رواية شبح حياتي الفصل الحادي والثلاثون والثانى والثلاثون والثالث والثلاثون الأخير بقلم نورهان محسن
رواية شبح حياتي الفصل الحادي والثلاثون والثانى والثلاثون والثالث والثلاثون الأخير بقلم نورهان محسن
الفصل الواحد والثلاثون شبح حياتي في عقيدة الحُب انت اجمل حظ ابتُليت به. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بعد عدة أيام مرت الأيام التالية تغلف قلوبهم بسعادة ، ويستمتعون بصحبة بعضهم البعض ، كما أنها تنام بين ذراعيه يوميًا ، لا ينكر إحساسه بالعذاب من عدم اكتمال زواجهما الذى زاد من شوقه إليها أضعاف ، محاولاً أن يتحكم بأحاسيسه بأعجوبة حتى لا يشعرها بالخوف أو الرهبة من الموقف برمته ، بل يتودد إليها كثيرًا حتى يشعرها بمدى حبه لها وشغفه بها ، ويركز تفكيره على الاستمتاع معها بأسعد الأوقات دون التسرع في شيء سيحدث في المستقبل القريب جدًا. خرجت حياة من الحمام الخارجي في جناح الفندق ، لتتفاجأ بوقوف بدر أمام الباب ، فإبتسمت بهدوء وهي ترفع يدها نحو المنشفة فوق رأسها لإخفاء توترها من نظراته الثاقبة. تحركت بسرعة من أمامه ، وتوجهت نحو الغرفة. وقف بدر لبضع ثوان ، وأغمض عينيه مستنشق رائحة المانجو المنعشة ، وملأ أنفه بها بالنشوة. فتح جفنيه ببطء ودخل الغرفة ، متناسيًا تمامًا أنه كان على وشك الشجار معها منذ برهة. شعرت حياة بالإرتباك من دخوله دون أن يطرق الباب ، رغم أنها معتادة منه علي ذلك ، لتزفر بخفة ، فلا مفر ، الآن يجب أن تعد نفسها ، لخطاب توبيخ منه على الحماقة التي فعلتها في الطابق السفلي. لمحته حياة من جانب عينها ، وهو جالس على السرير خلفها ، بينما هى جالسة على كرسي الطاولة أمام المرأة بشعرها المبلل وتمشطه ببطء ، ممَ يثير أعصاب الآخر الذي نهض من مكانه ، وبخطى متمهلة تحركت قدميه نحوها ، مسحورًا بدون إرادة منه ، مفتونًا بتلك الجنية الفاتنة. وقف بدر خلفها مباشرة يمسك خصلاتها بين أصابعه ، قائلا بصوت أجش : سيبيه انا هسرحه.. مال رأسه نحوها ، يستنشق رائحة شعرها بعمق ، غير قادر على الإكتفاء ، ثم أردف بالهمس بجانب أذنها : ريحته اللي تجنن دي بتاخدني للجنة أغلقت حياة جفنيها في محاولة للسيطرة على الفراشات التي ترفرف في معدتها دون توقف ، يدغدغ مشاعرها بصوته الدافئ ، فهو غير قادر على التحكم في أفعاله ، أنها مثالاً حيًا للفتنة الممزوجة برقة تعصف كيانه بأكمله ، ببساطة لا يمكنه التحمل و الصبر بعد الآن ، هو رجل عاشق بجنون ، وهي زوجته وحلاله. لم تستطع حياة الصمت أكثر من ذلك لتنهض من مكانها في ارتباك ، وتستدير نحوه لتنظر إلى عينيه الداكنتين التى تنعكس فيها نار الحب بداخله في عسليتها المتوهجة بقوة ، لذلك عقد حاجبيه من حركتها المفاجأة. سرعان ما أسبلت عينيها متجنبة النظر إليه بعد تصرفها المخجل ، وهمست بتردد مختلط بالندم : بدر .. انت زعلت مني عشان الجنان اللي عملته تحت مش كدا؟ مرت لحظات من الصمت ، ثم استقام وسار نحوها ، ليقف أمامها ، ووضع أصابعه تحت ذقنها ، ورفع رأسها إليه ، ليتحدث بنبرة سعى لجعلها موزونة ، لكنها خرجت ملَتهبة بنيران شوقه : حبيبي .. الراجل اللي يزعل من حبيته انها بتغير عليه يبقي مايستاهلهاش في حياته تنفست الصعداء بعد جملته الممزوجة بالحنان ، لذا تابعت كلامها المملوء بالذنب : انا عارفة اني افورت .. بس الله ماكنت اعرف انها عميلة في المكتب هز بدر رأسه يوافقها الرأي ، قائلاً بهدوء : فعلا افورتي شوية .. بس انا مبسوط بغيرتك دايما ليها نمط خاص بها .. مش فاكرة الممرضة واللي عملتيه عشان مسكت ايدي عبست ملامحها على الفور ، وتحفزت خلاياها بسبب غضبها الشديد عندما ذكرها بهذا الموقف ، لتتذمر بغيرة : ماتفكرنيش والله دمي كان محروق يومها رفع بدر حاجبه الأيمن عبثًا ، محاولاً خنق ضحكته ، مستمتعًا بغيرتها الحمقاء ، ثم أردف : ولا لما اميرة مسكت ايدي وقالت انها مراتي كنت هتجبيها من شعرها تحدثت حياة بعيون متوهجة ، وهي تستعرض بحركات تمثيلية بما تريد القيام به ، مستخدمة كلتا يديها لأداء حركات قتالية مضحكة : كنت ناوية انتفها زي البطة في ايدي .. ابتسم بدر منتصرًا لنجاح كلماته في إثارة غضبها ، وجعلها تتفاعل معه بمشاكسة كالعادة ، مفضلاً تلك القطة الشرسة التى تتصرف بمنتهى العفوية ، خاصة حينما تلتهمها الغيرة وتدافع بقوة عن حبها. ارتجفت نبرتها قليلاً بإضطراب ، ووجهها متشبع بحمرة قانية : بدر حقك عليا .. بجد ماتزعلش مني .. انا عارفة اني احرجتك جامد وانت دلوقتي بتهون عليا الموضوع عشان ماتزعلنيش .. بس انا اسفة ووعد مش هكررها تاني ضغط على حافة شفته ، مانعًا صدور ضحكة كانت على وشك أن تفلت منه ، ممَ جعله يتساءل بجدية مستنكرًا : مش هتغيري عليا تاني اتسعت عيناها بذهول ، ثم اشاحت ببصرها عنه ، وتمتمت بصوت خافت وهي تتلعثم في حروفها : ماقصدش كدا .. يعني .. هتحكم في غضبي .. اكتر من كدا أنحنى بدر برأسه عليها ، مشبعًا عينيه بتفاصيلها ، ليهمس لها بابتسامة متغزلاً بها : انا ميكس الجنان والعصبية دول مجننيني أحاط وجهها بكلتا راحتيه ، ونظر في عينيها الدامعتين ، متسائلا بقلق حنون : ليه الدموع دي يا حياتي؟ ردت حياة عليه بتلقائية بعد أن رمشت رموشها المبللة : عشان صعب اعرف اخبي غيرتي عليك بصراحة صعبة سحبها بدر إليه من ذراعها ، وأحتضنها بين ذراعيه هامسًا بحرارة في أذنها ، وهو يمسح ظهرها برفق : ولا انا بقدر اخبيها .. انا الغيرة عليكي مطيرة عقلي تابع حديثه بإصرار شديد حيث أبعدها قليلاً عنه ، ليرى وجهها الذي كان مصبوغاً بالكامل باللون الأحمر : بس في خيط رفيع بين الغيرة والشك طول ما احنا عارفين نوازن بينهم هتكون الغيرة دي ليها مذاق حلو نظرت حياة إليه بحب ، واضحًا في ملامحها الباسمة ، ثم همست بنبرة مرحة ، بعد أن تمكن من ضبط مزاجها ببضع كلمات حنونة : اهي حكمتك الفصيحة دي اللي وقعتني فيك يا متر تمتم بدر بخفوت ، مسحًا الدموع التي بللت رموشها ، ثم ربت على خدها بإبهامه : وانا حبيتك زي ما انتي بكل حاجة فيكي الوحش قبل الحلو ومضطر استحمل بقي اصلي متيم بيكي وهيمان فيكي يا مانجة قلبي ارتجف جسدها بتأثر شديد ، حيث تدفقت كلماته الأخيرة في قوقعة اذنها مباشرة إلى قلبها ، ممَ تسبب في ظهور ابتسامة مضمومة على شفتيها ، متزامنة مع إقترابها التلقائي ، طابعة قبلة عميقة بحب على خده الشائك : بموت فيك يا بدري كان صوتها كالسحر يداعب أذنيه ، ممَ جعله ينظر إليها مطولاً بهيام ، ليتنهد قائلا بصوت أجش ملئ بالمشاعر الجياشة الملتهبة فى صدره : وانا بعشقك يا مجننة البدر في هواكي ومابيشوفش غيرك أنهى بدر حديثه ، وأنزل جانبًا من كتف رداء الحمام الأبيض الخاص بها ، مقبلاً برقة بشرة رقبتها الناعمة وعظمة الترقوة البازرة ، ممَ جعلها تغمض عينيها مع ارتعاش في عمودها الفقري من لمساته الرقيقة لها ، بينما قلبها ينبض بجنون ، وتلقائيًا رفعت يدها وتدثر أصابعها في شعره بخدر. ابتلعت حياة لعابها بصعوبة ، قبل أن تخرج جسدها من ذراعيه ، وتحول رأسها إلى الجانب الآخر ، ممَ تسبب في تحرك شعرها الطويل في الهواء ، وضرب وجهه برفق. جف حلقه عقب حركتها ، يحدق فيه بلمعان غريب أضاء بؤبؤ عينه المتوسعة ، بينما الأخرى غافلة كونها قد ألهبت مشاعره اكثر عن غير قصد ، وحفزت خلاياه على التودد إليها برغبة أكبر وأعمق. أما بالنسبة لها ، فكادت أن تذهب إلى الخزانة بأنفاسها السريعة من حماسها المفرط ، واحمرار وجهها من الحرج لإحضار ملابسها ، لكنه لم يمنحها الفرصة ، حالما فاجأها بلف ذراعيه حول خصرها ، وجعلها تلتفت إليه ، بينما جسدها ملاصقًا فى جسده ، وقال بصوت هامس مع أنفاس ثقيلة ، متأملاً شفتيها المغريتين : رايحة فين؟ اجابته حياة بعفوية : هغير هدومي عشان ننزل نتفسح زي كل يوم أنهت كلماتها بالتزامن مع رفع يديها ، لفك حصار ذراعيه من خصرها ليرفض تركها ، قائلاً بتنهيدة حارقة ، وهو يعض شحمة أذنها الناعمة بعد أن عانقها أكثر : مابقتش عايز وزعت أنظارها في كل مكان ما عدا عينيه ، وزادت أنفاسها ، لتسأل بصوت خافت : ليه؟ لوى بدر فمه بإبتسامة ملتوية ، ليمرر أصابعه بسلاسة بين خصلات شعرها الطويل وهو يقول لها : عايز افضل معاكي لوحدنا بمناسبة ان الحظر اتفك حملقت به حياة فاغرة فمها بإنشداه ، وتمتمت بصدمة : عرفت ازاي؟ جاء الجواب حالما أحنى رأسه ، وأطبق شفتيه على شفتيها المنفرجتين قليلاً ، مقبلاً إياها بشوق قوي لم يعد بإمكانه السيطرة عليه. مبتلعًا شهقتها الخافتة من فعلته المباغتة في جوفه ، لم تمر سوى لحظات ، لتتحفز حواسها بحرارة شديدة أدت إلى إذابة الحواجز بينهما. فصل عناقهما المحموم حتى تتمكن من التنفس ، لكنه لم يطلق سراحها بالكامل. أبعد بدر رأسه مسافة قصيرة حتى يتمكن من الهمس لها بنبرة شغوفة ، بينما أنفاسه الساخنة تلفح بشرتها بإغواء : انا بحسبها بالدقيقة يا روح قلبي ضمها لصدره بخبرة رجل محنك يدفعها نحو سعادة لا توصف ، بينما شفتيه تلتهم شفتيها المكتنزة ، يتذوق من فمها حلاوة الشهد ، معلنًا فقدان سيطرته على نفسه ، وهو يجذبها نحو أنهار العشق الذي أتقن فنونه ببراعة ، لتشعر بأحاسيس جارفة جعلت مشاعرها وجسدها يستجيبان معه بحب. استسلمت حياة لتيار حبه الغامر ، غارقة في موجاته المتدفقة ، وهى تختبر معه شعورًا لم تعرف جماله من قبل ، ليحلق معها في السماء ، مستنشقًا أكسيد الحب الذي حفز حواسهم بالكامل ليصبحوا تحت سيطرة العشق العميق فقط ، ليغرقوا معًا في سعادة وردية تتحد فيها أجسادهم وتلتقي أرواحهم العاشقة ، ويصبحون كيانًا واحدًا. ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• في الصباح الباكر استيقظ بدر مرتاحًا ، والسعادة تغمر قلبه ، لكنه شعر أن جسده مقيد بشيء ما. نظر إلى الأسفل ليرى أنها نائمة فى سكون ، ورأسها مستلق على كتفه ، وخصلات شعرها البرتقالية متدلية على وجهها وصدره ، وتطوق قدميه بإحدى قدميها متشبثة به كما لو أنه سيختفى. ابتسم مشرقاً وجهه ، مستمتعاً بأنفاسها على رقبته ورائحتها الجميلة ، بينما ذراعه الأخر ما زال ملفوفاً حولها رافضاً تركها تبعد شبر واحد منه. أصبحت راحة قلبه وقربها لا ينفصلان عن بعضهما البعض. مرت عدة دقائق حدق بدر بها وهي نائمة ، في وداعة و براءة دوماً تسحره ، ليبدأ في نثر قبلاته على وجهها ، راغبًا في إيقاظها ، لأنه إشتاقها كثيرًا ، لكنها لم تتحرك أو تشعر بذلك ، لذا بنظرة شقية أمسك خصلة من شعرها يمررها ببطء على وجهها ، مبتسمًا بخبث. قطبت حياة حاجبيها فى إنزعاج ، و تملمت قليلاً ، تغمغم في نعاس متذمر دون أن تفتح عينيها : بس بقي يا ميجو سيبني انام اهتز جسده بضحكة صامتة ، وفمه مفتوحًا فى ابتسامة واسعة ، على ما يبدو تظن أنها لا تزال في شقتها مع القط الخائن الذي يشاكسها دومًا في نومها. استيقظت حياة من نومها في دهشة أثر الاهتزاز تحتها ، فتحت عينيها عسليتين ببطء ، وسقطت عيناها مباشرة على صدره العاري ، وهي تعانقه بقوة مثل الوسادة. انفرجت شفتاه بابتسامة سعيدة مشاكسة : صباحية مباركة يا عروسة هربت شهقة خافتة من فمها نصف المغلق ، حالما ومضت بعض اللقطات من أحداث الليلة الماضية فى عقلها وما فعلوه معًا ، لتسحب الغطاء على وجهها للاختباء منه ، أثناء همسها بسرعة : الله يبارك فيك يا حبيبي صوته الخشن الممزوج بضحكه الرجولي جاء من فوق الغطاء : بتستخبي ليه .. لسه مكسوفة مني؟ هزت حياة رأسها نفيًا ، ولا تزال مختبئة ، لتغمغم في رفض : لا انا لسه نعسانة وعايزة اكمل نوم تمتم بدر بإصرار قبل أن يرفع الغطاء عنها بالقوة ، ليرى وجهها أحمر بالكامل ، وعيناها مغمضتان بإحكام : كذابة وشك كلو احمر من الكسوف وانا حافظ صوتك لما بتكوني نعسانة نهضت حياة بجذعها فى استسلام ، لتدمدم بتلعثم وخجل : دا عيبو بقي .. لما يعيش معاك شبح مراقب كل حركة بتعملها .. مش هعرف اراوغك ابدا ولا ايه؟ عادت ابتسامته الماكرة مرة أخرى تتراقص على فمه ، وهو يقبل جبهتها قائلاً بنبرة لئيمة : ماتحاوليش تقوس فمها في تبرم ساخط ، ثم أمسكت بالبطانية مرة أخرى ، عازمة على الاختباء تحتها من أنظار هذا الرجل الجريء ، قائلة في تذمر طفولي : طب بطل رخامة و نام بقي بعد أن أدرك حركاتها ، لف ذراعه حولها ، ومنعها من المحاولة ، وهمس بمغازلة وابتسامة لعوب : ازاي هقدر وانتي صاحية قدامي بالجمال دا تمتمت حياة ببحة مغرية ممزوجة بالسخرية : ومن فين هيجي الجمال يا حبيبي؟ أردفت ، بدلع محبب له ، وهي تومئ برأسها ليتحرك شعرها بعفوية ، لتزيد لطافتها في عينيه الجائعة على ملامحها الرقيقة : اهو منكوشة زي الكنافة الشعر .. شوف شعري شبه سلك المواعين ازاي؟ تحرك بدر لأسفل ، واضعًا إحدى يديه على خدها ، وبالأخرى يداعب شعرها ، وينظر بحب في عينيها ، ليتمتم بنبرة عاشقة : كنافة بالمانجة .. هو في احلي واطعم من كدا .. اعمل ايه بموت فيكي وانتي كدا بتجننيني اكتر نبرته المتغازلة والصادقة في نفس الوقت جعلتها تخجل جدًا ، لتغمغم بنوع من المشاغبة : انت بتعاكسني؟ قام بتحريك جفنيه بإيماءة خافتة ، لتظهر إبتسامة على شفتيها المضمومة. حدق بدر طويلاً فى ابتسامتها الرقيقة ، ممَ أغراه بالعودة مرة أخرى ، لتذوق طعم الحب المشبع بالعسل من شفتيها الذي طال انتظاره ، وقد حان الوقت أن يرتشف من شهدها الرائع كيفما يشاء. قام بفصل قبلتهم ، ممَ سمح لبعض الهواء بالدخول إليهم ، بينما ينظر لها بأنفاس متهدجة ، تتسابق مع أنفاسها السريعة لتقول بلهاث ، و بخدين يحترقان من الخجل : هو الجو حرر فجأة ليه؟ فرك بدر أنفه بخفة على أنفها ، وبصوت تغلب عليه الحيرة الماكرة ، سألها : مش عجبك الجو دا يعني!! حدقت حياة في عينيه ، وهي تحاول أن تجمع شتات قلبها المتناثرة على يد هذا الجريء ، بدت مثل الفراولة الطازجة بعيونها الواسعة ، وخدودها المتوردتين ، وتنفسها مرتعشًا. ابتسمت بحب جارف ، ثم مدت يدها إلى رقبته ثم ذقنه ، تمررها عليهما ببطء ، قائلة بدلال مغرى بعد أن زادت ثقتها بنفسها من كلماته الجميلة : لا خليه يفضل كدا عشان قلوبنا تدفي و نوفر تشغيل الدفاية أزاح خصلة من شعرها عن وجهها ، ومسح على خدها بكفه ، ليهمس بحنو بالغ أمام شفتيها : ماشي .. نامي اتسعت عيناها بصدمة ، وبرزت شفتاها لتقول بتبرم : ازاي وانت مبحلق فيا كدا مش هعرف؟ : تعالي هنا وانتي هتعرفي أنهى بدر جملته ، تزامنًا مع جذبها بين ذراعيه مجددًا ، وقبّل جبهتها بلطف قبل أن يغرس رأسه في رقبتها ، مضيفًا بنبرته العميقة الممزوجة بالمرح ، التي تغلق عليها كل سبل التفكير أو الرفض ، لتستسلم إليه برضا : وبعد كدا يا هانم مافيش نوم الا في حضني .. مش عايز اعتراض و الا هتجبريني اعمل حاجات هموت واعملها رفعت حياة رأسها من صدره ، لتسأله بنبرة شقية : بتتلكلك يعني أومأ بدر لها بالإيجاب ، مع غمزة من عينه ، لتغمس وجهها في تجاويف رقبته مرة أخرى ، وتستنشق الرائحة الجذابة لجسده ، وثمة ابتسامة مرتاحة على وجوههم. ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• أمضوا أوقاتًا في سعادة وحميمية كبيرة ، بالفعل كانت أيام من الجنة والراحة استمتعوا فيها بجنون عشقهما الذي ولد في ظروف غامضة مستوطنة بالحزن والمعاناة والغدر ، من يعلم فمن الممكن أن يكون الله جعله يغير مساره في يوم الحادثة ، ليحدث كل ما حدث ويلتقي بها ، حتى ينعم بحب كان مثل الماء النقي الذي غسل أعماقه من كل آلامه وآثار الخذلان الذي تعرض له من قبل المقربين منه. دخل بدر المنزل حاملاً إياها بين يديه ، قائلاً بلطف وهو يقبلها بخدها بخفة : نورتي بيتك يا حياة قلبي رمقته حياة بنظرة مشاكسة ، وهى مطوقة عنقه بدلال ، لتسأله بلؤم : بنورك حبيبي .. غريبة شيلتني من غير ما اتحايل عليك المرة دي أنزلها في منتصف الصالة بابتسامة ، لتقف على قدميها دون أن يجعلها تخرج من حضنه ، حيث طوق ذراعيه حول خصرها ، ليقول بنبرة متذمرة : انا دايما شايلك في قلبي يا ناكرة زي القطط ضحكت حياة بخفة ، متكئة على صدره ، وهمست بمرح : بموت في رومانسيتك نظر بدر إليها بعيون متلألئة ، محدقًا في خديها الحمراوين المغريين ، و رد عليها محافظًا على ابتسامته الهادئة : وانا بموت فيكي .. ها عجبك المكان؟ تهللت أسارير وجهها بفرح ، وهتفت بسرعة وحماس : عجبني ايه !! دا تحفة الديكورات الجديدة عاملة شغل عالي بقت تاخد العقل همس بدر مبتسم الثغر ، وهو ينظر إلى وجهها المنبهر باللوحات الجميلة ذات المعانى الراقية : مش زي ما انتي واخدة عقلي توردت وجنتيها خجلاً ، ثم مدت يدها لتلمس خده ، متابعة بامتنان يفيض بالعشق : ربنا يخليك ليا يا احلي ما في دنيتي .. بجد تسلم دماغك العبقرية و ذوقك الحلو حدق بدر فيها بقلب مغمور بالسرور ، وأجابها بنبرة لينة : البيت بقي احلي بوجودك فيه جادلته حياة بعفوية : لا هو اصلا حلو و دافي يشبهك نبس بدر بضحك ، بينما أطراف أصابعه تتلاعب بخصلات شعرها المنسدل على جانب وجهها : بجد!! انفرجت شفتى حياة بابتسامة ساحرة ، لتكمل حديثها بنبرة ناعمة لا تخلو من شقاوة : اها هنا عرفت روحك علي طبيعتها من غير قيود .. بس بصراحة .. اول ما شوفتك حسيت انك بارد و زي الصخر كان باين عليك كدا .. ماتزعلش مني يعني و كنت محبكها جامد تحكم بدر في ضحكته بصعوبة ، حيث تشكلت ابتسامة جذابة على شفتيه ، ليغمغم في تساءل : اها وبعدين؟ عانقت حياة خده بيديها الصغيرتين ، قائلة بنبرة خافتة ، بينما أختلطت أنفاسهما ببعض : بعديها لاقيت شخص تاني خالص رغم اللخبطة و الحيرة اللي كنت فيها اتعاملت علي طبيعتك اوي.. أدار بدر وجهه قليلاً ، ليضع قبلة على راحة يدها بلطف ، ممَ أرسل لها شعورًا محببًا بالسعادة والرضا ، وهو ينظر في عينيها بعيونه العميقة ، ليتمتم بصدق عاشق : طول ما روحي معاكي مابقتش حاسس بحيرة و المكان اللي هتعيشي معايا فيه هيكون بالنسبالي راحتي وسعادتي عشان هكون جنبك اتسعت ابتسامتها بسرور ، محدقة به بحب ، ثم سرعان ما ألقت بذراعيها حول رقبته ، وغرست رأسها في رقبته ، لتتنهد بارتياح. غمر يده فى شعرها من الخلف ، وقبل جانب رقبتها ، بينما يستمع إليها تهمس بكلمات نابعة من صميم قلبها : انا بحب أي مكان هنكون فيه سوا و البيت دا عزيز علي قلبي عشان هنا كانت أول معرفتنا ببعض .. وبعد سنين اتقابلنا و نفس المكان جمعنا عشان مانفترقش تاني ان شاء الله قال بدر بصوت خافت في أذنها ، ممَ تسبب في ارتعاش جسدها ، بينما أنفاسه تضرب رقبتها بحرارة : بدوب فيكي .. تعرفي اللي يغيظ ان وسط كل الدوامة دي .. كنت طول الوقت بفكر فيكي انتي والمعجبين حوالين سيادتك وانا كوز درة واقف جنبك أنهى كلماته الحانقة ، بينما يقضم شحمة أذنها بخفة ، لتضحك بخجل ، وهي تنظر في اتجاهه تارة وتنخفض بصرها تارة أخرى ، وتحرك أصابعها على شكل دوائر وهمية على صدره ، مرسلة موجات كهربائية لذيذة إلى جسده بسبب لمساتها العابثة : دا انت غيرتك صعبة اوي .. واصلت حياة كلماتها بصوتها العذب السحري بجوار أذنه : بس اصلا مافيش مجال للغيرة عشان انا مابحبش غيرك انت. .. داخل جسده تدفق بركان من المشاعر المحمومة ، حالما سمع كلماتها الرقيقة ، فاقترب من وجهها ، لاغيًا المسافة بينهما تمامًا ، وأوقف لسانها عن الكلام ، متحدثًا معه بلغته الخاصة ، بينما يقبلها بشوق ولهفة ، لتبادله ذلك الحديث الشغوف ، وهى تطوق رقبته بقلب متيم عشقًا. ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• بعد حوالى شهرين فى الصباح الباكر داخل منزل بدر عز الدين وقف بدر في غرفة نومه أمام المرآة ، يرتدى قميصه الأنيق حتى يذهب إلى عمله ، ليسمع صوتها الناعم ببحة نعاس من خلفه ، حيث كان عطره السحري الذى ملأ الغرفة داعب أنفها ، ممَ جعلها تستيقظ من نومها : صباح الورد حبيبي رفع بدر عينيه إلى المرآة ، ناظرًا إلى انعكاس صورتها وهي ما زالت مستلقية على السرير ، ليجيب بابتسامة خفيفة : صباح السكر يا حياتي نظرت حياة إليه بعيون نصف مفتوحتين من أشعة الشمس التي ملأت الغرفة ، وسألت بصوت أجش يشوبه بعض الغيرة من أناقته المهلكة : انت صاحي بدري و متشيك اوي كدا علي فين العزم يا متر ارتفع حاجبه الأيمن بتعجب ، ثم أدار رأسه إليها قائلاً بسخرية ، مشيرًا إليها بإصبعه السبابة على ساعة الحائط : نسيتي ان عندي انهاردة محكمة !! الساعة 8 ونص يا حياة بدري ايه بس؟ أنهى بدر كلماته ، والتفت إلى المرآة مرة أخرى ليعقد ربطة عنقه ، بينما شهقت حياة على الفور ، وهي ترتفع بجذعها العلوى ، لتقول في تفاجئ : كام !! يالهوي اتأخرت علي المدرسة سألها بدر بدهشة ، حينما استلقت مرة أخرى : يا كسلانة مش هتقومي أجابت حياة بصوت خفيض وعيناها مغمضتين : لا خلاص الطابور فاتني هاخد اليوم راحة مش قادرة اقوم قطب بدر بين حاجبيه ، وهو يدير رأسه ، ليسأل باهتمام : مالك؟ وضعت يدها على جبينها وفركتها برفق ، بينما شعرت بوهن غريب في جسدها ، ممَ جعله يترك ما في يده ويتحرك نحوها ، بينما هى تتكلم بخفوت : مش عارفة جسمي همدان و بيوجعني شوية جلس بدر مقابلها ، وإنحنى عليها ، ليستكشف حرارة جبهتها بشفتيه ، وهو يجعد حاجبيه ، ليستقيم قائلا بتعجب : مفيش حرارة .. من ايه الوجع دا؟ لوحت حياة بأصابعها في الهواء ، وقالت بلا مبالاة بعد أن هدأ الدوار قليلاً : مش عارفة مد بدر يده ليلمس وجنتها الناعمة ، ثم عينيها المغلقتين وشفتيها ممتلئتان فى رقة ، ثم دفع شعرها المجعد خلف أذنها ، لتحرك وجهها نحو راحة يده ، وهي لا تزال مغمضة عينيها بخدر ، تتمتع بهذا الدفء ، فتمتم بدر بابتسامة ملتوية : يمكن من فيلم السهرة بتاع امبارح؟ شهقت حياة مصدومة ، واحمرت وجنتيها خجلا ، لتزمجر بعبوس ، وهى تلقى عليه الوسادة : بدر!!! ضحك بدر بصوت عالٍ وهو يغمز بعينيه ، ليتمتم بمكر : حياته زفرت حياة بحنق ، محاولة تشتيت انتباهها عن هذا الإحراج ، وتحويل مسار النقاش : هقوم احضرلك الفطار كانت على وشك النهوض بجذعها ، متكئة على مرفقيها ، ليدفعها بدر بخفة من كتفيها حتى تستلقي مجددًا ، قائلاً بنبرة مليئة بالحنان : لا خليكي مرتاحة انا هفطر في المكتب بعد المحكمة هبت حياة على عقبيها ، ممسكة فى ذراعيه ، تزامنًا مع شقهة مرتفعة ، لتصيح بتحفز حاد ، ليس كما لو كانت قبل بضع دقائق تشعر بالمرض : نعم!! مكتب ايه؟ أرجع بدر رأسه متفاجئاً بما فعلته ، ليغمغم في فزع : بسم الله الرحمن الرحيم .. مالك اتنفضتي كدا ليه؟ سرعان ما تداركت حياة نفسها ، ولجأت إلى الحيلة الأخرى على الفور ، بينما عبست بلطف ورفعت إصبع السبابة أمام شفتيها ، لتقول بإصرار ناعم : هتفطر هنا قبل ما تنزل.. رمش بدر عدة مرات فى تساءل جليًا على ملامح وجهه ، ثم قال بتعجب : انا عايز راحتك مش بتقولي عيانه؟ رفع يده في نهاية كلامه ، ليضعها على خدها ، ويحرك إبهامه عليه بنعومة ، لتهز رأسها بخفة ، قائلة بابتسامة جميلة مليئة بالحب : بقيت كويسة .. المهم انك تفطر من إيدي زي كل يوم بمجرد أن أنهت كلامها ، اقترب منها ، وطبع قبلة على جبهتها ، كدليل على موافقته ، على الرغم من عدم فهمه للتقلبات المزاجية الكثيرة التى تصيبها تلك الفترة. أغمضت حياة عينيها ، لتتنفس الصعداء ، بينما تتحدث إلى نفسها سرا : ماهو انا اكيد ما اتجننش عشان اسيبك تاكل من ايد السكرتيرة الحيزبونة اللي في المكتب.. ابتعد بدر عنها قليلا وابتسم ، ناظراً إليها بعمق ، ليقول بنبرة تفيض بالعشق : ربنا يخليكي ليا يا ارق حياة في الكون تشكلت ابتسامة عريضة على شفتيها ، وهي ترفع ذراعيها وتلف رقبتها حول رقبته ، وتطبع قبلة صغيرة عميقة على شفتيه ممَ جعله يذوب فيها أكثر ، بينما همست بهيام بالقرب من أذنه : قلب حياة من جوا جوا .. هسيبك تكمل لبسك وترش برفانك وتسبسب في شعرك علي ما اعملك احلي فطار اختتمت جملتها بضحكة مرحة ، وهى تقبّل خده الشائك بسرعة ، ليرفع حاجبًا من مكرها الأنثوي الذي يعجبه كثيرًا ، ويعيث الفساد في داخله ، قائلاً بازدراء كاذب : اسبسب في شعري .. قومي يا حياة قومي وضع كلتا يديه على خصرها ، ليبعدها عن حضنه ، فإستغلت الأمر بابتسامة خبيثة على وجهها ، وهي ترفع ذراعيها غارسة أصابعها فى شعره ، لتبعثره قائلة بضحكة شقية : اه تسبسبه كدا هو صاح بدر بسخط ، بينما يمشط شعره بأصابعه : يخربيت عقلك بهدلتيه جلست حياة على ركبتيها أمامه ، وتجعدت ملامحها ، وانتفخ خديها بالطفولة ، لتقول بصوت شرير يكاد يكون مسموعًا : الاحسن انا ابعزق شعرك احسن ما ابعزق شعر وكرامة ناس تانية رفع بدر حاجبيه مستنكرًا ، ولم يفهم ما قالته للحظة : بتكلمي عن ايه؟ رمقته حياة بوجه مسترخي ، وهزت كتفيها قائلة بنبرة هادئة : ماتخدش في بالك نظر بدر إليها بأعين ضيقة ، ولعق شفته السفلى ، وثمة ابتسامة لئيمة على وجهه ، بعد أن فهم معنى حركاتها المجنونة ، ليشير بإصبعه إلى قلبها قائلاً بخبث : شامم ريحة غيرة طالعة من هنا صاحت حياة بنبرة إجرامية حادة ، وهي تحاول قضم إصبعه : اسكت احسن ما اخلي صباعك يوحشك جذب على الفور إصبعه لبعيد ، وتمتم بامتعاض بعدما قام ، ليرتدي سترته : شرسة و مفترية .. يلا اتأخرت .. قومي حضريلي الفطار ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• بعد مرور يومين مساءًا في منزل بدر كانت حياة جالسة في الشرفة مرتدية بيجاما باللون الزهرى ، وتمسك هاتفها تتصفحه بملل ، وتنتظر عودة زوجها من العمل. ابتسمت بحب ، وهي تفكر في الاتصال به ، لتسمع صوته الذي تفتقده كثيرًا ، لكنها تفاجأت أن الهاتف بحاجة إلى الشحن ، وبطاريته نفدت بسبب كثرة اللعب. زفرت الهواء من فمها في تذمر وألقته على الطاولة ، متكئة على مرفقيها ، ورفعت عينيها لتتأمل البدر في وسط السماء المظلمة. بعد فترة ، سمعت حياة صوت فتح الباب ، على الفور أمسكت بالهاتف ووضعته في أذنها. أما بدر ، فقد دخل المنزل متلهفًا لرؤية من سرقت قلبه وعقله ، ليمشي نحو الضوء المنبعث من الشرفة ، ونسمات الهواء المنعشة تجعل الستائر تتطاير حاجبة المنظر من الداخل ، ليتسلل فى صمت من خلف ظهرها ، لكي يفاجئها بحضوره وهو يبتسم بمحبة ، سرعان ما تحول إلى الذهول ، حينما سمعها تقول بابتسامة عبثية لم يراها : ايوه يا مروة .. اه طبعا يا حبيبتي.. ظلت صامتة لبعض الوقت ، متظاهرة أنها تستمع إلى الطرف الآخر ، ثم هتفت بغرابة مزيفة : مازن مالو!! أحتدت ملامحه بمجرد أن سمع هذا الاسم ، وتأججت النيران فى صدره بغيرة حارقة ، وهو ينصت لبقية حديثها : معقولة !! هو قالك كدا فعلا؟ تنحنحت حياة ، وتابعت بنوع من الإحراج الزائف : سامحيني يا مروة انا مش هقدر معلش وضعت يدها على فمها حتى لا يتضح صوتها الضاحك ، واستطردت حديثها : لا بس مش عايزة تحصل مشاكل مع بدر سعل بدر بخفة حتى ينبهها إلى وجوده ، ليجد ظهرها يرتعش بينما تقول في عجلة ، حيث أدارت رأسها تجاهه ، مستغلة كل طاقتها للحفاظ على ثبات ملامحها المصدومة من حضوره ، حينها غلف بدر وجهه ببرود كاذب : طيب .. سلام .. سلام دلوقتي هكلمك تاني : كنتي بتكلمي مين؟ لم تستطع قراءة ملامحه المتجهمة ، لكنها متأكدة من أنه غاضبًا ويريد أن يفتك بها بلا شك ، لتقول بصوت جاهدت ليخرج بشكل طبيعي ولا يشوبه الضحك : ايه دا !! انت جيت امتي يا حبيبي؟ أجابها بدر بإختصار مقتضب : لسه داخل .. ماردتيش علي سؤالي؟ هبطت عيناها على الهاتف ، ثم أجابت بابتسامة مرتبكة دون النظر إليه : دي وحدة صحبتي كنا بندردش سوا عادي تدحرجت عينيها تجاهه ، وهو يسير بخطوات بطيئة جعلت خفقاتها تدوى كالطبول ، ليسأل بنبرة لاذعة : لا والله؟ حاولت البقاء ثابتة ، لكنها لم تعد قادرة على كتم ضحكتها أكثر من ذلك ، لذا انفجرت تضحك بصوت عالٍ ، وهي تصفق بيدها فى انتصار على مظهره الحانق ، خاصةً حاجبيه المتشابكين بشدة. رفع حاجبيه مندهشًا ، قائلا في استنكار : بتضحكي علي ايه؟ أخبرته حياة بنبرة ساخرة ، مستمتعة بملامحه المنزعجة ، ثم أعطته الهاتف : خد وانت تفهم أمسك بدر بالهاتف ، وتفاجأ عندما وجده فارغ الشحن ، فالتفت إليها متسعة عيناه بإستغراب. ارتفع صوت ضحكها أكثر من ذي قبل ، بمرح وجنون ، وهي تمسك بطنها قائلة وهي تلهث بين شهقاتها : ياريت الفون كان شغال عشان اصورك و اوريك شكلك لما بتكون غيران بيبقي حلو ازاي؟ جز بدر على أسنانه بإغتياظ ، وأغلق عينيه ، محاولا السيطرة على أعصابه الثائرة حتى لا ينقض عليها ، ويضربها بسبب مقالبها السخيفة الحمقاء التي جعلت الدم يغلي في عروقه. : انا مش هسيبك انهاردة يا بنت مجدي قالها بابتسامة خبيثة على فمه أثارت شكوكها كثيرًا ، ثم اقترب منها ببطء حارق لأعصابها ، لتتراجع حتى استلقت على الأريكة ، بينما يصعد عليها ليبدأ في دغدغتها بغيظ وحنق شديد. تصاعدت ضحكاتها الرنانة في المكان ، وصرخت تعاطفًا ، بينما تتلوى بعشوائية : بس يا بدر كفاية .. يخربيتك تعبت صوابعك بتخترق البنكرياس خلاص بدأت تضربه بكلتا يديها على صدره ، وذراعيه لإبعاده عنها ، لكنه رفض التحرك ، بل أمسك بيديها بقبضة واحدة ، ثم وضعهما فوق رأسها ليدنو اكثر ، هامسًا بسخط جزًا على أسنانه بقوة : عشان تحرمي تعملي فيا مقالبك المجنونة دي صرخت مستسلمة لينهض عنها ، والدموع تنهمر من زاويتين من عينيها من الضحك : خلاص والله حقك عليا همت حياة بالتحرك ، تنوي الهروب من براثينه بمجرد ابتعاده عنها ، تلهث من الضحك ، لكنه أوقفها عندما جلس على الأريكة ، متزامنًا مع شدها إلى جانبه ، محاطًا بذراعيه جسدها و ثنى رأسه ، عاضًا على شحمة أذنها بخفة. أغمضت حياة عينيها بألم طفيف ممَ فعله ، والذي استمر لبضع ثوان ، لترمي رأسها براحة على صدره ، وقالت ، بمجرد أن هدأت نوبة الضحك التى انخرطت بها : الحمدلله كنت خايفة اوي لا تموتني زي ناصر ما عمل فى شهد في المسلسل زفر بدر بقوة قبل أن يزمجر بإمتعاض و بملامح غاضبة : يخربيت ام المسلسلات اللي خربت عقلك .. الله يسامحك خليتي دمي يتحرق يا شيخة وضعت رأسها على رقبته وأغمضت عينيها ، وتركت رائحته الرجولية تتخلل أنفها ، ثم همست بنبرة ناعمة جعلت غضبه يتلاشى : وحشتني اوي يا بدورتي .. الشغل واخدك مني قولت اشطشطك شوية صغننه بس شد تطويق ذراعيه حول جذعها العلوي ، وقال بصدق بعد أن تنهد بعمق : انتي كمان وحشاني و عايز افضل اطول وقت معاكي .. هانت القضية اللي شغال عليها معاد جلستها بعد كام يوم و بعدها هزهقك مني تمتمت حياة بشقاوة ، مشوبة بغيرة طفيفة : هنشوف مين هيزهق من التاني يا متر يا اللي قضاياك مابتخلصش ابتسم بدر حتى حملت لهجته تلك الابتسامة ، وهو يضع رأسه على شعرها : غلباوية بتنقي علي جوزك ازدردت حياة لعابها ، وتلفظت بصوت خافت : بالمناسبة مروة كلمتني فعلا الصبح لوى فمه بابتسامة متهكمة ، وسأل على مضض : خير عايزة ايه؟ تنهدت حياة ثم قالت بهدوء دون أن تنظر إليه : كانت بتكلمني علي مازن ضاقت عيناه فى الانزعاج ، وراح يزمجر محذرًا : حياة!!! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الثاني والثلاثون شبح حياتي يبدو بأنني لن أتجاوز معك لهفة البدايات يبدو أنني سأحبك بهذا الاندفاع إلى الأبد. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تنهدت حياة ، ثم قالت بهدوء دون أن تنظر إليه : كانت بتكلمني علي مازن ضاقت عيناه فى الانزعاج ، وراح يزمجر محذرًا : حياة!!! جفلت حياة من صوته العالٍ بجوار أذنها ، فالتفتت ونظرت إليه من فوق كتفها ، وقالت على الفور : والله بجد المرة دي قطب بدر بين حاجبيه ، حينما أرسلت له نظرة جادة خالية من المزح ، ليرد بجمود : قالت ايه؟ نظرت حياة إلى الامام في ذات الوقت الذي لمعت عيناها ببريق شيطاني ، وقالت كلماتها بتقطع على المهل أثناء تلاعبها بخاتم زواجها : يعني .. كانت بتقول .. انه .. يعني .. عايز.. قلب بدر عينيه بعد أن نفذ الصبر منه ، وسألها بغضب : عايز ايه .. انطقي بسرعة قبل ما اتجنن واطلع اشخرملو وشه وافقعلو عينه اللي فرحانلي بيها أدارت حياة جسدها تجاهه ، محدقة في عينيه المتوهجة بلهب الغيرة ، وقالت بسرعة لتنقذ نفسها قبل أن تحترق بنيرانها المستعرة : لالا اهدا علي نفسك كدا كل الحكاية انه يوم الخميس خطوبته برزت عيناه بصدمة فور أن نطقت تلك الكلمات التي خمدت نيران غضبه على مازن ، وقال بإرتياب : بتكلمي جد؟ تمتم بدر بصوت يكاد سماع ، وهو يدير رأسه بعيدًا عنها : اخيرا هيريحنا من وش امه إلتقطت أذناها بعض من أقواله ، رفعت وجهها إليه متسائلة ببراءة ملطخة بالدهاء الخفي : بتقول حاجة يا حبيبي!! زفر بدر بقوة ، وأجاب على مضض : بقول ربنا يتمم على خير قالت حياة بابتسامة عريضة : اعمل حسابك بقي اننا معزومين .. يعني فضي نفسك رفع كتفيه بلا مبالاة ، وقال بفتور وخمول : هحاول اقتربت حياة منه ، متشبثة به ، حتى لامست أنفاسها جانب رقبته ، ثم وضعت أطراف أصابعها على قميصه بنعومة ، وعبثت بأحد الأزرار ، تفتحه مرة ، وتغلقه تارة أخرى. شعرت بخفقات قلبه تزداد بسبب تأثره بما تفعله فيه ، لتنبس بإلحاح : بدر جاء منه تنهيدة قوية مشتعلة ، قائلاً بنبرة متهدجة فى استسلام : حاضر يا زنانة ضحكت حياة بإنتصار أنثوى ، وهمست بشقاوة : ايوه كدا ناس تخاف ماتختشيش اغتاظ بدر جدًا منها ، وانحنى بحركة مفاجئة ، ليقضم جلد رقبتها بأسنانه ، وهو يهسهس : واطية هاكلك من رقبتك عضت حياة شفتيها مرتجفة كل خلية في جسدها من مداعبته التي تبعثرها إلى أشلاء لا يستطيع أحد أن يجمعها سواه ، وتعشق كونها تذوب مثل الشمعة وسط نيرانه المشتعلة. همست حياة له بصوت يفيض بالعاطفة : شكلك وانت غيران يجنن علي فكرة بموت في عقدة حواجبك لما بتتنرفز اتسعت ابتسامته مقابل رقبتها ، تلك الجنية الساحرة تفعل الأفاعيل في قلبه ، تجعله يغضب ، يثور ، يبتسم ، يذوب في بحر هواها ، بحركات بسيطة منها. دافئة جدًا ، تزرع النار في قلبه ، ولديها حنان يجلب الهدوء إلى ذهنه ، ويضيف جنونها دائمًا لونًا إلى أوقاته الباهتة ، ويذهب إلى النعيم حينما يشعر بها بين ذراعيه ، ليخرج صوته هامسًا بنبرة عاشقة : وانا هيجيلي جلطة بسبب عمايلك فيا انتفضت فجأة ، والتفتت إليه ، ليضرب وجهه شعرها الذي تفوح منه رائحة مغرية لحواسه ، ممَ جعل مشاعره تجاهها أكثر حماسة ، بينما لم تنتبه هى للأمر ، بل لمست وجهه بتأنى و حب ، لتقول بنبرة صادقة مفعمة باللهفة : بعد الشر عليك يا بدر ماتقولش كدا تاني .. خلاص وعد اخر مرة هعمل كدا دنى بدر عليها أكثر ، مبتسمًا بحب ، ليهمس بصوت رجولي عميق أمام شفتيها : برده مش هسيبك تفلتي من ايدي لعقت شفتيها بابتسامة خجولة ، وأشاحت وجهها بعيدًا عنه عندما فهمت ما يقصده ، بينما ترفع يدها وتضعها على صدره تدفعه ببطء بعيدًا ، لتهمس بنبرة مغرية : هدي اعصابك يا قلبي الطيب احسن اعملك ليمون ألقى بدر رأسه إلى الوراء محبطًا بعد أن أدرك معنى كلامها ، وسألها بحسرة : طالما فيها لمون يبقي دا معاد حظر التجول بتاعك مش كدا؟ عضت حياة شفتيها لإخفاء ضحكتها في نوع من الخجل ، ثم تمتمت بخفوت : انت عمرك ماهتنسي ابدا حدق بدر فيها بابتسامة جانبية ، وقال بنبرة منزعجة : معقولة انسي وانتي كل مرة بتقولي كدا .. مش عارف بتغيظيني ولا ايه حكايتك؟ هزت حياة رأسها نفيًا ، وقالت بضحكة خافتة ممزوجة بالدلال : لا والله يا بدورتي مش قصدي كدا بس انا بأوحرج غمغم بدر بشكل استفزازي ، وضيق عينيه ببراءة خبيثة : وش احراج اوي يا بت عبست ملامحها الرقيقة ، وهي تضع يديها على خصرها قائلة بتذمر : نعم يا دلعادي !! قصدك ايه بقي؟ أنهت كلماتها بنظرة عتاب ، لتنهض عن قدميه ، فأسرع بدر يمسك بخصرها وهو يستلقي على الأريكة ، ممَ تسبب في سقوطها على جسده ، ليقول بصوت أجش ، ووجهه مقابل وجهها مباشرة : مقصدش اهدي يا جنيتي المتوحشة ليه اتحولتي كدا؟ وخزته حياة برفق في صدره ، ونبست بتأنيب مشوب بالإرتباك بسبب التصاقهما ببعض : علي فكرة انا كنت بسألك ببراءة مش قصدي اللي في دماغك اتسعت عيناه بدهشة وهو يمسك بكفها على صدره ، ليقول بلهفة : يعني مافيش حظر انهاردة؟ خبأت حياة وجهها في رقبته في حرج ، وتمتمت : لا فيه فرك حاجبه في تفكير ، وقال بصوت حائر : غلب حماري ؟ نظرت حياة إليه خلسة ، مشوبة بالكثير من التردد والترقب لرد فعله ، ثم ملأت رئتيها بالهواء ، لتقول بتلعثم بينما تشد قبضتها على قميصه : بصراحة يعني يا بدر .. انا من الصبح بحاول اتوه عشان عندي موضوع عايزة افاتحك فيه ومش لاقيه صيغة مناسبة اقولك بيها خفق قلب بدر بقوة ، واستقام قليلاً ليجعل جسده يتكئ على ذراع الأريكة وهي لا تزال فوقه ، وسألها بقلق يحثها على الإكمال : موضوع ايه انتي فيكي حاجة؟ قالت حياة بنفى ، وهى ترفع رأسها بسرعة عن صدره ، لتلتقي بوجهه مباشرة : لا حبيبي انا كويسة .. بس هي حاجة كدا خايفة اقولك عليها تنفس بدر بعمق ، مكوبًا وجهها بين راحتيه ، ويمسح خديها بإبهاميه ، ليطمئنها بلمساته ، وهما يجلسان في مواجهة بعضهما البعض ، ناظرًا إلى عينيها وهو يتحدث بنبرة حنونة : حبيبة قلبي مافيش بينا خوف و العبط دا وممكن تقولي كل اللي جواكي ليا وانا هسمعك همهمت حياة بإقتناع مزيف ، وواصلت حديثها ببعض الخجل : انا كنت عند الدكتورة الصبح رفع بدر حاجبه الأيسر بدهشة ، وسألها بغرابة : دكتورة ايه!! و ليه ماقولتليش اجي معاكي؟ تجاوزت نبرة توبيخه لها ، وهزت كتفيها ، ثم أجابت ببساطة : ماحبتش اقلقك كلمت شذي وهي راحت معايا أومأ بدر إليها بفهم ، واستفسر بلهفة : طيب قالتلك ايه يا حياة اعصابي باظت قولي بقي علي طول أغمضت حياة عينيها بقوة ، ووضعت يديها على خديها المتوردين بخجل ، وسرعان ما صاحت دفعة واحدة : قالتلي انك مش هينفع تقرب مني قبل تلت شهور من دلوقتي عش. .. لم يسمح لها بمواصلة حديثها ، وهو يحدق بها بحاجب مرفوع ، مصيحاً بدهشة : نعم يا روح امك منك ليها .. عنوانها ايه الدكتورة دي عشان هبيتها في الحبس انهاردة فزعت حياة من انتفاضة جسده المفاجئة ، لتسأله وهي فاغرة فمها : بسم الله الرحمن الرحيم .. اهدا يا بدر انا جيالك في الكلام اهو زم بدر شفتيه بصمت منتظرا ما تبقى من حديثها حتى استطاعت أن تستجمع شجاعتها ، لتقول بتوضيح : قالتلي يعني انه يستحسن انك ماتقربش مني عشان البيبي مايتأذيش أنهت جملتها وهي تخفض رأسها ، مخبأة تضرج خديها ، ليجلس في مكانه ، يقلب ما قالته في ذهنه ، مرددًا في دهشة : مش فاهم .. يتأذي .. البيبي .. لينظر إليها بإستيعاب ، وعيناه تتألقان بفرح حقيقي ، ليسألها بترقب متفائل : انتي حامل!! اقترب بدر منها ، محاولًا التأكد ممَ فهمه ، لتومئ إليه بالإيجاب بابتسامة واسعة ، وهي تمعن النظر فى رد فعله بسرور ، ثم قالت مازحة : اخيرا فهمت ما دا اللي بحاول اقوله من الصبح سحبها بدر إليه بخفة ، لترمى جسدها بين ذراعيه في عناق محب ، بينما يهمس لها متنهدًا براحة كبيرة ، وهو يمسح بحنان على طول شعرها : حرام عليكي يا شيخة انا اعصابي سابت مني .. بتنشفي دمي علي ما باخد منك المعلومة غمرت السعادة قلبها لتضحك ، قائلة بخجل : اصلي بأوحرج يا بوده شدّ عناقه لها أكثر ، واستنشق عطرها ، ثم رفع رأسها عن رقبته ، لتحدق في عينيه الدامعتين بفرح حيث دنى بدر منها أكثر ، وقبّل عينيها بحب ، ثم تبعها وجنتها المتوردة وطرف شفتيها بخفة ، قائلا بسعادة جارفة : قلب بوده انا هعالجك من الاحراج اللي هيشلني و هينقطني في يوم من الايام دا أنهى كلماته متزامنًا مع المسافة بين وجوههم محاولًا تقبيل شفتيها ، لكنها وضعت إصبعها على شفتيه ، لتعقب بدلع وهي ترفرف بأهدابها : بدر قولتلك اننا في حظر بلاش قلة ادب بقي أجابها بدر بلؤم ، وهو يرفع حاجبه الأيسر بمكر رجولي : دي بوسة بريئة قربت حياة وجهها من وجهه ، وقبلته برقة على شفتيه ، فأغمض عينيه مستمتعا بتلك اللحظات ، لتهمس في مشاكسة ، حالما فصلت القبلة التى دامت ثواني ، بينما ينظر إليها بنظرات غير راضية تمامًا : مش عليا انا يا حضرة المحامي و نزل ايدك عشان ماعملكش محضر تحرش ابتعدت حياة عنه مسافة صغيرة في نهاية كلامها ، تاركة إياه يحترق بنار شوقه المشتعلة في قلبه ، بينما لوى بدر شفتيه قائلاً بقهر وصوت لاهث : يانهارك ازرق .. دا انا جوزك وحامل مني كمان يا غبية قرأت ملامح الضيق الممزوجة ببعض الانزعاج على وجهه ، بينما كانت بداخلها تحترق بنفس النار التي تحرقه ، لكن ماذا تستطيع أن تفعل ، لتحاول تلطيف الأجواء ، قائلة مازحة وهي تغمس نفسها فى حضنه : ولو مش اسباب كافية تسمحلك بالتحرش بأنثي كيوتة و تجنن كدا رفع بدر حاجبه الأيمن بصدمة ، بينما يرآها تلعب بأطراف شعرها في دلال ، سرعان ما انفجر ضحكًا ، ثم تمتم بصوت مفعم بالعاطفة ، وهو يقبل قمة أنفها برقة : احلي كيوت في الدنيا .. مبروك علينا يا اجمل حياة عايشها ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• بعد ما يقارب ثلاثة أشهر نزل الاثنان من أحد البنايات متجهين إلى السيارة ، لتفتح حياة الباب ، محاولة التسلق بصعوبة ، قائلة بأنفاسًا لاهثة : ياخرابي عليك ياني بقيت بركب بالعافية استرخت على المقعد ، تحاول التقاط أنفاسها بانتظام بعد هذا الجهد الذي بذلته فى ركوبها ، وهي تنظر إلى الشخص الجالس أمام عجلة القيادة بصمت ، ويبدو مستاءًا ، لكنها لم تنتبه إليه قائلة بعتاب لاهث : كان لازم تحكم رأيك ما كنا كشفنا عند الدكتور اللي لاقينا و خلاص بقالنا ساعتين بنلف وملاقيناش دكتورة اكشف عندها كأنه ينتظرها لتفتح فمها لينفجر ، فيما استدار إليها بوجه مكفهر ، ثم صاح بضيق وغضب : و هي حبكت دكتورتك الغندورة تسافر تصيف .. وبعدين انتي يعني قاعدة ساكتة ما انتي مافيش حاجة جت علي بالك الا و جبتها كأنك في رحلة همست حياة ، وشفتاها مقوسة إلى أسفل ، وهى ترفرف برموشها بسرعة لمنع دموعها من التدفق ، لأنها أصبحت حساسة للغاية ومزاجية لأبعد الحدود ، وأقل كلمة تؤثر عليها ، ولا تنكر أنه استقبل كل هذا بصبر ، لكنه أحيانًا يخرج عن طوره : كدا يا بدر حدق فيها بحاجب مرفوع في استنكار ، لتنظف حلقها بحرج ، بينما تمسح بنعومة على بطنها المنتفخة ، ثم ردت بتبرير : ما انا حامل و بتوحم يعني مش ذنبي فرك بدر ذقنه في غيظ ، وباليد الأخرى بعثر خصلاته الفحمية ، وهتف ساخرًا : والطور اللي بيلف في الساقية دا مايستاهلش كلمة حلوة و لا بوسة في الهوا حتي .. دا انا ضغطي وطي من كتر اللف معاكي دا يا شيخة فتحت حياة فمها مندهشة ممَ قاله ، ثم تأففت بضيق من حالها ، وهي تلتفت إليه لتقول بحزن : و دا كمان مش ذنبي ابنك هو السبب الوحم مبهدلني و مش قادرة استحمل ريحتك يا بدر تفحصها بعيون ضيقة في قهر ، ثم تشدق بابتسامة متهكمة مستوطنة فيها الخبث : دلوقتي بتقرفي من ريحتي الله يرحم لما كنتي بتتمسحي في قمصاني زي ماتكوني مدمنة قامت بطي ذراعيها على بطنها في سخط ، وخفضت رأسها إلى أسفل ، ثم حرفت مسار الحديث ، وقالت ببراءة ، مشوبة بمكر أنثوي : طالما مستعجل تعرف البيبي نوعه ايه؟ و عمال تأنبني يلا نطلع للدكتور اللي فوق لا حياء في العلم يا متر يا مثقف أشعلت كلماتها فتيلاً غيرته من جديد ، ليرد بفتور زائف ، بينما يضغط على عجلة القيادة بقوة : انا مستعجل !! لا والله .. مين قال اني مستعجل .. مش مهم هنستني الدكتورة بتاعتك لما ترجع ابتسمت حياة بابتسامة عريضة ، وتغلغل شعور بالسعادة والرضا في قلبها من إجابته ، والتي جاءت بالضبط كما توقعت ، فأنحنت على كتفه ، متكئة برأسها عليه ، وقالت بدلال وهى تتعلق فى ذراعه : بموت فيك و انت غيران بس عامل مش مبين أغمض بدر عينيه ، وتمتم باستسلام عاشق وهو يقبّل رأسها : وانا كمان يا مبهدلني معاكي رفعت حياة رأسها لتلتقي بوجهه ، وزمت شفتيها الوردية ، وقبلت خده الشائك ، لتقول بعفوية : كله عشان إبنك او بنتك يعني مش لحد غريب قطب بدر بين حاجبيه ، قائلاً بقلق وهمي : يا خوفي يطلع لمض و لسانه طويل زيك رمشت حياة بأهدابها فى غنج ، وقالت بابتسامة جميلة : هيبقو يجننو لأبوهم الحنين.. أنهت كلماتها وهي تظبط جلستها على كرسيها ، حيث شعرت ببعض الألم في ظهرها ، لينبس بدر بعبوس لطيف : كلي بعقلي حلاوة دا اللي فالحة فيه .. المهم عايزة عصير ايه اجيبهولك انا نفسي في برتقال؟ هزت حياة رأسها على الفور وقالت بسرعة ، ووجهها متقلص من الاشمئزاز : لا يا بدر برتقال وليمون لا .. اوعي مش طايقة اشوفهم و لا اشم ريحتهم خالص .. الحموضة مطلعة عيني وانت عارف بتطلع تحرقني في وداني بيبقي احساس بشع فجأة أضاء وجهها وارتفعت شفتيها بابتسامة واسعة ، وقالت بحماس ، وهي تخفض عينيها إلى بطنها بحب : اقولك خلينا نروح ناكل احسن نفسنا في حواوشي والسجق جدا رفع بدر حاجبيه ونظر إليها بفك ساقط ببلاهة ، ثم تمتم بحسرة جعلها تضحك بصوت صاخب على تعبيراته المذهولة : حاضر .. صبرني يارب ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• داخل منزل بدر عز الدين على وجه التحديد في غرفة صغيرة مطلية باللون الوردي مع بعض النقوش الطفولية ، بينما يغلب على أثاث الغرفة نفس اللون. ثنت حياة جذعها ، تدندن بصوت عذب ، وهي ترتب الألعاب التي اشترتها مؤخرًا لطفلتها المنتظرة في إحدى الزوايا. أما بدر رغم معاناته من تقلبات مزاجها ، ومتطلباتها اللامتناهية إلا أن حياتهما سوية متألقة بالسعادة ومشرقة بلون رائع ومذاق مميز ، حتى المشاجرات اليومية تجدد حبهم ، وتزيد من ميثاق العشق الذي ستتوجه ابنتهما القادمة للحياة قريبًا ، لتضفي على حياتهما لونًا جديدًا. أدارت رأسها نحو بدر الذي كان يعلق ملصقات جميلة على الحائط ، قائلة باستياء : اسكت بقي مافيش ولا اغنية بتخليني اكملها للاخر ربت على الملصق بباطن كفه حتى يتأكد من تثبيته قبل أن ينظر إليها ، مستفسراً بدهشة : افهم من كدا ان مش عجبك صوتي؟ صرخت حياة بنبرة طفولية احتجاجًا ، وهي تضع يدها على بطنها المنتفخ حيث تخطت شهرها الثامن من الحمل : لا مش عجبني اقترنت كلماتها بتحركها نحو الباب عازمة على الخروج ، لكنه سد طريقها ، وهو ينبس بمكر : رايحة على فين يا منكوشة؟ برمت حياة شفتيها ، منزعجة ، وهو يقترب بخطوات بطيئة ، و بشكل تلقائي تراجعت للخلف حتى شعرت بالجدار في ظهرها : تصدق انا غلطانة .. كل دا عشان اقترحت عليك اننا نوضب اوضة البيبي سوا تقوم انت تضايقني مد بدر ذراعيه بجانبها ، متكئًا علي الحائط ، ليحجز جسدها بينهما ، واقترب من وجهه قليلاً من وجهها ، ناظرًا إليها بعينين يقطران باهتمام وشغف ، قائلاً بنبرة ضاحكة : خلاص ماتزعليش بهزر معاكي .. بقيتي نكدية وقفوشة اوي همس آخر كلماته بصوت لم تسمعه ، فسألت بتوجس : بتقول ايه؟ تمتم بدر بنبرة رجولية عميقة هزت قلبها المتيم به : بحبك انفرجت شفتاها بابتسامة عاشقة ، ثم همست بنعومة أسرت قلبه : طيب خلينا نكمل و اسكت بقي عشان انا بحب اشتغل في هدوء أنهت حياة كلماتها ، ووضعت يديها على صدره بحركة مغرية لكى تبعده ، لكنه اقترب أكثر ، ولمس إحدى خصلات شعرها الذي يتدفق بحرية على كتفيها ، وهو يغمغم بنبرة مفعمة بالهيام : انتي ابعد واحدة عن الهدوء .. دايما ثايرة زي شعرك الحلو دا وأضاف بصوت يفيض بالعاطفة ، بينما يلامس نعومة شفتيها بإبهامه ، فأغمضت عينيها بتخدر : مليانه طاقة ايجابية مابتخلصش .. وبحس انك بتزرعي الفرحة في قلبي .. دا كلو كوم و شقاوتك وطعامتك اللي مدوباني كوم تاني شعر بجسدها يرتجف بقوة بين ذراعيه ، متأثرًا بمداعبته الرقيقة لها ، وارتفعت خفقات قلبها حد السماء. فتحت حياة عينيها المليئين بالشوق والحب ، كما ارتفع صدرها وهبط بأنفاس متلاحقة ، وقالت بابتسامة راضية وهي تلعب بأزرار قميصه بمكر : لحظة بس .. افهم من كدا انك بتمدحني ولا بتشتكي من دوشتي .. حدد موقفك يا متر ابتسم بدر ابتسامة جذابة ، واقترب منها ببطء ، وهو يحدق في شفتيها ، لكن جسدها أنخفض من تحت ذراعه التي تحيط بها ، وهي تشهق قائلة بسرعة : انا حاطة الشاي علي النار اكيد الميه غليت هرعت حياة دون إعطائه مجال للرد ، فقام بالمسح على شعره عدة مرات ، وهو يطلق زفيرًا بحرارة ، ليغمغم بأنفاس متهدجة من قربها : شاي .. دا انا اللي غليت ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• بعد حوالى شهر جالسون في صالة السينما بعد أن اصرار حياة الرهيب على الذهاب لمشاهدة فيلم كوميدي. داعبت بطنها المنتفخ الذي يرتفع ويهبط مع ضحكاتها السعيدة ، فالتفت إليها بدر برأسه قائلا بقلق : اهدي يا حياة قلبك هيتعب من كتر الضحك اجابت حياة بصوت مرتفع بين شقهاتها ، وسط الضوضاء من حولها دون أن ترفع عينيها عن شاشة العرض الضخمة : اصل الفيلم فظيع اوي تجعدت ملامحه بمزيد من القلق ، حينما لاحظ أن تنفسها يرتجف والعرق يتساقط من جبهتها ، فأضاف محاولًا تهدئتها ، بينما يربت على بطنها برفق : طيب براحة لا تولدي وانتي مش حاسة تأففت حياة بضجر ، وهي تبتلع حبة من الفشار في حجرها ، وهتفت بانفعال : ماتفصلنيش بقي يا بدر سيبني اندمج هز بدر رأسه في يأس من عنادها ، ليمد يده محاولًا أن يلتقط ما كان في حجرها ، وتابع حديثه : ماشي .. هاتي الفشار و كملي السندويتش تمسكت حياة بصندوق الفشار بقوة ، لتنظر إليه ببراءة وهى تقول بتوسل : لا سيبهم معايا انا جعانة اتسعت عيناه بصدمة ، صارخا باستنكار : مابقاش طبيعي الجوع دا .. خايف اقوم من النوم في يوم مالاقيش دراعي زجرته حياة بحاجب مرفوع ، لتقول بغيظ بينما تدفع بعض الفشار في فمه : يا خفة كل و اتفرج بقي بينما كانت تطعمه ، ألقت نظرة على امرأة لديها قدر لا بأس به من الجمال الاصطناعي جالسة بجوار بدر على الجانب الآخر ، لكن الأسوأ من ذلك أنها تقوم بحركات ملتوية لتلصق فخذها به ، بينما الآخر لا يدرك ما يحدث بسبب انشغاله بها. أشتعلت عيناها بغضب ناري ، ودقت أجراس الإنذار في جدران قلبها ، عازمة على نتفها ، ولكن سرعان ما اتسعت عيناها بفكرة خبيثة أفضل بكثير. تعالت أنفاسها ، وهي تمسك بطنها ، وتئن بصوت مسموع ، بينما تجعد جبهتها وهي تشد أصابعها على ذراع بدر وتشده نحوها ، لتلفت انتباهه إليها ، قائلةً بصياح : بدر .. يا بدر .. انت ما بتردش ليه؟ ألقى بدر عليها نظرة خاطفة من زاوية عينه ، وهو يضغط على فمه ، ثم حدق مرة أخرى في الشاشة بتركيز ، قائلاً بصوت ساخر مليء بالاستياء من تكرار هذا الحدث معهم طوال الأسبوع الماضي : اصلها مش اول مرة يا حياة .. كل شوية بتعملي كدا ونتخض علي الفاضي .. استني لحظة عايز اشوف المشهد دا شديني.. احتقن وجهها غضبًا من لامبالاته بها ، بينما تحدق في تلك المقيتة بنظرة احتقار وغضب ، ثم بدأ صوت نحيب حاد ينبعث منها ، وامتلأت عينيها بالدموع بالفعل من القهر ، واجهشت بالبكاء ، تزامنا مع استدار بدر إليها مصدومًا من بكائها ممَ جعل القلق ينبض بداخله ، ليهتف في هلع : مالك .. فيكي ايه؟ برمت حياة شفتيها ، وهي تضغط على بطنها ، قائلة بصوت منتحب بألم مزيف : بولد يا بدر الحقني استقرت عيناه الواسعتان في صدمة على بطنها ، وتجمد للحظة قبل أن ينتفض ، ممسكًا بذراعها ، يحثها على النهوض معه ، ليقول بقلب يهدر بجنون : قومي معايا!! نهضت بصعوبة من مكانها ، لتأخذ خطوتين ، ثم جلست على نفس الكرسي الذي كان بدر يشغله ، لتتمتم بصوت ضعيف زائف ، وبدأت تتنفس براحة تامة ، حينما تأكدت أن تلك المرأة باتت بعيدة عن زوجها تمامًا : قعدني هنا .. مش قادرة اقف : كلم الاسعاف بسرعة يا استاذ شكلها ولادة هتفت إحدى النساء الجالسات خلفهم مباشرة ، فأومأ بدر بالموافقة. أخرج هاتفه من جيبه الخلفي ، فحركت حياة رأسها رافضًا ، مشيرة إلى بدر ليجلس على كرسيها ، قائلة بصوت مبحوح من البكاء : لا يا بدر اصبر الدكتورة قالت لو عدي بين الطلقة والتانية خمس دقايق يبقي دا معاد الولادة تأوهت حياة بألم مزيف وهي تنفخ فمها ، ثم أردفت ، حالما رأته جالسًا ممسكًا بيدها ، لا يدرى كيف يخفف الألم عنها : احسبهم بسرعة علي ساعتك هز بدر رأسه في اتفاق ، ناظرًا إلى ساعة معصمه ، بينما كانت حياة تزجر المرأة بنظرات مسمومة ، وهي تجز على أسنانها بشدة ، لتسمعه يقول بسرعة : طيب ا.. : بدر .. استني .. بترت حياة باقى كلامه ، حالما رأت المرأة تنهض على قدميها وتغادر القاعة في صمت ، لترمقها بتشفى ونصر ، بينما تجيبه بابتسامة واسعة ، حيث اختفى الألم من صوتها تمامًا ، وهى تلتقط من يده علبة فشار ، وتأكل الحبوب بشراهة دون ادنى اهتمام إلى الضجيج الذي تسببت فيه لمن حولها : خلاص بقيت كويسة راح الوجع .. اطمن يا حبيبي شعر بدر بإحراج شديد ورفع يده لفرك رقبته ، وأدار رأسه إلى الوراء ، وهتف اعتذارًا : متأسفين يا جماعة معلش اعذرونا أجاب أحد الرجال بإستياء : ولا يهمك يا استاذ بس خلينا نركز مع الفيلم بقي بعد حوالي عشر دقائق ظلت تتململ في كرسيها بحركة بسيطة ، وتضغط بقبضتها بقوة على بطنها ، وتعض شفتها السفلية حتى شعرت بطعم الدم في فمها. غمرت الدموع وجهها شيئًا فشيئًا ، ثم أطلقت تأوهًا منخفضًا جدًا بسبب الألم الحقيقي الذي اجتاح أحشائها ، غير قادرة على النطق. ماذا ستقول ؟ لن يصدقها هذه المرة وسيكون غاضبًا جدًا منها. لاحظ بدر اهتزاز بجانبه بغير إهتمام ظناً منه ، أنها تضحك مع باقى أصوات الضحك الذي يسيطر على الصالة بالكامل. بعد لحظات ، أدار رأسه إليها ، بابتسامة تلاشت تدريجيًا ، وهو ينظر إليها بعيون واسعة بصدمة ، حالما رأى وجهها ممتلئًا بالدموع ، ليسألها في ذعر : حبيبتي .. مالك حاسة بإيه؟ أُجبرت شفتاها على التحرك ، تهمس بصوت خافت ومرتعش ، والألم واضح على ملامحها هذه المرة : شكل المرة دي الطلق بجد يا بدر بقالو اكتر من عشر دقايق مش بيروح حالما سمع هذه الكلمات جف الدم من جسده ، ليكوب وجهها الشاحب بالإرهاق بين راحتيه ، وصرخ بإنفعال مليئ بالإضطراب : انتي مجنونة .. وساكتة ليه كل دا؟ همست حياة بتهدج وأنفاسها ممزقة ، حينما أصبح الألم لا يطاق ، ممَ جعل قلبه ينبض بعنف أشد : الحقني انا بموت .. خلاص مش قادرة استحمل يا ب.. ابتلعت بقية جملتها ، وهي تصرخ ببكاء هيستيري ، وتجذب قميصه بعنف ، ليلتقط ذراعها لمساعدتها على النهوض ، وهو يسمع أحد الرجال يقول بحنق شديد : خدها علي المستشفي يا استاذ .. عيب كدا مش عارفين نتفرج هي فلوسنا حرام ولا ايه؟ زجره بدر بعصبية ، لكنه تجاهل الرد عليه بسبب حالة حياة التي يجب التعامل معها فورًا ، وهو يحملها بين ذراعيه ، لتشبك يديها المرتعشتين حول رقبته ، وتقضم شفتها بقوة وتتأوه من الألم الرهيب الذى يزداد. نظر بدر إليها بقلق ، بينما يغادر بأسرع ما يمكن ، هامسًا بلوم على نفسه : كان ايه سمعني كلامك و جابنا هنا .. ماتخفيش يا حبيبتي هتبقي كويسة استحملي شوية بس ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• فى احد المستشفيات : ها حصل ايه طمنا توقف بدر في مكانه ، ينظر إلى أخيه وزوجته التي كانت تحمل طفلها الصغير بين ذراعيها ، وهو يشعر بالعجز ، و قلبه يتمزق من القلق ، ليجيب بخوف شديد غير قادر على التحكم فيه ، وهو يشد خصلاته للخلف بتوتر : بقالها كتير جوا ومحدش عايز يطمني ربت جاسر على كتفه تعاطفًا ، محاولًا أن يطمئنه قائلاً بنبرة هادئة : ماتقلقش يا بدر ربنا يقومها بالسلامة ان شاء الله رفع كلتا يديه ، مغمغمًا في همس : يارب مرت لحظات قبل أن يسمعوا صوت صراخ الفتاة الصغيرة يدوي بصوت عالٍ حولهم تعلن قدومها إلى الحياة ، وبعد ذلك خرجت الطبيبة من غرفة العمليات ، ثم توجهت إلى بدر الذي ركض نحوها ، متسائلاً بلهفة : ها يا دكتورة .. طمنيني حياة كويسة؟ ابتسمت الطبيبة بإتساع ، وقالت بنبرة مطمئنة : الحمدلله مدام حياة بخير و زي الفل و الطفلة كمان ماشاء الله عليها قمر زفر بدر الهواء المحبوس في صدره براحة ، وتلألأت عيناه ، ليتمتم بفرحة عارمة : الحمدلله يارب ضحكت الطبيبة بخفة ، لتقول مازحة ، وهي ترفع يديها في الهواء : بس مراتك مابطلتش خطرفة جواه .. بالعافية كنا ماسكين نفسنا من الضحك .. علي العموم الف مبروك هي حالا هتخرج و تشوفها بنفسك ظهرت ابتسامة واسعة على فمه وهو يحك شعره ، قائلا بسرور مفعم بالإمتنان : دا العادي بتاعها .. متشكر يا دكتورة فور أن غادرت الطبيبة من أمامهم ، عانقه جاسر ، وتزين وجهه بأجمل ابتسامة ، وقال بفرح : الف مبروك يا ابو كنده هدأت ضربات قلب بدر براحة ، و رد بسعادة وعانقه بشدة : الله يبارك فيك يا ابو شادي ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• بعد فترة زمنية داخل غرفة حياة في المستشفى. فتحت حياة جفونها بالإرهاق ، وعقل مشوش بعض الشيء حيث كانت نائمة من التعب ، لتهمس بغير وعي محدقة في السقف : انا فين ؟ رفعت شذى رأسها ، وهي جالسة على أحد الكراسي ، وابنها نائم بين ذراعيها ، وقالت بضحكة مليئة بالدهشة : مالك يا حياة .. انتي ولدتي ما فقدتيش الذاكرة جلست بدر بجانبها على السرير ، وانحنى على رأسها بحنان مقبلاً إياها ، ثم همس بالقرب من أذنها : انتي معايا حبيبي حمدلله علي سلامتك ابتسمت له حياة بضعف ، وشبكت أصابعها بأصابعه في حب ، قائلة بنبرة مرهقة : الله يسلم قلبك تحركت حياة تنوى الجلوس في السرير ، ساعدها بدر على تصحيح وضع الوسادة خلف ظهرها ، ليجعلها أكثر راحة ، فزفرت حياة ببعض الألم في موقع الجرح ، قائلة بصوت ملهوف للقاء المولودة الجديدة : بنتي فين يا بدر؟ عايزة اشوفها رفع بدر يدها ، ووضع بداخلها قبلة عميقة مليئة بالعاطفة ، ثم رمش بعيون مشرقة بفرح ، ليقول لها بابتسامة : هيجيبوها دلوقتي يا روحى دخل جاسر الغرفة ، وهو يهتف بصخب ممزوج بمرحه المعتادة : حمدلله علي سلامتك يا مرات اخويا .. البنوتة طالعة امورة انا حجزتها لشادي بقولكم اهو تغيرت ملامحها الرقيقة إلى غضب وعدم تصديق ، بينما تزجره بعيون تطلق شرراً مخيفاً ، ثم هتفت بحدة ، أجفلت الجالس مقابلها الذي وخزته بخفة في كتفه : شوف اخوك يا بدر عايز يستولي علي بنتي وبيرسم مستقبلها وانا اللي امها لسه ماشوفتهاش حتي قمع بدر نوبة الضحك التى تصاعدت من داخله على ملامحها الشرسة ، ليرفع حاجبه الأيسر ، وصاح بغضب كاذب : ماتدخلش في بنتنا يا جاسر نهض بدر من بجانبها ، بينما ابتسامة اتسعت على شفتيه ، متجهًا نحو أخيه ، ليميل على أذنه ، محذرًا إياه بصوت هامس : دي ممكن تقوم تاكلك ما يغركش التعب اللي هي غرقانة فيه ووقتها انا مش مسؤل هز جاسر رأسه بالموافقة ، وكتم ضحكاته وهو يرفع ذراعيه مستسلمًا ، لتنظر إليهم حياة بتوجس ، ثم سألت باستياء : بتقولو ايه؟ نظر إليها بدر مرة أخرى ، يرسم الجدية على وجهه أمامها بصعوبة ، ليقول بكذب ، وهو يقاوم ابتسامته المرحة : بقوله يروح يشوف حساب المستشفي يا حياتي حدقت فيه بنظرة متشككة ، وهي تعقد ذراعيها على صدرها ، لتقول بإصرار : بدر هاتلي كنده بقي او انا هقوم اروحلها فور أن أنهت كلماتها دخلت الممرضة ، وابتسامة كبيرة على فمها وهي تحمل الطفلة ، لتقول بنبرة لطيفة : الانسة الصغيرة وصلت ختمت كلماتها وهى تضع الصغيرة بين ذراعي والدتها ، التي عانقتها بحنان على صدرها ، متناسية حرفياً من حولها ، ودموعها تنهمر في عينيها ، لتهمس بابتسامة مفعمة بالسعادة : اهلا يا قلبي قالت الممرضة بلطف قبل مغادرتها : حمدلله علي السلامة و الف مبروك تتربي في عزكو يارب انحنى بدر بحب بالغ ليقبّل جبين ابنته الصغيرة ، وهو يشعر بارتياح شديد ، لكن منعه من ذلك صوت حياة المتذمر بينما تبعد الصغيرة عنه بحماية : غلط يا بدر ماينفعش تبوسها في وشها الا لما تتم شهرين نظر بدر إليها رافعًا أحد حاجبيه ، ليقول بإستياء : يا ساتر عليكي .. هقعد شهرين محروم ابوس بنتي يا مفترية : معلش حبيبي دا عشان سلامتها .. بص ممكن تمسك ايدها الصغننه دي وتلاعبها من بعيد أنهت حياة جملتها ، و مررت يدها تلامس رأسها الصغيرة بحذر شديد ، بينما جلس بدر بجانبها بإستسلام ، يحيط بجسدها بذراع واحد ، ويقبل خدها بشغف ، بينما هى تتأمل بسعادة طفلتها النائمة ، التي لفت أصابعها الصغيرة جدًا على إصبع أمها ، لتهمس لها بصوت عذب حانى : بصيلي يا نور عين ماما يا روح قلب ماما اتسع بؤبؤ عينيه ، ونظر إليها بغيظ لأنها تتجاهله ، ليتمتم بكلمات غاضبة ومنفعلة جعلت ضحكها العفوي يتردد برقة : بالنسبة لأبوها احجزلو مكان علي الرف ولا ايه؟ رفعت يده إلى فمها ، ووضعت قبلة عميقة فى باطن كفه ، فتبخر غضبه فورًا قبل أن تهمس بنبرة تفيض بالعشق : دا روحي و عمري كله انبسطت أسارير وجهه بابتسامة ممزوجة بحب جارف لها ، وهو ينظر في عينيها المتلألئين بلونهما العسلي ليذوب في كل مرة يحدق بهم ، ثم غمرها فى أحضانه ، ليغمغم بحب كبير ، وقلبه يدق بطبول الفرح ، وثمة دمعة نزلت من عينيه حامدًا الله على ما لديه من نعم : ربنا يخليكو ليا يا قلبي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الثالث والثلاثون "الأخير" شبح حياتي و تمرُّ الأيام و حبّك ثابتًا بي و رغبتي بك كما هي لا ينزعها شيء تبدو كما عهدتك ، و كما آلفتك روحي حبيبي الوحيد الذي أشعر بالحياة معه فحسب. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بعد مرور سنوات دخل المنزل بعد عودته من العمل في فترة ما بعد الظهر ، وقع بصره على طفلته وقطعة من روحه ، جالسة على الأريكة أمام التلفزيون تشاهد فيلمها الكرتوني المفضل. بمجرد أن رأيته ، نهضت كندة البالغة من العمر ثلاث سنوات لتركض نحو والدها ، وشعرها البرتقالي المجعد يتطاير في الهواء من حولها ، وتنادي صوتها الملائكي الطفولي : بابي ثنى بدر جذعه ، واستقبلها أولًا ، قبل أن يرفعها إلى الأعلى ومعانقها بين ذراعيه ، بينما تطبع شفتيه قبلات متتالية على وجنتها وكفها الصغير ، قائلا بنبرة حنونة : عيون وقلب بابي .. نادو عاملة ايه؟ أجابته الطفلة وعيناها تشعان بالسعادة بعد أن أعطاها نوع الشوكولاتة المفضلة لها ، لتطبع قبلة كبيرة على خده : حلوة يا بابي قال بدر للفتاة بجدية ، يتخللها اللطف ، بعد أن أنزلها على الأرض : انتي سكرة بابا .. بس احنا اتفقنا تقولي الحمدلله لما حد يقولك عاملة ايه صح!! أومأت برأسها بخفة ، ثم تحدثت ببراءة : صح الحمدلله يا بابا سألها بدر ، وعيناه تبحث عنها في المكان : برافو .. فين ماما؟ ردت الصغيرة ببساطة مشيرة إلى الاتجاه الآخر : في المطبخ اتسعت ابتسامته الجذابة ، ليقول بسرعة : طيب الحقي المشهد اللي بتحبيه شغال التفتت كندة على الفور إلى التلفاز ، واتسعت عيونها بحماس ، وهي ركضت نحوه دون تعليق ، فضحك بدر بخفة بينما يشكر الله سرًا على نعمته وفضله عليه. ★★★ داخل المطبخ أغمضت عينيها حين إلتقطت أنفها في العمل رائحة عطره الرجولي الذي انتشر في الهواء ، وقالت بابتسامة خلابة : حبيبي وقف وراءها حتى التصق ظهرها على صدره ، ثم أردف في أذنها مستسلمًا من عدم قدرته على مفاجأتها مثل كل مرة : من ريحتي برده؟ وضعت حياة مرفقيها على ذراعيه حول خصرها ، ورفعت رأسها إليه ، لتغمغم : طبعا .. وحشتني اوي أغمضت عينيها بابتسامة ، حينما فاجأها بقبلة على خدها ، قائلاً بحب : وانتي كمان يا قلبي سأل بدر وهو يبتسم باهتمام : اخبار زعبولة ايه؟ نظرت حياة إليه من زاوية عينيها ، و دمدمت بحنق : ماتقولش علي ابني زعبولة شدَّد بدر عناقه ، مُقبلاً خدها مع كل كلمة ينطقها باستفزاز صبياني وغضب : محموقة اوي كدا ليه ؟ طب زعبولة .. زعبولة لكمته حياة بخفة بمرفقها في صدره حتى يبتعد عنها ، قائلة في سخط : يا رخم .. حاسب كدا .. الاكل هيتحرق ضحك بدر بخفة ، متجهًا إلى المغسلة ، وفتح الحنفية لغسل يديه جيدًا ، ثم اقترب منها ، وهو يجفف يديه بمنشفة صغيرة ، ليأخذ طبق سلطة على المنضدة الرخامية ، ويلتهمها بشهية واضحة. حملقت إليه حياة بذهول من فوق كتفها ، وسألته بابتسامة حنونة : انت جعان اوي كدا؟ رفع بدر عينيه عن الطبق ، ليسلط بصره على شفتيها المغريتين دون إجابة ، واقترب منها بخطوات متمهلة ، وخفض رأسه ، واطبق شفتيه على شفتيها ، بينما يهمهم بشغف بين قبلاته. فصل القبلة على مضض بعد أن شعر بضربات خفيفة على كتفه ، لتهمس بتهدج ، وعيناها ما زالتا مغلقتين : روح غير هدومك علي ما اخلص الاكل وضع بدر أنفه على أنفها الصغير ، وهمس أمام شفتيها بصوت أجش : جاسر ومراته طالعين ورايا نتغدي سوا و نتفرج علي الماتش أومأت حياة بالموافقة ، وهي تتنفس بعمق لتهدئة خفقاتها المجنونة من قربه ، بينما يميل جبينه على جبينها ، قاطعًا هذا الهدوء صراخات طفولية جاءت من عتبة المطبخ : بابي .. عمو بيقولك تعالي فورن حدق بدر في طفلته ، وعيناه جاحظتين ممَ قالت ، ثم أشار إليها بيده ، قائلا في عدم تصديق : قربي هنا يا بنت .. قولتي ايه؟ ابتسمت كندة بخجل برئ ، وهي تشبك كلتا يديها تحت ذقنها ، ثم ركضت للخارج لتلعب مع أبناء عمها. استدار بدر ناظرًا إلى حياة التي كانت تقف إلى جانبه ، تكتم ضحكاتها بكفها ، ويدها الأخرى ممسكة بطنها البارز ، ليصيح بنبرة مندهشة : بنتك بتقول فورن وانتي بتضحكي؟ ضحكت حياة بشدة على ملامحه المصدومة تمامًا ، ثم غلغلت أصابعها فى شعره الفحمى بنعومة ، لتوضح قائلة ابتسامة واسعة : انت ليه مستغرب كدا يا حبيبي .. عادي جدا انا لما كنت قدها ماكنتش بعرف انطق كلام كتير صح وبعدين بقيت لبلب رفع بدر أحد حاجبيه بابتسامة ماكرة من زاوية فمه ، ثم نثر خصلات شعرها بمشاكسة ، و قال بإستفزاز : هتقوليلي انا شاهد علي كدا دفعت حياة يده بحنق طفولي ، ليضحك بصخب ثم يميل نحوها ، ويقبل شفتيها بسرعة قبل أن يغادر المطبخ ، لينضم إلى أخيه في الصالة. ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• فى المساء خرجت حياة من غرفة ابنتها ذات الرأس العنيدة التى لا ترضى أن تغفو ، الا اذا جعلتها تلعب على الحاسوب المحمول الصغير قليلاً. : نمت ننه .. طب والحب اللي بينا مش هتكلمني سيكة .. مش هدلعني سنة .. فوقلي حبه .. دا انا اوفر دوس محبة .. ومشاعري لسه شابة .. والنار في القلب شابه.. وقفت تغني بغنج وعذوبة أمام المرأة في منتصف الصالة ، تتفحص مظهرها الذي كان مختلفًا بعض الشيء عن السابق ، حيث زاد بريق شعرها ذو اللون المميز الذي ورثته ابنتها منها. قامت حياة بتقصيره إلى حد ما ، فأصبحت أكثر فتنة وأنوثة ، وترتدي فستانًا طويلاً من الساتان الأزرق الداكن براق يتدلى بهدوء إلى الأسفل دون أكمام ، ممَ يبرز بطنها المنتفخ قليلاً. توجهت حياة إلى مكتب بدر ، ثم ولجت بهدوء لتراه يقف بجانب مكتبه ، بينما كان يتحدث بجدية في الهاتف ، و يدير ظهره لها. تشكلت ابتسامة لئيمة على شفتيها ، وهي تتسلل على أطراف أصابع قدميها ، لتجنب إصدار صوت في اتجاهه ، وهى ترمقه بنظرة شقية. بينما يمسك بدر ورقتان في يده ، ويتحدث بتركيز وجدية مطلقة ، غافلاً عن خطتها الشيطانية التي رسمتها في ذهنها ، وهي تنظر إليه عن كثب بهيام وإعجاب شديد. اقتربت حياة منه بشدة ، وشبكت أصابعها ببعضها البعض وقضمت شفتيها حتى لا تفلت ابتسامتها وتصدر صوتًا ، ثم رفعت يدها بسرعة ، وسارت بأصابعها فى خفة على رقبته من الخلف تحت قميصه ، أرسلت إليه دغدغة لطيفة ، فإنتفض مبتعدًا عنها ، واستمر في حديثه ببعض التوتر ، ناظرًا إليها بطرف عينه : ها .. ايوه معاك يا فندم.. رفعت حياة إصبعها مرة أخرى ، ومررته على ذراعه ببطء مثير ، ليحرك بدر كتفه ، حتى ترفع يدها ، لأن حركتها الخفيفة التي تشبه حركة جناحي الفراشة ، تشعل مراجل النار بداخله ، وتلهب جسده بالإثارة ، لتكمل ، غير مكترثة ، بنظراته التحذيرية ، بينما يتحدث بصوت أجش : لا كله تمام .. ماتقلقش.. انتزعت حياة الأوراق من يده ، وألقتها بعيدًا ، بإبتسامة منتصرةً ، حين علمت تأثره بلمساتها التي شتته رغماً عنه. نظف بدر حلقه محمحمًا ممَ جعل صوته ثابتًا أثناء حديثه إلى العميل : علي ميعادنا هشوفك يوم الجلسة أنهى بدر جملته ، وبرزت شفتيه إلى الخارج ، لتتأفف بضجر من لامبالاته تجاهها ، وثباته في جديته الاستفزازية ، لويت خصلة من شعرها بين يديها ، ووضعتها كشارب على فمها ، في الوقت نفسه ، وضعت إصبعها على ذقنه لتجعله ينظر إليها. حرك بدر وجهه بعيدًا عن نطاق أصابعها ، بينما يدير رأسه إليها ، وهو يبعد الهاتف عن أذنه ، ويهمس لها بحنق ، لتنظر إليه بعيون شبه مغلقة من دثرها للضحك بشماته : و بعدين معاكي يا حياة دي مكالمة مهمة؟ استدار بدر للأمام مرة أخرى ، يستمع إلى الطرف الآخر بنصف عقل فقط ، فى حين أنها لم تستلم ، بل استمرت في مشاكسته بإصرار ، وهي تلف ذراعيها حول خصره ، وتجذبه من القميص حتى يدنو إلى مستواها ، محاولة تقبيله بصعوبة بسبب بروز بطنها. قاوم بدر حركاتها ، وهو ينظر إلى الهاتف بيأس ، بينما يمسك راحة يدها ، ممَ حد من أفعالها التي جعلته مستثار بشدة ، فقال بسرعة دون الاستماع إلى ما يقوله الآخر : خلاص بقي .. اطمن انا مجهز الاوراق رفعت حياة ذراعيها ، وعقدتهما حول رقبته ، بعد أن وقفت أمامه ، ليرفع بدر رأسه لإبعاد وجهه عن متناول شفتيها التى تنثر عليه قبلات متفرقة. هبطت حياة نحو تفاحة آدم البارزة ، تمرر أنفها عليها بإغواء ناعم ، ممَ تسبب في فوران الحرارة داخل عروقه بسرعة مثل الحمم المشتعلة ، ليتمتم على الفور ، منهيًا تلك المكالمة : مع السلامة بلا مبالاة ، ألقى الهاتف على المكتب خلفه ، وطوق ذراعيه حول خصرها ، وسأل بصوت مرتعش من الإثارة ، مشوبًا بالغيظ : ايه بقي اللي بتعمليه دا؟ رمشت حياة عدة مرات متتالية قائلة ببراءة ممزوجة بالدلال : ماعملتش حاجة .. كنت بدلع عليك شوية .. عايزاك تقولي كلام حلو يا بدر اتسعت عيناه ورفع حاجب واحد ، حالما نطقت جملتها الأخيرة ، ليغمغم بذهول : نعم؟ ضربته حياة بخفة في صدره ، مدمدمة بصوت غاضب : ايه اللي نعم !! قولي كلام حلو وضع بدر قبلة عميقة على جبهتها ، ليهمس بهدوء قبل أن يتحرك للجلوس خلف مكتبه : ربنا مايحرمنيش منك ويهديكي يا حبيبتي نظرت حياة إليه بعيون واسعة من الغضب ، بينما تلوح بيديها تجاهه وتصيح بسخط : ايه دا يا عم انت هو والدتك ؟ : بحبك يا مانجتي قالها بدر بصلابة زائفة ، وعيناه ما زالتا معلقة على الأوراق بين أصابعه المرتعشة من تأثيرها عليه ، لكنه سيطر على نفسه ، متظاهرًا بأنه غير مبال. قوست حياة شفتاها بضيق ، وأردفت احتجاجًا : دي علي طول في بوقك حفظتها .. قولي حاجة غيرها وجديدة أنهت حياة كلماتها ، وهى تتقدم بسرعة ، لتجلس على قدميه ، وعانقت رقبته بابتسامة مدللة ، ليطوقها بذراع واحد ، وأغمض عينيه قبل أن يغمغم بين أسنانه : اهمدي يا حياة .. عايز اركز في القضية دي مهمة جدا همست حياة بغنج وهي تمسّح شعره ، وتغلغل أصابعها بين خصلاته السوداء ، وتقبّل بنعومة طرف أنفه : ماليش دعوة قولي كلام حلو .. انت مابقتش تقولي حاجة أغمض بدر عينيه مخدرًا مستمتعًا بلمساتها السحرية ، وهمس بلا وعي : اقول حاجة زي ايه؟ صاحت حياة وهي تشهق قبل أن ترفع رأسها عن رقبته ، لتنظر في عينيه بعبوس طفولي : هار اسمر عليا يا راجل .. كمان عايزني اغششك .. اومال راح فين كلامك اللي كنت بتقوله اول جوازنا!! عقدت حياة حاجبيها بنظرة حانقة ، ليجيبها بمكر محنك : يعني معترفة اني قولت اهو؟ برمت حياة شفتاها المرتعشتان ، ودموعها تتدفق بهدوء واحدة تلو الأخرى على خديها ، لتقول بصوت باكي أجش : لا خلاص انت بطلت تحبني يا بوده بقيت ام العيال وبس لمس بدر بإبهامه خدها المبلل ليتنفس بعمق ، ممزوجًا بعطرها الرائع ، ليقبل عينيها ، ثم أنفها الدقيق ، تزامناً مع نطقه بهوادة لا تخلو من الاستنكار بسبب كلماتها الحمقاء : يخربيت الهرمونات وسنينها .. انتي دنيتي كلها يا حياة من غيرك انا ماعرفش اعيش ومش عايز اعيش اصلا لو انتي مش معايا أنهى بدر حديثه بابتسامة عاشقة مصحوبة بنظرة حنونة ، ليتلقي منها ضربة خفيفة للغاية على صدره ، بينما ترمش عدة مرات ، تزيل الدموع بأهدابها ، ثم نظرت عن كثب إلى عينيه الشغوفين ، لتسأل بقلب يهدر بجنون بسبب تأثيره عليها : ما انت بتعرف تتكلم اهو .. اومال ليه اوقات بتكون زي ابو الهول؟ أجابها بدر بينما تأسر عدساته البنية عسليتها بعمق : يا عمري دا الطبيعي انا راجل شرقي وانتي ست مصرية اصيلة مش الكلام الحلو هو اللي يثبتلك حبي ليكي غرست حياة وجهها بجانب رقبته ، وتسللت أطراف أصابعها بشكل مغر ، مداعبة صدره فوق القميص ، ممَ جعل خفقات قلبه تتسابق بجنون ، بينما جاء صوتها المغري بصوت هامس شقي مليء بالشوق : اومال ايه يثبته يا سيادة المحامي .. قدم برهانك و ادلتك .. شكلك بقي وحش اوي قدام السادة المستشارين و القاضي : تعالي قالها بدر بصوت هامس ، ثم نهض ليرفع جسدها بين ذراعيه ، وسرعان ما شبَكت يديها خلف رقبته مستفسرة بدهشة : موديني علي فين؟ تراقصت ابتسامة ماكرة على فمه ، بينما يغادر المكتب ، هامسًا بعذوبة وهو يفرك أنفه على منحدر أنفها بشغب : هبرهانلك كلامي بالاثباتات الملموسة ضحكة مدوية صدرت عنها هزت غرفة النوم بعد أن دخلها ، وأغلق الباب بقدمه. تمتمت حياة بابتسامة لعوب مغموسة بدلال أفقده صوابه ، وهو يضعها برفق على السرير : لا دي كدا هتبقي قضية تحرش واعتداء علي انثي في سرير الزوجية وهتورط نفسك رقد بدر بجانبها على الفراش ، فإندثرت بين ذراعيه تطوق خصره بذراع واحد ، وتسند رأسها على صدره ، لتستمع إلى دقات قلبه تتلاحق بجنون. نظر بدر إليها ورفع حاجبه الأيمن ، ليقول بمكر : بقيتي خبرة في القانون مررت حياة يدها على ذراعه ، وهي تلمسه بنعومة ، ثم أغمضت عينيها ، لتضحك بخفة قائلة بشقاوة : طبعا دا انا بقيت اشطر من المحقق كونان يعني احتمال انافسك في شغلك رفع بدر ذقنها بأطراف أصابعه ، ليلتقي بالعسل المشع فى عينيها بعينيه اللامعتين في شغف ، قبل أن يحني رأسه نحوها ، ويقبل شفتيها بتمهل مثير ، ممَ تسبب في اشتعال حرارة جسدها لتقول بتفاجئ ، ومازالت تغمض جفنيها : ايه دا؟ همس بدر أمام شفتيها بحرارة ، بينما صدره يرتفع وينخفض ، وهو يحدق بها بحب وأنفاسًا لاهثة ، ليضع جبهته على جبهتها : اتعابك يا قلبي .. ايه مش عجبك؟ ختم بدر كلماته بسؤال ماكر ، بينما يقترب منها حتى اختلطت أنفاسهما ، لتهمس حياة له بخبث ، تتلاعب به بشقاوة ، متزامنة مع صعود أصابعها وهي تداعب فكه : بدرى .. مش قولت ان عندك قضية مهمة ولا نسيت كلامك؟ تشدق صدغه بجانبية ، مدركًا أنها تتلاعب على اوتاره بغنج ، لذلك لف يده حول مؤخرة رقبتها ، مانعًا إياها من الابتعاد ، ليهمس بخبث : بسبب دلعك ضاع مني تركيزي فيها عشان اقولك كلام حلو .. انا بقي هوريكي اني رجل افعال لا اقوال تمتم بدر بنبرة عميقة ، وبحة رجولية مهلكة ، تكاد تسمع من فرط شوقه ، اهتز كيانها لها ، لتتسع ابتسامة جميلة على فمها ، وتتبادل الهمس معه بنبرة رقيقة عاشقة : يا حبيبي انا مصدقاك .. بس الانسان احيانا بيبقي نفسه ودانه تسمع صوت حبيبه وهو بيتغزل فيه .. مش كتير عليا ولا حرام غمغم بدر بخشونة ، وهو يلوى شفتيه ، ويقاوم ظهور ابتسامته المرحة : لا ما لازم تختاري يا افعال يا اقوال داعبت حياة أنفها بأنفه فى مشاكسة ، لتهمس بينما تعض شفتها السفلية بإغراء مثير : الاتنين يا روحي ربت على خدها بإصبعه فى لطف ، وهو يضحك قائلاً بنبرة استفزازية ومتعجرفة : لالا مافيش حد بياخد كل حاجة ضربت حياة صدره وهدرت في غيظ ، وهي تستقيم في جلستها : كدا يا بدر ابعد عني تجمد بدر للحظة بعد انقلابها السريع ، وارتفع بجذعه ، وتمتم بنبرة مليئة بالصدمة : ايه يا مجنونة .. اهدي بس و اسمعي زمت حياة على شفتيها بعبوس لطيف ، وقالت برفض وهي تحرك كتفها العاري بعيدًا عن متناول فمه ، بينما كان يميل إليه ، لتقبيله برقة : لا أدار بدر وجهها حتى تتمكن من النظر إليه ، مضيفًا ابتسامة مهلكة مرسومة على ثغره : حياتي الكلام سهل بس من افعالي انتي بتحسي بإهتمامي و حبي ليكي كدا ولالا؟ أومأت حياة برأسها بالموافقة ، دون أن تقول أي شيء ، ليمد ذراعه حولها مرة أخرى ، وأغمض عينيه وهو يأخذ نفسًا عميقًا ويخرج زفيرًا بهدوء ، ثم تمتم بتريث : حقك عليا عارف اني مقصر في الكلام .. بس صدقيني صعب عليا اترجم مشاعري ليكي وسعادتي معاكي في كام كلمة رفعت حياة كفيها لتضعها على جانبى عنقه ، ولفحت أنفاسه بحرارة وجهها ، ثم استأنفت حديثها بابتسامة سلبت قلبه : علي فكرة انا كنت بنكشك .. من نظرة عينك ليا بشوفني جواك و من لمستك ليا بحس بحبك ليا حتي لو لسانك دا مانطقش أنهت كلماتها بصفعة خفيفة على خده بشقاوة ، فأجابها بصوت منخفض يغازلها : بموت فيكي يا مانجتي اقترب بدر منها من جديد حتى اصطدمت أنفاسهما ، عازمًا على تقبيلها ، فأشاحت وجهها إلى الجانب الآخر بضحكة مفعمة بالدلع ، ممَ أشعل مشاعره أكثر ، لتقول بإصرار : ماتثبتش برده بالكلمتين دول .. لازم ولابد تفضل تقولي كلام حلو قال بدر بنبرة مغتاظة ، جعلتها تضحك عليه بخفة : برده !! انتي زي القطط بتاكلي و تنكري .. تعالي هنا انا هتعشى بيكي انتي الليلة دي اقترن كلماته ، مبتسمًا بشغف وهو يقترب من جانب فكها طابعًا عليه قبلة حارة ، ممَ جعل ابتسامتها تتألق فى رضا و السعادة تتراقص في عينيها ، لتغمغم بنبرة شغوفة ممزوجة بالعشق : في مكتب قلبي مافيش مواكلين غيرك .. لذلك انت مضطر تستحمل يا متر المرة دي انا بتوحم عليك انت ★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••• تململت حياة بإنزعاج أثناء نومها بسبب ارتفاع صوت أختها فوق رأسها ، فتحت عينيها ببطء في حيرة ، لتتمتم بصوت ناعس : ميساء.. : ايه اللي جابك هنا؟ سألت حياة بدهشة ، وهي تنهض بجذعها متكئة على ظهر السرير ، فصاحت ميساء بنزق ، وألقيت عليها إحدى الوسائد في غيظ : يا قليلة الذوق .. مش هتبطلي الدبش بتاعك دا .. يعني دا جزاكي اني جيت اطمن عليكي من اسكندرية و سبت حازم مع العيال مدبس فيهم لوحده و... ضاقت عيون حياة في نهاية حديث أختها بسبب عدم فهمها لما تقوله ، وانزعجت ملامحها لتقوم بالإشارة إليها حتى تصمت ، لتصيح في استياء ، وهي تلتقط الوسادة وتضعها جانبًا : بس بس .. ايه انتي بالعة ناشرة علي الصبح .. هي كنده صحيت؟ استفسرت حياة بينما تتثاءب بخفة ، لترفع ميساء حاجبيها وسألت بتعجب : كنده دي تطلع ايه .. مش واخدة بالي؟ حركت حياة رقبتها ببعض الألم ، لتقول بملل : انتي شاربة حاجة علي الصبح يا ميسو؟ كنده بنتي.. أشارت إلى نفسها بإنشداه ممَ قالته أختها عن أشياء غريبة ، قائلة بتبرم : انا اللي شاربة حاجة .. بنتك ايه جبتيها امتي و ازاي يعني وانا معرفش؟ انقبض قلبها بشدة ، وثمة شعور غريب يراودها ، لكنها تجاهلت ذلك ، وضغطت على شفتيها بإستياء ، وزأرتها بحدة ، وهي ترفع عنها الغطاء عازمة على النهوض : ميساء .. خلاص بقي .. ارحميني من هزارك .. مش فايقالك لازم افطر كنده قبل ما اوديها الحضانة حدقت بها ميساء بنظرات مستنكرة ، بينما لم تنتبه لها الآخرى ، لتستقيم وتلبس خفها ، وهى تسأل بصوت خفيض وكأنها تتحدث مع نفسها : هو بدر فين كمان .. ازاي ينزل من غير مايصحيني؟ كانت حياة على وشك التحرك ، لكن أختها منعتها عندما اقتربت منها بسرعة ، ووضعت ظهر يدها على جبين الآخرى ، مستفسرة بقلق : حياة مالك يا حبيبتي انتي سخنة ولا ايه؟ : مين اللي بتكلمي عنهم دول؟ أردفت في بغرابة مشوبة بالتوجس ، حينما ابتعدت حياة عنها ، وتجعدت ملامحها في غضب لاعتقادها أنها تمزح معها كالمعتاد. عبست حياة بضيق ونفخت خديها ، لتقول بنبرة مرتجفة بعض الشيء : بنتي و جوزي هيكونو مين يعني .. انتي قلقتيني بجد هروح اشوف كنده؟ أنهت كلماتها سريعًا وهي تمشي بخفة خارج الغرفة. ضربت ميساء كفًا على كف ، وهى تتبعها بعيون ضيقة ، لتقول بغرابة : بسم الله الرحمن الرحيم .. بتقول ايه البت دي لا تكون مبلبعة حاجة بجد..؟ ركضت ميساء وراءها ، بينما حياة تنادى بابتسامة : نادو .. حبيبة مامي.. اختفت ابتسامتها فجأة ، وهي تهتف في سؤال ، وتحول عينيها يمينًا ويسارًا بنظرات قلقة ، تسعى معرفة ذلك المكان غير المألوف بالنسبة لها : ايه دا .. انا فين؟ اتسعت عيناها بعدم تصديق ، حينما جاء صوت أختها المذهول من الخلف : سلامة عقلك يا حياة دي شقة بابا هتكوني فين يعني؟ عقفت حياة حاجبيها تساءل ، لتقول بصوت حائر : ازاي جيت هنا و الشقة مقفولة من يوم ما اتجوزت؟ نظرت إليها ميساء بصدمة وعيناها جحظتان ، وعجز لسانها للحظة الرد ممَ جعلها تتنفس بعمق ، و تصيح بذهول : لا اله الا الله .. ماتخوفنيش عليكي بالله عليكي .. جواز ايه يا بنتي؟ همست حياة بأمل وهي تتجه عائدة إلى الغرفة بحثًا عن هاتفها : انا هكلم بدر.. هتفت بحدة ، بينما كانت تعبث بالهاتف ، بنظرات غاضبة : مين مسح رقمه من الموبايل؟ ضغطت حياة على عدة أرقام بسرعة ، تدل أنها تحفظها جيداً ، لتشعر بهزة قوية أصابت أوصالها ، وكاد قلبها أن يخلع من قوة ضرباته ، حتى اندفعت دموعها بغزارة لا إراديًا ، قائلة بصدمة : الرقم غير موجود بالخدمة ختمت كلامها بالركض نحو باب المنزل ، لتصرخ ميساء بسرعة حينما رأتها تخرج في بيجامة النوم : يا حياة .. رايحة فين؟ أدارت حياة رأسها ، محدقة فيها بأعين تطلق شررًا ، وهى تصيح بنبرة باكية فى انزعاج كبير : دا مقلب تقيل والله ماهسامحكو عليه .. انا هوريكو ازاي تضحكو عليا زمجرت بوعيد في نهاية حديثها ، ثم هرولت بخطوات سريعة ، لتقف أمام منزل بدر وهي تلتقط أنفاسها ، ثم قالت بنبرة عالية : بدر .. يا بدر افتح بسرعة .. افتح انا متأكدة انك جوا : حياة مايصحش ال... لم تستطع إكمال جملتها حالما فتح الباب ، لتظهر فتاة صغيرة ذات شعر أسود ، لترفع رأسها إلى حياة ، التي بمجرد أن رأتها حتى انبسطت أسارير وجهها فى ارتياح ، لتجلس على ركبتيها أمامها معانقة إياها بقوة ، قائلة بلهفة : كنده .. حبيبة ماما .. قلبي .. شدتها بعيدًا عنها قليلاً ، وطوقت رقبتها براحتيها ، متسائلة بدهشة مليئة بالغضب : مين عمل فى شعرك كدا .. تعالي .. فين بابا؟ رفعتها بين ذراعيها في نهاية كلامها ، لتهتف الطفلة ببراءة ممزوجة بالفزع من طريقة حياة معها : انا مش اسمي كنده .. انا مايا .. حضرتك تعرفي بابي؟ اتسعت عيناها بصدمة عند سؤال الطفلة ، لتقنع نفسها بأنهم قاموا بإقحامها بالتأكيد إلى تلك اللعبة السخيفة ، لذلك انتفخت خديها في استياء قائلة بنبرة لطيفة : يوووه يا كنده .. اسمعي لو قولتيلي الحقيقة وعد مني مش هزعل منك .. هخاصمهم كلهم وانتي لا .. يلا قوليلي بابا عامل مقلب فيا صح؟ تمتمت كلماتها الأخيرة بخفوت ، وهي تبتسم بحب إلى وجهها البريء ، تحت أنظار ميساء التي عجزت عن فهم عن ما تقوله أختها. انقطع حبل أفكارها بصوت أنثوي قادم من الداخل ، يقول بنبرة منزعجة : مايا .. فتحتي لمين المرة دي يا شقية؟ امتلأت عيون حياة بالدهشة ، لتهمس بصوت مصدوم : اميرة!! ابتسمت أميرة وقالت بلطف ، وهي تأخذ الطفلة من حضن حياة ، لتنزلها تقف على الأرض : صباح الخير .. انتو جيرانا اكيد .. اتفضلو جوا جاء صوت عال من الداخل مستفسرًا : واقفين علي الباب كدا ليه يا اميرة؟ تجمدت حياة في مكانها للحظة ، حينما رأته مرتديًا بيجاما ، و جاء يقف بجوار أميرة ، لتتمتم في عدم تصديق : بدر.. رفعت أميرة كتفيها ، وأجابت بيأس : ابدا بنتك كالعادة بتجري علي الباب زي المغناطيس تفتح ابتسم بدر بخفة ، يهز رأسه بقلة حيلة ، ويقبل خدها ، ليقول بحب ممَ جعل قبضة مؤلمة تضغط على قلب من تقف بعجز تام عن فعل أي شيء : معلش يا حبيبتي .. صباح الخير زمجر بدر وهو يلتقط الفتاة الصغيرة ، ويرفعها بين ذراعيه ، ويشد طرف أذنها بابتسامة لطيفة ، ممَ يجعلها تضحك بصوت صاخب : تعالي هنا يا عفريتة هاكل ودانك تجعد جبينه مندهشا ، ناظرًا إليهما ، ليقول بلباقة بينما يميل قليلاً إلى الجانب : مايصحش الوقفة علي السلم .. اتفضلو افطروا معانا.. أما هى تقف صامتة ، لكن عقلها يدور مثل المكوك في متاهات مظلمة؟ هل كان كل شيء تعيشه معه مجرد حلم استيقظت منه؟ هل هذا الرجل هو ذاته حبيبها الذي كان يعاملها دائمًا كزجاجة سحرية يخاف عليها من الكسر ، كى لا يتناثر سحرها و يذهب بعيدًا عنه؟ هل أصبحت كل ذكرياتها معه مجرد وهم ، اختفى مع هذا السحر ، وعادت إلى واقع لا علاقة فيه تجمعه بها؟ هزت حياة رأسها بشكل هستيري ، والألم مرتسمًا في عينيها الممتلئة بالدموع ، ثم قالت بصوت ضعيف يرتجف : لا لا انا اكيد بحلم .. لا دا كابوس وانا هصحي منه .. مستحيل كل دا كان مجرد .. حلم ★★★ همس باسمها بقلب مرعوب بالقرب من أذنها ، محاولًا إيقاظها وهو يدفع شعرها المبعثر على وجهها خلف أذنها : حياة .. حبيبتي .. اصحي يا حياة هز جسدها بلطف وضرب على خدها برفق لإيقاظها ، لكنها لم تستجب له ، فقط تململت في نومها ، وتنطق ببعض الكلمات غير المفهومة : لا .. انا مش بهلوس .. مش بهلوس .. يا بدر كرر بدر نداءه لها بصوت أعلى وإصرارًا اكبر ، وقلبه يهدر بقوة بين ضلوعه : حياة .. فيكي ايه .. اصحي .. انتي بتحلمي؟ نجح بدر في النهاية ، وفتحت حياة عينيها رويدًا رويدًا ورؤية ضبابية ، ثم رفعت يديها تلمس خديه ، وهي في حالة ما بين الغفلة واليقظة ، لتهمس بخوف : بدر .. انت معايا حقيقي؟ هبت حياة تجلس بفزع مع نطقها كلماتها الأخيرة ، وهي تمرر عينيها في جميع أنحاء الغرفة ، وأصبحت الرؤية تدريجيًا واضحة لها ، لتزفر بإرتياح حالما تأكدت من وجودها داخل غرفة نومها وأن كل شيء في مكانه. صاح بدر بذهول مملوء بالدهشة : انتي اتهبلتي يا حياة .. هو ايه اللي حقيقي؟ نظرت حياة إليه ، وعيناها تفيضان بدموع الفرح ، ثم أجابت بتقطع في رعب حقيقي : انا .. شوفتك .. كنت ب.. بترت كلماتها ، وألقت جسدها بين ذراعيه ، وعانقته بشدة ، ليربت على ظهرها وشعرها بخفة ، قائلاً بصوت دافئ : خدي نفسك بشويش و اهدي انا معاكي اهو بشحمي و لحمي فجأة حياة دفعته بعيدًا بحدة ، وهى تزجره بنظرة ساخطة جعلته ينظر إليها بغرابة تامة ، بينما جلست حياة على ركبتيها فوق السرير أمامه ، ثم زمجرت في وجهه بتأنيب : كنت معاها .. واقف جنبها و بتبوسها و كنده كان اسمها مايا و راحت لحضنها ومعرفتنيش رمش بدر عينيه عدة مرات قائلا بغير استيعاب : بتكلمي عن ايه؟ سكت لوهلة قبل أن ينفجر من الضحك بصوت عالٍ ، حينما هدرت أخر كلماتها بإنفعال ، وهى تلهث بقوة من سردها لذلك الكابوس المزعج ، ليقول من بين قهقته : مش قادر .. بطني وجعتني من كتر الضحك رفعت حياة حاجبها في استنكار ، وابتسمت بغضب ، ثم همست بضيق : بتضحك عليا يا بدر؟ انفرجت شفتاه بابتسامة سعيدة مشاكسة ، وبصره يسقط على بطنها المنتفخ : اصل صعب انك ماتلاحظيش بطنك اللي قدامك .. دي اكبر دليل علي ان مجهودي طول السنين اللي فاتت معاكي كانت حقيقة وواقع عيشتيه معايا بتفاصيله المملة يا مانجة ارتفعت الحرارة على خديها المتوردتين ، لتشيح عينيها عنه ، قائلة بتذمر أخفت إحراجها وراءه : اخرس يا بدر .. اخرس بدل ما اكسر الاوضة فوق راسك .. مش كفاية عملتك السودة تجعدت ملامح بدر دون رضى ، وصاح في سخط ممزوج بالتعجب : انا ذنبي ايه ؟ دا عقلك الباطن اللي صورلك الخزعبلات دي يا مجنونة وضعت حياة يديها على صدرها في محاولة لتهدئته ، ثم قالت بتنهيدة : ماتفكرنيش كان فضلي تكة و اجنن بجد انبسطت اسارير وجهه ، ثم تحدث بطريقته المهدئة ، وهو يربت على شعرها بحنان : اهدي يا روحي .. شوفتي بسبب انك تقلتي في الاكل امبارح .. انا هروح المكتب متأخر أنهى كلماته ، وهو يرفع بصره إلى ساعة الحائط ، لترمي جسدها فوقه فجأة ، ممَ جعله يستلقى على ظهره ، بينما تشبثت به بإحكام ، لتهمس بصوت ضعيف فى رفض : لا خليك معايا يا بدر .. انا محتاجلك جنبي عشان خاطري ربت بدر على ظهرها بكفيه ، مستفسرًا بخبث ، وهو يضع أنفه بين شعرها ، مستنشقًا رائحة شعرها الجميلة : لدرجة دي بتحبيني؟ ضربته حياة على صدره بخفة ، لتغمغم بصوت مليء بالعشق ، ثم قامت من فوقه : انا بتنفسك يا غبي .. قلبي كان هيقف من الرعب بسببك يا بارد أمسك بدر بيدها ، وعضها بخفة ، وهو يتكلم بمشاغبة : ايدك تقيلة يا مانجتي وأضاف بنبرة تفيض بمشاعره القوية التي تزداد معها يوميًا ، وهو يمرر كفه على بطنها البارز ، لتشعر بالفراشات تحوم حول قلبها : بعشقك وانتي وولادنا حياتي كلها : يا مامي .. ركضت الطفلة بحماس وهي تقفز بين ذراعيها ، لتهتف حياة بلهفة وسرور بعد أن دفعت بدر عنها ، وفتحت ذراعيها لابنتها الصغيرة : نادو روح قلبي.. صاح بدر بإعتراض ، حالما خرجت من حضنه ، قائلاً بصدمة لا تخلو من الاستنكار : بعتيني في لحظة يا ندلة لم تهتم حياة بكلامه ، وقبّلت خد كنده الناعم بقوة ، وانتقلت إلى خدها الآخر ، وقبّلته أيضًا ، ثم ردت بابتسامة حنونة : صباح العسل يا روحي .. بت يا كنده اوعي تفتحي الباب لحد خالص فاهمة أنهت كلماتها التحذيرية بجدية ، ليضحك بدر بصوت مرتفع ، قائلاً بسخرية تامة : اها يا حبيبتي .. لا تيجي وحدة تخطفني من امك صرخت حياة في تذمر : بدر!!! صفقت كندة يديها بحماسة طفولية ، مرددة ببراءة : خليها تخطفني معاك يا بابي زي الافلام هتفت حياة بعبوس بعد أن جحظت عيناها بصدمة ، وهى تلمح ابتسامته الماكرة ، لتسطح كندة على ظهرها ، وتدغدغ بطنها بخفة وبسرعة : يا بنت الجزمة .. مش هسيبك هقطعك زغزغة بتتحدي مع ابوكي ضد امك : مالو ابوها يا هانم مش عجبك!! دمدم بدر بحنق ، ناظرًا إليها من زاوية عينه ، بالتزامن مع قفزة الفتاة الصغيرة ، التي رنّ ضحكها المبتهج فى الغرفة ، لتذهب للعب في الخارج. قالت حياة بهمس مغرى ، طابعة قبلة رقيقة فوق جفنه ، ثم تبعها خده الشائك بحب : دا انا بموت فيه ابتسم بدر بخفة لهذا الشعور الجميل الذي يداعبه ، متأثرًا بلمساتها الناعمة ، ثم وضعت حياة قبلة شغوفة على تفاحة آدم ببطء مثير لأعصابه. مرت لحظات من السحر بينهما حتى كسره صوت بدر حين سألها بجمود : انتي ازاي تخرجي علي السلم بالبيجاما؟ ابتعدت حياة قليلاً ، وهي تنظر إليه ببلاهة ، لتجد نظرة شرسة في عينيه. زحفت ببطء على ركبتها قبل أن تقفز بسرعة مناسبة بسبب حملها من السرير ، لتقول بغرابة متظاهرة بعدم الفهم : ايه!! : اطرشتي دلوقتي؟ هتف بدر من خلفها ، وهو ينزل من السرير ، بوجه عابس وشعر فوضوي ، ليمشي بخطوات سريعة ، حافي القدمين ، ليمسك بذراعها قبل أن تهرب منه ، فلهثت وهي تسند يدها الأخرى على صدره القوي. اجابته حياة بتلقائية ممَ جعل سخطه يشتعل أكثر : دا حلم رفع بدر حاجبه الأيسر ، وهز كتفيه ، مردفاً بحدة : ولو حتي في الحلم ممنوع الكلام دا نظرت حياة إليه بريبة ولم يعجبها كلماته ، ثم همت بالتحرك خلف ابنتها ، ليهتف بإستنكار ، وهو يجعلها تنظر إليه : خدي هنا يا حياة بكلمك دفعت حياة يده التي كانت تمسك بذراعها ، قائلةً بحدة تخفي وراءها ابتسامة خبيثة كادت تداعب فمها بشقاوة : مش جاية .. انت بتغلوش علي انك اجوزت عليا شرارة غيرة اشتعلت فى قلبها حالما أنهت كلماتها ، وعقفت يديها إلى صدرها بغضب ، وأرسلت له نظرات نارية ، ليفرك بدر رقبته بخفة ، قائلا بصوت متلاعب وهو يتجه نحو خزانة الملابس : دا حلم يا روحي جزت حياة على أسنانها بقوة ، لتركض حتى وقفت أمامه ، قائلة بصوت هامس شرس ، ممسكة بتلابيب قميصه المنزلى ، مكررة نفس كلماته : ولو دا ممنوع حتي في الحلم ضحك بدر على جنونها ، ثم أمسكها من معصميها ، قابضًا عليهم بلطف ، واحتضن خصرها بينما يتمتم بحرارة لفحت رقبتها : يخربيت عقلك اللي جنني دا كل يوم بعشقك اكتر أغمضت حياة عينيها ، وشعرت بكهرباء تسرى في جسدها من كلماته ، لترفع ذراعيها بعد أن حررهما ، ثم طوقت رقبته باسترخاء أصاب عضلاتها المتوترة ، وهمست بعشق جارف : وانا بموت فيك يا شبح حياتي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمت بحمد الله "رواية شبح حياتي" نورهان محسن "سلطانة الحكايات"
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا