان يبتعد عنها من أجل تهدئه نفسه...
بدأ يشعر باللين قليلًا أو على الأقل يحاول التفكير من أكثر من جهة عوضًا عن أفكاره السابقة يحاول أن يفكر بطريقة مرنة...
قال سلامة بنبرة هادئة:
-هنتكلم يا جهاد واحنا مروحين...
____________
تجلس ريناد في الشرفة التي أصبحت ملجأ لها رغم أنها طوال الوقت تغلق الستار كما أن المنظر ليس جيدًا للنظر سواء أمامها أو حتى لما يتواجد في الأسفل لكنها تحب الجلوس بها رغم كل شيء...
أخذت تقوم برؤية المقاطع الذي تتواجد في هاتفها رأت تلك المقاطع التي التقطتها مع حور منذ مدة أعجبتها كثيرًا وحاولت التفكير لما لم تحاول أن تقوم بتنزيلهم على حسابها؟!..
هي متأكدة من أنها سوف تنال إعجاب متابعينها، على الأقل تقوم بتسلية نفسها وملئ حسابها بالمقاطع إلى أن تظهر النتيجة الخاصة بالفصل الدراسي الأول...
المقاطع كلها رائعة لذلك اختارت أفضل ثلاثة منهم وقامت بتنزيلهم، بعدها وقفت لتنظر إلى الأسفل لتجد سيارة والدها ودياب يقف بجوار السيارة ويشير له من ناحية النافذة...
صاحت ريناد بشكل مخيف:
-كنت عارفة، كنت عارفة أن الفتان ده هيقوله والله كنت حاسة، اعمل إيه دلوقت ياربي؟!..
ابتلعت ريقها ثم شهقت وهي تضع هاتفها في جيبها وتخرج كالمجنونة حتى تهبط وتمنعه من قول أي شيء إلى والدها....
بينما في الأسفل...
-أيوة خلاص أعدل العجل على كده...
هز محمد رأسه بهدوء وفعل ما أراده ثم توقف في المكان الذي كان يحاول دياب أن يجعله يقف فيه بعد أن ازاح الحجارة له....
توقف محمد ثم اصطف بالسيارة، وهبط منها مغمغمًا:
-شكرًا جدًا يا دياب تعبتك معايا.
تمتم دياب بهدوء:
-لا مفيش تعب ولا حاجة عن أذنك بقا علشان رايح الشغل.
هز محمد رأسه بتفهم ثم غادر دياب وبعد مغادرته مباشرًا كانت ريناد تأتي من الداخل متمتمة:
-بابا والله أنا مش قصدي ده بيقول كلام مش حقيقي.
أردف محمد بعدم فهم:
- قال إيه مش فاهم أنتِ بتقولي إيه؟! ونازلة حافية كمان؟! في إيه؟!!.
نظرت ريناد إلى قدميها وهنا أدركت حماقتها وهبوطها حتى دون أن ترتدي حذاء...
هتفت ريناد وهي تسأله بتردد حقيقي:
-هو مقالش أي حاجة عني خالص؟!!.
تحدث محمد بـ شكٍ:
-وهو إيه اللي ممكن هو يقوله عنك مش فاهم؟! في إيه يا ريناد؟!!
صاح في كلماته الأخيرة وسؤاله فتوترت ريناد وبدأت تشعر من ملامح والدها بأنه لا يعرف شيء فحاولت ريناد قول أي شيء خطر على ذهنها:
-افتكرت أنه قالك إني السبب في أنه يسيب شغله.
تمتم محمد بعدم استيعاب:
-يعني إيه أنتِ السبب!؟ وإيه علاقتك بيه أساسًا؟!.
-هفهم حضرتك...
____________
تقف انتصار مع هدير تقوم بمساعدتها في ترتيب ملابسها في الخزانة بعدما قاموا بتجهيز الشقة لها بمساعدة إيناس لها لكنها رحلت منذ قليل بسبب أطفالها ومشاغبتهم.............
نظرت هدير لها بحرج كبير تحديدًا أنها لم تكن تمتلك علاقة قوية بـها فأردفت:
-تعبت حضرتك معايا بجد، أنا مش عارفة أقولك إيه..
تمتمت انتصار بنبرة حنونة وهي تنظر لها:
-أنتِ زي سامية عندي بالظبط ومفيش تعب ولا حاجة يا بنتي؛ خلاص الشنطة فضيناها اهو، أنا هسيبك بقا علشان أروح أحضر الغداء ولازم تيجي تأكلي معانا أنتِ سامعة؟!.
تمتمت هدير بتوتر وهي تتذكر استقبال سامية الخالي من الترحيب تمامًا في الصباح:
-ملهوش لزوم أنا مش عايزة ا....
قاطعت انتصار هذا الحديث متمتمة:
-مفيش حاجة اسمها ملهاش لزوم ده حتى أنا عاملة شوية محاشي هتأكلي صوابعك وراهم، أنا هنا في مقام والدتك يا حبيبتي؛ أنتِ مش غريبة ووسط أهلك أي حاجة تعوزيها في أي وقت مهما كانت هي إيه رني عليا بس أنا أغلب الوقت بكون لوحدي سامية بتكون في الشغل واهو نونس بعض.
هتفت هدير بحرج شديد:
-تسلمي يا طنط والله ربنا يخليكي بجد.
تمتمت انتصار بنبرة هادئة:
-ويخليكي يا حبيبتي، أنا صحيح معرفش إيه اللي حصل بالظبط بينك وبين أختك بس مهما كان اوعي تسمحي لنفسك تضايقي ولا تنكسري ولا تزعلي لأي سبب من الأسباب، وركزي في مذاكرتك وفي حياتك يا بنتي، أنتِ في سنة مهمة ان شاء الله نفرح بنتيجتك قريب.
قالت هدير بتمنى حقيقي رغم أن معنوياتها صفر:
-ان شاء الله بس صدقيني أنا هكون مرتاحة كده أنا محتاجة أخد على الشقة..
هتفت انتصار بتفهم تلك المرة:
-خلاص براحتك بلاش تأكلي معانا النهاردة، بس أنا هجيبلك الاكل لغايت عندك هنا لازم تدوقي أكلي...
ابتسمت لها هدير، فسارت انتصار بضعة خطوات وتوجهت صوب الطاولة التي تركت عليها المفاتيح هاتفة بهدوء وهي تمد يدها بالمفاتيح:
-دول الخمس مفاتيح بتوع الكالون الجديد اللي نضال ركبه النهاردة قدامك قبل ما يمشي المفاتيح كلها معاكي اهي شيلي الباقيين في حتة، وحطي واحد في الميدالية بتاعتك...
نضال هو من فعل هذا الأمر حتى تشعر الفتاة بالراحة أكثر فقام بالأمر أمامها..
هتفت هدير وهي تأخذ مفتاح منهم وتعطيه إليها:
-خلي واحد مع حضرتك علشان لو نسيته في مرة أو حاجة وهحط واحد معايا وهشيل الباقي.
-تمام زي ما تحبي يا حبيبتي..
___________
يوم الخميس.
ارتدى نضال ملابسه وتجهز للذهاب ثم خرج من الغرفة ليجد سلامة ووالده يجلسون على الأريكة...
كان سلامة مازال بملابسه المنزلية وهنا تحدث نضال مستنكرًا:
-أنتَ لسه ملبستش لغايت دلوقتي؟!.
وضع سلامة قدم فوق الأخرى هاتفًا بتعالي:
-أجي ليه؟! أنا مش معزوم هما عازمين نسيبهم الجديد أنا مالي؟!.
استشاط نضال غضبًا وتغيرت ملامحه وهنا تحدث زهران وهو يجلس متأهبًا منتظر أن يشتعل الفحم الذي وضعه في المطبخ حتى يتناول أرجيلته..
-يا ابني قوم خلص بلاش تناكة ملهاش لازمة، ما احنا عارفين أنه عمل مشكلة مع البت وعايز حد يروح معاه......
قال سلامة بغرور يناسبه:
-والله علشان تعرفوا أن سلامة نسمة، أنا حقيقي نسمة أنا معملتش مشاكل وأنا مكملتش شهر خاطب لكن ابنك بدأها بدري أوي..
تمتم نضال بانزعاج:
-هتقوم تيجي معايا ولا اتنيل اروح لوحدي؟!..
هتف سلامة بنبرة جادة وهو ينهض من مكانه على ما يبدو يرغب في تجربة حظه إلى أخر لحظة.
-شوف الدنيا قلابة ازاي؟!، اهو زي ما كنت بتحايل عليك علشان تيجي معايا لما اتخانق ومترضاش اهو الزمن اتعكس بس أنا مش زيك مش هقولك خد مرات عمك وروح علشان أنا قلبي طيب هاجي معاك...
أنهى سلامة حديثه ورحل حتى يغير ملابسه في عجلة من أمره حتى لا يبتلعه نضال، وبعد رحيله تحدث زهران معلقًا:
-جرا إيه يا نضال هو أنتَ هتروح عند الناس ايدك فاضية كده؟!.
تمتم نضال بنبرة هادئة وجادة:
-لا هروح ***** اجيب حلويات وحاجات أكيد مش كل مرة هروح هطلع بلحمة..
قال زهران منزعجًا وهو ينظر له:
-لحمة آيه وحلويات إيه؟! هو شباب اليومين دول مشاعرهم بايظة كده ليه؟!.
هتف نضال بتهكم طفيف واختناق واضح:
-اومال المفروض أعمل إيه يا شباب اليومين اللي فاتوا؟!.
تمتم زهران بغضب كبير:
-لا ياريت بلاش عبط وغلط وقلة أدب..
عقب نضال على حديثه بعدم فهم:
-وهو إيه اللي عملته دلوقتي ولا الغلط اللي غلطته؟!..
قال زهران بنبرة واضحة:
-أنا شباب اليومين اللي فاتوا واليومين دول واليومين اللي الجايين كمان، بس عمومًا ده مش موضوعنا أنتَ تروح تشتري ورد وتروح تشتري شيكولاتة كده حاجات من اللي بتحبها البنات هو أنتَ رايح تقابل واحد صاحبك؟!..
هتف نضال برفض واضح:
-وأنا اجيب ورد ليه ان شاء الله؟!..
تمتم زهران ساخرًا:
-يعني لو مجبتش ورد لخطيبتك هتجيبه ليا أنا يعني؟! ومتجيبش ورد ليه؟! على رأي فيلم أرحم دموعي بيقولي في الجواب تحياتي واشواقي مقالش وقبلاتي أما قليل الذوق بصحيح.
ابتلع زهران ريقه ثم أسترسل حديثه بانزعاج واضح:
-أنتَ مشاعرك مش شغالة ليه يا ابني ليه مش طالع زيي؟! اروح اكشف ليك عند دكتور مشاعر لو ينفع؟!يمكن يلاقي لينا حل..
أردف نضال بسخرية شديدة:
-مش يمكن علشان أنتَ مدبسني من البداية؟!.
عقب زهران بلا مبالاة أغضبت نضال:
-روح أنتم متخانقين يا حبيبي هات شبكتك وتعالى متزعلش نفسك ولا تجيب ورد ولا غيره وش فقر أنتَ أنا قايم أشوف الفحم ولع ولا لسه احسن..
____________
تجلس مع أحدى صديقاتها..
والتي عددهن قليل...
تتحدث معها دومًا على مواقع التواصل الإجتماعي ولكن بسبب ظروف الحياة لا تسمح لهم دومًا بقضاء يوم معها...
في الواقع السنوات التي تجمعهم ليست كثيرة، هي تكبرها بخمس سنوات تقريبًا وتعمل خبيرة تجميل مثلها وتعرفت عليها منذ ثلاث سنوات تقريبًا بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي ومن وقتها توطدت علاقتهما...
أخذت سامية تخبرها أخر التطورات وتحديدًا علاقتها بحمزة وطلبه للزواج منها بتلك السرعة والغريب بأنها وجدت تأييد شديد من صديقتها التي قالت..
-وإيه المشكلة ما بتقولي مستواه حلو وشغله حلو وعنده شقة إيه المانع؟! هو أنتِ مش صغيرة أنك تقعدي تستني واحد يكون نفسه من الأول والأهم بقا أنك ميتة في دباديبه وبتحبيه...
تحدثت سامية وهي تحاول شرح نفسها:
-أنا معاكي في كل ده وأهم حاجة إني بحبه وبحبه أوي كمان بس الفكرة أنا دول عمري بحلم بأني أعمل خطوبة كبيرة وفرح كبير وحنة وعمري ما اتخيلت إني ممكن معملش فرح ليا تحت أي سبب من الأسباب.
أخذت صديقتها رشفة من المشروب الذي يتواجد أمامها ثم قهقهت ساخرة وهي تشير إلى ذاتها:
-ياختي وهما اللي عملوا فرح خدوا جائزة؟! مهوا أنا قدامك عملت في الجوازتين فرحين واديني اطلقت مرتين وفي كل مرة كنت ابهرج واعمل فرح أحسن من اللي قبله واعزم الناس كلها اخدت إيه؟! إلا خازوق في الأخر، الأفراح تكلفة وتعب وقرف على الفاضي خليه يسفرك برا وتعملوا أحلى شهر عسل.
تحدثت سامية بتردد شديد رغم حبها له ورغبتها الشديدة في الوقوف بجواره في تلك المحنة:
-أيوة بس برضو ده ذكرى ويوم مش هيتكرر..
قالت صديقتها مستنكرة:
-اه بتكون ذكرى فعلا أنا كل ما اشوف الصور اتحسى على نفسي على الأقل لو اطلقتي منه بعد الشر متلاقيش لا صور ولا ذكريات تضايقك..
تمتمت سامية بانزعاج من فكرة الطلاق تلك وكونها تتحدث عنها بأريحية كبيرة:
-يا بنتي لمي لسانك..
ضحكت صديقتها ثم غمغمت بجدية:
-بهزر معاكي اضحكي كده، أنا عايزاني تفرحي مع اللي بتحبيه، وبعدبن ممكن تلبسي فستان فرح بسيط كده برضو وتعملوا سيشن رايق وتسافرول تعملوا شهر عسل فكك من حوار الزيطة اللي ملهوش لازمة وفلوس بتدفع على الأرض علشان كام ساعة واقفي جنب اللي بتحبيه.
هتفت سامية بعدم استيعاب كونها تقتنع بحديثها إلى حدٍ كبير:
-والله محدش غيرك بيريحني..
بعدما استكانت ملامحها وهدأت عادت مرة أخرى تخشب ملامحها هاتفة بتردد كبير وخوفٍ:
- بقالي كام يوم بفكر وبدأت اقتنع بس انا هقنع عمي ازاي ولا اقنع امي اللي نفسها تفرح بيا ازاي كده؟!.
قالت صديقتها بنبرة هادئة:
-عمك هيقتنع وهيفهم أن رأيك اللي هيمشي في النهاية دي حياتك أنتِ أما أمك كلمتين حلوين كده ليها هتلين وبرضو هو حمزة لازم يقنعها بنفسه ويطمنها من ناحيته وكل حاجة هتمشي توكلي على الله مفيش أجمل من انك تتجوزي الراجل اللي بتحبيه غير كده بتكون عيشتك غم لا بيكون هو طايقك ولا أنتِ طايقاه وده عن تجربة.
أردفت سامية بعد تنهيدة خرجت منها وهي تعقد ساعديها:
-ربنا يسترها وان شاء الله خير..
هتفت صديقتها مشجعة أياها:
-أنتِ عرفيه أنك موافقة بلاش تتجاهليه أكتر من كده هو أكيد عايز يستقر معاكي وصدقيني هو في فترة صعبة محتاج حد يقف جنبه خصوصًا أنك بتقولي أنه في مشاكل مع اخته.
ابتلعت ريقها ثم غمغمت مسترسلة حديثها:
-والراجل بعد وفاة أمه بيكون عايز اللي تطبطب عليه، وصدقيني هو مش هينسى أبدًا وقفتك جنبه دي أهم من إنك تفضلي سنة بالميت عقبال ما تعرفوا تعملوا فرح.
_____________
يقف نضال أمام شقة يسرا وبناتها وبجواره سلامة الذي يحمل بضعة صناديق كرتونية بها حلوى على الأغلب، وعلبة من الشيكولاتة الفاخرة...
ترك سلامة العلب على الدرج وأخرج هاتفه وهنا تحدث نضال بعدم فهم:
-بتعمل إيه؟!.
جعل سلامة الهاتف في وضعية التصوير هاتفًا وهو يلتقط له صور عشوائية:
-هكون بعمل إيه يعني؟! بصورك علشان ابعتها لابوك ده هيفرح بيك اوي وأنتَ شايل الورد كده، إيه؟! كاظم الساهر ياخواتي على رأي أبوك ده شوية تقولنا غاليتي أنتِ غاليتي لا أدري كيف رماني الموج على قدميكي..
أخذ نضال ينتعه بكل الألفاظ البذيئة وهو يقوم بـ تصويره لكن يحافظ على نبرته المنخفضة...
بعدما انتهى سلامة مما يفعله هتف نضال بتردد وحرج كبير:
-أنا قولتلك نختار حاجة حلوة أنا حاسس أننا جيبنا كل الورد اللي عند الراجل، مبالغة زيادة بصراحة وشكلي زي الزفت...
ناظره سلامة وهو يحمل باقة من الزهور الوردية بـ اختلاف درجاتها ووسطها زهور بيضاء وملفوفة بعناية وأناقة كبيرة.
هتف سلامة بإعجاب وهو يقرع الجرس بلا مقدمات:
-لا شكلك فل، أحلى راجل شوفته شايل ورد.
كان يحدثه وهو يرسل الصورة إلى والدها الذي رأها في وقتها وأرسل له رسالة صوتية سمعها سلامة ونضال...........
-قوله أنك ابني فعلا، الراجل الرومانسي ده من صُلبي ناقص بس يفرد وشه هو مش راح جابه بمزاجه يبقى ليه قلبة الوش دي؟!.
كاد نضال أن يتحدث لولا جهاد التي فتحت لهما الباب واتسعت ابتسامتها هاتفة وهي تنظر إلى سلامة:
-أهلا وسهلا، اتفضلوا.
أردف سلامة بابتسامة صافية وعيناه على وشك أن يخرج قلوبًا منها:
-اهلا بالقمر اللي طل علينا ده، مساء النور والسرور والهنا...
تمتم نضال ساخرًا:
-خلاص كفايا افورة في الاداء..
دافعت جهاد عنهما متمتمة بجدية:
-جرا إيه يا نضال مالك؟! إيه الكلام اللي مش لايق على الورد اللي ماسكه ده؟! ولا حلو ليك ووحش لينا؟!!..
بعد مرور بضعة دقائق...
كانت يسرا قد صافحت الشباب وألقت التحية عليهما ثم ذهبت لتستكمل تحضيرها الطعام بينما نضال كان مازال يضه الورد على فخذيه تحت نظرات جهاد التي لكزت سلامة حتى يتحدث بدل هذا الصمت الغريب.
-جرا إيه يا نضال مش هتديها الورد ولا احنا جايبينه زينة وهنروح بيه يعني ولا إيه؟!.
ابتسم نضال بسبب مرح شقيقه على الرغم من أنه كان يرغب في قتله...
أردف نضال وهو ينهض ثم مد يده بالباقة ناحية سلمى:
-اتفضلي يا سلمى.
أخذت منه سلمى الباقة بعفوية وأسترسل نضال حديثه وهو يجلس مرة أخرى:
-أسف بسبب المكالمة اللي حصلت ما بينا مكنش قصدي يعني اتكلمت كلام غريب فيها.
تمتمت سلمى بهدوء:
-حصل خير.
سألها نضال مستفسرًا:
-يعني مش زعلانة؟!.
هزت سلمى رأسها نافية هاتفة:
-لا مش زعلانة خلاص أنا برضو يعني ردودي مكنتش كويسة.
رفع نضال بصره بعدما ابتسم لها لينظر ناحية سلامة وجهاد اللذان يتناولا قطع الشيكولاتة ليهتف بحنق:
-أنتم بتعملوا إيه؟!.
سحبت جهاد منديل ورقي ومسحت فمها ووجهها هاتفة بانزعاج:
-وليه الاحراج ده؟! وبعدين سلمى مبتأكلش الشيكولاتة....
ردت سلمى عليها بنبرة ساخرة وعناد:
-افرضي كنت عايزة أكلها المرة دي؟!.
تمتم سلامة بنبرة جادة:
-خلاص يعني أحنا مخلصنهاش بلاش تكبير مواضيع دا أنتم فولة واتقسمت نصين.
ثم وجه حديثه إلى سلمى مغمغمة:
-إلا صحيح يا سلمى أنا هدخلك موسوعة جينيسيس.
ردت سلمى عليه باستفهام يحمل بداخله سخرية نوعًا ما:
-ليه يا أستاذ سلامة؟!.
عقب سلامة بمرح مما جعل جهاد تضحك على كلماته بمفردها، فقط بينما نضال كان ينظر له نظرات غاضبة جدًا:
-لأنك اكتر واحدة شوفتها في حياتي بيجي ليها عرسان، عريسين كل أسبوع باين، ده أنتِ واخدة حظ عشر بنات معاكي....
جاءت يسرا من الداخل متمتمة وهي تنقذه من بين يد نضال وسلمى لو كان الحوار استمر:
-فضي السفرة يا جهاد وتعالي يا سلمى معايا جوا عايزاكي....
_______________
" أنا موافقة يا حمزة "
تلك الرسالة التي تلقاها منها اليوم ليجيب على الفور...
"أنا أقل من ساعة وهكون عند عمك".
تلك الرسالة هي التي جعلتها تقف طوال اليوم في الشرفة تنظر ناحية الجزارة، حيث يجلس زهران، تراقب الرائح والغادي من خلف الستار تحاول ألا تظهر حتى لا يلمحها عمها...
تنتظر أن تراه على أحر من الجمر...
حتى تنفست بصورة طبيعية وهي تجده اصطف بسيارته قبل الجزارة وهبط منها وهو يقترب من مقعد زهران فهي أخبرته بأن عمها يجلس مع أرجيلته أمام الجزارة..
أقترب حمزة من زهران هاتفًا:
-حضرتك الحاج زهران؟!..
رد زهران عليه منزعجًا على ما يبدو هو لا يعرفه ومدام لا يعرفه هو ليس رجل أتى من أجل شراء اللحمة وهنا تحدث بنبرة مترددة:
-إيه جاي تطلب إيد سلمى أنتَ كمان في ليلتك دي؟!.
لم يفهم حمزة عما يتحدث الرجل..
لكنه حاول الحديث شارحًا له الأمر ومعرفًا أياه على هويته:
-لا أنا حمزة اللي سامية كلمت حضرتك عني من فترة، وحابب أتكلم مع حضرتك شوية لو ينفع...
_______يتبع_______
لو وصلتم لهنا دمتم بألف خير ونتقابل في فصل جديد ان شاء الله...
بوتو يحبكم💜💜
تكملة الرواية بعد قليل
جاري كتابة الفصل الجديد للروايه حصريا لقصر الروايات اترك تعليق ليصلك كل جديد أو عاود زيارتنا الليله
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا