القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية الشيطان يقع في العشق الفصل العشرون والواحد وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون بقلم سولييه نصار(حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)


رواية الشيطان يقع في العشق الفصل العشرون والواحد وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون  بقلم سولييه نصار(حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)

 




رواية الشيطان يقع في العشق الفصل العشرون والواحد وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون  بقلم سولييه نصار(حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)



لفصل العشرون (اعتراف) + الواحد والعشرون

تبادل كل من الصياد وعامر النظر بقلق بالغ وهما ينظران الي ملاك التي اقتحمت المكان فجأة ...كان كلاهما يشعران بالرعب ...يعرفان ان ملاك لن تتحمل ان تعرف ان والدها تاجر مخدرات ..لقد حاولا كثيرا كي لا تعرف بهذا الأمر ...تكلم أولا عامر وقال:

-ملاك أنا ...

هزت ملاك رأسها  بحيرة وقالت :

-فيه حاجة يا بابا ...مالك شكلك متوتر ليه...فيه حاجة مخبينها عني؟!

تنهد جاسر براحة بينما ابتسم عامر واقترب وعانق ابنته وقال:

-لا يا حبيبتي مفيش حاجة ...

ابتعد عنها وأكمل :

-انتِ كنتِ عايزة حاجة ..

هزت ملاك راسها بالسلب وابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت:

-لا جيت اقولك اني طالعة دلوقتي علي الشغل وهتأخر شوية ...

-تمام يا حبيبتي ...

خرجت ملاك مسرعة لينظر عامر الي جاسر ويقول:

-كنا هنتمسك ..

.......

استقلت ملاك سيارتها بسرعة وهي تمنع دموعها من الانهمار...لا تصدق ما سمعته !!والدها تاجر مخدرات !!!لقد حاولت جاهدة الا تظهر انفعالاتها حتي لا يعرف انها سمعت ...حتي لا يعرف ان صورته في عينيها اهتزت كثيرا ....قادت سيارتها بسرعة كبيرة وهي تتنفس بسرعة ...تشعر وكأن جسدها اصبح كقطع من الجحيم ...انها تغلي....قلبها ينعصر وروحها تنصهر  ...والدها ...الشخص الذي كان المثل الاعلي لها لا يكون الا تاجر مخدرات ومجرم دمر حياة الكثيرين ...كيف يفعل هذا ؟!وكيف خدعها بتلك الطريقة؟!اخذت تضرب علي المقود بغضب وهي تصرخ بألم بينما دموعها تتحرر اخيرا محررة معها شهقاتها...انها تموت ...تموت الآن بسبب ما عرفته ...

أخيرا وصلت الي المنتزة الذي من المفترض ان تقابل فيه عدي ...خرجت من السيارة وجلست علي العشب وانفجرت بالبكاء ...كانت تتنفس بصعوبة ... عالمها الخيالي تحطم علي راسها...والدها المثالي الذي عشقته اكتشفت انه مجرم وكذلك جاسر ...جاسر صديقها وابن عمها ...كيف تم خداعها بتلك الطريقة ...كيف ...

-ملاك ...ملاك مالك؟!

قالها عدي بفزع لملاك التي تبكي بعنف ...نظرت إليه ملاك وهي تبكي ...كانت تبكي ولا تقول شيئا ...ضمها إليه بقوة للحظات ثم ساعدها علي النهوض وادخلها سيارته وقاد بعيدا ...

.......

-يا ملاك ابوس ايديك بقالي ساعة بترجاكي تحكيلي ايه اللي حصل ...أنا مرعوب عليكِ ..ليه بتبكي حد ضايقك ...

كانت وكأنها فقدت القدرة علي التواصل ...لم تكن تستمع اليه من الاساس ...كانت تبكي فحسب وكلمات والدها ترن في اذنها ...هي تشعر الأن وكأنها في كابوس بشع تتمني ان تستيقظ منه ....

دق قلب عدي برعب ...انها تبكي وهو عاجز عن فعل اي شئ ...هو يتألم لألمها...بل يتألم اكثر منها ...يتمني ان ينتزع الألم الذي في قلبها ويزرعه في قلبه ...امسك عدي وجهها وجعلها تنظر في عينيه وقال بهدوء:

-ملاك ايه اللي حصل ...انتِ كده بتخوفيني عليكِ بقالك ساعة بتبكي وبس ...مين زعلك بس قوليلي...من ضايقك ...ايه اللي حصل ؟!قوليلي عشان دماغي هتنفجر من كتر التفكير ...

شهقت ودموعها تنسكب من عينيها وتقول :

-حياتي كلها كانت كدبة يا عدي ...أنا كنت عايشة في كدبة كبيرة ...عايشة في كدبة ان بابا راجل مثالي ...راجل شريف ...بس مطلعش هو الانسان اللي كنت وخداه قدوة ليا يا عدي ...

ابتلع ريقه وتراجع عنها وقد فهم ... لقد عرفت هوية والدها الحقيقي ...عرفت انه مجرد مجرم تاجر مخدرات ...دمر حياة الكثير ...لقد تلقت ملاك أكبر صدماتها للتو ولا يعرف ماذا سيكون رد فعلها عندما تعرف حقيقته ...تعرف انه تقرب منها فقط للانتقام ...بالتأكيد لن تسامحه ...فكر بحزن بينما يجذبها إليه ويربت علي كتفها قائلا:

-كل حاجة هتتصلح ...اوعدك .

مسحت دموعها وقالت فجأة بتهور:

-عدي خدني بعيد عن هنا ...مش عايزة افضل مع بابا تاني ...مش هقدر ...تقدر تأخدني بعيد عنه ...

تطلع إليها بصدمة وقال:

-نهرب سوا يعني ...

هزت رأسها وهي تبكي ...

امسك كفها وقال:

-ملاك اهدي ...مهما حصل في بيتك فكري قبل ما تتصرفي اي تصرف متهور ...

هزت راسها وهي تشعر بالنيران تشتعل بقوة في روحها وقالت:

-عدي لو فضلت في البيت بتاعنا هنتحر ...مقدرش خدني ابوس ايديك ...خلينا نهرب مع بعض ...أنا...أنا ...

عانق وجهها وقال:

-انتِ دلوقتي متعصبة ومتضايقة ومنهارة ...تفكيرك مش سليم ...اهدي وكل حاجة هتتصلح بس الهروب من مشاكلنا مش حل .....

أبعدت كفيه عن وجهها وقالت:

-افهمني لوفضلت هناك هموت ...انت عايزني اموت يا عدي ...أنا هموت صدقني...أنا ...

-موافق خلاص موافق بس بشرط هنهرب بعد اسبوع  مش النهاردة يا ملاك اكون ضبطت اموري وبعدها نتجوز وساعتها محدش هيقدر يأخدك مني ...ماشي ...

هزت راسها وهي تبتسم ليبادلها هو ابتسامتها بحزن ...كانت فرصة ذهبية له لتبقي ملكه فقط ويتأكد أنها لن تتركه ولكن لن يضعها في هذا الموقف ...هو حتي رفض أن يستغلها ويجعلها تتكلم عما جعلها حزينة لتلك الدرجة وهو متأكد مليون بالمائة أن والدها هو السبب ...تلك المسكينة لقد تهاوي عالمها الوردي تماما بعد ما عرفته ...ملاكه الصغير يعاني كثيرا !

.........


-بقالك اسبوع رافضة تكلميني يا حياة ..اسبوع متجاهلاني ...

قالها يوسف بعد محاولات عديدة للتواصل معها عبر الهاتف وعندما لم يجد فائدة قرر ان يأتي الي منزلها بعد ان عرف ان العناد لن يحل شيئا ...بعدما ادرك انه مخطئ ...حياة لديها كامل الحق ان تفقد الثقة فيه بعد كل ما حدث ...هو لا يلومها...لقد تخلي عنها في الماضي بأسوأ طريقة ممكنة وحطم قلبها وركض خلف سعادته الوهمية دون ان يهتم بذلك القلب الذي حطمه ...دون ان يشعر بثقل علي ضميره يمنعه من هذا ...هو الآن يشعر بالنار التي كانت تشتعل غيرها ...فهو اصبح يعشقها ولو حدث وتركته من أجل احد آخر  لكان جن تماما ...لم يكن ليسامحها ابدا حتي لو ركعت علي ساقيها  ...إذن لماذا يغضب عندما تظهر قلة ثقتها به ؟!.... الشجار ليس حلا ...حياة فاقدة الثقة به والاسوأ أنها فاقدة الثقة بحبهما ونفسها أيضا وهو عليه أن يعيد تلك الثقة لن يضعها في موقف يجعلها تشك بحبهما ابدا يجب عليه أن يخبرها أنه لا يحب وعد لقد نسيها تماما ...أخرجها برا حياته لأنها خائنة خانته وتركته في الوقت الذي تمسك هو بها ...اغمض عينيه وهو يخرج وعد من رأسه قسرا ..وولي اهتمامه لتلك التي ترفض الكلام معه ...مد يده ليمسك كفها ولكن حياة شدت كفها ونهضت بخفة ...ما زالت تشعر بالقهر منه ...ما زال قلبها مجروح ...لقد ظنت أنها تخلصت من الماضي ولكن الماضي لن يتركهما ...دوما سوف تقارن بينها وبين وعد ...دايما سوف تتسائل ما الذي كانت وعد تتميز به ليتركها يوسف ويهرع الي وعد غير آبه بقلبها الذي تحطم ...لقد حاولت كثيرا أن تخبر نفسها أنه مجرد ماضي ...ولكن الشيطان لا يسمح لها أن تنسي ...مصر أن يعكر سعادتها ويسرب الشكوك لقلبها ...تعرف انها تبالغ ...نعم هي متأكدة من هذا ولكن هي دوما كان لديها مشاكل بسبب الثقة بالنفس وعندما تركها يوسف تحطمت بقايا الثقة التي كانت تمتلكها ...دوما كانت تظن أنه يراها  لا تستحقه وحتي الان لديها هذا الشك ...لديها شك أنه إذا ظهرت وعد فجأة سوف يتركها بسهولة وينسي كل شىء ...

انتفضت وخرجت من شرودها وهي تشعر بيوسف خلفها يمسك كتفيها برفق ويقول:

-حياة أنا عارف اني جرحتك...عارف انك عندك حق متثقيش فيا ...وعارف اني غلطان ...مش ببرر لنفسي أنا اتصرفت بحقارة معاكي ...بس انا عرفت اني بحبك لما عرفت اني خسرتك ...لما شوفت دبلة غيري في ايدك ... شوفت ابتسامتك ليه حسيت بالقهر ..دي كانت أول مرة اجرب الغيرة اللي بالشكل ده ...اول مرة احس الغيرة تقتلني وانا حي لما شوفتك مع حسام ...ولما طلب مني ابعد عنك حسيت انك بتتسربي من حياتي وان لما تتجوزي حسام هيمنعك تشوفيني وصدقيني التفكير في كده قتلني ....لما اخيرا اعترفت بحبي وأنتِ تجاهلتيني اترعبت لما شوفت اني مش هامك ...وافتكرت أن خلاص بطلتي تحبيني ووقتها قررت اسيبك لحسام لو كان هيسعدك بس لما شكيت في سلوكه قررت احميكِ منه حتي لو هموت.....

تجمعت الدموع في عينيها وانسابت بسهولة وسرت رعشة في جسدها وهي تتذكر كيف أن يوسف لم يفكر مرتين قبل أن يقف في وجه حسام ...وكيف كاد أن يموت من أجلها ..ابتسمت من بين دموعها وهو يكمل :

-انا بس عايزة اقولك ...اني بحبك بطريقة محبتش بيها حد قبل كده ولا هحب ...أنا صحيح مستحقكيش لكن هعمل المستحيل عشان اسعدك وعمري ما هخليكي تبكي ده وعد ...

استدارت إليه وهي تبتسم بسعادة ليمسح هو دموعها ويقول فجأة:

-وحاجة كمان فرحنا بعد تلات اسابيع !

-نعم !!!

قالتها بصدمة ليرد ببساطة:

-زي ما سمعتي

...............


شهقت وعد عندما شعرت به يحاصرها من الخلف بينما يضع شفتيه علي رقبتها ...اغمضت عينيها وهي تشعر بقلبها ينتفض داخل صدرها...انه يهاجمها عاطفيا ...يستولي علي قلبها وروحها ...يغزوها حرفيا وهي من كانت دائما  ضد الهجمات العاطفية...تصدها بمهارة اصبحت الآن هشة امام هاجماته هو ...تذوب بين يديه وقلبها ينبض من اجله...لقد نست الكثير وهي بين بيديه ...نست انتقامها ...مبادئها ....نست كل شئ ولم تتذكر الا انها  زوجته ...ملكه وحسب وستظل ملكه طالما يحرك قلبها بتلك الطريقة العنيفة ...

ابتعدت عنه وهي تستدير ...تنظر الي عينيه الجذابة التي سلبت عقلها وقالت:

-وعدتني بشهر عسل ...

ابتسم وهو يطبع  قبلة علي وجنتها ويقول :

-فيه شغل كده بس اخلصه هأخدك ونلف العالم كله يا وعد ..

ابتسمت له بحب وقالت:

-نفسي اروح إيطاليا .. 

ضحك وهز رأسه قائلا:

-هوديكي إيطاليا ...فرنسا ...أي مكان تشاوري عليه ...هعوضك عن ايه حاجة وحشة شوفتيها مني او من حد غيري ....

ضمها إليه وقال بشرود وهو يتلاعب بخصلات شعرها ...:

-انا عايز ابدأ معاكي من جديد يا وعد ...بداية جديدة بعيد عن كل حاجة ...حتي قررت اسيب الشركة عمي يتولاها واحنا نبدأ شغلنا وحياتنا بعيد عن هنا ...

ابتسمت بدهشة وقالت:

-وليه ده كله ...ليه عايز تبعد بالشكل ده ...فيه حاجة هنا !؛

قالت جملتها الأخيرة بشك  ولا تعلم لماذا ولكنها شعرت بالقلق بسبب جملته تلك ...لما يريد الهروب ؟!ما السبب ...في عينيها كان هناك تساؤل اخافه ...هو يخاف ان يفقدها لو اخبرها حقيقته ...انه مجرد مجرم دمر حياة الكثير ..بالتأكيد سوف تكرهه وسوف يخسرها....نبض قلبه بخوف وهو يتخيل حياته من دونها ...إن رحلت وعد سيعود لحياته الباردة المظلمة ...سيعود الظلام ليحتل روحه مجددا ...ستحتل الكوابيس لياليه وستتحول حياته الي جحيم لا يطاق ...هو لا يريد خسارتها..

امسك كفها وقال بهدوء:

-معرفش ممكن تصدقي ولا لا يا وعد ...بس انا بحبك ..

احمر وجهها ليسحب كفها ويقبله ويكمل :

-الموضوع صعب تصديقه عندك حق ...عارفة أن مشاعري دي ظهرت فجأة بس هو ده الحب يا وعد ..بيظهر في حياتك فجأة ...وحبك ظهر فجأة ...ظهر في الوقت اللي كنت فاكر فيه اني بحب واحدة تاني بس معاكِ عرفت أن المشاعر اللي حسيتها معاكِ عمري ما هحسها مع حد تاني ...أنا عمري ما هحب حد للدرجة دي تاني ...

ابتسمت له وهي تقبل كفه وتقول :

-الموضوع صعب تصديقه فعلا لاني انا كمان بحبك يا جاسر ...

ابتسم بحب وقال:

-الاسم ده احسن من الصياد صح ؟!

هزت كتفها وقالت:

-بصراحة الصياد اسم لايق عليك اكتر ...تحس ان اللي اختار الاسم ده مختل عقليا ...

حاوطت عنقه وقالت:-

-ويا زوجي العزيز مشوفتش حد مختل زيك في حياتي كلها ...

-وانتِ بتحبي المختل ده .

قالها ثم أخذ يقبلها في عنقها لتضحك بقوة وهي تحاول أبعاده عنها ...فجأة ابتعد عنها وقد تغيرت ملامحه كثيرا ...لقد قرر أن يعترف الان...والان هو الوقت المناسب 

-انا تاجر مخدرات يا وعد !

قالها فجأة وهو ينظر في عينيها دون اثر للمزاح...لتنفجر هي ضاحكة وتقول وهي تضربه علي كتفه :

-نكتة حلوة ...

ثم كادت أن تذهب من أمامه إلا أنه جذبها إليها وهو يعانق وجهها ويقول بصدق تام رأته في عينيه :

-انا مبكدبش ولا بهزر يا وعد ...أنا مجرم ...تاجر مخدرات ...دمرت حياة ناس كتير ...مش بتباهي بنفسي ...انا ندمان اووي وقررت اتوب بس حسيت أن من حقك تعرفي أنا ايه !!من حقك تعرفي أن جوزك وحش دمر ناس كتير .

يتبع

#الشيطان_يقع_في_العشق 

#سولييه_نصار 


الفصل الواحد والعشرون(خيانة)

تراجعت للخلف بينما تجمعت الدموع في عينيها ....

هزت راسها وهي تقول:

-ابوس ايديك قول انك بتكدب عليا يا جاسر ...قول أن دي نكتة سخيفة ...

تنهد وحاول الاقتراب منها إلا أنها ابتعدت وهي تشعر بالضياع ...يا الهي تاجر مخدرات!لم تتخيل في أسوأ أحلامها أنه اجرامه وصل لتلك الدرجة...ولكن هل احست بالصدمة؟!وجب الا تشعر بالصدمة ...فهذا الرجل خطفها واجبرها علي الزواج منه ... عذبها لأيام ...لن تكذب علي نفسها ....جاسر أو الصياد ليس مثالا للرجل الجيد ...وجب أن تعرف هذا ...يا لغبائها...

-وعد ...

صوته أخرجها من شرودها ...نظرت إليه وما زالت الصدمة تحفر آثارها علي وجهها ...كان قلبها يبكي بقوة  ...انهارت علي الأرض ودموعها تتساقط ...حياتها كذبة ...هي الآن زوجة مجرم...مجرم دمر الكثير من الناس ...

-وعد ممكن تسمعيني للآخر ؟!

قالها وهو يجلس بجوارها ...كان قلبه ينبض برعب...كان خائف أن تتركه ... خائف أن يشعر  بنفس الفراغ الذي شعر به من قبل أن تحتل حياته ..خائف أن ترفضه ...

-وعد .

كرر نداءه بيأس والرعب يتصاعد بقلبه ...بينما قالت هي بصوت جاف:

-تاجر مخدرات ....

نظرت إليه وقالت بقهر:

-تاجر مخدرات...

اطرق.بخجل لتنهض هي بعنف وتصرخ به:

-يعني انت مجرم رسمي ...تخطف الستات وتجبرهم يتجوزوك وكمان بتاجر في السموم دي وتدمر حياة الناس ...

-ممكن تهدي ؟!

قالها بتوتر لتصرخ به بقوة:

-لا مش ههدى...مش ههدى  يا صياد ...أنا دلوقتي متجوزة مجرم !!

ابتلع ريقه وتراجع قليلا لتكمل بقسوة:

-صحيح كنت عارفة انك شيطان بس مكنتش اتوقع انك تكون شيطان للدرجادي ...متوقعتش انك تكون مجرم رخيص بالشكل ده .

-وعد!!!

-لا وعد بلا زفت ...

صرخت فيه وهي تدفعه بقوة وتبكي :

-طلقني ...مش عايزة اعيش مع واحد زيك ...مستحيل اعيش معاك بعد اللي عرفته ...طلقني بقولك ...

امسك ذراعيها وقال بعنف :

-لا مستحيل ...مستحيل اطلقك ...ده في احلامك فاهمة ولا لا ...مستحيل اطلقك بعد ما لقيتك. ..أنا بحبك يا وعد ليه مش عايزة تفهمي ...ليه مش عايزة تفهمي اني عمري ما حبيت حد بالطريقة دي ...ليه مش قادرة تفهمي اني حاسس باليأس والخوف انك تسيبيني...انا قررت اتوب خلاص ...دي هتكون اخر عملية ليا اقفي جمبي ...

ضحكت بذهول وقالت وهي تشعر أنها سوف تجن:

-اقف جمب مين ؟!!اقف جمب مجرم !!!مستحيل ابقي  معاك يوم واحد يا صياد ...طلقني ...بقولك طلقني ...مش عايزاك خلاص كرهتك وكرهت قلبي اللي حب انسان زيك ...

ابتعدت وهي تشعر أنها سوف تجن ...كيف سلمت قلبها لمجرم...كيف استسلمت لهذا الشخص ..كيف ...لقد أقسمت أنها ستنتقم منه وها هي نست كل شىء ووقعت في عشقه كالمغفلة ...وقعت في حب الشيطان..وقعت في حب مجرم ...والان لا مفر لها ...هو سجنها في قلعته المظلمة ...لقد أضحت ملك الشيطان بإرادتها...

كان جاسر ينظر إليها برعب ...لقد انهدم عالمه الصغير الذي كونه معها ...لقد خرج من أحلامه الوردية ليصدم بمرارة  الواقع ...لقد وقع الشيطان في الحب ولكنه نسي شيئا هاما ...أن الشياطين ليس لديها حق لكي تحب ...الشياطين لن تتحول لملائكة وها هي وعد تتسرب من يده ...المرأة التي أيقظت إنسانيته تبتعد عنه وهو مهدد بالإنهيار...ولكنه لن يسمح بهذا ...مستحيل وعد يجب أن تتفهمه...يجب أن تبقي معه ...يجب أن تعرف انها  حياته وأنه بدونها ميت ....اقترب الصياد منها وحاوط وجهها بالقوة وهو يطبع قبلة عاطفية علي رأسها ويقول:

-انا هبطل ...القرار ده اخدته من بدري يا وعد ...بعد العملية اللي هعملها هسيب الشغل ده للابد وبعدها نسافر أنا وأنتِ ونبعد عن هنا للابد ...

ثم خرج وتركها منهارة .....

.........

بعد اسبوع ....

-يعني ايه خرجت ؟! هو انا مشغل بهايم معايا مبيفهموش ؟!

صرخ بها جاسر لرجال الأمن بفيلته ليطرق الرجل بوجهه وهو متوتر ...هو يعرف غضب هذا الرجل ...قد يقتله بسهولة تامة ...ارتعش قلب الرجل داخل صدره وقال بخوف :

-يا صياد أنا ...

امسكه جاسر من قميصه وصرخ به:

-انت ايه؟!!وعد راحت فين ...

ابتلع الرجل ريقه وقال:

-معرفش والله الهانم راحت فين وحضرتك متدنيش أوامر اني مطلعهاش برا البيت ...

دفعه جاسر وصرخ به بقهر قائلا :

-ولا اديتلك أوامر تخرجها ...فأزاي تسببها تخرج يا بني ادم انت ...ازاي متمنعهاش ...

اطرق الرجل برأسه وقلبه ينبض برعب بينما ابتعد جاسر ...عينيه البنية محمرة من الغضب ....حريق بداخله لا يهدأ ....أيعقل أنها هربت منه....لقد ظلت اسبوع بعيدة عنه ...ترفض تماما التحدث معه ...يعرف كم هي محطمة من الداخل بسبب ما عرفته عن حقيقة زوجها ...وهو لا يلومها...يعرف أنه قد صدمها ولكن الا يمكن أن تعطيه فرصة ليشرح الأمر لها ...ليخبرها أنها ينوي فعليا أن يتغير من أجلها ...لانه يحبها بجنون ...يحبها بيأس لا يفهمه ...وعد هي طوق النجاة له من حياة طويلة مظلمة ...هو بحاجة لها ...بحاجة لحبها وابتسامتها التي تشرق حياته ...

تنهد بكبت ونظر لرجله وقال:

-لو ملقيتش وعد في ظرف ساعتين هقتلك فاهم ولا لا ؟!...خد كل الرجالة اللي هنا ودور عليها ...اياك ترجع الا وهي معاك ...انت فاهم؟!

صرخ الصياد في جملته الاخير ليهز الرجل رأسه برعب وكاد أن يتكلم إلا أنه تجمد وهو يري سيدته تدخل الفيلا ببرود ...

-يا صياد الست وعد هنا ..

نظر جاسر خلفه ليجد وعد قادمة نحوه ترتدي قميص وبنطال باللون الاسود ...ملامحها الجميلة متعبة ولكن ما زالت تحتفظ بنظراتها الحادة ...

اقترب منها الصياد وأمسك ذراعها وقال بعنف :

-كنتِ فين ؟!!أنا كنت هموت من القلق عليكِ 

أبعدته عنها بشئ من البرود ثم ولجت للمنزل بصمت ...نظر الصياد إلي أثرها وهو يفكر أن وعد لن تهرب منه ...هي ملعونة بنفس لعنته ...لعنة العشق !!

دخل خلفها الي المنزل ثم الي غرفة النوم ليجدها تجلس بصمت علي الفراش وهي شاردة تماما ...والدموع تنساب من عينيها ...تألم قلبه وهو يراها بتلك الحالة ...لقد تسبب مرة أخري في أذية من يحب ولكنه مصمم الا يخسرها ...وعد لا تعرف كم تعني إليه ...هي بالنسبه له الحياة ...موت والدته قتله ولكن حب وعد هو من أحياه مجددا ...هو من أخبره أنه انسان لا شيطان ...زرع الامل بداخله لحياة أفضل ...ابتسم بحنين وقد قرر أن يفعل المستحيل كي تسامحه ...

اقترب منها ثم جلس علي ركبتيه وهو يمسك كفيها البارد بين كفيه ...طبع قبلة علي كفيها وقال بهدوء؛

-انا عارف أنه كان اسبوع صعب عليكِ ...وعارف ان اللي عرفتيه صعب ...هو صعب علي اي واحدة أنها تعرف أن جوزها تاجر مخدرات ...واحدة غيرك هتهرب مني من غير ما تبص وراها ...بس أنتِ يا وعد اللي ادتيني امل جديد للحياة ...أنتِ اللي خليتي النقطة البيضة الصغيرة اللي جوايا تنتصر علي السواد اللي محاوطني من كل مكان ..اديني فرصة أخيرة ...هكون الانسان اللي انتِ عايزاه...اوعدك اني مش هخذلك المرة دي ...

أبعدت كفيها. هي تمسح دموعها ثم قالت :

-لو فعلا عايز فرصة يبقي متدخلش اخر عملية دي يا جاسر ...خلينا نهرب فعلا من هنا بعيد عن كل حاجة ...

نهض بتوتر وقال:

-مينفعش ...شحنة المخدرات اتحدد ميعادها خلاص ...وغير كده انا اتفقت مع عمي أنها هتكون اخر مرة لينا احنا عملنا اتفاق مع اكبر مورد مينفعش نتراجع يا وعد ...

ركع مرة أخري وعانق وجهها وقال:

-صدقيني يا حبيبتي هتكون اخر مرة ..

هزت راسها ودموعها تنساب بغزارة وقالت:

-توعدني اخر مرة ...

هز رأسه وقال :

-اخر مرة .

..............

كانت تقف أمام المرآة وهي تتطلع الي فستانها بسعادة ...كان قلبها يخفق بقوة داخل صدرها ...بعد اسبوعين ستكون زوجته....ملكه هو فقط ...اخذت تدور حول نفسها وهي تضحك بسعادة بينما فستانها يتطاير حولها حولها ...كان فستان كريمي طويل  ... بأكمام طويلة ...يلتصق بخصرها النحيل ثم يتسع من عند فخذها بقصة تشبه قصة فساتين الاميرات ملحق بتاج فضي رائع مثبت علي رأسها ...لقد وقعت في عشق الفستان علي الفور ...وفعلا عندما ارتدته رأت نفسها اجمل امرأة في العالم ...ضحكت بخجل وهي تتخيل  رد فعل يوسف عندما يراها يوم الزفاف ...لابد أنه سوف ينبهر بها ...نظرت إلي انعكاسها بسعادة وهي تضع كفها علي قلبها من كان يصدق أن بعد ما حدث سوف يكون يوسف لها...حبيبها الوحيد ......وها هي تتأنق كأميرة لأميرها السحري الذي سوف يخطفها علي حصانه الابيض ...فجأة بهت وجهها وتراجعت سعادتها وهي تتذكر السيدة مريم ...تلك المرأة المحطمة التي تدمرت حياتها بسبب ابنها ...وكيف كانت تري فيها صلاح لأبنها لذلك اختارتها ....ورغم ما  فعله حسام بها إلا أنها لا تكرهه بل علي العكس هي تشفق علي هذا الشاب الذي تدمرت حياته تماما بسبب تلك السموم ...إن كان أحد يجب أن يعاقب ...فالذي يحب أن يعاقب هم تجار المخدرات الذين يتلاعبون بحياة البشر ويدمروها ...فكرت بغضب في اولئك الذين يدمرون حياة الشباب دون أي شعور بالذنب أو بتأنيب ضمير...و

-حياة خلصتِ ؟!..

أخرجها من شرودها صوت والدتها من خارج البروفة التي كانت تقيس بها الفستان لتبتسم هي وتخرج وهي تمسك طرفي فستانها ثم تنحني بسعادة وهي تقول بحماس:

-ايه رأيكم ...

تجمعت الدموع بعيني والدتها  وانسابت دون إرادة منها لتنظر إليها حياة بدهشة وتقول:

-ليه بتبكي يا ماما ؟!

مسحت والدتها دموعها بسرعة وقالت:

-كبرتِ يا حياة وهتسيبيني خلاص ...

ضحكت حياة وهي تهز راسها واقتربت منها وهي تقول:

-يا ماما يا حبيبتي انا هسيبك فين بس ....ده انا ويوسف هنسكن فوقيكي بالضبط ...يعني حتي لما هنتجوز مش هتخلصِ مني وابقي اقرفك كل شوية وانطلك أنتِ وخالتي...

ضحكت خالتها وهي تضمها إليها وتقول:

-تنوريني في اي وقت يا يويو ولو زعلك الواد يوسف اوعي تروحي عند اهلك محدش هياخد حقك منه غيري انا ...أنا هكسرلك مناخيره ...

ضحكت حياة برقة وهي تضم خالتها ووالدتها بينما تشعر اخيرا أن كل شئ كل ما يرام ....

خرجت حياة بسعادة وهي تضم الحقيبة التي بها الفستان ...تشعر أن حياتها كلها بتلك الحقيبة ...هي منذ الآن متحمسة كثيرا لزفافهما ....لمعت عينيها وهي تري من بعيد يوسف ينظر إليها ويبتسم ...

-يظهر أن يوسف مش قادر يستغني عن حياة ..

قالتها خالة حياة بخبث لتحمر حياة بقوة وتتقدم إليه ...

ابتسم لها بحب وهو يفتح لها السيارة ..لتقول والدته بإستنكار مصطنع ؛

-شوف الواد ..خلاص نسي أمه وخلي  خطيبته تقعد جمبه في العربية ...

خجلت حياة وقالت وهي تتراجع:

-لا لا اركبِ يا خالتي أنا هركب ورا ....

ضحكت خالتها وهي توقفها وتقول:

-بهزر معاكِ يا هبلة ..أنتِ فاكرة اني هعمل شغل الحموات ده مع بنتي ...اقعدي أنتِ قدام ده مكانك يا حياة متتخليش عنه ...

ابتسمت حياة وهي تستقل السيارة بجوار يوسف ثم ينطلق بهما وكم بدوا سعداء حينها وكأن جميع مشاكل العالم تبخرت ...

........

-ملاك ...

تجمدت ملاك عندما ناداها والدها ...حاولت بأقصي جهدها أن تسيطر علي انفعالاتها ...كانت لا تريد أن تبكي ...لا تريده أن يراها تبكي ...لم تكن مستعدة أن تخبره أنها تعرف حقيقته ...لقد قررت أن تذهب من هنا مع حبيبها عدي وانتهي الأمر ...لن تبقي معه ...هي لن تستطيع النظر في وجهه بعد اليوم ...لقد فقد احترامه لديها ...انهارت مكانته في عينيها ...فكرت بيأس ...هي تعيش في الجحيم منذ أن عرفت أن والدها تاجر مخدرات ...تشعر بكامل جسدها يحترق ...عقلها توقف تماما ولا تفكر في شئ الا الهرب من هنا ...نظرت إلي والدها بتردد...عينيها الرمادية رطبة بسبب الدموع ..عقد عامر حاجبيها واقترب منها وهو يعانق وجهها ويقول :

-مالك يا حبيبتي فيه ايه ؟!

نبرته الصادقة قتلتها حاولت الا تنظر إلي عينيه ولكن فشلت ...نظرت إلي عينيه المشبعة بحب لها فقط ثم انفجرت بالبكاء ...ارتعب عامر وهو يراها بتلك الحالة ونبض قلبه بخوف ...هل يا تري عرفت حقيقته ...هل تهاوت صورته بعيني ابنته الصغيرة ...هل أصبحت لا تحترمه ....كل تلك الوساوس هاجمت عقله فجأة ...اخافته بقوة ...ملاك هي كل ما لديه ...لا يمكنه أن يخسرها ...ملاك هي نقطة ضعفه ...قطعة من قلبه لا يستطيع أن يخسرها ...لقد ضحي بالكثير من أجلها. ..هو اختار ذلك الطريق ليجعلها تعيش حياة كريمة ولا يحرمها من شئ وسيضحي بهذا الطريق أيضا من أجلها ...تهربت ملاك منه وهي تقول بهدوء:

-مفيش يا بابا ..ماما وحشتني بس ...معرفش ليه بس النهاردة حاسة اني محتاجاها اووي ...

امسك عامر كفها وقال:

-هو أنا قصرت في حاجة يا ملاك ؟!

هزت ملاك رأسها وقالت :

-لا يا بابا بس مهما كان الأب مش مقصر أنا برضه محتاجة ماما صح ؟!

هز رأسه موافقا إياها وقال بحزن:

-اسف اني مقدرتش املي فراغها ...حاولت بس فشلت.

عضت شفتيها وحاولت الا تبكي وقالت :

-محدش بيملي مكان الام مهما عمل 

-عندك حق ..

وافقها الرأي ....لتقول هي بهدوء:

-بابا معلش لازم امشي دلوقتي ..

- مش النهاردة إجازة من الشغل .

قالها بتساؤل لترد هي :

-صاحبتي مستنياني في النادي قولت اخرج شوية واريح اعصابي ..

قبلها والدها علي رأسها وقال:

-انبسطي يا حبيبتي ..

لتبتعد عنه هي بسرعة وتذهب ...تنهد عامر وقال:

-عرفتِ الحقيقة يا ملاك أنا عارف . 

.......

كان عدي يقف أمام احدي مواقف الاتوبيس ...قلبه يرتجف داخل صدره لقد قرر أن يكون اناني ويهرب معها ..يترك كل شىء ...فملاك اكيد سوف تعرف حقيقته وحينها سوف تتركه للابد وهو لن يتحمل ...هو يحبها كثيرا ...لقد احتلته صاحبة العينين الرماديتين...وإن أراد أن يحتفظ بها يجب أن يكون اناني بحق ...في الاول سوف يهربان بعيدا ثم سيتزوجها وحينها ليس هناك اي احد مهما بلغت قوته سوف يأخذها منه ...

لمعت عينيه وهو يراها تقترب منه ...رسم ابتسامة علي وجهه وهو يتأمل وجهها الحزين ... اقترب منها وقال بحماس:

-الاتوبيس قر...

ولكنها قاطعته وقالت:

-عدي أنا مش هسافر معاك ...

بهت وجهه لتكمل هي بإبتسامة حزينة قائلة:

-انت عندك حق يا عدي مينفعش نهرب مش مشاكلنا مفروض نواجهها وانا اتعودت اني أواجه مشاكلي ومش ههرب المرادي ...لو بتحبني بجد اقف جمبي ...

ابتسم لها بحزن  وقال وهو يدرك أنه سوف يخسرها:

-انا هقف معاكِ مهما حصل يا ملاك .....

.........

في المساء...

كانت عامر جالس علي الأريكة وفي يده كأس شراب ...يفكر بإبنته وكيف تغيرت فجأة خلال اسبوع  فقط ...هو شبه متأكد انها عرفت بشأن عمله كتاجر مخدرات ..لقد كذبت عليه في ذلك اليوم ...هي فعلا استمعت لحديثه مع جاسر وعرفت كل شىء...لقد سمعها بالأمس تبكي بقوة ...تنهد بألم علي حال ابنته الصغيرة لم يتوقع ابدا أن يكون هو سبب في تألم طفلته ..أنه الآن خائف أن يواجهها ...خائف مما ستقوله ...وكم الاتهامات التي سوف توجهها له ... اغمض عينيه بألم وهو يتسائل ...أيعقل أنها كرهته!!!التفكير في هذا فقط حطم قلبه لأن عامر النجار قد يكون أسوأ رجل في العالم ولكنه أيضا اب محب ...يعشق ابنته بجنون ...ملاك هي نقطة ضعفة الوحيدة وقد حرص كثيرا علي أبعادها عن هذا المستنقع القذر ...فتح عينيه وتجرع كأسه بسرعة لعل تهدأ تلك النيران التي تشتعل داخله ...تنهد بيأس لينتفض عندما شعر بكف علي كتفه نظر إليه ليجده الصياد ...ابتسم عامر وقال:

-جيت في وقتك يا صياد...

-مالك يا عمي ؟!

قالها الصياد بحيرة ليرد عمه :

-ملاك عرفت كل حاجة ...

جلس جاسر بصدمة وقال:

-نعم ...عرفت ازاي يعني؟!

نظر إليه عمه وقال؛

-فاكر لما دخلت علينا احنا وبنتكلم ...هي وقتها سمعتنا ...انا بقيت قليل في نظر ملاك يا جاسر ...صحيح هي مواجهتنيش بس انا عارفها كويس....شفت في عينيها أنها بطلت تحترمني وده قهرني يا صياد ...اتمنيت وقتها اني اموت ولا اشوف النظرة دي في عينيها ...أنا مش عارف ازاي هصلح اللي عملته ...ازاي اخليها تحترمني تاني ...أنا مقهور ان بنتي الوحيدة بقت بتكرهني ...

تجمعت الدموع في عيني عامر ثم انسابت ...فغر جاسر فمه بدهشة ...أنها المرة الأولي التي يري عمه يبكي فيها وهذا بسبب ابنته ...هو يعلم كم يحب عامر ابنته ...هو يحبها أكثر من الحياة نفسها ...سوف يموت لكي تظل هي سعيدة ...اقترب جاسر من عمه وأمسك كفه وقال :

-انا عندي الحل يا عمي ..

نظر إليه عامر بحيرة ليتشجع جاسر ويقول الشئ الذي يريده ...الشئ الذي قرر أن يفعله بعد مزيد من التفكير ...هو غير مستعد لخسارة وعد وعمه غير مستعد لخسارة ابنته ...نظر إليه جاسر وقال:

-نتخلي عن اخر عملية ...خلاص نتوب من غير ما نعمل اي عملية تانية ...وبكدة تكسب ثقة ملاك من جديد ...

-انت عارف انت بتقول ايه ؟!الشحنة هتوصل بعد اسبوع يا صياد ودي ناس مبتهزرش ..

ابتسم الصياد وقال:

-مش هيقدروا يعملوا حاجة يا عمي متنساش احنا مين. ...هو ده الحل الوحيد ..خلينا نلغي العملية دي ...خلينا نعيش حياة نضيفة ...نفتح صفحة جديدة لينا كلنا ملاك وانا وانت ...ووعد ...

ابتسم له عمه وهز رأسه موافقا ودموعه تنساب من عينيه ليضمه جاسر إليه بقوة ويقول:

-النهاردة بس اقدر اقول اني جاسر النجار مش الصياد خالص ...الصياد مات خلاص ...

.......

-وعد ...وعد ...

قالها جاسر وهو يدخل لغرفة النوم التي بها وعد لتنتفض هي بخوف ... اقترب منها وأمسك كفها وهو يقول بسعادة:

-انا اتخليت عن الصفقة الأخيرة يا وعد.  .خلاص توبت  نهائيا وبطلت تجارة المخدرات ...وكل ده بفضلك ...أنا عملت كده عشان تقبليني تاني ..أنا خلاص عمري ما هرجع لتجارة السم ده تاني انا ....

بكت وعد وهي تنظر إليها بينما الذنب يمزقها بقسوة ...امسك جاسر وجهها وقال:

-مالك يا حبيبتي؟!

-انا بلغت عنك البوليس يا جاسر!

بهت وهو ينظر إليها ...ظن أنها تمزح ولكن اصوات سيارات الشرطة التي اقتربت من منزله فجأة لم تكن مزحة ... نهض تجمد في مكانه وهو ينظر إليها ...لقد طعنته وعد بطريقة لم يكن يتخيلها ...اقتحم رجال الشرطة المنزل ...ابتسم مالك وهو ينظر لجاسر وقال وهو يرفع الأصفاد الحديدية قائلا:

-والله ووقعت يا صياد !!!

يتبع 

#الشيطان_يقع_في_العشق

#سولييه_نصار

الفصل  الثاني والعشرون(طلاق)

من قال ان العشق دوما هو الجنة ؟!فالعشق هو الجنة والجحيم في نفس الوقت ...تغرق  به ظنا انه النعيم ثم تكتشف أنك تحترق ...وهو احترق بسبب العشق ...لقد عشق وعد اكثر من اي شئ آخر ...

فكر بينما هو مقيد بالأصفاد يجلس علي مقعد خشبية وامامه مكتب مالك العمري ...الرجل الذي كان يلاحقه دوما ...كان مطرق برأسه للاسفل ...عينيه رطبة بينما الم الخيانة يعصف بقلبه ...لم يتخيل ان في أسوأ احلامه ان من يحبها ستبيعه بتلك الطريقة ...الم خيانتها ذكره بألم قد اختبره من قبل ...الم فقدان والدته وقتها قد شعر ان العالم كله قد نبذه وانه وحيد ....هو يشعر بنفس الوحدة الآن  ...يشعر وكأن العالم نبذه مرة اخري ...

-ها يا صياد...مش ده اسمك برضه ؟!

اتاه صوت مالك ساخر بحدة ...رفع جاسر عينيه للرجل الكبير في السن ليري الكره يتصاعد بعينيه ...لقد وقع الصياد بالفخ ...بيد فريسته !..حبيبته!فكر بألم  

سيطر جاسر علي انفعالاته وقال ببرود تام :

-اقدر اعرف أنا جاي ليه؟!

رفع مالك احدي حاجبيه بينما اشتدت نبرة الصياد بروده وراوغ بطريقته القديمة وقال:

-يعني مش أي واحدة هتتخانق مع جوزها وتكدب عليك وتقولك انه مجرم هتصدقه علطول ...

ابتسم مالك له وقال:

-متأكد أنك مش عايز تطلب المحامي بتاعك ...صدقني يا صياد هتحتاجه جدا ..

هز رأسه  وقال:

-مش شايف تهمة متوجهة ليا عشان اطلب محامي يا باشا ...يمكن أنا عشان ابن اخ عامر النجار واللي اعرف كويس كام مرة حضرتك حاولت تتبلي عليه فقولت تتعندني أنا.  ..

ابتسم مالك له ثم قال:

-التسجيل ده هيعجبك اووي يا صياد .

ضغط مالك علي زر المسجل الصغير ليصدح صوت الصياد ...اتسعت عينيه بصدمة وهو يسمع نفسه يعترف لوعد في اليوم الذي اتفق معها انها ستكون العملية الأخيرة ...

وقد فهم كل شئ...فهم ان تم طعنه بأسوا طريقة ممكنة ...لقد قتلته وعد حرفيا ...من سلم لها قلبه قامت بتمزيقه بشراسة ...لقد ادعت انها تحبه ولكن في الاساس هي ارادت تدميره !

بالطبع هي لن تنسي انتقامها منه ...هي لن تنسي ولكن هو بغباؤه نسي انها فريسته واعطاها هي السكين  لتقتله !!!.. حاولت أن يكافح تلك الدموع التي بدأت في الظهور عندما تشدق مالك بإنتصار:

-المدام بتاعتك ربنا يديها الصحة هي اللي جات بنفسها تبلغ النهاردة الصبح وكانت تشكر  يعني مستعدة لأي مساعدة تقدمها عشان نقبض علي واحد زيك ودي فرصة من دهب يا صياد ...خليناها تسجلك وجبنا تصريح بالقبض عليك وقبضنا عليك وحاليا هتروح قوة تانية تقبض علي عمك ...عامر النجار ..

-عمي ملوش ذنب !

قالها جاسر فجأة ثم اكمل:

-انا مستعد اتحمل كل المسؤولية بس ابعدوا عمي عن الموضوع ده ...أنا المستورد الرئيسي المخدرات هنا مش عمي...

نظر إليه عامر بجمود ليكمل جاسر ويقول بعنف:

-انت مش عايز اعتراف واهو أنا بعترف اني المستورد الرئيسي عمي ميعرفش أي حاجة ...لا عمي ولا ملاك ...

ابتسم مالك بسخرية وقال:

-غريبة ان عيلة من المجرمين زيكم عندهم مبادئ ومشاعر وبيدافعوا عن بعض في الوقت اللي انتوا بنفسكم دمرتوا حياة ناس كتيرة وحرقتوا قلوب اهالي علي عيالهم ...

ابتلع الصياد ريقه بصعوبة وأطرق برأسه وقد تساقطت دموعه. ..يجب أن يتحمل المسؤولية كاملة ...ملاك سوف تنهار ان دخل عامر السجن ...هي ليس لديها احد غير عامر ...علي الأقل يوجد لدي عامر ما يهتم به ولكن هو. تنهد وهو يفكر ...هو وحيد ...حتي إن مات لن يهتم احد بأمره ...

رفع رأسه وقال:

-انا عايز اتحمل المسؤولية كاملة وراضي بأي عقاب بس عمي لا ...

ضحك مالك بسخرية وقال:

-للاسف يا صياد عمك كمان هيتقبض عليه !

.....

متسطحة علي الفراش تضع كفها علي قلبها ولم تتوقف عن البكاء ...كانت تشعر انها تتمزق بقوة من الداخل ...ما زالت تتذكر كيف نظر إليها جاسر ...لقد شعرت ان ما بينهما قد تحطم كليا ...لقد تحطمت ثقة جاسر بها وكم تشعر بالقهر من أجل هذا ...اغمضت عينيها ودموعها تنسكب وهي تتذكر كيف انها سلمته بتلك السهولة ...تتذكر كيف فقدت عقلها تماما عندما عرفت بحقيقته شعرت بالإختناق وكانها في مستنقع قذر تريد الخروج منه وفعلا حاولت الهروب ولكن عرفت ان قلبها ما زال معه وأنها لن تستطيع التخلي عنه ...لا تعلم لماذا ولكن كان اول ما فعلته حينها انها ذهبت الي مركز الشرطة وطلبت مقابلة الضابط ...تنهدت وهي تتذكر احداث اللقاء....

.......

كان عدي ينظر الي الفتاة الشابة بحيرة ...لقد اخبره الشرطي ان فتاة شابة تريد أن تراه للضرورة...

-اتفضلي قولي طلبك .

قالها وهو يشير إليها بالجلوس علي المقعد ...كانت هي تفرك كفيها بتوتر بينما الدموع تهطل من عينيها ...قلبها يتمزق وهي تدرك انها علي وشك خيانته ولكن للأسف ليس لديها أي حل....هي لن تستطيع العيش معه وهي تعرف انه مجرم ...لن تمكث مع شخص دمر العديد من الاشخاص ...يجب أن ينال جاسر عقابه كليا ...وحبها له لن يجعلها تتخلي عن هذا ..فبين القلب والضمير اختارت ان ترضي ضميرها علي حساب قلبها وإن كان هذا سيقتلها ....ابتلعت ريقها وهي تنظر الضابط وتقول بصوت ضعيف:

-جاية ابلغ عن جوزي!

-بيضربك؟!

قالها مستفسرا لتهز راسها بقوة وهي تبكي وترد:

-جوزي يبقي تاجر مخدرات ويبقي اسمه جاسر النجار !!!

تراجع عدي للخلف وهو ينظر إليها بصدمة ...بالطبع جاسر النجار ابن اخ عامر وشريكه ...فرحة الانتصار ضربت قلب عدي فها هو حصل علي كنز لا يقدر بثمن ...

اقترب عدي منها وقال:

-شوفي يا مدام  اللي جوزك بيعمله ده هيضر ملايين من الشباب ...هو بيقتلهم بالبطئ وانتِ سمعتِ لضميرك وجيتي هنا وانا مقدر ده جدا فكملِ جميلك وساعدينا نقبض عليه....

انقبض قلبها فوضعت كفها علي قلبها وانسكبت دموعها ثم انفجرت بالبكاء ....دفع عدي كوب الماء إليها وقال بشفقة:

-لو سمحتي اهدي أنا عارف ان ده صعب عليكِ ....وعارف انك لما عرفتِ حاجة زي دي اتدمرت حياتك لان ده جوزك وانتِ بتحبيه ...بس جوزك ده بيأذي الناس ...

-هو....هو قال انه هيبطل بعد العملية اللي جاية...

-عندنا معلومات عن العملية اللي جاية انها هتكون أكبر عملية حصلت في مصر وده هيدمر شباب اكتر ...

مسحت وعد دموعها وقد شعرت بالعالم يدور حولها وقالت بتعب :

-طيب ...طيب هو هيتحبس كده صح...هيتحبس كان سنة  ....

-تقريبا عشر سنين   ...

قالها بهدوء ليشحب وجهها مثل الاموات وتهز رأسها وهي تبكي ولكنه قال يعطيها أمل جديد:

- بس لو ساعدنا نقبض علي الموردين في العملية الأخيرة العقوبة هتتخفف كتير..

نظرت اليه بأمل وقالت:

-عايزة وعد منكم انه لو ساعدكم هتخففوا العقوبة وانا مستعدة اساعدكم ...

صمت عدي لتقول وعد بقهر:

-انا هسلملكم جوزي ...يعني حياتي كلها ...إحتمال اخسره للأبد بعد اللي هعمله...عشان كده من حقي اخد وعد منكم ان لو ساعدكم هياخد عقاب مخفف ....

هز عدي راسها وقال:

-اكيد هياخد عقوبة مخففة بس لو ساعد يا مدام ...افرض رفض يسلمنا الشحنة والموردين ساعتها هيبقي بيتحمل العقوبة لوحدة وسنوات السجن هتكون طويلة جدا ...

ابتلعت ريقها وقالت:

-انا معاكم وهساعدكم ...

....

خرجت من شرودها وهي تشهق بقوة ...كانت تبكي بشكل يمزق القلب ...لقد خسرت جاسر ...خسرته ...لا ..لا فكرت ..هي لا يمكن  ان تخسره  بتلك البساطة ...يجب أن تراه وتجعله يفهم لماذا فعلت هذا ..هكذا قررت ان تقابله ...نهضت وعد ورتبت شعرها وهي تقرر ان تكلم عدي الذي اعطاها رقمه وتطلب منه ان تري جاسر !

..........

-مش هتروح معاهم يقبضوا علي عامر النجار يا عدي؟!دي فرصتك اللي مش ممكن تتكرر تقبض علي اللي قتل امك ومراتي ...

ابتلع عدي ريقه وهو ينظر الي والده كان قلبه يرتعش بخوف ... يخاف هو من ان الحقيقة سوف تنكشف اليوم ....ملاك سوف تعرف الحقيقة وسوف تتركه ...هو سوف يخسرها للأبد...

-انا خايف!

قالها لوالده بخوف ...تنهد مالك وهو يقترب منه .  امسك كتفيه بقوة وقال:

-كنت عارف أنك هتقع وتحبها يا حضرة الضابط ...وكنت بحذرك بس يا بني هي متنفعكش ...هي بنت الراجل اللي قتل والدتك وانت هو الضابط اللي هيقبض علي ابوها ...محدش فيكم هينسي اللي حصل ...انصحك تبدا من دلوقتي تنساها الموضوع مش هيكون صعب ...

لمعت عيني عدي بالدموع وقال:

-الموضوع صعب يا بابا ...صعب جدا أنا حاسس اني هخسر جزء مني ...حاسس اني هموت فعلا لو خسرتها هي ملهاش ذنب ....

عض شفتيه ليسيطر علي انفعالاته وقال :

-هي متعرفش اصلا حاجة عن ابوها ولما عرفت انهارت...حاولت تهرب معايا وتسيب كل حاجة بس في الاخر اتراجعت رفضت تكون جبانة ....ملاك هي احسن ست شوفتها في حياتي وانا بعشقها واسف مقدرش اروح بنفسي اقبض علي ابوها قدامها رغم ان نفسي أعمل كده واشفي غليلي من اللي قتل امي ..بس مقدرش يا بابا ...مقدرش اشوف نظرات الكره في عينيها ...أنا بحب ملاك يا بابا ...بحبها اكتر من أي حاجة في حياتي ومش هستحمل انها تشوفني وانا بقبض علي اكتر انسان بتحبه ...مش هستحمل الكره اللي هشوفه في عينيها ...

-انت فاكر انها لما تعرف أنك اتقربت منها بس عشان تخدعها مش هتكرهك يا عدي ...

قالها  والده ليهز عدي راسها ويقول :

-عارف انها هتكرهني ومتأكد من كده يا بابا ...بس ..

هزه والده من كتفيه وقال بقوة:

-من غير بس يا حضرة الضابط ...ده شغلك ...مهمتك في الحياة ومينفعش تتخلي عنها عشان حبك !!!مينفعش تخلي عواطفك تتغلب عليك ...ملاك هتعرف كده كده أنك أنك ضابط وانك اتقربت منها عشان تقبض علي ابوها...هي النهاردة او بعدين هتعرف الحقيقة وانت وقتها مش هتقدر تعمل حاجة ...يا بني مفيش مستقبل لعلاقتكم...

كلماته تلك قتلته...كان يعرف أن ليس هناك اي فرصة له مع ملاك ولكن كلمات والده الصريحة جعلت الأرض تهتز من تحته ...ثباته تهاوي تماما!!!ان يقول احد في وجهه ان علاقتهم مستحيل كدره بشكل كبير ...هو يعرف هذا ولكن ماذا يفعل في قلبه ؟!قلبه الذي يهواها!!!لقد اخرجها من خطته لانه فقط عشقها ...كان مستعد ان يترك كل شيء ويذهب معها لانه احبها ...كان يريد فقط ان تكون له وسوف ينسي  كل شئ ....سوف ينسي انها ابنة عدوه الذي يكرهه  ويتذكر فقط انها ملاك ...حب حياته ...المرأة التي ادخلت النور لحياته ...قد تنتهي قصة حبهما ولكنه لن يدعها تنتهي بتلك الطريقة البشعة ...هو لن يشارك في القبض علي عامر النجار ...نظر الي والده بتصميم وقال:

-لا يا بابا مش هاجي معاكم  ...لو كانت قصتي مع ملاك هتنتهي مش هخليها تنتهي بالطريقة دي !!

..........

لقد سمحوا لها أن تراه...اغمضت عينيها وقلبها ينتفض بقوة لا تعرف ماذا ستكون ردة فعله...هل سيسامحها او سيطردها من حياته للابد ...هل سيتفهم لماذا فعلت هذا ؟!والاهم من هذا هل ما زال يصدق انها تعشقه ؟!اسئلة كثيرة عصفت بعقلها دون اجابة...الخوف كان يمزق قلبها ...لقد احرقته تعرف هذا !ولكنها احترقت بنفس النيران التي احترق بها ...هي تتعذب الآن مثله لانها عرفت وبشكل صريح انها لن تحب احد مثله ...رغم بدايتهما السيئة الا ان جاسر هو من تبقي لها في تلك الحياة وهي ستفعل المستحيل كي تصلح حياته ويعود إليها ...سوف تنتظره الي ان يقضي عقوبته ويخرج وحينها لن تبتعد عنه ابدا !!!...

ولجت وعد لغرفة عدي لتقابل جاسر ...كان عدي ينتظرها وهو ينظر إليها بشفقة!وقال:

-انا هخليكي تقابليه بس خايف يكون رد فعله...

هزت وعد راسها وقالت بخفوت:

-هو مش هياذيني متقلقش ..

هز عدي رأسه وطلب من الشرطي ان يحضر جاسر ...كانت وعد تفرك كفيها بتوتر بينما قلبها ينبض بقوة ...متوجسة هي من رد فعله...تأمل بقوة ان يتفهم ما ستقوله ويتقبلها في حياته...انفتح الباب ليلج جاسر وهو مكبل بالأصفاد ...اعتصر قلبها من الألم وهي تراه هكذا ...كان يبدو ضعيف منكسر وهي من تسببت بهذا ...ابتلعت ريقها وعينيها تواجه عينيه...صدم في البداية ولكن النفور الذي ظهر في عينيه فجأة قتلها ...نهضت وهي تحارب نفسها الا تندفع  إليه وتضمها بقوة ...

قاطع عدي الصمت الثقيل في الجو وقال:

-انا هطلع عشان تاخدوا راحتكم ..

ثم اشار للشرطي وخرجوا من الغرفة ..نظرت وعد الي جاسر وقلبها يخفق من الألم. ..تصاعدت الدموع في عينيها عندما رأت عينيه اصبحت رطبة قليلا 

-جاسر .

-متقربيش ...اياكي تقربي مني!!

قالها بتحذير بينما عينيه رطبة من الدموع ...كان يشعر بقلبه يعتصر من ألم  الخيانة ...كان محطم!!

بكت وعد وقالت بصوت مختنق:

-ممكن تفهمني ...تفهم ليه أنا عملت كده...اديني فرصة طيب اشرحلك وجهة نظري ...

هز رأسه وهو يبتعد عنها كأنها وحش بينما هي تقترب ...تحاول ان تمسك يده ...تحاول الا تخسره ولكن نظرة قلة الثقة بعينيه قتلتها ...هي فقدت ثقته للأبد ...

-مكنتش هتحمل ان جوزي يبقي مجرم... أنا عشان بحبك عملت كده  ...انت لازم تاخد عقابك.

افلتت منه ضحكة ساخرة وقال بألم:

-اخد عقابي بالخيانة...بأنك تتفقي مع الشرطة وترميني في السجن انتِ حتي مفكرتيش تقنعيني اسلم نفسي ...هو ده حبك يا وعد!!!!

-هستناك ...والله هستناك ...

هو رأسه وقال بقسوة ؛

-مبقاش ينفع يا وعد ..خلاص احنا انتهينا .

-يعني ايه ؟!

قالتها بفزع ليرد بنبرة قاطعة:

-يعني انتِ طالق!

...............

-جاسر اتقبض عليه !!!

قالها عامر بصدمة والهاتف يقع من يده...كانت ملاك تقف امامه وهي تبكي بقوة ...

-بابا ..جاسر ليه اتقبض عليه ؟

ابتلع عامر ريقه لتقترب هي منه وتقول:

-انا عارفة كل حاجة وكمان أكيد البوليس عرف انكم بتاجروا في الممنوعات ...

نظر إليها  عامر وقال بتوتر:

-انتِ اللي بلغتي؟!!

هزت رأيتها بالنفي وهي تبكي وقالت:

-لا...معرفش ازاي عرفوا بس مستحيل مجرم يفضل هربان كتير ...

اطرقت وهي تري تأثير كلماتها عليه وكم جرحته واكملت :

-انا اسفة يا بابا بس دي الحقيقة الأفضل تسلم نفسك انت كمان ...

كان ان يعترض ويرد عليها الا ان اصوات عربيات الشرطة اوقفته تماما ....

هز رأسه وحاول ان يهرب الا ان ملاك امسكته وقالت وهي تبكي:

-ابوس ايديك متصعبش الموضوع يا بابا ...

دفعها عامر بقوة حتي وقعت ارضا ...تألم قلبه عليها ولكن غريزة الهروب  كانت اقوي من أي شئ...اندفع يركض من الباب الخلفي ولكن اندفاع الشرطة إليه أيضا جعله يتراجع ...صعد الادراج وهو يلهث بقوة لم يعرف الي اين يذهب بينما حاصرته الشرطة بالكامل ....

علي الأرض كانت ملاك تبكي بقوة اقترب منها مالك وهو ينظر الي تلك الفتاة التي بسببها ابنه تراجع عن انتقامه ...امسك كفها وساعدها علي النهوض ...نظرت الي الرجل المألوف بالنسبة لها وقالت:

-لو سمحت متخليش حد يأذيه...

هز مالك راسه بينما ركض  ليقبض علي عامر ....ولكن فجأة الجميع توقف عندما صدح في المكان صوت اطلاق النار ....هوي قلب ملاك في قدميها وارتعش كامل جسدها بينما جحظت عينيها وهي تقول بإنهيار:

-لا...لا...لا باباااا....

ثم صعدت الادراج وهي تصرخ بفزع ...حاول مالك منعها من الدخول ولكنها حاربته ودخلت لتصرخ مجددا وهي تجد والدها ملقي علي الأرض بكفه سلاح وقد اطلق النار علي بطنه!!!اقترب احد الرجال منه وقال:

-عايش اطلبوا الاسعاف بسرعة ...

اقتربت ملاك اكثر من والدها الذي فتح عينيه ...الدموع كانت تغرق عينيه ...مدت ملاك كلها وهي تبكي ليمسكها عامر بقوة ويقول:

-اسف يا بنتي ...

هزت ملاك راسها وقالت:

-هتكون كويس يا بابا ...

-انا عمري انتهي خلاص ...

قالها بتعب لتقتلها كلماته ...لم تتخيل ابدا الحياة دون والدها ....الا يكفي انها خسرت والدتها والان والدها ...لا هي لن تتحمل تلك الخسارة.... لا تتخيل كيف  ستكون  الحياة من دونه ...قد يكون والدها مجرم دمر حياة الكثير ولكنه والدها الذي تعشقه اكثر من اي شئ...هو قطعة من قلبها ولن تتحمل ان تخسره ...بكت بعنف وهي تحتضنه وقالت بصوت مختنق:

-متسبنيش يا بابا ...ابوس ايديك خليك معايا ...أنا مش زعلانة منك ولا هلومك علي حاجة ...بس خليك معايا ....

...  .....

بعد دقائق .. 

كانت ملاك تقود سيارتها خلف سيارة الاسعاف وهي تبكي بقوة لا تتخيل ابدا ان تخسر والدها ... اخذت تدعو الله الا تخسره ...هي لن تستطيع أن تعيش بدونه!! ..

...

دقائق ووصلوا الي المشفي. ..وقفت امام غرفة العمليات بين رجال الشرطة وقلبها يخفق بقوة وخوف ...كانت لا تتوقف عن البكاء ...شعرت في تلك اللحظة انها وحيدة وضعيفة للغاية ...لقد عرفت ان والدها هو كل حياتها ...صحيح انه خذلها عندما عرفت حقيقته ولكنها ما زالت تحبه بقوة ...هو كل ما لديها لا أحد سوف يحتل مكانة والدها بقلبها...اخذت تدور حول نفسها وهي تنتظر أي خبر مهما صغير عن والدها فجأة خفق قلبها وهي تري عدي يقترب منها ...بكت ملاك بإنهيار واقتربت منه ثم ضمته بقوة وهي تقول:

-عدي ...عدي الحمدلله أنك جيت أنا كنت محتاجة أي حد يبقي جمبي ...

ابتعدت ونظرت إليه وقالت من بين دموعها:

-بس انت ازاي عرفت اني هنا؟!..

ابتلع ريقه بتوتر بينما اقترب احد الضباط منه وقال:

-عدي باشا كويس أنك جيت..

نظرت اليه ملاك بصدمة وقالت:

-باشا؟!!..هو يعرفك من فين ..

اقترب مالك وقال :

-ده عدي العمري يا ملاك يبقي ابني ...ابن الست اللي ابوكي قتلها وهو ضابط مش رسام!!!

تراجعت بصدمة وهي تنظر إليه كانت لا تصدق ما تسمعه ...يا الهي هذا كثير جدا ...لا بد أن الأمر مزحة لا يمكن أن يكون هذا حقيقي !!

كادت أن تتكلم لكن خروج الدكتور من غرفة العمليات اوقفها ...وقف الدكتور امامها وقال بأسف:

-البقاء لله المريض مات!!!!

يتبع

#الشيطان_يقع_في_العشق

#سولييه_نصار


الفصل الثالث والعشرون(انهيار الصياد).....

تجمدت وهي تسمع كلام الطبيب ...شعرت أن العالم يدور بها ....

-معلش حضرتك بتقول ايه؟!!اكيد بتهزر مش كده ؟!

نظرت إلي عدي وتجمعت الدموع في عينيها وقالت:

-ده مقلب منك انت صح يا عدي ...بابا مستحيل يسيبني ...

-ملاك ....

قالها عدي وهو يحاول أن يلمس كتفيها ولكنها دفعته بشراسة وهي تصرخ:

-بابا مماتش بطلوا كدب ...حرام عليكم ليه بتعملوا فيا كده !...

ثم استدارت وهي تدخل بالقوة لغرفة العمليات ....تجمدت مكانها وقد شحب وجهها كالأموات وهي تجده متسطح علي فراش العمليات وساكن تماما ...لا يتحرك ولا يتنفس حتي ...وضعت كفها علي فمها  ودموعها تنسكب علي وجهها ...الالم وقتها كان اصعب من اي الم اختبرته من قبل ...شعرت أنها تحتضر ولكنها لا تموت ....تمنت الموت وقتها ولم تجده ...كادت أن تندفع إلي والدها وهي تصرخ إلا أن عدي امسكها بقوة من الخلف  وهو يقول :

-اهدي ...اهدي ...

حاولت ملاك أن تتحرر منها وهي تصرخ وتبكي إلا أنه احكم تقييدها بذراعيه بينما قلبه ينتفض بألم لها ...كان يتألم بقوة عليها ...لم يتخيل في أحلامه أن يتأثر بموت الرجل الذي قتل والدته ولكن من أجلها فعل....عندما رأي انهيارها فعل ...

-سيبني ...سيبني عايزة اروح لبابا ...

قالتها وهي تصرخ وتبكي إلا أنه لم يفلتها بينما هي تصرخ بتلك الطريقة كان لصراخاتها صدي مؤلم في قلبه ...فجأة شعر بها ترتخي بين ذراعيه ليجدها فقدت الوعي !!!

..........

بعد دقائق ...

فتحت ملاك عينيها بتعب وهي تجد نفسها في غرفة بيضاء رائحتها خانقة....جلست وهي تضع كفها علي رأسها وبنظرة بسيطة عرفت انها في غرفة بالمشفي. ..لم يكن كابوسا!لقد مات والدها فعلا ...فكرت بينما الدموع تنسكب دون توقف من عينيها ...قلبها كان يتمزق بقوة ....لقد فقدت كل شىء...كل شىء حرفيا. ..الأميرة السعيدة تحولت حياتها لجحيم لا يطاق...ضمت قدميها إليها ثم وضعت رأسها علي قدميها وبدأت بالبكاء  ...ولج عدي فجأة لغرفتها وهي يتطلع إليها بشفقة ...كانت منكمشة علي نفسها وهي تبكي بتلك الطريقة التي مزقت قلبه ..هو يعرف كم تحب والدها ...ويعرف أن فقدانه سبب شرخ  كبير داخلها. ...اقترب برفق منها وهو يضمها إليها ...فجأة تجمدت تماما وهي شعر بهذا وبنفور قامت بإبعاده عنها وهي تنظر إليه بنظرة باردة بينما تمسح دموعها  ...

-ملاك أنا ...

تلكأ في كلماته وهو يري نظراتها تلك ...نظرات باردة نافرة تخبره بوضوح أنها طردته من حياتها باكثر الطرق إيلاما ...

-مهمتك خلصت يا حضرة الضابط ..بابا ومات وجاسر واتقبض عليه مش شايفة داعي لحبك المزيف دلوقتي ...

ابتلع ريقه لتكمل بقسوة :

-ولا هو فيه حاجة تاني عايزها عشان كده بتحاول تقرب مني تاني ...ها قولي خير فيه حد تاني في عيلتي مجرم عايز تقبض عليه فبتستغل حبي ليك ..طيب انا هسهلها عليك ...انا مليش حد تاني الا بابا وجاسر ...بابا مات وجاسر اتحبس وانت اللي فوزت ...خلاص كده المهمة بتاعتك خلصت ...مفيش داعي انك تيجي علي نفسك وتعمل انك بتحبني ...أنا عرفت الحقيقة خلاص ...خلينا ننهي اللعبة السخيفة دي ...

اقترب منها وقال :

-دي مش لعبة أنا فعلا بحبك ...

افلتت منها ضحكة ميتة تخفي وجع عظيم وقالت والدموع تتصاعد في عينيها :

-انت فاكر نفسك هتقدر تضحك عليا تاني؟!!انت بجد مش طبيعي ...

اقترب منها وهو يحاول لمسها إلا أنها صرخت بقوة في وجهه ...

تراجع بينما بهت وجهه وهو يري عينيها الرمادية التي اشتعلت بنيران لم يراها من قبل وقالت:

-اطلع برة يا حضرة الضابط بدل ما امسح بكرامة عيلتك كلها الأرض ....

.........


كان يقف جاسر أمام مكتب مالك وهو ينظر إليه بحيرة بد  الرجل متوتر تماما وهو ينظر له ...

نظر إليه مالك ...ولأول مرة يشعر أنه في ذلك الموقف ...لم يتخيل ابدا أنه سيتأثر بموت عدوه ولكنه بالأساس لم يحزن علي موت عامر فهو يستحق بسبب ما فعله ولكن حزن عندما رأي انهيار ملاك ...تلك الفتاة التي رأت في والدها كل شىء لتنصدم لاحقا فيه ⁦⁦لقد حاول ألا تقوده عواطفه كما حدث مع عدي ولكنه دون أن يدري تعاطف مع تلك الفتاة وكم شعر بالحزن لأجلها ...وشعر بالندم بسبب الطريقة التي أخبرها بيها حقيقة عدي !...

نظر إلي جاسر وقال بنبرة حاول أن يجعلها ثابتة:

-فيه اخبار مش حلوة خالص عن عمك يا جاسر .

انتبهت حواس جاسر وقلبه يخفق برعب ...حاول أن يدفع اي افكار سلبية تلاعبت بعقله ولكنه فشل تماما والخوف يتصاعد بسرعة في قلبه !...

تنهد مالك وقال:

-لما جينا نقبض علي عمك ضرب نفسه بالنار ..

تراجع جاسر برعب بينما يكمل مالك :

-وللاسف مات!!!

مات !!ترددت الكلمة بعقله ولكنه لم يستوعبها اصلا ...نظر إلي الضابط بدون استيعاب  وقال:

-انت بتقول ايه ... انت.  .

-للاسف ده اللي حصل .

قالها مالك وهو ينظر لجاسر ...اتسعت عينيا جاسر بوجع ثم سرعان ما تجمعت الدموع بغزارة في عينيه وهو يشعر بألم هائل في قلبه....الم الفقدان ...لقد فقد أحد أسس حياته ...فبعد والدته عمه كان داعم أساسي له ...ربما يكون قاسي ولكن هو من احتضنه في الوقت الذي نبذه الجميع ...تراجع أكثر ووضع كفه علي ظهر الكرسي ليقع الكرسي مسببا دوي مزعج ...تساقطت دموع جاسر وهو يشعر بالأرض تهتز من حوله وعالمه الثابت يتهاوي...وضع كفه علي فاه واجهش بالبكاء ...بكي كما لم يبكي من قبل ...وللدقة بكي كما بكي موت والدته ....لقد انهار الصياد ومات جاسر!  انهار جاسر علي الأرض ووضع كفيه علي قلبه وبكاؤه يزداد حدة ...تأثر مالك وهو ينظر إليه أنها المرة الأولى  التي يري انسان ينهار بتلك الطريقة ...حقا كان مندهش من نفسه أنه يتعاطف مع مجرم دمر الكثير ...يبدو أنه فقد صوابه مثل ابنه عدي الذي تغلبت عواطفه علي عقله...اقترب مالك من جاسر وقال:

-اسف لخسارتك يا جاسر ..بس حاليا الانهيار مش في صالحك ...دلوقتي عمك مات ولو مساعدتش البوليس هتقضي بقية عمرك في السجن ...

لم يرد عليه جاسر وأكمل في بكاؤه ليلعب مالك بورقته الأخيرة ويقول :

-عشان خاطر ملاك علي الاقل ....بنت عمك اللي ممكن تترمي في الشارع  لما نحجز علي ممتلكات عمك ...المسكينة انهارت بسبب موت ابوها ...ومظنش مستعدة تخسر اخر حد ليها واللي هو ابن عمها وأخوها ...انت المتبقي ليها وتقدر جدا تحميها وهنساعدك بس انت كمان تساعدنا وتدينا معلومات عن اخر شحنة...

نظر إليه جاسر وهو يفكر ... ملاك....ابنة عمه هي المتبقية له من العائلة ...ليس لديه غيرها وهي ليس لديها غيره...لابد أنها منهارة الان ابنة عمه المسكينة ....أن كان لديه هدف ليقاوم ستكون هي ...أمانة عمه التي يجب أن يهتم بها ولا يتركها ...سيحارب لكي تعيش هي حتي لو مات هو غير مهم ...المهم أن يحافظ علي أمانة عمه ...

نهض ببطء وهو ينفض عنه الضعف وقد وجد الان هدف له ...هدف ليريح عمه في قبره وقال:

-عايز اقابل ملاك ...مش هتكلم ولا اساعدكم الا لما اشوفها ...

ابتسم مالك بسخرية وقال:

-انت مش في  وضع  دلوقتي انك تتفاوض يا صياد انت ممكن تموت هنا ...

-الموت مش نقطة ضعف الصياد يا مالك بيه ...اللي بحبهم هما نقطة ضعفي ...اساعدك لما اشوف ملاك غير كده لا ....

.............

في اليوم التالي ....


-عجبتك القاعة ؟!

قالها يوسف بإبتسامة وهي ينظر إلي ملامح حياة السعيدة لتهز هي رأسها برضا وتقول:

-بصراحة جميلة اووي ..

اقترب وهو يقول لها:

-انا بس حبيت اعملهالك مفاجأة وتشوفيها يوم الفرح بس اكتشفت انك عنيدة وانا اضطريت ارضح ليكِ ...

قالها بتذكر لتضحك هي وتقول:

-صعب جدا تخبي عني حاجة يا دكتور !

-انا بقيت اخاف منك  

قالها ضاحكا ولكن فجأة تجمدت الضحكة علي وجهه وهو يراها ....نظرت حياة إليه بحيرة ونظرت حيث ينظر هو لينتفض قلبها بعنف ....لا يا الهي هذا مستحيل فكرت بإنهيار ...لما ظهرت الان بعد ما كان كل شىء علي ما يرام. ..كادت أن تبكي وهي تري نظرات يوسف إليها ..تلك النظرات قتلتها فعليا ...

-وعد !!!

انطلقت الكلمة من شفتيه لتتجمد وعد وهي تنظر إليه ....كانت خجلة من أن تواجهه فكرت أن تستدير وتهرب ولكن هذا لن يكون في صالحها ...اقتربت منهما ورسمت ابتسامة لطيفة وهي تلاحظ خواتم الخطبة التي تزين يديهما...وكم فرحت لأن يوسف تجاوزها نهائيا ...لقد شعرت حقا انها ارتاحت من حمل ثقيل كان يجثم علي قلبها ...

-ازيك يا يوسف .

قالتها وعد بقليل من الإرتباك ثم أكملت وهي تشير الي خاتم خطبته:

-فرحت اووي عشانك ....

كانت تثرثر بلا هدف وهي تحاول تلافي الموقف المحرج ...لم تكن تريد أن تزعج خطيبته ...لاحظ يوسف أيضا خاتم علي اصبعها ونظر إليها يتساءل لتقول بتوتر:

-انا اتجوزت !

رفع حاجبيه بدهشة لتفرك كفها بتوتر ...يا الهي هي تتمني الان أن تنشق الأرض وتبلعها ولم تكن الوحيدة التي شعورها هكذا !بل تمنت ايضا حياة أن تختفي وخاصة وهي تري نظرات يوسف تلك ... ابتسم يوسف لها ببرود وقال:

-مبروك ربنا يهنيكي...

ثم سحب حياة وذهب ...

تنفست  وعد براحة  وهي تضع كفها علي قلبها ...لا تصدق انها وُضعت في هذا الموقف المحرج ...تنهدت وهي تسير في طريق العودة إلي منزلها القديم فقد طلقها الصياد وانتهي أمرها ...لقد مكثت في منزله بعد طلاقها تبكي وتنتحب الا انها قررت أن تعود ...فالبيت دونه أصبح سجن خانق لا تتحمله هي ...لذلك في اليوم التالي اول شئ فعلته ارتدت ملابسها وخرجت من المنزل ...كان قلبها يرتج في صدرها وهي تتذكر الطريقة التي نظر إليها بها ...النفور والكره في عينيه جعل معدتها تتلوي من القهر ...لقد كرهها جاسر ....ولن يسامحها ابدا ...رات هذا في عينيه والحلم الجميل الذي عاشته معه انتهي بسرعة وسقطت الأميرة من مملكتها للهاوية تماما!!!

.........

-حياة ...حياة ...

كان يصرخ يوسف بها بينما هي تركض أمامه ...لا يعرف ماذا حل بها فجأة ...

امسك كفها وصرخ:

-حياة مالك فيه ايه؟!!

-انا شوفت الطريقة اللي بتبصلها بيها .

قالتها وهي تدفعه بقوة..وانسابت الدموع من عينيها وهي تختنق قائلة:

-انت لسه بتحبها يا يوسف 

-نعم 

قالها بصدمة لتبكي هي وترد:

-انت عمرك ما بصتلي بالطريقة دي...عمرك ما حبتني زيها ...النهاردة لما شوفتها عينيك لمعت بطريقة غريبة وانا مش هستني انك تسيبني تاني عشان وعد ظهرت في حياتك ...

نظر إليها بصدمة ...توتر وفزع عندما خلعت خاتمها وقالت وهي تعطيه له:

-انا مش هحط نفسي في الموقف ده تاني ...موقف انك ترمي دبلتك في وشي عشان ترجع لوعد !...

ثم بسرعة هربت من أمامه تاركة إياه مذهولا تماما !!!!

.......

ولجت وعد بتعب لمنزلها الصغير ...في طريقها للمنزل رأت نظرات الدهشة والاستنكار من الجيران عن تلك الفتاة التي اختفت فجأة هي ووالدها !!

فجأة توقفت وعد وهي تري والدها واقفا في الصالة ينظر إليها مبتسما بفخر وقال:

-عرفت انك سجنتِ الصياد...عاش اهو أنتِ دلوقتي بنتي بصحيح ...

-حظي سئ اني بنت واحد زيك واهو الصياد المجرم احسن منك مليون مرة ...

 قالتها وهي تقترب منه بينما عينيها تبرقان بشراسة صمت والدها وهو يشعر بالتوتر وقال:

-صدقيني يا بنتي مكانش قدامي حل غير كده وبعدين الحمدلله اهو اتحبس وخلصنا منه ومفيش حاجة تربطنا بيه ...

ابتسمت وعد بوجع وقالت؛

-لا فيه ...حبي بيربطني بيه وكمان أنا ...

صمتت قليلا وتنهدت بعمق وقالت:

-انا حامل من جاسر !!!

............

كانت تجلس علي المقعد في مكتب عدي شعرها الأشقر يغطي وجهها بينما هي مطرقة للاسفل ودموعها تتساقط بتتابع وشهقات صغيرة تنفلت من شفتيها .....اقترب عدي منها وهو يعطيها محرمة ولكنها تجاهلته تماما ...عاد بخجل لمقعده ونظر إليها بحزن بينما والده كان يراقبه ...ابنه مغرم بتلك الفتاة للاسف ....يحبها بطريقة لا يستوعبها مالك ...وقد تسبب هو من غير قصد في تحطيم قلب ابنه سعيا للإنتقام ...ملاك يبدو أنها لن تغفر بتلك السهولة....النظرات الباردة التي تخصها بعدي أخبرته بهذا ...عدي المسكين لن يستطيع أن يجعلها تعود له ...وربما هذا افضل لان قصة حبهما محكوم عليها بالفشل ...فملاك مهما حدث هي ابنة الرجل الذي  قتل زوجته وهو لن يتقبل تلك الفتاة ابدا  ...

مسحت ملاك دموعها وهي تنتظر بلهفة أن تقابل جاسر ...لقد أخبرها مالك انها الوحيدة القادرة علي إقناعه ليساعدهم وهي يجب أن تقنع جاسر لكي تخفف عقوبته ويخرج ويبقي معها ...لان بعد والدها جاسر الوحيد الذي تبقي لها ...جاسر الوحيد الذي سيتقبل انهيارها هي تعرف هذا ...فعندما مات والدها لم يسمح لها أحد أن تنهار بل بسرعة تم الانتهاء من إجراءات الدفن وقاموا بدفنه ثم حضرت هي هنا في اليوم التالي لتقنع جاسر أن يساعد الشرطة ...الأمر أنهم علي حق فهي ليست لديها تلك الرفاهية ...رفاهية أن تبكي وتغلق غرفتها عليها بالأيام ...لقد مات والدها وسُجن ابن عمها لذلك عليها أن تخلع ثوب الأميرة وتواجه الحياة بقسوتها الشديدة ...فُتح الباب لينتفض قلبها وتنهض ...غاص قلبها وهي تري جاسر ...محطم ...منهار بينما ينظر إليها بحنين وحزن ...

-جاسر ..

قالتها ملاك باكية ثم اندفعت دون تفكير تعانقه وتبكي بقوة ....انقبض قلب عدي وشعر بروحه تحترق من الغيرة وهو يري هذا المشهد  العاطفي  ...لم يتحمل هذا المشهد أكثر وخرج بسرعة كأنه يهرب من الواقع ...واقع أن ملاك لن تكون له ....

...

لم يهتم أحد لعدي الذي خرج بغضب الا والده لكن ملاك كانت في عالم اخر ..كانت تعانق جاسر وهي تبكي بألم قائلة:

-بابا مات يا جاسر ...انا بقيت لوحدي ...

-ششش اومال أنا فين ...أنا معاكي يا ملاك وهفضل معاكي دايما ...

قالها وهو يربت علي شعرها برفق ..

ابتعدت وهي تمسك يديه وتبكي:

-يبقي تساعد البوليس عشان تخرج بسرعة...عشان أنا مش هقدر اعيش من غيرك ...أنا دلوقتي مليش حد الا انت يا جاسر ولو فعلا بتحبني يبقي ساعد البوليس ...

تنهد جاسر بتعب ليتدخل مالك ويقول:

-فكر يا جاسر حسب معلوماتنا اللي بيوردلك ده اكبر مورد مخدرات في الوطن العربي مش مصر بس ..انت عارف انك لو ساعدتنا ده هيخفف عنك كتير ...وهيبقي موقفك احسن الا بقا لو عايز تشيل الشيلة لوحدك انت حر يا صياد بس لما تقضي بقية حياتك في السجن متلوميش الا نفسك ...

شدت ملاك علي كفه وقالت:

-انا خسرت بابا ومش مستعدة اخسرك .

ربت جاسر علي شعر ملاك ونظر لمالك وقال :

-هساعدك تقبض عليهم !!

يتبع

#الشيطان_يقع_في_العشق

#سولييه_نصار


الفصل الرابع والعشرون (هدية عظيمة)

تنهدت ملاك براحة وأضاء وجهها بإبتسامة عندما وافق ...شدت علي كفه وقالت:

-شكرا يا جاسر ...شكرا ..

ثم عانقته بقوة في نفس الوقت الذي دخل فيه عدي ...

-اللهم طولك يا روح ..

قالها عدي بغيظ وهو يري جاسر يعانق ملاك وأكمل هامسا :

-محسسيني أنهم عيلة بتموت في بعض وهما قتالين قتلة ...

نظر مالك الي ابنه الذي احتل الغضب ملامح وجهه وقال:

-جاسر وافق يساعدنا 

هز عدي رأسه دون رضا وهو ينظر إلي ملاك وقال بنبرة ساخرة:

يظهر أن آنسة ملاك ليها تأثير عميق علي جاسر ...تأثيرها اكبر من تأثير مراته ...

تطلعت ملاك بصدمة إلي عدي ثم إلي جاسر وهي تقول :

-مراتك !!انت اتجوزت امتي؟!!  

نظر جاسر الي مالك وقال:

-عايز بنت عمي في موضوع عائلي ينفع؟! ..

هز مالك رأسه وقال:

-اكيد ..يالا يا عدي ...

-لا انا هفضل هنا .

قالها عدي بضيق ليمسكه والده من ذراعه وهو بس يسحبه خلفه ...

....

بعد أن خرجا جلس كل من ملاك وجاسر لتنظر إليه ملاك بصدمة وتقول:

-ما تقولي يا بني امتي اتجوزت ...

تنهد جاسر وقال؛

-انا هقولك علي كل حاجة بس هختصرلك علي قد ما اقدر اتفقنا !

هزت ملاك رأسها وهي تستعد لتسمع العديد من الأسرار التي تحيط بإبن عمها الغامض!!...

.....

-ليه طلعتني من هناك؟!

تكلم عدي بعصبية ...امسك والده ذراعه وقال:

-الصياد وافق يساعدنا وملاك هي اللي اقنعته فأبوس ايديك يا عدي سيب الغيرة بتاعتك دي علي جنب ...شغلنا اهم ...

-شغلك اهم من مشاعري؟!

قالها عدي بإستنكار ليرد والده بحزم:

-ايوة يا عدي ....المشاعر حاليا مش مهمة ...بلدك هي الأهم ...الشحنة دي هتكون أكبر شحنة مخدرات في البلد ...انسي ملاك خالص مهمتنا محددة دلوقتي ...اي مجال لدخول المشاعر هيبوظها ...وانا استنيت الفرصة دي كتير ومش هسمح بشوية مشاعر تبوظها ...

هز عدي رأسه دون تصديق وقال:

-انت سامع نفسك بتقول ايه يا بابا ...هو انا للدرجادي مش مهم عندك ..

-يا حضرة الضابط عيب اووي واحد بمركزك يخلي مشاعره تسيطر عليه ...انت ضابط يا عدي يعني عقلك هو اللي يتحكم في قلبك مش العكس ...في شغلنا لازم نرمي اي مشاعر تحاول تضعفنا ...ومتنساش أن ملاك تبقي بنت الراجل اللي قتل والدتك ...أنا فعلا متعاطف معاها بس عمري ما هنسي والدتك اللي راحت بسبب مجرم ..

-انت كمان بتحب ماما يا فندم !

قالها عدي ثم اكمل:

-عشان كده مخلي مشاعر الكره متحكمة فيك ...واهو خليت مشاعرك تتحكم فيك فأظن اني شبهك الي حد ما !

قالها ثم غادر من  امامه..

.......

-بتقول ايه؟!

قالتها ملاك بصدمة وقد اتسعت عينيها ثم أكملت :

-خطفت واحدة واتجوزتها يا جاسر وهي اللي اتفقت مع الشرطة وحبستك ؟!

-وطي صوتك يا ملاك اكيد مش عايزاني اتحاكم بتهمة الخطف مع المخدرات ...

صمتت ملاك كليا فتنهد جاسر وقال :

-الوضع معقد يا ملاك بس انا فعلا حبيت الست دي ...حبيتها اكتر من اي حاجة في حياتي بس انا طلقتها ...

ربتت ملاك علي كفه وقالت:

-ما دام بتحبها يبقي تسامحها ...

نظر إليها وقال:

-الموضوع صعب ...صعب اسامح وعد زي ما أنتِ صعب تسامحي عدي يا ملاك ...

صمتت ملاك كليا فأكمل:

-شوفتك معاه بس مكنتش اعرف انه ضابط  

اطرقت ملاك وهي تقول بحزن:

-هو استغل حبي ليه ...استغل سذاجتي بس عمره ما حبني بس وعد اكيد حبتك ...

هز جاسر رأسه وقال:

-هي خانتني ...هي اللي سلمتني للشرطة ..

-يمكن حبت تكون ليكم فرصة سوا من غير ما تحس بعبأ علي ضميرها ...ليه متبصش للموضوع من وجهة نظرها ...

صمت جاسر فشدت ملاك علي كفيه وقالت:

-تحب اروح واشوفها ... اطمن عليها..

-اعتقد هي راحت بيتها خلاص ..

قالها بخفوت والضعف المزعج يغزو روحه بقوة ...

-تحب اروح لها..قولي العنوان واوصفها ليا ...

ابتسم وقال:

-عينيها شبه القطط البرية ...متأكد هتعرفيها علطول وهقولك عنوانها ...

......

انتهت الزيارة وغادرت ملاك وبدل من أن تذهب وترتاح في منزلها قررت أن تذهب لوعد ...

...

وقف عدي أمام جاسر وهو ينظر إليه بغضب فقال جاسر ببرود:

-ليه بتبصلي كده ؟!لتكون معجب بيا ولا حاجة بس للاسف أنا راجل استريت وكنت متجوز 

-مش كفاية احضان بقا !!!

قالها عدي بغيرة لينظر إليه جاسر بحيرة وهو يرفع حاجبه الأيمن ويقول :

-افندم؟!!احضان ايه؟!

احمر وجه عدي وقال بغيرة:

-انت كل اما تشوف ملاك تحضنها ..خلاص عرفنا انكم عيلة متماسكة وبتحبوا بعض بس الموضوع بقا اوفر ولا يحتمل ...مش حابة اشوفك قريب منها تاني بالطريقة دي ...

ضحك جاسر ساخرا واقترب منه قائلا:

-انت هتعلمني ازاي اتعامل مع بنت عمي ...الإنسانة الوحيدة اللي فاضلة من عيلتي؟!!...حضرة الضابط اقترح عليك تخليك في حالك ..احضنها اتجوزها انا حر وانت ملكش دعوة باللي أنا بعمله .. اتفقنا !!!

وكان الجواب نظرات نارية مشبعة بالغيرة من عدي...كان يشعر بغيرة لم يشعر بها من قبل!!!

ابتسم جاسر في وجهه  كان سعيد بالغيرة التي يشعر بها عدي فهو يستحق هذا بعد ما فعله بملاك  ...

قال  جاسر فجأة  بإستفزاز:

-ايه يا حضرة الضابط مش هتوديني زنزانتي ولا ايه؟!!

.........

-الولد ده لازم ينزل !

صرخ والدها وقد تغيرت ملامحه ...تراجعت وعد وهي تضع كفها علي بطنها في حركة حماية تلقائية ...برقت عينيها بشراسة وقالت بعنف:

-علي جثتي ...مستحيل !

اقترب منها وامسك ذراعها وهو يصرخ؛

-ده ابن حرام !.

صرخت هي بدورها:

-لا مش حرام ...أبوه يبقي جاسر النجار اللي هو جوزي ...احنا اتجوزنا علي سنة الله ورسوله ..

ابتسم ساخرا وقال:

-جاسر المجرم ...اللي هيقضي حياته كلها في السجن بسبب جرايمه الكتير ...هتجيبي ابن أبوه مسجون وممكن يموت في السجن ...

دفعته وعد وهي تصرخ بقهر:

-لا جاسر هيطلع...هيقضي عقوبته ويطلع ويبقي معايا ...

والجواب عليها كان ضحكة ساخرة اغاظتها كثيرا .. تجمعت دموع الغضب بعينيها وكم كرهته في تلك اللحظة ...

رفعت رأسها وقالت بقوة :

-ابني مستحيل أنزله ...

-يبقي تنزليه غصب عنك ...

ثم كاد أن يهجم عليها إلا أنها ركضت للمطبخ وامسكت سكين كبير وهو تقول بغضب :

-اقسم بالله لو فكرت تمد ايدك لأقتلك ...

اتسعت عيني والدها بغضب وهدر بها؛

-تقتلي ابوكي!!!

رفعت رأسها وقال :

-انا اعتبرت ابويا مات في اليوم اللي باعني فيه بفلوس ...

-كنت مضطر ...كان هيقتلني!!!..

تجمعت الدموع بعينيها وقالت ؛

-مش مبرر ليك ...مش مبرر انك تبيع بنتك ...

-وانتِ حبيتي المجرم ده!! ...

صرخ بها لتصرخ هي بدورها :

-لانه الوحيد اللي اداني الحب اللي انت رفضت تديهوني اهو المجرم ده اداني حب طول حياتك فشلت تديهوني ...

دموعها انسابت وقالت:

-عمره ما فكر يبيعني زيك  ...

ابتسم والدها بقسوة :

-بس انتِ بعتيه صح ؟!!

بهتت وهي تنظر إليه ...انسكبت دموعها وهي تتذكر كيف سلمته بسهولة للشرطة كيف لم تفكر حتي أن تقنعه ...تعترف انها أخطأت في تلك النقطة ولكنها ما أن عرفت حتي انهارت تماما ...وعقلها توقف عن العمل ...أصيبت بالجنون وهي تفكر أن حبيبها تاجر مخدرات والأمر أصبح أسوأ عندما عرفت انها حامل حينها تدمرت تماما وتصرفت التصرف المناسب من رأيها...أرادت أن يأخذ جاسر عقابه قبل أن تتقبله كليا في حياتها ولكنه للأسف رفض حتي أن يتفهم وجهة نظرها وطردها بقسوة خارج حياته  ...

استغل والدها شرودها واقترب ليهاجمها ..سقطت السكين لتصرخ وهي تحاول تجنبه ثم دفعته بقوة وولجت لغرفتها ثم أغلقت عليها الباب جيدا ...

-تعالي معايا ونزلي الواد ده بهدوء والا والله اقتلك ...

هزت راسها وهي تبكي ...هذا مستحيل ...مستحيل أن تسمح له أن يؤذي ابنها...أخذ والدها يطرق الباب بعنف وكان قلب وعد يرتج وهي تبكي ...لحظة اثنان وفجأة نجح في كسر الباب ... تراجعت وعد للخلف وهي تبكي وقالت:

-ابوس ايديك متأذيش ابني ...

هز والده رأسه وقال:

-ده ابن حرام لازم يموت !!!

ثم هجم عليها وامسكها من شعرها وقال:

-تعالي معايا بالذوق ننزله بدل ما اضربك أنا لحد ما يموت في بطنك ...

اخذت تبكي بعنف وهو يدفعها أمامه وهي تصرخ وتبكي ...فتح الباب ليتراجع فجأة بألم ويصرخ عندما شعر بضربة عنيفة علي رأسه...نظر ليجد فتاة ذات عينين رمادتين مشتعلتين تمسك عصا خشبية ثم قامت بضربه مرة أخري حتي فقد الوعي ...ودون أي انتظار أمسكت بكف وعد وهي تجذبها نحوها ثم يركضان للخارج ...

-انتِ مين؟!

صرخت بها وعد وهي تحاول أن تتوقف ولكن ملاك جرتها خلفها وهي تقول:

-خلينا بس نبعد من هنا وهفهمك كل حاجة ....

اخيرا توقفا في مكان بعيد عن المنزل لتقول ملاك لوعد وهي تلهث:

-مين الراجل المجنون اللي ضربته ده ؟!!

كتفت وعد ذراعيها وقالت:

-ده يبقي ابويا ..وبعدين مين أنتِ وجراني وراكي زي الجاموسة بالشكل ده ازاي ؟!

ابتسمت ملاك بتوتر وقالت:

-انا ملاك بنت عم جاسر أو الصياد هو طلب مني اطمن عليكِ ولما جيت سمعت صوتك بتصرخي فقولت فيه حاجة ...

خفق قلب وعد بعنف وتجمعت الدموع بعينيها وقالت:

-هو كويس ؟!

هزت ملاك رأسها وقالت :

-ووافق كمان يساعد البوليس ...

انسابت دموع وعد وهي تضحك بفرح ...شدت علي كف ملاك وقالت:

-كده هو هيخرج بدري ...مش هيفضل كتير في السجن صح ؟!...

ابتسمت ملاك وهي تشد علي كفها وقالت :

-هيطلع أيوة وهيرجعلك ...

وضعت  وعد كفها علي بطنها بحركة غير إرادية وقد أضاء وجهها من السعادة ...شهقت ملاك بفرحة وقالت:

-انتِ حامل !!!

  .............

بعد اسبوع ...

-عايزة افهم أنا عملت ايه لده كله يا خالتي ...بنتك بقالها اسبوع رافضة تتكلم معايا!!!!أنا غلطت في ايه لده كله !!

صرخ يوسف وهو يشعر بالجنون ...فحياة أصبحت تتصرف بسخافة غريبة جدا ...ألقت الخاتم في وجهه ...هي تظن أنه ما زال يحب وعد ...لقد أخبرها الف مرة أن وعد انتهت من حياته ولكنها لا تفهم وهو قد مل من تصرفاتها الطفولية تلك ...

-يا بني انت جرحت حياة قبل كده وهي حساسة ...معلش استحمل شوية معاها....

قاطعها يوسف بغضب :

-انا استحملت كتير يا خالتي وفاض بيا خلاص ...قولتها مليون مرة اني بحبها هي هي وبس ...لكن هي مصرة تتمسك بالاوهام دي لحد ما هتضيع حياتنا كلها ...بنتك لو مبطلتش غباء هتخسر كل حاجة ..

صمتت خالته وهي تشعر بالتوتر والحيرة ...الأمور مشتعلة كثيرا بينهما وتخاف أن يُلغي الزفاف بسبب هذا الجدال التافه ...اقتربت هي من يوسف وقالت:

-معلش يا ابني تعالي انت علي نفسك وروح صالحها ...والله حياة بتحبك اووي وبتغير عليك يمكن عشان كده مستحملتش لما شافت خطيبتك القديمة ...قدر شوية يا يوسف ...انت سيبت قبل كده حياة عشان وعد !..

-وانا هتعاقب علي حاجة زي دي طول حياتي ولا ايه !!!هي كل شوية هتفكرني باللي عملته لو هي ناوية تنكد عليا  طول حياتي عشان حاجة زي دي يبقي بلاها الجوازة دي يا خالتي أنا مش ناقص وجع دماغ ...

-وجع دماغ!!!!

صرخت حياة وهي تخرج من غرفتها ...عينيها كانت حمراء من البكاء وتتنفس بقوة وتقول:

-انا وجع دماغ يا استاذ يوسف ؟!!..

نظر إليها يوسف وقد شعر بقلبه يتألم بسببها ...كانت حالتها صعبة ولكن كبرياؤه وعناده المعتاد رفضا الخضوع لقلبه الضعيف أمامها وصرخ بها:

-ايوة يا حياة وجع دماغ لما كل شوية تفكريني بغلطة عملتها وتنكدي عليا يبقي وجع دماغ ...

اطل  من عينيها القهر ليكمل بقسوة :

-لما تكون ثقتك في نفسك قليلة وتعاقبيني بسبب كده يبقي وجع دماغ ...قولتها وهقولها وعد انتهت من حياتي خلاص ...مبقتش افكر فيها ...أنا لو بحبها زي ما بتتخيلي مكنتش اسيبها وامشي بكل برود ...أنا اتصدمت لما شوفتها صحيح ..بس أنتِ بنفسك شوفتي بعدها ازاي مشيت ومبصتش ورايا حتي ...قوليلي اعمل ايه اكتر من كده ...

-عيونك لمعت ليها 

قالتها وهي تبكي ...صرخ بها وقد فقد أعصابه :

-امتي عيوني لمعت ما تبطلي هوس وجنان بقا عشان خلاص جبت اخري من تفكيرك الغبي ده ...

-يوسف متتكلمش معاها بالطريقة دي !!

زعقت به والدة حياة ولكنه لم يهتم واقترب من حياة وهو يقول بغضب:

-حياة أنا تعبت ..ومش مضطر استحمل ده كله ...أنا بتعاقب علي غلطة عملتها مش كل شوية تحشري وعد في حياتنا لاني خلاص طردتها برة حياتي للابد ..لو هتفضلي تحشريها بالطريقة دي يبقي جوازنا هيفشل يا حياة ومن دلوقتي بقولك ان كان أنتِ مش واثقة من حبي ليكِ يبقي بلاها الجوازة دي من الاول وكل واحد يروح لحاله ..

بهتت حياة ليذهب هو من أمامها مسرعا تاركا إياها محطمة

...............

-نعم!!!انت اتجننت يا عدي عايز تسيب شغلك ...تنسي واجبك تجاه بلدك عشان عواطفك الغبية دي!!!

صرخ به مالك وهو يكاد يُصاب بالجنون ...لا يفهم كيف يفكر ابنه ...كيف يريد التخلي عن كل شىء من أجل فتاة لن تعود إليه من الأساس ...

لم يتكلم عدي وظل ساكنا ولكن ضجيج قلبه كاد أن يصم  أذنيه تمني في تلك اللحظة أن يختفي من الحياة فهو فقد الاغلي علي قلبه ..فقد ملاك ...اغمض عينيه وهو يتذكر بقهر الطريقة التي نظرت إليه بها ...نظراتها كانت حادة لدرجة أنها مزقت قلبه ...مرارة الخسارة قتلته ...لم يتخيل ابدا أنه سوف يحب لتلك الدرجة اليائسة ..هو لم يحب  أحد كما احب ملاك ..لا أحد سوف يملئ الفراغ التي تركته هي ...لا احد علي الاطلاق !!!

تنهد مالك وهو يقترب من عدي ويقول:

-عدي  بكرة هنقبض علي اكبر موردين المخدرات في البلد ...بكرة اكبر عملية لينا فلو سمحت متتخلاش عني في الظرف ده ...

تنهد عدي وهو ينظر لوالده وقال:

-تمام يا بابا بس بعد العملية دي هسيب الشغل!!

......

في يوم تسليم الشحنة 

-جاهز يا صياد ...

قالها مالك وهو يقترب من جاسر ليهز جاسر رأسه ويقول:

-جاهز ..

-صياد أنا وثقت فيك وهخرجك عشان تساعدنا ونقبض عليهم متلبسين بس اقسم بالله لو فكرت تغدر لأقتلك ...

ابتسم جاسر وقال:

-عمري ما هعمل كده ...دي الفرصة الوحيدة ليا عشان عقابي يتخفف وأخرج لبنت عمي افضل معاها مش هضيع الفرصة دي يا مالك بيه ...هتقبض عليهم النهاردة بإذن الله بس بعدها نفذ وعدك ليا وعقابي يتخفف ...

هز مالك رأسه وقال:

-اكيد .. 

ولج عدي وهو يري أن جاسر قد استعد تماما ...ابتسم مالك وهو يري ابنه قد قرر أن يتخلي عن قراره حاليا.حتي يقبض علي الموردين ...

نظر مالك الي جاسر وقال :

-ملاك جاية دلوقتي في الطريق ..أصرت تشوفك ...

توتر جاسر قليلا وقال:

-مقالتلكش ليه ؟!

هز مالك رأسه ثم صمت تماما عندما دخل الشرطي وأخبرهم بقدوم ملاك .....

ابتسمت ملاك وهي تقترب من جاسر ...كانت عينيها مليئة بدموع الفخر ...اقتربت منه ثم عانقته ...اشاح عدي بوجهه وهو يقول بهمس :

-استغفر الله العظيم يارب بس ترجعيلي يا ملاك هرنك علقة علي اللي بتعمليه ده ..

وضعت ملاك شفتيها عند إذن جاسر وقالت:

-لازم ترجع يا جاسر ...انت هتنجح في المهمة دي وهترجع سليم وتأخد عقابك وتطلع لأن فيه هدية عظيمة مستنياك ...

عقد حاجبيه بحيرة لتكمل هي ودموع الفرح تنساب من عينيها قائلة:

-وعد حامل!

يتبع


تكملةالرواية بعد قليل 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




تعليقات

التنقل السريع