القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية هل الضربة قاضية الفصل التاسع وعشرون والثلاثون والواحد والثلاثون والثانى والثلاثون بقلم نهال عبد الواحد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)

 

رواية هل الضربة قاضية الفصل  التاسع وعشرون والثلاثون والواحد والثلاثون والثانى والثلاثون   بقلم نهال عبد الواحد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)




رواية هل الضربة قاضية الفصل  التاسع وعشرون والثلاثون والواحد والثلاثون والثانى والثلاثون   بقلم نهال عبد الواحد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)



(الفصل التاسع والعشرين)


بقلم نهال عبدالواحد 


قررت هاجر الانسحاب بهدوء فكفاها إهدارًا لكرامتها، لكن فجأة اندفع نحوها رياض وجذبها من ساعدها بشدة، فالتفتت له بحنق جاذبة ذراعها بشدة وصاحت باستنكار: هي حصّلت! إيه في حاجة تانية لسه هتتقال؟!


فنزع يده مسرعًا مبتلعًا ريقه ببطء وقال بتوتر: أنا آسف، بس... بس إنت كنت جاية هنا ليه؟!


فابتسمت بتهكم قائلة: كنت جاية أستنجد بيك، بس غلطت ف العنوان، أول مرة أقتنع برأي حبيبة، الرجالة كلهم عينة واحدة مفيش واحدة تطمن لهم. 


فابتسم بتهكم هو الآخر قائلًا: كده الرسالة وصلت تمام؛ الهانم بتمارس عقدها على خلق الله تعلقهم بيها وبعد كده تسيبهم، بتنتقم يعني!


فصاحت فيه: إخرس! هو ده رأيك في حبيبة؟! ده أنا اللي طلعت مخدوعة فيك!


فتدخل طارق مسرعًا وقال: إهدوا يا جماعة، أكيد في سوء تفاهم؛ لأن بصراحة بأه اللي بيحصل ده مش منطقي إطلاقًا.


فاقتربت رباب قائلة: ما تزعليش يا هاجر الله يكرمك! رياض وماما منفعلين شوية لكن قلبهم أبيض والله!


فالتفتت لها هاجر: وأنا ما عملتش حاجة ولا حتى حبيبة عشان نتهان بالشكل ده! والحمد لله إني جيت لوحدي وإن حبيبة مش معايا، كانت والله ما هتسكت وهي مش ناقصة!


فربتت عليها رباب وسألتها بهدوء: قلقتيني عليها مالها؟!


فأجابتها وهي متجهة نحو الباب: خلاص مالوش لزوم يا رباب، كتر خيركم!


فأسرع رياض نحو هاجر قائلًا: حبيبة مالها؟! إيه الضحية الجديدة مش على هواها!


قال الأخيرة مستهزئًا وعينياه دامعتين، فعقدت هاجر حاجبيها وصاحت بعدم فهم: إنت بتقول إيه! ضحية إيه!


فابتسم بمرارة وقال: الشاب اللي رايح جاي بالتشريفة بتاعته ده، إيه فاكرة إن في حاجة بتستخبى!


فوضعت يدها على خصرها وقالت: هي حصلت! للدرجة دي مفيش ثقة!


فقال لها متوسلًا: أرجوكِ قوليلي مين ده؟ و عرفتوا إمتى و فين؟!


فأجابت: ده نبيل القاضي، أخوها. 


فصاح الجميع في نفس الوقت: أخوها!


فأومأت برأسها وقالت: أيوة أخوها وأبوها طلع عايش واتقابلوا. 


فأشار لها لتجلس وقال بهدوء: اقعدي كده واحكي كل اللي حصل. 


فجلست وتنهدت، اقترب الجميع منصتين لها ثم بدأت تحكي كل شيء منذ مجئ والدها وأخوها وكل تبعات ذلك. 


فسكت الجميع فترة من الزمن، فقالت رباب: وهي يا عيني في حيرة وصراع. 


فأومأت هاجر برأسها فقال رياض زافرًا براحة ولاح على ملامحه شبح ابتسامة: أرجوكِ تسامحيني وتسامحينا كلنا، وياريت حبيبة ما تاخدش خبر عن اللي حصل. 


فأجابته: ما ينفعش أقولها أصلًا هي مش ناقصة صدمات؛ لأنها لو عرفت هتبقى قطيعة أبدية، هتبقى القاضية لِك بجد. 


فقالت نادية متحرجة: حقك عليّ يا بنتي، بس كنت هعمل إيه وابني وحيدي بينهار أدامي! ده عمره ما كان بالشكل ده. 


فقالت هاجر بتفهم: طيب يا طنط، المهم دلوقتي أنا بجد مش عارفة أعمل إيه! وبعدين باباها فعلًا مريض والخوف حالته تسوء. 


فقالت رباب بتأثر: ساعتها أخوها مش هينسهالها وهيعتبرها السبب كمان. 


فأجابتها هاجر بأسى: لو أبوها جراله حاجة هي أكتر واحدة هتتأثر، أنا شايفاها وهي بتعاني بين عقلها وقلبها وساعتها هتمسكها عقدة الذنب اللي ما اعرفش ممكن تعمل فيها إيه!


فقال رياض: سيبيلي الموضوع ده يا هاجر هتصرف معاها بطريقتي، والله أنا آسف! بس بجد اتصدمت وغيرتي عميتني. 


فقال إيهاب باستهزاء: وبيقول غيرتي كده وش!


فأجابه رياض وقد لاحت التماعة في عينيه: أيوة بغير عليها، وأيوة بحبها، والوحيدة اللي إحساسي إتحرك لها، لا ده كل كياني بأه لها، آوحت كتير وكابرت، لكن ف الآخر قلبي وعقلي وكلي بأه لها 

وروحي بتشتاق لها، ولو بعدت عني و مشيت

روحي مطرح ما تكون هتروح لها.


فقالت رباب و هي تومئ بيديها أنها تعزف على آلة الكمان: لا لا لا لا لا! مالك يا رياض يا حبيبي؟!


ثم وكزت زوجها بكوعها وقالت: إتعلم بأه. 


فتأوه طارق من وكزتها التي أصابت معدته مباشرةً وقال لها مشاكسًا: آه! ولو قلبت ساحر مش هيعجبك برضو. 


فضحك الجميع... 


وفي اليوم التالي خرجت حبيبة في الصباح لتجري كعادتها بملابسها الرياضية تبعها رياض هو الآخر بزيه الرياضي لكن كانت يده لا تزال معلقة. 


ركضت حبيبة فترة من الوقت وهي تحمل في يدها زجاجة بلاستيكية صغيرة من الماء، ثم توقفت أمام البحر تتلاقط أنفاسها، عبرت سور البحر قفزًا ثم وقفت فوق صدادت الأمواج ناظرة ناحية البحر، تتفست شهيقًا عميقًا تملأ رئتيها بعبير يوده، ثم خلعت مشبك شعرها فانسدل شعرها لآخر ظهرها بانسيابية وبدأ هواء الخريف يداعبه ويحركه في كل اتجاه بعشوائية، ثم رفعت ذراعيها لأعلى ولجانبيها كأنما تحتضن هذا الهواء الذي يقذف رذاذت لأمواج البحر. 


كان رياض يتابعها وهو يقف خلفها مباشرةً متأمّلًا حركاتها التلقائية بهيام، وقلبه ينبض بسرعة فتأكد أنه لا زال يعشقها عشقًا بلا حدود وأن قلبه لم يتحطم بعد، لكنها أمسكت برقبتها ورفعت رأسها لأعلى فاتحة فمها تأخذ شهيقها وكأن التنفس من الأنف فقط لا يسعفها.


لكنه عندما اقترب منها أكثر سمع صوت همهمات لشهقاتٍ مكتومة، ثم اقترب أكثر وأكثر لكنها التفتت إليه قبل أن يناديها فمسحت دمعها سريعًا وقالت بفجأة: رياض!


فاقترب منها فوضعت إحدى يديها على ساعده المعلق والأخرى على اللاصق في جبهته بل شحوبه ولحيته الطويلة المبعثرة، ثم تساءلت بصدمة ولهفة: إيه ده! إيه اللي حصل؟!


فأغمض رياض عينيه قلياًا ثم أجابها: عملت حادثة من كام يوم، لكن الحمد لله بسيطة. 


فقالت بألم: عشان كده كنت مختفي، ألف سلامة عليك. 


فاقترب منها وأمسك يديها وهمس: شكلك موجوع، شكلك مش تمام. 


فأومأت برأسها وعيناها تتغرغران بالدموع مجددًا، فقال لها: بصي ناحية البحر واصرخي يا حبيبة، اصرخي، اصرخي بعلو صوتك! خرجي كل الوجع! اصرخي! 


تحدث بتصاعد نبرة صوته حتى الصياح والتفت ناحية البحر وجعلها تلتفت معه وصرخ أكثر وأكثر ممسكًا بيده المصابة أحد يديها ويحاوطها بذراعه وممسكًا ذراعها لتكون محاوطة بين ذراعيه، وصار يصرخ ويصرخ ثم بدأت هي الأخرى تصرخ وتصرخ ودموعها تُسكب، تخالط صوت صراخيهما بصوت الأمواج.


مر بعض الوقت حتى شعر رياض أنها قد أُنهكت فشدد في مسكته وهبط لأسفل ليجلسا ولا زال ممسكها ليجلسها، فاستجابت لحركته وجلسا معًا فوق صدادة الموج ولا زالت حبيبة بين ذراعيه لكنها تنهج وتلتقط أنفاسها وهو أيضًا. 


كان هواء الخريف يدفع الأمواج لتقذفهما ببعض رزازاتها، وكان شعرها لا زال يتطاير، نظر نحوها رياض ثم بدأ يزيح خصلات شعرها المتطاير عن وجهها فرفعت بصرها نحوه لتجد تلك النظرة العاشقة المشتاقة، حاولت التساؤل لكن الكلام قد تجمد في حلقها. 


فأخذ نفسًا عميقًا ثم همس: هديتي شوية!


فأغمضت جفنيها تومئ له، فأكمل بعشق: وحشتيني يا حبيبة، وحشتيني يا روحي. 


فجحظت عيناها وقالت بصوت يكاد يختفي: روحك!


فابتسم و رفع وجهها إليه بطرف إصبعه وقال: روحي وكل حاجة حلوة عندي تبقى إنتِ، حبيبة، أنا بحبك!


ظلت ناظرة إليه لا تستوعب ما قاله ولا الموقف برمته، رياض اعترف بحقيقة شعوره! 


فاتسعت ابتسامته مومئًا وعيناه تدمعان: أيوة صدقي، صدقي إحساسك، صدقي اللي شوفتيه، والله بحبك ومش عايز أي حاجة غيرك إنتِ! ونفسي تشاركيني حياتي لآخر العمر، هه قولتِ إيه!


فابتسمت وأومأت برأسها موافقة بسعادة، فضمها إليه ألصقها بصدره وقبّل رأسها فأسندت برأسها عليه. 


جلسا معًا بعض الوقت ثم جذبها لتنهض معه واقفة قائلًا: يلا نفطر الأول وبعد كده تيجي معايا تشوفي المحل قبل الافتتاح. 


فابتسمت قائلة: بجد!


- وجد الجد كمان. 


بالفعل ذهبا معًا إلى أحد المولات لتناول وجبة الإفطار ثم بعدها ذهبا إلى المحل وكان في نفس المول وكان مُغطى واجهته خاصةً الجزء المفترض موجود فيه اسم المحل.


فتح رياض باب المحل من خلف ستائر من قماش الخيامية يخفي واجهة المحل وهيئته.


دخلت حبيبة مع رياض إلى المحل فأوقد لها النور وظلت تشاهد بعينيها هنا وهناك، الملابس معلقة حول جدران المحل بالكامل وللأعلى عدة رفوف منخفضة المستوى عليها، والإضاءة منتشرة خلال السقف بالكامل وفي آخر المحل توجد غرف تبديل الملابس أبوابها مخفية من نفس لون الجدران وزينتها التي تجمع بين اللون الكريمي مع القليل من البني الداكن و(التركواز) المحدد به. 


تلفتت حبيبة حولها بين الملابس وبين كل شيء موضوعًا أو معلقًا بإعجاب. 


حتى وقعت عيناها على إحدى الكنزات وكان لونها أحد درجات اللون للأزرق، فأمسكت بها وهي مغلقة من الرقبة ثم تتسع من الذراعين وتضيق من الساعدين لكنها تهبط باتساع فتكون مناسبة لتُلبس مع بنطال، فقالت مبتسمة: هاجر بتحب اللون ده أوي.


فابتسم لها وقال: وماله خديها لهاجر، يسلملي حبيبي المذوق!


فابتسمت له بامتنان وتخضّب لون وردتيها بحمرة الخجل، فابتسم لها مجددًا وقال: إختاري لنفسك حاجة إنتِ كمان، أي حاجة تعجبك خديها.


ثم قال: أقولك، إيه رأيك في ده! من أول مرة شُفته وأنا شايفك فيه وحاسس إنه لايق عليكِ.


وكان ممسكًا بفستان قصير إلى الركبة مغلق من الرقبة ضيق من أعلى وحتى الخصر ثم يهبط باتساع، كان لونه رماديًّا وخطان حول الكتفين والصدر والظهر من اللون القرمزي وبين الخطين نقوش بسيطة أيضًا من اللون القرمزي. 


كان إعجاب حبيبة به ظاهرًا على ملامحها، فابتسم لها وقال: عجبك!


فأومأت برأسها وابتسمت قائلة: يا رب مااتحرمش منك أبدًا. 


فأمسك بيدها وقبلها قائلًا: يا ريت لو تيجي بيه الافتتاح، بس خلي بالك ده بيتلبس تحته ليجن، هه!


قال الأخيرة بنبرة محذرة فابتسمت ثم شردت قليلًا ثم ابتلعت ريقها قائلة: رياض في موضوع مهم لازم تعرفه. 


فأجابها بقلق: خير!


فأجابته :...

(الفصل الثلاثون)


بقلم نهال عبدالواحد 


شردت حبيبة قليلًا ثم قالت بتوتر: رياض في موضوع مهم لازم تعرفه. 


فأجابها بقلق: خير!


فقالت بتردد: أنا طلع عندي أخ... 


فتصنّع الدهشة وأظهر الوجوم وقال: أخ!


فأومأت برأسها وأكملت: وجالي وقابلته. 


فتصنّع التساؤل: طب ووالدك، عايش!


فأجابت بعدم اكتراث: أيوة كان معاه... بس...


وسكتت... 


كان بادٍ عليها توتر شديد وبدأت تشرد في شيءٍ ما ورياض متابعًا تقلّباتها، فأمسك بيديها لتهدأ، جذبها وأجلسها على كرسي كان على مقربةٍ منهما، وبدأ يربت على يديها وهمس: إهدي يا حبيبة، إهدي...


هدأت قليلاً ثم بدأت تحكي له كل ما حدث وقد بدأ يخالطها بكاء شديد حتى عندما انتهت من حكايتها بكت بشدة، فأخذ يربت على يديها قائلًا: إهدي يا بيبو، إهدي يا قلبي، وهو طلع مظلوم ف الآخر، مالك بأه!


فأجابت بصوتها المتحشرج بالبكاء: ما دي المشكلة! بعد كل الكره اللي كرهتهوله طلع برئ! طلع مظلوم! طلع ما يستحقش كل الكره ده! طلع بيعاني وتعبان من سنين! وبرضو مش قادرة أنسى ولا أسامح!


وتابعت بكاءها، فانحنى مقبّلًا يديها لتسري قشعريرة في بدنها لم تكن مستعدة لها الآن ثم ابتسم وقال: إنتِ قلبك طيب وهتسامحيه، بس هتاخدي شوية وقت... أو....


فسكت... 


فتساءلت بريبة: أو إيه؟!


فأجابها بتردد: أو حد يساعدك تسامحيه. 


فتساءلت مرة أخرى: حد مين ده؟!


فسكت قليلًا كأنما يبحث عن الكلام، ثم قال: بصي يا حبيبة، ربنا لما خلق البشر خلقهم مختلفين، مش بس في الشكل والملامح والطباع، لكن مختلفين كمان في قوة التحمل، يعني اللي تتحمليه إنتِ ممكن أنا ما أقدرش عليه، واللي أتحمله أنا يمكن يكون مستحيل حتى تقبليه، وفي نفس الوقت ده ما يعيبش حد، والاختلاف ده موجود عشان كل واحد يكمّل التاني لو يقدر.


-  ولو مقدرش!


- في ناس متخصصة وشغلتها تقوي الناس دي وتعلمهم إزاي يخوضوا حياتهم ويتخطوا مشاكلهم وصدماتهم بشكل أفضل. 


فاتسعت عيناها قائلة: إنت شايفني مجنونة!


فأجاب بصوتٍ حنون: لا ياقلبي، إنتِ حبيبتي وعمري كله، بس كل الحكاية إن المتخصص ده هيسمعك بودن تانية غير ودني وهيقدر يساعدك وينصحك النصيحة المناسبة ليكِ، ممكن أنا أنصحك بشكل خاطئ وأبوظ الدنيا، ما النصيحة برضو لها فن. 


فنظرت إليه ولم تعقب فأكمل قائلًا: وبعدين الأول كنت هخلص المحل والافتتاح وأجهز شقتي ونتجوز، لكن دلوقتي إنتِ ليكِ أهل، أولياء أمورك اللي لازم أخطبك منهم وهم يوافقوا، وده طبعًا لازم عشان يحصل تكون كل الأمور بينكم تمام، وهتكون تمام بعون الله. 


ثم أمسك بيدها مرة أخرى وقبّلها. 


عادت حبيبة إلى البيت وعلى وجهها أثر ابتسامة وسعادة ظاهرة مثلما أيضًا يظهر على عينيها أثار البكاء. 


دخلت حبيبة الشقة فوجدت هاجر أمامها فابتسمت لها فوجمت هاجر قائلة: إده! مين حضرتك؟!


فأجابت بابتسامة هادئة: وده من إيه!


فاقتربت منها تجذبها من يدها حتى وقفت بها أمام المرآة وأمسكت بوجنتيها قائلة: إيه دول؟! كأنك بتبتسمي!


فعقدت حبيبة حاجبيها وقالت بتصنّع: يا عيني عليكِ مخك ضرب و لا إيه!


فابتسمت هاجر قائلة: معلش أصلي اتعودت على وشك وهو شراب مقلوب وعياطك ونكدك وهمك وغمك، لكن وش بيبتسم يبقى أكيد اتبدلتِ. 


فقوّست شفتيها وقالت بتهكم: طب اسكتي بدل ما أخليكِ إنتِ اللي صاحبة الهم والغم... 


فضحكت هاجر وقالت: لا يا ستي الطيب أحسن!


ففتحت حبيبة الكيس الذي كانت تحمله وأخرجت منه تلك الكنزة وأعطتها لهاجر قائلة: هه! إيه رأيك!


فاتسعت عينا هاجر من المفاجأة  وأمسكت بالكنزة من يد حبيبة ووضعتها عليها أمام المرآة، ثم ابتسمت بسعادة بالغة وصاحت: دي تجنن! يا رب ما اتحرم منك يا بيبو يا قلبي!


فقالت لها: بصراحة أصلي روحت مع رياض نشوف المحل الجديد وإداني البلوزة بتاعاتك والفستان ده!  


قالت الأخيرة وهي تريه لهاجر ، فابتسمت لها هاجر وقالت: مبروك عليكِ يا حبيبتي. 


ثم تعانقتا، بعدها قالت هاجر ممازحة: مش تتخني شوية ونلبس مع بعض زي باقي خلق الله!  دول مجرد نمرتين بس. 


فقالت حبيبة: طب ما تخسي إنتِ أسهل.


فجحظت عينا هاجر وقالت باعتراض: خسي إنتِ أسهل! هي بالسهولة دي! وبعدين يا حبيبتي أنا عاجبة نفسي، الدور والباقي على خلة السنان اللي عمالة تخسي كل يوم والتاني لما عدمتِ. 


فقالت بتفاخر: بس عاجبة رياض ومالكيش فيه. 


فضيقت هاجر عينيها ثم قالت بمكر: واشمعنى رياض! هو في إيه بالظبط؟!


فزاغ بصر حبيبة بعض الشيء ثم قالت بتردد: هيكون في إيه يعني! كل خير طبعًا. 


فاقتربت منها هاجر ولا زالت تنظر إليها مباشرةً ثم قالت: حبيبة، في حاجة هنا ؟!


قالت الأخيرة و هي تشير إلى قلبها، فابتسمت حبيبة وتوردت وجنتيها ثم أومأت برأسها، فتعانقتا من جديد بسعادة. 


ويجئ يوم إفتتاح المحل الجديد لرياض، و هاهي هاجر تنتظر حبيبة ذهابًا وإيابًا مرتدية هذه الكنزة الجديدة على بنطال أسود وتاركة لشعرها الحالك العنان واضعة القليل من مساحيق التجميل. 


وأخيرًا فتحت حبيبة الباب، خرجت من حجرتها مرتدية ذلك الفستان الرمادي الذي قد اختاره لها رياض لكن ارتدت أسفله جورب نسائي شفاف من اللون الرمادي، وتركت لشعرها العنان متموجةً خصلاتها قليلًا محددة أعلى عينيها بمحدد العيون مع لون هادئٍ لطلاء الشفاه.


خرجت حبيبة من حجرتها تتغنج في مشيتها على غير العادة ثم وقفت أمام المرآة ولا زالت تعدل نفسها و هاجر تراقبها بدهشة. 


ثم قالت: كل ده تأخير! دايمًا  كنت أنا اللي بتأخر! دلوقتي إنتِ اللي بتتأخري!


فقالت لها وهي لا تزال تنظر إلى نفسها في المرآة: تفتكري شكلي حلو؟ هعجب رياض يعني؟!


فأجابت هاجر: خلي المراية تجاوبك و يلا عشان إتأخرنا. 


فاضطرت حبيبة للمغادرة مع هاجر حتى وصلتا إلى هناك، دخلتا المول، كانتا تتلفتان من حولهما، فتساءلت حبيبة: بقولك يا هاجر. 


فأجابت بضجر: قولي. 


فتساءلت حبيبة نفس السؤال للمرة المائة والخمسين: شكلي حلو! هعجب رياض؟!


فتأففت هاجر وصاحت: يا شيخة زهقتيني! إنتِ مش وش خروج! كنتِ لبستِ الجينز وأي تي شيرت وريحتِ نفسك وريحتينا. 


وفجأة رن هاتف حبيبة، وكان وقتها رياض واقفًا منتظرًا حبيبة على أحرّ من الجمر وهاهو تأفف واتصل بها لكنه قد سمع صوت رنات هاتفها... 


أخرجت حبيبة هاتفها فوجدته رياض وقبل أن تجيب على الاتصال كان قد سكت ثم تزحلق منها الهاتف أرضًا. 


ما أن سمع رياض صوت هاتف حبيبة حتى أخذ يتلفت في اتجاه  مصدر الصوت فرأى هاجر وكانت حبيبة منحنية خلف هاجر تحضر هاتفها. 


فقال وهو يقترب: دي مواعيد دي! يعني ينفع كده!

ده بدل ما... 


وقاطع كلماته وقوف حبيبة فظهرت من خلف هاجر، فوجم رياض كأنه قد ابتلع لسانه!


كان رياض يقترب في خطواتٍ ثابتة نحو حبيبة المبتسمة، بل الرائعة، بل شديدة الروعة.


وصل رياض أمام حبيبة تمامًا، ظل يتأمل كل إنشٍ فيها بإعجابٍ شديد، وعيناه تشع عشقًا واشتياقًا.


مد يده يصافحها فطال السلام والمصافحة وعيناهما متعانقةً وتحكي كل منهما ما وجدتاه في بعادها. 


فابتسمت حبيبة وقالت: كنت بتقول إيه بأه!


فابتسم هو الآخر وهمّ أن يحكي ما حدث، لكنه تيبس فجأة كأنه قد نسي الكلام، ثم قال: أنا...  إيه!


فضحكت وضحك هو الآخر ثم قال: أصلك إتأخرتي عليّ أوي -ثم همس- وحشتيني. 


همس بها وانحنى مقبّلًا يدها، فتنحنحت هاجر وقالت: وبعدين! نحن هنا.


ثم اتجهوا إلى داخل المحل، استقبلتهما رباب بلقاءٍ حارٍّ ثم نادية بالداخل وقد تعانقت مع كل منهما بالفتاتين. 


كان رياض سعيدًا بوجودها معه هذا اليوم الهام، فأمسك بيدها يجذبها خلفه وهو يريها كل جزء من حولها، لكن بينما كان واقفًا أمام حبيية يحدثها ناظرًا لها، لكنه فجأة قد طال بصره كأنه ينظر لأحدٍ يقف خلف حبيبة، وقد لاحظت حبيبة شرود نظراته هذه، فالتفت حبيبة لتنظر في موقع نظرات رياض لتتفاجأ بـ....



ال٣١ وال٣٢

(الفصل الحادي والثلاثين)


بقلم نهال عبدالواحد 


وقف رياض أمام حبيبة يحدثها ناظرًا إليها يتأمل جمالها وأناقتها ثم التفت بعينيه باحثًا إن كانت هناك عيون أخرى تتفحصها، لكنه فجأة قد أطال بصره كأنه ينظر لشخصٍ بعينه خلف حبيبة.


كانت حبيبة هي الأخرى تتأمل وسامته وأناقته وقد لاحظت شرود نظراته تلك، فالتفتت تنظر إلى موقع نظرات رياض فتفاجأت بأخيها نبيل بوسامته وأناقته المعتادة تتأبطه فتاة تشبهها كثيرًا لكن قوامها أكثر قليلًا من حبيبة وشعرها أسود فحميّ، مرتدية رداءً صوفيًّا رماديًّا داكنًا، متسعًا قليلًا من أعلى حتى الخصر ثم يضيق لأسفل إلى فوق الركبة ومرتدية أسفل منه جورب نسائي أسود اللون مع حذاء أسود ذات كعب عالٍ وملفوفًا حول عنقها وشاحًا.


ابتلعت حبيبة ريقها ظلت تطرف بعينيها تمنع دموعها أن تنهمر، والفتاة الأخرى كذلك. 


ظلت الفتاتان تحملقان في بعضهما بعضًا، وتحاول كلًا منهما السيطرة على دموعهما، وبعد قليل تقدمت كل واحدة منهما نحو الأخرى ثم تعانقتا بشدة وبكتا بحرقة. 


كان الموقف مؤثرًا للغاية لجميع الموجودين سواء من يعرف التفاصيل أو حتى أي شخص غريب لا يعرف شيء. 


ظلت كلاهما تبكي بين ذراعي أختها ونبيل ناظرًا نحوهما متأثرًا بشدة مما يراه، فاقترب منه رياض وربت على كتفه فابتسم له نبيل بامتنان، بينما وقفت هاجر تتابع الموقف بتأثرٍ شديد. 


بعد قليل اقترب نبيل من أختيه وطوّق كتفيهما فابتعدت الأختان قليلًا لتستند كلًا منهما على كتف أخيها ليكون عناقًا ثلاثيًا.


جففت كلًا منهما دموعها وانتبهت حبيبة لهاجر تلتمس وجودها فوجدتها ناظرة نحوهم فابتسمت لها فردّت هاجر الابتسامة بنوعٍ من التشجيع، مدّت حبيبة يدها نحوها فاقتربت ممسكة بيدها وقدّمتها لأختها قائلة وهي تطوّقها بشدة: دي هاجر بنت خالتي، متربين سوا وما لناش غير بعض، عيشنا مع بعض عمرنا كله، عل حلوة والمرة، بنتخانق ونتصالح ونهزر وكل حاجة مع بعض.


فابتسمت شاهندة وقالت تمد يدها مربتة على يد هاجر: وأنا عيشت عمري كله ماليش ولا أخت، بس دلوقتي بأه عندي أختين. 


ثم عانقتها مرحّبة بها وقد أراح ذلك حبيبة كثيرًا؛ فقد كانت تحمل هم هاجر كثيرًا، كان نبيل يتابع الموقف وقد أعجبه كثيرًا. 


وقفت الفتيات تلتقطن عدة صور لهن معًا سواء الأختين فقط أو الثلاث فتيات و قد اشتركت رباب معهن بعد أن قامت حبيبة بالتعارف. 


حتى نبيل قد أشار إلى أختيه لتقتربا منه ثم طلب من رياض أن يلتقط لثلاثتهم العديد من اللقطات معًا.


كان رياض يشاهدهم ويشاهد تلك السعادة الحقيقية على وجوههم، كما يشاهد تلك الملامح المشتركة التي لا يمكن أن تُخطئ و تقول أي شيء إلا أنهم عبارة عن ثلاثة إخوان، وإن كانت بشرة الفتاتين أشد بياضاً من لون بشرة نبيل فبشرتهما حليبية للغاية. 


وبينما رياض واقفًا يشاهدهم شرد إلى ذلك الموقف الذي حدث هذا الصباح... 


بينما كان واقفًا يضع اللمسات النهائية للمحل إذ وجد نبيل والذي يعرف ملامحه جيدًا قد دخل وخلفه رجلين ضخام البنية. 


أومأ إليه رياض مبتسمًا، فقال نبيل وهو يخلع نظارته الشمسية: حضرتك رياض نصّار؟


فأومأ رياض مبتسمًا أن نعم قائلًا: أيوة يا فندم. 


فمد نبيل يده مصافحًا وقال: معاك نبيل القاضي، أخو حبيبة القاضي. 


فاتسعت ابتسامته وقال: آه أهلًا وسهلًا بحضرتك. 


فقال نبيل بعملية: تسمحلي بكلمتين!


فأجابه: آه طبعًا، إتفضل حضرتك في كافيه لطيفة قريبة من هنا، المحل مش مناسب دلوقتي نقعد ونتكلم فيه. 


قال الأخيرة وهو يشير إلى أحد الاتجاهات، ثم خرج من المحل جواره نبيل وخلفهما رجال نبيل، الحرس الخاص. 


وصلوا إلى المكان المنشود فأشار نبيل إلى رجاله أن الزموا مكانكم ودلف إلى الداخل مع رياض لكنه على مرئى من رجاله. 


وبعد فترة من الصمت ثم شُرْب القهوة، قال نبيل: سمعت عنك كتير وعن شهامتك مع حبيبة. 


فأجابه: ما عملتش حاجة فوق العادة يعني، كانوا بنتين لوحدهم وأنا اتصرفت معاهم برجولة. 


فهز نبيل رأسه مرددًا: برجولة! وبعد الرجولة!


فأجاب رياض: بص حضرتك، أنا مش هنكر إعجابي بالآنسة حبيبة أخت حضرتك، وأنا فعلًا كنت ناوي أخطبها ونتجوز بعد افتتاح المحل ده، وما كنتش أعرف وقتها إنها من عيلتكم، لكن عارف طبعًا إن الوضع اختلف دلوقتي، لكن أقسملك أنا عمري ما مثّلت عليها ولا رسمت عليها لأنها أخت حضرتك! أنا الحمد لله عندي إمكانيات تعيشها في مستوى كويس صحيح مش مستوى راقي أوي لكن مش هيكون ناقصها حاجة وأنا مجتهد وإن شاء الله هكبر أكتر وأكتر بس محتاج لوقت. 


فأجابه نبيل قائلًا: بص يا رياض، أنا عارف ومتأكد إنك ما كنتش تعرف حاجة لأن ببساطة هي نفسها ما كانتش تعرف ولا إحنا لولا بابا شافها بالصدفة في البرنامج واتعرّف عليها، إنت لسه ما تعرفناش ولما تعرفنا هتعرف إن لا أنا ولا والدي بنفكر برأسمالية جدي ولا دي حسابتنا م الأساس، أنا قبل ما آجي وأقابلك سألت عنك وعرفت عنك كل كبيرة وصغيرة، عرفت أخلاقك، عرفت إنك راجل، وعرفت إنك عصامي وبدأت م الصفر من أيام ما كنت بتبيع تين شوكي مع ولاد عمك على قمة الشارع، وده طبعًا عجبني جدًا وعرفت إني قصدت الراجل الصح. 


فضيّق رياض عينيه متسائلًا: حضرتك قُلت قصدت الراجل الصح!


فأومأ نبيل برأسه: طبعًا حاليًا إنت ما تقدرش تتجوز أختي غير لما تتقدملها رسمي لوالدها وليّ. 


فأومأ رياض برأسه بتفهّم قائلًا: أيوة طبعًا وده الكلام اللي فعلًا قُلتهولها لما عرفت بوجودكم. 


فابتسم نبيل قائلًا: جميل، وطبعًا عشان ده يحصل لازم نشوف صِرفة في علاقة حبيبة بالعيلة خصوصًا ببابا. 


فأومأ رياض برأسه متفهّمًا مرة أخرى وقال: وده فعلًا اللي بسعى إليه، بس ده مش هيجي غير بحل واحد مش عارف هيرضى حضرتك ولا إيه!


فأومأ نبيل متسائلًا: اللي هو!


فقال رياض: حد متخصص تروح عنده ويقولنا إزاي نتعامل معاها، حبيبة جواها صراع كبير من الناحية دي بالذات، بشوفها أد إيه موجوعة وأد إيه بتحن لوالدها، نفسها تترمي في حضنه ومش عارفة تنسى الوحش من الأيام اللي فاتت، حبيبة شالت كتير واتحملت كتير لكن قلبها طيب وجدعة أوي. 


كان يتحدث عن حبيبة بكل إحساسه وتعابير وجهه تتحدث معه معبرة بلغة أبلغ من أي لغة، وقد لاحظ نبيل ذلك وأعجبه كثيرًا. 


فهز نبيل رأسه بتفهّم قائلًا: فعلًا، وده اللي عرفته عنها واللي حسيته من الكام مرة اللي قابلتها فيهم، بس أنا والدي مريض والموضوع ده مأثر فيه ونفسي أريحه ومن غير ما أضغط عليها، ورأيك ده اللي أنا بالفعل برجّحه، وكويس إن لك نفس الرأي. 


فأجاب: أنا فعلًا كنت فاتحتها في حاجة زي كده، وكنت ناوي بعد الافتتاح أبدأ أدور على حد مناسب. 


فقال: والحد المناسب ده عندي، في الحقيقة أنا دراستي أصلًا كانت علم نفس وطبعًا مسكت شغل العيلة في الشركة، لكن ليّ أصدقاء ثقة مهنيًّا وخلقيًّا وبالفعل في حد أرشحه لها وأنا بثق فيها جدًا، هي دكتورة واحدة ست وده هيخلي المهمة أسهل. 


فابتسم رياض قائلًا: طب كده تمام جدًا، ياريت لو حضرتك تديني عنوانها وبياناتها. 


فأجابه نبيل: هيحصل بس لما أتفق معاها الأول، وياريت ما اكونش في الصورة، خلّي الموضوع كأنه منك إنت خصوصًا وإنت فاتح معاها الموضوع ده من قبل كده. 


فابتسم رياض وقال: يبقى اتفاقنا وإن شاء الله كل حاجة تبقى تمام في أقرب وقت. 


فضحك نبيل قائلًا: شكلك مستعجل أوي. 


فالتمعت عينا رياض وقال بنبرة عاشقة: فوق ما تتصور. 


فسأله: بتحبها!


فاتسعت ابتسامته آخذًا نفسًا عميقًا ثم أخرجه بهدوء ثم أجابه: من أول مرة شُفتها وهي شدتني مش عارف إيه اللي شدني بالظبط، بس لاقيت نفسي عايز أقرب عايز أعرفها أكتر، رغم إن ده كان ضد تفكيري تمامًا، سنة كاملة وأنا بقنع نفسي إن ده مجرد موقف شهامة ورجولة وبس، لكن قلبي كان له رأي تاني فيوم وليلة آمنت وبصمت إن حبها اتغلغل في كل كياني، ما اتحملتش أشوفها بتتوجع كمان بسببي. 


كان نبيل مستمعًا إليه لكنه شرد في كلماته التي تذكره بذلك الإحساس الذي غمره منذ أن رأى هاجر، وهاهو يزداد يومًا بعد يوم من محادثاتهما معًا، رغم أنهما لا يتحدثان إلا في أمور عامة أو عن حبيبة، ورغم أنه طوال الأسابيع السابقة يصرف تلك الفكرة من رأسه ويقاومها حتى لا ترسخ في ذهنه، لكنها كل يوم تزداد توغلًا داخله ولا يدري ما آخر كل ذلك!


انتبه رياض لنبيل الشارد بشدة فتوقف عن حديثه وظل مراقبًا لملامح وجهه وتعبيراته التي تذكره بنفسه منذ وقتٍ قريب، فابتسم. 


انتبه نبيل لنفسه واستعاد رشده وشموخه من جديد ثم ابتسم بدبلوماسية قائلًا: تمام اتفقنا. 


قالها وهو ينهض واقفًا، فأجابه رياض وهو ينهض هو الآخر: اتفقنا طبعًا، وياريت حضرتك تشرفني الافتتاح إنهاردة بليل. 


فابتسم نبيل وصافحه قائلًا: أكيد وهجيب أختي كمان... 


وعاد رياض من شروده على صوت نبيل قائلًا لأختيه: يلا يا بنات ده افتتاح يعني نقّوا اللي يعجبكوا.


فابتسم رياض قائلًا: طبعًا طبعًا، المحل وصاحب المحل تحت أمرهم. 


بالطبع كان يتحدث وعيناه تتأملان حبيبة بمنتهى الشوق والعشق، فنظرت إليه بتحذير؛ أيتحدث هكذا أمام أخيها! بالطبع لم يغفل نبيل عن إيماءتهما لكنه فصل الموقف بقولته: كلك ذوق وواجبك واصل، لكن دول إخوات نبيل القاضي، يعني ياخدوا براحتهم وحسابك هتاخده وكاش كمان!


ثم التفت لأختيه وأكمل: يلا يا بنات إنتوا لسه واقفين! عارف لسه بدري عبال ما تخلصوا. 


فضحك وضحك رياض، سارت حبيبة مع أختها بضع خطوات ثم توقفت تنظر بطرف عينها ناحية هاجر على استحياء وتفكر في هذا الموقف، فمقاسهما ليس واحدًا ليتقاسما الملابس!


لاحظ نبيل ذلك فقال ناظرًا لهاجر: وإنتِ واقفة ليه؟! روحي معاهم يلا! 


فقالت متلعثمة: ما هو... أصل... 


فتدخلت شاهندة قائلة وهي تجذبها من يدها: ما هو إيه وأصل إيه! إنت أخت أختنا يعني أختنا. 


فتدخل نبيل قائلًا بنفي و تأكيد معًا: يعني م العيلة. 


فسارت معهما هاجر بينما نبيل يتبعها بعينيه تزداد ضربات قلبه وسرعة تنفسه بطريقة لم يعهدها من قبل، لكنه لا زال يحاول السيطرة على كل ذلك، لقد نفى كونها أخته وأكّد أنها أحد أفراد العائلة. 


سارت الفتيات وانضمت لهن رباب وسط الملابس ما بين مشاهدة واختيارات وقياسات و.... أسعد لحظات تقضيها معظم الإناث... 


كانت شاهندة تتصرف بتلقائية وأريحية شديدة كأنها تعرفهن طوال عمرها وليس منذ دقائق، حتى إنها لم تنتبه لتلك العينين التي تحملقان بها وتتبعاها منذ أن وطأت بقدمها هذا المحل...

(الفصل الثاني والثلاثين)


بقلم نهال عبدالواحد 


مرت عدة أيام وتفاجأت حبيبة وهاجر بشاهندة تزورهما وتمكث معهما ثم تكررت زيارتها لدرجة شبه يومية حتى تآلفت الفتيات، وكانت حبيبة وهاجر قد تركتا العمل كنادلتين في المطعم بأمرٍ من نبيل وقد شدد على ذلك، وكان هو الآخر يزورهما لكن ليس كثيرًا مثل شاهندة، وقد ألفت حبيبة وجود أخ لها بصورة كبيرة فإحساس الأخ إحساس مختلف ورائع وجديد عليها خاصةً عندما تمتلك أخًا عطوفًا مثل نبيل.


وذات يوم بينما كانت الثلاث فتيات تجلسن معًا في البيت جلسة بها من الضحك، المزاح والأريحية ما يجعل الوقت يمر سريعًا، وإذا بجرس الباب يدق فذهبت حبيبة لتفتح الباب وكان شعرها منسدلًا بطريقة عشوائية لكنها كانت لطيفة. 


بالطبع كان رياض والذي تفاجأت به حبيبة فلم يكن من عادته زيارتهما إطلاقًا، كانت فقط تسمع صوته عندما يكون في الحجرة الثالثة التي كانت كمخزن عندما يجئ لأخذ أو وضع بعض البضائع وذلك من الباب الخارجي لهذه الحجرة فقط منذ أن سكنت الفتاتان. 


تفاجأت حبيبة، تلعثمت وأخذت تتلفت حولها وذلك التوتر ظهر بدرجة واضحة عليها وقد أعجب ذلك رياض. 


فقالت بتوتر: عايز إيه! إيه اللي جابك بس!


فابتسم رياض وقال بمكر: بأه دي مقابلة تقابليني بيها بعد الغيبة دي! ده من يوم الافتتاح ما لمحتكيش حتى، إيه ما وحشتكيش!


فأجابت بتوتر: ما أنا ما خرجتش من يومها إلا ساعة الجري بتاعة الصبح وبآيت بنزل بدري عشان شاهي بتيجي تقعد معانا. 


فقال: مفيش شغل خلاص!


فأومأت برأسها أن لا وقالت: لا خلاص، نبيل أصدر الفرمان خلاص.


فأجابها: طب والله عنده حق! الشغلانة دي ما تليقش بسموك يا هانم. 


فقالت: بطّل تريقة وانجز وقول جاي ليه؟ لو نبيل جه ولاقاك مش هيحصل كويس. 


فابتسم وقال مشاكسًا: شرس أوي إنت. 


فقالت مهددة: رياض!


فقال بنبرة عاشقة: يا عيون رياض يا قلب رياض. 


فالتفتت ثم قالت وهي تدفعه: يا أخي إمشي بأه!


فقال مدندنًا يقلد الفنان محمد فوزي: لله لله!


وضحك فقالت وهي تكتم ضحكتها: طب روّح يا شحات الغرام إنت.


فقال: وأهون عليك!


فرمقته فوضع يده في جيبه وأخرج ورقة صغيرة تبدو ككارت وأعطاه لها، فأخذته وقرأت محتواه ثم رفعت عينيها نحوه وقالت ممتنة: لحقت تدور وتلاقي حد بالسرعة دي!


فاقترب وهمس لها: هو أنا ورايا غيرك ولا حد عندي أهم منك! الميعاد بكرة إن شاء الله هستناكِ ع الساعة إتنين كده. 


فابتسمت وقالت: متشكرة أوي، ما اتحرمش منك أبدًا، مش عارفة من غيرك كانت حياتي هيبقى شكلها إيه!


فابتسم قائلًا: أنا اللي من غيرك مش عارف حياتي كانت هتبقى شكلها إيه!


ثم قال: على فكرة نادية زعلانة عشان مفيش واحدة منكم بتزورها. 


فقالت: ما زي ما انت شايف شاهي هنا على طول وبصراحة نبيل قالنا بلاش. 


فرفع حاجبه وقوس فمه ثم قال: نبيل قال!


فأكملت قائلة: شوف إنت قُلتله إيه خلاه يصدر الفرمان ده كمان!


فابتسم وقال بنبرة عاشقة من جديد: صارحته وقُلتله بحبها ومش قادر على بعدها وأسعد يوم في حياتي يوم ما نكون مع بعض مكملين حياتنا سوا. 


فجحظت عيناها وشهقت قائلة: إنت إتجننت! حد يقول كده!


فضحك وقال: أكذب يعني! مش دي الحقيقة! 


ثم لاحظ شرودها فتساءل قائلًا: مالك! روحتِ فين؟!


فتنهدت وقالت: كنت فاهمة إن نبيل وشاهندة هيضغطوا عليّ عشان أرجع معاهم، لكن ما جابوش سيرة أبدًا!


فأمسك يدها مربّتًا عليها وقال بابتسامته المعهودة: عشان هم إخواتك وعايزين راحتك ما حبوش يضايقوكِ ولا يضغطوا عليكِ... السؤال هنا إنت مستعدة ترجعي؟


فسكتت قليلًا ثم أومأت برأسها رافعةً كتفيها أن لا تدري قائلة: صدقني مش عارفة! حيرانة وتعبانة. 


فربت على يدها من جديد وقال: إوعى تقولي كده وكلنا حواليكِ، بعد مشوار بكرة إن شاء الله حاجات كتير هتتغير. 


فابتسمت قائلة: ياريت يا رياض. 


فقال مغيرًا للموضوع: الله! أحلى رياض دي ولّا إيه! 


ثم قبّل يدها وهمس: بحبك. 


فسحبت يدها بسرعة ودفعته قائلة: يلا بأه!


فضحك و همّ بالنزول ثم التفت قبل أن تغلق الباب وناداها: بيبو. 


فألقى لها بقبلةٍ في الهواء ثم انصرف، فابتسمت وأغلقت الباب واضعة يدها على قلبها ليهدأ قليلًا من هذه الضربات القوية التي أصبحت لا تقوى عليها، وإذ فجأةً خرجت إليها الفتاتان وهما يصدران صوتًا وإيماءات بذراعيهما تعزفان: تيرارارارارا...


فنظرت بينهما وحاولت تجاهلهما كأن لم يحدث شيء، لكن بالطبع لم تتركها أيهما، فاتجهت حبيبة وجلست على الأريكة فجلست إحداهما على يمينها والأخرى على يسارها ثم تحدثا. 


- قوليلي يا هاجر، هو مين الشاب الوسيم اللي كان بيتوشوش عند الباب؟!


- ده جارنا اللي ساكن قصادنا ما إنتِ عارفاه، رياض نصّار اللي حضرتِ افتتاح المحل بتاعه. 


- آه!

ثم غنت وشاركتها هاجر: ابن الجيران اللي هنا قصادي مش عارفة بس اعمله انا إيه! عمّال يصفر كده وينادي وف كل حتة يا ناس بلاقيه، إكمن حبه ف القلب نار واقف قصادي طول النهار! كان بس ماله و مالي يشغلني ليه يه....


كانت الفتاتان تغنيان وتتمايلان ناحية حبيبة الجالسة بينهما حتى تلوّن وجهها بالكامل باللون الأحمر ونهضت مسرعة إلى حجرتها فقهقهت الفتاتان. 


و في اليوم التالي كان رياض منتظرًا حبيبة في سيارته فهبطت حبيبة بأناقة مرتدية كنزة من الجينز وأسفل منها قميص باللون الأبيض مع وشاح تلفه حول عنقها من اللون البنفسجي وتنورة بنفسجية أيضًا طولها أسفل الركبة مباشرةً وتاركة لشعرها العنان مع تمويجة لخصلاته. 


وما أن رآها حتى اتسعت ابتسامته، فركبت جواره فصافحها وقال لها متأمّلًا بإعجاب: مش لاقي كلمة بجد أعبر بيها عن جمالك، يا بختي بجد واضح إن نادية بتحبني وبتدعيلي كل يوم. 


فقالت وهي تخلل يدها وسط خصلات شعرها: كأنك أول مرة تعرف إنها بتدعيلك كل يوم. 


فابتسم قائلًا بمشاكسة: وده غرور ولّا تواضع يا كابتن!


فنظرت إلى ساعتها وقالت: لا! ده تأخير يا حلو، إتفضل يلا! 


فقال وهو يدير السيارة: شديد أوي. 


ثم غمز لها بطرف عينه فتحرجت وتوردت وجنتيها، نظرت أمامها فضحك منها، ثم تحرّك بالسيارة. 


وصل رياض إلى المكان المطلوب وكان مكتبًا للإرشاد النفسي، جلس هو وحبيبة في مكان الانتظار حتى يؤذن لهما وكان التوتر والقلق واضحَين بشدة عليها فكان من حينٍ لآخر يربت على يدها لتهدأ فتمسك فيه بيديها الاثنين. 


حتى جاء دورها فنادتها السكرتيرة فنهضت بينما ظلّ رياض جالسًا فالتفتت إليه متسائلة: إده إنت مش داخل معايا!


فأومأ برأسه أن لا وابتسم قائلًا: لا يا حبيبة هتدخلي لوحدك وأنا هستناكِ هنا، إطمني وما تخافيش. 


فتركته واتجهت إلى غرفة الدكتورة فطرقت الباب ثم دلفت. 


كانت الدكتورة جالسة ذات ملامح طيبة ومريحة وذات وجهٍ باش فنهضت واقفة وصافحتها ثم أشارت لها بالجلوس. 


ثم قالت: أهلًا وسهلًا بالبطلة بتاعتنا، معاكي دكتورة سلوى ممدوح أخصائية ومرشدة نفسية، عايزاكِ تنسي كل ده وإعتبريني مجرد واحدة إرتاحتيلها وافتحي قلبك، واطمني مفيش كلمة هتخرج برة الأوضة دي. 


فابتسمت حبيبة وقالت: بصراحة حضرتك فعلًا مريحة وقلبي إتفتحلك. 


- عظيم! تحبي نبدأ منين؟


- مش عارفة. 


- طب... كان عندِك صحاب طول عمرك؟


سكتت حبيبة لفترة من الزمن وكل ملامحها تتغير ظاهرًا على وجهها تعابير كثيرة كانت تسجلها الدكتورة، ثم ابتلعت ريقها قائلة: لا، وأنا صغيرة ما كانش حد بيصاحبني ولا حتى بيلعب معايا لأن شكلي وملامحي بالنسبة لهم غريبة. 


فتسائلت الدكتورة: حبيبة القاضي الإسم له علاقة بعيلة القاضي؟


فأومأت برأسها بالإيجاب، فأشارت لها لتكمل فتابعت حبيبة: و كمان عشان كنت بنت الدادة وكأن بنت الدادة دي جرثومة هتلوثهم وما ينفعش تلعب.


فسألتها الدكتورة: ووالدتك!


ابتسمت حبيبة بمرارة وقالت: أجمل وأحن ست في الدنيا، لكن الدنيا ما إدتهاش كتير أخدت منها أكتر، فضلت تتعب وتشقى عشان تصرف عليّ وتربيني عشان حبت واحد بعد ما اتجوزها سابها واختفى. 


بدأت نبرة حبيبة تحتد مع آخر جملة قالتها، فتساءلت الدكتورة: طب ووالدك؟


تغيرت ملامح وجهها فجأة وتشنجت بشدة وصاحت: أنا ما اعرفش الكلمة دي أصلًا ولا عمري قُلتها ولا عمري حسيت بيها زي باقي البنات. 


ثم ارتعشت شفتاها فأمسكتهما وهي تضغط عليهما وبدأت تبكي: بس بعد كل ده! طلع مظلوم. 


قالت الأخيرة بصوتٍ متخافت ثم بكت وبعد قليل قالت الدكتورة: كفاية كده إنهاردة، أشوفك كمان تلات أيام. 


مسحت حبيبة دموعها وصافحت الدكتورة ثم انصرفت، كانت هيئتها أبلغ من أي كلام فلم يسألها رياض عن أي شيء ولاذ الصمت ثم أدار موسيقى هادئة وهما في السيارة في طريق العودة. 


وبعد أن انصرفت حبيبة بقليل رنّ هاتف الدكتورة، فنظرت إلى المتصل ثم أجابت: آلو! يا أهلًا يا أهلًا، إزيك يا نبيل باشا؟


- تمام بخير الحمد لله، طمنيني على حبيبة. 


- إحنا متفقين إني مش هخرج أسرار مريضة. 


- وأنا ما طلبتش ده يا دكتورة، بس عايز أطمن، عايز أعرف لو في حاجة مطلوبة منا نعملها أو إزاي نعاملها!


- دي لسه أول جلسة وأنا لسه ما أعرفش تفاصيل، لكن مبدئيًّا هي مشكلة متعلقة بالفقدان الأبوي، وحاليًا مفيش أي توصيات ولا طرق مطلوبة تتعاملوا بيها، بس إتحملوا تقلباتها المزاجية، عمومًا إن شاء الله هي حاجة بسيطة وأول ما يكون لحضرتك دور هبلغك، ده بس اللي أقدر أوعدك بيه. 


- متشكر ليك يا دكتور، كنت عارف والله إني اخترت المكان الصح! 


- العفو، وإن شاء الله أكون عند حسن ظنكم وترجع كل حاجة لوضعها وأحسن.


تكملة الرواية بعد قليل 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع