القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية بحر ثائر الفصل الخامس وعشرون 25بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)

 

رواية بحر ثائر الفصل الخامس وعشرون 25بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)







رواية بحر ثائر الفصل الخامس وعشرون 25بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)







لقد زرعت حبكِ بصدري... 



وردة توليب بيضاء ... 



في جمالها تشبهك



وفي عنفوانها ورقتها تشبهينها.... 



في سلامها و حنانها تشبهك... 



وفي حزنها و نَزْفِها تشبهينها... 



لقد أخفيت حبي في الأعماق 



هو كنزي.... 



لك أعترف عن مكانه، عن قيمته... 



ولغيرك هو سر ليس يقال.... 



اقبليني بحبي و بأحزاني... 



أحبيني  ، ولا تتمهلي بحبي... 



دمع عينيك يؤلم قلبي... 



أحبيني أولا... 



ولتدعيني بعدها أعطيكي وعدا... 



أن الدمع في عينيك غال.... 



لن أسمح يوما وأنت معي.. 



أن يسيل لا حزنا ولا حتى فرحا  



فهو كما أنت بقلبي غالٍ..... جدا غالٍ......



( بقلم فيروزة) 



❈-❈-❈



انتهيا من مناسك عمرتهما و أقلعت طائرتهما لتهبط بعد ساعات في العاصمة الماليزية كوالالمبور  .



يشعران أنهما اغتسلا من شحنات سلبية كانت تتوغل إلى حياتهما  ، كلٍ منهما قلبه مستكين  ، كلٍ منهما يحب الآخر بطريقة تجعلهما مثالًا يحتذى به لزواجٍ سليم، الآن فقط باتت راضية عن حياتها  .



اتضحت الرؤية لعقلها بعد أن زارت بيت الله الحرام والروضة الشريفة وكانت في رحاب سيد الخلق .



رأت أن الله وهبها زوجًا مميزًا يشبه جوهرة داخل صدفة قاسية  ، رجلًا لا تشوبه شائبة وسط عاصفة من الذكور النرجسيين  .



وهبها بيتًا معمرًا بالإيمان  ، وهبها الصحة  ، وهبها الرزق الوفير  ، وهبها احتواءه ولهذا فهي مميزة به  ، باتت ترى الآن الجزء الممتلئ من الكوب وأدركت أن هذه حياة الدنيا ليست دار الخلود وأن كل إنسان سيأخذ الأربعة وعشرين قيراطًا بطرق مختلفة ولكنها ستصله  .



انتهت إجراءاتهما واستقلا سيارة نحو الفندق الذي سيقيمان به  ، يحتويها باشتياق برغم أنه لم يفارقها لحظة ولكنه حقًا يشتاق لها للدرجة التي جعلته يجلس ظاهريًا بثقل ولكنه يتقلب على صفيحٍ منصهر منتظرًا لحظة الوصول  .



لم يمر الكثير حتى وصلا إلى الفندق وترجلا نحو الداخل ووقفا عند الاستقبال وبدأ دياب يخبر الموظف بأسمائهما والحجز الخاص بهما  .



رحب بهما ونادى على العامل ليصطحبهما إلى غرفتهما التي سيمكثان بها لليلتين ثم سيتجهان إلى لنكاوي   . 



صعدا للغرفة بصحبة العامل الذي ساعدهما في حمل أغراضهما حتى وصلا إليها وناولهما المفتاح الإلكتروني وغادر  . 



دلفا سويًا يفحصان المكان بأعينهما ثم وضعا حقائبهما جانبًا والتفت دياب ليواجه يسرا ويسافر في ملامحها قائلًا بابتسامة ماكرة  : 



- وحشتيني  . 



فهمت مغزاه لذا ابتسمت بخجل فزادته ابتسامتها اشتياقًا لها لذا رفع كفيه يحاوط وجهها ليسرق قبلة منها فبادلته بمحبة بالغة برغم توترها من هوية المكان الجديد  . 



تضاعفت مشاعره نحوها فحاولت إيقافه وابتعدت تلتفت حولها وتنظر في الأرجاء قائلة بتوتر  : 



- دياب استنى ليكون في كاميرات هنا  . 



ضحك عليها وأردف مطمئنًا بثقة  : 



- هحجز في فندق أي كلام ولا إيه  ؟  اطمنى خالص المكان هنا ثقة  . 



زفرت بارتياح لذا رفعت كفيها تحاوط عنقه وابتسمت وعينيها تستهدف شفتيه قائلة قبل أن تبادر بتقبيله  : 



- لاء لو كدة بقى يبقى إنت كمان وحشتني جدًا  . 



حاولا أن يطفئا شرارة اشتياقهما سويًا بمنتهى الحب الذي يزداد بينهما يومًا بعد يوم  . 



❈-❈-❈



هبطت طائرة العم محمود في مطار القاهرة وتوجه بعدما أتم إجراءاته إلى الخارج ليجد صالح وداغر في استقباله  .



أسرع صالح نحوه يرحب به فبادله بحبور ثم اتجه يعرفه على داغر الذي رحب به أيضًا واستقلوا السيارة وغادروا إلى وجهتهم ليرى العم محمود شقيقه ويعطيه أمانته  .  



❈-❈-❈



تحرك يغادر الحلبة ويواري آلام جسده خلف قناعٍ من الجمود ،  نزل يحدق بها بثبات وعينيه تخبرها أنه يتألم ثم أزاحها عنها واتجه نحو توماس ذو الملامح المتجهمة الغاضبة وانحنى يهمس في أذنه وسط التصفيقات الحارة  : 



- ما بك توماس  ؟  من يراك يظن أن عدوك هو من فاز  ، ألم تراهن عليّ أم أن هدمي أفضل إليك من الفوز  ،  جهز أموالي  . 



ابتعد عنه يحدجه بعداءٍ سافر ثم تحرك يخطو نحو ديما التي تأهبت فأردف وهو ينتشل مئزره من الجوار ويخطو وهو يرتديه دون أن يأخذ ملابسه   : 



- بتعرفي تسوقي  ؟ 



قطبت جبينها وهي تتبعه نحو الخارج حيث سيارته لتجده يلتفت نحو الجهة الأخرى ويركب ثم سمح لنفسه أن يعبر عن الألم حيث أهدر نفسًا قويًا وفرد ظهره يغمض عينيه بانزعاج  . 



أسرعت تستقل السيارة مكان القيادة وتطالعه متسائلة  : 



- ضلعك بيوجع صح  ؟ 



إيماءة بسيطة ثم أردف مجيبًا وعينيه مغلقتان يصارع خلف جفنيه الألم  : 



- اطلعي على أقرب مستشفى  . 



توترت كليًا فهي لا تجيد القيادة بشكلٍ جيد ولكنها ستحاول لذا نطقت البسملة وأدارت المحرك وبدأت تقود بحذر وتتبع جهاز تحديد المكان  . 



مد يده يضغط على الزر الذي يفرد مقعده وحاول أن يستريح  ،  ملامحه ثابتة لا تعبر عن أي ألم ولكنها تدرك أنه يتألم كثيرًا فكلما تذكرت كيف ضربه ذلك الخصم انكمشت متألمة مابالها به  . 



بعد دقائق عدة وصلت إلى المشفى القريب وترجلت تحاول مساعدته ولكنه سبقها وترجل يخطو ببطء لتتبعه حتى دلفا واتجها سويًا نحو غرفة الفحص بعدما شرحت حالته لموظفة الاستقبال  . 



دلفت معه غرفة الفحص ورأته وهو ينزع مئزره ويلقيه ويجلس على السرير ليبدأ الطبيب في فحصه والاستماع إليه  . 



وقفت تواليه اهتمامها وترى الطبيب ويديه تجوب على جسده ثم قام بوضع ضمادًا طبيًا عريضًا حول ضلعه وقد أمر بأخذ صورة بالأشعة ليطمئن  . 



❈-❈-❈




تجلس حبيسة غرفتها تفكر  ،  لم يقبل باستقالتها ولكنها لن تعمل بالإجبار  ،  رفضته وانتهى الأمر قبل أن يبدأ ولكنها أمس شعرت بالخوف منه  . 



رن هاتفها فانتفضت والتفتت تطالعه لتجده هو لذا توترت ولم تجب سريعًا بل ظلت تنظر إلى اسمه ثم زفرت والتقطته تقنع نفسها بأنها قوية وستواجهه لذا أجابته تقول بنبرة هشة تغلفها قوة زائفة  : 



- ألو  ؟  أزيك  ؟ 



أجابها مباشرةّ  : 



- كيف حالك اليوم يا دينا  ؟  هل أخبرتي داغر بمجيئنا أنا ووالدتي كما اتفقنا  ؟ 



ازدردت ريقها ثم التقطت نفسًا قويًا وأجابته  : 



- لاء يا لوتشو  ،  قلتلك موضوعنا انتهى  ،  أنا فكرت كويس ولقيت إننا غير بعض  ،  لو سمحت خليك متفهم  . 



تألم لسماعه كلماتها وصب اللوم على والدته التي تتعمد إفساد حياته  ،  لقد ترك لها الصين بأكملها وجاء إلى هنا ليتخذ مسارًا خاصًا به ولكنها لحقته و أفسدت بينه وبين من أرادها  . 



صمته جعلها تتساءل  : 



- لوتشو إنت معايا  . 



زفر بقوة يستدعي التروي لذا أجابها بتريث ظاهري  : 



- حسنًا دينا  ،  لن أضغط عليكِ ولكن عودي إلى العمل  ،  لن أقبل استقالتك  . 



تنهيدة ملغمة بالضيق صدرت منها لتخبره بشعور الضغط الواقع عليها  : 



- تمام  ،  خليني أكمل الأسبوع ده في البيت لإني فعلًا الفترة دي مش كويسة  . 



كاد أن يرفض ولكنه رضخ حتى يعالج أمر والدته لذا قال  : 



- حسنًا  . 




❈-❈-❈



توقفت سيارة داغر أمام منزل صالح وترجلوا جميعهم نحو الداخل  . 



صعدوا ودلف صالح يتجه نحو غرفة والده ليوقظه وتبعه محمود متلهفًا لرؤية شقيقه وداغر يجاوره  . 



ما إن ناداه صالح حتى أسرع يفتح عينيه حيث كان في انتظار شقيقه الذي ارتمى عليه يعانقه بحبورٍ والآخر يربت على ظهره بقوة واهنة ويبكي لرؤيته  ،  كان يخشى أن تصعد روحه لخالقها دون أن يراه  . 



الآن اطمأن قلبه  . 



ابتعد محمود عنه وتعمق في ملامحه ليجد الحزن والألم ينقشان لوحتهما على تقاسيمه لذا اعتدل ونظر إلى صالح يردف بنبرة آمرة  : 



- خلينا ناخدو عالمستشفى طوالي يا صالح  . 



أومأ صالح واستعد ومعه داغر ولكن والده اعترض بشدة يردف بشعورٍ يجتاحه  : 



- مش رايح محل  ،  أنا قبلت أطلع من غزة لاني حسيت انو هاي إشارة من الله بس  هسا أنا حاسس إنو خلَص آن الأوان  ،  اقعد بس يا محمود واسمع اللي بدي اقولك اياه  . 



تملك العجز محمود حينما سمع كلمات شقيقه ونظر إلى صالح الذي استسلم بحزنٍ طاغٍ وداغر الذي يستغفر ربه لذا اضطر أن يجلس أمامه ليسمعه فتحدث بما يعتليه  : 



-  فك الوديعة واعطيها لصالح يفتح فيها مشروع هان هو وداغر  ، مصنع زغير خاص بالمكن وانت ساعدن واستورد منن لحد ما يوقفو على إجريهن  . 



انصدم داغر مما يسمعه ونظر نحو صالح الذي يصب اهتمامه على حالة والده لذا التزم الصمت يتابع الرجل وهو يسترسل بوهن ويقبض بيدٍ مرتعشة على يد شقيقه  : 



- صالح محتاجك يا محمود  ،  أنا هانا مطمن عليه علشان داغر معاه بس إنت لازم تدعمن  ،  أنا هسا اللي بطلب منك هيك وعارف انك راح تستغرب  . 



ابتلع محمود ريقه وتابع بملامح حزينة لائمة  : 



- مش محتاج توصيني ياخو  ،   كنت دايما أقلك اتركني اعملك اشي بس كنت ترفض  ، لحد ما اجيت عمصر فهمتني انك معك مصاري  . 



التفت محمود يتفحص المنزل البسيط ويتابع  : 



- بس اللي مبيّن انك كنت بتكذب علي زي كل مرة  ،  ليش ياخو بتعمل هيك  ؟  



تنهيدة بطيئة وقوية في آنٍ صدرت منه فارتعب قلب صالح واتجه يجثو جواره ليتعمق فيه ويتابع  : 



- كنت بتمنى أرجع عبلدي  ،  قلت بنعمرا من اول وجديد وقلت المصاري اللي معك مارح أفرط فيهن  ،  حسبنا الله ونعم الوكيل  . 



مسح محمود على وجهه يستغفر بتعب بينما لثم صالح يد والده وأردف بحنين  : 



- سلامتك يابا  ،  إن شاء الله راح ترجع احسن من الاول  . 



صدر منه أنينًا وهو ينادي على داغر الذي تحرك يجثو هو أيضًا فاستطرد الرجل بوهن  : 



- صالح أمانتك  ،  هو بيحبك كتير وأنا عارف إنك بتحبه  ،  دير بالك عليه منيح  ،  مالوش غيرك هانا  ،  خليك حده عطول  . 



تجهمت ملامح داغر بالحزن ولكنه أومأ ليريحه فأردف محمود بترجٍ  : 



- ريحني وقوم نطلع عالمستشفى  . 



أغمض عينيه في رسالة واضحة منه بأنه يريد أن ينام  ،  سينام بعدما أتم وصيته وأخبرهم بما في نفسه . 



❈-❈-❈



لم تمر هذه المباراة مرور الكرام بل تم إرسال مقطع فيديو إلى مارتينا يحمل مشاهد جمعت بين ثائر وديما  . 



جلست تتفحصه بنظراتٍ رادارية  ،  دلفا معًا وجلست تشجعه ثم انتفضت على إثر إصابته ونزلت تقترب منه بلهفة تجلت على ملامحها  ؟



  إنها تحبه  ،  نعم هذا ما حدث وقد وقعت هذه المصرية في حبه ويبدو أنه يبادلها وكان يوهمها بعكس ذلك  . 



حسنًا أولم يخبرها بسمعته التي ستضرر  ؟  أولم يحذرها من العبث  ؟  ليكن الأمر أشبه بالحادثة  ،  أو محاولة سرقة مثلًا ولكن يجب أن تنهي الأمر في أسرع وقت  . 



بابتسامة المكر والجنون الخاصة بها قررت حل الأمر بطريقتها المعتادة ولكن عليها أن تكون حذرة كي تحصل على النتيجة المطلوبة  . 




جلسا حول طاولة الطعام يضعان الطعام الذي أحضراه والذي كان عبارة عن أكلات بحرية متنوعة  . 



باتت على وشك الولادة وتضخم حجم بطنها ولكنها قررت أن تبدأ أول تحدي بينها وبينه اليوم لذا فلم يتناولا شيئًا منذ الصباح بعدما حرمته من الطعام  . 



بدأت بتشغيل كاميرا الهاتف الذي يستند على الحامل الخاص والذي بدأ يسجل المشهد التالي  . 



ألقت المقدمة التي أعطاها لها المهندس المنشود بينما هو يستمع لها ويشعر بالحرج والحماس في آن  . 



الحماس للشهرة خاصة وأنه ينوي تقديم محتوى مخالفًا لما يشاهده والحرج مما تفعله ولكنه ينتظر تنفيذ ما نوى أمام المشاهدين للبث   . 



بدأت توضح التحدي وتعرض أصناف الطعام ليقطع حديثها مردفًا بهيمنة زائفة  : 



- استني بس يا زينة  ،  مش ده اللي هنعمله ،  احنا لازم نفهم الناس إنهم مايتبعوش ولا يتفرجوا على اللي بيطلعوا يعملوا كدة  ،  فيه ناس غلابة كتير مش لاقية العيش الحاف ماينفعش نطلع نعرض رزقنا على حد  ،  إحنا بس عملنا الأكل ده علشان عارفين إنها الطريقة اللي هتخليكوا تتابعونا بس أوعدكم بعد كدة محتوانا هيبقى مختلف تمامًا  ،  هنقدم حاجات تانية تفيد الناس  فياريت بقى تشجعونا  . 



كانت تتلظى على نيران الغضب ولا تصدق ما يقوله  ،  أيخدعها ويفضحها ويهدم خطتها  ؟  لن تسمح بذلك أبدًا لذا هاجت تصيح بنظرات حادة تباغته بها : 



- إيه يا كمال وهو احنا بنعمل إيه غلط  ؟  وبعدين مالهم الناس اللي بيعملوا كدة مهما زي الفل مايصحش تغلط في حد  ،  وبعدين الأكل ده في متناول الجميع ده شوية سمك يعني مش شغلانة  . 



هذا ما أراده أن يظهر للعلن لذا ارتدى ثوب الحكمة وأردف بهدوء  : 



- يا حبيبتي صدقيني مش أنا اللي بغلط فيهم تصرفاتهم هي اللي غلط  ،  احنا عايزين المشاهدين يحبونا مش يشتمونا  . 



قالها وهو يشير نحو الكاميرا ويبتسم بتباهٍ خادع فلم تحتمل مايقوله لذا نهضت لتحتد ولكنها شعرت بألم الولادة يهاجمها فجأة صرخت وانحنت تمسك ببطنها فتعجب يتساءل  : 



- في إيه  ؟ 



نظرت له بصدمة والبث مباشر لتقول بصراخ غير عابئة بأي شيء  : 



- أنا بولد  ،  قــــــــــوم  . 



نهض بعدها يسندها ويظهر حبًا واهتمامًا مبالغًا فيه فصرحت تبعده وصاحت  : 



- اقفل البث والحقني يا كمال احسنلك  ، آاااااااه الحقيني ياما   . 





❈-❈-❈



بعد ساعة 



تم عمل أشعة له وتبين أنه يعاني من كسرٍ في ضلعه وأن هذا الألم طبيعي نسبةً للضربة القوية التي تلقاها. 



استراح قليلًا وقد شعر بتحسن بعد جرعة المسكن التي تناولها والضماد حول ضلعه لذا نهض يطالعها وهي تجلس أمامه بترقب وقال   : 



- يالا يا ديما  . 



قالها بعدما أخذ الوصفة الطبية واستمع إلى إرشادات الطبيب ثم انتشل مئزره وارتداه وتحرك معها نحو الخارج وتبعته بهدوء ثم استقلا السيارة وبالطبع قادت هي أيضًا  .



تقود بحذرٍ وبهدوء ولكنها حزينة على ما أصابه لذا التفتت تطالعه فوجدته متكئًا على المقعد يستند على كفه ويفكر قليلًا فلم تحتمل إلا أن توبخه بعدما شعرت بالمسؤولية تجاهه لذا نطقت وعينيها على الطريق  :



- ليه أصلًا تلعب لعبة همجية زي دي  ؟ كلها عنف وضرب وأذية  ؟ ليه بجد إنت كاتب محترم ومعروف وليك اسمك يبقى إيه لازمة الملاكمة أصلًا  ؟



أراد أن يبتسم ولكنه لم يفعل بل استمر على جموده فزفرت واستطردت  :



- المفروض إن إنت ترتاح 3 أيام على الأقل  ، مش هينفع تنزل الشغل الفترة دي كلم نسيم هو اللي يتابع الشغل مكانك وانت تابع من البيت لحد ما تقدر تقف  .



أومأ واعتدل بهدوء ثم أردف بخبثٍ مغلفًا بملامح جادة  :



- هعمل كدة فعلًا  ، بس المشكلة إني هحتاج حد يهتم بيا ال3 أيام دول  .



قطبت جبينها والتفتت تطالعه بشكٍ ليقابلها مسترسلًا بمكر  :



- وجع الضلع صعب أوي  .



- ومافكرتش في ده ليه قبل ما تروح تلعب  !



سألته بضيق حيث أنه يستمر في ممارسة ابتزازه العاطفي عليها وبالفعل هي لن تستطيع تركه هكذا وحده ولكن ماذا تفعل وكيف تراعيه  ؟ باتت مؤخرًا تتصرف بطريقة لا تمت لها بصلة ولكنه تعمد أن يستفزها لذا نطق باستنكار  :



- ماكنتِ فرحانة وبتهللي أول ما غلبته  ، اشمعنى دلوقتي بتلوميني  ؟



زفرت بضيق وتذكرت فرحتها حينما فاز على خصمه لذا أجابته توضح بمراوغة  :



- لاء أنا بس كنت فرحانة لإني ماكنتش هعرف أخرج من هناك من غيرك  .



تمعن فيها ونطق بحبٍ لم تتوقعه وهو يحاول الجلوس باعتدال   :



- علشان كدة قومت وغلبته ، حمايتك مسؤوليتي يا ديما  .



توترت وتحمحمت تتهرب من إجابته التي أنبتت براعم جديدة من العشق في قلبها لذا نطقت  :



- هو انت ماتعرفش حد هنا ممكن يساعدك  ؟



نظر أمامه ونطق بجدية زائفة  :



- في طليقتي  ، لو كلمتها هترحب جدًا  .



كان يقصد رؤية أي ملامح للغيرة لديها ولكنه رأى الغضب الخفي الممزوج بالحزن  ،  هذا ما لم تتقبله  ،  يمكنها بسهولة تهميش أي شخصٍ يستغل مشاعرها فقد رأت من الخيبات ما يجعلها تتربع على عرش التخلي  ،  ليتذكر على الفور قصتها لذا نطق بصدقٍ يصحح ما قاله  :



- بس أنا مستحيل أعمل كدة لإني خرجتها من حساباتي من زمان جدًا  ، من وقت ما شوفتك وأنا مش عايز حد غيرك في حياتي   .



أخمد ثورتها الداخلية لترتاح ملامحها لذا تنهد بارتياح يتابع معبرًا عما به  :



- ديما ماتخافيش مني  ، أنا بحبك ومستحيل أأذيكي بنظرة حتى  ، خليكِ واثقة من ده كويس  .



لم تعد تتحمل ما تسمعه لذا توقفت جانبًا ثم هزت رأسها تطالعه وقد التمعت عينيها لتردف بتحشرج  :



- لو سمحت كفاية  ، أنا بسببك بقيت بعمل حاجات كتير غلط  ، أصلًا إني آجي معاك الملاكمة غلط  ، ركوبي معاك دلوقتي غلط وحرام وضد اللي أنا بحاول أوصله وضد مبادئي  ، إنت ليه مش فاهمني  .



طالت نظرته لها وهي تنتظر أن يتفهمها ويخبرها بأنه سيتوقف فلم تعد تحتمل تأنيب الضمير القائم بين مشاعرها وعقلها لينطق بشكلٍ جاد ومفاجئ  : 



- خلينا نتجوز  .



نطقها دون مقدمات لتتفشى الصدمة على ملامحها ويفرغ فاهها لذا زفر يستطرد  :



- وقتها مش هيكون فيه بينا حاجة غلط أو حرام  ، فكري يا ديما  ، وأنا ماعنديش أي مانع أتكلم مع داغر واعملك كل اللي إنتِ عايزاه  .



ظلت كما هي محدقة به لثوانٍ ولا تصدق أنه عرض عليها الزواج هكذا فجأة  ، أرادت أن تهرب من عاصفة الأحداث المتسارعة هذه لذا التفتت تنظر أمامها وتقبض على طارة القيادة بقوة  ، يعرض عليها الزواج  ؟ بهذه البساطة  ؟ أيعرفها لهذه الدرجة  ؟ أتعرفه وتثق به وتحبه لتقبل  ؟  أهي مستعدة للزواج مرة أخرى  ؟  



استغفرت ربها وأردفت دون النظر إليه  :



- خليني أوصلك البيت .



تركها وتكتف وقرر الصمت وأكملت قيادتها حتى وصلت أمام منزله فترجلت وترجل يتجه نحوها بخطواتٍ حذرة ثم قال وعينيه تسافر فيها  : 



- يالا روّحي إنتِ  . 



نظرت له تستشف حركته حتى أنها تراجعت عن سؤاله هل يتألم أم لا وأومأت تودعه وتتحرك نحو الشارع المؤدي لمنزلها وهو يقف يتابعها باهتمام ويعلم أن عقلها الآن يعمل بلا هوادة  . 



❈-❈-❈



في اليوم التالي  وبعد عودتها من المجلة 



خرجت من حمامها بعدما أغتسلت ترتدي قميصًا بيتيًا قصيرًا وتلف المنشفة حول رأسها بإحكام ثم خطت بخفها نحو المطبخ لتحاول تحضير وجبة له  . 



منذ أن تركته وهي تفكر به وكيف حاله ومن المؤكد لم يستطع النهوض وإحضار أي طعام  ،  لا تعلم ما بها ولكنه حقًا شغل حيزًا من عقلها لذا ستحضر وجبة صحية وتذهب لتعطيها إياه . 



تعترف أن اليوم كان مملًا بدونه ولم تمارس عملها بشكلٍ جيد  . 



وقفت بطلتها الناعمة تحضر الطعام ليرن هاتفها برقمه فاتجهت تلتقطه من فوق الطاولة ووقفت تجيبه بترقب  : 



- ألو  ؟ 



أجابها بتنهيدة حارة  : 



- أنتِ نايمة ؟ 



التفتت تنظر للموقد وتجيبه بوضوح  : 



- لاء  ،  بعملك أكل  ،  يعني نص ساعة بالكتير وهجبهولك  ،  إنت عامل إيه دلوقتي  ؟ 



ابتسم ولكنه أجابها يدعي المسكنة  : 



- فيه ألم  ،  الحركة صعبة شوية بس ماشي الحال  . 



أومأت وعجز قلبها عن التغافل بل انفطر لأجله فقالت بهدوء  : 



- ماتقلقش هتبقى تمام  ،  حاول تستريح وتفرد ضهرك  بس ماتاخدش الأدوية غير لما تاكل  ، إنت ماكلتش حاجة من إمبارح  ؟  



أجابها بصدق  : 



- شربت قهوة  . 



زفرت بضيق وشعرت بالذنب يأكلها تجاهه فكان يجب عليها أن تطعمه قبل أن تذهب إلى العمل لذا أردفت بنبرة حنونة  : 



- طيب أنا مش هتأخر  . 



- تمام  . 



أغلقت معه وعادت تحضر الطعام بينما هو جالس في غرفته يتصفح هاتفه ويجري اتصالاته الهامة وعقله منشغلٌ في شيءٍ هام وهو رد فعل مارتينا التي من المؤكد رأت ما حدث  . 



❈-❈-❈



جلست تتآكل كرهًا وغضبًا وتتحدث عبر الهاتف مع رجلها الذي ولته مهمة قتل ديما  ،  لن تتركها على قيد الحياة  ، ستتخلص منها كما فعلت مع غيرها وستفعلها قبل أن يعود لعمله  . 



بعدما رأت نظراتها نحوه ستتخلص منها كما تفعل دومًا  ،  تلك المصرية المحجبة خطرًا عليها وهو خدعها  ،  ذريعته كانت سُمعته واسمه  . 



حسنًا ستتخلص منها بطريقة أخرى لذا أردفت  : 



- فقط انتظر الوقت المناسب وتسلل إلى بيتها  ، اقتلها واسرق بعض الأغراض وغادر على الفور  . 



نطق الرجل متسائلًا  : 



- هل تضع جهاز إنذار  ؟ 



اغتاظت وتملكها الجنون لتجيبه معنفة وهي تنتفض : 



- افترض أنها تضع وتصرف على هذا النحو  ،  إياك أن تخطئ وإلا أنا من سأقضي عليك  ،  هيا سأنتظر منك اتصالًا سعيدًا  . 



أغلقت معه وجلست على طرف الفراش تهز ساقيها بانفعال لثوانٍ قبل أن تبتسم ثم تضحك بشرٍ وتهس قائلة بثقة  : 



- لن تكون مع غيري ثائر  ،  أعدك أنك ستعيدني في أقرب وقت  ، لن تذهب كل محاولاتي سدا .




وصلت أمام منزله وطرقت الباب تنتظر ظهوره  ،  تعلم أنه لن يفتح سريعًا نسبة لتألمه لذا انتظرته قليلًا حتى فتح لها يطالعها بتمعن ثم نظر لما في يدها وهي تناوله إياه مردفة  : 



- اتفضل  ،  لسة سخن يعني كُل علطول  . 



تناوله منها وتأملها  ،  ود لو سحبها من يدها لتدخل في بيته  ،  بيته الدافئ المكون من ضلوعه وخلفهما قلبًا مرحبًا ينبض باسمها ولكنه ابتسم بهدوء يجيبها بثبات  : 



- تسلم إيدك  . 



نظرت لجسده وتساءلت باهتمام نبع من داخلها  : 



- أحسن دلوقتي  ؟ 



انكمشت ملامحه يجيبها بخبث  : 



- شوية  ،  ماتقلقيش هبقى كويس  ،  تحبي تدخلي  ؟ 



أجابته بجدية  : 



- أكيد لاء  ،  عن اذنك لو احتجت حاجة كلمني . 



أومأ بتفهم وودعته وعادت منزلها ودلف بيته يتناول طعامها اللذيذ حتمًا  



❈-❈-❈



في اليوم التالي 



الثالثة صباحًا بعدما وضعت الخطة حول المكان وجرى تنفيذها . 



كانت تنام متلحفة بغطائها الوثير الذي لم يمنع عنها الصقيع  ،  لسعة بردٍ تخترق الأقمشة وتضرب جسدها لذا باتت تتململ في نومها قبل أن تستمع لصوتٍ مفاجئ يأتي من الخارج ففتحت عينيها بتعجب حيث لم تنم بعمق بعد  . 



ولت تركيزها على الصوت الذي تكرر لذا قررت النهوض ورؤية ماذا يحدث في الخارج بالرغم من الرعب الذي تفشى في قلبها وسرى في جسدها . 



نهضت ثم التقطت مئزرها وارتدته وتوجهت خارج الغرفة تتكتف وتنظر بتوتر باحثة عن مصدر الصوت  ،  تحركت خطوة  ،  اثنتان  ،  ثلاث حتى وقفت في المنتصف تجحظ بصدمة حينما ظهر أمامها رجلًا مقنعًا خرج للتو من مطبخها  . 



شُل عقلها وهي تراه يُخرج سكينًا ويتمسك بها ونظراته الباحثة عنها تؤكد لها أنه سيقتلها لا محالة  ،  لم تتحرك إنشاً وانعقد لسانها وفجأة هجم على عقلها طفليها وتمنت لو تراهما الآن أو يكون ما تراه أمامها مجرد كابوس  . 



وقعت عيناه عليها فتوقف لثوانٍ ثم تحرك نحوها بحركة ضخت الأدرينالين في جسدها وجعلتها تلتفت تنوي الركض من أمامه ولكنها عادت تتجمد مكانها حينما ظهر ثائر من أعلى الدرج ينزل راكضًا كمن يلحق بقطار عمره قبل أن يفوته  . 



لم تعد تستوعب أي شيء بعد ذلك بل وقفت تنظر لما يحدث من عراك حيث لحق ثائر بالمقنع الذي تفاجأ به مثلها وحاول مهاجمته ولكن الآخر كان يعميه الغضب وتتملكه قوة الدفاع عنها متناسيًا أي ألم كان يسكنه بل أنه قتل الألم وبات فقط يسدد له اللكمات فوقعت السكين  ، استمر في لكمه دون رحمة أو توقف ولم يترك فرصة للآخر أن يجابهه حتى فقد وعيه وسقط أرضًا فلم يتوقف بل استمر في ركله في أنحاءٍ متفرقة وهو يزأر حتى تأكد من إغمائه أو موته لا يهم بعد الآن  . 



التفت يتنفس بقوة وهدر   ،  يواجهها فوجدها تحدق به وتقف كمن دخلت حلمًا في ساعة العصر  ،  من هذا ومن أين ظهر وماذا حدث  ؟ 



التفتت تنظر للدرج الذي نزل من خلاله بعدم استيعاب ثم عادت إليه وتساءلت وهي على وشك الجنون ورأسها يذهب ويعود بذهول وخوفٍ سافر  : 



- أنا بحلم صح  ؟ 



تنفس وتفهم ما تمر به  لذا تحرك نحو غرفتها يلتقط معطفها وحجابها وحقيبة يدها ثم نزع حقيبة أخرى يضع بها بعض ملابسها بحركة سريعة وأغلقها وحملهما ثم خرج من الغرفة يتجه نحو باب المنزل يفتح قفله ثم عاد إليها يمد يده ليسحبها معه نحو الدرج ويردف بنبرة آمرة حادة من شدة غضبه  : 



- إحنا لازم نمشي من هنا حالًا  . 



سحبها فتحركت معه خطوة قبل أن تنفض يدها منه وتتساءل بعيون متسعة   : 



- نمشي فين ؟ أنا عايزة أفهم  ،  أنا أكيد مش في وعيي  ،  أكيد بحلم  . 



ستجن  ،  هذا ما شعرت به  ، إنها ستفقد عقلها لذا وقف أمامها وتحدث وعينيه مصوبة على عينيها ضاغطًا على أحرفه  : 



- لازم  نمشي من هنا حالًا وهفهمك كل حاجة  . 



نظرت لعمق عينيه ثم انحرف نظرها نحو ذلك الملقي أرضًا لتعود إليه ولا تعلم كم عدد المرات التي وثقت به فيها ولكن عقلها الآن عاجز عن تصديق ما حدث  ، ناولها معطفها وحجابها قائلًا  : 



- البسي دول  . 



تناولتهما منه وأدركت أنها الآن تقف أمامه من دون حجاب لذا أسرعت ترتديه ولفت الحجاب حول رأسها وتحركت معه نحو الدرج حتى صعدا للطابق العلوي لتجده يأخذها نحو غرفة ما  ،  المكان هنا منظم كثيرًا وليس مخيفًا على عكس ما توقعت ولكن عقلها كان مشغولًا بشيءٍ واحد فقط كيف حدث ذلك؟ 



دلفا الغرفة واتجه لخزانة خشبية تحتل الحائط بالكامل وفتح إحدى ضلفها يزيح الملابس منها ويفتح بابًا فيها ليعبر إلى بابٍ آخر وتظهر غرفة أخرى وخزانة أخرى خرجا منها للتو  . 



توالت الصدمات عليها ونظرت له بذهول وهو يعيد إغلاقه لتردف بعدما اكتشفت أنها الآن في منزله : 



- إنت عامل باب سري  ؟  إنت كنت عايش معايا  ؟ 



تنهد بضيق واتجه يجلسها على فراشه فأبعدت يدها عنه تردف بدموع بعدما بدأت تدرك ما يحدث حولها  : 



- ابعد عني  . 



تفهّم ما يحدث معها فابتعد يتنفس بضيق وبدأت تبكي أمامه  ، كل ما حدث ليس كابوسًا بل حقيقة  ،  لقد خدعها  ،  جاء بها إلى هذا البيت تحديدًا لأنه يقطن معها  ،  هل عبر إليها من قبل أثناء نومها  ؟  ما هذا الذي تعيشه وتراه  ؟  هل تسلل إليها قاتل كان ينوي قتلها  ؟  



زاد بكاؤها ليشعر بالاختناق لذا أردف  : 



- ديما اهدي  ،  صدقيني مش هسمح لأي حد يأذيكي  . 



صاحت موبخة إياه وهي تقف وتطالعه باستنكار   : 



- كفاية بقى  ،  من يوم ما جيبتني هنا وأنا عمالة اتعرض لحاجات غريبة وكل شوية مش هسمح ومش هقبل  ،  كفاية أنا عايزة أرجع بلدي  ،  أنا مش هستنى هنا يوم واحد بعد كدة  . 



مسح على وجهه يحاول أن يتحلى بالثبات ولكن مشاعره مبعثرة لأجل حزنها لذا أردف  : 



- أنا آسف  . 



عادت ترتد على الفراش وحاولت أن تهدأ وتفكر بتروٍ ولكن عقلها يدور في متاهة لا سبيل للخروج منها ،  هذه الأحداث كثيرة جدًا عليها وفوق استيعابها ولكنها حقيقة لذا ستحاول أن تهدأ فالتسرع ليس من مصلحتها   . 



نظر في ساعة يده ثم عاد إليها يردف بترقب  : 



- ديما خلينا نمشي من هنا وهفهمك كل حاجة  ،  صدقيني عملت كل ده علشان حمايتك  . 



لم تجبه بل مسحت على وجهها تكفكف دموعها ثم نهضت تمعن النظر فيه وتجيبه  : 



- تمام هسمعك  ، فيه حاجة ناقصة إنت مخبيها عني   ،  بس بعدها هرجع مصر  ،  مش هبقى هنا بعد كل اللي حصل  ده  . 



أومأ يستطرد  : 



- تمام  . 



وقفت تطالعه وهو يتحرك نحو خزانته وينزع منها بعض الملابس ثم استل حقيبته ووضعهم فيها يغلقها ثم اتجه يرتدي معطفه ثم وضع أغراضه الشخصية في حقيبة جلدية صغيرة وقال مشيرًا لها أن تتبعه وهو يحمل هذه الأغراض  : 



- يالا  . 



أطاعته بعجزٍ جعلها ترضخ له وبمشاعر داخلية تجبرها على الوثوق به  ، خرجا سويًا من باب منزله حيث تصطف سيارته فركباها واتجه يقود وانطلق نحو وجهته إلى قرية جيفرني وهو يهاتف الشرطة ويخبرها باللص الذي هجم على منزلها  . 



❈-❈-❈



بعد وقتٍ  . 



توقف أمام منزل كبير في منطقة ريفية  ،  زفر والتفت يطالعها فوجدها تستند على ركن السيارة وتغمض عينيها فنداها بهدوء  : 



- ديما  . 



فتحت عينيها والتفتت تنظر حولها لترى المنزل وتتعجب لذا عادت إليه تسأله  : 



- بيت مين ده  ؟  



أجابها بوضوح  : 



-  ده بيت صديق ليا  ،  المكان هنا أمان  ،  هنقعد هنا كام يوم وبعدها هنسافر دبي نحضر مناظرة مهمة هناك  وبعدها هترجعي مصر  . 



جلست تطالعه لهنيهة ثم تساءلت بقلبٍ مترقب قلق  : 



- وانت  ؟ 



تمعن فيها  ،  هي تحبه وهذا الشيء لا تستطيع عينيها إنكاره  ،  تعاني من صراع داخلها تسبب هو به ولكنها تخشى اتخاذ قرار يؤلمها ويظلمها ويظلم طفليها  ،  ما زالت بحاجة إلى أمان  ،  إلى ثقة واطمئنان وكل ما رأته معه حياة غير آمنة لذا حتى وإن شعرت نحوه بمشاعر جديدة عليها إلا أن عقلها يجبرها أن تتروى  ،  هناك أشياء أثمن من الحب  ، أغلى من المشاعر التي تسكن فؤادها  ،  هناك شعور أهم  ،  الآمان  . 



سألها بوضوح بعدما تأكد من حبها له  : 



- إنتِ خايفة مني  ؟ 



ليتها توميء له ولكن كيف تومئ وتؤكد على شعور ينافي تمامًا ما تشعر به حينما تكون معه لذا أجابته بصدق  : 



- لاء  ،  مش خايفة منك بس إنت دخلتني عالم مش بتاعي  ،  أنت دخلتني ساحة حرب وسط أعداء كتير أنا ماعرفهمش وأنا مافيش في إيدي سلاح غيرك  . 



شعور مفاجئ اجتاحه يلزمه باحتوائها الآن ولكنه تمالك نفسه عن فعل ما يرغب بشدة وبدلًا عن احتضانها قرر احتوائها بالكلمات فأردف  : 



- ساحة الحرب دي هتتحول لمقبرة لأي حد يحاول يقرب منك  ،  معاكِ حق أنا جبتك عالم مش شبهك بس إنتِ غير أي واحدة عادية  ،  أنا دخلتك العالم بتاعي لإني محتاجك في حياتي  ،  بعد ما قرأت قصتك وعرفت كل اللي مريتي بيه حسيت إن إنتِ الوحيدة اللي ممكن تنقذني من الوحدة والغربة اللي كنت غرقان فيهم  ،  ماعتقدش هلاقي واحدة في قوتك ومش عايز ألاقي   . 



وجدها ساكنة تخترق كلماته عقلها ليتابع بنبرة هائمة وعينين سابحتين في فلك عينيها  : 



- إنتِ بالنسبالي الوطن اللي أنا اتحرمت منه يا ديما  ،  الوطن اللي نفسي أترمي في حضنه  ،  كل الغموض والقوة والشهرة اللي في حياتي دي ناقصها حاجة واحدة بس ومش موجودة غير عندك إنتِ وأنا محتاجها جدًا في حياتي  . 



ترقبت ما سيقوله لذا تنفس بقوة وأردف بمغزى  : 



- السلام  ،   السلام يا امرأة السلام  . 



اجتياح قوي هجم على قلبها  ،  لم يعد لديها شك أن ما تشعر به تجاهه هو الحب  ،  ولكن الخوف في عينيها لم يزُل والصراع داخلها مازال قائمًا لذا أردفت  : 



- بس أنا ماذكرتش في كتابي إني بخاف  ،  أنا أخفيت الإحساس ده عن القارئ  ،  أنا مريت بتجربة قرائتها سهلة لكن إحساسها محدش هيعيشه مكاني  ،  أنا كمان زيك بدور عن السلام  ،  استكفيت حروب مع نفسي وتحامل على طاقتي  ،  أنا محتاجة حد يطمني والأهم مني يطمن ولادي قبلي  ،  محتاجة أب كويس ليهم  ،  محتاجة حد يفرح قلبي فيهم  ،  محتاجة حد ينزع منهم كل لحظة خوف وتعب وقلق شافوها  . 



هزت رأسها تتابع بخوفٍ وهي تسبح في بحر عينيه  : 



- صعب جدًا إن ماكنش مستحيل إن ألاقي الحد ده  ،  علشان كدة أنا مش هينفع أدخلك حياتي  ،  إنت عايز مني حاجة أنا أصلًا بدور عليها  . 



لم يكن يسعى ليخبرها بمَ لديه ولكن هذه فرصته الأخيرة لذا زفر بقوة وأمسك بهاتفه يطلب رقم أحدهم وينتظر إجابته فأجاب الآخر بعد وقتٍ يردف بنعاس  : 



- سامعك يا ثائر باشا  . 



التفت ثائر ينظر لها وهي تستمع ثم تساءل وهو يشغل مكبر الصوت  : 



- معلش يا حسن صحيتك بس قولي الولاد أخبارهم إيه النهاردة  . 



تحدث حسن يوضح بجدية  : 



- ماتقلقش يا أستاذ ثائر أنا عيني مش بتفارقهم غير لما بوصلهم البيت  ،  مالك النهاردة زميله وقعه من على الألعاب بس الموضوع اتحل وهو كويس جدًا واتكلمت مع مديرة المدرسة تاخد بالها عليهم ووصلته البيت هو واخته والصبح إن شاء الله هروح أخدهم  . 



ذُهلت وهي تستمع إلى صوت حسن سائق الباص الخاص بصغيريها  ،  نعم إنه هو  ،  وبالفعل أخبرها صغيرها بما حدث معه اليوم  . 



زفر ثائر واستطرد بهدوء  : 



- تمام يا حسن  ،  خد بالك منهم كويس  وأهم حاجة أوعى حد يزعلهم  . 



- ماتقلقش من الناحية دي يا أستاذ ثائر  . 



أغلق معه وزفر يتحدث دون النظر إليها ودون محاولة لإظهار أي التباهي  : 



- إنتِ ماكتبتيش في قصتك إنك بتخافي بس أنا قرأت ده كويس جدًا  ،  أنا عايز أكون أب لاولادك  ،  عايز أعوضهم وعايز أفرحهم ومستني أرجع مصر في أقرب وقت علشان اتعرف عليهم   . 



التفت لها ليجدها تتأمله كليًا بعدم تصديق فاسترسل  : 



- أنا كمان عندي ابني اللي بحبه أكتر من أي حاجة في الدنيا وظلمته باختياري لوالدته  ،  هو كمان زيي محتاج أم تحبه وتصاحبه وتخاف عليه  ،  المعادلة محلولة يا ديما بس إنتِ اللي جبانة  . 



شيد لها بروجًا من السعادة في مدينتها المهجورة  ،  الآن تراه بعينٍ أخرى  ،  ترى حبه وترى كيف يكون حب الرجل لامرأة  ،  ترى ما ظنت أنه يستحيل أن تعيشه  . 



صمتت ولم تعد تعرف بماذا تجيبه وعم التوتر داخلها فباتت تشعر بالخجل من الإفصاح عما يسكنها لذا التفتت تنظر نحو البيت وتنهدت تنهيدة عميقة ثم تذكرت ما حدث الليلة معها كأنها تتخذه مهربًا لذا عادت إليه وتساءلت  : 



- طيب ممكن تقولي مين الشخص اللي دخل بيتي ده  ؟  وإزاي عرفت أنه دخل أصلًا لإنك جيت بسرعة جدًا  . 



تأملها لثوانٍ يخبرها بعينيه أنه يدرك هروبها ولكنه سيجيبها لذا عاد يعبث بهاتفه وهو يبحث عما يريد ولكنه أجابها عن سؤالها الأول بخداع  : 



- مين ده هنعرف الصبح بس واضح إنها محاولة سرقة ودي مش أول مرة تتكرر في المنطقة علشان كدة ركبتلك جهاز أمان قبل ما تيجي  . 



تنفس بعمق وناولها هاتفه يسترسل بترقب منتظرًا ردة فعلها التي ستأسره  : 



- أما عرفت إزاي فعرفت كدة  . 



قالها يشير على ما يعرض حيث تظهر أمامها صالتها بوضوح تام  ،  كاميرا تراقب كل شيء لدرجة أنها رأت بقعة دماء على الأرضية الخشبية عائدة لللص الذي لم يعد له وجود بعدما تم القبض عليه منذ قليل . 



التفتت تباغته بنظرة جاحظة وتساءلت بشهقة اخترقت صدرها : 



- إنت كنت بتراقبني  ؟  طول الفترة دي كلها وإنت شايفني  ؟ 



أراد أن يصحح مفهومها لذا أردف موضحًا  : 



- بأمنك مش براقبك  ،  أنا أخلاقي مش منحرفة للدرجادي  . 



صمتت تحدق به وتفشى الخجل على ملامحها لذا ابتلعت لعابها وتساءلت بشكٍ لتطمئن  : 



- يعني ماكنتش بتشغلها  ؟ 



هز كتفيه وأجابها بخبث يسكن المرح جدرانه  : 



- ممكن لو حبيت أطمن عليكِ أبص بصة صغيرة كدة واقفله تاني علطول  ،  زي مثلًا النهاردة لما رجعتي من المجلة وأخدتي شاور وبعدين روحتي المطبخ تعمليلي الأكل  . 



شهقت ووضعت كفها على فمها وتوردت وجنتيها خجلًا ليتابع بغمزة عاشقة  : 



- القميص الأورنج اللي كنتِ لابساه كان لايق عليكِ جدًا  . 



انسحبت الدماء من وجهها وشحبت ملامحها بخجلٍ حاد ليتابع  : 



- بصراحة يا ديما بعد الحاجات اللي شوفتها إحنا لازم نتجوز  . 



لم تعد تحتمل ما تسمعه لذا أسرعت تفتح باب السيارة وتترجل وتتجه نحو باب البيت لتطرقه وتلجأ لأناس لا تعرفهم ولكن يكفي أن تهرب من هذا الموقف برمته  . 



أما هو زفر بقوة وابتسم يشعر أنها لم تعد بعيدة عنه  ،  لم تعد بعيدة على الإطلاق ،  ترجل هو الآخر واتجه يحضر أغراضهما وقرر اللحاق بها  .

يتبع...

تكملة الرواية من هنااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


 

تعليقات

التنقل السريع