القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل العشرون بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)

 رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل العشرون بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)




رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل العشرون بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)


الفصل العشرون من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم

#شارع_خطاب


بقلم #fatma_taha_sultan


____________


اذكروا الله.

دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.


_____________________


‏"أَنْتِ لا تدرِكين معنى أَنَّ يركن أحدهم حزنه جانبًا ليفتِّش عن أسبابِ تجعلك دائمًا تبتسمين"

#مقتبسة


‏تبدو لي الحياة قصيرة جدًّا على أن نقضيها في احتضان الكراهيّة ، أو تسجيل أخطاء الآخرين


‏- شارلوت برونتي


يقول جبران خليل جبران : من لا يُدخلك إلى 

هيكل أوجاعه ، لن يُدخلك إلى بيت مَودته.

#مقتبسة


______________


يجلس زهران على المقعد البلاستيكي ويقوم الصبي بضبط الأرجيلة له كما يحب، تحت نظرات حمزة المتوترة....


كان زهران ينظر له نظرات ثاقبة وكأنه يتخلله من الداخل يحب قراءة البشر والشعور بما يتواجد بداخلهم...


 هتف زهران بعدما أخذ خرطوم الأرجيلة من الصبي:


-ساكت يعني يا أستاذ حمزة مش عايز تسمعنا صوتك ولا إيه؟!.


تمتم حمزة بتردد:


-لا طبعا أنا بس كنت شايفة حصرتك مشغول مع  اللي كان واقف هنا.


هتف زهران بابتسامة غريبة:


-اه بخليه يظبط ليا الشيشة بس يعني سامعك اتكلم، أصل صحيح بعد ما أخدت رقمي اختفيت كده ليه؟!.


غمغم حمزة معتذرًا بـ نبرة كئيبة:


-والدتي اتوفت للأسف ومعرفتش أتكلم مع حضرتك كانت حالتي النفسية وحشة واديني جيت لغايت هنا علشان اعتذر من حضرتك.


رد زهران عليه بنبرة هادئة وجادة:


-ربنا يرحمها يارب، البقاء لله.


-ونعم بالله.


نظر له زهران بهدوء منتظرًا منه أن يتحدث، فغمغم حمزة بارتباك طفيف لا يدري لما ثبات هذا الرجل الغريب يشعره بالتوتر:


-أنا جيت وحبيت يعني أعتذر علشان متصلتش بيك وقتها.


أردف زهران بنبرة جادة بعدما سحب نفس من الأرجيلة:


-تعبت نفسك والله يا ابني لو جيت لغايت هنا علشان تعتذر كان كفايا مكالمة تليفون ربنا يعينك ويصبرك.


تمتم حمزة بتوضيح أكبر:


-لا حضرتك أنا مش جاي علشان كده بس أكيد جاي أتكلم في موضوعي أنا وسامية كمان.


غمغم زهران بـ تلقائية:


-مش شايف أنك مستعجل تتكلم في حاجة زي دي دلوقتي على حسب ما فهمت أمك مكملتش شهر متوفية يعني؟!.


أردف حمزة بانزعاج فهو يدأ يشعر بالحرج الطفيف:


-هي لو كانت عايشة أكيد كانت هتحب إني أخد خطوة زي دي بدري والتأخير مش هيفيد بحاجة الحي ابقى من الميت والحياة بتستمر ومش بتقف على حد والحزن عمره ما اشترط بفترة معينة.


رد زهران عليه ببساطة حينما أتى الصبي ووضع لهما الشاي:


-أكيد كلامك صح، بس الأصول أصول يعني، وبعدين مجبتش والدك ليه معاك؟! وكنت أخدت ميعاد على الأقل تيجي عندنا فوق بدل ما جيت على غفلة كده وبنتكلم في الشارع.


تمتم حمزة بتفسير:


-والدي متوفي ومليش إلا أخت وأخت والدتي فقط، وأكيد لو اتفقنا هيجوا معايا بعدين اه علاقتي بيهم مش أحسن حاجة زي ما بيحصل مشاكل بين أي عيلة بس أكيد هيجوا.


ثم أسترسل حديثه وهو ينظر إلى زهران:


-أنا حابب أتجوز سامية، شقتي جاهزة وكل حاجة جاهزة، وهي تعرفني كويس من أيام الجامعة واعتقد مش هنحتاج فترة خطوبة، نكتب كتب الكتاب علطول ومش لازم فرح.


الكلمات التي يصف بها أن سامية تعرفه جيدًا بالنسبة إلى زهران تثبت له بأنه هناك علاقة بينهما لكنه صمت لمدة دقيقة ثم تحدث بـ ثبات:


-مهما كانت تعرفك كويس الجواز شيء تاني، ومعرفة الشخص علشان هتتجوزه شيء وكان زميلك في الجامعة أو بتشوفه ده شيء تاني.


غمغم حمزة بنبرة جادة:


-مش المفروض حضرتك تأخد رأيها.


ضحك زهران ثم تحدث بهدوء يتعجب له البعض:


-أكيد يا حبيبي هأخد رأيها، بس أنا برضو ليا رأي، وعمومًا أنا هعتبر القاعدة دي محصلتش هات أهلك وتعالى يوم الجمعة اللي بعد الجاية وساعتها نتكلم بالأصول واسمعك من تاني وكل واحد يقول اللي ليه واللي عليه....


بعد مرور نصف ساعة...


 كان يجلس زهران على الأريكة في شقة شقيقه وهو يخبرهما بما حدث؛ تحديدًا يخبر انتصار أما سامية كانت تعرف كل شيء لكنها تتصنع العكس ومع ذلك لا تستطيع خداع زهران مهما حاولت...


تمتمت انتصار برفض قاطع:


-وأنتَ ليه قولتله يجيب أهله ويجوا؟! هو في كلام أصلا، إيه اللي عايز يتجوز علطول ومفيش فرح، إيه الكلام ده؟! هو بنتنا معيوبة ولا فيها حاجة...


ثم صاحت مستنكرة:


-لو أمه لسه ميتة يستنى شوية بعد ما نسأل عنه ولو كل حاجة تمام نبقى نعمل خطوبة ويتجوزوا بعد سنة دي بنتي الوحيدة ازاي اجوزها كده يعني؟!.


غمغم زهران بنبرة هادئة:


-والله أنا قولتله يجيب أهله ده شيء طبيعي حتى لو مش عاجبنا الكلام يأخدوا واجبهم ويمشوا، بس يعني هو كان بيتكلم بثقة أن بنتك هتوافق على اللي بيقوله..


كانت كلماته الأخيرة بمثابة تلميح واضح فنظرت سامية لهم بارتباك طفيف وهنا تحدث زهران بنبرة هادئة:


-هو أنتِ موافقة على الكلام ده يا سامية؟!.


تمتمت انتصار تسبقها برفض قاطع:


-لا طبعا هي دي فيها كلام؟!.


عقب زهران بمكرٍ طفيف وهو ينظر إلى سامية التي تفرك يديها بتوتر شديد لأول مرة تصل له رغم أفعالها الغريبة:


-برضو نفهم ونسمع منها ونعرف هي شايفة الموضوع ازاي.


تحدثت انتصار بعصبية بعض الشيء:


-ما تتكلمي يا ست هانم؟!.


أردفت سامية بارتباك وتوتر واضح بسبب نظراتهم المحلقة بها:


-يعني أنا شايفة أن الفرح والحاجات دي كلها شكليات أهم حاجة التوافق ما بينا والراحة النفسية.


هتف زهران قبل أن تظهر انتصار أنفعالها:


-الفرح مش كل حاجة دي حقيقة، هو يوم في العمر بتفرحي بنفسك بيه مش عايزة أنتِ حرة لكن ليه تتجوزي بالسرعة دي؟! خصوصًا واحد امه ميتة مبقالهاش أربعين يوم ليه يفكر في الجواز بالسرعة دي؟!!..


غمغمت سامية وهي تحاول اقناعه بشتى الطُرق:


-أنا مبحبش شغل الأربعين ونقعد سنة على الميت علشان نعمل حاجة كل دي حاجات احنا طلعناها الحداد مش أكتر من ثلاث أيام.


تحدثت انتصار ولم تكبت انفعالها أكثر من ذلك:


-وأنتِ جيتي في دي أعلنتي أسلامك يا روح أمك؟! وجاية تعلمينا الغلط من الصح..


لم تعقب سامية على حديث والدتها لكنها أردفت بنبرة هادئة:


-هو القرار مش جديد من قبل ما والدته تتوقى وهو عايز يتجوزني وأكيد بعد وفاة والدته مش عايز يكون لوحده وهو شاب كويس.


أردف زهران بنبرة مستهزئة:


-بيخاف يقعد لوحده يعني؟!..


نهض زهران من فوق الأريكة متمتمًا:


-على العموم أنا اديته ميعاد هو وأهله نجيب خالك ساعتها ونقعد ونسمع ونشوف تاني.


..بالأعــلــى..


كان سلامة يضع يده على بطنه وهو يهتف متألمًا:


-بطني وجعاني، أنتَ بني أدم فقري فضلت تنبر عليا.


أتى سلامة ونضال حديثًا من منزل السيدة يسرا، كان الثاني يحمل الهاتف يرغب في الاتصال بوالده فهو عند صعوده لم يكن متواجد في الجزارة..


تمتم نضال بجدية:


-مهوا أما واحد يكون واكل حمامتين ونص بطة، وشافط نص علبة الشيكولاتة أنتَ وخطيبتك طبيعي تكون مش قادر وبطنك وجعاك ده أقل واجب.


هتف سلامة وهو يشير له بسبابته:


-عينك اللي جابتني ورا والله، بعدين أنا عريس بتغذى فرحي بعد كام يوم.


كاد نضال أن يرد عليه لولا باب الشقة الذي فُتح بواسطة زهران هاتفًا بنبرة غاضبة:


-مالكم صوتكم عالي كده ليه؟!.


رد نضال عليه بسؤال أخر:


-كنت فين؟! أنا لسه كنت هتصل بيك..


ولج زهران إلى المطبخ المفتوح تحت نظرات نضال وسلامة وهو يقوم بوضع الفحم في الماكينة الخاصة به متمتمًا.


-كنت تحت عند مرات عمك وسامية..


هتف سلامة بفضول كالعادة وهو يتجاهل ألمه:


-ليه في حاجة ولا إيه؟!.


أردف زهران بنبرة عصبية بعض الشيء فهو لا يشعر بالراحة أبدًا لما يحدث:


-عريس الغفلة جه وكنت بتكلم معاهم واديتهم ميعاد يجوا فيه..


هنا نظر سلامة ناحية نضال ينتظر منه أي ردة فعل لكنه كان ساكن يتخذ وضعية المستمع فقط.....


أما نضال كان فارغًا لم يسمع شيء يسعده كما لم يسمع شيء يحزنه، فقط فــراغ..


_____________


يجلس جواد في المستشفى بعدما انتهى من كشوفاته ومن أحدى عملياته ها هو يجلس في غرفة والده التي أصبحت غرفته دون أن يغير أي شيء فيها كان يرغب بلمسات والده كما هي.


ولجت السكرتيرة الخاصة به حينما يكون جالسًا في القسم الذي يخص الإدارة:


-دكتور جواد.


تمتم جواد بهدوء:


-اتفضلي..


تمتمت الفتاة بنبرة مترددة:


-مدام رانيا برا.


سألها جواد ببلاهة للوهلة الأولى:


-رانيا مين؟!.


كان محقًا لم يأتِ في عقله بأنها سوف تغامر وتأتي مرة أخرى تحديدًا بعدما طردها من المنزل، بل تعهدها له بأنها سوف تجعله يندم على أفعاله تلك...


إذن ما الذي تفعله هنا!!.


نظرت له الفتاة نظرات ذات معنى ليهتف جواد وهو يكز على أسنانه:


-خليها تفضل..


ذهبت الفتاة لتمر دقيقة واحدة وكانت رانيا تدخل إلى الغرفة غالقة الباب خلفها بهدوء شديد؛ وأدب واضح قائلة:


-أنا مرضتش أدخل من غير إذن وبجد لو كنت مرضتش تدخلني أنا كنت همشي، ومكنتش هزعجك.


سألها جواد بنبرة جادة وهو ينهض عاقدًا ساعديه:


-جاية ليه يا رانيا؟ هو أنا مواريش غيرك في البيت ألاقيكي والمستشفى الاقيكي في وشي إيه موراكيش غيري؟.


ردت عليه رانيا تحاول كبح غضبها من حديثه هاتفة:


-كنت معدية من جنب فرع ******* وقولت أعدي أسلم عليك؛ وفي نفس الوقت نتكلم في اللي حصل لما جيت أشوف نسمة.


تمتم جواد وهو يحاول ألا يصرخ في وجهها قدر المُستطاع حتى لا يصل صوته للجميع:


-هو لسه في كلام هنقوله؟ الكلام خلص قولتلك مش عايزك جنب نسمة، وكلامي واضح هي مش شيء تستغليه علشان فاكرة إني هرجعلك، أنا مش هرجعلك يا رانيا أنا مش مغفل علشان كده ملهوش لازمة كل اللي بتعمليه ده.


وضعت رانيا يدها على ذراعه بعدما أقتربت منه قليلًا لكنه أبعدها في الوقت ذاته وهي تغمغم:


-أنا باجي على نفسي علشانك، مش شايف أن رغم كل مرة بتحرجني وأنا برضو باجي على نفسي وبحاول أحسن من أسلوبي علشان نكون مع بعض تاني، بجد مش شايف حتى المجهود اللي بعمله؟، دي مش تصرفات رانيا وأكيد أنتَ عارف أنا جاية على نفسي إزاي.


صاح جواد في الوقت ذاته مستنكرًا:


-متجيش على نفسك، وبلاش تقولي بتيجي على نفسك علشاني، علشان في الحكاية دي أنتِ مش هامك إلا نفسك.


ابتلع ريقه ثم تحدث بتقدير واضح:


-وبالنسبة للمجهود أنا شايفه فعلا متقلقيش وحاسس بيه بس صدقيني اتأخرتي، لو كنتي بس عملتي ربع المجهود اللي بتعمليه دلوقتي في جوازنا علشان ينجح مكناش وصلنا لهنا.


أسترسل جواد حديثه ساخرًا:


-يا شيخة ده أنا بشوفك وأنا مطلقك أكتر ما كنت بشوفك وأحنا متجوزين، إيه مفيش شغل؟، طلعتي بتعرفي تفضي نفسك، وطلعتي بتعرفي تعملي نفسك مهتمة بـ نسمة حتى لو شكليًا بس أسف والله صدقيني اتأخرتي أوي أنك تعملي المحاولات دي.


هتفت رانيا بانزعاج حقيقي:


-أنتَ عمرك ما فهمتني يا جواد ولا عمرك هتفهمني.


تمتم جواد بنبرة جادة:


-لا أنا فاهمك كويس يا رانيا وفاهمك من أول يوم اتجوزنا فيه ومع مرور الوقت كنت بفهمك أكتر دول كانوا أكتر عشر سنين من عمري ضاعوا معاكي فأنا فاهمك كويس أوي متقلقيش.


سألته رانيا وهي لا تقطع تواصلها البصري معه:


-يعني السنين دي مضاعتش مني أنا كمان؟! كل ده علشان مرضتش أخلف...


غمغم جواد وهو ينظر لها:


-صدقيني يا رانيا بتتكلمي في حاجات فات أوانها أننا نتكلم فيها، اه كان في سنين من حياتنا المشاكل فيها خلفة لكن مكنش ده السبب الوحيد بلاش تخشي في جو الصعبنيات اللي ملهوش داعي ده..


قالت رانيا بنبرة جنونية بعض الشيء:


- طب قولي عمرك ما خوفت تخلف عيل وتتعب معاه زي ما جدك تعب ما عمتك وزي ما عمو تعب ما نسمة؟! متقنعنيش أن المشكلة دي كانت عندي بس، أحلف انك مفكرتش في كده.


رد عليها جواد بثبات وهو يحاول الحفاظ على هدوئه قدر المُستطاع:


-اه فكرت، وفكرت أكتر منك من طبيعة شغلي، فكرت حتى قبل ما اتجوزك، بس عمري ما خوفت لأن هو نصيب يا رانيا، كل حاجة في الدنيا نصيب مش كل الناس اللي اتولدت سليمة متعبتش بعد كده، وحتى لو ربنا كتبلي أخلف وخلفت طفل عنده مشكلة هحبه مهما كان هو في إيه يا رانيا.


تنهد ثم أردف بنبرة جادة:


-بلاش نفتح مواضيع ملهاش لازمة وتخلينا نفتح في أبواب اتقفلت مني سنين ابعدي عني وعيشي حياتك زي ما أنتِ عايزة، أنا لا هرجعلك ولا هكون ماكينة الصرافة بالنسبالك.


تمتمت رانيا بتردد:


-اديني فرصة وأنا هتغير وحتى نسمة هـ...


قاطعها جواد بنبرة شبة صارخة:


-رانيا مفيش فرص ولا غيره، ارحميني هتفرجي المستشفى علينا...


سألته رانيا بغيرة واضحة:


-في حد تاني في حياتك؟! في حد غير اللي كنت تعرفها وسافرت.


رد عليها جواد بسؤال أخر وانفعال كبير:


-على أساس أن لو في هخاف منك ولا هستنى الإذن؟ امشي يا رانيا متخليش الوضع بينا يكون أصعب من كده، خلينا على الأقل يكون في ما بينا شوية احترام.


تنظر له بضيقٍ كبير هو لا يتقبلها أبدًا مهما فعلت..

كيف وصل إلى تلك الدرجة من الجحود؟!.

هو حتى لم يصل لها حينما كانت هناك أمرأة أخرى في حياته وأخبرها بأنه سوف يتزوج....


ملامحها شاحبة وقاطعهما صوت هاتفه الذي التقطه من فوق المكتب وأجاب على الفور بمجرد أن قرأ اسم منيرة:


-ألو..


"أيوة يا جواد يا ابني".


-أيوة في حاجة ولا إيه؟!.


"نسمة تعبانة خالص وعماله ترجع أنا لسه جاية وقولت أكلمك تقولي أعمل إيه أو اديها إيه أنا خايفة عليها أوي وشها أصفر سايباها فوق مع هايدي قولت لازم اكلمك"


شحب وجه جواد متحدثًا بارتباك:


-تمام انا جاي حالًا، هي كلت إيه؟! وشوفيها لو سخنة كده.


"مش عارفة أنا لسه جاية ملحقتش اعرف حاجة"


-ماشي أنا جاي اطلعي وخليكي جنبها.


ث أغلق المكاملة وأخذ يبحث عن مفتاح سيارته مما جعل رانيا تسأله:


-في حاجة يا جواد..


رد عليها جواد بنبرة جادة قبل أن يغادر تاركًا أياها:


-مفيش حاجة يا رانيا خليكي في حالك ومن فضلك متورنيش وشك تاني.


_________


نما إلى سمعها صوت رنين الجرس مما جعلها تنهض من فوق أريكتها وتسير بضعة خطوات وهي تستخدم العصا الخاصة بها ثم تحسست المقبض وضغطت عليه، مما جعلها تفتح الباب.


هتف دياب بنبرة مشرقة:


-مساء الخير.


على عكس العادة لم تبتسم بهية له  ثم قالت بفتور:


-مساء النور.


تمتم دياب وهو يحك مؤخرة رأسه:


-ده واضح إنك زعلانة مني أوي وشايلة مني جامد.


هتفت بهية مؤكدة حديثه دون مراوغة:


-أنا زعلانة منك يا دياب زعل عمري ما كنت اتخيل إني ازعل منك كده.


بعد مرور دقائق..


كان دياب يجلس بجوار بهية على الأريكة بأريحية بعض الشيء، فهو يعلم جيدًا بأن تلك الفتاة ليست هنا، علم من شقيقته حور وهي عائدة من الدرس كالعادة من ثرثرتها بأنها رأت ريناد قد خرجت من المنزل لذلك استغل الفرصة أن يأتي حتى يتحدث مع بهية قليلًا قبل أن يذهب حتى يستلم "التوكتوك" من صاحبه.


تمتم دياب بنبرة صادقة وهو ينظر إلى ملامحها الساكنة والهادئة، حتى أنه ينظر إلى التجاعيد التي تظهر في وجهها وكف يدها التي تشعرك بالطمأنينة والراحة كونك تشعر بأنك تلامس الماضي والزمن الذي مر سريعًا لكنها بقدر ذلك تشعرك بالخوف أيضًا من الفقدان وكأنها تعلمك بأنك استهلكت رصيد كبير جدًا وتقترب من النهاية رُبما.


-حقك عليا والله بس أنا حرفيًا مطحون، ما بين المطعم وما بين التوكتوك، وجلسات ماما غير موضوع هدير أخت طارق.


ردت عليه بهية بعتاب واضح:


-طول عمرك كنت مطحون لما كنت بتشتغل برضو في المكان اللي كنت فيه وبتشتغل في الصيدلية بليل بس دايما كنت بتلاقي وقت تشوفني فيه، أنتَ بقيت بتتهرب من أنك تيجي.


كانت دقيقة في وصفها، هو فعلا لا يرغب في رؤية تلك الفتاة أبدًا، لا يدري لما!!

هل مازال غاضبًا وناقمًا عليها بسبب العمل لأنها هي السبب في أن يترك عمله!!

أم ماذا؟!.


هل هو غاضبًا لأسباب لا يعرفها ورُبما هو ليس غضب صريح بل هو خوف تم ترجمته وتحويله إلى غضب!!


 لما يخاف من رؤيتها أو الاحتكاك بها؟!!!..


هتف دياب بنبرة جادة:


-أكيد مش هاجي زي الأول بسبب أن في حد معاكي، علشان مكنش بضايقكم واديني مطمن أن معاكي حد عن الأول.


قالت بهية بنبرة حنونة وصوت عذب:


-القصة مش أن معايا حد ولا لا القصة يا ابني إني بحب أطمن عليك، وقولتلك كفايا حتى لو مش عارف تيجي أنك تكلمني على التليفون اعتبرني بت حلوة ياخويا عمال تلاغيها وتتكلم معاها.


ضحك دياب ثم ألتقط كفها وقام بتقبيله بتقدير كبير هاتفًا:


-ده أنتِ أحلى من أي واحدة في الدنيا، ده أنا هشوف ليكي عريس.


ضحكت بهية رغمًا عنها ثم هتفت:


-اه وماله.


بعدما توقفت عن الضحك وعم السكون عادت تسأله بهدوء:


-صحيح مقولتش ليا أمك صحتها عاملة إيه دلوقتي؟! هي بتعدي عليا في الطالعة والنازلة بس أنا مبحبش اسألها كتير عن الموضوع بل بالعكس بحب الشوية اللي تقعدهم معايا تنسى، صحتها أحسن؟!.


هتف دياب بنبرة جادة:


-يعني صحتها كويسة إلى حدٍ ما في التحاليل اللي بتتعمل كل شوية، اه في تعب بسبب جلسات الكيماوي بس طبيعي يعني لأي حد بياخدها، وأكيد الموضوع مأثر عليها نفسيًا علشان شعرها، بس فترة وهتعدي ان شاء الله.


تمتمت بهية بنبرة هادئة وتمني حقيقي:


-ربنا يشفيها يا حبيبي ويشفي كل مريض، بإذن الله كل ده هيعدي وهترجع زي الأول وأحسن أهم حاجة كلكم تكونوا جنبها وتدعموها نفسيًا.


رد دياب عليها بنبرة صادقة:


-والله كلنا بنحاول حتى خالتي سمر بقت كل يوم والتاني عندنا ومش سايباها.


ابتسمت له بهية متمتمة:


-ربنا يحفظها ويخليها ليها هما ملهمش إلا بعض في الأول والآخر .


-آمين.


سألته بهية بفضول:


-صحيح إيه موضوع أخت طارق اللي بتقول عليه ده؟!.


تمتم دياب بعدم تصديق بعد شهقة خرجت منه:


-لا متقوليش في حاجة البت حور سابتها للزمن وخليتني أقولها أنا ومقالتهاش هي.


هتفت بهية بنبرة خفيفة:


-اهو علشان تعرف أنك ظالم البت، يلا قولي في إيه بقا وبعدين قصدك على أحلام ولا البت الصغيرة اللي ناسية اسمها دي..


قال دياب بعد تنهيدة خرجت منه:


-والله هو الموضوع مرتبط بالاتنين، أحلام هي السبب في اللي وصلنا ليه...


أخذ دياب يخبر بهية بـ ما حدث الفترة الماضية وكانت تشعر بالتأثر الشديد بداية من ذهاب نضال مع هدير إلى المستشفى إلى أن أصبحت هدير تقطن في منزل عائلة خطاب.


هتفت بهية بنبرة حزينة:


-ربنا يعين أخوها على كسرة نفسه مش قدام حد على قد ما قدام نفسه، ربنا وحده يعلم اللي حاسس بيه.


أردف دياب بنبرة جادة وهو يخبرها:


-طارق مبقاش هو من بعد اللي حصل كل ما أكلمه وهو في دنيا تانية، بجد حسبي الله ونعم الوكيل ده أنا حاسه مكسور المرة دي أكتر من لما عرف بـ وفاة أمه.


ردت بهية عليه بحكمة:


-ساعة وفاة امه ده قدرها وعمرها، وكان أكيد عامل حسابه أن البنتين مع بعض، لكن اللي اخته عملته فيه ده سرقة وقطمت ضهره وخليته مش مطمن على اخته، بس كتر خير الحاج زهران والله له تصرفات جدعة مش لايقة عليه.


ضحك دياب رغم ملامحه المتأثرة من الحديث وهو يتذكر صديقه هاتفًا:


-متقوليش كده يا بهية بس ده عم زهران ده حبيبي.


ابتسمت بهية هي الأخرى ثم أردفت:


-المهم يا ابني لو في أي حاجة اقدر أساعد فيها في موضوع هدير مش هتأخر.


شرح دياب لها الأمر:


-متقلقيش الوضع لغايت دلوقتي زي الفل، هي بتروح على النوم طول اليوم يتكون هنا أو مع حور في الدروس وساعات حور بتروح وبتذاكر معاها وايناس برضو بتعدي عليها، واللي سمعته برضو الست انتصار مرات عم نضال ربنا يديها الصحة مش سايباها.


توقف عن الحديث حينما فُتح باب الشقة وولجت منه ريناد التي هتفت:


-هاي...


ثم حاولت قول شيء أكثر جدية:


-مساء الخير.


ردت عليها بهية بترحاب:


-مساء النور يا حبيبتي.


نهض دياب هاتفًا على عجلة من أمره:


-يدوبك ألحق امشي مع السلامة يا بهية.


هتفت ريناد بترحاب كبير:


-ليه هتمشي بالسرعة دي خليك شوية ده أنا لسه جاية، اعملك سحلب بالمكسرات؟!.


تمتم دياب بجدية رغم اندهاشه من حديثها الغريب:


-اشمعنا سحلب ليه مش شاي؟ هو اللي زيك يعرف يعمل سحلب أساسًا.


قالت ريناد ساخرة:


-ليه يعني هو السحلب قصة؟! وبعدين لسه جايباه وأنا طالعة وقولت أعزمك عليه هو اللي جه في بالي، وبعدين أنا اللي غلطانة.


هتف دياب بنبرة هادئة:


-لا مش قصة هتلاقيكي بتعمليه زي المهلبية وبعدين أنا مش عايز حاجة شكرًا أنا ماشي.


ردت عليه ريناد بغيظ كبير:


-يلا مع السلامة بقا.


كانت بهية تتابع وتستمع إلى هذا الحوار العبثي من الدرجة الأولى متمتمة:


-ما تقعدوا أنتم الاتنين وأنا أعملكم السحلب أحسن؟!.


قال دياب بجدية:


-مش عايزين نتعبك أنا مبحبش السحلب عمومًا، اعمليه ليها هي.


أردفت ريناد بانزعاج واضح:


-ملكش دعوة بعد إذنك، يلا علشان كنت بتقول هتتأخر واقف لغايت دلوقتي ليه.


هتفت بهية بعتاب طفيف:


-عيب يا ريناد كده.


نظر لها دياب بصمتٍ لمدة دقيقة ثم أردف قبل أن يتوجه صوب الباب:


-مع السلامة.


لترد عليه بهية وهو يغلق الباب مدركة من أن هناك شيء يبدأ، ما هو الشيء؟!...


لا أحد يعرف لكنها تشعر بأشياء تدور وتحدث، تثور، تعلن عن بداية ظهور رُبما:


-مع السلامة يا ابني.


_______________


يداعب جواد خصلاتها الناعمة بعدما تناولت حساء ومشروب دافي وبضعة أدوية وعقاقير طبية أعطاها جواد لها بعدما استشر طبيبتها وها هي خلدت إلى النوم.


قُبل جواد رأسها ودثرها بالغطاء ثم غادر من الغرفة ليخرج إلى الخارج..


وجد منيرة وهايدي على أريكة واحدة، تحدث جواد بنبرة غاضبة ومنفعلة بشكل كبير نابعة من قلقه:


-كام مرة نبهت أن محدش يأكل نسمة حاجة من برا، إلا في أضيق الحدود لأن مناعتها ضعيفة.


ابتلعت هايدي ريقها بتوتر وشعور عميق بالذنب ثم نهضت من مكانها وهي تستند على عكازها الطبي:


-أنا حقيقي أسفة هي كان نفسها تأكل جمبري والمكان ده جديد قولت أطلب لينا ومكنتش أول مرة نأكل من برا..


تحدث جواد بنبرة منفعلة بعض الشيء:


-أول مرة ولا أخر مرة، محدش يتصرف من دماغه، نسمة ليها معاملة مختلفة، ياريت محدش يعمل وصي عليها ويتصرف تصرفات ملهاش لازمة لو كان نفسها في حاجة معينة كانوا جابوها وعملوها هنا في البيت.


تجمعت الدموع في عين هايدي، فحاولت منيرة تلطيف الأجواء قليلا متحدثة:


-يا ابني الاكل مفيهوش حاجة ما هنا كلوا معاهم ومحدش حصله حاجة يمكن هي كان عندها برد في معدتها ولا حاجة اهدى شوية.


في كلماتها الاخيرة أشارت صوب هايدي التي مسحت دموعها سريعًا وهنا تحدث جواد بعدما ابتلع ريقه:


-معلش يا هايدي أنا أسف مش قصدي حاجة بجد أنا بس خوفت عليها وأنا عارف قد إيه بتحبيها وبتخافي عليها حقك عليا.


أردفت هايدي بنبرة حزينة:


-حصل خير وأنتَ معاك حق برضو. 


ثم ابتلعت ريقها وقالت بارتباك:


-يدوبك ألحق امشي عن أذنكم.


عرض عليها جواد مغمغمًا تحت نظرات منيرة التي تعاتبه بها:


-أوصلك؟!.


ردت عليه هايدي بجدية:


-لا أنا بعت ماسدج لماما من شوية وعقبال ما أنزل على السلم واخرج برا هتكون وصلت شكرًا.


هتف جواد وهو يكرر اعتذاره تحديدًا حينما أتى كان يصرخ في وجه الجميع؛


-ياريت متزعلش مني.


-مش زعلانة يا دكتور؛ يلا تصبحوا على خير..


رد عليها جواد بخفوت:


-وأنتِ من أهله.


ذهبت منيرة خلفها وهي تغمغم:


-استني يا بنتي هنزل معاكي.


____________


بعد يومين.


 تشعر بالملل لدرجة غريبة..

لم تعتاد منذ الجامعة التي كانت تعمل حتى فيها فترة الإجازة السنوية..


مرت أكثر من سبع سنوات وهي تعمل، لم تجلس من قبل فترة طويلة في المنزل كـ تلك...


تحديدًا في تلك الفترة التي استنفزت فيها نفسيًا منذ أن ظهر والدها الذي أختفى تمامًا وكأنه لم يظهر من الأساس.


بالحديث عن العمل...

يبدو أن صالة الألعاب الرياضية التي كانت تعمل فيها سيطول أمرها لذلك يجب عليها أن تبحث عن غيرها لا يمكنها الجلوس خالية الوفاض وهذا ما كانت تفعله وجهاد تجلس بجوارها على الأريكة تتحدث مع والدتها التي تجلس على المقعد.


-إيه رأيك يا ماما؟! الساري ده ولا الساري ده؟!.


بعد ثلاثة أيام عقد القرآن الخاص بـ سلامة وجهاد.

أخبرت والدتها أعمامها بموعد الزفاف وعقد القرآن ولكنهم أخبروها بأنهم سيأتون في الزفاف...


ردت عليها يسرا وهي تنظر إلى الصورة عبر الهاتف التي تحمله ابنتها:


-الأحمر أحلى.


تمتمت جهاد وهي تعتدل في جلستها:


-طول عمرنا ذوقنا واحد يا ياسو يا حبيبتي.


ثم وجهت حديثها إلى سلمى التي تجلس بجوارها لكنها على ما يبدو في عالم أخر يختلف عن عالمهما وتعطي كامل تركيزها إلى الهاتف.


-هتلبسي إيه علشان بتفق معاهم؟!..


لم تعطها سلمى أي جواب، لكزتها جهاد بانزعاج جلي:


-أستاذة سلمى أنا بكلمك.


نظرت لها سلمى بعدما انتفضت مغمغمة:


-في أيه؟!.


هتفت جهاد بنبرة هادئة وهي توجه لها الهاتف:


-سيبي موبايلك شوية يا حبيبتي وركزي معايا لو سمحت، علشان أنا بتفق مع البنات اللي هتيجي يوم الحنة، وميار اختارت اللبس اللي هتلبسه لأنهم بيلبسوا بنتين مع العروسة، شوفي بقا.


تمتمت سلمى وهي تعود مرة أخرى تنظر إلى هاتفها:


-أنا مش هلبس حاجة ولا هقعد أغير وألبس والكلام الفارغ ده أنا عندي فستان قصير كده كنت جايباه معاكي ساعة ما كنا في مول *** وساعتها اتريقتي عليا إني هلبسه فين اديني هلبسه يوم الحنة.


قالت جهاد برفض واضح وصريح:


-لا هتلبسي وتغيري معايا وهترقصي بقولك إيه أحنا هنلبس بدل رقص وساري هندي وهنرقص على أغنية شيكامارا هندية مش من حارة يا عنيا بتاعت مي عز الدين.


تحت ضحكات يسرا من غضب ابنتها الواضح الذي يناقض تمامًا ما تقوله مما جعل سلمى تغمغم بسخرية:


-بدلة رقص وساري هندي إيه أنتِ عبيطة؟!..


تمتمت جهاد بأداء تمثيلي من الطراز الأول:


-هو عبيطة علشان عايزة اختي حبيبتي تشاركني فرحتي؟! أنتِ بتعملي معايا كده ليه؟! هو أنا لاقوني على باب جامع؟! ده أنتِ كل أخواتي..


عقبت سلمى وهي تضيق عيناها هاتفة:


-يعني إيه كل أخواتك دي؟!..


حاولت جهاد تصحيح ما تقوله متمتمة:


-يعني أختي الوحيدة افهميها وهي طايرة مش لازم أقعد اشرح، هتلبسي معايا أنا بقولك أهو؛ ده ميار متحمسة عنك يا شيخة إيه دا؟ ما أنتِ بتحضري ساعات belly dance في الشغل زي الفل..


أردفت سلمى بنبرة جادة:


-أنتِ عارفة أن الحاجات دي مش جوي أوي بس خلاص ماشي علشان تحلي عني بقا.


احتضنتها جهاد على الفور  عندما انتهت من حديثها حتى أنها قفزت فوقها فـ مالت سلمى على الأريكة وهي تتأوة بألمٍ:


-يا جاموسة براحة، عربية نص نقل براحة، ناطة كمان منك والكنبة هتتكسر بينا.


تمتمت يسرا بابتسامة عريضة رغم الجدال الذي يحدث:


-ربنا يخليكم لبعض يا بنات، وافرح بيكم واشيل عيالكم.


صاحت سلمى مستنكرة وهي أسفل جسد جهاد:


-قبل ما تشيلي عيالنا شيلي بنتك من فوقي الأول هموت منها.


هتفت جهاد وهي تقبل رأسها ووجنتيها:


-لا مش هبعد عنك.


كادت يسرا أن تتحدث ولكن قاطعهما صوت رنين الجرس فنهضت يسرا من مكانها وفتحت الباب لتتسع عيناها وهي تجد أمامها شقيقها الذي يبتسم في وجهها بحماس شديد..


-مــحــمــد.


قالتها يسرا بصدمة وهي تحضنته حتى أن الفتيات جاءت على صوت والدتهما العالي بأسم شقيقها...


هتفت يسرا وهي بين أحضانه:


-أهلا وسهلا يا حبيبي أهلا وسهلا، مش كانت طيارتك لسه بعد بكرا؟!.


أردف محمد البالغ من العمر خمسة وخمسين عامًا:


-حبيت أعملها ليكم مفاجأة.


ابتعد عنها ثم غمغم وهو ينظر إلى الفتيات:


-هتفضلي موقفاني على الباب مش هتخليني اخش اخد بناتي اللي كبروا وخلاص بقوا أحلى عرايس في الدنيا.


ضحكت يسرا وابتعدت عن طريقه لتعطيه المساحة حتى يدخل ويأخذهما بين أحضانه في الوقت ذاته............


________________


اليوم هو موعد جلسة والدتها ذهب معها دياب تلك المرة، وها هي تقوم بـ تقليب الطعام في الطنجرة التي تتواجد فوق الموقد....


خلقها تقف حور وهدير، الأولى تثرثر وتلح، لا تصمت أما الثانية هادئة تستمع إلى الحوار ونادرًا ما تشارك فيه..


هتفت إيناس بنفاذ صبر:


-أبعدي عن وشي بقا يا حور متقرفنيش، أنا مليش دعوة بالحوار ده عايزة حاجة روحي قوليها لأخوكي مش ليا لما يجي بليل بتكوني صاحية أساسًا أنا اللي بكون نايمة.


تمتمت حور بـ رجاء كبير:


-أنا هتحرج أقوله وبعدين لو قولتله هيقولي المكان بعيد ومش هيرضى لكن لو روحتي معايا الموضوع هيختلف.


ضحكت إيناس مستهزئة وهي تغمغم:


-لا وأنتِ وش كسوف بصراحة ووش إحراج، بعدين طول عمرك لا ليكي في الكتب ولا غيره إيه معرض الكتاب اللي طلع ليكي فجأة ده؟! والسنة اللي أنتِ فيها ثانوية عامة؟!..


قالت حور بجدية وهي تحاول أن تشرح نفسها:


-تغيير يا ايناس، تغيير يا عالم في إيه؟! وبعدين هو أسبوع واحد اللي هاخده إجازة من الدروس ومش طالبة إلا يوم واحد منهم مش هو ده اللي هينقذ الثانوية العامة.


ثم أسترسلت حديثها بنبرة لينة وهي تميل على كتفها:


-لو أنتِ قولتي لدياب أنك عايزة تروحي و هتاخديني معاكي أنا وهدير مش هيقول لا لأنهم عايزينك تغيري جو.


ردت عليها إيناس مستنكرة:


-يعني أنتِ بتستغلي حالتي النفسية؟!.


زفرت حور بضيق ثم قالت:


-إيناس بلاش بقا أفورة لو سمحتي أنا نفسي أعمل حاجة جديدة أنا زهقت من مود السنة دي وكمان أنتِ عارفة أن بعيدًا عن الثانوية العامة أنا في الطبيعي نادرًا ما بخرج.


كانت محقة نوعًا ما في أعين إيناس..

 أما لا تكون النقود متوفرة من أجل الرفاهيات لأن هناك مواضيع أخرى أحق من مجرد نزهة أما يكون المكان بعيدًا ولا توافق والدتها ودياب، لذلك قررت إيناس أن تفعل ما تريده لكنها صمتت حتى صدع صوت جرس الباب مما جعل هدير تذهب لفتحه وخلفها حور...


بعد دقائق...


 كانت تجلس حُسنية على الأريكة وأمامها الصغار يعبثون في الكيس البلاستيكي ومعهما حور وحتى هدير.


وجدت حور وسط الأشياء رسالة صغيرة جدًا في ورقة كـ ملحوظة "بلاش كله مرة واحدة".


جاءت إيناس من الداخل متمتمة وهي تجد أطفالها يتناولون بشهية واضحة في الكثير من الحلويات والمقرمشات مما جعلها تتحدث ساخرة:


-وأنا أقول الصوت اتقطع ليه والبث وقف أتاري في حاجة شغلتهم.


ثم وجهت حديثها إلى والدتها بنبرة لطيفة:


-إيه يا حبيبتي عاملة إيه؟!.


ردت عليها حُسنية بنبرة حنونة:


-الحمدلله يا بنتي زي الفل قدامك اهو، إيه خلصتوا الغداء ولا لسه؟.


غمغمت إيناس بنبرة هادئة:


-اه خلاص خمس دقائق وهغرف الأكل؛ أومال دياب فين؟.


تمتمت حُسنية موضحة:


-سابني على باب الشقة قالي رايح يقابل نضال وجاي، هيبقى يأكل بليل قال كلوا أنتم.


هتفت إيناس بنبرة جادة:


-ماشي، بس إيه كل الحاجات اللي هو جايبها دي كلها؟ لازم يكلف نفسه وبعدين الحاجات دي كتير عليهم أوي....


ردت حُسنية نافية وهي تخبرها:


-لا مش دياب اللي جابهم.


ضيقت إيناس عيناها وهي تسألها:


-حضرتك؟!.


هزت والدتها رأسها بنفي متمتمة:


-دكتور جواد اللي شافكم و كنتي بتقولي عليه المرة اللي فاتت لما الواد سابك في المستشفى.


هنا حينما تحدث والدتها باسمه عرفت بأنه الشخص التي كانت أحلام على علاقة به، لم يعد الأمر مجرد تخمين أو تحليل.


رفعت حور الورقة الملونة الصغيرة متمتمة:


-لا دكتور جواد خطه حلو كمان، ياترى هو كمان حلو بقا؟!..


تحدثت حُسنية بعد ضحكة خرجت منها:


-يا بنت احترمي نفسك اخوكي لو كان هنا كان عجنك، وعلى العموم أنا مشوفتهوش هو بعتهم مع واحدة حتى لما سألتها هو فين علشان أشكره قالتله أنه سايبهم معاها من الصبح وهو دلوقتي في عملية.


المرة التي رأى جواد "إيناس" وطفلها ثم ذهب إلى الحسابات وقتها سأل عنها وعما كانت تفعل، ليعرف بأنها كانت تدفع الحساب من أجل والدتها وعرف مواعيد جلسات والدتها، ولأنه أحب الطفل قرر أن يرسل له شيء صغير.


أردفت إيناس بانزعاج واضح وهي تجد أطفالها يأكلون بعض الحلويات والتي أغلبها أشياء غالية الثمن إلى حد كبير لا تقدر على شرائها دومًا..


-وليه أخدتيهم منه؟ وهو يجيب لينا حاجة ليه أصلا؟!.


ردت عليها حُسنية مستنكرة:


- زي أخوكي قال كده برضو، بس دي حاجة جاية لعيل صغير، مينفعش تقولوا أه أو لا، وبعدين خلاص الراجل عملها ذوقيًا منه ويمكن حب الواد و حب يبعتله حاجة، زي ما أنا ساعات أكون في المترو ممكن اشوف عيل صغير أحب اديله أي حاجة معايا....


هتفت إيناس باختناق لا تدري سببه وهي تنهض من مكانها تتوجه صوب المطبخ:


-شيلوا منهم الحاجة علشان يعرفوا يأكلوا وتعالى يا حور علشان تأخدي مني الأطباق..


___________


يوم عقد القرآن.


يا نجف بنور يا سيدى العرسان يا قمر ومنور على الخلى، ايه يا نجف سيدى يا نجف حلو يا نجف

حلو مدلع من يومك اصمالله عليك ملو هدومك

وعريسنا حلو والنعمه حلو وعروسته اهى اموره اهى شيليه بقى فى عينيكى يا عروسه

ان زعل اديله كام بوسه..


يرقص ويتمايل مع نفسه وصوت الأغاني مرتفع كالعادة، اليوم عقد قرأنه.


كيف لا يمكن أن يكون سعيدًا؟!

اليوم عقد قرأنه على محبوبته..


جاء نضال من الداخل هاتفًا بانزعاج شديد وهو يلتقط لوحة التحكم "الريموت" ويكون بخفض الصوت.


-يا ابني بقا ارحمني، هو لازم ودن الواحد تصفر كل يوم.


تمتم سلامة ساخرًا:


-عارف يا نضال أنتَ لو كنت على أيام الفراعنة وأيام الكفر والإلحاد كانوا عملوك إلة للعكننة والنكد أه والله، أنا عريس النهاردة كتب كتابي بدل ما تقوم تغنيلي بنفسك.


أردف نضال بنبرة تماثله:


-اه اغنيلك وماله تحب ارقصلك كمان؟! 


صاح سلامة بابتسامة عريضة وواسعة:


-أيوة ده اللي كان نفسي فيه؛ أخيرًا بدأت تفهمني يا نضال.


جاء زهران من الداخل وهو يحمل كريمته بعدما كان يجلس في حجرته:


-بسم الله الرحمن الرحيم، إيه اللي حاطه على وشك ده هتقطع ليا الخلف.


غمغم سلامة بنبرة غاضبة إلى حدٍ كبير:


-هو إيه اللي كل شوية هنقطع ليك الخلف دي؟!...


هتف زهران وهو يجلس على الأريكة ويسحب نفس من أرجيلته بكبرياء:


-وماله ياخويا مخلفش ليه؟! أفرض نفسي هفتني على بنت؟! أنا لو عايز أخلف هتجوز وأخلف الصبح.


تمتم نضال وهو يجلس بجواره بتهكم شديد:


-هو إيه اللي نفسك هفتك هو أحنا بنسألك هتأكل برتقال ولا تفاح؟!..


ثم نظر ناحية سلامة هاتفًا وهو يرى القناع الأسود الذي يتواجد على وجهه:


-وبعدين صحيح إيه اللي أنتَ حاطه على وشك ده؟!


رد سلامة عليه وهو يمرر يده في رأسه:


-ده mask علشان الرؤوس السوداء.


غمغم زهران بعدم فهم:


-ومدام هو بتاع الرأس السوداء متنيل حاطه على وشك ايه، وبعدين يعني إيه رأس سوداء؟! ما طبيعي يكون شعرك أسود أومال هتصبغه أحمر زي النسوان يعني؟!.


حاول سلامة الشرح رغم أنه لا يفهم كثيرًا:


-يعني أماكن كده في الوش ده ماسك الفحم يعني علشان أنور ليها في كتب الكتاب جهاد جابتهولي، مكسل أنزل اروح للحلاق


مال نضال على أذن والده هاتفًا:


-بيقولك ماسك فحم يا حج مش واخد بالك من حاجة..


فتح زهران عينه على أخرها صارخًا في وجه سلامة متمتمًا بعضب شديد:


-أنتَ أخدت من فحم كريمة وحطيته على وشك؟! لو عملت كده ما هخلي فيك حتة سليمة يا سلامة.


سأله سلامة باستخفاف:


-يا بابا يعني أنا هروح أخد فحم واحطه على وشي يعني؟!.


تمتم نضال بجدية ومرحٍ:


-اومال مش أنتَ قولت أنه ماسك فحم!؟.


هز سلامة رأسه موافقًا وهنا ضرب نضال يده كف على كفٍ هاتفًا:


-الإنكار مش هيفيده الواد ده خد من فحم كريمة، خد الثقيلة يا بابا الواد هيلبس أسود زيك النهاردة.


نهض زهران من مكانه ليركض سلامة وزهران خلفه في منظر كان على وشك أن يوقف قلب نضال من الضحك.


__________


في منزل يسرا...


كانت تجلس بجوار شقيقها يتحدثون في كثير من الأمور بينما جهاد في الغرفة تنتظر أن تأتي خبيرة التجميل وصديقتها ميار بينما سلمى تجلس على الفراش تناظرها بسعادة حقيقية رغم خوفها الكبير.


خوفها من أن يأتي في يوم يُكسر فيه قلب شقيقتها كما حدث مع والدتها..


مازالت تتذكر ذلك اليوم الذي عرفت فيه بأن شقيقتها واقعة في حب هذا الشاب وأنه سوف يأتي مع عائلته لطلب يدها..


 تتذكر بأنها أخبرت صديقة لها بأنها خائفة وقلقة، ظنت صديقتها وقتها بأنها تشعر بالغبطة والضيق من أن شقيقتها سوف تتزوج قبلها لكن كان الواقع شيء أخر.


 هي تعترف بأنها لديها تروما، فوبيا، عقدة لا تدري ما  المسمى الصحيح، بسبب والدها، أصبحت تخشى تلك الأمور تخشى أن تضع ثقتها في رجل، تخشي أن تضع ثقتها في أي شخص....


من وسط تأملها إلى شقيقتها وإلى الفستان الأبيض البسيط المعلق سمعت صوت بكاء مفاجئ، لم يكن سوى بكاء شقيقتها...


مما جعلها تنهض من مكانها عاقدة ساعديها وهي تغمغم بنبرة هادئة:


-مالك يا حزينة بتندبي ليه ده كنتي من شوية بتزغرطي لنفسك؟!


مسحت جهاد دموعها هاتفة بجدية شديدة:


-مش عارفة يا سلمى.


سألتها سلمى بدهشة:


-يعني إيه أنتِ مش عارفة بتعيطي ليه؟! ولا دي هرمونات ولا إيه؟!.


أردفت جهاد موضحة:


-لا عارفة..


غمغمت سلمى بنبرة جادة لا يشوبها مرحٍ أو دعابة:


-لو عايزة ترجعي في قرارك مش مشكلة لسه في وقت.


صاحت جهاد مستنكرة:


-جرا إيه يا سلمى؟! هو إيه اللي ارجع في قراري ده؟! أنتِ تموتي وتفرقي الأحباب ده أنا مش مصدقة إني هتجوزه خلاص.


تمتمت سلمى بعصبية تلك المرة:


-اومال بتتنيلي على عينك بتعيطي ليه؟!.


قالت جهاد بنبرة جادة وهي تمسح دموعها:


-مش عارفة لو اتخانقت معاه بعد ما اتجوز اعمل إيه؟!! مهوا أنا مش هيكون الموضوع مجرد شبكة احطها في السبت.


ضحكت سلمى ثم أردفت:


-نزليه هو والشبكة عند أبوه تحت.


________________


"عقد القرآن"


كان يتواجد المقربين فقط، يسرا، شقيقها؛ بناتها وصديقة جهاد المقربة..


من جهة زهران كان يتواجد هو، زوجة شقيقه انتصار، أولاده؛ دياب، المأذون أحمد سعيد، لم تأتِ سامية بسبب شعورها بالاعياء.


ابتسم شقيق يسرا هاتفًا:


-مش خلاص صلينا العشاء مش يلا نكتب الكتاب بقا؟!.


تمتم نضال بابتسامة هادئة:


-والله ده اللي أنا بقوله يعني مش عارفة أحنا مستنين إيه بصراحة، أنا هقوم أشوف بابا خلص المكالمة ولا لسه.


قال سلامة بنفاذ صبر وهو يوجه حديثه إلى شقيقه:


-اه ابوس ايدك اعرف العطلة جاية منين علشان أنا على أخرى.


نهض نضال من مكانه ثم توجه صوب الشرفة الذي بداخلها زهران ويتحدث في الهاتف ووجده يغمغم:


-قربت يا جبوري ولا لسه؟!.


كان نضال يسترق السمع وهو يجده يغمغم بعدما على ما يبدو سمع شيئًا من الجهة الأخرى:


-خلاص ماشي مستنيك يا جبوري ولا يهمك.. أهم حاجة تكون ماشيء على اللوكيشن اللي بعته...وسوق على مهلك سوق، بكرا الدنيا تروق، يلا أول ما تقرب رن عليا وهنزلك...يلا سلام.


أنهى المكالمة واستدار ليجد نضال خلفه ليشهق رغمًا عنه هاتفًا:


-مش تتنحنح وتدي حس أنك هنا.


تحدث نضال بعدم فهم:


-أنتَ بتكلم مين على التليفون، مين جبوري ده؟!!.


عقب زهران بعفوية:


-صاحب عمري هيكون مين يعني؟ أنا قولتله يجي علشان يشهد على الجوازة.


أردف نضال بعدم فهم:


-وإيه اللي يخليك تجيبه في يوم زي ده وفي بيت الناس وهما مش عازمين حد، يعني مفيش حد غريب أصلا؟!!


تمتم زهران بانفعال واضح وهو ينظر له:


-بقولك صاحب عمري لازم يجي طبعًا ده في مقام عمك الله يرحمه.


قال نضال بغضب يحاول كبته قدر المستطاع:


-صاحب عمرك إيه العلاقة اللي مكملتش ثلاث شهور وبقت أبدية دي؟! وخليته مكان عمي، وبعدين الناس مستعجلين، المأذون جه من بدري الراجل يقول.....


قاطعه زهران بنبرة ساخرة:


-هو أحمد سعيد تفتكر هيمشي لو قعدته لغايت بكرا؟ بكرا إيه ده لو قعدته للسنة مش هيعترض، هو في غيري مشغله أصلا علشان تجيله الجراءة ينزل ويسيبنا.


صمت زهران لعدة ثواني هاتفًا بغضب كبير:


-وبعدين هو جت على صاحبي ما أنتم جايبين صاحبكم، دياب مرزوع برا، ولا هي بتيجي عند زهران وبتقف.


أنهى حديثه ثم خرج من الشرفة ليخرج نضال خلفه، بمجرد أن لمح ميار تأتي من الرواق بخصلاتها الحرة والحلقات التي تزين أنفها وأذنيها:


-يا عسل أنتِ اللي كلك قطع معدنية أعملي لينا كده قهوة وشاي وشوفي كل واحد يشرب إيه كده عقبال ما اللي مستنيه يجي.


ردت عليه ميار بنبرة هادئة:


-حاضر يا عمو.


قالت ميار كلماتها ثم رحلت بعدما سمعت طلبات الجميع


هنا تحدث زهران وهو يوجه حديثه إلى نضال:


-ما البت اهي حلوة أينعم لو عدت تحت أي جهاز هتصفر بس شكلها غلبان معرفش أخوك بيقول عليها عقربة ليه؟!.


سار زهران بضعة خطوات ليقف سلامة أمامه هاتفًا بثورة لكن بنبرة منخفضة:


-هو احنا مش هنكتب الكتاب ولا إيه؟! العطلة جاية منين يا جماعة ابوس ايدكم ريحوني بقا نفسي أخش دنيا...


أردف زهران وهو يضع يده على كتفه:


-اهدي شوية يا ابني كده كده أنتَ مش هتخشها النهاردة ولا هي مروحه معاك، انتَ مروح معانا عادي، اترزع كده ولم الدور.


رد سلامة موافقًا بعدها جلس على الفور:


-حاضر يا بابا.


جلس زهران بجانب محمد "شقيق يسرا" على الأريكة هاتفًا:


-بس ليك وحشة والله يا محمد أخيرًا أخدت إجازة، ده أنا مشوفتكش من ساعة خطوبة سلامة وجهاد باين.


هتف محمد وهو يعقد ساعديه:


-والله ظروفي هناك مش أحسن حاجة سواء تعب بنتي الصغيرة أو الشغل، أنا نازل بالعافية وغالبًا ممكن معرفش أنزل لمدة سنة وأكتر.


أردف زهران بنبرة جادة:


-ألف سلامة عليها.


ثم صمت لثواني وأسترسل الحديث مغمغمًا:


-مش هتعرف تنزل لمدة سنة وأكتر وإيه العمل كده؟! ده أنا كنت ناوي سلمى ونضال يتجوزوا على الصيف ان شاء الله بالكتير أوي.


تحدث دياب بنبرة متهكمة خرجت منه رغمًا عنه:


-يبقى نكتب كتابهم دلوقتي


جحظت عين نضال بينما صاح زهران بفرحة حقيقية:


-والله طول عمري أقول أن الواد دياب ده أحسن صاحب لنضال ابني ودايما بيفكر في مصلحته، ده أنسب حل فعلا نكتب كتابهم مع الولاد دلوقتي.


تمتم محمد باستنكار طفيف:


-ازاي بس احنا مكناش محضرين و...


أردف زهران ببساطة:


-كل ده أمره سهل خد بس لينا رأي العروسة ونشوف بعدها، ورأي الحجة يسرا طبعًا.


نهض محمد متحدثًا بنبرة هادئة:


-ماشي هقوم أقولهم واشوف رأيهم برضو.


رحل محمد وكان نضال يحاول استيعاب ما سمعه بينما دياب تحدث وهو يركض راحلًا:


-أنا ورايا مشوار مهم جدًا افتكرته دلوقتي، السلام عليكم.


ابتلع زهران ريقه بتوتر وهو يراقب تعبيرات وجه ابنه في الوقت ذاته صدع صوت هاتف زهران ليجد المتصل صديقه جابر فأجاب:


-أيوة يا جابر أنتَ فين تعالى الحقني..وأنتَ طالع هتلاقي واحد حلو ومسمسم كده اسمه دياب لسه نازل حالًا.. أسأله اسمك إيه لو قالك دياب اقبض عليه واطلع.


ثم مال سلامة ناحية المأذون الذي على ما يبدو شعر قد ذهب في النوم هاتفًا:


-ما تفوق يا عم أحمد أنتَ جاي تنام ده وراك بدل كتب الكتاب اتنين.


استيقظ الرجل قائلا بفزع:


-مش هنكتب كتب الكتاب يا جماعة بقا.


أردف زهران بخوف حقيقي من صمت نضال ونظراته:


-ما تسكت يا أحمد ده أنتَ كان زمانك نايم في بيتهم أحمد ربنا.


بعد مرور بضعة دقائق...


 كان جابر يدخل من باب الشقة المفتوح يمسك دياب من يده الذي يصيم:


-يا عم لولا أنك راجل كبير أنا كنت عملت معاك الغلط، سيب ايدي هو أنتَ ماسك حرامي.


أردف جابر بلغة عربية فصحى:


-ها هو يا صديق عُمري قد احضرته لك، لم ادعه يفلت مني، وبمجرد أن أخبرني باسمه حلقت عليه ولم اتركه يفلت بجلده، أصل على مين ده أنا صايع قديم ده أنا جابر على سنح ورمح. 


ثم نظر إلى زهران مغمغمًا بسعادة:


-إيـه رأيك يا صديق عُمري لبست أسود في أسود كما أخبرتني تمامًا، ماتشي ماتشي... 


هتف زهران بعتاب حقيقي بعدما نهض من مكانه:


-بقا كدا يا صاحبي تتأخر علينا؟! عيالي الاتنين مش هيتجوزوا إلا لما تكون الشاهد...


صاح دياب مستنكرًا وهو ينظر إلى جابر:


-ما تسيب ايدي يا راجل أنتَ ما خلاص بقا، أنا قولت برضو مهوا مش معقول الراجل المجنون ده يكون صاحب حد إلا أنتَ يا عم زهران.


"احترم نفسك"


قالها زهران وجابر في الوقت نفسه، هنا ترك جابر يده واحتضن زهران مما جعل سلامة يصيح بغضب كبير:


-يا جدعان ابوس ايديكم جوزوني هيجرالي حاجة.


تمتم أحمد "المأذون" أخيرًا:


-خلاص يا جماعة الشهود يجيبوا بطاقتهم الشخصية.


أخرج دياب محفظته ثم أخرجها منه وأعطاها له، وحاول جابر فعل المثل لكنه لم يجد أي شيء في جيبه وهنا أردف بنبرة متوترة:


-بقولك إيه يا زهورة.


رد عليه زهران باستغراب:


-خير يا جبورة؟!.


قال جابر وهو يميل عليه:


-أنا شكلي كدة والله أعلم نسيت المحفظة في البيت أو وقعت مني. 


نهض سلامة هاتفًا بغضب كبير:


-هنزل أجيب شاهد من على القهوة واطلع بس نخلص واكتب الكتاب هموت واحضن حضن كتب الكتاب يا ناس ضغطي بيوطى..


ثم أخذ يتحدث بغضب:


-أنا ايدي واخده وضعية الحضن لوحدها...


خرج في الوقت ذاته محمد من الداخل مفجرًا القنبلة الأكبر بعد نظرات زهران الفضولية والمستفسرة وكذلك نضال:


-سلمى موافقة.


_______يتبع______


لو وصلتم لهنا دمتم بألف خير ونتقابل في فصل جديد ان شاء الله💜💜


بوتو يحبكم...

تكملة الرواية من هنااااااا


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

  

تعليقات

التنقل السريع