رواية نصيبي في الحب الفصل الثامن عشر 18بقلم بتول عبد الرحمن (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
رواية نصيبي في الحب الفصل الثامن عشر 18بقلم بتول عبد الرحمن (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
#نصيبي_في_الحب
"حملك… إنتِ عايزاه؟"
هبة اتجمدت للحظة، متوقعتش السؤال، وكأنها كانت بتتجنب تفكر في الموضوع ده رغم إنه مش سايبها في حالها، قالت بعد تردد "مش عايزاه…" سكتت لحظة وبعدين كملت بصوت أهدى "بس خايفة أعمل أي عملية، مش عايزة أدخل في حاجة زي دي"
يوسف لاحظ الارتباك في صوتها، لكنه معلقش، قال بثقة
"ماتقلقيش، أنا هتصرف"
كلامه كان قاطع، كأنه فعلاً عارف هو هيعمل إيه، وده خلّاها تحس براحة صغيرة، حتى لو لسه مش مستوعبة الحل اللي في باله، بس سألته بتوجس "هتتصرف؟ تقصد إيه؟"
يوسف سكت لحظة كأنه بيختار كلامه وبعدين قال بصوت هادي "قصدي هتخلصي منه من غير عمليات، من غير تعب ولا خوف، حاجة آمنة، طبعا في آثار جانبية بس حاجه مضمونه"
هبة حسّت صدرها بينقبض، مش عارفة ليه رغم إنها بنفسها مش عايزة الحمل، بس فكرة إنه هينتهي كده ببساطة كانت تقيلة على قلبها
"إنت متأكد…؟" سألت بصوت واطي، وكأنها خايفة من ردّه.
يوسف بصّلها بثبات وقال "متأكد، متقلقيش الأمور هتكون بخير، طالما انتي مش عايزاه "
هبة عضّت شفايفها بتوتر، عينها اتحركت بعيد كأنها بتحاول تستوعب كلامه، بعد لحظات هزت راسها ببطء وقالت "أيوه… مش عايزاه."
يوسف وقف كأنه اعتبر الموضوع انتهى، وبصّ لها بجدية "خلاص، اعتبريه مشي من حياتك. ركّزي في دراستك، وفي نفسك، اللي حصل انتهى."
هبة رفعت عينيها له، وبدون ما تفكر سألت "إنت عملت إيه فيهم؟"
يوسف ابتسم، بس ابتسامته كانت خالية من أي مشاعر " متفكريش فيهم، انسي اللي حصل وانسيهم هما كمان، كده كده مش هتشوفيهم تاني طول حياتك"
قال كلامه وخرج من عندها وهو حاسس بثقل غريب على صدره، كأنه شايل حمل تقيل مش قادر يتخلص منه، دخل أوضته وقفل الباب وراه، وقف لحظة مكانه، عينه سرحانة، ودماغه بتلف في اللي حصل، إمتى بقى بالشكل ده؟ إمتى بقى قاسي للدرجة دي؟
بس الرد كان واضح، هو مستعد يعمل أي حاجه عشان اخواته، مستعد ينتقم من الدنيا بحالها لو شعره واحده بس اتأذت منهم
بأنفاس مرهقة، قلع الجاكيت ورماه على الكرسي، فك أول زرار في القميص، وبعده التاني والتالت، لحد ما صدره بقى مكشوف، لمس جرحه بخفه وافتكر نور، افتكرها وهي واقفة قدامه الصبح، عينيها اللي كان فيها حاجة مختلفة، مزيج من العتاب والخذلان، طريقته معاها كانت حادة، ردوده كانت جافة، ليه أتعامل معاها كده، سحب نفس طويل وهو بيتجه للسرير، رمى نفسه عليه بإرهاق، عينه مثبتة في السقف، وأفكاره شغالة بدون توقف، مدّ إيده ناحية موبايله، فتحه وبصّ في الشاشة، فكر يبعتلها رسالة، يكتب أي حاجة بس عشان تكلمه… بس تراجع، زي ما جرحها بكلامه وهيا قدامه، هيعتذر منها وهيا قدامه، زفر بضيق وهو بيرمي الموبايل جنبه، غمض عينيه بتعب وهو حاسس بالضيق، في وسط أفكاره الباب خبط، يوسف كان لسه مغمض عينه، بيحاول يبعد دماغه عن كل حاجة، لكن خبط الباب خلاه يفتح عينه بتثاقل، مسح على وشه بايده وقفل قميصه وهو بيقول بصوت مرهق"ادخل"
الباب اتفتح ودخلت نهال، لما شافها واقفة قدامه بعينين مليانة قلق، سألها بنبرة متعبة "في إيه؟"
وقفت قصاده وكتفت إيديها وهي بتبصله "أنا اللي أسأل، في إيه؟ كنت فين وعملت ايه؟!"
يوسف سكت لحظة، بصلها من غير ما يرد، نهال زودت المسافة اللي بينها وبينه، وقفت جنب سريره، دراعها متشابك قدامها وهي مستنية إجابة
" جبت حق أختي " قالها ببرود، صوته مفيهوش أي انفعال، كأنه بيقول حاجة عادية.
نهال رفعت حاجبها " عملت فيهم ايه يعني؟"
يوسف سحب نفس هادي، وقعد مستريح بضهره على السرير
" يعني خليتهم يجربوا اللي عملوه فيها"
نهال فضلت ساكتة لحظة، بصتله وقالت " إزاي يعني؟!"
قام وقف ودخل الحمام وهو بيقول " هسيبك تتخيلي"
سابها ودخل وهيا عقلها شغال بيفكر في كلامه
يوم جديد، نور في كليتها، كانت قاعدة في آخر الصف، عينيها على الدكتور بس عقلها في حتة تانية خالص، كان كلامه بيدخل ودنها ويخرج من التانية، ولا كلمة ثابتة، ولا معلومة مترتبة، دماغها مشغولة بحاجه تانيه
البنت اللي جنبها همست وهي بتزق كوعها بخفة "نور… الدكتور بينادي عليكي!"
فجأة، فاقت من شرودها، رفعت عينيها لقت الدكتور واقف، عينه عليها، ملامحه جدية بس فيهم لمحة استغراب
"اتفضلي يا باشمهندسه، اشرحي الجزئية دي لزمايلك."
اتوترت للحظة، حست بقلبها بيخبط في صدرها، بس بسرعة لمّت نفسها، قامت وراحت وقفت جنبه وهيا معندهاش ادنى فكره هتشرح ايه، عينيها عدت بسرعة على السطور المطلوبة، قرأتها في ثواني، وبعدها بدأت تشرح، في الأول كلامها كان مش واضح ، بس لما اندمجت، التوتر اختفى، صوتها بقا واضح، الكلام طالع منها بطلاقة، كأنها ما كانتش سرحانة من دقايق، كأن عقلها كان حاضر ومستعد طول الوقت، خلصت شرحها، بصّت للدكتور مستنية أي تعليق، سألها بهدوء"اسمك الثنائي؟"
"نور عز الدين"
هز راسه بتفكير، وبعدها سأل بصوت أوطى بالكاد هي اللي سمعته "كنتي سرحانة في إيه طول المحاضرة؟"
اتفاجئت، هو كان مركز معاها للدرجة دي؟ بسرعة أخفت ارتباكها وقالت بنبرة هادية "أنا كنت مركزة مع حضرتك."
مروان مالت شفايفه لابتسامة خفيفة، بس عينه فضلت متفحصة، كأنه مش مقتنع "انتي كويسة؟"
حركت راسها بإيماءة سريعة، وكأنها مش عايزة تكمل الكلام، وبعدها رجعت مكانها
يوسف وقف قدام اوضة هبه وهو ماسك العلبه اللي ريكاردو بعتهاله، دخل من غير ما يخبط، قفل الباب وراه وقال وهو بيبصلها بجدية "قولتِي إنك مش عايزة الحمل ده… لسه على كلامك؟"
هبة بصتله لثواني، بعدين هزت راسها ببطء "مش عايزاه… مش قادرة."
يوسف طلع العلبة الصغيرة اللي ريكاردو بعتها، ومدهالها من غير أي تعبير على وشه "خدي ده… وهتكوني بخير."
هبة بصت للعلبة في إيده، وبعد لحظة تردد، خدته منه وحطته على الكومود جنبها، قلبها كان بيخبط في صدرها، مش بس من القرار، لكن من الطريقة اللي يوسف بيتعامل بيها مع الموضوع، رفعت عينيها له وسألته بخفوت " برضو مش ناوي تعرفني عملت ايه، بردلي قلبي وعرفني"
"ما بلاش، ليه شاغله دماغك"
هبة حست بقشعريرة عدت في جسمها، لأنها فهمت إنه عمل حاجة كبيرة، بس كانت مصره تعرف عمل ايه، قعد جنبها ومسك ايديها يطمنها وحكالها باختصار، كانت مزهوله من اللي عمله لأنها كانت متخيله أنه اخد رد فعل عادي، قبل ما تتكلم قام وقف وسابها مزهوله، لف عشان يخرج، قبل ما يحط إيده على الباب قال من غير ما يبصلها "ركزي في دراستك… وانسي كل اللي حصل، وياريت تبدأي تنزلي كليتك"
المحاضرة خلصت والدكتور وقف قدام الدفعة وهو بيقول بصوته الواضح
"دي آخر محاضرة يا شباب، السكشن إن شاء الله هنغطي فيه كل الأفكار، عشان كده حضوره مهم جدًا، هيتأجل للخميس إن شاء الله، ياريت الكل يلتزم، أي حد عنده اي اسئله يجيبها في السكشن، اتفضلوا"
الطلبة بدأوا يجمعوا حاجتهم، الهمهمة عليت في المدرج، والكل بدأ يخرج على مجموعات
مروان وقف مكانه، عينه بتعدي على الوجوه، وبالصدفة لمح نور وهي خارجة، كانت ماشية جنب واحدة من صحباتها الجداد، بتتكلم معاها بهدوء، لكن فيه حاجة في ملامحها شدته… نظرة عيونها، طريقة مشيتها، كأنها في عالم تاني، فضل متابعها لثواني قبل ما يسيب المدرج ويخرج
يوسف كان قاعد في مكتبه بيراجع الشغل وفونه رن، بصّ في الشاشة، الاسم اللي ظهر كان متوقعه، ريكاردو، رفع السماعة وردّ بهدوء " سامعك"
ريكاردو قال بدون مقدمات "عرفت الخاينين بالظبط."
سأله بنبره بارده "مين؟"
ريكاردو بدأ يسرد الأسماء واحد واحد، ويوسف سمعهم من غير أي انفعال واضح على وشه، بعد ما خلّص ريكاردو كلامه، يوسف سأل بثبات "متأكد؟"
ريكاردو رد بسرعة وثقة "مليون في المية، عندي الأدلة وكل حاجة."
يوسف سكت لحظة، وبعدها قال بصوت واطي لكنه حاسم "ابعتلي كل اللي عندك، وسيب الباقي عليا"
ريكاردو ضحك ضحكة قصيرة وقال بنبرة فيها خبث " موفّق يا بنا "
قبل ما يقفل، صوته اتغيّر شوية كأنه متردد في حاجة وقال "جوزيف، في حاجة لازم أقولهالك، بقالي ٣ أيام شغال عليها."
يوسف عدّل قعدته، وقال بتركيز "قول."
ريكاردو خد نفس سريع وقال "قدرت أدخل على سيستم شركة الدمنهوري، اخترقت النظام بتاعهم وأخدت معلومات ممكن تدمرهم."
يوسف ضيّق عينه وهو بيقول " اممممم وبعدين"
ريكاردو سكت لحظة، وبعدها قال بنبرة فيها إحباط " اكتشفوا بسرعة إن في حد اخترق السيستم، وقفلوا كل حاجة، وغيّروه لبرنامج حماية أقوى، دلوقتي الدخول عليه صعب بس مش مستحيل، عندي معلومات دلوقتي ممكن تدمرهم"
يوسف سكت لحظة بعد كلام ريكاردو، وبعدها قال ببرود "ومين قالك إني عايز أدمره؟"
ريكاردو اتفاجئ من رده وسأل باستغراب "إنت مش عايز تستغل المعلومات دي؟ ده أنت حتى مش محتاج تبذل مجهود، عندك اللي يوقعه في لحظة!"
يوسف هز راسه وقال بحسم "سيبه يعمل اللي هو عايزه براحته، لو كنت عايز أوقعه، كنت عملت كده من زمان، أنا مش بلعب بنفس طريقته."
ريكاردو فضل ساكت للحظة، وبعدين قال ببطء "يبقى أنا ضيعت وقتي عالفاضي؟"
يوسف ابتسم بسخرية وقال "لا، لأن مجرد إنك قدرت تخترق النظام بتاعه، معناه إنهم مش محصنين زي ما هما متخيلين… وده في حد ذاته معلومة تهمني."
ريكاردو ضحك بخفة وقال "كعادتك، بتشوف الصورة الكبيرة."
يوسف رد عليه بنبرة هادية لكن قاطعة "لعبة الشطرنج ما بتتلعبش بالاندفاع، وأنا ما بحبش الحركات اللي من غير حساب."
ريكاردو اتنهد وقال "زي ما تحب، بس لو غيرت رأيك، أنت عارف أنا هنا ليه."
يوسف أنهى المكالمة وهو عينه فيها نظرة غامضة، كأنه بيحسب كل خطوة جاية بدقة
نور قاعدة لوحدها في الكافتيريا، عينيها مركزة في الموبايل، لكن ملامحها كانت شارده آدم دخل وهو بيبص حواليه لحد ما لمحها، ابتسم وقرب منها، سحب كرسي وقعد جنبها وهو بيقول "صباحو."
رفعت عنيها له، وابتسمت بخفة وقالت "خلصت؟"
هز راسه بالنفي وقال "لاء، لسه فاضل محاضرة."
هزت راسها بتفهم ورجعت تبص في الموبايل، لكنه لاحظ شرودها، قال بنبرة هادية لكن مهتمه "مالك؟ حد مضايقك؟"
هزت راسها بسرعة وقالت "لاء، ليه السؤال؟"
"مش عارف، بس حاسس إنك مش زي كل يوم."
نور أخدت نفس، وحاولت تبان عادية وهي بتقول "يمكن علشان الامتحانات قربت وأنا عايزة أركز في المذاكرة، حاسه اني مضغوطه وكده"
آدم ضيق عينيه شوية، واضح إنه مش مقتنع بالكلام ده، لكنه قرر ما يضغطش عليها، سند ضهره على الكرسي وقال بنبرة أخف "آه، عشان كده بتهربي من المحاضرات وبتقعدي هنا؟"
نور ضحكت وهي بتهز راسها "أنا مش بهرب، بس كنت محتاجة شوية هدوء، وكمان مش بحب محاضرة الدكتور ده مش بفهم منه حاجه"
آدم سند ضهره على الكرسي وقال وهو بيبص لها بتركيز " طب إنتي متأكدة إن المذاكرة هي السبب؟"
"إنت ليه مصمم إن في حاجة؟" قالتها بنبرة حاولت تكون عادية، لكنها نفسها سمعت التوتر اللي فيها.
آدم مالت شفايفه بابتسامة خفيفة، لكنه ما زال مركز معاها "لأنك مش نور اللي أعرفها، نظرتك بتقول إن في حاجة شاغلة بالك."
سكت لحظة، وبعدين كمل بصوت هادي لكنه واضح "لو في حاجة مضايقاكي قوليلي يمكن اقدر اساعدك"
"كل حاجة تمام يا آدم، متقلقش"
اكتفى بهزة راس بسيطة وقال "تمام، بس لو احتاجتي تحكي... أنا موجود."
نور ابتسمت بخفة، لكنها فضلت ساكتة
في قاعة الاجتماعات، كان يوسف واقف عند راس الطاولة، نظراته حادة وجادة، وملامحه باردة كعادته، مديرين الأقسام كانوا متجمعين، بعضهم متوتر، والبعض الآخر مترقب
رفع يوسف عينه وهو بيمسح الحضور بنظرة سريعة قبل ما يتكلم بصوت ثابت
"اجتمعت بيكم النهاردة لأن في قرارات مهمة لازم تتنفذ فورًا"
بعض المديرين تبادلوا النظرات بسرعة، واضح إن الكل متوقع قنبلة في الكلام الجاي، يوسف سحب ملف من قدامه، فتحه بهدوء، وبدأ يتكلم بصوت مليان ثقة "أولًا، تم إعادة هيكلة بعض الأقسام، وفي تغييرات في المناصب هتعرفوها حالًا. ثانيا، أي عقود جديدة مش هتتم إلا بموافقتي الشخصية، ولازم أطلع على التفاصيل بالكامل. ثالثًا، ودي أهم نقطة..."
وقف لحظة، رفع عينه وبص للكل نظرة مليانة حزم قبل ما يكمل "أي تواصل بين أي حد في الشركة وبين الدمنهوري كانت تحت اشرافي، وأي محاولة للتلاعب في أي تفاصيل مالية أو إدارية هيتم التعامل معاها بدون رحمة، الرسالة دي لازم توصله بشكل مباشر."
القاعة سكتت تمامًا، حتى صوت الأنفاس بقى مسموع، الخاينين كلهم اتوتروا، حسوا بحرارة الجو رغم التكييف، يوسف كان واضح جدًا... الحرب بينه وبين الدمنهوري بدأت رسميًا، يوسف خرج من القاعه لثواني
في اللحظة دي، ساد الصمت التام في قاعة الاجتماعات، العيون اتعلقت ببعضها في توتر، خاصة عيون اللي حسوا إن كلام يوسف مقصود بيهم، بعضهم حاول يخرج كأنه مش مهتم، لكن الصدمة نزلت عليهم لما لقوا الحراس واقفين قدام الباب بثبات، ملامحهم جامدة، وواحد منهم قال بصوت حازم "مفيش خروج لحد ما يوسف بيه يرجع."
اللي كانوا بيحاولوا يخرجوا وقفوا مكانهم، بعضهم اتوتر وحاولوا يسيطروا على تعابيرهم
بعد دقايق يوسف رجع، خطوته كانت واثقة، وابتسامته الباردة كانت كفاية تخلي أي حد قدامه يحس إن مصيره بقى في إيده، وقف قدامهم، نزل بكفه على الطاولة بخفة
"شكلكم متوترين ليه؟"
السكوت دام، محدش رد، لكن العيون كانت بتتكلم، يوسف لمّح بنظرة سريعة كل واحد فيهم، وعارف مين اللي خان، ومين اللي خايف، ومين اللي مستني يشوف إيه اللي هيحصل، خد نفس عميق وقال بصوت هادي لكنه كان مسموع بوضوح "أنا مش هطول، بس خلوني أوضح حاجة... اللي لعب في الضلمة، هيشوف النور بطريقة مش هيحبها، واللي افتكر إنه أذكى مني، هعرفه إنه غلطان."
عيونه سكنت على شخص معين في القاعة، شخص كان من أكتر المقربين للدمنهوري، وكان واضح إن الخيانة مش مجرد احتمالات، دي حقيقة، ابتسم يوسف ابتسامة باردة جدًا، وقال آخر جملة وهو بيستمتع بالقلق اللي شافه في عيونهم "خدوا نفس لأن اللي جاي مش سهل"
في اللحظة دي، الصمت سيطر على القاعة، والعيون اتحولت لنظرات مترقبة، مليانة خوف وقلق، الخاينين حسوا إنهم مكشوفين، إن لحظتهم الأخيرة في الشركة وربما في حياتهم المهنية كلها جات خلاص.
يوسف وقف بثبات، ملامحه جامدة، مفيهاش أي تردد، بص على كل واحد فيهم، واحد واحد، وكأنه بيسجل ملامحهم في ذاكرته للمرة الأخيرة، بعدين نطق بصوت هادي لكنه كان مليان بالهيبة والتهديد "مش هعاتب حد منكوا، ومش هسأل عن السبب... بس محدش يزعل من اللي هعمله."
الكلمات كانت تقيلة، كأنها إعلان لحكم نهائي، مفيش فيه استئناف، بعضهم بلع ريقه بتوتر، والبعض التاني حاول يحافظ على بروده، لكن العيون كانت كاشفة للخوف اللي في قلوبهم
يوسف لف ببطء، شايف إن التأثير اللي هو عايزه اتحقق، بعدين رفع إيده بحركة بسيطة، الباب اتفتح ودخل أربعه من الحراس ملامحهم كانت جدية
"اللي في القايمة دي..." يوسف قالها وهو بيرفع ورقة في إيده، عيونه لسه مثبتة على الموجودين "شكراً على خدماتكم، بس للأسف، وقتكم هنا خلص"
بمجرد ما قالها، الحراس اتحركوا، كل واحد فيهم راح لشخص معين، حاولوا يتكلموا، يعترضوا، يبرروا، لكن يوسف رفع إيده بإشارة سريعة، فالحراس اخدوهم وخرجوا تحت صدمتهم.
لكن كان في شخص واحد لسه قاعد في مكانه، الوحيد اللي يوسف ما استبعدوش، عيونه اتقابلت مع عيون يوسف، وحاول يخفي ارتباكه، لكنه كان عارف إن وجوده هنا مش بالصدفة، يوسف قرب ناحيته، بصله بنظرة ثابتة وقال بصوت واطي، لكنه كان مليان بمعنى أعمق بكتير "إنت الوحيد اللي لسه ليك دور... فمتخلنيش أندم إني سبتك"
حس بارتياح لحظة وقال بصوت هادي لكنه متوتر "شكراً على ثقتك."
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية، بس مفيهاش أي طمأنينة، مجرد لمعة خفية في عيونه وهو بيرد بصوت تقيل، كل كلمة فيه محسوبة بعناية "دي مش ثقة، أنا سيبتك عشان توصل اللي أنا عايزه يوصل، لكن اللي مشيوا دول ما يلزمونيش..."
وقف لحظة، كأنه بيسيب للكلمات تأثيرها قبل ما يكمل، نبرته بقت أخف بس أخطر في نفس الوقت "وعشان أنا كريم، هسيبلك الاختيار، تكمل معايا ولا تحب تعرف حصلهم إيه؟"
أخد نفس عميق، حس إن رقبته محطوطة تحت سكينه، وإن أي كلمة غلط ممكن توديه في مكان مالوش رجوع، رفع عينه ليوسف، شاف النظرة الباردة اللي ما بتوحيش بحاجة غير السيطرة الكاملة بلع ريقه وقال بصوت ثابت رغم القلق اللي جواه "أنا معاك، وهعمل كل اللي تطلبه، وهوصّل كل حاجة زي ما انت عايز."
يوسف ما علّقش فورًا، بس ابتسامته الجانبية فضلت على وشه، كأنه متوقع الرد ده بالضبط، هز راسه ببطء، وبص له نظرة طويلة قبل ما يقول بنبرة هادية لكنها تقيلة "عقلاني… عرفت تختار صح."
لف وراه، ووقف ضهره للشخص اللي قدامه وهو بيكمل بصوت أخف، لكنه مليان تحذير خفي"بس خلي بالك… غلطتك الأولى هتكون الأخيرة."
في شركة الدمنهوري، كانت الأجواء مشحونة، المكتب مليان توتر وضغط بيخنق الجو، الدمنهوري كان قاعد على مكتبه، ملامحه متعصبة وعروقه بارزة من الغضب، مسك تليفونه بعصبية وهو بيحاول يلاقي حل للمصيبة اللي وقعت عليه، ضرب بكفه على المكتب بقوة وقال بصوت جهوري مليان غضب "أنا يتلعب بيا كده؟ ومن عيل؟"
دراعه اليمين، اللي كان واقف متوتر قدامه، حاول يهدّي الموقف وقال بحذر
"لسه قدامنا فرصة يا أشرف بيه… لسه في واحد متكشفش، ولسه نقدر نصلح اللي حصل."
أشرف بصله بحدة، وبحركة سريعة مسكه من قميصه وشده ناحيته، عنيه كانت مليانه بالغضب وهو بيسأله بصوت واطي لكنه مرعب "والنظام اللي اتهكر ده؟ انت متخيل المعلومات اللي اتاخدت؟ دي ممكن تدمر الشركة!"
الراجل بلع ريقه، حس إن أي كلمة زيادة ممكن تكون غلطته الأخيرة، فحاول يرد بثبات "في برنامج أقوى اتحط مكانه، ولسه ممكن نضيعهم قبل ما يستخدموا اللي سرقوه ضدنا"
أشرف سابه، اخد نفس عميق وهو بيحاول يستوعب المصيبة، وبعدها شاورله ناحية الباب بنبرة حادة "اخرج بره دلوقتي… مش عايز أشوف حد لحد ما أفكر في حل الكارثة دي!"
الراجل خرج بسرعة، وأشرف فضل في مكانه، عينه على السقف كأنه بيحاول يلاقي أي خيط يخرّجه من الأزمة دي، مسك الموبايل ورن على ابنه، وبعد ثواني، جاله صوت مروان من الناحية التانية "ألو؟"
أشرف قال بنبرة واضحة فيها أمر مستتر "مروان، مش ناوي تيجي الشركة بقى؟"
مروان زفر بضيق، كان متوقع المكالمة دي، فرد بنبرة اعتراض واضحة "إحنا اتكلمنا في الموضوع ده كذا مرة يا بابا، وقلتلك مليش في شغل الشركات!"
أشرف سكت لحظة، وبعدها قال بصوت فيه تعب أكتر من غضب "يبني، أومال مين اللي هيمسك كل حاجة من بعدي؟ مين اللي هيكمل مكاني؟"
مروان كان عارف إن والده مش هيبطل ضغط عليه، لكنه رغم كل حاجة، مقدرش يمنع نبرة القلق اللي طلعت في صوته
"ربنا يخليك لينا يا بابا وتكمل انت، بس أنا لا!"
أشرف سكت، شرد للحظة، وبعدين قال بصوت أوطى لكن فيه استسلام واضح
"أنا مبقتش زي الأول يا مروان… أنا عايزك تبقى مكاني قبل ما أخسر كل حاجة."
مروان تجهم، كان متأكد إن والده مسيطر على السوق، فقال باستغراب "بس حضرتك قولتلي إن كل حاجة ماشية كويس، وإنك اكتسحت السوق!"
أشرف قفل عينه ومسح على وشه بتعب، وبعدها قال بصوت مرهق "دلوقتي لا… دلوقتي هخسر كل حاجة."
مروان حس بتوتر في صوت أبوه " ليه إيه اللي حصل؟"
أشرف اتحرك من مكانه، وقف عند الشباك وهو بيبص على الشارع، صوته كان هادي لكنه مليان غضب مكبوت " النظام اتهكر، معلومات حساسة اتاخدت، السوق بقا ضدي، والمنافسين مستنيين اللحظة اللي ينهشوا فيها كل اللي بنيته، محتاج حد في ضهري"
مروان شد نفس طويل، حاسس إن الموضوع أكبر من مجرد صفقة خسرها والده، فقال بتركيز "طب الحل؟"
أشرف لف ببطء، عينه كانت مليانة تفكير عميق، قال بحدة "الحل إنك تدخل معايا وتكون إيدي اللي أتحرك بيها"
مروان سكت، كان دايمًا رافض فكرة دخول عالم الشركات، لكن في حاجة في نبرة أبوه المرة دي خلته يفكر شوية، وبعدها قال "طيب… لو دخلت، هكون حر في قراراتي؟ مش هتتحكم فيا زي ما بتعمل مع الكل؟"
أشرف ابتسم ابتسامة خفيفة لكنها كانت مليانة مكر، قرب من المكتب، سحب كرسيه وقعد، قال بثقة "إنت هتكون حر… بس لازم تكسب، لأن لو خسرت، مش هترجع تخرج من اللي دخلت فيه بسهولة."
أخد نفس وقال بجديه " تمام يا بابا، بعد ما الامتحانات تخلص هكون عندك"
رفض بسرعه " لاء لاء مفيش وقت، لازم اكون جاهز في أي وقت، مش هقدر لوحدي"
اتنهد بملل وقال " حاضر يا بابا، لما الميدتيرم يخلص على الأقل، اسبوعين وهكون في شركتك، قبل كده مش هقدر"
أشرف ابتسم ابتسامة انتصار، وغمغم بصوت منخفض كأنه بيكلم نفسه
"كويس… اللعبة ابتدت"
عدى كام يوم ويوسف مشافش نور لحد اللحظة دي كأنها بتتجنبه، كانت الأيام بتمر من غير ما يحصل أي جديد، بالليل، يوسف كان في اوضته شغال على لابتوبه، ساب اللابتوب بتاعه على المكتب وفتح موبايله، بص على الرسالة اللي كان باعتها لنور قبل كده، لكنها لسه مشافتش الرسالة لحد دلوقتي بالرغم من إنه باعتها من كام يوم، قفل الموبايل ورماه جنبه على السرير، وبعدين قام ونزل تحت في المطبخ عشان يعمل قهوة تصحصحه شوية، الجو كان ممل وحاسس إنه عايز يعمل حاجة تخرجه من حالة الجمود دي، أول ما دخل المطبخ شافها، حس براحة غريبة، كأن بس وجودها قدامه كان كفاية يخفف شوية من الضغط اللي حاسه، بس الراحة دي ما طولتش، لأنها أول ما سمعته بيتكلم، لفت بسرعة وقالت ببرود "كنت بعمل قهوة، هسيبك براحتك."
الكلام كان واضح وصريح… عايزة تمشي، عايزة تبعد عنه.
نور اتحركت ناحية الباب، لكن قبل ما تلحق تخرج، يوسف مد إيده ومسك دراعها، وقفها قبل ما تهرب منه زي كل مرة
بصتله، عينيها كانت هادية من برا، بس جواها كان فيه حاجة مختلفة، حاجة مش عارف يفسرها
"بتهربي ليه؟" سألها بصوت هادي، لكنه كان مباشر جدًا.
سحبت دراعها براحة من إيده
"مش بهرب" ردت بهدوء وإيجاز
"طب وليه في أوضتك علطول؟ مش بشوفك حتى صدفه، ولا بتردي عليا " سألها وهو بيراقب تعابير وشها.
"عندي امتحانات وبذاكر." قالتها بسرعة كأنها كانت متوقعة السؤال، وبعدها لفت علشان تمشي، لكن صوته ناداها قبل ما تخرج "نور."
وقفت، بس ملفتش ليه، استنت بس تكمل تسمع كلامه
"أنا عارف إنك متضايقة مني، بس غصب عني… أنا لما بتعصب بنسى أنا بتكلم مع مين… آسف لو كنت رخم."
فضلت ساكتة لحظة، وبعدين لفتله، رسمت على وشها ابتسامة مزيفة وقالت "ولا يهمك، أنا متضايقتش أصلًا… انت عندك حق اساسا"
نبرة صوتها كانت هادية جدًا، بس كانت فيها حاجة وجعته أكتر من لو كانت زعقتله، لفت عشان تمشي بس وقف قدامها ومنعها تخرج، همس " طب وليه بتتجنبيني؟، ليه مش بشوفك خالص؟، بتوحشيني ليه؟"
رفعت عينيها ليه بسرعه وقالت بارتباك " ي...يوسف "
" عيونه"
ارتباكها زاد وضربات قلبها كانت بترقص، صوتها طلع واطي وهيا بتقول " لو سمحت سيبني امشي، كلامك كله لسه بيتردد في وداني ومش هنساه صدقني"
اتصدم من كلامها لانه متوقعش انها هتقول كده، اتعدل وقال برسميه" كلامي مكانش ليكي يا نور، بجد ساعات بنسى انا بكلم مين وبنسى بقول ايه، انا حتى مش فاكر انا قولت ايه وقتها، ياريت تقبلي اعتذاري"
لفت وشها بعيد عنه وقالت " مفيش داعي للإعتذار اساسا يا يوسف، انا مش زعلانه ولا حتى متضايقه"
سألها بشك" ده بجد ولا بتقولي كده وخلاص؟ "
بصتله وقالت " صدقني الموضوع مش مستاهل، تصبح على خير "
خرجت من المطبخ واخدت نفس طويل كأن الهوا كان محبوس جوا، حست بدقات قلبها بترقص وبقت طبول وابتسامه ظهرت على وشها، طلعت على اوضتها جري واخيرا حست بفرحتها كامله
تاني يوم، نور كانت واقفة مع آدم في الكلية بتضحك على حاجة كان بيحكيها، دكتور مروان كان معدي وشافها واقفه معاه، وقف لحظة، نظرته اتقلصت وهو بيبصلها، حس بانزعاج غريب مش قادر يتحكم فيه، ضيق عينيه وعضّ على سنانه وبعد ثانية اتحرك ناحية المدرج من غير ما يقول أي حاجة
نور وهي بتضحك مع آدم، لمحت مروان وهو داخل، رفعت إيدها تبص في ساعتها، لقت لسه فاضل وقت، آدم لاحظ شرودها وسألها "فيه إيه؟"
ردت بسرعة وهي بتشاور ناحية المدرج
"الدكتور دخل بدري، فافتكرت إن السكشن بدأ."
آدم هزّ راسه وقال بودّ "خلاص، طالما دخل، فادخلي."
ابتسمتله بسرعة واتحركت ناحية المدرج، دخلت وهي بتاخد نفس عميق، لقت الدكتور بيحضر البروجكتور، فقعدت في مكانها، والسكشن بدأ عادي.
في نهاية السكشن، وبعد ما خلص الشرح، مروان سحب نفس عميق وقعد على طرف المكتب، نظرته جابت كل الموجودين وهو بيقول بصوت هادي لكنه حاسم "عايز أتكلم معاكوا في موضوع يا شباب."
الكل ركّز معاه، مستني يسمع هو عايز يقول إيه، فتابع بنبرة واضحة
"طبعًا إحنا في جامعة محترمة، وكلكوا عارفين ده كويس، لكن للأسف، في ناس مش بتعمل اعتبار لحاجة زي دي، وبلاقي معظمكوا، كبنات أو أولاد، بتتعاملوا مع بعض كأنكوا مش في جامعة أصلاً."
نور حسّت بضيق وهي بتسمع كلامه، بس مروان كمل، نبرته واضحه،حادة وهو بيقول "مش طبيعي أبقى ماشي وأشوف بنت واقفة مع ولد بالطريقة اللي بشوفها… ياريت نخف شوية، كل واحد براحته طبعا، بس بره الجامعة، احترموا المكان اللي انتوا فيه، بدل ما كل واحدة تبقى ماشية على حل شعرها!"
الكلام الأخير خرج منه وهو مثبّت عينيه على نور، نور حست ببرودة في أطرافها، والأنظار اللي اتوجهت لها أو هيا حست بكده أكدت إحساسها… لكن أكتر حاجة أوجعتها؟ كانت نظرته
يتبع.......
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا