رواية لا تخافي عزيزتي الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم مريم الشهاوي (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
رواية لا تخافي عزيزتي الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم مريم الشهاوي (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
#مقدمة
يقولون إن المرأة تكون ثرثارة في العلاقة!
بعض الآراء تختلف بهذه النقطة وأنا أولهم
فماذا ستفعلون إن قلت لكم أن بطلة روايتنا لا تتكلم وفاقدة للنطق، وأن الثرثار هو الرجل !
بعض الروايات تجعل من الفتاة ثرثارة والبطل باردًا، ولا يطيق الحديث معها فماذا سيحدث إن إنقلبت الآية؟
نعم مثلما قرأتم، فإن "أسيل" بطلتنا تخشى البشر وأولهم "يزن".
هل سيقدر" يزن" على جعلها تحبه؟
هل سيحتويها مما مرت به؟
أم أن كبريائه كرجل سينصر...!
وننتقل إلى بطلنا الثاني وهو" مصطفى" الطبيب الذي أحب "هدير" بائعة الخضار بالسوق، وتعمل بثلاث وظائف حتى تصرف على أخواتها التي تركهم لها أبوها، وهرب من ديونه التي مازالت "هدير" تعمل لتسددها.
فتاة بعمر صغير أصبحت أمًا لطفلين !!
هل ستجمعهم علاقة حب رغم اختلافهم؟
و"يارا" التي تستيقظ كل يوم بألم في جسدها وعند ذهابها للطبيب تكتشف أنه كان يُعْتَ دَى عليها كل ليلة !!!
هل سيقع بحبها شخص ما؟
ثلاث قصص مريبة بكل قصة حكاية ولغز وحكمة بالنهاية
#لا_تخافي_عزيزتي
#مريم_الشهاوي
سمع صوت بكاء يأتي من غرفة المستودع... اقترب من باب الغرفة بفضول وعندما تأكد من الصوت طرق على الباب:" في حد هنا؟؟"
وسرعان ما عم الهدوء ولم يسمع شيء من هذا البكاء !
مد يده إلى الباب وحاول فتحه، لكن وجده مغلقا. وتفاجأ بصوت سيدة المنزل" رحاب هانم"
-بشمهندس يزن والدتك سألت عنك.
توتر يزن وقال متسائلاً: "هو في حد جوا المخزن؟"
علامات الدهشة أصابت وجه رحاب وظهر على جبينها آثار الغضب لفضول هذا الفتى ! وقالت: "لا...بتسأل ليه ؟"
يزن بشك: "سمعت منه صوت ... أو كان بيتهيألي ! "
ابتسمت رحاب وهي تنظر إليه بإنزعاج: "لا أكيد بيتهيألك."
استأذن بالرحيل واعتذر لإستفساره المبالغ فيه ثم ذهب لوالديه و كان بين والده وزوج "رحاب" شراكة عمل، ودعاهم زوج رحاب لتناول العشاء معه.
جلس يزن بجانب والدته" يسرى" التي لاحظت تغيره وتكلمت: "مالك؟ حساك مش طبيعي ! "
كان يزن شاردًا وهو يفكر في ذاك الصوت هو لم يكن يتهيأ له قط... سمع الصوت جيدًا كان بكاء فتاة !
قطعت أفكاره صوت أمه وهي تناديه مرة أخرى: "يزن.. إيه مالك مش على بعضك ! "
تكلم بيقظة مما كان يفكر به:" ها... لا لا مفيش حاجة.. أنا كويس."
تكلم زوج رحاب "شريف" بسعادة: "أعتقد إن الصفقة دي هتكون ناجحة مية في المية حطينا فيها كل جهودنا."
بادله الإبتسامة والد يزن "عبد الله" قائلاً: "إن شاء الله تكون ناجحة تعبنا جدا بسببها، وكمان السنة دي تخرج البشمهندس يزن وهيشتغل معانا عارف إنه هيرفع راسي. "
تبسم يزن بفخر والده به فكان قلبه يضحك مثل طفل صغير نظرة أبيه له بها لمعة من الفخر وهذا أفضل شعور ينتاب قلب الإبن عندما يفتخر به والداه.
كانوا يتحدثون عن العمل وبعد مدة لفت إنتباههم شاب وفتاة ينزلون من الطابق العلوي،حيث قامت رحاب من جلستها لتقدمهم: "أقدم لكم ولادي يارا ومصطفى. "
تقدم كلاهما وألقيا التحية على ضيوفهما بكل أدب ورقي وجلسا في صمت تام.
تكلمت رحاب بفخر أيضا لاولادها مثلما رأت حديث عبد الله وأصابها بعض من الغيرة: "دكتور مصطفى طب أسنان ويارا هندسة."
تبسمت والدة يزن" يسرى" بحب قائلة: "بسم الله ما شاء الله حفظهم الله يارا جميلة وهادية ربنا يحفظهالك."
فرحت رحاب لحديثها فبادلتها الابتسامة تتكلم بتكبر: "أكيد هتبقى جميلة لمين؟...ما طلعالي دنا لما بمشي جمبها ببان أختها ومحدش يصدق إنها بنتي."
ضحكوا الجميع لحديث رحاب عدا يارا كانت تجلس كالدمية تفعل ما قالته أمها صامتة تماما لا تبوح بشيء وتتمنى أن تنتهي من هذا السجن وتذهب إلى غرفتها فأصبحت أمانها الوحيد غرفتها في هذا البيت الملعون...الخالي من أي سعادة فهم جميعًا يتصنعون السعادة.
لم تكن هناك أي تعابير واضحة على وجهها،وهذا ما أثار قلق يزن وسأل نفسه وحدثها: "هل هي التي كانت تبكي؟... لا أكيد.. نزلت من غرفة الطابق العلوي وليس هناك علامات على وجهها تدل على بكائها وجهها طبيعي مشرق وليس شاحبًا ولكن إذا كانت ليست هي؟فمن التي كانت تبكي؟؟؟"
كان لديه فضول هائل ولم يستطيع تخبئته فسأل صاحب البيت الأستاذ" شريف": "أنتم بس اللي عايشين هنا ولا في شخص تاني معرفتوناش عليه؟"
نظرت إليه رحاب بإنزعاج وأجابه شريف بابتسامة: "أيوة عندي بنتي أسيل من زوجتي الأولى اللي توفت الله يرحمها."
صمتوا جميعا ولكن عقل يزن لم يصمت ظل يسأله" أين هي؟ "و" لمَ لم يراها؟ "
فتحدث مسرعًا ليريح عقله: "وهي فين؟ ليه يارا ومصطفى بس اللي شوفناهم هي مش في البيت؟ "
زفرت رحاب بإنزعاج وكانت تودُّ لو تطرده خارج المنزل فإنه فضولي للغاية ويتعدّى حدوده فقالت له بنبرة تميل للغضب: "أسيل مش بتحب تخرج من البيت وقليل ما بتتعامل مع الناس ومانعة التواصل مع بقية العالم بسبب حالتها النفسية."
ظهرت الدهشة على ملامح يزن وكرر كلمة رحاب بذهول وبعض من الفضول:"حالتها النفسية ! "
تكلم شريف ليوقف فضول يزن قائلاً: "أسيل من ساعت ما مامتها ماتت وهي فاقدة للحياة حتى النطق مبقتش بتتكلم ومانعة الكلام مع أي شخص حتى إحنا وعلوضع ده من سنين وهي قاطعة نفسها عن العالم ."
تنهد يزن بحزن ينتابه بعض الشفقة قائلاً:" طب مفكرتوش تجيبوا لها دكتور نفسي يعتني بيها ويعرف يعالجها؟"
تكلم شريف بندم:"عاملته بقسوة شديدة وكانت بتضربه ومش أول واحد دي رفضت أربعة ومكانتش بتستجيب واللي شوفته إن حالتها كانت بتدهور أكتر ومش مستجيبة للعلاج ورفضت العلاج ده غير إن الدكاترة مش قادرين يستحملوا تصرفاتها المبالغ فيها هي شخصيتها صعبة ومش بتتقبل أي حد."
قالت رحاب بإستهزاء: "متمردة زي والدتها بالظبط. "
جملتها أفزعت الجميع من الدهشة فكيف لها أن تتحدث هكذا عن شخص ميت !
نظر شريف إلى زوجته بصرامة لذكرها لميت فإن الواجب هو الرحمة عليه فقط ولا يجوز التحدث عنه بالسلب لإنه ميت الآن !
خافت رحاب من نظرات زوجها فتكلمت بإبتسامة وهي تحاول تشتيت الجميع قائلة: "ما تيجوا نغير الموضوع... يارا بنتي ناقصلها سنة واحدة وتخلص الجامعة وتدخل كمان في المجال مع باباها وممكن... "
قاطع حديثها يزن وهو يتسائل: "هي بتدرس؟"
ابتسمت يسرى والدت يزن لابنها وأجابته في هدوء: "أيوة يا حبيبي مدام رحاب قالت فاضلها سنة وتخلص وممكن تشتغلوا سوا أنتم الاتنين وت...."
قاطعها يزن: "مش قصدي يارا.. أنا بتكلم عن أسيل."
انزعجت رحاب من إهتمامه الزائد وظلت تنظر إليه بتوعد
رد عليه شريف زوجها وهو يهدئ من حالته لإنه أدرك كم هو فضولي: "أسيل بنتي في فنون جميلة."
تحدث يزن بعدم فهم قائلاً: "طيب أهو يعني بتروح الجامعة وبتتعامل مع الناس !"
تكلمت رحاب بملل من حديثه قائلة:" هي بتروح الجامعة ومانعة التعامل مع الناس بتسمع المحاضرات وتخلص مشارعها وتروح متخرجش من أوضتها لحد تاني يوم وهكذا."
فتفاجأ يزن من روعة الحديث: "بس دي تبقى حياة مملة المفروض تخرجوها من النفسية هو إنكم تفسحوها أو تتكلموا معاها مش تسيبوها قاعدة في أوضتها كده هي بتسوء حالتها أكتر ! "
ضحك أبيه "عبد الله" وقال: "مالك قلبت على دكتور نفساني مرة واحدة كده ليه ؟!"
ضحك شريف أيضا قائلًا: :"حسيت كده برضو !"
رحاب بفتور: "هي بتعترض لما بتشوفنا وآخر مرة خربشت يارا وعورتها في رقبتها لما حاولت تحضنها أو تقرّب منها."
سحبت يارا خصلات شعرها من على رقبتها لتظهر لهم الجرح التي تسببت به أسيل أو في الحقيقة رحاب من تسببت به أثناء شجارها مع يارا البارحة واستغلت الفرصة كي تسيء لأسيل بأي طريقة ويارا فهمت ما تود توصلته وطاوعتها بهدوء.
يزن كان مندهشا وتحدث ممسكًا أنفاسه: أنتم سايبنها كده !!هتعيش إزاي هتكمل حياتها إزاي وهي في الحالة دي ؟...الموضوع لو تمادى مش هيبقى لصالحكم أبدا وهتتحول للاسوأ. "
شعرت يسرى بعدم إرتياحهم لأسئلة يزن إبنها الذي أثار فضوله إنزعاج الجميع هي تعرف لمَ هذا الفضول؟ و لماذا هو قلق للغاية ؟
هي تتفهم ذلك ولكن هم لا فأمسكت بيده وهي تحدثه بصوت صارم: "خلاص يا يزن حبيبي كفاية."
قالت رحاب بتذمر: "ياريت."
سكت يزن إحترامًا لأمه محرجًا ولكن عقله مشوش تجاه تلك الفتاة "ما قصتها؟"
اأفقوا جميعا على صوت الخادمة:"العشاء جاهز يا هانم. "
نهضوا جميعًا على طاولة الطعام وبدأوا في الكلام وهم يأكلون وكان مصطفى ويارا يريدون الذهاب ويكرهون تلك الزيارات حتى إنهم لم يتدخلوا في الحديث معهم كانوا يستمعون فقط.
كانت رحاب ويسرى تخططان لربط العائلتين معًا من خلال يزن ويارا ظنًا منهم أن هذا سيكون أفضل شيء ورابط أساسي للعائلتين.
كانت يارا صامتة وغير مهتمة فوالدتها قالت لها ألَّا تتحدث وإلا ستبوح بشيء ساذج مثلها فالأفضل أن تصمت.
ويزن تائه في أفكاره كالعادة بخصوص تلك الفتاة التي أثارت عقله بالتفكير منذ دقائق فقط !
ومصطفى الذي كان يدعي بداخله بأن تنتهي هذه الزيارة سريعا ليصعد إلى غرفته ويتحدث مع صديقه "شهاب".
انتهى يزن من طعامه وذهب ليغسل يديه في المرحاض الذي كان بجانب ذلك المستودع
شيء ما بداخله جعله يذهب إلى غرفة المستودع مرة أخرى ويسأل الخادمة:
"لو سمحتي، هو فين مفتاح الأوضة دي؟"
تكلمت الخادمة بعدم معرفة:" كل مفاتيح الأوض مع الهانم الكبيرة."
هز برأسه لها متفهمًا وظل واقفًا مكانه يفكر وتذكر قول أمه وإنه أزعجهم فإن رآه أحد هنا سيشك بشيء ما وخاصةً إذا رأته رحاب مرة أخرى ستنزعج للغاية فإنه أدرك أنها منزعجة منه.
سار خطوات تجاه غرفة المعيشة ولكنه لاحظ جزء من ورقه خارج أسفل باب تلك الغرفة نعم غرفة المستودع.. ما هذه الورقة؟؟
نزل على ركبتيه ليأخذها من على الأرض وسحبها من أسفل الباب و اتسعت عيناه من الدهشه مما رآه!!!
البارت الأول
#لا_تخافي_عزيزتي
البارت الثاني
صلوا على الحبيب
وصُدم عندما رأى رسمة لإنسان، وفوقه قرد جالس على كتفيه واضعًا يده على فمه، وهناك أيضا في أسفل الرسمة فئران ينتابهم الرعب، وفي الناحية الأخرى نمر يقف خائفًا ينظر إلى القرد بخوف !!
لم يفهم شيئًا من الرسمة، لكنه كان موقنًا بوجود شخص ما بالداخل.
فأخذ الورقة، ووضعها في جيب بنطاله، وخرج لهم حتى أنهت عائلة يزن الزيارة، وانصرفت بترحاب من شريف ورحاب بأن يأتوا مرة أخرى، وكانت رحاب تتابع نظراتها ليزن الذي لم يرحها إطلاقًا، فهو ينظر إليها بشكل مريب!
دلفت يارا إلى غرفتها صامتة نامت على فراشها شاردة في عمر صديقها في الجامعة... الذي يظن أنها مجرد صديقة، ولكنها لا تراه بصديق، بل تراه حبيبها لقد أحببته طوال هذه السنوات، ولكنه لم يبادلها ولم يعلم قط إنها تحبه تخاف أن تصارحه بحبها، فيبعد وتخسره للأبد... أن تبقى صديقته طوال العمر أفضل من أن تكون حبيبته ويتركها .
أدلف مصطفى إلى غرفته، وعندما دخل وجد صديقه" شهاب"الذي كان ينتظر رؤيته
ذهب إليه، واحتضنه بشدة وهو يقول له أين كنت، لقد اشتقت إليك يا صديقي؟
مسح شهاب على رأسه بحب، وهو يتكلم معه بقلبه مثلما يحدث "أنا بجانبك دائما معك أينما كنت"
ابتعد مصطفى عنه، وجلس على فِراشه ممددًا جسده يسترخي من هذا اليوم، فأخذ شهاب كوب قهوة، وجلس أمامه:
"احكيلي بقى عملت إيه النهاردة؟ "
تكلم مصطفى وهو ينفخ بضيق: "معرفتش أكلمها كالعادة بحس إني مقيد ومش عارف أبوح لها باللي جوايا."
ضحك شهاب بصوتٍ عالٍ: "طيب أنت كنت عايز تبعتلها حاجة بعتلها بوكيه الورد والجواب اللي كتبتهولها؟ "
أغمض مصطفى عينيه بيأس قائلاً: "لا... "
ثم تفاجأ بالقهوة تنسال على وجهه، فقد رمى شهاب القهوة على وجهه معبرًا عن غضبه!!
فُزع مصطفى وهم واقفًا وهو يصرخ بشهاب قائلًا:"أنت متخلف يلا... إيه اللي عملته ده القهوة سخنة !"
ذهب للمرحاض يغسل وجهه نظر إلى المرآة وسرعان ما رأى شهاب وراءه يمسك برقبته، ويضعها تحت الماء، ويردد:
"هتفضل طول عمرك خايف كده لحد إمتى ها ؟.... لحد إمتى ؟؟؟"
كان مصطفى يحاول إبعاد يده ولكنه فشل فكان قويًا ولم يستطع وظل يردد بصراخ: "شهاااب سيبنييي."
وبعد دقائق تركه وذهب من أمامه جلس مصطفى على الأرض وبكى بكاءً حارق هو حقًا جبان... جبان في كل شيء يخاف من البشر يخشى الحديث مع فتاة لا يعرف كيف يكون صداقات هو فاشل بكل شيء.
________________________________
استيقظ يزن في الصباح، وهم مسرعًا ليذهب إلي جامعة أسيل
وقف أمام جامعتها "الفنون الجميلة" حيث علم بتفاصيل عنها من حارس البوابة تبع منزل أسيل ببعض من النقود تسمى "رشوة" ليقول له متى تذهب أسيل لكي يراها ويتحدث معها عما رآه.
كان واقفًا منتظرًا رؤيتها، لكنه تذكر كم هو غبي!
هل يعلم ما هو شكلها لكي ينتظر رؤيتها؟ ضرب رأسه وقال في استهزاء لنفسه:
"لا ورايح تعرف كليتها وواقف قصاد كليتها وحالف تعرف الحكاية وأنت أصلا مش عارف مين دي ولا شكلها إيه حتى... مين دخلك هندسة بالدماغ الكوسة دي؟"
ظل واقفًا مكانه يشبه على الفتيات ليخمن من هي من بينهم.
يردد في داخله كلما يشك بفتاة إنها أسيل "نعم هذه هي" ثم يقول بيأس "لا إنها تتكلم" فينظر مرة أخرى لفتاة أخرى"وجدتها هذه هي "إنها أسيل وجدتها"
أدلف للفتاة مسرعًا بحماس: "أسيل صح؟"
نظرت إليه الفتاة معقبة: "أفندم مين أسيل؟"
رجع خطوات للخلف بإحراج وتأسف لسوء فهمه.
فعل هكذا مرات المرات وكان يخطئ كل مرة حتى اجهدت نفسه وسند على سيارته يقول بفقدان أمل:"وبعدين بقى هلاقيها إزاي دي كمان... أنا تعبت."
انتظر بضع ساعات وأخرج فطاره وأكل أمام جامعتها لم يراها ولم يستطع أن يجدها...ولكنه كان فضولي وعنيد للغاية وطالما وضع شيئًا ً بداخل رأسه سينفذه مهما كلف الأمر كرر بداخله "سوف أجد أسيل اليوم"
تحرك نحو حارس بوابة الجامعة يتسائله وبيده نقود وضعها في يد الحارس ليتحدث معه ويجيبه بدون مشاكل:" لو سمحت تعرف بنت هنا إسمها اسيل شريف الجوهري؟"
أجابه الحارس بعد أن أخذ منه النقود ووضعها في جيب بنطاله: "بنت الأستاذ شريف الجوهري أه أه موجودة في الكلية دي بنت رجل أعمال كبير أوي إزاي معرفهاش كل الجامعة تعرفها."
ابتسم يزن وتكلم بإهتمام:" طب متعرفش هي جات النهاردة ولا لا ؟"
هز الحارس رأسه نافيًا: لا للأسف... حضورها مش متسجل."
نظر له يزن وكان رأسه يشتعل ومهدد بالإنفجار من كثرة الغضب فإنه طال كل هذا الإنتظار ليجدها لم تأتي.. حقًا !
ذهب إلى سيارته وأمسك بكرة مطاطية يضغط عليها بيده ليهدئ من روعه.
تحرك بسيارته نحو مكتبة قريبة من الجامعة ليشتري بعض من أدوات يحتاجها في عمله.
اقترب من عامل المكتبة من بين زحام الناس عليها لأنها كانت مكتبة مشهورة ويأتي الجميع إليها، تكلم مع العامل وطلب منه ما يحتاجه لعمله فتبسم العامل بوجه بشوش وقال له: "دقيقة أجيبهم لحضرتك لإن موجودين عندي في المخزن جوا."
ابتسم يزن: "على مهلك مش مستعجل."
وقفت بجانبه فتاة قصيرة ذو شعر بني وبشرة خمرية وعيون خضراء ممزوجة بالأصفر ترتدي ثياب مهندمة وتبتسم بهدوء
وعندما رآها عامل المكتبة ابتسم وتكلم بصوت يشبه بالصراخ: "أهلا فنانتنا الكبيرة نورتي المكتبة... ده المكتبة نورت بيكِ."
مالت الفتاة برأسها لترحب به في صمت
قال العامل بمجاملة منه: "الرسومات اللي رسمتيها في دخلة المكتبة عاجبة الناس أوي تسلم إيديكِ."
ظلت الفتاة مبتسمة وتميل برأسها بخجل ممتنة لما يقوله
فسألها العامل أتريد شيئا؟
فأخرجت الفتاة دفترها لتكتب به ما تريده وتعطيه الدفتر لينظر العامل إليها ثم يقول: "هشوفهوملك حاضر."
تحرك العامل ليجمع أدوات يزن الذي يحتاجها وبعد إنتهاءه همّ إليه ووضع طلباته أمامه
كان يزن ينظر إلى هاتفه مشغولًا بعمل ما ولم يعقب على حديثه مع تلك الفتاة.. نظر إليه بعدما وضع طلباته أمامه وقال:" تمام شكرا... الحساب كام؟ "
حاسب العامل وأخذ مشترياته ومشى خطوتين ولكن أثار إنتباهه حديث العامل عندما قال للفتاة بمغازلة منه ليتكلم معها فهو يحب التحدث معها عندما تأتي للمكتبة لتريد شيئًا ما فهي جميلة وهادئة وتسكن القلب من النظرة الأولى
كان يتكلم بلهجة تسودها اللوم قائلاً: "وعدتيني إنك هترسميني... بس يظهر شكلي مش عاجبك."
هزت الفتاة رأسها نافيًا وكتبت في دفترها إنها مشغولة هذه الأيام بسبب مشروعاتها في الجامعة
فتكلم العامل ممازحًا: ماشي ماشي مشغولة هصدق للمرة الألف إنك مشغولة لإني مش عاوز أتقبل حقيقة إنك مش عايزة ترسميني يا أسيل هانم."
توسعت عيني يزن فهو سمع إسمها أيعقل أن تكون هي؟... لا لا، يزن لا تحرج نفسك مرة أخرى يكفي إحراجٌ اليوم.
همّ ليمشي ولكن أوقفه عقله وهو يقول:" وماذا ستخسر إن تأكدت هذه المرة أيضًا؟ "
قامت الفتاة بالإشارة للعامل على الرحيل وأخذت أدواتها وذهبت من أمام يزن الذي كان يتعقبها بنظراته ويسأل نفسه مجددا أيعقل أن تكون هي أسيل التي أبحث عنها أو سيخالفني القدر هذه المرة أيضا؟
أيذهب ورائها ويسألها؟... لا لا.. لا يريد أن يضع نفسه بذلك الموقف مجددًا فذهب للعامل ليسأله هو: "بقولك إيه هي مين اللي لسه ماشية دي كله بيرحب بيها كده ليه؟"
أجابه العامل:" دي فنانتنا أسيل هانم... شايف نص رسومات المكتبة اللي علحيطان هي اللي راسماها في فنون جميلة بس للأسف مش بتتكلم لكن بتقدر تسمعنا عادي."
كان قلبه يدق بحماس فقد وجدها أخيرًا !
همّ مسرعًا إليها ليلحقها قبل أن تضيع منه
خرج من المكتبة يجري في الشوارع يبحث عنها، ظل يبحث ويبحث حتى رآها.. نعم وجدها ها هي أمامه.
كانت جالسة على الأرض تضم ركبتيها نحو صدرها وبيدها صحن به بعض الطعام تضعه لقطة في الشارع وتمسح على رأسها بحنان
ابتسم يزن ووقف منتظرها حتى تنتهي.
وقفت أسيل لتلتفت وتتفاجأ بيزن أمامها إلتقت أعينهما وشعر يزن بنبض قلبه نبضة غريبة ! ولكن هربت نظرات أسيل عنه لم تهتم بوجوده.
مشيت بجانبه ووضعت سماعات بأذنيها لتتفاجأ به يقف أمامها مجددًا و يسألها:"أنتِ أسيل صح؟.. إسمك أسيل بنت أستاذ شريف الجوهري كنت.... "
لم يكمل حديثه حين وجدها أخذت طريقًا آخر ومشيت تسرع في خطواتها وهي قلقة منه.
رفع يزن رأسه للأعلى وقال وهو ينفخ بضيق:" مش كفاية مبهدلاني من الصبح... أنا هفضل أجري وراكِ لحد إمتى ؟؟"
رجع بخطواته للخلف حيث يمشي عكسي ليقابلها بوجهه ويتكلم معها وهو يمشي أمامها بالعكس إلى الخلف: "عارف إنك متعرفنيش ولا شوفتيني قبل كده... ممكن نتعرف طيب ؟"
وقفت أسيل مكانها وتنهدت بضيق وأخذت طريق معاكس ويزن ورائها يحاول التكلم معها ولكنها لا تعطيه فرصة تمشي مسرعة ولا تجيبه ولا تقف لتسمعه
أسرع يزن نحوها ليقف أمامها للمرة الثالثة... ثم أخرج ورقة من جيبه، وفتحها ليريها إياها كانت رسمتها التي وجدها أسفل الباب ذلك اليوم وسألها بحيرة:"أنتِ اللي رسماها مش كده؟ "
نظرت أسيل للرسمة وعلامات الدهشة ظهرت على وجهها ومدت يدها لتأخد الورقة ولكن سرعان ما أبعدها يزن رافعًا ذراعه لفوق وهو يهز رأسه بإنتصار:"يبقى أنتِ اللي رسمتيها... اسمعي عارف إنك متعرفنيش عشان كده هعرفك بنفسي كويس أنا يزن م...... آآآآآآه. "
صرخ بقوة ينتابه شعور الألم مما حدث فقد عضته أسيل بذراعه لينزل ذراعه الذي ممسكًا به الورقة بضعف فأخذت أسيل الورقة منه وذهبت من أمامه تركض.
نظر يزن لعلامة عضتها في ذراعه التي كانت تشبه الساعة وهو مندهش مما حدث فتاة بالغة تتصرف هكذا !
ذهب ورائها ولكن رآها تركب سيارة أجرة لتوصلها للمنزل
وضع يده على رأسه بيأس وهو يتتبع السيارة التي ركبت بها ونظر إلى ذراعه مكان العضّة ثم شئ غير إرادي جعله يبتسم لذلك الموقف.
____________________________________
خرجت يارا بعد جامعتها مع عمر كانوا بمقهى يتحدثون.
عمر بضيق: "أنا ومودة اتخانقنا."
اتسعت عينا يارا:"ليه...عملتلها إيه؟؟"
نظر إليها بغضب:"عملتلها إيه! هو مين فينا اللي صاحبك ؟"
ضحكت يارا وقالت:"بس أنا أعرفك أنت وعاشرتك أنت فعارفة طبعك كويس عملتلها إيه؟!!"
زفر عمر بضيق:"محضرتش معاها فرح صاحبتها."
-طبعا لإن لسه علاقتكم مش رسمية هتروح بصفتك إيه !،طب قولتلها أسبابك؟
عمر بتهكم:"أديكِ عرفتي الليلة منغير ما أنطق بحرف وفهمتي وجهة نظري هي لا...قعدت تقولي شكلي وسط صحابي...وفيها إيه...بس هما عارفين إننا مرتبطين محدش هيتكلم معاك...وخناق خناق لحد ما حطيتني قدام الأمر الواقع وقالتلي لو مجيتش هتروح مع صحابها اللي فيهم شباب وأنا طرطور بقى !!...وقالتلي في ما معناه يا تيجي يا هروح مع غيرك."
-و بعدين؟"
صاح عمر:"معرفش اتخانقت أنا وهي علموبايل ومن ساعتها وأنا قافله مش قادر أتكلم معاها."
يارا ابتسمت رغم ألمها الداخلي إلا أنها تعرف تخلق الفجوة بين ما تشعر به وفيما تظهره:"بس أنت عارف إنها بتحبك...وإن مادام بتحبك عايزاك جمبها ومفكرتش في اللي بتفكر فيه هي إحتاجتك معاها مش أكتر."
سألها:"تفتكري؟"
تنهدت بهدوء محافظة على سلامها الخارجي فقط:"إحنا البنات يا عمر بنفكر في الأمان وفي الاحتواء من اللي بنحبه مش أكتر، غيرك بتحط ميت حاجة قبل ما تاخد قرار."
زفر بقوة قائلا:"طب هي مكلمتنيش من ساعتها ليه...مفكرتش تتواصل معاكِ ليه مانتوا صحاب مكلمتكيش عليا؟"
هزت يارا رأسها بايجاب:"كلمتني...وقالتلي إنها بتحبك بس أنت بتتعصب عليها وده بقى بيضايقها وبتقفش كتير."
ورغم أن مودة لم تتحدث معها إلا أن هناك مواقف تجعلنا نكذب أحيانا خاصة في الخصام بين طرفين.
فقال عمر باقتضاب:"أنا بغير عليها يا يارا...وهي بقت في طبقة مبتفرقش بين الحلال والحرام...أنا بحبها ونفسي لو تفهم أنا بفكر في إيه وتطاوعني."
نظرت إليه بصخب:"مادام بتحبها يبقى حبها على وضعها."
اعترض عمر بقوة:"بس ده مكانش وضعها...مودة كانت خجولة ..بس من ساعت ما عليت بالمستوى وعيلتها ماشاء الله بقت من الطبقة العالية وهي اتقلبت...اتقلبت يا يارا مية وتمانين درجة ....مش دي مودة اللي أنا حبيتها."
يارا بابتسامتها المزيفة تكبح مشاعرها:"اديها وقتها...وريحيها...عرّفها إنك هتفضل جمبها ومهما تتخانقوا تتجنب فكرة انفصالكم...عرفها قد إيه بتحبها...لو حتى قولتها قبل كده البنت بتحب تتطمن كل شوية...وأنت بتتخانق معاها كل شوية ...عمر متزعلهاش...مادام بتحبها امسك فيها ومتستهونش بالحب اللي عيشته معاها...لان مش كل الناس بتلاقي اللي بيحبها زي ما بتحبه...ومودة بتحبك...فمتخسرهاش عشان خاطر حاجات ممكن في يوم وليلة تتغير."
ابتسم عمر لها باقتناع وهي نظرت له وقلبها صوت انكساراته تتكرر مرة تلو الأخرى كلما يسمع اعترافه بحبه لمودة....هي لا تكره مودة كي تجعلهم ينفصلوا على حساب سعادتها وهذا سيكون سهلا جدا عليها إن تعمدت هذا، ولكن يارا ليست كذلك يارا نقية لا تفكر بنفسها بل تفكر بالجميع إلا نفسها.
أنهت حديثها معه وركبت سيارته ليوصلها للمنزل
يارا: "لا نزلني هنا وأنا هركب تاكسي عشان رايحة مشوار كده."
تساءل عمر بفضول: "مشوار إيه؟ "
أجابته يارا: "مفيش بقالي كذا يوم بصحى جسمي مكسر ومش قادرة أصلب طولي فكنت رايحة لدكتورة أمراض نسا تشوف أنا مالي... نزلني بس وأنت روح شغلك مش عاوزة أعطلك."
عمر:" تعطليني إيه بس يا يارا... أنا رايح معاكِ عشان أتطمن عليكِ معقولة تكوني تعبانة المدة دي ومتقوليش !!"
ابتسمت يارا بسعادة فهي تحبه عندما يهتم بها أو يقلق عليها
ذهبوا للعيادة وانتظرت يارا دورها حتى أتي ودخلت للطبيبة وعمر انتظرها بالخارج حتى تنتهي
الطبيبة: "عندك كام سنة؟ "
يارا:" 22 سنة"
الطبيبه:" آنسة؟ "
يارا:"أيوة"
الطبيبة:"اتفضلي قولي..إيه اللي تاعبك؟"
يارا: "البيريود بقالها شهرين مش بتجيلي خايفة يكون في مشكلة في المبايض وأنا كمان بصحى كل يوم بألم شديد في جسمي ومش بقدر أتحرك ممكن أقعد نص ساعة بس عشان أعرف أقوم من علسرير."
الطبيبة: "عملتي تحاليل دم؟ "
اخرجت يارا ورق من حقيبتها:" أيوة أهي."
نظرت الطبيبة إلى ورق التحاليل واتسعت عينيها من الدهشه مما رأته ونظرت ليارا التي لم تفهم لمَ هي مصدومة هكذا وقالت:
التحاليل بتبين انك حامل!
________________________________
كان مصطفى خارجًا من جامعته وتفاجأ بشهاب واقفًا أمامه
دلف باتجاهٍ آخر بعيدًا عنه ثم لاحقه شهاب وهو يتكلم معه:
"يا صاصا أنت مش شايفني ولا إيه ؟؟"
وقف مصطفى وتكلم بغضب: "بقولك إيه متجيليش البيت تاني أخرج من حياتي ومش عاوز أشوفك."
وضع شهاب يده حول وجه مبتسمًا: "مقدرش أعيش منغيرك يا دبدوبي دوبي دوبي."
أبعد مصطفى يده بغضب وظهر على وجهه كم هو موجوع فتكلم شهاب بحزن على حالته:
"أنت عارف أنا بعمل كده ليه....يا عبيط أنا عاوز مصلحتك عاجبك اللي أنت فيه ده؟"
قال مصطفى معقبا لكلامه:" بس أنا مش زعلان من اللي أنا فيه... أنا كده كويس."
تكلم شهاب غاضبًا:" لا أنت مش كويس....."
ثم أمسك بيده وظل يسحبه
تكلم مصطفى بصوتٍ عال: "موديني على فين يا شهاب خليني أروح."
لم يجيبه ظل يسحبه لمكان ما
ثم وقفا كلاهما أمام متجر ونظر إليه شهاب معقبًا: "اتفضل أدخلها.... أدخلها وقولها إنك عايز تتكلم معاها بعد ما تنتهي من شغلها وإن الموضوع ضروري."
قبض مصطفى يديه وضم شفتيه بلا مبالاة قائلاً:"وأنا إيه اللي يجبرني أعمل كده؟"
تكلم شهاب مسرعًا:"والله العظيم يا مصطفى إن ما دخلتلها دلوقتي لامسكك أضربك أرنك علقة وألم عليك الشارع كله وحبيبت القلب تطلع تشوف الجان بتاعها بيتفرم."
رجع مصطفى بضع خطوات للوراء بخوف قائلا:"خلاص خلاص... أنا هدخل."
أخذ نفسًا عميقًا ثم نظر إليه: "طب تعالَ معايا... أدخل معايا كإنك هتشتري بكون مرتاح وأنت معايا."
ابتسم له شهاب ودخل معه للمتجر ظل مصطفى يبحث عن "هدير" الفتاة التي بدّلت كيانه بلحظة واحدة حين يراها يشعر وكأنه يغمره شئ من الهيام حين ينظر لعينيها لا يشعر ولا يسمع ولا تعمل حواسه بينما ينظر إليهما هي امتلكت قلبه وعقله بكثرة التفكير ولكنه لا يعلم كيف يصارحها بهذا؟
وجدها ترتب بعض العلب على الرفوف كان متردد في الإقتراب حتى دفعه شهاب إليها.
وقف مصطفى ورائها يريد البوح ولكن لا تخرج من فمه أية كلمه لسانه مربوط بشيء !
نظر لشهاب وجده ممسكًا بعصاه يهدده بها وكأنه يتوعد فيما سيحدث له بعد ذلك إن لم يتكلم معها.
استجمع قواه وتكلم معها وهي تعطيه ظهرها: "هدير ممكن نتكلم شوية؟"
نظرت إليه هدير وعندما رأته اتسعت عينيها وسرعان ما أمسكته من ثيابه وتقول بنبرة غاضبة ممزوجة بالإنتصار :"أخيرًا شوفتك وربي ما هسيبك يا نصاب.."
صمتت يارا تحاول استيعاب ما قالته الطبيبة كيف لها أن تكون حامل وهي آنسة !!
قالت بتلعثم وعدم تصديق:"ح.. حامل.. إزاي بس يا دكتور..أكيد في... في حاجة غلط.... مفيش حد لمسني... فازاي؟؟؟ "
نظرت إليها الطبيبة بشفقة وأرادت مساعدتها:"طب أنتِ ممكن تحكيلي... هل تعرضتي لاغت صاب من شخص ما؟؟.... ساعديني عشان أعرف أساعدك."
هزت برأسها نافية وبدأت أصواتها تعلو:"أنا محدش لمسني.... أنا آنسة."
الطبيبة:"اهدي أرجوكِ ووطي صوتك في مرضى برا.... روحي اعملي حالا تحليل طب شرعي لاثبات الحالة و.... "
صرخت بوجهها يارا:"حضرتك عارفة أنتِ بتقولي إيه؟.... بقولك محدش لمسني... طب شرعي إيه؟؟؟.... أنا هروح هكشف عند شخص تاني وهعمل تحاليل تانية... أنا آنسة... محدش لمسني.. أكيد في حاجة غلط في التحاليل."
الطبيبه:"ممكن تهدي... تحاليل الدم مفيهاش هزار ونتايجها دقيقة وصحيحة مية بالمية."
فتح باب الغرفة وكان عمر الذي سمع صراخ يارا وهمّ مسرعًا ليرى ما بها وحين رآها لم يفهم شيء
ذهب نحو يارا قائلًا بتساؤل :"إيه يا يارا بتصرخي كده ليه أنتِ كويسة؟ "
نظرت يارا إليه وكان تستنجد به بعيونها فهمها عمر وأخذها خارج العيادة ركبا السيارة ويارا ظلت صامته لا تبوح بشيء أوقف عمر السيارة في مكان هادئ
عمر:"احكيلي...الدكتورة قالتلك إيه ؟"
قالت يارا بدموع تملأ عينيها:"لا مفيش.... أنا حاسة إن العيادة مش قد كده وهروح أكشف عند دكتورة تانية عشان شكلها مش شاطرة و.... "
قاطعها عمر:"يارا...أنا عمر... ومش لسه عارفك إمبارح ولا النهاردة أنا أعرفك من سنين وعارف نظراتك دي كويس أكيد في حاجة.... وشك مخطوف كده ليه احكي؟؟"
تبدلت نبرة صوتها لبكاء مكتوم وتحاول تمالك أعصابها وحبس دموعها:"بجد يا عمر مفيش حاجة روحني دلوقتي... أرجوك مش قادرة أتكلم دلوقتي."
صمت عمر ونظر إليها ولا يعرف لمَ تخفي عنه فهو صديقها المقرب أيخفى أحد منهما شيء عن الآخر أم أن الموضوع كبير حقًا ولا تريد التكلم به أو أنه موضوع يخصها كفتاة وتخجل بالتحدث عنه؟
تحرك بسيارته إلى منزل يارا التي همّت لمنزلها مسرعة ولم تتحدث معه ولا ودعته حتى فقط ركضت بسرعة حتى لا يرى دموعها التي أغرقت وجهها.
دلفت إلى غرفتها وأغلقت الباب وانهمرت دموعها لا تصدق ما حدث للتو.... كيف حدث ذلك.... ومن الفاعل؟ ضربت رأسها مرارًا وصرخت بقوة وهي تبكي وتردد لا لا لم يحدث ذلك.... إنه كذب.. الطبيبة تكذب سأحاول مع أطباء آخرون لأتأكد هناك إختبارات حمل سأشتريها وأفعله حتى اتأكد هناك سوء فهم من الطبيبة أنا لست حامل كيف ذلك وأنا مازلت آنسة ولم يمسّني ذكر؟!
_________________________________________
اتسعت عينا مصطفى قائلا بذهول:"نصاب ! "
تكلمت هدير بصوت عالٍ:"أيوة... ناسي يوميها عملت إيه في السوق؟.... اسمع أنا مبسكتش على حقي إطلاقًا ومش معنى إني معييش راجل تفكر إني ست وساذجة وتضحك عليا... لا أنا ميتضحكش عليا أبدا دنا بمليون راجل.. اتفضل هات حق اتنين كيلو الطماطم اللي أخدتهم."
ظل مصطفى صامتًا لا يصدق ما تقوله ولم يفهم منه شيء:"أنا مش فاهم قصدك... حضرتك أكيد ملغبطة بيني وبين شخص تاني."
مصمصت هدير شفتيها بملل قائلة بسخرية:"لا ياخويا دنا أجيبك من وسط ألف.... اتفضل معايا برا المحل عشان منزعجش الزباين لو فيها ضرب ولا حاجة."
بلع ريقه بغير تصديق وردد:"ضرب ! "
خرجت من المتجر ومصطفى بيدها أوقفته أمامها
سألها مصطفى:"صدقيني أنا مش فاهم قصدك إيه وليه بتقولي عليا نصاب؟؟"
نظرت إليه هدير وأعادت النظر إلى ملابسه كم هي مهندمة وأنيقة ولكن كل هذا لا يمانع أنه رجلٌ محتال
-اسمع يا أستاذ... أنت جيتلي الأسبوع اللي فات وخدت مني اتنين كيلو طماطم ومدفعتش حقهم وأخدت الشنطة وجريت.
نظر لها مصطفى حوالي دقيقة وهو يحاول التذكر....
نعم ذلك اليوم لقد وزن له طفل صغير الطماطم وأمسك بكيس الطماطم وأخرج حاويته لكي يدفع حق ما اشتراه ولكنه رأى هدير تنادي للصغير بإسم"ياسين" وتقترب منهم وعندما رآها همّ مسرعًا راكضًا لبعيد...كان موجودا لكي يراها وعندما رآها غير موجودة والطفل ظل يسأله إن كان يحتاج إلى شراء شيء فتحدث كي يخفي إحراجه وكي يفسر وقوفه الذي طال لانتظارها وطلب منه طماطم ولكن لا يعلم أنه سيكون جبانا هذه المرة أيضا ولن يقدر على الحديث معها أو الوقوف أمامها والتحدث هو يتوتر كثيرا ويشعر بالخجل وحينما سمع صوتها ورآها تقترب لم يفكر ثانية فقد همّ مسرعا يركض بأسرع ما عنده كي لا تراه.
استيقظ من رشده على صوت هدير :"يا أخينا... إيه افتكرت؟ "
ابتسم مصطفى وقال بأسف :"أنا آسف بجد... يوميها كنت مستعجل الحساب كان كام ؟"
ضمت ذراعيها على صدرها وتحدثت بلوم:"تلاتين جنيه."
أخرج مصطفى من حاويته خمسون جنيهًا وأعطاها لها:"اتفضلي."
أخذت هدير النقود وأخرجت من جيبها ورقة بعشرون جنيهًا وأعطتها إياه:"خد الباقي."
اعترض مصطفى بذوق:"لا لا خلي الباقي... كواجب إعتذار إني اتأخرت عليكِ وآسف مرة ت..... "
أمسكت يده ووضعت المال بيده وقالت وهي تمط شفتيها بإنزعاج:"إعتذارك وتقبلته مش محتاجة أكتر من حقي."
ثم تركته وذهبت من أمامه لتعود إلى عملها بالمتجر
ظل يتابع خطواتها حتى اختفت عن أنظاره ثم ابتسم !
نعم فهذه المرة الأولى التي يتحدث معها ! ينظر بعينيها وهي تتكلم معه أمسكت بيده ،رفع يده يتأملها مبتسمًا.
سمِع صوت شهاب من وراءه:"اتهزقت اتهزقت يعني."
إلتفت مصطفى إليه وهو مبتسم:"تصدق أول مرة أحب التهزيق كده !!... حاسس إني مبسوط أوي... هدير اتكلمت معايا يا شهاب... أنا عمري ما كنت بحلم بكده... الساعة كانت 3:26 دلوقتي(رفع يده ينظر لساعته) 3:38... اتناشر دقيقة بحالهم يا شهاب !! أنا حاسس إني عاوز أتنطط من السعادة أخيرا جاتلي الفرصة إنها تتكلم معايا تيجي نروح ناكل أيس كريم؟
ركض من أمامه وهو سعيد ويضحك بشدة وتتبعه شهاب وهو ينظر إليه باستعجاب !
أيعقل ان يكون مختالًا ؟
________________________________
في المساء كان يزن جالسًا على الأريكة بغرفته شادرًا يفكر بأسيل ويتساءل:"يا ترى إيه قصتك يا أسيل؟... وإيه معنى رسوماتك دي؟؟... وليه مش راضية تتعالجي ؟"
زفر بضيق ثم أمسك هاتفه وراسل صديقه "مازن"
يزن:"عرفت حاجة عن الصورة؟ "
أجابه مازن بالمراسلة عبر الهاتف :"بصراحة مستعجب من الصورة أوي... هعرضها على زمايلي وهنشوف تفسيرها النفسي إيه... بس الظاهر ليا إنها بتتعرض لأذى من حد ومفيش حد قادر يساعدها والنمر اللي واقف على جنب وخايف دي أثارت شكوكي إن يمكن فيه حد قادر إنه يساعدها بس برضو خايف من القرد اللي مسبب الرعب للكل...بص الموضوع مريب سيبني شوية أنا حاسس إن لسه الحقيقة فيها شكوك... بس احكيلي يعني هي البنت دي عايشة إزاي وأهلها فين؟ "
تنهد يزن وروى له ما قصّه شريف عليه بخصوص حالة أسيل
مازن:"خلاص ماشي اديني شوية وقت أبحث عن الموضوع ده وهكلمك لو لقيت حاجة."
يزن:"خلاص ماشي.. مستنيك."
ترك هاتفه وذهب ليستحم ويريح أعصابه من توتر اليوم
كان مغلق عينيه وهو يغسل شعره بالصابون وفجأة ظهرت أمامه صورة أسيل كم هي جميلة ورقيقة الملامح فُزع من تفكيره وفتح عينيه بسرعة ولكن عينيه أحرقته فقد أدخل بها الصابون
صرخ بوجع وغسل عينيه بالماء ما بها هذه الفتاة حتى التفكير بها أصبح يرهقه.... ولمَ أنا أفكر بها؟؟؟
______________________________
-ياسين،دارين يلا عشان الغدا
أسرعوا أخواتها الصغار إلى طاولة الطعام وهم يشتهون ما سيأكلونه
ياسين:"طابخالنا إيه النهاردة يا ديرو؟"
ابتسمت هدير :"فول بالطماطم بس المرة دي حكاااية."
زفرت دارين وضمت ذراعيها نحو صدرها بضجر :"بس أنا مش عايزة آكل فول... هو كل يوم فول ! "
انزعجت هدير من حديث أختها وقالت :"إسمها الحمد لله.... تعرفوا أطفال غزة وأطفال البلاد اللي فيها حروب عايشين إزاي؟"
ضحك ياسين ممازحًا:"أكيد مش بياكلوا فول كل يوم !"
ابتسمت هدير بوجع:"فعلا عندك حق هم مش بياكلوا فول كل يوم...لانهم مش بيلاقوا أكل أصلا وممكن يقعدوا بالأيام جعانين ومنغير أكل."
صمت الاثنين ونظروا بالأرض بخجل فتحدثت هدير بصوت عال تعبر عن غضبها:"إحنا غرقانين في نعم بس إحنا اللي مش حاسيين بيها....ومش هنحس بيها إلا لما نفقدها هي كمان...يكفي أوي نعمة إنك عايش في بلد آمنة مفيهاش حرب مش بتصحى على صوت صواريخ بتضرب علينا مش عايش في خيمة بعد ما اتهد بيتك."
بكت دارين فجذبتها هدير كي تعانقها وقالت دارين وهي تبكي:"أنا آسفة يا ديرو...مش هقول كده تاني."
فضمتها هدير أكثر وقبلتها على رأسها بحنين:"يا روحي متعيطيش...حقك عليا إني عليت صوتي."
دارين ببكاء:"لا مش بعيط عشان زعقتي بعيط عشان صعبوا عليااا."
هدير بابتسامة:"متنسيش بقى تدعيلهم في صلاتك دايما."
وبعد أن هدأت دارين ذهبت هدير إلى حقيبتها كيسًا به شيء ما:"أنا جبت أيس كريم لينا كلنا."
وقفوا الإثنان في سعادة :"هاتي دلوقتي."
هدير:"لااا.... لما تاكلوا الأول يلا بسم الله الرحمن الرحيم."
أكلوا جميعهم في جو دافئ وآخر الليل شاهدوا التلفاز كانوا يشاهدون فيلمًا كوميديًا وظلت أصوات ضحكاتهم تعلو في البيت الصغير البسيط.
أخلدت للنوم هدير وهي واضعة أخواتها الصغار في حضنها ونظرت للأعلى تناجي ربها بسرها وتقول
"يارب اللهُم يا كافل العباد وواهب الأرزاق وموزع العطايا ارزقنا نورًا في القلب وضياءً في الوجه وعافيةً في البدن وسعةً في المال والعلم والعمل وحُسن الصفات وصلاح الأعمال والنوايا ، اللهم سترك وعفوك وودك وحُبك وقربك ورضاك ولذة النظر إلى وجهك الكريم. "
____________________________
رحاب:"يارا افتحي الباب أنتِ قافلة على نفسك من الصبح... بقولك افتحى."
كانت جالسة على المرحاض وشهقاتها تعلو وهي ممسكه بجهاز بيدها يسمى"اختبار حمل"وظاهر أمامها شرطتين هذا يعني إنها حامل حقًا !
أطرقت رحاب على الباب بقوة :"افتحى يا يارا وإلا هجيب المفاتيح وأفتح أنا."
فتحت يارا باب غرفتها ووجها شاحب وعيناها حمراء اللون نظرت لوالدتها بإرهاق:"تعبانة شوية يا ماما.... أرجوكِ سيبيني لوحدي."
دخلت رحاب الغرفة وأغلقت الباب:"متوقعيش قلبي عليكِ... احكي مالك في إيه ؟؟؟"
يارا صرخت بقوة:"بجد والله ؟!... ومن إمتى كنتِ مهتمية بيا أوي كده؟؟.... أنا ضعت بسببك."
جلست على فِراشها وصوت بكاءها صار يعلو فتح الباب مصطفى ونظر لأخته التي عندما رأته همّت مسرعة إلى صدره تضمه بشدة و تغرس وجهها بصدره وهي تبكي
ضمها مصطفى بحب ومسح على رأسها بحنان:"إيه يا يارا مالك؟؟... اهدي."
شدت ذراعيها على ظهره وبكت بشدة وقهر
ورحاب لم تفهم ما حال إبنتها ولماذا تبكي لهذه الدرجة؟
ظلت يارا تردد:"أنا ضعت يا مصطفى... أنا ضعت."
كانت أسيل تشرب الماء في المطبخ وسمعت صوت يارا.... هي لا تكره يارا وتعرف أن يارا لا تكرهها أيضا ولكن رحاب تريد خلق الكراهية بينهم وتخلق المشاكل بينهم دائمًا ولا تريد أن يحبها أحدًا من هذا المنزل حتى أبيها !
ظهر شريف أمامها ونظر لأسيل بغضب :"إيه صوت يارا ده !!... أنتِ زعلتيها في حاجة ؟؟"
ظل الماء واقفًا في فمها لا تقدر على بلعه ونظرت بعيدا عنه لتخفي دموعها
صعد شريف للأعلى وحين رأي بكاء يارا ركض إليها مسرعًا وتكلم بقلق:"ليه العياط ده....في إيه يا رحاب؟ "
نظرت رحاب إليه وكانت ستتكلم عن يارا بوحشية ولكنها لمحت أسيل بالأسفل وعيناها على أبيها فابتسمت بخبث وتحدثت:"زهقانة.... بتقولي يا ماما حياتي بقت مملة... فعلا يا شريف يارا مبقتش بتخرج خالص.... وكذلك مصطفى وأنا كمان زهقنا من الروتين ده إيه رأيك نسافر ؟؟"
ابتسم شريف :"بس كده؟... (أمسك بيد يارا وتكلم بحب)ليكِ عليا يا ستي أسبوع كامل في أي بلد أنتِ تختاريها... فكي كده وأنت يا مصطفى إمتحانات الكلية بتاعتك خلصت مش كده ؟"
أجاب مصطفى:"أه يا بابا إمبارح كان آخر يوم."
رحاب:"وبرضو يارا خلصت عايزة أفك بقى يا حبيبي... ونفرفش كده."
ضمت رحاب زوجها بحب :"نطلع أنا وأنت ومصطفى ويارا نغير جو."
قصدت أن تذكر من سيسافر لكي لا تشعر أسيل بأن لها أهمية بما يتحدثون عنه.
ابتسم شريف وضمها لصدره أكثر :"خلاص هشوف شغلي وأرتب أموري ونسافر كلنا يويو يلا ابتسمي بقى مفيش حاجة مستاهلة دموعك غالية."
نظرت يارا لرحاب وجدتها تنظر للأسفل وتبتسم فنظرت للأسفل لترى ما تبتسم إليه فوجدت أسيل واقفة ودموعها تنسال على خديها بقهر كرهت أمها... وعلمت ما خططت له... كم هي مكيرة !
تكلمت رحاب وهي توجه الكلام لابنتها:"يارا... ردي على بابا... ومتعيطيش تاني أدينا هنخرج أهو."
ظل مصطفى ينظر لأخته.... لم يراها تبكي هكذا يوما ما !... الموضوع ليس ملل مثلما فكرت أمي.... لا هناك شيء يارا تخفيه؟
ظلت صامتة حتى تكلمت رحاب بصوت صارم:"يارا ابتسمي يا حبيبتي بابا لما سمع إنك زهقانة هيسفرك أهو مفيش بنت بتحلم بكده ولا إيه؟... مفيش شكرا لبابا ؟"
لم تهتم يارا بأن رحاب تجبرها على الحديث فهذا دائما ما يحدث لا تبوح بشئ إلا بإذن والدتها فإن لم تأذن تظل صامتة
ابتسمت ومسحت دموعها ونظرت للأسفل ولم ترى أسيل شكرت شريف و استأذنت بالدخول إلى غرفتها وذهب كلًا منهم إلى غرفته حتى مصطفى كان يريد التحدث مع أخته ولكن فضّل أن يتركها وحدها الليلة ويتحدث معها في وقتٍ لاحق.
أغمضت يارا عينيها وأجبرت نفسها على النوم ولكن عينيها لم تتوقف عن البكاء ظلت تبكي وتنسال دموعها حتى وعينيها مغلقتين قلبها موجوع حقًا لا تعرف كيف تفكر أو ماذا ستفعل؟
____________________________
دخلت أسيل غرفتها ومسحت دموعها جلست على الأرض وضمت ركبتيها على صدرها قلبها تعب فقد أهلكته من شدة البكاء لياليها أصبحت مظلمة يائسة من الحياة همّت واقفة وذهبت إلى نافذة غرفتها فتحتها ونظرت للسماء وهي تبكي
"أين أنتِ يا أمي؟"
"لماذا رحلتِ وتركتني في هذا العالم الذي أصبح ثقيلًا على صدري؟"
"إنه مظلم...شديد الظلمة، لا أستطيع أن أرى فيه شيئًا، فقط الظلام الذي غزا قلبي."
"هم يتصارعون على من سيفتك بقلبي أولاً، لكن لا أحد يدري أن قلبي قد تحطم قبل أن يبدأوا."
"أمي... أين أنتِ؟"
"كيف لي أن أواجه هذا العالم بدونك؟"
"أركض إليكِ، أبحث عنكِ في كل زاوية، وأنتِ لستِ هنا ،ذهبتِ إلى مكان أعجز عن الوصول إليه."
"كلما حاولت أن أتعلم العيش من دونك، أكتشفت أنني مجرد ظل للإنسان الذي كنت عليه قبل أن تتركيني."
"لم أستطع أبدًا أن أتعود على غيابك... ولم أكن أريد أن أتعلم ذلك."
"اشتقت إليكِ. اشتقت لكلماتك، لضحكتك، لوجودك الذي كان يشع في حياتي."
"أشتاق إلى شخص كان يفهمني بمجرد أن أرفع عيني نحوها، دون أن أقول كلمة."
"أحتاجك الآن أكثر من أي وقت مضى، لأنني فقدت القدرة على فهم نفسي دونك،وتحمل كل هذا الألم وحدي."
أمسكت صورة لأمها قديمة واحتضنتها ونامت أمام النافذة وهي تنظر للسماء وتتحدث مع أمها عما يوجعها.
___________________________
اليوم التالي ذهب يزن إلى جامعة أسيل مرة أخرى وكان في الصباح الباكر وقف منتظرها فقد علم شكلها الآن ولن يتعب في إيجادها
عندما رآها ركض نحوها قائلًا :"ممكن نتكلم؟.... آنسة أسيل... ممكن تديني شوية من وقتك؟؟... خمس دقايق... يا آنسة أسيل."
وقفت أسيل مكانها ونفخت بضيق ثم أخرجت من حقيبتها دفترها وكتبت به :"أنا انا مش عايزة أتكلم معاك... ممكن تمشي؟"
نظر يزن إلى دفترها وقرأ ما كتبته ثم عاود النظر إليها:"أنتِ ليه مش عايزة تتعالجي؟؟.... ليه رافضة الناس بالطريقة دي؟!!"
حسنًا ها هو الآن يراني مريضة وأحتاج للعلاج مثل البقية ولا يعلمون أن علاجي ليس مع طبيب!
نظرت إليه ودموعها تجمعت بعينيها
لاحظ يزن دموع عينيها وتبدلت تعابير وجهه إلى قلق:"أسيل أنتِ كويسة؟.... في إيه؟؟... أنا قولت حاجة غلط؟.... طب أنا آسف... أسيل."
تركته وذهبت إلى جامعتها وهو واقفًا مكانه يتساءل في نفسه هل اخطأ بشئ من كلامه؟
تكلم بحزن وشفقة عليها:"يظهر إنها موجوعة من حاجة وكاتمة جواها بس عيونها خذلتها ومقدرتش تخبي."
ذهب يزن إلى شركة والده وأرهق نفسه في العمل حتى لا يفكر بها أشغل عقله بشيء آخر وعندما انتهى عاد للمنزل برفقة والده
صعد إلى غرفته وكان يفكر بموضوع أسيل.... متى سيتحدث معها؟.... لقد حاول مرارًا وتكرارًا.. هي لا تعطيه الفرصة... قد أخبره أبيها أنها صعبة التعامل ولكن لم يعلم أنه لهذا الحد !!... ماذا سيفعل ليتكلم معها؟.... يقابلها أمام جامعتها مرة أخرى؟... لا فقد فشل مرتين.
قطع تفكيره صوت الباب وكانت والدته تطرق بابه
فتح الباب وتكلمت يسرى:"مش هتنزل تاكل يا يزن؟؟"
يزن :"لا يا أمي مش جعان أنا تعبت أوي لنهاردة محتاج أنام."
يسرى:"طيب الأكل موجود لو جوعت."
ذهبت من أمامه ولكن وقفت عندما سمعت إبنها يناديها :"ماما بقولك... هو بابا مش هيزور م/شريف في بيته تاني؟"
يسرى:"لا رايحله النهاردة لشوية شغل... كان عاوز ياخدك بس قال إنك تعبان وإنك تعبت النهاردة في الشغل فمش هتقدر تروح معاه و..... "
ابتسم يزن بسرعة ثم ضم والدته بسعادة :"دقيقة وأكون جاهز بلغي بابا إني رايح معاه."
ضمت يسرى حاجبيها بإستعجاب مما رأته لم يمر ثوانِ على قوله أنه متعب ! والآن يسرع في النزول مع والده ما الحكاية؟
يزن نظر إليها :"عن إذنك يا ماما."
يسرى:"طب انزل كُل الأول؟"
أسرع يزن بالرد:"هغير وأنزل حاضر."
أغلق باب غرفته وركض في الغرفة مثل الطفل الصغير أخيرا وجدها.... إنها الطريقة الوحيدة التي سيتحدث مع أسيل ولن تهرب منه مثل كل مرة كان يقفز بسعادة وبدّل ملابسه في ظرف دقيقتين كان جاهزًا ببذلته الأنيقة ارتدى ساعته ورش من عطره ووقف أمام المرآة ينظر لهيأته ويتخيل نفسه يتحدث مع أسيل.
ذهب مع والده واستعد لمقابلة أسيل وهذه المرة لن تهرب منه وسيتحدث معها بالتأكيد....
#لا_تخافي_عزيزتي
البارت الرابع
صلوا على الحبيب
طرق أحدهم على باب غرفتها وكانت الخادمة نهضت يارا من الفِراش بصعوبة... لا تقدر على الوقوف وتحاول المشي بتوازن مسحت دموعها وفتحت الباب.
-عاوزين حضرتك تحت
قالت يارا بفتور:"قوليلهم تعبانة."
كانت ستغلق الباب ولكن سمعت صوت عمر:"لا تعبانة إيه؟؟.... ده أنا جاي أخدك عشان أخرجك من المود اللي أنتِ فيه... طنط رحاب بتقول إن نفسيتك متدمرة وأنا جاي أشحنهالك."
عندما رأته أمامها لم تفكر بشيء سوا أن تضمه وتبكي فابتسم عمر بغمزة لطيفة قائلا:"يلا بسرعي اجهزي."
أدخلها الغرفة وأغلق الباب ثم نزل للأسفل وقابل مصطفى
عمر:"مصطفى."
إلتفت إليه ورحب به ثم سأله عمر:"يارا مش طبيعية !"
ضم مصطفى شفتاه بحيرة :"أيوة لاحظت كده !...بس هي مش راضية تتكلم وحالتها أول مرة أشوفها."
عمر:"بفكر أخدها لعلا أختي تقعد معاها يومين."
ظهرت رحاب من خلفهم :"أهلا عمر يا حبيبي عامل إيه ؟وازي علا ووالدتك عاملة إيه ؟"
ابتسم عمر:"كلنا كويسين يا طنط والله وماما بتسلم على حضرتك."
رحاب بابتسامة متكلفة:"الله يسلمها...كويس إنك اتصلت بيا لما لقيت موبايل يارا مقفول معلش هي متضايقة شوية زي ما قولتلك وبنحاول نخرج منها الكلام بالعافية."
عمر:"أه... إمبارح لما كانت معايا وروحنا للعيادة سوا وأما خرجت منها مكنتش في أحسن حال أنا خايف تكون اكتشفت عندها حاجة وحشة بعيد الشر ومخبية علينا ده اللي مسببلها القلق !!"
اتسعت عيني مصطفى ورحاب وقالا في نفس الوقت:"عيادة ! "
نزلت يارا وسمعت حديث عمر معهم وتوترت ثم قالت بسرعة:"عمر أنا جاهزة."
نظرت إليها رحاب باستفهام قائلة :"عيادة إيه اللي روحتيها يا يارا؟"
تلعثمت يارا في الحديث وردت محاولة أن تخفي شيء:تعبت كذا مرة في الكلية فقولت أروح أتطمن على نفسي مفيش حاجة يا ماما."
نظرت لعمر وظهر عليها القلق فشعر عمر بأنها بالتأكيد تخفي شيء؟
ابتسمت يارا لعمر وقالت:"يلا بينا؟"
مصطفى:"لو حبيتي تقعدي مع علا شوية مفيش مشكلة أنتِ بتتبسطي معاها."
اومأت يارا برأسها وهي مبتسمة ورحاب تنظر إليها والشكوك تتعمق أكثر بداخلها
عانقها مصطفى وهمس في أذنيها :"يارا لو مخبية حاجة قوليلي عشان لو الموضوع كبير نلحقه في أوله ؟"
ابتعد عنها وابتسمت له يارا بتوتر وكان هناك عرق على جبينها فأسرعت بالرحيل قبل أن تنكشف :"يلا مع السلامة."
ذهبت مع عمر وركبا السيارة تنهدت بضيق ثم ألقت اللوم على عمر قائلة:"أنت ليه تقولهم إني روحت العيادة إمبارح يا عمر ؟"
لم يجيبها عمر وتحرك بالسيارة وظلت يارا تتحدث معه لكنه لا يرد عليها صامت بشكل مرعب
وقفا بالسيارة في منطقة هادئة نوعًا ما خالية من البشر ثم نزل عمر من السيارة وفتح باب السيارة تجاه يارا
أمسكها من ذراعِها وأنزلها من السيارة وعلامات الغضب ظاهرة عليه
بلعت يارا ريقها في توتر وقالت:"عمر إحنا ليه جينا هنا؟"
اقترب منها وظلت يارا تبتعد وهو يقترب أكثر
تحدثت معه بصوت ينتابه البكاء:"عمر.... خليني أمشى.. أرجوك."
تكلم عمر بنبرة غضب ممزوجة بالقلق:"لا يارا مش هتمشي إلا لما تقوليلي مالك.... أنا واثق إن فيه حاجة وأنتِ مخبياها.... يارا ريحيني وقوليلي مالك.... عشان مش همشي إلا لما أعرف."
تجمعت الدموع في عينيها ونظرت له نظرة منكسرة كانت تخشى من إخباره بحبها والآن تخشى إخباره بأنها حامل !
دمعة سالت على خدّها ورآها عمر لا يعلم لما أصابه غصة شديدة بقلبه عندما رأي دمعتها مسح تلك الدمعة باصبعه ووضع يديه الاثنين حول وجهها ونظر إليها بوجع قائلًا:"يارا أرجوكِ اتكلمي.. أنا أول مرة أشوفك كده في إيه ؟؟يارا قوليلي مالك وأنا هساعدك صدقيني إحنا صحاب بقالنا سنين وفاهمين بعض كويس صارحيني ومتخبيش عليا."
ظلت صامته حتى تكلم عمر :"كفاية تدمير في نفسك... حرام عليكِ اللي بتعمليه فيها ده..مفيش حاجة تستاهل إنك تعملي في نفسك كده والاوحش إنك تخبي وتكتمي جواكِ."
نظرت إليه والدموع تملأ عينيها وقالت :"صدقني أنا كويسة.... أنا بس تعبانة شوية وعاوزة أروح."
أبعدت يداه عن وجهها وذهبت من أمامه ولكنه أمسك بذراعها وأعادها أمامه مرة أخرى:"بلاش تعاني لوحدك.... ممكن تتكئي عليا في مشاكلك... مانا ياما قولتلك على مشاكل كتير في حياتي وتقاسمنا الحزن سوا... أنتِ دلوقتي أنانية إحنا اتعودنا مفيش حد يزعل لوحده مش كده؟ "
نظرت لبعيد ودموعها محبوسة وتتكلم بصعوبة:"يا عمر الموضوع مش بسيط زي مانت فاكر."
أجابها بهدوء:"أيًا كان إيه... كوني متأكده إني هحاول أساعدك فيه... وياستي لو.. ده لو معرفتش أتصرف هنفكر أنا وأنتِ في حل ومحدش في الدنيا دي هيعرف السر ده ... ياما أسرار بيننا محدش يعرفها إلا أنا وأنتِ صح ولا لا ؟"
أمالت برأسها للأسفل بتعب وزفرت بضيق
أمسك عمر بذقنها ورفع رأسها للأعلى ونظر بعينيها:"متميليش راسك بالمنظر ده يا أميرة... كده تاجك هيقع."
تفتحت أزهار قلبها بهذه الجملة يعلم عمر تمامًا كيف يسقي زهور قلبها ابتسمت وملأت الدموع عينيها
لم يستحمل رؤيتها هكذا فأخذها إلى صدره وعانقها وهو يمسح على رأسها بحب قائلاً:"متحبسيش دموعك.... عيطي يا يارا محدش هنا شايفك ولا أنا كمان... عيطي خرجي اللي جواكِ لكن متحبسيش دموعك."
وكأن معه مفاتيح سجن دموعها وأطلق سراحهم بكت بقهر وشهقاتها تعالت تحول البكاء إلى صراخ وهي تردد:"أنا في مصيبة."
امتلأت عيني عمر بالدموع من حالتها وصوتها المنكسر ظل يمسح على رأسها ويحاول تهدأتها:"باااس.... مفيش حاجة مستاهلة وربي.... احكيلي إيه المشكلة ونحلها سوا."
صرخت بوجع ونطقت بكلمتين أوقفا نبض عمر لثوانٍ وكانوا:"أنا حامل."
______________________________________
أنهت هدير عملها في السوق وذهبت لوظيفتها الأخرى وهي العمل في متجر طلبات منزلية وسمعت صوت رنين هاتفها أخرجت هاتفها البسيط ونظرت إلى رقم المتصل وتغيرت تعابير وجهها للحزن وأخذت نفسًا عميقًا ثم أجابت على الهاتف
-ألو... ازي حضرتك يا أستاذ فريد يارب تكون بخير.
تكلم فريد بصوت عالٍ معبرًا عن غضبه:"وهييجي الخير منين يا هدير؟... قولتيلي اصبر عليا في الإيجار أول الشهر قولت ماشي بنت غلبانة ومعاها طفلين وأدينا خلصنا الشهر أهو وكده بقوا شهرين عليكِ؟؟... وأنتِ عاملالي فيها عبيطة ومستغلة طيبتي معاكِ بس الظاهر إن الطيبة مبتنفعش مع اللي زيك !"
اغمضت عينيها بإنكسار :"حاضر هخلص شغلي وأعدي على حضرتك أديك إيجار شهرين وحقك عليا يا أستاذ فريد حضرتك عارف ظروفي وربنا يفك كروبنا."
أغلقت معه وقلبها موجوع لا تعلم من أين ستأتي بكل هذا المال؟ واليوم !
نفسها لم تسمح بأن تسمع إهانات أخرى منه فتسرعت بقرارها بأنها ستعطيه ماله اليوم..
بعد أن أنهت عملها في المتجر ذهبت لصاحب المتجر وهي تتجنب دائمًا الإلتقاء به ولكن ما باليد حيلة..
نظر إليها صاحب المتجر بشهوانية كما يفعل دائمًا ويفحص جسدها بعينيه جيدًا كادت عينيه أن تمزق ثيابها من كثرة التحديق بهما
لم تكن هدير ترتدي ثيابًا كاشفة لشكل جسمها كانت مرتدية عبائة سوداء و واضعة غطاء على رأسها وهذا ما كان يثير فضول صاحب المتجر ويثير عقله ويفكر بما تحت تلك الثياب؟
نظرت إليه هدير بإشمئزاز وتكلمت بخجل وهي تنظر للأسفل:"ازي حضرتك يا أستاذ وليد ؟"
ابتسم صاحب المتجر"وليد":"أهلا أهلا يا هدير... اؤمريني؟"
هدير:"الأمر لله وحده أنا كنت عايزه أطلب من حضرتك سلفة بس الشهر ده تديني نص المرتب لإني مزنوقة في شوية فلوس أنا آسفة بجد بس للأسف معنديش حل تاني ومفيش حد أعرفه ممكن يساعدني في المبلغ ده."
نهض من جلسته وذهب نحوها ينظر إليها وإلى كل تفصيلة في جسمها :"عايزة كام؟ "
تلعثمت هدير في الحديث بحرج :"أنا عارفة بجد إن المحل مش ناقص وإن الفترة دي صعبة إني أطلب طلب زي ده بس حرفيا م..."
قاطعها وليد:"مفيش بيننا الكلام ده يا هدير... إحنا أهل برضو... عايزة كام قولي الرقم وأنا هديهولك."
هدير:"ألفين."
ابتسم وليد وأخرج محفظته وكان بها الكثير من المال أخرج المال وأعطاه لها في يديها:"خدي كإنك استلفتيهم مني وهتاخدي مرتبك زي ما هو وأنتِ سدديهم زي ما تحبي ولو عوزتي أي حاجة تانية قوليلي أنت تؤمر يا جميل لو طلبت عينيا أديهالك يا قمر."
كانت مشمئزة من معاملته ونظراته الوقحة دون خجل ولكنها مُجبرة على تحمل كلماته المقرفة أخذت المال وشكرته وهمت بالرحيل والعودة إلى منزلها
كانت تسير في طريقها للمنزل حتى لاحظت ظل ورائها إلتفتت ووجدت وليد كان يدخن ويبتسم إليها... حين رأته أصابها القلق اقترب منها وهو يشعر بقلقها وهذا ما أسعده.
اقترب منها ثم أعطاها كيسًا به بعض الطعام:"خدي."
نظرت هدير إلى الكيس بإستفهام:"إيه ده؟؟"
وليد:"دول شوية أكل ليكِ ولاخواتك... مهو برضو الجسم الصاروخ ده محتاج يتغذى ولا إيه؟؟"
اتسعت عينيها من جملته كيف له أن يتحدث معها بهذه الجرأة !!
تكلمت بغضب و هي تحاول السيطرة على غضبها :"أستاذ وليد إلزم حدودك معايا وإلا... "
اقترب منها أكثر:"وإلا إيه... ها؟؟"
تكلمت بنبرة تهديد:"هصوت وهلم عليك الشارع كله."
ضحك وليد بسخرية:"الطريق ده مفيهوش حد نهائي وأنتِ دايما بتمشي منه عشان بيختصر عليكِ المسافة وبتروحي أسرع فمفيش حد هيسمعك يا قمورة... تعالي نتفق... إيه رأيك في ليلة وبالمبلغ اللي تحبيه ؟؟"
كم هو حقير!
بصقت لعابها في وجهه بإهانة وذهبت من أمامه تسرع في خطوتها
صُدم وليد من حركتها تلك وأثارت غضبه.. مسح لُعابعها من على وجهه بثيابه و ركض ورائها متوعدًا وأمسكها من ذراعِها بقوة:"بقى هي دي كلمة شكرا على الفلوس اللي أخدتيها؟؟؟"
صرخت هدير بوجهه:"اوعااا... سيبني يا حيوان."
همس وليد بجانب أذنيها :"مهو لازم تشكريني بالطريقة اللي تعجبني."
لمس ذراعيها بشهوة وأسقط نظره إلى شفتاها :"أنتِ محتاجة اللي يقدرك يا هدير... أنتِ كنز يا هدير... تعالي معايا وأنا أخليكِ ملكة بدل مانتِ متبهدلة في تلت وظايف كده... هتتبسطي صدقيني.. لازم بنت جميلة زيك تتقدر."
حاولت الفرار منه لكنه كان أقوى منها ومتحكم بحركتها صرخت هدير بصوتٍ عالٍ وهي تستنجد بأحد وظل وليد يقربها إلى جسده ويحاول تقبيلها
دموعها سالت على وجنتيها وتحاول إبعاده
وفجأة ظهر شخص من وراء وليد وضربه على رأسه بخشبة
ترك وليد هدير وصرخ بوجع وهو يضع يده على رأسه ثم نظر خلفه ووجد مصطفى الذي كان ظاهر عليه الخوف لأنه لم يتشاكل مع أحد من قبل تكلم بتلعثم:"لو.. لو قربت منها تاني... مش هتشوف خير أبدا... ابعد عنها وسيبها."
نظر له وليد بغضب ثم ضربه بوجهه بيديه وركله بقدمه نحو بطنه وقع مصطفى أرضا بتألم وحاول النهوض ولكن لم يستطع وكان ينظر لهدير التي تقف بخوف وتنظر إليه ولا تعلم ماذا تفعل؟
أمسك وليد بالخشبة التي وقعت من يد مصطفى حين وقع وظل يضربه بها بغضب ومصطفى يتأوه من شدة الألم.
ركضت هدير بسرعة وتركته ونظر لها مصطفى من بعيد وهو يتألم ولكنه اتطمأن عليها هي بخير الآن أنا لا أهمني.. هدير بخير وهذا يكفي.
_________________________________
ذهب يزن مع والده عبد الله لمنزل شريف ليتحاوروا في أمور العمل
رحب بهما شريف وجلسا على الأريكة ويزن يبحث بعينيه في كل مكان بالبيت يريد أن يراها ولكن أسيل لم تظهر.
تحدث شريف إليهم:"رحاب برا مع صحابها والأولاد مش في البيت قولت أحسن فرصة إننا نتناقش بدون إزعاج ونرتب أمورنا في المشروع الجديد خاصةً إن محدش يعرف عنه شيء غيرنا."
اهتم يزن لحديثه وقال بعفوية:"وبنت حضرتك مش في البيت برضو... أسيل؟؟"
نظر له عبد الله بإستعجاب من سؤاله.. منذ متى ويزن يهتم بفتاة؟
أجابه شريف موضحا:"لا أسيل في البيت... مبتحبش تخرج زي ما قولتلك عازلة نفسها ونادرًا ما بتطلع من أوضتها حتى مبتتجمعش معانا علسفرة ساعت الأكل."
تنهد يزن بإرتياح وصوت ضحكة طفل صغير بداخله بأن خطته تسير بنجاح.
كان يحاول التركيز معهم بما يقولونه عن العمل ولكن باله منشغل بها كالعادة
نهض من جلسته وذهب للمرحاض وكان يفكر كيف سيراها ويتحدث معها؟
فكر يا يزن فكر فإنها الفرصة الوحيدة للتحدث معها ويجب استغلالها جيدًا.
يصعد للأعلى إلى غرفتها؟ لا لا إن رآه أحد ماذا سيقول أو ما المبرر لصعوده إلى غرفتها؟
ولكنني أريد التحدث معها لقد مللت من هذه الدوامة جميع فرصه بالتحدث معها كانت تتركه وتذهب إن صعد إلى غرفتها لن تذهب إلى مكان أين ستهرب منه وهو في منزلها؟
ولكن كيف سأصعد لغرفتها؟
وجدتها... سأختبئ وأصعد للأعلى دون أن يراني أحد.
لا يا يزن أجننت! هذه ليست بتصرفات شخص بالغ ستتصرف مثل اللصوص هكذا..
نظر لمحبس المياة واضيئت برأسه فكرة
وبعد دقائق...
خرج من المرحاض ونادى على الخادمة يتسائلها:"هو في حمام تاني في الأرضي لإن المايه مش شغالة في الحمام ده للأسف."
أجابته الخادمة وضمت حاجبيها بشكوك:"الماية فيها مشكلة؟"
اومأ يزن رأسه بالايجاب
فتكلمت الخادمة معتذرة :"بعتذر لحضرتك..هشوف إيه المشكلة وحضرتك ممكن تطلع الحمام اللي فوق لإن للأسف مفيش غير الحمام ده في الأرضي بس فيه واحد فوق بإمكان حضرتك إستخدامه."
ابتسم يزن بإنتصار وصعد للأعلى واستغل إنشغال شريف وعبد الله بالعمل ثم وقف بنصف طرقة الطابق العلوى ينظر للغرف بحيرة وقال:"المهمة التانية... أعرف أنهي واحدة أوضتها... دي... ولا دي... ولا دي... ولا دي؟"
وضع يده على رأسه بإرهاق :"أوف... أنا بتعب إني اوصلك كده ليه !!"
سمع صوت أقدام على السُلَم ففر مسرعًا ودخل غرفة عشوائية وأغلق الباب بسرعة
خبأ نفسه بها ولكن تفاجأ بأن أحدهم يفتح باب الغرفة التي بها لعن حظه وركض إلى الشرفة وأغلق باباها بهدوء ورأى شريف هو من دخل الغرفة وكان يبحث عن شيء ما هو بإمكانه رؤية شريف ولكن شريف لا لان هذه طبيعة زجاج الشرفة.
كان خائفًا وكأنه حقًا لصًّا ويختبئ من صاحب المنزل لكي لا يراه !
لماذا وضع نفسه بهذا الموقف المحرج؟؟... عندما يترك عقله يقوده يقع في ورطة.
أطال إنتظاره بأن يخرج شريف من الغرفة ولكن ظل جالسًا على مكتبه وأمامه أوراق
قال يزن في نفسه:"يارب ينزل من الأوضة وأنا والله هنزل وراه وهبعد عن موضوع أسيل ده نهائي يارب بس خرجني من الموقف ده بأي طريقة بدون ما أتحرج وأحرج أبويا."
وبعد دقائق وجد أبيه صعد للغرفة هو الآخر ووقف أمام مكتب شريف ويتحدثون عن العمل اتسعت عيني يزن وقال في نفسه:"إيه اللي عملته في نفسي ده؟؟.. هطلع من الأوضة إزاي دلوقتي؟؟... اااخ يا يزن... بطل تصرفاتك دي المرة الجاية هنروح في داهية... تخيل لو شافوك؟... نظرت شريف ليك هتبقى عاملة إزاي؟؟.... وأبوك هتقوله إيه؟...يا مصيبتك السودة... أنا مني لله دي غلطتي إني بسمع كلام واحد أهطل زيك !"
وقف أمام سور الشرفة ونظر للأسفل وجد المسافة بعيدة، تساءل بتفكير:"مفيش مواسير اتشعلق فيها ؟"
صمت لثوانِ ثم قال ضاحكًا موجها كلامه لنفسه :"بس إيه يا واد يا يزن الأفكار دي؟... ده أنت طلعت حرامي قديم وأنا معرفش !"
ولمح نافذة جانب الشرفة تبع غرفة أخرى كانت المسافة بين الشرفة والنافذة صغيرة نوعًا ما
مد يده بصعوبة ليصل إلى زجاج النافذة ويحاول فتحه وفُتح معه بسهولة لم يكن مغلقًا من الداخل حمد ربه واسجمع قواه لما سيفعله
ثم قال بداخله :"إيه بتفكر تنط للشباك؟"
أجاب على نفسه:"للأسف مقداميش حل تاني لازم أطلع من الورطة اللي حطني فيها الجزمة القديمة اللي في راسي دي مهو استحالة يكون مخ وبيفكر كده زي باقي البشر، أنا ليه حاسس إني دخلت هندسة بواسطة ؟"
يا لها من مغامرة...حقًا يا أسيل لقد جعلتيني أتزوق طعم وظيفة اللصوص حين أراكِ سأشكرك عما فعلتيه بي.
رفع ساقه للأعلى على سور الشرفة وأمسك بالحائط الذي بين النافذة والشرفة وأدخل قدمه الأولى داخل النافذة وأخذ الأخرى ينقلها بهدوء وهو يوازن نفسه بصعوبة حتى لا يقع أدخل قدماه الاثنان داخل النافذة وظل جالسًا على سور النافذة وهو يأخذ نفسه بصعوبة لم يتخيل في يوم أنه سيمر بذلك الموقف وهذا سيكون تفكيره !
قفز من النافذة داخل الغرفة ثم إلتفت ليغلق النافذة وكأن شيئًا لم يكن
قال لنفسه:"أنا هطلع من الأوضة دي و م/ شريف بيقول مفيش حد في البيت وهما الاتنين في الأوضة التانية فمحدش هيشوفني وأنا خارج قشطة."
كانت الغرفة مظلمة... فكر بأن يُضيء مصابيح الغرفة ولكن خاف من أن يراه أحد ويشعر بوجود شخص بالغرفة فينكشف.
ففكر في أنا يفتح كشاف هاتفه الشخصي ليضيء له الطريق إلى باب الغرفة ويخرج منها بسلام دون أن يسبب صوت إن أوقع شيء أو أن تشبك رجله بشيء ما فيقع ويصدر صوتًا.
وعندما فتح كشاف هاتفه وألقاه للأمام كي ينير له الطريق فجأة صرخ بصوت عال من شدة خوفة حين رآي امرأة واقفة أمامه وشعرها يغطي وجهها بالكامل وممسكة بمزهرية بيدها وتوجهها نحوه كان المنظر أشبه بأفلام الرعب لديه فعيني المرأة هذه لم تظهر أو أنها ليس لديها أعين !
أهذه هي نهايتي؟ شبح هي أم ماذا؟ يجب أن أقول الشهادة أم أستعيذ من الشيطان؟
وقع على الأرض وهو يرجع للخلف ويزيح جسده بقدميه ليبتعد عنها وهي ظلت تقترب منه وهو يصرخ بخوف ويردد:"انصرف... أعوذ بالله من الخبث والخبائث... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.... قل أعود برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس.... "
كاد أن يقرأ القرآن كاملاً في هذا الموقف
#لا_تخافي_عزيزتي
البارت الخامس
صلوا على الحبيب
اشعلت المرأة مصباح الغرفة ونظرت إليه بخوف
ويزن كاد أن يتوقف قلبه من شدة الرعب إلا أن رأى وجهها... كانت أسيل
هدأ قلبه ووضع يده على صدره وهو يأخد أنفاسه بصعوبة ثم نظر إليها:"كنتِ هتقطعيلي الخلف !"
كانت الغرفة عازلة للصوت فلم يسمع أحد من شريف أو عبد الله صراخ يزن وكانوا منشغلين.
كانت أسيل مرعوبة منه فهي لا تعرفه إنه شخص متطفل يلاحقها بكل مكان وانتهى به المطاف أن يكون بغرفتها ! رجعت بضع خطوات للخلف وكادت أن تفتح باب غرفتها ولكن لحقها يزن وأغلق الباب بسرعة بذراعه ونظر إليها
تفاجأت أسيل من حركته واقترابه منها وخافت أكثر
همس بصوت خافت تكاد أن تسمعه هي:"أنا مش هأذيكِ...صدقيني مش هأذيكِ.... اسمعيني بس ولو لمرة..... بس متقوليش إني هنا.... أرجوووكِ."
نظرت أسيل له وحدقت بعينيه ولأول مرة قلبها يخفق بهذه الطريقة شعرت بنبضة غير المعتادة نظر لها يزن وكأنه مسحور من شدة جمال عيونها
بقيا على هذه الوضعية لثوانٍ
ثم تفاجأ يزن بها تضربه بالمزهرية على رأسه بقوة!
ابتعد عنها ووضع يده على رأسه وصرخ من شدة الوجع ووضعت أسيل يدها على مقبض الباب لتفتحه ولكن تفاجأت به واضعًا يده فوق يديها ليغلقه مره أخرى ويتكلم من خلفها:"لا ونبي.. وغلاوة أغلى حاجة عندك ما تفضحيني.... "
وكأن مسّتها كهرباء حين أمسك بيديها ابتعدت عنه بسرعة وهي تترقبه بنظراتها ويزن واقفًا أمام باب الغرفة ويده فوق رأسه يترقبان بعضهما البعض بشكل مريب !
ذهبت أسيل نحو مكتبها وأخذت دفترها وكتبت به:"مين حضرتك وإزاي دخلت أوضتي وكمان من الشباك كده زي الحرامية؟"
قرأ يزن ما كتبته وابتسم :"حقك... هقول إيه هعترض مثلًا؟؟... أنا فعلا داخل زي الحرامية لا ولو قولتلك جيت منين هتتأكدي إني حرامي رسمي وكل يوم في شقة شكل."
ضمت حاجبيها ونظرت إليه ومازال القلق يراودها تجاهه.
تنهد يزن وأخذ نفسًا عميقًا قائلًا بإرهاق:"انا بجد اتبهدلت أوي في اليومين دول وكله بسببك وكنت فاكر إني لما أبقى في بيتك الموضوع هيبقى أسهل لكن طلع ا.......... "
لم يكمل جملته ورآها ممسكه ببخاخ بيدها وتوجهه أمام عينيه وحين أدرك ما ستفعله كانت نثرته بوجهه .
صرخ يزن بوجع وهو يضع يديه على عينه التي أحرقته وبشدة بسبب هذا البخاخ ويحاول أن يتحمل ألمه مع ألم رأسه إلا أنه فشل في ذلك و زادت تأوهاته ووقع أرضًا يحاول السيطرة على هذا الألم ولكنه حقًا شديد للغاية !
حين رأته اسيل وقع أرضًا ركضت للباب مرة أخرى وفتحته لتطلب النجدة ولكنه شعر بخطواتها وعلم ما ستفعله مد يده للأمام ممسكًا بقدميها وقد نجح
فوقعت أسيل على الأرض مثله تتأوه
حاول يزن الوقوف على قدميه ونجح ولكن أسيل ركلته بقدمها ليقع مرة أخرى على الأرض فصرخ يزن :"يلهوييي هو كل شوية أعييد !!"
ظلا هم الاثنان على الأرض في منظر مضحك حتى زاد ألم عيني يزن فجلس وقال لأسيل بتوسل:"منغير ما تفضحيني أنا هطلع صدقيني والله العظيم هطلع من أوضتك بس شوفيلي حاجة لعيني دي قبل ما اتعميي."
وقفت أسيل على قدميها ومالت أمامه تتفحصه بعينيها حقا إن مفعول هذا البخاخ ممتاز وإن وصفتها قد نجحت ابتسمت بانتصار حتى سمعت صراخه مرة أخرى
-آآآآآه....دي بتحرق أوي يا أسيييل... اسمعي أنا لا حرامي ولا جاي أأذيكِ بالعكس أنا جاي أنقذك."
أخرج حاويته من جيب بنطاله وفتحها كان بها بطاقة هويته..
رفعها أمامها ليريها إياها:"انا راجل محترم مهندس في شركة بابايا وهو بيكون صاحب باباكِ باشمهندس شريف.... صدقيني أنا مش شخص وحش... عارف إن طريقة دخولي عليكِ مكنتش ألطف حاجة بس مكنتش أعرف إنك في الأوضة دي... ودلوقتي أرجوكِ ما تبلغيش حد إني هنا... أنا ممكن أطلع منغير ما حد يعرف بابايا برا ولو عرف إني طالع من أوضة حد من أهل البيت مش هتبقى حلوة أبدا خصوصا لو من أوضتك."
نظرت أسيل إلى بطاقته وأيقنت أنه ليس بشخص سيء مثل ما ظنت
كان مغلق عينيه ولا يقدر على فتحهما فتحدث معها:"في حاجه أغسل بيها وشي؟... عيني بتحرقني أوي."
كان لا يستطع الرؤية وهي للأسف لا تتكلم فتفهم يزن الموقف قائلًا:"طب دليني على حمام أوضتك عشان أغسل وشي."
ظلت واقفة مكانها لا تتحرك فقط تتفحصه ولا تعلم ماذا تفعل.. وحدثت نفسها
أتساعده أم لا؟... هيا يا أسيل.... نحن لا نرفض مساعدة أحد إن كان بأيدينا ذلك وأنتِ السبب في ألمه فساعديه أن يخفف منه القليل فأنتِ لا تحبين رؤية أحد يتألم أمامك.
أمسكت أسيل قميصه بأناملها وأوقفته ثم سحبته بإتجاه المرحاض
أدرك يزن ما تفعله وحدّث نفسه:"إيه المسكة دي هو أنا فار؟... ليها حق ما أصل أنا اللي جايب لنفسي التهزيق."
وجهته إلى الحوض وفتحت محبس المياه وتركته ليغسل وجهه وخرجت من المرحاض
ظل يزن يغسل وجهه مرارا وتكرارا ولكن لا فائدة مازالت عينيه تحرقه فتكلم بصوت مسموع:"أنا هموت من الحرقان والمايه مش جايبة نتيجة !"
وقفت أسيل ونظرت إليه بحزن على حالته وفكرت في حل ليهدئ من ألم عينيه
فتحت خزانتها وأخذت منها منشفة ورأت كوب الحليب على مكتبها فأمسكت به وأنزلت بكوب الحليب الدافئ على المنشفة
وكل هذا ويزن واقفًا مغلقًا عينيه زفر بضيق وخرج من المرحاض وتكلم معها:"أنتِ مشيتي ولا إيه؟؟.... يا أسيل !"
خطر في باله أن أسيل ذهبت وأخبرت الجميع بوجوده والآن الصمت يعم لأن جميعهم بالغرفة وتخيل أن أبيه أمامه ويعاتبه ويصرخ بوجهه !
فتسارعت دقات قلبه من أن يكون هذا حقيقي ففتح عينيه بسرعة لكي يتأكد ولم يرى أحدا ووجدها هي فقط بالغرفة كانوا ثوانِ الذي فتح بهم عينيه وأغلقهما بسرعة ولكن تلك الثوانِ البسيطة كانت كفيلة بإرتفاع حرق عينيه أكثر.
تأوه من الألم حتى شعر بها ممسكة بقميصه مرة أخرى بنفس الطريقة الأولى وتسحبه تجاه الفراش ليجلس أمامها.
ولا يعلم ما ستفعله فتسائل بفضول:"هتعملي إيه؟؟ موضوع إنك مش بتردي عليا ده معصبني...أه أنا آسف نسيت إنك مش بتتكلمي طب اعملي أي حاجة؟؟...سايباني كده ! "
زفر مرة أخرى ثم تكلم بضيق:"أسيل أنا رجعت في كلامي أخرجي قوليلهم على كل حاجة المهم أخلص من الحرق اللي في عيني لإني هموت... شطة جوا عيني دي ولا إيه كده اتعميت؟؟..يا أسيل ردي عليا....أووف... أه يا عيني.... خلاص معدتش هشوف بيها تاني.... يا أسييل... أنا...."
شعر بإصبعها الصغير على فمه لتوقفه عن الحديث فشعر برعشة بسيطة تصيبه من لمسات اصبعها على شفتيه وأسيل تتحدث بداخلها:"ينهار أبيض عليا اسكتت شوية !!"
أنزلت اصبعها ثم وضعت أسيل المنشفة على عينيه ولفتها حول رأسه
فتكلم يزن :"ده إيه ده؟؟... حطيتي إيه؟ ...أنا مبقيتش متطمنلك بعد اللي عملتيه فيا... إيه اللي حطيتيه على عيني ده يا أسيل؟؟ "
ظهر الغضب على وجه أسيل فقد نفذت قدرة تحملها لهذا الثرثار !
وبعد دقائق بدأ حرق عينيه يهدأ وعندما شعر بالتحسن سحب المنشفه من على رأسه وفتح عينيه ليجدها أمامه تنظر إليه مبتسمة
عندما رأته بخير ابتسمت وحمدت ربها أن عينيه لم تتأذى
وقف على قدميه ونظر لغرفتها بتعجب من كثرة الرسومات بها كان المنظر رائعًا فهي فنانة حقًا
كانت تعشق الطبيعة والأسماك واستطاعت أن تحول غرفتها إلى حوض أسماك وكأن هذه الأسماك حية من شدة دقة رسمها كان المنظر مريحًا والألوان هادئة إنها تعشق اللون الأزرق حتى إن غرفتها مليئة بهذا اللون.
ابتسم يزن ومازال متعجب من روعة وجمال رسوماتها فنظر إليها وهو مبتسم :"الله بجد... رسمك تحفة تبارك الرحمن."
كانت أسيل ستبتبسم ولكنها بصقت عينيها به مرة أخرى ونظرت إليه بغضب ثم أمسكت بدفترها وكتبت به:"بقيت بخير تقدر تمشي دلوقتي."
قرأ يزن ما كتبته وقال بداخله:"يعني بعد كل العذاب ده برضو همشي ومش هاخد منها لا حق ولا باطل... أنا اتبهدلت أوي وفي الآخر أطلع على مافيش !"
فنظر إليها وتحدث بلوم:"حاضر همشي... بس عايز اسألك سؤال واحد.... أنتِ مبسوطة هنا؟؟.... أنا سمعت عياطك في القبو يوميها وساعتها شوفت الرسمة من تحت الباب وأظن إن زعلك أو حزنك من مرات أبوكِ مش كده؟"
اتسعت عيني أسيل من تطفله فكتبت بدفترها :"ده شيء ميخصكش وأيًا كانت إجابتي على اسألتك هتهمك في إيه ؟ أنت متعرفنيش ولا أنا أعرفك وأظن إنك اتأخرت على والدك وزمانه مستنيك اتفضل اطلع برا."
قرأ يزن ما كتبته ونظر إليها للمرة الأخيرة هو فقط لا يريد أن تبقى حزينة وينتهي بها المطاف لشيء مهلك مثلما حدث مع صديقه... ولكنها الآن لن تتقبل منه أية كلمة أخرى فلقائنا بهذا الموقف كان خاطئًا من البداية.
فتح باب الغرفة بيأس و ودعاها ثم نظر خارج الغرفة ليطمئن بأن ليس هناك أحدا
واتسعت عينيه حين رأى رحاب.......
_________________________________
ظل يحاول استيعاب ما قالته ويشك بسمعه حتى قررت جملتها مرة أخرى:"أنا حامل يا عمر ومش عارفة من مين !!"
أبعدها عن صدره ونظر إليها بإندهاش وهي تبكي أمامه بشدة
لا يعرف ما يقوله... لم يصدق أن الموضوع خطير إلى هذا الحد !!.... جميع الأخبار السيئة خطرت بباله ولكن هذا الخبر لم يتخيله أبدا
ويارا تبكي بقهر أمامه
وقعت يارا أرضًا ووضعت ركبتها نحو صدرها وهي تبكي وتردد:"الدكتور شافت تحاليلي وقالتلي إني حامل بس أنا مصدقتهاش وروحت عملت إختبار حمل بس طلعت حامل فعلًا أنا كنت رايحة للدكتور عشان أعرف ليه جسمي مكسر بالشكل ده وليه مش بقدر أتحرك بس مكنتش أعرف إن ده الموضوع.... فكرة إن حد لمسني دي مخلياني قرفانة وعايزة أرجع...لا وكمان مش فاكرة أي حاجة حصلتلي !! أنا مش مصدقة إن في يوم وليلة حياتي اتشقلبت.... أنا بموت يا عمر.... من ساعت ما عرفت وأنا مش قادرة حاسة إن روحي بتنسحب مني...أنا فقدت الذاكرة ولا إيه ؟يعني إيه مفتكرش حاجة كبيرة زي دي يعني إيه أبقى حامل ومعرفش مين اللي عمل فيا كده وإزاي حصل كده وإمتى وفين ومين؟؟؟؟"
ضربت نفسها على وجهها وصرخت بصوت عالٍ غير مصدقة حالها !
نزل عمر على ركبتيه وأمسك بيدها التي تضرب بها نفسها وأوقفها ثم أخذها إلى صدره وهو يحاول تهدأتها دون أن يتحدث أو يبوح بشيء... هو لا يعلم ماذا يقول لم يوضع بهذا الموقف من قبل حزين على رفيقته وما حدث لها إنها مسكينة حقا صوت صراخها وجع قلبه وعانقها كي يخفي دموعه التي نزلت غصب عنه دون أن يدري.
وبعد أن هدأت يارا من البكاء ساعدها في الوقوف وركبا السيارة ولم يتحرك عمر ظل واقفًا بالسيارة معها بالداخل ينظر إليها وهي تحدق بزجاج السيارة في صمت.
تحدث عمر بهدوء:"إحنا ممكن نعمل محضر ونجيب الكلب ده متخافيش من حاجة يا يارا."
نظرت إليه يارا بآخر أمل بداخلها وأكمل عمر حديثه:"قولتي إنك روحتي للدكتورة عشان حاسه بألم في جسمك بقالك قد إيه بتحسي بكده؟ "
أجابته يارا بصوت مبحوح:"شهرين أو أكتر."
تحدث عمر بغضب يحاول كتمانه:"شهرين يا يارا... ومخبية ليه شهرين؟؟؟"
يارا:"عشان أنا باخد فيتامينات وعندي مشكلة في عضمي باخدله أدوية فمتعودة إن دايما جسمي يبقى تاعبني فلما زاد الألم مهتمتش."
عمر:"وجيتي تهتمي دلوقتي !!"
يارا:"عشان..... "
صمتت وخجلت من أن تتحدث وتقول له إنها شكت بشيء حين تأخرت الدورة الشهرية لديها
تكلم عمر بصوت حنين:"الموضوع صعب... بس أنا عارف إنك أقوى من كده وهساعدك لحد ما تاخدي حقك من الحيوان ده... هنلاقيه... متخافيش من حاجة أنا جمبك كوني متأكدة إن لو العالم كله أجمع إنه ضدك فأنا معاكِ."
حاولت أن تبتسم ولكن شفتاها غير قادرة فقط تريد البكاء
سمعت رنين هاتف عمر أخرج عمر هاتفه ورد على الاتصال:"أيوة يا علا... إحنا جاينلك... أه أنا ويارا استأذنت من أخوها ووافق هو ووالدته إنها تقعد معانا كام يوم... خلاص هجيبها وجايين أهو."
نظرت إليه يارا باستغراب:"أنت مقولتليش إننا رايحين لعلا؟"
أجابها بخفوت وهو يبدأ التحرك بالسيارة قائلًا:"مهو مينفعش تروحي البيت تاني بعد اللي أنا عملته وطنط رحاب شكت بحاجة... خلينا الأول نفكر في حل أنا وأنتِ قبل ما نواجهها أو نعرفها حاجة من المصيبة دي ممكن تموت فيها الأم مش بتستحمل حاجة زي دي على بنتها."
اغرورقت عيناها بالدموع ونظرت له:"عمر... أنا مش وحشة... ولا بكدب عليك أنا فعلا معرفش مين عمل كده وأك..."
نظر إليها وحدثها باستنكار:"إياكِ يا يارا تحطي في بالك إني هفكر في الهبل اللي بتقوليه ده ،أنا يستحيل أكدبك وأطعن في شرفك لاني واثق إنك شريفة وعارف أخلاقك ومش شاكك ذرة في كلامك.... أنا بقول نفكر في حل إننا نلاقي الحيوان اللي عمل فيكِ كده... وكفاية عياط عشان بتوجعيلي قلبي... أنا مبحبش أشوفك كده."
______________________________________
نظر وليد خلفه ولم يرى هدير فضرب مصطفى الذي ظل ممددًا جسده على الأرض ويسيل في دمائه من كثرة الضرب :"هربت...أه يابنت ال.... عاجبك كده؟؟... أنت مال أهلك أنت؟؟... بتدخل ليه؟؟؟"
كان عندما ينهي كل جملة يركله بقدمه حتى سمع صوت هدير تصرخ وهي تجري نحوهم:"أيوة يا حضرة الظابط... المكان شارع *****"
اتسعت عينا وليد وشعر بتوتر حتى أغلقت هدير هاتفها وصاحت به:"أنا عملت محضر وزمان الشرطة جايه دلوقتي... اللي زيك لازم يترموا في السجن يا زبالة الزبالة."
كان سيذهب ليضربها ولكن تراجع... فيجب أن ينجي نفسه الآن وإلا سيقع بمصيبة ركض بعيد عنهم
ومن ثمَ رأته هدير يبتعد إلا أن ركضت نحو مصطفى الذي فقد وعيه نزلت على ركبتيها ووضعت رأسه على فخذيها وهي تحاول إفاقته وتشعر بتوتر :"يلهوي... ده مش بيفوق !! .. قوم يا أخينا متوقعش قلبي عليك.... قوووم.... ليكون مات ؟"
صمتت للحظات لاستيعاب ما قالته وبعدها صرخت بخوف:"لا لا... مات إيه بس."
أنزلت راسها ووضعت أذنيها على صدره لتسمع دقات قلبه لعله شيء يطمنئها على أنه حي ولم يمت.
ثم زفرت براحة عندما سمعت دقات قلبه وبعدها صاحت مرة أخرى به لكنه لم يفق
بدأت عينيها تُدمِع:"طب هعمل إيه دلوقتي؟... ومفيش حد هنا هيساعدني ولا أنا هعرف أشيل الهجمة ده !.. يا أخينا فوق بالله عليك."
نظرت حولها ووجدت نقال للرمال خطرت في بالها فكرة
أنزلت راسه على الأرض مرة أخرى ووقفت لتركض نحو هذا النقال وتأتي به وتضعه أمام مصطفى
هدير :"طب هشيله من علارض أحطه عليه إزاي؟!... يارب قويني يارب هو أه نصاب وميستاهلش بس يكفي إنه في الحالة دي عشاني يارب... بسم الله..."
وبدأت في وضع ذراعيه حول رقبتها لتوقفه بصعوبة فهو ثقيل عليها كونها امرأة ضعيفة وهو رجل ذو قامة طويل وأكتافه عريضة.... وبعد محاولات كثيرة استطاعت أن توضعه داخل هذا النقال وتجره بصعوبه تجاه بيتها.
هدير:"ازي حضرتك يا ميس سلوى... أنا آسفة إني اتأخرت على حضرتك النهاردة."
لولا أن ملابس هدير كانت سوداء لكُشفت بسبب دماء مصطفى حين حملته كان الكثير من الدماء على ثيابها.
ابتسمت سلوى إليها بود:"لا يا حبيبتي ولا يهمك بصي هما فضلوا يلعبوا مع فارس لحد ما ناموا فإيه رأيك تسيبيهم؟؟ الوقت اتأخر وكده كده بكرة يجهزوا مع فارس ويروحوا سوا علمدرسة وأوديهم أنا ؟"
كانت ستعترض هدير ولكن فكرت بمصطفى الذي بمنزلها هي كانت خائفة من ردة فعل أخواتها عليه وسيخافون منه !
فرأت إن هذا أفضل فرؤية أخويها لرجل غريب بالبيت غير مناسب إطلاقا وهم بهذا العمر.
شكرتها هدير وانصرفت إلى منزلها مرة أخرى وأخذت مصطفى إلى فراشها وأتت بماء دافئ لتوقف الدماء التي على وجهه وهي تتفحض وجهه شعرت بقشعريرة وهي تلمس شفتاه المجروحة وجانب أنفه وأسفل عينيه... حزنت لحاله فهي لم تتمنى ذلك إطلاقًا ولو لم يتدخل كان وليد فعل بها شيئًا شنيعًا لولا وجوده اليوم لما كانت بخير.
ظلت بجانبه تنظر إليه وتفكر في شهامته وشيء ما بداخلها يشعرها بالراحة والطمأنينة وبعد مرور دقايق أفاقت نفسها فلم تعلم كم مر الوقت وهي تنظر إليه دخلت إلى المطبخ وأتت بزرعة بصل لا تعلم أي تجارب أخرى غير هذه الطريقة فقط لتوقظه.
وضعتها على أنفه ليشم رائحة البصل ويبدأ في الاستيقاظ
فتح عينيه بهدوء ونظر لها حين رأته استيقظ فرحت كثيرًا وابتسمت له وهي تردد :"حمد لله على سلامتك...كويس إنك بخير."
نظر إليها وابتسم وقال:"كل مرة بحلم بيكِ مبقولش حاجة.. لكن المرة دي مش هسكت هستغل الحلم ده كويس."
لم تفهم هدير منه شيئًا فظنت أنه يخرّف كالمرضى
نظر إليها وهو مبتسم بهيام وردد بهدوء:"أنتِ جميلة أوي."
خفق قلبها وحين أمسك مصطفى يدها اشتعل جسدها وأحست بنبضات قلبها مسموعة وهي تنظر إليه ولا تعلم ما تقوله فاختفى كل الكلام ولسانها مربوط بشيء تود سماعه وتشعر بقشعريرة من ملامسته لم تشعر بهذا الشعور من قبل !
ابتسم مصطفى وأكمل :"عارف إنه مش هيحصل في الحقيقة لإني جبان... فعلى الأقل أكون عشته حتى لو في حلم... هدير أنا بحبك."
....
تكملة الرواية من هنااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا