القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية الهجينة عروس الالفا الجزء الثاني البارت 58-59بقلم ماهي احمد

 رواية الهجينة عروس الالفا الجزء الثاني البارت 58-59بقلم ماهي احمد 





رواية الهجينة عروس الالفا الجزء الثاني البارت 58-59بقلم ماهي احمد 


الهجينه [اعتراف]

الجزء التامن والخمسون

البيدچ الجديده روايات بقلم ماهي احمد

بقلمي ماهي احمد 


قبل بدايه البارت حابه اقول حاجه لو تسمحولي حابه اشكر كل بنوته دورت عليا بعد ما صفحتي الكبيره والاكونت الشخصي بتاعي اتقفل بسبب كلامي عن القضيه الفلسطينيه  حابه اقولهم شكراً من قلبي بجد وانكم لسه مستنيين الروايه لحد دلوقتي وان شاء الله مافيش انقطاع تاني وتخلص على طول شكراً لكل جميله مازهقتش ومستنيه بس حقيقي انا كنت في حاله نفسيه سيئه جداً بعد ما شعرت بأن كل احلامي  اتهدت بعد ما فضلت ابني فيها اربع سنين  ، بس اخيراً قومت ووقفت على رجلي من جديد  وفتحت صفحه جديده اسمها "روايات بقلم ماهي احمد" مجرد ماتعملي عليها سيرش على الفيس بوك هتلاقيها وجروب متواضع كده سميته

" حكايه من البدايه " اتمنى مشاركتك فيه بينزل فيه  ميمز لابن الصاوي وابطال الهجينه ونضحك ونهزر سوا ومش مقتصر بس على رواياتي لاء كمان اللي حابب يروج لرواياته يشرفني في جروبي هحطلكم اللينكات في الصفحه من بره لأن للأسف هنا مش بيفتح لينكات ، اسمحولي افكركم بأخر الاحداث عشان اللي نسيها 


• شمس اتضربت بالنار والسبب مشيره 

•ياسين عرف ان عمار ميت وطلع مشيره بره حياته 

•زهره اتفقت مع ياسين انه يبعد عن شمس

•ياسين اتقبض عليه بتهمه قتل فريد 


يلا نبدأ صلوا على اللي هيشفع فينا ياحبايبي 


-------------------(بقلمي ماهي احمد)-------------


”وما حاجتي بـ العينين والقلب يُنار بـ صدق حبه "


مشهد مهيب لأول مره منذ فتره يتجمع الناس في الساحه أمام منزل " ال صاوي" والسبب هو لقدوم الشرطه الى منزل كبيرهم 


كان أخر ما وصل الى مسامع "شمس" نبرته الصادقه يخبرها بعينين بان بهما الصدق : 


_ماقتلـ ـتوش 


طالعته وقد هوى ثباتها أرضاً وحل محله أرتباكها ، وقد شحب وجهها واعتلت الصدمه ملامحها حين رأته مكبل بالأصفاد دون مقاومه منه مستسلم استسلام تام يطالعها بعيون بان بهما صدق حديثه ، وقبل أن تنطق جذبه الشرطي خلفه من مرفقه تراهُ يرحل امام ناظريها حاولت الركض خلف السياره حاولت اللحاق بهِ ولكنها لم تلحق حيث يد" زهره" التي جذبتها من معصمها قائله :


_رايحه فين  يا "شمس" أنتِ كمان عايزه تلفي وراه في الاقسام 


_سبيني ياماما عشان خاطري سبيني 


قالت جملتها بعيون راجيه تحاول  تحرير يدها ولكن منعتها يد "زهره" التي قالت :


_ده على جثتي لو سيبتك تروحي وراه انا قولتلك الف مره "ياسين" مش هيتغير وعمر الخير ما هييجي من وراه أبداً ماصدقتنيش ولا سمعتي كلامي اهوه اديه قـ ـتل فريد ومش بعيد يكون شرب من د مـه 


قالت جملتها تحت أنظار  اهل القريه جميعاً تلتقط اذانهم ماتنطق بهِ فحديثها دلاله على فعلته تعالت الهمسات من حولهم فطالع "الطبيب" الجميع من اهل القريه يتهامسون ولم ينتظر بل صوب سهام كلماته وهو يقول :


_قبل ما تنطقي وتفتحي بوقك يازهره احسبي كل كلمه بتقوليها الاول والزمي حدودك 


ثم أشار بعينيه لـ"شمس" مسترسلاً :


_ادخلي جوه ياشمس ماينفعش تيجي معانا القسم

انا هاروح انا وبربروس وهنطمنك بالتليفون ماتقلقيش اكيد في حاجه غلط 


_ايوه بس انا لازم 


قطع حديثها "يزن" عند وصوله بسيارته امامهما يجلس خلف المقود وبدأ بقول :


_يلا ياعلي ، اطلع يابربروس مافيش وقت 


حاولت "شمس" الصعود ولكن حذرها  "الطبيب" بنظراته قبل حديثه :


_قولتلك مش هينفع تيجي معانا 


صعدا كلاهما الى السياره تراهم يرحلون تحت ناظريها توجهت تلقائياً ناحيه غرفته الغرفه التي اعتاد الجلوس بها بمفرده هرول الجميع من خلفها

ولكنها قامت بصفع الباب بوجه الجميع وما اغلقت الباب عليها حتى اشتمت رائحته بها   ، هوت على الارضيه وانخرطت فى نوبه بكاء عميقه سمعت دقات على باب الغرفه صرخت وكانت نبرتها الباكيه هي الأقوى :


_مش عايزه اشوف حد سيبوني لوحدي 


_افتحي يا "شمس "أنا "ساره" 


زادت شهقاتها وهي تقول : 


_ارجوكي سبيني ياساره دلوقتي عايزه ابقى لوحدي 


علا صوت "زهره"بالخارج والجميع يحاوطها تلبي رغبتها بقول :


_سبيها ياساره خليها تفكر مع نفسها شويه وتعرف ان دم  "فريد" اللي راح ده في رقبتها مش في رقبه غيرها 


ردت "مارال" بحده :


_مين قالك ياطنط "زهيه" ان ياسين هو اللي 

قتـ ـله احنا لسه مانعيفش حاجه 


نطقت تؤكد على ما قالته وهي تصرح بصدق :


_أنا متأكده ان هو اللي قتـ ـله وشرب من د مـ ـه كمان 


تسارعت أنفاس "شمس" تقترب من الباب تريد سماع المزيد وتابعت "زهره" بحديثها تسرد لهم بصدق ما حدث:


_رجعت امبارح البيت بالليل  بعد ما سيبت "شمس" في الكوخ لاقيته دخل اوضته بسرعه وكان قميصه عليه بقع د م الباب كان مفتوح وشوفته وهو بيقلع قميصه الأبيض واول ما شافني قفل الباب في وشي ولو أنتِ سمعاني 

يا "شمس" دوري في اوضته اللي انتِ فيها دلوقتي هتلاقي قميصه اللي لسه مليان بالدم جوه الأوضه مكنتش اعرف ده دم مين بس دلوقتي عرفت انه دم "فريد" 


دارت بعينيها بالغرفه تبحث عن قميصه الأبيض ، فتشت بكل مكان  ، اقتربت من الخزانه تبحث بين قمصانه بعشوائيه تلقي كل ما يقابلها من ملابس على الأرضيه حتى وجدت قميصه الأبيض من بينهم ملطخ بالدماء ، اتقدت عيناها بغضـ ـب ودت لو صبته بأكمله عليه ، خانتها قدماها ومازالت  ممسكه بقميصه تصب كامل غضبها بأزاحه الطاوله المقابله بقوه سمع الجميع الصوت بالخارج 

وشرعت "مارال" بقول :


_شمس أنتِ كويسه ايه صوت التكسيي اللي عندك ده ؟


من جديد لا رد وقامت "زهره" بالرد بدلاً عنها :


_طالما ساكته وبتكسري اي حاجه قدامك يابنت بطني يبقى كلامي طلع صح ولاقيتي قميصه


كتمت "شمس" صوت البكاء بالأجبار ، على الرغم أن اخر شىء تريد سماعه هو نبرة "زهره" الشامته ولم تصمت بل اكملت بقول :


ياما حذرتك منه وقولتلك مش هيتغير ماصدقتنيش وفي الاخر طلعت انا صح وانتِ الغلط ، كلكم غلطتوني وكلكم وقفتوا ضدي وقلتولي انه اتغير مع ان اللي في داء مابيبطلوش


ترغب في الرد وبشده ، تتمنى ان تدافع باستماته ولكن كل شىءً ضده ولم تستطع تكذيبها حتى بينها وبين نفسها وقد امسكت بقميصه الملطخ بدماء غيره اقتربت "زهره" من الباب المغلق سائله: 


_ساكته ليه ما تتكلمي ياشمس طلعت انا الصح ولا لاء يابنت المهدي 


حديث العبرات اقوى من أي حديث في هذه اللحظه دموعها تتحدث بدلاً عنها ، وزادت "زهره" بالضغط عليها حين قالت :


_أنتِ لازم تطلقي منه في اسرع وقت وانا هعرف اخليه يطلقك ازاي حجته انك تبقي مراته عشان يحميكي من فريد اللي مكنتش شايفه اي ضرر منه واهو فريد مات مالهوش حجه تاني خلاص اقتربت من الباب اكثر  تقبض بكفها على المقبض تحاول فتحه عنوه :


_افتحي الباب ياشمس بقولك 


من جديد لا رد ، لم تفتح الباب وقطع حديثها دخول  "الخاله" أتيه برفقه "حسان " وقد عادت من سفرها المفاجىء ولم تخبر احد بمكانها سائله : 


_في ايه ياولاد ، حصل ايه وايه اللمه اللي بره دي 


ابتلعت "مارال " غصه مريره بحلقها وهي تصرح :


_ اهدي ، ياخاله وايتاحي  وخدي نفسك أنتِ جايه من سفي


رفضت "الخاله" وبشده وأثرت على قول :


_ والراحه هتيجي منين والخلق ملمومه حوالين بيت الصاوي وانا زي الاطرش في الزفه معرفش شىء 


قاطعتها "زهره" بقول :


_تعالي ياخاله معايا انا هعرفك كل حاجه 


----------------(بقلمي ماهي احمد )-----------------


جالسه بمفردها بغرفتها تأبى النزول على الرغم بمعرفتها بالقبض على "ياسين " ولكنها احكمت اغلاق غرفتها جالسه بمنتصف فراشها تقضم أظافرها بتوتر رن هاتفها للمره التى سئمت من عدها رأت اسم  المتصل  لتجده "بدر " فقامت بأغلاقه كالعاده حتى سمعت صوتاً هامساً  خارج نافذتها تحركت بحذر بعدما قبضت حاجبيها وما ان اقتربت حتى وجدته "بدر" يتسلق الجدران من أجلها قامت بفتح النافذه سريعاً تدور بعينيها في المكان حتى لا يراهُ أحد أخبرته "غدير" بارتباك :


_بدر ،  أنتَ أتجننت  ايه اللي جابك هنا يامجنون 


دارت بعينيها بالخارج فأكملت :


_وكمان في وسط النهار مش خايف لا حد يشوفك  


لم ينتظر حتى تعطيه فرصه للدخول دخل بالفعل عبر  النافذه يرد على سؤالها بقول :


_ ابقى كداب لو قولتلك مش خايف ، بس خوفي عليكي كان أكبر


طالعته باستغراب فهز رأسه يؤكد على حديثه بنبره حانيه بان بها صدقه :


_أه والله العظيم خوفي عليكي كان أكبر 


اقترب منها خطوه ولمعت عيناها بالعبرات فاكمل هو :


_ بقالك اكتر من أسبوع مابترديش على تليفوناتي ، كل يوم بعدي من تحت شباك اوضتك في الفجريه زي كل مره بس مابشوفكيش ،  نور أوضتك دايماً مطفي ومابتظهريش ، حتى مع اللمه والهيصه اللي حصلت تحت  ،  القريه كلها اتجمعت تحت بيتكم قولت اكيد هشوفك في وسط اهلك بس برضوا مالقتكيش  ، مكانش قدامي حل اني اشوفك واطمن عليكي غير اني اطلع على العواميد وابقى زي الحراميه بس عشان اطمن عليكي 


لم تعرف ماذا تقول أعطته ظهرها وهي تنظر الى الأرضيه تتحرك خطوه للأمام ، اتى خلفها سائلاً :


_للدرجه دي مش عايزه تشوفيني ، شوفتي بقت تقيله على قلبك 


هزت رأسها نافيه تتسارع انفاسها تخبره بارتباك :


_المشكله أني عايزه اشوفك 


اقترب منها يقف أمامها سائلاً بلهفه :


_وايه اللي منعك ياغدير ، احكيلي 


نطقت بقهر من بين دموعها :


_المشكله اني مش عارفه احكي ايه


حثها هو بلين :


_قولي اللي في بالك وشاغل تفكيرك 


ظلت" غدير "صامته لثواني قبل ان تقول بألم داخلي كاد ان  يفتك بها:


_احساسى بالذنب مموتني  ، حاسه اني ارتكبت ذنب كبير ، وكل يوم بلوم نفسي عليه لدرجه اني كل يوم بحلم اني بقول لياسين وياسين عارف باللي عملته ، بتخيل انه عارف اني حاكيتلك عشان اريح ضميري ، انا مش عارفه انام يابدر مش قادره انام ، خايفه لا سره يطلع بره في يوم ،  حتى لما عرفت ان البوليس قبض عليه كنت عايزه انزل عايزه اعرف في ايه بس ماقدرتش انزله ، ماقدرتش ابص في وشه واقف جنبه ما انا كمان قتلته ، قتلته لما حاكيتلك سره 


شعورها مر كمراره العلقم وشعر هو بذلك 

وأدرك بأنها  تسببت بكارثه ما فقط لأخباره لا يستطيع لومها بل عذرها حين قال :


_عندك حق تخافي ، مع أني وعدتك قبل كده أني مش هقول لحد وأنتِ ماصدقتنيش بس هسيب الأيام تثبتلك أني قد ثقتك ياغدير ، بس عايزك تعرفي حاجه واحده بس أنا لو كنت عايز اغدر بيكي كنت غدرت من وقت ما حاكتيلي بس يعلم ربنا اللي في قلبي أن نيتي من ناحيتك خير 


نبرته في جملته هذه تحديداً هزتها وردت هي عليه ودموعها تتسابق:


_اللي خلاني احكيلك من الأول اني وثقت فيك وحسيت معاك براحه ماحستهاش مع حد في يوم 

بس احساس الذنب اني حاكيتلك حاجه عن غيري مش من حقي احكيها هو اللي مخليني 


أوقف حديثه حين وضع سبابته على فمها وتلاحمت اعينهم بلطف ناطقاً:


_اعتبري أنك ماحكتيش ، وانا ماسمعتش ، انا مش عايز اعرف حاجه عن ياسين ولا عن الخاله ولا عن اي حد انا عايز اعرف كل حاجه عن غدير  ، البنت اللي اول مره شوفتها خبطت فيا بعجلتها ومن يومها وانا مش عارف انساها ولا عارف انسى رقتها وبرائتها 


استطاع بجملته الأخيره سلب ضحكه منها :


_اخيراً ابتسمتي ، كفايه عليا ابتسامتك دي هتخليني مبسوط سنه قدام 


كانت نبرته لينه وهو يطلب منها بابتسامه :


_ممكن ماتعيطيش تاني بقى وانسي الموضوع ده خالص 


لم ترفض هذه المره هزت رأسها بابتسامه قائله :


_أنتَ ازاي كويس اوي كده ، مكنتش اعرف ان حظي حلو كده عشان عرفتك في يوم


تهكمت تفاصيله ببطىء وانمحت البسمه من على وجهه بقول :


_أنا مش كويس زي ما أنتِ فاكره كلنا عندنا عيوب 


اخبرته "غدير" سريعاً:


_ أنتَ صح ، كلنا عندنا عيوب احنا مش ملايكه بس عيوب عن عيوب تفرق 


جلس على المقعد خلفه ووضع رأسه بين كفيه ، حركته هذه اربكتها ، جلست القرفصاء تحاوط كف يده ورأت عبوس وجهه سائله:


_مالك يابدر ، اتغيرت مره واحده كده ليه ؟


حاول في بادىء الامر أن ينكر ما بداخله ولكن بعد محاولاتها قرر أن يخبرها بما يحمله قائلاً:


_لو حد غلط غلطه كبيره قبل ما يشوف حد  ويعرفه ، وجه بعد كده لما عرف الانسان ده اتغير واعترفله بذنب عمله قبل ما يعرفه تفتكري اللي اعترفله ده هيسامحه 


وأتاه الرد بلين :


_والله على حسب اللي قدامه متسامح ولا لاء وياترى الغلطه اللي عملها دي كبيره ولا صغيره يعني هيقدر يسامحه فعلاً ولا لاء 


جاوبها متمنياً :


_انا بتمنى أنها تسامحه 


بدر أنا مش فاهمه حاجه 


حدثها "بدر"يطلب برجاء: 


_غدير انا عايزك تسمعيني للأخر وبعد كده اعملي اللي أنتِ عايزاه 


تسلل القلق اليها ، هزت رأسها بالموافقه وهي تحتضن عينيه تنصت اليه باهتمام  :


_غدير انا هحكيلك على كل حاجه 


وقبل ان ينطق وضعت سبابتها على فمه حين سمعت صوت الباب يفتح :


_هوووش ما تتكلمش خالص 


أشار برأسه بالموافقه ، فسمعت صوت "حسان" بالخارج : 


_ غدير ، أنتِ لسه قافله على نفسك بالمفتاح من ساعتها ،  افتحي الباب 


ابتلعت غصه مريره بحلقها تأمره بالرحيل ولكنه اصر بقول :


_مش همشي ياغدير انا سامع صوت حد جوه 


توترت الأجواء همست " لبدر" وهي تشير بأصبعها على النافذه :


_امشي دلوقتي حسان لو شافك هتبقى مصيبه 


اشار برأسه بالموافقه يتوجه الى النافذه وقبل ان يغادر سمع صوت "حسان"بالخارج يأمرها بعلو صوته: 


_افتحي ياغدير بقولك لو مافتحتيش هكسر الباب 


خرج "بدر " عبر النافذه سريعاً ، وتوجهت هي الى هاتفها تشغل احدى مقاطع الفيديو بعدما فتحت الباب قائله بغضب :


_عايز ايه ياحسان 


دلف الى غرفتها دون استئذان يفتش بعينيه بكل مكان قائلاً :


_انا كنت سامع صوت  ، مين كان معاكي هنا 


انكرت وبشده :


_محدش ،  وبعدين ده تلاقيه صوت التليفون 


ومافتحتيش على طول ليه ؟ 


سألها واخبرته هي مجبره :


_عشان كنت بغير هدومي ولا أنتَ نسيت ان احنا كبرنا ومابقيناش اخوات وماينفعش اقعد قدامك بهدوم عاديه 


لم يمانع نفسه من الأبتسام وهو يقترب منها : 


_أنا اسف ، انا بس استغربت لما مالقتكيش تحت 

وخصوصاً وانا مش فاهم ايه اللي حصل لياسين 

وهما راحوا فين دلوقت 


اجرى حديث طويل بينهما عما حدث لياسين  لم يتوقف الا حينما قال :


_انا مش عارف ياسين هيلاقيها منين ولا منين 


----------------(بقلمي ماهي احمد)------------------


كانت الصدمه كبيره ، الصدمه من قوله لم يتوقع أحداً ما تفوه بهِ الضابط " احمد " حين سأله "الطبيب"  عن مكان "ياسين " صرخ "الطبيب"

بوجهُ قائلاً :


_أنتَ بتقول ايه ، هو ايه اللي مش موجود هنا ، احنا كنا وراكم خطوه بخطوه وشوفنا العربيه وهي داخله القسم هنا 


ابتلع الضابط "أحمد" غصه مريره بحلقه  يدور بعينيه بالمكان محذراً بعينيه قبل لسانه :


_وطي صوتك يادكتور علي اللي عندي قولتهولك انا لو مكنتش بقدر الخاله حكيمه وعامل حسابي انكم كبار القريه انا كنت اخدت معاك اجراء تاني  


تقدم "الطبيب"خطوه الى الأمام وزاد اقترابه منه

يرمقه بنظرات مشتعله ولو كان أعينه رصاص لسقط صريعه ، ولكن هناك من وقف يعترض طريقه قائلاً بهدوء :


_تريث ، تريث يا اخي فالضابط أحمد ضابط كفوء و ما هو الا عبداً 


نطق "بربروس" كلمته الاخيره ببطىء ساخراً  مما جعل" الضابط احمد  " يطالعه بغضب فاصطنع ابتسامه مزيفه وهو يقول :


_للمأمور ، عبداً للمأمور فهذه هي طبيعه عمله 


علق " الضابط" بضجر وهو يحرك رأسه بغير رضا :


_الزم حدودك في تلميحاتك ياشيخنا 


وتراجع امام نظرات "بربروس "  المحذره وهتف بضجر :


_انا قصدي يعني ان مش في ايدي حاجه اعملها 


قطع "يزن" صمته باستهجان برز فيه اللوم :


_ أنتَ غلطان ياعلي ، أحنا ماشوفناش العربيه وهي داخله القسم احنا كنا بعيد عنهم بمسافه 


رد " الطبيب" بانفعال: 


_أنتَ بتقول ايه يايزن ، ايه التخاريف دي 


تبادل " يزن " والضابط احمد " النظرات القلقه مما جعل " يزن " يبرر :


_ أنا اللي كنت سايق العربيه مش أنتَ وانا جيت هنا على طول وما أخدتش بالي هو اكيد اترحل على مصر 


فقه "الضابط احمد" بقول :


_ده اللي بحاول افهمهولكم من وقت ما دخلتوا عندي بس محدش راضي يديني فرصه 


علم "بربروس" بأن الجدال سيزيد التعقيد فدعم حديث " يزن "بقول :


_ لقد اخطأنا الفهم ويجب علينا السفر الأن الى القاهره 


_أنتوا هتجننوني 


قالها "الطبيب" بانفعال ضد عادته الهادئه فأحكم "بربروس" قبضته يجذبه للخارج وعند خروجه دار "يزن" بعينيه بالمكان وكأنه رأى شيئاً ما ارغمه على قول ذلك 

-----------------( بقلمي ماهي احمد)----------------

الوضع كالتالي تجلس والده فريد  بخصلات مبعثره  امام جثه ولدها الوحيد ، تراهُ بداخل كفنه مظهر ابنها فلذه كبدها بداخل الكفن كفيل بأن يقتلع القلب من بين الضلوع  ، مازالت جثه "فريد" بداخل الڤيلا  ، الجميع بانتظاره بالخارج حتى يتم مراسم الدفن اقترب زوجها من جثته قائلاً بنبره بان بها وجعه بقول :


_الشمس قربت تغيب ولازم ندفنه  كل المسؤولين مستنيين الجثه تخرج 


ماذا قال ، مسؤولين ، أهذا حقاً ما كل ما يهمه ، انتظار المسؤولين ، سألته بغضب بان في عينيها التي شنت حربً عليه :


_مسؤولين ، هو ده كل اللي يهمك وابنك اللي مات ، ابننا اللي مطلعناش غير بي من الدنيا ، مايهمكش 


ضربت بكفيها على وجنتيها من بين دموعها قائله :


_هتسيب دمه يادمنهوري يروح بلاش ، دم ابني الوحيد وأنتَ عارف مين السبب في قتله ابني اللي المفروض يدفني انا اللي بدفنه والسبب في موتوا عايش وأنتَ واقف تتفرج 


امسكت بكفه وهي تخبره بحزن ودموع كست قلبها قبل عيونها:


_أنتَ مش هتسيب دمه يروح هدر يادمنهوري صح قول صح ، قول انك هتجيب حقه عشان يرتاح في تربته 


اشار برأسه بالأيجاب يشير للرجال من خلفه يأمرهم بحمل نعشه ولكنها ظلت قابضه بكلتا يديها على نعشه ترجوه بالقلب والعين وكل حواسها :


_لا فريد ، لاء ، ماتاخدهوش مني يادمنهوري 


سكن كل شىء من حولها  ، كان الصراخ رفيقها  ، تصرخ بهيستريا لم تقدر على فراق روحها فهو بمثابه الروح بالنسبه لها وها هو يغادر جسدها


_فريـــــد 


  هرولت ناحيته تعركل طريق كل من يحاول اخذه منها ، هرول الأطباء بسرعه في محاوله لأحتوائها فأعطاها طبيب منهم حقنه مهدئه حتى يتمكن من اتمام مراسم دفنه غابت عن الوعي تماماً والنتيجه هو هنا  ، الكل يقف أمام قبره من ضباط وعساكر ورتب ذو قيمه وكل من له شأن بالداخليه استقبل والده العزاء بقلب مفطور  من الجميع يحاول بقدر الأمكان رباطه جأشه وهو يطالع  قبر ابنه  وقف كالصنم وكأنه بصدمه جمدته يقف بذهول  وهو يدخل ابنه الى قبره ولم يسيطر على عقله الا شىء واحد وهو عدم التصديق ، هدىء الوضع قليلاً وبقى هو امام قبره تحدث داخلياً بما لم يسمعه غيره :


_سامحني يافريد ، سامحني يابني بس وحياه رقدتك في قبرك لا خليه يتمنى الموت ومايطلوش 


-------------------(بقلمي ماهي احمد)---------------


_ياوكستــــــاه 


قالها "بربروس" بصوتً بان بهِ أنفعاله انتفض "يزن"  على أثره بانزعاج سائلاً : 


_ في أيه يابربروس بس  ،  ليه الوكسه دلوقتي 


ونطق يرد على سؤاله وهو يعتدل بجلسته بداخل السياره :


_لقد ألمني ظهري يارچل من الصباح حتى انتصافه الليل نجلس بداخل هذه العربه نترقب قسم الشرطه لقد حفظت كل من دخل وخرج عن ظهر قلب اريد معرفه ما يدور بذهنك أيها المزندع 


كلاً منهما كان حائراً بتصرف "يزن" واردف هو بما يوقف حيرتهم قائلاً :


_احنا هنفضل هنا نستني الظابط احمد لحد ما يخرج ونمشي وراه لحد ما نتأكد ان مافيش حد بيراقبه ومنه هنعرف هو ليه انكر مكان ياسين واحنا عارفين انه لسه جوه ماطلعش 


كان غضب " الطبيب" ظاهراً على وجهه الذي اصبح شديد الاحمرار  وعيناه التى تحولت الى اللون الاسود من فرط الانفعال بقول:


_ ولما أنتَ عارف انه جوه طلعتنا ليه من القسم وماطربقناش القسم على دماغ كل اللي فيه 


هتف "يزن" بما جمده مكانه:


_ عشان هما عارفين حقيقتنا  ، بيستفزونا عايزينك تبان على اصلك عايزين يشوفوا في زي  ياسين تاني  ولا لاء في العيله 


وكأن رده كالخناجر تطعن "الطبيب" بقوه لاتوصف فصاح بربروس بذهول : 


_وحسرتـــــاه 


ماذا تقول يارچل وكيف علموا حقيقتنا من الاساس 


هز "يزن " رأسه نافياً :


_معرفش يابربروس كل اللي اعرفه ان في كل شبر في القسم في كاميرا حركه عين الظابط احمد كانت بتقول امشوا بسرعه ، هو كان بينبهنا بطريقته ، الرجاله اللي مترشقه حوالين القسم 


اشار برأسه للأمام : 


_شايف الرجاله اللي هناك دي 


هز رأسه بالأيجاب فأكمل حديثه :


_رغم انهم ملبسينهم لبس عساكر عشان يبانوا عساكر طبيعين بس دول قوات امن خاصه جسمهم وطريقه حركتهم مابيربشوش حتى ، كل ده خلاني اتأكد ان الموضوع كبير ولازم نهدى عشان نعرف نفكر 


كان التوتر هو السائد وتضاعف بقول "الطبيب " :


_هما لو عرفوا حقيقتنا مش هيستنوا عشان يهدوا القريه باللي فيها 


لسه مش متأكدين وعملوا الحركه دي وان ياسين مش جوه عشان عايزين حد فينا ينفعل ويلموا اكبر عدد مننا فهمت ياعلي 


صمت لثواني يطلب منه الهدوء: 


_انا عارف انك عايز تطمن على ياسين ومش لوحدك كلنا عايزين نطمن عليه ونعرف اللي بيحصل بالظبط بس انفعالك هيزيد الطينه بله مش هينشفها 


اشار "بربروس" عليه من مجلسه على المقعد الخلفي بقول : 


_ كم أنتَ ذكي أيها الصغير 


------------------(بقلمي ماهي احمد )----------------

ما زالت في غرفته في ظلمه الليل ، هذه الليالي التي لا يشعر بك فيها احد تبكي وحدك وتفكر في الخلاص من كل شىء حتى روحك  ، تذكرت

" شمس" ما حدث للمره الألف طوال اليوم ، تذكرت تلك الأمسيه حين كانت مع "ياسين" يسيرون بين الحقول والبقع الخضراء يأكلون الذره المشوي ويتسايرون بين الغيطان وكانت اخر كلماته التي وعدها بها هو محاوله نسيان من اطلق عليها النار والعيش بسلام كأي فتاه بعمرها ، وما مضى سوى القليل من سيرهم معاً حتى وجدوا اضواء تضوي من بعيد تخطف الأبصار  طالعت السماء وقد وجدت الكثير من الطائرات الورقيه وكأنها بسباق من منهم ستحلق عالياً أكثر بألوان زاهيه ، واصوات ضحكات الأطفال تصل الى مسامعهم والفرحه باديه على وجوههم تطلعت الى المكان واول ما شعرت بهِ هنا هو الدفء  رمقته "شمس " بعيون فرحه ابتسمت بحب وما ان رأى بريق عينيها حتى تحول الى شخص أخر كست عينيه نظرات حانيه طالعته تقص لهُ ذكرى حدثت لها بالماضي بقول : 


_ تعرف ان الطياره الورق دي كانت حلم من احلامي في يوم 


ابتسم بحنان على اقوالها البسيطه وأردف بما ثبتها :


_عارف 


قبضت حاجبيها باستغراب من كلمته وقبل ان تنطق لم تجده وقد تبخر من أمامها ، اختفائه المفاجىء اربكها طالعت المكان تدور بعينيها بحثاً عنه ، استدارت تناديه بأسمه دون رد وقبل محاولتها الثانيه في مناداته قد عاد يقف خلفها انتفضت من اقترابه بقول : 


_ خضتني كنت فين 


حاولت ان تستدير ولكنهُ منعها هامساً  بقول : 


_خليكي زي ما أنتِ ماتبصليش 


تناول كفها بحنان يتشبث بهِ وكأنه هو من يأخذ الأمان منها وليست هي ، كانت ساكنه كالمكان تماماً تطالع كفه الذي حاوط كفها يضع بكفها خيط طويل وهو يطالع السماء بقول :


_بصي فوق 


طالعت السماء بعينين زاد بريقهما عند رؤيه الطائره الورقيه وقام هو بلف الحبل حول كفها :


_اوعي الحبل يفلت منك ، شدي الحبل جامد 

كل ما مسكتك ليها تبقى اقوى هتعرفي تتحكمي فيها اكتر لو ايدك ضعفت هتقع منك وهتبقى جنبك على الأرض 


ابتهجت كثيراً لهذا ، ابتهجت بسعاده بانت بكل أنش بها ، هزت رأسها بالموافقه واصبحت الرياح شديده بعض الشىء مد كف يدهُ يساعدها على توازن الطائره حتى تبقى بالسماء تخبره من بين ضحكاتها المتتاليه بسعاده : 


_خللي بالك هتقع ، الحق هتشبك في طياره تانيه 


جذباها معاً بقوه ناحيه اليسار قليلاً ، حتى سمعت  بكاء طفله بجوارها ربما في التاسعه من عمرها  طالعتها "شمس " بحنان سائله :


_مالك ياحبيبتي بتعيطي ليه ؟ 


اشارت بسبابتها على الواقف بجوارها من بين شهقاتها ودموعها المتتاليه :


_عمو ده سرق طيارتي 


طالعته "شمس " بعدم تصديق فتحدث "ياسين " مبدياً انزعاجه :


_محدش قالك قبل كده عيب نتهم الناس بالباطل ماسمهاش سرقتها يابابا ،  اسمها استلفتها 


قاطعته الطفله معترضه باستهزاء  :


_ لاء ، سرقتها وانا مش باباك 


رفع " ياسين "حاجبه باستنكار :

_ ايه البت دي 

_انا عايزه طيارتي ياحرامي 

قالتها لهُ الصغيره فابتسم "ياسين "ساخراً وهو يعلق : 

_لا بقولك ايه اسمعي هتقلي ادبك هقل أدبي  ،  هتقولي عليا حرامي هحط محفظتي في جيبك والبسك تهمه على مقاسك تروحي شرطه الأحداث تتربي هناك 


_بس بقى ياياسين 


كان هذا حديث "شمس " التي قاطعتهما وكأنه دخل بسباق عنيف بالتحدي بالكلمات مع طفله لا تتجاوز التاسعه من عمرها ، جلست "شمس" القرفصاء بمستوى الطفله تمد لها يدها بخيط الطائره وهي تقول :


_احنا اسفين اوي على اللي حصل ، حقك عليا ماتزعليش 


مدت لها كف يدها بالطائره وهي تقول :


_عمو مكانش يقصد يزعلك 


ثم قامت بتقبليها على وجنتيها طالعت الطفله "ياسين"باشمئزاز ثم أشارت لـ "شمس " بالاقتراب تهمس لها بأذنيها ، ابتسمت "شمس" على ما أخبرتهُ لها الطفله فنطق "ياسين" بانزعاج :


_تصدقي أنك ماتربتيش 


شهقت الطفله من سماعه لما همست بهِ للجالسه امامها ، ورحلت تهلل ووجه الفتاه يبدو عليه السعاده ما ان ركضت ومعها طائرتها وكأنها تقول انا الفائزه بالأخير وهتفت وهي تهرول بمرح :


_شكراً 


وقفت "شمس" واستقامت تطالعه بقول :


_مازعلتش اكيد صح  ، دي طفله ، يعني ما تاخدش على كلامها 


_لا مازعلتش ، مابعملش عقلي بعقل عيال صغيره وهجيبلك طياره أحلى منها 


ضحكت وتابعت السير معه حتى وصلا الى الشجره الكبيره وجد عليها أرجوحه ومن الواضح بأنه تم صنعها من أطار سياره مربوطه بحبل سميك جلست عليها تقبض بيدها على الحبال تخبرهُ  بنبره ضاحكه :


_ أنا حاسه أني بعيش طفولتي اللي ماعشتهاش من جديد ، طيرت طياره وكمان بركب مرجيحه وكأن النهارده كل حاجه كنت محرومه منها زمان بتتحقق 


وقف خلفها يدفعها بكفه دفعه بسيطه  فلتت ضحكه منه حين رأها هكذا وسألته هي :


_بتضحك على ايه ؟


بان الصدق في حديثه النابع من فؤاده ينجح دائماً في اسرها ويجعلها مسلوبه الاراده  : 


_اللي يشوفك ويشوف برائتك يقول ما عشتش ولا يوم حزين ، بتخطفي العين ، هدوئك ، وقلبك اللي مهما شاف من قسوه الأيام بريء ، بيفضل بريء ، الناس من بعيد تقول عليكي بتغرقي في شبر مايه بس في الحقيقه انا عمري ما شوفت اقوى منك في يوم اتحملتي كتير من يوم ما عيونك شافوا النور ، وبالرغم من ده كله لسه ملاك زي ما أنتِ ما تلوثتيش من جبروت الأيام اقل حاجه تفرحك زي الاطفال 


قام بدفعها برفق يسترسل حديثه يشير على الأرجوحه بعينيه :


_شويه وقت على مرجيحه يخلوكي طايره في السما زيهم ، وكلمه حلوه تطمنك تخليكي حاسه بأمان سنين  تانيه قدام انا عشت كتير وشفت اكتر  بس ماشفتش أنقى من جمال قلبك في يوم ياشمس 


حديثه هذا جعلها تبتسم ، أوقفت الأرجوحه تنظر أمامها بارتباك طريقه نطقه لأسمها وكأنها تسمع أسمها للمره الأولى تستشعر حلاوته لأنه فقط منه 

حديثه أربكها لم ترد بل هربت بعينيها منه

تزيح خصلاتها المتطايره على وجهها بارتباك زائد ،  لاحظ ارتباكها رفع كف يدهُ يزيح خصلاتها المتناثره يجمع  شعرها في قبضه يدهُ وهو يقول :


_الهوا شديد النهارده تحبي الملك شعرك 


استدارت تنظر لهُ ، فرأت ضحكته الواسعه ، وهذا جعلها تبتسم سائله :


_بتعرف تعمل ضفيره 


هز رأسه قائلاً :


_بصراحه لاء خايب أوي فيها  ، بس بعرف اعمل اللي احسن من الضفيره 


هنا استدارت بوجهها رفعت عينها تنظر لهُ بتخبط خاصهً وشعرها بين قبضته الحنونه سائله :


_اومال هتعملي ايه 


انا مش شايف معاكي توكه عشان كده هلملك شعرك كله من غير اي حاجه ما تتربط فيه ، ايه رأيك تحبي أبدأ 


هزت رأسها بالموافقه تنظر أمامها فهي مازالت على الأرجوحه تنتظره حتى ينتهي باللعب بخصلاتها ، تشعر بأصابعه تتغلل بين خصلاتها برفق ، حتى قسم شعرها الى نصفين أخذ خصله رفيعه من كل طرف ثم قام بعقدهم سوياً ولف ما تبقى على يده مره في الثانيه ومن كثره طوله استغرق بعض الوقت بلفه حتى رفعه يعقده بباقي الخصلات وبعد انتهاءه وقف امامها بعدما ازاح ما فعله على كتفها الأيمن يريها صنع يديه بقول : 


_ها ، ايه رأيك مش أحلى من الف ضفيره 


ابتسمت بسمه واسعه عند رؤيتها :


_الله حلوه اوي اتعلمتها فين دي 


رد على سؤالها بتذكر :


_مممممـ حوالي في التمانينات كده فاكره الولاد والبنات الهيبس دوول في التمانينات لما كانوا بيكبروا شعرهم وشعرهم يبقى طويل وهايش كده. 


جحظت عيناها بعدم تصديق تقول بنبره تخللت بها ضحكاتها :


_لاء ماتقولش اوعى تكون كنت مربي شعرك زيهم 


طالع اصبعها لثواني ثم اقترب من فرع شجره قاطعاً اوراقها وأخذ يلف غصنها على أصبعه على شكل دائره واكمل : 


_ماتفكرنيش بقى عشان بؤحرج ، انا تعايشت مع كل الأجيال اللي ممكن تتخيليها في يوم  ، طولت شعري في التمانينات وصاحبت عيال

الديسكوهات وشعري الطويل لما كان بيضايقني كنت بربطه الربطه دي عشان كنت بتحرج احط توكه فيه 

التسعينات بقى  اتصاحبت على شله من عباده الشيطان الجرايد والصحف اتكلمت فيها كتير الحكايه دي ، شويه عيال أغنيه فاضيين ودماغهم مسوحاهم ومايعرفوش وقتها ان انا كنت الشيطان اللي مسوحهم بس في نفس الوقت بصاحب المؤدب خريج الجامعه والمتدين والمتزمت  كنت عايز اصاحب كل الاشكال والالوان واعرف نوعيه البشر 


_وعرفت ؟


سألته ونظرت لهُ فجذب كفها  ووضع بأصبعها ما تم صنعه بيديه بأوراق الشجر يرد على سؤالها : 


_عرفتهم لدرجه ان من نظره واحده اعرف احدد مقاس صباعهم كمان  


فاجأها ما فعله واخبرها بابتسامه : 


_ مش عيب تبقي مرات ياسين الصاوي وايدك فاضيه 


طالعت الخاتم بابتسامه وتذكرت يوم عرسهما وكيف تم ،  عبس وجهها قليلاً فأشار بما نبهها :


_ انا مش عارف ازاي نسيت اجييلك خاتم بالرغم جوازنا مش حقيقي بس ده حقك عليا ،  دي اقل حاجه ممكن اقدمهالك بس اوعدك اول ما انزل على مصر مش هعمل شىء غير اني اشتريلك خاتم يليق بيكي مع ان مهما لفيت مش هلاقي حاجه تليق بيكي في يوم 


كانت عيناه صادقتين للغايه ، خطفها بريقهما لحظه توقف فيها الزمن على كليهما ثبتت عيناها عليه وكأنه البحر الذي غرقت فيهِ برضا تام ودون ان تشعر وجدت نفسها تبتسم رغماً عنها تتفوه بقول :


_أنتَ عندي أجمل من مليون خاتم 


اتسعت ابتسامته وما مر سوا لحظه حتى تداركت الموقف اهذا حقاً ماتفوهت بهِ ، تذكرت عندما قال لها بقهوه الفيشاوي : 


_اوعي تحبيني ياشمس 


تندم وبشده تود لو صفعت نفسها على ما تفوهت بهِ استدارت تتجه ناحيه الأرجوحه وقد اربكتها نظراته تحاول تغيير مجرى الحديث :


_بس ، بس انا بجد مش مصدقه ، تاخد الطياره من طفله عشان تدهاني


من جديد لاحظ ربكتها ، وقرر الا يضايقها ،اقترب من الأرجوحه يسند وجهه بكفه وما يفصل بينهم سوا الاطار قائلاً :


_ما أنتِ كمان طول عمرك كان نفسك فيها من وأنتِ طفله 

لم تسأله بالكلمات بل كان فضولها لمعرفه كيف علم هذا واضح من نظراتها لهُ ولم ينتظر بل ارضا فضولها بقول :

_لما كنت بعاملك بقسوه قدام الضبع وخليله كنت مابعرفش أنام عشان كنت ببقى عارف انك مش هتنامي ، واول ما اتأكد ان الضبع نام كنت بجيب طياره ورق واطيرها من بعيد وحاول على قد ما اقدر انها تظهرلك من شباك القبو بعد ما اسيبهولك مفتوح بالليل كنت بطيرها بالليل عشان وقتها مكنتيش بتقدري تفتحي عينك في الضلمه عمري ما هنسى ضحكتك اللي بتظهر ودموعك اللي بتختفي اول ما الطياره تطير قدامك ، لمعه عيونك لما كانت بتشوف الطياره وكأنك كنتي بتحسديها  على حريتها اللي كانت مسلوبه منك  وانا السبب فيها ، كل ما افتكر قد ايه أنتِ تعبتي بسببي زمان ، بكره نفسي أكتر 


بهت وجهه و أستدار يعطيها ظهره حتى لا ترى لمعه عيناه ، وكأنه كلما يكتم الكلمات بداخله يتراكم حبرها بداخل عينيه 


لم تكن تصدق ما تسمعه كيف له هذا ، كيف يكمن بداخله كل هذا الحنان حتى مع سيطرة الضبع عليه وقفت امامه ثم لانت نظراتها ورأى فيها خوفاً حقيقياً عليه وهي تذكره بحدث مر  : 


_لما وقعت من على السلم لما كنت بحاول اهرب وايدي اتعورت لما صحيت لاقيت ايدي متربطه وملفوفه بشاش وقطن مين اللى دواهالي مش خليله صح 

صارحها بعينين فضحهما صدقه :

_كنت أنا ، ونبهت على خليله ماتقولكيش 


أخذت تكرر سؤال اخر عليه :

_لما الضبع قالك ماتفتحلهاش القبو ولاقيته مفتوح 

اخبرها مسرعاً بنبره حانيه  :

_عصيته عشانك  


كانت تسمعه بعينين باكيتين تنتظر أن يصرح بالمزيد ولم يطل انتظارها حين التقطت اذنها نبرته المقهوره حين قال: 


_بس كل ده مابقاش يهم دلوقت كل ده فات اوانه ياشمس  عشان ياسين القديم جزء من ياسين بتاع بكره ، الطفله الصغيره عندها حق ياشمس لما قالتلك انا مستهلكيش ، الطفله ماقعدتش معانا خمس دقايق وعرفت اني ماستهلكيش 


ازالت دموعها مسرعه تضع اصبعها على شفاه تخبره بما يشعر بهِ فؤادها ضاربه بكل حساباتها وتحذيره لها من عدم الوقوع بحبه بقول :


_انا حبيتك ياياسين 


صمت تام خيم عليهما وكأن الأرض توقفت عن الدوران تصريحها العفوي هذا قادر على جعله اسير لها أرادت وبشده معرفه التعبير الظاهر على وجهه التحمت نظراتهما وحين شعرت ان تعبيره مبهم اكملت : 


_انا حبيت ياسين القديم وياسين بتاع دلوقتي وياسين بتاع بكره ، حبيتك بجد 


النظرات الدافئه في مقلتي زوجها والتي يشملها بها تؤكد حبه لها  ، كل أنش بجسده يريد اخبارها كم طال انتظاره لسماعه تلك الكلمات منها وانتظرت هي  رده على احر من الجمر عدا الرد الذي قاله حين صدمها وتحدث بابتسامه يداري بها ضعفه : 


_مابقاش ينفع ياشمس أنا ابو عمار 


كان التوقيت منتصف الليل حين أوشكت الشمس على الشروق وبان المنظر الدافىء وغياب القمر من السماء لتعلن الشمس عن بدايه اشراقها ليوم جديد ، وتعلن  "شمس " الانسانه بانفطار قلبها من كذلك 


فاقت "شمس" من شرودها على صوت دقات الباب بقول :


_شمس افتحي الباب احنا عارفين أنك مانمتيش

محدش فينا قادر ينام النهارده ممكن تفتحي بقى 


مسحت عباراتها مسرعه تفتح الباب سامحه لهم بالدخول هذه المره 

----------------(بقلمي ماهي احمد )----------------

سياره "الضابط أحمد" في الأمام يتبعها سياره "يزن" توقف "الضابط أحمد "بسيارته أمام كشك خاص بالسجائر حول "الطبيب"عينيه باللون الأسود قبل نزوله من السياره حتى يمشط المنطقه 

لعل احداً ما يراقبه وما تأكد أن الوضع على مايرام 

هبط من السياره وخلفه "يزن" يشير بعينيه "لبربروس "حتى يقف بعيداً عنهم  ليؤمن المكان ، امسك " الطبيب" بكفيه  "الضابط " من تلابيبه وهو يقول بعنف :


_اسمعني بقى أنا طول عمري مؤدب والعيبه مابتطلعش من بوقي ، بس لو حكمت ابقى قليل الأدب وشمحطجي كمان لو ما قولتلناش الحقيقه دلوقتي اخويا فين 


اشار "يزن"برأسه لكي يخبرهم بالحقيقه وهو يقول بنبره ساخره: 


_مايغركش أدبه ده أخوه ياسين 


حاول "الضابط"فك قبضه "الطبيب" ولكنها محكمه 

اشار بيدهُ للتحدث فأمر "يزن " الطبيب" بقول :


_سيبه ياعلي عشان نعرف هيقول ايه 


شهق " الضابط احمد" يلتقط انفاسه وهو يخبرهم بصعوبه :


_وانا لو مكنتش عايز اقولكم كنت نبهتك بأشاراتي الصبح يايزن ، انا مش عدوكم انا مش مستفاد حاجه من كل ده الخاله حكيمه الكل عارفها وخيرها سابق على كل اهل القريه وانا مستعد اعمل اي حاجه ترضيها من غير ما تقولوا لو مكنتوش جيتوا كنت هستنى لحد ما الاوضاع تتحسن وتبقى تمام  واجيلكم لحد عندكم بس وجودكم هنا معايا ممكن حد يشوفنا وهيبقى خطر عليا وعليكم 


_انا مش هتحرك من هنا الا لما اعرف فين أخويا 


جاء رد "الطبيب" قاطع فأخبره " الضابط " يدور بعينيه بالمكان والقلق يتسلل لقلبه :


_ اخوك في مكان ماحدش يقدر يوصله جوه القسم زنزانه تحت الأرض بيتحط فيها اللي متوصي عليهم من فوق فيها كل أنواع التعذيب وياسين  متوصي عليه اوي من الناس اللي فوق ، ما هو برضوا ماقتلش حد هين ده ابن وزير الداخليه بس في معلومات اتسربت وعرفت من الحرس الخاص اللي واقف على "ياسين" بأن "ياسين "ماقتلش "فريد" وان "فريد " انتحر علشان كده الدمنهوري مارضاش يعرض جثته على الطبيب الشرعي وعايز اقولك حاجه كمان ياسين حتى مش هيتحاكم ولا هيتعرض على نيابه "ياسين "لو طلع بره البلد وسافر على مصر  مش هتشوفوا تاني ، الحراس الخاصه دي مابيعملوش حاجه غير انهم كل ساعه بيحقنوا بحقن تهد جبال انا مستغرب ازاي عايش لحد دلوقتي وكل عشر دقايق بيكهربوا بڤولت عالي يهد اسود  من اول لحظه بس الغريبه اكتر انه مابيموتش 


_بيقاوم 


كان هذا سؤال "الطبيب" ودموعه تسابقه على ما يحدث لشقيقه فأتى رده :


_نهائي ،  اول ما دخلنا مكتبي  الحراس اتلموا حواليه وهما رافعين اسلحتهم قرب واحد منهم ومعاه حقنه لسه هيحطها في رقبته مسك أيده وكان هيخلعها  بصلهم باستهزاء  ورجع يسألني  وقالي فريد مات فعلاً  ،  اكدتله انه مات واندفن وقتها اتنهد تنهيده طويله وساب ايد الحارس وسابه يديله الحقنه ومن وقتها انا نفسي ماشفتهوش بس بيوصلني اللي بيحصله من تحت 

انا لازم امشي دلوقت وقفتنا مع بعض غلط بس الدمنهوري مش هيسكت ناوي يهد القريه باللي فيها ، وخللي بالكم من شمس مش بعيد ينتقم منها هي كمان ويلومها على انتحار ابنه ، لازم تهربوا ياسين في اسرع وقت واللي ماتعرفهوش كمان ان "فريد" كان مريض نفسي وبيتعالج 


طالع "الضابط" المكان بعيون حذره ورحل مسرعاً ،  شرد الطبيب لثواني فيما قاله وما افاقه سوا اتصال "الخاله " وما اتاها الرد حتى اخبرها  :


_ احنا خلاص ياخاله جايين على البيت هاجي واحكيلك كل اللي عرفته 


-------------------(بقلمي ماهي احمد)----------------

 دائماً ما تصدمنا الحياه لديها من الحيل الكثير تتلاعب بنا وتحركنا كما تحرك العصا عرائس الماريونت  أحمق من ظن نفسه يفهمها  وبين الليل والغد يتغير كل شىء كما تغير الكثير  بحياة "ياسين" الأمس كان ينعم بغرفته الدافئه واليوم هو هنا يقف عاري الجسد كما ولدته أمه ، حتى هذه اللحظه لا يصدق "ياسين" انه هنا مكتوف الأيدي مكبل بأصفاد حديديه بداخل زنزانته في ليالي الشتاء البارده ودلو من المياه المثلجه قد القي على جسده مما جعله ينتفض يبذل مجهود مضاعف حتى يتمالك نفسه من كثره الحقن وما أن فتح عينيه حتى وجد الباب الحديدي يفتح وقد خمن من القادم بداخله وما رأه حتى نجح بتخمينه انه هو " الدمنهوري " نزع ستره بدلته من عليهِ واعطاها للحارس جواره يشمر عن ساعديه طالعه 

"ياسين" باستخفاف وهو يقترب منه بقول :


_ مش عايزك تقلق انا مش همد ايدي عليك بس تفتكر ايه الحاجه الوحيده اللي منعاني عن ضربك ياياسين لحد دلوقتي 


هنا حيث ظهر على "ياسين "تقاسيم مسترخيه يخبره بما أشعل ثورته : 


_يمكن عشان أنا عريان  ، وأنتَ خجول شويه بس بحذف الجيم 


طالعه "الدمنهوري" الذي اشتعلت ثورته من هذا المتبجح الذي سبه بالفاظ نابيه أمام حراسه وكل من يهابونه صك على أسنانه يشير الى الحارس بعينيه حتى اقترب الحارس منه يصعقه بالصاعق الكهربائي من جديد احترق جلده مع وجود الماء على جسده أخذ يتألم بصمت يكتم ألمه داخله حتى لا يرى نظره شامته من الواقفين فأكمل 

"الدمنهوري " حديثه بتقاسيم مسترخيه يجلس على المقعد جواره وهو يقول : 


_هـــا ، وقفنا لحد فين 


تصنع التذكر وهو يقول :


_أه ، افتكرت تفتكر أنا مش همد ايدي عليك ليه 


فأجاب عليهِ مع ابتسامه مكسوره جاهد لأخراجها

من بين شفتيه : 


_العجز باين 


 تسارعت انفاسه وهو يخبر حراسه باستدعاء كلاب الحراسه الشرسه ابتسم "ياسين" على فعلته ورأى " الدمنهوري" مدى عدم اكتراثه اقتربت الكلاب تنبح أمامه ترك الحارس الحبال المكبله بها وما ان ركضت نحوه حتى طالعهم "ياسين" بعينين 

ثابته جمدتهم وقفوا كالصنم أمامه فهو الألفا له قدره على التحكم بالذئاب وجميع فصائلهم أشار للكلاب بعينيه حتى استداروا بانتظار اشاره منه للقضاء عليهم ، استغرب الحراس من الأمر هما في البدايه يعلمون بأن الأمر مريب بدى القلق على وجه الدمنهوري فنطق "ياسين" بما أثار غيظه :


_ماتقلقش يادمنهوري دي كلاب اليفه مش زيك 


بان القلق على وجهه يعلم بأنه يتعامل مع شىء اخر غير البشر ولكنه لم يعلم مدى قوته شرد قليلاً وقاطع شروده صوت "ياسين " الذي قال :


_تحب انا بقى  اقولك انا مش راضي امد ايدي عليك ليه لحد دلوقتي 


أشار برأسه مع بسمه صفراء قائلاً :


_عشان انا مؤدب ، مابضربش اللي اكبر مني 


هنا امر " الدمنهوري" رجاله بصوتٍ صارم :


_خدوا الكلاب بسرعه من هنا 


امر ونفذ حراسه طلبه ، استدعى الحقن على الفور 

ولكن مفعول هذه الحقن قصير سرعان ما يكتسب قوته من جديد حاول ياسين فك قيده ولكنهم كانوا الأسرع بغرز الحقن بجسده منا ضاعف من ضعف جسده اكثر وامر الدمنهوري حراسه بنضاعفه الحقن بأخذ جرعه كامله  كل نصف ساعه 


--------------------( بقلمي ماهي احمد )--------------

أن شعور الأختناق مميت ، كانت "غدير"غارقه  بنومها تشعر بوجود شخص ما بغرفتها يقترب رويداً رويداً هنا وباالرغم من بروده الطقس  استيقظت "غدير " لاهثه والعرق يغطي وجهها شهقت عند رؤيه "ياسين" فهو لم يعتاد على دخول غرفتها هكذا ابتلعت ريقها وقبل أن تنطق سألها هو بنبره حاده :


_عملتي أيه ياغدير ، انطقي ، قولتيله 


اقتربت منه بجسد دبت به القشعريره من نبرته ولاكن لانت تقاسيمها حين أقتربت منه تخبره بابتسامه :


_ حصل حاكيت لبدر على كل حاجه زي ما اتفقنا بالظبط 


ابتسم بسمه ماكره يثنى عليها ما فعلته : 


_برافو عليكي 


ابتسمت بغرور تغمز لهُ بطرف عينيها مازحه :


_عيب عليك ده أنا تلميذه ياسين الصاوي 


هكذا تحلم بنفس الحلم كل ليله  تقريباً ، استيقظت من نومها تلهث تتمنى لو كان حلمها حقيقي شربت من كوب من الماء عند رؤيتها للصباح وقد اشرق شمس يوم جديد اتجهت الى خزانتها ترتدي ملابسها نزلت تهبط على الدرج بخطوات واسعه ، سمعت صوت من داخل غرفه الخاله وهي تقول :


_يبقى لازم نهربه ياسين مش هيفضل تحت ايديهم ياولدي 


اقتربت من باب الغرفه بحذر حتى سمعت "يزن"

وقد تردد في بادىء الامر بقول :


_انا عايز اقول حاجه بس مش عارف ده صح ولا لاء بس انا متأكد ان ياسين هو اللي عايز كده ، ياسين عايزهم يموتوه 


انقبض قلبها عند سماعها كلماته لم تستطيع تصديق ما قاله خرجت بالخارج ونتيجه لغضبها مما سمعت قادتها قدماها الى طريق "بدر " مره أخرى 


-------------------(بقلمي ماهي احمد)--------------

يجلس بدكانه ويفتتح يومه كالعاده وما ان شرب كوب الشاي الخاص بهِ حتى بدأ عمله بتصليح اول 

دراجه تقابله ، هاتفه يرن رأى  المتصل بعينيه حتى كتم صوت رنين الهاتف والقاه بجواره ينتزع الاطارات من الدراجه يقوم بأصلاحها ، مرت ثواني حتى دخل عليه المتصل وهو يقول :


_ياسلام يعني التليفون جنبك اومال مابتردش عليا ليه يابدر 


مسح يدهُ بالمنشفه الخاصه بهِ بعدما ابتلع ريقه بتوتر قائلاً :


_الظاهر كده اني ماسمعتهوش من كتر الشغل ياابو المعاطي 


واتاه الرد بجفاء : 


_كتر الشغل ، شغل ايه ده يابو شغل اللي يخليك ماتردش عليا بالأيام 


ركل بقدمه الدراجه من أمامه بعنف انتفض بدر على اثرها قائلاً:


_أنتَ عايز ايه يا ابو المعاطي 


اشعل دخان سيجارته وما امتلئت رئتيه بدخانها حتى قال : 


_ ايه اخبار البت اللي اسمها غدير وصلت معاها لحد فين 


واجاب بالكذب :


_معرفش ، معرفتش عنهم حاجه ، كل شويه تماطل وبقالها اسبوع ما بتردش عليا ولا حتى بتعبرني بقولك ايه يا ابو المعاطي انا حاولت مع البت دي اجيبها شمال اجيبها يمين ما بتتكلمش ، طلعني من دماغك بقى وبعدين هو مش فريد مات ما خلاص عايز اخبارهم ليه 


ادرك ان "بدر "لن يستجيب يتضح الكذب من نبرته حيث سحبه من مرفقه وقد اشتعل غضبه :


_دلوقتي اللي عايز يعرف اخبارهم اكبر من فريد بكتير دلوقتي ابوه هو اللي موصيني اني اعرف كل شىء عنهم وايه هي نقاط ضعف الواد ياسين مش فاهم يعني ايه بس هو بيقولك لازم تعرف من البت دي نقطه ضعفه اللي يقدر يموتوا بيها 


حرر مرفقه بعنف يتخطاه قائلاً :


_قولتلك مابكلمهاش  ، معرفش عنها حاجه ، حاولت معاها وماقد


قطع حديثه دخول "غدير " تلتقط انفاسها بقول :


_اسفه يابدر على اللي حصل امبارح المهم انك روحت ورجعت بيتك سليم 


انكشفت كذبته ، طالعه "ابو المعاطي " ببسمه شامته وكأنه يخبره من نظراته اليه بأن القادم لن يكن باليسير 


--------------------(بقلمي ماهي احمد)---------------

ما زال على حالته لا يعلم الليل من النهار كلما يستعيد جزء من قوته تتوالى الحراس بجلده واعطاءه مايجعل الرعشه تملك كامل جسده يصب العرق منه بمنتصف ليالي ديسمبر وما أن تركه الحارس حتى خرت قدمه يلتقي جسده بالأرضيه المليئه بالماء المثلج شرد بليلته معها حين قال :


_ مابقاش ينفع ياشمس انا ابو عمار 


تسارعت أنفاسها وهي تسأله بقهر: 


_وتفتكر انا مش عارفه ، انا عارفه انك ابو عمار اللي ضحى بحياته عشاني ، وعمار لو كان عايش مكنتش هبقى معاه ولا معاك 


وأمام وجهه الذي بهت من حديثها ترجاه فؤادها بعبارات كانت تمزقها حزناً : 


_ ايوه ، مستغرب ليه ، تفتكر هفضل بينكم ازاي وانا شايفه اب وابن علاقتهم بتدمر بسببي فكان لازم ابعد علشان انتوا تقربوا من بعض بس اللي حصل ان هو اللي مات 


سأله بقلب ادماه ما يحدث :


_ولو كنت انا اللي مت 


سؤال صعب ، كيف له ان تجيبه عليه ولكنها قررت أن ترد عليه بقول :


_لو كنت أنتَ اللي مكانه مكنتش هقدر ابقى معاه قلبي مكانش هيطاوعني ابقى لحد غيرك ، من يوم ما فتحت عيني عالدنيا وانتَ اللي قدامي مكنتش فاهمه تصرفاتك رغم افعالك القليله الكويسه معايا معرفتش اكرهك انت بس كرهت افعالك ، كنت في حيره دماغي كانت هتشت مني ، الف سؤال وسؤال بيدوروا في راسي بيعاملني كده ليه كان نفسي اهرب وابعد عنك خالص فضلت اني ماتكلمش علشان انساك ومعرفتش كنت لما بشوفك كنت بخاف احنلك قلبي اللعين حبك رغم قسوتك والقلب مالناش عليه حاكم ياياسين ، جه عمار اللي طلعني من كل ده افتكرت اني نسيته بيك 


قالت كلمتها التاليه ببطىء نابع من فؤادها :


_كان عندي ١٦ سنه افهم طفله كنت عايزه اعيش وابعد عن سجنك وابعد عن التفكير فيك حبيت نفسي للحظه وحبيت حياتي الجديده معاه واحد قدملي كل شىء كنت مفتقداه افتكرت اني حبيته كنت مخلصه لي وكنت ببعد عنك على قد ما اقدر لحد ما عرفت ان كل ده غصب عنك ، وانك مكنتش في وعيك وابتديت غصب عني افكر فيك من جديد وخصوصاً انك مكنتش بتوريني غير الحلو وبس كنت بتحاول تصلح كل شرخ جوايا منك ، صحيت اللي كنت بحاول ادفنه وانا بكذبه ، عمار حس بحاجه انا مكنتش شيفاهه 


شهقت من بين دموعها تمسح وجنتيها :


_والله العظيم مكنتش شيفاهه وكنت بحاول اكدبها وهي حقيقه حبي ليك اللي مهما حاولت ماقدرتش اشيله من قلبي في يوم واتأكدت من شكوكي لما كنت أنتَ وعمار واقفين قدامي ولاقيت رجلي سيقاني ليك ، غصب عني مش بأرادتي محستش بالأمان غير وانا معاك ، عارفه اني غلط وعارفه ان عمار مالهوش ذنب بس اعمل ايه في قلبي اللي حبك كان هاين عليا اطلع قلبي بأيدي واحطه تحت رجلي بس ازاي وانت جواه ياياسين قولي ازاي ، عشان خاطري قولي ازاي 


_أتى انفجارها الأن على نوبه بكاء انفجرت فيها

جلس بجوارها ومسح بحنو على خصلاتها وهو يحتضنها كصغيره يلاطفها ويراضيها حتى تسكن وبالفعل سكنت ورأسها مستنده على صدره


فاق من شروده على ركله ببطنه تأوه من اثرها بقول : 


_أه ، حد يضرب حد في الحته دي برضوا

--------------------(بقلمي ماهي احمد)---------------


الايام كرياح عاتيه مرورها سريع ولكن الفرق بأننا احياناً لا نشعر بها ، هو الأن يقف امام" الدمنهوري"  بداخل ڤيلته ،الكدمات على وجهُ واضحه واثار التعذيب بكامل جسده  مكبل بالحبال اشعل الدمنهوري سيجاره وهو يقول :


_عندك كام سنه يابدر 


ابتلع ريقه يخبره بقله حيله :


_٢٣ سنه ياباشا 


صمت "الدمنهوري وكأنه يفكر لثواني :


_مممممممـ يعني بقالك مع الست اللي ربتك بدل أمك اللي سابتك وهربت  تقريباً ١٥ سنه صح كده ولا انا غلطان 


تهديده واضح ولكنه قد اتخذ اجراءاته بعدما اكد على خالته الهروب الى اهلها بالفيوم ، ولكن خيب ظنه حين رأها تخرج من باب الغرفه المجاوره يضع الحارس  المسدس على رأسها وهو يقول بزهق :


_مش عارف الناس اليومين دول مابقيتش متعاونه ليه ؟ انا ممكن اقتلك بس انا محتاجك لكن مش محتاجها هي فلو قولتلي نقضي على ياسين ازاي هسيبك تروح في امان 


نزلت دموعه منه ، اغمض عيونه يتذكر وعده لغدير مسح  " الدمنهوري "وجهه بضيق وهو يغادر الغرفه قائلاً :


_ اقتلوها 


سرعان ما اوقفته كلماته بقول : 


_ استني ، الغريب ، الغريب هو الوحيد اللي يقدر يصنع سم  عشان يقتل ياسين 


نطق الدمنهوري اسمه ببطىء ، اسم الشخص الذي سيخلصه من ياسين وكذلك كل من يعترض طريقه من نفس فصيلته واخيراً علم  كيف يأخذ بثأر ابنه 


الهجينه [ لم الشمل ]

الجزء التاسع والخمسون 

الصفحه البديله روايات بقلم ماهي احمد

بقلمي ماهي احمد 


تائه في حياتي كما التائهُ بين ظُلماتِ غابةٍ موحشة لا أعرف لي طريق أو رفيق حتى جائت هي وكانت  لي كالقارب الذي أنجَدَ الغريق أنارت عتمتي كما تنير الشمس الكون الواسع نعم هي شمس.. شمسي أنا  


الخاطره دي مش بتاعتي دي بتاعت بنوته جميله اسمها روفان كتبتها لياسين وشمس ومن كتر اعجابي بيها قررت احطها في بارت النهارده اتمنى اعرف رأيكم فيها واللي حابب يتابعها هحطلكم صوره الاكونت بتاعها في اخر البارت 


-------------------------------------

لطالما اعتقدت بأنه ليس خطأي ولكنه وزر من حولي ، تكرار الشعور بالذنب ألف مره يوحي بالعذاب القادم ، ربما كان خطأي من البدايه ، ربما لا اعلم حتى النهايه هل هو ذنبي ام ذنب من حولي 


اقترب منه "الدمنهوري"  بخطوات ثابته يجلس القرفصاء يحكم بقبضته على وجهه بعنف نبرته لا توحي بالخير أبداً وهو يقول : 


_حلو اوي عرفني بقى مين هو الغريب وكل تفصيله البت دي حاكيتهالك 


اعاد  "بدر" رأسه للخلف يحرر ذقنه من قبضه يدهُ ، واستجمع شجاعته قائلاً : 


_أنا مش هنطق بأي كلمه الا لما خالتي تطلع من هنا الاول 


طالع "خالته" وجدها تطالعه بنظرات ملامه نظرات يعرف معناها ، ولكنه أكمل رغم ذلك :


_أنا عارف أني مش هطلع من هنا سليم لا انا ولا خالتي يبقى اقتلني واقتلها دلوقتي احسنلك عشان ماضيعش وقتك معايا 


عاد يرمقها بخوف عليها ورأي "الدمنهوري " الجديه بعينيه اشار بعينيه للحارس بقول :


_خليها تروح 


حرر " الحارس " يدها هرولت "خالته " اليه ناطقه وقد تسابقت دموعها:


_ مين دول يابدر ورطت نفسك في ايه يابني 


طلب منها برجاء وقد ظهر الألم في نبرته اثر ما قالت واثر لومه لنفسه:


_مش وقته ياخالتي خليني اطمن عليكي دلوقتي امشي من هنا روحي مكان انا نفسي معرفلكيش في طريق 


وهذا دفع "خالته" لسؤاله : 


_ وانا مين يطمن قلبي عليك 


صمت لثواني ثم استرسل :


_ماتقلقيش عليا انا هبقى بخير هعرف اوصلك بس عشان خاطري ياخالتي امشي دلوقتي ماتخلنيش اشيل همك 


يخبرها بما يعلم انه لن يحدث قاطعهما "الدمنهوري " بغضب :


_ ما يلا ياروح خالتك أنتَ وهي عشان انا خلقي ضيق وصبري بدأ ينفذ


أشار بعينيه اليها يطالبها برجاء التخلي عنه ، جذبها "الحارس " من مرفقها بعنف الى الخارج تحت نظراته وما أن خرجت حتى هتف الدمنهوري بأنزعاج :


_ انا سامعك ، ارغي 


نطق "الدمنهوري" كلمته الأخيره ببطىء وهرب "بدر" بعينيه بقول :


_لما اتأكد انها طلعت بره خالص وبقت في امان


استنفذ صبره وأخذ يركله بقدمه  بعنف وهو يسبه بأبشع الألفاظ قائلاً :


_ياض يابن ال **** 


----------------( بقلمي ماهي احمد)---------------

دخلت "غدير " في نوبه بكاء عميقه  ، أثر محادثتها مع "يزن" حين أخبرها بأن "بدر" اختفى وكأنه تبخر ، بعدما علم حقيقته  ونيته الخادعه ، 

هو و "أبو المعاطي " دلفت الى المرحاض وأغلقت الباب خلفها بقوه صمت اذنيها عن نداء " ساره " المتكرر وذهبت بذهنها حين دلفت الى دكانه  تلتقط انفاسها بصعوبه تتأسف لهُ عما بَدر منها ليله البارحه ولكن نظراته القلقه لها عند رؤيتها هي ما ازعجتها ، ابتلع ريقه وكأنه غصه مريره بحلقه وهو يقول : 


_ امبارح 


تصنع انه تذكر شيئاً يرمق الواقف امامه بتوتر :


_اه تقصدي على حوار الاسبوع اللي فات ده انا نسيته 


لم تفهم تلميحه حين أكملت بعدم فهم :


_اسبوع اللي فات ايه يابدر ، ده كان لسه امبارح بالليل لما كنت عندي و


فقطاعها هو بقوله يشير بعينيه الى ذلك الواقف خلفها :


_أحب اعرفك ابو المعاطي صحبي 


غزت الحمره وجهها عند رؤيته لم تكن منتبهه لهُ ، صافحها "ابو المعاطي " بقول : 


_اهلاً يا انسه غدير سمعت انك من عيله الصاوي 


لم يتلقى رد ولكنها اومأت برأسها فقط وعادت تنظر لـ "بدر " وهي تقول :


_مكنتش اعرف ان في حد معاك طيب اسيبك انا بقى واجيلك وقت تاني 


هنا تيقن "بدر" بالقادم فور مغادرتها اقترب منها يمسح كف يده بالمنشفه وهو يقول : 


_استني هوصلك ماتمشيش لوحدك 


جذبها من مرفقها بقوه خلفه ، واستدار

" ابو المعاطي " بعينيه الى "بدر " يسأله بنبره ذات مغزى :


_ هتتأخر يابدر 


وقبل أن يجيبه قاطعه وهو يجلس على المقعد بأريحيه يسترسل حديثه  : 


_مش مشكله انا كده كده مستنيك انا فاضيلك النهارده 


أدرك "بدر" ان هذه الكلمات هي نتيجه متوقعه للقاء "ابو المعاطي " بـ "غدير" هز برأسه بالموافقه يجذبها خلفه من مرفقها بغضب وحين ابتعد عن المحل بأمتار قليله بان الغضب بنبرته بقول :


_ ايه اللي جابك دلوقتي ياغدير 


حررت مرفقها من كفه بعنف بعدما تسلل القلق اليها وقامت بسؤاله :


_ في ايه يابدر ومين الراجل ده ومال وشك اتقلب كده ليه اول ما شافني 


اسئله ، اسئله كثيره لا يستطيع الرد عليها تخطاها يتحرك أمامها بقول :


_أنتِ لازم تروحي واوعي تطلعي بره البيت لوحدك ، ولو حبيتي تطلعي خلي حسان دايماً مـ


بترت كلماته بتساؤل : 


_ في ايه يابدر  ، ماتفهمني في ايه 


طالعته بعتاب فلمع الاستعطاف في عينيه وهو يقول   :


_سامحيني مكنتش اقصد أني أأذيكي في يوم بس انا عند وعدي ليكِ انا مش هقول لحد عنك او عن عيلتك حاجه ، انا هبعد خالص هبعد عشان اقدر احميكي 


اجابته اربكتها هتفت بضجر وقد سأمت من حديثه المبهم : 


_ انا مش فهماك 


قاطع حديثهما اتصال اتاه من "خالته " اجاب بلهفه 

وبدون مقدمات قد اصر عليها مغادره المنزل دون طرح اسئله اغلق الهاتف عند اقترابه من منزل 

"ال صاوي "  وقد غزا الارتباك وجهه :


_انا مش هبقى موجود في القريه اليومين دول مش عارف اذا كنت هعرف اشوفك تاني ولا لاء بس اللي متأكد منه أني مش هنساكي ، ادخلي بيتك ياغدير وزي ما قولتلك ماتطلعيش بره البيت لوحدك لازم حد يبقى معاكي 


اعترضت  ولكنه هتف بحزم وقد قست تقاسيمه وهو يأمرها بالتالي : 


_قولتلك ادخلي 


لم تعترض على ما قال توجهت بخطوات ثقيله الى المنزل وتبع ذلك نظرات "يزن" الواقف على الدرج

يتابع ما يحدث تفحصه "يزن" بعينه جيداً  لاحظ "بدر" نظراته المريبه لهُ فأسرع بالتحرك بخطوات واسعه بعدما تأكد من دخولها الى المنزل بأمان ، 

توجه "يزن" الى المنزل خلفها يجذبها من مرفقها بعنف سائلاً :


_مين الواد اللي كنتِ معاه ده ياغدير 


تلعثمت في الأجابه ولكن الرد الأسرع اتى من "حسان" بقول :


_ ده الواد العجلاتي اللي الهانم ماشيه معاه 


نظر الأثنان لبعضهما وهتفت :


__احترم نفسك ايه ماشيه معاه دي 


طالعها "حسان" بسخريه :


_اومال تسميها ايه ياست البنات يامحترمه


وجه " بربروس " حديثه لـ"غدير " : 


_ ألم أحذرك منه من قبل أيتها الصغيره 


لم تستطع الرد ولكن  رد "حسان" بدلاً عنها ساخراً :


_ الهانم كل يوم والتاني عنده ولما قولتلك ياشيخنا دافعت عنها وقولتلي ماتقولش عليها كده 

وخرستني وحسستني بالذنب انت وابله مارال فاكر ولا افكرك 


فكرهُ بحديث لهُما سابقاً حين امضت الليل بأكمله بالخارج ولم تأتي الا الصباح برفقه "بدر" في ليله ممطره  ، تذكر "بربروس" هذه الليله يوجه حديثه اليها  : 


_ ما نوع العلاقه التي تجمعك بهِ ايتها الصغيره 


من جديد لا رد وبتر الحديث حين انضمت " الخاله والطبيب  " اليهم بقول :


_ العيب مش على "غدير " الفتره اللي فاتت كلنا كنا مضغوطين ومحدش فينا اخد باله منها ولا حاوط عليها


غزو من التوتر صار بكامل جسدها ولكنها دافعت عن نفسها بقول :


_ انا مش صغيره عشان حد ياخد باله مني ياخاله


تفحصها "يزن "  بعينيه وكان رده هو الاصعب  :


_ اخرسي ياغدير ،  الواد ده انا مش مرتاحله 


جذب المقعد بجواره يشير اليها بعينيه بقول :


_أنتِ هتقعدي دلوقتي تحكلنا كل اللي حصل عنيكي اللي بتهرب مننا ومش قادره تبصي في وش واحد  فينا ، ارتباكك ،  وفركت صوابعك ، رعشت صوتك بتقول ان في حاجه غلط وانتِ عملتي مصيبه فتحكيلنا كل حاجه كده بسرعه والواد ده عرف عننا ايه بالظبط 


هنا حيث تسابقت دموعها على وجنتيها وخرجت ساره ومارال من غرفه "ياسين" حاوطها اعين الجميع حتى "زهره" باستثناء "شمس" التي فَضلت الجلوس بغرفه "ياسين" حتى لا تواجه والدتها ومع ذلك انقبض قلبها تحاول استراق السمع ولو قليلاً  وبدأت "غدير " بسرد ما حدث من اللحظه الأولى التي رأتهُ بها حتى هذه اللحظه ومقابلتها لصديقه "أبو المعاطي " وما ان ذكرت أسمه حتى بتر "بربروس" حديثها بقول :


_أبو المعاطي !!


تحولت تقاسيمه وهو يستفسر  بقول : 


_ أيمكنك وصف ملامحه أيتها الصغيره 


وبالفعل بدأت بوصف ملامحه حتى تيقن "بربروس" من أنه هو نفس الشخص ولكن يبقى السؤال يطرح نفسه ما العلاقه التي تجمعهما سوياً

ولم ينتظر كلاً من "الطبيب" و"يزن "حتى أجمعوا الخيوط سوياً  


دقات متتاليه من "ساره" اجبرت "غدير الى العوده  الى واقعها ، ثم تركت نفسها للبكاء وهي تغطي وجهها ، تتمنى لو تتبخر من هذا العالم حتى تنسى فعلتها 


----------------( بقلمي ماهي احمد)-----------------

مشيره الأن بمنزلها  بالقاهره تريد التدخل وبشده ، ما الذي  يحدث بقريه" ال صاوي " وما يحدث لياسين  ، الف سؤال وافكار متزاحمه بداخل رأس"مشيره" تناولت كوب الماء من جوارها وارتشفت منه ثم اعادته مكانه ، تصفحت هاتفها على موقع" الفيس بوك"  تتصفح حسابات كل من لهُ علاقه بياسين  لمعرفه اي شىء عنه لكن دون جدوى ، واخيراً تصفحت الحساب الشخصي لـ"حسان" لتجد منشور تم تحديثه منذ ثواني محتواه عباره عن :


_الدنيا وحشه اوي من غيرك ياياسين ممكن الكل يدعي لعم ياسين ربنا ينجيه على خير


وجدت فرصتها حادثته عبر تطبيق الرسائل سائله :


_في ايه ياحسان ياسين ماله 


تنكر معرفتها بكل شىء ولا بد لها من سؤاله حتى تتخذ خطوتها التاليه ، رأى رسالتها ولم تتلقى رد بالرغم من قراءته لرسالتها فقررت مهاتفته وحين اتاها الرد حاولت تصنع الهدوء بقول :


_انا مش بكلمك ياحسان على الماسنجر  مابتردش عليا ليه ؟


اخبرها بنبره شبه باكيه:


_عم ياسين البوليس جه اخدو ياطنط مشيره اتهموه انه قتل فريد  ومش عارفين نوصله من وقت ما البوليس جه وخدوا  بس عرفنا مكانه والخاله والباقي عايزين يهربو من البلد  عايزينه يطلع من القريه  سمعتهم بيقولوا انه عايزينه يهرب  على المانيا بس مش عارفين ازاي ،  الدمنهوري عامل عليه زي الكماشه ومقفل عليه من كل حته أنتِ عارفه هو واصل قد ايه وايده طايله تعالي ياطنط مشيره شوفيلك حل انا خايف على عم ياسين اوي 


تنهيده طويله خرجت منها حين أخبرها بكل شىء ،  نجح مخططها كم رسمت له ُ، خفض صوته واصبح شبه هامس وهو يخبرها:


_بس أوعي تقولي لحد أني قولتلك أعملي نفسك أكنك عرفتي من بره 


ردت وهي تحاول تهدئته :


_ماتخافش ياحسان مش هقول لحد انا عايزاك تهدى انا هاجي القريه في أقرب وقت ومش همشي  منها الا وياسين معايا 


اغلقت الهاتف بعدما طمأنته بابتسامه وذهب عقلها في جوله للقائها الذي تم منذ أيام مع "فريد"

يوم مقتله حين قابلته في أحدى الملاهي الليليه حيث الموسيقى الصاخبه والحشد الذي يتراقص هنا وهناك دارت بعينيها بالمكان تضع حقيبتها على طاولته ناطقه بملل:


_خير جايبني هنا ليه في نصاص الليالي ياسي فريد 


تجرع من كأسه كالمجنون وسألها بنبره عاليه لتسمعه من بين الموسيقى الصاخبه :


_بتحبوه على أيه 


قطبت حاجبيها سائله :


_هو مين 


ضغط بقبضته على ذراعيها بعنف :


_أنتِ عارفه مين بطلي استعباط ، إذا كنتِ أنتِ ولا شمس ، دماغي هتنفجر من كتر التفكير ، بتحبو واحد مش من البشر ازاي 


تصنعت عدم معرفتها وغزت الربكه وجهها بقول :


_أنا مش فاهمه أنتَ قصدك على مين 


اطاح بمحتويات الطاوله وأخذ يلهث بعنف  وقد حملت نظراته غضب أمتزج بألمه هاتفاً :


_لا أنتِ فاهمه كويس أنا اقصد ايه ، أنتِ عارفه أن ياسين مش بشري ومش عايزه تعترفي بده عشان بتحبيه ، مش فارق معاكي أي حاجه كل اللي فارق معاكي انه يحبك ويبقى معاكي في يوم وبس 


افقدتها صدمه معرفته بحقيقه "ياسين" النطق ، جذبت كفه لتنزله بقوه من على ذراعيها ونجحت بالفعل استدارت تستعد للمغادره ولكنه جذبها بقوه أكبر من مرفقيها بقول :


_أستني هنا ، مش هتمشي غير لما افهم بتحبو على ايه الاول ، أنا عندي استعداد ان شالله ادفع عمري كله بس اعرف ايه اللي بيجذبها لواحد زي ده وتفضله عليا ، واحد لما يغضب بيتحول زي الشيطان عنيه بتبقى بلون الدم ، سرعته مهوله ، وقوته اضعاف 


طالعت الجوار بارتباك تحذره :


_هووووش وطي صوتك 

_مش هوطي صوتي وهفضحه في كل حته هخلي العالم كله يعرف حقيقته 


وضعت يدهُ على فمه فلم يستطع الحديث عيناه تقابل عينيها وقد لمحت  بهما الاصرار فأردفت بقول :


_عايز تعرف بنحبه ليه 


نجحت بجذب انتباهه يشير برأسه بالأيجاب ابعدت كف يدها عن فمه تطالعه باشمئزاز : 


_عشان راجل ،  مش زيك ، خايب ، مابتعرفش تاخد خطوه واحده غير لما ترجع لبابا الوزير ، لما يحصل حاجه بتلاقيه في ضهرك ، سندك ، عيلتك ، عزوتك انا عيشت مع ياسين عشر سنين مالاقيتش منه غير الحنيه والخوف عليا ، لما تبقى معاه ماتبقاش عايز حاجه تاني من الدنيا ، ولما يقرر يبقى ضدك بيعرف يبعدك عنه من غير ما يأذيك 


طالعت رجفه جسده تسترسل :


_واضح انه عملك زياره قريب لدرجه انك بتترعش بس من سيرته وخلاك تيجي هنا عشان تشرب وتنسى ، ياسين اخد شمس منك عشان أنتَ مش راجل ومافيش ست بتحب عيل ، 

فهمت بقى بنحبه ليه من الأخر عشان هو يتحب 


كاد ان ينطق ولكنها بترت حديثه بقول :


_حتى لو كان شيطان مع انه مش كده 


غزا حصونه الدموع التي صارت أقرب رفيق لهُ ، اقتربت منه بخبث قائله :


_لا لا ماتعيطش يافريد أنتَ اقوى من كده 


اخرج حبيبات الدواء الخاصه بهِ من جيب بنطاله لمحاربه الاكتئاب ابتسمت حين رأتها وعلمت بمرضه واردتها فكره وقبل ان تخبره نطق هو بقول  :


_انا طول عمري فاشل في حياتي ، ابويا عمره ماشافني ، دايماً شايفني ماليش لازمه وان لولا وجوده كنت هبقى ضايع من غيره ، لحد ما خلاني مابقيتش عارف اتصرف ، مش عارف اتحرك من كتر القيود اللي حاطتها حواليا ، كل الناس بتعاملني باحترام عشان انا ابن الدمنهوري ، لو طلبت اي حاجه من حد ماحدش بينفذلي اللي  عايزه الا لما يرجع لوالدي الاول ،  ماحدش بيرغب فيا عشاني انا ، كله بيكلمني عشان انا ابنه هو لحد ما خلاني ادور على الحب بره وكل ما احب واحده ماتحبنيش 


هو ايضًا يعاني الخوف ولكن زاد عليهِ الشعور بالوحده ، ولكنه نفض شعوره عنه سريعًا وازاح بيدهِ الطاوله حتى تهشم ما تبقى عليها واعتلاهُ الكبر 

بقول :


_بس أنا مش هسيب ياسين  ياخد شمس  مني حتى لو فيها موتي ، أنتِ فاهمه 


اقتربت منه تهدئه وهي تربت على كتفه بقول :


_ طب اهدى ، اهدى عشان نفكر ، أنتَ عايز شمس وانا عايزه ياسين يعني المصلحه واحده  ولو وافقتني هنعرف ازاي نفرقهم عن بعض وكل واحد فينا يبقى عمل اللي هو عايزه ، اتفقنا 


نجحت بجذب اهتمامه يخرج  علبه الدواء الخاصه بهِ مره اخرى يتجرع منها دواءه 


فاقت من شرودها على احدى مكالمات شقيقها المعتاده طالعت الهاتف بتذمر وقامت بأغلاقه وهي تقول :


_خلاص ياياسين هانت كلها شويه ونرجع المانيا 

ونسيب البلد دي خالص وقتها بس هترجع ياسين اللي اعرفه معايا دايماً بتاع زمان 


----------------( بقلمي ماهي احمد)-------------------


ما يحدث لـ "ياسين"  جعله في أشد الحاجه الى الراحه استجمع قواه  يزحف ببطىء شديد محاولاً الوصول الى الحائط وقد نجح بذلك ، سند ظهره  ، يتأمل زنزانته يحاول الشعور بما شعرت بهِ "شمس"  طوال سته عشر عاماً ، شعور بالندم يعتصر قلبه الأن ، يريد عيش ما عاشته من الالام لعل ذلك يخفف شعور الندم الذي بداخلهُ،  وكأن في داخله طفل وحيد يصرخ بدون كلمات على أمل أن يعثر عليه أحد لينتشله من ندمه ، ذهب بذهنه الى كلماتها حين قالت :


_انا حبيتك ياياسين 


ابتسم بهدوء ، وسرعان ما انمحت بسمته 

حين وقع على مسامعه صوت "عمار" حين قال :


_مبسوط عشان قالتهالك مش كده


يعلم جيداً أنه ما سوى خياله يحادثه ولكنه افتقده ، افتقد عمار وبشده فسيقبل بأي شىء ليبقى بجانبه حتى لو كان مجرد خيال قرر مجاراته بقول :


_مش عارف 


جلس "عمار " بجواره بعدما اسند ظهره على الحائط هو الأخر وقام بأخراج زجاجه شيري كولا من جيب سترته وهو  يخبره : 


_لا عارف 


فتح الزجاجه مسترسلاً :


_جزء منك كان نفسه يسمعها بس انا جواك ، فمش قادر تجاريها ، عاوز تعرفها أنتَ قد ايه بتحبها بس دي كانت حبيبه ابنك اللي كان بيتمناها من الدنيا ، لو قولتلها وانا كمان واعترفتلها هتحس انك خنتني ، جواك احساس انك مش هتقدر تلمسها وكأنها متحرمه عليك علشان المفروض كانت هتبقى ليا في يوم 


غمز لهُ بعينيه اليسرى بعدما تجرع من زجاجته  : 


_وكمان عشان انتَ بتحبني ومش قادر تنساني زي ماهي نستني 


انتظر "عمار" رده ولكنه ابتسم واتسعت بسمته حتى علت صوت ضحكاته ، تهكمت تقاسيم "عمار" 

وسبقه فضوله بسؤاله :


_بتضحك على ايه 


فأخبره من بين ضحكاته التى لم يستطع التحكم بها بقول :


_انا ازاي كنت اعمى كده ، أزاي مكنتش شايف اللي أنا شايفه دلوقت 


لمع غضبه في عينيه وهو يسأله :


_تقصد ايه بكلامك ده 


تنهد "ياسين"وتابع :


_أنتَ اصلاً مابتشربش شيري كولا  ، أنا اللي بشربها  وانا كل امنيتي في الحياه دلوقتي أني اخد بوق واحد منها  ، وأنتَ دلوقتي بتشربها ، أنت مجرد انعكاس للي جوايا في صورة اكتر شخص اتمنى وجوده في حياتي وهو "عمار" 


قال كلماته الأخيره بحزن ظهر جلياً على وجهه ، وأختفت زجاجه الشيري كولا  من بين يدي "عمار" وهز "عمار"  رأسه وهو يخبره : 


_أنتَ مابقيتش عايز تشرب الكولا  خلاص عشان كده مابقيتش بين ايديا ياياسين ، خلاص أنتَ من جواك عرفت وبقيت متأكد أني مش موجود أنتَ من جواك خفيت مني ،  وبقيت تقدر تتخلص مني في أي وقت 


تسابقت الدموع على وجنتيه يكمل حديثه :


_مستني ايه ، طلعني من جواك أنتَ كمان ياياسين انساني عشان تقدر تعيش وتكمل حياتك 


اجابه بدموع ممتزجه بقهره :


_مش قادر ياعمار ، مش قادر اسيبك تمشي حتى لو عارف انك خيال وانك مش حقيقه ، خيالك ده اللي مصبرني على دنيتي اللي عايشها ، فكرة اني مش هشوفك تاني مخلياني مرحب بالموت بعد ما زهدت دنيتي من غيرك ، حتى قربي من "شمس" بيوجعني عشان بشوفك فيها أنتَ أحق مني بيها


الحمره التي غزت عينيه ، وتقاسيمه تدل على بكاء شديد ، الخيبه التي تطل من عينيه ، ممزوجه بالقهر فيراه كل من لمحها ، حتى انعكاس صورته رأى ذلك حين قال :


_جوه قلبك شرخ كبير حيره خلتني مصدقك المره دي ، بس موتك ياياسين مش هيرجعني لكن هيتعب اللي حواليك ، عارف انك استسلمت بعد موت "فريد " موته أكدلك ان شمس بقت في امان ومابقيتش عايز حاجه تاني من دنيتك وزي ما قلت بقيت زاهد في الدنيا ، الدنيا مارحمتكش وانت مش عايز ترحم نفسك ، بس فكر انا لما سيبتكم ومشيت ، اللي حواليا اتأذوا وتعبو من غيري أنتَ ويزن وشمس كلكم وأنتَ لو استسلمت للموت هتأذي برضوا اللي حواليك وأولهم شمس ، كفايه أذيه ياياسين ، كفايه لحد كده روحك تعبت من أذيتك ليها 


أخبره وروحه تنفر من هذا وبشده :


_نفسي أنساك وابدأ حياه جديده مافيهاش وجع تاني ، بس مش قادر ياعمار مش قادر أنساك ، أنتَ جزء مني مهما حصل هتفضل جوايا ياحبيبي 


اقترب منه يرفع كفه وبالرغم من علمه بأنه مجرد وهم لا اكثر الا ان اشتياقه له يرغمه على فعلها بقول :


_ نفسي المسك ، نفسي اخدك في حضني ، لو كنت حقيقي مكنتش سيبتك لحظه ، كنت عوضتك عن سنين كتير اتظلمت فيها ، كنت هبقى جنبك وضهرك وسندك ، كنت هبقى العوض ليك ياريتني كنت عرفت انك اللي بدور عليه من سنين قبل المعركه ياريتك كنت حقيقي 


ابتسم "عمار" ابتسامه حب وهو يقول :


_بس أنا مش حقيقي ، انا مجرد وهم في خيالك ، 

مش موجود ياياسين ، بس في غيري محتاجك ولسه عايش ومستنيك تطلع من اللي أنتَ فيه عشان تعوضه باللي اتحرم منه زمان زي ما انا اتحرمت منه ،  عوض شمس ياياسين بوجودك جنبها مش في بعادك عنها انا مت بس هي لسه عايشه  


رجاء من جديد وهو يستعطفه :


_ماتقولش على نفسك ميت ياعمار ، ماتقولهاش ياحبيبي


هتف بما جمده مكانه :


_حقيقه بلاش ننكرها عشان تقدر تكمل وتعيش ياياسين ، أنتَ تستحق انك تكمل وتعيش ، حاسس اني لو كنت عايش كنت هحبك عشان من جواك نضيف 


وقف " عمار " من مكانه وطالعه "ياسين " ليتبين خطوته التاليه حتى وجده يقف أمامه :


_قوم ، قوم أنتَ مش هتستلم قوم في ناس محتاجينك ، بس بشرط  مش هتستسلم من غير ما تضر حد اوعدني ياياسين 


مد كف يدهُ له ،وتفوه بما جمده بنبره حانيه :


_اوعدني يابابا


هل قالها ، هل حقاً هتف بها للمره الاولى فقد سمع منه كلمه "بابا " بالأخير ابتسم على قوله حتى لو كان من الخيال فقد ارضاه هذا حقاً وشعر بتصالح مع الذات اخيراً ، حاول الوقوف مجدداً ولكن كثره العقاقير التي حقن بها ، خذله جسده  ، أن الألم قاتل ليس  ألم قاتل فقط بل مميت ، مميت الى حد لا حد لهُ


---------------(بقلمي ماهي احمد)--------------------


تشعر بالأسى والحزن  وكأنها فتاه في الاربعين من عمرها ، بداخلها بركان يود لو ينفجر الأن ، تنصت "شمس" لحديث الضابط "أحمد " وهو  يجلس أمام "الخاله" بالحديقه خارج المنزل والجميع حوله بلا استثنا يهتف بما لديه :


_انا جتلك النهارده ياخاله عشان مش بس ياسين اللي في خطر ، القريه كلها في خطر هدوء القريه وصفوها اللي فضلتي تبني في سنين هيتهد على دماغنا كلنا ياخاله ، لازم نهرب ياسين في اقرب وقت الدمنهوري بيحاوط القريه برجالته يوم عن يوم رجالته بتكتر حوالين القريه  ومش هيخلي فيها واحد سليم بس لمجرد انه من عيله الصاوي ، 

حرقته على ابنه مخليه ناره ماتهداش الا بحرق كل اللي حواليه واللي من ريحته ومعاه ، انا حاولت اتواصل مع ياسين كام مره تحت في القبو بس معرفتش  ، وكأنه مستسلم للموت ، ده حتى مش بيقاوم وهو بياخد الحقن  ومش عارف اعمل ايه مالقيتش حل غير أني اجيلك هنا رغم ان انا مدرك لخطر مجيتي لحد بابك بس القريه كلها هتنهار لو معملناش حاجه ومحدش هيسمع بينا 


انتبهت لهُ بهدوء وردت : 


_واحنا في ايدنا ايه نعمله يابني 


انكمش حاجبي "الضابط " احمد وسأل "الخاله " :


_ازاي يعني ياخاله اللي بتقوليه ده ، أنتِ كبيرة القريه ولازم تتصرفي 


بررت سريعاً متهربه من اسئلته :


_يعني زي ما قولتلك ياولدي احنا مش بأيدينا شىء نعمله ،  انا ست العجز اكل روحي قبل ما ياكل جتتي ،  الزمن هد حيلي بزياده ومستنيه أمر ربنا في اي وقت ياسين حفر قبره وقبر كل اللي حواليه بأيده لما قتل فريد وبعدها استسلم 

للمـ ـوت ومش عايز ينجى بحياته ومهمهوش حياتنا من بعده هتبقى عامله ازاي ، وقريتي انا مش هسيبها انا عيشت واتربيت فيها وهندفن برضوا فيها 


علم ان هناك شىء خفي ولكنه لم يضغط عليها جذب قبعته الخاصه ببذلته العسكريه  من على الطاوله يستعد للنهوض ، فجذبت "مشيره " أحد المقاعد لتنضم الى جلستهم ، هذا الانضمام الذي تبعه توتر ساد على الجلسه وصمت الجميع لم يقطعه الا قول مشيره الغاضب : 


_ يعني هنسيب ياسين يضيع مننا ونقعد نتفرج عليه ياخاله 


قست تقاسيم "الخاله " وردت السؤال بسؤال اخر :


_ايه اللي جابك يامشيره من تاني وعرفتي منين اللي بيحصل في قريتنا 


تحدثت "مشيره" تشير بعينيها على "حسان " وهي تردف :


_شوفت حسان وهو منزل بوست على الفيس بوك بقد ايه هو زعلان وحزين دخلت وكلمته وحكالي على اللي حصل 


شهق "حسان " وهو يطالعها بعدم تصديق ثم رمقه "الطبيب" بنظره ملامه على ما فعله كسا عينيه بريق نادم على فعله وهو يقول :


_أنا ماقولتش حاجه انا بس كنت خايف على 


_خلاص ياحسان خلصنا 


كانت هذه كلمات "الطبيب" كلمات خرجت منه حاده ، تخبره برساله غير مباشره أن يلتزم الصمت

فأكملت "مشيره "حديثها تسترسل :


_ اما بقى انا جيت هنا ليه انا جايه عشان ياسين انا وياسين مش مجرد اتنين تجمعهم صداقه ياخاله وبس ، كتير كان بيحصل بينا مشاكل وكان بيقولي ابعدي ولما كان بيحس انه غلطان كان بيرجعلي تاني ، وانا برضوا نفس الكلام كنت ببعده عني لما بضايق منه وبرجعله تاني ، ياسين بالنسبالي مش مجرد صديق 


_اكملت بعينين تفننت بأظهار البراءه فيهم بقول :


ياسين عشره عمر  "ياخاله " ومن الطبيعي لما اشوفوا في مصيبه زي دي ومش اي مصيبه دي مصيبه كبيره لازم اقف جنبه حتى لو هو مش عايزني جنبه 


نجحت في جذب الانتباه وأكملت متصنعه ببراعه انها المظلوم:


_انا معملتش حاجه وحشه ولا اذيت اي حد فيكم في يوم عشان اشوف نظرت الكُره دي في عنيكم 


وزعت نظراتها على الجميع وهي تردف :


_من اول لحظه شفتوني وانتوا مش طايقني مع اني حبيتكم حتى من قبل ما اشوفكم من كتر  كلام ياسين عنكم


رمقت تلك الواقفه بالجهه المقابله بقول :


_حتى أنتِ ياشمس حبيتك من كتر كلام  ياسين عليكي ، صدقيني ياخاله انا مش وحشه زي ما انتوا فاكرين ، انا لو كنت وحشه مكنتش خليت ياسين يرجع تاني ليكم كنت ممكن اخليه يفضل عايش في المانيا على طول 


أغمضت عينيها بحزن من كثرة دموعها المصطنعه وهي تنطق عكس ما بداخلها :


_بس انا اللي اصريت انه ييجي عشان يبقى وسطكم ومعاكم اعمل ايه تاني عشان تصدقوا اني معاكم مش عليكم 


تصنعت "شمس" الشفقه وهي تقول لها مستهتره بمشاعرها :


_ياحرام صعبتي عليا 


فوجدتها تطالعها بعينين برعا في قول الحقيقه :


_اختلافك في حبك او كرهك ليا ياشمس مش هيغير حقيقه ان ياسين في مشكله كبيره ولازم كلنا نبقى ايد واحده ونفكر هنطلعه منها ازاي 


انتظرت "مشيره" رد حتى اردف "يزن" بقول :


_مشيره عندها حق ياخاله ، احنا لازم نعمل اي حاجه عشان نطلع "ياسين" من اللي هو فيه


وجه حديثه الى "الضابط  احمد " ورد " الطبيب " بدلاً عنه :


_وكمان عشان ننقذ اهل القريه لازم نهرب ياسين من هنا خالص ، اهل القريه مالهمش ذنب في اللي بيحصل 


اشار بعينيه الى " الضابط احمد " يسأله :


_تعرف تجيبلنا اخباره وتوصله رسالتنا 


انتبه لهُ ، وهز رأسه موافقًا :


_اكيد اعرف اجيب اخباره ، بس مش عارف اذا كنت هعرف اوصله رسالتكم ولا لاء 


نطق "بربروس " باصرار :


_ليس بمقدورنا أن نطلب منك سوى المحاوله ، فمحاولتك تكفي وتوفي 


طالعه "الضابط  " يجيبه بنظره بدا فيها التعب واضحًا :


_هحاول ، ايه هي رسالتكم 


لاحظ " يزن" ثقل عينيه اقترب منهُ وهو يخبره :


_باين عليك تعبان 


وافقه "الضابط " الرأي بقول :


_فعلاً مانمتش بقالي يومين 


اشار "يزن" برأسه لبوابه المنزل وهو يقول :


_طب تعالى هقولك ايه الرساله اللي توصلهاله وانا بوصلك لبره


تبعتهم " مشيره " بعينيها حاربت برفع عينيها من عليهم ولكن فضولها كان له الجانب الاكبر في معرفه الرساله التي يخبرهُ بها " يزن " الأن 


---------------(بقلمي ماهي احمد)-------------------


اكثر الأشواق قتلاً ، هو الشوق لمعرفه الحقيقه ، نهرول بحثاً عن السر  ، سر انتحاره ، هي الأن بغرفته تبكي وبحرقه  تعلم والدة فريد جيداً بأنه انتحر ولم يتم قُتله ممسكه بيدها ورقه مدون بها اعترافه ، اعترافه الذي قرأته مئات المرات حتى حفظت كلماته عن ظهر قلب ولكنها لم ترى ما بين السطور رأت فقط ما تريد رأيته من بين اعترافاته التي دونها برسالته :


_ أنا خلاص زهقت من العيشه واللي عيشينها كل يوم الخوف بيزيد اكتر جوايا  ، انا ياسين وصل لحد بيتي ، لحد اوضه نومي وهدد بموتي لو سببتله مشاكل  ومقدرتش اعمله حاجه ،

وقفت قدامه زي الاهبل لحد ما عملتها على روحي من خوفي منه  ياسين دخل اوضتي ووصلي رغم الحراسه الشديده اللي بره وعرف يدخل الخوف جوه قلبي اكتر ما انا خايف ،  وابويا واقف يتفرج عشان خاطر منصبه وعلشان مايطلعش من الوزاره  عمر ما حد فيكم فكر فيا فكر في ابنه ، كان هيجرى ايه لو كنتِ زي الامهات تبقي معايا ، تحتويني ،  تسألي عني ، تحبيني ، بس ازاي وانتِ مش فاضيه الا لصحابك والشوبينج والنادي واللي بيتقال وبيجرى فيه ، انا مش مسامحك ولا مسامح والدي ومش هسامحكم اكتر لو ما جبتوليش حقي من ابن الصاوي هو جالي وسابني حي بس ياريته كان قتلني بدل ما يسيبني عايش مستني الموت على ايده لو عملت حاجه معجبتهوش في يوم  ، انا قررت انتحر  لما عرفت ان مافيش حد هيقف قصاده ومافيش حد معايا وكل ما اكلم والدي يقولي اصبر ، اصبر ، اصبر لحد امتى لحد ما هو يموتني بأيديه انا مش هستنى لما ياسين يموتني ولا هعيش في خوف انا هموت نفسي بنفسي ممكن وقتها سياده الوزير يتحرك ويعمل اللي معملهوش وانا عايش ، يمكن موتي يحركه ويتصرف زي اي اب زعلان على موت ابنه وياخدلي حقي من ابن الصاوي اللي لو كان من البشر ممكن وقتها كنت اعرف اتصرف 


قبضت بيدها على رسالته تردد بتفكير زائد هامسه لنفسها اخر كلماته :


_اللي لو كان من البشر كنت  ممكن وقتها اعرف اتصرف ، يعني ايه ، يعني ايه الجمله دي يافريد 


بتر حديثها الهامس لنفسها دخول " الدمنهوري " الغرفه  وقد جلس على المقعد وهو يتطلع الى الرساله بنظره جانبيه سائلاً :


_قرأتي الرساله للمره الميه النهارده 


سألها ، فطعمت حديثها بالدموع وكانت بصادقه حقاً في مشاعرها:


_لاء الألف ، الالف يادمنهوري قرأتها لحد ما بقيت حفظاها وحافظه كل حرف فيها 


مدت كف يدها برسالته بغضب عارم:


_واللي مش فهماه اخر جلمه انه ياريت اللي اسمه ياسين ده يكون من البشر ، جملته الاخيره دي هتجنني يعني ايه مش من البشر ، يقصد ايه بالجلمه دي


ترك مقعده واستقام واقفاً ، هبت هي الأخرى منتظره اي حديث يرضي فضولها ولكنها سمعت منه ما زاد في تشتت عقلها :


_يقصد انه كائن غريب عنا ، انا في الاول ما صدقتش لما قرأت الرساله وقولت اكيد من كتر الشرب ولا من كتر المهدئات اللي كان بيشربها لحست مخه ، بس لما جبت ياسين وحبسته التعذيب ما بيأثرش فيه  فهمت قصده وعرفت انه فعلاً كائن غير البشر مابيموتش لا بالرصاص ولا الزمن بييجي عليه 


صدمه حديثه افقدتها النطق ، مسحت دموعها بعنف وقد ظهر الغل في عينيها:


_علشان كده لما جه لفريد هنا من خوفه ، من خوفه ماقدرش يمسك نفسه قدامه 


أشار برأسه بالأيجاب وتابعت بسؤاله:


_وبعدين ايه العمل يادمنهوري 


تردد على ذهنه ما حكاه "بدر " لهُ عن " الغريب " بعدما اطمئن على خالته :


_عرفت من واحد اسمه بدر ان في عالم اسمه الغريب الوحيد اللي يقدر يصنع سم موته ، ولازم يموت بأسرع وقت بس الاول اشوفوا بيتعذب قدامي قبل ما الخبر ينتشر لو حد من الداخليه عرف انه كائن غريب هياخدوا مني  ، وهتعمل عليه مشاريع وهيبقى حديث الناس ومش هقدر اقتله ولا اتشفى فيه انا عايزه يتعذب وهو حي ويشوف حبايبه كلهم بيموتو من حواليه واخر حاجه يقتل نفسه بنفسه عايزه يتمنى الموت ومايلقهوش انا حاوطت اهل قريته كلها وهخليه يشوفهم كلهم بيموتو قدام عنيه ، قولتهاله قبل كده هيتمنى الموت ومش هيطولو وده وعد اخدته على نفسي لي 


دقات متتاليه على الباب من احد حراسه تبعها فتحها للباب سمع صوت الحارس بقول :


_دمنهوري بيه ، الغريب دلوقتي وصل القريه 


لم يستدر بل أمره وهو يقول :


_ارمي في القبو مع ياسين  خلي يشوف اللي هيحصله لو مانفذش اللي احنا عايزينه 


تبع حديثه نبرة زوجته المحذره وهي تشير بسبابتها :


_اوعى تسيبه يادمنهوري لازم تجيب حق ابننا منه 


تنهيده طويله خرجت منه تبعها قوله : 


_ده أكيد 

-----------------( بقلمي ماهي احمد)----------------


يجلس "ياسين"  وحيداً بالقبو على حالته ولكنه وجد الباب يفتح وقد أتت منهُ دفعه قويه لشخصً ما  من حارس القبو تبعها غلق الباب بقوه ، دار بعينيه في ارجاء المكان فالظلام حالك هنا لا يوجد سوى ضوء بسيط يتسلل من بين قضبان الباب الحديديه الصغيره دار بعينيه بالمكان على أمل ان يستطيع رؤيه اي شىء هذا المكان قاتم بالنسبه لهُ رفع نظارته من  على أنفه يتحسس الحائط بقول : 


_أعوذ بالله من من من من 


انكمش حاجبي "ياسين" عند سماع صوته فهذا الصوت مميز بالنسبه لهُ هل ما يسمعه صحيح ، هل هو هنا حقاً بعد هذه الأعوام ، ابتسم يستكمل جملته على طريقته :


_مني ياغريب 


انتفض "الغريب" عند سماع صوته ، حول 

"ياسين " عينيه للون الأحمر القاتم يتابع  :


_  أعوذ بالله مني ، اصل انا  الشيطان 


عاد "الغريب" للخلف بخطوات سريعه عند رؤيه عينيه الحمراء وسط الظلام الدامس ارتطم ظهره بالحائط ودون قصد اشعل زر الضوء بسبب ارتطامه ،  ابتلع ريقه عند رؤية حالته هكذا مكبل بالأصفاد عاري الجسد رفع نظارته من على انفه وهو يلهث :


_يا ، يا ، يا  ياسي ، ياسي ، ياسين 


نطق اسمه بأسى لا يعرف أسى على حاله الذي اصبح عليه اليوم او اسى منه ، اقترب بحذر يتفحصه بعينيه ، أنه لم يتغير ، بل شىء واحد فقط حدث ، ازدادت جاذبيته ناهيك عن ما وصل اليه حاله ولكنه لم يتغير بتاتاً قاطع تفحصه لهُ جمله "ياسين"  ببسمه ساخره  :


_ ايه بقيت قمور ، هتكلم بابا امتى بقى 


فلتت ضحكه منه رغماً عنه ، لم يتغير البته حتى في حديثه الساخر ،  احتشدت مشاهد كثيره برأس "الغريب" يتذكر اخر ما حدث بينهم منذ عشر سنوات وهو اتفاقه مع الخاله بأنه سيوافق عما يطلبه منه العربي  فأسرع يبرر سريعاً لهُ وبأعتقاده أنه هو من أتى بهِ الى هنا ليعاقبهُ على فعلته :


_احنا ، احنا اخر اخر مره لما كنا قبل قبل الحرب الخاله ، انا مابعتكمش الخاله هي ، هي ، هي 


اوقفه بنفاذ صبر :


_غــــــريــــب ، ارحم متوفين أمي و العيانين كلهم خد نفس وأنتَ بتتكلم ياغريب انا على أخري 


تنفس بعمق وأخرج حديثه دفعه واحده :


_اخر مره قبل المعركه بيوم انا مابعتكش والله للعربي ده انا كنت متفق مع الخاله علشان اوقع العربي حتى اسألها 


أسرع "ياسين" يضيف قول ما فهمه ساخراً :


_هو أنتَ فاكر أن انا اللي جايبك هنا عشان حاجه حصلت من عشر سنين فاتت 


رفع كف يدهُ امام عينيه بالأصفاد مسترسلاً :


_طيب وبالنسبه للحديد اللي في أيدي ده والبهدله اللي أنا فيها دي ملفتش نظرك لحاجه 


رفع نظارته من على أنفه  بتوتر يعتذر منه :


_ انا اسف ، انا كنت ، كنت فاكرك جا، جا ، جايبني هنا علشان ، علشان ، عش، عشان 


استوقفه "ياسين " بضجر :


_ طب تصدق بالله مش عايز اعرف عشان ايه  


بدا وكأنه لا يبالي وهو يستفسر  : 


_ياترى الدمنهوري عرفك ازاي وجابك عندي هنا ليه ؟


جلس "الغريب" بجواره ولكن على بعد متر تقريباً سائلاً :


_مين ال .. الدمن.. الدمنهوري ده 


_هوووش


خرجت من" ياسين" بنبره محذره يحاول تجميع الخيوط ببعضها قائلاً :


_هو أكيد عرف ان انتَ الوحيد اللي تقدر تصنع الحقن اللي تموتني بيها بس ياترى عرف ازاي وجابك عندي هنا ليه ؟ 


سأل وكانت الأجابه حاضره من الدمنهوري حيثُ دلف الى القبو قائلاً :


_ مممممم عرفت منين دي بتاعتي انا ، انا الدمنهوري لو عايز اعرف أنتَ بتفكر في ايه هعرف 


_لاء شاطر 


قال "ياسين" كلمته ثم طالع " الغريب" بجواره ساخراً :


_سقفه للقرد ياغريب مستني أيه 


استدار " الدمنهوري " لهُ وردعه بنظراته المحذره ، ثم رفع " الغريب" نظارته بارتباك سائلاً :


_ اسقف بجد 


تلقى ركله قويه بأحشائه جعلته يخرج صرخه عاليه وهو يقول :


_أنا ، أنا ، أنا كنت بسـ ، بسأل بس 


أكمل "الدمنهوري حديثه وهو يقترب منه قائلاً :


_ أما بقى أجابه السؤال التاني بتاع ياسين ، جيبتك هنا مع ياسين ليه ، ده علشان تشوف ياسين اللي  بكل قوته قاعد مذلول قدامك،  وأنتَ لو ما اتعاونتش معايا ونفذت كل اللي اطلبه منك بالحرف هتبقى زيه واكتر منه أنتَ فاهم ياغريب


ضحك "ياسين " وارتفعت صوت ضحكته وهو يخبره :


_ الغريب مش محتاج كل ده ، ده ممكن يقولك اسرار الدوله كلها لو شخطت فيه مش اكتر 


اضاف تحت نظراته المستنكره :


_مش محتاج كل ده صدقني 


اشار بعينيه للـ "غريب" ساخراً :


_مش كده ياغريب 


هز "الغريب" رأسه مؤكداً على حديث الجالس جواره :


_ أه ، أه صدقني أنا ، أنا ممكن أعملك أي ، أي حاجه بس ، بس ما ، ما تأذنيش 


ابتسم  ياسين ساخراً :


ـ اخلاقك احرجت متوفيين اهلي ياغريب


اشار "الدمنهوري " بعينيه للحارس يأمره :


_هاتوه ورايا 


عاد "الغريب"  للخلف ناحيه "ياسين " من كثرة ذعره ، شعر بقرب ياسين منه استدار بجسده سريعاً لهُ فرأى في عينيه نظرات غاضبه كاد ان تفتك بهِ ، هب ياسين ناحيته وقبل ان يقدم على خطوته التاليه شعر بشىء يخترق جسده ، شىء اوقفه عن ما يريد دون ان ينطق بحرفٍ واحد 

رحل "الغريب" تحت أنظاره مسح وجهه بتعب خاصهً أن ما حدث من "الغريب" للتو لم يكن في حسبانه  


----------------------


في نفس التوقيت كان "بربروس" يستلقى بجانب 

زوجته على الفراش طالع ساعته وجدها قرب الفجر تقريباً  ، رمقها بعينين زاد بريقهما عند رؤيتها مستغرقه بنومها كالطفل الصغير بعد يوم تعب كبير ، قبلها على جبينها بحب وتحرك ببطىء اقرب للتسحب حتى لا تستيقظ ، فهي عادةٍ تستيقظ في مثل هذا التوقيت لتحضر لوالدتها مياه الوضوء لتستعد لصلاه الفجر اتجه "بربروس" الى غرفه والدتها ووجدها مستيقظه اقترب منها ببسمه زادت من نور وجهه قائلاً :


- اعلم جيداً أنك بأنتظار مارال  ،ولكن قد غلبها النوم الليله فقد حدث الكثير في اليومين الماضيين وجئت أنا بدلاً عنها ، أتقبلين بي أن أساعدك وسأفعل ما تفعله هي 


أجبرت عينيها ألا تلتفت ناحيته  فقد شعرت بالحرج منه ، حركت رأسها الى الناحيه الأخرى  ، فتحرك هو ليصبح أمامها هاتفاً بأسمها بنبره حنونه :


ـ أمـــــاه 


عادت تطالعه من جديد ، فجلس بجوارها على الفراش يقبل يدها ببسمه مطمئنه :


ـ أعلم بأنك قد تشعرين بالحرج مني ، 

ولكن إذا سمحتي لي أريد أن أخبرك بشىء فمن اللحظه التي عقدت على ابنتك بها فقد أصبحتِ محرمه ، فقال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ  


كرر " بربروس " اخر أيه ببطىء وهو يضيف :


- وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ، بمعنى أنك قد أصبح لكِ ولداً جديداً يتمنى أن تعتبريه أبنً صالح لكِ ويود التقرب منك اذا سمحتِ لهُ ، وسيفعل أي شىء حتى ينول رضاكي يوماً 


ابتسمت "الأم" ابتسامه رضا فنبرته الحنونه ونظراته الحانيه تذيب الجليد ، أشارت برأسها بالموافقه  ببسمة لطف ، ووقف هو يحملها بين ذراعيه يتجه الى المرحاض قضت حاجتها ومن ثم اعادها الى الفراش مره أخرى ، اسرع بأحضار دلوٍ كبير من الماء وجلس بجوارها يمسح بيدهُ على وجهها بالماء ، يحضرها استعداداً لصلاة الفجر ويحكي لها عن نفسه لكي تعرف عنه المزيد 


-------------------

انتفضت "مارال" من نومها تطالع  الساعه بهلع ، نظرت الى الشباك الخشبي وقد تسلل منه

اشعه الشمس الذهبيه ، تسلل الخوف الى قلبها فهي تعلم جيداً  كم تحب والدتها اداء صلاة الفجر حاضر ، هرولت الى غرفتها وهي ترتدي ملابسها سريعاً وحين دلفت الى غرفه والدتها رأت "بربروس" يجلس تحت قدمي والدتها يمسد بيده على قدميها لتدفق الدم اليهما  مثلما تفعل كل صباح جحظت عيناها عند رؤيته هكذا وقد رأت بسمه عريضه ظهرت على وجه والدتها وهو يخبرها استكمالاً لحديثه  :


- هكذا وقعت بحب ابنتك وكان من فضل ربي معرفتها يوماً فأصبحت لي الصديق قبل الحبيب الأقرب لي من حبل الوريد 


رؤيته هكذا صدمتها مع كلماته التي تصل الى القلب لأنها من القلب ، كلماته جعلتها وكأنها تحلق في السماء ، وكأن العالم توقف ولم يعد بهِ سوى "بربروس" الذي أسرها بخُلقه ومواقفه الطيبه التي تدل على أنه رجلٍ يعتمد عليه ، استدار

" بربروس" والقى عليها نظره دافئه يشير اليها برأسه سائلاً :


-هيا ، انضمي الينا يامارال فقد انتهينا من صلاة الفجر حاضر للتو ،  و كنت أروي لوالدتك كيفيه معرفتنا ببعضنا البعض 


جحظت عيناها وبدت على ملامحها الدهشه ، تمتمت بنبره منحفضه  ليسمعها هو فقط :


ـ قولتلها ايه يابربروس اوعى تكون قولتلها أنك 


بتر حديثها واقترب منها يميل عليها مبتسماً وهو يهمس :


ـ لا تقلقي ياعزيزتي فلم أخبرها بأني مستذئب


شعرت بأنفاسها ترد اليها من جديد فأضاف ممازحاً :


ـولكني سأخبرها اذا لم احصل على قبله الصباح المعتاده 


وكزته بخفه في معدته وابتعد وهو يضحك ثم أقترب من "والدتها " طالباً :


- سأرحل لكي احضر لكِ وجبه الافطار وانا الذي سأطعمك بيدي 


مال عليها يُقبل رأسها ، ثم اقترب من "مارال "  هامساً :


-ما زلت بأنتظار قُبلتي


قالها وهو يتخطاها ، ابتسمت بخجل ورحل هو تتتبع أثره بعينيها جلست بجوار والدتها واخرجت تنهيده مصاحبه لكلماتها :


ـ بحبه اوي ياماما 


------------------(بقلمي ماهي احمد )-----------------


حين تنتهي الحلول وتقف متحيراً ، لا تدري ما العمل ، تشعر بضياع روحك وأنتَ حي ترزق ، هكذا هو شعور "شمس" يماثله شعور "ساره" كلٍ منهم تهون على الأخرى بكلمات ربما هي أحق بها لنفسها ،  اعتدلت "ساره" من على الفراش تجيبها  بنبره منفعله :


- أنتِ بتقولي ايه  ياشمس ، يعني ايه مش عايزك  ، بعد كل ده عايزه تقولي أن ياسين مش عايزك


لم تهتم بل تحدثت بنبره مماثله لأنفعالها :


- مش عايزني ابقى معاه ، أنتِ ليه مش قادره تفهميني ، أنا اعترفتله بحبي وهو رفضني 


صرحت بنبره شبه باكيه :


- قالي ماينفعش ، عارفه يعني ايه قالي انه ماينفعش ، ياسين قبل ما يسافر كان بيتمنى أنه بس يسمعها مني كان بيعمل كل حاجه عشان يحس بخوفي عليه ، كان نفسه حتى اقوله اني اه بخاف عليك ، لكن دلوقتي ، دلوقتي 


بترت "ساره"  جملتها واحتدت نبرتها تخبرها :


- دلوقتي ايه ياشمس ، ها دلوقتي ايه ، اقولك انا دلوقتي ايه ، دلوقتي عرف ان عمار يبقى ابنه اللي مات عشانك فمش قادر يقولهالك اللي مستغرباله أنتِ ازاي طلعتي من بوقك اصلاً كلمه انه مش عايزك  ، ياسين الحب باين في عنيه ليكي حتى لو مانطقهاش 

هتفت بعينين برز فيهما قلقها من القادم :

- بس انا خايفه يسبني ومايقولهاش  ، محتاجه اسمعها منه عشان اقدر ابقى معاه  ،  كل افعاله بتقول انه بيحبني لكن لسانه لاء ، لسانه مابيقولش غير كلمه اوعي تحبيني ياشمس 

مسحت دموعها تضيف:

ـ هو مش فاهم حاولت وماقدرتش ، حتى بعد موت عمار حاولت ابعده عن تفكيري وشيله من قلبي وماقدرتش ،  أنا حتى ياساره مش عارفه ماحبهوش ازاي ، وهو كل حاجه بيعملها تخليني اتعلق بي واحبه اكتر  


-يبقى تدافعي عن حبك ده وتمسكي ايده لحد ما توصلوا لبر الامان 


كان هذا جواب "ساره" الذي ردت عليه "شمس " وهي تتخطاها :


-ازاي ، ازاي عايزني امسك ايد بتفلت ايدي 

كل حاجه ضدي ، امي اللي لو بقيت معاه مش هتعرفني ولا الدمنهوري وقتل فريد 


اقتربت منها تضع كفها على جبينها تقف خلفها تسألها بتعب :


ـ أنتِ مصدقه فعلاً انه قتل فريد ياشمس 


هزت رأسها نافيه :


- معرفش ، حقيقي مش عارفه 


هذا ما صرحت بهِ "شمس"  وهي تستدير تراها وقد شحب وجهها وفقدت توازنها لحقت بها قبل ان ترتطم بالأرضيه فاقده للوعي بلحظه واحده صرخت بأعلى صوتها هاتفه للمساعده :


- حد يلحقني ، يــــزن ، دكتور علي  ، بربروس 


هرول الجميع ناحيه الغرفه على صرختها وكان الأقرب لها هو يزن رأها على حالتها هكذا انتفض قلبه يهرول ناحيتها يضمها الى صدره بقول :


-حصل ايه ، حصلها ايه ياشمس انطقي 


هزت رأسها بارتباك:


ـ معرفش والله ما اعرف احنا كنا بنتكلم وفجأه لاقيتها وقعت من طولها لحقتها بسرعه ومسكتها قبل ما تقع على الأرض 


اقترب "الطبيب" بعدما امسك بمعصمها لثواني وهو يقول :


ـ النبض ضعيف لازم نوديها المستشفى حالاً 


توجهت "مشيره" الى الخارج وهي تقول :


ـ انا هاروح ادور العربيه بسرعه 


اتى "بربروس " لكي يراها ولكنه رأها بملابس النوم لذا اسرع بالخروج وهو يقول :


- من الأفضل ان ترتدي شيئاً قبل الخروج 


اسرعت "مارال" الى الخزانه وانتشلت اول شىء وقعت عليه عيناها  ، هرول "يزن" والجميع الى الخارج ما عادا " الخاله" التى رمقت الجميع بأسى على ما وصلوا اليه لا تعلم ماذا تفعل بل اتكأت على عصاها بتعب وسارت بين الخضرا والنتيجه هي هنا تجد نفسها امام كوخه من جديد 

رمقها " نصير " باستغراب من حضورها وهو يقول :


- والله ياحكيمه ما عملت حاجه تاني ، أخر مره شمس مشيت من عندي هي وياسين ومن وقتها ماشفتهمش 


اغتصبت بسمه وهي تقول :


- انا تعبانه يانصير ، حكيمه اللي مهما حصل مابيهدهاش شىء عمايل الزمن هدتها 


قاطعها سائلاً باهتمام :


-مالك ياحكيمه اول مره اشوفك كده 


اشار بعينيه على المقعد المجاور لها وهو يطلب بحنو  :


- تعالي ، تعالي اقعدي ياحكيمه ، عرفيني مالك ، طالما جيتي لحد هنا يبقى محتاجه اللي يسمعك وانا موجود 


أشارت برأسها والدموع تسبقها بالموافقه تجلس على المقعد ، اشعل "عم نصير " النار بالأخشاب يضع أبريق الشاي يخبرها ببسمه بسيطه :


ـ هعملك كوبايه شاي ماشربتيش زيها في حياتك 

عشان مش هتلاقي اوحش منها في يوم 


ابتسمت على حديثه ثم أردف :


ـ نشرب الشاي بقى واحكيلي على كل حاجه ايه رأيك 


-------------------(بقلمي ماهي احمد)----------------


الدقائق تمر كالساعات هنا ،و القلق عرف طريق قلوبهم ، هم الأن بالمشفى ينتظرون خروج 

الطبيب من الداخل ،  جلست "شمس " على أحدى المقاعد المتواجده بالردهه  بجوارها مارال وغدير اما عن "يزن" فقد كان يشعر بأن جسده كتله من الثلج ولم يلن صلابته الا فتح الباب وخروج "الطبيب " هرول الجميع ناحيته وبادر "يزن" بالسؤال:


ـ ايه يادكتور طمني 


اخبره الطبيب بهدوء حيث قال :


ـ ماتقلقوش هي فاقت دلوقتي ، سبق وقولتلك قبل كده يايزن أنها لازم تكمل علاجها 


رد مؤكداً بكلمه واحده  :


ـ وهتكمل 


ـ مافتكرش ، الوقت مش في صالحها وهي من وقت ما دخلت المرحله الرابعه وهي فقدت الأمل في كل شىء 


صاح بحده منفعلاً :


ـ انا هسفرها بره ، وهخليها تكمل علاجها مش هسيبها ولا لحظه حتى لو اجبرتها على العلاج


وافقه الطبيب متمنياً :


ـ أتمنى ده 


سألته "شمس " برجاء :


ـ انا ممكن ادخل اشوفها 


سمح لهم " الطبيب" بالدخول قبل انصرافه دخل الجميع بالفعل ما عدا " الطبيب علي " الذي اتجه الى غرفه  "الطبيب  المعالج"  بعدما أمعن تفاصيله اليائسه على وجهه وقال :


ـ انا عايز اعرف تفاصيل الحاله بتاعت ساره بالظبط يادكتور 


رأى الاهتمام  على وجهه فلم يتركه يلتهمه بل أجابه وهو يضع نظارته الطبيه على المكتب :


ـ ساره للأسف حالتها كل يوم بتدهور عن اليوم اللي قبله سرطان الدماغ وصل عندها للمرحله الرابعه ولما عرفت ان متوسط الناس اللي عاشوا بالمرض ده من 12 : 18 شهر بس قررت تعيشهم من غير أدويه ومستشفيات ووسط عيلتها عشان كده هي رافضه العلاج عايزه تفضل وسط اهلها وناسها وده اللي قالتهولي أخر مره حاولت اخليها تتمسك بالأمل وتكمل علاجها 


فقاطعه " الطبيب علي" بأسى ونبره تكاد تكون معدومه:


ـ بس هي بنت ذكيه وعرفت أن مافيش أمل وفضلت تموت وسط اهلها بدل ما تموت وسط الدكاتره والممرضين انا اه مش متخصص بس كلنا عارفين ان سرطان الدماغ ده من ابشع انواع السرطانات والأمل في يكاد يكون معدوم خصوصاً لو وصل للمرحله الرابعه 


ترك " الطبيب المعالج "  المقعد وجلس على المقعد امامه :


ـ احنا دكاتره زي بعض واعطاء الأمل للمريض ده واجب حتى لو مافيش أمل يادكتور علي ودي حاجه أنتَ عارفها كويس 


أخذ الطبيب بكلماته منه الأمل وأعطاه الألم حين أردف بيأس :


ـ ربنا معاها ، ربنا كبير 


-------------------(بقلمي ماهي احمد)---------------

الهواء البارد في مثل ذلك التوقيت لم يمنع "نصير و "الخاله " من الجلوس في الخارج حيث البقع الخضراء المريحه للعين مد " نصير " كف يده بكوب الشاي وهو يجلس جوارها على مقعده الخشبي قائلاً :


- مش ناويه بقى تتكلمي ياحكيمه دي تالت كوبايه شاي اعملها وماتشربهاش وتحطيها جنبك وتفضلي ساكته وسرحانه قدامك وبس 


طالعت اكواب الشاي بجوارها تجاوب على سؤاله بسؤال اخر :


ـ فاكر يانصير ايام المهدي ، لما كان بيبقى شايل هموم الدنيا على راسه والمشاكل محوطاه من كل ناحيه بسبب العربي والضبع ده غير مرض علي فاكر 


ابتسم بهدوء حيث أكد :


ـ اكيد فاكر ، كان راجل بجد مكانش بيشيلنا هم شىء ودايماً يقول انا عيشت كتير وشوفت اكتر ومهما يحصل من بلاوي يقول ربك هيهونها 


طالعت البقع الخضراء بابتسامه أمل :


ـ كان بيحب يتمشى ما بين الخضرا اوي ، ويعمل المستحيل عشان يخلينا منشلش همه ونعيش ايامنا زي بقيت الخلق لحد اخر يوم ما مات فيه وانا لما شوفته بيموت قدامي قررت وقتها ابقى قويه وابقى في حكمته وهيبته واخد مكانه لحد اخر يوم في عمري بس الظاهر اني معرفتش يانصير 


نزلت عباراتها الساخنه على وجنتيها وهي تضيف :


ـ كل حاجه بتتهد من حواليا ، حاسه ان عمدان بيت الصاوي بتقع عمود ورا التاني 


اظهرتله ضعفها حين قالت :


ـ مابقاش فيا حيل للمعافره من جديد 

التقط " عم نصير " حبل سميك  بجواره فأكملت حكيمه وهي تخبره :

ـ ياسين ووقع  

عقد "نصير " عقده بالحبل الذي أتى بهِ فأكملت حكيمه بقول :

ـ وساره وبتموت ، وزهره وهتسيب البيت وهتاخد معاها شمس وحسان 

ثم اخذ يعقد عقدتين بالحبل بجوار بعضهم البعض :

ضايقها فعله ولكنها أكملت رغم ذلك :

ـ وعلي قلبه اتكسر من مراته وخسر أخوه عشانها 

عقد العقده الرابعه فتنهدت بغيظ واخرجت حديثها بنبره حاده :

ـ وميرا ورعد سافروا وبعدوا عننا ، وانا واقفه عاجزه حواليهم ، لما كنا بنحارب العربي كانت الحرب اسهل عشان كلنا كنا واقفين ايد واحده لكن هما دلوقتي واقفين لبعض على الواحده وكل واحد في اللي مكفيه وخصوصاً يزن اللي هيخسر لتاني مره اقرب شخص لي

مسحت دموعها بعنف :

ـ ده غير العساكر والحراسه اللي واقفه بره القريه 

مستنين في اي وقت اشاره من الدمنهوري عشان يولعوا القريه باللي فيها وانا مش هتحمل اشوف ناس مالهاش ذنب يموتوا بسببنا يانصير 

عقد أخر عقده بالحبل السميك وظل يرمقه باهتمام ، أنهت حديثها ولم تتلقى رد ، رمقته باستغراب على ما يفعله وهبت واقفه وهي تقول :

ـ لما أنتَ مش مهتم بكلامي وماسك في الحبل ده قولتلي احكي ليه يانصير 

ابتسم وهو يهدىء من روعها بقول :

ـ اهدي ياحكيمه ، واقعدي 

ـ مش قاعده 

رفضت وبشده فوقف هو يمد لها الحبل بكفه قائلاً :

ـ الحبل ده ترابط عيله الصاوي اه في مشاكل وفي كلاكيع ومتعقد وحالته ميؤوس منها بس ما اتقطعش ياحكيمه وطول ما هو ما اتقطعش يبقى ينفع نحل عقده واحده واحده لو بصينا لمشكله كل واحد هنعرف نحلها ويرجع تاني الحبل من غير عقد والود هيعود ، أنتِ طول عمرك حكيمه أخدتي حقك من اسمك وزياده أنتِ بس مش شايفه الصوره واضحه علشان كل المشاكل وقعت عليكي مره واحده 

ابتسمت لهُ بعدما فهمت مقصده يتخذ نفس اسلوب المهدي بحل مشاكله قديماً ردت عليه وهي تقول :

ـ ده نفس اسلوب المهدي

اكمل جملتها بقول :

ـ اللي أنتِ مانستهوش  ، وعايز اقولك أنا معاكي وقريه الصاوي محدش هيقدر يقرب منها في يوم علشان كلنا هنرجع نقف في ضهر بعض من جديد موافقه ياحكيمه 

كلماته اعادت لها الامل واخذت الألم ، عادت الأنفاس اليها من جديد رفع كف يده يربت على ذراعها ببسمه رأت بها ان كل شىء سيصبح على ما يرام 


------------------(بقلمي ماهي احمد)-----------------


هجرتها الراحه في هذه الليله فمنذ الصباح و

"شمس"  بالمشفى بجوار "ساره " التي طلبت منها احضار بعض الملابس المناسبه للمبيت وعند مغادرتها اوقفتها "مشيره " للرحيل معها ولكن اعترضت " مارال " طريقها واجبرتها على المكوث معهم والنتيجه هي هنا بمفردها بمنزل الـ "صاوي اتجهت الى غرفتها مباشرةً ثم فتحت الخزانه تحضر بعض الملابس الثقيله في ليله شديده البروده كهذه ،  وفي طريقها للخروج رمقت باب القبو مفتوحاً ، عرف الخوف طريقه اليها ، اقتربت بحذر وضاعف خوفها عند سماع صوتٍ يأتي من الأسفل ، وقفت على عتبه القبو  سائله بصوتٍ عال نسبياً:


ـ في حد تحت 


انتظرت لثواني ولم تأتِ لها اي اجابه ، اطمأنت تستدير مسرعه تستعد للرحيل ولكنها سمعت صوت خطوات اقدام بالأسفل وهذا ما جعلها تضع ما بيدها على الأرضيه ، ابتلعت ريقها تهبط الدرج بحذر ، تعود الى القبو من جديد ، ذاك القبو الذي بدأ معهُ كل شىء تمقته وتمقت ريحته ، ولكنها هبطت مجبره وما ان لامست قدمها الأرضيه تزاحمت افكارها وعادت لها  ذكرياتها المريره من جديد ،  عاليمين هنا تذكرت خليله وعقابها المؤلم ، تحركت نحو اليسار حتى تذكرت الضبع وضربه المبرح ، تحركت خطوات للأمام تذكرت "العربي" ولحظه قتل "عمار" وهو يلفظ انفاسه الأخيره هنا ترقرقت الدموع بعينيها ، لم تستطع نسيان طريقه موته البته وكأنه حدث البارحه ، قاطع شرودها صوت النافذه الخشبي يتمايل بشده من شده الرياح رمقت النافذه التى لطالما تمنت الخروج منها عند رؤيتها للطائره الورقيه من خلالها اقتربت ووقفت باتجاها كما كانت تقف وهي صغيره ابتسمت بسمه حانيه وهي تتذكر تلك الطائره فسمعت من الخلف ما جعل عينيها تتسع للضعف :


ـ غريبه أن مكان يأثر على مشاعر انسان بالشكل ده  ، ركن منه  يخلي دموعك تنزل وركن تاني يخليكي تبتسمي 


تيبس جسدها ، أنه صوته نعم انه صوته هي لا تتوهم ، استدارت وعادت تنظر خلفها وعند رؤيته شعرت بالأمان وغزا الأمل قلبها غير مصدقه  : 


ـ أنتَ بجد هنا وانا مش بتخيل صح 


ـ لو حابه تلمسيني عشان تتأكدي اني واقف قدامك فعلاً ومش بتتخيلي أنا موافق 


جذبها فجأه واصبح كفه محاوط لخصرها بذراعه صمتت بذهول بسبب فعلته المفاجئه لها واردف:


ـ لسه مش مصدقه اني هنا بالرغم من أنك بقيتي في حضني 


شعرت بتجمد أطرافها حين شعرت بأقترابه أكثر ،

حضنت عيناها عينيه ونظراته المحبه جعلتها اسيره لهُ ، تعالت أنفاسها وأجبرت عيناها للنظر للاسفل ، رمقت حينها جرح على صدره ، وقد ظهر جزء صغير منه اسفل قميصه ، تفحصت جرحه بعينيها بهلع مدت كف يدها تتحسس جرحه 

بخوف وقد عرفت الدموع طريق عينيها وهي تفتح زر قميصه لترى مدى عمق جرحه ، حاوط كفها بكفه يمنعها عن فعلتها بقول :


ـ بلاش ياشمس ، عشان خاطري بلاش 


لم تستمع لهُ بل أكملت فتح زر قميصه فتحت عينيها على وسعيهما بصدمه حين رأت عمق جرحه توالت دموعها بحرقه دون بكاء وحينها فقط قامت بسؤاله بنبره وضح بها خوفها عليه :


ـ حاسس بأيه ياياسين ،  بتوجعك 


لاحظت اقترابه أكثر ، واحتضن عينيها بعينيه نافياً :


ـ أنا مش حاسس بحاجه حتى الوجع مابقيتش احس بي 


ابعدت طرف قميصه أكثر  لترى جرحه كاملاً ثم مالت بوجها تقبل جرحه ، قبله بسيطه طبعتها على صدره بحنان شعر حينها بفقدان روحه منه ، حاول التماسك اكثر ولكن كيف ؟ فقد هزمته عينيها التي لطالما احبهما في يوم ، طالعته بعينيه وقد كسرت الصمت بينهما بسؤاله :


ـ هربت ازاي ؟ 


تجاهل سؤالها هاتفاً :


ـ مش مهم  هربت ازاي عشان مافيش وقت اقولك الأهم اللي جيت عشانه ياشمس 


كانت نبرته جاده بأخر جمله قالها ابتعدت عنه خطوه للخلف وتابع حديثه :


ـ انا جاي اقولك اني مسافر راجع المانيا من جديد ، هقعد كام يوم عند ناس معرفه في سينا لحد ما مشيره تدبرلي طريقه اهرب بيها من هنا


كمشت حاجبيها بدهشه تردد خلفه :


ـ مشيره 


اكمل وتجاهل ما قالت :


ـ عشان انتوا تبقوا في أمان طول ما انا هنا الدمنهوري مش هيسيب حد فيكم وهيظهر حقيقه الكل ومش هيسيب القريه في حالها ياشمس 


استدارت واعطته ظهرها اقترب منها برجاء :


 ـ بلاش دلوقتي بالذات تزعلي مني انا مش عارف اذا كنت هشوفك تاني ولا لاء 


اعترضت على قربه منها قائله :


ـ وجيت ليه طالما هتمشي ياياسين 


ـ عشان اطلقك 


هتف ما لم يرده كل أنش بهِ ، اجابته جعلتها تنتفض وتستدير مسرعه تطالعه بذهول ، الصدمه جليه على وجهها ، شعرت بالألم يختذل روحها ، فنظر لها يتفحص ملامحها فوجدها تجاهد لكي لا تنهار اقترب منها يقبلها على جبينها وكأنه يضع بصمته الأخيره قبل ان يرحل وهو يقول :


ـ أنتِ طــ


وقبل أن يكمل جملته وضعت كف يدها على فمه 

بتلقائيه وأنهارت باكيه وهي تقول بصعوبه من بين شفتيها :


ـ بلاش دلوقتي ، عايز تطلقني انا موافقه بس مش دلوقت ، طلقني لما تسافر المانيا ابعتلي ورقتي وهبقى راضيه بيها ، بس ارجوك مش دلوقت 

وافقها دون حتى أن يرد ، وافقها وكل أنش بجسده يريد الموافقه على اقتراحها فلا أحد يعلم كم هي جمله ثقيله على قلبه قبل لسانه 


-----------------(بقلمي ماهي احمد )----------------


الأيام سريعه ، سريعه كأحتراق ثقاب الكبريت عند اشعاله من يصدق أنه بمرور يومين قد حدث الكثير حتى أوصلته نتيجه ما حدث الى هنا يقف بمنتصف صحراء سيناء  العتمه والنيران المشتعله بكل مكان  ، الجميع يهرول هنا وهناك  يسمع صراخ الأطفال والأمهات من حوله ، يحيط بهِ رجال الدمنهوري بكل أتجاه ، اصبحت الصحراء ملكه من كثره عدد رجاله ابتسم الدمنهوري ساخراً :


ـ فاكر نفسك هتقدر تهرب مني ده أنا اجيبك لو روحت المريخ يلا 


لم يتوقع "ياسين" أن يجتمعا من جديد وخصوصاً بعدما رتب كل شىء لسفره  يعلم ان لقاءهم هذا ستصبح نتيجته الكوارث طالعه "ياسين" باستخفاف وتحدث:


ـ بس أنا عمري ما هاروح المريخ ، بس ممكن اوديك  لو عايز 


نطق " الدمنهوري " مراوغاً :


ـ لسانك ده موديك في داهيه محلتكش غيره الا اما شوفتلك كلب حتى من فصيلتك يدافع عنك ولا حتى شوفت خلقت حد من أهلك ، حتى وأنا حبسك ذليل عندي ما شوفتش خلقت حد فيهم للدرجه دي مش عايزينك ، ده أنا كده بقى  هعمل ليهم خدمه واخلصهم منك خالص المفروض يشكروني بقى 


غزت الرعشه " جسده " حاول جاهداً ان يتماسك 

حتى لا يكتشف أمره أمام الجميع لا يهمه نفسه فالأهم عنده هو حياتهم ، ولكن فجأه خرج جسده عن السيطره حين شقت أظافره طريقاً للخروج وقبل أن يتحول أمسك " داغر " كف يده يقف بجواره يحثه على الهدوء هاتفاً :


ـ فعلاً ،  هنشكرك ، بس بطريقتنا 


قفزت "ميرا " أمامه تسند بيدها على الأرض تحفر أظافرها بداخلها :


ـ عيلته تقيله عليك قولنا يلعب بيك لوحده حبه 


وفي لمح البصر وجد " الطبيب " يقف خلفه وهو يقول :


ـ جيت في ملعبنا 


أتى بربروس من الخلف بابتسامه عريضه على وجهه :


ـ يافرحتــــاه ، لقد وقع الفأر بالمصيده 


ظهورهم من العدم اربكه ولكنه حاول اخفاء ارتباكه حين قال :


ـ والتلات دكوره والحرمه دول هما اللي هيحموك ، من الجيش ده 


اقترب " عز " ووقف من الناحيه الأخرى بجانبه يشهر سلاحه وينشر رجاله بكل مكان يحيطون برجال " الدمنهوري " يخبره بابتسامه ساخره:


ـ لاء ، انت ماتعرفش أن الحرمه دي بجيشك كله 


نظرات العيون لو انها تنطق لكانت حرب طاحنه الأن ، نعم انها ساعه الحرب وقد دقت الطبول ولكنها ستدق على رأس كل من يفكر في التقرب بالأذى من عائله الصاوي 


صباح الفل البارت ده انا تعبت في جدا اقسم بالله اتمنى الاقي عليه تفاعل ثانيا البارت ده اللي قبل الاخير وعلشان الروايه دي بجد مميزه اوي بالنسبالي حابه نختمها ختمه مميزه برضوا ، تفتكروا ايه هي نهايه روايه الهجينه الحلقه الجايه وهتختم على ايه اللي هيتوقع النهايه صح لي مني كتاب وعاد العمر بتاعي لحد البيت هديه ولو ومش عايزه كتابي قوليلي على اي كتاب انا هوصلهولك لحد بيتك هديه اكتبي توقعك ومعاه الساعه والدقيقه اللي كتبتيه فيها علشان اللي هتتوقع صح الاول هي اللي هتكسب 


تكملة الرواية من هنااااا

تعليقات

التنقل السريع