القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية هل الضربة قاضية الفصل التاسع عشر والعشرين بقلم نهال عبد الواحد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)

 

رواية هل الضربة قاضية الفصل التاسع عشر والعشرين  بقلم نهال عبد الواحد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)



رواية هل الضربة قاضية الفصل التاسع عشر والعشرين  بقلم نهال عبد الواحد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)

(الفصل التاسع عشر)


بقلم نهال عبدالواحد 


ظل رياض واقفًا مكانه ناظرًا أمامه لحيث اختفت ويده أمامه لا زالت ممدودة، ثم رفعها إليه ببطء ناظرًا إليها مكان يدها وسلامها فقبض عليها محتضنًا الهواء بكفه. 


شعر بنفسه وقد عاد بخفي حُنين، لم يفهم لماذا حمل نفسه وجاء إلى هنا! وبعد كل ذلك لم يفعل أي شيء ولم ينطق بأي حرف سوى أن ناداها باسمها، تُرى أي عقلٍ هذا؟!


حتى نفسه لم يعد يفهمها أو يستطيع تفسير تصرفاته هذه! لقد جُن بحق أم ماذا دهاه؟! لماذا لم يقوى حتى الآن أن يتخذ قرارًا؟! ربما إن فعل ذلك استراح وأراح الجميع، لكن من الغريب أنه لم يفطن لتلك النقطة حتى الآن!


ثم عاد من حيث جاء وإن ظن إنه بعد رؤيتها سيرتاح لكنه قد تعب أضعافًا، وزادت أوجاع القلب تكاد تكون مهلكة ودواء القلب ليس بيد أي شخص سوى شخصٍ بعينه، إذن فكن في تعبك وأوجاعك بما تستحق، ألست من فعلت؟! فلتتحمل!


أما حبيبة فاتجهت مع الجموع إلى الطائرة، صعدت درجات السلم، دخلت وجلست جوار أحد النوافذ، لا زالت في حالة من الشرود والبلاهة، ولا زال ذلك الكائن بالجانب الأيسر يدق بأشد ما يكون لدرجة أشعرتها بالهلاك من قوة ضرباته. 


لقد تأكدت وتيقنت أنها ومع كل أسفها تحبه بل قد تفاقمت درجة ذلك العشق الأهوج ففاقت كل التوقعات وفوق طاقتها بصورة مفاجأة! 


وهاهي تؤنّب نفسها وتعنّفها، كيف سكتِ وانتظرتِ حتى حدث ما حدث؟! كيف سمحتِ لقلبك أن يحب؟

كيف تركتيه يستسلم هكذا لرجل؟! وهاهو يتحكم بك و ربما استغلك وأذلّك!


ليجيب قلبها لكن لا طاقة لي ببعاده أو فراقه، ولا أعرف كيف سأتحمل ذلك البعاد طوال تلك الفترة!


فهاجم العقل بل ستقوي وتفعليها، طالما كان ذلك القلب طيلة حياتك مجرد صخرة، وإن كنتِ سهوتِ عنه حتى سقط في هواه صريعًا فذلك البعاد كفيل بكل شيء فكما يقولون في البعد جفاء، وماذا لو كان الجفاء هو صفة متأصلة فيكِ؟!


ترجاه قلبها أن لا تكن قاسيًا هكذا، لا تأخذ دور السيّاف رجاءً لا تبتر عنق هذا الحب، فحبه وإن كان مؤلمًا ففيه حلاوة وسحر لا طاقة لي بمقاومته. 


فأكمل عقلها هجومه أن هل نسيتِ سر مأساتك وعذابك في دنياكِ؟! إنه رجل!

تُرى ماذا بعد كل هذا الحب؟ مؤكد زواج ثم ماذا؟!

طفل!

ألا يستوقفك ذلك ويذكّرك بشيءٍ هام، لقد قالها أمامك مرارًا أنه يقدّس العزوبية والحرية ولا يحب القيود ولا تحمّل مسؤولية زواج وأسرة، ألم تفهمي بعد معنى ذلك؟!

حتى وإن بادلك الشعور ولم يقوى على مقاومتك فلن يتحمّل، ومؤكد سيرحل ويتركك أنتِ وطفلك، مثلما فعل غيره!


إذن قد فهمتك يا أمي، كيف أحببتيه كل ذلك الحب لكنه لم يقوى على المسؤولية فتركنا نصارع وحدنا في وجه الحياة! وأنتِ ببلاهتك وحمقك ترغبين في إعادة الكَرّة!

إن كانت أمك المتصالحة مع نفسها ومع حياتها قد أنتجت معقدة ممتلئة بكم عقدها النفسية مثلك! إذن فماذا ستنتجين أيتها المعقدة عندما يفوتك ويرحل لأنه لا طاقة له بتحمل أي شيء؟!


إذن قد صدر الحكم وعليكِ اتباع عقلك، ماذا لو تألمتِ؟!

فهذه طبيعتك، وهذه حياتك بين الأوجاع والآلام، ومع مرور الزمن ستعودي صخرة كما كنتِ بل أشد من أشد صخرة. 

وكما يقول المثل الشهير: «وجع ساعة ولا كل ساعة.»


وصلت حبيبة مع فريقها إلى مدينة (طرّكونة) المطلة على البحر المتوسط وبها الكثير من المناطق الأثرية مثل الجدران الرومانية، القلعة والسيرك الروماني كما يكثر فيها أماكن الترفيه، السياحة والشواطئ الترفيهية.


لكن حبيبة كانت غالبية وقتها ما بين الفندق ومكان التدريب، كانت تتفانى في تمارينها لآخر لحظة ولم تضع في أولوياتها اختيار الترفيه والسياحة، وأقصى ما تفعله إن كان لديها بعض الوقت هو السير على شاطئ البحر وقت الغروب إن أمكن لها ذلك. 


وهاهي تلعب مباراة بعد المباراة محققة الفوز وأحرزت من الميداليات، وفي الليل تتحدث قليلًا مع هاجر ونادية عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ فهاجر قد أقامت عند نادية في بيتها باستمرار عقب سفر رياض وإيهاب بعد سفر حبيبة. 


كان رياض وإيهاب قد سافرا إلى مدينة (كوانزو) بالصين وها هما ماكثان فيها منذ قرابة الأسبوعين، وكان رياض يتحدث إلى أمه يوميًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد علم أن هاجر مقيمة مع أمه وتتحدث إلى حبيبة يوميًا فحاول تقصّي أخبارها بطريقة غير مباشرة كما ظنّ هو وكأنه لا يدري مدى مكر أمه خاصةً في مثل تلك الأمور!


وذات ليلة وكان النوم يجافي حبيبة وقد أنهت هاجر حديثها باكرًا لأنها مرهقة وتريد النوم، ورغم تمارين حبيبة الشاقة وكانت في اليوم التالي لديها مباراة والمفترض أن تنام باكرًا هي الأخرى.


وبينما كانت تتصفح مواقع التواصل الإجتماعي إذ لمحت منشور وقد نشره رياض على صفحته الشخصية توًا وبتلقائية منها قد صنعت له إعجاب.


وما أن وجدها نشطة حتى تجرأ واتصل بها وضغط بالخطأ على الاتصال المرئي، ولم يأبه لذلك إلا عندما وجدها قد فتحت وأجابت عليه.


بالطبع هي قد أجابت عليه لتقنع نفسها أن كل شيء قد انتهى وها هي قد تخطت أي إحساسٍ أحمق. 


أما هو فقد كان مشتاقًا إليها بالفعل، لكن هذا ما شعرت به بمجرد إجابتها لاتصاله وكأن كل وعودها مع نفسها كانت سرابًا في الهواء. 


ابتهج اثنانتهما بمجرد رؤية كل منهما للآخر، فقد نسيا كل شيء وأي شيء خاصةً هواجس العقل المتحكم فيهما! فلا عتاب ولا جدال أو حتى مشاكسة، فقط شوق واشتياق، حب ولوعة ولهيب نبض. 


فهتف وعيناه لامعتان بشدة ونبضات قلبه تتسارع وأنفاسه متلاحقة: حبيبة!


لتجيبه بصوتها الناعم المتحشرج من الشوق والمفاجأة وقد أكد عصيانه لرغباتها ولأوامر ذلك العقل الديكتاتور: رياض!


فأكمل بنفس حالته العاشقة: عاملة إيه؟ مبروك عل ماتشات اللي فاتت، وعقبال الباقي كمان، متابع أخبارك والفيديوهات اللي نزلتيها على صفحتك، فرحان بيكِ أوي! حقيقي حاجة تشرف يا بنت بلدي!


فابتسمت وقالت بتحرج وخجلٍ ظاهر: الله يبارك فيك... شكرًا. 


ثم اختفت ابتسامتها وهي تحملق فيه بقلق قائلة: مالك يا رياض إنت تعبان ولا ده م الكاميرا والإضاءة ولا إيه؟!


فابتسم بهدوء ليخفي التعب والشحوب الظاهر على وجهه ثم أجاب: خاسس شوية من قلة الأكل. 


فأسرعت بلهفة واضحة في نبرة صوتها: وليه ما بتاكلش؟! تعبان ولا إيه؟


فأجاب بهدوء: أصل هنا الأكل لعنة، بياكلوا صراصير ودود ف كل حتة وطول ما أنا ماشي بلاقيهم واقفين بيسوهم ف الشارع زي الدرة والبطاطا عندنا، قرفت بجد وحاسس بجناحتهم بتلعب ف زوري. 


فضحكت وقالت متأففة: بس كتك القرف! 


فضحك ثم تابع قائلًا: أمال لو عرفتِ اللي حصل، أنا وإيهاب نزلنا السوبر ماركت نجيب أي معلبات ولّا جبنة، لاقينا نوع عيش شكله يجنن روحنا جبناه وروّحنا بيه هناكل بقلب جامد بأه، أنا كان عندي استعداد آكل العيش حاف من شكله اللي يفتح النفس، يادوب بقطع العيش ألاقيه محشي صراصير ! ده ولا كأنه بالمكسرات! وعنها قرفت من كل حاجة. 


فضحكت وصاحت متقززة: طب مفيش مطاعم عربية ولا مصرية هناك؟!


فقال: مصرية إيه! وقال أنا رايح بتكلم بقلب جامد وبقول( from Eygpt )أم الدنيا بأه و(pyramids )، طلعوا لا يعرفوا (Eygpt ) ولا ال (pyramids ) ولا سمعوا عنها، بس في هنا مطاعم عربية فيه مطاعم يمنية ولبنانية. 


فتسآلت: وإنت بتتكلم معاهم إزاي طيب؟! بتعرف صيني!


فأجابها بمزاح: نيهاوو!

ثم ضحك وأكمل قائلًا: لا فيه مترجم بيتكلم إنجليزي، هنا البلد مقفولة والناس كلها بتنام م النجمة، لو نزلت الشارع الساعة تسعة مساءً ألاقي البلد نامت، عمار يا مصر!


فابتسمت قائلة: هتقولي! ده الناس بتفضل قاعدة عل كورنيش ولا كأني وفجأة تلاقي النهار طلع، كبار وستات وأطفال وكل المقاسات.


فرفع حاجبيه بدهشة وقال مضيقًا أحد عينيه: وإنتِ اش عرفك؟ ولا سهرتِ قبل كده للصبح إن شاء الله ؟!


فضحكت بشدة أربكته ثم قالت: دي هاجر وأفكارها اللي تودي ف داهية، مرة كان يوم خميس وقالتلي تعالي نتمشى عل بحر وللأسف سمعت كلامها وقعدنا وجبنا لب وهاتك يا لَك ومن حوار لحوار، وبدأت أحس إن الجو غريب لكن قولت ف نفسي ما الناس كلها قعدة والدنيا زحمة أهي أكيد بيتهيألي إحنا لسه بدري، و هوب لاقيت النهار طلع... 


ثم تسآلت قائلة: طب جاي عندك ليه؟! بتعمل إيه في الصين يعني؟!


فأجابها بعملية: بصراحة أول مرة أعملها، كنت الأول بسافر فرنسا بجيب الشغل من هناك، بس قالولي ممكن أعمل شغل تقليد هنا ف الصين ومكسبه كويس، فباخد كام حتة أصلية وهم هنا بيقلدوها بالمللي، و تتباع هاي كوبي بيبقى شغلها وتقفيلها نضيف أوي وسعرها أقل كتير من الأصلي، يخلص الشغل وأشحنه وطارق في مصر يستلمه، لسه بأه هطلع بعد كده على (إسطامبول) في تركيا هنجيب شغل تاني. 


فزمت شفتيها وهي تومئ برأسها بتفهّم : ربنا يوفقكم ويوسع رزقكم!


ثم قالت ببعض الشفقة المخلوطة بالحنان: بس إنت عدمت خالص يا بني، كل أي حاجة نواشف ولا فواكه حتى، هتتعب كده!


فابتسم قائلًا: في فواكه كتير وبحاول أجيب وآكل بس جاتلي قرفة خلاص، بفضل أبص جوة الحاجة لما بتقرف، إتقرفت من كل حاجة حتى م الناس.


وإذا بصوت ضحك إيهاب يأتيه عن بُعد في نفس الغرفة قائلًا: بأمارة ما قرفت م الموزّة!


فشهقت وصاحت حبيبة: موزّة!


فضحك إيهاب وقهقه بشدة وتابع: ويقولي لا دي بتاكل صراصير، قولتله وماله هي بتاكل صراصير وإنت بتاكل فسيخ. 


فوجمت ثم سألته: إنت بتاكل فسيخ يا رياض؟!


فأومأ برأسه مبتسمًا: فسيخ وملوحة كلابي كمان .


ثم قال بتأثّر: بس والله قرفت بجد م البلد هنا! مش جاي هنا تاني أديني باقولك أهو.

قال الأخيرة موجّهًا حديثه ملتفتًا لإيهاب ثم عاد ناظرًا لشاشة الحاسوب الصغير وقال بتعب: نفسي الكام يوم اللي فاضلين دول يخلصوا بأه. 


فأومأت بوجهها وقالت بإشفاق: يا روحي! والله صعبت عليّ!


وهنا تداركت ما قالته فتوقفت، وجمت وتسارعت ضربات قلبها، سرت قشعريرة في جسدها، تورد خديها بشدة وتحرّكت بؤبؤتيها بسرعة يمينًا ويسارًا ثم قالت متلعثمة: طب.. طب.. تصبح على خير...

**"

(الفصل العشرون)


بقلم نهال عبدالواحد 


أغلقت حبيبة الخط ولا زالت ضربات قلبها متلاحقة فجأة وكأنها لم تعد قادرة على التنفس رغم جلوسها في الشرفة!


يا لكِ من حمقاء! ما هذا الذي تفوّهتِ به؟! أرى الكلام بات يُسكب منكِ سكبًا! تُرى ماذا يقول عنكِ الآن؟ وماذا يظن بكِ؟! ألم أخبرك بالحقيقة أيتها الغبية! هذه القصة لن تكتمل بأي حال، فابتعدي أفضل لجميع الأطراف... حتى ولو تألمتِ بعض الوقت، فحتمًا كل شيء سينتهي؛ لا أحد يموت بابتعاده عن شخص مهما كانت قرابته ومكانته، عودي لطريقك الذي رسمتيه واسمعي صوت عقلك حتى لا تخسري، فلم يتبقى لك المزيد لتخسريه. 


هكذا تحدّث نفسها وتحثها.


أما رياض فبعد أن أنهت حبيبة الاتصال مسرعة، ظل واجمًا ناظرًا للشاشة إلى صورتها الموجودة أمامه، صورة حسابها، وقد انتابته رجفة وإحساس بات ملازمًا له منذ فترة قريبة.


دلّك جبهته بإصبعيه وهو مغمض عينيه ثم زفر الهواء فجأة، أغلق حاسوبه وعاد بظهره للخلف واضعًا يديه خلف ظهره مغمضًا عينيه من جديد.


ليفاجأه إيهاب الذي جلس أمامه على فراشه ثم قال: وبعدين!


فانتفض رياض فجأة وتلاقط أنفاسه بسرعة، فرفع إيهاب أحد حاجبيه وخبط كفًا بكف ثم قال بتعجب: طبعًا اتفاجئت بوجودي معاك في نفس الأوضة! يا سبحان الله ولا قوة إلا بالله!


فأجابه رياض منزعجًا: فجعتني يا أخي! قطعت خلفي!


فضحك إيهاب بسخرية وأكمل كلامه بتهكم: أجبلِك طاسة الغضة يا بيضة! كوتي كوتي!

وبعدين خلف إيه اللي بتدور عليه يا عاشق العزوبية إنت!


فجز رياض على أسنانه وقال بغضب: شكلك هتتروق دلوقتي. 


وسحب إحدي الوسادات وظل يضربه بها ويصيح إيهاب بمبالغة، ثم قذف رياض الوسادة وعاد متكئًا كما كان. 


وكان إيهاب يقهقه ضاحكًا ثم اعتدل جالسًا أمامه مرة أخرى ثم قال له: أظن كده هديت!


فقال رياض بتأفف: يا أخي إنت عايز مني إيه بس!


- إنت هتعمل زي العيال الصغيرة ولا إيه! 


فقال رياض بفرغ صبر: عايز مني إيه! ما عندك سريرك روح إترمي عليه وسيبني ف حالي. 


فتابع إيهاب بجدية: طب ممكن نتكلم بالعقل.


فنظر له رياض ولم يعقّب، فأكمل إيهاب: إنت ليه آفش كده؟! دي البت نطقت وإنت البعيد لوح، طب ده لو كان لوح كان نطق!


فقال رياض: بت إيه اللي نطقت! هي الكلمة طلعت غصب عنها عفوية كده عشان صعبت عليها، بتحوّر ليه دلوقت؟!


فرفع حاجبيه بدهشة وقال: أنا اللي بحوّر برضه! هي صحيح قالتها عفوية، لكن تأثير الكلمة عليكم إنتو الاتنين مش عفوي أبدًا، قولي بس فيها إيه مش عجبك؟! وحشة مثلًا!


فأجاب: إنت عبيط! دي وحشة دي! ده أنا ما شوفتش جمال في حياتي كده. 


قال الأخيرة بتنهيدة حارة فصفق إيهاب بكفين مفتوحين فرمقه رياض فتوقف، ثم تابع حديثه: يبقى دمها تقيل!


فأجابه: إطلاقًا...


-طب أخلاقها... 


فقاطعه بغضب: إخرس ولا كلمة!


- طب بالراحة عليّ، طب تبقى مسترجلة بالبوكس اللي بتلعبه؟


- إخرس. 


فإغتاظ منه وجز على أسنانه هو الآخر وأكمل قوله: طب إيه! إيه اللي مش عجبك فيها؟!


- هو لازم يكون فيها عيب يعني!


- واحدة ومافيهاش عيب وواقع فيها يبقى إيه!


- دي تهيؤات في دماغك وبس. 


- يارب صبرني! يا بني إنت عندك عرق عته ولا سِنّة تخلف عقلي؟!


- لا وإنت الصادق هديك بوكس يتففك سنانك!


- طب نتفاهم بالعقل، إقنعني طيب.


- إنت عارف رأيي كويس ف الموضوع ده، ومش عايز نقاش فيه. 


- رأيك ده كان الأول، لكن دلوقتي الوضع إتغير. 


- طب ما تنصح نفسك وتخطب بدل ما انت مستلمني كده، وأهو أرتاح من زنّك.


- إنت فاهم إني معترض! أينعم الحرية حلوة مفيش كلام، لكن الأحلى إنك تلاقي حد بيشاركك كل تفاصيل حياتك وقريب ليك فوق ما تتصور، ما نفسكش تروح بعد يوم تعب وشقا تلاقي حضن دافي بيستقبلك وإيد حنينة بتطبطب عليك وبتمسح وجعك. 


- نادية ف البيت ربنا يطول في عمرها. 


فصاح فيه: ولاا! ما تجننيش! مش حضن الأم يا روح أمك!


فقال له متوعدًا: وأنا شكلي هطلّع روحك وأخلص من قلبة الدماغ دي. 


فنظر إيهاب إلى سقف الغرفة وقال: ربنا يسامحك يا طنط نادية باللي بليتينا بيه ده. 


فأمسك رياض بالوسادة من جديد يهدده بها وهو يقول: فز بأه ياض يا ابن ال... 


فقاطعه إيهاب: إشتم عمك إشتم، و أنا هخصمك ومش هلعب معاك تاني، ماما قالتلي ما تلعبش مع العيال الرخمة... 


قال الأخيرة بطريقة طفولية ثم أنهى كلامه مخرجًا لسانه له وأشار له بأصغر أصابعه مثل الأطفال أي قد خاصمه، فتجاهله رياض متمددًا بجسده على الفراش وأعطاه ظهره لكنه لم ينام. 


وهذا هو الفارق بين حبيبة ورياض؛ حبيبة قد أيقنت بسقوطها في شباك هواه وإن كانت تحاول محاولات فاشلة في الابتعاد، لكن رياض حتى الآن لم يعترف بإحساسه ولا حتى بينه وبين نفسه ولا زال يخترع حججًا واهية رغم كل أحاسيسه التي تعصف به!


مرت عدة أيام وانتهى أخيرًا رياض وإيهاب من عملهما في الصين وقاما بشحن الملابس وأخبرا طارق بتفاصيل الشحنة عبر الفاكس. 


طار رياض وإيهاب بعدها إلى إسطمبول في تركيا ليكملا شراء البضائع، فعليهما تجميع طلبات الموسم الشتوي ليبدؤا بعرضه في محلاتهم بعد افتتاح المحل الجديد، وها هو الموسم الصيفي على وشك الانتهاء. 


كانت حبيبة منذ تلك المرة ولم تعيد كَرّة الحديث معه مجددًا وأصرت على تنفيذ خطتها في وأد إحساسها به و عليها الانتباه فقط لتدريباتها ومبارياتها وهاهي ستصعد إلى المباريات النهائية.


لكن يتكرر نفس الموقف مرة أخرى، لتكون جالسة ذات ليلة تعاني من الأرق والملل وأيضًا نوم هاجر الباكر لتجلس متأففة تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي فتجد منشورًا فتعلّق عليه دون أن تنتبه أنه هو صاحب المنشور فتجده فجأة يتصل بها ويتكرر نفس الخطأ لتكون مكالمة فيديو. 


كان رياض من هيئته يبدو جالسًا في إحدى المقاهي، أما حبيبة فكانت جالسة في الشرفة فالطقس الليلة رائع!


كانت تتلاقط أنفاسها بسرعة تحاول تنظيمها وضعت يدها على قلبها ربما يهدأ من ذلك الدق الشديد، شعرت بحنينٍ جارف إليه الآن لم تنكره على الإطلاق ولا حتى نجحت في إخفاءه تلك المرة، ولا هو مهما عاند ونفى مشاعره المتجهة بكل اندفاعها وقوتها إلى تلك الجميلة ذات القبضتين القويتين. 


لتقول بصوت ناعم للغاية وابتسامة تزين ثغرها: إزيك يا رياض!


فابتسم هو الآخر وردّ بنفس درجة الحنان: لازم أكون كويس دلوقتي، خلاص داخلة عل نهائيات؟


فأومأت برأسها بنفس ابتسامتها الساحرة: إدعيلي يا رياض. 


فأجابها بنفس حالته الهائمة: مش محتاجة تقولي، إنتِ دايمًا ف بالي وبدعيلك من نفسي. 


فرفع إيهاب حاجبيه من حالة ابن عمه، من قوله وطريقته المتيمة سائلًا نفسه ألتلك الدرجة قد وصلت بلاهتك؟! لم تعد تشعر أو تميز وها هو إحساسك يفر منك رغمًا عنك!


قالت حبيبة بهدوء: وشك أحسن م المرة اللي فاتت. 


فضحك قائلًا: آه، ما أنا سيبت الصين وجيت تركيا من كام يوم. 


- بتعمل شغل برضو!


- لا بشتري من هنا، في زي سوق جملة بجيب شغل حريمي ورجالي، بس الحياة هنا عادية وباكل عادي وعايش حياتي عادي، ده حتى الفندق لاقيت فيه صالة جيم روحت اتمرنت حسيت إن روحي ردتلي تاني. 


فأجابته: طب جميل، شكلكم برة. 


فأومأ: أيوة دي منطقة تكسيم في محلات وكافيهات هنا في شارع الاستقلال والدنيا مفتوحة زي أوروبا بالظبط. 


فأومأت: طب كويس، تغيير برضو. 


فضحك وقال: التغيير اللي بجد لما روحنا الإسبا أنا وإيهاب وعملنا حمام ومساج إمبارح.


فرفعت حاجبيها قائلة بدهشة ونبرة مختلفة: مساج!


فيجيئها صوت إيهاب مداخلًا للحوار: هو ده مساج ده إحنا روحنا مقتولين. 


فوجهت له كلامها بسرعة خاطفة: إزيك يا إيهاب؟!


فأجابها: تمام الحمد لله. 


فأكملت موجهة كلامها بنبرة يشوبها الإتهام: و يا ترى المساج ده كان شكله إيه!


فأجاب رياض باندهاش: شكله!


فتابعت بنبرة اتهام واضحة ممزوجة بشيءٍ آخر: آه، شكله ولا شكلها! مش في بنات بتعمل المساج برضو!


فأجابها رياض ببعض المكر وقد اتضحت حقيقة نبرتها له: في كل حاجة وكل واحد حسب رغبته. 


فتابعت بقوة: يعني رغبتك دي شكلها إيه!


كانت نبرتها أشبه بنبرة زوجة مصرية تجادل زوجها، وقد وصل ذلك الشعور تفصيليًا لرياض فابتسم واتسعت ابتسامته، وكلما اتسعت ابتسامته ازداد ضيقها وغضبها الواضح له، فقال: إطمني، دول كانوا راجلين ووضبونا تمام. 


فكررت: راجلين!


ليأتيها صوت إيهاب: وهم دول راجلين! دول دولابين حيطتين وهاتك يا هبد ويا رزع لما إدغدغنا. 


فأعادت تساؤلها لرياض: فعلًا!


فأجابها بابتسامته المتسعة وقلبه يتراقص فرحًا من هيئتها: فعلًا. 


وفجأة رأت حبيبة عبر الشاشة فتاتين تحومان حولهما وترتديان ملابس فاضحة وتتصرفان بدلالٍ مفرط، وإن كان رياض يمركز كل تركيزه في حديثه مع حبيبة لكنها سألته بنبرة أشد: ودول مين دول كمان؟!


فأجابها: دول بنتين. 


فقالت بغضب: لا والله! على أساس مش باينين يعني؟! ما هو باين إنهم هبابتين هو أنا بسألك عن نوعهم؟! ولّا يكون عندهم ديل فاختلطوا عليّ وحسبتهم معزتين!


كان رياض يقهقه بشدة ويتمايل من شدة الضحك من كلامها وطريقتها التي لم يعهدها على الإطلاق، لكنها قد أعجبته على أية حال. 


فقال لها بتبلد مصطنع: هو أنا ليه حاسس إنك بتحققي معايا؟!


فصاحت بغضب: ما تقولي مين دول؟!


فأجابها محاولًا السيطرة على ضحكه: دول شغالين هنا. 


لتسرع متسائلة: شغالين إيه بأه! جرسونات مثلًا!


- مش بالظبط كده، مش لازم تفاصيل ممكن تحاولي تفهميها وهي طايرة. 


فصاحت بغضب وعيناها تطلق شررًا: إتفضل رد عليّ!


- يا بنتي إهدي شوية هيطألك عرق، مش حلو علشانك ألّاه.

قال الأخيرة بطريقة الفنان محمد صبحي. 


ولما وجد غضبها يتزايد بشكل مبالغ فيه، بدأ يتحدث ببعض الجدية: تقدري تقولي ممكن يقدموا خدمات خاصة للزباين.

وغمز لها قائلًا: سهراية مثلًا. 


فصاحت بغضب شديد: خبر اسود! بنات ليل!


فأومأ برأسه مؤيدًا، فتابعت ثورتها قائلة: وإنت تروح أماكن كده ليه؟!


فأجابها بهدوء: يا بنتي هنا زي أوروبا، يعني حاجة عادية. 


فقالت بنبرة فيها بعض الانكسار: حاجة عادية! ماشي يا رياض، ماشي، ما تكلمنيش تاني، مش عايزة أعرفك.


فابتسم بسعادة شديدة وقال: يا هبلة إنت إستني هقولك أنا م.. 


وقطعت الاتصال فوجم قليلًا ثم اتسعت ابتسامته ونظر ناحية إيهاب المتابع لحوارهما فعقد حاجبيه بتساؤل، فأجابه إيهاب قائلًا: أيوة بتغير عليك يا خروف...

تكملة الرواية بعد قليل 

جاري كتابة الفصل الجديد للروايه حصريا لقصر الروايات اترك تعليق ليصلك كل جديد أو عاود زيارتنا الليله

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع