القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية هل الضربة قاضية الفصل الخامس وعشرون والسادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون بقلم نهال عبد الواحد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)

 رواية هل الضربة قاضية الفصل  الخامس وعشرون والسادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون  بقلم نهال عبد الواحد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)




رواية هل الضربة قاضية الفصل  الخامس وعشرون والسادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون  بقلم نهال عبد الواحد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)



(الفصل الخامس والعشرين)


بقلم نهال عبدالواحد 


بينما هاجر كانت جالسة مع حبيبة إذ فجأة دقَّ جرس الباب فاتجهت هاجر لتفتح الباب وما أن فتحت حتى تفاجأت بشاب معتدل القامة لكنه وسيم كأنه أشقر لكنه ليس كذلك فبشرته بيضاء، شعره بني فاتح مائلًا إلى الصفرة وربما إلى الحمرة، عيناه بندقيتان، شعرت كأنما قد رأته من قبل؛ فهذه الملامح ليست بغريبة عليها نهائيًّا! كان ذلك الشاب يتطلع لها مثلما تتطلع له ويألف ملامحها مثلما تألف ملامحه. 


ظلا واقفين يحملق كلًا منهما للآخر في صمتٍ تام حتى قطع ذلك الصمت صوت حبيبة تنادي على هاجر مقتربة بضع خطوات: مين جه يا هاجر الساعة دي؟!


لكنها فجأة توقفت عن الخطى وتجمدت مكانها عندما لمحت الواقف أمام هاجر، فانتبهت هاجر لصوت ابنة خالتها كما انتبه ذلك الشاب أيضًا.


لكن الغريب أنه ما أن رأى حبيبة حتى تقدم داخل الشقة دون أي كلمة كأنها بيته الذي اعتاده، وكانت هاجر تراقب الموقف بصمتٍ وتوجس، والغريب أنها لم تصيح في ذلك الغريب الذي اقتحم شقتهم بتلك السهولة!


دخل الشاب، سار بضع خطوات حتى توقف أمام حبيبة مباشرةً وعينيه في عينيها. 


كان كل منهما يشعر برجفةٍ وانجذاب فطري نحو الآخر وكلًا منهما يتأمل من أمامه واقفًا في صمتٍ تام، وهاجر لا زالت واقفة تراقبهما وتتابع الموقف عن مقربة. 


ظل الصمت بضع دقائق حتى سُمع صوت طرقات عصا تطرق الأرض وأخذت تقترب وتقترب حتى أمست قريبة للغاية.


تجمدت حبيبة مكانها وأخفضت عينيها أرضًا لكنها شاردة تحدق في الفراغ مشبكة يديها في بعضهما البعض ضاغطة بكل قوتها حتى ابيضت أطراف أناملها بل أوشكت أظافرها أن تخترق جلدها. 


كانت حبيبة في توترها ولا زالت واقفة مكانها ومع صوت طرقات العصا أسرع قلبها في دقاته أكثر وأكثر ويزوغ بصرها أكثر من فرط توترها.


دخل الرجل يتلفت بعينيه داخل المكان كأنما يبحث عن شيءٍ بعينه، حتى لمح بغيته، صورة معلّقة لهناء والدة حبيبة -رحمها الله- ظل محملقًا فيها يتأملها بعينيه الدامعتين. 


ولا زالت هاجر متابعة ولا تعلم لأين سينتهي ذلك الموقف، بل كيف سيبدأ؟


فقررت بدء المبادرة فحمحمت بصوتها وقالت بصوت مسموع: أهلًا وسهلًا، هو مين حضراتكم؟!


فالتفت إليها الرجل وابتسم: أنا رأفت نبيل إبراهيم القاضي، والد حبيبة وده نبيل ابني وأخوها. 


مشيرًا إلى ابنه الواقف الذي بدأ يتنحّى جانبًا ليفسح المجال لأبيه، فشهقت كلا من حبيبة وهاجر بصوتٍ مسموع، وأخذت حبيبة تتراجع للخلف رويدًا رويدا، و هي تهز برأسها لليمين واليسار برفض. 


وفجأة خارت قواها وهمّت لتسقط فأسرعت نحوها هاجر وأيضًا ذلك الشاب ليلحقا بحبيبة قبل أن ترتطم أرضًا، فأمسك كل منهما من جانب وأجلساها على إحدي الكراسي. 


وقف الرجل بعض الوقت يحملق ويعبئ نظره من صورة هناء، كم بدا عليه عشقٌ دفين! لكن لم تفطن إليه حبيبة؛ فقد كانت في حالة غريبة غير مفهومة. 


ثم جلس الرجل على الكرسي المقابل لحبيبة متطلعًا نحوها هي الأخرى، كسر الرجل الصمت قائلًا: أنا أبوكِ يا حبيبة. 


بالطبع عندما قالها ظنّ أن ابنته ستسرع نحوه ملقية بنفسها بين أحضانه لتنعم به، لكن ما حدث كان على النقيض تمامًا، فقد كانت تلك الكلمة التي قالها بعفوية بمثابة قرار القائد بقذف متتالي متتابع. 


فهبت واقفة وصاحت: وأنا ماليش أب! ولا اعرف يعني إيه الكلمة دي!


وهنا رغرغت عينا الأب بالدموع من جديد ثم أخرج عدة ورقات قائلًا: دي قسيمة جوازي من أمك، ودي شهادة ميلادك ، صدقيني أنا أبوكِ!


فصاحت بقوة: وأنا قولت مليش أب!


فقال نبيل: إهدي يا حبيبة عشان نتفاهم بالعقل، أنا مقدر موقفك و... 


فقاطعته قائلة: لا! شكرًا ومش عايزة منك عذر ولا عايزاك تقدّر موقفي! تعرف إيه عني ولا عيشت إيه زيي عشان تقدر موقفي!

إيه! طلعت الدنيا لاقيت نفسك من غير أب وكل ما تسأل يقولولك مسافر! وبعد كده تكتشف إنه مش مسافر ولا حاجة وإنه بس هجّ وساب مراته وبنته! ولا عيشت عمرك منبوذ لمجرد إن الأم اشتغلت شغلانة بسيطة عشان تصرف بيها على نفسها عشان المعاش ملاليم ومش هيعمل حاجة! و كل اللي يناديك يقول يابت الدادة مش لأي سبب إلا إنها طفلة وعايزة تلعب وسط باقي الأطفال! لا بصت لأكلهم ولا للبسهم أو لحالهم؛ الحمد لله صحيح مش معانا لكن إتربينا على عزة النفس وما نبصش لحد! ولا اتطلب منك ما تروحش الكلية وانكسر حلمك وموته قبل ما يكون وكفاية التعليم المتوسط لأنهم مش حمل فلوسه فتتخلى عن حلمك غصب عنك لأن مفيش اختيارات! ولا تفقد كل اللي حواليك وتلاقي نفسك بطولك! بنتين عايشين ف الدنيا لوحدهم بعد سنين بيتنقلوا مع أمهاتهم من مكان لمكان حسب لقمة العيش، واتضح إن أمي مريضة وخبت عشان مش حمل الدكتور ومصاريفه، فتموت! وبعدها تموت خالتي وبآينا لوحدنا! نعتمد على نفسنا في كل حاجة! ننزل نشتغل إحنا كمان أي شغلانة بسيطة نصرف بيها على نفسنا ونفضل دايرين ف ساقية طول الوقت! ولما يجي الليل نبات مرعوبين في شقة جدنا اللي ف الدور الأرضي المشرّخة وحيطانها اشتكت م الرطوبة والمحارة البايظة، وطول الليل نسمع صوت الناس اللي ف الشارع نموت ف جلدنا! حتى لما حبيت أكبر جت واحدة تسألني بقلة ذوق ودمرتني من أول وجديد عشان تعمل شو إعلامي وبدل ما تتكلم عن بطلة تتكلم عن وسطها وإنها ف الآخر مجرد جرسونة!


تحدثت حبيبة بانفعالٍ شديد، ثم قال رأفت: زي ما سمعتك إسمعيني، أنا رأفت نبيل إبراهيم القاضي، إبراهيم باشا القاضي كان شركسي إقطاعي بيكره المصريين وبيعاملهم أسوأ معاملة وبيستعبدهم وبيعذبهم كأنهم مخلوقات درجة تانية، وكل حاجة عنده بتمشي بالكورباج، كان عنده ولد واحد اللي هو أبويا نبيل القاضي، والدي كان متعود يسافر أوروبا وارتبط بواحدة هناك وحبها جدًا لكن لما جدي عرف عنفه جدًا وحرمه من السفر مرة تانية وأجبره يتجوز والدتي هانزادا هانم اللي لها صلة قرابة بجلالة الملك وقتها بنت الحسب والنسب اللي يليق بيه وبالعائلة، لكن بعد كده قامت ثورة يوليو واتحجز على معظم ممتلكات جدي من أراضي وفلوس، جدي مااستحملش الصدمة ومات، واتحول كل الكره ده لأبويا، ورثه بالميللي وبأه زيه بالظبط في قسوته وعنصريته ضد المصريين وإنهم مجرد فلاحين صعاليك، والدي خلف نشأت أخويا وبعد كده أنا وبعد كده قوت أختنا الصغيرة، نشأت زي بابا بالظبط ونفس الطبع عشان كده كان متدلع ومهما يعمل يتغطى عليه ومش مهم لو شال عمايله واحد برئ، لكن أنا وقوت كنا مختلفين عنهم عشان كده كنا منبوذين، جه أبويا جوّز كل واحد فينا حسب المصلحة، حتى أختي راح جوّزها لواحد من سن أبويا، كسر شبابها وذلها وهانها، ضاع كل عمرها معاه بالإكراه عل فاضي! حتى ما رُزقتش بأولاد، وأنا اتجوزت عنيات أم نبيل أخوكِ الكبير -وأشار نحوه- وشاهندة أختك الصغيرة، آه ما انت ليكِ أخت كمان، الحياة بينا كانت شبه مستحيلة، لكن طبعًا لازم أكمل غصب عني، لحد ف يوم ما زاد همي بالأوي وروحت لواحد صاحبي هو صاحبي الوحيد، كان كل ما أصاحب واحد أبويا يطفشه ويؤذيه بكل بشاعة لأنه فلاح مصري حقير ومش من مستوايّ، إلا صاحبي ده ما كانش يعرفه، صاحبي ده يبقى إسماعيل أبوكِ يا بنتي -ونظر إلى هاجر فأومأت برأسها بابتسامة هادئة- 

كنت بقابله وكان بيخفف عني كتير، كان عارف كل حاجة عني وأد إيه كنت بعاني، لحد ما جه عزمني على فرحه من عايدة أمك يا بنتي -و أشار نحو هاجر من جديد-

المهم روحت معاه وكنت مبسوط جدًا لأني كنت عارف أد إيه بيحبها وتعب وشقي لحد ما قدر يفتح بيت، كنت بسمع عن الحب ده وكأنه شيء خرافي من عالم الحكايات ما اعرفش عنه حاجة، بس أول ما روحت معاه قابلت هناء وشوفتها، كانت جميلة أوي أول ما بصتلها خطفت قلبي وما أعرفش إيه اللي حصل كأني شوفتها قبل كده، كأنها ملكت روحي وإحساسي وكل ما ابعد أقرب تاني ويزيد إحساسها جوايّ أحس بيه بيمشي جوة دمي، حسيت بيها بتبادلني نفس الإحساس والشعور بس طبعًا من غير ما تقول، وده لاحظته بعد كده كل ما أروح عندهم وأقابلها وكنت تعبت من كتر العشق ومش قادر على بعدها، قررت أتجوزها وأهلها رحبوا على طول حتى بعد عرفوا إني متجوز، المهم ما كانش ينفع حد من أهلي يعرف خوفًا عليهم، وعيشنا أجمل قصة حب وأحلى شهور ما كنتش مصدق نفسي إن اللي بسمع عنه في الأغاني وأقراه في الروايات في منه موجود على أرض الواقع، صحيح ما كنتش مقيم معاها لكن كانت دايمًا مستنياني ومستقبلاني أحسن استقبال وتخفف عني وتشيل أي وجع كنت داخل بيه، كانت طيبة وقلبها كبير، وبعد كده إنت جيتِ للدنيا، كنت فرحان فرحة ما تتوصفش كأني عمري ما كنت أب قبل كده، كنت عايز أسميكي هناء على اسم هناء حب عمري، لكنها ما رضتش، فسميتك حبيبة عشان تكوني حبيبة رأفت يعني هناء. 

-وأغمض عينيه حابسًا دمعه وابتلع ريقه بمرارة- 

للأسف مفيش حاجة دايمة، وللأسف أبويا عرف إني اتجوزت واحدة م العامة رغم إن الطبقات كانت انتهت من زمان!


و هددني لو ما طلقتهاش هيؤذيها وهو كان أد كل كلمته، معنى يؤذيها يعني ممكن لما يوصلها يقتلها، لكن ما كانش يعرف بوجودك إني خلفت يعني، كان متصور إنها مجرد نزوة وهو بيلمها عشان اسم العيلة، وحكيت لأمك، طلبت مني أبعد وكنت بتوجّع كل يوم وأنا شايف إصرار أبويا وخايف يؤذي أمك أو يعرف بوجودك، عرفت بعد كده إنه لا يقع طلاق المُكره، واتفقت معاها إن هوري لأبويا ورقة الطلاق عشان يرتاح لكنها هتفضل على ذمتي بس هبعد فترة لحد ما الظروف تسمح، في الأول كان إسماعيل حلقة الوصل بينا ف السر برضو لأن والدي ما كانش هيقبله، لحد ما مات وانقطعت العلاقات وبعدها أبويا استوحش أكتر وأكتر وجه موضوع قوت أختي وكل يوم بمشكلة جديدة، ولا نشأت أخويا ومراته ولعبهم اللي ما بيخلصش من تحت لتحت والمصايب اللي كل يوم بيعملها ويشيلها لأي واحد غلبان ما كلهم صعاليك! كل ده وأنا صابر ومستني المعجزة وإنه يهدى، لكن ما هديش وربنا طول ف عمره، لسه متوفي من كام شهر بس. 


فنظرت إليه حبيبة قائلة باستخفاف: خلصت خلاص!


فأجاب بصوت منكسر: إنت مش مصدقاني ولا إيه!


فأومأت برفض وقالت: ولا عمري صدقتك ولا آمنت بوجودك! قُلت اللي عندك خلاص! 


فتدخلت هاجر: معلش يا حبيبة، هو صحيح غلطان لكن مهما كان ده أبوك.


فصاحت فيهم: وأنا ما بآمنش بالكلمة دي! ولو أقدر أمسح إسمك من شهادة الميلاد هعملها!


قالتها وتركتهم مسرعة إلى حجرتها أما رأفت فبكى بحرقة وحاول نبيل تهدئته، في حين هاجر متابعة الموقف واجمة لا تدري ماذا تفعل!


فقالت: معلش حضرتك اعذرها اللي مرت بيه مش سهل أبدًا. 


فأسرع نبيل قائلًا: ووالدي كان مجبر والموضوع كان حياة أو موت!


- معلش هتاخد وقتها وإن شاء الله المية هترجع لمجاريها. 


فقال رأفت بصوت يخنقه البكاء: إقنعيها يا بنتي الله يسعدك! حنني قلبها عليّ! والله هعوضها عن كل حاجة! أنا مش وحش للدرجة دي يمكن قوة كل اللي حواليّ لغت شخصيتي لكن أنا عمري ما كنت مفتري ولا ظالم. 


فأومأت هاجر بتأثر من حال ذلك الرجل وهي في حيرة بين حالته وحالة حبيبة، فنهض رأفت وهو يتسند على ذراع نبيل ليقف ثم سار بخيبة أمل خارجًا من باب الشقة متكئًا على عصاه وخلفه نبيل، ثم التفت ناحية هاجر فجاة وأعطاها كارت بأرقامه لتتواصل معه بعد ذلك ثم انصرف الجميع.


أسرعت هاجر نحو حجرة حبيبة التي تسمع صوت بكاءها من الداخل، فدخلت إليها هاجر قائلة: إهدي يا حبيبتي ما تعمليش ف نفسك كده. 


فقالت بصوت منهار: مش قادرة مش قادرة! 


فأجابتها: ما كانش ليكِ حق ف اللي عملتيه مع الراجل ده، ده طلع طيب ومظلوم. 


فصاحت فيها قائلة بحدة: وأنا اللي ظالمة يعني! 

ثم أخفضت صوتها ببكاء وأكملت: وبعدين ما دي المشكلة، يا هاجر ده ما طلعش وحش مش هعرف انتقم منه ولا حتى أعمل أي حاجة! أنا متكتفة متكتفة! لا مني قبلته ولا مني سامحته، أعمل إيه أعمل إيه! هموت م الوجع يا هاجر ! كان نفسي ألاقيه وحش حتى يبقى معايا حق ف كل اتهاماتي وكرهي وانتقامي، لكن دلوقتي هروح فين؟! إتشلت حركتي يا هاجر إتشلت حركتي يا هاجر! هي دي الضربة القاضية! هي دي الضربة القاضية!


كانت تبكي، تنتحب، تصرخ وهي تتحدث لدرج

ة الانهيار.

(الفصل السادس والعشرين)


بقلم نهال عبدالواحد 


وصل نبيل ووالده إلى قصر العائلة، كان نبيل عابسًا بشدة ممسكًا بيد والده الذي كاد يُكفى ويسقط على وجهه مرارًا من شدة الانهيار.


ما أن وصل حتى ترك يد ابنه وبدأ يتكئ على عصاه صاعدًا إلى غرفته فأسرعت نحوه أخته قوت تعاونه على الصعود. 


وبعد صعود الأب والعمة جلس نبيل على أحد الأرائك الموجودة بالردهة الكبيرة الممتلئة بعدة أرائك وكراسي لأكثر من صالون وبين كل صالون وآخر قطعة أنتيكية من أحد التحف الغالية، وهذا كله غير النجف المصنوع من الكريستال الرائع. 


اقتربت شاهندة من أخيها الحزين وجلست جواره مربتة عليه وسألته بهدوء: إنتوا ما قابلتوهاش ولا إيه؟!


فأومأ برأسه نافيًّا وأجاب بخيبة أمل: لا قابلناها.


فعقدت حاجبيها قائلة في تعجب: طب ما جاتش ليه؟! ده أنا خليتهم يجهزوا أوضة، ولا لسه هتيجي بكرة ؟! أنا نفسي أشوفها أوي! وأخيرًا عندي أخت !


قالت الأخيرة بسعادة بالغة، فأومأ برأسه نافيًّا مجددًا وقال: مش جاية خالص. 


فقالت بفجأة: ليه كده؟! هو بابي ما حكاش الحكاية! 


أجابها بيأس: حكى و قال كل حاجة، لكن هي رفضت، رفضت حتى ترحب بيه كأبوها. 


فوضعت يدها على فمها من الفجأة ثم قالت: يا عيني عليك يا بابي! عشان كده متأثر أوي! طب ما حاولتش تقنعها يا نبيل؟!


فأجابها: الموضوع مش بالسهوله دي، ده معقد جدًا، واضح إن حبيبة اتأذت كثير بسببه، تقريبًا كل مشاكلها كان سببها بُعد بابا عنها، مش هتقبل بسهولة.


سكتت قليلًا ثم قالت: طب قل لي شكلها ايه!  حلوة؟!


فابتسم قليلًا وقال: حلوة بس! دي زي القمر، شبه عمتو بالضبط.


وهنا تدخلت في الحديث تلك الجالسة شقراء الشعر بفعل الصبغة ذات عينين تميل إلى الخضرة، بيضاء البشرة بضة الجسد، مرتدية بنطالًا قصيرًا ضيقًا يتوسط ساقيها وكنزة ضيقة تظهر مفاتنها، جالسة واضعة إحدى ساقيها فوق الأخرى وتحركّها بلامبالاة، فقالت ببرود: مش فاهمة إنتوا عاملينها أزمة ليه؟! واحدة وروحتوا لحد عندها وبرضو رفضت، خلاص براحتها خليها في فقرها. 


فأجابها باقتضاب: دي أختي يا صافي، والمفروض إنها بنت عمك. 


فزمت شفتيها وقالت: أيوة بس.... 


فقاطعها قائلًا: أحسن لك ما تتكلميش كده أدام بابا، لا ما تتكلميش في الموضوع ده من أساسه! 


فنهضت من أمامهم مسرعة لأعلى في غضبٍ ظاهر في طرق كعب حذاءها على الأرض بغلٍ وقسوة. 


وبعد صعودها تأففت شاهندة وقالت: أعوذ بالله! طايقها إزاي دي؟ الله يكون في عونك يا بيلو!


فتنهد ولم يعقب، ظل صامتًا ناظرًا بشرودٍ أمامه إلى اللاشيء، وبدأ وجهه تهدأ قسماته حتى لاحت على وجهه ابتسامة، ها هو تذكر ذلك الوجه الجميل الذي فتحت له صاحبته، حقيقةً لم يجمعهما حوارٌ طويل، لكنه الآن يتسرب داخله إحساسٍ جميل يريحه كثيرًا ضاعف من ضربات قلبه، ها هو وجهها مرسوم في خياله و لم ينساه. 


كانت شاهندة تتابع ملامح أخيها في تعجب فلم يتركها فضولها حتى سألته وهي تهزه بيده بعد أن قامت بمناداته تكرارًا: نبيل! نبيل! إيه مالك! رد عليّ!


فتنهّد ونهض واقفًا ثم قال دون أن يلتفت: تصبحي على خير يا شاهي. 


تركها وصعد إلى غرفته وهي تتابعه بعينيها شاعرة أن لأخيها شأنٍ ما!


وصل نبيل إلى غرفة نومه وما أن دخل حتى سمع صافي زوجته تحدّث شخصًا ما في هاتفها: لا إطمن ما حصلش حاجة، طلعت خايبة وفقرية وما رضتش تيجي، أنا قُلتلك من الأول إن ده موضوع خايب ومش هيمشي. 


فتنحنح نبيل فانتبهت لصوته وقالت مسرعة: طب خلاص خلاص مع السلامة!


أبدل نبيل ملابسه بغرفة الملابس ثم اتجه جالسًا على حافة الفراش جازًّا على أسنانه محاولًا كبح غضبه، بينما صافي جلست أمام المرآة تتصنع فعل أي شيء حتى تهرب من مواجهته، لكنه نادى عليها فاقتربت منه بحرص فقال: هو أنا كام مرة أقول اللي يحصل في البيت ده ما يخرجش برة الجدران دي ولا إيه!


فقالت متلعثمة: إنت بتتكلم على إيه بالظبط!


فأجابها: عادل اللي عملاله زي مراسلة قناة CNN وبتبلغيه كل كبيرة وصغيرة. 


- عادل أخويا.


- وأنا جوزك وأولى إنك تسمعي كلامي، و لولا إن اللي إسمه عادل ده أخوكِ، كان زماني خلصت منه من زمان. 


فقالت بتهكم: أمال! ترفده م الشركة وتحرمه م الميراث كمان!


فالتفت نحوها برأسه وقال: من جهة الشركة فهو فعلًا شغال عندنا وأحسن له يحافظ على لقمة عيشه عشان في إيدي فعلًا أسيبه أو أرفده، أما الميراث فانتوا برضو ما لكمش حق، إيه نسيتِ إن عمي لما مات مات مديون من تحت راس القمار ولا إيه! 


فصاحت بتأفف: اف! كفاية كده الإسطوانة اللي حفظتها دي! 


وبعد قليل حاولت تهدئة نفسها ثم اقتربت منه والتصقت به في فراشه ثم قبلته على خده، عبثت بأطراف أصابعها حول رقبته وفي مقدمة صدره ببعض الشعيرات التي تطولها يدها، فأغمض نبيل عينيه بملل وتأفف لكنه حافظ على إخفاءه. 


فنادته بهمس ودلال: بيبي. 


- امم. 


- كنت عايزة أطلب منك طلب صغنن. 


فقال بفرغ صبر: خير!


- يا ترى حولت حاجة ف حسابي؟


- ليه؟!


فارتفعت نبرة صوتها فجأة وقالت: معقول يا نبيل نسيت! أنا مسافرة بكرة لمامي في باريي وانت عارف كل ده، و كنت عايزة مبلغ تحت الحساب كبوكيت ماني!


فقال بتأفف: و يا ترى عايزة كام؟


- مش كتير، شوف انت بأه!


فأغمض عينيه بمرارة ثم قال: وبعدين دي ظروف تسبينا فيها وتمشي؟


فقالت بتكبر: وأنا مالي بقصصكم دي! إنتو بتشغلوا نفسكم بحاجات ما لهاش أي لازمة وأنا مش عايزة أفضل في وجع الدماغ ده، وبعدين أنا حاجزة م الأول. 


ثم قالت: هه هتبعت كام؟


فسكت قليلًا ثم قال: مش هنختلف، هحطلك عشر آلاف يورو. 


فلوت شفتاها بتأفف: عشر آلاف بس!


فقال وهو يوليها ظهره: عشر آلاف يورو يتقال عليهم بس! لما يخلصوا إبقي بلغيني أبعت غيرهم. 


وقبل أن تنطق بكلمة اعتراض واحدة دثّر نفسه بالغطاء ليشرع في النوم، فسكتت وتمددت جواره، أما هو فلم ينام بل كان ناظرًا في نقطة فراغ لا زال يسترجع ذلك الوجه الرائع كأنما قد حفر ملامحها بقلبه لتحتل ابتسامته وجهه بتلقائية، ولا زال ذلك الإحساس يهاجمه ويسيطر عليه!


مرت عدة أيام وحبيبة لا تزال في حالتها السيئة ولم تنجح حتى الآن في أخذ القرار المناسب، كما لم تخرج إطلاقًا من باب البيت.


أما هاجر فلا تزال تتذكر وجه ذلك الوسيم الذي قد حفظت كل ملامحه بدقة، ثم تبتسم فتشعر بقشعريرة أيضًا تسري داخل جسدها وذلك القلب المتلاحق دقاته. 


أما نبيل فكان على نفس حالته خاصةً بعد سفر صافي زوجته وابنة عمه، شعر بارتياح عندما سافرت ولم يعد إلا طيف هاجر الملازم له. 


أما رياض فكان طوال تلك الفترة مشغولًا في استلام البضائع الجديدة والانتهاء من تجهيز المحل الجديد، كان يشتاق كثيرًا لحبيبة التي اختفت تمامًا حتى هاتفها كان مغلقًا. 


وذات يوم بينما كان عائدًا مساءً فرأى هاجر قادمة من عملها فنادى عليها: هاجر، هاجر. 


فالتفتت لصاحب الصوت فوجدته رياض الذي قد هبط من سيارته توًا ثم تصافحا، فقال لها: أمال فين صاحبتك؟


فارتبكت قليلًا ثم قالت: فوق ف الشقة.


فسألها: هي لسه مقريفة؟!


فأومأت برأسها أن نعم وظهر على وجهها كأنها تخفي شيئًا ما، لكن لا يدري ماذا! ولا يدري سر ذلك الشعور. 


فقط تذكّر منذ بضع ليالي عندما كان قادمًا بسيارته فوجد عدة سيارات رباعية الدفع تبدو لكبار القوم، تُرى لمن كانت هذه السيارات؟!

لا يدري لماذا راوده هذا المشهد الآن والذي قد صرفه عن عقله منذ يومها!


فعاد من شروده ثم قال: كنت بحسبها اتعينت في إتحاد الملاكمة زي ما وعدوها. 


فقالت: لا طبعًا، معقول بالسهولة دي! من غير تعب ووجع قلب وتحكم!


فأومأ برأسه بتفهّم...

(الفصل السابع والعشرين)


بقلم نهال عبدالواحد 


مرت عدة أيام ولا جديد في حياة الجميع، حبيبة في عزلتها تعاني صراعاتها بين رغبتها في الانتقام مما سبق وذلك الكره الشديد وبين رغبتها في المسامحة و الاقتراب منه ولا زال الصدام مستمرًا داخلها. 


أما هاجر فتذهب إلى عملها يوميًّا وتعود كل مساء معها بعض متطلبات البيت فتعد الطعام وبالكاد تطعم حبيبة القليل ثم تكمل مكوثها مع حالها، فقد سأمت من هذه الوحدة لكن كان يسليها قفز صورة نبيل في خيالها فتجد نفسها تبتسم ويخفق قلبها بقوة. 


أما رياض فلا زال مشغولًا بالترتيبات النهائية لافتتاح المحل الجديد لكنه قد اشتاق كثيرًا لحبيبة فلا زالت مختفية ولا زال هاتفها مغلقًا، لقد زاد الأمر عن حده هذه المرة.


ترى ما سر ذلك؟! ولماذا أتذكر مشهد تلك السيارات الرباعية التي قد جاءت منذ فترة؟!

هكذا يسأل نفسه ويفكر بها بشغف، فقد عقد النية أن يبوح لها بمكنون قلبه في أول فرصة للقائهما ويكلل ذلك العشق بخطبةٍ عقب افتتاح المحل ثم يعد الشقة و يتزوجا بعد ذلك... أحلامٌ وردية جميلة!


أما نبيل فهو ما بين عمله في إدارة شركة أبيه للإستثمارات وبين مرض أبيه الذي قد زاد منذ أن عاد من لقائه بابنته؛ فلم يحتمل رفضها له رغم كونه لا زال يعذرها لكن حزنه اشتد لدرجة أنه قد استسهل المكوث في غرفته ممتثلًا لمرضه وأوجاعه دون مقاومة؛ فالآباء يتقبّلون أي شيء في الحياة إلا قسوة وهجر أبناءهم حتى لو كان بغير قصد خاصةً كلما تقدم العمر، ونبيل يرى كل ذلك ولا يدري كيف يتصرف ليحافظ على صحة أبيه من الانحدار أكثر، ولتعود أخته لأحضان العائلة. 


وذات يوم بينما كانت هاجر تعد نفسها لتذهب إلى عملها فوجدت حبيبة تخرج من حجرتها، كم صارت أكثر شحوبًا!


ابتسمت هاجر لها واتجهت لها تعانقها قائلة: حبيبتي وحشتيني. 


ثم انتبهت لمظهرها وارتدائها لملابس الخروج فتساءلت: لابسة كده ورايحة على فين؟!


فأجابتها حبيبة بلامبالاة: جاية معاكِ زهقت من قعدة البيت. 


فربتت عليها قائلة: أحسن برضو، طب يلا بينا. 


انصرفت الفتاتان، وفي نفس الوقت كان رياض واقفًا في شرفة شقتهم يشرب (النسكافيه) فلمح الفتاتين فاتسعت ابتسامته وابتهج كثيرًا أن أخيرًا تعدّلت حالتها وخرجت من شرنقتها، إذن ستذهب إلى العمل مع هاجر، إذن...


وبينما نادية جالسةً تشاهد التلفاز إذ وجدت ابنها خرجًا من حجرته في قمة أناقته ورائحة عطره تفوح في الشقة بأسرها، فسعدت من داخلها كثيرًا فقد قرأت أفكاره، لكنها تساءلت متصنعة عدم الفهم: مالك يا رياض متشيك كده يعني؟!


فابتسم معدلًا من ياقة قميصه من أسفل كنزته وقال: في إيه يا ست الكل بس! هي أول مرة يعني أخرج متشيك!


فابتسمت قائلة: الله أكبر عليك يا قلب أمك! يا رب يسهل لك العسير يا ابن بطني ويوسع رزقك يا قادر يا كريم!


فألقى لها قبلة في الهواء وانصرف. 


أما نبيل فكان في غرفة أبيه يحدثه عن آخر أخبار العمل وبعض أحوال الشركة وكانت عمته قوت جالسة جوار أخيها المريض، وفجأة رن هاتف نبيل فنظر فيه وأجاب بغموض: أيوة! والله! فين؟! تمام، مع السلامة. 


ثم نهض واقفًا وسلم على أبيه مقبلًا رأسه وانصرف فتبعته عمته قوت ثم همست له متسائلة: التليفون ده بخصوص إيه؟


فأجابها وعلى وجهه بعض القلق قد عجز في إخفاءه وأجاب: عادي يا عمتو شغل. 


فقالت: أمال قلبي ليه حاسس إنه يخص حبيبة؟


فاقترب منها وهمس: أرجوكِ يا عمتو بلاش السيرة دي، أنا قُلت هتصرّف، أرجوكِ...


فأومأت برأسها بتفهم فقبّل رأسها وانصرف، وصل نبيل إلى مكان المطعم الذي تعمل فيه الفتاتان، وقفت سيارته الفاخرة أمام باب المطعم مباشرةً وخلفه أخرى دفع رباعية، دخل نبيل المكان وجلس على إحدى الطاولات باحثًا بعينه في أرجاء المكان. 


وبينما نبيل جالسًا إذ أقبلت نحوه هاجر دون أن ترفع وجهها إلى ملامحه؛ ظنته زبونًا عاديًا. 


وضعت قائمة الطعام أمامه وهتفت برسمية: مساء الخير يا فندم. 


فابتسم قائلًا: إزيك يا هاجر؟


فتفاجئت عندما سمعت صوته ورفعت وجهها إليه وتراجعت خطوة للخلف وقالت متلعثمة: أستاذ نبيل!


- أخبارك إيه؟


- بخير، الحمد لله، حبيبة نزلت معايا.


فأومأ برأسه ثم وقفت في حيرة أن ماذا تفعل، فأعطى لها القائمة وقال بابتسامته الساحرة: إطلبي لي على مزاجك. 


فقالت بتيه: هه!


فأسرع قائلًا: مش إنتِ شغالة هنا! يبقى عارفة أحسن حاجة هنا إيه. 


فأومأت برأسها بتفهم ثم أطلقت ابتسامة خفيفة وانصرفت، وصلت هاجر إلى مطبخ المطعم تعاني حالة من النهجان والخفقان كأنها كانت تركض في طريقٍ بعيد، وقفت لفترة تنظّم وتهدّىء كل ذلك لتخفي كل شيء ولتستطيع إكمال يومها.


وبعد قليل عادت إليه تحمل كوبًا مثلجًا من أحد أنواع العصير ثم قدمته له وبدأ يشرب مبتسمًا مسترقًا البصر ناحيتها، لكن ما كانت إلا لحظات حتى لمحهما مصطفى واقترب باتجاههما وقال ناظرًا بينهما: هو الشيفت بتاع حضرتك خلص!


فانصرفت من فورها، بينما مد مصطفى يده وقال: أهلًا وسهلًا يا فندم، المكان نوّر.


فابتسم نبيل بدبلوماسية مومئًا برأسه، فتابع مصطفى: كأني شوفت حضرتك قبل كده!


- مش عارف، بس تسمع عن شركة القاضي للاستثمار؟


فأسرع مصطفي قائلًا بترحاب: يا أهلًا يا أهلًا!


ثم قال: بس كأن هاجر تعرفك!


فأومأ برأسه وأجاب بنفس هدوءه: وحبيبة كمان، هي فين أمال؟


فأجابه بقلق: حبيبة في شغلها. 


فتحدث نبيل بلطف: حبيبة تبقي أختي، أنا نبيل رأفت نبيل إبراهيم القاضي وهي حبيبة رأفت نبيل إبراهيم القاضي. 


فوجم قليلًا مكانه ثم ابتسم وقال: صدفة غريبة، في الحقيقة أول مرة أعرف إنها تبقى أخت سيادتك. 

ثم استأذن بذوق قائلًا: هشوفها لحضرتك فورًا يا فندم.


وانصرف مصطفى ونظر نبيل إلى ساعته وبعد قليل لمح حبيبة قادمة دون أن تراه من اتجاه غير الذي ذهب إليه مصطفى. 


كانت حبيبة تسير شاردة حتى عندما مرت من جانبه وناداها من قبل فلم تنتبه، فأمسك بساعدها لتتوقف مكانها، فرفعت عينيها وفي نفس الوقت قد أغلقت قبضتها لتلكمه بها، لكنه تفاداها بصعوبة ونهض واقفًا أمامها فانتبهت له ونظرت أرضًا في حرجٍ شديد وقالت بصوتٍ مختنق من شدة الإحراج: آسفة، كنت بحسبك أي حد م البلاوي اللي بتتحدف علينا.


فضيق عينيه وتصنع الغضب: بلاوي! ربنا ستر!


ثم وضعت يدها على فمها وابتسمت بهدوء، وضع نبيل بعض النقود على الطاولة كحساب ما شربه ثم قال لها: تعالي برة شوية. 


وقبل أن تجيبه بكلمة كان قد أمسك بيدها وسحبها معه خارج المكان، حتى وصلا لأمام المحل بالخارج. 


اقترب نبيل من حبيبة رافعًا وجهها بلمسةٍ من سبابته لذقنها فارتبكت قليلًا؛ فهي لم تعتاد على وجود أي رجل بهذا القرب، ثم سألها بحب: طمنيني عليكِ، عاملة إيه!


نظرت له نظرة طويلة كأنها تفكر في إجابة السؤال وقد بدأت دموعها تتطلع للهبوط رغم كل المجاهدات لألا تهطل. 


لكنها أجابته أخيرًا بصوتٍ متحشرج: مش كويسة... مش كويسة خالص... 


وبكت بحرقة فضمها إليه على فجأة فازداد بكاؤها وكأنها لم تبكي قط في حياتها ولا زال نبيل مشددًا في احتضانه لها مربتًا عليها كثيرًا، فهو يريدها أن تشعر بحنانه ويبث الطمأنينة داخل نفسها. 


وبعد قليل ابتعد نبيل قليلًا عن حبيبة ماسحًا دموعها بإبهاميه وابتسم بهدوء قائلًا: عايزك تهدي وما تحمليش أي هَم طول ما اخوكِ على وش الدنيا، إطمني! إطمني لي وثقي فيّ! وأنا كل شوية هاجي وأسأل عليكِ، ومش هسيبك، إنتِ ما بأتيش بطولك! إنتِ بأه ليكِ ضهر وضهر جامد أوي!


ثم قال: هسيبلك عربية تكون تحت أمرك توصلك زي ما تحبي. 


ثم سكت قليلًا كأنه يفكر في شيئًا ما ثم قال لها: أخت نبيل القاضي ما ينفعش تتبهدل في المواصلات، ولا ينفع تشتغل هنا بس هخلي موضوع شغلك هنا بعدين نتكلم فيه. 


ثم قبل رأسها وأشار لإحدى سياراته فاقتربت، هبط منها أحد رجاله وكان قوي البنية، فهمس إليه نبيل فأومأ الرجل له، ثم أشار لآخر ليجئ إليه فاتجه ناحية سيارته الرباعية ففتح السائق الباب له فأشار لحبيبة وأشارت إليه بابتسامة باهتة، ثم ركب وانصرفت سياراته إلا واحدة التي ظلت لتكون في خدمة حبيبة. 


خرج رياض من بيته في قمة أناقته وانسجامه ثم مرّ على إحدى محلات الورد فاشترى باقة رائعة ووضعها جواره في سيارته ثم اتجه إلى المطعم منتويًا أخذها من عملها، تمنى أن يجد مصطفى ليأخذ الإذن منه، وبدأ بالفعل محاولاته في الاتصال بمصطفى، حتى وصل إلى المطعم. 


وما أن أوقف السيارة فاتحًا بابها حتى لمح تلك السيارات التي قد رآها من قبل وهو يتأكد أنها هي، وصار الآن على يقين أن لتلك السيارات علاقة بحبيبة. 


هبط من السيارة وقبل أن يغلق بابها لمح حبيبة تخرج من باب المطعم ممسكًا بيدها شابٌ وسيمٌ وأنيقٌ يبدو من هيئته أنه عالي المقام، ثم وقفا متنحيان جانبًا. 

ماذا؟! 

إنه يقترب منها للغاية! همس إليها وهي لا ترفض ذلك الاقتراب! 

ماذا؟! 

لمس وجهها! لا هذا كثير! إنه يضمها إليه وهي تبكي بين ذراعيه! هذا ليس مكانِك أبدًا يا حبيبة! مكانك معي أنا بين ذراعيّ أنا! أنا فقط من لي حق الاقتراب! كيف يفعل ذلك وكيف تقبلين؟! ماذا يعني هذا؟!


ولم ينتظر رياض كثيرًا بل عاد إلى سيارته واضعًا يده على قلبه الذي يؤلمه بشدة، وجهه مكفهرًا للغاية، كأن الدنيا كلها قد أظلمت فجأة! لا يرى أي شيء الآن، شعر باختناقٍ شديد، هاهو يفتح أزرار قميصه العلوية ملتقطًا أنفاسه وهيئته متعبة حقًا، ربما تمكن من التنفس لكنه تمنى من داخله أن تتقطع أنفاسه هذه اللحظة، فرك وجهه بشدة كأنما يود الاستيقاظ من كابوسٍ مزعج. 


أجل لقد انتهى العالم بالنسبة له الآن، هو الآن يتمنى الموت، يتمنى ألا يعيش أي لحظة أخرى؛ فقط لأنه سيعيش بدونها وهو لا يقوى على ذلك. 


اللعنة عليك أيها القلب! كنت في راحة واستجمام سابقًا، لا أشغل بالي بك، كنت المسيطر عليك، لماذا سلمتك مقاليد أمور حياتي لتقودها؟! ليتني قاومت وظللت على جمودي! ليتني لم أعشق ولم أحب! ليتك لم تنبض أبدًا يا قلب! ها أنا قد وقعتُ بالفخ وكيف الخلاص؟!


كان يحدث نفسه وهو هائمًا شاردًا، نظر أمامه لكن في اللاشيء حتى لا يعي بدموعه التي تسيل بلا أي تحكم. 


أخذ يضرب عجلة القيادة بكل ما داخله من طاقة وقال بصوتٍ مسموع: ليه؟! ليه؟! عملتلك إيه عشان تعملي فيّ كده؟! ليه تيجي منك؟! ليه تيجي منك إنت يا حبيبة؟! معقول الضربة القاضية يوم ما تيجي تيجي منك إنتِ! معقول دي القاضية! معقول دي القاضية؟!


ثم انطلق بسيارته لتحتك عجلاتها بالأسفلت فتحدث صوتًا، انطلق بنفس حالته المنهارة متألمًا ودموعه منهمرة، لم يتخيل نفسه يومًا يمكن أن يبكي أو ينهار، وأن يكون السبب فتاة! ضغط بقدمه على الوقود أكثر وأكثر بلا وعي منه وعيناه قد صارتا ضبابتين من كثرة البكاء، فلم يعد يرى ما أمامه، ولا لأين يتجه؟!


وفجأة...

***

(الفصل الثامن والعشرين)


بقلم نهال عبدالواحد 


بادلت حبيبة نبيل الإيماءة بالسلام ثم تحرّك ركب سياراته، دخلت حبيبة تكمل عملها لكنها تشعر بضيق، اختناق وتمزّق بقلبها لا تدري ماذا جرى لها! عيناها تدمع طوال اليوم تشعر باستنفاذ طاقتها، إنهاك بدني ونفسي وأنها لا تقوى على شيء! لكنها ترجمت هذا الشعور للصراع الذي لا زال داخلها، تتألم بشدة من لطف هذا الأخ ورقته، فقد تحركت مشاعرها الأخوية بالفعل لكن مع ذلك لم يهدأ صراعها، تلك الطاقة المكبوتة التي تحاول إخمادها عنوة، طاقة الكره والانتقام، لكنه قد عانى مثلها لم يكن لديه اختيار، لكنها لا زالت لا تقبل له عذرًا، أو تقبله نفسه فبكّتت نفسها وظلت تلومها، وهكذا في دائرة مغلقة لا سبيل للخروج منها ولا فك عقدها... لتعود كما كانت... 


كان مصطفى متابعًا حبيبة وانطباعاتها المختلفة، لا ينكر تفاجئه بكونها من عائلة القاضي تلك العائلة الشهيرة ولا أن رجل الأعمال المشهور هو أخوها فلم تخبره عن هذا يومًا؛ كل ما يعلمه أنها وهاجر قد فقدتا عائلتهما بالكامل ولا أحد لهما، تُرى هل كانت تعلم وتُخفي أم كان هناك خلافات عائلية وقطيعة لم تُزال إلا قريبًا؟!


أيًا كانت الإجابة فوجودهما في العمل لديه صار أمرًا مؤقتًا سينتهي بين عشيةٍ وضحاها؛ فلن يقبل مثل هذا الأخ بأي حال أن تعمل بنات العائلة مثل هذه المهنة. 


يبدو عليها المعاناة كثيرًا وأنها تحمل الكثير داخلها، لن يخرجها من حالتها هذه إلا رياض، لكن أين اختفى؟! لقد وجد مصطفى له عدة مكالمات فائتة ومحاولات للاتصال في رسائل، فحاول الاتصال به لكن لا رد ولا جواب. 


كان رياض لا يعي لأي شيء حتى لا يعي لقدمه الضاغطة على الوقود وعينيه قد أصابهما الضباب من كثرة البكاء، فلم يعد يرى ما أمامه ولا لأين يتجه!


وفجأة استعاد وعيه ليجد سيارته تنحرف عن الطريق وتتجه بقوة ناحية البحر ليضغط على مكابح السيارة فجأة قبل أن يصل فاصطدم في الرصيف بقوة صدمت ذراعه ورأسه في عجلة القيادة، ونجت السيارة بأعجوبة من أن تنقلب لتوقفها الفجائي. 


تجمّع الناس حوله ليطمئنوا على من بداخل السيارة إن كان قد أُصيب بمكروه، لكنه رفع رأسه وقد جُرحت رأسه جرحًا سطحيًا لكنها تؤلمه بشدة لا يدري من أثر الاصطدام، من أثر البكاء أم الصدمة، وألم شديد في ساعده من أثر الاصطدام. 


نظر لمن حوله بلا وعي فاركًا وجهه ليتأكد أنه على قيد الحياة، أومأ لهم أن نعم دون أن يدرك عن أي شيء يسألوه ثم بعدها يومئ أن لا باكيًا بحرقة، بدأت الجموع تنصرف من جواره يضربون كفًّا بكف دون أن يفهموا شيئًا، كل ما يدركوه أنه يعاني من شيءٍ خطير، بل كارثي. 


وبعد فترة من هذه الحالة ولا زال داخل سيارته عاد برأسه مستندًا على ذلك المقعد والألم يفتك به، فأمسك هاتفه ليجد عدد من المكالمات الفائتة من مصطفى ورسائل لم يفتحها.


فقط اتصل بإيهاب و قال بصوتٍ مختنق يكاد لا يظهر: أيوة يا إيهاب، أنا عملت حادثة، تعالى... مش عارف هبعتلك اللوكيشن... 


و أغلق الخط وبينما يضع هاتفه بين الكرسيين إذ لمح باقة الورد فازداد غضبه لدرجة مهلكة فجذب تلك الباقة فاتحًا باب السيارة مندفعًا كالإعصار الحارق وملامحه لا تبشر بأي خير، قطع سور البحر ووقف فوق صدادت الأمواج ناظرًا إلى البحر وأمواجه الهائجة التي تقذفه ببعض قطرات الماء ملتقطًا أنفاسه بشدة ثم نظر إلى باقة الورد ورغم كل أوجاعه أخذ يمزق فيها ويقذفها على طول يده نحو البحر فيقذف الهواء الورد الممزق على ملابسه ووجهه فصاح بهيستريا: خاينة! خاينة!


ظل على حالته حتى وصل إيهاب لمكان سيارة ابن عمه، بحث عنه فلم يجده ثم انتبه إلى صوت الصراخ وذلك الجمع من الناس الذين يشاهدون ما يحدث، منهم من يضرب كفًّا بكف قائلًا بحسرة: لا حول ولا قوة إلا بالله!


ومنهم من يضحك بسخرية قائلًا بتهكم: يا خربيت الجنان ما يرمي نفسه ويسكت بدل وجع القلب ده!


ومنهم من وقف مصورًا بهاتفه تلك اللحظات دون أن ينطق ببنت كلمة، تُرى كيف سينشره على مواقع التواصل الاجتماعي وماذا سيسميه؟ وماذا عن هذا الإسم كيف يكون أكثر إثارةً وجذبًا للحصول على أعلى نسبة مشاهدات؟!


ولحسن حظه أن رياض وجهه إلى البحر فصورة المقطع لا تُظهر إلا ظهر شاب، فتدخل إيهاب وصاح فيهم: واقفين بتتفرجوا على إيه! يلا كل واحد يروح لحاله. 


فمنهم من تحرّك بصمت ومنهم من ازداد تهكمه بل وصاح ببعض السبابات، لم يكن الوضع يحتمل أن يذهب إيهاب ويعاركهم بل عليه اللحاق برياض بحالته هذه، فهو بالفعل على وشك قذف نفسه لاإراديًّا.


لكن بمجرد اقتراب إيهاب سقط رياض فاقدًا وعيه فحمله إلى سيارته وانطلق به. 


عادت الفتاتان إلى البيت في سيارة أخيها وقد عادت حبيبة لحالتها الأولى ولازمت حجرتها من جديد، ورغم تفهّم هاجر لحالتها وصراعها الذي تعاني منه إلا أنها قد ملت تلك الأجواء فتركتها وشأنها ربما تستعيد نفسها مرة أخرى. 


وعادت هاجر الذهاب إلى العمل بمفردها من جديد وتعود ومعها بعض متطلبات البيت، تعد الطعام وتحاول إطعامها حتى تمل من محاولاتها وإلحاحها كأنما تحايل طفلًا صغيرًا. 


تجلس قليلًا مع نفسها متصفحة مواقع التواصل الاجتماعي ثم تذهب للنوم. 


وذات يوم بينما كانت هاجر تتصفح موقع التواصل الاجتماعي إذ وجدت رسالة من نبيل وقد عرفته من اسمه وصورته الشخصية.


فتحت صفحته، ظلت تتصفح صوره المختلفة، كم يبدو وسيمًا وشبيهًا بنجوم السينما! بل نجم من نجوم المجتمع الراقي.


وبعد قليل فتحت رسالته لتقرأ فحواها وكان لا يزال يبدو نشطًا.


- «مساء الخير آنسة هاجر، يا ترى إيه الأخبار؟! انتظرت منك تكلميني ولكن...» 


قرأت رسالته وظلت بعض الوقت ثم كتبت : «مساء النور أستاذ نبيل.» 


وكأنه كان منتظرًا ردها فما أن أرسلتها حتى ظهر لها أنها قد قُرأت وجاري الكتابة. 


- «حبيبة مش بتنزل الشغل ليه؟»


- «حبيبة زي ما هي قافلة على نفسها وحقيقي مش عارفة أتصرف معاها.» 


- «لسه مش قبلانا!»


- «حبيبة جواها صراع عايزة تقبلكم ومش عارفة، عايزة تحس بيكم برضو مش عارفة، وحتى مش عارفة تبقى قاسية وتكمل سكة القسوة اللي كانت ناوية عليها وأصلًا مختاراها.» 


- «ليه كانت ناوية على إيه؟»


- «بلاش أحسن.» 


فسكت قليلًا وكأنه أدرك ما تقصده، ثم كتب: «حبيبة ما لهاش صحاب! حد قريب منها!»


- «لا، حبيبة عمرها ما صاحبت غيري.»


- «طب مفيش حد ف حياتها! شاب مثلًا؟»


فامتعض وجهها وكتبت لاوية شفتيها غضبًا ثم كتبت: «لا طبعًا، إحنا بنات محترمة ومتربية ومالناش في السكك دي.»


فزم حاجبيه بدهشة وكتب: «إنت فهمتي إيه! أنا ما أقصدش حاجة وحشة على فكرة، دي أختي يعني، أنا قصدي مخطوبة! قلبها ميال لحد معين !»


- «بصراحة هو في واحد شاب ابن حلال ومحترم نعرفه من مدة طويلة وهو بصراحة شهم معانا وبيتصرف برجولة أوي، حتى هو اللي أجرنا منه الشقة اللي ساكنين فيها ومامته ست جميلة وطيبة بتحبنا وبتعاملنا زي بناتها.»


- «ماله بأه الشاب ده!»


- «تقدر تقول كده حب من بعيد لبعيد، يعني كل واحد في حاله لكن إحساسهم فاضحهم، نظرات عيونهم وانطباعتهم بتقول كتير، لكن عمرهم ما حكوا لبعض مش عارفة ليه؟»


قرأ نبيل كلماتها شاعرًا بكل كلمة قد قرأها، فإحساسه ناحية هاجر شديد ولا يعلم كيف ولا ما سببه! لكنه لمس وجوده وشعر بألفتها له، فهي لا تنكره لكن لا أحد قد تحدّث بشأن ما بداخله اتجاه الآخر. 


وبعد أن أخذ عدة أنفاس عميقة ثم شرب بعض الماء، كتب: «ده إنتِ فيلسوفة وقدرتِ تترجمي كل ده!»


فأرسلت له ملصقًا لوجه غاضب... فابتسم وكتب: «مش قاصد أسخر منك صدقيني، بس أصلك وصفتِ الإحساس ولا أحسن كاتبة.» 


فابتسمت وكتبت: «شكرًا» ثم أرسلت له ملصقًا لوجهٍ يبتسم...


- «يبقى مفيش غير الشاب ده.»


وصارت عادة المحادثات الكتابية بين هاجر ونبيل عادة يومية لهما قد أدمناها، كانا يتحدثان حينًا عن حبيبة -وهذه هي حجة حديثهما معًا- ثم التطرق إلى عدد لانهائي من الموضوعات. 


أما حبيبة فبالفعل لم تتغير، فقط تجلس تأكل بضع لقيمات ثم تدخل إلى حجرتها من جديد، إلا في الصباح الباكر تخرج لتجري بعض الوقت ثم تعود. 


وقد لاحظت هاجر اختفاء رياض منذ فترة حتى لم تراه صدفة كما اعتادت! ربما قد سافر! لكن أين السيدة نادية؟ تلك السيدة الطيبة التي صارت مقام الأم، فهي لم تزورهما ولم تسأل عنهما كعادتها! ربما قد غضبت منهما بسبب إهمال السؤال عنها. 


وقد قررت هاجر ذات يوم الذهاب للسيدة نادية والسؤال عنها، وكانت تصعد السلم منتوية امتصاص غضبها فالسيدة محقة ومعها كل الحق؛ فهما لم تسألا عنها منذ أن تناولا الغداء عندها منذ عدة أسابيع. 


وصلت هاجر إلى الشقة وطرقت الباب كعادتها، فتحت لها السيدة نادية لكن ليس بوجهها الباش المحب كما اعتادت منها! لكن ذات وجهٍ غاضب يتوقد نارًا وعيناها تقذف بالحمم من شدة الغضب، فدبَّ الخوف داخل هاجر وهي لا تدري ماذا حدث! فأسرعت في التساؤل: في إيه خالتي! هو في حاجة حصلت! عارفة إن حضرتك واخدة على خاطرك مننا، لكن لو عرفتِ اللي... 


فقاطعتها نادية بنفس الغضب: وكمان جاية لحد هنا برجلك! أما صحيح البجاحة ليها ناسها!


فزمت هاجر حاجبيها وفرغت فاهها بعدم فهم ثم تطلعت إلى الداخل فوجدت الجميع جالسًا، رباب، طارق وإيهاب و.... رياض الذي بدا متعبًا للغاية معلّقًا ذراعه في رباطٍ خفيف وعلى جبهته لاصقٍ طبي، وعيناه زائغتان لا يجيب أحدهم رغم أنه يسمعهم ويراهم!


تفاجئت هاجر بهيئته المتدهورة بالإضافة لنظرات الجميع العدائية لها، فتسللت من جوار نادية ودخلت. 


نظرت ناحية رياض بأسي وقالت: مالك يا رياض! إيه اللي حصل! دي حادثة دي ولا إيه؟!


فصاح فيها إيهاب: أيوة حادثة! وبسبب أختك! شوفي عملتله إيه خليته بالحالة دي !


فأجابته هاجر بعدم فهم: عملت إيه! هي بتخرج أصلًا ولا بتروح ف حتة!


فصاحت فيها نادية: كان نازل يا حبة عيني وشه منور والضحكة من هنا لهنا، كان باين إنه رايح يقابلها، رجع من يومها بحالته دي ومش عايز يقول لحد في إيه، لكن طبعًا واضحة زي عين الشمس، أختك ردت عليه رد يسم بدنه! قهرته! أنا عمري ما شوفت ابني بالحالة دي! عملت فيه إيه منها لله، يلا هَوُونا من هنا! مش عايزين نصطبح ولا نتمسى بخلقكم، يلا شوفولكم مطرح تاني يلمكم! وقال كنت بعاملكم زي بناتي قال!


كانت هاجر مصدومة مما سمعت ورأت ولا تدري ماذا حدث! ظلت متحيرة بعض الوقت لا تدري ماذا تفعل! وأخيرًا قررت الانسحاب بهدوء فكفاها إهدارًا لكرامتها...

تكملة الرواية بعد قليل 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع