القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية‏وهام بها عشقا الجزء التاني لروايه ومقبل عليا لصعيد الفصل الاول والثاني للكاتبه رانيا الخولي

 

رواية‏وهام بها عشقا الجزء التاني لروايه ومقبل عليا لصعيد الفصل الاول والثاني للكاتبه رانيا الخولي




رواية‏وهام بها عشقا الجزء التاني لروايه ومقبل عليا لصعيد الفصل الاول والثاني للكاتبه رانيا الخولي


وهام بها عشقًا

رانيا الخولي 

الفصل الأول 

❈-❈-❈


أخذت تتنقل بعسر من شجرة  لأخرى ومن جدار لآخر حتى استطاعت الخروج من محيط المنزل بأكمله

تنفست الصعداء وهي تضع يدها على قلبها تحاول تنظيم أنفاسها قبل أن تبدأ رحلة الفرار 

 وأسرعت بالهرب بكل ما أُوتيت من عزم و قوة

زادت من سرعتها وهي تركض وتركض بلا هدف وقد أفعم الخوف  قلبها عندما سمعت صوت سيارات تنطلق مما جعلها تسلك طريقًا نائيًا لا تعرف له نهاية


لكن يبدو أنهم علموا بهروبها إذ كلف فريقًا منهم بالبحث عنها في الأراضي المحيطة.

سيعثرون عليها لا محالة 

الظلام حالك والرؤية كلما توغلت في الأراضي كلما أصبحت أكثر صعوبة

أخذت تتعثر في ركضها، تسقط وتنهض بإصرار 


صوت عواء الذئاب يرهبها

لكن ذئابهم هم ترهبها أكثر فلم تعد تبالي 

لكن سطعت حولها إضاءة مصابيح سيارة تعلم هوية صاحبها

مما جعلها تسرع بالاقتراب من المجرى المائي لتسقط بجسدها داخله فيغلفها الطين من كل جانب مما ساعدها على الأختفاء

اهتزت أوصالها عندما توقفت السيارة وترجل منها صاحبها وقال بغضب

_ اه لو تقع في يدي هخلص عليها في وقتها.

توعده جعلها تسقط رأسها داخل المياة بفزع وكأنه علم بذلك إذا ظل لحظات يدقق النظر في المكان وقد ساعده إضاءة السيارة على البحث جيدًا

ولم يتخيل أنها تقبع في الوحل أسفل قدمه تحبس أنفاسها داخلها..

شهقة عالية خرجت منها عندما غادروا المكان و عادوا إلى السيارة وابتعدوا بها.

كانت تجاهد وهي تحاول تنظيم أنفاسها حتى تواصل الزحف في ذلك المجرى فهو الطريق الوحيد الآمن لها الآن

لحظات مريرة مرت عليها وهي تزحف داخله 

لم ترتعب من الجرذان التي تصادفها والتي لم تخش من شئٍ مثل خشيتها منها. لكن الآن هناك خوف أكبر جعلها لا تبالي بما يصادفها

توقفت عندما هدأت الأصوات من الطريق فأيقنت أنهم ملوا من البحث وعادوا إلى منازلهم بعد أن يأسوا من العثور عليها فى المنطقة.

أخذت ترتعد من شدة البرودة والوحل الذي خلفها زاد من ارتجافها

سارت تبحث عن مياة نظيفة كي تنظف به وجهها حتى تستطيع الرؤية جيدًا

لكن الظلام دامس ولن تجد صنبورًا للمياة إلا على الطريق ولن تجازف بالذهاب إليه

ستواصل الركض حتى تبعد عن تلك البلدة الظالمة.


أخذت تركض لكن برودة الجو والوحل الذي التصق بها يعوق خطواتها فلم تعد تستطيع المواصلة حتى تفاجئت به أمامها……


❈-❈-❈


وقفت تنظر إليه بسعادة وهو يداعب طفلتهما التي لم يتعدى عمرها الأربعة أشهر بسعادة غامرة

حبيبها الذي أسر قلبها الذي تعلم أبجدية العشق على يده.

 عصبى و سريع الغضب لا تنكر ذلك وأحيانًا يدفعها لحد الجنون، لكنها ستظل عاشقةً له مهما فعل


لمح نظراتها العاشقة له مما جعله يشير لها بالتقدم وهو يفتح ذراعه الآخر لها 

تقدمت منه لتجلس على الفراش بجوارهما يحوطها بذراعه ويقبل جبينها بعشق لا ينتهى وقال بوله

_ آخرتي تحت كده ليه؟ أنا وسيلا كنا خلاص هنام.

داعبت ابنتها التي ارتاحت على صدر والدها بأمان لتغمض عينيها بنعاس وقالت 

_ كنت مع ماما وسيلة وتيتا والوقت أخدنا.

نهض ليضع ابنته في فراشها ثم عاد إليها عندما لمح نظرت حزن في عينيها والتي لم تتقن إخفاءها جيدًا فهو أكثر من يعلم بما يدور بخلدها الآن 

استلقى على الفراش وجذبها لحضنه وهو يضع رأسها على كتفه  وقال بتعاطف

_ لو مش عايزة تتكلمي مش هضغط عليكي.

اختبئت بحضنه أكثر وكأنها تحتمي به من العالم أجمع وقالت بألم

_ مش عايزة اتكلم دلوقت خليني جوه حضنك شوية.


لم يبخل عليها يومًا بمشاعره بل كان يغدقها بها ويذيقها فنون العشق بألحانه

لم يسألها لأنه يعلم الإجابة جيدًا، ومن غيره ذلك المتحجر الذي لم يفكر حتى بمهاتفة ابنته والاطمئنان عليها.

لحظات صمت مرت عليهما وهي تتشبث به كالغريق 

حتى سمعت صوته يسألها بحنان 

_ ايه اللي حصل؟

تنهدت بضيق ثم تحدثت بخفوت

_ مش عارفه إن كنت هتفهمني ولا لأ

قبل رأسها مرة أخرى وهو يقول بحب

_ جربي.

تحدثت بشرود وهي تشدد على يده التي تحتوى يدها بحنان

_ تعرف إني بحسدكم على عمي ومرات عمي أوي

كل مـ أشوف اهتمامه بيكم وخاصةً بـ ليلى وأقارن بينه وبين بابا اللي من وقت اللي حصل مـ فكرش حتى يطمن عليا بالفون، حتى في ولادة سيلا جاه زيه زي أي غريب ومشي تاني 


تنهدت بألم وهي تتذكر تلك اللحظة 

_ حتى ماما من وقت ما رجعت له وهي انشغلت عني بعد ما كانت بتكلمني كل يوم.


رأف جاسر بحالتها وزاد بغضه لذلك الرجل الذي لن يتغير مهما حدث ولا يبالي سوى بجشعه وتحدث بتعاطف

_ انتي عارفة كويس الظروف اللي مروا بيها الفترة اللي فاتت وده خلاهم ينشغلوا عنك.


لم تقتنع بحديثه ولا حتى هو فتابع قائلًا بمزاح

_ وبعدين انا راضي ذمتك انتي شايفة جمال ووسيلة بيقصروا معاكي في حاجة، دا أنا لما بتخانق معاكي بوطي صوتي ليسمعوني خوف منهم.


بالطبع لا وهي تعلم ذلك جيدًا لكن مهما فعلا فلن يملأ الفراغ الذي يتركه الوالدان، ابتعدت عنه قليلًا كي تنظر إليه 

_ جاسر انت مش فاهمني

أكد لها 

_ لأ فاهمك كويس أوي وعارف انتي عايزة تفهميني ايه، بس انتي لازم ترضي عشان متتعبيش، ابوكي مش هيتغير دي طبيعته والمفروض تكوني تأقلمتي على كده.

هزت راسها بنفي وهي تنظر إليه بألم

_ اللي مضايقني أكتر إن رغم كل اللي حصل بس زي ما هو متغيرش 


أبعدها عنه قليلًا كي ينظر إليها ثم رفع وجهها إليه وتمتم بحب كي يمحي تلك النظرات التي تؤلمه


_ أنا مش عايزك تفكري أو تشغلي نفسك بأي حاجة طول ما انتي في حضني، انسي وانا هعوضك عن كل حاجة.


نهاية حديثهم دائمًا ما ينتهي بالصمت، لتكون لغة العيون والقلوب هي السائدة بينهم 

ولحظات عشق تعيشها بين أحضانه التي لم يبخل عليها بها 

بل منذ عودتها وهو يغدقها بمشاعره الجياشة التي خصها بها وحدها 


❈-❈-❈


ظل أمجد قابعًا في غرفته ينتظر عودتها من المشفى

حتى مل من الانتظار 

عاد يهاتفها لكنها لم تجب مما يؤكد بأنها مازالت داخل غرفة العمليات

لم يعد يستطيع تحمل المزيد وهي تتمادى بلا حدود

إلى متى سيظل على تلك الحالة من التحمل.

أوقات كثيرة كان ينهي عمله سريعًا كي يعود إليها وينعم بأحضانها الساجية 

لكن تفاجئه بذهابها إلى المشفى للضرورة القصوى فلم يستطع معنها ويظل منتظرها ساعات وتصل أحيانًا حد المبيت.

لم يعد يستطيع التحمل أكثر من ذلك، اليوم سيضع حدًا لكل ذلك.

ساعة أخرى مرت عليه حتى وجدها تدلف الغرفة بتعب وإرهاق بالغين

فهذا حالهما الآن، تأخير ثم عودة مرهقة 

_ السلام عليكم.


حاول بصعوبة بالغة الهدوء لكن كيف ذلك وقد وصل به الأمر حد الاختناق فرد عليها بحنق

_ وعليكم السلام، ممكن أعرف حضرتك أخرتي كده ليه؟


وضعت حقيبتها على المقعد ونزعت حذائها لتتركه بأهمال 

ثم تقدمت منه لتجلس بجواره وتقول بتسويف

_ أمجد أنا راجعة تعبانه ومش حمل جدال.


نهض أمجد من فراشه وقد انتهى ثباته لعدم اهتمامها بالتوضيح له أو حتى كلمة اعتذار وصاح بها بغضب

_ جدال؟! يعني عايزاني اتحمل كل ده واسكت متكلمش؟! ليه فاكراني ايه؟


حقًا متعبة ولا تستطيع الخوض في جدال عقيم لن تخرج منه بشئ، عليها أن تهدئ الوضع الآن كي لا يهدد كما فعل من قبل 

تحاملت على نفسها وتقدمت منه لتقول بهدوء تهدئ به من غضبه

_ أمجد صدقني كل ده غصب عني، دي مهنتي ومينفعش اتاخر عنها.


نظر إليها بقوة وقد وصل الغضب زورته وتحدث بانفعال

_ وانا فين من كل ده؟


دنت منه أكثر ونظرت في عينيه لتقول بصدق 

_ انت في قلبي وفحياتي وعارف كده كويس، بس دي مسؤوليات مقدرش اتاخر عنها.


ابتسمت بتصنع كي لا يرى مدى ارهاقها الذي اشتد فيصيبها الدوار وأردفت

_ وبعدين أنا أجازة بكرة ايه رأيك تاخد انت كمان أجازة ونقضي اليوم مع بعض.


لم تفلح فى تهدئته مازال على استياءه منها فقامت بوضع رأسها على صدره تلتمس الراحة بين يديه وقد اشتد بها الدوار لكنه ظل ثابتًا لا يحرك ساكناً

رفعت وجهها إليه لتنظر إلى وجومه وتمتمت برجاء

_ أمجد أرجوك كفاية بقى أنا فعلًا مرهقة أوي وعايزة أرتاح، وانت عارف إن راحتي جوة حضنك.


غمغم أمجد باحتدام وهو يبتعد عنها ليهتز ثباتها بعد أنا كانت تستند عليه

_ وانا راحتي فين؟ ايه عايزاني ادور على راحتك وسايبة راحتي انا.


نظرت إليه بحيرة وقد أصبحت لا تتحمل عصبيته الزائدة وقالت 

_ بس راحتك انت كمان في حضني مش كدة؟ 


رد بسخرية وهو يبتعد عنها أكثر ويقول بحنق

_ هو فين حضنك ده!! انا شايف قدامي واحدة كل اهتماماتها لشغلها حتى الوقت اللي تقضيه معايا يا إما مرهقة؛ ياإما بتفكر في شغلها وانا بقيت آخر اولوياتك، أنا تعبت ومبقتش قادر اتحمل اكثر من كدة.


نظرت إلى المقعد تحاول الاستناد عليه كي تحمي نفسها من السقوط مما جعل الدوار يعصف بها 

حاولت التشبث به لكنها لم تقوى على الوصول إليه لتجد نفسها داخل ظلام دامس لا ترى به شئ


تقدم من باب الغرفة ليخرج منه لكنه توقف مكانه عندما سمع صوت ارتطام قوي جعل قلبه ينقبض خوفًا وهو يراها ملقاة على أرضية الغرفة بلا حراك

أسرع إليها بخوف شديد ليحملها ويضعها على الفراش وهو يحاول افاقتها و يقول بخوف

_ ليلى فوقي ياحبيبتي.


لم يجد منها ردًا فأسرع بأحضار العطر وقربه منها لكن لا فائدة مما جعله يرتعد خوفًا عليها 

أسرع بالاتصال بعصام كي يبعث إليه بأحد الأطباء بأسرع وقت 

ثم أغلق الهاتف وعاد إليها وهو يعاتب نفسه على رعونته معها


❈-❈-❈


وقف أمام غرفة العمليات بقلب منفطر والقلق يفعم قلبه، وحبيبته في الداخل تسارع ذلك الألم وحدها 

يعاتب نفسه على تركها عندما تشبثت به

لكنه لم يقوى على التحمل وهو يراها تعاني دون أن يفعل لها شئ 

طلب منها أن ترأف به ولم يرأف هو بها

لكن ماذا بوسعه

لحظات مرت عليه وهو يدعوا ربه أن ينچيها حتى خرجت أحدى الممرضات وهى تحمل طفله بين يديها

تقدمت منه وهي تناوله إياه

ليأخذه منها بسعادة لا توصف

وقبل أن تذهب الممرضة وعى لنفسه وأوقفها بلهفة

_ كيف حال زوجتي الآن؟


أجابت الممرضة بابتسامة

_ بصحة جيدة لا تقلق ستخرج الآن.


نظر إلى طفله بسعادة غامرة وهو لا يصدق بأنه يحمل قطعة منهما بين يديه وحدثه بفرحة وهو يخرج هاتفه من جيبه 

_ تعالى بقى نصورك ونبعت الصورة لجدك جمال وعمتك سارة 

ضحك بسعادة وهو يقول

_ والله وبقيتي ماما وعمته ياسارة.


التقط له بعض الصور وقام بإرسالها إليهما وإلى والدته لكنه لم يهتم بأرسالها لوالده الذي لم يكلف نفسه عناء الاتصال به أو الاطمئنان عليهما

خرجت حلم بعد دقائق من الغرفة ومازالت تحت تأثير المخدر 

مما جعل مصطفى يشعر بالقلق عليها 

دلف معها الغرفة وقام بوضع ابنه في مهده ثم حملها ووضعها على الفراش 

لحظات مرت عليه وهو ينظر إلى طفله بسعادة وينظر إليها بقلق حتى فتحت عينيها بتثاقل وهي تقول بتعب

_ مصطفى


نهض ليميل عليها ويمسك بيدها قائلًا بثبوت

_ انا جنبك ياحبيبتي اطمني.


نظرت إليه لتسأله بوهن

_ ابني فين؟


قبل يدها بحب وهو يجلس بجوارها على الفراش

_ انتي كويسة وابننا كمان كويس متقلقيش.


اومأت له ثم ظهر الحزن واضحًا عليها لتسقط دمعة أقلقت مصطفى الذي سألها بتوجس

_ حلم انتي بتعيطي ليه؟


زادت دموعها مما جعله يشعر بالخوف عليها وعاد يسألها بقلق

_ حلم متقلقنيش عليكى، فى ايه؟


مسحت دموعها بظهر يدها وقالت بحزن

_ أنا عايزة أرجع مصر، محتاجة لماما جانبي.


شعر مصطفى بمدى أحتياجها لوالدتها مما جعله يربت على يدها بتعاطف

_ حاضر ياحلم اللي تشوفيه، بس شوية كدة لحد ابننا مـ يتحمل السفر، أنا عن نفسي مش قادر اتأقلم على الحياة هنا والفلوس اللي عمي بيبعتها مع شغلي مش هتكفي بعد النهاردة، هنزل مصر واشتغل مع بابا ونعيش مع أمي.


أومأت له بوهن

_ وانا معاك في أي مكان بس المهم نكون قريبين من أهلنا.

اللي كنا خايفين منه خلاص مات وانتهى جبروته، ومهران انعزل عن الدنيا كلها يعني مفيش حاجة تقلقنا من الرجوع.

شرد قليلًا ثم تحدث بقلق

_ بس أنا برضه مـ اضمنش مهران، انتي عارفة جشعه وعارفة اد ايه هو ممكن….


قاطعته حلم 

_ مهران مش زي ما كلكم شايفينه، اه هو قاسي واهم حاجة مصلحته بس ده من البيئة اللي نشأ فيها

لكن هو من جواه انسان بجد  مشكلته الوحيدة إنه فاكر الطيبة ضعف وعشان كدة بيحاول بكل الطرق أنه يظهر قوته وقسوته اللي ملهاش وجود جواه.


حافظ على هدوءه الظاهرى رغم نيران الغيرة التى تشتعل داخله من حديثها 

_ على العموم أحنا هنستنى شوية لحد ما ابننا يقدر يتحمل السفر وبعدها نرجع إن شاء الله.


أومأت له فربت على يدها وتابع

_ نامي انتي شوية لحد ما أخلص إجراءات المستشفى.


❈-❈-❈


وقف ينظر إلى الطبيبة وهي تعاينها بقلق بالغ يعاتب نفسه على حدته معها، هو يعلم من البداية طبيعة عملها كطبيبة، واكبر دليل على ذلك هو حاجته للطبيبة عندما تعبت هي، ولم تتأخر عنهم بل فور معرفتها أسرعت إليهم في ذلك الوقت المتأخر.


انتهت الطبيبة من معاينتها ليسألها أمجد بخوف

_ طمنيني مراتي مالها؟


ناولت الطبيبة العينة للمرضة التي جائت معها وأمرتها قائلة

_ ابعتي العينة دي المعمل وخليهم يبعتولي النتيجة على الواتساب.


أومأت الممرضة وخرجت من الغرفة ثم نظرت إلى أمجد وقالت 

_ متقلقش مراتك كويسة وزي الفل هو بس إجهاد مش أكتر.


نظر إليها بقلق 

_ بس دي مفاقتش لحد دلوقت.


طمئنته قائله وهي تضع أشياءها داخل الحقيبة وتستعد للذهاب

_ هي هتفوق بس مش دلوقت لان فعلًا جسمها محتاج للراحة، ولما نتيجة التحاليل تظهر هتصل اطمنكم واقولكم على العلاج

شكرها أمجد وخرج معها حتى أوصلها للسيارة ثم عاد إلى ليلى ليجدها كما هي

دنى منها ليجلس بجوارها ويتمتم بخفوت

_ حقك عليا ياحبيبتي بس صدقيني كان غصب عني 

ظل قابعًا بجوارها لتمر الساعات وقلبه ينفطر خوفًا عليها حتى تلقى تلك الرسالة التي جعلته يبتسم بسعادة غامرة وكأنه لا يصدق ما علمه الآن..


 ❈-❈-❈


جلس قابعًا في مكتبه يراجع الأوراق التي تحتاج لتوقيعه أو توقيع غيره بشكل أصح بعد أن كان المالك الوحيد لها 

ليصبح بين ليلة وضحاها أجيرًا لديها

لم يعد يتحمل ذلك الوضع الذي أجبر عليه، سيحاول أخذ ما هو حق مكتسب له وحده، ولن يقبل تلك الإهانه التي أجبر على تحملها

لكن كيف ذلك وهو ولا يملك ما يساعده 

فقد أصبح كل شئ في متناول أخيه

عاد لذكرياته في ذلك اليوم الذي ذهب إليهم يطلب مساعدتهم.


فلاش باك


وقف أمام أخيه الذي كان يبتسم إليه بود ليرد هو بحقد 

_ أنا عايز حقي.


اختفت ابتسامة جمال تدريجيًا وهو لا يعي ما سمعه من أخيه الذي ظن بأنه تغير فسأله بشك

_ حق ايه اللي بتتحدت عنيه؟


نهض منصور موليًا ظهره إليه وتحدث بتسويف

_ حقي في الأرض ولا انت نسيت إني ليا النص فيها. 


صُدم جمال؛ وأى صدمة وهو يقف أمام ذلك المتبجح يطالب بورثه ووالده على قيد الحياة 

تقدم منه ليجذبه من ذراعيه لكي يواجهه وتحدث بانفعال

_ چاي تورث في أبوك وهو لساته عايش يا ابن ابوي؟!!


ارتبك منصور وتظاهر بالقوة وهو يقول باحتدام

_ بس ده حقي، انا بمر بأزمة مالية صعبة ومحتاج فلوس ضروري


_ حق أيه اللي چاي تتحدت عنيه يامنصور

التفت كلاهما إلى عمران الذي دلف الغرفة بهدوء يتنافى تمامًا عمَّا بداخله من غضب 

وجه جمال نظرة حذرة لأخيه كي لا يعيد فتح الموضوع أمام والدهما لكن منصور لم يبال أو يهتم وغمغم بجمود

_ حقي وجاي أطالب بيه 


نظرات الازدراء الذي وجهها عمران لولده الذي لم يتغير مطلقًا رغم ما حدث له ألجمته لثوان معدودة ثم تابع باستياء

_ الأرض اللي كلكم عايشين من خيرها ووصلتكم للمستوى ده أنا فين منها؟ انتو كده بتظلموني.


لم تثر كلماته سوى مرارة وازدراء في قلب والده 

فضرب بعصاه الأرض وتحدث بقوة

_ واني امتى ظلمت الغريب عشان أظلم ولدي اللي من صلبي؟


تقدم منه عمران نظرًا إليه بخيبة أمل

_ انت اللي ظلمت حالك محدش منينا ظلمك، أخذت الفلوس وهملتنا وحدينا نقاسي واني شايف أخوك بيشقى ويتعب من غير ما يكل ولا يمل

قلبي كان بيتقطع عليه واني شايفه راچع وش الصبح بيعد الخطاوى اللى هتقربه لفرشته عشان يترمي عليها

ازداد حديثه حدة وعلا صوته وهو يتابع

_ كنت فين انت من كل ده؟

كنت فين واحنا بنكمل عشانا نوم عشان مكنش فيه اللقمة اللي نكمل بيها

عشت حياتك بعيد عنينا وحرمتنا منك وحرمت نفسك منينا

وچاي بعد كل ده تطالب بحقك واني لساتني عايش على وش الدنيا؟


قال كلمته الأخيرة بغضب هادر جعل وتيرة تنفسه تزداد حدة مما جعل جمال يخشى عليه فأسرع إليه ليهدئه قائلاً

_ لا يابا هو ميقصدش هو بـ….

قاطعه عمران بانفعال

_ ملوش حاچة عندي والفلوس اللي أخدها كانت اكتر من حقه وكفاية عليه قوي لحد أكدة.


أدار ظهره له ليقول بمغزى

_ شرفت بيت أخوك.


قالها بقوة مؤكدا على كلمة أخوك

مما جعل منصور يوجه نظرة غاضبة إليهما ثم خرج من الغرفة ليجد الجميع واقفين أمام الغرفة

 منهم من ينظر إليه بازدراء، ومنهم من ينظر بعتاب كحال ابنته التي تقف بجوار زوجها الذي ينظر إليه باستياء

تركهم وغادر وعين والدته ترمقه بحسرةً عليه حتى أختفى من أمام عينيها 

استقل سيارة أجرة كي يلحق بطائرته منتويًا الذهاب دون عودة تلك المرة.

لا يعرف ماذا يفعل الآن وكل الطرق اصبحت مسدودة أمامه

غدًا إن لم يسدد القرض سيخسر كل شئ

هل سيظل مكتوف الأيدي وكل شئ يضيع من بين يديه؟

وضع رأسه بين يديه يفكر في حل لتلك المعضلة فهل سيستطيع ذلك أم ماذا؟..

باك


عاد من ذكرياته على صوت مديرة مكتبه التي تسأله عن الأوراق 

فينحي الملف من أمامه وهو يقول بغضب

_ اتفضلي ابعتيه فاكس عشان يتمضي وسلمية للمسؤول.

اخذت المديرة الملف وخرجت من الغرفة تحت نظراته الحاقدة لكل ما يحدث.


❈-❈-❈


نظرت إلى جاسر الذي غرق بنومٍ عميق وهي 

لم تذق طعم النوم في ليلتها تلك وعادت إليها ذكريات الماضي وهي تتذكر يوم خذلها أمامهم وكسر قلب جدتها التي مازالت تشتاقه رغم أفعاله.

تندهش حقًا من مدى جبروته وكيف أنه استطاع الوقوف أمام أبيه يطالب بما ليس له من حق

تتذكر نظراته لها وهو يخرج من المنزل لم تفارق مخيلتها لحظة واحدة 


فلاش باك

خرج منصور وهو ينظر إليها ببغض  بادلته هي بعتاب ثم تركها وغادر 

نظرت لجدتها التي لم تبك تلك المرة على غير عادتها بل التزمت الصمت وأخفت حزنها بداخلها و كأنها أيقنت بعدم جدوى لدموعها على قلب ألف القسوة و ألفته

لكن عمران لم يستطيع الثبات أكثر من ذلك وهوى على المقعد بتعب فأسرع الجميع إليه بقلق إلا سارة التي شعرت بالخجل و الخزي من فعلت والدها ففضلت الانزواء بعيدًا رغم قلقها علي جدها ظنًا بأنه سيبغض وجودها أمامه الآن أو أنه سيذكرها دائمًا بحقارة والدها

بكت بحرقة وهي تراه يخرج من غرفة مكتبه متظاهرًا بالقوة رافضًا يد أحفاده التي تمتد إليه لتساعده.

مما جعلها تبكي بقهر على حاله

دلف غرفته ودلفت جدتها خلفه كي يبث كل منهما حزنه للآخر و يشكو إليه قسوة ولدهما الذي يزداد جحودا وتجبرًا كل يوم عن الآخر

لاحظها جمال الذي علم ما يدور بخلدها فطلب من ابنه أن يأخذها ويصعد بها غرفتهم..

تقدم منها جاسر ليجدها تنهار في البكاء، فأخذها تحت جناحه بصمت وصعد بها إلى غرفتهم التي من أن أغلق بابها حتى ألقت نفسها بين ذراعيه تبكي بانهيار.

 

رغم الغضب الذي استحوذ عليه إلا إنه أحاطها بتعاطف وتحدث بلهجة هادئة بثت الاطمئنان بداخلها

_ متزعليش ياسارة هو كدة ومش هيتغير وجدي هيحزن شوية وينسى 


هزت رأسها الذي تخبئه في صدره وقالت بنحيب

_ متخيلتش أنه يكون بالجبروت ده، كان جوايا أمل أنه هيتغير بس بعد اللي عمله ده أكدلي أنه عمره ما هيتغير عشان كدة مكنتش عايزاه يعرف إني رجعت.


تنفس جاسر بعمق كي يهدئ من غضبه فلا ذنب لها في ذلك 

_ عشان كدة كنتي رافضة ترجعي؟


أومأت له بصمت فأبعدها عنه قليلًا كي ينظر إليها وقال بثبات

_ متفكريش فيه اعتبريه مش موجود وخليكي قوية بيا أنا، فاهمة؟ 


أومأت له وعبراتها تتدفق بغزارة من عينيها ليتعاطف معها ويقول بحنو

_ سارة أرجوكي متعيطيش دموعك دي بتعذبني وبتخليني أكرهه أكتر.


حاولت بصعوبة السيطرة على دموعها فتغمضها بقوة ولكن فتحتها عندما وجدته يمسحها بإبهامه ويردف بعاطفة

_ قلتلك قبل كده وهقولها تاني طول ما أنا عايش مش هسمح لحاجة أنها تكسرك أو حتى تزعلك، مش عايز أشوف الدموع دي تاني فاهمة؟


ابتسمت من بين دموعها عندما لم تجد الكلمات التي تصف بها مدى تعلقها به فعادت تخفي وجهها في صدره ويضمها هو بكل العشق الذي يحمله لها..

باك


عادت من ذكرياتها على صوت طفلتها التي أخذت تبكي فنهضت مسرعة كي لا توقظ أباها الذي تململ في نومه

وحملتها وهي تقربها لحضنها وكأنها تمحي أحزانها في ذلك الحضن البرئ

وكأن تلك الصغيرة علمت بمعاناة والدتها إذا اوقفت البكاء عندما شعرت بدقات قلب والدتها التي تشعرها بالأمان..


❈-❈-❈


ندوب من الماضي لم تلتئم رغم مرور عام 

مازال يقف على ذلك القبر الذي شيده لها بجوار والدته 

مازال فراقها يؤلمه وشعور الذنب بداخله يزداد ويزداد حتى جعله زاهدًا تلك الحياة

أختار البقاء داخل المزرعة وترك جده الذي مات وحيدًا بعد أن أكد له بأنها أقدمت على الانتـ.ـحار كوالدته

شئٍ بداخله يخبره بأنها لا تزال على قيد الحياة 

لكن كيف ذلك و قد بحث عنها في كل مكان ولم يجد لها أثراً.

الصمت يخيم على المكان والشمس أشرقت على الدنيا بضياءها الساطع إلا أنها لم تستطع أن تبدد ذلك الظلام الدامس الذى غرق بداخله

وكأنه كتب عليه أن يعيش في ظلمات الماضي مهما فعل.

انتبه على صوت أحد العمال وهو يسرع إليه وهو ينادي عليه

اندهش مهران عندما وجده يقف أمامه و يلتقط أنفاسه بصعوبة فسأله بحدة

_ في ايه يامخبول انت؟

حاول الرجل تنظيم أنفاسه كي يستطيع التحدث مما جعل مهران يسأله بانفعال

_ متقول فيه أيه؟

تحدث الرجل بصعوبة

_ لقينا… قتيـ.ـلة في الأرض اللي ورا المزرعة

عقد مهران حاجبيه مندهشًا لتتلاعب الظنون بداخله وينقبض قلبه خوفًا وهو يردد اسمها

_ حلم؟!



وهام بها عشقًا

رانيا الخولي

الفصل الثاني

❈-❈-❈


انتفض قلبه بخوف وهو يسرع بالذهاب إليها وعقله يرفض تصديق أن تكون هي

فإذا كانت حقًا هي، فأين كانت؟

ومن فعل بها ذلك؟

لم يترك مكان إلا وبحث عنها فيه


ظل يتسأل والخوف يفعم قلبه 

يتمنى أن تكون هي إذا كانت على قيد الحياة، وإن فارقتها يكفي أن يملي عينيه منها قبل ذهابها إلى الآخرة.

ظل على تلك الحالة حتى وصل إلى وجهته وأوقف السيارة وترجل منها مسرعًا إلى ذلك المكان فوجد بعضًا من رجاله محاوطًا إياها 

فأزاحهم من أمامه ودنى منها يرفع الغطاء عن وجهها بروية وقلبه ينبض بعنف حتى اجزم ان الجميع قد سمعها 

ارتعشت يده عندما ظهرت أمامه خصلاتها والتي تؤكد بأنها حلم فيغمض عينيه بألم لا يستطيع التكملة لكنه تحلى بالشجاعة ليكمل رفع الغطاء بريبة فيتنفس بأريحية وهو يغمض عينيه ويتمتم بكلمات غير مفهومة، فرغم أن الوحل لم يظهر ملامحها جيدًا إلا إنه أيقن بأنها ليست حلم.

نعم ليست هي فإن أخطأ نظره فلن يخطأ قلبه

نظر إلى رجاله يسألهم

_ مين دي؟

أجاب أحدهم

_ منعرفش يابيه احنا اتفاجئنا بيها واحنا چايبين العمال

نظر إلى مكان أصابتها فوجدها في الكتف الأيمن 

دنى منها اكثر ليميل عليها ويضع يده على عنقها يتحسس نبضها ليجده ينبض بضعف فقال بأمر 

_ خدوها للبيت الكبير بسرعة وشيعوا للدكتور عادل من غير ما حد يعرف لحد ما نشوف حكايتها ايه؟


لا يعرف لما شعر بالضيق عندما قاموا الرجال بحملها ووضعوها في السيارة، شعور غريب بداخله يحسه على منعهم من ذلك ويحملها هو لكن قضي الأمر

وانطلقوا بها إلى المنزل الكبير وذهب هو خلفهم وهو يتساءل من هي؟ وماذا تفعل بأرضه؟


وصلوا إلى المنزل وترجلوا من السيارة ليحملها أحدهم إلى داخل الملحق ويضعها على الفراش 

دخل مهران خلفهم ونظر إلى هيئتها التي غلفها الطين من كل جانب وتحدث بأمر

_ ابعتوا لسامية وأم حسين ياچوا ينضفوها قبل الدكتور ما ياچي

انهى حديثه وخرج من الغرفة مندهشًا من أمرها 

او بمعنى آخر أمره هو معها.

ما قصتها؟ ومن فعل بها ذلك؟

ولما ظهرت في ذلك الوقت وكأنه أختير بعناية


❈-❈-❈


أستيقظت ليلى صباحًا وهى تشعر بدوار حاد 

فتحت عينيها بتثاقل لتجد أمجد يستلقي بجوارها يغط في النوم 

تذكرت ما حدث بينهم أمس وكيف كان شديد القسوة معها جعلها تسقط مغشيًا عليها


هي تعذره وتعلم جيدًا أنها تمادت في التقصير معه لكن هو يعلم من قبل أن مهنتها حقًا متعبة وهي لن تستطيع التأخر عن واجبها 

وكأنه شعر باستيقاظها إذا فتح عينيه ليقع نظره على محياها الذي يعشقه فتبسم بعشق وهو يقول 

_ صباح الورد


رغم اندهاشها من تقلبه إلا إنها كعادتها معه تطوي صفحت أمس في الصباح الذي يليه

وابتسمت هي أيضًا لتتناسى كعادتها كل شئ بابتسامة واحدة منه وردت بحب

_ صباح النور.


تحسس وجنتيها وهو يسألها بلهجة دافئة

_ عامله ايه دلوقت؟


أومأت له بروية 

_ الحمد لله احسن.


غمغم باعتذار وهو يبعد خصلتها ويضعها خلف أذنها

_ أنا اسف إن كنت زعلتك، بس صدقيني كان غصب عني و …..


قاطعته ليلى بأن وضعت يدها على فمه وقالت هي باعتذار

_ انا اللي بعتذر منك مش انت.


تنهدت بتعب وتابعت

_صدقني ياأمجد بيبقى غصب عني وبحاول على اد ماقدر اني اوفق بين بيتي وشغلي بس حقيقي غصب عني

أومأ لها بتفاهم فيكفي تلك الفرحة التي ستعم بيتهم الآن فسألها بمكر

_ بس غريبة مسألتيش أيه اللي حصل امبارح؟


قطبت جبينها بعدم فهم وتحدثت بريبة

_ عادي ياحبيبي ده كان ارهاق مش أكثر 

تناول هاتفه من فوق المنضدة بجواره ثم فتحه وتقدم منها أكثر كي ترى بعينيها النتيجة

لحظات لم تستوعب فيها ما تراه بعينيها فتنظر إليه بخشية بأن تكون خاصة لشخص آخر ليومأ لها مؤكدًا 

_ لما تعبتي امبارح دكتور عصام بعت دكتورة زميلتك وسحبت عينه وبعتتها المعمل، وعايزاكي تعدي عليها عشان تطمن اكتر.


كانت تنظر إليه بسعادة غامرة لم تختبرها يومًا

سعادة من نوع آخر بمذاق آخر وكأن الدنيا أصبحت بين يديها

كانت نظراتها تسأله وتطلب منه أن يؤكد لها وقد كان لها ما أراردت إذا أكد لها بعينيه التي تحتويها بحب جعلها تعاود إلى حضنه مرة أخرى وهي تقول بسعادة

_ مبروك ياحبيبي.


ضحك أمجد بسعادة مماثلة

_ الله يبارك فيكي ياقلبي


ابعدها عنه قليلًا كي يقول بثبوت

_ تعالي بقى نعرف بابا لأن الخبر ده هيفرحه اوي


أومأت له بسعادة لكن قالت بتردد

_ طيب ما نستنى نتأكد الأول من الدكتورة؟


_ هو ايه اللي ممكن يأكد لنا أكتر من التحليل.


نهضت من جواره وهي تقول بفرحة

_ خلاص هغير هدومي ونروح نفرحه معنا


❈-❈-❈


وقف أمام الغرفة ينتظر خروج الطبيب الذي بعث إليه بسرية تامة حتى لا يعرف أحد بالأمر

فما حدث أمر غريب لم يحدث من قبل في البلدة

عليها ان يتحرى و يعرف من هذه وما قصتها

خرج الطبيب بعد لحظات بوجه عابث فتقدم منه مهران يسأله بثبات

_ خير؟


هز الطبيب رأسه بنفي

_ مش خير أبدًا البنت لازم تروح المستشفى حالًا

زفر مهران بضيق وتحدث برفض

_ مينفعش وانا قلتلك الكلام ده قبل ما تاچي.


نظر الطبيب خلفه مشيرًا إليها

_ البنت لو استمرت هنا هتموت 

نزفت كتير ومحتاجة نقل دم وامكنيات كتير مش متاحة هنا.


نظر مهران إليها من فتحت الباب وهي مستلقية على الفراش بسكون تام ثم تحدث بجدية

_ قلتلك مينفعش تخرچ بره المكان ده، ممكن اللي عملوا فيها أكدة يشوفوها ويكرروها تاني، عايز تنقذ حياتها ولا تسيبهلهم يخلصوا عليها تاني، هنا مهما كان آمان 

وإن كان على الدم أو أي حاچة تحتاچها هتكون موچودة في ظرف دقايق.


هز الطبيب رأسه بيأس منه ثم دلف للداخل وأخذ عينة من دمـ.ـها ودون الأشياء التي يريدها وخرج إليه

_ العينه دي هتروح المعمل حالًا عشان نعرف نوع الفصيلة واللي على أساسها هنحتاج الدم 

والورقة دي فيها كل الحاجات اللي مطلوبة؛ ده إن قدرت تجيبها


اخذ مهران الورقة بهدوء ونادى على أحد رجاله الذي أسرع إليه وهو يقول بطواعية 

_ نعم چنابك


أعطاه الورقة وهو يقول بأمر

_ الحاچات اللي مكتوبة في الورقة دي تكون قدامي في ظرف دقايق والعينه دي تروح بيها المعمل 


نظر إلى الطبيب وسأله

_ بتاخد وقت كتير؟


نفى قائلًا

_ لأ النتيجة بتظر في خلال دقيقة بس ده لو انا موجود مع الدكتور….


قاطع مهران حديثه

_ خبر الدكتور انها تخص مهران الهوارى.


أومأ الرجل 

_ دقايق يابيه وهكون عندك.


اسرع الرجل بالخروج وعاد الطبيب إليها كي يفعل ما بوسعه لتطهير الجرح ووقف النزيف حتى عودتهم 


جلس مهران على المقعد ليجري اتصالًا بأحد رجاله كي يتحرى عن الأمر في القرى المجاورة


عاد الرجل بكل الاشياء التي طلبها الطبيب مما جعله يندهش من وصولهم إليه بتلك السرعة لكن لا يهم الاهم من كل ذلك هو إنقاذ تلك الفتاة


نظر إلى نتيجة التحليل ليزم فمه بضيق فسأله مهران 

_ خير إن شاء الله.


_ للأسف نوع الفصيلة دي صعب أوي تلاقيه.

عقد حاجبيه متسائلًا

_ ليه؟


رد الطبيب بضجر 

_ فصيلتها o- يعني مش هتقدر تستقبل من أي فصيلة تانية إلا بنفس النوع.


حاول مهران التحكم في إنفعاله وقال بثبوت

_ أنا نفس الفصيلة اتفضل خد الكمية اللي محتاچها.


اندهش الطبيب حتى انه شك في الأمر بسبب اهتمامه بها فقال برفض

_ مينفعش لازم انت كمان تعمل تحليل عشان اتأكد إنك معندكش أي مشاكل.


زفر مهران بضجر من ذلك الطبيب الذي جعله يفكر في قتلـ.ـله والخلاص منه فقال بمصابرة

_ متقلقش اني زين والحمد لله.


 هز كتفيه باستسلام

_ خلاص اتفضل معايا


دلف مهران الغرفة ليقع نظره عليها بعد أن قاموا بتنظيفها لتظهر تلك الملامح الهادئة التي تشبه كثيرًا ملامح والدته

دق قلبه بعنف وهو يدقق النظر أكثر في ملامحها وذلك الوجه الملائكي الذي يخطف الأنفاس.

استلقى بطواعية كما أمره الطبيب ومازالت نظراته مصوبةً عليها تلك العينين التي رغم أغلاقها إلا إنها تحمل سحرًا غريبًا يجذب من يراها، أبعد نظره عنها بصعوبة ونظر لسقف الغرفة وهو ويفكر في حلم 

هل هي أيضًا وجدت من ينقذها ويعتني بها؟

عاد بنظره إليها

هل أيضًا وجدت من يخبئها ويحميها كما يفعل هو؟

أم لم يكن القدر منصفًا لها تلك المرة أيضًا وتركها لموتٍ أزهق روحه هو.

حلم التي تركته يقاسي عذاب الروح؛ والتي تحمله إثمًا لم يعد يستطيع حمله

اعتذر وجثى أمام قبرها يطلب منها العفو لكن ما من مجيب

وكيف تجيب من عاشت تحت سطوته وتجبره عليها

ولم تسلم منه يومًا

وقد كان الموت أرحم لها منه


انتهى الطبيب وطلب منه الخروج كي يقوم بدوره فيجلس هو في الخارج ينتظر من ستعيد إليه الروح بعودتها 

ستخف من وطئت ذلك الحمل الذي اثقل كاهله وجعله ينزوي بعيدًا عن من حوله يعاني وحدة قاتـ.ـله لم يعد يستطيع تحملها


❈-❈-❈


على مائدة الافطار جلس الجميع يترأسهم عمران 

الذي لاحظ الوجوم على وجه سارة 

فسألها بهدوء

_ مالك يابنتي مسهمه أكده ليه؟


نظر إلى جاسر وتابع

_ ولا الولد ده مضايقك؟


نظر إليها جاسر وتحدث بغيظ

_ عاجبك كدة تسمعينا الكلام على الصبح؟


ضحكت سارة مما اثار غيظه منها أكثر وغمغم متوعدًا

_ حظك أني هفضل برة طول النهار بس لما أرجعلك.


تحدث جمال بحنو

_ محدش يقدر يزعلها وهي خابره اكدة زين.


نظرت إليهم بامتنان ولمحاولتهم إرضائها كي لا تشعر بشئ مما يدور بداخلهم تجاه أبيها

فقالت بامتنان

_ عارفه ياعمي.


تطرقت في المزاح وهي تنظر إلى جاسر بغيظ

_ بس في ناس كدة بتتوعد من تحت لتحت.


مدت قدمها كي تضغط على قدمه أسفل الطاولة بحدة جعلته يكتم انفاسه لكن عينيه توعدت بالكثير 

فقالت جليلة وهي تنظر لجاسر بحب

_ جاسر مفيش منيه في الدنيا كلها بس انتو اللي بتاچو عليه.


سعد جاسر باطراءها له وقال بغزل مرح لجليلة

_ والنبي انت اللي مفيش منيك في البيت ده ياحاچة جليلة.


وكز سارة بذراعه وهو يقول بحنق

_ سامعة الكلام؟


نظرت إليه شزرًا وهمت بالحديث لكنها سمعت صوت طفلتها تبكي فنهضت من مقعدها كي تذهب إليها لكن وسيلة منعتها

_ خليكي انتي كملي فطارك وانا هچيبها انا خلصت الحمد لله.


اومأت سارة وعادت تتناول إفطارها وما إن خرجت وسيلة بالطفلة حتى أسرع إليها حازم ومعتز لاستقبالها 

تحدث جمال بسعادة

_ نسيت اقولكم مصطفى ربنا رزقه بمالك، مراته ولدت امبارح بالليل.


أشرق وجه سارة بسعادة غامرة وقالت ببهجة

_ ايه ده بجد؟ يعني انا بقيت عمتو؟


نظر جاسر إلى فرحتها وقال 

_ اللي خلاكي بقيتي أم مش هيخليكي عمتو.


تقدمت منهم وسيلة بعد أن تركت الصغيرة مع أعمامها وقالت بحبور

_ وانا عندي فرحة زيها.


انتبه الجميع إليها لتتابع هي

_ ليلى لسه مكلماني من شوية وبتقول انها حامل.


انشرحت صدورهم بفرحة عارمة لتلك الأخبار السعيدة وقالت سارة بسرور

_ يعني انا هبقى عمته وخالتو كمان 

صحح لها جاسر 

_ تقصدي مرات خالو مش عمته.


غمغمت بحنق 

_ ايه مرات خالو دي، خالتو احسن.


أراد حازم اشعال غيظها أكثر وقال بمكر

_ والله انا شايف ان مرات خالو افضل من يقولك ياطنط.

اتسعت عينيها بصدمة كبيرة ونظرت إلى حازم لتقول بحنق

_ أنا طنط؟! ماشي ياحازم.


عادت إلى مقعدها لتقول بتوعد

_ كنت ناوية اكلم عمو وجدو النهاردة وأقنعهم انك تكتب كتابك على زينة الاسبوع الجاي بس خلاص جبته لنفسك

حمحم حازم بإحراج وقال بابتسامة ماكرة وهو يدنو منها ليجلس بجوارها

_  لأ طبعًا لا عاش ولا كان اللي يقول عليك طنط ياقمر انت، تصدقي بالله اللي يشوفك يقول عليكي أختي الصغيرة.


نظر إلى سيلا وتابع بمغزى

_ صح يا سيلا.


ضحك الجميع على مزاحهم الذي لم يكفوا عنه فتحدث جاسر بجدية

_ ايه رأيك ياجدي نزود فرحتنا ونكلم جدي عاصم على كتب الكتاب؟


أيد حازم بشدة

_ ياريت والله لأن البنت دي علمتني الادب مش راضية تكلمني في التليفون حتى، بتقول نصبر لما نكتب الكتاب الأول 

أيد جاسر تصرفها

_ أحسن خليها تعلمك الأدب.


نهض عمران من مقعده وتحدث بتفاهم

_ اللي تشفوه، واني هكلم عاصم النهاردة ونحددوا الميعاد

اصبحت الفرحة اضعاف وأضعاف ولم يعلموا شيئًا عن ذلك المجهول الذي يخبئه لهم القدر.


❈-❈-❈


خرج الطبيب بعد وقت طويل وهو يشعر بالارهاق 

وقد ظل مهران قابعًا على المقعد في صالة الملحق ينتظر خروجة وما أن رآه حتى نهض وتقدم منه ليسأله بثبات

_ خير يادكتور 

تنهد الطبيب بتعب وتحدث بثبات 

_ الحمد لله العملية نجحت طلعت الرصاصة والحالة مستقرة

انا علقتلها محاليل وهسيب الممرضة معاها 

ولو فيه أي حاجة اتصل عليا فورًا.


_ يعني مفيش أي خطورة عليها؟


نفى الطبيب والذي ظهر عليه الإرهاق حقًا

_ الرصاصة كانت سطحية ومتركتش ضرر بس المشكلة كانت في الدم اللي فقدته والحمد لله قدرنا نعوضه.


شكره مهران وأمر أحد رجاله بتوصيله للمشفى وصعد هو إلى غرفته..


عاد إلى تلك الغرفة وعادت معه ذكريات من الماضي لا ترحم

سار بخطوات داخلها وكل خطوة لها ألف ذكرى أليمة معه، ولم يخطو داخلها خطوة واحدة نحو السعادة 

السعادة؟!

 تساءل مستفسرًا

عن اي سعادة يتحدث؟

هو لم يختبر السعادة يومًا ولهذا لم يسعى وراءها مطلقًا

منذ نشأته وهو يعاني من قسوة حارقة متعللين بقول

" لكي تصبح رجلًا" 

نعم أصبح رجلًا لكن رجلًا بلا قلب 

وقف أمام النافذة التي شهدت على عذاب والدته في حديقة المنزل يتذكر آخر مرةٍ عندما جاء أخيها كي ينقذها من براثينهم لكن كان للقدر رأيٌ أخر

إذ سقطوا في محيط الغدر الذي كان هدفه الإيقاع بهم

وقد كان له ما أراد.

لم تتحمل والدته القسوة التي عذبوا بها أخيها وهم يقومونا بتقيده في تلك الشجرة العتيقة بجوار نافذته وقاموا بجلده دون شفقة أو رحمة

مازال يسمع صوت أنينه وهو يحاول بصعوبة بالغة كتمها كي لا يرى نظرات التشفي في عين والده.

أما والدته فقامت بوداعه لتتركه في غيابت الجب وترحل هي بلا عودة

رحلت وتركته لمن سقاه القسوة حتى جعلها جزء لا يتجزء من حياته

قضى على براءته وصنع منه مثالًا للبغض والأنانية وأول من طالتها قسوته هي تلك البريئة التي عانت كما عان هو 

لكن هي وجدت من زرع النقاء بداخلها وتمحي بحنانها قسوتهم الغادرة

أما هو فلم يجد سوى ذلك الجد الذي ضغط عليه كي يصنع منه سالم آخر

فانتهى كل شئ وأصبح وحيدًا لا يبالي بشئٍ سوى أن تسامحه وتغفر له ما بدر منه بحقها..


❈-❈-❈


فرحة عارمة ملئت قلب صابر عندما أخبره أمجد بحمل زوجته، لم يصدق أذنه للحظات كما لم يصدق حتى الآن بأن إبنه الذي فقد فيه الأمل يومًا

تزوج وسيصبح أبًا

نظر إلى ليلى بامتنان فهي سبب رئيسي لتلك السعادة التي افعمت قلبهم وقال بسعادة

_ ألف مبروك ياليلى يتربى في عزكم إن شاء الله


ردت ليلى بابتسامة عريضة

_ وفي عزك ياعمي إن شاء الله


جلسوا جميعًا بفرحة ملئت قلوبهم وتحدث صابر ببهجة

_ بالمناسبة السعيدة دي انا هطلع اعمل عمره، انا كنت ناوي الموضوع ده من فترة بس كنت مستني اطمن عليكم.


أومأ أمجد بتفاهم

_ إن شاء الله مع إني عايز اطلع معاك بس نخليها بعدين ونطلع كلنا مع بعض.


اومأ صابر 

_ إن شاء الله أهم حاجة تاخد بالك منها كويس ومن أكلها، وخصوصاً أن شكلها اتعودت على أكل المستشفى وعايزاني أكون زيها.


ضيقت ليلى عينيها بشك وسألته

_ كلامك مش مريحني شكلك كدة كنت بتاكل حاجات غير اللي بسمحلك بيها؟


ضحك صابر وقال بخبث

_ ياريت بس أم سيد مش مطوعاني 

دنت ام سيد لتضع المشروبات على الطاولة وغمغمت بغيظ

_ قوليلو ياست ليلى لإني سمعته من فترة بيكلم كريم بيه صاحبه وبيتفقوا على أكلة تقيلة في الحسين.


شهقت ليلى بعدم استيعاب وسألته 

_ أكل تقيل وفي الشارع كمان ياعمي؟


نظر إليها صابر متوعدًا لها ثم تحدث بنفي

_ انتي هتصدقي الست الخرفانة دي، احنا كنا رايحين نحضر حلقة ذكر.


ساله أمجد بشك 

_ حلقة ذكر ولا حلة كوارث


_ هي فين المعدة اللي تتحمل بس ياابني، هي ام سيد اللي سمعت غلط.


هزت ام سيد كتفيها بحيرة متمتمة

_ يمكن.


ثم عادت إلى المطبخ.

نظرت إليه ليلى بتحذير 

_ عمي الكولسترول الفترة اللي فاتت دي نزل بأعجوبة ياريت تلتزم بالتعليمات اللي قلتلك عليها.


ضرب صابر بيده على ساقه وغمغم بخفوت لأمجد

_ كان لازم دكتورة يعني؟


_ النصيب ياحاج.


❈-❈-❈


في المساء


عاد مهران من ذكرياته القاسية على طرق الباب وصوت الخادمة التي تقف مرتعدة

_ الحق يامهران بيه.


تقدم مهران من الباب ليفتحه وصاح بها 

_ في ايه يامخبولة انتي.


أجابت سامية بخوف وهي تحاول تنظيم انفاسها

_ أصل الممرضة بتقول إن البنت تعبت أوي ولازمن الدكتور ياچي يشوفها.


ازفر بضيق ثم أشار لها بالانصراف.

شعر بالقلق وأخرج هاتفة كي يتصل على الطبيب يخبره بما سمعه ثم نزل للأسفل 

دلف الغرفة ليجد تلك الفتاة يتشنج جسدها بشكل عجيب حتى إن الممرضة لا تستطيع التحكم في حركت جسدها 

الموضوع حقًا يدعوا للقلق 

تقدم منها وهو يسألها بحدة

_ ايه اللي حُصل؟


نظرت الممرضة له بقلق شديد وقالت بخوف

_ ساعدني الأول نتحكم في حركتها دي لحد جسمها ما يهدى.


بتردد دام للحظات تقدم منها ومد يده إليها يحاول التحكم في رجفتها لكن ازداد قلقه عندما شعر بمدى حرارة جسدها مما جعله ينظر إلى الممرضة ويتمتم بحدة

_ حرارتها عالية اوي إزاي تسيبيها أكدة.


أجابت بخوف

_ ادتها خافض للحرارة بس مفيش فايدة والتشنج ده أكيد بسببها.


هدئت رجفتها واستسلم جسدها بارتخاء تام حتى ظن للحظات أنها فارقت الحياة

نظر إلى الممرضة بتوجس فطمئنته بهدوء

_ متقلقش الحمد لله عدت على خير.


ارتد للوراء كي يترك الممرضة تقوم بعملها واكتفى هو بالنظر لتلك المجهولة التي اقتحمت قلعته 

ذلك الوجه الهادئ الذي يجعل من يراه يبث داخله راحة وسكينة لم يشعر بمثلها من قبل

لكن ماذا يخفي خلفه؟

ومن فعل بها ذلك؟

متى يستطيع الحصول على كل تلك الأسئلة؟

دلف الطبيب الغرفة وسأل الممرضة عن حالتها فشرحت له ما حدث

خرج مهران كي يترك الطبيب يقوم بما عليه فعله وجلس هو في الخارج

يتساءل هل هناك من يبحث عنها بقلب ملتاع كما بحث هو عن حلم؟

هل ما يفعله يعد خطأ كبير في حق قلبٍ يتلوى ندمًا كما يتلوى هو حتى الآن؟

أخرجه من شروده صوت الباب وخروج الطبيب 

لينهض متسائلًا

_ ايه الأخبار؟

تقدم منه الطبيب وهو يعدل من وضع نظارته الطبية 

_ للأسف الجرح ملتهب لأن التعقيم هنا مش زي المستشفى وبالتالي هايخد معانا وقت لحد ما يخف

أنا حاليًا عملت اللي باستطاعتي والباقي على ربنا.


خرج الطبيب من المنزل ليزفر مهران بتعب من تلك المعضلة التي سقطت فوق رأسه.


❈-❈-❈


في المساء عاد جاسر إلى غرفته في وقت متآخر ليتفاجئ بالغرفة مضاءة باضواء خافتة 

وتلك التي امتلكت قلبه على حين غرة فيقع صريع هواها تتقدم منه وبكل خطوة تخطوها نحوه يدب رنينها في قلبه

ولما لا وهي نوره وشمسه وطريقه الذي لم يضلله يومًا

وكلما تقدمت منه كلما أقترب منه الهلاك حتى شعر بضربات قلبه تدب بعنف عشقًا لمعشوقته

ماذا ستفعل به أكثر من ذلك 

تلك القصيرة التي تردي الخف العالي دائمًا كي تكون بمستواه فيدب رنينه في قلبه الحياة

توهجت عينيه الفضية بولعٍ وهي تجوب على ملامحها التي أصبحت قريبة منه 

عينيها التي تصيبه بسهامها دون رأفةً به وهو لم يشكوا بل يطالب دائمًا بالمزيد والمزيد من تلك المشاعر التي تأخذهم إلى عالم لا يدخله سوى العشاق

رفعت وجهها إليه لتنظر داخل عينيه الفضية وتقول بخفوت ساحر

_ كل سنة وانت كل حياتي. 


وضعت يدها على صدره تتحسس نبضات قلبه التي تنبض بعنف اسفل يديها حتى أجزم بأنها ستصيبه يومًا بسكتة قلبية

انفاسه التي تلفح وجهها الذي توهج بعشقٍ وهي ترى مدى تأثيرها عليه 

وعينيه التي تجوب ملامحها الندية بعشقٍ أذاب احمال الدنيا عن كاهله

وخاصةً عندما اردفت بوله

_ حبيت المرة دي نكون لوحدنا ومن غير ماأعرف حد عشان اكون أنا أول واحدة تعيش معاها أولى لحظات السنة الجديدة

هام عشقه بها وقد أحاطها بذراعيه ليقربها اكثر إليه مأخوذًا بسحر تلك اللحظة التي كتبت بحروف عشقه الذي لم يرحمه يومًا

 واستطاع أخيرًا إيجاد صوته ليتمتم بخفوت

_ بس أنتي كل سنة مرت فـ حياتي كنتي معايا فيها،

كنت بحس بروحك معايا 

كنت عارف إنك موجودة بس بدور عليكي ومش لاقيكي.

رفع إبهامه ليتحسي وجنتها الناعمة وتابع غزلة

_سارة أحلامي كلها مكنتش بتخلى منك 

صحيح ملامحك كانت مش واضحة بس كنتي انتي اللي فيها محدش غيرك

رفع يديه لتعانق وجهها الذي يعشقه وتابع همسه

_ عشان كدة اول ما شفتك قلبي دق بعنف وكأنه بيقولي هي دي اللي كنت بحلم بيها 

نظر إلى عينيها التي تشبه بصفاءها لون القهوة واردف بوله

_ تهت في عينيكي اللي كلها حزن ومن غير ما اعرف سببه اقسمت جوايا إني همحي النظرة وهملى مكانها بالسعادة 

صحيح موفتش بيها بس بحاول على اد مقدر اسعدك واعوضك عن أي لحظة....

وضعت أناملها على فاهه تمنعه من مواصلة حديثه الذي لا ينتمي للحقيقة بصلة

وكيف ذلك وهي اختبرت الحب على يديه هو وحده

_ انت عوضتني عن كل ثانية مرت عليا وانت بعيد عني مش بس جرح اتجرحته وانت بعيد 

وضعت يدها على خده لتتابع بعشق جارف

_ انت عوضتني عن كل الدنيا كلها

لدرجة إني مبقتش بشوف ولا بهتم بغيرك 

حاوطت عنقه بذراعيها لتريح رأسها على صدره الحاني وتابعت بعشق جارف

_احيانًا بحس إن الدنيا دي مفيهاش غيري انا وانت، حتى بنتنا بتكون خارجها

عينيه ديمًا رافضه تشوف غيرك 

ضحكت بخفوت ارهقه وهي تبعد وجهها عنه قليلًا لتنظر إليه لتراه مازال مأخوذًا بسحرها

_ انا كتير أوي بنادي حازم ومعتز باسمك

بخاف اعملها مرة مع جدو 

ضحك جاسر معها وتابع هو بصوته الرخيم وأنامله تتلاعب بخصلاتها

_ انا بقى اكتر بكتيـــر، حياتي كلها متركزة عليكي وعلى بنتنا وإني اعمل اللي يسعدكم ويخليكم مبسوطين.

اخذت يده بمرح وجذبته إلى تلك الطاولة الصغيرة التي وضعت عليها (( قطعة الجاتو )) 

بشمعة مضاءة وقالت بمرح

_ يلا اتمنى أمنية وطفي الشمعة

جذبها أمامه ليحتضنها من الخلف ويستند بذقنه على كتفها ويغمغم بوله

_ امنيتي انك تفضلي في حضني على طول في كل سنة اطفيها فيها

يلا طفيها معايا 


انطفئت الشموع لكن نور عشقهم أضاء الدنيا من حولهم 

ووالتزمت افواههم الصمت لتتحدث القلوب بما لم يستطيع اللسان التفوه به 

قربها إليها ليقبلها وبيثها شوقه، ألمه عشقه الذي عذبه وزهد المنوم منه لشهور طويلة

بثها بحبه سنفونية عشقٍ لا يعرف الرحمة وهي كانت تتشبث به كالغريق ولمَ لا وهو زوجها حبيبها الذي آسر قلبها ببراعة عاشق

ثم أخذها لجنته التي لا يقبل بداخلها بديلاً..


❈-❈-❈

كانت تهرول بأقصى سرعتها والذئاب التي تعدو خلفها ترهبها بشدة

تبحث عن مأوى يحميها لكن لا فائدة، تخطت حاجز لا تعرف عنه شيئًا سوى أنها صادفته في ركضها

لم تعد تستطيع المواصلة عندما شعرت بالانهاك لتسقط مستسلمةً لمصيرها 

لكن ما صدمها أنها رآت الذئاب واقفة خارج الحاجز وكأنها دلفت منطقة محرمة على الجميع

تنفست الصعداء عندما ظنت لوهلة أنها دلفت منطقة أمانة لتتفاجئ أثناء نهوضها للمواصلة بذئب آخر يبدو اكثر شراسة عن من يسعوا خلفها..

نهضت بصعوبة وعين الذئب تنظر إليها بحدة أفزعتها، تحركت أقدامه لتدنوا منها فترتد هي بخوف للخلف، وكلما ابتعدت عنه كلما اقتربت من الذئاب الأخرى، من تركتهم خلفها ينتظر رجوعها ومن سقطت في حاجزة يدنوا منها، فأين الخلاص..


فتحت عينيها بخوف لتجد نفسها في مكان غريب لا تعرف كيف اتت إليه ….. 


                    يتبع…


تكملة الرواية من هناااااا


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول1 من هنااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني2 من هنااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع