رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثانى)الفصل الثالث عشر13 بقلم شروق مصطفى حصريه
رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثانى)الفصل الثالث عشر13 بقلم شروق مصطفى حصريه
الفصل الثالث عشر🌹وانصهر الجليد
"في عربية ماشية ورانا!"
التفتت مي بسرعة خلفها، قلبها يدق بقوة، لكن لم يكن هناك أحد. عقدت حاجبيها وهتفت بضيق وهي تتلفت حولها مرة أخرى، لكن الشارع كان هادئًا تمامًا. زفرت بضيق وقالت وهي تهز رأسها:
"انتي بتهيألك يا بنتي، مفيش حد... يلا يلا بينا قبل ما نفضل واقفين هنا زي الهُبَل!"
سارت بخطوات مترددة، لكن شعورًا غريبًا ظل يلازمها...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتقلت سيلا إلى المنزل الخاص بعاصم، حيث أقامت سابقًا عندما كانت بعيدة عن خطر المافيا. كان معها طاقم تمريض مقيم لاستكمال علاجها الكيميائي، ولم يخلُ الأمر من بعض المرح بينهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت تائهة، تفكر به تارة ثم تحاول نفض الفكرة عن ذهنها، ثم تعود لتلوم نفسها. لم تكن تعلم إن كانت قد أخطأت في الماضي أم لا، أو إن كانت قادرة على مسامحته والبدء معه من جديد. هل ما زالت تكنّ له مشاعر؟ لم تجد إجابة. استمرت في التفكير حتى غلبها النوم.
في اليوم التالي تأكدت أمل من شكوكها بشأن الرجل الذي كان يجلس يوميًا في الريسبشن بنفس الوضعية، ممسكًا بمجلة، دون أن يبدو أنه ينتظر دوره في الكشف أو أنه برفقة أحد. كان يغادر دومًا قبل رحيلهم بعشر دقائق.
"مي، يا مي!"
لم تكن مي منتبهة لها، فقد كانت مركزة على بعض الأوراق التي أمامها، تراجعها بتمعّن.
"إيه؟ في إيه؟"
أشارت أمل بعينيها نحو الرجل الجالس:
"خدي بالك من الراجل اللي قاعد هناك."
نظرت مي بتهكم وقالت:
"وماله ده كمان؟ سيبي الناس في حالها يا بنتي!"
همست أمل:
"كل يوم بشوفه قاعد هنا، ويمشي قبل ما نمشي بعشر دقايق. والله أنا شاكه فيه. يمكن هو نفس الشخص اللي كان ماشي ورانا بالعربية من يومين."
كشرت مي ونظرت إليها بملل:
"والله إنتِ بتخرفي يا أمل! فيها إيه يعني؟ راجل قاعد لوحده، يمكن مستني حالة دخلت عند الدكتور. ركزي في شغلك بس!"
نظرت أمل إليها بإهمال وتركتها، لكن شيئًا ما داخل مي جعلها تلقي نظرة أخرى. شعرت بانقباض غريب، ولم تهدأ دقات قلبها وهي تنظر إليه. ويا ليتها لم تفعل، فقد تفاجأت بـ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظلّت سيلا تتململ في نومها، تهمس لمن يحاول إيقاظها:
سيبني شوية، يا حبيبي... هاصحى أخد العلاج، عاوزه أنام دلوقتي.
سمعت الأخرى كلمة "حبيبي" و"علاج"، فاتسعت عيناها وفتحت فمها بصدمة مما سمعت:
"هو فيها 'حبيبي' كمان؟! طيب والله لأوريكي يا سيلا لما تصحي!"
ذهبت وأحضرت كوب ماء، ثم نثرت بعض القطرات على وجه النائمة أمامها:
"قال حبيبي قال! قومي بقى!"
هبت سيلا من نومها فزعة، مصحوبة بشهقة عالية، تمسح وجهها من قطرات الماء التي سقطت عليها، بينما سمعت ضحكات مكتومة بجانبها.
كانت همسة تقهقه بصوت مكتوم، ثم قالت:
"يلا بقى، كل ده نوم! لازم أرش مية عليكي يعني؟ كل يوم نومك تقيل بالشكل ده!"
نظرت سيلا حولها بتفاجؤ، غير مستوعبة بعد، ثم نظرت إلى همسة بتعجب:
"إيه ده؟ أنا فين؟ همسة! إنتِ إيه اللي جابك هنا؟ وإيه اللي جابني في بيتنا؟!"
تفاجأت همسة من كلامها ونظرت إليها ببلاهة:
"إيه يا بنتي؟ كل ده نوم؟ بتخرفي! إنتِ بتقولي إيه؟ ومين 'حبيبي' ده؟ وعلاج إيه اللي بتاخديه؟! والله لأقول لبابا عليكي!"
ثم قلّدت صوتها النائم بسخرية:
"استنى، يا حبيبي... أنام شوية وأخد الدوا!"
ثم نظرت إليها بمكر:
"كنتي بتحلمي بحبيب القلب ها! مين يا 'سولي' اللي بيديكي الدوا؟ شكلك كنتِ بتحلمي حلم جميل! عقبالي بقى بعد ما أخلص الثانوية العامة، اللي طلّعت عيني!"
لكنها انتبهت لتأخر أختها وملامح الصدمة على وجهها وعينيها المفتوحتين كأنها في عالم آخر، فقالت بسرعة:
"يلا، يلا، بسرعة! قومي، ماما وبابا مستنيينك برا عشان تفطري معاهم، وبابا هيوصلك للجامعة!"
عند هذه الجملة، أفاقت سيلا من شرودها. هل ما زالت تحلم؟ نهضت فجأة، وعيناها تترقرقان غير مصدقة:
"ق... قلتي مين؟ بابا؟ ماما؟! هما عايشين؟! ولا أنا بحلم؟!"
نظرت إليها همسة بضيق وقالت:
"تفو من بقك! بعد الشر عليهم! إيه الكلام اللي بتقوليه ده؟ حد يقول كده برضه؟! يلا، انجزي قبل حفلة التخرج بتاعتك تبدأ!"
تركتها همسة وخرجت، بينما ظلت سيلا تتلفت حولها، غير مصدقة. هذا منزلها! وتلك غرفتها! وقفت أمام المرآة تحدق في انعكاسها.
هل يُعقل أن يكون كل ما عاشته مجرد حلم؟!
رفعت يدها تلامس شعرها، ثم نظرت لنفسها في المرآة. ابتسمت رغم دموعها التي انسابت. ثم عادت تبكي، ثم تبتسم مرة أخرى، وأخفت وجهها بين يديها وهمست:
"يعني كل ده حلم؟!"
ثم أبعدت يديها بسرعة وقالت بصوت مرتعش:
"لا... مش حلم!"
قفزت من فرحتها كالبلهاء وركضت إلى الخارج. وجدت والدها ووالدتها ينتظرانها، وهمسة بجانبهما، يبتسمون ويتحدثون. نظر والدها إليها مبتسمًا، ومدّ يده إليها قائلاً:
"أخيرًا صحيتي! ليكي حق طبعًا، خلّصتي امتحانات بقى!"
اقتربت سيلا منه بتردد، خائفة أن يكون هذا مجرد حلم آخر، ثم قبلته على وجنته وهي تتحسس يده بلهفة:
"حبيبي يا بابا... وحشتني أوي، أوي!"
ربّت محسن على وجنتها بحنان:
"حبيبة قلب بابا! ليكي مكافأة النهاردة بمناسبة نجاحك وتخرجك، بعد ما تحتفلي مع أصحابك هتلاقي هديتك وصلت."
قالت سيلا بحب وسعادة:
"أنت أعظم أب في الدنيا! أنت هديتي الحقيقية، كفاية حضنك الدافئ ده."
تدخلت والدتها بمرح:
"أحم أحم! نحن هنا، يعني أنا ماليش في الحب والحنية دي؟ آه ما انتي بنت أبوكي!"
اتجهت سيلا إليها بحب وقالت:
"إنتِ الحب كله! هاتي بوسة!"
ثم احتضنتها بشدة، تغرق في دفء حضنها الأمومي، حتى قطعت اللحظة همسة، متذمرة بطفولية وغيرة:
"آه، ما انتي الكبيرة! واخدة الحب كله، وأنا يا عيني محدش بيعبرني!"
قهقه الجميع على كلماتها، ورد محسن:
"اتجدعي الأول، وجيبي مجموع عالي، وادخلي الكلية اللي نفسك فيها، وهجيبلك اللي تؤمري بيه!"
ضحكت سيلا وسجدت شكرًا لله في قلبها، فقد مُنحت فرصة أخرى... فهل ستغيّر مصيرها؟!
بعدما أوصلها والدها إلى الجامعة، التقت سيلا بصديقاتها، حيث انتهت حفلة التخرج وارتدت جميع الفتيات زي التخرج الرسمي. استلم الجميع شهادات التخرج والتقدير، ولم يخلُ اليوم من توثيق هذه اللحظات الجميلة بالصور والفرح الذي ملأ الأجواء.
وسط الحماس، صاحت رودينا بفرح:
"مبرووووك لينا يا بنات! أخيرًا خلصنا!"
ردت مي بمرح:
"أيوه، خلصنا وأخيرًا هتتجوزي يا رورو! ابن عمك اللي قاعد جنبك ده بقاله سنين مستني! والله صعبان عليّا إخواتك، حاجه مكلكعة يا ساتر!"
ضحكت رودينا وردّت بمزاح:
"يابنتي، هما عارفين مصلحتي! وبعدين بابا هو اللي صمم إني أستنى لحد ما أخلص الجامعة، بدل ما أدخل أمتحانات وأنا شايلة مواد وأقعد في الكلية خمسين سنة!"
لكن فجأة، انتبهوا إلى سيلا الواقفة بينهم وكأنها غارقة في عالم آخر، لم تشاركهم فرحتهم ولم تعلق بشيء.
أشارت مي بعينيها نحوها وسألت رودينا:
"مالها دي واقفة سرحانة كده؟
هزّت رودينا كتفيها بعدم معرفة، بينما دفعتها مي من كتفيها برفق حتى انتبهت لهم، وقالت بملل:
"في إيه يا مي؟ يلا نروح."
نظرت مي إليها بصدمة:
"إيه نروح؟ لا طبعًا! إحنا اتفقنا نحتفل بعد التخرج، ولا إيه يا رودينا؟ مش هتحتفلي معانا؟"
ردّت رودينا بتوتر:
"والله يا مي، بابا وإخواتي موصييني ما أتأخرش..."
قاطعتها مي وهي تلوّح بيدها بعدم اهتمام:
"لا بلا متأخرش بلا نروح منك ليها! أنا عايزة أحتفل! هو إحنا هنشوف بعض تاني؟ كل واحدة فينا عندها مشاغلها، إنتي هتحضري لجوازك، وأنا وسيلا هندور على جريدة نشتغل فيها... يعني من الآخر، اليوم ده مش هسيبكم تضيعوه أبداً! قال نروح قال!"
ثم نظرت إلى سيلا مباشرة، وسألتها بريبة:
"وإنتِ؟ مالك النهاردة؟ مش طبيعية كده ليه؟"
لم ترغب سيلا في التحدث أو تعكير فرحتهم. كيف ستشرح لهم ما تشعر به؟ سيقال عنها إنها مجنونة...
فردّت بتوهان:
"مفيش، أنا كويسة أهو."
لكن المشهد كان يتكرر أمامها كأنه حلم عاشته من قبل. سمعت صوت مي وهي تقول بحماس:
"طيب تعالوا نشوف مكان نقعد فيه."
ثم وجّهت كلامها لرودينا:
"روحي اتصلي بباقي البنات وهكلمك نتقابل هناك."
وانصهر الجليد_شروق نصطفى
اتجهت مي مع سيلا للخروج من الجامعة، وسحبتها مي من يدها بينما الأخرى كانت تائهة، تتكرر أمامها نفس المشاهد، يهاجمها حلمها... الطريق، الحادثة، الفتاة...
توقفت سيلا فجأة وجذبت مي من يدها بقوة، وقد تسارعت دقات قلبها بشكل مخيف. نظرت إليها مي بدهشة:
"وقفتي ليه؟ في إيه؟ خلينا نمشي عشان نلحق البنات!"
حاولت سيلا أن تتمالك نفسها، ثم أخرجت كلماتها بحذر:
"مي، في حادثة هتحصل دلوقتي في الشارع ده! لازم ننقذ البنت قبل ما يحصلها حاجة، صدقيني!"
أشارت بيدها المرتجفة نحو الشارع الخالي أمامها.
نظرت مي إلى الشارع ثم إليها بضيق وقالت بنفاد صبر:
"حادثة إيه بس؟ الشارع فاضي، وإحنا في عز النهار! بنت إيه اللي بتتكلمي عنها؟ إنتِ مش طبيعية النهاردة بجد!"
علا صوت سيلا يشبه الصراخ وهي تقول بانفعال:
"افهمي بقا!"
ثم أكملت بسرعة وتشتت:
"أنا حلمت بكل ده! صدقيني، في حاجة هتحصل دلوقتي، جريمة! لازم ننقذ البنت! بس لازم نلاقي حد يساعدنا!"
بقلم شروق مصطفى
تلفتت في المكان بعصبية حتى وقعت عيناها على منظم المرور في الاتجاه الآخر من الطريق. أشارت إليه بسرعة وهي تخاطب مي:
"شايفة ده؟ روحي هاتيه بسرعة وأنا هراقب المكان! أول ما العربية توصل، نلحقها قبل ما يعتدوا عليها!"
دفعتها مي باتجاه العسكري وهي مذهولة من تصرفاتها، لكنها اتجهت نحوه دون اقتناع.
أما سيلا، فظلت تراقب المكان وقلبها يكاد يقتلع من مكانه من شدة التوتر. فجأة، شعرت بيد تُمسكها من كتفيها، شهقت بفزع والتفتت لتجدها رودينا ومي!
صرخت بغضب:
"فين اللي قلتلك عليه؟ مش عايزة مساعدة منكم خلاص، أنا هتصرف! امشوا أنتم بس!"
تدخلت رودينا لتهدئتها:
"اهدي، أنا اللي وقفتها قبل ما تكلم العسكري."
وقبل أن تكمل حديثها، قاطعها صوت رجولي خرج من سيارة سوداء توقفت للتو:
في إيه الدوشة دي؟
كان رجلًا طويل القامة، عيناه حادتان، بدا غامضًا وهو يركز نظراته على سيلا الغاضبة، ثم وجه سؤاله لرودينا:
"إيه يا رودينا؟ صاحبتك مالها؟ مش مراعين إنكم في الشارع ولا إيه؟ ليه الصوت العالي ده؟"
بقلم شروق مصطفى
لم تصدق سيلا أنها تراه الآن أمامها. هل سيُعاد كل شيء مرة أخرى؟ تجاهلت أفكارها واندفعت نحوه فجأة، أمسكت بيده وسحبته نحو الشارع وهي تتحدث بسرعة دون حتى أن تلتقط أنفاسها:
إنت ظابط؟ لازم تنقذ البنت دي! أنا حلمت بكل ده، الشارع ده، العربية اللي بتوقف في النص، الخطف، الاعتداء... بس المرة دي لازم نلحقها!"
رفع حاجبه باستغراب وقال:
"إيه؟! هششش، استني شوية! عربية إيه وشارع إيه؟ إنتِ مجنونة؟! الشارع فاضي، مفيش حد أصلاً!"
حدّقت فيه بغضب:
"أنا مش مجنونة! إنت ظابط، ولازم تنقذ الحادثة اللي هتحصل دلوقتي!"
ثم تغيرت نبرة صوتها لتصبح أقرب إلى الرجاء:
"استنى، أرجوك! أنا حلمت بكل ده... يوم تخرجي، وحفلة التخرج، وحلمت بيك..."
نظر إليها بتعجب:
"حلمتي بيا؟!"
انتبهت فجأة لما قالته، وكانت ستنفي، لكن حينها وقع نظرها على سيارة تتوقف وسط الطريق، تمامًا كما رأت في حلمها. شهقت بفزع وصاحت:
"هي دي! العربية دي! بسرعة، لازم نلحقها!"
عاصم لم تعجبه تصرفاتها، شعر أنها تهذي، فتمتم بسخرية:
وإيه يعني؟ هروح أقولهم أنتم خاطفين حد؟ وبعدين مين قالك إني ظابط أصلاً؟
ثم أكمل بجدية:
"وبعدين، هو في حد عاقل هييجي يخطف حد في عز النهار، في شارع الجامعة؟ إنتِ بتفكري إزاي؟"
لكن سيلا لم تهتم لكلامه، وأصرت بعناد:
خلاص، مش عايزة مساعدة من حد، أنا هتصرف!
استدارت لتنطلق نحو السيارة، لكنه أمسك معصمها بقوة:
استني هنا! ارجعي عند البنات، وأنا هتصرف!
ابتعدت خطوة، لكنها تبعته، وبينما تحاول اللحاق به، لوت قدمها بسبب حجر صغير، وكادت تسقط على وجهها، لكنه أمسكها في اللحظة الأخيرة، ممسكة بها بحزم. رفعت رأسها ببطء، فالتقت عيناهما، ظلا على هذه الحال، تائهين في تفاصيل وجوه بعضهما البعض، حتى أيقظهما من شرودهما صوت بوق سيارة مرتفع. انتفضت بسرعة، معتدلة في وقفتها، بينما تنحنح هو محاولًا استعادة توازنه قائلاً بنبرة عملية:...
يتبع
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني 2من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا