القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية هوى الزيات الفصل الاول 1 بقلم ساره الحلفاوي (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)

 رواية هوى الزيات الفصل الاول1 بقلم ساره الحلفاوي (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)





رواية هوى الزيات الفصل الاول1 بقلم ساره الحلفاوي (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)



جالسٌ في سيارتِه، عيناه لا تكاد تنزاح عن تلك التي تسير أمامُه تعبر الطريق بمُفردها بـ قِدها الأنثوي وخُصلاتها بـ لون حبات القهوة تتمايل يمينًا و يسارًا بعد أن عُقِصت بعُنفٍ على هيئة ذيل حصان، الأدرينالين بجسدُه يرتفع بعُنفٍ مُتأهبًا لمساعدتها .. فـ عيناه راكضة بينها و بين تلك السيارات التي تأتي مهرولةٌ غافلين عن أن محبوبتُه تمُر الطريق قلبُه مُتعلق بـ فِتنة عيناها، أطلق زفيرًا مُرتاحًا عندما مرت و دلفت إلى شركة تعمل بها، غندما إختفت عن أنظاره، أطلق نفسًا عميقاً ثُم عاد برأسه لمقعدُه و أناملة تطرق برتابة فوق مقود سيارته الفخمة، يتخيل إن كان مُديرها يزعجها بـ شيء .. هل يحاول التقرب منها؟ هل عيناه تلتهم جسدها بشهوةٍ بغيضة؟ تُرى على لامست يداها يدُه في سلامٍ من وجهة نظرها بريءٍ؟ هل أُعجب بعيناها البنية و ملامح وجهها التي يذوب بها و إن كان لم يراها من على مقرُبةٍ؟ إبيضت مفاصل كفُه على المقود من شدة قبضته عليه، و سرت قشعريرة في جسدُه من مُجرد التفكير بالأمر، ماذا ينتظر؟ سيذهب و يتقدم لخطبتها لينتهي هذا الأمر و تكُن زوجته و يراها يوميًا يستفيق على وجهها و ينام و هي بين أحضانُه!

صدح رنين هاتفُه فـ إلتقطُه بمللٍ من فوق تابلوه سيارته ثم ردّ بجمودٍ ظهر في نبرة صوته الرجولية:

- قول اللي عندك!


هتف الطرف الآخر بحماسةٍ تختلف كليًا عن فتور الآخر:

- عرفت كُل حاجه عنها يا فريد باشا، هي بنت بسيطة من بيت بسيط عايشة مع أمها و جوز أمها و بتشتغل في شركة تحت السلم كدا، بس اللي بيتقال عليها إنها شخصيتها قوية شويتين و محدش يقدر عليها!


إنزوى ثغرُه بإبتسامة لا تظهر إلا على سيرة إسمها، أتلك الملامح البريئة خلفها شجاعة مُهرة تحتاج إلى ترويضُه، هتف بعد لحظات صمتٍ يقول بهدوء:

- إسمها إيه؟ و عندها كام سنة؟


- إسمها نور الراوي، و عندها ستة و عشرين سنة!


- نور!

أعاد إسمها مجددًا على لسانه، متلذذًا بثلاثة أحرُف كان وَقعهم وِقع سمفونية موسيقية حالمة على أذنيه، أغلق مع الطرف الآخر الخط و وضع هاتفه جانبًا، ليضغط على زر السيارة ثم تحرك بها متجهًا إلى شركتُه التي تُعد من أضخم الشركات بفروعها المتعدده في أغلب فروع مِصر، إبتسم ساخرًا لا يصدق كون رجل أعمال مثلُه في منتصف الثلاثينات ينتظر فتاة لم تتخطى ربيعُها الثاني بقلبٍ مُتلهف يحسب بالدقيقة و الثانية ميعاد مغادرتها عملها ذلك!


عاد إلى نفس النُقطة التي يقف بها دائمًا ينتظر خروجها، تهتز قدمُه اليمين بتوترٍ ينظر في ساعته الثمينة المُحتضنه رسغُه، تأخر دقيقة و خمسة و أربعون ثانية .. ماذا تفعل!

تتفس الصُعداء عندما وجدها تخرُج من العمل و علامات الإرهاق بادية على وجهها الفاتن، إقتضبت مٍحياه بضيقٍ من ذلك الوهن الذي بدى عليها يتمنى لو بإستطاعته جرّها من يداه عنوةً ليريها كيف تكون الراحة، يُريح بدنها من عملٍ شاق لا يليق بـ عذوبتها

نظر إلى الشارع حولها و الذي كان في حارة لا يمر بها أحد، و يكاد يجزم أنه الوحيد الواقف في ذلك الشارع، عيناه تسير عليها و هي تسير بتعبٍ تتجه إلى الشارع الرئيسي، لـ تلمح عيناه شاب في يبدو في مِثل سنها يخرج من ذات البناية التي ولجت منها، يسير خلفها مسرعًا بملامح متوترة، ليزمجر فريد عندما وجده يقبض فوق ذراعها الغض يُديرها له يتمتم بكلمات لم يسمعها، إندلعت النيران من حدقتّ فريد و لأول مرة يشعر بـ حرائقٍ تشتغل في قلبُه بتلك الطريقة، همّ بالنزول و لأول مرة يجعلها تراه بعد أسبوع كامل من مراقبتها، لكن لم يترجل من سبارته عندما وجد وكأن وحشًا قد تلبّسها ليُمحى بوادر الإرهاق من على وجهها و يتبدل بـ شراسةٍ جعلتُه يبتسم و تلك من النوادر، وصل إليه صوتها و هي تنهر ذلك الشاب تبعد ذراعها عنه:

- ورحمة أبويا لو ما مشيت دلوقتي من وشي لـ أخلي اللي ميشتري يتفرج عليك!!


ظهر بعض الخوف على ملامح الشاب فإبتسم فريد و أسند مرفق ذراعه فوق مكان فتح الباب الداخلي و سبابته أمام شفتيه ينظر لذلك المشهد بإستمتاعٍ، فـ ها هي الشراسة يراها لأول مرة بعيناها، لكن ما هزّ قلبُه غضبًا إصرار ذلك الشاب على مُضايقتها و تعالي صوته يردف بـ نبرة لم يراها فريد سوى وضيعة:

- إنتِ فاكرة نفسك مين يا روح أمك! ده أنا هطلع عين أهلك دلوقتي!!


لم يتحمل فريد و لم ينتظر دة فعلها، ترجل من سيارتِه على وجه السرعة بـ بنيتُه الضخمة التي لم تكُن سوى عبارة عن عضلاتٍ عنيفة، و لأنه لم يكن يرتدي چاكت بذلته و إكتفى فقط بقميصٍ أسود إلتصق بجسدُه فجعلُه يتحكم أكتر بذراعيه، و في ثوانٍ كان يقبض بكفُه على تلابيب قميص الآخير يسدد له لكمة أوقعتهُ أرضًا و هو يهتف به بصوتٍ عالٍ:

- ده أنا اللي هـطـلـع مـيـتـيـن أهـلـك دلوقتي يا خـ**


شهقت الأخيرة بصدمةٍ وتراجعت و هي تراه قد أبرحهُ أرضًا حتى ترجاه الأخير أن يتركُه فهتفت فريد بلهجةٍ قاسية:

- لو شوفتك قربتلها تاني .. قول على نفسك يا رحمن يا رحيم!!


- حـ .. حاضر!! 


دفعهُ فريد فـ زحف الأخير ليبتعد عن مرمى يداه حتى ذهب من أمامُه و هو يركض و كإنه يركض من جان يود أن يتلبسُه، إلتفت إلى تلك الواقفة على مقربة منه، لفظ بداخلُه "يا الله"! إن كانت ملامحها من بعدٍ فاتنةٍ، فهي من كثب باهية! وقف صامتًا يحاول السيطرة على نظرات عيناه التي سارت بدايةً من منبت خصلاتها البنية نزولًا لأعين حائرة من نفس لون خصلاتها، و تلك الشلاه المكتنزة الذي ودّ لو أن يتذوق حلاوة مذاقهمها، و عنقها المرمريّ الذي تمنّى لو بإستطاعته وصمُه بعلاماتٍ كـ صك ملكيته لها، و قبل أن يتنحدر عيناه لما هو أكثر من ذلك عبر صوتها العالٍ على أذنه يخرجه من شرودٍ كادت أن تجعلُه يجن، تردف بنبرةٍ حادة عنيفة:

- إنت مين!! و مين سمحلك تدّخل و تعمل اللي عملتُه ده أصلًا!


و لأول مرة تتلبسُه دهشةً من ردة فعل إحداهن، ألن تشكرُه و تخبره أن لولاه لكانت الآن بيد أيادي عديم الشرف ذاك؟ ألن تُخبره بأنها بالغة الإمتنان له؟ ألن تعطيه إبتسامة ودودة شاكرة؟ 

عادت تقول بحدة:

- إنت يا بني آدم! أنا بكلمك .. ولا الكلام مش واصل عندك فوق!


هتفت ساخرة من طوله مقابل قامتها التي كانت طويل بين أقرانها لتشعر الآن بأنها أمامه باتت قزمًا، حاول الإحتفاظ بهدوء أعصابه فـ قال بهدوء لم يكن سوى هدوء ظاهري:

- ده بدل ما تشكُريني؟ كان زمانك دلوقتي مهروسة منُه!!


شهقت بصدمة ليتعالى صوتها قائلة بحدة:

- نــعــم!!! مين دي اللي تتهرس يا أخينا ده إنت رحمتُه مني، ده أنا كنت هخليه يندم إنه عرفني في يوم من الأيام!!


- ششش!! مش عايز لَت كتير، تعالي إركبي هوصلك!!!

هتف و هو يشير بعيناه لسيارته ذات الباب المفتوح الذي لم يهتم بقفله بعدما رآى ما تتعرض هي له، نظرت لسيارته و بعنف صاحت به:

- رِكبك عفريت يا بعيد!!! إنت شكلك مجنون و عيلتك عارفة!! أركب مع مين إنت فاكرني واحدة من اللي بيتاخدوا ورا مصنع الكراسي ولا إيه ده أنا آآ!!


بتر عبارتها مصدومًا و لأول مرة من تصرفات فتاة أمامه يقول بحدة:

- إخرسي!! بكابورت زبالة إتفتح عليا ولا إيه!!! أنا غلطان إني إعتبرتك زي أختي و جيت أساعدك وىمش عابزك تمشي في إنصاص الليالي لوحدك، بس إنتِ متجيش ربع تربية أختي و لا أدبها، م هي اللي تخرج في إنصاص الليالي و تجّري الرجالة وراها تبقى زبالة و اللي بيتاخدوا ورا مصنع الكراسي أحسن منها!!!


و لأول مرة يشعر بأنه قد ندم على شيء، رأى عيناها تمتلئ بالعِبَرات المكتومة رافض كبريائها نزول دمعاتها، لتصمت للحظات ثم تقول و قد شعر بغّصتها:

- إنت بني آدم زبالة و مش محترم!


ثم إستدارت و تركتُه تذهب للشارع الرئيسي بخطواتٍ بطيئة، وقف مكانه ولم يتحرك خطوة واحدة، لِمَ الذهاب الآن؟ كيف تذهب هكذا و الدمعات مكتونة داخل عيناها لربما ستشوش عليها الرؤية، و لِمَ تلك الرغبة المقيتة في معانقتها و إخفاء جسدها داخل جسدُه لكي لا يرى نظرة الحزن تلك بعيناها، وقف بنظر لها حتى إستقلت ميكروباص و هي شاردة بالفراغ، فـ ءهب لسيارته ليضربةبقدمه بقسوة سيارته ثم إستقلها يذهب بأعلى سرعة لـ مكان بيتها حتى قبل ذهابها هي إليه، صف سيارته بعيد عنها قليلًا كي لا تراه، فـ وجدها تترجل من السياره تسير بعيناها قوّّة تحاول بها مداراة حزنٍ قد تغلغل بمقلتيها ليصل لقلبُه فينخر به كما ينخر السوس بالخشبِ، تنهد بإرتياحٍ عندما إطمئن من دخولها للمنزل، ليشعل محرك سيارته ثم غادر حارتها المتواضعة.


 • • • • • 


صورٌ مُختلفة بين يداه لها، يقلب بينهما بين كفيه و يقف عِند كل صورة و الأخرى ما يُقارب النصف ساعة، يتأمل كل إنش بها و يُمتَّع عيناه بمِحياها و ضحكتها و عبوسها و عنفوانها، سار إبهامُه فوق شفاهٍ يحلم بضمها بشفيه، و أكتفاٍ صغيرة يحلم بتخبئتهما بين ذراعيه، و خصرٍ يود لو أن يطوقه بذراعيه، أعين لا تنظر سوى إليه، و خصلاتٍ يدفن بها أنفه يستنشق عبقٍ لا يليق سوا بـها هي! لا .. لن يتحمل، سيذهب و يتزوجها الآن شائت أم أبت، نهض بالفعل يرتدي ثيابٍ رسمية تليق به، يصفف خصلاته و ينثر عطره ليترك ڤِلتُه و يترجل سيارتهةو في بضع دقائق كان يصف السيارة أمام بيتها ليثير بذلك تساؤلات الجيران عن ماهية ذلك الشخص، دلف للبناية ثم صعد الدور الثاني و رُفعت يدُه لكس يطرق الباب و لكن أوقفُه صرخاتٍ مكتومة جعلت قلبُه يرتَّج! لم يستطع تمييز إن كان صوتها أم لا لكن هنالك شعور يخبرها أنها هي، لم يطرق الباب، بل ضربُه بقدمُه عدة مرات حتى فُتح الباب الذي لم يتحمل إرتطام قدمُه القوية به، فوجد منظر لن ينساه طيلة حياتُه .. حبيبتُه .. الفتاة التي عاهد نفسه على جعلها ملكُه و بحمايته منذ أول مرةٍ رآها متكومة فوق الأرض و تآوهات مُتألمة تخرج من بين شفتيها، وجهها شديد الزُرقة وشفتيها بيضاء تشهق بين الحين و الآخر، تُنادي بصوتٍ مكتوم:

- مـ .. مـامـا!!!


لم ينتظر، لم يتردد حتى في الهرولة لها و الجلوس على مرفقيه عيناه تسير فوق وجهها و جسدها بقلقٍ يمسح فوق خصلاتها المتعرقة الملتصقة بجبينها يبعدها عن وجهها لكي يراه بوضوح هامسًا و القلق يأكل خلايا جسدُه:

- فيكِ إيه!!!!


لم ترُد عليها سوى بمناداتها لأمها بصوت ضعيف مكتوم، أسرع بوضع يداه أسفل ركبتيها و الأخر على ظهرها يحملها كالريشة بين يداه يغادر بها تلك الشقة يترجل بها من فوق السلم و لأول مرة يشعر بسرعة دقات قلبه حتى كادت تصُم أذنيه، أدخلها سيارتُه ثم قاد هو يتراجع ىلخلف لكي يخرج من تلك الحارة و يذهب لأكبر مستشفى في محافظة الأسكندرية متغاضيًا عن شهقات الجيران و تساؤلاتهم عندما وجدوه حاملًا نور


وصل بها للمشفى ليترجل من السيارة و صوت أنفاسه باتت عاليه من شدة خوفُه عليها، دلف بها للمشفى ليهتف إلى موظفة الإستقبال بحدة يقول:

- العناية فين؟!!!


أسرعت الأخيرة تقول في عجلةٍ و قد علمة هوية من أمامها:

- في الدور التاني ثواني هطلب لحضرتك سرير!!!


لم يستمع لباقي حديثها بل سار على قدميه حاملًا إياها ساخرًا من تلك التي تود أن تجعلها تنام بأحضان الفراش و ليس بأحضانه هو، صعد بها السلم دون أن يستخدم المصعد يحاول جاهدًا إبعاد عيناه عن وجهها، فـ وجهها الشاحب يُفزع قلبُه و يجعله يود أن يضمها لصدره حتى يشعر بإلتصاق عِظامها، وجد في آخر الرواق غرفة العناية فـ سار لها لتوقفه ممرضة قائلة برسمية:

- حضرتك واخد الهانم ورايح على فين يا فندم!!


- عايز أدخلها العناية، حالًا!!!

قال بأعيُن جامدة ينظر ألى الممرضة التي إرتابت من نظراته فـ أسرعت قائلة:

- طيب هجيب تروللي و آجي لحضرتك


- مش هتتحط على سراير، أنا هدخلها!

قال بهلهجةٍ عنيفة فـ هتفت الأخيرة بضيق:

- مينفعش يا فندم تدخل العناية، هي لوحدها لإننا بنلبسها لبس مُعين عشان تدخل!


- طيب بسرعة!!

قال بضيقٍ لا يود أبدًا إضاعة الوقت في تراهات على حساب حياتها، تركته الممرضة واثب في منتصف الرواق، لينظر لتلك المغشي عليها منذ أن حملها، تستند برأسها على صدرُه فـ يتغلغل إليه شعورٍ غريب لم يمر به بـ حياته، رفعها أكثر فـ باتت رأسها فوق مكتبه العريض و أنفاسها تضرب بشرة عنقُه، قاطع ذاك الشعور التروللي و هو يُجر بواسطة تلك الممرضة، وضعها فوقه برفق ثم أزاح خصلاتها من فوق جبينها ينظر لوجهها للحظات ثم تركها، لتلج داخل الغرفة المُجهزة، و يدلف ورائها أكثر من طبيب بعدما علموا أن المستشفى الخاصة بهم نالت شرف وجود فريد الزيات عِندهم، أوقف أحدهم يقول له بمُنتهى الهدوء:

- لو جرالها حاجه، هقفلكوا المستشفى دي! و إنت عارف فريد الزيات لما يدي كلمة و لو متعرفش .. أعرَّفك!


أومأ له الطبيب يقول في توترٍ:

- حاضر يا بيه، بإذن الله هنعمل كل حاجه عشان تبقى كويسة


أشار له بالمغادرة فـ أسرع، جلس فريد على ذلك المقعد الذي يشبه بروده برود المكان، يستند بـ ظهره بـ قلقٍ يحاول إخفاؤه، تُرى ما الذي حدث لها؟ و لمَ لم يكُن سواها في البيت؟ هل قام أحد بأذيتها و تركها وحدها تعاني .. هل زوج أمها من فعل!!

خفق قلبُه بعنف من تخيُل فكرة لو أنها تقطن من رجلٍ وضيع يحاول التقرب منها، قلبه لم يتحمل الأمر فـ نهض و سار ذهابًا و إيابًا في المشفى، و تلك الفكرة تكاد تُفجِّر راسُه، لم يستطع الصمود و خرج من المشفى يدفع لموظفة الإستقبال تلك ثم وقف بعيدًا عن مبنى المشفى يُدخن سيجارة تلي الأخرى يُخرج بها غضبُه و إضطراب تفكيرُه، يقسم لو حدث و كان ذلك الرجل  السبب في أذيتها سيقتلُه و لن يتردد!! دخل للمشفى بعد ساعة ليصعد في المصعد ثم ذهب يجلس لثواني قبل أن يخرج الطبيب، فـ نهض يُردف بـ ثباتٍ:

- كويسة؟


هتف الطبيب بـ ضيق مما رأى:

- هي كويسة، بس آثار الضرب اللي على جسمها مهمِداها جدًا، هننقلها غرفة عادية عشان حضرتك تقدر تشوفها!


لم يستمع فريد لباقي حديثُه، فقد توقف عقله و صُمَّـت أُذنيه عندما إستمع لأول جملتُه، لتستوحش مِحياه .. أيَّة آثار ضربٍ؟ من تجرأ و فعل!! كيف بتلك الشخصية التي تمتلكها تقبل أن يضـ.ـربها أحد، من تجرأ على الإقتراب منها و مسّها بسوءٍ و هي تخصُه، أذيتها تعني أذيتُه، يقسم أنه فور ما سمع جملة آثار الضرب تلك و جسده أصبح يؤلمه و كأن جسدُه هو من ضُرب، رآها تخرج على الفراش و هي لازالت لم تستفيق، دلف خلفها الغرفة العادية، ثم مال يحملها ينقلها للفراش الآخر، فـ خرجت الممرضة من الغرفة تغلق الباب خلفها، سحب هو مقعد و جلس جوارها، عيناه تتفحص هيئتها يبحث عن تلك الآثار، لكن ذلك الرداء الطبي حجب كل شيء، زاح ذلك الغطاء الطبي من على خصلاتها فـ إنسابت جوارها، ربت فوق شعرها يحادثها بصوتٍ إمتلئ ضيقًا:

- مين .. مين اللي عمل فيكِ كدا و إتجرأ يقرّبلك؟ ميعرفوش إنك تخُصي فريد الزيات ..  و إني مش بسيب حاجه تخصني!!


- مين ضربك .. و أنا أقطعلك إيدُه اللي إتمدت عليكِ!

يمسح فوق خصلاتها برفق يرى لون وجهها الطبيعي يعود شيئًا فـ شيئًا، ظل على هذا الحالة ساعة كاملة حتى همهمت بألم تستفيق و هي تتآوه:

- آآآه .. آه!!


تلك التآوهات التي تنبثق من بين شفتيها تؤلم قلبه، أبعد كفه عن خصلاتها كي لا تفزع منه، فوجدها تفتح عيناها تحاول الإستناد على مرفقيها تقول بـ وجع جسدي فائق:

- آآه .. أنا .. فين!!! 


- إهدي .. إنتِ معايا!

قال بهدوء فـ إلتفتت له تنظر لملامحه بأعين ضاقت و هي موقِنة أنها رأت هذا الوجه من قبل، إعتصرت ذهنها فضربها الصداع أكثر فـ أنَّت لتغمغم و هي تعود برأسها للخلف-

- عايزة أمشي .. القسم .. عايزة أروح القسم!!!


قال بجدية:

- و تروحي ليه .. القسم كلُه ييجي لحد عندك!!!


لم تستوعب كلماته تحيط برأسها بألم رهيب، فـ تابعها بعيناه يقول بقلقٍ:

- راسك واجعاكِ؟


أومأت بأعين زائغة فـ ضغط على زر جوارها لتأتي المُمرضة فـ قال لها:

- هاتي حباية مُسكن، و فرخة مسلوقة بـ شُربتها بسُرعة!


- حاضر يا فريد باشا!

ثم غادرت، نهض فريد يجري إتصالاته جوارها التي ظلت تنظر أمامها بحسرةٍ تتذكر ما حدث فيتألم قلبها أكثر إنتهى من حديثه على هاتفه و نظر لها فوجدها على تلك الحالة ليجلس على المقعد يناظرها بهدوء مستندًا بظهره على ظهر الكرسيّ، لا يود أن يفتح معها ذات الموضوع رغم إحتراقُه لمعرفة ما حدث، طالعتُه هي و عندما تذكرت أين قابلتُه صُدمت، لتردف بصوت إهتز:

- إنت .. إنت مين؟ و إزاي وصلتلي و ليه جيبتني هنا؟


لم يجيبها بل ظل ينظر لها نظرات أربكتها، فـ أشاحت بعيناها عنه بضيق و قد علمت أنه لا يجيب، و بحركةٍ خاطئة نهضت بها نصف جلسة فجأة وفاجأت جسدها فـ شعرت و كأن ماء نارية سقطت على جروح ظهرها لتتآوه بصوتٍ عالٍ مغمضة عيناها:

- آآآآآه


إنتفض من فوق مقعدُه يجأر بها بغضب و هو يضع خلف ظهرها وساداتان:

- غـبـيـة!!!!


حاوط كتفيها و أراح ظهرها برفقٍ على الوسادات، فـ أسندت ظهرها تعود برأسها للوراء متمتمة بحدة و عي مغمضة عيناها:

- إنت اللي غبي .. و معندكش دم آآه!!


إبتسم يجلس مجددًا و هو يقول ببرود:

- لولا القطر اللي داس عليكي ده .. أنا كان زماني كملت عليكِ!!


كم كاذب هو، يُكمل على من؟ أيستطيع أذيتها! أيستطيع أن يمسها بسوء أو يُعنف جسدها الذي يتمنَّى أن يضمُه لجسدها و يمسح عليه بحنوٍ!!!


بللت شفيتها و تغاضت عما قال لتردف بـ ظمأ رهيب:

- عطشانة .. أوي!!


صب لها من الماء الموضوع على الكومود جوارها و نهض يقترب منها ليضع كف خلف رأسها و الآخر ممسك بالكوب يضعُه بين شفتيها لتشرب منه .. و كم حسد ذلك الكوب الذي إستطاع لمس شفتيها و إستشعار نعومتهما، إنتهت من الكوب فـ أبعده عنها ليرى قطرة تنزلق من شفتيها تركض مسرعة على ذقنها فـ أسرع يزيل تلك المتطفلة بإبهامة فوق جوار شفتيها، شهقت و نفضت يدُه بعنف فـ تبسّم بإستمتاع من نظراتها الشرسة التي عادت تنظر له بها، لتقول بصوتٍ حاد:

- إياك تلمسني، إنت مين عشان تجيبني هنا و تفضل قاعدة معايا و الأوضة مافيهاش غيرك و نقفول علينا باب، رد عليا مين إنت عشان تعمل كل ده!!


جلس واضعًا قدم فوق الأخرى و قال بمنتهى الجدية:

- جوزك .. المُستقبلي!!!


شهقت مصدومة من جرأة ما يتلفظ به، لتصرخ به بقوة:

- ده بُــــعــــدَك!!!


- هنشوف!

قالها بتحدٍ فـ إشتعلت عيناها أكثر و نظرت أمامها، راقبها هو عن كثب حتى أغمضت عيناها بتعبٍ لكن فُزعت عندما طرق الباب بعنفٍ و إنتفض جسدها كـ طفلة أوشكت على النوم فأتى طارقٌ مزعجٌ أقلق راحتها، إبتسم و همس دون أن تسمعُه:

- اسم الله عليكِ!!


نهض ليفتح الباب فوجد ضابط يجاورُه أكثر من أمين شرطى، رحب به الضابط بحراره فجلعه فريد يدلف، أسرعت هي تناظر الضابط بلهفةٍ تقول مُسرعة:

- بعد إذنك أنا عايزة أحرر محضر!!


- بإسم مين يا هانم!

قالها الضابط بإحترام فإستغربت اللقب الذي أطلقه عليها و لكن تغاضت عنه لتكمل:

- نور .. نور الراوي!!!


- طيب قوليلنا اللي حصل!


نظرت له بتوتر ثم نظرت إلى ذلك الغامض لتجده مستند بـ ذلك المنكب العريض فوق إطار الباب يُكتف ذراعيه بهدوء ينظر بترقب لما ستقول، همهمت نور إلى الظابط تُردف بضيق:

- ممكن يطلع برا؟


لم يسمع فريد ما قالت فـ إعتدل بـ وقفتِه ليلاحظ إرتباك الظابط يهمس لها مقربًا وجهه من وجهها فـ إشتعل قلب فريد ليضرب على إطار الباب صائحًا بهما:

- إنتوا هتفضلوا تتوشوشوا كدا كتير!!!! محاضر إيه دي اللي بتتعمل بالوشوشة!!


أسرعت نور هاتفه بإضطراب و عنف:

- لو سمحت تطلع برا، أنا مش حابة أحكي حاجه و إنت موجود!!!


طالعها بهدوء للحظات، ليقول بعدها بحدة:

- مش هطلع و أسيبكوا مع بعض، هقف بعيد!!


قالها بضيقٍ ثم وقف في شرفة الغرفة ينظر لهما و هي تتحدث لذلك الضابط عما حدث، يود أن يسمع و لكن صوتها خافت، أعطاهما ظهره يضرب بكفُه فوق سور الشُرفة، حتى مرت نصف ساعة، لينتهي الضابط ينظر لـ فريد قائلًا برسمية:

- المحضر إتسجل يا فريد باشا، ادو الإجراءات اللازمة هتتاخد!!

 نظر فريد إلى الممرضة التي إنشغلت بها نور، ليخرج مع الضابط قائلًا بهدوء:

- هات المحضر يا رياض!!


نظر له الضابط بتردد ليغمغم:

- بس آآآ


صمت و شعر بلسانه قد تكبّل عندما وجد نظرة من فريد جعلتُه يمد له المحضر، فهو يعلم فريد الزيات و يعلم أن أقل فِعل لا يروق له سوف يكلفه حياتُه، هو أخطر بكثير مما يتخيل أي أحد!


قرأ فريد كلماتها ليُغمض عيناه و قد تأكد ظنُه، هو من فعل ذلك، تعرّض لها، و ضـ.ـربها حتى أدمـ.ـى جسدها، لم تستطع الدفاع عن نفسها لأنه قام بربط كفيها ليستطيع ضـ.ـربها! و لولا صراخها و فرُه هاربًا لكان تطاول عليها أكثر!!


و بجمودٍ ظاهريّ، مزق ورقة المحضر أمام نظرات الضابط الذي صُدم من ردة فعله و وقف أمامه مشدوهًا، ليقول الأخير بهدوء محتفظًا بـ بقايا الورق في جيب بنطالُه:

- آسفين على الإزعاج يا رياض، إعتبر إن المحضر ده متكتبش و اللي إتقالك ده .. إنت مسمعتوش!!


- لـيـه!!

هتف رياض و هو بات موقنًا من أن ردود أفعال فريد الزيات ليست أبدًا متوقعة، لم يُجيبُه فريد بل ضرب على جانب كتفُه بهدوء ثم قال:

- متهيألي إنت سمعت اللي قولتُه .. و متهيألي بردو إنك عارف إن فريد الزيات مبيكررش كلامُه!


ثم تركُه و دلف للغرفة دون أن يطرق الباب، فـ شهقت نور التي كانت ترتدي كنزتها بمساعدة الممرضة، فورما رأتُه أنزلت الكنزة فورًا على معدتها تحمد ربها أنها كانت نصف مُرتدية إياها، غفلت عن أعين فريد التي إلتقطت ذلك الجزء من معدتها الذي ظهر منها، نظر للمرضة التي أخذت تلملم ما كانت ترتديه نور لتلقيه، فـ رماها بنظرات ضائقة من كونها قد سُمِح لها رؤية جسدها ببساطة، أشار لها بالخروج فـ فعلت، لينظر لـ نور التي طالعتُه بتلك الأعين المُشتعلة تقول له بضيق:

- متشكرة أوي لخدماتك لحد هنا، مش عايزه أشوف وشك تاني بقى!!!


أخذ خطوات هادئة نحوها فـ وقفت صلبه في مواجهته و لم تتقهقر، ليقف أمامها مباشرةً و هتف بإبتسامة بسيطة لا تنكر أنها أخافتها:

- إنتِ عارفة لو لسان حد غيرك اللي نطق الجملة دي أنا كُنت عملت فيه إيه!!


كتّفت ذراعيها و هتفت مُبتسمة إبتسامة إستفزازية:

- وريني هتعمل إيه!


- أنا فعلًا هوريكِ .. بس لما أتجوزك!!

هتف يحاول قدر الإمكان ضبط أعصابه، فـ صرخت نور به بحدة:

- تـ إيـــه!!! تتجوز مين يا جدع إنت!! إنت شكلك مجنون و جاي تطلع جنانك ده عليا! بقولك إيه!! روح يلا شوف طريقك و سيبني!!!


و في لحظة كان ممسكًا بذراعها بقسوة ليجُرها خلفُه، صرخت نور تحاول نزع قبضته تصرخ به كي يتركها و هي ترى نفسها مُنساقة خلفُه يمروا في ممر المشفى، ليقف بها أمام المصعد حتى إنفتح وسط صرخاتها، لم يشعر فريد بنفسه و هو يدفعها ضد حائط المصعد و لأول مرة  تنفلت أعصابُه أمام شخص يصرخ بها بعنف:

- إخــــرســي!!! نفَسِك مش عـايـز أسمعُه!!!


#هوى_الزيات ♥

فريد الزيات ♥

نور الرواي♥


تكملة الرواية من هناااااااا


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع