القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية بحر ثائر الفصل التاسع عشر 19بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)

 

رواية بحر ثائر الفصل التاسع عشر 19بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)






رواية بحر ثائر الفصل التاسع عشر 19بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)




رواية بحر ثائر


الفصل التاسع عشر

مغترب... 



وقلبي مظطرب.. 



لعينيك منجذب



مزاجي منقلب



لابتسامة منك.. 



أو لعقدة حاجبين... 



أتسائل... 



عن شفتيك



ألها طعم مختلف... 



أتسائل... 



إن أمسكت يدك 



هل هي مثل يدي سترتجف.. 



أعترف ان لك على قلبي 



سطوة خفية



فهل تعترفين؟؟!!!!



( بقلم فيروزة  ) 



❈-❈-❈



جلس يستمع إليها بعدما طلبت رؤيته  ،  يواري اشتياقه لها خلف نظرات متسائلة عن سبب اللقاء  . 



كلاهما يلتزمان الصمت المعبأ بالمخاوف وكلٍ منهما يمتلك حقًا في روايته وذنبًا لمشاعره  . 



زفرت بقوة تسبل أهدابها ثم عادت تحدق به قائلة بترقب  : 



- ماجد هيمشي كمان كام يوم من المصنع  ،  عندك استعداد ترجع  ؟ 



يلين قلبه حينما تحدثه بهذه النبرة وتطالعه بهذه العيون ولكن تأبى كرامته التهاون خاصةً وأن الآخر ألقى في عقول العمال فكرة خبيثة وهي استغلاله لمنصبها لذا فاحتمالية حبه لها مشكوكٌ في أمره وهو ليس بالرجل الذي يسمح بالخوض في سيرته أو سيرتها لذا فالابتعاد أسلم قرار قبل أن يغرقا سويًا  ،  الفروقات بينهما غير متكافئة على الإطلاق وهذا ما بدأ يدركه حينما قررت إدارة الشركة  ،  هي سيدة أعمال تقع على عاتقها مسؤوليات كثيرة وهو رجل بسيط كل أحلامه عودته إلى بيته لينعم بدفء زوجته الناعمة ويحمل عنها التزامات كثيرة  . 



الحب وحده لا يكفي  ،  يجب أن يكون التفاهم هو الكفة الراجحة في ميزان العلاقات لذا نطق بنبرة لينة يجاهد ألا يؤلمها  : 



- المصنع أموره تمام يا بسمة  ،  العمال بيشتغلوا بضمير وإنتِ هترجعي تدريه كويس فملوش لزوم وجودي  ،  وبعدين الفترة دي مش لازم ابعد عن المنطقة علشان سفر ديما والاولاد  ،  اعفيني أنا من المسؤولية دي  . 



لم تشفع أسبابه في محو حزنها وخذلانها  ، لم تكن تتوقع أن يرفض  ، لقد كان يساندها دومًا فماذا حدث  ؟ لم ترتح لهذا الشعور لذا تساءلت  : 



- بس ده ماكنش رأيك يا داغر  ،  إنت قولتلي إنك مش هتتخلى عني بعد ما حكيتلك عنهم  ،  سفر ديما حجة علشان تبعد بس ليه  ؟ 



أدرك أنه لا يجوز أن يستهان بذكائها لذا تنفس بعمق وحاول أن يكون واضحًا فصارحها بعيون متفحصة  :



- بصي يا بسمة أنا عند وعدي ومش هتخلى عنك طبعًا بس أنا مهما طلعت أو نزلت واحد غريب عنك وفي نفس الوقت بشتغل عندك  ،  ابن عمك خبيث ورمى طعم وهو عارف إنه هيدوش واتعمد يقول كدة قدام العمال علشان عارف كويس إن دي حاجة مش هتقبلها  ،  أنا مش هقبل يتقال عني إني بستغلك أو بستغل مشاعرك علشان مصلحتي  ،  أو يتقال أني طمعان في ثروتك  ،  كل ده هيتقال وبيتقال من ورا ضهري علشان كدة أنا يومها قطعت عرق وسيحت دمه وبعدت  ،  وإنتِ لازم تفهميني في الحتة دي  . 



إذا هو يكن لها المشاعر  ،  نعم هذا ما ينبع من بين كلماته وإلا فلمَ الخوف والابتعاد  ؟  لا إراديًا انبلجت ابتسامة خفيفة على محياها جعلته يتعجب حين ظن أنها ستقابله بالعبوس لذا تنفس بعمقٍ واسترسل متسائلًا  : 



- ساكتة ليه  ؟ 



هزت كتفيها تجيبه بهدوء يحمل بعض الخبث  : 



- أبدًا  ،  كلامك اقنعني  . 



قطب جبينه بتعجب فتابعت تشرح مبتسمة  : 



- خلاص يا داغر مش هضغط عليك  ،  بس على الأقل خلي صالح يرجع لإن هو كمان مش بييجي وزعلان على زعلك  ،  صالح مهندس ممتاز هو كمان وشغله كويس جدًا  ،  بلاش انتوا الاتنين تسيبوا المصنع  . 



أومأ يجيبها ببعض الضيق  : 



- تمام يا بسمة هكلمه مع إنه قالي الموضوع منتهي بالنسباله لو أنا مرجعتش  ،  بس تمام هكلمه  . 



أومأت ثم مالت ترتشف من كوب العصير الخاص بها والتفتت تنظر إلى نهر النيل بشرود وعقلها يسير مع المراكب الشراعية وتفكر هل حقًا يكن لها المشاعر كما تتوقع أم أن عقلها يترجم هذا لقلبها  ؟ 




❈-❈-❈



جئتك بقلبٍ محمل بالآهات يواري سوءته عن كل البشر 


وجئتني بعقلٍ ملغم بالصراعات وفي ظاهره الجليد منتشر


القلم بيدنا ما هو إلا قنبلةً موقوتةً نخط به حربًا لا تؤلم إلا الخائن 


لذا فـ لن يفهم كلانا سوانا



رحل ودلفت تنظر حولها للمكان المرتب بشكلٍ جعلها توقن أنه جهز كل شيء  . 



نظيف وأنيق لا ينقصه شيء  ،  بهو ومطبخ مفتوح وغرفة معيشة و  ..  رفعت أنظارها للأعلى نحو الدرج ثم ابتلعت لعابها  . 



انتابها الخوف من وجود طابق آخر للمنزل  ،  لمَ كل هذا وهي بمفردها  ! 



حاولت أن تلتقط أنفاسها واتجهت تسحب حقيبتها ثم تحركت نحو غرفة مغلقة وفتحتها بتوتر لتجدها غرفة نومٍ صغيرة بها حمام ملحق يبدو أنها إضافية لذا ستتخذها لنفسها  ،  لن تصعد للطابق العلوي هذا فهي ليست بحاجته  . 



دلفت ونظرت حولها بحيرة ثم اتجهت نحو الفراش وجلست عليه تتنفس بعمق وتفكر  ،  هل ستمر أيامها هنا في هذا المنزل هكذا بمفردها  ؟  دون طفليها  ؟  دون عائلتها  ؟  وحيدة  ؟ 



اشتاقت لهما من الآن  ،  اشتاقت كثيرًا لذا أسرعت تخرج هاتفها من حقيبة يدها لتحاول تركيب الشريحة الأخرى فيه كي تتحدث إليهما  . 



❈-❈-❈



على الجهة المقابلة  . 



دلف منزله يشعر بانتصار يغزو وحدته  ،  للمرة الأولى لا يدرك ماهية بعض المشاعر التي تراوده الآن والتي على رأسهم التملك والسيطرة ،  اتجه يجلس على الأريكة ويفكر بها  . 



باتت قريبة منه جدًا ومع ذلك أمامه طريقًا طويلًا كي يصل إليها  ، ابتسامة زينت محياه حينما تذكر حجابها ونظراتها  ،  لقد أتت إليه متسلحة بالتحدي  ،  ممتلئة بمنسوبٍ معتدل من الشغف الذي سيساعدها على شق مجريات آمنة له  . 



زفر بقوة وانتشل هاتفه الذي يعلن عن اتصالٍ من والدته فنهض يجيبها بنبرة لم يتحدث بها منذ أمد قائلًا  : 



- أزيك يا علياء هانم  ؟ 



لم تغب عنها نبرته المنفرجة لذا انتعشت تجيبه بترقب  : 



- ثائر حبيبي  ؟  ياقلبي إنت صوتك مبسوط  ، فرحني وقولي إنك جاي مع معاذ  ! 



تحمحم ونهض يخطو نحو الأعلى وهو يردف بنبرة معاتبة  : 



- إزاي بس يا أمي  ؟ مش عارف ليه دايمًا تعذبيني وتعذبي نفسك  . 



وصل إلى غرفته واتجه يقف أمام نافذته حينما سألته تتجاوز حنينها : 



- طيب احكيلي مالك  ،  قولي حاجة تفرحني أنا كمان  . 



زفر بقوة يجيبها وعينيه تسلطت إلى البعيد  : 



- تمام خليني أقولك إن ظهر في حياتي حد جديد جاي يتحداني  ،  وإنتِ عارفة إني بحب التحديات جدًا  ،  علشان كدة هتلاقيني متحمس شوية  . 



قطبت جبينها وتساءلت بشكٍ  : 



- حد مين ده  ؟  تاني يا ثائر  ؟  مش ناوي تبعد عن المشاكل أبدًا  . 



صمت لهنيهة ثم تابع بغموض  : 



- ماتقلقيش يا علياء هانم  ، يمكن دي أكتر حاجة كنت مستنيها  . 



هكذا أجابها قبل أن يهتز هاتفه اهتزازًا يعلمه لذا استطرد  : 



- أمي هقفل دلوقتي ونتكلم بعدين   . 



أغلق معها وعبث بهاتفه ليتضح له أنها الآن تتصل بعائلتها  ،  التفت يجلس على طرف الفراش وظل يفكر هل يستمع إلى مكالمتها أم لا ؟ 



❈-❈-❈



فتحت دينا المكالمة لتظهر صورتها أمامهم  ،  على الفور بكت ديما ما إن رأت صغيريها اللذان أسرعا يصرخان باسمها فتحدثت إليهما بدموعٍ واشتياق حقيقي  : 



- وحشتوني جدًا  . 



تحدث مالك  معاتبًا بما لم تستطع تحمله  : 



- مشيتي ليه يا ماما واحنا نايمين  ؟ مش كنتِ استنيتي لما صحينا وسلمنا عليكي  ؟ 



تحدثت بحنين وهي تتمعن في ملامحهما  : 



- معلش يا حبيبي الطيارة كانت هتفوتني  ،  وبعدين أنا حضنتك جامد إنت ورؤية وانتوا نايمين  ،  وكمان انتوا هتبقوا معايا علطول  ،  هكلمكوا كل شوية كإني معاكم  ،  تمام يا قلبي  ! 



سألته فأومأ مالك وتحدثت رؤية بترقب وهي تنظر حول والدتها  : 



- ماما ده بيتك  ؟ 



ابتسمت لها ديما والتفتت تنظر حولها وتعرض المكان عليها قائلة بحبٍ بالغ  : 



- أيوة يا قلب ماما  ،  إيه رأيك  ؟ 



أجابتها دينا بدلًا عنها حيث كانت تشاهد معهما  : 



- حلو أوي يا ديما  ، سيبك من ولادك واحكيلي بقى عملتي إيه أول ما وصلتي وشوفتي إيفل ولا لسة  ؟ 



ابتسمت ديما وأردفت بنبرة تحمل الخبث  : 



- لاء ماشفتوش  ،  أنا سكنت جنبه  . 



صاحت دينا بصوتٍ عالي فنهرتها منال التي تجلس تنتظر محادثة ابنتها وانتزعت منها الهاتف تردف موبخة  : 



- قومي من هنا يا عيّلة  ،  لو داغر جه وسمعك وانتِ بتصرخي كدة هتشوفي هيعمل فيكي إيه  . 



ضحكت دينا والتصقت في والدتها التي نظرت إلى ملامح ابنتها باشتياق واسترسلت بحنين وهي تتمسك بالهاتف   : 



- عاملة إيه يا ديما  ؟  مبسوطة يا قلبي؟ 



ابتسمت لها تطمئنها وكادت أن تجيبها لولا إجابة دينا المندفعة  : 



- بتقولك سكنت جنب برج إيفل هو فيه انبساط أكتر من كدة  ؟  



بنظرات حادة نهرت منال ابنتها فابتعدت عنها ضاحكة لتعاود منال النظر في الهاتف حيث ديما التي أجابتها بتروٍ  : 



- ماتقلقيش يا ماما أنا كويسة جدًا  ، الأستاذ ثائر جابني هنا وقال إن الشارع ده كله عرب وكلهم ناس كويسة ومن أول بكرة إن شاء الله هبدأ الشغل في المجلة وأشوف المطلوب مني إيه  ؟ 



تنهدت منال ثم أردفت بنصحٍ  : 



- خدي بالك من نفسك يا بنتي  ،  وزي ما قولتلك خلى قربك من ربنا هو سلاحك واقرئي كويس يا ديما علشان تعرفي تواجهيهم بالحجج الصح يابنتي  ،  ربنا ينور بصيرتك ويشرح لك صدرك وييسر لك أمرك ويحل العقدة من لسانك اللهم آمين  . 



عادت عينيها تلتمع مع دعاء والدتها لها وأجابتها  : 



- ماتقلقيش يا ماما  ،  ده اللي ناوية اعمله  ،  وهكمل تعليمي كمان بس لما أظبط أوضاعي هنا الأول  ،  خدي بالك من مالك ورؤية يا ماما وأنا هكلمكم علطول  ،  هو داغر لسة ماجاش  ؟ 



أومأت منال تجيبها  : 



- أيوة زمانه على وصول  ،  هخليه يكلمك أول ما يوصل  . 



أومأت تردف بقلق راودها للتو  : 



- تمام  ،  وابقي فكريه يتابع مع أستاذ وليد  ،  المفروض إن الحكم بكرة  . 



- إن شاء الله خير يا حبيبتي وكتابك مش هيتوقف وهتشوفي  . 



قالتها منال لتردف ديما بهدوء قبل أن تغلق   : 



- إن شاء الله يا ماما  . 



أغلقت معها واستنشقت نفسًا قويًا ثم استلت مذكرة وقلمًا من حقيبتها ودونت قائمة بما ستفعله يوميًا وعلى رأسها دونت  : 



١- الصلاة 


٢- هكلم ولادي كل ساعة 


٣- هجمع معلومات واقرأ كتب 


٤- هركز في هدفي بس 


٥- هجهز ردود للأسئلة اللي ممكن تتوجهلي من ثائر أو غيره  . 



نزعت الورقة من مذكرتها ونهضت تخطو نحو الأمام لتثبت الورقة فوق المكتب المقابل لسريرها كي تكون أمام عينيها دومًا  . 



زفرت بقوة واتجهت لتفتح حقيبتها وتخرج ملابسها لتغتسل وتبدل ثيابها وتحاول النوم قليلًا  .





جلس خلف مكتبه كالعادة يأمر وينهي بتعالي أولئك العمال الذي لم يعدوا يهابونه ولكنهم يظهرون الطاعة لأجل لقمة العيش  . 



زفر بضيق وضجر ليرن هاتفه معربًا عن اتصال من رقمٍ غير مسجل فأجاب بترقب  : 



- ألو  ؟ 



أردفت الأخرى  : 



- مساء الخير  ، أستاذ كمال الوراق معايا  ؟



- أيوة مين  ؟



نطقت بحذر  :



- معاك أستاذة نهلة حمدان من قناة ****  ،  كنا حابين نسألك لو حابب تطلع معانا بخصوص موضوع أستاذة ديما الصابر  ؟ 



نفش نفسه وتملكت منه نرجسيته ليتساءل  : 



- خير يعني اتكلم في إيه  ؟ 



تحمحمت المراسلة وأردفت موضحة  : 



- يعني هنسألك شوية أسئلة عنها بما إن حضرتك كنت طليقها وأكيد عارف عنها كتير خصوصًا بعد إثارة الجدل اللي كتابها عملها وهي كمان  . 



فكر قليلًا ثم أراد أن يظهر ما لم يملكه من رصانة وتعقل فقال  : 



- مايصحش يا أستاذة نهلة دي مهما كانت أم ولادي ومش هطلع أتكلم عنها وأعيب في حقها مهما كان  ،  عيب يا أستاذة إنتِ بتكلمي راجل فاهم وواعي  ،  وبعدين إنتِ جبتي رقمي منين  ؟ 



نطق سؤاله تزامنًا مع دخول زينة المحل فرآها لذا انكمشت ملامحه بضيق فلم يكن يريد أن تسمعه ولكنها سمعت ورأت فاقتربت تجلس أمامه وتساءلت بعلو غير عابئة بأي شيء  : 



- بتكلم مين يا كمال  . 



حدجها بنظرة حادة فحدجته بمثلها ليهمس لها وهو يبعد الهاتف قليلًا عن أذنه  : 



- اصبري بس هقولك  . 



- افتح المكبر  . 



ازدرد ريقه بضيق وفتح المكبر يضع الهاتف على الطاولة وينطق بحذر وتوتر لوجود زينة  : 



- زي ما قولتلك يا أستاذة مش أنا الراجل اللي أطلع اتكلم عن واحدة كانت في يوم مراتي  . 



وجدها تطالعه بعيون جاحظة كأن هناك كارثة طبيعة تحدث فأشار لها بعلامة الصبر واستمعا إلى كلمات المراسلة وهي تقول بخبث  : 



- بس يا أستاذ كمال ممكن الكلام اللي حضرتك تقوله يكون في صالحها أصلًا إنت ليه فرضت سوء النية  ،  وبعدين فيه مبلغ هتاخده عن اللقاء ده  . 



تحدثت زينة بدلًا عنه تردف بطريقتها  : 



- بصي يا أستاذة هو كمال جوزي طيب ومش عايز يغلط أو يطلع يقول عن اللي حصل منها علشان خاطر عياله بس لو إنتوا هتقدروا مافيش مشكلة  ،  وأهو زي ما قولتي يمكن كلامه يكون في صالحها  ،  بس عرفينا اللقاء امتى وفين واحنا هنجيلك  . 



انفرجت نبرة المراسلة وتعاملت على أساس كلمات زينة تجيبها  : 



- تمام يا مدام من ناحية التقدير ماتقلقيش بس المهم إن كلامه يكون فيه أحداث مهمة وحصري لينا إحنا بس  ،  لو كدة يبقى اتفقنا ومعادنا هيكون يوم الخميس الجاي في مقر القناة في ****  . 



لم تُخِفها نظرته ولو بمقدار ذرة بل واصلت حديثها بابتسامة منتصرة  : 



- تمام يا أستاذة  ،  هنكون عندك يوم الخميس إن شاء الله  . 



أغلقت معها وطالعته بتحدٍ تتساءل بهدوء يسبق العاصفة : 



- إيه يا كمولتي معقول  ؟  مش عايز تطلع تتكلم عن سي الأستاذة ديما  ؟ مش عايز تجيب سيرة الهانم وتغلط فيها  ؟ هو إنت ناسي يا كمولتي إنك فضحتها قدام الحارة كلها ولا إيه  ؟ هيفرق في إيه بقى الحارة من القناة  ؟ 



لم تتغير نظرته لها برغم أنه واجهته بمساوئه بل قال بنبرة غاضبة حديثة العهد  :



- إنتِ إزاي تخلي شكلي كدة قدام الست  ؟ إزاي تقلي مني بالطريقة دي  ؟ 



هدأت عاصفتها حينما لمحت في عينيه غضبًا يلوح في الأفق ونهضت تتجه نحوه ثم وقفت خلفه وشمرت عن ساعديها وبدأت تدلك كتفيه ومالت تهمس بهدوء مصاحب مع لمساتها  :



- أنا عملت كدة علشانك  ، مش هي ظلماك في روايتها وقايلة عنك كلام كتير كله كذب  ، ده الوقت اللي لازم تطلع تاخد فيه حقك واهي جت من عند ربنا  ، هتطلع تحكي اللي حصل وبعدين لو ع العيال كان من باب أولى هي اللي فكرت فيهم قبل ما تكتب روايتها دي اللي بإذن الله هتقف  ، ربك يمهل ولا يهمل أبدًا  .



اخترقت كلماتها المسمومة عقله وارتكزت فيه بل أنها أقامت داخله قاعدة قوية من الإقناع ليهز رأسه وينقضي غضبه اللحظي ويجيبها بتحمحم مستجيبًا لأفعالها  : 



- يعني تفتكري مايتقلش عني إني ماصدقت وطلعت اصطاد في الميه العكرة  ؟!  أنا مش عايز حد يجيب سيرتي بكلمة يا زينة زي ما حصل في الحارة لما وقعت  . 



مالت على كتفه أكثر تبصق سمها في أذنه  : 



- محدش هيقول كدة أبدًا لإن هي وكتابها أصلًا عاملة بلبلة والناس عايزة تفهم حقيقتها  ،  ومحدش هيقول الحقيقة زيك  ،  بالعكس ده الناس كلها هتقول الله يكون في عونك عاللي اتحملته منها  . 



أقنعته للحد الذي جعله يشرد وينسج حلمًا يتمناه حيث الجميع يفخمونه ويضخمونه ويسترد هيمنته التي ضاعت بعد خلعه  .  



❈-❈-❈



في اليوم التالي صباحًا 



استيقظت باكرًا بحماس واتجهت لتؤدي روتينها كما قررت  ،  بعد نصف ساعة ارتدت ملابس عملية محتشمة ولفت حجابها بطريقة منمقة ولكنها وقفت تبتلع لعابها وتفكر في كيفية الوصول إلى مقر المجلة  . 



هل تهاتفه  ؟  هي لا تعرف أحدًا سواه هنا  ؟ 



اتجهت تستل هاتفها وتنظر في الوقت الذي قارب على الثامنة لذا قررت مهاتفته  . 



أجابها حينما أوشك الاتصال على الانتهاء يردف بنبرة متحشرجة من أثر النوم  : 



- أظن ده نشاط أول يوم  . 



تحمحمت بحرج وأجابته  : 



- أسفة على الازعاج بس قلت أكيد المجلة بتفتح بدري وأنا للأسف ماعرفش العنوان بالتفصيل  ،  ممكن تساعدني بس أوصل إزاي وأنا هعرف  . 



أصدر ضحكة سريعة خافتة كدليل سخرية فتجهمت بغيظ ولكنها كظمته حينما قال  : 



- لو كنتي هتعرفي توصلي ماكنتيش كلمتيني دلوقتي  ،  على العموم أنا قدامي ساعة وهروح وده علشانك  ،  أنا في العادة مش بروح غير على الساعة 11  بعد روتين رياضي . 



التقطت نفسًا قويًا كي تهدأ ثم أردفت بنبرة جعلتها ثابتة ولكنها مبطنة بالتحدي  : 



- لا لو سمحت ماتحاولش تغير نظامك بأي شكل  ،  أنا مش عايزة أحصل على أي تميز بالعكس أنا جاية هنا لهدف معين وهو إني أثبت إن أفكارك عني كلها غلط  . 



- عنك  ؟ 



تساءل بها بتعجب أو بمغزى يقصده لتجيبه بتأكيد  : 



- المرأة العربية  . 



ابتسم وأجاب بثقل  : 



- تمام يا ديما  ،  وانا موافق ومش هتحصلي على أي تميز  ،  علشان كدة حاولي توصلي لمقر المجلة بنفسك  ،  عنوانه  ******  . 



برغم الضيق والتوتر اللذان انتاباها إلا أنها سجلت العنوان وأغلقت معه متوعدة له ألا تطلب مساعدته قط لذا قررت الخروج والسؤال بنفسها عن العنوان  . 



فتحت الباب الموصود بدقة وهذا لم يغب عن عقلها حيث أنه جهز لها نظام قفل الكتروني لا يفتح سوى بشفرة سرية  . 



خرجت تنظر للجهتين والتوتر حليفها ولكنها ستفعلها  ، لقد سلكت هذا الطريق ولن تعود خطوة إلى الوراء  ،  نزلت الدرجات القليلة وعادت تلتفت بحثًا عن سيارة أجرة أو حافلة نقل تقلها ولكن عليها سؤال أحدهم  ! 



نظرت للمنزل المجاور لها وللآخر المقابل نظرت بحيرة  بينهما  ، من تسأل يا ترى  ؟ 



لم تهتدِ وخشت إزعاج أحدٍ لذا زفرت بقوة تدعو ربها  ليظهر من المنزل المجاور شابًا في منتصف الثلاثينات ينوي الخروج من منزله  . 



سلطت أنظارها عليه ولا تعلم كيف تبدأ وهل هو عربي كما أخبرها أم فرنسي ولكن ملامحه تؤكد لها أنه عربي  وقبل أن تتفوه بحرف وجدته يقف قبالتها ثم أشار عليها وتساءل بترقب  : 



- مدام ديما الصابر  ؟ 



تجلت الدهشة على معالمها تساءلت  : 



- إنت تعرفني  ؟ 



ابتسم لها وأجابها بنبرة ودودة  : 



- أيوا استاذ ثائر بلغنا امبارح إنك جاية النهاردة وهتبدئي شغل معانا في المجلة  ،  أنا نسيم سلطان  ،  مصري ومقيم هنا من خمس سنين  . 



عرفها عن نفسه فابتسمت تومئ قائلة بنبرة منشرحة قليلًا من رؤيتها لشخصٍ مصري  : 



- أهلًا بيك  ،  طيب إنت رايح المجلة دلوقتي  ؟ 



أومأ لها يشير نحو سيارته وأردف  : 



- أيوا تحبي أوصلك  ؟ 



نظرت للسيارة وتوترت ثم أجابته بثبات  : 



- لاء شكرًا بس لو ممكن تساعدني وتعرفني آخد أي مواصلة لهناك  ؟ 



أدرك تحفظها لذا أجابها بودٍ  : 



- بصي أنا أصلًا مش بروح بالعربية المكان مش بعيد  ،  خلينا نتمشى شوية وأهو تعرفي الطريق  . 



هكذا أفضل لذا أومأت له تبتسم بهدوء وتحركت معه  نحو مقر المجلة القريب  .





وقفت على باب شقتها تودعه بحبٍ وتخبره بترقب  : 



- حبيبي أنا هخلص اللي ورايا واروح لخالتو منال وهقضي اليوم مع الأولاد وهرجع قبل ما ترجع  . 



أومأ لها وأجابها بنبرته اللينة  : 



- تمام يا حبيبتي  ،  ويمكن أخلص وآجي أخدك نرجع سوا  . 



انفرجت ملامحها بسعادة وتساءلت   : 



- بجد  ؟  طيب بلاش آخد العربية وأروح في أوبر  ؟ 



أومأ والتفت ينظر حوله ثم عاد يطالعها وانحنى يطبع قبلة على وجنتها بحبٍ ثم ابتعد يسترسل  : 



- تمام  ،  خليكي معاهم وأنا هرجع أخدك ونروح نتعشى برا  ،  يالا سلام  . 



ابتسمت بسعادة تودعه فاتجه يستقل المصعد تحت أنظارها وغادر فتنهدت حبه بارتياح ودلفت شقتها تغلق الباب مقررة إنهاء عملها  . 



في الشقة المقابلة كانت رحمة تقف خلف الباب تراقبهما من العين السحرية وداخلها حالةً من المشاعر السلبية التي جعلتها على وشك البكاء  . 



ابتعدت عن الباب وأسرعت نحو النافذة  تنظر منها على دياب وهو يستقل سيارته ويغادر  ،  ابتلعت لعابها وزمت شفتيها بحزنٍ ثم اتجهت تجلس على الأريكة وتقضم أظافرها وتهز ساقيها  ،  لمَ لم تحظَ بحبٍ كهذا  ؟  لقد تخلت عن عائلتها وضحت بكل شيء لأجله وخدعها  ،  أوهمها بحبٍ لا مثيل له وأخذها في رحلةٍ عبر الأحلام ثم تركها داخل كابوس ورحل عنها والآن تبحث عن حبٍ بديل يغمر حياتها المملة  . 



التفتت على مرمى بصرها لتجد صغيرها ينام في مهده لذا فكرت  ،  تمتلك صغيرًا وهو لا يمتلك لمَ لا يتقرب منها لأجله  ؟  لا تريد سوى أن يشعرها أحدهم بالاهتمام كما تشعر يسرا التي لا تمتلك شيئًا مميزًا عنها  .  



❈-❈-❈



وصلت إلى مقر المجلة تخطو مع نسيم بين الوجوه التي التفتت إليها  ،  نال منها التوتر من نظراتهم ولكنها تجاهد لتبدو ثابتة خاصة وهي تراهم في حالة تعجب فهي المحجبة الوحيدة هنا  . 



أخذها إلى غرفة جانبية وفتحها فرأت مكتبًا يرتكز في المنتصف ونظرت إلى نسيم الذي أردف موضحًا  : 



- ده مكتبك اللي الأستاذ ثائر جهزهولك  ،  اتفضلي.. 



أومأت له مبتسمة ونظرت حولها قبل أن تدلف  ،  ممر طويل يحتوي على عدة مكاتب جمع عددًا لا بأس به من الموظفين والموظفات  ،  لمَ هي لها مكتبًا خاصًا بها وحدها  ؟  لمَ هي المميزة هنا  ؟  حتى أنها لا تمتلك شهادة جماعية تؤهلها لهذا التميز  ؟ ولمَ هذا التعجب البادي على وجوههم  ؟  



الشك عاد يهاجمها وجعل قلبها يتهاوى ولم تستطع أن تفرح ولكنها أومأت تردف بملامح هادئة تخفي بها توترها : 



- متشكرة جدًا يا أستاذ نسيم  . 



- العفو  . 



نطقها وتحرك يغادر فدلفت مكتبها واتجهت تجلس على المقعد وتفكر  ،  هل ستجلس هنا تكتب فقط  ؟   هل هذا كل ما ستفعله  ؟ من المؤكد هناك حلقة مفقودة يجب عليها أن تجدها لذا ستنتظر مجيئه لتسأله ولكنها لن تجلس مكتوفة الأيدي  . 



نظرت للحاسوب المرتكز أمامها وفتحته تتفصحه لتجد عليه برامج كثيرة معظمها لا تدركها لذا تنهدت بعمق وضغطت على المذكرة الالكترونية وبدأت تكتب مقالًا عن هويتها العربية وتعرف عن نفسها متبعة الأسس التي تعلمتها لكتابة مقال  . 



❈-❈-❈



صدر الحكم بوقف الكتاب وخرج داغر من قاعة المحكمة بملامح حزينة يجاوره المحامي يشعر بالحرج حيث أنه لم يستطع الوقوف أمام جبروت شاكر نصر الدين   . 



تنفس بقوة ثم ودع داغر ورحل ليتجه الآخر لسيارته يستقلها ولم يقُد بل جلس يفكر  ،  كيف سيخبر شقيقته بالأمر  ؟  وكيف ستستقبل هذا الخبر  ؟ 



لم ينسَ أنها منذ أشهر فقدت النطق وكادت أن تصاب بجلطة لذا مسح على وجهه يستغفر ويدعو ربه  : 



- حلها من عندك يارب  ،  جيب لها حقها يا كريم  . 



زفرة قوية معبأة بالحزن صدرت منه وقرر التحرك بعد ذلك عائدًا إلى عمله  .  



❈-❈-❈



في تمام الحادية عشر دلف ثائر يلقي السلام على الجميع ويخطو بثباتٍ نحو مكتبه  ،  كانت منشغلة في الكتابة التي انغمست فيها ولم تلْحظ مجيئه  . 



كتبت أكثر مما ينبغي أن تكتبه في يومها الأول  ،  دونت كل ما تعلمته وقرأته و حفظته عن ظهر قلب  ،  قصصًا وحكايات روتها النساء العربيات عن كفاحهن وحياتهن  ،  قصصًا واقعية استخدمتها كدليل لها  ،  دراسات علمية استعانت بها لتؤكد صدق كلامها  . 



دونت كل هذا الكم من المعلومات لذا زفرت بقوة وابتعدت تفرد ظهرها وتتنفس بعمق لتستريح راضيةً عما دونته بالعربية وترجمته إلى الفرنسية من خلال استعانتها ببرنامج خاص لهذا الأمر حيث أنها لم تتقن بعض الكلمات جيدًا  . 



نظرت في ساعتها لتجدها الحادية عشر والنصف فتعجبت من مرور الوقت الذي لم تشعر به وتساءلت ترى هل أتى  ؟ 



نهضت تخطو نحو النافذة الزجاجية المطلة على المكاتب وتنظر منها لتستكشف الخارج ولكنها لم تستدل على شيء يثبت مجيئه  ،  اتجهت للنافذة الأخرى التي تطل على الشارع الرئيسي ووقفت متكتفة تتطلع على المكان بشرود  . 



في الأسفل حيث السيارات والمارة والحركة المرورية المنتظمة  ،  المناظر من حولها جديدة وغريبة لا تنتمي لها  ،  الأجواء باردة والوحدة هي المتصدرة على عرش المشاعر  . 



انتفضت حينما رن هاتف مكتبها والتفتت تطالعه ثم اتجهت تلتقطه وتضعه على أذنيها بترقب فاستمعت إلى نبرته وهو يردف بنبرة مهيبة : 



- منتظرك في مكتبي  . 



أغلق فتعجبت ووقفت تلتقط أنفاسها ثم قررت الخروج والبحث عن مكتبه فلديها أسئلة عديدة لتسألها له  . 



خطت للخارج تلتفت باحثة عن مكتبه حيث انحنت على إحدى الموظفات وسألتها بالفرنسية  : 



- عفوًا  ،  أين مكتب السيد ثائر  ؟ 



رفعت الفتاة أنظارها تطالعها باستعلاء ثم أشارت لها عليه فانزعجت ديما من نظراتها ولكنها تجاهلتها وتحركت نحو المكتب المشار إليه حتى وصلت أمام الباب وطرقته فسمح لها فدلفت  . 



مكتبه يعبر عن شخصيته القيادية والغامضة  ،  مكتب مهيب جدرانه ملونة بالأبيض وأثاثه ذا لون بني غامق  . 



وجدته يجلس يشبك يديه ويطالعها فتحمحمت ووقفت تردف بعدما دلفت وأغلقت الباب  : 



- عندي أسئلة كتير عايزة أسألها  . 



أشار لها أن تجلس ففعلت فأردف وعينيه مسلطةً عليها  : 



- اسألي  . 



تنهيدة معبأة بالتوتر خرجت منها لتتساءل بِمَ يجول في عقلها  : 



- ليه أنا ليا مكتب لوحدي  ؟  وإيه المطلوب مني أعمله بالضبط  ؟  وإزاي ههاجم أفكارك وأنا شغالة معاك في مجلتك  ؟  وأكيد من الأوراق اللي بعتهالك عرفت إني ماكملتش تعليمي يبقى إزاي وليه تعمل كل ده معايا  ؟ 



ابتسامة جانبية سريعة صدرت منه ثم أردف بثباتٍ عالٍ  : 



- كل ده ليه عندي إجابة واحدة بس وهي إنك قبلتي تتحديني  ،  ماينفعش تكوني وسط الناس اللي برا دول لأن كلهم بيأيدوا أرائي  ،  إنتِ الوحيدة اللي جاية تثبتي إن رأيي في المرأة العربية وخصوصًا المحجبة كله غلط  ،  وعلشان كدة كان لازم يكون ليكي مكتب خاص بيكي علشان تاخدي راحتك  ،  قلتلك إننا هنا في بلد ديمقراطي جدًا  ،  وبالنسبة للمطلوب منك تعمليه هو بالضبط اللي كنتِ بتعمليه قبل ما أبعتلك  ،  تكتبي كل اللي عندك  ،  تاخدي راحتك على الآخر وتعبري زي ما تحبي علشان وقت ما نعلن عن الندوة الثقافية تكوني جاهزة تجاوبي على أسئلتي ليكي   ،  أنا مش هقبل أبدًا المنافس اللي هيتحداني يكون متردد أو مش واثق في نفسه  . 



نظرت له بحيرة عالية من أمره  ؟  هل يشجعها على تحديه أم يستفزها أم أنه يؤهلها للفوز  عليه أم أنه يقلل من قدراتها  ؟ 



حقًا غريب أمره ولم تدرك مغزاه بعد لذا ظلت تحدق به بشرود فرفع كفه يلوحه أمام عينيها فأسبلت بتوتر وتحمحمت تسأله بتشتت من أمرها  : 



- بردو مش فاهمة إنت بتعمل كل ده ليه  ؟  ياترى دي ثقة مبالغ فيها في نفسك ولا ليك هدف تاني  ؟ 



زفر يبعد مقلتيه عنها ثم أجابها وهو يتلاعب بقلمه  : 



-  أي حد لازم يدافع عن الحاجة اللي بيحبها ومؤمن بيها وده اللي بعمله بس كنت قربت أفقد الشغف بسبب إن الأغلبية بيوافقوني الرأي  ،  يعني تقدري تقولي إنك رجعتيلي الشغف لحاجة بحبها في المقابل أنا قدمتلك فرصة زي دي  . 



حاولت أن تستوعب كلماته لينتشلها بحديثه وسؤاله الغامض : 



- وبعدين بتسألي كإني مثلًا أجبرتك على السفر مع إنك وافقتي بإرادتك بعد ما كنتِ رافضة تمامًا  ،  ممكن أفهم السبب  ؟ 



أمعنت النظر به ولم ترد الإفصاح له عما حدث معها في مصر من ظلمٍ لذا نهضت ترفع رأسها وتجيبه بثبات زائف  : 



- استغليت الفرصة  ،  فكرت كويس ولقيت فعلًا إن تحديك فرصة ماتتعوضش  ،  خصوصًا إني على حق  . 



حدجته بنظرة قوة ثم تحركت تغادر تاركة خلفها وجهًا يتزين بابتسامة خبيثة  . 



❈-❈-❈



في سجن فرنسي شهير  . 



جلست مارتينا على طاولة أمام والدها الذي أتى ليراها  ،  ملامحها خير دليلٍ عن غلٍ سافر لا حدود له وتجلى في نبرتها هي تحدثه  : 



- كيف لم تجد مخرجًا لي إلى الآن  ؟  هل ستتركني أتعفن هنا  ؟  هل هذه نفوذك يا سيد إلتوا  ؟ 



نطق ببرود ظاهري  : 



- كان عليكِ أن تفكري في هذا قبل فعل ما فعلتيه  ،  توماس لم يقبل أن يتنازل عن دعوته بأي شكلٍ  ،  أنا مازلت أحاول معه  . 



ضربت الطاولة بكفيها بغضبٍ واستطردت  : 



- لا تحاول أبي  ،  لا تحاول بل أخرجني من هنا في أسرع وقت  . 



حدجها بنظرة محذرة يردف  : 



- اهدئي  . 



تعالت وتيرة أنفاسها ثم اعتدلت في جلستها وغمرها هدوءًا ظاهريًا تجيبه  : 



- حسنًا سأهدأ  ،  أخبرني كيف حال ثائر  ؟  



قلب عينيه بتهكم ثم أجابها بغموض  : 



- إنه يمارس عمله ويهتم بابنه  ، هذا كل ما يفعله   . 



أومأت مرارًا ثم اتسعت حدقتيها تسترسل  : 



- حسنًا لا تأتي إلى هنا مجددًا إلا حينما تأخذني  ،  هل فهمت  ؟ 



أومأ ونهض بعدها يتجه نحو الباب ويغادر ليرى ماذا سيفعل وكيف سيخرجها  ،  نفوذه كان قويًا بصداقته مع توماس ولكن الآن كلما حاول فعل شيء وجد الآخر يسبقه بخطوة لذا فعليه أن يعبث معه قليلًا وليرى ما لديه من أسرار  . 


❈-❈-❈



عادت إلى منزلها في الساعة الثالثة ودلفت تتجه نحو الحمام لتغسل يديها ثم ذهبت إلى المطبخ حيث تتضور جوعًا لذا حضرت لها شطيرة سريعة وتناولتها وهي تتجه نحو الأريكة لتجلس وتهاتف عائلتها  . 



بعد دقيقة فتحت منال تطالعها وظهر الصغيران يلعبان حولها فحدثتها ولم يمر عدة ثوانٍ حتى قُطع الاتصال  ،  حاولت مرة تلو الأخرى ولكن الاتصال بدى معطلًا لذا زفرت وتركت هاتفها جانبًا وعادت تشرد فيما حدث هذا الصباح وفي حديث ثائر وهو يخبرها أن تستعد للإجابة عن أسئلته لذا نهضت تخطو نحو غرفتها واتجهت للركن الذي وضعت فوقه كتبها واستلت كتابًا عن حقوق المرأة في الإسلام  . 



أخذته واتجهت نحو المطبخ مجددًا كي تحضر قهوتها لتعود وتقرأه وتركز جيدًا في معلوماته  . 




❈-❈-❈



جلست دينا في غرفتها حيث الصغيران في الخارج مع والدتها لذا نوت فعل ما فكرت فيه لأيام وهو الاتصال  بلوتشو وإخباره بقرارها عبر الهاتف لذا عبثت بهاتفها وطلبت رقمه بتوتر فأجابها بنبرة حماسية كأنه استشف ما ستخبره به حيث أنها لم تعتد الاتصال به  : 



- مرحبًا دينا كيف حالك  . 



تنفست بعمق تجيبه بنبرة هادئة  : 



- الحمد لله بخير  . 



حثها على التحدث  : 



- تفضلي أنا معكِ  . 



شعرت بالخجل ولكنها عزمت أمرها لذا قالت  : 



- كنت هبلغك قراري بخصوص طلبك  . 



تنبهت حواسه بسعادة لذا أجابها بترقب  : 



- أسمعك  . 



أجابته بحرج  : 



- أنا موافقة  ،  ماعنديش أي مانع في الارتباط بيك  ،  بس أنا مش هعرف اتكلم مع أهلي  . 



سعادة جعلته يقفز في مكانه ثم تحمحم يواري حرجه ويجيبها بحماسٍ مفرط : 



- حسنًا لا بأس  ،  أتركي الأمر لي  ،  ولكن أعطيني رقم شقيقكِ وأنا سأتحدث معه.. 



أومأت تتنفس بارتياح كأنه رآها وأردفت  : 



- تمام  ،  هبعتهولك على الواتساب  ،  كلمه الصبح وهو برا البيت أفضل  . 



ابتسم يجيبها بنبرة تحمل الحب والاحترام  : 



- لا تقلقي سأحل الأمر معه وسأقنعه  ،  أراكِ غدًا دينا  . 



أردفت بترقب وخجل  : 



- هو ينفع آخد أجازة بكرة  ؟  معلش لو سمحت  . 



بالطبع لن يعترض ولكنه نطق بمرح  : 



- أوه  ،  استغلال من البداية  . 



شعرت بالحرج لذا أسرعت توضح  : 



- لاء خالص مش استغلال  ،  خلاص هاجي  . 



ضحك بخفة يجيبها  : 



- اهدئي دينا أنا فقط أمزح معكِ  ،  لا بأس يمكنكِ أخذ أجازة وقتما تشائين  . 



تنفست بعمق فاسترسل  : 



- هيا إلى اللقاء  . 



- مع السلامة



❈-❈-❈



ليلًا أغلقت الكتاب وتمطأت بإرهاق وهي تتثاءب ، نظرت في ساعتها لتجدها الثامنة مساءً لذا عادت تستل هاتفها وتحاول الوصول إلى عائلتها مجددًا وحينما لم يفلح الأمر قررت الاتصال على شقيقها مكالمة صوتية  . 



بصوتٍ حزين أجابها وهو لم يكن يريد ذلك ولكن عليها أن تعلم لذا أردف  : 



- أيوة يا ديما  ،  عاملة إيه يا حبيبتي  ؟ 



من نبرته أدركت وحسمت الأمر وتهاوى قلبها وهي تجيبه  : 



- كويسة يا داغر الحمد لله  ،  الكتاب اتوقف  ؟ 



صمت لهنيهة ثم نطق بحزن  : 



- أيوا يا ديما للأسف  ،  أنا مش عارف أكلمك إزاي من الصبح  ،  قدر الله وماشاء فعل مش عايزك تزعلي واعتبري إن سفرك جه في الوقت المناسب ، وبردو هنرفع نقد ع الحكم . 



يسعى ليهون عليها ولكنها حزينة  ،  قصتها التي تمنت بها كل الخير لغيرها تم إيقاف نشرها بشكلٍ قانوني ولحقت بها اتهامات لم تفعلها قط  . 



شعور الظلم سيء وموحش كوحشٍ كاسر يلتهم روحها بين أنيابه لذا أردفت بنبرة متحشرجة تحاول بها طمأنته بيقين  : 



- خير الحمد لله يا داغر  ، اللي ربنا كاتبه هشوفه  ،  الحمد لله  . 



أجابها بيقين مماثل  : 



- أكيد خير ياحبيبتي  ،  ماتزعليش نفسك  .



نبرته تحمل عناقًا ود لو كان باستطاعته فعله  ، يريد احتواءها الآن فهو أفضل من يعلم ما تشعر به لذا تنهدت بعمق وابتسمت تجيبه بمرحٍ زائف  :



- لا مش زعلانة  ، أختك دلوقتي بقت بتشتغل في مجلة فرنسية مشهورة وهكتب كتب تانية كتيـــر وهوصّل وجهة نظري صح  ، ماتقلقش أنا مش هقع يا داغر  .



ابتسم يؤكد لها ويدعمها  :



- هي دي ديما الصابر اللي مافيش حاجة تكسرها  . 



سقطت عبرة من عينيها التقطتها بكفها ثم استطردت قبل أن يلاحظ نبرتها  : 



- يالا يا حبيبي أنا هقفل دلوقتي ولما تروح كلمني فيديو كول لإن الشبكة من الصبح مش بتجمع  . 



- أيوا فيه تصليحات في النت عندنا  ،  هوصل البيت وأكلمك  . 



أغلقت معه وتنفست بقوة ولكنها شعرت بالضيق  ،  كاذبة إن قالت أنها لم تحزن  ،  قصة حياتها وسنواتها التي دونتها بكامل مشاعرها وإحساسها انتهت وليست أي نهاية بل نهاية ملطخة بسمعة كاذبة لا تمت لها بصلة  . 



عادت عبراتها تسقط وشعرت أن الجدران تقترب منها وتطبق على أنفاسها لذا نهضت تخطو نحو غرفتها ترتدي معطفها وحجابها وقررت الخروج بمفردها قليلًا  . 



خرجت واتجهت تسير نحو الشارع الرئيسي المؤدي لموقع البرج المشهور إيفل  . 



تسير وعقلها مزدحم بالأفكار التي تتصارع فيه بلا هوادة  ،  تخشى أن يحاربوها هنا بشكلٍ أقوى وأشرس مما حدث معها في بلدها  ،  تخشى أن تقع في حفرة وعرة بعدما نهضت من أسفل حطام تجربتها السيئة  . 



لمحت البرج من بعيد فاتجهت نحو الحديقة القريبة منه والهادئة قليلًا عن محيطه الصاخب  . 



جلست على مقعدٍ أسفل شجرة في ركنٍ هادئ بإضاءة هادئة تنظر لإيفل الشامخ وتبحث عن هدى  ،  تناجي ربها ألا يشمّت فيها ظالم ولا يعين عليها باطل وأن ينصرها في الحق  . 



رفعت كفها تجفف دموعها التي انهمرت لا إراديًا منها لتجد أحدهم يأتي ويجلس مجاورًا لها ويمد يده بمحرمة ورقية وعينيه تنظر للأمام متسائلًا بثبات  : 



- إيه اللي حصل  ؟ 



تفاجأت بوجوده وتوقفت الدموع في مقلتيها فالتفت ينظر لها وشرد لثوانٍ في دفء عينيها اللامعة ثم عاد ينظر أمامه متنفسًا باستفاضة يسترسل  : 



-  تقدري تحكي وماتخافيش مش هستغل ده في التحدي اللي بينا  . 



ليس عليها أن تثق في كلماته ولكنها فعلت لذا أردفت دون مقدمات  : 



- قصتي  ،  قصدي القصة اللي كتبتها واللي بسببها أنا هنا دلوقتي  ،  اتحكم بوقفها  . 



ظل كما هو لم يبدِ أي ردة فعل ثم تساءل بعد ثوانٍ  : 



- ليه  ؟  إيه اللي حصل  ؟ 



التقطت منه المحرمة وجففت دموعها ثم عادت تنظر مثله واستطردت توضح بصدق  : 



- فيه محامي رفع عليا دعوة إني بهاجم القوانين وبزعزع استقرار الأسرة  ،  ثغرات اكتشفوها في كتابي اللي من حسن حظي وسوء حظي في نفس الوقت أنه اتشهر جدًا بطريقة ادهشتني  ،  كان لازم وقتها أعرف إن فيه وجه آخر للشهرة ماحسبتش حسابه  . 



أومأ يردف بنبرة مبطنة بالمعاني  : 



- اتظلمتي يعني  ، معلش بكرة تتعودي وتعرفي إن ده العادي في مصر  . 



التفتت تطالعه بتعجب ثم استطردت متسائلة  : 



- قصدك إيه  ؟ 



التفت يواجهها بنظراته ويردف موضحًا  : 



- قصدي إن اللي حصلك زي اللي حصل معايا قبل كدة  ،  إحنا الاتنين زي بعض  ، اتظلمنا في بلدنا واعتقد إنها تجربة قادرة تغير وجهات نظرنا للأمور  . 



قطبت جبينها باندهاش ثم هزت رأسها وأردفت مدافعة بثقة  : 



- لا أنا أسفة بس أنا مش شبهك ولا هكون شبهك مهما يحصل  ،  أنا عمري مهما اتعرضت لظلم ما هشوه صورة بلدي  ،  عمري ما هاجي عليها واظلمها  ، لو فيها ظلم أو فساد مسير ييجي جيل سليم وواعي يستأصله وترجع عفية تاني  ،  أيوة كان نفسي الحكم يكون في صفي وكان نفسي كتابي مايتوفقش بس هتفضل مصر بالنسبالي هي الأم اللي ممكن تزعق شوية لكن لو حد حاول بس يزعلني أو يئذيني هلاقيها في ضهري وحضنها مفتوح لي دايمًا  ،  أنا وانت مختلفين يا أستاذ ثائر  ،  أنا واحدة اديت فرص لناس ماتستاهلش  ،  هاجي على بلدي ومن أول واقعة هظلمها وأعيب عليها  ؟  ده كدة يبقى العيب فيا أنا  . 



صمت يتأملها لبرهة ولم ينطق بحرف بل نهض يزفر بقوة ثم أردف بنبرة لم ولن تفهمها  : 



- ابعتيلي وورد قصتك  . 



قطبت جبينها وتساءلت بشكٍ  : 



- ليه  ؟ 



وضع كفيه في جيبي معطفه واسترسل  : 



-  هنشرها تاني  ، بس راجعيها لو فيها تعديلات حابة تضفيها أو تحذفيها تمام وبعدها هيتم نشرها بالفرنسية ومترجمة وهتتوزع بشكل أكبر طبعًا  ، مهم جدًا بالنسبالي إن الناس تتعرف على الكاتبة اللي هتواجهني  .



تركها في ذهولها وتحرك يغادر عائدًا إلى منزله ويعلم أنها ستتبعه وبالفعل نهضت تتحرك خلفه وتتبعه بعقلٍ مندهش مما يحدث   .

تكملة الرواية من هناااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


 

تعليقات

التنقل السريع